حضّرت “إيمان” القهوة التي لطالما أعدّتها لشقيق زوجها الراحل في أوقات الدراسة و حتى بعد أن راجلًا مستقلًا، الآن هي تعدّها من أجله و لكن بصفةٍ أخرى، فهو قريبًا سيغدو رجلها.. أجل
ذلك الولد الذي درست له في فترة صباه، و نصحت له في أمور العشق بمراهقته، و كانت تعامله كأخٍ مقرّب طيلة
سنوات زواجها و حتى بعد أن ترملّت
حتى هذه اللحظة لا تعرف كيف بات ينظر إليه تلك النظرة !!؟
صحيح أن قبلت به، و لكن حتى و لو كان غيره الذي أتاه كانت لترضى هربًا من ماضيها الذي لا ينفك يلاحقها، كانت
لترضى بأيّ رجلٍ مخافةً أن تقع في وحل الآثام من جديد ؛
لكن.. ماذا عنه هو ؟
كيف طاوعته نفسه أن يتقبل مثل هذا.. إنها زوجة أخيه، في مكانة أخته، هل يمكن هذا، هل يمكنه أن يتخيّلها بين ذراعيه ؟
بعد أن كانت ملكًا لأخيه.. هذا شيء لا يُصدق !
و لكنها الحقيقة للأسف.. “مالك” يريدها” و هي قبلته و انتهى …
حملت “إيمان” صينية القهوة، و خرجت على مهلٍ مطرقة الرأس، وصلت إلى حجرة المعيشة متماسكة، و لكن الارتباك ما لبث إغتالها حين خبت الأصوات فجأة عند ظهورها، رغمًا عنها رفعت وجهها لتشتبك نظراتها بنظراته
ارتعش بداخلها و هي ترى عيناه تتفحصانها لأول مرة بهذا التدقيق و الجرأة، ابتلعت ريقها بتوترٍ و أجبرت نفسها على العدو بنفس الوتيرة المتزنة، وصولًا إلى أمها أولًا …
قدمت إليها شايًا كما تفضل، ثم إنتقلت إلى “مايا” و قدمت لها العصير الطازج، و أخيرًا انتهى بها المطاف أمامه….
ليست المرة الأولى التي تقف قبالته هذا الموقف… لكنها المرة الأولى و هي تعلم جيدًا النوايا التي تُطل من عينيه الآن.. كان لا بد أن تثير تلك القشعريرة التي سرت بأوصالها مشاعر مُحببة… إنما لا.. العينين ليست عينيّ “مراد”.. النظرات ليست له.. تبًا
تبًا له و تعسًا لحظها إذ ما زالت تراه في كل شيء و كأنه مركز الكون و حياتها تتوقف عليه.. هي كذلك بالفعل …
-تسلم إيديكي ! .. قالها “مالك” ممتنًا لها و قد تلامست أيديهما عرضيًا
فأنتفضت “إيمان” و ارتجت الصينية بين يديها و إنسكب الماء و العصير المخصص لطفلتها، جمدت المسكينة
مضطربة أشدّ الاضطراب، بينما يسارع “مالك” لتفادي الضرر الواقع قدر استطاعته …
-مافيش حاجة. حصل خير. على مهلك ! .. حاول “مالك” أن يُلطف الأجواء ليخفف عنها