شعرت “سلاف” بالمرتبة تنخفض بجوراها، كانت غاطة بالنوم، أو لعلها غيبوبة قصيرة، عندما فتحت عيناها من جديد رأت وجه زوجها الحبيب يطلّ عليها ؛
ابتسمت له بارهاقٍ و هي ترفرف بأجفانها، بينما يحاوطها بين ذراعيه قائلًا بقلقٍ شديد :
-إيه يا حبيبتي مالك ؟ حاسة بإيه يا سلاف قوليلي !!؟
و كان يمسك بذقنها بلطفٍ بين سبابته و إبهامه يقلب وجهها يمنة و يسرا ليتفّحصه عن كثبٍ …
-أنا كويسة يا أدهم ! .. قالتها “سلاف” بصوتٍ ضعيف عكس إدعاءاتها
-ماتخافش انت قلقان أوي كده ليه ؟
أدهم بصوتٍ أجش :
-قلقان ليه ! بعد ما قفلت معاكي و أكدتي إنك راجعة بشهادة ميلاد لمى لماما و فجأة بعدها بشوية تكلميني تاني
و تقوليلي مش هاتقدري تنزلي أفهم أنا إيه !!؟
سألته عابسة : انت ماجتش تاخد شهادة الميلاد و توصلها لعمتو أمينة زي ما قلت لك !؟؟
رد دون أن يرف له جفن :
-لأ طبعًا. التطعيمات تستنى يروحوا بكرة أو بعده.. إنتي كنتي متخيّلة إني ممكن أروح لهم و أسيبك !؟؟
سلاف بشيء من الإنفعال :
-يعني سبتهم هما هناك يا أدهم !!؟؟
زفر بامتعاضٍ : إهدي يا سلاف ماسبتش حد. أنا عديت خدتهم في سكتي و جيت على هنا فورًا. أكيد ماكنتش هاجي أخد الشهادة و أروح أستنى معاهم كل ده و أسيبك إنتي هنا لوحدك !
أغمضت عيناها متنهدة و هي تسند رأسها إلى الوسادة بعمقٍ، أخذت تسعل بخفةٍ فجأة، ثم ما برح سعالها أن إزداد
حدةً و أخذت تتأرجح مكانها من شدة السعال.. في المقابل يراقبها “أدهم” بتوجسٍ ما لبث أن استحال خوفٍ عليها …
-فيكي إيه بس يا سلاف !!؟ .. غمغم “أدهم” بجزعٍ و هو يضم رأسها إلى صدره
و لا تعلم لماذا كرهت نفسها في تلك اللحظة، لأنها تسبّبت في قلقه و زعزعة استقرارهم جميعًا اليوم.. هي و هو و الأطفال
ربما ما كان عليها أن تعود إلى المنزل، ربما كان يجب أن تتأكد قبل أن يذهبوا بأن كل ما يلزم لتلقّي التطعيمات جاهزٌ، هي المُلامة.. أيًّا كان ما فعلته شقيقة زوجها مع ابن عمتها يخصّهما وحدهما، لم يكن عليها أن تتواجد في هذا الوقت و تكتشف أمرهما، لم يكن عليها تحمل هذا العبء كله …