-إوعي بقى كده إنتي لسا هاتعاتبي !
تأوهت “أمينة” مصدومة حين شعرت بقبضة “أدهم” تشدّها للوراء كي تبقى بعيدًا، لأول مرة يمد ابنها يده إليها بهذه الطريقة، مِمّ يعني أنه قد بلغ من الغضب عتيًا لم يصل إليه بحياته كلها ؛
وقف “أدهم” أمام “مالك” قريبًا منه إلى حدٍ خطير …
-أطلع برا يا مالك.. البيت ده مش هاتدخله تاني أبدًا !
*****
ظل لقرابة الساعتين منطلقًا بسيارته بشوارع المدينة، هائمًا على وجهه، يطوف الأماكن نفسها على غير هدى و هو لا ينقطع عن التفكير بها …
يا لسخرية القدر، لقد قضى ما ينوف عن ثلاثة عشر عامًا هاربًا منها، متنصلًا من مسؤليته عن جريمته بحقها، لم
يرد يومًا الزواج منها بعد أن نالها.. اليوم و بعد أن حسم قراره أخيرًا
بعد أن أدرك إستحالة حياته بدونها، و أنها شريكته و مكمّلته الحقيقية، حبّه الوحيد و الأبدي.. ضاعت منه بمنتهى البساطة… هكذا !!!
يضاعف “مراد” من السرعة التي يسير بها، بينما تضيق حدقتيه و هو يتخيّل وجهها أمامه، ثم ما لبث أن انضم آخر
إليها، رجلٌ لا يعرفه، لكنه هو الذي ينوي سرقتها منه، لا يمكن.. إنها له.. دائمًا كانت له هو
ضاعت منه مرة، و جاءت صفعة الحياة قاسية حتى يفيق من غفلته، عاد لها و لن يضيّعها مرةً أخرى… لن تضيع “إيمان” منه !!!!
يتفادى “مراد” في هذه اللحظة جسد ظهر أمامه فجأة عند منعطفٍ ما، داس مكابح السيارة فورًا، و إذا بها امرأة مبتذلة بثيابٍ فاضحة و زينة صارخة لا تتناسب أبدًا مع أجواء النهار …
ما إن توقف حتى إنفجر فاها بأقذع الألفاظ النابية تسبّه و تلعنه و هي تضرب مقدمة سيارته بقبضتها :
-يا أعمى يا ××××× يا ××××××. دي تلاقي أمك إللي جايباهالك. ماشي زي التور يا ×××××× !!!
رغم كل ما قالته و سِبابها و تشيهرها به أمام المارّة، إلا أنه كان له من التسامح أن يرد عليها بوداعةٍ مدهشة :
-أنا آسف !
كان البؤس يتماوج على قسماته، بينما الأخيرة تدور حول السيارة و قد لفت نظرها بقوةٍ، سارت إليه كالمسحورة، هبطت تجاهه و طلّت عليه عبر نافذة السيارة، تفرّست بملامحه الوسيمة بجرأة متمتمة و هي تمضغ العلكة بسلوكٍ مشين :