أشرقت الشمس صباحًا وبدأت تخرج العاملات من جناحهم الخاص بالطابق السفلي داخل قصر ملكي أقل ما يقل عنه انه لأحد الملوك وكلا منهن ترتدي زي العمل الرسمي عبارة عن بنطلون أسود وقميص أبيض فوق مئزر أبيض اللون حول الخصر من الجزء السفلي
للبدن وبدأ كلا منهن فى عملها المعتادة من التنظيف والترتيب والمطبخ أصبح فى حالة من النشاط لتجهز الإفطار، كان القصر ملكي ومصمم بالألكترونيات والأجهزة الالكترونية على أعلى مستوي خصيصًا أن “جمال المصري” مالكه يملك شركة من أكبر شركات التكنولوجيا والألكترونيات فى الشرق الأوسط، جهاز أمن عالي ويمكن أن يصنع له الأجهزة الألكترونية ما تريده، دلف رجل أربعين من باب
المنزل فى تمام الساعة السابعة وقال بهدوء:-
-صباح الخير يا حنان
أجابته رئيسة الخدم “حنان” بنبرة هادئة:-
-صباح الخير يا شريف، هتخرجوا أمتي؟
تبسم بعفوية وهو يسير نحو الدرج قائلًا:-
-كمان ساعة ونصف، جهزوا الفطار وأنا هصحيه وعلى ما يخلص فترة الرياضة ويلبس يكون الفترة والقهوة جاهزين
أومأت إليه بنعم ليصعد إلى الطابق العلوي وكان هادئًا تمامًا على عكس الطابق السفلي، سار فى الرواق حتى وصل إلى الباب الموصود فى الوجهة وفتحته بخفوت ثم دلف بعد أن أغلق مقابض الباب برفق وأتجه إلى الغرفة الأخرى من الجناح وكانت غرفة النوم تتوسطها فراش كبيرًا جدًا يسعى لأكثر من خمسة افراد لكن بداخله فردًا واحدًا، سار إلى الفراش وهمس بنبرة خافتة هامسًا:-
-مستر جمال، الساعة ستة ونص هنتأخر
ألتف “جمال” فى فراشه بخفوت شديد ثم قال بجدية رغم صوته العابس:-
-خلاص يا شريف صحيت، روح وأنا هجي وراك
غادر “شريف” الغرفة تاركًا “جمال” يستعد وفى طريق مغادرته قابل الخادمة تحمل بدلة رسمية خاصة بـ “جمال” ليقول:-
-بسرعة كل دا بتجهزي هدومه والحمام
أنحنت له بلطف وقالت بنبرة هادئة:-
-أسفة
أومأ إليها بنعم وغادر، قليلًا من الوقت، بدأ “جمال يومه بغرفة الرياضة الخاصة به ليبدأ جولته الرياضية ثم خرج منها إلى الحمام ليأخذ حمام دافىء وبهذا الوقت كانت الخادمة كانت أختارت من أجله العطر ورابطة العنق التي يجب أن يرتديها، خرج من المرحاض وكان كل
شيء جاهز بدل ملابسه وصفف شعره حتى سمع صوت “جين” المُتحدث الألي المسؤول عن النظام الأمني فى القصر:-
-صباح الخير يا سيدي، هل أخبرك عن جدولك اليوم
-لا شكرًا لك يا جين
برمج “جين” على اللغة العربية الفصحي من أجل العملاء فى جميع البلدان العربية بأي لهجة يمكن أن يساعدهم، ترجل “جمال” من الأعلي مُرتديًا بدلة سوداء اللون ويرفع شعره الأسود للأعلى ويداعب لحيته بأصابعه بجدية، جلس على المقعد فى مقدمة السفرة وبدأ يتناول طعامه و”شريف” يتلوى عليه جدول أعماله اليوم وهو مُستمعًا جيدًا إليه حتى توقف عن تناول لقمته وعقد حاجبيه بأختناق بعد
أن بدأ “شريف” فى نهي حديثه بجملة تزيد من غضب قائلًا:-
-النهار دا هتوصل أرملة أخوك على الموعد المتقف عليه عشان نفتح الوصية
رفع “جمال” عينيه الخضراء للأعلى بقوة وحزم مما جعل “شريف” يبتلع لعابه بقوة خوفًا من رد فعله وكلماته القادمة، تنهدت بضيق
وهو يخفض نظره مُجددًا للطبق يكمل طعامه ببرود ثم قال:-
-جاية عشان الفلوس رغم أنها أختفت من يوم موت أخويا اللى هو جوزها، خليها تجي لكن مستحيل تحصل على جنيه واحد مني
غادر المكان فتنهد “شريف” بضيق شديد مما هو قادم وهذا الرجل سينفذ كل كلمة يتفوه بها وإذا كان حسم أمره على ألا تأخذ منه شيء
فسيفعل دون أن يوقفه شيء ودون أن يخشي المحاكم أو القانون، خرج خلفه ليراه يصعد بسيارته بالمقعد الخلفي والسائق يغلق الباب له فصعد “شريف” بجوار السائق ثم قال:-
-خلينا نمشي يا صادق
بدأ “صادق” فى القيادة و”جمال” صامتًا طيلة الطريق إلى شركته شاردًا بهذه الزوجة التي تزوجها أخاه عرفيًا دون أن يعلم عنها أحد والآن بكل وقاحة تعلن زواجها منه لأجل المال فقط..
________________________________
داخل سيارة الأجرة كان هناك رجل يجلس على مقعد السائق وبجواره فتاة تملك من العمر تسعة عشر عامًا تنظر من النافذة وشاردة بجسدها الصغير المُلتصق بالباب المجاور وكأن تخشي الأسترخاء في مقعدها بسبب هذا الرجل الموجود جوارها فقال بنبرة حادة:-
-إياكي تفتحي بوءك بكلمة واحدة، والأحسن تنفذي الى قلت عليه من سكات
لم تجيب “مريم” عليه بل فتحت نافذة السيارة وأخرجت رأسها منها تاركة الهواء يضرب رأسها ويجعل شعرها الحرير يتطاير مع الهواء الطليق وتضع ذراعيها النحيلين أسفل رأسها فتنهدت بصمت شديد، تأفف والدها “حمزة” من برودة هذه الفتاة وقال:-
-الله يلعنك، أمتي هخلص منك يا مريم؟
دلف “شريف” إلى مكتب الشركة الخاص بمكتب “جمال” وكان مُنغمسًا فى عمله بين أوراقه المنثورة على سطح المكتب وهو يراجع كل أملاكه حتى لا تأخذ هذه الزوجة شيئًا منه فصرخ فى محاميه الجالس على المقعد أمام المكتب قائلًا:-
-أعمل اللى تعمله مش مشكلتي لكن الحية دى لا يمكن تأخد منى جنيه
نظر المحامي إلى “شريف” بضيق وعجز عن فعل شيء لهذا الرجل الشرس ليقول بهدوء:-
-أهدأ يا مستر جمال، إحنا منعرفش أيه هى وصية أخوك الكبير
وقف “جمال” من مقعده وسار بعيدًا بعقل على وشك الأنفجار كالقنبلة الموقوتة بداخله ثم تمتم قائلًا:-
-أهدأ!! كلكم عارفين أن مختار بيحب الستات وكل شهر يتجوز واحد من الكباريهات والكازينهات، دلوقت المفروض أن واحدة ركلام..
مجرد فتاة ليلجاية تأخد فلوسي وتعبي وتشاركني فى شركتي وبيتي، مختار نزواته كانت بعدد أنفاسه حتى لو كان كبير العاهرات بيجروا وراءه عشان الفلوس وأنا أنظف الفضايح ورايا وأدفع لدي وأرضي دي عشان متروحش لصحافة ودلوقت أنا جمال المصري أقعد
مع عاهرة عشان تساومني
نظر “شريف” إلى “راغب” بصمت شديد ثم قال:-
-إحنا هنحل المشكلة بمجرد ما نشوفها ونتكلم معاها، ممكن تقبل مبلغ ونخلص لكن مشكلتنا دلوقت أننا منعرفش هي مين ولا أزاى
ممكن نساومها، أهدأ لأان بمجرد ما نعرف هي مين هنلاقي الحل
دلفت “أصالة” السكرتيرة الخاصة بالمكتب، امرأة فى منتصف الثلاثينات مُرتدية بدلة نسائية وكعب عالي بحذائها وتلف حجابها الوردي الذي يخفي خصلات شعرها جميعًا ثم قالت:-
-اتصل المنزل يا مستر جمال بيقولوا أن هناك ضيوف عايزينك وتليفونك مُغلق
كز “جمال” على أسنانه بضيق شديد لم يحتمله مما أرعب مساعده فأسرع “شريف بالحديث قائلًا:-
-ماشي يا أصالة روحي أنتِ دلوقت
غادرت “أصالة” المكتب فوقف “راغب” وسار نحو “جمال” المُشتعلًا غضبًا من داخله ثم قال:-
-خلينا نروح يا مستر جمال و رجاءًا تمالك أعصابك عشان نعرف هم عايزين أيه ونقدر نحل الموضوع
عاد “جمال” إلى مقعد مكتبه بغضب شديد وفتح رز سترته ثم قال بحزم:-
-أنا عندي شغل، خليهم يستنوا أنا مش تحت أمرهم لما أخلص أبقي أروح ليهم
تنهد “راغب” بضيق شديد وقد عجز تمامًا على فعل أى شيء مع هذا الرجل العنيد ثم غادر المكتب وهكذا “شريف” تاركين خلفهم “جمال” يكمل عمله وكانت الساعة الخامسة عصرًا، ظل “حمزة” جالسًا فى الصالون بجوار “مريم” يتطلع بالقصر بعينيه وهو لا يُصدق
ما يراه وأن هذا منزل زوج ابنته المتوفي فهو كان على علم بأنه ثري لكن بهذا القدر من الثراء الفاحش لم يكن يتخيل هذا، جاءت لهم “حنان” وخلفها خادمة تحمل صنية عليها طبق الكعك والعصير ثم وضعتها أمامهم على الطاولة، لم ينتظر “حمزة” كثيرًا بل أنقض علي الطاولة يأخذ الكعك ويتناوله بشراهة مما أدهش “حنان” وجعلها تشمئز منه ثم عادت إلى الخلف تراقبهم عن كثب فقالت الخادمة
بأشمئزاز:-
-مستحيل دول يكون قرايب مُختار بيه، دول حثالة
نظرت “حنان” للخادمات اللاتي يتسامرون وقالت بأختناق:-
-أنا مش قادرة أصدق اللى شايفاه
أخرجت هاتفها من جيبها وسارت بعيدًا لتتصل بـ “شريف” تخبره بما يحدث وقالت بأختناق:-
-أنهم حثالة وخصوصًا باباها متسول يا شريف
أومأ “شريف” إليها بهدوء وهو يحاول كبح ضيقه مما يسمعه وهو يجلس فى مقدمة السيارة و”جمال” فى الخلف يستمع له ثم قال بجدية:-
-متقلقيش خليهم بس تحت عينيك وإحنا فى الطريق
أومأت إليه بنعم ثم أغلقت الهاتف وعادت بنظرها إليهم وخصيصًا إلى “مريم” هذه الفتاة الصامتة وكأنها إنسان إلي لا يتحرك أو يتنفس حتى، فقط جالسة عاقدة ذراعيها أمام صدرها مُنذ أن دخلت القصر من أربعة ساعات فالآن أصبحت الساعة التاسعة والنصف مساءًا ولم يمل “حمزة” أبدًا ويطلب الرحيل بل يأخذ رأحته فى هذا المنزل وكأنه مالكه، تتطلع بهذه الفتاة ذات العيون الذهبية ولا تصدق كيف
لرجل فى عمر “مُختار” الذي تجاوز منتصف الأربعين من عمره أن يتزوج من فتاة بعمرها لم تكمل العشرين حتى، دلف “جمال” بصحبة
“شريف” و “راغب” إلى القصر لتستقبلهم “حنان” قائلة:-
-حمدا لله على سلامة يا مستر جمال…
نظر “جمال” إليها بضيق وقال بنبرة صارمة:-
-هم فين؟
أشارت “حنان” على غرفة الصالون المُستقلة فى نهاية القصر ليسير إلى هناك ومعهم “حنان” تقول بقلق:-
-جوا لكن من الواضح أن باباها طماع ومش عايز غير الفلوس وبس
نظر “جمال” إليها بضيق ثم سار إلى الغرفة لتفتح له الخادمة الباب ودلفوا ثلاثتهم ليقف “حمزة” من مكانه فتطلع “جمال” به ثم رأي امرأة أربعينية تقف جواره فى صمت مُرتدية عباءة سوداء وتلف حجاب أسود اللون فقال “شريف” بهدوء:-
-مساء الخير
قبل أن يُجيبه سأل “جمال” بضيق موجه حديثه إلى هذه السيدة قائلًا:-
-أنتِ مراته،مش كدة؟
هزت رأسها بلا ثم أفحست الطريق لليمين قليلًا ليرى فتاة نحيلة صغيرة وبشرتها بيضاء كالأطفال وشعرها البني الطويل الذي يصل إلى ساعدها بنعومتها الحريرية مسدول على الجانبين يحيط بوجهها الصغير ذو الملامح الصغيرة، فتاة قصيرة تشبه عقلة الأصبع، مما أدهش الجميع وأذهلهم وسؤالًا واحدًا طرأ على عقولهم جميعًا كيف لطفلة أن تكن زوجة رجل يملك من العمر 46 عامًا ليقول “جمال”
بصدمة ألجمته:-
-أنتِ مراته؟
أومأت “مريم” إليه بنعم وهى تتطلع به رجل يصغر زوجها بسنوات تقريبًا فى منتصف الثلاثينات من عمره بجسد عريض ممشوق
ورياضيًا، طويل القامة فإذا وقفت جوارها فبالكاد ستصل إلى ساعده وكوع ذراعه، بشرته قمحاوية وعينيه الخضراء تزيده جمالًا لكنه تحمل من الغضب بركانًا أرعبها من مكانها وجعل قلبها ينتفض رعبًا وخوفًا من مواجهته فعادت للخلف خطوة تختبيء خلف هذه المرأة المصاحبة لها لتجيب هذه السيدة “سارة” قائلة:-
-اه هي مراته أو بالأحري أرملته
تطلع “شريف” بها وقال:-
-أنتِ أمها؟
هزت “سارة” رأسها بلا ثم قالت:-
-لا، مربيتها
تطلع بها “جمال” لكن قاطعه صوت “حمزة” يقول بحماس:-
-أنا أبوها أتشرفت بيكم
مد يده إلى “جمال” ليصافحه لكن “جمال” كان كلوح ثلجي باردًا ولم يصافحه بل وضع يده فى جيوب بنطلونه بغرور شديد وسار إلى المقعد كي يجلس عليه ووضع قدم على الأخرى ثم قال:-
-أتفضل أقعد، خلينا نتكلم ونخلص من القرف اللى بيحصل دا
جلس “حمزة” وجذب أبنته بقوة لتسقط جواره بسبب جسدها الصغير مما جعل “شريف” يندهش من معاملة هذا الرجل لأبنته فقال:-
-لحظة ممكن نأجل أى حاجة أنا حابب أتكلم معها شوية قبل أى حاجة
أغلق “حمزة” قبضته بقوة على يدي “مريم” ثم قال بنبرة قوية خشنة:-
-ممكن تتكلم معاها قصادي لأن بكل الحالات بنتى مبتتكلمش أقصد خرساء
كان “جمال” ينظر للجهة المجاور وبعد أن سمع هذه الكلمة ألتف برأسه إليهم بدهشة ليقول بصدمة ألجمته:-
-خرساء، مبتتكلمش وجبانة واقفة تترعش من الخوف وجاي تقولي أن أخويا زير النساء أعجب بها وكمان أتجوزها، أخويا اللى بيجري وراء أى تاء مربوطة ووراء أجمل نساء العالم، دي نكتة مش كدة… أنا مستحيل أصدق أن الجوازة دي تمت أصلًا
كاد “حمزة” أن يتحدث لكن أستوقفه “شريف” بهدوء قائلًا:-
-هوضح لحضرتك حاجة، إحنا مش هنفتح الوصية ولا هنتكلم فى أى ورث إلا بعد ما أقعد معها ونتكلم لوحدنا ولو المشكلة فى مرضها دى مشكلتي أنا مش حضرتك
تردد “حمزة” كثيرًا فى الموافقة ثم نظر إلى ابنته بقلق وأشار إلى “سارة” وقال:-
-ماشي أتكلم معاها لكن خذ معاكم مربيتها سارة لأن أصل هي بتخاف من الغرباء وخصوصًا الرجالة ومش هتروح معاك حتى لو أنا قلت لها تروح
أومأ “شريف” له بنعم وترك “راغب” مع “حمزة” وخرج من الغرفة معهم ثم ذهبوا إلى المكتب ليُحدثها وبعد حوار طويل بينهم فُتح باب
المكتب ودلف “جمال” قائلًا:-
-لسه مخلصتش أنا عايز أنام؟
لكنه صُدم عندما سمع صوت فتاة أدعي والدها أنها بكماء تقول بصوت مُرتجف:-
-أنا مش عايزة فلوس منكم لكن ممكن تديني حصاني، صدقني مش عايزه منكم غيره
تقدم “جمال” إليها مصدومة من كلماتها وصوتها الذي خرج من جنحرتها بعد أدعى والدها بأنها “بكماء” فأدرك أن هناك لغز لهذا الشيء، قال بصدمة ونبرة باردة:-
-قُلتي أيه؟
ألتف “شريف” إليه بقلق شديد مما سمعه من هذه الفتاة وقال:-
-مستر مختار أداها حصان هدية فى عيد ميلادها وبعته لهنا من ثلاث شهور، هى عايزاه
تأفف “جمال” بضيق وهو يزحزح رابطة عنقه بأختناق ثم قال:-
-أديهولها ، لو دا اللى هي عايزاه خليها تأخده ونخلص من القرف دا أنا معنديش طاقة أتحملهم أكثر من كدة
ألتف لكي يغادر المكتب مُعتقدًا أن الأمر أنتهى ولن تأخذ شيء منه أكثر ولن تدخل معه فى مجادلات لأجل الورث لكنه توقف فجأة عندما
شعر بيدي قوية تتشبث به بقوة وكانت يدي “سارة” مربيتها تقول بترجي:-
-رجاءًا متخلهاش تروح مع الرجل المجنون دا، دا مش أب دا مجنون ومريض نفسي حتى لو هترمينا فى الشارع بعد ما يمشي مش هنعترض لكن على الأقل متخلهوش يأخدها
نظر “جمال” إليها بتعجب وهو لا يفهم ما هذا وما سبب هذا الرجاء، أستدار بنظره إلي “مريم” وكانت واقفة منكمشة فى ذاتها بخوف، لا يفهم ماذا يحدث؟ جذب “جمال” يده من يدي “سارة” بأشمئزاز وقال:-
-أطلعوا برا قصري حالًا… وصلهم للباب يا شريف
تنحنح “شريف” بقلق من رد فعل هذا الرجل متصلب القلب وعديم الرحمة بعد أن جمع شجاعته وقال بجدية:-
-لكنها هي مش هتمشي من هنا
توقف “جمال” لبرهة عن السير بصدمة من معارضة “شريف” له وألتف إليه قائلًا بصدمة:-
-شريف، أنت قُلت أيه؟
أبتلع “شريف” ريقه بصعوبة بالغة ثم قال:-
-هي بتقول أنها حامل من أخوك أستاذ مختار وبكرة الصبح هأخدها للمعمل عشان نحلل عشان كدة مش هتمشي من هنا؟
تأفف “جمال” بضيق شديد من هذه الكارثة التى حلت به، ألم يكفي كونها زوجة ترغب بالورث لكن الآن هناك طفل ولوح بيديه غاضبًا أثناء مغادرته ويتمتم قائلًا:-
-دا اللي كان ناقصني طفل من عاهرة
غادر المكتب لينظر “شريف” إلى “مريم” وقال بلطف:-
-متقلقيش أنا هساعدك
خرج للخارج معها وجعل “حنان” تأخذها للطابق العلوي ثم دلف إلى غرفة الصالون وقال:-
-ممكن تروح أنا خلصت كلام معها وبكرة هنفتح الوصية
أومأ “حمزة” إليه بهدوء ووقف من محله يحدق بالخلف نحو الباب قائلًا:-
-فين بنتي؟
تبسم “شريف” وهو يضع يديه فى جيوبه بغرور قائلًا:-
-فوق مش هتخرج من هنا لأنها ببساطة فرد من عائلة مستر جمال المصري
أتسعت عيني “حمزة” على مصراعيها وأنتفض من مكانه فزعًا ويصرخ بقوة قائلًا:-
-ايه؟ أنا ههد البيت دا على دماغكم لو مرجعتوليش بنتي
خرج للخارج ركضًا ليقول “شريف” ببسمة خبيثة قائلًا:-
-ممكن تروح يا راغب و نتقابل في الشركة يوم الأحد
غادر “راغب” مُبتسمًا وهو يفهم ما سيفعله “شريف”، خرج “شريف” للخارج وكانت “حنان” تقف فى مُقدمة الدرج تحاول منع “حمزة” من الصعود بخوف شديد فهذا الطابق لن يصعد به أحد سوى “جمال” وخادمة واحدة تنظفه و”شريف”، قالت بجدية:-
-مفيش طلوع فوق مستحيل أسمح لك
دفعها “حمزة” بقوة بعيدًا صارخًا بها:-
-أبعدي عن طريقي يا ست يا مجنونة أنتِ، انا مش عايز غير بنتي
صعد للأعلى بوجه غاضب عابسًا وهو يناديها قائلًا:-
-مريم، أنتِ فين يا مريم؟
بدأ فى فتح أبواب الغرف، ذعرت “حنان” من هذا الأمر ثم قالت:-
-ربنا يستر
تبسم “شريف” بمكر شديد وقال:-
-متقلقيش يا حنان هو هيقابل الأسد وبصراحة يستاهل، رجل متخلف ومجنون بستقوي على الضعيف لكن من دلوقت مش هقابل فى وشه غير جمال، خلينا نشوف قلبه الميت دا هيتحمل ولا لا؟
فتح “حمزة” باب الغرفة بصدمة ورأى “مريم” بداخلها بين ذراعي “سارة” ترتجف بعد أن سمعت صوته يناديها من الخارج، أسرع نحوها بغضب سافر كالثور الهائج ومسكها من مقدمة رأسها وغرة شعرها بقوة وهو يقوة بعنف شديد:-
-دا اللى اتفقنا عليه يا زبالة، أنا قُلتهم انك خرساء وروحتي أتكلمتي معاهم، قُلتي أيه ها؟ قلت ليهم أيه؟
ذرفت الدموع من عيني “مريم” بضعف شديد وخوف يحتلها بكل أنش فى جسدها وبدأت تصرخ باكية من الألم بعد أن أوشك على أقتلع خصلات شعرها من رأسها من قوته وتهتف قائلة:-
-أبعد عني، أرجوك أنا هعمل اللى تقولي عليه بس بلاش تضربني تاني والنبي
نظر إليها وهو يجذبها من رأسها بقوة مع طريقه للخارج قائلًا:-
-أضربك!! لا يا مريم أنتِ الضرب مش هينفع معاكي أنا هقتلك وأخلص منك نهائي المرة دي؟
رفع رأسه عنها ليري وجه “جمال” أمامه بقميصه الأبيض وبنطلون، كان قميصه مفتوح وصدره عاري بعد أن أستوقفه صوت هذا المُختل أثناء تبديل ملابسه، أبتلع “حمزة” ريقيه بصعوبة من نظرات “جمال” وقال:-
-أنا هأخد بنتي..
لم يكمل كلمته بل أستقبل لكمة قوية على وجهه من قبضته “جمال” أسقطته أرضًا داخل الغرفة وسقطت “مريم” معه بعد أن جذبها فى سقوطه من شعرها المُتشبث به.. أسرعت “سارة” إليها بلهفة وأخذتها من يديه بذعر بينما أخذ “جمال” والدها من ملابسه فصرخ
“حمزة” بضيق شديد قائلًا:-
-أنا هأخد بنتي ومحدش يقدر يمنعني
دفعه “جمال” لخارج الغرفة بقوة ليسقط “حمزة” مرة أخرى على الأرض فى الرواق وصاح به بأنفعال شديد قائلًا:-
-مين اللي سمح لك، ها!! مين سمح لك تطلع هنا من الأساس؟
وقف “حمزة” بغضب سافر وهندم ملابسه حادق بوجه “جمال” وهو يقول:-
-أنا مش عايز حاجة من بيتك غير بنتي والباقي هنسيبه للقانون
شعر “جمال” أن هذا المتسول المتعطش للمال يُهدده مما زاد من غضبه وبركانه، تطلع به وهو يسير نحوه كى يأخذ ابنته وكأنه لا يخشي وقوف “جمال” على باب الغرفة، وقف “جمال” يحدق به بسخرية من جراءته وقبل أن يتحدث شعر بأنامل صغيرة تتشبث
بقميصه من الخلف بمنتصف ظهره فألتف برأسه كى يراها تختبيء خلفه وتمتمت بحزن وعينيها تترجي عينيه كنبرة صوتها الضعيف قائلة:-
-متسبهوش يأخدني لو سمحت
شعر “جمال” بقشعريرة فى جسده من نبرتها ورجاءها وقبل أن يجيب عليه رأي “حمزة” يمسك يدها الآخرى بقوة ويجذبها من خلف “جمال” بقوة ويقول:-
-أنا هعاقبك على أفعالك يا مريم وعصيانك ليك هتشوفي
شعر “جمال” بيديها تزيد من جذب قميصه بقبضتها وتزداد تشبثًا به فمسك يد “حمزة” وأبعادها عنها وهو يشعر بإهانة من هذا الرجل
وكبرياء الرجل الموجود بداخله وغروره قد هُزم بتحدي “حمزة” له، أفلت يد “مريم” منه وأخذه من ملابسه بقوة للأسفل وهو يقول:-
-وريني هتأخذها من بيتي أزاى؟
دفعه للخارج وقبل أن يتحرك “حمزة” من مكانه شعر بيدي تمسكه من الخلف وعندما نظر رأي رجال الأمن والحراسة ليعلم بأنه لن
يأخذها من هذا المنزل إلا إذا أعطاها “جمال” له برغبته، غادر القصر مرتعبًا خوفًا من ابنته وما ستقوله وتفعله هناك ربما تهدم كل ما خطط له، ألتف “جمال” بضيق شديد وهو ينفض قميصه بأختناق لما يحدث فى حياته الهادئة، رأى “شريف” يقف بجوار “حنان” أمام الدرج ليتأفف بضيق شديد واضح لهما ثم صعد للأعلى فرأى “سارة” تقف أمام الغرفة و”مريم” بالداخل يراها جالسة هناك أرضًا جوار
الفراش، تحاشي النظر إليهما ومر لتستوقفه “سارة” وهى تقول:-
-لحظة من فضلك
ألتف “جمال” إليها بأختناق وقال بتهكم:-
-أنا عارف أنه يوم مش فايت من أوله، عايزة أيه تاني؟
قالت “سارة” بلطف وعينيها تنظر إلى “مريم” قائلة:-
-أنا أسفة على الأزعاج فعلًا لكن ممكن سؤال، الحصان فين؟ حصانها هي عايزاه وبعدها ممكن نمشي وكمان شكرًا لحضرتك جدًا على
اللى عملته عشاننا
ألتف كي يذهب إلى جناحه مُتجاهل كل كلمة تفوهت بها وقال بنبرة صارمة:-
-فى الأسطبل تحت
دلف لغرفته بينما أسرعت “سارة” للداخل وجلست جوار “مريم” لترفع “مريم” نظرها للأعلي حيث مربيتها أكثر شخص لين عليها ويعاملها بلطف فقالت:-
-هيحصل أيه؟ أنتِ أكتر واحدة عارفة أن الموضوع مش هيمر بسلام؟ حمزة هيرجع عشاني من تاني
مسحت “سارة” على رأسها بلطف شديد ثم قالت:-
-متقلقيش يا صغيرتي أنا معاكي ومستحيل أسمح لحد بأذيتك، خلينا نأخد صانك من هنا ونمشي قبل ما حد يكتشف أمرنا ونهرب بعد حتى لو أضطرت أخذك لأخر العالم أن حكم الأمر ، وأحميكي قبل ما يعرف جمال بحقيقتنا وحتى قبل ما يدور شريف ورانا ويشك فى
كلامنا معه، لازم نمشي قبل ما يبدوا يفكروا فى موت مختار وقبل ما حد يعرف أنه أتقتل، لحد دلوقت الخطة ماشية صح زى ما خططنا، أجمدي يا مريم وأنا هحل المشاكل كلها ونخلص من الماضي واللي فات أتفقنا…
للحكــــــايــــة بقيـــــــة………
يتبع…
عانقتها “مريم” بضعف شديد وخوف يحتلها من الداخل من القادم وما سيحدث عما قريب، طوقتها “سارة” بحب مُحاولة إخماد نيران قلبها المُرتعب خوفًا من القادم ثم همست إليها قائلة:-
-حصانك تحت، أنا سألته ممكن تروحي له
خرجت “مريم” من بين ذراعيها بسرعة البرق وتلاشي الخوف وعادت للحياة كسمة صغيرة عادت للمحيط بعد ان أنقطعت أنفاسها فى صراع الخروج منه، تتطلع بها بحماس وقالت:-
-هروح أكيد، عن أذنك
تبسمت بسعادة وهى تقف من مكانها لتركض للخارج ولأول مرة تظهر بسمة على شفتيها مُنذ رحيل “مُختار”، ضحكت “سارة” بعفوية على عودة طفلتها إلى طبيعتها البريئة، كانت تركض على الدرج كطفلة صغيرة جميلة نالت حريتها فرأتها “حنان” وشعرت بأنها ترى
فراشة جميلة حلقت بجناحيها فى السماء بعد أن نالت حريتها وبسمتها العريضة تجذب كل من تراه فقالت بدهشة من تبدل حال هذه الفتاة:-
-على فين، أساعدك؟
توقفت “مريم” بحرج من هذه المرآة وركضها هكذا فى هذا المنزل الغريب وقالت:-
-عايزة أروح الأسطبل
أشارت “حنان” إلى أحد الخادمات الواقفة هناك وقالت بجدية:-
-هي هتساعدك وتوصلك هنا، وصليها للأسطبل وأرجعي على طول
أومأت الخادمة لها بنعم ثم ذهبت فى المقدمة لتبتسم “مريم” بسمة لطيفة خافتة إلى “حنان” كشكر وأمتنان على مساعدتها، خرجت خلف الخادمة حتى وصلت إلى الأسطبل وكان خلف القصر وهناك سياج كبير لركوب الخيل بجوار منزل خشبي يسكنه الخيول، أسرعت
بالركض إلى هناك لتمر من جوار الخادمة وتصبح هى فى المقدمة، تبسمت الخادمة عليها وسارت خلفها بعفوية، دلفت للأسطبل وكان هناك عامل “حاتم” فور رؤيتها تعجب من وجود غريبة هنا ليقول:-
-أنتِ مين؟ ممنوع حد يجي هنا أطلعي برا
لم تجيب عليه بل نظرت إلى حصانها ورأسه تظهر من فوق السياج الخشبي المغلق عليه فتبسمت بفرحة عارمة تغمرها وقالت:-
-أنا مالكة إيلا
بدأ الحصان يصدر صيهله ويقفز بأقدامه فرحًا لرؤيتها وكأن هذا الحصان يبادلها نفس القدر من العشق والشوق، أسرعت إلى هناك
فأومأت الخادمة إلى العامل بنعم وأن سيد القصر قد سمح لها بالفعل بالمجيء إلى هنا فمن سيعترض، نظرتها كأنها تخبره بموافقة “جمال” على ذلك، رفعت “مريم” يدها إلى الأعلى بينما قربت “إيلا” رأسها إلى يد مالكتها تداعبها فقالت الخادمة بدهشة بعد أن سمعت أسم الحصان:-
-فرسة، حصان أنثي
أومأ “حاتم” لها بنعم فمُنذ حضور هذه الفرسة إلى هنا وهو من يرعاها ويهتم بأمرها لذا يعرف هذا الأمر وقال بحماس:-
-من يوم ما جيت هنا بقالها ثلاثة شهور ولا مرة شوفتها فرحانة كدة، كل مرة كنت بطلب الدكتور عشان يشوفها لأن أكلها ضعيف وحتى
صهيلها مسمعتهوش فى معظم الأوقات، فتحت لها الباب أكثر من مرة عشان تجري وتحس بالحرية فى المكان
لكنها كانت واقفة محلها سر، دلوقت بس عرفت مالها وعلاجها اللى الدكتور مقدرش يدهولها، صاحبتها! إيلا كانت عايزة المالكة عن الحرية
فتحت “مريم” الباب الخشبي الجراج بقوة رغم ضعفها وهو الحاجز بينهما وربتت على ظهر “إيلا” فرستها البنية الجميلة ذات الشعر الطويل كصاحبتها مما جعلت من لمستها الحماس ينطلق بها وبدأت تقفز بسعادة وتهز رأسها كأنها تطلب من “مريم” الصعود على ظهرها، تبسمت “مريم” وجلبت مقعد صغير لتضعه جوارها وصعدت على ظهر “إيلا” وتنفست بأرتياح وهى تقول:-
-وحشتينى يا إيلا، مش هتتخيلي حياتي فى غيابك عاملة أزاى
أوقفها “حاتم” بضيق شديد قائلًا:-
-علي فين، ممنوع ركوب الخيل بالليل دى أوامر جناب البيه….
لم تعطيه “إيلا” المجال لأستكمال حديثه وركضت بسرعة جنونية بـ “مريم” كأنها تحتفل بعودة صديقتها ومالكتها وتشاركها الفرح، خرج “جمال” من المرحاض بعد أن أخذ حمامًا دافئًا وأرتدي تي شيرت أسود اللون وبنطلون أزرق ليجد كوب قهوته موجودًا على الكمودينو فأخذه ودلف إلى الشرفة يرتشف القليل منه وهو يتكأ بذراعيه على داربزين الشرفة ويفكر كثيرًا فيما هو قادم وماذا يجب أن يفعل بهذه
الفتاة وغدًا سيفتح الوصية غير كونها حامل قاطع تفكيره وشرود صوت صهيل الفرس بقرب منه، ألتف لزواية الشرف وأتسعت عينيه عندما رأي الفرسة تخرج من منزل الخيول مُسرعة وبحماس وعلى ظهرها “مريم” أستقام فى وقفته وهو يسير معها بل يركض معهما بعينيه، دلفت “إيلا” إلى السياج وكأنها تعود للحياة والركض بحماس وسعادة و”مريم” فوقها تلاشي الخوف والأرتجاف منها تمامًا كأنها
تبدلت وأصبحت فتاة أخرى، كانت كفارسة ماهرة فى قيادة الخيال وتمسك فى شعر “إيلا” الطويل بحب وشعرها الناعم يتطاير مع جسدها النحيل الذي يقفز مع ركض “إيلا”، لم ينكر “جمال” أبدًا كونها جميلة لكن تساءل أجمالها يستحق أن يتزوجها رجل بعمر والدها؟، فإذا كان هو والذي يصغر أخاه بعشر سنوات فلن يقبل أبدًا بطفلة مثلها زوجة له، ماذا قدم “مختار” لها كي تقبل به؟ كان هذا السؤال
يلازمه دومًا طيلة الليل وهو يراقبها حتى مرت ساعتين أو أكثر فجلس “جمال” على المقعد يراقبها فى جلوسه حتى تعبت وأخذت “إيلا” إلى المنزل
الخشبي لتدخل “إيلا” وتعود وحدها للقصر، لم ينام “جمال” هذه الليلة وكان تفكيره يأخذه للأسوء، أيجب أن يتخلص من جنينها؟، بدل
ملابسه صباحًا وأرتدي قميص أبيض وبنطلون جينز ثم ترجل للأسفل وكان “شريف” قادمًا فتعجب لما يرتديه “جمال” فقال:-
-رايح فين؟ النهار دا إجازتك ولا وراك شغل معرفهوش
أغلق “جمال” ساعة يده بأحكام وهو يجيب عليه قائلًا:-
-رايح معكم للمستشفي خلينا نخلص
أتسعت عيني “شريف” وهكذا “سارة” على مصراعيها وبدأ الأرتباك يظهر عليهما فقال “جمال” بجدية:-
-هي فين؟
أجابته “سارة” بتوتر شديد قائلة:-
-أهي جت
رفع رأسه ليراها تنزل على الردج مُرتدية نفس ملابس الأمس بنطلون جينز وتي شيرت أبيض بنصف كم وحذاء رياضي أبيض
اللون فهى لم تجلب معها أى ملابس أو أغراض لها، ذهبوا أربعتهم معًا للمستشفى فى سيارة “جمال” فلم يستطيع “شريف” أو “سارة” والخوف من هذا الرجل صنع بداخلها ثقبًا كبيرًا من الخوف بعد أن يعلم “جمال” ما ينوا عليه، وصلوا للمستشفي ولم ينتبه أبدًا إلى سيارة الأجرة الخاصة بـ “حمزة” التى توقفت خلفهم وهو يراقبهم، وصلت “مريم” بأرتباك شديد إلى غرفة الطبيب وكان صديق “جمال”
ليقول:-
-اتفضلي
نظرت “مريم” لهما بقلق شديد مما جعل “جمال” ينظر إليها وهى لم تدخل كما طلب الطبيب ليقول بحزم ولهجة صارمة:-
-أدخلي خلينا نخلص من الموضوع دا
تعجب “شريف” لكلمته التي لم يفهمها فدلفت “مريم” وحدها بعد أن منعت الممرضة وجود “سارة”، أخذ “شريف” “جمال” من ذراعيه إلى درج الطوارئ وكان المكان فارغًا ليقول بقلق:-
-حضرتك قصدت أيه بنخلص من الموضوع؟ ناوي علي أيه يا مستر جمال؟
أجابه “جمال” ببرود شديد قائلة:-
-هتجهض، ونخلص من الطفل دا، لازم أنزله أنا مش هقبل بطفل من عاهرة يكون فرد من عائلتي ووصمة عار ليا
أستشاط “شريف” غيظًا من تصرفه دون أن يرجع له وقال بأنفعال دون أن يتمالك غضبه لأول مرة أمام “جمال”:-
-من قال لك أنها عاهرة؟ وبعدين عذرًا لكن حضرتك أزاى تتصرف من غير ما ترجع لي وتأخذ قرار زى دا.
صاح “جمال” غاضبًا بأنفعال وهو يشير بسبابته نحو الباب قائلًا:-
-عاهرة يا شريف، قبلت تتزوج برجل من عمر أبوها عشان فلوسه بس، باين عليها أنها طفلة منضجتش لسه ولا تعرف حاجة عن الحياة لكن أول ما شافت فلوس لمعت فى عينيها وقالت تبدأ الحياة بمعلقة من الذهب وراحت له، ممكن تقولي الطفل اللى فى بطنها ذنبه أيه؟ ذنبه أيه أن يتولد من أب فاسد مُتعاطي للمخدرات ومفيش فى سيرته اللى باقية له غير كل أعماله السيئ ومن أم محتاج أتكلم
عنها أديك شايف العينة، وفى الأخر أنا هكون عم له وتربطني علاقة أبدية بالناس دي، لا يا شريف أنا مش هسمح بدا نهائيًا، الطفل لازم ينزل ونخلص بقي وبعدها ممكن أديها مبلغ كرم مني وتعوض على أبنها اللى راح وصدقني مش هترفض لأن الفلوس هي الهدف من الأساس فى جوازها من مختار
خرج “جمال” من الباب إلى حيث الرواق وكان كالثور الهائج مُنفعلًا بجنون وعلى وشك قتل “مريم” بهذه اللحظة وهى سبب كل ما يعيشه وتدمير حياته الهادئة، جلست “مريم” بخوف على الفراش مُعتقدة بأنها ستجرى فحصًا بأشعة السونار لكنها صُدمت عندما وضعت الممرضة حنقة فى وريدها لتسألها “مريم” بقلق:-
-أنتِ بتعملي أيه؟
أنهى الممرضة الدواء من الحقنة فى وريدها وهى ترفع رأسها إلى “مريم” لتقول:-
-بخدرك ولا هتجهضي الطفل من غير تخدير؟
صُدمت “مريم” من كلماتها وقبل أن تصرخ أو تتفوه بكلمة واحدة كانت قد غبت عن الوعي بمفعول المخدر وجهزتها الممرضة لتجرى الجراحة، وصل “شريف” للغرفة خلفه وهو يقول:-
-يا مستر جمال صدقني هتندم، هى مش زى ما أنت متخيل نهائيًا، أنا..
قبل أن يكمل حديثه خرج الطبيب من الداخل ونظر إلى صديقه ليقول:-
-جمال!! من اللي قالك أنها حامل ؟
نظر “جمال” لـ “شريف” و”سارة” الواقفة مكانها بقلق ثم سأل بقلق:-
-هي مش حامل؟
نظر الطبيب له بدهشة من سؤاله ثم قال بجدية:-
-هتكون حامل أزاى يا جمال وهي بنت وملمسهاش حد
أتسعت أعين الجميع فيما عدا “سارة” التى تعلم جيدًا أن “مريم” ما زالت بعفويتها لم يلمسها رجلًا من قبل حتى زوجها المتوفي لم يقترب منها، لكنها تفوهت بصدمة قاتلة:-
-أنت عرفت أزاى أنها بنت!!؟
أسرعت للغرفة بصدمة قاتلة لترى “مريم” نائمًا على الفراش وملابسها جوارها وترتدي زى الجراحة مما جعل عينيها تدمع حزنًا وإشفاقًا على هذه الطفلة التى لم يشفق عليها أحد والجميع يتسبب فى إهانتها وألمها حتى هذا الرجل الذي لم
تقابله سوى بالأمس لم تتسبب له بأى أذي صنع لها هو أذي لم تقبل به أى امرأة فى حياتها، ظل “جمال” وافقًا فى صدمة مُتجمدًاوكأن عقله شل مكانه وجسده جُمد فى الأرض، لم تكن عاهرة كما قال بل فتاة عفيفة وشريفة، أتهمها أسوء أتهام بكل مرة يتفوه بالحديث عنها، أم “شريف” ظل واقفًا مصدومًا فهو كان على علم بأنها لم تكن حامل وهو من أخترع هذه الكذبة حتى يبقيها فى القصر بعد أن
سمع حكايتها لكن عفويتها لم يتوقعها أبدًا، ألبستها “سارة” ملابسها وهى فاقدة للوعي ثم مسحت على رأسها بحنان وقالت:-
-سامحيني يا صغيرتي، أنا اللي سيبتك لوحدك ووثقت بهما ونسيت أنهم رجالة ميتوثقش فيهم، متقلقيش أنا هأخدك بعيد عنهم كلهم، هنبعد عن كل اللي أذوكي ووجعوكي أوعدك
قبلت رأسها بحنان ودفء، حاولت حملتها كى ترحل لكنها لا تقوى على حملها فذهبت إلى زواية بالغرفة لتجلب المقعد المتحرك الموجود هناك وعادت إلي الفراش، دُهشت عندما رأت “جمال” يحملها على ذراعيه كطفلة رضيعة وألتف كى يخرج بها لتتقابل عينيه مع “سارة”، تطلعت به بضيق شديد وأشمئزاز من فعلته وقالت:-
-أنت بتعمل أيه، أبعد عنها وإياك تفكر تلمسها مرة تاني، أنت زيهم ومتختلفش عنهم ولا عن قذارتهم، الرجالة كلها زى بعض بنفس الوخشية ما بتصدقوا تلاقوا واحدة ضعيفة تستقوا عليها وكل واحد بطريقته
أجابها بحدة ونبرة غليظة قائلًا:-
-قذارة!! ليه هو أنا جيت أكشف علي عذريتها ولا أتهمتها فى شرفها وقولت ابن حرام، أنتوا اللي قولتوا أنها حامل وأنا مش عايز طفل منها يكون فى عليتي
تبسمت “سارة” بسخرية على كلماته وقالت:-
-وأنا تقتل طفل فى رحم أمه بريء مش قذارة ووحشية، مفيش مبرر يا فندم للي عملته، أنت متختلفش عنهم
لم يجيب عليها وخرج من الغرفة حاملًا “مريم” بين ذراعيها، جسدها النحيل باردًا كمكعب من الثلج وبخف ريشة صغيرة كأنه يحمل دمية صغيرة وليست بشرية أو ربما قوة عضلاته ما جعلته لم يشعر بثقل جسدها، فتح باب السيارة الخلفي ووضعها على الأريكة ثم
صعد جوارها و”سارة” جلست فى الأمام بجوار السائق ليعود بهما “صادق” إلى القصر بعد مُغادرة “شريف” غاضبًا من تصرف “جمال”، كان ينظر من النافذة ويفكر فيما يحدث وكيف تكن زوجة أخيه الفاسد ولم يلمسها يومًا هذا أمر لا يصدقه عقل بشري يعلم جيدًا حقيقة “مُختار” وإن الحقيقة التى يصدقها العقل هى أنها لم تكن زوجة أخيها وأصطنعت هذا الزواج العرفي لتأخذ منه الورث، توقف عن
الشرود فى تفكيره الخبيث الماكر عندما شعر بشيء ثقيل على قدمه وكانت رأسها قد سقطت عليه، لم يحاول جاهدًا أبعادها فألتفت “سارة” من مقعدها مُحاولة إبعاد “مريم” عنه وهو ينظر من النافذة لكنها لم تنجح بسبب جلوسها فى الأمام، أستوقفها “جمال” بسؤاله الماكر قائلًا:-
-أمتي أتجوزت من مختار؟
نظرت “سارة” إليه بضيق وهى حقًا الآن ترغب بقتله مثل “حمزة” تمامًا وقالت ببرود:-
-صدق أو متصدقش لكنه اتزوجها يوم عيد ميلادها الثامن عشر
سأل “جمال” بعبوس شديد بعد أن تطلع بوجه “سارة” فى المرآة:-
-وامتى عيد ميلادها؟
أجابته “سارة” بأختناق وهى تفهم ما يرمي إليه بأسئلته:-
-يوم 10 / 1
تبسم بسخرية وهو يفهم كذبتها ثم نظر إلى وجه “مريم” النائمة على قدمه فاقدة للوعي ويقول:-
-اتجوزت أخويا من سنة ونصف وملمسهاش مرة واحدة حتي
استشاطت “سارة” غيظًا من حديثه وقالت:-
-قولتلك صدق أو لا، الأمر يرجع إليك محدش هيجبرك
وصلوا للقصر فحملها “جمال” على ذراعيه وصعد إلى غرفة الضيوف التى أصبحت غرفتها من الأمس ثم وضعها بالفراش برفق شديد
وتطلع بملامحها قليلًا وقال:-
-أنا عارف أنك مخبية كتير، جواكي مليئة أسرار وغموض وواثق من دا لكن أيه هي قصتك يا مريم؟ فضولي بيقتلني عشان أعرف اللي جواكي ومخبية أنتِ ومربيتك
ألتف لكى يغادر لكن أستوقفه صوتها المبحوح ضعيفًا جدًا يكاد سمع كلماتها وهى تقول:-
-أنقذني أرجوك!
ألتف إليها بذهول ليراها تفتح عينيها ببطيء وتقول بضعف تستغيث به:-
-ساعدني!
شعر بقشعريرة قوية تصيب جسده وقلبه أنقبض قبضةً قوية وهو ينظر بعينيها الضعيفة لا يعلم لما يشعر بألم شديد فى صدره وشيء قوي بداخله يسير إليها وينجذب إلي ضعفها بقوة ليشعر بخوف سافر داخله فهرب مُسرعًا من غرفتها…
_________________________________
كان جالسًا فى غرفة المكتب مساءًا فصاح “جمال” بضيق شديد قائلًا:-
-أديني سبب واحد خلاك تصدق كذبتهم يا شريف وتقع فى فخهم؟
تنحنح “شريف” بتوتر وهو جالسًا أمام “جمال” على المقعد المجاور وقال بنبرة خافتة:-
-أنا أسف على الموقف اللي حطت حضرتك فيه، لكن صدقني أنا حست بصدق فى كلامهم والبنت ميبانش عليها أنها بتشتغل فى
الدعارة ولا حتى عمرها دخلت كباريه وتقدر تغري رجل، أنا شوفت فى وشها براءة وطفولة مقتولة من العذاب، أزاى هتغري رجل أو حد تحاول تثيره وهي بتخاف من كل الرجالة وبتترعب من وجودهم على طول متعلقة بذراع مربيتها، عقلي وعيني مصدقوش اللي بيتقال؟
صمت “جمال” قليلًا قبل أن يجيب عليه ومرر أصابعه بضيق على ذقنه ولحيته حركته المُفضلة عندما يفكر وقال:-
-ماشي، معاك 24 ساعة بس تعرف ليا عنها كل حاجة، لكن أفتكر 24 ساعة بس لو مجبتليش اللى يقنعني ببراءتها هرميها برا باب قصري يا شريف
أومأ إليه “شريف” بنعم ثم وقف لكي يغادر من المكان لكن أستوقفه صوت “جمال” القوي يقول:-
-أتصل براغب وقول يعتذر النهار دا عن فتح الوصية أنا مش هفتح الوصية قبل 24 ساعة وخلال هذا ال24 ساعة أعرف كل حاجة عنها مهما كلف الأمر
تبسم “شريف” بحماس شديد لهذا الرجل ثم قال:-
-زي ما تحب يا مستر جمال
غادر “شريف” المكان بينما دلفت “حنان” إلى المكتب وسارت فى خطوات هادئة حادقة بهذه الرجل الذي تحولت حياته الهادئة لفجوة كبيرة مليئة بالمشاكل والكوارث، كان “جمال” مغمض العينين ومُتكأ بظهره على ظهر المقعد من الخلف مُنهكًا بحق، وقفت قرب
المكتب بهدوء ثم تنحنحت بخفوت تنذره بوجودها ليقول دون أن يفتح عينيه:-
-فى أية تاني يا حنان؟
تحدثت بنبرة هادئة:-
-أتصل الأمن وبيقولوا أن والد الهانم الصغيرة مريم بيتخانق معهم على باب القصر عايز يدخل ويشوفها
فتح عينيه مع كلماتها وعقله لا يفكر سوى فى شيء واحدًا وهو رجاء “مريم” منه بألا يترك “حمزة” يأخذها وطلبها منه بأنقاذها، كل هذه
التصرفات تنذره بوجود شيء خبيث وسيء بوالدها ولهذا تخشاه أكثر من أى رجل أخر فقال بضيق:-
-روحي أنتِ دلوقت
وقف من مكانه وخرج من مكتبه مُتجهًا إلى الأعلي حيث غرفتها وطرق الباب قليلًا حتى سمع صوت “سارة” تأذن له بالدخول، فتح الباب بلطف ودلف ليراها ما زالت نائمة فى فراشها مُنذ أن جلبها صباحًا من المستشفي لكن الأن قد فتحت عينيها لكن ما زال جسدها كما
هو دون حركة فقال بحرج من فعلته:-
-باباكي تحت وحابب يشوفك!
كلمات قليلة تفوه بها لكنها فعلت الكثير بها فجعلتها كلماته تنتفض من فراشها وهى تقول بخوف:-
-لا… سارة أعملي حاجة رجاءًا
نظر إلى “سارة” التى وقفت حائرة لا يمكنها فعل شيء الآن وإذا أمر “جمال” بخروجهما من منزله سيخرجون دون معارضة، شعرت “مريم” بعجز “سارة” لتنظر إليه وهو واقفًا وذهبت نحوه بحزن شديد وتقول:-
-أنا عارفة أني كذبت عليك بموضوع الحمل وفعلًا أنا أسفة لك بس ممكن متخلهوش يأخذني وممكن تعاقبني على كذبتي زى ما تحب
تطلع “جمال” بعينيها الباكية ويديها المتشابكتين أمام وجهها وتترجاه بكل ضعف أن يعاقبها لكن لا يسمح لوالدها بأخذها، نظر “جمال” إليها وقال بخبث:-
-أعاقبك!! أزاى ممكن أعاقبك ؟ أنا مبقدرش أتحمل المخادعين
مسحت دموعها بأناملها الصغيرة ثم قالت:-
-والله زي ما تحب، حتى لو حبت تخلينى خادمة هنا فى القصر مش هعارضك أقسم لك
تسائل كثيرًا ماذا يفعل بها “حمزة” لتفضل الخدمة فى منزله وتكن خادمة علي أن تكن سيدة القصر ولا تذهب معه فقال:-
-معقول!! بعد ما بقيت سيدة القصر بفضل أخي المرحوم أجي أنا أخليكي خادمة القصر…..
_________________________________
وصل “شريف” إلى المزرعة التى كانت تعيش بها “مريم” قبل أن تذهب للقصر، ترجل من السيارة ليري عامل الحديقة يرعي الزرع والخضرة فأقترب منه ليقول:-
-مساء الخير!
نظر العامل له بهدوء مُستغربًا وجود شخص داخل المزرعة فقال:-
-مساء النور يا بيه، أمر؟
-أنا كنت جاي أسأل عن مريم؟
قالها “شريف” بنبرة هادئة لكن رغم هدوءه أشتعلت نيرة الخوف والرعب بهذا الرجل ليعطيه ظهره بخوف من التفوه بشيء ثم قال:-
-أنا معرفش عنها حاجة، من ساعة ما أتجوزت البيه الله يرحمه وهي مخرجتش من باب البيت ممكن تسأل الشغالة هناك، حل عني يا بيه أنا مناقصش مشاكل
حديثه وخوفه جعله “شريف” يشعر بريبة فى الأمر وتأكد بأن هناك شيء غامض وخطير خفي يجعل هذا الرجل يرفض الحديث معه، أتجه إلى المنزل عازمًا أمره على كشف الحقيقة ومعرفة الماضي الذي تحمله “مريم” داخلها وكما يبدو بأنه ليس بأمر هين نهائيًا ……
يتبع…
نظرت “مريم” إلى وجهه وهو واقفًا أمامها حازمًا أمره على أخراجها لوالدها فبدأت ترتجف وهى تجيب عليه بصوت متقطع مع شهقاتها القوية هاتفة:-
-صدقنى الخادمة هنا أفضل من كوني سيدة قصر بواسطة حمزة، تمام كالفرق بين الجنة والجحيم
حدق “جمال” بها وهى ترتجف باكية ضعفًا وألمًا وحتى لم تلقب “حمزة” بأبًا لها بل نطقت اسمه هكذا، أزدردت لعابه بتوتر شديد ثم قال بجدية:-
-ماشي، إحنا هنلعب لعبة لو كسبتي هسيبك تقعدي فى قصري وأوعدك أن الرجل دا مش هيلمح ظلك أبدًا لكن لو كسبت أنا هتخرجي
من قصري للأبد ومتخلنيش أشوف وشك تاني
ترددت كثيرًا فى الموافقة وهى لا تعلم ماذا ستلعب وكون هناك أحتمال لمغادرتها جعلها ترتعب خوفًا، نظرت إلى “سارة” لتشير لها بألا تفعل لكن “مريم” لم توافقها الرأى وقالت:-
-ماشي موافق، وإذا خسرت هعتبرها إشارة من ربنا على موتي… أيه هي اللعبة؟
غادر الغرفة بوجه حادة غليظ بعد أن أخبرته انها على أستعداد للأنتحار والواد بحياتها على أن تعود مع “حمزة”، قال بحزم:-
-حصليني
_____________________________
“مــــزرعة الفيــــوم”
وضعت السيدة كوب الشاي الساخن علي الطاولة ثم جلست أمام “شريف” ليقول :-
-مريم!!
تنهدت السيدة الخمسينية بهدوء ثم قالت:-
-مريم طفلة عجنها القدر، صدق اللي قالته سارة، أه حمزة أبتزاز ورجل حقير متعاشرش، مريم ما عرفت طعم الحياة والأمان غير من
اللحظة اللى بقيت فيها زوجة لمختار بيه، حمزة كان بيجي يشوفها من فترة للتانية وكل مرة لازم يديها علقة والتانية وحرمها من تعليمها وطفولتها دمرها وقتل برائتها، بنت يتيمة الأم وكأن ربنا حرمها من الحب والحنان مع حرمان الأم، ربنا يرحمها بقي له حكم فى كل حاجة
-مريم أتجوزت مُختار بيه أزاى؟
سألها بنبرة هادئة لترتبك كثيرًا قبل أن تجيب عليه وبدأت تتحاشي النظر له فقال بهدوء ونبرة مُطمئنة:-
-أتكلمي وأوعدك أن محدش هيعرف باللي هتقوليه نهائيًا لكن أنا محتاج أعرف اتعرف عليها أزاى
أجابته السيدة بتوتر شديد وبدأت تفرك أصابع يديها الأثنين معًا قائلة:-
-كان دايمًا بيسمع عن البنت اللى فى جنينة اللي عايشة فى الأسطبل مع الخيل مني، مريم كانت قنوعة وراضية رغم حرمانها من التعليم والأحلام زى أى بنت فى سنها لكن قدرت تخلق سعادتها هنا وسط الطبيعي والأرض الخضراء والزرع والخيل، أتعلمت ترويض الخيل مع
جوز عمتها اللي جابها هنا تعيش معرفش كانت قساوة منه ولا رحمة لما مراته ماتت ومبقاش موجود فى البيت غيره هو وابنه فخاف عليها بعد ما بدأ جسمها يتغير وتكبر وجابها هنا، كن نص الحكاوي اللى بحكيها للبيه عن المزرعة والناس هنا عن مريم لكن فى مرة جه زيارة مفاجئة لينا وسمع صويت وحد بيطلب النجدة
-كانت مريم!!
سألها “شريف” بفضول شديد لتقول:-
-كانت بتتعذب وتموت بالبطيء، حمزة كان هنا فى زيارتها وكالعادة مجرد ما بيجي بتنطفي وسعادتها بالتدمر كان دايمًا شايف أنها
السبب فى موت مراته خصوصًا أنها ماتت أثناء ولادة مريم، كان بيحب مراته جدًا ومن بعد موتها أنتقم من نفسه فى شرب المخدرات ومن مريم بتعذيبها كونها السبب..ـ، وقتها حكيت لمختار بيه عن العذاب اللى بتشوفوا مريم الطفلة الصغيرة وقرر أنه يتجوزها لكن معرفش بأنها طريقة ولما عرف أن حمزة بتعاطي أديله كمية كبيرة وهو عارف انه راجل طفس وطلبه بالفلوس ومكانش معه فقرر أن
يكون التمن مريم، أنا عارفة ان كل الناس بتكرهه وشايفين أنه وحش لكن مريم كانت الحسنة الوحيدة فى حياته، كتب عليها وكان دايمًا بيسمع عنها وعمره ما شافها لكنه شافها يوم الجواز ووقتها كان جايبلها هدية حصان وسارة مربية ليها تعتني بيها عوضًا عن امها اللى ماتت…
_____________________________
خرج “جمال” من القصر كاملًا وخلفه “مريم” ثم “سارة” تراقبهما، وقف أمام السياج لترى “حاتم” يخرج من منزل الخيول جالبًا فى يديه الأثنين فرس أبيض جميلًا و”إيلا” فرستها المحبوبة وصديقتها الوحيدة لتبتسم “مريم” بحماس وقد تلاشي خوفها ثم قالت:-
-عايز تركب الخيل؟
نظر لبسمتها المشرقة وكأنه قد نال مراده من هذه اللعبة، تلاشي خوفها وتوقفت عن البكاء فمنذ الوهلة الأولى التى طلبت فيها حصانها عن المال علم جيدًا أنها تعشق الخيول وركوبها على “إيلا” كان بمثابة نيل الحرية من سجنها الأليم، توقف العامل أمامهم وترك الخيول
ثم غادر فقالت:-
-أيه هى اللعبة؟
تبسم وهو يرحب بحصانه الأبيض ثم قال:-
-دا مرجان فرسي الغالي ولا مرة سمح لحد يركبه غيري، لو قدرتي تركبي علي ظهره وخلصتي 10 دورات فى 10 دقايق داخل السياج هسيبك تقعدي فى قصري
نظرت إلى “إيلا” بحزن فحماسها وبسمتها كانوا لأجل “إيلا” فرستها الجميلة الساحرة والركوب عليها فقالت بعبوس:-
-خليهم مائة أو ألف لكن على ظهر إيلا
ألتف إليها بوجه حاد ثم قال:-
-أنا عارف أنك ماهرة جدًا فى ركوب إيلا فبكل الأحوال هى حصانك لكن وريني قوتك وماهرتك على مرجان وفى المقابل أنا هركب على
ظهر إيلا
أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها بصدمة ألجمتها وقالت بسخرية بريئة:-
-إيلا حصان بري مبتسمحش لحد يقرب منها أو يركبها
تبسم بعفوية وهو يقول:-
-دي مشكلتى أنا
تنهدت بأغتياظ شديد وعينيها تحتضن عيني “إيلا” ثم قالت:-
-أتفقنا
ربتت على عنق “إيلا” حتى صعد عليها “جمال” كأنها أخبرت صديقتها أن تكون جيدُا وتحسن معاملته لأجلها فهو قادر على تدمير حياتها بكلمة واحدة ثم قالت بعبوس:-
-أمسك كويس لأن حصاني عنيدة وشقية
أقتربت من “مرجان” ليعود للخلف رافضًا صعودها عليه، أعطي “جمال” الساعة إلي “سارة” لتكن حاكمًا بينهما، أقتربت “مريم” منه وقالت:-
-أهدأ .. اهدأ
أصدر صهيله وهو يرفع عنقه للأعلي رافضًا رفض قاطع ركوبها على ظهره، عكس “إيلا” التى كانت هادئة مما جعل “جمال” يطمن جدًا وبدأ السباق قبل أن تصعد “مريم” على ظهر حصانه، ركضت “إيلا” به بخطوات ثابتة حتى أنهت اللفة الأولي وصعدت “مريم” بدلال على
ظهر “مرجان” ودخلت السياج فى هذه اللحظة بدأت “إيلا” فى التذمر والعناد رافضة وجود غريب على ظهرها لتسرع من قوتها وهى تهز رأسها بقوة مُحاولة إفلات شعرها الطويل من “جمال” لكنه كان فارسًا ماهرًا تمامًا كـ “مريم”، ركضت “مريم” بحصانه وهى تتقرب إليه بحنانها ولمساتها الناعم فهى تملك الكثير من الخبرة فى ترويض الأحصنة، كان “جمال” يسبقها بدورة لكن مع تذمر “إيلا” جعل “مريم”
تقترب منه بحماس وهى تصدر صافرة بفمها فهمتها “إيلا” جيدًا وبدأت تهدأ من حركتها وتذمرها فنظر “جمال” إليها بدهشة من ترويضها إلى “إيلا”، تبسمت “مريم” بفخر رغمًا عنها وهى تهز
كتفيها الأثنين للأعلى بمعنى أنها ماهرة لا شك، شعر “جمال” بقشعريرة فى قلبه من بسمتها فعاد للنظر مرة أخرى للأمام بخوف من هذه الفتاة، كان “جمال” يسبقها بفضل ترويضها لـ “إيلا” ومساعدته فى توقف فرستها عن التذمر لكن “مرجان” لم يكن كإيلا رحيمًا مع راكبه فأرتطامًا بالسياج قاصدًا التذمر على “مريم” فقد وصل لأقصي درجات الغضب من ركوبها عليه لتصرخ “مريم” بألم من قدميها
التى أعتصرت فى السياج الخشبي، ألتف “جمال” برأسه ليراها تتألم وفرسه ما زال يتذمر ويقفز بجنون لإسقاطها فتمتم بخوف قائلًا:-
-خلينا نروح لها قبل ما يأذيها
وكأن “إيلا” فهمت ما يقول لتسرع فى خطواتها وعينيها على “مريم” لا تفارقها وتصدر صهيلها بخوف شديد على صديقتها، تشبثت
“مريم” جيدًا فى لجام الفرس مما جعل “مرجان” غاضبًا فبدأ يدور حول نفسها مرات متتالية لتشعر “مريم” بدوران شديد وتركت اللجام وجسدها فقد توازنه لتسقط من فوق مرجان فأسرعت “إيلا” أكثر نحوها وهى تراها تهتز وعلى وشك السقوط فأمسكها “جمال” وهى تسقط بذراعه وجذبها بقوة إلى صدره، تشبثت به بقوة وهى جالسة أمامه ولفت ذراعيها حول عنقه بأحكام وذراعه يحيط بخصرها حول
ظهرها والأخر يمسك بإيلا، شعر بأنفاسها تضرب عنقه بجنون وصعوبة فقال هامسًا:-
-حصل خير
تساقطت الدموع من عينيها على عنقه ليشعر بحرارتها وسمع صوتها المبحوح قائلًا:-
-ممكن نكرر مرة تانية، أرجوك أوعدك أني هكسب بس أدينى فرصة رجاءً
لم تترك القشعريرة قلبه من قربها إليه وضمه إليها أشعره بدفء لم يشعر به من قبل فلم يتمالك نفسه وبدأ يربت على ظهرها بلطف وهمس قائلًا:-
-ممكن تبطلي عياط، مش هخليه يأخدك خلاص
توقفت “إيلا” أمام “سارة” فأخرجها “جمال” من عناقه وأعطاها إلى “سارة”، تشبثت “سارة” بها جيدًا وقالت:-
-أنتِ كويسة، إن شاء الله ما يكون حصلك حاجة؟
هزت رأسها بالنفي، بينما “جمال” ترجل من فوق “إيلا” وغادر أمامه بحرج وأرتباك شديد فى قلبه، سارت مع “سارة” بتعب وتشعر بألم فى قدمها لتهمس “سارة” إليها قائلة:-
-رجلك بتوجعك؟
نظرت “مريم” بحرج على “جمال” وهو يسير أمامهم وقالت هامسة حتى لا يسمعها:-
-لا خالص، دى أتجرحت
أستشاطت “سارة” غضبًا من هذا الرجل لكن “مريم” أربتت على يدها بلطف وصعدت إلى الغرفة مُبتسمة لموافقته على بقاءها وأتصل
“جمال” بالأمن ليصرفه “حمزة” قبل أن يتصل “جمال” بالشرطة وبالفعل هرب “حمزة” فور سماعه كلمة الشرطة…
__________________________
خرج “شريف” من المرزعة مذهولًا مما سمعه ونظرت هذا العامل تراقبه عن كثبه وتجعله يرغب فى معرفة المزيد وحتمًا هناك ما
يخفيه هذا الرجل، صعد بسيارته ثم أنطلق إلى القصر وفي طريقه حاول يرتب الأحداث والكلمات التي سمعها ليجمع خلاصة حياتها وما مرت به، ربما صدقت “سارة” عندما أخبرته أن “حمزة” هو الجحيم لها وتحتاج لمساعدته حتى تخلصها منه، لكن “جمال” هل سيقبل ببقائها لفترة أطول داخل قصره فربما هي تخشي “حمزة” لأنها تعرف مكره وغضبه لكنها لا تعرف من هو “جمال” وماذا سيفعل بها
وكيف يكون فى قسوته، ما زالت لا تعرف أنها تركت عرين الشبل ودخلت لعرين الأسد ….
_________________________
دق باب الغرفة مساءًا ودلفت “حنان” وخلفها بعض الخادمات يحملون الكثير من الحقائب ثم قالت:-
-مستر جمال بعت لك الحاجات دي
نظرت “مريم” بقلق إلى “سارة” لتقترب من الحقائب وتفتحها وكان بداخلها الكثير من الملابس والأحذية ومستلزمات كثيرًا لأجلها فقالت “سارة”:-
-هدوم عشانك
أومأت “مريم” بهدوء لها فغادر الجميع، قالت “سارة” بقلق:-
-مريم أنا مش واثقة فى الرجل دا، متثقيش فيه كتير
جلست “مريم” على المقعد بصمت ثم وضعت الوسادة على قدميها وقالت بشرود:-
-عارفة لكن تعرفي يا سارة هو دافئ
تعجبت “سارة” من كلماتها وذهبت نحوها بدهشة وبعد أن جلست حدقت بها وقالت:-
-نعم!! مريم متفكريش بأى حاجة نهائيًا غير أنك تأخذي ورثك منه كونك زوجة المرحوم مختار او على الأقل تأخدي أى مبلغ يعرضه عشان نقدر نهرب بيه بعيد عن حمزة وتبدأي حياتك وترجعي لتعليمك وتعيشي، أوعي تنسي إحنا هنا ليا ووصية المرحوم جوازك لازم تتفتح، أوعي تفكري أن قربك من جمال حل وممكن يكون فى صالحك إحنا فى غني عن الوقوع مع الكبار والرجالة وكفاية علينا حمزة،
أوعي تنسي أن جمال لو عرف بالماضي واللي حصل هيقتلنا إحنا الأثنين عارفة دا ولا لا؟
تأففت “مريم” بضيق شديد ثم قالت:-
-أساسًا لو حمزة عرف أني شوفته بيقتل مُختار بأيده هيقلتني أنا كمان، متنسيش أني شوفته يعني شاهدة على جريمة قتل ودا كفيله
بلف حبل المشنقة حول رقبته
أنتفضت “سارة” خوفًا من أن يسمعهم أحد ووضعت يديها على فم “مريم” بخوف وقالت:-
-قولتلك تنسي الليلة دى بكل اللي حصل فيها مش بس الجريمة ومتتكلميش عنها حتى قصاد المرايا مع نفسك يا مريم
أحتضت “مريم” وسادتها بخوف وهى تتذكر الماضي ثم قالت:-
-أنسي! سارة أنا ولا مرة نمت فيها بسلام وأنام بعد الليلة دى من بداية اللى عمله مُختار فيا وقتل حمزة له، الكوابيس ملازمني كأن حياتي كان ناقصها اليوم المشئوم دا، أزاى أنسي دا، أنا عارفة أن الجحيم جاي جاي هي بس مسألة وقت
أخذت “سارة” يدها الصغيرة بين راحتى يديها ونظرت إلى “مريم” بدفء ثم قالت:-
-صغيرتي أنا معاكي ومش هسيبك نهائيًا لكن حرصًا مننا متقربيش من جمال وأبعدي عنه قدر الإمكان لحد ما يجي الوقت المناسب ونهرب من هنا…
أومأت “مريم” إليها بهدوء ثم وضعت رأسها على قدمي “سارة” لتنال قسطًا من الراحة فى مأواها الوحيد ربما لا تأتيها الكوابيس وهى بقرب “سارة”..
_________________________
فى الوقت نفسه كان “جمال” جالسًا فى مكتبه وفتح أحد الأبواب السري ثم دلف إلى الغرفة وكانت صغيرة والحائط مليء بالصور والملاحظات ويتوسطه صورة “مُختار” ليقول بضيق شديد:-
-أنت فين يا مختار؟ إذا كنت ميت فعلًا فين جثتك؟ أنا وأنت عارفين كويس أن الجثة اللي أدفنت مش أنت وأني وافقت الشرطة علي أنها
أنت عشان التحقيقات لأني تعبت مش قرفك لكن فين جثتك الحقيقية يا مختار وأيه اللي حصل معاك؟
سمع صوت باب المكتب يدق فخرج من الغرفة مُسرعًا وأغلقها ثم أذن بالدخول ودلف “شريف” بعد أن عاد من المرزعة ليقول:-
-أتمني مكونش أتاخرت؟
هز “جمال” رأسه بلا، أقترب “شريف” منه وهو يقدم له الجهاز اللوحي وقال:-
-مريم حمزة العاصي تسعة عشر سنة و8 شهور يتيمة الأم اللي أتوفت فى الولادة ومن وقت ولادتها وعاشت مع جدتها والدة حمزة مريضة السرطان وربتها لحد ما وصلت 5 سنين بعدها حمزة وداها علي بيت عمتها في الفيوم لطالما كره وجودها من لحظة ولادتها
بسبب وفاة مراته معتقد أنها قتلت حبيبته، عمتها قدمت لها فى المدرسة ودرست لحد أولي ثانوي عام بسبب كونها طالبة متفوقة فى الدارسة وربتها مع أبنها ياسين لحد ما أتوفت عمتها وفضل جوز عمتها عامل الأسطبل فى مزرعة السيد مُختار يربها لحد مر شهر وأخدها على المزرعة بسبب خوفه على بقاء بنت مراهقة مع ابنه اللى بيكبرها بثلاثة سنين لذا تربت مريم وسط الخيول وتعلمت معه
المهنة، وقتها رجع حمزة بعد خبر وفاة أخته وأعتبر أن مرة شؤم على كل أحبابه كل ما تروح لحد يموت فقرر يمنع مريم من تعليمها وأتجوزت أخوك وقتها بعد فترة، قدم مُختار مربية لها وهى سارة بيوم زواجهما وقدم لها فى المدرسة تكمل ثانية ثانوي لكن منعها من تعليمها مرة تانية بسبب معارضة أخاك وبصراحة معرفتش أوصل لسبب دا، من لحظة جوازه بها وهي مخرجتش من باب البيت فى
المزرعة بمعني كانت سجينة هناك لحد ما مختار مات من ثلاثة أشهر وطوال فترة الجواز حمزة ملمحهاش بنظره، لكن الحاجة الوحيدة اللى مؤكدة أن حمزة كان نار بتحرقها طول الوقت
كان “جمال” يستمع جيدًا لقصتها على لسان “شريف” وعينيه تحدق بصورتها الموجودة فى الجهاز اللوحي أمامه ليكمل “شريف”
بأهتمام أكبر:-
-معندهاش صحاب ولا عائلة بطبيعة حياتها فى سجن المزرعة غير حصانها اللي قدمه مختار ليها واتعلقت به كتير، حياتها كانت طبيعة لحد ما فيوم الخادمة سمعت صوت زعيق من فوق وكان مختار أول مرة يتخانق معها ومحدش يعرف السبب كان أيه لكن الأكيد أنه كان
حاجة كبيرة لأنه عاقبه ليها كان حرمانها من حصانها لما بعته هنا من ثلاثة شهور ومن وقتها ومريم دخلت فى حالة صدمة وفقدت النطق بالفعل بسبب فراق حصانها وجابولها دكتور نفسي لكن منفعش ومريم متكلمتش لحد ما جت هنا وطلبت بحصانها وأتوفي مختار بعد ثلاثة أيام من خناقهم وكانه لسه متخاصمين
تمتم “جمال” بنبرة خافتة وسبابته تلامس وجهها الموجود على الشاشة قائلًا:-
-يعنى حمزة مكدبش لما قال أنها خرساء
أومأ “شريف” بنعم وتابع:-
-كمان الخادمة قالت أن طول الثلاثة شهور اللي فضلت فيهم فى المزرعة بعد موت مختار بيه كان حمزة عايش معاها هناك وبيعذبها بكل الطرق اللى ممكن تتخيلها لدرجة أنه فى مرة طعنها بسكينة فى كتفها وسابها تنزف من غير حتي ما يجيب لها دكتور
كان “جمال” صامتًا طيلة الوقت يستمع فقط دون أن يتفوه بكلمة أو يعلق، فقط عينيه لم ترفع عن وجهها ثم أغلق الجهاز اللوحي
ووضعه على المكتب قائلًا:-
-خلاص يا شريف كفاية، روح أنت
غادر المكتب صامتًا مما جعل “شريف” متعجبًا فقد أكتفي بشكره فقط، أين أسئلته وشكوكه المعتادة ليقول بتمتمة:-
-بس كدة، بتفكر فى أيه يا سيد القصر؟
خرج “جمال” من المكتب وصعد الدرج شاردًا حتى وصل إلى غرفة “مريم” وتتطلع بالباب كثيرًا ثم قال مُرددًا كلمات “جمال” إليه:-
-مات وقت خصامها، معقول قتلتيه يا مريم؟
يتبع…
صراخها داخل مكان مُظلم لا تري فيه حتى أصابعها، صوت أستغاثتها سرعان ما تبدل الصوت بصوت أحتكاك الحديد بالحائط الصلب، ظلمة مُرعبة ومُخيفة ونيران مُشتعلة بنهاية المطاف ويد رجولية قوية ترفع عاليًا حتى سقطت بالعصا الحديدية على رأس “مختار” أسقطته أرضًا وبسمة مُخيفة وكأن الشيطان من يبتسم لمكره وفخرًا بقذارته….
صرخت “مريم” بقوة هزت جدارن القصر كاملًا وفتحت عينيها بهلع شديد ترتجف وجبينها تتعرق كأن أحدهن سكب دلو من الماء على رأسها، نزل “جمال” من الأعلى على صوت صراخها وكانت نائمة على الأريكة، جاءت “سارة” إليها من الأعلى بقلق شديد لتضمها بقوة بين ذراعيها، تتطلع “جمال” بها كثيرًا وهى تخفي عينيها داخل “سارة” بقوة وكأنها لا تقوى على النظر أو مواجهة هذا العالم، والفضل يعود إلى “حمزة” التى أرتكب جريمة القتل أمام عينيها لكن أن علم بما رأته عينيها سيقتلها هى الأخرى بلا شك فالقدر وحده من وضعها بهذا الموقف وخلق بداخلها هذا الخوف وسلب منها الأمان حين رأت ما لا يجب أن تراه عينيها، أحضرت الخادمة ماء باردة لأجلها لترتشفها بخفة ثم عادت إلى المطبخ، أنتبهت “مريم” لوقوف “جمال” بعيدًا يراقبها عن كثب بعد أن إيقظت الجميع بصراخها لترفع نظرها به فكان يتطلع بها بقوة والفضول يقتل ملامحه والقلق لتتعجب لرؤية قلقه عليه فقالت بنبرة هادئة:-
-أنا أسفة صحيتكم
لم يجيب عليها وسار إلى الحديقة فأمسكت “سارة” بيدها ثم قالت بلطف:-
-ولا يهمك يا حبيبتي هعملك كوباية ليمون ساقع، أهدئي
أومأت “مريم” لها بنعم وألتفت برأسها على الحديقة حيث ذهب “جمال”، كان يسير واضعًا يديه الأثنين فى جيوبه بنطلونه القطني ذات اللون الأزرق ويرتدي سترة سوداء مُغلقة الساحب الخاص بها وينظر إلى الأمام بشرود ولا يفارق عقله صرختها القوية وانتفاضها رعبًا فقطع هذا الشرود صوتها الخافت من الخلف تقول:-
-ممكن أمشي معاك
ألتف إليها وكانت تشبه المراهقات الصغيرات جدًا بوجهها الخالي من مساحيق التجميل وصغر حجمها مُرتدية بيجامة قطنية ذات اللون الأصفر الفاتح بنصف كم وشعرها الطويل مسدولًا على ظهرها حتى بلغ نهايته وعلى الجانب الأيسر، صمت ولم يعقب على كلمتها فقالت بترجي:-
-مش هعمل أى صوت ولا هزعجك، أنا بس خائفة أقعد لوحدي لحد ما سارة تيجي
تابع سيره للأمام بمعنى الموافقة لتلحق “مريم” به وكانت حقًا ضئيلة بجانبه تصل إلى ساعده برأسها فقالت بهدوء:-
-أنا دايما بحلم بكوابيس مُخيفة
أنتبه لحديثها بأذنيه دون أن يتطلع بها وقدميه تسير فى هدوء، أخبرته أنها لن تصدر صوت لكنها تفعل الآن فتنهد “جمال” فهو سمع عن حياتها ما يكفي ولا يرغب بسماع شيء أخر عن تعاستها فهذا لن غير الأمر كثيرًا، تابعت “مريم” بنبرة خافتة وقد بدأ الخوف يظهر فى صوتها:-
-من لحظة وفاة عمتي وظهور حمزة مرة تانية فى حياتي ومعاملته القاسية ليا والكوابيس ظهرت معاه
ضمت ذراعيها الأثنين إلى صدرها وقد بدأت تشعر بالبرد القارس ليلًا لتتابع حديثها قائلة:-
-فى الحقيقي أنا كنت عايزة أقولك أنى أسفة على أني ضيق ثقيل عليك ومش مرحب بوجودي هنا لكن برضو أحب أقولك شكرًا على اللى عملته معايا وأنك مسمحتش أن حمزة يأخدني
توقف عن السير لتنظر إليه بخوف فربما تفوهت بشيء أغضبه لتراه يفتح سحاب سترته ونزعها عن جسده ثم أقترب ليضعها فوق أكتافها بلطف لتميل رأسها لليمين بدهشة من لطفه وقالت:-
-أنا…
قاطعها “جمال” بجدية قائلًا:-
-متمرضيش فى بيتي أن كوني عارفة أنك ضيف غير مرحب فياريت متزعجيش البيت دا حتى الخدم بمرضك
أنتفض قلبها رجفًا وهى ترفع رأسها نحوه وتشعر بأرتباك شديد حتى أنها شعرت أن حرارتها أرتفعت بسبب قربه هكذا وفعله فأومأت بحرج إليه ليخفض نظره نحو عينيها وقال بلطف:-
-خليني أقدم لك نصيحة متثقيش بلطفي ولا معاملتي أنا مش باللطف اللي أنتِ مُتخيلاه، لو كنت سمحت لك فى البقاء هنا فـ دا عشان اللى عملته فى المستشفي أنا محبش أكون مدين لحد بحاجة لكن متثقيش فيا أنا أكثر وحشية من حمزة اللى خايفة منه
يخبرها بمدة وحشيته التى يخفيها خلف قناع اللطف والهدوء كأنه ينذرها بألا تأمن له لكن ما أصابها بالغضب الأكثر وجعلها تشعر بتوتر شديد فور ذكر اسم والدها لتقول:-
-أنت بتتكلم كدة لأنك متعرفش حمزة لكن أنا واثقة أن مفيش أقسي منه ولا حد أوحش منه
غادر “جمال” دون أن ينطق بكلمة واحدة لتنهدم سترته الكبيرة على جسدها الضئيل وكانت يديها مخفية تمام داخل أذرع سترته الطويلة وتصل لركبتها لتسير مُسرعة للداخل فرأت “سارة” تخرج من المطبخ حاملة بيدها كأس من عصير الليمون فدهشت “سارة” عندما رأتها ترتدي سترة “جمال” وقالت بخوف شديد:-
-أيه دا، مش قولتلك أستنيني هنا؟ جبتي الهدوم دى منين؟
نظرت “مريم” إليها وقالت بحرج:-
-أنا هطلع أنام
صعدت للأعلي ولم تنزع سترته عنها بل ولجت لفراشها بملابسه وكأنها تحتمي من كوابيسها بها و”سارة” تتبعها حتى جلست جوارها على الفراش وقالت بلطف:-
-أشربي الليمون
أومأت “مريم” لها بنعم وأرتشفت الكأس كاملًا ثم غاصت فى نومها، و”سارة” بجوارها تنتظرها أن تغرق فى نومها ثم خرجت للشرفة بتسلل وأخرجت هاتفها لكى ترسل رسالة واحدة محتواها
(لقد دخل العصفور القفص)
أنتظرت الرد على رسالتها وكان من كلمات قليلة غامضة
(أبقيه بداخله)
عادت للغرفة فى هدوء….
___________________________
جلس “حمزة” بسيارة الأجرة أمام القصر ينتظر خروجها صباحًا حتى فُتح باب القصر وخرج منه سيارة “جمال” مُتجهًا إلى عمله وأنتظر حتى رحل “جمال” تمامًا عن القصر وأخرج هاتفه ليتصل على رقم “سارة” فأجابته بجدية قائلة:-
-بتتصل تاني ليه؟ عايز أيه مننا؟
تحدث “حمزة” بمكر شديد قائلًا:-
-قولي لمريم تخرج وأنا مستنيها برا وإلا هطلع على جمال بيه اللى بتتحامي فيه وأقوله كل حاجة وعليا وعلي أعدائي ووقتها هو اللى هيقتلها مش أنا
نقلت “سارة” الرسالة إلى “مريم” بغضب شديد والفضول يقتلها لما فعلته ويبتزها به “حمزة” فصرخت بغضب قائلة:-
-أنتِ عملتي أيه يا مريم؟ ردي عليا مخبية أيه مخلي حيوان زى دا يبتزك بيه؟
على عكس “مريم” الذي شحب لونها وأرتجفت بذعر شديد ثم قالت:-
-أنا هطلع له
أتسعت عيني “سارة” من موافقة “مريم” على الذهاب إليه وقالت:-
-مستحيل، أنتِ عملتي أيه من ورايا يا مريم مخليكي تروح للموت برجلك، ربنا يستر
لم تقوى “مريم” على رفع عينيها بها وذهبت للخارج بقلق مُرتدية بنطلون جينز أزرق اللون وفوقه سترة “جمال” التى أخذته منه امسًا وحذاء رياضي أبيض اللون، خرجت من باب القصر وبحثت بنظرها عنه لترى سيارته هناك فذهبت إليه بقدمي مُرتجف وتكاد تصبو إليه، وصلت إلى السيارة ولم تجد “حمزة” بداخلها وقبل أن تستدير جاء “حمزة” من خلفها ومسك رأسها وضربها بالسيارة بقوة لتفقد الوعي أرضًا ليتطلع بها بغضب وكره شديد، رأه رجل الأمن فى كاميرات المراقبة ليفزع منه مكانه خوفًا من “جمال” وأرسل إشارة إلى أصدقاءه وهو يرى “حمزة” يضعها بالسيارة فاقدة للوعي، خرج رجلين من الأمن إلى الخارج ليمر “حمزة” بسيارة من أمامهم بسرعة جنونية هاربًا منهم، وصل الخبر إلى “سارة” لتفزع خوفًا على “مريم” وهى تعلم بأنه سيقتلها فى الحال…
_______________________________
كان “جمال” جالسًا بغرفة الأجتماعات فى مقدمة الطاولة الكبيرة ويستمع إلى مدير التخطيط وهو يعرض عليه مشروعهم الجديد على الشاشة والغرفة مُظلمة و “شريف” جالسًا جواره على اليمين رن هاتف “جمال” مرة وأخرى ليقلب هاتفه على وجهه بضيق من أتصال “حنان” المتكرر وأكمل أجتماعه ثم خرج من الغرفة بصحبة “شريف” وهو يقول:-
-خلينا نبدأ فور بالمشروع ودا وبلغوني بالجديد، بالمناسبة حنان أتصلت كتير فى الميتنج أتصل شوفها عايزة أيه؟
أخرج “شريف” الهاتف من جيبه ليتصل بـ”حنان” وفور أستقبالها للمكالمة قالت بقلق:-
-شريف، فين جمال بيه، أنا أتصلت فوق العشرين مرة بقالي ساعتين
أنتبه لصوت بكاء “سارة ” المجاور له فسأل بقلق:-
-كان عندنا ميتنج مهم… فى أيه مين اللى بيعيط جنبك
تنحنحت بخوف مما سيفعله “جمال” بعد أن يعلم وقالت بتوتر:-
-حمزة خطف الهانم الصغيرة
أتسعت عيني “شريف” على مصراعيها بصدمة ألجمته وتوقف عن السير مكانه بمنتصف الرواق وقال:-
-بتقولي أيه؟ مريم حصلها أيه؟ أنتِ أتجننتي يا حنان والأمن اللى عندك بيعملوا أيه؟
توقف “جمال” عن السير فور سماع أسمها وألتف إلى “شريف” وهو يقول:-
-حصل أيه؟
رفع “شريف” عينيه وهو يقول بتوتر:-
-مريم أتخطفت، حمزة عملها
لم يصدق “جمال” حديثه نهائيًا فكيف لرجل أن يقتحم منزله الملأ برجال الأمن ويخطفها من بينهما…
_____________________________
كانت “سارة” تبكى بعجز شديد وهى لا تملك شيء تفعله، دلف “جمال” من باب القصر كالثور الهائج أو العاصفة الهالكة لكل من تقابله وقال بصياح:-
-حصل أزاى؟
أبتلعت “حنان” ريقها بصعوبة وقالت:-
-هي اللي خرجت من القصر بنفسها والله
تمتم “جمال” بسخرية من رجاله وقال:-
-قُلتي لوحدها، شريف أطرد كل رجالة الأمن أنا مش محتاج لرجالة بهايم زيهم غير أكفاء ومش قد المسئولية لكن قولهم لو مريم حصل حاجة مش هكتفي بطردهم أنا هقتلهم واحد واحد
نظر إلى “سارة” بضيق شديد وقال:-
-حاولتي تتصلي بها
أجابته “سارة” ببكاء شديد قائلة:-
-مريم معهاش موبايل
ألتف “جمال” بضيق شديد وهو يقول:-
-بتهزر معايا! معقول حد فى الزمن دا عايش من غير موبايل
ذهب إلى مكتب الأمن كى يرى كاميرات المراقبة ورأه وهو يضرب رأسها بسيارة ليغلق “جمال” قبضته بقوة وقد أشتعل غضبه بقوة النيران الملتهبة وكأنه على وشك قتل “حمزة” بهذه اللحظة إذا رأه…
_________________________
سكب “حمزة” دلو من الماء الباردة المليئة بمكعبات الثلج على جسدها لتنتفض رعبًا وبرودةً، ألقي بالدلو بعيدًا وهو يقول:-
-بيعجبني فيكي يا مريم أنك غبية وسذاجة
تنفست بصعوبة وهى تحدق به بجيبنها المجروح الملوث بالدماء، كانت جالسة على الأرض وسط بركة من الماء ويديها مُقيدة خلف ظهرها فقالت بخوف:-
-أنت مش هتقتلني، متقدرش أنت محتاجني عشان تأخد الفلوس من جمال من غيري أنت مش هتورث حاجة ولا هطول جنية واحد وكل خططك هتبوظ
حدق “حمزة” بها بصمت شديد، أرعبها صمته ليقول بهدوء وهو يجثو على ركبته امامها ومسك فك وجهها بقبضته القوية:-
-فعلًا عندك حق لكن مين قالك أني ممكن أقتلك، مريم معقول لسه معرفتش ولا فهمتي أنا بتلذذ بعذابك ووجعك، صوت صراخك ووجعك بيعجبنى لا دا أدمان والله بعشق صوت صراخك وعشان كدة أصرخي يا مريم، ورينى دموعك متعرفيش وحشوني قد أيه.. أصرخي
ألتزمت الصمت وهى تحدق به ليخرج سكين حادة من أسفل قميصه وقال بغضب سافر وهو يمسك وجهها بيده الأخر:-
-سمعتني بقول أصرخي…. أصرخي وصويت يا صغيرتي، أنا أبوكي وبأمرك تصرخي خليني أتبسط وأتلذذ بيكي
قالها وهو يغرس السكين بقوة فى قدمها من أعلى ركبتها تحديد بفخذها لتصرخ بألم شديد فتبسم بحماس شديد وهو يقول:-
-هو دا أقسم لك أم مفيش أجمل من صوت صرختك يا مريم، أنتِ إدماني يا بنتي، مرة كمان صويتي يا مريومة مرة تانية أنت متعرفيش أني وصلت لدرجة نشوة ومتعة مالهاش مثيل فى اللحظة دي
أغلقت فمها بأحكام بعد أن رأت بسمته وسعادته بصراخها فرغم ألمها هى لا ترغب بإسعاد وحش مثله وهو يشبه الشيطان تمامًا على هيئة بشري، ضغط على السكين أكثر لتتألم بصمت وأنينها الذي تكبحه يقتلها هى وهو أيضًا ،تتواري بسمته وتتحول لغضب بسبب رفضها للصراخ أمامه، تحولت بركة الماء إلى دماء من قدميها، دموعها كالفيضان الذي يسيل على وجنتيها فألقي بالسكين جواره ومسك وجهها بيديه الأثنين وقال:-
-لا ..لا لا يا صغيرتي متكتميش العيط والصرخة… قولتلك أنى بحب صوتك وألمك
أقترب منها أكثر حتى همس بأذنيها قائلة:-
-أزاي بتعمليها، أزاى قاتلة زيك تمثل البراءة بالإتقان دا
أبتعد عنها لتتقابل عينيهما وقال بجدية صارمة:-
-كفاية تمثيل يا مريم أنا وأنتِ عارفين كويس انك أنتِ اللى قتلتي مختار
لم تجيبه بل ظلت تتألم أكثر من قدمها…
_____________________________
تعقب “شريف” سيارة “حمزة” حتى عثر عليها وأنطلق “جمال” مع “شريف” إلى حيث موقع السيارة، وكانت بأحد المخازن الصغيرة بأمبابه، ترجل “جمال” من سيارته مُسرعًا فور رؤية سيارة “حمزة” وذهب إلى هناك ركضًا..
كان “حمزة” جالسًا على الأرض أمام شعلة النار وينظر على “مريم” النائمة على الأرض على وشك فقد الوعي بعد أن فقدت كل طاقتها من كثرة الدماء التى فقدتها من جرحها، تتطلع بها وهى كالطير المكسور جناحيه وقدميه فلا يقوى على الطير أو السير ليقول بتمتمة:-
-مش قولتلك أنا هخليكي تتمنى الموت ألف مرة، لكنى مللت منك يا مريم ومن عنادك وكبريائك لو مش هتصرخي وتمتعني فموتي، أنا مستعد أقتلك لو مش هتمتعني
نظرت إليه وهو يتحدث ويشير لها بالسكين الملوث بدماءها أنه فى أنتظار أن تطلب الرحمة وتركع امامه راجية موتها، ثم قال:-
-أنتِ غبية يا مريم، معقول صدقتي أن واحد زى جمال ممكن يحميكي مني مستحيل، رجال الأعمال والناس الأغنياء دول مبيعملوش حاجة غير أنهم يرموا الأمور بأيديهم لأتباعهم لكن أنا بعمل بأيدي
أتاه صوت “جمال” من الخلف يقول:-
-خلينى أوريك اللى بعملوا بأيدي؟
أنتفض “حمزة” من مكانه ذعرًا من صوته ووجود “جمال” ليراه واقفًا على بُعد خطوات، تطلع “جمال” بها وهى على الأرض والدماء حولها واضحة جدًا ليستشيط غيظًا وغضبًا من هذا الرجل وعقد حاجبيه بضيق شديد وقال:-
-خليك بعيد يا شريف
أقترب “جمال” منه ليواجه “حمزة” السكين نحوه لكن بسمة “جمال” أرعبته وهذه البسمة تخبره بأنه لا يخشي هذا الشيء، أخذ “جمال” كرتونة فى طريقه وألقي بها على “حمزة” ليدفعها “حمزة” بقوة بعيدًا فتلقي لكمة قوية على وجهه من قبضة “جمال” أسقطته أرضًا فأتكأ على ذراعيه ليقف ليركل “جمال” في ذراعه بقوة لينكسر ويسقط “حمزة” على وجهه فوضع “جمال” قدمه على رأسه بقوة وقال:-
-خلينى أوريك مين هو جمال المصري وإذا تأخذ حاجة أنا منعتك عنها
أبتعد “جمال” لكي يجلب عصى حديدي فأنتهز “حمزة” فرصة رحيله بعيد عنه وهرب بعيدًا فحاول “شريف” إيقافه فجرح ذراعه بالسكين وهرب تمامًا، أسرع “جمال” إليها ليجثو على ركبتيه أمامها ونظر إلى ملابسها المبللة وقدميها المجروحة بغزارة ودماءها التى لوثت بنطلونها ليشفق على حالها وشعر بأنقباض قلبه خوفًا عليها ليفك رباطها بلطف ورفع رأسها برفق لتتألم من حركة جسدها وجرح قدميها الذي ما زال ينزف ليقول بهمس:-
-أسف
تحدثت بصعوبة من قسوة ألمها:-
-قوله يقتلني خلينا نخلص وأرتاح من الجحيم دا
مسح “جمال” على رأسها بلطف وهو يقول:-
-متقلقيش حصل خير أنا هنا
حدقت بعينيه بضعف وقالت بتمتمة ضعيفة:-
-أنا عايزة أنام، ممكن أنام؟
أتاها صوت “شريف” من الخلف يقول:-
-لا، مريم تحملي لكن أوعي تنامي ويغمي عليكي
حملها “جمال” على ذراعيه ووقف بها لتتألم بقوة وأنينها يخترق أذنيه وجسدها البارد ينتفض بين ذراعيه فقالت بصوت مبحوح:-
-مش قادرة أتحمل أكثر من كدة، والله حاولت
سار بها للخارج ثم أخذها للمستشفي بقلق وبعد فحص جرحها ومعالجته، جاء “جمال” لها بفستان قطني طويل وأعطاه للممرضة من أجل “مريم” بعد أن مزق الطبيب بنطلونها وأنتظر حتى أذنت له الممرضة بالدخول، دلف ليراها نائمة فى فراشها وترتدي فستانها الأحمر، تحدثت الممرضة بهدوء قائلة:-
-هتخرج بكرة
أجابها “جمال” وهو يرفع الغطاء عنها قائلًا:-
-لا، أنا هأخدها دلوقت
حملها على ذراعيه أثناء نومها وغادر المستشفى بعد أن رحل “شريف”، وصل للقصر بها ونظر إليها قبل أن يترجل من سيارته وقال:-
-أيه هي حكايتك يا مريم؟ أيه الأسرار اللى دفناها جواكي؟ أيه اللى حصل معاكي أنتِ ومختار؟ الفضول بيقتلني
أتاه صوتها المبحوح تقول:-
-رجاءًا متحاوليش تتدور جوايا، اللي مدفون جوايا سيبه مدفون لأنه لو حلو مكنش ادفن
فتحت عينيها بتعب ليشعر “جمال” بحرج شديد بعد أن سمعت حديثه ليقول:-
-لكن أنا عايز أفتحك يا مريم، عايز أنبش فى اللى جواكي
تبسمت بحزن شديد وهى تفتح باب السيارة وتقول:-
-براحتك لكن تأكد أن اللي جوايا مجرد أوجاع وحزن مُخيف، أنا شايلاه جوايا بصعوبة من الأساس، الوجع دا لو أتفتح يبقي قتلت الباقي من مريم …..
يتبع…
كانت “مريم” جالسة فى فراشها صباحًا بسبب جرح قدمها وتحدق بالنافذة التي على يمينها كثيرًا بشرود وبجسد منهكًا، لم تندهش كثيرًا بسبب فعل “حمزة” فهى أعتادت على قسوته وحتى أن كان غرس السكين فى قلبها فلن تصدم منه ستقبل الأمر دون نقاش أو معارضة، تذكرت الماضي عندما كانت بمزرعة “مُختار” ولا تغادر الأسطبل نهائيًا ويوميًا تراه يعود بصحبة فتاة جديدة إلى منزله مع شروق الصباح، حتى ظهر “حمزة” فى حياتها يدمرها وهو يأخذ المخدرات لـ “مختار” حتى تأخر فى دفع ثمن البضائع ليكن الثمن هو ابنته التى لم يراها إلا قليلًا فحتى “حمزة” اندهاش بجمال ابنته وكبرها أثناء عقد الزواج، لم يكن يعلم أن ابنته بهذا الجمال وقد نضجت…
قطع شرودها صوت “سارة” تضع الطعام أمامها على الطاولة الخشبية على الفراش وتقول:-
-كُلي يا صغيرتي، الأضراب عن الأكل مش هحل حاجة
أجابتها “مريم” بنبرة صوت مبحوح وذكريات الماضي تؤلمها بل تفتت قلبها الصغير قائلة:-
-ماليش نفس أكل ولا أعمل حاجة يا سارة
لم توافقها “سارة” وأطعمتها بالقوة رغمًا عنها ثم قالت بلطف:-
-برافو عليكي، ممكن تنامي وترتاحي وتريحي جسمك من التعب
لم يتحرك لها ساكنًا بل جلست صامتة مكانها….
______________________________
سار “صادق” بالسيارة بقيادته ليلًا و”جمال” جالسًا بالخلف عائدًا من عمله وبيوم طويل مُنهك لكنه لم يكن بوعيه فكان شاردًا فى كلماتها وألم الماضي وأن ما حدث لا يمكن سرده أو التفكير به، وصل إلى أحد المطاعم ودلف ليرى أثنين من اصدقائه “سلمي” فتاة ثلاثينية مُرتدية بدلة رسمية نسائية ذات اللون الأحمر وقميص أبيض بشعر أسود متوسط الطول وعيني بنية وتضع مساحيق التجميل تعمل ككابتن طيران ولا تأتي لمصر كثيرًا و”عامر”شاب بعمره بمنتصف الثلاثين يملك سلسلة من المطاعم، جلس معهم لتقول “سلمي” بلطف:-
-فرحانة أني شوفتك قبل ما أسافر، تخيل متقابلناش من أمتي يا جمال
أجابها “جمال” وهو يجلس مكانه أمامهم ويفتح زر بدلته قائلًا:-
-أنا كمان مبسوط أني شوفتكم، وأسف على التأخير
تحدث صديقه “عامر” بقلق شديد قائلًا:-
-ما لك يا جمال؟ أول مرة تتأخر عن ميعاد دايمًا بنظيط الساعة عليك وصوتك فى التليفون مكنش كويس..
تحدثت “سلمي” بلطف قائلة:-
-أنا كمان قلقت لما سألتني أنا في مصر ولا برا، معقول كل دا بسبب حوار مريم زوجة أخوك؟
تنهد “جمال” تنهيدة قوية فور ذكر أسمها ثم بدأ يقصي عليهما ما يعرفه عنها وأنهى حديثه قائلًا:-
-الفضول قاتلني مش سايب حتة فى عقلي مبيفكرش فى الماضي اللى مخبياش، جوايا إحساس أنه له علاقة بـ مختار من قريب أو بعيد، أكيد فى سر مختار رغم قذرته وكل الوحش اللى كان فيه عمره ما أهتم بالقاصرات أو البنات المراهقة، السبب فى أستعباد حمزة ليها وخوفها منه ليه مفكرتش تهرب خصوصًا أن معها سارة مش هتكون لوحدها أو على الأقل تبلغ البوليس
عنه أكيد مش خايفة عليه مثلُا لأنها ببساطة مبتعتبرهوش أب ليها، فى سر لازم أعرفه
أخذت “سلمي” نفس عميق بحيرة ثم قالت بلطف:-
-متدورش فى الماضي ولا تنبش فيه يا جمال، ممكن يكون مخيف وهيسبب لها الوجع زي ما قالت، الأوجاع والخوف بيقتلوا يا جمال… عارفة أنه مش طبعك لكن حاول ترحم ضعيفة مكسورة ومتستقواش أنت كمان عليها
سأل “جمال” بصوت خافت وتردد شديد:-
-أيعقل أن رجل يتجوز من بنت تصغره بعشرين سنة يا سلمي؟ ألا لو كان فى سر فى الموضوع؟ مصدقتش اللى شريف قاله وأنه أتجوزها عشان يحميها من حمزة، مختار اللى أنا أعرفه ميعملش كدة أكيد فى سر ؟
صمت بضيق شديد فقال “عامر” بنبرة هادئة وعينيه تحدق بصديقه بشك:-
-لو كان الرجل اللى بتتكلم عنه هو مختار فممكن، أساسًا مختار مكنش أمام جامع يا جمال وخصوصًا لو كانت جميلة، مريم جميلة
أومأ “جمال” له ثم قال ببرود شديد:-
-لو على الجمال فهي جميلة جدًا يا عامر، لو واحد شهواني وبيفكر فى الستات بالجمال والجسد فهي بلغت أقصي درجات الجمال ودا يخلي أي راجل يطمع بها لكن قد أبوها؟
-والجمال دا كفاية أن مختار يطمع بيها
قالها “عامر” بسخرية، نظرت “سلمي” إلى “عامر” وقالت بتوتر شديد قائلة:-
-متفكرش كتير فى الموضوع يا جمال، قرر هتديها ورث ولا لا ومشيها بعيد، متخلهاش جنبك ومعاك لوقت أطول، لأن هتتضطر تتحمل مسئوليتها ودا هيأخدك لمنعطف مع مريم أنت فى غني عنه، يمكن .. جايز تحبها ما أنت راجل زى بقية الرجالة وهى ست وحلوة وضعيفة وبتتساند عليك وصدقني دا لوحده كافي أنها تدخل لقلبك من غير ما تحس
رفع “جمال” عينيه بها بدهشة ألجمته وكأن تحذيرها كدلوًا من الثلج الذي لطم وجهه ليفيقه من شروده المُستمر بها، وقف غاضبًا يهرب من تحذيرها له وقال:-
-أنا ماشي
وصل “جمال” على قصره وصعد مباشرةً على الدرج للأعلى فسمع صوتها من الداخل تنادي على “سارة” بصراخ قوية، طرق باب الغرفة بقلق ولم يأتيه جوابًا ففتح باب الغرفة وكانت فارغة وصوت “مريم” بالمرحاض، وقفت “مريم” بصعوبة على قدم واحدة وهى تتكأ على الحوض بيدها و”سارة” لا تجيب عليها، أتكأت على الحائط بصعوبة وبدأت تقفز على قدم واحدة رغم ألم جرحها مع القفز وفتحت الباب كى تخرج وتُمتمت بتذمر شديد:-
-دايمًا بتختفي وقت ما أعوزك يا سارة..
أبتلعت كلماتها بدهشة عندما رأت “جمال” يقف بجوار باب غرفتها، أتسعت عيني “جمال” على مصراعيها بأعجاب شديد وهو يراها تقف أمامه مٌرتدية روب الأستحمام يصل لأسفل ركبتيها مُغلق وشعرها المبللة مسدول على الجانبين وتتساقط منه حبيبات المياه، مُتشبثة بمقبض الباب حتى لا تسقط أرضًا، ألتف “جمال” مسرعًا يتحاشي النظر إليها بحرج ثم قال بتوتر شديد:-
-سمعتك بتنادي علي سارة، هخليهم يبعتولك خادمة تساعدك
أومأت إليه بحرج، فتح باب الغرفة لكى يخرج وبدأت تقفز مُجددًا فهى لا تقوى على الوقوف على قدم واحدة طويلًا ولم تتكأ على شيء فكادت أن تسقط لتصرخ صرخة خافتة لكنها دُهشت عندما رأته أمامها بسرعة البرق يمسك ذراعها بأحكام، رفعت نظرها إليه بأرتباك ليقول:-
-عايزة ايه؟
أجابته بتوتر وصوت دافيء قائلة:-
-هقعد مش قادرة أقف لحد ما الخادمة تيجي
شعر بقشعريرة شديدة من نبرتها الدافئة فسأعدها على السير إلى المقعد وجعلها تجلس على أقرب مقعد لها، ترك يديها بحرج ثم قال:-
-هبعتها لك بسرعة ما تقلقيش
نظرت حولها بحيرة ثم أشارت إلى ريموت الشاشة الألكتروني وقالت:-
-معلش ممكن قبل ما تخرج تديني الريموت
أعطاها الريموت ثم وضع يديه فى جيبه بخجل شديد وأخرج منه هاتف بلون ذهبي من ماركة الأيفون وقدمه لها ببرود قائلًا:-
-اتفضلي
نظرت للهاتف بدهشة ثم رفعت رأسها للأعلي لتقابل عينيه التى تكاد تقتله خجلًا من فعلته وسألت “مريم” بسعادة:-
-دا عشاني
أومأ إليها بنعم فأخذته بسعادة لأول مرة يقدم لها أحد هدية وقالت:-
-أول مرة حد يديني هدية بعد مختار، جابلي حصان هدية عيد ميلادي وسارة هدية جوازي، شكرًا
غادر دون أن يجيب عليه ثم ألتف قبل أن يخرج من باب الغرفة وقال:-
-أنا سجلت رقمي لكن متتصليش غير لو كان حاجة مهمة ولما أتصل ترديه، جربي ما ترديش ومتلومنيش على اللى هعمله
أنصرف تمامًا قبل أن تُجيب عليه، تبسمت بسعادة وبدأت تتجول فى هاتفها وهى لا تفهم الكثير به لأول مرة تحمل هاتف فحتى مختار منعها من امتلك هاتف خوفًا من أن تخونه كما يفعل معها، فتحت الكاميرا وبدأت تلتقط الكثير من الصور لها
بسعادة وخانة الأتصالات لا تملك سوى رقمًا واحدًا تحت أسم “السيد” تبسمت كثيرًا وهى تتطلع بأسمه الذي سجل نفسه به، جاءت “سارة” من الخارج وكانت تغلق هاتفها بعد مكالمة طويلة أستغرقت الكثير من الوقت ودهشت لوجود هاتف فى يد “مريم” والأندهاش الأكبر أنه من “جمال”، ساعدتها فى تبديل ملابسها والصعود إلى الفراش بعد أن صففت شعر “مريم” وقالت:-
– أيه الفرحة دي كلها يا ست سارة؟ أول مرة أشوف الضحكة اللى من الودن للودن دي؟
تبسمت “مريم” وهى تحتضن الهاتف براحتي يديها أثناء النوم وقالت:-
-أيه رأيك تجيبلي هدية، عايزة هدية لأن الأحساس دا حلو أوى، إحساس أنك تعيش الحياة زى باقي الناس حلو، ممكن أعيش حياتي زيهم فعلًا
سألتها “سارة” بفضول شديد قائلة:-
-أزاى؟
تنهدت “مريم” بهدوء قائلة:-
-العيش كشخص طبيعي، عنده أصدقاء وبيجيله هدايا، نأكل الأكل مع عائلة وناس بنحبهم،
أمتي ممكن أعيش حياة زي دي يا سارة، أمتي الكل هيبطلوا يأذوني، تفتكري فعلًا هنقدر نعيش وننسي اللي فات، طب لو نسيت يا سارة ممكن جسمي ينسي الجروح اللى معلمة فيه، كل مرة أبص للمرايا بفتكر اللى أنا منستهوش، وبتسألني أنا ليه سعيدة ومبسوطة دلوقت؟ مبسوطة لأن أول مرة حد يعاملني بلطف كأني بني أدمة طبيعية
تنفس “جمال” بصعوبة وهو يستمع لحديثها عبر جهاز التنصص على هاتفها التى تحمله فى يدها، وتسأل ماذا تخفيه فى قلبه؟ أحقًا تملك ندوب بجسدها تبكيها دومًا؟ كيف لشخص يعيش لتسعة عشر عامًا دون أن يحصل على هدية من قبل، أخبرها ألا تثق بلطفه لكنها كالبلهاء وثقت بهذا القناع الذي يصطنعه امامها…
تابعت “مريم” بلطف وهى تأخذ يد “سارة” فى يدها وقالت بإمتنان:-
-أنتِ كنتِ أول هدية وتانية هدية كانت إيلا وفعلًا أنا بشكر مختار والقدر اللى جابكم ليا، أنتوا الأثنين غاليين على قلبي وكفيلين أنى أغفر لمختار أى حاجة عملها فيا
تبسمت “سارة” بلطف عليها وبدأت تمسح على رأس “مريم” بحنان فى حين أن “جمال” شعر بغضب شديد وهى تذكر أخاه لينزع السماعة من أذنه وألقي بها بعيدًا وكأنه شعر بالغضب من براءتها التى تجعلها تغفر القسوة مقابلة هدية من رجل حتى وأن كان هذا الرجل هو زوجها السابق، أغمضت “مريم” عينيها وهى تملك الهاتف فى يد ويد “سارة” بيدها الآخرى وكأنها تخشي أن تخسر هداياها القليل، أنتظرت “سارة” حتى غاصت “مريم” فى نومها ثم سحبت يدها من يد “مريم” وتسللت خارج النافذة وبدلت الشريحة من هاتفها الخاص لترسل رقم هاتف “مريم” فى رسالة إلى رقم غير معروف لكنها تحفظه جيدًا وأخرجت الشريحة بعد أرسال الرسالة وأخفتها مرة أخرى وعادت إلى الغرفة…
خرج “جمال” من غرفته صباحًا مُرتديًا بدلة زرقاء وقميص أبيض ثم ترجل للأسفل وجلس يرتشف قهوته مع فطاره على السفرة ويستمع إلى جدول يومه من “شريف”، جاءت “حنان” إليه وقالت:-
-طلبتني يا مستر جمال
أومأ إليها بنعم وقال وهو يحمل فنجان قهوته فى يده بكبرياء شديد:-
-اه، أختاري خادمة كويسة وتكوني بتثقي فيها عشان تطلع فوق وتخلي بالها من السيدة الصغيرة وتراعها وقت غياب مربيتها
أومأت إليه بنعم بحيرة من موافقته على صعود خادمة للأعلى وهو أكثر شيء ممنوع بقصره، نظرت إلى “شريف” ليؤمأ لها بنعم فى صمت، غادرت “حنان” من أمامه ليشير “شريف” إلى شاب يقف بعيدًا بجسد عريض يرتدي بدلة رسمية سوداء فأقترب ليقول:-
-أقدم لك عاشور مدير الأمن الجديد وصل أمبارح بليل مع فريقه، شركة الحراسات وصيت به وأنه على مهارة كويسة وكان ضابط فى الجيش لكنه تقاعد بسبب أصاب
تحدث “جمال” قبل أن ينظر إليه بجدية وهتف بنبرة صارمة جادة قائلًا:-
-ماشي ما دام وافقت عليه خلاص أنا مش هراجع وراك يا شريف، لكن يا عاشور أختار أكفء رجل فى فريقك وقد الثقة عشان يكون حارس شخصي للسيدة الصغيرة، وعينيه تكون صقر ميفارقهاش خصوصًا وهي بتركب الخيل … أنا مش هجبرك على حد لكن تأكد من أن ميصبهاش أذي حتى لو كان شوكة فى الأرض، لأن وقتها مش هيسلم من شري لا هو ولا أنت
نظر “شريف” إليه بدهشة فهل الآن يجلب لها حارس شخصي أيضًا ألم يكفي تعيين خادمة لها، أومأ “عاشور” له بنعم ثم قال بحماس وثقة فى رجاله:-
-متقلقش يا فندم إحنا كلنا هنا عشان راحتكم وحماية السيدة الصغيرة
سمع “جمال” صوت “جين” متحدثه الألي الموجود على الطاولة يقول:-
-هناك من يطلب المصعد بالأعلي يا سيدي، ماذا أفعل؟
نظر بعينيه للأعلي ليعلم بأنها من ستطلب المصعد لصعوبة نزولها فقال بهدوء للروبرت الخاص به:-
-أسمح بفتح المصعد يا جين
أقل من خمس دقائق وجاء صوت المصعد من خلف الدرج وظهرت “مريم” من أسفل الدرج تتكأ بذراعها على يدي “سارة” لتسرع الخادمة إليها تأخذ بيدها، رأته جالسًا يتناول الإفطار لتقول بتوتر:-
-قعديني هنا يا سارة
جلست على الأريكة بعيدًا عنه ليقول “شريف” بصوت خافت إلي “عاشور”:-
-دى السيدة الصغيرة مريم
نظر “عاشور” إليها ثم أومأ إليه بنعم، أشار “جمال” للجميع بالمغادرة ثم قال:-
-جين
أتاه صوت المتحدث الألي يقول:-
-أسمعك يا سيدى
تطلع “جمال” بـ “مريم” الجالسة هناك تتطلع بهذا الصوت الذي ظهر من العدم بدهشة وقال:-
-أفتح المصعد اليوم دون أذن مني
تحدث “جين” هذا المتحدث الألي قائلًا:-
-لقد تم إغلاق كلمة السر الخاصة بالمصعد
أكمل “جمال” إفطاره ثم وقف لكي يغادر المكان لكن أستوقفه صوتها الحاد تقول:-
-أعتقد أنى قولتلك أني مش عايزة حاجة منك، وأنا مش سيدة القصر ولا الهانم الصغيرة ، انا مجرد ضيفة وهمشي
ألتف بدهشة من كلماتها ليراها تصرخ بالخادمة، تقدمت الخادمة بالوسادة لكى تضعها أسفل قدم “مريم” المُصاب لتستشيط “مريم” غيظًا من عناد الخادمة فألقت بالوسادة فى وجهها بغضب شديد وهى تقول:-
-مسمعتنيش بقولك متخدمنيش ولا أنتِ مبتفهميش
قذفتها بالوسادة الأخرى لكنها دُهشت عندما رأت “جمال” واقفًا أمامها والوسادة جاءت بوجهه فأغمض عينيه بضيق شديد وهو لا يعرف سبب غضبها المُفاجيء هكذا، أشارت “حنان” للجميع بالمغادرة، نظر “جمال” إليها بغضب مكبوح بداخله وقال:-
-بتعملي ايه؟
صاحت به بأنفعال شديد قائلة:-
-زى ما سمعت أنا مش عايزة حاجة منك ولا من خدمك والقصر دا أنا هسيبه النهار دا
أقترب خطوة نحوها بضيق شديد ثم قال:-
-حصل ايه؟ حد زعلك؟
وقفت من مكانها على قدم واحدة بتحدي وعناد أمامه ثم قالت بأشمئزاز:-
-ممكن تقولي ايه دا؟
وضعت الهاتف أمام عينيه على رسالة جاءت لها تحمل كلمات قليلة محتواها
(لا تثقي بجمال يا جملتي لأنه بتجسس عليكي من تليفونك الجديد)
نظر للرسالة بدهشة ومن يعلم بتجسسه على هاتفها فحتى “شريف” لا يعرف أنه جلب هاتف لها بين ليلة وضحاها، قذفت الهاتف فى وجهه بضيق شديد غاضبة وهى تقول:-
-وعشان كدة أنا هسيب قصرك
تأفف بضيق شديد ثم قال بصوت قوي وهو يكز على أسنانه قائلًا:-
-لتكوني فاكرة أنه بمزاجك
نظرت إليه بتحدي سافر ثم قالت بعناد قوي:-
-اه بمزاجي وأنا همشي ومحدش يقدر يمنعني
مسك ذراعها بقوة دون أن يراعي جرح قدمها وجذبها إليه بقوة وعينيه تتطلع بعينيها بتحدي وعناد هو الأخر ثم قال:-
-وريني أزاى هتعمليها؟ أزاى هتمشي من قصري من غير أذني ؟ ولا أنتِ فاكرة أن دخولك هنا بمزاجك وكمان خروجك ووقت ما تحبي تمشي هتمشي، هنا أنا بس اللى أقول أيه اللى يحصل ويأمر. حتى أنفاسك يا مريم جوا القصر دا ملكي أنا
شعر بخوف من نظراته المُخيفة وهكذا نبرته القوية جعلتها تقشعر خوفًا وأزدردت لعابها بقلق فقالت باستياء شديد:-
-بالظبط زى حمزة ومختار كلكم وحوش
أتسعت عينيه على مصراعيها من تشيبهها له بهؤلاء ليدفعها بقوة على الأريكة لتصرخ من ألم قدمها فى حين أنه قال بنبرة مُرعبة قائلًا:-
-ما دامني وحش خليني أوريكي أنا جحيمي عامل أزاى يا مريم؟ عشان تعرفي أن حياتك مكنتش جحيم لكنها بقيت جحيم معايا
ألتف ليغادر بينما تجمعت الدموع فى عيونها حزنًا فقال وهو يغادر قصره بحدة صارمة:-
-جين أغلق جميع الأبواب ولا تسمح لحد بالخروج، بالمناسبة ما رأيك فى جولة بحث على النت تكتبي فى عنوانها جمال المصري يمكن تعرفي أنتِ وقعتي مع مين؟
ألتفت “حنان” إليها بحزن شديد فهى لا تعرف ما سيفعله حين يغلق أبواب القصر فسيصبح القصر كزنزانتها من الآن ولن ينقذها أحد منه الآن…….
________________________________
دخلت “أصالة” إلى المكتب بجدية وتقول:-
-أتصلت السيدة ولاء وقالت أنها جاية على طيارة بكرة الساعة 10 م
رفع نظرة عن اللابتوت بضيق وقال بتمتمة خافتة:-
-دا اللى كان ناقصني… روحي يا أصالة
فتحت الباب كي تخرج من المكتب وتقابلت مع “شريف” الذي يدخل للمكتب بذعر شديد يحتلب ملامحه ثم قال بضيق:-
-مش هتصدق اللي عرفته عن سارة؟ ولا أخر مكالمة عملتها من تليفونها كانت مع مين؟
رفع “جمال” نظره إلى “شريف” بحماس كأنه وصل لشيء مما يريده وهذا ما أزعج “شريف” وجعل العبوس يظهر على ملامحه فسأل بجدية:-
-خلينا نبدأ بالسؤال التاني؟ مين أخر حد كلمته؟
-كان نادي ليلي بس مش دي المفاجئة، المفاجئة الحقيقية أنه متسجل باسمها واللي أشتراه مختار لكن الصدمة الحقيقة أن مختار أشتراه قبل موته بأسبوع، وأن كان منطقي أي اللي خلاه يسجل مبني تمنه 25 مليون باسم مربية ودا يوصلنا للسؤال الأول مين هي سارة وهنا أحب أفاجئك بالأجابة أن سارة أرملة أخوك
أتسعت عيني “جمال” بصدمة ألجمته مما يسمعه ولا يستوعبه عقله ليتابع “شريف” حديثه حتى يكمل صدمة “جمال” كاملة وتفقده أهلية عقله عندما قال:-
-أول واحدة اتجوزها من كباريه ومفيش ما يثبت أنه طلقها وبالتالي لما مات بقيت أرملته زى مريم بالظبط، أنا مش مستوعب وقاحة مختار جاب مربية لمراته العيلة مراته الأولانية أيعقل دا؟
-أتصل براغب وقوله يجي عشان يفتح الوصية، أكيد جواها سر من أسراره…..
يتبع…
كان “جمال” جالسًا فى سيارته فى طريقه للعودة للمنزل وهو يتذكر حديث شريف عن “سارة”:-
-عندها 39 سنة وكانت بتشتغل فى كباريه راقصة وهناك اتعرفت على مختار ووقعته فى الجواز وقتها كان عمرها 20 وهو كان حوالي 22 سنة ومن وقتها اتخفت سارة من الكباريه
تمتم “جمال” بأختناق قائلًا:-
-راقصة يا مختار….
_________________________________
كاد أن يجن عقلها من الجنون بسبب سجنه لها هنا، حتى الخروج لرؤية “إيلا” لا يمكنها بعد أن أغلق كل الأبواب، وقفت قرب باب الحديقة الزجاجية مُتكئة بذراعيها عليه وتقف على قدم واحدة وترفع المُصابة عن الأرض فصرخت بضيق شديد قائلة:-
-ممكن تفتح الباب؟
أتاها صوت “حنان” من الخلف وتقول بإشفاق:-
-متتعبيش نفسك، جين مبيسمعش غير كلام مستر جمال لأنه متبرمج على صوته هو بس
ألتفت “مريم” إليها بضيق شديد وهي لا تتحمل البقاء هنا وغاضبة لترى فى عينيها نظرة الشفقة والحزن التى تعلمها جيدًا ولطالما كانت تراها فى عيني عمتها وزوجها أثناء تربيتهم لها فقالت:-
-دا مجنون
تبسمت “حنان” بخفوت على تذمرها الطفولية من أول يوم تحبس هنا فماذا إذا فعل كل يوم هذا الأمر ثم قالت ويدها تشير على الكاميرات الموجودة فى المكان:-
-من الأفضل أنك تخلي بالك من كلامك لو مش حابة أنه يقفل الأبواب بكرة كمان لأن جين مُتصل بتليفون وبيبلغه حتى بقياس ضغط الدم وضربات قلبك إذا مستر جمال طلب
تمتمت “مريم” بضيق شديد تقول:-
-جين اللعين!!
أتاها صوت “جين” الألي يقول مُداعبًا إياها:-
-أعلم ذلك يا أنستي الصغيرة لكن ألا يمكنك تناولي القليل من الطعام فنسبة الدهون بجسمك قليلًا وهكذا السكريات فقريبًا ستسقطين مريضة بهذا الجسد الهزيل
وضعت يديها على صدرها بخوف مما سمعته لتبتسم “حنان” عليها رغم تذمرها وكادت أن تصرخ به بعد أن سشعرت بأهانة من تفحصه لجسدها وسخريته من صغرها قائلة:-
-دا أسمه تحرش….
كادت أن تسبه أكثر لكن أوقفها صوت المتحدث الألي الذي توقف عن داعبتها ويقول بجدية:-
-لقد تم فتح الباب الأمامي
نظرت لتري “جمال” يدخل من باب القصر وأسرعت له “حنان” من أجل الترحيب به بعد أن عاد من العمل ويومه الشاق، أشارت “حنان” إلى الخادمة كي تأخذ عنه سترته وترفعها عن أكتافه بينما عينيه تحدق بهذه الفتاة المريضة لكنها تقف هناك على قدم واحدة وغاضبة، تساءل عقله أيخبرها بحقيقة “سارة” أم يلتزم الصمت ولا يتدخل فيما لا يعنيه، نزل الخمس درجات الموجودين أمامه ليصل لبهو القصر، أستشاطت غضبًا من رؤيته بعد أن حبسها لتستدير غاضبة وحاولت فتح الباب ليتحدث “جين” بنبرة جادة غليظة كأنه غاضيًا منها وقال:-
-لقد أخبرتك أنه تم فتح الباب الأمامي فقط
ألتف “جمال” غليها بعد أن سمع صوت “جين” فرأها تحاول فتح الباب وقبل أن يتحدث تمتمت “حنان” بنبرة خافتة له قائلة:-
-من الصبح وهى بتحاول تخرج عشان تروح للحصان بتاعها
دلف إلى غرفة المكتب مُتجاهلًا إياها وفور أن اغلق باب المكتب تحدث مع “جين” قائلًا:-
-جين يمكنك فتح الأبواب
أجابه جين بأنه فعل هذا وفور جلوسه على المكتب المصنوع من الزجاج عرض “جين” له ما حدث فى غيابه وكيف كلقطة سريعة لكن “جمال” تجاهل الأمر وهو لا يهتم بما فعلته فى غيابه…
ضغط على زر موجود فى بجوار مكتبه لتدخل له “حنان” أولًا فقال بجدية:-
-أبعت لي سارة يا حنان وفنجان قهوتي؟
أومأت إليه بنعم ثم خرجت من المكان…
______________________________
أخذت الخادمة “مريم” إلى الأسطبل وفور رؤية “حاتم” لها مُصابة أحضر “إيلا” من أجلها إلي حيث تقف، ظلت تربت بيدها على عنق فرستها الجميلة ثم قالت:-
-أسفة علي التأخير
أصدرت فرستها الصهيلة بينما تخفض رأسها إلى فخذ “مريم” المُصاب بعد أن لاحظت طريقة مشيها فتبسمت “مريم” بعفوية على صديقتها ثم قالت:-
-متقلقيش حاجة بسيطة
قالتها ثم قبلت رأس فرستها فحاولت الصعود على ظهر “إيلا” رغم أصابتها فكادت أن تسقط للخلف بسبب فقد توازنه لكن سرعان ما شعرت بيد تحيط خصرها وترتطم بجسد صلب من الخلف لتدير رأسها سرعان وكان شاب فى أول الثلاثينات أصلع الرأس وبجسد رياضي طويلًا، ليقول:-
-أساعدك!!
تنحنحت بحرج وقبل أن تجيب عليها حملها من خصرها ليضعها فورق ظهر “إيلا” وقال بلهجة رسمية:-
-أنا حسام الحارس الشخصي بحضرتك
أشاحت بنظرها بعيدًا عنه غاضبة من “جمال” فهى أخبرته بأنها لا تريد شيء منه ثم أعطت الإشارة إلى “إيلا” بأن تتحرك بها حتى تنفث هذا الغضب الموجود بداخلها..
تأفف “حاتم” من تصرفاتها التى ستجلب له المشاكل وتوقعه فى غضب سيده من ركوبها للخيل مساءًا وأيضًا وهى مصابة فأتجه إلى القصر كي يقابله، وصل وأخبرته “حنان” أن ينتظر قليلًا حتى ينهي “جمال” الحديث مع “سارة”…
خلف الباب كان جالسًا على مكتبه وأمامه “سارة” مُستغربة طلبه لرؤيتها فقال بجدية:-
-سألت نفسي كتير، أشمعنا مريم بالذات اللى مُختار وثق فيها وخلاها على ذمته سنة ونص فى حين أنه مبيكملش أسبوع فى أى جوازه بسبب علاقاته النسائية الكثير، زى بالظبط ما سالت نفسي فيكي أيه خلي مُختار يثق فيكي الثقة العمياء اللى تخليه يتأمنك على مراته …
رفعت “سارة” نظرها غليه بثقة ثم قالت:-
-مريم غير الكل، بنت ريفية طيبة وأتربت وسط ناس محترمين غير كل البنات اللى حضرتك بتشبهها بيهم ودا كفيل أن مختار بيه يثق فيها، يمكن حسبها وعدم أختلاطها بالناس السبب..
تقدمت “جمال” إلى الأمام قليلًا ووضع يديه الأثنين فوق المكتب بجدية وعينيه تحدق بعيني “سارة” بجدية كأنه يريد أن يقرأ رد فعلها بعد سؤاله الذي لفظ به هاتفًا:-
-طب وأنتِ؟
-والله اللى أعرفه أنه طلب مربية من مكتب الخدم اللي كنت بشتغل فيه وبعتوني
قالتها بهدوء شديد دون ان تظهر أى تعابير على وجهها فأومأ “جمال” لها ثم قال:-
-نظرية بردو، جايز… أستعدي لأن راغب فى الطريق عشان نفتح الوصية لأني مليت من شوفتكم فى قصري
وافقت على طلبه ثم خرجت لتدخل “حنان” إليه وتخبره بطلب “حاتم” لرؤيتها فوافق وعقله لا يتوقف لوهلة عن التفكير فيما تسعى إليه “سارة” ربما سبب بقائها على أتصال بـ “مُختار” بعد كل هذه السنوات حتى جلبها إلى “مريم” سبب قوي وسيعرفه عاجلًا أم أجلًا فبعد أن عرف حقيقتها أصبحت هى الأخرى موضع أشتباه فى أختفاء أخاه…
دخل “حاتم” ووقف أمام “جمال” متشابك اليدين أمامه بحرج ثم قال:-
-أعذرني يا جناب البيه على أزعاجك..
-أدخل فى الموضوع يا حاتم؟
قالها بنفاد صبر وهو الآن يصارع عقله وأفكاره الكثير ليتابع “حاتم” بخوف من غضب هذا الرجل:-
-الهانم الصغيرة ركبت إيلا من ساعة ورافضة النزول مع أني والله قولتلها أن ممنوع وحضرتك مانع دا لكن هى ركبت دماغها، أنا بس قولت أبلغ حضرتك لأنها واضح أنها مصابة ولو وقعت …..
أشار “جمال” له بنعم بعد أن فهم سبب خوف “حاتم” من أن يصابها مكروه ويتأذي هو، وقف “جمال” من مكانه وأنطلق للخارج مع “حاتم” حتى وصل للسياج ورأها هناك تتطاير مع فرستها كأنها تخرج كل الغضب الذي كبحته بداخلها طيلة اليوم بعد أن عاقبها، توقفت رويدًا رويدًا بعد أن رأته يقف كالجبل حادقًا بها بنظرات مُخيفة ويضع يديه فى جيب بنطلونه، وصلت “إيلا” أمامه لتقول “مريم”:-
-فى أيه؟
-شايفاكي بتتخطي قواعدي وقانوني كأنك مُشتاقة لحمزة مثلًا
قالها بتهديد واضح إذا تخطي قواعده داخل قصره سيعطيها لـ “حمزة” بنفسه فأزدردت لعابها بخوف من الذهاب إلى هذا الرجل ثم قالت:-
-بتهددني..
رفع حاجبه إليها بمعني أن تسميه ما تريد لكن لا تجرأ على كسر قاعدة واحدة داخل قصره وتصنع منه أضحوكة أمام عماله… أخذ “إيلا” إلى غرفتها الخشبية داخل الأسطبل وهى ما زالت فوقها وبعد أن أدخلها قال:-
-ممكن تفضلي معها هنا أو تنامي معها أعتقد أنه مش غريب عليكي لكن ركوب خيل بليل ممنوع والمرة دى أنا اللى قولتها بنفسي جربي تكرريها مرة تانية ومتلومنيش يا مدام مريم
أستشاطت غيظًا وغضبًا منه كأنه يهينها ويذكرها بالماضي وأنها من الأساس لم تخلق كسيدة قصر، ألتف كي يغادر لكن أستوقفه صوت فرستها وأنين ألمها، ألتف ليراها تحاول النزول عن ظهر “إيلا” التى بدأت فى الجلوس لأجلها، تأفف بضيق شديد سمعت “مريم” أفافته من محله، ثم أقترب نحوها وحملها من أسفل ذراعيها عن ظهر “إيلا” لتقاومه بغضب وعيني دامعة بسبب حديثه ليفقد توازنه مع مقاومتها وسقطت أرضًا فوق العشب الموضوع من أجل طعام الحصان وهو فوقها، فتحت عينيها ببطيء شديد وخوف من أن يعاقبها مرة أخرى لتتقابل عيونهما معًا فأزدردت لعابها من التوتر بسبب هذا الدفء الذي تشعر به بقرب هذا الرجل منها، تمامًا كما أخبرت “سارة” من قبل فهو دافئ يربكها ويجعل القشعريرة تسير فى جسدها كاملًا، رمق “جمال” عينيها الذهبيتين وأنفاسها الدافئة تضرب وجهه ولحيته فأبتعد عنها سريعًا بغضب أكثر ثم قال:-
-كرريها مرة تاني يا مريم وأنا اللى هسلمك لحمزة بأيدي
غادر من الغرفة غاضبًا لتدخل الخادمة من أجلها ورأتها تجلس على الأرض وقد ذرفت دموعها، ساعدتها على الوقوف وأخذت بيدها للقصر ومع وصولها رأت “راغب” يدخل القصر كي يستعد لقراءة الوصية وأخذتها “حنان” إلى المكتب بناءًا على طلبه وكان هناك “جمال” و”شريف” و”راغب” و”سارة” لتجلس على مقعد بجوار “سارة” وتشبثت جيدًا بها بخوف، فتح “راغب” الظرف بهدوء ليخرج منه بطاقة ذاكرة وقال:-
-الوصية دى انا أستلمتها من أستاذ مختار من سنة تقريبًا بعد جوازه من مريم بستة شهور وقالي أن لو طال فى عمره بعد ما تكمل مريم الخمسة وعشرون هيغيرها وبما أن أمر الله قد نفذ فهذه هي وصيته…
وضع “راغب” البطاقة فى الشاشة المعلقة أمامهم ليظهر “مُختار” وبعد بدأ الفيديو أستمع الجميع إلى الوصية بتركيز:-
-أنا مختار المصري، بسجل الوصية دى وأنا فى كامل قواي العقلية ومش سكران يا جمال بالعكس، ما دام بتسمعوه الفيديو دا يبقي أنا جرالي حاجة أكيد وأنتقلت للأخرة، مريم وصيتك يا جمال
أغلق “جمال” قبضته بغضب بركاني أشتعل للتو بداخله ويحاول جاهدًا فى كبحه ليتابع “مُختار” قائلًا:-
-أنا عارف أنك شلت عني كثير يا جمال وأستحملت من نزواتي وقرفي أكتر لكن أعتبر دى أخر حاجة تقدمها ليا، لأاخوك العاق اللى كان حمل وثقل عليك.. مريم تحت وصيتك لحد ما تكمل الـ 25 سنة ساعدها تتعلم وتكمل عشان تقدر تقف على رجلها وتتخلص من عبودة حمزة ليها، أنا سبت لها 5٪ من أسهم الشركة بأسمها ولحد ما توصل للسن دا هم تحت سيطرتك، عارف قد إيه الشركة بالنسبة لك مهمة وعشان كدة سيبت لها ورثها مني فى الشركة وبكدة هتكون مجبر عليها وعلي قبول وصيتي
-دا اللي كان ناقصني منه
قالها “جمال” بضيق شديد بعد أن وقف من مكانه كي يغادر لكن أستوقفه صوت “مُختار” الذي يكمل سرد مصائبه :-
-نيجي لباقي أملاكي اللى أكيد بتسأله سبتها لمين؟ العربية والكازينو والنادي الليلي وحسابي فى البنك وال20٪ من نصيبي في القصر كل دول سيبتهم لسارة مربية مريم وابنها حازم أو بالأحري زوجتي الأولي..
للحظة توقف العالم بـ “مريم” التى سمعت هذه الكلمات بصدمة ألجمتها وسحبت يدها من يد “سارة” مصدومة مما سقط عليها كالجمر الناري المُلتهب الذي أكل عقلها فى هذه اللحظة، نظر “جمال” نحوها فما كان يفكر كثيرًا فى إخبارها له وما سأل “سارة” عنه قاله أخاه بكل ثقة كالقنبلة الذي ألقاها عليهم، رأى وجه “مريم” والصدمة التى احتلتها لا يعلم أهو سبب خسارتها لكل هذه الأملاك من الورث أم لأنها أكتشفت أن من وثقت بها وأعتبرتها ام لها هى زوجة أخرى لزوجها؟، تابع “مُختار” بجدية أكثر:-
-متتخضيش يا مريم سارة فعلًا درتك ووجودها معاكي كل دا كان أفضل طريقة عشان تكون قريبة مني وحازم ابني ودا سبب كافي أنك متورثش يا جمال لكن بما أنك دايمًا شايل مسئولية أخطائي ونزوتي فسيبت لك باقي أسهم الشركة ملك لكي، ببساطة اعتبره شكر على كل اللي عملته ولسه هتعمله عشاني لأنك متستاهلش أن حد يشاركك فى الحاجة الوحيدة اللى تعبت فيها وكبرتها بنفسك ومجهودك… راغب دي وصيتي ولازم تتنفذ …
أنهت الفيديو لينظر “راغب” إلى الجميع و”شريف” الذي صُدم بكون “مريم” التي لطالما أراد طردها والآن أصبح هو الواصي عليها بعد وفاة زوجها…
تمتمت “مريم” بنبرة خافتة وصوت مبحوح يخشي الخروج من أحبالها الصوتية بسبب الصدمة قائلة:-
-يعني هو مكنش ملمسنيش عشان أنتِ موجودة..
نظرت “سارة” لها ثم وقفت أمامها وحاولت لمس يديها بلطف ثم قالت:-
-أهدئي يا مريم أنا هفهمك كل حاجة…
صرخت “مريم” بأنفعال شديد لا تتحمل كم الغدر التى تأخذه كالجرعات من البشر وأبتعدت عنها بعد أن سحبت يديها من قبضتها وقالت:-
-هتفهمني أيه؟ أن حتى أنتِ كنتِ كذبة، كنتِ بتقعدي معايا وتأخدني فى حضنك عشان بس تخبي علاقتك بجوزى قصادي… كنتِ خديه من الأول وأنا معتبرتهوش جوز ليا لكن متأذنيش أنا، أنا أذيتك فى أيه عشان تأذينى وتغدري فيا كدة، أذيتك في أيه؟ وأذيت حمزة فى أيه؟ أذيتكم فى أيه عشان توجعوني والله لو أذيتك لأتحمل أذيتكم لكن أنا الغبية اللى وثقت فيكم وصدقتك… أنا كنت صدقتك وأعتبرتك أم ليا…
أقتربت “سارة” منها بهدوء وهى ترى دموع هذه الطفلة لتعود “مريم” للخلف بعيدًا عنها وقالت:-
-متقربيش مني!! انا مش عايزة أسمع منك حاجة؟ أى حاجة هتقوليها هتكون كذبة جديدة..
بدأت ترتجف رعبًا وخوفًا من هؤلاء البشر الذي لا يفعلون شيء لها سوى الغدر مقابلة برائتها وحزنها فقالت بتمتمة وصدمة تملكتها كاملًا :-
-حتى هو وثقت فيه وفى طيبته وغدر بيا، أنتِ أكتر واحدة واحدة هو أذاني أزاى حتى هو ضحك عليا بالطيبة والحنية وغدر فيا، ولا دى كمان كانت من مخططاتك معه..
قاطعتها “سارة” بصدمة ألجمتها مما تتفوه به “مريم” وقالت بسرعة تنفي مشاركتها فى جريمته وقالت:-
-لا والله مستحيل يا مريم، أنا مستحيل أشاركه فى أغتصابك وأذيتك أنا حبتك بجد…
أتسعت أعين الجميع بعد كلمات “سارة” فهل حاول “مُختار” أغتصابها رغم كونها زوجته، صرخت “مريم” بصدمة أكبر وقالت:-
-حبتيني كلكم حبتيه هو الحب يعنى الأذية!!
ألتفت غاضبة إلى “جمال” رغم أرتجافها ورعشتها فوقفت أمامه وقالت:-
-قولتلي أنك هتسلمني لحمزة، أتصل بيه خليه يجي يأخدني، على الأقل الغدر منه أرحم من الغريب، أن الكل بيأذوا فالأذية منه أهون… أتصل به خليه يأخدني حتى لو هيموتني أنا أصلًا تعبت من الكل
لم يجيب عليها بل ظل صامتًا فأستدارت إلى “شريف” الواقف بجواره ومسكت يديه الأثنين بترجي وقالت:-
-أتصل أنت بيه قولوا أنى هروح معه وهو هيجي علي طول……..
لم تكمل كلماتها فسقطت فاقدة للوعي أمام الجميع فتشبث “جمال” بجسدها الذي فقد كل طاقته وكانت باردة كالثلج لينادي على “حنان” فأخذتها مع الخدم إلى غرفتها، ألتف لكي ينظر إلى “سارة” التى أسرعت معهم فمسك رسخ يدها وقال:-
-على فين؟
-سبنى أطمن عليها
قالتها بجدية صارمة ليقول بغضب سافر مما يحملوه بداخله بعد هذه الوصية التى جعلت فتاة تحت وصيته والآن سيدة وابنها سيعشون فى قصره :-
-نصيحة متقربيش منها
أتسعت عينيها على مصراعيها من أمره الذي ألجمها وعقد لسانها فى محله….
___________________________
أتجه “شريف” إلى المطار صباحًا من أجل أحضار السيدة “ولاء” والدة “جمال”، خرجت من المطار سيدة فى أول السبعينات لكنها مقارنة بهيئتها فهى فى أول الأربعينات، امرأة تهتم بالموضة كثيرًا والزينة وعمليات التجميل، أخذ “صادق” الحقائب منها وفتح له باب السيارة الخلفي لتصعد بها وأنطلقت السيارة بها…
___________________________
” قصـــــــر جمـــال المصــــري”
عاد “جمال” من الخارج بعد إنهاء جولة الركض بملابسه الرياضية فأستقبلته “حنان” بزجاجة مياه باردة، سألها وهو يصعد الدرج بجدية:-
-لسه ما فاقتش
أجابته “حنان” بنبرة قلق على هذه الفتاة:-
-أعتقد أن الصدمة كانت كبيرة عليها، فاقت من ربع ساعة ومن ساعتها مستخبية فى الحمام لدرجة أن نانسي الخادمة اللي قاعدة معها فى الأوضة سمع صوت عياطها، حاولت سارة تدخل أوضتها لكني منعت حسب تعليمات حضرتك
أومأ إليها بنعم وقد وصل للردهة ليري “سارة” فى هيئتها الجديد بعد أن اصبحت مالكة لجزء فى هذا القصر وعلم الجميع بأنها زوجه “مُختار” كانت ترتدي فستان أحمر يصل لركبتها بكم واحد وذراعها الأخر عاري تمامًا ونزعت حجابها التى استخدمت كقناع حتى تخفي حقيقة كونها فتاة ليل تزوجت بأخاه من الملهي الليلي والآن أصبح تملك أكبر ملهي ليلي وتديره فكيف ستفعل هذا بحجابها لتسدل شعرها الأسود القصير الذي يصل لعنقها بحرية وترتدي كعب عالي أسود، لم يُدهش “جمال” كثيرًا فما سمعه عنها جعل الصدمة اقل بكثير على عقله، تقف أمام غرفة “مريم” تحاول أن تتحدث معها ليمر “جمال” من جوارها وقال بسخرية:-
-هتقوليلها أيه بمنظرك دا؟!
ألتفت “سارة إليه بضيق شديد وقالت:-
-ميخصكش وما دام شايفني بالوقاحة دى فأفتكر أني مرات أخوك اللى هى مش مريم خالص
لم يجيب عليها ودلف إلى غرفته كي يبدل ملابسه ويستعد لمقابلة والدته، أرتدي بنطلون أسود وتي شيرت سماوي اللون وصفف شعره للأعلي ثم خرج من غرفته وكانت “نانسي” الخادمة تدخل للغرفة بصينية الفطار وقبل أن تمر ثواني سمعها تصرخ وتكسر الأشياء، دلف للغرفة ورأها تجلس على الأرض منكمشة فى ذاتها لا تقبل شيء من أى شخص كأنها حرمت على نفسها التعامل مع البشر وأعتنقت الوحدة حتى تلفظ نفسها الأخيرة وتموت، أشار إلى “نانسي” بأن تذهب لتخرج وتتركه فقال بجدية:-
-أنتِ فعلًا وثقتي فيها للدرجة دى؟
رفعت نظرها إليه بحزن وإنكسار ليرى ملامح وجهها شديدة الأحمرار وعينيها تبكي دون توقف ومنتفخة من كثر البكاء وأنفها تسيل مع دموعها رغمًا عنها، لم يرى طيرًا مكسور مثلها من قبل فتابع حديثه القاسي بنبرة أكثر حدة كأنه أراد أن تواجه العاصفة بدلًا من أن تختبي منها هنا:-
-معرفش أزاى وثقتي فى حاجة من طرف مُختار لكن العياط والبكاء هنا هيعملوا أيه؟ هيصلحوا اللى حصل ولا هيغيروا القدر، ما تقومي تخرجي كدة وشوفيها برا وهى متلونة على أنها سيدة القصر بعد ما قلعت القناع اللي أنتِ قاعدة تبكي عليه
لم تتحرك من مكانها ليتأفف بضيق شديد ثم أقترب منها بأختناق من أستسلامها للخيبة والهزيمة كأنها تقبل بتعرضها للظلم، حملها على ذراعيه بالقوة ونزل بها للأسفل حتى يجعلها ترى “سارة” فى هيئتها الجديدة لكنه لم يجدها نهائيًا فصرخت به بضيق:-
-أبعد عني، نزلني
لم يفلتها لتنزل قدميها عن ذراعيه مما أفقده توازنه وجعله يتشبث بخصرها جيدًا حتى لا تسقط على قدمها المصاب لكنها لم تستسلم لقوته البدنية وعضت عنقه بقوة ليسقط بها على الأريكة مُتشبثًا بها وتلامست شفتيهما معًا ليتوقف الوقت بهذه اللحظة على الأثنين من الصدمة….
__________________________________
كانت “ولاء” تعرف بكل شيء يدور فى القصر أثناء وجودها فى لندن ربما من الخدم، فقالت بقلق:-
-البنت دى جميلة؟
أجابها “شريف” بنبرة خافتة مؤكدًا على جملتها أثناء جلوسه فى السيارة بجوار السائق:-
-جميلة جداً
عقدت “ولاء” ذراعيها أمام صدرها بغرور ورفعت راسها بشموخ للحظات ثم قالت بثقة:-
-أكيد جميلة وألا مكنش البيه ابني اتجوزها..، أوصفهالي
صمت “شريف” قليًا يفكر كيف يصفها وعينيه تتذكر وجه “مريم” الجميل ثم قال بهدوء:-
-صدقيني يا هانم لو جمالها ينفع يتوصف بالكلام لقولت أنه يدوب قلوب الرجالة ويسرق عينيهم، ولو كان كل اللى يهم أى راجل فى الدنيا هو جمال الست لأقسمت لك أن مريم كفيلة أن كل راجل يشوفها يحارب عشان يطولها.. أنا لما بشوفها بخاف لتسرق قلب جمال بيه بجمالها لكن برجع أطمن أن مش هيحصل لأنه بسبب عمايل مختار وبفضله مستر جمال كاره أى ست جميلة
-إذن هي جميلة بالقدر دا
تبسم “شريف” بلطف وقال:-
-هتشوفيها يا هانم بمجرد ما هنوصل على القصر
وصلت السيارة للقصر وترجلت منها “ولاء”أولًا فهندمت ملابسها بوقار ودلفت للداخل تحت أنظار الخدم وترحيبهم بوصول والدة” جمال” وقبل أن تتحدث “حنان” مرحبة بها قاطعتها “ولاء” عندما رفعت يدها أمام وجهها تسكتها وعينيها مُتسعة على مصراعيها من الدهشة بسبب ما تراه وعينيها لا تفارق “جمال” وهو نائمًا على الأريكة وفوقه “مريم” مُلتصقان ببعضهم كأنهم جسد واحد وشفتيهم تقابلت فى قبلة ناعمة ويديه تحيط خصرها النحيلة ولا يشعران بشيء ولا عما يدور حوالهما وهى لا تقوى على تميز ملامحها بسبب شعرها المُنسدل على الجانبين يحيط بوجهها ويداعب لحيته وشعرات ذقنه…
أنتفضت “مريم” بكيانها وروحها من هذا التلامس الذي لا يمسي بقبلة لكنه كفيلة بأرباك قلبها وعقلها على عكس “جمال” الذي كاد أن يفقد عقله من الغضب بسبب هذه اللامسة، قاطع صدمتهما صوت “ولاء” تقول:-
-والله مكنتش أعرف أن دا اللي شاغلاك يا جمال بيه
دفعها بقوة بعيدًا عنه بعد أن سمع صوت والدته التي رأته فى هذا الوضع، سقطت “مريم” أرضًا وأرتطم فخذها المًطاب بحافة الطاولة لتصرخ بألم لكنه لم يبالي بشيء ويحدق بوجه زوجته، أشار “شريف” للخادمة بان تساعدها وهو لم يقل صدمة عن والدته عندما رأه فى هذا الوضع، أسرعت”نانسي” إليها وأخذتها للغرفة وعيني “جمال” تتجول هنا وهناك بحرج من والدته لينتبه إلى بقعة الدم الذي لوثت السجادة من قدمها حتى يدرك فعلته…
جلس مع والدته وأعطاها نسخة من الوصية وهو يقول بضيق:-
-دى أفعال ابنك حتى بعد مماته
تحدثت “ولاء” بصدمة ألجمتها مما سمعته للتو هاتفة:-
-يعنى مختار متجوز أتنين وعنده ولد..
قال “جمال” بسخرية بعد أن وقف من محله:-
-حفيدك من عاهرة يا مدام ولاء
قاطعه “شريف” بنبرة خافتة يقول:-
-لكن سارة ست متدينة
قهقه “جمال” بسخيرة شديدة وهو يتذكر رؤيته لها صباحًا وقال:-
-أستعد يا شريف عشان تشوف الشيخة طاهرة فى هيئتها الجديدة
غادر المكان غاضبًا مما جعل “شريف” يتسائل ماذا فعلت “سارة” بهيئتها ونظر إلى “ولاء” بقلق مماثل من الطرفين…
يتبع…
جلست “مريم” على الفراش باكية بعد أن بدلت ملابسها وأرتدت فستان قطني فضفاض قصير وجلست “نانسي” الخادمة أمامها تطهر لها الجرح بلطف ومريم لا تعري أهتمام كبير بما يحدث، رفعت “نانسي” نظرها إلي وجه “مريم” ثم قالت:-
-متعيطيش، أنا معرفش اللي حصل غير اللى كل الخدم بيقولوا أن مربيتك طلعت درتك لكن قوليلي العياط هيصلح حاجة
نظرت “مريم” لها بصمت لتتابع بخفوت شديد:-
-أعذرني فى كلامي لو تخطيت الحدود لكن عياطك هيخلي الكل يقسى عليكي، أجمدي وأقفي وقولي لا واللى معجبكيش متقبليش بيه، اه بتوجع الثقة لما بتتكسر لكن صدقني لما تشوفي مربيتك الغالية فى شكلها الجديدة هتعرفي أن محدش أدس عليه غيرك…
تساءلت كثيرًا ماذا بها “سارة” ليخبرها الجميع أنه يجب أن تراها حتى تكفي عن البكاء وتستجمع شجاعتها لتُصدم عندما فتح باب الغرفة على سهو ودلفت “سارة”، أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها وهى لا تصدق ما تراه وكيف لامرأة محجبة أن تتعري هكذا وتصبح تشبه عارضات الأزياء بمساحيق التجميل وملابسها الغالية لتقول:-
-فهمت!!
كادت “سارة” أن تتحدث لتاقطعها “مريم” بنبرة غليظة قوية:-
-أطلعي برا، أنا مش عايزة أشوفك ولا أسمعك؟ لأن مهما كان اللى هتقوليه فهو كدبة كبيرة زيك بالظبط
-مريم انا
قالتها بلطف لتقفها “مريم” بالوسادة الموجودة على الفراش بانفعال شديد وغاضب سافر ثم قالت:-
-أوعي تنطقي أسمي على لسانك، أطلعي برا
خرجت “سارة” من الغرفة غاضبة من تصرف “مريم” ثم أتصلت بنفس الرقم المجهول وأول كلمة قالتها:-
-لازم تيجي والنهار دا؟ وإلا كل اللى خططنا له هيبوظ
_________________________
“شــــركـــــة الجمـــال جي أند أم للألكترونيات”
دلفت “أصالة” بفنجان القهوة ووضعتها على المكتب أمامه بينما هو مُنغمسًا فى عمله على الشاشات الألكترونية باللمس، قالت بلطف ونبرة رسمية:-
-أى أوامر تانية يا مستر جمال
-لا يا أصالة
قالها بلا مبالاة وعينيه تنظر إلى الشاشة فسارت بخطواتها نحو الباب، توقف “جمال” لبرهة من الوقت وقال بجدية:-
-أصالة!
ألتفت غليه بجدية قبل أن تخرج وقالت:-
-تحت أمرك يا مستر جمال
تنحنح بحرج ثم قال بتوتر على غير المعتاد:-
-ممكن أطلب منك طلب شخصي شوية يحق لك الرفض طبعًا لأنه خارج وظيفتك
عادت بخطواتها إلى المكتب أمامه وقالت بترحيب شديد لطلبه قبل أن تعلم ما هو:-
-تحت أمرك يا مستر جمال، من غير ما أعرف موافقة أكيد لأن عملية مامتي مكنتش من نطاق وظيفة حضرتك كرئيسي فى الشغل.. أتفضلي
تنحنح بأمتنان على مساعدتها وقال بجدية:-
-عاوزة تعرفي المطلوب لو فى حد خرج من ثانوية عامة فى ثانية سنة وحابب يكمل، وحاجة كمان لو ممكن تروحي القصر وتأخدي مريم بنت صغيرة عاوزاك تساعديها تشتري هدوم ومستلزمات البنات اللى ممكن تحتاجها اى بنت
أومأت إليه بنعم بترحيب شديد ثم قالت:-
-دى حاجات بسيطة جدًا يا مستر جمال فى وقت تحبي أنا فاضية بخلاف مواعيد شغلي هنا
-ممكن تأخدي إجازة فى أي يوم اتفاقي مع شريف أكيد مش هأخد منك إجازتك الأسبوعية وأبوظ خططك
تبسمت بعفوية ثم رحلت من أمامه، ألتقط هاتفه من فوق المكتب وأتصل بـ “حنان” كي يطمن على هذه الفتاة التى أستسلمت للموت البطيء لكن قبل أن تجيب “حنان” أنهي الأتصال وترك الهاتف ليعود إلى عمله…
_______________________________
ترجلت “ولاء” من الأعلي وهي تنادي على “حنان” وتقول:-
-حنان هاتيلي كوباية شاى أخضر
وقع نظرها على “سارة” تجلس على السفرة وتتناول الغداء لتسير نحوها ثم قالت:-
-أنتِ سارة؟
تبسمت “سارة” بسخرية ثم قالت:-
-مكنتش أعرف أني مشهورة أوي كدة فى القصر دا
لم تتمالك “ولاء” غضبها من برود هذه المرأة وأستفزازها فى الرد وقالت:-
-كان لازم أتوقع وقاحتك بما انك من طرف مُختار
رفعت “سارة” نظرها بهذه المرأة وقالت بنبرة أكثر أستفزازًا وغضبًا:-
-لو على الوقاحة فأنتِ لسه مشوفتيش حاجة وواحدة زيك لازم تخلي بالها لأن أن مكر الحريم مخيف فخافي أكثر من مكر العوالم…
هنا فاض بـ “ولاء” الغضب اكثر لتبتسم ببرود شديد وأخذت طبق الحساء وسكبته فوق رأس “سارة” مما جعلها تنتفض من مكانها ذعرًا وفزعًا وقالت:-
-أنتِ أتجننتي
صفعتها “ولاء” على وجهها بقوة وقالت بتهديد واضح ولهجة قوية:-
-تاني مرة لما تتكلم معايا تتكلمي بأدب….
أقتربت “سارة” بوجه غاضب أكثر وكادت أن ترد الصفعة إلى “ولاء” ليوقفها صوت “جمال” الذي وصل للتو وقال صارخًا:-
-ساااارة
توقفت محلها حتى وصل أمامها وأنزل يدها بالقوة حادقًا بعينيها ليقول بنبرة تهديد:-
-جربي تعمليها مرة تانية وتسببي الإهانة لأمي وأنا هدفنك حية مكانك
كزت على أسنانها بضيق شديد مما يحدث ولا تنكر نهائيًا الخوف الذي أحتلها من نظرة عينيه التي تشبه الصقر الذي على وشك ألتهم فريسته فمرت من أمامه غاضبة كي تبدل ملابسها التى اتسخت بسبب هذه المرأة، ربتت “ولاء” على ظهره بلطف وقالت:-
-متقلقش يا جمال عليا، ومتتدخلش بينا إحنا أتنين ستات زى بعض وأنا هعرف أزاى أنتف لها ريشها دا ريشة ريشة…
أومأ إليها بنعم لتقول بعفوية:-
-عن أذنك بقي عشان أتاخرت على بيشوي الكوافير
مرت من أمامه وذهبت للخارج بينما صعد “جمال” للأعلي وبدل ملابسه الرسمية إلى تي شيرت أبيض وبنطلون اسود ثم وضع سترة قطنية سوداء وأغلق سحابها للنصف وأتجه للأسفل فرأي “حنان” تستقبله بفنجان قهوته السادة ليأخذه منها وقال:-
-شكرًا
أنتبه لكوب من العصير الطازج على نفس الصينية فقال:-
-مش عايز عصير
تبسمت “حنان” بلطف وقالت بحنية:-
-دا عشان مريم، أخيرًا خرجت من الأوضة بصعوبة من أمبارح وقدرت نانسي تقنعها تنزل تقعد فى الجنينة
نظر نحو باب الحديقة الزجاجية ثم وضع قهوته على الصينية وقال:-
-هاتهم على الجنينة يا حنان
خرج إلى الحديقة ليراها تجلس على الأريكة الأرجوحة فأتجهت “حنان” إلى الطاولة ووضعت عليها الصينية ثم رحلت ليجلس “جمال” على المقعد المجاور لها، أعتدلت “مريم” فى جلستها برفق فأنتبه إلى جرح قدمها بسبب ملابسها وفستانها القصير ليتحاشي النظر إليها وطلب غطاء من الخادمة التى تقف بعيدًا لتجلبه فى الحال، وضع الغطاء على قدميها وقال:-
-أنتِ كنتِ واثقة فى مختار لدرجة اللى تخليكي تثقي في واحدة هو جابها من طرفه
نظرت “مريم” له بصمت فأنحني قليلًا وأخذ فنجان قهوته وقال بهدوء:-
-أعتقد انك عارفة مين مختار حتى لو معرفة سطحية، لكن عمومًا دى مش مشكلتي وأنك تتجاوزى الصدمات والوجع اللى جواكي دي حاجة تخصك، لكن اللى يخصني وصيته حتى لو أنا مجبر عليها أول ما تقدري تقفي على رجلك عرفيني وقتها هرجعك لمدرستك وزي ما طلب هتكملي تعليمك وبعدها تقدري تمشي من هنا بمجرد ما تحسي أنك تقدري تقفي على رجلك بشهادتك وتتجاوزي حمزة وأى حاجة بتأذيك
وقف من محله وأخذ فنجان قهوته معه لكن أستوقفه صوتها بعد أن بعد عنها قليلًا عندما قالت:-
-موثقتش فيه، أنا وثقت فى الحب اللى اتقدم ليا منها، وثقت فى انه قادر يحمينى من قسوة حمزة وأنى طول ما كنت على ذمته مقدرش حمزة يلمسني بالأذي، لكن تخيل كل دا يطلع تمثيل، الرجل اللى كان حمايتك ووثقتك أنه على الأقل مش هيأذيك يقرر فجاء يتحول لوحش، أتخطي الأذي أنهي أذي المفروض أتخطاه ….
وقفت من محلها وسقط الغطاء عن قدميها لتستدير له ففعل المثل وألتف إليها كي تتقابل أعينيهما، دمعت عينيها بحسرة وهي ترى امامها شريط حياتها الأليم وقالت بنبرة خافتة مليئة بالألم والحزن:-
-أتخطي صدمتي فى إنسانة اعتبرتها أمي وصدقت خوفها وقلقها عليها وقت تعبي، ولا أتخطي لحظة ما أخوك قرر يغتصبني بقسوة هى وأصحابه عشان يعاقينى على حاجة معملتهاش…..
أتسعت عينيه على مصراعيها من كلماتها، لم يتخلي نهائيًا أن تصل قذارة أخاه إلى هذه المرحلة، فتحت سحاب فستانها القصير بألم أكبر ولتظهر ملابسها الداخلية وقالت بألم أكبر وصوت يكاد يخرج من فمها:-
-ولا أتخطي قسوة حمزة ليا..
أبتلعت لعابه بصدمة ألجمته ليس من جرائتها فى التعري أمامه وإظهار ملابسها الداخلية لكن من صدمة ما رأه بجسدها وكل هذه الندوب الموجودة به وكأن طعن “حمزة” لفخذها بالسكين ليس أول مرة بل عانت الأمر أكثر من مرة بعدد ندوبها، سقطت فنجان قهوته من يده أرضًا مع سقوط دموعها الحارة على وجنتيها، أقترب “جمال” منها بصدمة ألجمته وأغلق لها سحاب فستانها من جديد دون أن يتفوه بكلمة وألتف كي يغادر فأستوقفته عندما مسكت معصمه بلطف وقالت:-
-أستني لسه ما قولتلك عن وجع قلبي..
لم يتفوه بكلمة أمامها لكنه تحدث عندما أعطاها ظهره وقال:-
-تفتكري واحدة بتتعري قدام غريب متستاهلش اللى بيحصل فيها..
ضحكت بسخرية على رده وقالت بجدية:-
-إذن فى نظرك أستاهل دا… شكرًا لأنك أول واحد متتعاطفش معايا وتقول أنى أستاهل
ترك يده بهزيمة اصابتها ومرت من جواره كي ترحل وبدأت تسير طبيعيًا رغم ألم قدمها من الضغط عليه وهو يتابعها بنظره حتى سقطت أرضًا من شدة الألم وبدأت تجهش فى البكاء لتضع يديها الأثنين على وجهها تخفي دموعها بحسرة تملكتها حتى شعرت بدفء جسده عندما حملها على ذراعيه فأنزلت يدها عن وجهها وقالت:-
-نزلني، متلوثش نفسك بواحدة زي
لم يجيبها وأتجه إلى حيث غرفتها ومع دخوله للقصر رأى “سارة” تقف مع “حازم” ابنها طفل مراهق ربما بنفس عمره “مريم”، حدق الأثنين بهما فقالت “سارة” بسخرية:-
-حازم ابن أخوك… عمك جمال ودى .. دى مريم
تبسم “حازم” بعيني إعجاب عندما أقترب لكي يصافحها متجاهلًا “جمال” وقال:-
-سمعت عنك كتير لكن تعرفي أنك أجمل بكثير من اللى قالوا عنك
أدارت “مريم” رأسها للجهة الأخري لتقابل وجه “جمال” وكزت على أسنانها ليعلم أنها غاضبة مثله تمامًا، أخذها إلي غرفتها وهو لا يتحمل ما يحدث فى قصره، ألقي بها فى فراشها بغضب شديد حتى دون أن ينحني لترتطم بالفراش بألم وقال:-
-لو عاجبك دور الضحية كملي فيه لاقية عليكي
غادر الغرفة غاضبًا ومن هذه اللحظة لم يراها هو أو “سارة” ولا حتى والدته، لم يلمحها فى القصر أحد غير “نانسي” التى تدخل لغرفتها تعتني بها وبجرحها حتى مر أسبوعين تقريبًا و”نانسي” تنقل أخبارها وأحوالها إلى “حنان” ومن “حنان” إليه، كان “شريف” يعلم ان هذه طبيعته فلم يهتم لرؤيتها أو لما تفعله، عندما أخبرته “حنان” أنها أصبحت بصحة جيدة طلب من “أصالة” الحضور إلي قصره من أجل ما طلبه….
فتحت “نانسي” باب الغرفة ودلفت مع “أصالة” لتراها جالسة فى الشرفة صامتة فتبسمت “أصالة” بلطف ثم قالت:-
-صباح الخير
نظرت “مريم” إلى هذا الصوت الأنثوي الجديد على مسمعها لترى “أصالة” تقف جوارها مُبتسمة بعفوية فنظرت إلى “نانسي” الذي قالت برحب وسعادة:-
-أصالة سكرتيرة مكتب جمال بيه فى الشركة وجاية عشان تأخدك فى جولة هتعجبك وتشتري كل اللة هتحتاجي عشان دراستك وحياتك
-أنا مش عايزة حاجة منه
قالتها “مريم” بضيق شديد فجلست “أصالة” على ركبتها بسعادة وأخرجت لها البطاقة البنكية السوداء الخاصة بـ “جمال” التي تركها لـ “أصالة من أجل جولتهما وقالت بسعادة:-
-تحبي أعرفك متعة الفيزا دا!! صدقني فيها مُتعة غريبة ولازم تجربيها
أخذتها فى بداية الأمر بالقوة بسيارتها ورافقهما “حسام” حارسها الشخصي الذي جلس فى الخلف، بدأوا جولتهم بتناول الطعام فى احد مطاعم الدجاج المقرمش وهناك بتدأ “مريم” ببرائتها التخلي عن حزنها قليلًا ثم أتجهوا إلى احد المراكز التحارية وتقريبًا لم يتركوا محل دون أن يشتروا منه أحذية كثير بماركات عالمية وملابس كلاسيك وكاجوال ورسمية وأيضًا ملابس للسهرة وفساتين أكثر جميعها من علامات تجارية والقليل من المجوهرات الثمين كعقد يليق بعنقها وخاتم لسبابتها الأيسر وأكثر من حلق أذن، حقائب تليق بسنها الصغير والذهاب من أجل الجامعة لاحقًا، كانت “مريم” فى بداية الأمر مصدومة من الأسعار التى تسمعها ورفضت شراء البعض لكن تبسمت “أصالة” لها وقالت:-
-دا سحر فيزا مستر جمال ولسه
أتجه إلى محل ألكترونيات وهناك أختارت “أصالة” بمهارة جميع منتجات شركته كم هاتف وتابلت ولاب توب وأيضا سماعات الرأس وسماعة البلوتوث والساعة التي تتصل بالهاتف وعندما سمعت “مريم” المبلغ رفضت لكن بسمة “أصالة” كانت مٌختلفة عن قبل وأخبرتها أن هذا المحل ملك لشركتهما، طلبت من “حسام” أن يأخذ الأغراض إلى القصر بيما هم سيدخلون إلى صالون التجميل وسيبقون هناك لساعات، بدأت بجولة الشعر ليقترح عليها المصفف أن تقصر شعرها قليلًا حتى يظهر جمالها فقالت “مريم” بحزن شديد بسبب حبها لشعرها:-
-لا متقصوش
أومأت “أصالة” له بنعم فأكتفي بقص الأطراف فقط وثم بدأت جولة تنظيف البشرة وهنا رن هاتف “أصالة” من والدتها فخرجت للخارج واتصلت بـ “جمال” ثم قالت:-
-أنا أسفة والله يا مستر جمال لكن حضرتك عارف بحالة مامتي، أنا خلصت كل حاجة لو ممكن بحد تبعت حد يأخدها لأن حسام روح
طلب منها أن تذهب ثم أمر “صادق” الذي يقود السيارة بقرب منهم أن يذهب إلى هناك، أنهت “مريم” من جولتها لتقدم لها العامل الملابس التى تركتها “أصالة” من أجل “مريم” لتبدلها فى الحال وكانت عبارة عن فستان أسود يليق ببشرتها البيضاء يصل لركبتيها وبأكمام من الدانتيل مغلق الصدر تمامًا لا يظهر حتى عنقها وعقدها الجميلة الذي يشبه الزهرة وضعته العامل على عنقها فوق فستانها ليظهر بوضوح أكثر وجعلتها ترتدي كعب عالي فضي اللون ثم خرجت من الغرفة لتُدهش عندما رأته جالسًا على الأريكة فى أنتظارها، سمع صوت مديرة المكان تقول:-
-أكون مُمتنة لو قولتنا رأيك يا مستر جمال
رفع نظره للأمام مع صوت مديرة المكان ليُدهش مما رأه لقد تحولت الفتاة القروية إلى فتاة معاصرة وجميلة بل أصبحت أجمل من عارضات الأزياء وملكات الجمال اللاتي يراهن، أبتلع لعابه بتوتر من جمالها بينما تحاشت “مريم” النظر إليه بخجل شديد وبدأت عينيها تتجول فى المكان، تبسمت مديرة المكان عندما رأت الإعجاب فى عينيه، وقف من مكانه وقال:-
-أنتِ موهبة يا مدام
-لا مش بس موهبتي لكن خطيبة حضرتك هى اللى جميلة بالفعل
قالتها بأمتنان، تنحنح “جمال” بحرج شديد من تلقيبها بخطيبة له لكنه لم يعقب على جملتها وقال:-
-أسمحلنا نمشي
أومأت إليه بنعم فتقدمت “مريم” خطوتين وفى الثالثة كادت أن تسقط من الكعب الذي ترتديه لأول مرة وتفشل فى الحركة به لتتشبث بذراعه رغمًا عنها، نظر “جمال” لها نظرة غضب لتترك يده سريعًا وهى تستقيم فى وقفتها وتقدمت للأمام بخوف منه لكن كادت أن تلتوي قدمها مرة أخرى فتأفف بضيق ثم مد ذراعه غليه فنظرت مُطولًا إليه وقالت:-
-متتعبش نفسك أنا هقلعه
كادت ان تنحني كي تنزع الحذاء لكنه منعها بضيق وقال:-
-وهتمشي حافية
أخذها من ذراعها للخارج بلطف وصعدت بسيارته لأول مرة، أنطلق “صادق” بهما وعينيه لا تترك التابلت الخاص به يباشر عمله حتى فى سيارته، فتحت الهاتف الجديد وبدأت تتجول به ربما تتعلم أكثر به، ظل الصمت سيد المكان حتى وصلوا للقصر فترجل أولًا تاركها خلفه، نزعت حذاءها ذو الكعب العالي وترجلت من السيارة ثم دخلت إلى القصر وفور أن راتها “حنان” قالت:-
-أيه الجمال دا
تبسمت “مريم” بلطف على جملتها بينما أسرعت “نانسي” من الداخل نحوها وقالت:-
-بقيتي أحلي
ضحكت إليهم ثم أتجهت للأعلي بسعادة تغمرها من كلماتهما البسيطة التى أسعدتها، وصلت للردهة وهناك رأت “حازم” يخرج من غرفته وفور رأتها فتح فمه من الإعجاب بها وأقترب نحوها يطلق صافرته مُعجبًا بها لتتجاهله وأتجهت إلى غرفتها لكنه قاطع طريقها عندما وقف أمامها وقال:-
-يخربيت جمالك، أزاى واحدة فى حلاوتك تتجوز رجل عجوز وتتدفن الجمال دا كله
قال كلمته الأخيرة ويده بدأت تتحس ذراعها فدفعته “مريم” بغضب شديد بعيدًا عنها وهى تقول:-
-أياك تلمسني مرة تانية
أرتطم ظهره بالطاولة الموجودة وسقط الجهاز الألكتروني من فوق الطاولة بينما أشتعل غضب “حازم” من فعلتها وأنقض عليها…
_____________________________
كان “جمال” جالسًا فى غرفته السرية داخل غرفة المكتب ينظر بالأوراق التى تخص “سارة” حتى قاطعه صوت “جين” المتحدث الالي يقول:-
-لقد حدث عطل الجهاز الغربي
تعجب “جمال” جملته وفتحت الكاميرات الموجودة بالقصر على الشاشة المُعلقة فى الغرفة أمامه وصُدم عندما رأى “حازم” يحاول تقيبلها لكنها دفعته مرة أخرى وصفعته على وجهه مما أغضبه مرة أخرى، أغمض “جمال” عينيه بضيق شديد وأنطلق من مكانه إلى هذا الوغد وما يفعله داخل قصره….
_________________________________
قيد يديها الأثنين فى الحائط بيديه وأقترب من عنقها برأسه كي يقبلها لتصرخ “مريم” بأستغاثة وخرجت “ولاء” من غرفتها على صوتها بنفس اللحظة التى وصل بها “جمال” للأعلي، صُدمت “ولاء” مما تراه فى حين أن “جمال” أخذه من ملابسه بقوة بعيدًا عنها ولكمه بقوة لتركض “مريم” بعيدًا خوفًا مما تراه لتصدمها “حنان” بلطف بين ذراعيها ووقف الجميع يشاهدون “جمال” وهو يلكمه مرات متتالية حتى نزف وجهه دماء…
وصلت “سارة” للمنزل فجرًا عائدة من عملها فى إدارة الملهي الليلي ورات “جمال” جالسًا بانتظارها فى الصالون وأمامه “حازم” مُقيد بالحبال و”عاشور” يقف خلف “جمال” مع رجلين من الأمن فى أنتظار أمره…
تعجبت “سارة” مما يحدث فى أبنها وقالت بذعر:-
-ايه دا، أنت أتجننت مين سمح لك ….
قاطعها “جمال” يقول بجدية:-
-جين
فتحت شاشة التلفاز على مقطع من كاميرا المراقبة ويظهر أعتداء “حازم” على “مريم” لتُصدم “سارة” مما تراه ونظرت غلى ابنها بغضب سافر ثم قال:-
-أنا بعت الفيديو دا لراغب وأكد لي أنها قضية أعتداء وممكن يأخد فيها ثلاث سنين ودا لو قررت أن أعاقبه بالقانون مش بقانوني أنا اللى ممكن يوصلوا للدفن حي بعد ما أقطع أيده أو أخلي يعيش بس كواحدة ست زيك بالضبط لا مؤاخذة
-وما دام مبلغتش الشرطة يبقي عايز تساومني صح
قالتها بغيظ شديد فتبسم “جمال” بمكر ثم قال:-
-مريم تحت حمايتي وبغبائك أنتِ وابنك عقلكم صورلكم أن ممكن تأذوها
نظرت إلى ابنها المصاب ووجهه المليئة بالجروح وقالت بتوتر:-
-عايز ايه
رفع قدمه ليضعها على الأخري بغرور ثم أشعل سيجارته وكأنه يلتزم الصمت حتى يفقدها أعصابها أكثر وقال بجدية:-
-تتنازلي عن نصيبك فى القصر لأني بصراحة معنديش خلق أتحمل زبالة زيكم فى بيتي أنا كنت هعرض عليكي المبلغ اللى تعوزيه لكن أبنك سبق وحط نفسه تحت جزمتي اهرسه زى ما أحب
نظرت “سارة” إلى ابنها بضيق شديد مما وضعها به ووافقت على التخلي عن نصيبها ووقعت العقد ليتركها “جمال” ترحل مع ابنها الذي أخذ من نصيبه ما يكفي من لكمة “جمال”…
صعد “جمال” إلى غرفته وأتجه إلى المرحاض ليأخذ حمامه والمياه الباردة تسقط فوق رأسه ربما تهدأ من نيران جسده الذي يشتعل من الداخل بسبب جمالها الذي رأه وصورتها لا تفارق عينيه وذاكرته، هذه القبلة التى نالها منها دون قصد تحتل عقله ولا تخرج من داخله، ضرب الحائط بقبضته بقوة وهو يتذكر كيف تقرب هذا الشاب منها وحاول تقبيلها بالقوة، لا يعلم سبب غضبه وكلما رأها أشتعل الغضب بداخله، خرج من المرحاض مُرتدي بنطلونه وفي يده المُنشفة يجفف شعره لتتسع عينيه على مصراعيها عندما وجد “مريم” تقف بجوار باب غرفته فى انتظاره مُرتدية بيجامتها الفضفاضة عبارة عن بنطلون أزرق وبدي أبيض بحمالة فوقه سترة زرقاء مفتوحة وحافية القدمين، أبتلعت لعابها بتوتر شديد من رؤيته فأستدارت بخجل من صدره العاري وقالت بتلعثم:-
-والله مش شوفت حاجة… صدقنى والله ولا عضلات بطنك ولا الحسنة اللى على صدرك … اااه قصدى…
أغمضت عينيها بحرج من هذا الموقف فتنحنح بحرج وأتجه إلى فراشه وألتقط تي شيرته ولبسه بضيق من دخولها إلى غرفته دون أذن لتتابع حديثها بأرتباك وضربات قلبها تتسارع هاتفة:-
-أنا كنت .. .أصلًا … بصراحة يعنى… هو
هربت منها كلماتها بعد رؤيته، شعرت ببرودة جسده خلفها فأستدارت إليه وقدميها تعود خطوة للخلف لتصطدم بالباب بظهرها وأحمرت وجنتيها من الخجل، تقابلت أعينهما معًا لتشتعل نيرانه الذي أخمدها بصعوبة للتو بالمياه الباردة، تطلع بعينيها فى صمت ثم أخفض نظره إلى شفتيها الصغيرتين، شعرت “مريم” بضربات قلبها تتسارع بجنون وأوشكت على الهزيمة أمام هذا الرجل القاسي لكنه دافئ كفاية حتى يربكها ويحتلها، نظرت إلى عينيه المُثبتة على شفتيها وهى تعلم بأنه الآن يريد تذوقهما وألا لما يلتهمهما بعينيه فى الحال، أزدردت لعابها بخجل شديد ثم قالت:-
-أنا أسفة، خبطت قبل ما أدخل
-ومحدش سمح لك تدخلي، بتدخلي ليه
قالها بحدة ونبرة غليظة لتقول:-
-كنت عايزة أقولك شكرًا على اللى عملته عشاني
أومأ إليها بنعم دون أن يتحدث لتذهب من أمامه بسرعة حتى وصلت إلى غرفتها وأغلقت الباب بحذر ثم وضعت يديها على قلبها الذي يخفق بجنون ولمست شفتيها بأناملها وهى تتذكر هذه اللحظة التى لمست شفتيه دون قصد وكأن قلبها فتح للتو أبواب قلبه لهذا الرجل…..
_______________________________
خرج “حمزة” من البار فى حالة سُكر بعد أن شرب ما يكفيه من الخمر وأستقل أول سيارة أجرة ليفقد وعيه تمامًا ولم يفتحهما إلا عندما سكب دلو من الماء على رأسه ورأي “سارة” أمامه لتقول:-
-شايفاك بطلت تجري وراء الفلوس
تنفس الصعد وأعتدل فى جلسته ثم قال ببرود:-
-شوفتك فى شكلك الجديد معناه أنكم فتحتوا الوصية وورثتي
صفعته على وجهه بضيق شديد وهي تقول:-
-ورثت وبسبب بنتك الحقيرة خسرت أمبارح جزء من ورثي
تمتم “حمزة” بأسمها بنبرة غضب كامن ونيران يتمنى ان تلتهمها وتقتلها:-
-مريم!!
-اه زفتة مريم، أفتكر يا حمزة أن اتفاقنا أننا نقتل مختار وأنا أورث ومريم تورث وبعدها تقتلها وتورث أنتِ
قالتها “سارة” بأختناق شديد ثم تابعت بغضب سافر:-
-لكن أنت ما شاء الله عليكي موجود عشان تخرب كل حاجة أنا بخطط ليها، زى بالضبط ما قعدت أقنع مختار أنها بتخونه ولازم يعاقبها وكبرت فى دماغه فكرة أنه يأخذ حقه الشرعي منها بالعافية وأنها جميلة وصحابه ممكن يدفعوه فيها كثير ولما جه ينفذ حضرتك ظهرت وأن لولاك كان زمان جمال مصدق أنها زي واحدة رخيصة لكن بسبب غباءك مريم دلوقت فى عينه بنت بريئة ومتكشفتش على رجالة
ضحك “حمزة” بسخرية من حديثها وقال:-
-طب ما دي الحقيقة هى مريم كان لمسها حد، لما تحاولي تخططي خططي وقول كلام يتصدق، ومع ذلك أنا عند كلامي وهقتل مريم لكن لما أعرف الأول هى ورثت ايه
أنفجرت “سارة” ضاحكة على حديثه وقالت:-
-ولا حاجة!! مجرد 5% من الشركة وملك جمال، لكن أوعدك لو قتلتها اديك 10 مليون زى ما كنا مُتفقين على موت مختار ومريم.. قولت أيه؟
نظرت إلى عينيها الخبيثة ونظرات الشر التى تتطاير منها ثم قال:-
-موافق لكن أخد حقي الأول فى موت مختار ومريم خليه لما أنفذ ودا قريب أوي كمان……..
يتبع…
أستعدت “مريم” لأستكمال دراستها فى السنة الأخيرة فى الثانوية العامة وبسبب علاقات “جمال” أستطاعت البدء هذا العام دون أن تنتظر العام القادم رغم أن الدراسة بدأت مُنذ شهرين تقريبًا هذا العام، جلب لها نخبة من المعلمين ليشرحوا لها دروسها وقدم ملفها فى مدرسة خاصة، جاءت “نانسي” إليها نحو السفرة وهي جالسة تذاكر وتجتهد مع الكتب والأوراق المنثورة على السفرة أمامها، وضعت لها صينية تحمل سندوتشات وكوب من النسكافيه الساخن ليساعدها على التركيز أكثر، وقفت “نانسي” جوارها تراقبها ثم قالت:-
-ربنا معاكي مع أنى كنت قلقانة شوية لأنك بدأتي متأخر
تبسمت “مريم” وهى تحل الأسئلة بتركيز ثم قالت:-
-متقلقيش يا نانسي، يمكن فضل من ربنا عليا أني شاطرة فى مذاكرتي وتعليمي لأن دايمًا عمتي كانت بتقولي أنها سلاحي وهتكون سبب قوتي ونجاحي وخلاصي من حمزة… أقعدي هتفضلي واقفة
أجابتها “نانسي” بنبرة خافتة وحرج شديد:-
-ميصحش أقعد قصادك، متنسيش أن حضرتك الهانم الصغيرة
رفعت “مريم” رأسها للأعلي نحو “نانسي” ثم قالت بضيق معارضة هذا الكلف الذي بينهما وقالت:-
-أقعدي يا نانسي وأنا مش الهانم الصغيرة قولتلك، أنا مجرد ضيفة ويا ستي لو مُصرة أوى خليني هانم صغيرة بس أقعدي معايا، أنا محدش معنديش صحاب ومن يوم ما جيت هنا وأنا معتبراكي صاحبة ليا
تنحنحت “نانسي” بلطف ثم جلست على المقعد المجاور لها وقالت بنبرة خافتة:-
-دا شرف ليا..
عادت لتركيزها الشديد فى الدراسة حتى مر ساعتين و”نانسي” ملت من مراقبتها فى صمت لكن هذا عملها فقالت بعفوية:-
-ناوية على كلية معينة؟
حركت “مريم” رأسها للجانبين بقوة تطقطق رقبتها من شدة تركيزها ومرور الوقت ثم تركت القلم من يدها وقالت:-
-كنت ناوية على أداب أو تربية وأشتغل مدرسة أسهل حاجة لعيشتي فى الفيوم لكن بفكر الأيام دى على أعلام ، تفتكري هوصلها
أومأت “نانسي” بسعادة لها وتدعمها بكلمات تشجيعية قائلة:-
-أكيد طبعًا المدرسين بيشكروا فيكي لمدام حنان
تبسمت “مريم” ثم قالت:-
-كويس يعنى فى أمل… خلينى أروح أشوف إيلا قبل ما أبدأ فى مادة تانية
أنطلق الأثنين إلى الأسطبل فسألت “مريم” بأرتباك وحرج من “نانسي”:-
-متعرفيش ليه ممنوع ركوب الخيل بليل؟
تبسمت “نانسي” بلطف ثم قالت:-
-لا، معرفش أنا جيت هنا وبدأت أمشي على القواعد زى ما بتتقال، جمال بيه بيصحي الساعة 6 ومن هنا بيبدأ يومنا فى تحضير الفطار والقهوة والحمام، الساعة 7 بيخلص جولته الرياضية سوء كانت فى الجري أو الجيم بتاعه، سبعة وربع بيكون لبس، سبعة وتلت الفطار لازم يكون على السفرة والقهوة والجرنال رغم أن محدش لسه بيقرأ الجرنال وكله بيعتمد على النت لكن أمر أن الجرنال يكون موجود على السفرة وبيخرج الساعة 8 بالظبط ومن هنا بنبدأ نتفس لأن طول ما هو موجود إحنا بنكون فى حالة ذعر، الغلطة ممكن تكلفنا خسارة وظيفتنا زى بالظبط لما أتخطفتي طرد الحراس كلهم من غير نقاش…
تبسمت “مريم” بعفوية لما سمعته فأنتبهت “نانسي” إلى بسمتها لتتابع الحديث قائلة:-
-طبعًا بيرجع الساعة 6 المغرب ولازم يكون الغداء جاهز والحمام والساعة 7 بيدخل مكتبه مبيخرجش منه غير على الساعة تسعة وبعد 10 دقائق ممكن يكون نائم والخيل مبيركبهوش غير يوم الجمعة يوم إجازته وغالبًا بيكون الساعة 8 الصبح أو 6 المغرب لكن ليه ممنوع الركوب بليل معرفش
أومأت “مريم” إليها بتفهم لما قالته ثم فتحت الباب إلى “إيلا” وخرجت معها لتسأل “نانسي” بلطف:-
-لدرجة دي بتحبي إيلا
-اه جدًا لدرجة أن عمري كله أدي لإيلا
قالتها “مريم” بلطف وهما يخرجنا معًا، بدأت تطعم “إيلا” بنفسها و”نانسي” تراقب سعادتها التى تظهر مع “إيلا” ثم صعدت على ظهرها وأنطلقت فى العنان بحرية…
________________________________
“شـــركة الجمال جي أند أم للألكترونيات”
-حاول تضيف جديد يا باشمهندس لأن الساعة كدة مفهاش حاجة جديدة تخلي حد يقرر يشتراها
قالها “جمال” بجدية ثم ترك الساعة على الطاولة وخرج من غرفة البحوث الملحقة بشركته، سار مع “شريف” الذي قال:-
-شركة الذهب للأنشاءات أتصلوا عايزين نستلم معها مشروع المدينة الجديدة فى التجمع لأنهم قرروا تكون المدينة متصلة بالقمر الصناعي وتعمل بالصوت
أومأ “جمال” له بنعم ثم قال بجدية:-
-أقبل بيها وخلي المهندسين يستعدوا
وصلوا أمام مكتبه لتفتح “أصالة” الباب ودلفوا ثلاثتهم وقال “شريف”:-
-مامتك عاملة أيه يا أصالة دلوقت؟
تبسمت “أصالة” بلطف وهى تقف خلف “جمال” وتأخذ عن عاتقه سترته السوداء وقالت:-
-بخير الحمد لله، فى رقم أتصل أكثر من مرة بحضرتك بيقول أنه مدرسة الأنسة الصغيرة
نظر “جمال” لها فنادرًا ما يسمع عنها أو يراها مؤخرًا بعد أن قدمت فى دراستها، نظر إلى “شريف” وقال:-
-أتصل بالمدرسة يا شريف وشوف عايزين أيه؟
أومأ إليه بنعم ثم خرج من المكتب مع “أصالة” وبدأ يشعر بالقلق لما تتصل المدرسة به فهل أصابها شيء، قليلًا وجاءه الجواب يقطع شروده عندما دلف “شريف” إلي المكتب وقال بجدية:-
-المدرسة بتبلغ حضرتك أن مريم مبتروحش بقالها أكثر من 10 أيام والغياب دا هتسبب فى فصلها من المدرسة
-مبتروحش!! ليه قررت متتعلمش
قالها بسخرية من أستهتارها من الذهاب إلى المدرسة وأستكمل تعليمها، أنهي يومه الطويل فى العمل ثم عاد للمنزل، دخل للقصر وكالعادة أستقبلته “حنان” ليرى والدته جالسة فى الصالون وتتناول غداءها فأتجه نحوها وقال:-
-مساء الخير
-مساء النور يا حبيبي
قالتها وهى تتناول طعامها ثم تابعت الحديث موجهه إلى “حنان”:-
-هاتي العشاء هنا لجمال
-هغير هدومي الأول تكونوا جهزتوا العشاء على السفرة
قالها بلطف ثم وقف ليسأل عن هذه الفتاة التى لم يراها كالعادة فى عودته:-
-صحيح فين مريم؟
أشارت “حنان” على غرفة السفرة فأتجه إلى هناك ليراها تجلس وسط كتبها المنثورة على الطاولة الكبيرة وتذاكر بجد فجلس على المقعد المقابل ثم أخذ الكتاب فى يده وقال بسخرية:-
-بتذاكري وتجتهدي أمال مبتروحش المدرسة ليه؟
تركت القلم بعد أن أنتبهت لصوته فلم تشعر بدخوله، رفعت نظرها إليه ورأته جالسًا أمامها فتسارعت نبضات قلبها لا تعلم أهو توتر أم شوق بسبب عدم رؤيته لها كأنه يتعمد عن قصد ألا يراها، تبسمت بعفوية لأجله وقالت:-
-معقول شرفتني بشوفتك
تجاهل كلماتها ببرود ثم قال:-
-سألتك مبتروحيش المدرسة ليه؟ ولا ناوية تتفصلي منها قبل ما تنجحي؟ لو مش حابة التعليم قوليلي وأنا أوعدك أقعدك منه للأبد
تنحنحت بحرج شديد وهي تتذكر التنمر الذي تحصل عليه فى المدرسة، يعتقد بأنه أختار أفضل مدرسة لأجلها لكنها فى الواقع لا تتأقلم على أولاد الكبار والعائلات الغنية، لا تستطيع التعامل مع الشباب المُنفتحين هناك وكل شيء مباح لديهم فقالت بقلق وخوف منه:-
-مش عارفة أتعامل معها هناك، أنا كنت فاكرة أن هيبقي عندي صحاب زى أى حد لكن لا الولاد هناك طول الوقت بيضايقوني والبنات زيهم كل واحدة فاكرة أني هخطف منها الأكس بتاعها… مش عارفة أتعامل معاهم
أستشاط غضبًا مما يسمعه وأغلق قبضته محاولًا كبح غضبه وهو يحاول أن يستوعب فكرة أن هناك من يحاول مصادقتها فقط لأنها جميلة، لم يكن يعلم أنها تعاني فى هذا المكان ربما لأنها لا تتحدث أو لأنه تناسي أمرها بمجرد أن دخلت المدرسة كأنه أنهي واجبه نحوها، تحدث بضيق شديد ونبرة حادة قائلًا:-
-بكرة هتروحي المدرسة وأنا هبقي أعدي عليكي هناك لأن المدرسة اتصلت وبيقرروا فصلك بسبب الغياب
-أنا مش عايزة أروح أنت قولت أن ليك علاقاتك كثير وراجل جامد قولهم ميفصلونيش وأنا هدرس من البيت
قالتها بتذمر شديد ليقف من مكانه بضيق وقال:-
-أظن أنك سمعتي اللى قولتله ومفيش نقاش..
خرج من الغرفة غاضبًا وصعد إلى غرفته ليتصل بـ “شريف” ويخبره أن يأجل مواعيده غد حتى يذهب إلى المدرسة…
أستعدت “مريم” للذهاب إلى المدرسة بالأمر والأكراه منه، أرتدت زي مدرستها عبارة عن قميص أبيض وتنورة تصل لركبتها ثم نزلت للأسفل وشعرها مُنسدل على الجانبين وهناك فرقًا بمنتصف رأسها، رأته واقفًا يرتدي بدلة رمادية وقميص أسود فى أنتظارها ليقول:-
-أتاخرتي 5 دقائق يا نانسي
أجابته “نانسي” التى تحمل حقيبتها المدرسية بحرج من تحذيره:-
-على ما لبست والله يا جمال بيه
تفصحها بنظره ثم قال:-
-دا لبس مدرستك
أومأت إليه بنعم فخرج من القصر مُتمتمًا بضيق:-
-لابس مدرسة دا ولا كباريه
خرجت وراءه لا تعلم أهو غاضب من ملابسها فهل هى من صنعتها حتي يغضب بوجهها، تتذمر وتتأفف بضيق بعد أن أخذت حقيبتها من “نانسي”، فتح “صادق” لها الباب الخلفي حتى تجلس جواره، وجهها لا يخلو من العبوس والضيق، وصلت للمدرسة ثم ترجلت منها بعد أن قالت له بغضب سافر:-
-متلومنيش لو جالك مشاكل مني لأني مش هسيب حد يلمسني وأتفرج عليه
رحلت غاضبة مما فعله بينما فهم “جمال” ما تتعرض له داخل هذه المدرسة، فتح “صادق” الباب له ثم ترجل من السيارة بوقار وهيبة وأغلق زر سترته ليجد “شريف” قد وصل إلى المدرسة كما أتفق معه ثم أتجه الأثنين إلى مكتب المديرة فقالت:-
-لو مريم كانت قالت أن فى حد بيضايقها كنت خدت أجراء ضده لكنها مقدمتش شكوي ولا مرة
تبسم “جمال” بسخرية من هذه المديرة المنافقة فإذا جاء إليها رجل أعمال غيره ستقول نفس الجملة ليقول:-
-أنا بقي خدت الأجراء اللي يعجبنى
قدم “شريف” لها سند ملكية “جمال” للمدرسة وقال بجدية:-
-مستر جمال أشتري المدرسة وحقيقي أول قرار أخده هو فصل حضرتك لكن المرة دي ولأول مرة يتراجع عن قرار أخده وقرر يخليكي فى حين أن مريم لو تعرضت لأى أذي من أى طالب سيكون الثمن فصل حضرتك والتعرض للمسألة القانوني لأن كمنظمة تعليمية لا يسمح لأى طالب جواها بلمس طالبة لأن دا فى القانون أسمه تحرش..
أبتلعت المديرة لعابها بقلق ثم قالت:-
-إحنا تحت أمرك يا فندم وأوعدك أن مريم مش هتواجه أى صعوبة فى المدرسة هنا ولا أى أذية
وقف من مكانه بضيق ليغادر المدرسة بعد أن أمرها بفصل جميع الطلاب الذين تسببوا فى أذيتها من قبل حتى مهما كانت مكانة أباءهم ففي نهاية الأمر هو ليس بحاجة لمصاريفهم الدراسية …
_____________________________
“قصــــر جمــــال المصــري”
جلست “ولاء” مع الكوافير والفتاة تعتني بأطافرها جيدًا لتقول بدهشة مما سمعته:-
-جمال أشتري مدرسة!! ليه عشان مريم؟ وطرد سارة من القصر عشان مريم؟ مش ملاحظة أن حتى لو كان بيتجنبها يا حنان لكنه مهتم أوي بأمورها
تحدثت “حنان” بلطف عن هذه الفتاة قائلة:-
-مريم بنت رقيقة وجميلة، حضرتك لو جربتي تتعاملي معها هتعرفي أنها نقية جدًا من جواها وبريئة، ولو على الأهتمام فحضرتك أكتر واحدة عارفة الأمانة عند مستر جمال عاملة أزاى وهى أمانة أخوه مهما كانت وحشيته فهو هيصونها وهينفذ وصيته فيها ويمكن دا اللى خلي مختار بيه يثق فيه ويخليها تحت وصيته هو..
تأففت “ولاء” بضيق شديد ثم قالت:-
-لكن دا ميمنعش أن جمال مهتم بيها أكثر من اللازم
تبسمت “حنان” وهي تمد يدها إلى “ولاء” بكوب من الماء الساخن وقالت بلطف:-
-بالعكس طول الفترة اللى فاتت مسألنيش عليها نهائيًا لدرجة أنى حتى مقولتش لجنابه أنها مبتروحش المدرسة وبالتالي عرف من المدرسة نفسها لو كان مهتم كان سأل على الأقل على مدرستها وحتى مبيتابعش مع مدرسينها وسايب ليا الأمر كله
أخذت “ولاء” كوب الماء منها بتذمر ثم قالت بتمتمة:-
-أتمني فعلًا ميكونش مهتم بيها…
_______________________________
خرجت “مريم” من باب مدرستها سعيدة والفرحة تجعلها تتراقص من مكانها لتري “حسام” ينتظرها أمام المدرسة بسيارته فأخذها وأنطلق إلي القصر وهى تنظر إلى زي مدرستها الجديدة الموجود بجوارها على الأريكة عبارة عن بنطلون وتي شيرت بكم الذي أستلمته اليوم من مدرستها بسبب رغبة مالك المدرسة الجديدة لتعلم بأنها فعلته ربما شعر بالغضب من زيها صباحًا فقالت بتمتمة خافت:-
-بيغير!!
نظر “حسام” لها فى المرآة بقلق وقال:-
-بتقولي حاجة يا أنسة مريم
تبسمت “مريم” ثم أقتربت منه وقالت:-
-لما واحد يشوف واحدة بتلبس قصير ويقرر يجلبها بنطلون وتي شيرت واسع بدل اللبس القصير والضيق دا معناه أيه
أجابها “حسام” بجدية وعينيه لا تفارق الطريق:-
-بيغير عليها أو خايف عليها من عيون الناس
عادت للأسترخاء على مقعدها مُبتسمة بحماس ثم قالت:-
-فى الحالتين أنا مبسوطة
وصلت السيارة إلى القصر وكانت “مريم” فى عزة فرحتها التى تغمرها وطوال الطريق تفكر كيف تحسم الأمر لتعلم سبب غضبه الكامن فقررت أن تتصل بصديقاتها فى المدرسة ووافقت على الذهاب إلى الحفل معهم، أرتدت تنورة قصير تصل لأعلي ركبتيها وبدي حمالة للسهرة لامعًا وأرتدت فوقه البلطو الطويل الخاص بها، صففت شعرها بطريقة جميلة ووضعت مساحيق التجميل وأرتدت الكعب العالي الذي أصبحت مُتقنة فى أرتداه الآن، تسللت للخارج قبل أن تراها “حنان” التي تشبه العكسري الذي يوبخها دومًا ووجدت أصدقاءها فى سيارة أمام القصر بأنتظارها أنطلقت معهم لينطلق “حسام” بسيارته خلفها وبعد أن رأها تدخل إلى نادي ليلي معهم أتصل بـ “جمال” كي يخبره وأرسل له صورة لها مما جعله يشتعل غضبًا بعد رؤيته لملابسها وهى ترقص مع أصدقائها بعفوية، أخذ سترته وأنطلق من الشركة غاضبًا إلى حيث هي مما جعل “شريف” يُدهش من طريق رحيله عن الأجتماع كأن حل كارثة …
-إحنا أسفين جدًا…
أعتذر “شريف” من عملائهم على مغادرة “جمال” بهذه الطريق….
________________________________
وقفت ترقص مع أصدقاءها فجاء النادل إليهم بالمشروبات لتقول صديقتها:-
-جربي يا مريم هتعجبك أوي
نظرت “مريم” إلى الكوب بقلق من أن تفعل ويقتلها هذا الوحش الذي ينتظرها فى المنزل وقالت:-
-لا مش عايزه
لم تنتبه إلى “سارة” التى تقف فى الأعلي تراقبها وهى لا تصدق بأن “مريم” الفتاة البريئة دخلت مكان كهذا فأشارت إلى النادل على “مريم” ليقترب منها ويمد لها كأس من العصير فأخذته “مريم” بتلقائية وأرتشفت منه القليل لتبتسم “سارة” بمكر شديد ودلفت إلى غرفة مجاورة لمكتبها ووجدت “حازم” جالسًا هناك مع فتاة لتقول:-
-قومي يا بت من هنا
خرجت الفتاة لتنظر “سارة” إلى ابنها وقالت:-
-أستعد أنا جبلتك فاكهة طازجة هتستمع بيها كثير
نظر إليها مُطولًا لتشير له على الزجاج الموجود خلفه فنظر إلى الأسفل من خلف الزجاج ووقع نظره على “مريم” فتبسم بخبث وهندم ملابسه بسعادة تغمره مٌستعدًا لتذوق هذه الفتاة اليوم…
بالأسفل بدأت “مريم” تشعر بالدوران وأنها ستفقد وعيها قريبًا، توقفت عن الرقص بمنتصف المنصة ومسكت رأسها بيديها الأثنين لتشعر بأصابع تداعب ظهرها وخصرها فأبتعدت بغضب رغم حالتها ودفعت هذا الشاب بعيدًا الذي أنتهز الفرصة حتى يقترب منها، كادت أن تسقط لكنها حاولت الصمود ليقترب الشاب منها مرة أخرى وأخذها إلى الدرج الحديدي وهناك كان “حازم” ينتظر وصولها للأعلي حتى يأخذها لكن سرعان ما توقف الشاب فى المنتصف عندما مسك “جمال” ذراعه ولكمه بقوة تحمل الغضب الكامن بداخله، سقط الشاب وكادت “مريم” أن تسقط معه ليتشبث “جمال” بها بقوة لتسقط بين ذراعيه، نظر الجميع وتوقفوا عندما لكمه وفور رؤية “حازم” لـ “جمال” من الأعلي أختفي بخوف من لقائه، أنحني “جمال” قليلًا ليحملها على ذراعيه وخرج بها، تمتمت “مريم” بدون وعي قائلة:-
-بتغير!!
أندهش من سؤالها فنظر إلى وجهها وملابسها وتساءل هل فعلت كل هذا حتى تختبر غيرته، رفعت يدها إلي وجهه ليشعر بأناملها تداعب لحيته بلطف ثم قال:-
-أنا عملت أيه عشان تخاصمني؟
-فوقي يا مريم
قالها بنبرة حادة غاضب من لمسها إليه، تابعت الحديث دون وعي:-
-أنا بحب أسمي منك، أنت دافئ أوى يا جمال
أندهش من حديثها فهل سقطت هذه الفتاة بحبه أم ماذا؟ عن أن دفء تتحدثه وهو يتجاهلها تمامًا ، وصل إلى باب الخروج ليقدم الموظف له البلطو الخاص بها، أخذها إلى سيارته بعد أن فتح “حسام” الباب الخلفي له، جلس بجوارها وأنطلق “صادق” به، تتطلع بملامحها وهي على وشك فقد وعيها تمامًا لينظر إلى النافذة بضيق بعد أن وضع البلطو فوق جسدها وقال بتمتمة:-
-مين اللى صورك أن مروحاك لمكان زى دا هيخلينى أغار
سقطت رأسها على كتفه لتخبره بأنها فقدت الوعي تمامًا، نظر بجوارها حيث تجلس ليشم رائحة شعرها الجميلة وكأنها سحرًا ألقي عليه، وصلوا للقصر ليحملها على ذراعيه حتى وصل إلى غرفتها ووضعها بالفراش غاضبًا منها مُعتقدًا بأنها شربت الخمر حتى فقدت وعيها ولم يتوقع نهائيًا بأن ما يسير بداخلها مخدر أخذته غدرًا من امرأة تترصد لها …..
________________________________
جهزت “حنان” الإفطار وجلست “ولاء” بصحبته على السفرة لتقول بجدية:-
-هي البرنسيسة لسه نايمة
تنحنحت “حنان” بهدوء ثم قالت:-
-اه
تابع “جمال” تناول إفطاره بضيق مكبوح بداخله لا يصدق أنها وصلت لهذه المرحلة التي تجعله يرغب بقتلها فى الحال، وقف من مكانه بضيق شديد ثم قال:-
-هاتيلي القهوة على الجنينة يا حنان
خرج للخارج يفكر بما حدث من الأمس ورؤية هذا الشاب يأخذها ويديه تحيط بخصرها لا تفارق عينيه وتثير غضبه أكثر، فرك عينيه بضيق شديد ووصل إلى الأسطبل فأخذ فرسه “مرجان” فى جولة كبيرة ينفث بها غضبه الموجود بداخله حتى رأي “حنان” تضع القهوة على الطاولة ليأخذ “مرجان” للمنزل الخشبي ويتركه هناك، ألتف كي يغادر فرأها تقف أمامه بوجه أحمر من الخجل وقالت بنبرة خافتة:-
-سورى
وضع يديه فى جيبه بضيق شديد من فعلتها وبمجرد رؤيتها أمامه تذكر كيف وجدها وملابسها العارية والفيديو الذي أرسله “حسام” وهى ترقص بليونة مع أصدقائها ليشتعل غضبًا بعد أن نجح “مرجان” فى إخماد هذا الغضب، تابعت “مريم” بنبرة دافئة بعد أن أخذت خطوة نحوه بأسف هاتفة:-
-أنا أسفة والله أنا روحت مع صحابي عشان عيد ميلاد صاحبتنا
مسك ذراعها بقوة يقاطع حديثها بغيظ شديد ثم جذبها إليه بقوة حتى ألتصقت بصدره وقال بنبرة مُخيفة مُرعبة:-
-عيد ميلادها!! أنتِ عارفة أنا جايبك منين ولا الزفت اللى شربتي خلاكي مش فاكرة، طب عارفة أنا لو كنت أتاخرت عشرة دقايق كمان كنت هلاقيكي فين وكنتي هتكوني خسرتي أيه، ولا عادي بالنسبة لك أني أجيبك من حضن واحد
أبتلعت لعابها بخوف منه ثم قالت:-
-أنا مشربتش حاجة والله وممكن تسأل صحابي أنا شربت عصير بس
ضحك بسخرية عليها وهى تكذب أمامه ثم قال:-
-مكنتش أعرف أن العصير بيعمل دماغ..
دفعها بأشمئزاز بعيدًا وألتف كي يغادر فتشبثت بيده بضعف شديد وقالت:-
-أنا مشربتش حاجة من اللى فى دماغك ممكن تكون الريحة ومستعدة أحلفلك كمان
ألتف إليها بغضب شديد من هذا الحديث والكذب التى تتفوه به كأنفاسها، كاد أن يصرخ بها لتقول “مريم” بنبرة حزينة:-
-جمال
للحظة توقف العالم بهما عندما تفوهت بأسمه لأول مرة، تتطلع بعينيها بصدمة ألجمته وشعر بشيء بداخله يجذبها إليه ويدها تعانق يده بدفء، كادت أن تتحدث ليقاطعها هذه المرة بشفتيه سارقًا منها هذه القبلة التى رغب بها كثيرًا كلما رأها، أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وأحتلت قلبها لتجعله ينبض بجنون بداخلها، شعرت بيديه تحيط وجهها كأنه يتحكم بحركتها حتى يستمتع بقبلته أكثر، بدأت تشعر بأنفاسها تنقطع وتكاد تفقدهما لتضربه على صدره بقوة محاولة أبعاده عنها ليفوق من شروده وهذا الشعور الذي تملكه ليُصدم من فعلته ويبتعد عنها بسرعة مُتحاشيًا النظر إليها وفر هاربًا منها لتضع يدها على فمها بدهشة أصابتها وسعادة تملكتها وجعلت قلبها يتراقص من الداخل ….
____________________________
“شـــركة الجمال جي أند ام للألكترونيات”
لاحظ “شريف” وهكذا الجميع غضبه المتزايد دون سبب، كلما عرض عليه أحد فكر رفضها بعناد وغضب، تساءلت “أصالة” بقلق شديد:-
-هو فى أيه؟
أجابها “شريف” بقلق حادقًا بوجه “جمال” الذي قال:-
-معرفش أكيد حصل حاجة لا حاجة أيه دى أكيد مصيبة
صرخ “جمال” بالساعي قائلًا:-
-أنا قولت قهوة زيادة
أجابها الساعي بنبرة خافتة خوفًا من غضب هذا الرجل:-
-حضرتك بتشربها سادة
تأفف بضيق شديد وهو يقول:-
-وعايز أشربها زيادة عند جنابك مانع ولا هتشربهالي على مزاج
تنحنح الساعي بحرج وأخذ فنجان القهوة وأنطلق للخارج، أقترب “شريف” من مكتبه بقلق وقال:-
-أنت كويس يا مستر جمال؟
رفع “جمال” نظره إلي “شريف” بنظرة غل وحقد وأشعل سيجارته ليبتلع “شريف” لعابه بقلق وسحب سؤاله، تنحنح “شريف” بلطف وألتف كي يغادر والفضول يقتله لمعرفة سبب غضبه، تأفف “جمال” بضيق وعقله لا يتوقف عن تذكر ما حدث وكيف خضع لجمالها وهزت كيانه طفلة صغيرة…
_____________________________________
“قصـــــــر جمـــال المصـــري”
ظلت “مريم” تنتظره فى الشرفة مساءًا وهو يتجاهل رؤيتها منذ ما حدث، دلفت للغرفة عندما دلفت “نانسي” تقول:-
-مش هتنامي
أستسلمت “مريم” للصعود إلى فراشها بحزن من فشلها فى رؤيته مرة أخرى كبقية الأيام، جلست “نانسي” جوارها حتى غفت فى نومها وأستعدت “نانسي” للمغادرة، وصل “جمال” للقصر مساءًا مُتاخرًا وأتجه إلى غرفته، أخذ حمامًا دافئ وصعد إلى فراشه بضيق وأغمض عينيه وقبل أن يخفو تمامًا فى نومه سمع صوت صراخ من الخارج أفزعه من محله وخرج ليُصدم ……..
يتبع…
خرج من غرفته بذعر وأستيقظ الجميع على صوت صراخها المستمر، فتح باب غرفتها ليراها جالسة بفراشها وتصرخ بأنهيار كأنها لا تشعر بشيء وتضع يديها الأثنين على أذنيها كأنها تمنعهم من سمع شيء او بالأحري من سماع صوت الرعد الذي يضرب السماء مع الأمطار الغزيرة، تسمر مكانه من الدهشة بينما دلفت والدته وخلفها “حنان” و”نانسي” لتسرع “نانسي” إليها وحاولت نزع يديها لكنها تقاومها بكل قوتها، نظرت “نانسي” إلى “جمال” فأشار إليها بأن تترك يديها كأنه فهم خوفها الشديد من صوت هذا الرعد، ضمتها “نانسي” إليها بلطف وبدأت تربت على ظهرها وتمسح على رأسها بحنان مُتمتمة إليها بلطف:-
-متخافيش إحنا معاكي هنا، متخافيش كله هيكون تمام
-الصوت مُرعب
قالتها بصوت مبحوح من الخوف ولا أحد يعلم سبب خوفها لكن “مريم” بهذه اللحظة كانت تتذكر ليلتها المؤلمة بكل تفاصيلها وجوارحها، خرجت “ولاء” بضيق من الغرفة مُتمتمة بضجر:-
-أنا مش هتحمل المحن دا كتير
عادت لغرفتها بينما فتح “جمال” هاتفه وخصيصًا على التحكم بـ “جين” وسريعًا بأقل من ثواني وقال “جين” بصوت يسمعه الجميع:-
-لقد تم أغلاق كل النوافذ والأبواب وتم تفعيل خاصية مانع الصوت
لم تسمع صوت شيء بعد إغلاق الزجاج العازل للصوت، غادر “جمال” الغرفة بهدوء دون ان يتساءل عن سبب خوفها من الرعد بكل هذا القدر حتى لا تشعر بما يحدث حولها؟ وماذا تسمع حتى تضع يديها على أذنيها هكذا…
عادت لوسادتها و”نانسي” جالسة جوارها تمسح على رأسها وتقرأ القرآن من أجل بينما “مريم” غارقة فى الماضي تحديد باليوم الذي توفي فيه “مُختار”….
عاد للمنزل غاضبًا بعد أن أعطي للخدم إجازة طويلة دامت لثلاثة أيام حتى الآن، كان سكيرًا ومعه أصدقاءه رجلين من عمره، فتح باب الغرفة لـ “مريم” لينهي حبسها الآن بعد أن حرمها من حصانها وأرسله بعيدًا وأكد له الأطباء بأنها تعاني من صدمة شديدة أفقدتها النظق لكنه لم يبالي بحالتها وحبسها بغرفتها حتى هذه اللحظة الذي أمرها بخدمته هو وضيوفه، بدأت تقدم لهم الخمر وتنفذ طلباتهم أثناء لعب القمار وتحضر لهم ما يريدون وتشاهدوهم وهم يشربون الخمر والمخدرات، وقفت بجوار “مختار” تسكب له الخمر فى كأسه حتى شعرت بصديقه يضع يديه على فخذها يتحسسه فأبعدته بغضب وسكبت الخمر على رأسه بأنفعال من لمسه لها، فحتى وأن كانت ضعيفة لكنها لم تقبل بأحد يلمسها أو يعاملها كعاهرة، أستشاط “مختار” غيظًا من فعلتها وهكذا صديقه فقال بضيق:-
-أنتِ فاكرة نفسك أيه يا بت، دا أنا شاريكي بفلوسي
-أنا أخدمك أه لكن حاجة تانية متحلمش غير على جثتي
قالتها بسخط شديد وغضب يأكلها من الداخل وبهذه اللحظة عادت للنطق مُدافعًا عن نفسها ولم يكن يعلم “حمزة” او “سارة” بأنها تحدثت وتخلصت من صدمتها للتو على يد هذا الذئب البشري ثم رحلت من أمامه، كاد “مُختار” أن يذهب خلفها بجسده الهزيل من كثرة الخمر الذي شربه، لكن أوقفه زميله عندما قال:-
-على فين يا مختار، أثقل عشان تستطعم وأنت بتدوق
غمز له بعينيه وبيده قدم له جزءًا من المخدرات ليبتسم “مختار” بمكر وذهب ليخلط المخدرات بكأس عصيرها ودقائق وبدأت تفقد الشعور بأى شيء يحدث حولها، أخذوها ثلاثتهما إلى غرفة النوم ولأول مرة يتقرب “مُختار” منها هكذا لتشعر بيديه تحسس كل أنش فى جسدها أثناء صعودهم الدرج وأصوات الرعد تضرب أذنيها بالخارج كأنها إشارة من الله بأن تستعيد وعيها وتقاوم ما يحدث بها بهذه اللحظة، ألقاها على الفراش بقوة وهى تأني من اللاوعي ليتطلع إلى جسدها بشهوة وأقترب الجميع مُحاولين تذوقها فتألمت من تمزيق فستانها وهنا فقدت وعيها تمامًا وعندما أستيقظت رأت جثة “مُختار” بجوارها وهى تحمل فى يدها مسدسًا تعرفه جيدًا فهو مسدس “مختار” الذي يحتفظ به أسفل وسادته دومًا لتفزع بهلع من منظر الدم وجثته وبدأت تصرخ وهى تلقي بالمسدس بعيدًا وتخفي جسدها العاري بالملاءة، ما زالت صوت الأمطار تضرب أذنها وهى تزيد من بكاءها ولا تقوي على الحديث ودخل “حمزة” فى هذه اللحظة ليُصدم مما رأه…..
لم تستطيع النوم بهذه الليلة التي أعادت لها ذكرياتها المُخيفة، أشرقت الشمس صباحًا وكان يوم الجمعة أتصلت على “أصالة” تطلب منها لقاءها فبعد مشوارهما الأول معًا شعرت بالرحب والأرتياح معها وقررت أن تعتبرها بمثابة أخت كبيرة لها، ذهبت إلى غرفته بهدوء وطرقت الباب بخفوت وهى تعلم أن هذا الأمر ممنوع تمامًا فأذن بالدخول وفور رؤيتها وقف ببرود ووضع يديه فى جيوبه وقال بحدة:-
-نعم
تنحنحت بحرج شديد ثم قالت:-
-ممكن أخرج شوية
-ويا تري هجيبك منين المرة دى
قالها بسخرية مما حدث سابقًا لتستشيط غيظًا وتشتعل نيرانها من حديثه فقالت:-
-أنا قولتلك أنى روحت عشان صاحبتني عزمتني على عيد ميلادها ومشربتش من القرف اللى فى خيالك، أنت مُصر أكون وحشة وخلاص
ضحك ساخرًا على حديثها وأقترب نحوها بخطوات ثابتة لكن مع كل خطوة كأن يدب بقلبها الخوف منه، أمقنها بعيناه وقال بجدية:-
-ويا تري عزمتك على فين المرة دى، فندق ولا حفلة شباب
كزت “مريم” على أسنانها بضيق شديد من برودته ولم تستطيع أن ترد على حديثه المُهين والمؤلم لها كأنه يريد أن يزيد من ألم ليلة الأمس عليها، تبسم على صمتها وهو يعلم بأنها لا تستطيع الجواب فتابع “جمال” بنبرة أكثر أستفزازًا:-
-خلي بالك أن طول ما أنتِ هنا مش مسموحلك بالقرف دا حتى لو كان بيعجبك يا مريم لمة الشباب حواليكي ومعاكستهم لكِ وطبعًا دا لو أنتِ شايفة أنى دي رجولة منهم… لما تغورى من هنا أبقي أعملي اللى عايزاه
قضمت شفتها السفلي بأسنانها ليعلم أنها وصلت لأكبر قدر من الغضب ثم أخذت خطوة نحوه أخيرة ولم يعد يفصل بينهما شيء وقالت:-
-معتقديش أن أنتِ ممكن تتكلم عن الرجولة لأنك هربت بعد عملتك حتى معتذرتش وقولت غلطة، بس أنت زيهم بالظبط اللى بتكلم عنهم عاجبك جمالي …. لتكون تقصد بكلامك أني أكون لك لوحدك
رفع يده كي يصفعها على وجهها بسبب حديثها وهى تُذكره بما فعله وأنه فى نظرها لا يختلف عن الجميع لكن توقف ويديه أمام وجهها لتبتسم بسخرية على حاله وتغادر غاضبة..
أرتدت ملابسها وأستعدت للخروج فنزلت الدرج لتراه واقفًا هناك مُرتدي بنطلون أسود وقميص أبيض يُفتح أول زرين منه بحرية لتتجاهله تمامًا كما يفعل معها…
رأها تستعد للخروج بملابسها الضيقة وهي ترتدي فستان أزرق يصل لركبتها بأكمامها ليقف محله قبل أن يخرج من القصر وامقنها بنظره ثم قال بنبرة حادة:-
-أيه دا
نظرت له بضيق شديد من حديثه معها بعد أن تجاهلها تمامًا فور تقبيلها، تمتمت بنبرة باردة:-
-خارجة
تحدث وهو يغلق زر سترته بضيق شديد من فستانها القصير الذي يظهر قدميها قائلًا:-
-أطلعي غيري القرف دا
-القرف دا أنت اللى اشتريته
قالتها ببرود غاضبة منه ولأول مرة تتحداه وتعصي أمره، التف إليها بصدمة ألجمته من جراءتها وقال:-
-أشتريته تعلقيه فى الدولاب أو تلبسيه فى البيت مش تخرجي بيه
نظر “شريف” إلي “حنان” بأندهاش فهل أشتري فستان بالعملة الصعبة وعلامة تجارية عالمية لأجل إبقائه فى الخزينة أيعقل هذا، تبسمت “مريم” بسخرية شديدة وقالت:-
-والله مكنتش أعرف، بس أنا برضو هخرج بيها، أنا واحدة زى ما قولت بتتبسط بإعجاب الرجالة بيها ومعاكستهم ليا
مسك ذراعها بأنفعال شديد من كلمته التى ترددها ببروده وتخبره بإعجابها بتجمع الرجال حولها الذين يتغزلون بها، حدق بعيناها بنظرة مُخيفة أرعبتها وهدمت كل شجاعتها، ولا تدرك سبب غضبه ونظرته المرعبة لها، قال بنبرة مُخيفة:-
-أنا عارف أن المرة الجاية هجيبك من فندق لكن دا بعينيك يا مريم وأنك تكوني علاقة مع أى شاب أو ذكر طول ما أنتِ هنا
تبسمت بسمة مُثيرة وتخلت عن خوفها الذي تبدل بالدلال المُفرط وهو يخبرها بأنها لن تكون لرجل نهائيً طالما تعيش هنا معه وقالت:-
-بتغير!!
استشاط غضبًا من سؤالها الذي تكرره دومًا عليه، عينيه لا تتركها وعطرها الفريد يغتصب أنفه فقال بجدية:-
-جربي يا مريم تكرريها مرة تانية ومتسألنيش عن وشي التاني
دفعها بقوة بعيدًا عنها، استشاطت غيظًا من تحجر قلبه فى حين أنه من بدأ بتقبيلها لتعتقد أنه كبقية الرجال يرغب بجسدها وهذا الإعجاب نابع من رغبته بها لتصرخ غاضبة من حديثه بأنفعال شديد قائلة:-
-أنت عايز تنام معايا!
أتسعت أعينه بصدمة ألجمته من كلمتها وأسرع إليها يضع يده على فمها يمنعها من الحديث بينما نظر “شريف” لها بصدمة قوية أصابته وهكذا “حنان” التى تقف مكانها متجمدة من كلمتها، أخذها للأعلي بصدمة لم يتحملها وأدخلها للغرفة ثم قال بانفعال ونبرة مُخيفة:-
-أنا هعرف أزاى أربيكي يا مريم وأعلمك أزاى تتعامل معايا وتتكلمي بأدب…
قاطعته “مريم” بقبلة ناعمة مُفاجئة تعانق شفتيه بشفتيها بدلال كأنها تفرغ غضبها باللين والدلال، أتسعت عيناي “جمال” على مصراعيها وتسارعت نبضات قلبه لا يعلم أيصفعها كعقاب أم يبادلها قبلتها كإمتنان لدقات قلبه…
فاق من شروده وعينيه المثبتة على شفتيها التى تتحدث وهو لم يستمع لشيء بل ذهب مع خياله فى قبلة من نسخ عقله، تتطلعت “مريم” بيه بغضب شديد من كلماته ليقول بحرج مما صوره عقله للتو:-
-أياكي تطلعى برا أوضتك يا مريم..، وطول ما أنتِ محبوسة هنا أحفظي القواعد الجديدة ممنوع تلبسي قصير أو ضيق ومفيش خروج مع أصحابك المستهترين زيك دول، ممنوع نهائيًا ألمحك بتضحكي مع أى كائن مكتوب فى بطاقته ذكر، ومفيش ركوب خيل غير بأمرى وفى وجودي، أياك ألمح قلم روج علي شفايفك يا مريم… أول ما تحفظي القواعد هتخرجي من هنا
خرج من الغرفة بعد أن أخبرها برسالة واحدة تحمل كل أوامره بألا تكون جميلة مع رجل غيره، أغلق عليها بالمفتاح ثم أعطاه إلي “حنان” وقال:-
-إياك تخرج من أوضتها يا حنان فاهمة…
أومأت “حنان” له بنعم ونظرت إلى باب الغرفة بإشفاق على هذه الفتاة، ضربت “مريم” قدميها بالأرض بغيظ شديد من حبسها هنا وأرسلت رسالة لـ “أصالة” تعتذر منها على عدم ذهابها…
________________________________
“شــركة الجمـــال جى أند أم للألكترونيات”
كان كبركان يغلي من داخله مما حديث والآن “مريم” أصبحت خطرًا عليه فأصبح يقبلها ويتذوقها كثيرًا فى عقله، لا يعلم ماذا يحدث معه؟ لكن كل ما يعرفه أنها تُربكه وتهزم كيانه وصموده، دلف “شريف” إلى غرفة مكتبه وكان مُتكئ بظهره على مقعده للخلف ومغمض العينين بتهكم شديد فقال بهدوء:-
-مش هتروح يا مستر جمال المؤظفين كلهم روحوا
أجابه وهو مُغمض العينين بضيق قائلًا:-
-لا مش عايز أروح
كان “شريف” يراقبه الفترة الأخيرةويعلم بأنه يهتم كثيرًا بهذه الفتاة حتى وأن لم يكن يسأل عنها وعن أحوالها، يكفي أنه أشتري مدرسة بملايين لأجلها وأجبر “سارة” على التنازل عن حصتها فى القصة لأجل “مريم”، ينتفض من مكانه إذا علم بأنها فى خطر ويغضب كلما أرتدت ملابس قصيرة أو ضيقة حتى وأن كانت جميلة، فكلما كانت جميلة كلما عاقبها وهو يعلم بأنه يعاقبها على شيء ليس من صنعها فهى خُلقت بجمالها، يخبرها ألا تدخل فى علاقة أرتباط مع شاب من مدرستها أو من أصدقائها دومًا وكأن “جمال” غبيًا بالحب ولا يعلم أن كل هذه التصرفات من فعل غيرته التى تلتهب بداخله، تنهد “شريف” بلطف ثم قال:-
-تحب أحجزلك فى فندق ما هو مش معقول هتنام هنا
هز رأسه بلا وقال بلهجة واهنة وصوت خافت:-
-أقعد يا شريف، معلش هأخرك على ولادك ومراتك
جلس “شريف” بأبتسامة على وجهه مرحبًا بهذه الجلسة لكن “جمال” كان صامتًا لا يتحدث بشيء وأكتفي بتنهيدة شقت طريقها من صدره مُعبأة بحيرته وصراعه النفسي والعقلي القائم بداخله فقال “شريف” بخفوت وقلق خافًا من رد فعل هذا الرجل:-
-مريم!!
فتح عينيه على مصراعيها بنظرة مُخيفة من ذكر أسمها فهو جلس هنا هاربًا من هذه الفتاة والآن يذكرها هو، تنحنح “شريف” بخوف منه ثم قال بلطف مُتابعًا الحديث:-
-أحم مريم من أمبارح من ساعة ما حبستها وهى رافضة تأكل أو تشرب وطلبت من حنان تشتغل فى القصر مع الخدم عشان تكسب فولس من تعبها وقالت صراحةً أنها مش عايزة حاجة من حضرتك حتى لو لقمة أكل، حنان ونانسي حاولوا معها كثير لكنها مُصرة على رأيها وعنيدة بتشبهك فى عنادك
أعتدل “جمال” فى جلسته من كلمته الأخيرة بغيظ شديد لتنحنح “شريف” بحرج وقال:-
-أسف… أعمل أيه؟
-خليها تعمل اللى عايزاه يومين وهتقولك مش قادرة عشان مذاكرتها لكن مدام قررت تكون من الخدم انا مش عايز ألمحها قصادي، حتى فنجان القهوة متجبهوش واضح…
قالها بإختناق شديد ثم هم بالرحيل ليستوقفه صوت “شريف” يقول:-
-مدام ولاء طلبت نحجز لها على أول طيارة للندن
وافق “جمال” على فعل ذلك لطالما والدته كانت تعيش فى الخارج ولا تأتي سوى زيارات قليلة، رحل من مكتبه وبدأ يتجول فى الشوارع بسيارته وحده وعقله لا يتوقف عن التفكير بها كأنها لعنة وسقطت عليه…..
___________________________
“قصــــر جمـــــال المصــــري”
تركت “مريم” غرفتها الملكية بالطابق العلوي وقررت أن تنزل مع الخدم فى غرفتها المخصصة فى السرداب لتكتشف جانب جديد فى القصر لم تكن تعرف عنه شيء، غرفتها صغيرة جدًا تكفي لسرير صغير ومكتب بجواره من اجل دراستها، أخبرتها “حنان” أن تعمل لمدة أربع ساعات يوميًا وستنجي ما يكفي لتناول طعامها حتى تستطيع الذهاب إلى مدرستها ودورسها وتهتم بدراستها، بدأت تعمل فى المطبخ مع الطباخ كمساعدة له شكليًا فالجميع يعرفون من هي وأنها هنا بسبب غضبها منه وليس أكثر لكن كونها هنا معهم لا يعنى نهائيًا بأنها سيدة القصر الصغيرة وإذا أصابها شيء أو جرحت يدها بالسكين أثناء عملها فى المطبخ سيهدم “جمال” القصر فوق رؤوسهم، أكتفي الطباخ بجعلها تغسل الخضراوات وتجهز له مستلزمات وجبة اليوم وكان يصنع لها طبق خصيصًا من الوجبة التى يُعدها إلى “جمال” فهى أميرة القصر…
ضحكت “مريم” بسعادة وهى تقف مع الطباخ ومساعديه ورؤيتها لصنع هذه الوجبات اللذيذة ليقول الطباخ:-
-تحبي تتدوقي؟
هزت رأسها بنعم إليه بحماس شديد بعد أن أغتصبت هذه الرائحة أنفها وفتحت شهيتها لتتذوق ما قدمه لها برحب ثم رفعت أبهاميها بإعجاب وقالت:-
-رائعة جدًا … ممكن تعلميني
أومأ إليها بنعم لتدخل “حنان” بجدية ويتوقف الجميع عن الثرثرة وقالت بنبرة حادة:-
-مريم وقتك خلص أتفضلي
تأففت “مريم” بحزن شديد فأصبحت ساعات عملها القليلة تجلب لها السعادة داخل هذا القصر، خرجت من الغرفة وأتجهت إلى الأسفل فى السرداب وهى ترتدي ملابس الخدم وأخذت ملابسها وأدوات أستحمامها وأتجهت إلى دورة المياه العامة للخدم وأخذت حمام دافئ ثم خرجت لتسمع خادمتين يتحدثون عنه لتسترق السمع لهما:-
-بكرة عيد ميلاده ربنا يستر على اليوم دا
=أكثر يوم بحط أيدي على قلبي فيه
أقتربت “مريم” بفضول شديد من معرفة السبب لخوفهما الشديد من يوم عيد ميلاده ألا يجب أن يكون يوم سعيد، سألت بلطف:-
-ليه؟
ألتف الأثنين لها بصدمة ألجمتهم ونظروا إلى بعضهم بقلق من الحديث عنه أمام أحد أفراد العائلة وسكان القصر لكن جمعت أحدهن الشجاعة بعد أن نظرت حولها بخوف من أن تسمعهم “حنان” وتعاقبهما وقالت:-
-أصل اليوم دا بيفكروا باللى حصل قبل كدة لازم تخلي بالك من كل تصرف فى اليوم دا لأنه بيكون مراقب كل حاجة وأى غلطة حتى لو عطستي ممكن يطرد أو يعاقبك بطريقة مخيفة
-ليه؟
قالتها بفضول لمعرفة سبب هذا الخوف الذي رأته على وجه الخادمتين لتقول الأخرى وهى تأخذ صديقتها من يدها بخوف من البوح إلى “مريم”:-
-منعرفش خلى بالك من تصرفات بس لأنه بيكون متعصب ومش طايق نفسه…
هرب الأثنين من أمامها ليشتعل الفضول فى عقلها حتى أحرقه فتبسمت بخبث وذهبت إلى “نانسي” صديقتها المُفضلة ونشرة أخبارها فى القصر، دلفت إلى غرفتها ورأتها تستعد للنوم فقالت:-
-نانسي
ضحكت “نانسي” بسعادة وهى تعرف ماهية هذه النظر التى تعلو عينيها وبسمتها الخبيثة التى تنير شفتيها فمنذ أن نزلت للسرداب ولا ترى “نانسي” هذه النظرة إلا وكان وراءها سبب للفضول، فقالت بعفوية:-
-سمعتى أيه المرة دى
جلست “مريم” بحماس على الفراش أمام “نانسي” ثم قالت:-
-عيد ميلاده!!
تحولت ملامح “نانسي” العفوية إلى الخوف والقلق ثم قالت بحدة وحزم:-
-مين اللى أتكلم معاكي فيه
هزت رأسها بالنفي وأخبرتها أن الخدم جميعهم حذرين فى التعامل معها، تنهدت “نانسي” بقلق ثم قالت:-
-أبعدي عنه اليوم دا بالذات يا مريم وألا….
-ليه؟
سألتها “مريم” بفضول شديد فتأففت “نانسي” من فضولها وإصرارها على المعرفة وقالت:-
-هحكيلك اللى أتحكي ليا بس أوعي يا مريم
أومأت “مريم” لها بلطف وأنها ستلتزم الصمت بعد أو مررت يديها على فمها بمعنى أنها ستصمت نهائيًا لتبدأ “نانسي” فى الحديث قائلة:-
-لما جيت هنا كان بعد عيد ميلاده بيوم بدل كام خادمة طردها يوم عيد ميلاد ووقتها حذرون البقية، وحكولي أن يوم عيد ميلاده كان مسافر فى شغل ومراته أتصلت به قبلها بيوم…
أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها بصدمة ألجمتها من هذه الكلمة وقالت بتلعثم تمكن منها وشل لسانها:-
-مراته، هو متجوز
أومأت “نانسي” لها وقالت:-
-تفتكر واحد زيه هيعيش 34 سنة من غير جواز وهو عنده كل حاجة، ما علينا كان متجوز وقتها، المهم طلبت أنه يرجع عشان يحتفلوا بعيد ميلاده سوا وقعدت تشتكي أنه طول الوقت مشغول عنها ومبيشوفهاش إلا مرات قليلة فى السنة وأنها محتاجة ليه وفعلا الخدم نفسهم شافوا حالتها بتسوى بسبب بُعده وبدأت تشرب خمر وتسهر وأدمنت المخدرات لكن الفترة دى عدت ورجعت لطبيعتها من غير ما حد يعرف السبب مع انه كان لسه بيسافر كتير عشان ينجح شركته اللى كانت فى بدايتها،
المهم قالها انه مش هيعرف يجي وفعلًا طلبت من الخدم يلغوا أى ترتيبات عملوها عشان عيد ميلاده لكن مستر جمال قرر يرجع فجأة ويعملها مفاجئة ورجع تاني يوم اللى هو عيد ميلاده وهنا لاقاها مع أخوه مختار فى السرير ومن ساعتها مختار ساب القصر ومدخلهوش مرة تانية وقرر يفضل فى مزرعة الفيوم لعشر سنين كاملين ومراته أختفت… محدش يعرف قتلها أو سجنها أو حتي دفنها حية كلام الناس كتير كل واحد هيقولك طريقة أتخلص بها من مراته من وحي خياله وطبعًا كمصريين كلهم هنا توقعوا أن حالتها أتحسنت بعد ما بقت فى علاقة مع أخوه، ومن بعدها عرفت أن من يومها والخدم أتمنعوا يطلعوا الدور اللى فوق وهو بقي يكره عيد ميلاده لأنه بيفكروا باللى حصل
دمعت عيني “مريم” وهي تستمع إلى حكايته وتشمئز من “مختار” الذي لم يترك امرأة على وجه الأرض إلا وطمع بها حتى زوجة أخاه، خرجت “مريم” من الغرفة باكية وحزينة وعادت إلى غرفتها…..
_______________________________________
-قولتلك مريم تحت وصية جمال لحد ما تم الـ 25 يعنى كمان أربع سنين هتكون حرة ووقتها ممكن اقتلها أو أجبهالك تعملي فيها اللى يعجبك
قالها “حمزة” بضيق وهو جالسًا فى مكتب “سارة” داخل الملهي الليلي لتقول بضجر شديد:-
-والله عايزني أستن أربعة سنين عشان أخد حقي منها، أنت عارف فى الأربع سنين دول ممكن يحصل أيه دى مش بعيد تكون سيدة القصر يا حمزة بقي وبدل ما تبقي تحت وصيته تبقي مراته، تفتكر أنت عندك الجراءة تقتل مرات جمال المصري
تأفف “حمزة” بضيق شديد ثم قال بحيرة:-
-وكمان معنديش الجراءة اتجرأ على مريم دلوقت، وحتى لو حاولت مريم مبتخرجش من القصر غير بحارس ومبيفارقهاش وأديكى شوفتي بعينيك أيه اللى حصل لما جت هنا مكملتش نص ساعة وجمال طب هنا ولو كان عرف أن دا الملهي الليلي بتاعك كان هده فوق دماغك
تأففت “سارة” بضيق شديد وقالت:-
-عايزني أستن أربع سنين عشان تدفع ثمن نصيبي فى القصر اللى خسرته بسببها
وقف “حمزة” من مكانه بجدية وهو لا يبالي بشيء سوى حياته وقال:-
-هعدوا هوى يا سارة وبعدين أخذ الحق حرفة وأتعلمي منى أنا أستنيت 19 سنة ونص عشان اقتلها وأدفعها تمن موت مراتي ولسه هستني أربعة كمان أهو وعايش للحظة دي
خرج من المكتب بعد أن حسم أمره بألا يفعل شيء الآن خوفًا من “جمال” وما سيفعله إذا أقترب منها الآن وهى تحت وصيته…
_________________________________
“قصــــر جمـــــال المصـــري”
قررت “مريم” أن تصنع يوم جديد له بعيد مولده رغم تحذير “نانسي” والخدمات له، أرتدت ملابسها عبارة عن بنطلون جينز وتي شيرت أبيض بكم وفوقه سترة جلدية تحميها من برد ديسمبر القارس وشتاءه، صففت شعرها البني وتركته مُسدولًا على الجانبين وأرتدت طاقية من الصوف حمراء اللون تليق ببشرتها البيضاء الحليبية وأنفها الحمراء من البرد، خرجت بحذائها الرياضي من الغرفة وهناك قابلتها “نانسي” بأندهاش وقالت:-
-أيه دا؟ شايفكي هتهربي من ساعات العمل النهار دا…
للحظة تذكرت “نانسي” مناسبة اليوم وقالت بحذر:-
-مريم!! أنا حذرتك
تبسمت “مريم” بعفوية ثم قرصت وجنتها بلطف وقالت:-
-أنا سيدة القصر الصغيرة نسيتي لا يمكن طردي …
هربت من أمامها لتُتمتم “نانسي” بقلق قائلة:-
-لكن يمكن معاقبتك يا صغيرتى
صعدت “مريم” وكان القصر فى حالة من الذعر حتى الهواء تشعر بثقله فأقتربت من باب غرفة مكتبه وأخذت نفس عميق ثم قالت:-
-تشجعي يا مريم..
يتبع…
فتحت الباب دون أن تدق ورأته يجلس على مكتبه ينفث دخان سيجارته، رفع “جمال” رأسه بأندهاش من فتح الباب دون طلب الأذن لكنه رأها، تقابلت عيونهما فى صمت مُنذ شهر تقريبًا وهو لا يراها وقررت العمل فى القصر كخادمة، تبسمت “مريم” بلطف فور رؤيته وتسارعت نبضات قلبها من لقاء عيونهما لتقسم أن مهما أختراع هو وأمثاله من وسائل للأتصال لن يكن هناك ما يشبه النظرة وهذا الشعور الذي يحتلها من الداخل بسبب رؤيته، أزدرد لعابه بأرتباك من رؤيتها لطالما هرب منها ليراها تقترب منه بلطف مُبتسمة كأنها تخطو على طريق قلبه حتى تصل إليه، قالت بنبرة خافتة:-
-ممكن أخرج!!
قال بسخرية من طلبها وعاد بنظرة إلى اللابتوب الخاص بيه:-
-دا طلب بصفتك موظفة هنا ولا ضيفة، لأن لو موظفة فدى أول مرة تحصل فى التاريخ وتجي موظفة عندي تطلب أذن عشان تسيب شغلها
كادت أن تتحدث لكن أستوقفها ألم رئتيها من الدخان الذي ينفثه من سيجارته وتتنفسه هي وبدأت تكح بصعوبة بعد أن وضعت يدها على أنفها وفمها وقالت:-
-أى حاجة بس أنا عايزة أخرج ضروري
تحدث “جين” بصوته الألي قائلًا:-
-عودي للخلف ستُصاب رئتك المريضة بهذا الدخان
رفع “جمال” نظره إليها بأندهاش من حديث “جين” وقبل أن يستفسر عما يحدث، أخترق “جين” اللابتوب الخاص به وأظهر له سجلها الطبي وأنها تعاني من حساسية مُفرطة من الدخان، أطفيء سيجارته وضغط على زر تقنية الهواء لأجلها، قال بهدوء:-
-روحي أخرجي
-ممكن تيجي معايا
قالتها بلطف لينظر إليها مُجددًا بتعجب فقالت بترجي تستعطفه:-
-واحد زميلي فى المدرسة عايز يعرفني على أهله وطبعًا أنا معنديش أهل غيرك، ممكن؟
أغمض عينيه بضيق شديد من كلماتها ثم قال بأختناق شديد:-
-أنا كام مرة قولتلك ممنوع ….
قاطعته بلطف شديد ووجه عابس:-
-أتكسفت أقوله لا عشان كدة بطلب منك تيجي معايا، هتجي ولا لا مين عالم ممكن يطلب مني الأرتباط وأتكسف أرفض
تأفف بضيق شديد من ردها وهي تخبره بأن هناك معجب بها ويطلب منها الأرتباط ويسعى لتقديمها إلى أهله، يحمل بداخله غضب كافي اليوم على أن تزيده هذه الفتاة، صعد ليبدل ملابسه وأرتدي بدلة رسمية وفوقها البلطو الخاص به وخرج معها بسيارته ليقود هو هذه المرة دون “صادق” أنطلق إلي حيث أتفقت مع صديقها على اللقاء وهناك قابل شاب من عمرها لم يرفع عينيه عنها ويجلس بجوار والدته التى أعجبت كثيرًا بجمال “مريم” فقال الشاب بلطف:-
-أوعدك يا عمي أنى مزعلهاش أبدًا
قالها هو يمد يده كي يمسك يدي “مريم” من فوق الطاولة ليرمقه “جمال” بنظرة أرعبته وجعلته يسحب يديه قبل أن تلمس يدها وقال بحدة:-
-عمك!! ومين قالك أنى هيدهالك
تحدث الشاب بنبرة ناعمة كأنه فتاة لا يحمل من الرجولة شيء هائمًا بالنظر إليها قائلًا:-
-لا أرجوك متفرقش أتنين بيحبوا بعض أنت معندكش قلب ولا أيه، مريم دى أجمل بنت قابلتها فى حياتي وخطفت قلبي من النظرة الأولي ومستحيل أسمح أنها تكون لغيري أو تكون فى حضن رجل تاني ….
لم يتمالك “جمال” غضبه أكثر وغيرته التى أكلت قلبها للتو وهو يتحدث عن ضمها وجمالها ليسكب كوب الماء البارد فى وجهه وهو يقول:-
-يمكن تفوق وتسترجل شوية
أخذها من يدها وأنطلق للخارج غاضبًا، نظرت “مريم” على يديهما المُتشابكة وأقسمت بأنه يغار عليها حقًا فلن تتعب نفسها بالسؤال وعينيها ترى غيرته بوضوح، كان قلبها على وشك الأنفجار من سرعة نبضاته على عكس “جمال” الذي يشتعل من الداخل غضبًا كالبركان، فتح لها باب السيارة وقال بجزم:-
-أركبي
-أنا جعانة
قالتها “مريم” بضيق شديد مُصطنع ليتأفف “جمال” قائلًا:-
-أبقي كُلي لما تروحي البيت، أهو بالمرة تتعلم أزاى تكسري قواعدي وتختلطي بذكر.. وحياة اللى خلقني يا مريم لدفعك تمن كسر …….
قاطعته “مريم” بلطف عندما وضعت يدها على فمه ثم قالت:-
-جعانة ممكن تأجل عقابي لما أكل
تسمر مكانه عندما وضع يدها على فمه كأنه جمد مكانه فقط عينيه ترمش بأرتباك وتحدق بها، ظلت تنظر إليه كثيرًا فى صمت ليأخذها إلي أقرب مطعم وطلب من أجلها الطعام الذي تريده وأختارته وجلس مكتوف اليدين يراقبها فى صمت دون أن يتناول شيء، وبدأت تجبره على فعل الكثير من اجلها كتناول المثلجات في هذا الطقس البارد وتسير معه فى الطرقات، تساقطت الأمطار لتركض بعفوية أسفلها وتبتسم بل صوت ضحكاتها تخترق أذنيه وتسرع من ضربات قلبه فظل يسير واضعًا يديه فى جيبه خلفًا ويراقبها وهى كفراشة تتطاير بخفة وسعادة فى الهواء، نظرت إليه وهى تكمل ركضها وتسير للخلف بظهرها لتلمع عينيه رغم تحجر شفتيه عن الأبتسامة، حتى رأي صخرة كبيرة يجلس عليها ثنائي من الأحباء وكادت أن تصطدم بها وتسقط فوقهما ليسرع فى خطواته إليها وسحبها من ذراعها إليه حتى أرتطمت بصدره القوي، نظرت إليه ووجهها مبلل بالأمطار وحبات الماء الباردة وشفتيها ترتجف من البرد لكنها سعيدة بهذا البرد الذي ينعش جسدها، تقابلت عيونهما فى نظرة صامتة رغم الحديث الطويل الذي دار بينهما، رفعت يدها إلى صدره القوي وقالت بتمتمة:-
-ممكن أقولك أنى هموت من الساقعة بس متروحنيش
رفع يده إلى وجهها يمسح حبيبات المطر عنه ويبعد غرتها عن جبينها بلطف ثم قال:-
-هتمرضي
-حتى لو، كفاية أنى مبسوطة.. دى من اللحظات الناردة فى حياتي يا جمال
قالتها بدفء رغم أرتجف جسدها من البرد لكنها تتشبث بهذه اللحظة الجميلة التى صنعتها السعادة بفضل قدرها، لا تملك الكثير من اللحظات السعيدة فى حياتها لذا تتشبث بهذه اللحظة جيدًا باستماتة، ظل “جمال” صامتًا يرمقها بعينيه لا يعلم أيكسر سعادتها من أجل صحتها أم يترك السعادة لأجلها حتى تظل هذه البسمة تنير وجهها، مرة أخري أقتحمت “مريم” عقله الذي يرغب بضمها أكثر إليه فى الحال رغم قربهما الشديد والتصاقها بصدره الصلب لكن يرغب بالشعور بدفء جسدها لتقول “مريم” قاطعة شروده بنبرة ناعمة:-
-بيعجني دفئك يا جمال، مهما كانت الأيام باردة أنت دافئ
أزدرد لعابه بتوتر شديد ثم أبتعد عنها بقلق من القادم وأخذها إلي السيارة كي يعود للقصر بها قبل أن يفقد صوابه أمامها، ضربات قلبه تؤلمه أكثر وعقله يتذكر الماضي فبعد ما حدث لعن جميع النساء وأخرجهما من حياته لكن جاءت طفلة تكسر كل حواجزه الذي صنعها، سبها بالكثير ولعنها بالسوء بسبب زواجها من أخاه الذي يكبرها بعمر لتتسلل بداخله هو الذي يكبرها بأربعة عشر عام، لا يعلم أهذا عقاب القدر له على ما تفوه به بحقها حتى يظهر له القدر أن الحب والعشق لا يحتاج لسن معين أو فرق سن محدد فقط يكفي أن يتألف قلبان وتعشق روحان حتى يصبحوا روحًا واحدة، وصل للقصر وألتف لينظر إليها فرأها تضم يديها الأثنين إلى بعضهما قرب فمها وتنفخ بهما بشدة من البرد، قال بجدية:-
-أنزلي
ألتف لكي يغادر أولًا لكنها أوقفته عندما مسكت يده فعاد إلى جلسته ونظر إليها بهدوء على عكس نظرتها التى تحدق به بلطف وعينيها تعانق عينيه فى عناق طويل ثم أقتربت لكي تضع قبلة على وجنته فوق لحيته السوداء بلطف وأبعدت قليلًا وما زالت أنفاسهما تخلتط معًا وهو مُصدومًا تمامًا فى فعلتها وتوقف عقله وجسده بهذه اللحظة حتى سمعها تهمس إليه من هذا القرب:-
-أنا بحبك يا جمال…….
__________________________________
نظر “حمزة” للهاتف الذي أخذه من هذا الرجل ويحدق بصورة “مريم” وهى على قرب من “جمال” أمام النيل ليتوقف عقله عن التفكير وتمتم بصدمة ألجمته:-
-سارة عندها حق، جمال رجل زى البقية ومريم بنت جميلة ولو أستنيت ممكن تبقي مراته…..
_________________________________
“قصــــــــر جمــــال المصـــــري”
دخل إلى غرفته بصدمة الجمته من أعترافها بحبه وكيف صفعها ردًا على هذه الكلمة التى تفوهت بها، لا يستوعب ما يحدث ليقذف كل شيء فوق مكتبه الموجود بالغرفة بغيظ شديد لكنه توقف فجأة عندما لمح بعينيه صندوق أسود فى الأرض، أنحني ليلتقطه وكان مُثبت به بطاقة مكتوب عليها
(أنا صنعتها بنفسي عشانك…
كل سنة وأنت طيب
مريم )
فتح العلبة وكانت تحمل دُمية وردية اللون مصنوعة من الصوف، أدرك بأن كل ما فعلته اليوم هو لأجل عيد ميلاده وأردت أن تمحي ذكرياته السيئة بصنع ذكريات جميلة معها، تأكد بأنها سمعت من الخدم قصة عيد ميلاده وخيانة زوجته لذلك سعت جاهدة لمساعدته فى التخلص من ألم الخيانة بأعتراف بالحب، أغمض عينيه بضيق شديد مما حدث ومسح وجهه بيديه….
________________________________
لم تتوقع “مريم” أن يصفعها لأنها أخبرته بأنها تكن المشاعر له وعاقبها كأنها تتحكم بقلبها ولها سلطان عليه وتختار من تحب، ظلت تبكي طوال الليل حتى الصباح، وقفت “حنان” تفحص الخادمات فى الساعة الخامسة والنصف قبل أن يبدأ يومهم وقالت بجدية لأحدهن:-
-قولت مشوفش قلم روج فى وشك
مرت لفحص البقية وبدأت تلقي بتعليماتها عليهن:-
-قولت ممنوع الزين والأكسسوارات بأى شكل….. تقريبًا بعلم فى بهايم مش قولت مشوفش شعرة خارجة من التسريحة بتاعتك…
وصلت أمام غرفة “مريم” ولم تجدها فقالت بتمتمة:-
-وأخيرًا قررت تعتزل الشغل
فتحت باب الغرفة لتراها بالفراش ترتجف وصوت أنينها عالي، أقتربت منها “حنان” بقلق ووضعت يدها على جبينها لتجدها مُلتهبة كالجمر لتطلب من الخدم الأتصال بالطبيب فورًا وحملوها إلى غرفتها بالأعلي ليراهما “شريف” فى طريقه لإيقاظ “جمال”، دلف للغرفة ووجده مُستيقظ بالفعل ليقول:-
-متقوليش أن حضرتك صحيت على صوت الخدم
هز رأسه بلا لينتبه “شريف” إلى غرفته الفوضوية ليعلم بأنها كانت ليلة أليمة كعادته وأنطلق الأثنين بعد الأستعدادات للخارج لكنه وجد الطبيب يغادر غرفتها وأخبره بأنها تعاني من حمي شديد، لا يفهم من التي تعاني لكن سرعان ما استوعب الأمر عندما أنتبه لغرفتها، فتح باب الغرفة ودلف مسرعًا بقلق ليغادر الجميع للخارج، تطلع بوجهها بقلق سافر ولمس وجنتها ليراها كجمر مُلتهبة لا يعلم سبب مرضها أهو البقاء أسفل المطر لوقت طويل أم صفعته من فعلت بها هذا بعد أن كسر قلبها ورفض حبها، أنحني إلى جبينها ليقبلها بدون وعي وهمس فى أنها قائلًا:-
-أمرتك مترمضيش يا مريم
غادر عابسًا وكأن مرضها من شأنها حتى تتطيع أوامره ولا تمرض، أمر الجميع بألا تعود للعمل فى القصر نهائيًا وغادر القصر وكانت هذه أخر مرة رأها، مرت الأيام وهى تتجنب رؤيته وتسكن غرفتها طوال اليوم ولا تذهب لرؤية “إيلا” إلا عندما يغادر صباحًا للعمل وتعود إلى غرفتها فور عودتها من المدرسة، قررت أن تتوقف عن حبه وستجاهد لهذا الأمر بكل عزيمتها…
________________________________
“شــــركـــة الجمـــال جي أند ام للألكرونيات”
وقع “جمال” الأوراق إلى “اصالة” وعينيه لا تفارق هاتفه الذي أنذره صباحًا بواسطة “جين” بأن اليوم عيد ميلادها، مر تقريبًا شهر ونصف مُنذ يوم مولده ولا يراها أو يسمع عنها فأصبحت كتومة جدًا لا تخبر “نانسي” بشيء عمدًا حتى لا يصل إليه، أكتفي بمعرفته لذهابها إلى المدرسة ورؤية “إيلا” غير هذا لا يعرف شيء بشأنها، أخذت “أصالة” الأوراق من أمامه وقبل أن تغادر أستوقفها “جمال” بتوتر قائلًا:-
-أصالة
نظرت إليه لتبتسم بعفوية وهى تعلم أنه لا يُحدثها بهذا التوتر إلا عندما يكون الحديث بشأن “مريم” فقدم إليها بطاقته البنكية ثم قال:-
-معلش خلي حنان تعملها حفلة صغيرة عشان عيد ميلادها وأشتري ليها هدية
تبسمت “أصالة” بحماس لفعل ذلك وأخذت بطاقته البنكية وغادرت من الشركة حتى تصل للقصر وهناك أخبرتها “حنان” قائلة:-
-بس مريم النهار دا ولأول مرة مؤخرًا تقرر أنها تخرج ومتسألنيش راحت فين
أتصلت “أصالة” به وأخبرته انها ليست بالقصر ولا يعرفون إلى أين ذهبت ليغلق معها بقلق وأتصل بـ “حسام” فأخبره أنها أخذت “إيلا” صباحًا للمشاركة فى سباق خيل بالغردقة ولن تعود إلا بعد الغد، أستشاط غضبًا من أفعالها وهى قررت أن تسافر دون علمه وخصيصًا بهذا اليوم كأنها تعمدت ألا تحصل على شيء من أحد فى يوم عيد ميلادها…..
أتصل بـ “أصالة” وطلب منها أن تلغي طلبه ولا تفعل شيء وأخبر “حسام” أن يعود بها اليوم قبل أن يأتي إليهم بنفسه وبالفعل عادت بالأكراه بعد أن ترجاها “حسام” أن تعود معه وألا سيخسر وظيفته وهو شاب مُقبل على الزواج بحبيبته لتخضع إلى طلبه وعادت غاضبة كالعاصفة مما جعل الجميع يخشوا مُحادثتها، اليوم أكملت العشرين من عمرها لكنها تحمل غضب بقدر أيام عمرها كاملة..
الأيام تمر وهى تصمد بصعوبة فى مواجهة قلبها الذي يشتاق إليه وعازمة أمرها على التغلب على هذا الحب والتخلي عن مشاعرها، بينما هو مثلها يكاد يفقد عقله من التفكير بها ورؤيتها تتطاير مع المطر كذكري أخيرة جمعتهما لا تفارق عقله، دخلت “أصالة” إلى مكتبه تقول:-
-نادر الهواري عايز يقابل حضرتك ضرورى
نظر “شريف” بتعجب إليه وقال:-
-والله!! جاي بنفس هنا مش كفاية عمايله، أرفض مقابلته يا مستر جمال
تبسم “جمال” برحب ومكر شديد كأنه يرحب برؤية منافسه بسعادة حتى يشعر بالأنتصار وقال:-
-دخليه يا أصالة
أومأت إليه بنعم ليخرج “جمال” بطاقته البنكية فتبسمت وهى كالوسيطة بين هذا الثنائي المتخاصم ليقول:-
-أنا معرفش غير أن فترة الإمتحانات بتكون ضغط علي طلاب الثانوية العامة، أشتري ليها أى حاجة تغير من نفسيتها وتساعدها على التركيز مشروبات وشيكولاتات، سناكس وبسكويتات كثير، كترى من الأكلت السريعة دى عشان حنان بتقول أن معندهاش وقت تأكل معرفش أزاى
تنحنح “شريف” بجدية ليُذكره بأنه يُفرط فى الأهتمام بها، على عكس “أصالة” التى رحبت بالفكرة جدًا خصيصًا أن امتحاناتها بعد أسبوع وكغيرها من الطلاب فى هذه المرحلة يعانون من التوتر والقلق وخصيصًا أن “مريم” تسعي لكلية القمة والمجموع الكامل أن أستطاعت، خرجت من المكتب بينما “شريف” قال بجدية:-
-مش شايف أن دا كثير شوية
رفع “جمال” نظره به ليبتلع لعابه بخوف وغير حديثه قائلًا:-
-قصدى على نادر جاي لحد هنا بنفسه مع أنه منافس لينا
تبسم “جمال” بسمة خافتة على خوف “شريف” منه وهو يعلم بأن حديثه كان عن “مريم” ليقول:-
-جاي يشوف اللى إحنا وصلنا له متقلقش يا شريف، نادر أصغر من أنه يكون منافس ليا…
______________________________
“قصـــر جمــــال المصـــري”
جلست “نانسي” ترتب لها الثلاجة الصغيرة الموجودة فى غرفتها بالأغراض التى أحضرتها “أصالة” كما أمرها وتراقب “مريم” وهى تجتهد فى دراستها حتى غادرت دون أن تشعر “مريم” بها او تنتبه لوجودها، مرت فترة الإمتحانات بصعوبة ضغط كبير عليها قليلًا ما تنام، حتى جاء يوم تكرمها من المدرسة لأكونها من أوائل، صعدت على المنصة بسعادة تغمرها رغم حزنها لأنها وحيدة جاءت لحفلة تكريمها بدون أهل معها كبقية زملائها، حتى “جمال” لم يأتي لكونه مالك المدرسة وأكتفي بمديرة المدرسة، أستلمت شهادتها ببسمة سعيدة وألتفت للجالسين ودُهشت عندما رأت “حنان” تقف هناك وبجوارها “نانسي” جاءوا لأجلها ويصفقون لها بحرارة وسعادة فتبسمت بسعادة أكبر علي وجودهما، عادوا معًا للقصر و”مريم” تقول:-
-شكرًا على حضوركم
-وانا مش هتشكرينى
نظرت إلى صوت “شريف” لتراه يقف فى البهو مع بقية الخدم والطباخ وكل موظفين القصر ومعهم “حسام” و”أصالة” وحتى “حاتم” عامل الأسطبل كان موجودًا و”شريف” يحمل كعكة صغيرة لأجلها، وضعت يدها على فمها بسعادة ودهشة ثم ركضت نحوهم بحب وإمتنان لشكرهم على ما فعلوا لأجلها لكنه الوحيد الذي لم يبارك لها ولم يظهر “جمال” ، الرجل الذي اعتقدت بأنه سيتحجج بنجاحها لرؤيتها لكنه لم يفعل، أخذت حمام دافئ وصعدت إلى فراشها بعد يوم طويل، دلفت “نانسي” للغرفة وقالت:-
-مستر جمال عايزك
نظرت “مريم” بأندهاش من طلبه لرؤيتها بعد ستة أشهر تقريبًا تعيش معه تحت سقف واحد ولم يراها مرة واحدة، تأففت بضيق من صلابة قلبه وتحجره ثم نزلت للأسفل فأخذتها “نانسي” للخارج لتراه يقف أمام القصر بجوار سيارة من ماركة المرسيدس صفراء اللون فذهبت نحوه ببرود وجه عابس ثم قالت:-
-أفندم
ألتف إليها ليراها بعد كل هذا الفراق رغم قرب المسافات، أشتاق لها بجنون ولبسمتها لكنها الآن عابسة وتعيسة نحفت أكثر عن السابق فأصبحت كهيكل عظمي وقصت شعرها الذي تعتز به كثيرًا فقال بأندهاش:-
-قصتي شعرك
-معتقدش أنك طلبتني عشان قصة شعري
قالتها ببرود شديد لتذكره بأخر مرة رأها بها وصفعته لها عندما كان يغمرها الحب من أجله ليدرك بأنه سبب كل هذا التغيير القائم بها، أخرج مفتاح السيارة وأعطاها له ثم قال:-
-هدية نجاحك
ضحكت بسخرية بعد أن عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بتهكم شديد:-
-هدية نجاحي!! مش المفروض اللى يهدي حد على الأقل يقوله مبروك بس عمومًا أنا مش عايزاها منك لا كلمة مبروك ولا الهدية، أنا أجتهدت ونجحت مش عشان أخد هدية منك بل عشان أخلص منك يا جمال وأمشي من هنا نهائيًا ولحد ما يجي اليوم دا متخلنيش أشوفك أو حتى أسمع صوتك
ألتفت لكي تغادر من أمامه غاضبة، قلبها يصرخ بالشوق الذي يلتهمه وهذا المتحجر يقف كالصانم كعادته لا يهتم سوى بأن يهديها الأشياء رغم قسوته لطالما أرادت أن تخبره بأنها لا تحتاج للهدايا والمال بل تريد اللطف والحنان، دمعت عينيها وهي تغادر من أمامه بعد أن جاهدة بقوة ألا تسقط دموعها أمامه…
مرت أربعة سنوات بالفعل على لقائهما الأخير
ترجل “جمال” من الطائرة بعد أن وصلت لأرض مصر وقبل أن يرحل جاءت له “سلمي” كابتن الطيران التى كانت تحلق به وصديقته، غادرا المطار معًا وهى ترتدي زي طيرانها وهو يرتدي بدلته الرمادية فقالت بلطف:-
-قولي أنك موجهتكش صعوبة فى رحلتك معى
تبسم “جمال” بلطف وقال:-
-أنتِ عارفة أنك كابتن طيران رائع يا سلمي
خرج معًا من صالة الطيران ليرى “شريف” فى انتظاره مع سيارته فقال:-
-تعالي نوصلك
أشارت له على شاب هنا ينتظرها وقالت:-
-شكرًا معايا توصيلة، لكن هيجيلك أكيد لأاني حابة أتعرف عليها
سألها “جمال” بنبرة جادة وعينيه تحدق بها:-
-هى مين؟ مريم!
ضحكت بعفوية ثم قالت بتلقائية:-
-اللى خليتك تنطق أسمها باللطف دا كله واللي هتجنن عشان تشوفها وتسمع صوتها، لازم أقابل اللي قدرت تقلب كيان جمال المصري وأهو بالمرة أحاول أصلح بينكم قبل ما يجي حد يخطفها منك
-مستحيل أسمح لحد يخطفها مني
قالها بغرور وكبرياء بعد أن عزم أمره على أمتلاكها خصيصًا بعد أن كبرت الآن فلم تعد الطفلة التي جاءت لمنزله، صعد إلى سيارته وبعد ترحيب “شريف” بعودته بدأ يخبره بتطورات الشركة والقصر وهو يستمع جيدًا حتى وصل إلى الجزء الأهم له بالحديث عن “مريم” عندما قال “شريف” بخبث:-
-مش هتصدق أن زميلها فى الجامعة طلب أيدها مني الأسبوع اللى فات لكن أنا مدتهوش كلمة طبعًا وقولت له لما ولي أمرها يجي
صمت “جمال” تمامًا ولم يعقب على الحديث الذي سمعه للتو فهل أصبحت الآن عروس وسيتقدم لخطبتها كل من يعجب بها، تبسم “شريف” بمكر على هذا الرجل الذي يحبها كثيرًا وقد سكنت قلبه بالفعل والآن بعد أن بلغت الرابعة والعشرون من عمرها وما زال كلا منهما يتجنب الأخر لكنه غُرم بها كليًا فى بُعدها عنه، الفتاة التى دخلت قصره خائفة وترتجف وتترجاه ألا يتركها.. هى نفسها الآن الفتاة التى سكنت قلبه ولن يتركها مهما ترجته، وصل للقصر بسيارته لتفتح الأبواب تلقائية وسارت السيارة فى طريقها إلى القصر ليراها على ظهر “إيلا” تركض بعفوية كالطير المحلق بجناحيه بحرية دون قيود، تركض “إيلا” بها بسرعة تعادل سرعة سيارته فى الحديقة فوق العشب، تتطلع بها من خلف الزجاج الفتاة التى كبرت أمام عينيه وتسللت إلي قلبه مع كل يوم مر عليها فى منزله وأمام نظره والآن حتى بعد أن أصبح عمره 38 عامًا لم تجرأ امرأة أو فتاة على هز كيانه كما فعلت هذه الفتاة وأحتلت قلبه كليًا، تمني كثيرًا أن يعود الوقت لهذه الليلة التى أعترفت فيها بحبها له لأخبرها بأنه يحبها بدلًا من صفعها ورفضها فحينها لم تكن تمر كل هذه السنوات فى خصام وفراق طال بينهما….
يتبع…
أوصلت “مريم” فرستها الجميلة إلى منزلها وعادت إلى القصر وهى تعلم بأنه عاد من سفره فرأت سيارته من قبل تدخل القصر، أخذت نفس عميق ودلفت للقصر لتراه يقف هناك مع “حنان” التى ترحب بعودته بحرارة وسعادة وتنزع عن أكتافه البلطو الخاص به، وقع نظره عليها لتتقابل عيونهما معًا وهى تقف محلها على بُعد منه رغم أرتطام قلوبهما فى عناق طويل قتل كل المسافات بدقاتهما، قلبها لا يقل حاله عن حال قلبه المُتسارع بجنون لأجل رؤيتها، همس بنبرة خافتة مُرعبة:-
-خست يا حنان
أبتلعت “حنان” لعابها بخوف منه وهو يلومها هى على فقد وزن “مريم” لتقول بتوتر:-
-والله يا مستر جمال بأكلها كويس جدًا
سارت “مريم” بخطوات ثابتة بعد أن تحاشت النظر إليه وأتجهت إلى الدرج دون أن تستمع لتمتمه مع “حنان” وأتجهت إلى غرفتها، دلفت للداخل وأوصدت الباب جيدًا ثم وضعت يدها على قلبها وهى تلهث كأنها كانت تغرق أسفل المحيط وقالت:-
-أهدا يا قلبي، أنا قولتلك تنساه
لم يستمع قلبها إليها، بل ظل يصرخ لأجل هذا الحب الكامن بداخله فتمتمت ب”مريم” بسعادة خفية بداخلها:-
-كل ما كبر أحلوي أكتر
قفزت فوق الفراش بحماس وسعادة تغمرها لعودته فهى كانت كالوردة المُشتاقة لراويها حتى تحيا من جديد وظلت تنتظره كثيرًا حتى تراه خفيًا دون أن يعلم بأنها تراقبه خلسًا،
______________________________
“داخل الملهي الليلي”
عاد “حمزة” إلى مكتب “سارة” وقال بجدية:-
-مبعتيش الحاجة مع الواد ليه؟
نظرت “سارة” له بضيق شديد من أخذه للمخدرات دومًا دون أن يدفع بحجة أنه سيقتل “مريم” لأجلها لكن لقد فاض بها الأمر وقالت بأختناق:-
-مش لما تدفع اللى عليك يا حمزة
-قولتلك هقتلها
قالها بأنفعال وهو يفرك جبينه بضيق من شدة حاجته لجرعة المخدرات فى الحال لتضحك “سارة” ساخرة منه وقالت:-
-اه أمتي أن شاء الله، أنت جبان يا حمزة وخايف تموتها عشان هى بنتك
جلس على المقعد أمامها وقال بأختناق سافر:-
-أنا مش خايف، أنا لو عايزاها دلوقت يكفى أني أتصل بها وأنتِ أكتر واحدة عارفة دا
تبسمت “سارة” بمكر شديد وأقتربت للأمام قليلًا ثم أخرجت كيس صغير يحمل جرعة من المخدرات وقالت:-
-أيوة جينا للمهم، أنت مسيطر عليها كلينا بأيه، ماسك عليها أيه وبتهددها بقي لما قولت أنك هتقول لجمال
نظر إلى كيس المخدرات بطماع ومرر لسانه على شفتيه بحماس ثم قال:-
-هقولك
أخذ منها كيس المخدرات وتناول جرعته ليسترخي جسده كثيرًا وعاد بظهره إلى الخلف وبدأ يقصي لها الحكاية من ناحيته…
( فــــــلاش بـــــاك )
عندما ذهب إلى المنزل بيوم قتل “مختار” ووجده هناك مع أصدقائه يحاولون الأعتداء على ابنته “مريم” لكن بمجرد أن رأه وجهه فروا هاربًا ليبقي “مختار” الذي نظر له بأشمئزاز، نظر “حمزة على ابنته فاقدة للوعي وملابسها ممزقة كليًا ليدخل فى شجار مع “مختار” ثم سحب المسدس من أسفل وسادته كما أخبرته “سارة” بمكانه من قبل وأطلق الرصاصة فى رأسه وجلس ينظر كثيرًا إلى ابنته وماذا يفعل ليقرر أن يشركها فى هذه الجريمة حتى لا تتفوه بكلمة واحدة وتخطع لخطته مع “سارة” فى أخذ الورث بالأكراه وتوافق على الذهاب إلى “جمال”، وضع المسدس فى يدها وغادر الغرفة وظل ينتظر فى الخارج حتى سمع صوت بكاءها وأدرك بأن “مريم” أستيقظت ليدخل إلى غرفة مُصطنع الجهل كأنه يرى الجثة لأول مرة، قال بصدمة مُصطنعة بأتقان:-
-قتلتيه
لم تتفوه بكلمة واحدة بل ظلت ترتجف كثيرًا حتى فقدت الوعي من وهل الصدمة وأنها قتلت أحد، عندما أستيقظت رأت “حمزة” جوارها وقد تخلص من الجثة وقال:-
-أنتِ قتلتيه يا مريم
ظل يردد هذه الكلمة كثيرًا حتى أقنعها تمامًا بانها مرتبك الجريمة الكاملة وأنه تخلص من الجثة لأجلها لكن إذا عارضته فى الحصول على الورث سيخبر الجميع بأنها القاتلة وأين الجثة وسلاح الجريمة الذي يحمل بصمات أصابعها وتذهب للسجن….
(عـــودة للــواقـع )
ضربت “سارة” كفيها معًا بسخرية من حاله ثم قالت:-
-ههههه دا أبليس يصفقلك يا راجل بس حلوة منك، اتصل بيها بقي وقوليها تيجي للمكان اللى هقولك عليه وفى نفس الميعاد وإلا هتتصل بالبوليس
نظر “حمزة” مُطولًا إليها لترفع حاجبها إليه كأنها تجبره بنظرتها على فعل ذلك…
________________________
“قصـــر جمــــال المصــــري”
وصلت سيارة سيدان صفراء من ماركة المرسيدس أمام بوابة القصر، نفس السيارة التي أهداها لها بمناسبة نجاحها ورفضتها، لكن مع “جمال المصري” هل هناك سبيل للرفض أو معارضة رغبته، ألتف “حسام” للخلف بعد أن توقف عن القيادة ليراها جالسة محلها لم تترجل من السيارة فقال:-
-حضرتك كويسة؟
حملت حقيبتها بملل شديد يجتاحها من الداخل وتأففت من طريقته فى الحديث لتقول:-
-تعرف يا حسام أنت بتكبرني بكام سنة ومع ذلك طريقة كلامك بتعصبني، أنا كام مرة قولتلك أنى بكره الرسميات
تبسم “حسام” بعفوية إليها ثم قال بنبرة جادة:-
-وكام مرة قولت لحضرتك أن فى راجل جواه ممكن يقتلني لو تنازلت عن الرسمية لأنه بيغار
ضحكت بسخرية على غيرته التى يتحدث عنها الجميع ويخشوا الحديث معها خوفًا من غضب هذا الرجل، ترجلت من السيارة بعد أن عادت من جامعتها ودلفت للقصر مُتمتمة بضيق شديد:-
-بيغار!! والله لو بأيدي لطلعت قلبه المتحجر من صدره
فاقت من تمتمتها على صوت “حنان” التى تقف جوارها وقالت:-
-مين اللي زعل القمر بتاعنا
تأففت “مريم” بأغتياظ شديد ثم قالت بنبرة قوية:-
-محدش يا حنان
مرت من جوارها كي تصعد الدرج لكن توقفت قدميها عن الحركة عندما قالت “حنان”:-
-هحضرلك الغداء مع جمال بيه على ما الضيوف يمشوا
ألتفت “مريم” إليها بصدمة مما سمعته وهل يملك الآن ضيوف فى منزله فهذه من الحالات الناردة جدًا داخل هذا القصر وقالت بتعجب:-
-ضيوف!!
تبسمت “حنان” بخبث وهى تعلم ما تحمله هذه الفتاة بداخلها تجاهه تمامًا مثله، لكن الأثنين كلا منهما يكابر ويرفض الأعتراف قائلة:-
-اه سلمي صديقته المفضلة أو زي ما بتقوله البيست فرند
كزت “مريم” على أسنانها وقد ظهرت غيرتها التى أكلت قلبها من الداخل على ملامحها وقالت بسخرية وغضب مكبوح:-
-سلمي!! قولتلي
تبسمت “حنان” على غيرتها التى رأتها فى وجهها الآن وراقبتها بعينيها، أقتربت “مريم” منها بعد أن نزلت درجات الدرج الذي صعدتها للتو ووقفت أمامها ثم قالت:-
-ودي حلوة
تبسمت “حنان” غليها بعد أن هزت رأسها بنعم وقالت:-
-جدًا وبعدين مش مهم الحلاوة كفاية انها الوحيدة اللى بتقدر تضحكه دى معجز أن مستر جمال يضحك وبعدين مش زمليته يا مريم ويلا بقي أطلعي غير هدومك بسرعة عشان انا ورايا تحضيرات كتير ليها عشان الغداء دا مستر جمال موصي عليه بنفسي
ألقت “مريم” حقيبتها فى وجه الخادمة التى تقف بالخلف بأغتياظ وقد وصلت للتو إلى أقصي درجات الغيرة وربما تلتهمها هي وصديقتها، تعجبت “حنان” من عصيبتها الزائدة فى حين أنها غادرت وهى تقول:-
-هي فين؟
تبسمت “نانسي” صديقتها التى أصبحت تتخذ صفها فى هذه الحرب وقالت بمكر:-
-فى الأسطبل وتقريبًا كدة هتركب على إيلا
قالتها عمدًا حتى تفجر هذه القنبلة الموجودة بداخلها من صٌنع الغيرة، خرجت شهقة من “مريم” بصدمة الجمتها والآن يجعل صديقته المُحببة تلمس فرستها هي، نكزت “حنان” “نانسي” فى ذراعها وقالت بغيظ:-
-شايفة أنها ناقصة جملتك، أمشي حضري الغداء
مرت “نانسي” مع الخادمة بمكر نسائي وقالت بتمتمة سمعتها “حنان”:-
-دا إذا كان هيبقي فى غداء النهار دا
أتجهت “مريم” إلى الأسطبل وهناك رأت “سلمي” تقربه فى العمر وجميلة بهيئتها وتهتم بنفسها كثيرًا ووضح هذا فى مساحيق التجميل والموضة فى ملابسها، رأت “حاتم” يخرج من الداخل بحصان “جمال” المُفضل كم يسميه “مرجان” و”إيلا” من أجل “سلمي” تمامًا كم أخبرتها “نانسي” لتشتعل غضبًا وهى تشعر بأن هذه الفتاة تتعدي على أملاكها أولًا هو والآن حصانها، أقتربت منهم لكن سرعان ما توقفت فجأة عندما رأت “جمال” يمسك يدها يساعدها فى الصعود على ظهر “إيلا” التي تتذمر الآن بعد أن وضع اللجام فى فم “إيلا” لأول مرة من أجل “سلمي”، الغضب والغيرة تحكما بها نهائيًا وظلت تراقبهما
حتى دخلوا معًا إلى السياج وهناك تبسمت بخبث بعد أن وقفت على السياج الخشبي مُكتئة بذراعيها عليه ببرود أعصاب وأطلقت صافرتها إلى “إيلا”، نظر “جمال” نحوها ورأها تراقبهم وتبتسم بمكر إليه ليفهم أنها ستعاقبه على فعلته وقبل أن يتحدث إلى “سلمي” ركضت “إيلا” بسرعة جنونية و”سلمي” على ظهرها لتنفجر “مريم” ضاحكة بعفوية ووضعت يديها على فمها من شدة الضحك، أسرع “جمال” بحصانه إلى “إيلا” التى لم تتوقف محلها بعد هذه الصافرة كأنها أخذت إشارة بأن تنتقم لصديقتها من هذه الفتاة التى على ظهرها، حاولت “سلمي” التشبث جيدًا باللجام لكن بسرعة “إيلا” أخذته منها بفمها لتكاد “سلمي” أن تسقط لكن ألتقطتها “جمال” بذراعه قبل أن تفعل، توقفت “مريم” عن الضحك بغيرة تأكلها وهى تراها بين ذراعيه، وصلت “إيلا” إلى صديقتها لتنزع عنها “مريم” اللجام وقالت بلطف:-
-أحسنتي يا جميلتي
توقف “مرجان” قربها وترجل “جمال” أولًا ثم أخذ “سلمي” من خصرها وعينيه تحدق بـ “مريم” ثم قال:-
-أنتِ جيتي أمتي؟
تسللت أصابعها بين شعرات “إيلا” الجميلة بعفوية مُحاولة إخفاء غيرتها عنه وقالت:-
-ميخصكش
كاد أن يفقد أعصابه عليها لكن منعته “سلمي” عندما مدت يدها إلى “مريم” تصافحها وقدمت نفسها إليها قائلة:-
-هاي أنا سلمي كابتن طيران وصاحبة جمال من سنين
أدارت “مريم” رأسها إليهم بسخرية ثم نظرت إلى يدها الممدودة وقالت:-
-صاحبته!! خليني نمشي يا إيلا
أخذت فرستها بتجاهل تام إلى “سلمي” وعينيه تراقبها أثناء رحيلها فقالت “سلمي” بعفوية:-
-أنا عيد ميلادي النهار دا لازم تيجي مع جمال الحفلة
سمعتها “مريم” وهى تسير بجوار “إيلا” التى أصدرت صهيلها فقالت بضيق شديد:-
-مش هروح يا إيلا….
وقف “جمال” أمام الدرج ينتظرها مُطولاً وقد تأخر بالفعل على الحفل، سمع صوت طقطق كعبها العالي على الدرج ليرفع نظره عن الساعة إليها فرأها ترتدي فستان أحمر طويل يخفي أخمص قدمها يظهر نحافتها وجسدها الرفيع بقط يظهر عنقها وعقدها المصنوع من اللولو الخالص ويأخذ شكل أفعي، تحمل فى يدها حقيبة بحجم هاتفها تلمع ذات اللون الفضي كعقدها وحلق أذنها الطويل الواضح تمامًا بعد أن صفف شعرها فى مؤخرة رأسها تمامًا فلم ينسدل منه خصلة واحدة سوى غرتها الطويلة التى تصل لذقنها وتصففها على الجانب الأيسر تزيدها جمالًا، تضع مساحيق التجميل وأحمر شفايف باللون الأحمر البارز، خجلت “مريم” من نظراته المُثبتة عليها وأحمرت وجنتها خجلًا فممرت سبابتها مع غرتها من التوتر، وصلت أمامه وهو يحدق بها بإعجاب شديد وقلبه كاد أن يقفز من مكانه ويرتطم بها، لا يشعر بشيء سواها ورائحة عطرها التى وصلت لأنفه مع طلتها، رفعت نظرها أخيرًا إليه لتتقابل عيونهما معًا ويضربها قلبها بقوة غاضبًا من تجاهلها وتصرفاتها التى تفعلها كي تبتعد عن حبيبه الواقف أمامها للتو، عينيه الخضراء تفقدها الوعي رغم عينيها المُفتوحتين، رائحته الجذابة ووسامته، لا يعلم كم دقيقة مرت على هذه النظرة الطويلة والعناق الذي تقابل فيه أعينهم معًا، رأي يدها ترفع قليلًا لتقترب من لحيته فنظر إليها بينما أناملها أستقرت على لحيته ونزعت عنها الخيط الصغير الذي تشابك مع شعرات ذقنه من المنشفة تقريبًا، ظل ينظر إليها فى صمت حتى قاطع هذا الصمت ظهور “نانسي” من الأعلي تحمل البلطو الخاص بـ “مريم” لتقدم للأمام بخطواته ووضعت “نانسي” البلطو على أكتاف وقالت:-
-أنتِ جميلة أوى يا مريم الله يحفظك يا حبيبتى
تبسمت “مريم” بلطف ثم خرجت من القصر خلفه ليأخذها بسيارته الطويلة البيضاء التى بلغت ثلاثة أمتار وأنطلق “صادق” بهما إلى مقر الحفل..
فور وصولهم بدأ الجميع بالترحيب ب”جمال” رجل الأعمال الذي يجتاح السوق العربي والغربي فى مجاله للألكترونيات ونادرًا ما يذهب إلى حفلات كهذا فبعضهم جاء من أجل لقائه وليس لمباركة “سلمي” بعيد ميلادها، ظلت تقف جواره بحرج من كثرة الرجال المُلتصقين به حتى وصلت “أصالة” وأنطلقت معها فى المكان …
كانت تقف هناك مع “سلمي” وبعض الفتيات يتسامرون معًا والضحكات لا تخلو من بينهم، بسمتها الساحرة لا تفارق وجهها فأراد أن يشكر صديقته على فعلتها التى جعلت هذه البسمة تنير وجهها العابس وتقتل حزنها، لطالما أشتاق لوجهها المُبتسم لتنير حياته وقلبه بهذه الإبتسامة، رغم وقوفه هنا عن بُعد ويتحدث مع رجال من مكانته المرموقة فى العمل لكن عينيه لا تفارقها نهائيًا لا يعلم أهو خوف عليها أم عشقًا بها وهذا العشق من يجبره على النظر إليها ولا يستطيع تحاشي النظر عنها..
أقتربت “أصالة” منهم وهمست فى أذنيه بلطف:-
-عارفة أنا لحد من ساعة مكنتش متوقعة أنك هتيجي معاه
ردت “مريم” بهمس وهى تذهب بعيدًا عن الفتيات:-
-سلمي جت البيت وعزمتني، أنا واثقة أن دا بأمر منه أكيد
سارت “أصالة” معها بعفوية وبسمتها لا تفارقها من هذا الثنائي ثم قالت بجدية:-
-أكيد، لأن أى حد يعرف مين هو جمال المصري مستحيل يطلب دا غير بعد موافقته، صدقينى يا مريم أنا عمري ما شوفته مهتم بحد الأهتمام اللى هو بيقدمه ليكي، أنا أكتر واحدة تشهد على دا من كتر الطلبات اللى بيطلبها مني عشانك، هدايا وكتب وأول ما يسمع أن نفسيتك وحش أو مخنوقة فور بيقولي أتشقلبي المهم أعمل حاجة عشانك، رغم أنكم مقعدتوش على سفرة واحدة لكن أقسم لك أن جمال عارف كل حاجة عنك بتحبي أيه وبتكرهي أيه، ألوانك المفضلة، حتي لحظات خوفك أنا واثقة أن جين بينقلوا كل ضربات قلبك المُختلفة عن معدلها الطبيعي، الحساسية اللى عندك شريف قالي أنه بطل سجاير فى القصر عشانك، غيرته عليكي اللى بتخليه يعاقبني مجرد ما يشوفك لابسة فستان حلو أنا اللى أشتريته، عينيه اللى مش مش مفارقكى دلوقت وفى أي مكان أنتي فيه..قوليلي لو مكنش كل حب يبقي أيه
صمتت “مريم” قليلًا لتجمع شجاعتها بعد أن تذكرت رفضه لها قائلة:-
-أسفة يا أصالة بس أنا مش محتاجة لمراقبة ليا، كل اللى بتقولي دا عندى معناه كلمة واحدة أنه بيراقبني بس..
تركتها وخرجت من المكان فى صمت وحدها، تنفست بأختناق ثم قالت:-
-أن كان حب فأنا فى غني عن بطريقته دى..
ظلت فى البهو وحدها تسير دون توقف حتى ينتهي هذا الحفل وتستطيع العودة للمنزل، شعرت بخطوات خلفها تقترب تحفظها جيدًا لتأخذ نفس عميق قبل أن تشعر بالبلطو الخاص به يوضع على أكتافها، نظرت للبلطو بصمت ثم رفعت نظرها إليه، وقف جوارها ينظر للأمام لتقول:-
-أنا مش سقعانة!
حاولت خلع البلطو عنها لكنه أوقفها بكلمته البسيطة التى تفوه بها:-
-لكنك جميلة
عادت “مريم” بنظرها إليه بأندهاش فهل أستغرق كل هذا الوقت حتى يجمع شجاعته ويخبرها بأنها جميلة اليوم فى حين أن كل من رأها قالوا هذا الشيء، لكن قلبها الأحمق أنتظرها منه والآن تراقص فرحًا بين ضلوعها ورغم سماعها لهذه الكلمة كثيرًا اليوم إلا أن منه كانت كالسحر الذي وقع عليها ليهزم لكل حصونها والحواجز التى صنعتها بينهما..
تابع “جمال” كلماته بنبرة هادئة يسخر من موظفيه دون النظر إليها:-
-الأغبياء قولتلهم متخلهوش جميلة جداً، تفتكري دا غلطهم ولا غلطتك أنتِ لأنك جميلة
نظرت للجهة الأخري مُبتسمة خفيًا عليه وهو يحاول أن يعلم سر جمالها اليوم حتى يعاقب المُسبب على هذا الجمال الذي جعل الجميع ينظرون إليها بإعجاب، تنحنحت بجدية تحاول أن تخفي سعادتها حين قالت:-
-عن أذنك!!
ألتفت لكي تغادر فأستوقفها بنبرة هادئة مناديًا إياها:-
-مريم!!
توقفت محلها لتُصدم عندما ألتصق بها من الخلف وأصبحت أنفاسه تضرب خديها بسبب قربه ويديه تتسلل إلى خصرها برفق فهمس إليها بنبرة أفقدتها المتبقي من صمودها أمام قلبها المُتسارع:-
-لحظة من فضلك!!
أغمضت عينيها بأستسلام لطلبه وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة فى حضرته وعطره الرجولي يغتصب أنفها مع أنفاسها وتشعر بدفئه الذي لطالما أحبته وأخبرته به، أبتعد عنها مُبتسمًا بمكر بعد أن أفقدها قوتها أمامه وأشعل نيران العشق بداخلها بتصرفه عن عمد لتفتح عينيها بعد أن ترك أسرها ونظرت له فأشار إليها بعلبة سجائره والقداحة التى حصل عليها من جيب البلطو فكزت على أسنانها غيظًا منه وذهبت من أمامه، ضحك “جمال” عليها وأشعل سيجارته بينما دلفت هى للداخل غاضبة وتشتعل من الضجر منه بسبب ما فعله بقلبها وكأنها هزمت أمامه من جديد وقالت بعتاب لحالها:-
-غبية كان لازم تردي له القلم، لكن أنتِ يا مريم أستسلمي لقلبك الغبي..
______________________________
حاول “حمزة” العثور على رقم هاتفها الجديد حتى يتصل بها ويخبرها بما طلبته “سارة” لكن لا أحد يساعده فى ذلك فقرر مراقبتها حتى تسنح له الفرصة بالحديث معها، ظل يجلس فى سيارته قرب القصر حتى رأي سيارة “جمال” تمر من امامه وهى تجلس بداخلها فتأفف بضيق من هذه الفرصة التى فشلت قبل أن يفعل شيء بسبب وجود “جمال”، دخلت السيارة للقصر بعد أنهوا الحفل وترجلت هى أولًا غاضبة منه وأتجهت للأعلي وقدميها تكاد تكسر الأرض من ضربتها فى المشي لتقول “حنان” بقلق:-
-فى أيه؟
تأفف “جمال” بأختناق من تصرفاتها العنيدة والغضب الذي أصبح جزءًا منها وقال:-
-مفيش، أنا طالع أنام
صعد إلى غرفته بأختناق وأخذ حمام دافئ ثم صعد للفراش ووضع الهاتف جوراه على الكمودينو فوقع نظره على هذه الدمية التى صنعتها له فى عيد ميلاده وأحتفظ بها قرب فراشه وهذه العلبة السوداء ليلتقطها بحيرة ثم فتحها وظل ينظر إلى خاتم الزفاف الذي أشتراه من فرنسا فى سفره لأجلها، أعتقد أن طلبها للزواج والأعتراف بمشاعر شيء سهلًا وأشتري الخاتم لكن الأمر صعبًا عليه تمامًا كلمس نجمة فى السماء، وضع الخاتم مكانه على الكمودينو وأشعل سيجارته ينفث بها غضبه ….
______________________________
كانت “سارة” تقود سيارتها فى الطريق وتوقفت فجأة لتصطدم السيارة الموجودة بالخلف فى سيارتها وترجل منها رجل فى أواخر الأربعينات من عمره يرتدي بدلة سوداء ويصفف شعره الأسود للأعلي بجسد نحيف وعيني سوداء ببشرة فاتحة قليلًا ونظر للسيارة الخاصة به بعد أن كُسر مصباحها الأمامي فتأفف بضيق وهو يغلق زر سترته وسار نحو السيارة ليطرق بأصابعه على النافذة، فتحت باب السيارة وترجلت “سارة” سكيرة وجسدها يهتز يمينًا ويسارًا تكاد تفقد توازنها وقالت بلطف:-
-أنا أسفة جدًا
تتطلع الرجل بها امرأة جميلة تصغره بالعمر تضع مساحيق التجميل وشعرها الأسود القصير يداعب عنقها المُثير، ترتدي فستان أسود اللون قصير يصل لفخذيها وبدون أكمام يظهر أكتافها النحيفتين وعظام رقبتها الجميلة، تبسم بإعجاب بهذه المرآة وقال:-
-ولا يهمك دى فانوس المهم أنتِ كويسة
أومأت إليه بنعم وهى تتعمد الأرتطام بيه مرات متتالية ليتشبث بخصرها بلطف وقال:-
-تحبي أوصلك
أجابته بنبرة ناعمة مُثيرة تليق بعملها كراقصة سابقًا ومديرة نوادي ليلية حاليًا:-
-عشان متعبكش
هز رأسه بلا برحب شديد فى التقرب لهذه المرأة وأغلق سيارتها ثم أخذها فى سيارته وأنطلق بها إلى حيث منزلها وقبل أن تنزل قدم لها بطاقة عمله وقال:-
-أتمني أشوفك مرة تانية
تبسمت إليه ثم قبلت بطاقته أمامه ونزلت بجسدها الهزيل من سيارته لينطلق فى طريقه فضحكت “سارة” بمكر كأنها حققت هدفها ونظرت إلى البطاقة وقرأت أسمه بخبث ووجه يخفي خلفه الكثير من الخطط الشيطانية عكس وجهها الجميل:-
-نادر الهواري… أكتملت أول خطوة يا جمال… أستناني
صعدت وهى تحمل فى طياتها الكثير من الخطط وكأنها تصبو إلى طريق لا يعلم ماهيته سواها…..
_______________________________
“قصــــر جمــــال المصـــري”
كان الجميع يستعدون لأستقبال هذا الشاب الذي تقدم لخطبتها ورفضه “شريف” بسبب غياب “جمال”، رأت “مريم” وجوه الجميع كأنه يخشوا الأبتسام فى هذا اليوم خوفًا منه فسألت “نانسي” بقلق:-
-نانسي، هو جمال…
قاطعتها “نانسي” بنبرة هادئة تخشي أن يسمعها أحد:-
-أبعدي عنه الساعة دى يا مريم لحد ما الضيوف دول يمشوا، من ساعة ما أستاذ شريف قاله أمبارح على الميعاد ولحد دلوقت طرد 7 خادمات لأسباب مش هتتخيلها زى أن نقطة من القهوة وقعت على الفنجان من برا، التانية فى شعرة خرجت من الكحكة فطردها لأن هيئتها غير مشرفة للقصر والثالثة ظفرها جرح التفاحة اللي متفهمش فين الكارثة فى كدة عشان يقطع عيشها… فالله يخليكي أبعدي عنه عشان أنا حاسة أن القصر دا هيتصفي على أيدك ومش هيفضل غير حنان
ضحكت “مريم” بعفوية على تصرفاته فهل الغيرة أكلت عقله عوضًا عن قلبه فقالت ببسمة تنير وجهها:-
-هو فين؟
-فى المكتب
أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها بصدمة الجمتها وقالت:-
-من ساعة ما رجع من الشركة، مغيرش هدومه الناس على وصول
تأففت غيظًا من تصرفاته وهل الآن سيستقبل الضيوف ويظهر أمامهم فوضوي لأجل غيرته دلفت للمكتب ورأت الغرفة معبأة بالكثير من الدخان بسبب كم السجائر التى حرقها كقلبه المُحترق فبدأت “مريم” فى السعال ليطفي سيجارته سريعًا وضغط على زر تنقية الهواء وفتح النوافذ لأجلها، مررت يدها على أنفها بضيق ثم قالت:-
-أنت ملبستش؟ الناس على وصول
-كفاية أنتِ تلبسي وتتأنقي
قالها بسخرية لتذهب إلى المكتب وألتفت حوله ثم مسك ذراعيه وبدأت تسحبه بقوة قائلة:-
-قوم يا جمال
لم يتحرك له ساكنًا فجسدها الضعيف لن يقوى علي تحرك بنيته الجسدية القوية لتتوقف عن سحبه بالقوة ونظرت إلى عينيه ويدها تمسك يده بدفء ثم قالت ببراءة:-
-ممكن تقف
لبي طلبها بتأفف شديد فتبسمت وهى تعلم ان القوة ليست سبيله بل باللين سيفعل لأجلها أي شيء، لتمسك أكتافه وتُديره إليها حتى يصبح مُقابلها تمامًا وبدأت تهندم له بدلته ورابطة عنقه بلطف وقالت:-
-ممكن تفرد وشك شوية، أنت مش رايح تحارب ولا تعزي فى موتي
تنحنح بلطف وتنازل عن غضبه قليلًا ورأسه مُنخفضة إلى حيث وجهها وقصرها جواره وقال بتمتمة:-
-بعد الشر عنك
رفعت يدها إلى شعره ترفع خصلته الفوضوية للأعلي بلطف ثم تبسمت إليه ليقول بنبرة خافتة:-
-أنتِ عايزاه يا مريم؟
نظرت إلى عينيه الحزينة لكنها تحمل من الغضب أضعاف هذا الحزن لتقول بنبرة خافتة:-
-اه على الأقل مش هشيل هم المكان اللى هروحه بعد ما أمشي من هنا ولا مش واخد بالك أن باقي سنة إلا شهرين ووصيتك عليا تخلص، هو أكبر مني بسنة وإنسان كويس وطموح ومعايا فى كلية إعلام بيحضر ماجستير ونزل تدريب فى أكثر من قناة وصنع لنفسه برنامج على اليوتيوب وبيكسب كويس جدًا من قبل ما يتخرج ودلوقت بيقدم برنامج كورة وعنده بيته ومامته متوفي وعنده أخ واحد، وبيحترمنى جدًا وبيساعدنى فى دراستي ومُتفهم أنى أرملة يعنى في كل المميزات اللى بتدور عليها أى بنت فى أى راجل عايزة تعيش معاه……
قاطعها بتنهيدة بأختناق سافر من حديثها عنه وكأنها سقطت فى غرامه، أنزل يدها عن رابطة عنقه بضيق شديد وعينيه تحدق بها ثم قال:-
-كل دا شعر فيه، أنتِ بتحبيه يا مريم
رفعت رأسها بسخرية إليه وتطلعت به بنظرة صامتة ثم قالت:-
-وأنا خدت أيه من الحب يا جمال؟ ولا حاجة غير الوجع والفراق وعياط طول الليل، الحب عشان أعيشه لازم أعيش قسوته وأنا أستكفيت قسوة
شعر بنظرتها وحديثها بأن تلقي بالحديث عنه عندما أخبرته بأنها تحبه ماذا فعل غير الهجر والقسوة ورفضها رفض قاطع، كز على أسنانه بضيق ثم قال ببرود شديد:-
-ما دام مش بتحبيه يبقي مش هتتجوزيه
كاد أن يمر من أمامها لتمسك ذراعه بقوة غاضبة من قراره وقالت:-
-بس أنا موافقة أنت مين عشان تعترض…….
قاطعها للمرة الثانية لكن هذه المرة بقبلة على شفتيها التى تثرثر بالكثير عن هذا الزواج ورجل أخر غيره لتُصدم “مريم” من فعلته ورفعت يدها تبعده عنها ليمسك يديها بأحكام ويضغط عليهم بقوة حتى كاد أن يعتصر رسخيها فى قبضته القوية، أبتعد عنها ثم قال ببرود بينما يمر سبابته على شفتيها بلطف:-
-أنا حذرتك أشوف قلم روج فى وشك يا مريم… كدة بقيتي أحلى
أستشاطت غضبًا منه وهى تكتم أنفاسها من الغيظ وتراه يذهب بعيدًا فقال ببرود شديد يزيد من أستفزازها وهو يسير للخارج دون أن يتطلع بها:-
-حاولي تجيبي واحد بالبطيخ هيبقي طعمه أحلي…
أغلقت قبضتيها بأحكام قبل أن تذهب وتضربه فى وجهها من الغيظ الذي ألقاه بداخلها، أتجهت للأعلي رغم غضبها لكن قلبها الأحمق غارقًا فى حب هذا الرجل مسحت أحمر الشفايف ووضعت لون غيره أخف من الدرجات البنية ونزلت بسرعة عندما أخبرتها “نانسي” بحضور ضيوفها، وقفت على الدرج تستمع لحديثهما ليقول الشاب بلطف وبسمة لا تفارقه:-
-أنا بصراحة… معلش سامحنى على توتري أصلها أول مرة… أنا جاي طالب أيد أنسة مريم…
توقف عن الحديث مرة أخرى لكن هذه المرة بسبب وقوف “جمال” من مكانه وأغلق زر سترته ببرود شديد ثم قال بلهجة جادة:-
-هعتبر نفسي مسمعتش جملتك… وصله يا شريف للباب
وقف الشاب بأرتباك ثم قال بحيرة من رد فعله:-
-هو أنا عملت حاجة؟ أو حضرتك سمعت عني حاجة وحشة
ألتف “جمال” له بهدوء أعصاب كأنه جبل جليدي وقال:-
-لا طبعًا بس أزاى جاي تطلب أيد خطيبتى مني
أتسعت أعين “مريم” على مصراعيها بصدمة ألجمتها ثم نظرت إلى “نانسي” التى تقف جوارها وهكذا “حنان” وقالت مصدومة كأنه صعقها بالكهرباؤ للتو وتشير على نفسها:-
-خطيبته!! مين خطيبته….. أنا!!!!
يتبع…
رحل الشاب مع أخاه من القصر لتنزل “مريم” إلى الصالون بغضب سافر بسبب كلمته التى ألقاها كالقنبلة تنفجر بها وقالت:-
-خطيبتك!! مين خطيبتك إن شاء الله… أنا… خطبتني أمتي، معقول معزومتنيش على خطوبتي
أجابها بنبرة غليظة غاضبًا من هذا الموقف واليوم جاء رجل لطلب يدها وغدًا ماا سيحدث هل ستخبره بأنها سقطت فى الحب:-
-غوري من وشي يا مريم دلوقت، وإياكِ الموقف دا يتكرر تاني
صرخت بأنفعال شديد به أثناء وقوفها فى البهو وقالت:-
-ما أنا كنت عايزة أغور من هنا خالص لكن حضرتك…ههههه والله خطيبتك ومين قالك أني هوافق أتخطب لك
ألتف إليها قبل أن يدخل المكتب وقال بسخرية من رأيها:-
-ومن قالك أني محتاج رأيك، أنتِ دلوقت خطيبتي
-خطيبتك منين أنا؟
قالتها بصراخ ثم ألتفت إلى “شريف” وقالت بصدمة ألجمتها:-
-أنا خطيبته؟
أومأ إليها بنعم فطالما قال “جمال” بأنها خطيبته سيخبرها العالم أجمع بأنها خطيبته صرخت من الغيظ وأتجهت إلى “نانسي” وقالت:-
-أنا خطيبته يا نانسي
-اه
قالتها “نانسي” بخوف من مخالفة كلمته التى تشبه الأمر لتحاول “مريم” تمالك أعصابها وأغلقت قبضتها بأحكام قبل أن تجن وسألت “حنان” بنبرة مرتجفة قائلة:-
-أنا خطيبته يا حنان
-أيوة يا مريم
صرخت من الغيظ وهى تقول:-
-خطبتني منين وأمتي أنتوا عايزين تجننوني
ربتت “حنان” على كتفها بلطف ثم قالت:-
-ما دام هو قال خطيبته يبقي خطيبته وأهدئي يا مريم بدل ما يخرج من جوا ويقولك مراته وهتلاقي قسيمة جواز تثبت أنك مراته فعلًا
وضعت يديها على وجهها بصدمة مما تسمعه الآن، صعدت لغرفتها غاضبة من الجميع رغم قلبها الذي يشعر بعكس عقلها الذي يكاد يجن ويفقد صوابه، قلبها الذي يفقز على ضلوعها الصلبة من الفرح ودقاته تسبب الإزعاج إلى هذا العقل، ألقت بجسدها على الفراش مُستسلمة لهذا الصراع الذي يحدث بداخلها بين القلب والعقل….
____________________________
داخل الملهي الليلي وسط أصوات الموسيقي والرقص وصراخ الشباب، ولج “نادر” وترجل الدرجات الحديدية وسط الزحام لتبتسم “سارة” بمكر عندما رأته ووقفت تنهدم فستانها الذي يشبه قميص النوم من كثرة التعري فكان فستان أزرق طويل مفتوح من جهة اليمين من الفخذ ويظهر قدمها كاملة وبحمالة رفعية وعاري الظهر كليًا وترتدي حذاء أبيض بكعب عالي، بعثرت شعرها بطريقة عفوية ثم أتجهت نحوه بخطوات دلالية حتى وقع نظره عليها فتبسم بإعجاب وهو يتفحصها من الرأس حتى
اخمص القدم وخطواتها المُثيرة وعندما وصلت أمامه قالت:-
-نورت المكان كله
أخذ يدها الناعمة فى راحة يده وأنحنى ليضع قبلة عليها ثم قال بلطف:-
-المكان منور بالجمال اللي فيه
تبسمت بدلال ثم قالت:-
-تحب تقعد فى الصالة ولا نطلب المشروب فوق في مكتبي في الهدوء بعيد عن الدوشة
أجابها بلطف وعينيه تتجول فى المكان قائلًا:-
-زى ما تحبي
تبسمت وسلكت الطريق أولًا إلى مكتبها لتصعد الدرج الحديدي الموجود بالخلف وهو أول مكان يكون خاليين من الزبائن فى هذا المكان المزدحم، صعدت بدلال أمامه وهي تشعر بنظراته التى تلتهمها فتبسمت بخبث وصرخت بألم بعد أن التوى كاحلها بالكعب العالي ليتشبث “نادر” بها بقلق وهو يقول:-
-حصل أيه؟
-اااه رجلي
قالتها بدلال مُفرط وعينيها لا تفارق عينيه كأنها تلقي عليه تعويذة النظرات السحرية فقال بلطف:-
-أسمحيلي
حملها على ذراعيه وصعد بقية السلالم بها لتلف ذراعيها حول عنقه حتى أصبحت على قرب كبير منه وبات يشعر بحرارة جسدها البارد من التكيف وخصيصًا فى هذا الشتاء وأنفاسها الدافئة تضرب وجهه، دخل للمكتب وأنزلها على الأريكة بلطف ثم جلس على الارض أمامها ورفع قدمها على ركبته وخلع حذاءها لتبتسم عليه فهو رجل أعمال ذو نفوذ كثيرة والآن يجلس عند قدمها برحب شديد، قالت بدلال مُصطنعة الألم:-
-اااه
نظر إلى وجهها ثم إلى قدمها من جديد وبدأ يدلكها بلطف، راقبت “سارة” عينيه التى تعتصر جسدها بنظراته خلسًا لكنها قرأتها بمهارة عيناه التى تسعى لأكتشاف كل أنش بها وتشعر بيده تحسس قدمها بلطف فتبسمت بخبث شديد كالصقر الذي حصل على فريسته للتو وسحبت قدمها منه بلطف ثم قالت بنبرة ناعمة خافتة:-
-شكرًا تعبتك معايا
وقف من مكانه ليجلس جوارها مُبتسمًا وهو يتفحصها عن قرب لتهرب من هذه النظرات إلى المكتب ورفعت سماعة الهاتف كي تطلب زجاجة من الخمر الفاخر غالية الثمن لأجلهما وبدأت تتدلل عليه كلما سكبت إليه كأس متعمدة أن تزرع بداخله سحرها الأنثوي بضحكات رقيعة وهمسات فى الأذن ومداعبة رابطة العنق حتى تصل يدها إلى عنقه تمامًا كما فعلت مع “مُختار” وأستطاعت أن تسحبه للزواج وظلت زوجته لسنواته طويلة لأول مرة فهى الوحيدة التى أستطاعت أن تكن زوجته لسنوات فالبقية لا يكملن شهرًا واحدًا معه، ممارستها لسحرها علي هؤلاء الرجال سلس كتنفسها الهواء بسلسة دون أى مجهود، أنهوا زجاجتهما التي شربها “نادر” كاملة تقريبًا فى حين أن “سارة” لم ترتشف سوى كأسين فقط، وقفت بدلال من الأريكة وقالت:-
-هطلب واحدة تانية
مسك “نادر” ذراعها بقوة وجذبها لتسقط على قدميه جالسة وقد فاض به الأمر من دلالها المُفرط ووصل لأقصي درجات الصبر فى تذوق هذه المرأة، شعرت بيديه تداعب ظهرها العاري من الخلف والأخري تسللت إلى وجهها يلمسه بدلال وقال بحالة سُكر:-
-كفاية… أنا …
توقف عن الحديث عندما طبع قبلته على عنقها لتبتسم بدلال ثم فرت هاربة من بين ذراعيه بمكر بعد أن زرعت بداخله الرغبة بها….
____________________________
“قصـــــر جمــــال المصــــري”
ترجلت “مريم” من الأعلي صباحًا مُرتدية بنطلون جينز وتي شيرت أبيض اللون وفوقه بلطو باللون الازرق وترتدي حذاء رياضي بنفس لون تي شيرتها وتصفف شعرها على الجانبين بحرية دون أن تقيده بأى دبوس شعر، تحمل حقيبة ظهرها الصغيرة فى يدها وهاتفها، أخذتها “حنان” للإفطار وهناك راته يجلس على السفرة فرفضت الجلوس بخطوة للخلف لكن “حنان” دفعتها للأمام قائلة:-
-أرجوكي أقعدي أفطرى معه، مستر جمال مراحش الشركة لحد دلوقت عشان يفطر معاكي … أقعدي
تأففت بضيق ووضعت الكتب والحقيبة على السفرة بضيق وعصبية ليرفع نظره إليها من عصبيتها فتحاشت النظر إليه وبدأت تأكل فى صمت بتعجل حتى ترحل ليقول بنبرة حادة:-
-مش محتاج أقولك لو عرفت أنك اتكلمي معاه أو حتى عينيك جت عليه هيحصل أيه
تنهدت بضجر وتركت الشطيرة من يدها فى الطبق ثم نظرت إليه وقالت ببرود أعصاب:-
-والله أنا اللى مش محتاجة أفكرك أنك تصلح اللى بوظته أمبارح وتقولهم أنى مش خطيبتك ولا نيلة وبعدين دى عيني وانا حرة فيها تبص علي اللى عايزاه
تبسم وهو يضع المربي بالسكين فى شطيرته دون أن ينظر إليها وقال ببرود سافر:-
-بس أنتِ خطيبتي
بروده الثلجي أشعل نيرانها كأنه يتعمد هذا الشيء ويتلذذ برؤيتها تغلي كالبركان لترفع يديها الأثنين فى وجهه وقالت بضيق:-
-أنا سنجل ومش خطيبتك ولا حضرتك مش ملاحظة أن أيدي فاضية
نظر لها بطرف عينيه نظرة مُخيفة أرعبتها ثم قال:-
-عشان كدة نزلتي أستوري على الواتس بليل مصورة أيدك الفاضية وكاتبة الحمد لله على نعمة السنجل، كنتِ بتوصلي له رسالة أنك مش خطيبتي مثلًا ولا بتطلبي منى أجبلك خاتم الخطوبة بس بشياكة
وضعت ذراعيها على السفرة مُتكئة عليهم ببرود شديد مثله وحدقت بعينيه مباشرة وقالت:-
-بالظبط بوصل له رسالة أنى مش مخطوبة واللى قولته مجرد تخاريف ونصيحة مني متحاوليش تختبر صبري كتير لأنك متتخيلش جناني ممكن يوصلني لفين يمكن أرجعلك من الجامعة فى أيده وأقولك أنا أتجوزت
قالتها ببرود ترد له القنبلة التى قذفها بها ثم وقفت من مكانها كي تغادر لكنها لا تدرك ما فعلته بكلمتها إليه وما العواقب التى ستحل عليها نتيجة نصيحتها المعتوهة، تنهد بغضب محاولًا كبح غضبه بعد كلمتها وهى تهدده بأنها تستطيع الزواج من غيره إذا أرادت فوقف “جمال” من مكانه، سارت بخطوات سعيدة وهى تعلم بأنها أنتقمت منه للتو وانتصرت لكن سرعان ما تلاشت بسمتها عندما حملها على كتفه بسهولة لتصرخ بصدمة أحتلتها وسقطت حقيبتها وهى تضربه على ظهره بغضب وتقول:-
-أنت أتجننت يا جمال، نزلنى
صعد للدرج بها غاضبًا لينظر “شريف” إلى “حنان” فقالت بأستسلام:-
-راحت أيام الهدوء فى القصر دا، إحنا لازم نستعد للحرب
ضحك “شريف” فالقادم بين هذا الثنائي حربًا فعلًا وكل واحد منهما يفكر فى قذف التاني أولًا ليرد الأخر بالأنتقام، صعد “جمال” للردهة وهى لا تتوقف عن الصراخ ويقول بجدية صارمة:-
-أنا هوريكي أزاى تفكر فى الجواز من ورايا
فتح باب غرفتها وأنزلها فى منتصف الغرفة لتهندم شعرها المُبعثر بأنفعال وحدقت فى وجهه بغضب سافر قائلة:-
-أنت مجنون رسمي، أنت فاكرني كلبة عندك وهتحبسني هنا
لم يبالي بكلمتها ووضع يده فى جيب سترته الداخلي وأخرج منه العلبة ليفتحها بانفعال وأخرج الخاتم منها ووضعه فى بنصرها الأيمن بقوة لتتألم من فعلته وحاولت جذب يدها منه بكل قوتها ليقول بعناد وكبرياء شديد:-
-عشان أيدك متبقاش فاضية
دفع يدها بغضب أحرق كل خلايا عقله من كلمتها فكادت أن تنزع الخاتم من يدها ليقول بتهديد صريح:-
-جربي تقلعيه يا مريم وأنا هجبلك هدية ملفك من الكلية وأبقي وريني هتكلمي سنتك الأخيرة أزاى
توقفت عما تفعله وتركت الخاتم فى يدها وعينيها تحدق به فى صمت لا يخرج منها سوى صوت أنفاسها المرتفعة التى تخترق أذنيه لتخبره كم هى غاضبة وتحترق من الداخل كعقدة حاجبيها وتقوس شفتيها كل تعابير وجهها وجسدها يطلقوا العنان لهذا الغضب أمامه، تبسم على هذا الغضب وشعر بأرتياح فى داخله بعد أن رد لها جمرة الغضب التى أحترقته بها بالأسفل وأنحني قليلًا قرب رأسها وهمس فى أذنها ووجنته تلمس وجنتها المُلتهبة من الغضب:-
-قولتلك مشوفش قلم روج فى وشك بس واضح انها عجبتك
أدارت رأسها له بخجل بعد أن أزدردت لعابها الجافة فى حلقها بدهشة من تحوله المُفاجئ وهى تعلم أنه يتحدث عن قبلته لتتقابل عيونهما ويسرق منها قبلة جديدة بسرعة وهرب من أمامها قبل أن يعطيها المجال لمقاومته أو دفعه بعيدًا، ظلت محلها كالجبل المتجمد مكانه بعد أن أنصهر غضبها من قبلته كأنه أطفي النار التى بداخلها بهذه القبلة السحرية، لم تشعر بشيء سوى صوت الباب يغلق من الخارج بالمفتاح لتسرع إليه بصدمة وقالت:-
-جمال، أفتح جماااال
ضربت الباب بقدمها بضيق ثم جلست على الفراش بأستسلام للأمر ولمست شفتيها بسبابتها ببسمة رُسمت للتو عليهما لأجله وبدأ قلبها يقتل صراخ عقلها المتحجر، لمحت لمعة الخاتم وهى تمرر يدها على شفتيها فأنزلتها لتنظر إلى الخاتم بسعادة فكان رقيقًا جدًا يليق بأناملها النحيفة لتُتمتم بلطف:-
-أنا بقيت خطيبته بجد؟!
____________________________
تبسم “حمزة” وهو جالسًا فى سيارته أمام القصر بعد أن حصل على رسالة للتو تحمل بداخلها رقم “مريم” الشخصي فأنطلق بسيارته وهو لم يعد بحاجة إلى المراقبة هنا فبمجرد أن يتصل بها ستهرع إليه وتأتيه مهرولة دون تفكير، يكفيه أتصال واحد إليها، لكن سعادته تضاعفت من المُرسل الذي قبل بالتعاون معه من داخل القصر ليكون عينًا له ومساعده فى أى شيء يريد أن يفعله داخل القصر دون أن يجازف بحياته…..
___________________________
“شــــركــة الجمــــال جى أند أم للألكترونيات”
فتحت “أصالة” باب المكتب وولجت بهدوء حتى وصلت إلى مكتبه وهو مُنغمس فى عمله بجد لتقاطعه لطف عندما قالت:-
-نادر الهواري متصدر الأخبار النهار دا
فتحت له الشاشة المجاورة للمكتب ليظهر له المقالات الكثيرة التى كُتبت عنه بطرق مُختلف لكن محتواها واحدًا
(رجل أعمال صالح فى الصباح ويقدم الخدمات للشعب وفى المساء يتردد على الحانات والنوادي الليلى)
تبسم “جمال” وهو يعود بنظره إلى اللابتوب الخاص به وقال بسخرية:-
-هم كانوا فاكرين أنه صالح بجد!! ميعرفوش غير الظاهر اللى بيحصل على المسرح لكن اللى خلف الكواليس لا، اللى زينا جوا هم بس اللى عارفين قذارته وأن مفيش مشروع دخله إلا بطرق غير مشروعة ومخالفة، بس متقلقيش يا أصالة ما دام الصحافة حط عينيها عليه هتكون مسألة وقت ويعرفوا عنه كل حاجة
تبسمت بفخر شديد كونها تعمل مع هذا الرجل لسنوات وقالت بلطف:-
-فى نفس الوقت الصحفيين اللى متعاقدين معانا بدأوا ينشروا مقالات عن شركتنا وسيرتك المهنية اللي زى البرلنت
أومأ إليها بنعم ثم تذكر “مريم” ليخرج بطاقته البنكية فتبسمت “مريم” بحماس وتحدثت قبل أن يفعل:-
-أجيب أيه؟
ضحك بخفة لأول مرة على حماسها ثم قال:-
-بقيتي حافظني يا أصالة
نظر نحو الباب بأرتباك من أن يدخل “شريف” ثم قال:-
-أشتري هدية تنفع تكون هدية خطوبة وفى نفس الوقت للصلح
أتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة من كلمة خطوبة وظلت تحدق به وفمها مفتوح من الذهول ليقول بجدية:-
-مالك يا أصالة؟
فاقت من شرودها وقالت بخوف من جديته وتحوله المفاجئ هاتفة:-
-تحت أمرك ..
____________________________
“قصـــــر جمـــــــال المصـــــري”
خرجت “مريم” من المرحاض بعد أن أخذت حمام دافئ وجلست أمام المرآة تجفف شعرها بمجفف الشعر الكهربائي ففتح باب الغرفة لتترك المجفف من يدها وألتفت كي تنظر للباب وكان “جمال” الذي عاد من عمله بعد يوم طويل حبسها به داخل غرفتها، دُهشت عندما رأته يحمل باقة من الورود الحمراء مصنوعة داخل صندوق أسود على شكل قلب، وقفت من مكانها مذهولة من رؤيته يأتي إليها بورد وهذا لا يليق بشخصيته التى تعرفها، رمقها بنظره صامتًا وهى تسير نحوه حافية القدمين مُرتدية بيجامتها الوردي المصنوعة من الفرو لتحميها من هذا البرد القارس فى شهر فبراير وشتاءه وشعرها مسدول على الجانبين وظهرها بفوضوية وما زال يحمل بها بعض قطرات المياه، وصلت أمامه وعينيها لا تفارق بالباقة ولمعت ببريق الحب كأي فتاة تحصل على هدية رومانسية من حبيبها، رفرف قلبها بسعادة تغمرها كليًا لتقول بهدوء:-
-أيه دا؟
حاول أن يخبرها بأن هذا لأجلها لكن الكلمات كانت صعبة عليه فى الخروج والنطق بها، تلعثم كثيرًا أمامها رغم أنه ربت كلماته أثناء طريق عودته لكن أمامها تهرب الكلمات منه ولا يقوي على فعلها، رأت “مريم” ربكته وتلعثمه لا تعلم أهذه الكلمات البسيطة صعبة عليه بهذا القدر، مُنذ دخلت لهذا القصر ولم تجده عاجزًا أمام شيء لكن اليوم عجز كليًا فى التفوه بالقليل أمامها، تسألت أتعاقب قسوته التى جعلت من قلبه مُتحجر لهذه الدرجة أم تعاقب “مُختار” وزوجته على خيانتهم له حتى صنعه منه هذا الوحش الذي يخشي الحب ولا يستطيع النطق به، تبسمت بلطف وأخذت الباقة من يده بهدوء مُتفهمة موقفة ثم قالت:-
-شكرًا
-العفو
قالها بحرج شديد ثم ألتف كي يغادر لكنها أستوقفته بكلماتها اللطيفة عندما قالت:-
-أبقي شوفي الأستورى
أكمل طريقه للخارج وأتجه إلى غرفته ويده تخرج الهاتف من جيبه، فتح مقبض الباب ودخل وبيده الأخري يفتح تطبيق الواتس أب ليفعل كما طلبت منه، رأها حذفت حالة أمس ووضعت اليوم حالة جديدة بصورة لها جميلة وتضع يدها بين خصلات شعرها تظهر خاتمها وكتبت أسفل صورتها
(I got engaged)
تبسم بعفوية بعد أن أعلنت للجميع بأنها خُطبت والآن أصبحت تملك رجل فلن يقترب منها أخر، قال بعفوية وهو يلقي بسترته والهاتف على الفراش:-
-تستاهلي الهدية
دلف للمرحاض وأخذ حمام دافئ لكنه أنهت سريعًا عندما سمع صوت صراخها من الخارج، خرج من المرحاض بروب الأستحمام ليستمع لصوت الرعد والامطار الشتوية فألتقط هاتفه وضغط على الضبط ليقول “جين” بصوته القوي الالي:-
-لقد تم تفعيل عازل الصوت
لا يعلم ماذا يحدث لها عندما تسمع صوت الرعد وأى حالة هلع تصيبها، أرتدي ملابسه سريعًا وخرج إلى حيث غرفتها ليراها مُنكمشة فى ذراتها بغرفة الملابس الوردات الجميلة منثورة على الأرض، بحث عن “نانسي” لكنه لم يجد لها أثر ليكز على أسنانه بضيق من هذه الخادمة التي أمرها بألا تفعل شيء سوى مرافقتها والأعتناء بها، أقترب منها بلطف ثم جلس على ركبتيه وكانت ترتجف وتضع يديها على أذنيها بقوة تحاول إلا تسمع شيء وتغمض عينيها التى تعود بها لهذه الليلة المُخيفة وصوت صراخها وتمزيق ملابسها يلحقها مهما ضغطت على أذنيها فهو عالق بعقلها من الداخل، منظر جثة “مُختار” والدماء المُنثورة بكل مكان لا تقوي على تحملها رغم إغلاق عينيها لكن هذه الصورة لا تفارقها، مسك “جمال”يديها بلطف ليبعدهما عن أذنيها وهى تنتفض كليًا، نجح فى إبعاد يديها عن أذنها ليُدهش عندما أنتفضت من مكانها بهلع وعانقته بخوف مُتشبثًا بعنقه، شعر بجسدها الدفء يخترق جسده الصلب ببرودته وألتصقت به كأنها تريد الأختباء داخل قفصه الصدري هاربة من هذا العالم، طوقها بذراعيه بحنان بعد أن سمعها تُتمتم بخفوت شديد:-
-دا ماضي يا مريم… دا ماضي يا مريم… دا ماضي يا مريم
همس إليها بنبرة دافئة يقول:-
-أنا هنا!!
ظل بجوارها حتى أدركت أن صوت الرعد أختفي وتوقفت هذا الأصوات الموجودة بداخلها تؤلمها، راقبها عن كثب حتى هدأت تمامًا ليقول:-
-أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم بحرج من ماضيها الذي تخفيه مُتحاشية النظر إليه، سألها بفضول:-
-أنتِ بتسمعيه أيه مع الرعد؟
وقفت من مكانها بخوف من ذكر الماضي وكيف تخبره بأنها قتلت أخاها مع أعتدائه عليها فهل سيصدقها من الأساس، صعدت لفراشها وقالت بخفوت وقلق:-
-أنا عايزة أنام
خرج من غرفتها مُتعجب لحالها دون أن يضغط عليها….
____________________________
وقف “حمزة” تحت الأمطار وصوت الرعد يسمعه بأستمتاع شديد وهو يعد له الذكريات مثلها تمامًا وقال:-
-الليلة دى مناسبة لشوفتك يا مريم….
أخرج هاتفه وأرسل لها رسالة تحمل صورة المسدس الخاص بـ “مختار” ومعه عنوان للقاء وقال برسالته (هستناك الساعة واحدة.. واحدة وخمسة لو مجتيش هتكون هديتي عند جمال فى المكتب)…..
يتبع…
ركضت “مريم” على الدرج بتعجل بسبب تأخرها فى النوم لتأخذ شيطرة من الطبق الذي تحمله الخادمة وقالت:-
-سلام يا حنان
ضحكت “حنان” على تعجلها، دخلت إلى غرفة السفرة وكان “جمال” يجلس هناك يقرأ الجريدة وتناول فطاره لتخبره بانها رحلت على عجل من أمرها، صعدت “مريم” للسيارة وتنفست بأريحية لينطلق بها “حسام”، فتحت هاتفها بهدوء بعد أن هدأت تمامًا لتري رسالة وصلتها من رقم مجهول ففتحتها لتُصدم مما رأته وكانت رسالة “حمزة” إليها، سقطت الهاتف من يدها فى أرضية السيارة من الذعر الذي أصابها وأزدردت لعابها بخوف تملكها….
___________________________________
أتصل “حمزة” بـ “سارة” وكانت فى طريق عودتها من الملهي الليلي فى تمام الساعة العاشرة صباحًا، أخرجت الهاتف من حقيبتها وهى تصعد الدرج لتراه يتصل مرات متتالية لتتجاهل اتصله وتغلق الهاتف من التعب وهى على وشك النوم، تأفف “حمزة” بضيق شديد ثم قال بتمتمة:-
-أحسن عن اللي خلفوكي ما ردتي، أنا عايز أشوف مريم لوحدي
_____________________________
ظلت “مريم” شاردة طول اليوم فى الجامعة حتى سمعت أذان الظهر لترتبك بذعر كلما أقترب الوقت فتسللت من الجامعة بحذر حتى لا يراها “حسام” وأخذت سيارة أجرة إلى المكان المحدد فشعرت بالخوف مما هي ذاهبة إليه لتخرج هاتفها وتفتح الموقع ربما يحدث شيء لها فيساعدها “جمال”، تسللت من سيارة الأجرة وسارت نحو المكان بخطوات بطيئة وقدميها تزحف على الأرض حتى ظهر “حمزة” من الخلف وضربها بالعصا على رأسها بقوة تحمل كل الحقد والغل الذي يحمله بداخله طيلة هذه السنوات التى قضتها مع “جمال” فى القصر، فقدت الوعي تمامًا وسقطت حقيبتها ….
_______________________________
“شــــركــة الجمــــال جي أند ام للألكترونيات”
تحدث “جمال” بجدية وهو جالسًا بغرفة الأجتماعات مع المهندسين:-
-أنا عايز المدينة دي تتكلم عنها البلد كلها مش لأنها أول مدينة ذكية وبالذكاء الأصطناعي، لا كمان من حيث الأمان والسلام
أجابه المهندس المسئول بجدية قائلًا:-
-متقلقش يا مستر جمال إحنا شغلنا على برنامج متكامل، مجرد ما ينتهي هنعرضوا على حضرتك
أومأ “جمال” له بنعم ثم نظر إلى “شريف” فتحدث بسعادة ونجاح:-
-الساعة الجديدة حققت نسبة مبيعات فى فروعنا هائلة، كانت الأكثر أستخدامًا بين الشباب تقريبًا زى الموبايل
نظر “جمال” إلى تقرير المبيعات فى صمت وهو يهز رأسه بالإيجاب وقال:-
-كويس جدًا دا ميزة أنك تكون مختلف وتقدم منتج مختلف وبسعر كويس
وضع يده على الطاولة بحماس من هذا النجاح الذي حققه وقال بإمتنان لعملاءه:-
-أعمل عليها خصم 50% على سعرها للي يشتريها من فروعنا والخصم ساري لمدة 15 يوم
تبسم “شريف” بسعادة وأومأ إليه بنعم فغادر “جمال” غرفة الأجتماعات وسار فى الردهة بينما أخرج هاتفه من جيبه وقال بجدية:-
-الساعة دى بعت لمريم واحدة منها
-اه مع أول إصدار وحبيتها جدًا
قالها “شريف” بلهجة رسمية، نظر “جمال” إلى حالتها الخاصة على الواتس اب للمرة المائة من الأمس كأنه مُعجب جدًا بهذا الخاتم الموجود فى بنصرها، خطرت بباله أن يهاتفها لكن سرعان ما توقف قبل أن يتصل رغم انقبض قلبه قليلًا دون أن يعلم سبب هذا الأنقباض والقلق، دلف إلى مكتبه ليتابع عمله مُتخطي هذا القلق الذي لا أساس له، دقائق ورن هاتفه برقم مجهول، تجاهله كثيرًا لكن “جين” تحدث قائلًا:-
-لقد أتصال أربعة عشر مرة يا سيدي
تأفف “جمال” من هذا الصوت الألي بلهجته العربية الفصحي وقال بضيق:-
-أستقبل الأتصال
وضع الهاتف على أذنه ليسمع صوتها المبحوح بصدمة ألجمته….
_______________________________
فتحت “مريم” عينيها بتعب وألم فى رأسها التى نزفت من قوة الضربة، لتجد نفسها جالسة على لوح خشبية فى مقدمة يجلس أحد ما وهي على حافته الأخري وأسفلها حوض زجاجي مليئة الماء، بدأت تتألم وصوت أنينها يزداد من من حركة رأسها لكن سرعان ما وضحت رؤيتها تمامًا لترى وجه “حمزة” بوضوح يجلس على المقعد أمامها مباشرة يحدق بها فقالت بخوف:-
-حمزة!!
تبسم “حمزة” على كلمتها بسخرية وتحدث بجدية وبسمته المُستفزة تعلو وجهه:-
-حمزة!! مفتكرش أنك ناديتنى ببابا أبدًا يا مريم
أبتلعت لعابها بخوف منه وقالت:-
-معتقدش أنك جايبني هنا عشان تسمعها بعد العمر دا كله
قهقه “حمزة” ضاحكًا ونظر على الطاولة الصغيرة الموجودة جواره ليتأكد بأن “جمال” يستمع لحديثهما عبر الهاتف ولم يغلق ثم قال:-
-دا حقيقة، أنا جايبك هنا عشان أعاقبك على أفعالك، مش معقول قاتلة زيك تعيش فى الهنا والسعادة دى كلها، جالك قلب منين تعيشي مع الراجل اللى قتلتي أخوه بأيدك
أتسعت عيني “جمال” مما سمعه كأن “حمزة” ألقي عليه دلو من الثلج فى عز الشتاء، بينما صرخت “مريم” بأنهيار أمام هذا الرجل قائلة:-
-مكنش قصدي، أنت عارف أنه مكنش قصدي يا حمزة ولا كنت فى وعي، أنت واثق من دا
ضحك بأنتصار بعد أن اعترفت بجريمتها وسمعها “جمال” ليفلق قلوبهما “حمزة” بسكين حاد ويقتل سعادتهما التى رأها فى مراقبته لها بفعلته، تحدث بسخرية قائلًا:-
-أعرف أو معرفش دا مش هيغير حقيقة أنك قتلتي مُختار يا مريم، تفتكري جمال بيه ابن القصر المُتحضر والعاقل هيغفر جريمتك،مكنش لازم تسيبني يا مريم وتروحي له بعد ما وقفت معاكي وخبيت جريمتك
جهشت باكية بأنهيار وعقلها لا يتحمل هذه الذكريات التى عادت لها والأصوات المُصاحبة لهذه الليلة ضربت أذنيها وعقلها، لكن هذه المرة لم تستطيع تكميم أذنيها بيديها بسبب قيدهما، بدأت تصرخ من الألم وقالت:-
-لا، لا، أنا مكنش قصدي… مكنش قصدي…. كفاية …. كفاية….. ااااااااه
صرختها أعادت الوعي لـ “جمال” وهو لا يفهم ماذا يحدث هناك ويسبب لها هذا الألم؟ أخذ هاتفه وخرج من الشركة كاملة بعد أن ولج إلى تطبيق “جين” ليجعله يتتبع موقع هاتفها أو ساعة يدها التى أخذتها من شركته، سمعها تتألم أكثر لينقبض قلبه أكثر ن وجودها مع هذا المُختل الذي يسعى لموتها أكثر ويتلذذ بتعذيبها…
مسكها “حمزة” من شعرها بلطف يصطنع الإشفاق على حالتها وهى بهذا الأنهيار ليقول:-
-عياطي… عياطي يا مريومة أنا واحشني صوت عياطك وصريخك، أقولك الأحسن صوتي
قالها وهو يخرج السكين المُفضل له من جيبه ومرره على عنقها لتتألم أكثر وعلى وشك فقد وعيها من الأختناق بسبب أنفاسها التى تلتقطها بصعوبة من الألم الداخلي الذي تحمله لهذه الليلة، تبسم “حمزة” إليها بسمة إنكسار وقال:-
-أنا كمان عيطت كثير على موت أغلي الناس لكن العياط مرجعش اللى راح
أجابته بحزن قوي ممزوج بالخوف منه وهى تعلم بأنها بين يدي الحجيم ولن يتردد فى نحر عنقها بكل سهولة:-
-لو كانت أغلي الناس مكنتش عملت اللى بتعملوا فيا، هى عمرها ما هتكون مبسوطة وهى شايفاك بتعمل فى بنتها كدة
توقف قليلًا يحدق فى وجهها ثم ترك رأسها وعاد إلى مجلسه يحدق بها، تلهث بقوة وترتجف رعبًا فقال:-
-أنا عمري ما كنت مبسوط بوجودك ولا بولادتك يا مريم، ولادتك سرقتها مني!!
تنهدت بهدوء شديد وعينيها تبكي ولا تتوقف عن الألم أمامه وهتفت بخفوت:-
-أنا حتة منها سابتها ليك، كان لازم تحافظ عليا وتحمينى مش تأذيني، لو كنت بتحبها كنت حبتني معاها
أشعل سيجارته بأختناق لينفث الدخان فى وجهها عمدًا وهى يعلم بأمر حساسيتها ثم قال:-
-حبيتك معاها! أنا كارهك عشام متشاركنيش فيها ولا فى حبها، أنا مفيش حد ممكن يشاركها قلبي، قلبي ليها لوحدها
سعلت من الدخان قليلًا وقالت بغضب من كلماته:-
-أنت مريض
صفعها بقوة على وجهها فخرجت منها صرخة قوية خلعت قلب “جمال” من محله عبر الهاتف فأغلق قبضته بغضب سافر وهو يتوعد لهذا الرجل بالموت اليوم على لمسها وتجرأه على صُنع الألم لها، فتح “حمزة” صنوبر المياه ليكمل ملأ الحوض فأبتلعت لعابها بخوف شديد ليقول بغضب:-
-كان لازم تيجي معانا يوم ما خدتك من قصره لكنك أخترتيه هو يا مريم، أخترتي رجل متعرفهوش عن أبوكي
تحدثت بأنهيار ودموعها تنهمر على وجنتيها قائلة:-
-الغريب دا أنا حسيت معه بالأمان اللى عمري ما شوفته معاك
تبسم بسخرية من أمرها وقال:-
-أمان!! حسيتي بالأمان مع واحد قتلتي أخوه
أنتفضت من مكانها وهي ترى الماء أسفلها على وشك السقوط من الحوض بسبب الأمتلاء ثم قالت:-
-أنا مكنش قصدي، أنت عارف أن وقتها مكنتش فى وعي، أنا معرفش أذي حد وألا كنت أذيتك أنت من زمان، أنا مكنش قصدي أقتله … مكنش قصدي والله
ضحك “حمزة” بخفة علي أنهيارها مُتلذذًا هذه اللحظات التى تحمل ألمها ووجعها كالمختل عقليًا وقال:-
-دا حقيقي يا مريم لو كنتِ تقدري تأذي حد كان لازم يكون أنا…
فتح باب المكان ودلف “جمال” للمكان فأخذ “حمزة” عصا حديدية ببسمة خبيثة شيطانية وسحبها خلفه على الأرض لتتذكر “مريم” كابوسها الغامض الذي تراه فى منامها…
(صراخها داخل مكان مُظلم لا تري فيه حتى أصابعها، صوت أستغاثتها سرعان ما تبدل الصوت بصوت أحتكاك الحديد بالحائط الصلب، ظلمة مُرعبة ومُخيفة ونيران مُشتعلة بنهاية المطاف ويد رجولية قوية ترفع عاليًا حتى سقطت بالعصا الحديدية على رأس “مختار” أسقطته أرضًا وبسمة مُخيفة وكأن الشيطان من يبتسم لمكره وفخرًا بقذارته…)
تمتمت بصدمة ألجمتها وبعد أن وضحت ذكرياتها لهذا اليوم قائلة:-
-أنت قتلته!!
ألتف “حمزة” إليها بدهشة من ذاكرة طفلته وقال بفخر هستيري:-
-أفتكرتي
ركض “جمال” إليها كالمجنون بعد أن رأها هناك لكن توقفت قدميه عن الركض بصدمة ألجمته عندما دفعها “حمزة” بقدمه للخلف لتسقط داخل الحوض، صرخ “جمال” بأسمها قائلًا:-
-مريــــــــــــــــم
تبسم “حمزة” على صرخته وأستغل بُعد “جمال” عنهم كفاية ليغلق سطح الصندوق الزجاجي بالقفل حتى لا يترك مجال لـ “جمال” لينقذها من الغرق، فر هاربًا من الباب الخلفي بعد أن أنشغل “جمال” فى إنقاذها، حاولت “مريم” جاهدة كتم أنفاسها والصمود داخل الماء بيديها المُقيدة خلف ظهرها وتراه يلمس الصندوق بيديه وينظر إليها، تطلعت به بنظرة ضعف وخوف كأنها تخبره بعينيها بأنها ستموت هنا، عيناها تترجاه بألا يتركها هنا فى هذه المياه الباردة وهى على وشك التجمد والموت معًا، خرجت أنفاسها من بين رئتيها تصنع الفقاعات داخل الماء ونظرت إليه نظرة أخيرة بينما “جمال” يبحث حوله عن شيء يكسر به هذا الزجاج القوي بعجز لتغمض عينيها بأستسلام للغرق…
عثر “جمال” على عصي خشبية فحاول كسر الزجاج بها لكنه فشل بسبب سُمك الزجاج ليركض للخارج مُسرعًا وداهم المكان بسيارته بسرعة جنونية ولم يتوقف إلا عندما دهس الصندوق بمقدمة السيارة وأنكسر إلى أشلاء، ترجل من سيارته ليراها جثة هامدة أمامه، قطع الحبل عن يديها وبدأ يضغط بكفيه على صدرها ينعش قلبها وأقترب من فمها يقدم لها التنفس الصناعي لكن لا جدوي من المحاولة، تنفس بصعوبة وهو يراها أمامه لا تستجيب لشيء، لمس وجهها البارد كقطعة ثلجية باردة وشفتيها الزرقاء متجمدتين فغرغرت دمعة فى عينيه بخوف من فقدها، سمع أنذار الساعة المحاطة بيدها تطلق أنذار أحمر بسبب ضغط ضربات القلب التي على وشك الأنقطاع، حملها على ذراعيه وأنطلق كالمجنون بسيارته ولا يشعر بشي كسر العديد من أشارات المرور بلا مبالاة حتى وصل للمستشفي وبعد فحصها أخذوها للغرفة وهي غائبة عن الوعي لا تستجيب لشيء فقط تتنفس بواسطة التنفس الصناعي…
_______________________________
دقات كثيرة على باب شقة “سارة” أفزعتها من نومها لتفتح الباب ووجدت “حمزة” لتتحدث بأشمئزاز قائلة:-
-أيه اللى جابك هنا؟ أنت مجنون
تفوه بكلمة واحدة وكانت الصدمة تحتل كيانه قائلًا:-
-أنا قتلت مريم!!
سحبته من ذراعه بترحب شديد فى منزلها بعد أن وبخته لحضوره هنا، أدخلته للصالون بسعادة تغمرها وقالت:-
-قتلتها!! دا بجد، أزاى
تحدث بصدمة تملكه كأنه فقد حاسة الشعور بشيء بعد رؤيته لها جثة هامدة و”جمال” يحاول إفاقتها وإنعاش قلبها وهى لا تستجيب:-
-كلمتك كتير عشان اقولك أنى بنفذ الخطة ومردتيش عليا
أومأت إليه بحرج شديد وقالت:-
-كنت نايمة، أيه اللى حصل
أخبرها بما فعله اليوم لتبتسم بعفوية وسعادة تغمرها ثم وقفت من مكانها وسكبت له كوب من الخمر وأحضرت كيس صغير بداخله جرعة من المخدرات كمكافأة وقالت:-
-تستاهل مكافأة يا حمزة
رفع نظره إليها بجدية ثم سألها بمكر:-
-هي كانت قالتلك أنها شافتني بقتل مختار
ترددت “سارة” قليلًا فى الجواب ثم قالت:-
-هتقولي كدة أزاى انت مش فهمتها أن هي اللى قتلته
أومأ إليها بنعم، أعطته الكأس وهى تجلس جواره مُلتصقة به وقالت بدلال:-
-أنا النهار دا هيخليك تنسي كل الأحزان
دفعها بعيدًا عنه بأختناق وقال:-
-أنا بحب مراتي وكرهي لمريم هو نفسه كرهي لأى ست
تأففت بضيق ووقفت من مكانها كي تعود إلى الغرفة كي تكمل نومها لكن أستوقفها سؤال “حمزة” الغير متوقع:-
-أنتِ بتكرهي مريم ليه؟
أخذت نفس عميق وأستدارت له غاضبة بوجه عابس ليتابع سؤاله بجدية:-
-ليه قررتي تكرهي مُختار فيها وتخلي يفكر فى أذيتها؟
عادت للجلوس أمامه ثم أخذت الكأس من يده وأرتشفته على جرعة واحدة ثم قالت:-
-عشان أنا ست وبفهم الرجالة كويس، مختار فى الأول قالي أنها بنت صغيرة هيتجوزها صورى وهيساعدها تكمل تعليمها وأهو تكون حجة عشان أقدر أعيش معاه فى بيت واحدة كمربية ليها، لكن مع الوقت مختار وزى أى راجل بدأ يشوف البنت الصغيرة كبرت وبقيت أنسة وعروسة جميلة، بعد عني يوم بعد يوم وبدأ يعاملها بلطف وحنية لحد ما حسيت أن نظرته اللطيفة أتغيرت وطفاسته بدأت تبان ولو كان وصل للى عايزه منها كان هيرمني ما انا لو أتحطيت فى مقارنة معها هتكسب هى الصغيرة والحلوة والجديدة..
سكبت القليل من الخمر فى كأسها لترتشفه من جديد وقالت مُتابعة بضيق:-
-حاولت أفرق بينهما معرفتش، لحد ما فيوم سمعته بيتكلم مع راغب أنه بيفكر يغير الوصية بتاعته اللى انا كنت عارفة أن كل أملاكه ليا وخوفت أكتر ليديها المال اللي خلاني أستحمل واحد زيه فى حياتي وقررت أن لازم أتصرف وبدأت أخلي يشك فى مريم وأنها على علاقة بأصحابها فى المدرسة وبتكلم ولد من المدرسة وطبعًا شخصيته الزبالة متأخرتش كثير فى التفكير وقعدها من المدرسة ومعاملته اتغيرت ناحيتها لكن مش دا اللى أنا كنت عايزاه، مختار عاقبها بالحبس فى البيت لكن بكدة بقيت مريم له لوحده وقدامه طول الوقت، وفي يوم جه ياسين ابن عمتها يزورها فى المزرعة ومريم كانت بتعامله على أنه أخوها اللى أتربت وعاشت معه العمر كله وبتتعامل بتلقائية وخذته تفرجه على إيلا وبصراحة أنا متأخرتش لما شوفت عفويتها معه وأتصلت بـ مختار مكملش ربع ساعة وكان فى الأسطبل وهناك شافها بتحضن ياسين وشك قتلته وقامت الدنيا منزلتش طرده وعاقبها وبعت الحصان على القصر كعاقب ليها..
تبسم “حمزة” بسخرية على مكر النساء الذي يستمع له وقال:-
-ويومها كلمتني وقولتي على الورث وأن لازم نخلص من مختار لأنه قرر يغير الوصية ويكتب كل حاجة باسم جمال، كدبة وأنا صدقتها
ضحكت بعد أن أقتربت منه لتضع يدها خلف رأسه بدلال وقالت:-
-يعنى كان يرضيك أطلع من مولد بلا حمص وبنتك المصونة تجرح كبريائي كأنثي
-لا ميصحش
قالها بسخرية وهو يبعد يدها عنه لتقول بضيق من معاملته لها كأنها قذرة وهو العفيف:-
-محسسنيش أنك ملاك دا أنت متأخرتش يومين وقتلته حتى من قبل ما تستني أنهم يتصالحوا ومهتمتش بمرض بنتك
وقف “حمزة” من مكانه بضيق شديد ثم قال:-
-لا أنا ولا أنتِ ملاك، أنا ماشي وأبقي حوليلي الفلوس
غادر المنزل لتبتسم “سارة” بعفوية وسعادة من نجاح خطتها ثم وقفت من مكانها تسير للداخل وقالت:-
-دورك جه يا جمال… عمري ما هنسي أن مراتك سبب فى اللي حصلي
_______________________________
ظل ينظر إليها وهي فاقدة للوعي ويضم يدها فى راحة يده بقلق على حالها وهى من الأمس لم تعود لوعيها وحالتها غير مُستقرة، نظر إلى يدها التى يضمها وخاتم خطبتهما فى بنصرها، لا يعلم ماهية الشعور الذي يشعر به الآن أهو قلق عليها وخوف من فقدها أم غضب بعد أن علم بقتلها لأخاه “مُختار”، تنهد بتعب سافر بداخله وصوت بكائها وصرخاتها الأليمة تخترق أذنيه كأنها كانت تستغيث به أن ينقذها من هذا الرجل لكنه تأخر، تأخر كثيرًا حتى أوشك الآن على فقدها….
ظلت “مريم” تصارع ذكرياتها التى عادت لها، أخذها “مُختار” مع أصدقائه إلى غرفة النوم وهى تصرخ وتتألم رغم المخدر الذي يسير فى جسدها، القي بها على الفراش ومزق ملابسها فخرجت منها صرخة خافتة وبعد أن كانوا ثلاثة ورؤيتها المشوشة لم تعد ترى غير “مُختار” الذي يقف يعطيها ظهره ويتحدث مع أحد ويقول:-
-أنت أيه اللى جابك هنا؟ يلا أهى فرصة تشوف اللى هيحصل فى بنتك..
ألتف كي ينظر إلى “مريم” التى تصارع المُخدر وتحاول الوقوف حتى قذفته بالوسادة ليلقي بها أرضًا فأخذت المسدس دون وعي ليحذبها “مختار” من قدميها بقوة فخرجت رصاصة من المسدس على سهو دون قصد لكنها لم تستقر فى رأس “مختار” بل فى الحائط وسقط المسدس من يدها لتفقد قوتها تمامًا وتغمض عينيها مُستسلمة للمخدر التى تملك من جسدها تمامًا وأخر شيء سمعته صوت أحتكاك عصي المدفئة الحديدة بالجدار وعينيها تري “حمزة” يضرب “مُختار” على رأسه بقوة….
أستعدت وعيها لتراه جثة هامدة أمامها والدماء تسيل من رأسه والمسدس فى يدها وبدأت تصرخ بهلع شديد حتى ظهر “حمزة” وأخبرها بأنها قتلته لتفقد وعيها من الصدمة وهى لا تتحمل فكرة قتل أحد ليأخذ “حمزة” الجثة فى السجادة وسار للخارج دون أن ينتبه إلى “مريم” التى تفتح عينيها وتغلقهما بدوران شديد تمكن منها لم تكن فاقدة للوعي تمامًا…..
تسارعت نبضات قلبها بقوة ليصدر الجهاز أنذاره ليدخل الأطباء بسرعة قصوي ليفحصوها وجسدها ينتفض بتشنجات قوية أصابتها من تذكر الماضي، ذكريات هربت من عقلها بسبب صدمتها والآن عادت إليها تقتل عقلها وهى على فراش المرض تصارع الموت، ظل “جمال” يحدق بها بقلق من سوء حالتها والأطباء حولها يحاولون بجهد أنقاذها من الموت لتفتح عينيها على سهو وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة كأنها كانت تغرق للتو فى محيط ذكرياتها بعد أن نبشت فى الماضي كاملًا ورأت ليلتها الأليمة بوضوح…….
______________________________
أستعدت “سارة” للخروج من شقتها بسعادة تغمرها بعد أن تخلصت من “مريم” والآن حان دور “جمال” الذي ستضربه فى مقتل وتواجهه بواسطة “نادر” منافسه الأول وعدوه اللدود فهي من صنعت حادثة السيارة بمكر شديد وتخطيط حتى تتقرب منه وتجعله يعتقد بأنها صدفة جمعته بامرأة جميلة، فتحت باب الشقة لتري “نادر” يقف أمامها وكان على وشك طرق الجرس، نظرت إليه بهدوء ثم سمحت له بالدخول، وضعت البلطو جانبًا وجلست جوراه مُبتسمة فقال بضجر:-
-مُتأسف أني جيت هنا، لكن الصحافة حاطة عينيها عليا الفترة دى ومش هقدر أروح الكازينو
تبسمت “سارة” بعفوية ثم وضعت قدم على الأخري وقالت:-
-دا البيت ينور بيك
تلاشي ضجره من الصحافة وهذه الفترة التى يعيش بها مع بسمتها ودلالها، ظلت ترمقه بنظراتها الساحرة ووقفت من محلها تتدلل فى خطواتها أمامه عمدًا، راقبها بشهوانية من الرأس لأخمص القدم ترتدي فستان أحمر قصير من الجلد اللامع الذي يزيدها إثارة ويعزز من فاتنتها بدون أكمام وسحابه موجود بجانبها الأيسر، وحذاء من الجلد الأسود ذو رقبة طويلة تصل لأعلي ركبتيها، تابعها بنظره حتى وقفت أمام البار الموجود فى زاوية بشقتها وجهزت كأسين وبدأت تسكب الخمر فى الكأس حتى شعرت به يعانقها من الخلف ويديه تعتصر خصرها بقوة ويقبل عنقها بحرارة مُتشوقًا إليها، تسللت “سارة” من بين ذراعيه وهى تقول بحنو ونبرة ناعمة مُثيرة:-
-أخس عليك مش كدة
جلست على الأريكة ليستدير لها بحرج من رفضها إليه فرفعت يدها إلى الأمام وأشارت له بسبابتها بأن يأتي، أقترب بخطواته وعينيه ترمقها فى صمت مُدركًا بأنها تتلاعب بأنوثتها وجمالها عليه لكنه يرحب بهذا التلاعب بصدر رحب ما دام سيستمتع ويتذوقها كالحلوى بنهاية المطاف، جلس جوارها لتقدم له الكأس وقالت:-
-أنا بقي النهار دا هنسيك كل اللى معكننك
تبسم وهو يأخذ الكأس من يدها وعينيه لا تفارقها بينما تعمد لمس يدها مع الكأس لتضحك بدلال مُفرط ووقفت من محلها وتخلع الحذاء لتظهر قدميها العارتين ثم فتحت الموسيقي على هاتفها وبدأت ترقص وتتمايل بدلال لينزع “نادر” رابطة عنقه وجلس يشاهدها بإعجاب…..
_______________________________
عادت “مريم” إلى القصر معه بعد ليالي طويلة فى المستشفي تحاول النجاة، أخذت حمام دافي وبدلت ملابسها لترتدي بيجامتها الزرقاء ووضعت سترة عليها تحميها من البرد رغم أن “جين” يهتم بتدفئة الهواء فى القصر، خرجت من الغرفة وأتجهت إلى مكتب “جمال”، طرقت الباب برفق ليأذن بالدخول، رأها تدخل فألتزم الصمت كعادته لا يعرف ماذا يفعل معها بعد الذي سمعه؟، ازدردت لعابها بقلق ثم قالت بتلعثم قوي:-
-أنا عايزة أروح مزرعة الفيوم
نظر لها بأندهاش وهو يعلم بأن هذا المكان كأخذها للجحيم لا تملك به ذكريات جيدة، هناك لا يوجد سوى الألم والحزن والخوف وربما ذكري قتلها لـ “مختار” وقال:-
-مزرعة الفيوم!!
هزت رأسها بنعم ثم قالت بهدوء تام:-
-كنت سألتني بسمع أيه مع الرعد؟ هناك هقولك
هز رأسه بنعم موافقًا على ذهابها وحسب حديثها فهي ستأخذه معها، خرجت من المكتب عازمة امرها على معرفة الحقيقة وأيهما يجب أن تصدق؟ أحديث “حمزة” لها أم الذكريات العالقة فى رأسها؟ يجب أن تعلم هى قاتلة أم ضحية؟ إذا وجدت أثر للرصاصة فى الحائط فهذا يعنى أن ما راته فى غيبوبتها حقيقة ولم تقتل “مختار” بل “حمزة” الجاني أم إذا لم تجد أثر لأى رصاصة فهذا يعنى أن هذه الذكريات مجرد خدعة من عقلها الباطن؟…. يجب أن تحسم الأمر لهذه الليلة …..
يتبع…
قذفت “سارة” الكأس الموجود فوق المكتب فى وجه “حمزة” بأنفعال صارخة به:-
-عايشة!!
عاد “حمزة” خطوة للخلف قبل أن يرتطم به الكأس ويجرحه ثم نظر لها بغضب سافر وأقترب ليضع يديه على المكتب وأنحني قليلًا يمقنها بنظره ثم قال:-
-أسمعي يا حية أنتِ، أنا مش شغال عندك ولا صبي من صبيانك
تأففت “سارة” بغضب يأكل عقلها من هذا الخبر الذي وقع على مسمعها كالصاعقة التي شلت كل حركاتها ثم قالت بتحدي:-
-أنت خدت الفلوس عشان تكون صبي من صبياني وتنفذ اللى أقولك عليه، مريم لازم تموت
أعتدل فى وقفته ووضع يديه فى جيوبه بأختناق ثم قال:-
-من ناحية لازم، فهو لازم أنا بس اللي مستخسر مشوفش لحظتها الأخيرة، بس أتقلي
وقفت “سارة” من مقعدها وألتفت حول المكتب بغضب تحاول كبحه والسيطرة على أعصابها قبل أن تفقدهما وقالت:-
-مفيش وقت عشان أتقل، أنا سمعت كلامك وأستنيت السنين دى كلها ومعنديش أستعدت أستن يوم واحد، عايزة أفوق لجمال
رفع نظره بها بفضول شديد ثم سألها بمكر:-
-أنتِ مهوسة بجمال ليه؟ مريم وقلت غيرة ستات لكن جمال أنتِ متعرفهوش غير لما روحتي قصره
أشعلت سيجارتها ورائحة التفاح تخرج مع دخانها ثم قالت بهدوء شديد:-
-دا أنا أعرفه من زمان أوي، ما علينا أمشي ومشوفش وشك غيرك لما تجبلي جثتها وأشوفها بعيني المرة دي
غادر المكتب بأشمئزاز ومر فى الردهة ليري “حازم” يقف مع فتاة يقبلان بعضهما بحرارة فتبسم بسخرية على الأم وابنها ثم غادر المكان…..
______________________________
خرجت “مريم” من القصر بصبحة “نانسي” مُرتدية فستان أبيض بيه الكثير من الورود وفوقه سترة من الصوف زرقاء اللون وتستدل شعرها على ظهرها بحرية، نظرت للأمام لتراه واقفًا أمام سيارته مُرتدي بنطلون أسود وتي شيرت رمادي فوقه سترة جلدية سوداء صامتًا مُنذ أن أستعادت وعيها وهو صامت يتجاهلها تمامًا ويبتعد عنها، حدقت بـ “صادق” الذي يقف و يفتح لها الباب، قالت “نانسي” بلطف:-
-خلي بالك من نفسك
أومأت “مريم” لها بنعم ثم ذهبت إليه، نظرت إلى “صادق” مُطولًا وقالت بنبرة هادئة:-
-ممكن نروح لوحدنا
نظر إلى “صادق” وسيارة الحراس التى ترافق سيارته دومًا بقيادة “عاشور” وقبل أن يقرر سمعها تقول بلطف:-
-رجاءًا
أومًا إليها بنعم موافقًا على رغبتها والفضول يقتله لمعرفة ما حدث هناك، أنطلق “جمال” بسيارته إلى الفيوم حيث المزرعة بعد أن ترجته بأن يذهبان وحدهما، ظلت تنظر للطريق من النافذة وهى تستعد لمواجهة الماضي الذي هربت منه، حاولت أن تنظم أنفاسها وتظبط دقات قلبها الخافتة كأنه يرتجف من لحظة الوصول، راقبها “جمال” عن كثب بعينيه ناظرًا إليها تارة وإلى
الطريق تارة، ضغطت على زر النافذة لتُفتح ورغم الهواء البارد لكنها كانت بحاجة للفحات الهواء القوية تساعدها على الصمود، ولج “جمال” بسيارته من بوابة المزرعة لتغمض عينيها بقوة كارهة النظر لهذا الطريق الداخلي، تأني بصمت من داخلها وبدأت تتذكر ضرب “حمزة” المبرح لها قبل زواجها وقسوته التى لحقتها إلي هنا، كل جزء بهذا المكان يحمل تعاستها مع فرحها لكن هذا الفرح ظل يتلاشي حتى هذه الليلة التى هرب منها الفرح ولم يبقي لها سوى الحزن والألم فقط، توقفت السيارة ونظر “جمال” لها، ترجل من سيارته أولًا وهو بداخله أضطرابات كثيرة لا يعلم ماذا يفعل أيعاقبها أم ينتظر حتى يستمع لها، أيحري به أن يدفنها هنا على جريمتها أم يعطيها الفرصة لتبرر وتدافع عن نفسها، أسرع إليه العامل بصدمة ألجمته من ظهور “جمال” وهو يعرفه جيدًا فلم يتعب حاله بالسؤال عن شخصيته وقال بتلعثم:-
-حمد الله على السلامة يابيه، متصلتش بيا ليه قبل ما تيجي كنت جبت بت شغالة تنضف لك المكان و….
بتر حديثه نزول “مريم” من السيارة وفتح فمه بصدمة أكبر كأنه رأي ملاك الموت أمامه أو جثة ميتة عادت للحياة للتو، تمتم بأسمها بذعر شديد:-
-مريم
نظرت إليه بهدوء دون أن تجيب ثم تقدمت للأمام، هرب العامل بمجرد أن تحرك “جمال” خلفها، تتبعها بالسير حتى وصلت للأسطبل بقدمي بطيئة أستغرقت نص ساعة كاملة فى الوصول إليه ثم قالت:-
-من هنا بدأت الحكاية
نظر إليه فى صمت ليراها تلمس الباب الخشبي بإمتنان ليعلم أن هذه الغرفة تعود إلى “إيلا” حصانها الجميل، دلفت للداخل وهو معها ليرى رسومات كارتونية وقلوب كثير محفورة على جدران الغرفة الخشبية كأنها حفرتهم بأداة حادة، تبسمت بحزن شديد وهى تقول:-
-عمرك شوفت حد بينام مع الحيوانات بس سعيد ومبسوط
ألتفت إليه فرأته ينظر إليها كعادته مؤخرًا بصمت، تطلعت بوجهه بحزن شديد وقالت:-
-ساكت! الأيام الأخيرة ساكت لكن تعرف أنا شوفت كل حاجة فى عينيك، الكره والغضب والشفقة والحيرة والوجع كل دا كان جوا عينيك ليا، ليه؟
نظر إلي عينيها التى على وشك البكاء ودموعها تتلألأ بداخلهما محاولة كبحهما جيدًا وأنفها الحمراء من البرد فتمتم بنبرة خافتة:-
-قتلتيه؟
أغمضت عينيها بحسرة تعتصرهما من الوجع لتتساقط الدموع منهما التى منعتهم كثيرًا ليدرك “جمال” مدي الألم الذي تحبسه بداخلها وهى تقضم شفتيها بقوة فى محاولة منها لكتم أنفاسها وشهقاتها لكنها فى نهاية الأمر لم تستطيع ذلك لتخرج منها شهقة قوية مزقت قلبه فى الحال وفتحت عينيها ترمقه بيأس وقالت:-
-معرفش!
مرت من أمامه وخرجت من الغرفة مُتابعة الحديث بحسرة أصابتها:-
-بقيت عادة عندي مجرد ما أدخل المزرعة أجي هنا زى دلوقت، أول مكان بجري عليه هو هنا، يومها جي ياسين ابن عمتي من الجيش وفرحت أوي أني شوفته، أخويا اللى أتربت معاه من عمر خمس سنين، جبته هنا يشوف إيلا وقد أيه كانت جميلة وأنا بقيت شاطرة فى ركوبها زى العيلة الهبلة اللى فرحانة بحاجة قدرت تعملها وهدية جتلها بدأت توريها للكل، جينا وشوفنا إيلا وحممنا سوا ولعبنا لحد ما ياسين قرر يمشي عشان عنده ميعاد وحضني عادي كأخته الصغيرة وقتها لاقينا مُختار فوق رأسنا وفضل يضرب فيه وأنا مش فاهمة ليه وأتخانق معايا وضربني بوحشية كأني بشوف حمزة فى واحد تاني وقرر يحرمني من الحاجة الوحيدة اللى بحبها إيلا وبعتها للقصر
كان يستمع لحديثها ويسير خلف خطواتها حتى وصلوا للمنزل المغلق، فتحته ودلفت وكان كل شيء مليئة بالأتربة والغبار والعناكب صنعت بيوتها في هذا المنزل المهجور، صعدت للسلالم لكنها توقفت بأنقباض قلب حين تذكرت كيف أخذها “مُختار” للأعلي بهذه الليلة لتفقد قوتها فى الصمود وجلست أرضًا ترتعش، جلس “جمال” جوارها بهدوء والقلق ظهر على ملامحه بوضوح ووضع يده على وجنتها بلطف يقول:-
-أنتِ كويسة؟
نظرت إليه بخوف وتشبثت بكم سترته بأناملها، نظر إلى يدها المُتشبثة به بقلق ليعلم أن القادم هو الأسوء وعينيها تترجاه بألا يتركها وحدها تصارع الموت الداخلي الذي تعيش معه، ربت على يدها بلطف وقال:-
-أنا معاكِ
تنفست بهدوء وهى تحاول تنظيم أنفاسها وقالت:-
-من كتر الضرب وأنا مش عارفة أدافع عن نفسي أو أبعده عني مقدرتش أتكلم ودخلت فى صدمة فقدت النطق فيها، فضلت طول الوقت بعيط وساكتة وقاطعة الأكل بعدها بيومين قسوة مختار زادت وقرر أن يمشي الخدم وأنا اللي اخدمه كأنتقام منه ليا وبدل ما كنت بدلع بيقت بتذل، سارة خدت إجازة وهو رجع مع أتنين صحابه و…
أغمضت عينيها بقوة تعتصرهما والأصوات تخترق عقلها لتبدأ تنتفض وهى تقصي له جريمتهم بها وما حدث بالغرفة، أغلق قبضته بقوة يعتصر عظامه مع سماعه لطريقة أخاه فى الأعتداء عليها وتمزق قلبه مع دموعها ورؤيتها تصارع ألمها النفسي، نظرت إليه بحزن وقالت:-
-أنا مش واثقة فى ذاكرتي فى كل الأحوال أنا كنت مش فى وعي بفضل المخدرات اللى أخوك شربها ليا، مبقتش عارفة أصدق اللي حمزة قاله وعاشت فيه لسنين ولا اللى عقلي بيشوفه وهو مجرد أحلام….
توقفت عن الحديث ونظرت للخلف على الطابق العلوي ثم قالت بتلعثم وخوف تملك منها كاملًا:-
-لو لاقيت رصاصة فى الحيط يبقي أنا مقتلتوش، لكن لو ملاقتش حاجة يبقي أنا قاتلة
مسك وجهها بين راحتي يديه وقال بنبرة هادئة:-
-فى الأول حاولي تهدئي، أهدئي يا مريم أنا هنا معاكي… بصي ليا
هزت رأسها بلا بطريقة هستيرية رافضة تقبل أى حديث وقالت:-
-أرجوك
طلبت منه أن يصعد ويتأكد وحده فهي لن تجرأ على الصعود للأعلي والدخول لهذه الغرفة نهائيًا لذا طلبت منه أن يأتي معها، أومأ إليها بنعم وصعد للأعلي وحده فبدأت تُتمتم بخفوت:-
-مقتلتوش.. مقتلتوش
عاد أدراجًا إليها فتشبثت بيديه وجسدها المُرتجف يترجاه بأن يجد الرصاصة وإذا لم يفعل فليصنع رصاصة لأجلها، أنحني قليلًا إليها ثم حملها على ذراعيه بالأكراه وهى تصرخ من الخوف وتقول:-
-جمال أرجوك، والنبي…
لم يبالي لحديثها وصعد بها للأعلي لتخفي رأسها فى كتفه حاجبة عن عينيها رؤية هذا المكان وتشبثت بعنقه خائفة، أنزلها رغمًا عنها أرضًا لكنها لم تترك أسر عنقه محاولة أن لا ترى شيء بهذه الغرفة فرفع “جمال” رأسها بالقوة وهو يقول:-
-بصي يا مريم
أوقفها مُقابل الحائط وهى تغمض عينيها بقوة حتى سمعت صوت زجاج يكسر ففتحت هذا الزوج من العيون الباكية ورأته ألقي بالأطار الذي كان مُعلق على الحائط لترى أثر الرصاصة فتنفست بصدمة ألجمتها وظلت تحدق به لدقائق طويلة وقالت:-
-مقتلتوش…
فقدت الوعي من وهل الصدمة التى حلت بها والكذبة الكبيرة التى كانت تعيش بها تحت رحمة “حمزة”، مسكها “جمال” وهو يقف خلفها جيدًا وحدق بوجهها الشاحب وقال بقلق:-
-مريم…
________________________________
خرج “نادر” من الڤيلا الخاصة به يتحدث مع مساعده ومدير أعماله “تامر” قائلًا:-
-أتصرف يا تامر أنا اللى هقولك تتصرف أزاى؟ أنا زهقت وملت من الصحافة اللى مبقاش وراها غير الكلام عني
صعد إلى سيارته بضيق ليصعد “تامر” جواره وقال:-
-متقلقش يا فندم أنا أتصرفت خلاص، وبعت لواحد من حبايبنا وقولتلك على خبر بمليون جنيه هيخلي الصحافة كلها تبعد عننا وتتكلم عن جمال المصري
نظر “نادر” إلى مساعده بفضول ليقول:-
-واحدة حبيبتك بعتتلك الكارت دا ومعاه فلاشة عجبتني جدًا وبصراحة مكدبتش خبر وبعتها لحبيبي اللى بقولك عليه
أخذ “نادر” البطاقة وكانت تحمل اللوجو الخاص بالملهي الليلي بـ “سارة” دون أى كلمات أخرى ليبتسم بإعجاب بعد معرفته بهويتها ثم قال بفضول:-
-فيها أيه الفلاشة دى
تبسم “تامر” بمكر شديد قاصدًا أثارة فضول رئيسه وقال:-
-هتعرف بكرة والخبر متصدر النت يا فندم
تبسم “نادر” بعفوية وهو لا يبالي بما يحدث بعد أن ذكر “سارة” …..
________________________________
فتحت “مريم” عينيها بتعب شديد لتجد نفسها بنفس الفراش ووحدها بالغرفة، شعرت بأن يديها مُقيدة وصوتها لا يخرج من حنجرتها كلما حاولت الصراخ وأصوات ضحكات “مُختار” مع أصدقائه حولها تخترق أذنيها وترى وجهه أمامها يقترب أكثر منها ويديه تلمس عنقها وتتسلل للأسفل قليلا حتى لمس لياقة فستانها وقبل أن يمزقه هربت من الفراش صارخة بأسمه:-
-جمال … جمااااال
ركضت على الدرج وصوت ضحكات “مُختار” فى رأسها يعذبها لتراه يأتي نحو الدرج على صوت صراخها بقلق فأسرعت فى خطواتها حتى أرتمت بحضنه مُتشبثة به، وقف محله على درجة السلم مُتجمدًا من فعلتها ليقول:-
-حصل أيه؟
-بالله عليك يا جمال أزاى قدرت تسبني هناك لوحدي
قالتها ببكاء ونبرة مُرتجفة، تنفس بأريحية بعد أن أدرك بأنها تعاني نفسيًا مما حدث لها، حرك ذراعيه ببطيء حتى أستقروا على ظهرها مُطوقًا إياها بلطف وبدأ يربت بكفه عليها بحنان لكي تهدأ، ظلت مُعلقة برقبته وتشعر بدفئه الذي لطالما أنتشلها من الوجع والخوف وأعطاها الأمان والسلام الذي فقدته..
جلست على الأريكة تنتظره بهدوء دون أن تحرك ساكنًا حتى جاء إليها بصينية الطعام الذي أعده لأجلها، جعلها تتناول الطعام بأكمله وعينيه تراقبها فى صمت حتى قطعت صمته بحديثها قائلة:-
-شكرًا
رفع رأسه بشموخ مُستفهمًا عن سبب شُكرها فقالت:-
-على حاجات كتير
هز رأسه بنعم فى هدوء تام وعقله لا يتوقف عن التفكير فما أخبرته به والآن يعلم بأن “حمزة” قاتل أخاه لكنه كذب من أجل أستغلال ابنته لجني المال، صنع المخاوف والأكاذيب المزيفة حتى تخضع له وهو لا يدرك بأنه جعل ابنته مريضة نفسية ولتتخطي هذا الألم والخوف عليها بالذهاب لطبيب نفسي، نامت “مريم” على الأريكة أمامه مُنكمشة فى ذاتها وقالت بخفوت:-
-متتحركش من هنا
نظر لها بغرور ورفع حاجبه من لهجتها وهى تأمره فقالت بخفوت خائفة من نظرته الحادة:-
-رجاءًا
تخلي عن تعابير وجهه الحاد ووضع قدم على الاخري بأسترخاء ثم نظر بهاتفه لتبتسم بطمأنينة على تلبية طلبها وأغمضت عينيها بعد أن وضعت يديها أسفل رأسها، تحدثت بوجه نائم ونبرة خافتة:-
-جمال
-أمممم
قالها ونظره فى الهاتف لتُجيب عليه:-
-أحسنت متتحركش
رفع نظره عن الهاتف إليها متعجب كلمتها ليراها مُغمضة العينين تمامًا وعلى وشك أن يغلبها النوم لكنها تتأكد من وجوده جواره ، كررت مرة أخرى قائلة:-
-جمال
أجابها وهو يقف بعيدًا يسكب القهوة فى الكوب حتى تساعده فى الأستيقاظ طيلة الليل لأجلها وعينيه عليها قائلًا:-
-أنا هنا، مش هروح لمكان
غاصت فى نومها بأريحية وطمأنينة لوجوده هنا بجوارها، وضع كوب القهوة على الطاولة ثم بحث حوله عن العامل ولم يجد له
أثر فلم يعري أهتمام لأختفائه ونظر إليها ليراها نائمة تمامًا فتنهد بضيق من مخالفته إلى طلبها وخرج إلى السيارة وأحضر منها اللاب توب الخاص به وعاد إليها بأقل من دقيقة، وضع الغطاء عليها يحميها من برد الشتاء وجلس على الأرض جوار أريكتها وبدأ يباشر عمله على اللاب توب الخاص به حتى شروق الصباح، فتحت “مريم” عينيها لتراه مُستيقظًا وأمامه ثلاثة اكواب من القهوة الفارغة ويعمل على اللابتوب، فركت عينيها جيدًا ليقول:-
-صباح الخير
تبسمت بلطف وحرج من جعله يسهر طوال الليل لأجلها وقالت:-
-صباح النور
وقف من مكانه يحدق بها وهى مازالت نائمة بعينيها التى ترفض فتحهما بتذمر ليقول:-
-أنا هشرب قهوة وبعدها نمشي
ذهب للمطبخ ليصنع فنجان جديد من القهوة وبدأ هاتفه يطلق صوت إشعارات كثيرة وهكذا اللاب توب فنظرت إلى شاشة اللابتوب المفتوحة أمامها لتُصدم مما رأته ورفعت نظرها تجاه “جمال” بصدمة ألجمتها….
______________________________
وصل “نادر” إلى الملهي الليلي فى العاشرة صباحًا وكان الزبائن قلة قليلًا والموظفين يستعدون لأغلاق المكان، أوقف أحد الموظفين وسأل:-
-مدام سارة فين؟
أشار إليه على الطابق الثاني ليضع “نادر” ورقة من النقود فى جيبه بإمتنان وتبسم ثم صعد للغرفة، مر “حازم” من جواره بوجه شاحب بعد شجاره مع والدته وخرج من الملهي، أتجه “نادر” إلى مكتب “سارة” ووجد العاملة تنظفه فقال بجدية:-
-مدام سارة
-أخر اوضة على الشمال
قالتها بتعجل من أمرها حتى تنهي التنظيف وتعود لمنزلها، أتجه إلى هذه الغرفة حتى وقف أمامها وهندم ملابسه جيدًا وشعره رفعه للأعلي بيده بلطف ثم فتح الباب ودلف سمعها تتحدث فى الهاتف قائلة:-
-أنا بعتلك العنوان وهتلاقيها هناك وخلي بالك اللى معاها جمال …..
قطعت حديثها بدهشة من حضور “نادر” وأغلقت الخط، ولج للغرفة دون أن يهتم بكلماتها التى سمعها ليراها جالسة على الأريكة الدائرية التى تدور مع الغرفة وأمامها طاولة من الزجاج كبيرة دائرية وفوقها زجاجتين من الخمر وكأس، أحدهم فارغة تمامًا والأخرى ما زال بها، أغلق باب الغرفة خلفه وأتجه نحوها، رفعت نظرها للأعلي نحوه بعد أن تركت الهاتف بجوارها كان
واقفًا أمامها فتبسمت بتلقائية وهى فى حالة سُكر قليلة تزال فى وعيها وعقلها غاضبًا من “مريم” وبقائها على قيد الحياة والآن ذهبت إلى المزرعة كأنها تريد أن تستعيد الذكريات، أقترب نحوها مُبتسم مُعجب بهذه المرأة التى تفاجأه دائمًا بجمالها، كانت ترتدي تنورة سوداء تصل لركبتها وبالنسبة لملابسها دائمًا فهي تعد طويلة جدًا، ومن الأعلي ترتدي قميص نسائية احمر شفاف يظهر البدي الأحمر التى ترتديه بالأسفل ذات الحمالة وتغلق أزرار القميص كاملة وشعرها الأسود مُسدولًا بحرية يحيط بوجهها بقصره وتضع مساحيق التجميل وأحمر شفايف باللون الأحمر المُثير…
تبسمت بدلال وهى تحمل فى يدها كأس وتحركه بمهارة مُقلبة الخمر بداخله بحركات دائرية وقالت:-
-عجبتك هديتي؟ مقدرتش أشوفك زعلان بسبب جمال وعمايله قولت لأزم أساعدك
رفع يده بعد أن فتح زر سترته ليجلس بأريحية وداعب خصلات شعرها الناعم مُجيبًا عليها:-
-معقول متعجبنيش وهى منك
وضع خصلات شعرها خلف أذنها وسبابته تسلل إلي عنقها وقال:-
-أنا كمان جبتلك هدية يارب تعجبك
أخرج من جيب سترته علبة قطيفة مستطيلة زرقاء وفتحها أمام عيني “سارة” لتجد بداخلها ساور لليد مصنوع من الألماظ فنظرت إليه بإعجاب شديد وتركت الكأس من يدها لتملس هذا الألماظ بجشع كأنها لا تشبع من جني المال أكثر فقالت:-
-دا رائع
أخرجه من العلبة بلطف وعينيه تحدق بهذه المرأة التى خلصته من ضغط كبير كان يعاني منه وانزلت الكارثة بعدوه اللدود وقال:-
-وهيبقي أروع لما يتحط فى أيدك
مدت يدها إليه ليغلق الساور حول رسخها ثم ختم عليه بقبلة ناعمة لتبتسم بمكر وهى تسحب يدها منه وتطلعت بالساور بأمتنان وهذا الزوج من العيون يقدس المال وقلب لا يعشق سواه فتبسم “نادر” بعد أن علم بنقطة ضعف هذه المرأة الجميلة فهى لا تريد سوى المال فقط وإذا قدم لها المزيد ستتوقف عن رفضه، سكبت الخمر فى كأسها وكأس أخر ثم حملت الكأسين بدلال لتقدم له أحدهم وقالت:-
-فى صحتك
أخذ الكأس منها وأرتشفه على جرعة واحدة لتبتسم “سارة” بخبث كبيرة بعد أن قرأت ما يفكر به فى عينيه لا يريد سواها وسيعطيها من المال ما تريد مُعتقدًا بأن هذا ما تريده حقًا لكنه يجهل تمامًا أنها تريد الأنتقام وهو ليس سوى أداة فى حربها..
سألها “نادر” بنبرة هادئة تقول:-
-كل الناس بتبعد عن شر جمال المصري، وحشيته وجبروته زي راية العلم فوق أسمه معروف بيهم جدًا زى ما هو معروف كون رجل أعمال، أخوه مُختار مستحملش العيشة معاه وسابله البيت ومراته اللى مكملتش سنة جواز معاه وأختفت، دا حتى الست الوالدة وأخته الصغيرة راحوا يعيشوا فى لندن عشان مقدروش على العيشة معاه، الخلاصة أن الكل بيترعب من جمال المصري، عملتيها أنتِ أزاى وقررتي تضربيه بالصحافة
تبسمت وهى تضع مكعبات الثلج فى الكأس وقالت بكبرياء:-
-أنا غير أى حد يا حياتي
أومأ إليها بنعم مُعجبًا بجرائتها ليقول:-
-طب بلاش عملتيها أزاى لكن مش خايفة منه؟
نظرت “سارة” له وعادت بظهرها للخلف تسترخي فى جلستها وقالت بغرور شديد وثقة بعد أن وضعت قدم على الأخري:-
-أنا لو بخاف مكنتش عملت اللى عملته، أنت بس اللي لسه متعرفنيش يا حياتي، بكرة لما تعرفني أكتر هتعرف أني غير الكل
ضربا الكأسين معًا ببرود أعصاب وسعادة تغمر الاثنين، هو من أجل هذه الهدية مُمتنًا لها وهي لنجاح خطتها الشيطانية….
_________________________________
أغلقت “مريم” الهاتف الخاص به نهائيًا بخوف من أن يعرف بهذه الكارثة وقطعت عنه كل أتصالات “شريف” وهكذا اللابتوب، أنطلق بسيارة مُغادرًا المزرعة معها، ظلت تنظر إليه بقلق مما يتصدر الأنترنت الآن عنه، لا تعلم ماذا سيفعل عندما يعلم، ربما يهدم بشركته كل الأجهزة الألكترونية فهو بارع فى الحروب الألكترونية ولديه متخصصين فى فعل ذلك، نظر “جمال” نحوها بقلق من نظراتها المُسلطة عليه وقال:-
-لسه خايفة
هزت رأسها بلا ورسمت بسمة خافتة مزيفة أمامه فعاد بنظره إلى الطريق وهو يقول:-
-الكدب بيبان عليكي يا مريم..
ضغط على المكابح فجأة عندما رأي سيارة زرقاء أمامه لترتطم رأسها بالسيارة، نظر إليها بقلق وخوف شديد من أن يكون أصابها شيء ليقول:-
-أنتِ كويسة؟
هزت رأسها بنعم بخجل شديد من قلقه عليها، تعلم بأنه يكن المشاعر لها وتسللت “مريم” إلى قلبه لكنه يفشل فى الأعتراف بهذا الحب رغم أنه يظهره بوضوح علنًا فى تصرفاته، القلق والخوف عليها، كلما أمر “جين” برنامجه الألكتروني بتفعيل عازل الصوت لأجلها فى الشتاء وتنقية الهواء من الدخان الناتج عن تدخينه، يهتم بصحتها وأكلها جيدًا، مرر سبابته على جبينتها التى أحمرت للتو بلطف ثم أنطلق فى قيادته مرة أخري ببطيء وحذر لأجلها ولم ينتبه إلى السيارة الزرقاء التى غيرت مسارها وجاءت خلفه حتى ظهرت بجواره، كانت “مريم” تراقبه بنظراتها لتصرخ بذعر عندما رأت رجل بداخل السيارة المجاورة يصوب مسدسه نحو نافذته، نظر “جمال” ليُصدم مما رأه ووضع يده فوق رأسها بقلق وقال:-
-ألبسي حزام الأمان ومتخافيش العربية مضادة للرصاص
زاد من سرعة سيارته وهذا الرجل يطلق طلقات نارية على السيارة وهى لا تتأثر، أراد “جمال” ان ينزل ويمزقهما أربًا لكنه تردد كثيرًا لأجلها حتى لا يضعها فى خطر، أستسلم الرجل لحقيقة كون السيارة مُضادة للرصاص وقرر أن يقلبها أفضل من الفشل فى مهمة قتل “مريم”، فتح “جمال” الشاشة المتصلة بسيارته الكهربائية وأدخل اسم المستخدم الخاص بتطبيق “جين” ويقود بيد واحدة وهى تبكي جواره وترتجف، أصطدمت السيارة بسيارتهم ليفقد تحكمه بالمقودة بيد واحدة، مسكها بكلتا ذراعيه وقال بغضب سافر وقلق:-
-مريم… مريم فوقي
نظرت إليه وهى تحاول التوقف عن البكاء ليقول بجدية:-
-أكتبي الباسورد اللى هقولك عليه
أومأت إليه بنعم وبدأت تكتب كلمة السر الخاصة بـ “جين” التي لم يخبرها لأحد من قبل حتى “شريف” وقبل أن تضغط على زر تم خرجت السيارة عن مسارها وسقطت إلي طريق أكثر وعور بين الأشجار حتي أصطدمت بشجرة قوية، تأذت رأسه ونزفت دماء لكنه لم يهتم كثيرًا، نظر إلى “مريم” بقلق وسألها:-
-مريم
نظرت إليه بخوف شديد، فتح باب السيارة وترجل منها ليحصل على رصاص فى ظهره أسقطته على مقعده من جديد وأقترب الرجال نحوهما أكثر، بينما خرجت صرخة قوية من “مريم” باسمه بهلع وخوف:-
-جمــــــــااااااااال…….
يتبع…
أنتفضت من جلستها وفتحت حزام الأمان الخاص بها تلمس وجهه بخوف تملكها وهذا المكان اللعين الذي يجلب لها الصدمات والخوف دومًا ويسرق منها سعادتها فهل الآن سيسرق حبيبها، تساقطت دموعها بحسرة وخوف وهى تُتمتم:-
-جمال
مسك يدها الموجودة فوق لحيته بلطف ليشعر ببرودة جسدها ورجفتها فأدرك كم الخوف والمعاناة التى تحملهم بداخلها الآن من هذا المكان فقال:-
-أنا كويس، متخافيش
هزت رأسها بلا وهى تري الدماء على رأسه غير أصابته البالغة التى أفقدته قوته بسرعة البرق والتى جعلت جبينه يتعرق وهو يكبح ألمه، نظرت إلى الطريق لترى هؤلاء الرجال هناك يقفون بجوار سيارتهم ويستعدون للنزول إليهم، فقالت بخوف يتملكها أكتر:-
-دول جايين علينا، ساعدني أرجوك وتحمل ها
فتحت باب السيارة ونزلت بسرعة من مكانها وألتفت لكي تأخذه، وضعت ذراعه فوق كتفيها وبذراعها حاوط خصره لتساعده فى النهوض، سارت به بعيدًا لتحاول أن تخبأ من هؤلاء حتى سمعت صوت رجل يقول:-
-متعلبيش أستغماية معانا
سقطت بيه أرضًا وسط الأشجار ليتألم فوضعت يدها سريعًا على فمه تحجب صوت ألمه وهى تتحدث بخوف وبكاء:-
-متطلعش صوت والنبي
كز على أسنانه بقوة يحاول كبح ألمه، أبتعد الرجل عنهم وهو يحاول البحث عنهم فى أرجاء المكان، بحثت فى جيبه عن الهاتف الخاص به حتى تتصل برجاله وقالت:-
-خلينا نتصل برجالتك يجوا، أنا أسفة والله أنا اللى قولتلك تسيبهم… أنا السبب
لم تجد الهاتف فى جيبه لتبكي بأنهيار تام كأنها لا تملك خيار الآن سوي الموت هنا معه بأصابته، مسك يدها التى تبحث فى سترته بهستيرية لتنظر إلى وجهه بألم وندم يجتاحها ليقول:-
-أهدئي يا مريم، دلوقت جين هيبعت مكان العربية وحالة الضرر بهيكلها على تليفون شريف
أزدادت فى البكاء بألم شديد من فشلها حتى فى فعل ذلك وقالت بخوف:-
-بس أنا مدخلتش الباسورد
مدد قدميه للأمام وهو يتكأ بظهره المصاب على الشجرة ثم أغمض عينيه، يحاول أن يفكر جيدًا هو مقاتل جيد ورجل رياضي لكن مع أصابته لا يعلم هل سينجح فى مواجهتهم أم لا؟ كيف يحميها من هؤلاء ويُعدها للقصر بأمان، فتح عينيه عندما سمع صوت تمزق ملابسها، رأها تجلس على ركبتها بخوف ورأسها تتجول فى المكان بهلع من أن يعود هؤلاء الرجال، مزقت فستانها من الأسفل حتى وصل لركبتها فقالت بشجاعة مُصطنعة تحاول التحلي بها من أجل إنقاذ هذا الرجل الذي تحبه:-
-أولاً خليني أوقف النزيف وألا هتخسر كل دمك، لكن اتشجع يا جمال وأستحمل عشاني أرجوك
أومأ إليها بنعم لتنزع سترتها الصوفية ووضعتها فى فمه حتى لا يصرخ من الألم وبدأت تساعده فى خلع سترته الجلدية ثم تي شيرته لتجهش فى البكاء فور رؤيتها لجرح ظهره والرصاصة التى أستقرت فى عظامه لكنها حاولت السيطرة على ألمها وخوفها وطوت التي شيرت الخاص به جيدًا ثم وضعته على الجرح وضغطت عليه ليتألم “جمال” مُحاولًا كبح صرخته ومع المه أزدادت دموعها وقلبها يتألم لأجله لكن لا يجب أن توقف هذا الألم لأجله، ثم لفت قطعة القماش حول جسده جيدًا وجلست فوق قدميه من الأمام لتعقد القماش جيدًا فتتطلع بوجهها الباكي ويشعر برجفة يديها، جعلته يرتدي سترته من البرد وقالت:-
-أنا هخرجك من هنا، متخافش أنا مش هخسرك فى المكان دا مستحيل….
جفف دموعها عن وجنتيها بحنان لكنه اوقفها عندما مسك يدها المرتعشة ثم قال بألم وجسده على وشك فقد المتبقي من طاقته:-
-أتنفسي يا مريم، أتنفسي كله هيبقي تمام
رفعت يدها تلمس لحيته بحنان وخوف من فقده هنا حقًا وقد تمكن الألم منه كليًا وقالت:-
-أتنفس!! أنا هموت يا جمال لو خسرتك، أنا أسفة والله أنا السبب أنا….
توقفت عن الحديث ويديها تمسح على لحيته بلطف عندما رأت الساعة فى معصمها لتقول:-
-الساعة!!
نظر للساعة بأبتسامة وسقطت رأسه على كتفها مُستسلمًا للألم، تنفست “مريم” وهى تضم رأسه بخوف وقالت:-
-خلينا نتصل بشريف!!
أتصلت بـ “شريف” عبر الساعة وليخبرها بأن تختبأ جيدًا حتى يصل رجالهم، نزعت الساعة لتضعها حول معصمه لتتمكن من قياس ضغط دمه وضربات قلبه، شعرت بأقدام قربهما فوضعت يدها على فمها تحاول إخفاء صوت أنفاسها العالية من الخوف ويدها الأخرى على فم “جمال” بالمثل، هدأت قليلًا حتى مر الرجل من خلفهم دون أن يراهما، تمتم “جمال” وهو على وشك فقد وعيه كليًا:-
-أهربي يا مريم، روحي أركبي العربية وأقفليها كويس لحد ما يجي شريف
هزت رأسها بلا وتشبثت بيه جيدًا بين ذراعيها كأنه طفلها الذي تخفيه فى عناقها من الخطر وقالت:-
-لا مستحيل أنا مش هسيبك….
مسكت ساعتها وهى تعرف أن “جين” هذا الأختراع التكنولوجي يمكنه الولوج لأي شيء ألكتروني وقالت بحزن شديد مُتمنية أن يساعدها هذا الروبوت قائلة:-
-جين!! ساعده أرجوك، أعمل أى حاجة
تمتم “جمال” بهدوء يصارع جاهدًا فقد وعيه هنا من اجلها وأن يبقي معها حتى لا تفقد عقلها:-
-جين مبيأخدش أوامر من حد غيري
رأت الرجل يسير بعيدًا فى اتجاه معاكس لهم فنظرت للسيارة بأمل وقالت:-
-قولت أن العربية أمان مش هيقدر يكسر الأزاز صح!!
أجابها بثقة من هذا الشيء:-
-مستحيل، دى عربية جمال المصري
تبسمت وهى تمسح دموعها بكلتا يديها وقد عزمت أمرها على الأختباء جيدًا حتى يأتي رجاله وقالت:-
-جمال المصري، صح أنت جمال المصري لازم تقوي، على طول كنت قوي والكل بيعرف دا، أستحمل معايا لحد ما نوصل للعربية
ساعدته فى الوقوف وبدأت تسير بخطوات بطيئة جدًا بحذر من ألا تصدر صوت وتنظر للخلف إلى حيث الرجلين تراهما بوضوح حتى أقتربت من السيارة فنظرت إليهم مرة أخري ولم تنتبه لخطواتها التى كادت أن تفقد توازنها بسبب ثقل جسده المُحمل عليها، نظر الرجل على هذا الصوت الذي صدر من قدمها ليراها فذعرت بهلع وأسرعت فى خطواتها به جيدًا لكنها كانت أبطيء من ركضهم بسبب وزنه فوضعته فى المقعد الخلفي وأغلقت الباب بسرعة وصعدت فى مقعدها لكن قبل أن تغلق بابها مسك الرجل الباب بأنتصار وسخرية من بطئها وقال:-
-على فين يا قطة؟
صرخت بخوف وهذا الرجل يسحبها للخارج لتري “جمال” فقد وعيه وسقط جسده على الأريكة وما زالت السيارة تحتفظ بكلمة السر التى أدخلتها، سحبها الرجل بقوة لتستسلم له وتمكنت أخيرًا من الضغط على زر تم لتُمكن “جين” من الولوج لسيارته ونجحت السيارة فى الأتصال بتطبيق “جين”، ألقاها الرجل على الأرض بقوة وأستدار لكي يتأكد من موت “جمال” لكنها أسرعت برفع قدمها وضربت باب السيارة بكل عزيمتها لتغلقه وقالت بسخرية وسط دموعها:-
-بأحلامك
حاول فتح السيارة كثيرًا لكنه فشل فأستشاط غضبًا وصفعها بقوة على وجهها…..
_____________________________
قلب “شريف” غرفة المهندسين رأسًا على عقب بعد أن أتاه الأتصال منها، حاول الوصول إلى هاتفه أو ساعة يده ليدرك بأن الساعة محلها داخل المنزل فى المزرعة بعد أن نساها “جمال” هناك والهاتف مغلق، ظل ينظر للشاشة الكبيرة التى تحتل جدار الغرفة مُحاولًا أختراق أشارات المرور أو أى كاميرا موجودة بالقرب من المكان الذي وصفته “مريم” لكن لا جدوي حتى أختفت الصور والفيديوهات عن الشاشة وظهرت رسالة أتمام ولوج “جين” إلى السيارة وقد أصبح الآن متصل بها، بدأ بأرسال رسالة بالموقع ليتحرك “شريف” من الشركة مع “عاشور” قائد الأمان ومعه “حسام” ومجموعة من الرجال إلى الفيوم ومعهم سيارة أسعاف بالطبيب الشخصي الخاص به بسبب أصابه كما أوضحت له “مريم”
بدأ “جين” بأرسال المؤشرات الجسدية لمرتدي الساعة ومن أنخفاضها علم بأن الساعة الآن فى يد “جمال” وأخبره بعد المسح بالأشعة من السيارة أن هناك شخص واحد فقط بداخلها، أراد “شريف” تعديل الهواء فى السيارة من أجل أصابته ليقول “جين” بصوته الألي:-
-عذرًا لا يمكنك الولوج
تأفف “شريف” من عجزه فى التحكم بـ “جين” فى هذه اللحظة ليفحص “شريف” السيارة فأجابه “جين” بصوت ألي:-
-الآن السيارة تحت وضع الحماية الكاملة لن تتمكن من الدخول لها أو فتحها……
أخرج “شريف” مفتاح السيارة الأحتياطي الذي أخذه من “صادق” بطمأنينة فلولا هذا المُفتاح لمات “جمال” بداخلها، وصل إلى موقعه بعد ساعة ونصف وكانت الساعة تقريبًا الثانية ظهرًا، وفحص الطبيب الجرح وفاق “جمال” بعد محاولات عديدة، كان نائمة بغرفة الإسعاف والطبيب يحاول معالجة جرحه مبدائيًا حتى يصله للمستشفى، فتح عينيه ليرى الجميع أمامه فيما عدا هى، فتاته التى وضعته هنا من أجل حمايته، ترجل من سيارة الأسعاف ورجاله يحيطون بالمكان وتألم من أصابته التى تزداد سوء وقال بجدية:-
-مريم فين؟
هرع الجميع نحوه بينما “جمال” يكاد يستطيع الوقوف على قدميه، تنحنح “شريف” بخوف سافر من غضبه وقال:-
-لما جينا مكنش فى حد فى العربية غيرك وهي مالهاش أثر
لم يتمالك أعصابه وصرخ بغضب سافر بعد أن مسك “شريف” من ملابسه بأنفعال:-
-يبقي تدوروا عليها، مريم لو جرالها حاجة يا شريف…
توقف عن الحديث ثم دفعه بعيدًا وأخذ الهاتف من يديه ودخل كلمة السر الخاصة به ليعلم أن تم الدخول إلى “جين” من ساعتين تقريبًا وهذا وقت كافي لكي يتخلصوا منها، فتح الكاميرا الأمامية لسيارته وأخذ منها رقم السيارة الخاصة بهذه الرجل وأنطلق بسيارته مع رجاله كالمجنون إلى موقع السيارة التى يترصدها “جين” كان بمكان قريب جدًا منهم،أعطاه الطبيب جرعة من المخدر حتى لا يشعر بألم شديد لكن لا جدوي ما زال ينزف دماء ويأني من الوجع، نظر “شريف” بقلق عليه وقال:-
-ممكن تروح المستشفى وأنا هجيبها
-لو كنت هتجيبها كنت عملت كدة من ساعة ما وصلت، مريم مش هيرجعها غيري أممممممم
قالها بألم شديد حتى توقفت سيارته هجم رجاله على المنزل فحاول الرجلين التصدي لهم فلم يكن أمام رجاله شيء سوى قتلهم، ترجل بصعوبة من سيارته ودلف مع “عاشور” الذي يسانده يحاول التحمل بسبب جرحه والرصاصة التى لا تزال فى ظهره لكن تحمل بسبب المخدر والمسكنات التى أخذها، رأها تجلس هناك ويديها مُقيدة وعلى فمها لاصقة تبكي بخوف، لكن تبسمت بسعادة وطمأنينة فور رؤيته ووقفت من مكانها لتركض نحوه وسط بكاءها، ضمها “جمال” إليه بألم من أرتطامها بجسده المُصاب وأرتياح لعثوره عليها سالمة، قال بنبرة دافئة:-
-على مهلك شوية، أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم ليرفع عن فمها اللاصقة وقال بإمتنان على إنقاذها لحياته:-
-أحسنتي
أقترب “حسام” منها ليقطع الحبل الذي يقيد يدها وعينيها لا تفارقه وتخبره بأنها أنتظرته فقالت بخفوت:-
-كنت عارفة أنك مش هتسبني هنا
ضمها إليه بقوة لتتشبث به أمام الجميع، أستدار الرجال مُتحاشين النظر إليهم بحرج خوفًا من غضب هذا الرجل، أستنشق عبيرها ورائحتها حتى يهدأ من روعة قلبه ويطمئن عليها ثم خرجوا معًا وهى تسانده جيدًا، ساروا نحو السيارة ليسقط منها أرضًا فاقدًا للوعي لتصرخ بهلع بأسمه:-
-جمـــــاااال……
_______________________________
أنتشر خبر دخول “جمال المصري” رجل الأعمال للمستشفي بعد محاولة أغتيال كما وصفت الصحافة حادثته، لتضرب “سارة” الشاشة بأغتياظ قوي أحتلها لتدفع الشاشة أرضًا من الغيظ وقالت بصدمة:-
-لا…. مستحيل
نظرت إلى صورتها فى المرة فهندمت ملابسها وشعرها بهدوء وقالت متوعدة بالأنتقام:-
-ماشي يا جمال، المهم اللي يكسب فى اللى أخر….
______________________________
قرأت “ولاء” الأخبار عن ابنها على مواقع التواصل الأجتماعي لتقرر العودة إلى “مصر” وهذه المرة بصحبة ابنتها الصغري “جميلة” وحجزت على أول طائرة مُتوجه إلى “مصر” من أجل ابنها حتى وإذا كانت تخشاه…..
____________________________
دلف “شريف” إلى غرفة المستشفي بهدوء ليراه نائمًا فى فراشه بعد الجراحة الجرحة التى خاضها بسبب عناده وكثرة الدماء الذي فقدها، و”مريم” جالسة على المقعد المجاور للفراش وتضع رأسها على ذراعه تغوص فى نومها بجواره كطفلة صغيرة تأبي الذهاب بعيدًا عن والدها مُنذ أن عادت سالمة لهم وهى لا تفارقه ألا وقت الجراحة عندما أخذوه الطبيب منها، ألتف لكي يغادر لكن استوقفه صوت “جمال” يناديه قائلًا:-
-شريف
عاد “شريف” إليه ببسمة خافتة على إفاقته وأستعادت للوعي وصحته ليقول “جمال” قاطعًا هذه البسمة:-
-عرفت مين اللى بعتهم؟ مستحيل يكون حمزة، حمزة بيحب يشوفها قصاده وهى بتتوجع
تلاشت بسمته بغضب بعد أن كان على وشك فقده، وأجابه “شريف” بنبرة هادئة يخفي غضبه من أهتمامه الزائد بـ “مريم” فى حين أن هناك كارثة حلت بشركته قائلًا:-
-ممكن يا مستر جمال تبطل تفكر فى مريم والخطر اللى بيحوم حولها وتفكر شوية فى نفسك
أعتدل “جمال” فى جلسته لتستيقظ “مريم” على حركته بتعب من ألم ظهرها وطريقة نومها ليلًا، تبسمت لرؤيته بصحة جيدة أمامها وقالت بلطف:-
-أخيرًا صحيت
أومأ إليها بنعم ثم نظر إلى “شريف” الغاضب أمامه وقال:-
-ما لك؟
أعطاه التابلت ليري الأخبار التى نشرت عنه وتتحدث عن أختفي زوجته بعد أن أكتشف “جمال” علاقتها بأخاه والآن هو على علاقة بأرملة أخاه وتعيش معه فى منزل واحد ويفكر فى الأنتقام منها على ما فعله أخوه الذي مات قتيلًا، نظر للأسئلة التى طرحت فى المقال عنه وعن زوجته المُختفية وعلاقته بـ “مريم” وقتل أخاه فهل هو قتله حتى ينتقم؟ ، تأفف “جمال” بصدمة ألجمته وهو لا يُصدق بأن هناك من يتحدث عن حادثة مر عليها سنوات بالفعل، ظلت “مريم” تنظر له بقلق فوضعت يديها على ذراعه وتقول:-
-جمال……
قاطعها بغضب سافر عندما دفع يديها الأثنين بعيدًا عنه وقال بجدية:-
-أعرف الخبر دا مين اللى نشره وأحذف كل اللى أتنشر عنه مهما كلفك الأمر يا شريف، أنا مش هجاوب على أى سؤال فيهم؟
أومأ إليه بنعم بغضب مكبوح بداخله وكل شيء كارثي يأتي لهم سببه فى الأساس “مريم” ثم قال بهدوء سافر يخبره بأن الكارثة لم تتوقف فى طرح المقال بل ألحقت بعمله:-
-شركة المقاولات سحبت اتفاقها معنا بعد الخبر دا
أغمض “جمال” عينيه بأغتياظ، يريد قتل “مُختار” لو كان حيًا فالسبب الرئيسي لكل شيء هو أخاه وليس هذه الفتاة البريئة، هى مجرد ضحية مثله ، أخاه من خانه مع زوجته ومن عذب “مريم” وبسبب وصيته الحمقاء جلب “مريم” إليه والآن بسببه يتدمر عمله، قال بسخرية عكس غضبه الذي يمزق عقله:-
-فى داهية، ولو فى حد تاني عايز يفسخ عقوده معنا يتفضل، أنا عارف اللى عملها، الحركة دى مش هتطلع من حد غير نادر عايز يأخد المشروع دا مني..
غادر “شريف” الغرفة، ظلت “مريم” تنظر إليه فى صمت فنظر لها بسبب نظراتها التى تخترقه وتزعجه الآن، رآها تقف محلها بنفس ملابسها فستانها الذي مزقته من أجله مليء بالأتربة وحالتها فوضوي، قال بجدية صارمة:-
-حسام
دلف “حسام” إلى الغرفة بعد أن ترك مكانه فى حراسة الغرفة مع رجلين من الحرس أخرين، تحدث بضيق شديد:-
-خدوها على القصر ترتاح ومتطلعوش مني نهائي يا حسام ولا عشان تيجي هنا مفهوم
أشار إليه بنعم، ظلت تنظر إلي قسوته ونبرته الحادة ليقول:-
-أمشي
ذهبت مع “حسام” بحزن أصابها من قسوته وشعرت بأنه يدفعها بعيدًا بعد ما حدث وأصابته بسبب أفعالها وحديث الجميع عنها الذي أفقده جزءًا من عمله، وصلت للقصر لتستقبلها “حنان” بقلق شديد بعد ما سمعته، عانقتها “مريم” بأستياء وحزن لتربت “حنان” علي ظهرها بحنان ودفء ثم قالت:-
-حمد الله على سلامتك، خوفت عليكي أوى
جهشت فى البكاء تاركة العنان لحزنها بأن يخرج من صدرها المعبأ بألم ووجع يكفيها….
_______________________________
أنفجر “نادر” ضاحكًا بطريقة هستيرية بعد قراءة خبر أصابته وقال:-
-أغتيــال، لا متقولش يا تامر أن جمال المصري بجلالة قدره بقي ملطش للى رايح واللى جاي وبدأت الأعداء يتجرأوا عليه
تبسم “تامر” بسخرية من أمره وهو يمدح فى رئيسه قائلًا:-
-طبعًا، هو حضرتك فاكر أن جمال هيفضل زى البرلنت ولا أيه، دا رجل وبشر يعنى له أخطاء وجبروته خلاص، جمال بقي ضعيف
ضرب “نادر” المكتب بيده بحماس ثم قال:-
-ضعيف فعلًا، عمري ما توقعت أن أشوفه فى اليوم دا اللى يتجرأ عليه حد ويضربه بالنار مش كفاية الفضيحة اللى قبلها… صحيح عرفت ليا سر أختفاء مراته، نفسي أعرف وأمسك فى أيدي نقطة ضعف له
تبسم “تامر” وهو يفتح الهاتف على المقال تحديدًا على الجزء الملحق بصورته مع “مريم” وقال:-
-هنمسكها قريب يا ريس
أعطاه الهاتف ليرى صورة “جمال” معها ولكن ملامحها غير واضحة فقال بفضول:-
-هي حلوة؟
أنفجر “تامر” ضاحكًا على هذا الرجل الذي يقدس جمال المرأة وأى أنثي ثم قال:-
-حلوة بس دى فرسة تتلف فى حرير يا ريس، هى اه أحلي بكتير وأصغر منها بس خليك فى اللى معاك عشان دى مش أى تاء مربوطة دا من حريم جمال
وقف “نادر” من مكانه وهو يسير إلى الشرفة وقال بنبرة خافتة:-
-عندي توب حرير محتاج أشوفه عليها يا تامر
فهم “تامر” ما يرمي له بطريقة غير مباشرة ورغبته بهذه الفتاة ليقول:-
-ساعة زمان ويكون عندك تقرير عنها…
غادر المكتب ليقول “نادر” بتمتم وعينيه تحدق بالطريق أسفل شركته:-
-هتستحمل خيانة تانية فى حياتك يا جمال ولا هتبقي القاضية وأخلص منك….
______________________________
“الملهــــي الليــلي”
صرخت “سارة” بأنفعال فى الفتاة التى تقف أمامها وترتدي فستان أصفر قصير وتتزين بمساحيق التجميل قائلة:-
-خليني أشوفك مع حازم مرة تانية ونهايتك هتبقي على أيدي…. غوري
خرجت الفتاة غاضبة من معاملتها، تأففت “سارة” بضيق من هذا الكوارث التى تحل عليها لكن قاطعها رنين هاتفها فقالت:-
-أيوة
أتاها صوت فتاة بنبرة خافتة تقول:-
-نادر الصبح طلب معلومات عن مريم وبيدور وراها ودا أكيد عشان…
قاطعتها “سارة” بضيق شديد مما سمعته تقول:-
-أنها عجبته… طب أقفلي
أنهت الأتصال ووضعت الهاتف على المكتب بضيق وهى تشعر بأنها ستخسر مرة أخرى أمام “مريم” وجمالها الذي يسحر كل الرجال خصيصًا من يُقدسون جمال المرأة، كل ما فعلته مع “نادر” سيهدم إذا قابل “مريم” مرة واحدة حتى وأن كانت صدفة، خرجت من الملهي الليلي وأتجهت إلى أحد المحلات التجارية وظلت تدور فى المكان والبائعة تعرض عليها الفساتين الموجودة التى تناسبها لكنها تجاهلت كل شيء وأشارت على أحدهم وقالت:-
-عايزة دا
-أسفة لحضرتك يا فندم بس دا محجوز
قالتها بحرج من رفض طلبها لتقف “سارة” من مكانها ومسكت شارة الأسم الخاصة بهذه الفتاة بطريقة مُخيفة ثم قالت:-
-قولت دا
أبتلعت الفتاة لعابها بخوف ثم أتصلت بمديرة المكان وبعد قليل أعطته لـ “سارة” بمبلغ أكبر حتى ترد العربون الذي دفعه العميل الأخر، أتجهت إلى صالون التجميل وتزينت جيدًا ثم عادت للملهي الليلي وجلست فى مكتبها تفكير كيف تنتقم وتجبر “نادر” على طلب الزواج منها من دون أن تطلب هذا، رنت الجرس ليدخل رجل عليها بعد قليل ووضع الكأس بمشروبها المُفضل أمامها وقالت:-
-البضاعة الجديدة وصلت
-وبيجهزوها تحت والنهاردة فى السهر هنوزعها على الشباب
قالها بجدية لتقول وهى تمد يدها إليه ببطاقة عمل “نادر”:-
-كويس، خد الكارت دا وتعمل اللى هقولك عليه بالحرف الواحد
أومأ إليها بنعم لتبتسم بمكر شديد وتطرق بأظافرها الطويلة على المكتب….
_____________________________
“قصــر جمــــال المصــــري”
حاولت “مريم” كثيرًا الخروج من القصر لكن امره بحبسها كان محسومًا لا جدال فيه، قالت بضيق:-
-خليني أروح معاكي يا حنان وهرجع فى أيدك والله
-أسفة يا مريم مينفعش دا أمر، أرجوكي أنتِ مترضيش بالأذي لا ليا ولا حسام والناس اللى معاه وأنا كمان مرضاش بالأذي ليكي
قالتها “حنان” بلطف وهي تربت على وجنتها بدلال لتتأفف “مريم” بأختناق ونظرت للجهة الأخري فقالت “حنان” بنبرة هادئة:-
-أنا هطمنك عليه بنفسي أول ما أرجع ومتقلقيش أنا سمعت أن والدته واخته جميلة جم وموجودين معاه هناك
تمتمت بضيق شديد من هذا الحديث الذي أغضبها أكثر:-
-الكل هناك وأنا محبوسة هنا زى الكلبة الجربانة
كادت “حنان” أن تتحدث لكن “مريم” لم تعطيها المجال فصعدت الدرج مُتذمرة على هذه المعاملة التى تتلقاها منه وهو يحبسها هنا من أسبوع تقريبًا…
_____________________________
خرج “نادر” من شركته وصعد للسيارة ينظر فى هاتفه على صورة “مريم” التي جلبها “تامر” بوضوح وتظهر ملامحها جيدًا وتبسم بإعجاب وقال:-
-والله بتستاهل المجازفة
رن هاتفه يقاطعه عن النظر إليها وكان رقم مجهول، استقبل الأتصال وكان رجل يقول له:-
………
يتبع…
أنطلق “نادر” بسيارته إلى الملهي الليلي بجنون أصابه بعدما سمع أن هناك أفراد من العصابة أقتحموا المكان وبدأوا فى تهديد “سارة”، وصل للمكان ليستقبله الرجل الذي أتصل به وقال:-
-أول أوضة على الشمال
صعد للأعلي مُسرعًا وهو يكاد يجن جنونه بعد ان علم أن رئيس هؤلاء أخذها للغرفة، فتح باب الغرفة ورأها تجلس هناك على قدمي الرجل وتسكب له الخمر بوجه باكي وهو يحيط رأسها بذراعه وفى يده سكين حاد يضعه على عنقها، أزدرد لعابه بضيق وهو يراها تخدم هذا الرجل تحت التهديد، تبسم الرجل بسخرية وقال:-
-مش قولت محدش يزعجني
تقدم “نادر” نحوهما أكثر ببرود وينظر حوله بسخرية من هذا الرجل ثم قال:-
-جالك الجرأة ترفع عليها سلاح
نظر الرجل لها بإعجاب شديد ثم قال:-
-بصراحة هي ميترفعش عليها سلاح لكن أعمل أيه معها هى اللى عنيدة ولو كانت جت بالرضا مكنتش جت بالغصب
أومأ “نادر” له بنعم موافقًا إياه الرأي ويتحاشي النظر لهم وقبل أن يتحدث الرجل مرة أخرى صُدم بزجاجة الخمر تكسر فوق رأسه من “نادر” لتسيل الدماء من رأسه فسحبها بقوة إليه حتى جرحت السكين عنقها قليلًا بخدش صغير، غادر الغرفة بعد أن أخذها ليهجم رجال الأمن الخاصين بها بعد أن تحررت فكانوا خائفون من المجازفة كونها رهينة لدي هذا الرجل المسلح، سارت معه للخارج مبتسمة بمكر وغمزت لأحدهم بأنتصار على تنفيذ خطتها كما أمرت، وتركت الحقيبة مع النادل فتبسم بعد أن غادرت وفتحها ليجد بها مخزونًا من المال لنجاح خطتها، صعد إلى زملائه وقسم المال معهم ليبتسموا بحماس وضمدتوا جرح صديقهم ….
____________________________
“قصـــــر جمــــــال المصـــــري”
ظلت غاضبة فى غرفتها حتى سمعت صوت السيارة فهرعت مُسرعة للأسفل تنادي على “حنان” حتى تطمئن عليه قائلة:-
-حنان…. حنان….
توقفت عن الحديث عندما رأته يقف أمامها بعد تسريحه من المستشفي ومعه والدته “ولاء” وفتاة أخري فى عمرها تقريبًا لتعلم أنها “جميلة” أخته الصغرى، كانت ترتدي تنورة طويلة سوداء وبلوفر من الصوف وحذاء ذو رقبة قصيرة ولديها وجه جميل به زوج من العيون الخضراء كأخاها وبشرة متوسطة البياض وأنف صغيرة جدًا وشعر أسود يصل لمنتصف ظهرها مموج، تبسمت “جميلة” عليها وهمست إلى “حنان” بعفوية فى أذنها:-
-هى دي؟
أومأت “حنان” لها بنعم ونظرت إلى “مريم” التى تحدق به بنظراتها مُطولًا تفحصه بدق أو بالأحري تشبع شوقها إليه بعد أن غاب لأسبوع كاملًا عن نظرها، ضربات قلبها تسارعت لرؤيته وصرخ هذا القلب بين ضلوعها مُتمني أن تكمل ركوضها نحوه لكنها ظلت مكانها لا تقترب أكثر وتفقد صواب قلبها العاشق، تطلع “جمال” بها فى صمت تقف أمامه بنحالتها وخفتها مُرتدية بيجامة قطنية عبارة عن بنطلون وردي فضفاض مرسوم عليه ريش باللون الأزرق وبدي وردي بحمالة وفوقه سترة طويل تصل لركبتها مفتوحة، شعرها البنية كالبندق وحبات القهوة ينسدل على الجانبين بحرية فكم تكره هذه الفتاة تقيد شعراتها بالمشبك أو دبوس الشعر، يحيط بوجهها الجميل كعتمة السماء التى تحيط القمر كل ليلة، قاطع نظرتهم الطويلة صوت “ولاء” تقول:-
-تعال عشان ترتاح
تنحنح بحرج وصعد السلالم مع والدته حتى مر من جوارها لتستنشق رائحته التى تشبه المستشفي من مكوثه هناك، رمقته عن قرب بنظرة حزينة من تجاهله لها بينما هو صعد غير مبالي لها، تتبعته بنظرها حتى قاطعها صوت “جميلة” تقول:-
-هاي، انا جميلة أخته
نظرت “مريم” بحرج لها وقالت:-
-مريم… ضيفة مؤقتًا
صعدت لغرفتها بحزن تملكها من صلتها به وهى حقًا مجرد ضيفة هنا، دخلت غرفتها لتتبعها “نانسي” ورأت دمعة هربت من عينيها لتقول بحنان:-
-الله!! ليه الدموع دى؟ مين زعل القمر بس
تمتمت بضعف وحزن يخيم على قلبها قائلة:-
-أنا عارفة أنى غلطت وعارفة أن الناس كلها بتتكلم عنه بسببي وأن اللى حصل من تحت رأسي بس هو يعنى مينفعش يغفرلي دا ولا لازم يفضل يعاقبني بقسوته
ضمتها “نانسي” بلطف وبدأت تمسح على رأسها ثم قالت:-
-أهدئي يا مريم أنا قولتلك حكاية مراته وأن الناس تتكلم عنها وعن الخيانة اللى اتعرض لها مش سهل عليه برضو هو بشر
نظرت إليه بصمت ولم تعقب على كلماتها….
__________________________
أخذها “نادر” إلى شقتها كما طلبت منه ودلفت بصحبته تصطنع الخوف مما حدث وجلست على الأريكة ليقول:-
-أبقي خلي بالك من نفسك وهاتي حراسة كويسة لأن الأشكال دى كتير ووارد وجودهم فى مكانك
أومأت إليه بصمت لينظر إلى عنقها المجروح وقال بضيق شديد يتملكه:-
-هااا الغبي كان لازم ادب الأزازة فى رقبته مش دماغه!!
رفعت “سارة” نظرها إليه وترمقه فى صمت وهو بدأ يعقم جرحها بوجه عابس مُتذمرًا على خدشها وكأن هذا الرجل أفسد الجمال الذي يُقدسه ومزق جمالها، وضع اللاصقة على عنقها بلطف ووقف لكي يغادر لكن أستوقفته “سارة” عندما مسكت يده وقالت ببراءة مزيفة وتصطنع الخوف بعد ما حدث لها:-
-خليك معايا النهاردة، أنا خايفة
أبتلع ريقه بأرتباك ثم جلس جوارها من جديد لتقف “سارة” وسارت نحو البار لتحضر زجاجة من الخمر وكأسين وهى تعلم أن عينيه لا تفارقها فتأففت بضيق شديد وهى لا تعرف كيف تضع المخدرات له فى الكأس مع نظره المُسلط عليها يلتهمها، نظر إليها وهى تسير نحوه وتتدلل وتتلوي كالحية خلف وجهها الجميلة، ترتدي فستان أسود طويل ومفتوح من بداية الفخذ الأيسر للأسفل مع سلاسل كثيرًا بهذه الفتحة المُثيرة لتظهر من وراءها أقدامها العارية ببشرتها البيضاء وتصدر صوتًا جذابًا كالأجراس مع خطواته وطقطق كعبها العالي على الأرض الرخامية ومن الأعلي ضيق جدًا من الصدر ومفتوح بكم واحد وذراعها اليمني عاري تمامًا وشعرها الأسود يداعب هذا العنق النحيل وعظمتين الرقبة، وضعت الزجاجة والكأسين على الطاولة وقالت ببراءة مُصطنعة:-
-هجيب الثلج
سارت مجددًا إلى البار لتدخل خلفه هذه المرة وتحجب عنه الرؤية، نظر إلى رأسها التى تظهر أمامه وسكب كأس لنفسه وأرتشفه على جرعة واحدة ثم نزع رابطة عنقه وفتح زر واحد من قميصه ويكاد أن يفقد صوابه أمام هذه المرأة، تبسمت “سارة” بأنتصار ثم نزلت للأسفل تختفي كليًا عنه وجلبت كوب صغير ووضعت به المخدر بجرعة كبيرة تكفي لثمالته كليًا وفقد عقله ثم سكبت الخمر فوقه بمكر شيطانية وقالت مُتمتمة:-
-المرة دى أنا اللى هنجح يا جمال…
نزعت فرد حذائها وكسرت الكعب بيديها ثم أرتدته وتركت الكأس على الأرض ووقفت تحمل الثلج وتبسمت إليه، تبسم إليها وهو يرتشف كأس أخر فتقدمت خطوة لتسقط أرضًا من كعبها المكسور، وقف من مكانها بذعر عليها وهرع إليها، ألتف حول البار ودخل لها ليراها جالسة على الأرض ومكعبات الثلج فوقها، جلس جوارها بهدوء وقال:-
-أنتِ كويسة؟
تألمت بشدة مصطنعة الوجع بتعابير وجهها قائلة:-
-اااااه رجلي مش قادرة
نزع لها الحذاء ونظر إلى قدمها فكانت بخير لكنها تأني من الألم أمامه فقال:-
-مش تخلي بالك وأنتِ ماشية
أجابته بنبرة خافتة ودلال مُفروط:-
-مكنتش أعرف اني هقع
أبتلع لعابه بأرتباك وهو يبعد مكعبات الثلج عنها حتى لا تصيبها بمرض فى هذا الشتاء وقال:-
-أنتِ وقعتي على قلبي…
لم يتمالك أعصابه أكثر وسرق منها القبلة التى تمناها كثيرًا لكنها أبتعدت عنه كعادتها فنظر إليها بهدوء مُتعجبًا رفضها لترفع الكوب أمام فمه بيده وأرتشفه منها وهو يتحسس يدها يكتشف نعومته دون أن يفكر ولو قليلًا من أين جاء الكوب فى الأرض لتبتسم بمكر وسحبته من قميصه…….
_______________________________
“قصــــر جمـــــال المصـــــري”
خرجت “مريم” من غرفتها صباحًا لتراه ينزل الدرج بخطوات ثابتة بسبب جرحه وذراعه مُعلق فى رقبته ليتحكم بحركة لأجل أصابته، اسرعت إليه وأخذت يده كي تساعده لكنها صدمت عندما أبعد “جمال” يدها عنه بضيق شديد فنظرت له بغيظ من معاملته لها وقالت:-
-هو فى أيه؟
توقف عن النزول ووألتف “جمال” ينظر إليها بضيق ثم قال:-
-فى أيه؟ أنتِ بجد بتسألي في أيه؟ مش واخدة بالك أن كل اللى حصل واللى إحنا وصلنا له بسبب عمايلك وغبائك
-غبائي!!
رددت كلمته بدهشة من طريقته فى الحديث، تحدث بنبرة قوية غليظة قائلًا:-
-اه غبائك، مين سمح لك تقفلي تليفوني وتسيبي ساعتي فى المرزعة، ونروح لوحدنا، مين أدي لك الحق تتصرفي فى حياتي بطريقتك وعلى كيفك؟ أنتِ مين أصلًا عشان يبقي لك رأي
ضحكت بسخرية على كلمه الذي أحزنها وأوجع قلبها، قسوته لم تعد تتحملها أكثر فقالت بضيق شديد:-
-صحيح أنا مين أصلًا؟ مجرد ضيفة
مرت من امامه ليصرخ بها بأنفعال قائلًا:-
-وضيفة تقيلة كمان
أبتلعت “حنان” ريقها من مشاهدتها لهذا الشجار ثم أخذت الخادمة للمطبخ وهى تُتمتم:-
-خلينا ندخل قبل ما الحرب تقوم فى البيت دا
جهزت الإفطار مع الخدم وجلسوا يتناولوا الطعام فى صمت و “ولاء” تراقب ابنها بنظراتها فقالت “جميلة” بنبرة هادئة:-
-وعلى كدة قاعدة هنا لحد امتي؟
رفع “جمال” نظره إلى أخته بضيق شديد من حديثها على الطعام، نظرت “حنان” إليها لتشير لها بأن تصمت رجاءًا ولا تزيد من غضبه، أدارت “جميلة” نظرها إلى اخاها بقلق وقالت بحيرة:-
-عادي يا جمال بسألها قاعدة لحد أمتى لأنها قالتلي أنها ضيفة؟
وضعت “حنان” يدها على وجهها مُستعدة للحرب التى ستقام للتو باستسلام، نظر “جمال” إلى “مريم” الجالسة بنهاية السفرة وحدها بعيدًا عنهم ليقول:-
-قالتلك ضيفة بس
تنحنحت “ولاء” بنبرة باردة وهى تتناول طعامها:-
-وأرملة أخوك! هو في ….
قاطعها صوته القوي بنبرة باردة حادة يقول:-
-خطيبتي، نسيت تقولك يا جميلة أنها خطيبتي أعذريها أصلًا بتنسي كتير
رفعت “مريم” نظرها إليه بغضب سافر من كلمته، أهو يعاملها بقسوة ويوبخها والآن يتحدث عن خطبتهم لتقول بضيق:-
-أنا موافقتش أكون خطيبة حد
رفع حاجبه لها بسخرية من كلمتها وعاد بظهره للخلف بأسترخاء وقال بنبرة أكثر بروده:-
-وكأني محتاج لموافقتك يا مريم
ضربت السفرة بقبضتيها بغضب شديد يتملكها لتقول:-
-أنا رايحة الجامعة قبل ما أرتكب جناية هنا
وقفت من مكانها ومرت من جانبه ليقول ببرود أكثر يُثير أستفزازها وغضبها:-
-مفيش خروج
ألتفت إليه وكادت أن تقترب منه وتضربه على رأسه بأنفعال من الغضب الذي تملكها للتو لتمسكها “حنان” وهم يقفوا خلف ظهره دون ان يراهما وحاولت منعها قائلة:-
-عشان خاطري ، عشان خاطري أنا يا مريم أطلعي
عضت شفتها السفلية بأغتياظ منه و”حنان” تحيط جسدها بذراعيها تمنعها من لكمه فصرخت من الغيظ:-
-اوووووف أنا طالعة عشان خاطرك بس يا حنان
صعدت للدرج، وقف من مكانه ببسمة أنتصار خفية وقلبه يتراقص فرحًا من كرة الغضب الذي قذفها بها وقال:-
-لا وأنت الصادقة دا عشان معندكيش خيار تاني
ضربت الدرج بقدمها من الغيظ لتصرخ من الألم فتبسم أكثر ثم دخل للمكتب وكان “شريف” بأنتظاره، تطلع ببسمته بأندهاش فنادرًا ما يرى بسمة على وجه هذا الرجل ليقول:-
-خير إن شاء الله؟
تلاشت البسمة عن وجهه ليتنحنح “شريف” بحرج ثم قال:-
-التليفون اللى لاقينا مع واحد من الرجل طلع أخر رقم متصل به، رقم حد تعرفوه كويس
جلس “جمال” على مقعده خلف المكتب برفق بسبب أصابته وذراعه المُعلق فى كتفه ثم حدق بـ “شريف” وبدأ يخمن الشخص قائلًا:-
-حمزة..
هز “شريف” رأسه بلا ليتابع “جمال” التخمين بضيق:-
-نادر… أمال مين انت بتنقطني يا شريف
-سارة
قالها “شريف” بنبرة هادئة وهو يعلم بأن أسمها سيُثير غضب هذا الرجل ليقول:-
-سارة!! المربية
ضحك “شريف” بسخرية بعد أن جلس على المقعد وأتصل الهاتف بشاشة المكتب ليعرض عليه جزءًا من حياة “سارة” الآن وقال:-
-قصدك سارة ستار!! صاحبة أكبر نادي ليلي وتاجرة المخدرات، أسمها بقي أشهر من النار على العلم بين الشباب الفاسد والمتعاطين، دا مش فاتحة كازينو عادي يا مستر جمال، دا منبع للفساد ومش هتصدق دلوقت بتلف علي مين
نظر “جمال” إلى الفيديو الذى أمامه من داخل الملهي الليلي ليتابع “شريف” الحديث بعد أن مرر يديه على الشاشة ليظهر الفيديو التالي:-
-نادر الهواري
حدق “جمال” بالفيديو الذي يجمع “سارة” و”نادر” على طاولة واحدة ويضحكون ليقول:-
-الطيور على أشكالها تقع
عاد بظهره للخلف بعد أن اغلق الشاشة وقال:-
-تتاجر فى المخدرات وتلف على نادر دا شيء ميخصنيش لكن تقرب من مريم دا اللى يخصني، أنت عارف أنى متعودتش أكون مدين لحد حتى لو بقلم واللى عملته لازم يتردلها يا شريف، مفيش أخبار عن حمزة؟
أجابه “شريف” بنبرة هادئة بحرج من فشله قائلًا:-
-للأسف من ساعة الحادثة وهو مُختفي
صرخ “جمال” بانفعال بعد أن وقف من مكانه بضيق شديد:-
-بقالي شهر بسمع نفس الجملة، حمزة لازم يدفع تمن اللى عمله فيها، لازم أخليه يدوق العذاب والالم اللى دوقه ليها طول السنين دى
أومأ “شريف” له بنعم ولا يعلم سبب هذا الغضب القوي،غادر المكتب وتركه ليجلس “جمال” مرة أخرى على مكتبه بأختناق مُنذ أن أخرجها من الصندوق غريقة كقطعة ثلج باردة وهو يبحث عنه بكل مكان سيجعله يجرب هذا الشعور والأختناق تحت الماء، سيمزق جسده أربًا بالسكين كما فعل معها وبعدد الندوب التي رأها فى جسدها، سيرد له الألم الذي رأه فى المزرعة فى وجهها وجسدها أطنان، سيجعله ينتفض خوفًا وذعرًا كما جعلها تنتفض، لن يتهون معه وسيريه كم هو وحش من داخله وأنه لا يمكن أن يكون خصمًا له..
تمتم بنبرة خافتة يقول:-
-أستحملي يا مريم والله لأقتله وأخلصك منه للأبد عشان تعيشي
وقف من مكانه بعد أن ضغط على الزر الأحمر حتى لا يجرأ أحد على الدخول إلى المكتب، فتح الباب السري ودلف للغرفة لينظر إلى هذا الحائط ووضع دائرة على صورة “سارة” وقال:-
-الوحيدة اللى أستفادت من موت مُختار… كل أملاكه راحت ليكي، من بعده ورثتي ملايين… ليه ميكونش انتِ اللى حرضت على قتله، ما هو مش معقول حمزة فجأة قرر يدافع عن بنته ويحميها من الأغتصاب، متطلعش من واحد مريض زيه…
بدأ “جمال” يجمع كل الخيوط ويربطها معًا من حكاية “مريم” وخصيصًا بعد أن عثر على أثر الرصاصة، وضع خط أسفل صورة “حمزة” وقال:-
-أنت اللى عارف مكان الجثة
_______________________________
تنهد “تامر” بهدوء محاولًا كبح غضبه مما سمعه للتو وقال:-
-أتجوزتها!!
أومأ “نادر” له ببرود شديد ثم قال:-
-اه زى ما سمعت
جلس “تامر” على المقعد المقابل له بهدوء وقال بضيق تمكن منه بسبب هذا الحديث:-
-أتجوزت رقاصة!! أنا عارف أنى مجرد موظف عند سيادتك لكن حضرتك رجل أعمال وليك وضعك وداخل على منافسة قوية مع جمال المصري والحكومة هتقرر أن واحد فيكم اللى هيأخد المشروع دا، أزاى جازفت بكل دا وأتجوزت رقاصة، أنا ما صدقت سكت الصحافة وحمدت ربنا أنهم بصوا على جمال عشان نعلى إحنا
تأفف “نادر” بضيق شديد من هذا الحديث ثم قال:-
-اللى حصل حصل بطل ندب زى النسوة، وبعدين أنا محستش بحاجة أنا فوقت النهاردة لاقيتنى ماضي على ورقة جواز عرفي، وبعدين أنا فهمتها أن الموضوع دا لازم يكون سر عشان وضعي وسارة أتفهمت دا
وقف “تامر” من مقعده بأنفعال وكاد أن ينزع شعره من محله من الغيظ وقال:-
-واحدة لفت عليك عشان تتجوزك وسوري فى اللفظ لحضرتك شربتك لحد ما أتصطلت ومضتك على ورقة جواز وحضرتك سكران دى هتحتفظ بالسر
رفع “نادر” نظره إلى مدير أعمال بغيظ ليتأفف “تامر” من الغيظ وقال:-
-أنا يا دوب أستعد لمواجهة الخبر فى الصحافة لأن الخبر مش هيستخبي عليهم كتير
خرج من المكتب مُتذمرًا ليفرك “نادر” رأسه بضيق بعد أن وقع فى الفخ وأصبحت زوجته، كأن يريد أن تكون علاقة عابرة لليلة واحدة لكن هذه المرأة أوقعت به ليقول:-
-شغل عوالم
أرتشف فنجان قهوته على جرعة واحدة…..
___________________________________
“قصـــر جمــــال المصــــري”
كانت تستمتع بركوبها على ظهر “إيلا” وهى تركض بها بعيدًا بسرعة و”مريم” تتشبث بشعراتها بلطف وجلسها يصعد ويهبط مع ركوض “إيلا” لتري “نانسي” تخرج من القصر بصحبه تسانده بلطف حتى جلس على الأريكة البيضاء تحت أشعة الشمس، ظلت تنظر عليه خلسًا و”إيلا” تركض بعفوية، رمقها “جمال” ليراها كفراشة تحلق فى الهواء وشعرها يتطاير مع نسمات الهواء فطلب من “نانسي” أن تذهب إليه، أقترب “نانسي” من السياج وقالت:-
-مريم
ألتفت “مريم” إليها فأشارت إليها بانه يُريدها، تنهدت بخفوت وهى الآن لا تريد الشجار، نزلت عن ظهر “إيلا” وأعطتها إلى “حاتم” وسارت نحوه، قالت بهدوء شديد:-
-نعم!!
-أقعدي
قالها بهدوء شديد لتجلس على المقعد الموجود أمامه ناظرة إليه حتى يتحدث فقال:-
-أنا طلبت من سلمي تشوف دكتور نفسي
نظرت له بأندهاش من كلمته ليقول:-
-ليكي
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة من كلمته وقالت بتلعثم:-
-ليا أنا، ليه شايفنى مجنونة قصادك
نظر إليها بهدوء ثم قال:-
-مريم، أنتِ مُتعلمة وفاهمة ان مش كل اللى بيروح لدكتور نفسي بيكون مجنون أنا مبيشكش فى سلامة عقلك أنا بتكلم عن نفسيتك، الخوف اللى جواكي وحالة الذعر اللى موجودة عندك من الفيوم والمزرعة والأحلام الكوابيس اللى بتشوفها، الأصوات اللى بتسمعيها فى عقلك مع كل مطر ورعد، مش معقول هتكوني كل مرة جوا القصر، نفترض كنت فى الجامعة وحصل رعد دا ظاهرة طبيعية بتحصل
-هتأكد من الطقس ومش هخرج وقت المطر
قالتها بعفوية وبسمة لا تفارق وجهها ليقول بجدية صارمة:-
-أنا مش بهزر يا مريم، طب الأحلام والكوابيس، أيه مش هتنامي كمان
صمتت بهدوء لنحني قليلًا للأمام حتى أخذ يدها فى قبضته وقال:-
-أنا عايز مصلحتك يا مريم، أنتِ كنتِ جميلة تحت المطر حرام تحرمي نفسك من دا
نظرت إليه بهدوء وتذكرت يوم ميلاده الذي أخبرته فى بحبها ولعبها تحت المطر معه، تابع حديثه قائلًا:-
-أعتبريها مجرد فضفضة مع شخص موثق منه، أنتِ مشوفتيش كنتِ بتتفضي أزاى وأنت نايمة فى المزرعة والخوف اللى جواكي، تقدري تقوليلي لو أتجوزتي فعلًا هتقدري تسمحي لجوزك يقرب منك ولا هتفضلي تشوف اللى حصلك فى اليوم دا
تنحنحت بحرج من كلماته ليقول بهدوء ونبرة دافئة:-
-أنا أسف لو بتكلم معاكي فى حاجة زي دى، بس الخوف اللى جواكي يخلي كل حاجة جايز تحصل، أرجوكي جربي جلسة واحدة مع الدكتور ولو مرتحتيش أو حستي أنك بتضغطي على نفسك قوليلي وأنا من ناحيتي أوعدك متكررش
أومأت إليه بنعم ببسمة خافتة ثم قالت:-
-موافقة ممكن أنت بقي توافق أنى أروح الجامعة
ترك يدها وعاد بظهره للخلف بغضب وقد تلاشي دفئه وهدوئه وحل محلهم الغضب والغيظ ثم قال:-
-لا، مفيش خروج من باب القصر
أغمضت عينيها بغضب من رفضه لكنها كبحت هذا الضيق وحاولت السيطرة عليه ثم قالت:-
-عشان خاطري
-لا
قالها بحزم ولهجة أمرية لا مجال للنقاش فكزت على أسنانها من الغيظ ووقفت لتغادر من أمامه، تمتم بنبرة حادة قائلًا:-
-لحد ما أخلص من أى خطر صدقينى مش هقدر أخرجك من القصر
_________________________________
وصل “حمزة” على الملهي الليلي بعد أختفائه ليبحث عن “سارة” فقال “حازم” بسخرية:-
-أتجوزت، مش هتلاقيها فاضية اليومين دول
-أتجوزت!!
قالها “حمزة” بسخرية ليُجيب عليه “حازم” بلا مبالاة كأنه لا يهتم بما تفعله والدته:-
-اه رجل الأعمال نادر الهواري، محظوظة أمي مبتقعش غير واقفة
-محظوظة فعلًا
قالها بسخرية ثم خرج من الملهي الليلي ليعبر الطريق إلى سيارته وقبل أن يصعد ظهر مجموعة من الرجال وأختطفوه فى سيارة رباعية الدفع سوداء، تبسم “عاشور” وهو جالسًا فى المقعد الأمامي وأتصل بهاتف “جمال” ليقول:-
-حصل يا ريس ……….
__________________________________
“قصـــــر جمــــال المصـــــري”
خرجت “نانسي” من المطبخ بفنجان قهوته وقبل أن تصعد الدرج نادتها “ولاء” قائلة:-
-نانسي تعالي أقولك..
نظرت على الفنجان بتردد فى الذهاب إليها أم إلي “جمال” لكن سرعان ما تبسمت عندما رأت “مريم” تنزل من الأعلي وقالت بعفوية:-
-معلش تطلعلي القهوة لجمال بيه
ترددت “مريم” فى أخذ القهوة لتشير لها على “ولاء” فأخذتها وصعدت للأعلي، دقت باب غرفته بهدوء ليقول:-
-أدخلي يا نانسي
دلفت بفنجان القهوة ووضعته على الطاولة دون أن تحدثه، لم ينتبه لوجودها وظل ينظر على نفسه فى المرآة وهو يحاول أرتدي قميصه الأسود بصعوبة من أصابته وسترته على الفراش فقالت “مريم” بقلق:-
-أنت خارج؟
ألتف على صوتها ليرى فنجان القهوة، عاد بنظره إلى المرآة بجدية وكيف لا يخرج بعد أن حصل عليه ليقول بحزم:-
-اه
-وأنت تعبان؟ أعتقد أني سمعت حنان بتقول أنك ترتاح وشريف نبه عليك متتحركش كتير
قالتها بقلق على جرحه وصحته، أجابها ببرود وهو يدخل ذراعه فى الكم بصعوبة:-
-أنا مبأخدش أوامر من حد، سيبني بقي عشان أكمل لبسي
لم يحصل على جواب منها لكنه شعر بيدها تمسك القميص ليكمل دخول ذراعه، ألتفت لتقف أمامه وبدأت تغلق الأزرار لأجله بوجه عابس فهو حقًا لن يستمع لها نهائيًا، تطلع بوجهها الغاضب منه وهو مُدرك بأن هذا الغضب بسببه، كانت ترتدي بنطلون أسود يظهر نحافة قدميها وبلوفر من الصوف أخضر اللون طويل يصل لركبتها وأكمامه طويل تخفي أصابعها النحيلة، شعرها منسدل على الجانبين ويصنع فرقًا بمنتصف رأسها، قال بنبرة خافتة:-
-شكرًا
أجابته وهى تصعد بيديها للأزرار العلوية دون أن تنظر إليه هاتفة:-
-لو عايز تشكرني فعلًا متخرجش وأنت تعبان، بس أنا عارفة أن حتى أنا مبتأخدش أوامر منها ومش هتسمع ليا
-لو مكنش الموضوع ضروري مكنتش خرجت يا مريم
قالها بحدة صارمة لتتوقف عما تفعله ونظرت إليه بعد أن تجنبت النظر إليه مُنذ أن دخلت الغرفة لتتقابل عيونهما، عينيها الذهبية التى تتقلب فى معظم الأوقات إحيانًا يشعر بأنها صفراء وإحيانًا عسلية والآن يراهما يميلان للون الأخضر الذي يشبه ملابسها، لا يعلم أهذا سحرًا أم ماذا لكن المؤكد أنها نعمة من الرب رزقها بها، هذا الزوج من العيون الجميلتين يصاحبهم القلق والخوف عليه بوضوح وتسأله نظرتها ماذا إذا أصابه شيء فى الخارج أو تضرر الجرح فقال مُجيبًا بلسانه عليها:-
-متقلقيش أنا معايا عاشور والحرس
خرجت منها تنهيدة قوية وجلبت رابطة العنق الذي أختارها ووضعتها حول عنقه وهى ترفع جسدها على أطراف أصابعها بلطف حتى تصل إليه بسبب قصرها وهى حافية القدمين ليتابعها بنظره، تمني أن يأتي اليوم الذي تفعل له هذه الأشياء البسيطة برغبتها ولا تكن مجبورة بسبب أصابته وإشفاقها عليه، شعرت بشيء يداعب رأسها لترفع نظرها فرأته قريبًا جدًا منها مُغمض العينين لتعتقد باأنه مريض لتقول بقلق:-
-أنت كويس؟
فتح عينيه بهدوء بعد أن مزقت لحظته وهو يحاول أستنشاق رائحة شعرها الفريدة وقال:-
-اه
رفعت حاجبها بشك من امره وأحضرت الفيست الخاص بالبدلة وساعدته فى أرتدته ثم أغلقت الأزرار لتقول:-
-متتأخرش
رفع حاجبه إليها بجدية لتقول بتعجل وقلق:-
-مش أمر لك الحرية، هو مجرد طلب منى
أشار برأسه إليها بنعم لتبتسم على موافقته لطالما فعل ما تريده عندما تتطلبه، أحضرت السترة الرمادية من أجله ووقفت خلفه لتساعده فى أرتداها فأستدار “جمال” هذه المرة لأجلها ، وقفت تحدق به وهى تضع سبابتها بين أسنانها بطريقة عفوية ثم ضربت كفيها معًا قالت بإعجاب شديد:-
-فكرت فى الموضوع وأكتشفت أنك أوسم رجل أربعيني، لا ميصحش، مستحيل أقدمك للناس على أنك ولي أمرى محدش هيقصد أن الرجل دا ولي أمر أنسة كبيرة زي نهائيًا، أزاى أقنعهم أنك ولي أمرى، لا، لا أنت من الأفضل متحضرتش حفلة تخرجي
تبسم بلطف على كلماتها وهى تتغزل به بطريقة غير مباشرة لتتعجب إلى هذه البسمة التى رأتها للتو على شفتيه لتبستم كالبلهاء على جمال بسمته الساحرة التى تشبه التعويذة التى ألقاها على قلبها فى الحال ليخطف دقات قلبه التى ركض إليه مُهرولًا، أخذ خطوة نحوها بعفوية وقال بمكر:-
-خلاص قدميني على أنى خطيبك
توقفت عن هيامها به وأعتدلت فى وقفتها بوجه حاد وكزت على أسنانها بضيق شديد منه وتواري إعجابها لتقول:-
-مُصر تعصبني، ليكون بعلمك أنا مش خطيبتك وأحب أفكرك أن باقي من المدة ٩ شهور يا جمال، ٩شهور زى الست الحامل بالظبط وأخرج من هنا، أنا مستحيل أتجوز رجل أربعيني وأكرر الغلطة مرة تاني
أخذ خطوته الأخيرة التى تفصله عنها ليصبح على قرب شديد منها ويشعر بأنفاسها ثم قال:-
-ليكون بعلمك أنتِ يا مريم أني ٣٨ سنة مش أربعينى وأحب أوضحلك حاجة أنتِ مش هتخرجي من هنا إلا لو أنا اللى قررت دا، لكن بالنسبة لقراراتك فأنتِ عارفة مصيرها ايه هنا، ولا ليها لازمة
قضمت شفتها السفلية بأسنانها مُستشاطة غيظًا حتى جرحتهم من شدة الغضب وهو يتعامل معها بأسلوب الأكراه والجبر لم يحاول أن يفعل باللين، لو كان طلب منها أن تكن خطيبته باللين واللطف لتركت العالم أجمع لأجله، لكنه يعاملها كجاريته المُفضلة يلقي لها أوامره فقط، وهذا ما يغضبها منه دومًا، صدمت عندما أنحنى إليها سارقًا قبلة خاطفة من شفتها المجروحة ثم ابتعد عنها، قوست شفتيها بحزن كبير وقالت:-
-جمــــال…
نظر إلي عينيها بنظرة هادئة ورفع يده إلى وجهها يضع خصلات شعرها خلف أذنها الصغيرة ثم قال بجدية رغم دفء نبرته التى تسللت إلى قلبها العاشق:-
-أقسملك لأجل جمال اللي بتطلع منك لأرد لهم أطنان من الأذي اللى سببوه ليكي يا مريم
لم تفهم كلماته وعن من يتحدث؟ من الذي سيرد له أطنان من أذيتها؟ أتسعت عينيها على مصراعيها ونظرت نحوه وهو يغادر الغرفة لتهرع خلفه بصدمة ألجمتها وقالت:-
-أنت رايح فين؟ هتقابل مين يا جمال؟
-هرد دين فى رقبتي
قالها بنبرة حادة مُخيفة، أرعبتها من الداخل وخلعت قلبها من محله وهى لا تفهم شيء سوى انه ذاهب للأنتقام من أجلها فقط حتى لا تعرف ممن سينتقم؟ لكن نبرته وطريقته فى الرحيل مع رجالة أخبرتها بأنه كالهلاك سيلتهمهم جميعًا إى أن كان من سيتلقي منه الأذي وسيقابله اليوم…….
يتبع…
ظل “حمزة” يصرخ من الألم بسبب الضرب المُبرح الذي تعرض له من “عاشور” ورجاله، فتح باب المخزن ودلفت سيارة “جمال” ثم ترجل منها بعد أن فتح “حسام” الباب الخلفي له، هندم بدلته وأغلق زر سترته بغرور مُتجاهلًا ألمه الذي خف قليلًا بعد المسكن، سار نحو “عاشور” بخطوات واثقة ليقول بأختناق:-
-يا عاشور قولتلك متلمسهوش إلا لما أجي
نزع سترته بأغتياظ وغضب مكبوح بين ضلوعه ورفع أكمام قميصه إلى ساعده ثم أخذ العصا الخشبية من يد احد الرجال أثناء سيره إلى “حمزة” المُعلق من يديه للأعلي ويكاد يفقد وعيه ليقول بينما يحدق فى وجهه:-
-ليكون فى علمك، كان ممكن يشفع لك أن مريم بنتك، لكن دا كان قبل ما تكون باردة زى قطعة الثلج فى أيدي
ضربه فى خصره بقوة بالعصا ليصرخ “حمزة” من الألم فتبسم “جمال” بغضب يجتاحه ومسك شعره بقوة ليثبت رأسه أمامه حتى تتقابل عيونهم وقال:-
-لا أجمد كدة، الدين كبير ولازم أرده كله، أنا وعدتها يكون أطنان من اللى عاشته
ظل يضرب فيه بقوة يريد أن ينفث غضبه به ويرد له جزءًا مما تعيشه هذه الفتاة من ألم ووجع وتدهور نفسي، توقف عن الضرب عندما أقترب منه “عاشور” مُحاولًا منعه فصرخ “جمال” به بأنفعال:-
-أبعد عني يا عاشور
جذبه “عاشور” بالقوة بعيدًا عنه ليقول:-
-صحتك يافندم أهدا
تنفس بهدوء وجميع الرجال مُندهشين مما يراوا وحالة الغضب والكره الذي وصل لها “جمال” يمتز بهدوئه المرعب لكن الآن غضب كالجحيم، غضبه الذي ينفثه بهذا الرجل سيقتله للتو إذا تركوا، ظل يضربه دون أن يكترث لجرحه الذي نزف وظهرت الدماء على قميصه الأسود بقعة غامقة ولوثت الفيست الرمادي لتظهر بوضوح، أشار إلى “حسام” ليأخذوا إلى صندوق زجاجي كبير ممتلي بالماء ثم قال بنبرة مُخيفة:-
-لازم تجرب اللى عملته، ما هو طباخ السم بيدوقه
دفعه بقدمه بقوة ليسقط داخل الصندوق مُقيدًا من يديه ليصارع الموت وأنفاسه كادت ان تتقطع تحت الماء، نظر “عاشور” إليه وقال:-
-كفاية كدة هموت مننا
أشار “جمال” إليه بنعم ليتنفس “حمزة” بألم بعد أن أوشك على الموت للتو وغسلت الماء الدماء التى كانت تلوث وجهه، حدق “جمال” به وهو يقول بسخرية:-
-شوف الباقي من عمرك كان ١٠ أو ٢٠ أو ٣٠ سنة أنت هتقضيهم معايا تدوق فيها العذاب اللى عيشتها فيه… فحسابك لمريم تقيل أوى عندي، فخليني فى الأهم… مُختار
نظر “حمزة” له بعينيه المتورمة من الضرب وبالكاد يري بيهما وفقال:-
-أخوك!!
-جثته فين؟
تبسم “حمزة” بسخرية كأنه لا يهب هذا الرجل مهما فعل بيه ليقول بتهكم:-
-أنت مش دفنتها وطلعت له شهادة وفاة كمان من الحكومة، ولا ناوي تعترف بتزويرك
تبسم “جمال” بمكر أثناء وقوفه من مكانه ويشير بيده على “حمزة” مواجهًا حديثه إلى “عاشور”:-
-حاولت أمنع نفسي عنه لكن هو مُصر يا عاشور
دهش الجميع عندما أخرج “جمال” سكين من خلف ظهره وطعن به خصر “حمزة” فصرخ من الألم ليقول “جمال” بوحشية باردة:-
-متجمد كدة يا راجل، دا مريم طلعت أرجل منك وكتمت صرختها قصادك
تألم “حمزة” بقوة من جرحه ونزفت الدماء على يد “جمال” تلوثها ليقول:-
-تفتكر أنا عملت أيه فى مراتي؟ لتكون فاكر أنى غبي وممكن يعدي عليا أن المعلومات دى طلعت منك أنت وأنت اللى وصلتها للصحافة
أشار إلى “حسام” ليحضر له فتاة تعمل فى قصره، نفس الفتاة التى تعاونت معه مقابل المال وكانت ترتجف خوفًا ليتابع “جمال” بسخرية من امره:-
-أنت غباءك صورلك أنك هتقدر تحط عين جوا قصر جمال المصري، وتوصلك معلومات عني كدة بسهولة وأنا مش هعرف
نظر إلى الفتاة نظرة أرعبتها من مكانها وهى تنتفض وتبكي من القادم وما ستراه على يد هذا الرجل فقال “جمال”:-
-دفعلك كام؟
-خمس ألاف جنيه والله لولا الحوجة أنا ما كنت…..
ضحك “جمال” بسخرية من كلماتها وقال:-
-الحوجة يا زبالة يا رخيصة!! دا أنتِ مرتبك وأنتِ بتخدمي جمال المصري الضعف…
أرتجفت الفتاة بخوف منه لينظر “جمال” إلي “حمزة” ببسمة شيطانية أخبرته بأن الهلاك قادم إليه….
___________________________
“قصــــر جمــــال المصـــــري”
مُنذ أن أخبرها قبل رحيله بأنه سيرد الدين وهى لا تستطيع النوم، ظلت تنتظره في الصالون حتى يعود للقصر ليطمئن قلبها ويخف قلقها الذي زاد كلما مر الوقت، لا تعلم ممن سينتقم اليوم وكيف؟، سمعت صوت سيارته بالخارج لتهرع من الصالون إلى الباب فرأته يدخل مُنهكًا و”حسام” يسانده، تتطلع بوجهها والقلق يبدو عليه، سألت بقلق:-
-حصل أيه؟
تنحنح “حسام” بلطف دون أن يتفوه بكلمة بلا أمر منه وقال:-
-خليه يرتاح شوية وأنا هبعت للدكتور
هز “جمال” رأسه بلا وقال:-
-لا، متتعبش نفسك فى الوقت دا
أخذت “مريم” يده من “حسام” ليرحل، حدقت بوجهه الشاحب بقلق وقالت:-
-قولتلك متتأخرش عارف الساعة كام دلوقت ٤ الفجر وقولتلك أنك تعبان لكن شوف راجع عامل أزاى
رفع يده يلمس وجنتها بلطف ليهدأ من نيران القلق التى تحرقها وتتلألأ فى عينيها ثم قال:-
-أنا كويس يا مريم
أخذته إلى غرفته بعبوس ووجهها غاضب وتقوس شفتيها وكهذا حاجبيها الصغيرين، ساعدته للصعود فى فراشه وهى تضع يدها خلف ظهره ثم رفعتها لتضع الغطاء عليه لكنها صُدمت عندما رأت دماءه على يدها فقالت:-
-بالله عليك يا جمال، أنت عملت أيه فى نفسك؟
وقفت أمامه تنزع عنه ملابسه وقميصه ليتألم قلبها من جرحه الذي ألتهب ولا تعلم ماذا فعل حتى حدث ذلك معه، جلست خلفه على الفراش وبدأت تعقم جرحه بلطف فظل صامتًا حتى ضربته بقوة على ظهره ليتألم من ضربتها وقالت بعناد طفولي:-
-أحسن بتستاهل لأنك مبتسمعش الكلام
لم يجيب عليها فتأففت بحزن نادمة على ضربه وألمه رغم أنه يحمل من الألم القدر الكافي، ذهبت إلى غرفة الملابس الخاصة به وأحضرت له تي شيرت بكم وعادت إليه، وقفت أمامه وساعدته فى أرتداء التيشيرت بلطف وقالت:-
-براحة على مهلك
حدق بوجهها وهدأ غضبها للتو وكأنها قررت أن تترك الغضب والقلق بعد أن رأته وأطمئنت عليه، قال بنبرة جادة وعينيه تحدق بها:-
-ممكن تروحي الجامعة بكرة
نظرت إليه بأندهاش من موافقته للتو على خروجها وقالت بفضول:-
-بجد!! بالله عليك أنت كنت فين يا جمال؟
تجاهل سؤالها ورد عليه بسؤال من طرفه:-
-أنتِ بتعتبره أب؟
لم تجيبه وظلت تحدق به بغضب ظهر فور ذكره إلى “حمزة” ثم جلست جواره صامتة وهو يتابعها بنظره لتقول وعينيها تنظر إلى يديها المنكمشتين معًا بخوف أصابها:-
-أب، أنهي أب اللى يعاقب بنته لأن مراته ماتت وهى بتولدها، عارفة لو غلطت كنت أستحملت الأذي لأني غلطانة وبستاهل العقاب، لكن فين جريمتي فى واحدة ماتت لأن عمرها أنتهي، أنا كمان اتاذيت من موتها وبقيت يتيمة الأم، مش هو لوحده اللى اتوجع ومهما كان بيحبها ومجنون بيها مش سبب لكل اللى عمله فيا، لو كان بيحبها بجد كان حافظ عليا وعرف أني حتة منها، أمانة هي سبتها له قبل ما تمشي كان لازم يصونها..
كان يستمع إلى حديثها فى هدوء رغم أشتعاله من الداخل، أدرك أن ما فعله به اليوم ليس كافي لما تشعر به هذه الفتاة، رفعت نظرها إليه فرأي دموعها تتلألأ فى جفنيها بحزن وقالت:-
-أنهي أب بيجيله قلب يا جمال يحرق بنته بسكينة سخونة، أب دايمًا ماشي بسكينة فى جيبه عشان يعذبها وقت ما يحب، قولي فى أب كدة فى الدنيا، أب بتلذذ بصوت وجعها وصرختها… لا مستحيل الأب بيضم ويطبطب ويحمي، والله جوز عمتي كان أب ليا أكتر منه على الأقل بيواجه حمزة ويقف قصاده عشاني، كان بيجبلي المصاصة وهو راجع من شغله ويطبطب عليا ولو مرة غلطت فى الواجب وعمتى زعقت كان بيراضينى، دا الأب اللى أعرفه لكن حمزة مستحيل يكون أب، خايفة أوريك جسمي عشان تشوف قسوته لتقول عليا بتعري قدام الغريب وبنت وحشة زى ما قولت قبل كدة
رفع يده إلى وجنتها ليجفف دموعها بلطفها بعد أن تساقطت من جفنيها مع حديثها عن قسوته،مُعتذرًا بدفئه على هذا الحديث الذي تفوه به عنها سابقًا وقال:-
-والله ما بيستاهل دمعة منك
تبسمت بإنكسار شديد أمامه وقالت:-
-مش عليه، مستحيل دموعي تنزل عليه لكن علي نفسي وعلى الأيام اللى عشتها معه
لم تدرك نهائيًا أن حديثها يزيد من غضب هذا الرجل وسيجلب الجحيم إلى “حمزة” أكثر، جلبت منشفة مُبللة لتمسح الدماء وأثرها عن يده بلطف وهو صامتًا يراقبها عن كثب فتبتسمت على نظراته دون أن تنظر إليه وقالت بمرح:-
-قولي من غيري كنت هتعمل أيه؟
رفع نظره عنها بحرج ثم قال بغرور شديد:-
-ليكون فى علمك.. القصر فيه خدم كتير كل واحدة تتمني تخدمني
رفعت نظرها إليه بغيرة شديدة بعد أن فهمت تلميحه والكثير من النساء يتمنون أن يجلسون أمامه أو يصنعن له القهوة، تبسم على غيرتها إليه لتقذف المنشفة فى وجهه بقوة غاضبة ثم وقفت أمامه وقالت بسخرية:-
-خليهم يخدموك ولو مبيكفوش ممكن تطلب غيرهم
أستدارت لكي ترحل من أمامه لكنه منعها عندما مسك يدها الصغيرة فى راحة يده لتنظر إليه بهدوء وتكبح غيرتها بداخلها مع ضربات قلبها الغاضب من حديثه للتو، قال بنبرة هادئة:-
-مبيكفوش، والله مبيكفوش قصادك…. قصدي…
تبسمت على ربكته وهو حتى لا يعرف كيف يتغزل بها أن أراد، جبروته وقسوته والغضب هؤلاء كل ما يعرف كيف يفعلهم لكن الحب والكلمات اللطيفة والأعتراف هؤلاء الأشياء لا يمكنه فعلهم ومهما حاول، تسارعت نبضات قلبها الضعيف أمام عشقه المجنون هائمة بهذا الرجل وكل شيء به، أخذت خطوة نحوه توقفه عن الحديث لينظر إليها بصمت فسحبت يدها من راحة يده ومسكت وجهه بين يديها الصغيرتين وقالت بنبرة هادئة وعينيها تلمع بالحب حادقة بهذا الزوج من العيون الخضراء العاشقة رغم تلجم لسانه لكن عينيه لا تتوقف عن الصراخ بهذه المشاعر الكامنة بداخله لأجلها:-
-قولي أزاى أبطل أحبك يا جمال
أزدرد لعابه بتوتر شديد من أعترافها بالحب للمرة الثانية، سابقًا أستقبل هذه الكلمة بصفعة على وجهها ورفضها لتهجره أربعة سنوات كاملة والآن لن يتحمل هذا الهجر مرة اخرى فقال بنرة دافئة ورأسه مرفوع للأعلي لتقابل عينيها بينما يجلس محله على الفراش أمامها:-
-حبي هيأذيك يا مريم، أنا فاضي من جوا معنديش اللى أديهولك، خربان وخرابي هيتعبك ويوجعك
تبسمت ويديها تداعب لحيته بدلال وعينيها تبسمت فرحًا قبل شفتيها وهو يخبرها بأنه يخاف عليها من الحب، لتقول بلطف:-
-والله أنا بيكفيني أنك معايا وتكون بخير
رمقها بصمت شديد على عكس عينيه التى أعترفت للتو بأنه يريدها ويريد الخوض فى الحب معها، هذه العيون التى ضمتها بحنان وعشق لم تراهما من قبل لتبتسم “مريم” بدفء وقالت:-
-أنا قولتلك قبل كدة أنك دافىء
هز رأسه بنعم إليها فتابعت ببسمة أكبر ويدها الأخري تسللت إلى رأسه تتغلل أناملها بين خصلات شعره بحب قائلة:-
-لكن أكيد مقولتلكش أن دفئك بيحيني، والله أنا مش محتاجة دكتور نفسي، أنا محتاجة لك أنت يا جمال بس، دفئك بيحيني
أجابها بتحذير جاد ولهجة حازمة وهو يراها غارقة فى حبه لأبعد الحدود:-
-هتتعبي يا مريم، أنا متعاشرش لو قربتي هتكرهينى، أنا من قريب مش زى ما أنتِ مُتخيلة، أنا أمي اللى ولدتني بتهرب من وحشيتي وقسوتي ومفيش أغلي ولا أقرب من الأم، أنا وحش يا مريم ومعترف بدا قصادك، أنا بالنسبة لبراءتك ونقاءك جحيم…
تبسمت بإمتنان على ظهور فى حياتها لينير قلبها وينتشلها من عتمة أيامها المُظلمة ثم قالت بنبرة ناعمة ويدها تداعب لحيته بدفء وحنان:-
-أتعب عشانك، ومستحيل أكرهك أنا مستعدة أمضيلك على كل الضمانات اللى عايزها
ضحك تلقائيًا رغم عنه على كلماتها فأى ضمانات ستقدمها لأجل الحب، لمست شفتيه مُمتنة لهذه الضحكة الخافتة التى خرجت منه، تتطلع بها وضربات قلبه تتسارع بجنون لا يحتملها فربما يفقد عقله وصوابه بهذه اللحظة لأجلها، تابع حديثه بعد أن أنزل يدها عن وجهه وأخذها فى راحة يده يضمها بحنان:-
-أنا راجل صعب وتحكماتي هتخنقك، بيغير وغيرتي مش هتستحمليها، هحبسك فى قصري عشان ميلمحكش راجل غيري، مش هقدملك الحب اللى بتتمني أى بنت، هسيبك بالأيام وأسافر عشان شغلي وهتشتكي من أهمالي ليكي وأنشغالي عنك
أومأت إليه بنعم تخبره بأنها تقبل به رغم كل شيء، تريده كما هو وقالت بمرح:-
-هروح معاك الشغل
-مريم!! بتكلم بجد أنا خايف عليكي مني ومن قسوتي
قالها بوجه عابس لتقول بجدية:-
-والله لو هتحبسني فى أوضتك مش القصر أنا معنديش مشكلة… ومتخافش عليا، جمال اللى أنا أعرف مستحيل يأذيني وممكن يهد العالم كله عشاني
نظر إلى يديها الموجودة فى يديه بحيرة من أمره وهذه الفتاة تُربكه ولا تعلم ما هي قادمة إليه وتسعي إليه جاهدة ليقول بتحذير وهو يتذكر الماضي:-
-أنا مبغفرش الخيانة يا مريم
رفعت يدها الأخرى إلى وجهه ووضعت سبابتها أسفل رأسه لترفعها حتى ينظر فى عينيها وهى تعلم بأنه يُحذرها من أن تفعل ما فعلته زوجته الأولي لتقول:-
-اللى بيحب مستحيل يخون، أنا بحبك يا جمال والله لو طلبت عمري بديهولك
أومأ إليها بنعم فى صمت مُستسلمًا لعنادها وتشبثها به لتقول بحماس من موافقته:-
-أتفقنا، بقيت خطيبي؟!
هز رأسه إليها لتبتسم وركضت إلى غرفتها كطفلة بريئة نالت اليوم هديتها الكبري، لم يتوقف قلبها عن الرقص فوق أوتار صدرها الصلب بعد أن حصل على حبيبه حتى لو لم يعترف بلسانه يكفي أنه قبل بحبها وسيأتي اليوم الذي يعترف فيه بحبه ويخبرها بأنه يعشقها، عادت إليه لينظر بأندهاش عندما رأها تحمل فى يدها خاتم الزفاف الخاص به وقالت:-
-أنا أشترته لك
وضعته فى بنصره الأيمن وقالت بنبرة جادة غليظة:-
-عشان تعرف كل الخادمات اللى يتمنوا خدمتك أن الراجل دا بتاعي
هز رأسه بنعم إليه وصعد إلي فراشه لتساعده بلطف ونزعت عن قدميه الحذاء ثم غادرت الغرفة ليبتسم بعفوية ثم غاص فى نومه بأرتياح…
_______________________________
حاولت “سارة” الوصول إلى “حمزة” بعد أن أخبرها “حازم” بظهوره باحثًا عنها لكنها لم تنجح فى فعل ذلك، لم تستطيع الوصول إليه طيل الأيام الماضي، تأففت “سارة” بضيق وهو تقول:-
-لما أحتاجه ملاقهوش
نظرت للمرآة الموجودة فى غرفتها وعليها أسماء مكتوبة بأحمر الشفايف ووضعت علامة خطأ فوق أسم “نادر” بعد زواجها منه وعلامة خطأ على اسم “مُختار” بعد قتله، نظرت إلى البقية وكان اسم “مريم” و”جمال” و”حمزة” لتقول بأختناق:-
-يومك قرب يا حمزة بس تخلصني من مريم وأخلص منك نهائيًا
غادرت الغرفة وأغلقتها بالمفتاح جيدًا ثم دلفت للغرفة المجاورة فحدقت بملابسها الموجودة على الفراش وأستعدت للخروج إلى عملها، أرتدت فستان يصل لركبتها ذى اللون الزيتي وبأكتافه سلاسل مسدولة على كتفيها وذراعيها المكشوفين، وبالخصر هناك فتحتين من اليسار واليمين يظهروا نعومة خصرها وأرتدت كعب عالي ذهبي اللون وصففت شعرها على الجانب الأيسر ثم خرجت من الغرفة وأنطلقت بسيارتها إلى شركة “نادر” طلبت من السكرتيرة مقابلته ليُصدم عندما سمع بحضورها فقال “تامر” بضيق:-
-قولتلي هتحافظ على جوازكم فى السر
دلفت بهدوء ليستقبلها “نادر” بنظرات غليظة غاضبة فجلست على المقعد المقابل لمكتبها ووضعت قدم على الأخرى وقالت:-
-ممكن تطلبلي قهوة
-أيه اللى جابك هنا يا سارة؟
قالها بحدة لتجيب عليه بنبرة هادئة:-
-جاية فى شغل وحياتك يا حياتي، كنت عايزة نظام امن للمكان عندي وعايزة كاميرات مراقبة وبصراحة محبتش أروح لشركة الجمال وأنت موجود، لكن لو وجودي مضايقك أمشي
قالتها بدلال لتقف فمنعها “نادر” من الرحيل وعينيه تفترسها وتلتهم هذه الفريسة لأجله وهو يقول بإعجاب:-
-ودي تيجي، هاتلها قهوة يا تامر ومدخلش حد علينا ولا حتى أنت
تبسمت وهى تعود للجلوس مرة أخرى بهيام وعينيها تلتهمه بنظرة ساحرة، نظر “تامر” إليه بضيق وقد فهم هذه النظرات الشهوانية ليقول:-
-والقهوة أجيبها أزاى يا ريس لما مدخلش
ضحكت “سارة” بسخرية من غباء هذا الرجل وقالت:-
-يبقي بلاها قهوة يا أبو المفهومية
تأفف “تامر” بضيق من وجودها وغادر فى صمت لتقف “سارة” من مكانها وأنزلت الوشاح عن أكتافها وسارت مع المكتب وأناملها تلمس المكتب بخفة وبخطوات بطيئة تتمايل كالحية بليونة كأنها تضرب قلبه مع كل صوت يصدر من احتكاك أظافرها الطويلة بالمكتب وصوت كعبها العالي حتى وصلت جواره وقالت بنبرة ناعمة:-
-بقالي يومين مشوفتكش، وحشتني معقول موحشتكش
نظر إليها بإعجاب وهو يمرر لسانه على شفته بحب ويده لمست ركبتها الباردة تستكشف نعومتها وقال:-
-حدبرضو ميوحشهوش الجمال دا كله، بس كان عندي تجيهزات للمشروع الجديد والمنافس الوحيد اللى نازل قصدي جمال المصري فلازم استعد له
أنحنت قليلًا نحوه بعد أن سمعت أسم “جمال” ووضعت يدها على كتفه بدلال ثم قالت:-
-إذا كان كدة مفيش مانع هسامحك بس متنساش تعوضني لما تفوز فى المشروع على جمال
تبسم بحب شديد إليها مُستمتع بصوت أنفاسها وقربها منه وقال:-
-وحياتك لدلعك اخر دلع بس أخد المشروع دا ليا، أنتِ عارفة أنا بقدس الجمال والحلاوة دي قد أيه
ضحكت ضحكة رقيعة أخترقت أذنيه وقلبه لتشعل نيران الحب به وقفزت بمرونة تجلس على المكتب ووضعت قدم على الأخري، ليقول بحب:-
-بس أخلص تجهيزات والبنك يوافق على القرض ووحياتك لأغرقك ألماظ ودلع
مسكت رابطة عنقه ولفتها على يدها بدلال لتجذبه إليها أكثر بمقعده صاحب العجلات من الأسفل بعد أن جلست على المكتب أمامه وقالت:-
-قرض وأنا موجودة يا بيبي، هو أنا مش مراتك يعنى فلوسي هى فلوسك… أنت بس تشاور وحياتك عندي تلاقي من جنية لمليون تحت رجلك
تبسم عندما ألتصق المقعد بها بعد أن سحبته ببطيء ليقول بجدية:-
هو معقول أنا معيش مليون، أنا طالب قرض ب50 مليون
ضحكت أكثر بسخرية وهو يعتقد بأنها لا تملك هذا المبلغ وأنحنت إليه لتهمس فى أذنه قائلًا:-
-وحياتك لو 100 مليون، أنا عيني ليك
نظر إليها بأندهاش من أمتلاكها لهذا المبلغ من الملهي الليلي جاهلًا حقيقة كونها تتاجر بالمخدرات والفتيات لرجل الأعمال، بل لا يوجد شيء قذرًا لم تفعله لأجل المال، طبعت قبلة على شفتيه تكسر بها صدمته وتبتسم أمام عينيه لتقول:-
-أنا أحب الراجل اللى يحسسنى بمكانتي وأنوثتي وما دام أنا حاسة بدا معاك، يبقي عيني لك
جذبها من فوق المكتب لتجلس على قدمه بعفوية ويديها تسلل إلى عنقه تفك له رابطة العنق وعينيها تحدق بعينيه، تبسم “نادر” بمكر شديد بعد أن أخبرته أنها ستقدم له المال الذي يريده مقابل دلالها ليقول:-
-دا أنا اللي عيني ليك يا روح قلبي
قهقهت ضاحكة عليه بعد أن أقترب يقبل عنقها لتقول بتحذير شديد ونبرة قوية: –
-لكن أنا مقولتكش شرطي عشان تأخد الفلوس دي
أبتعد عنها بتعجب لتقول وهى تمرر سبابتها على وجنته:-
-الفلوس تحت أمرك من دلوقت لو حبت لكن المشروع دا لازم يرسي عليك، لو جمال خده هتدفعلي المبلغ كله بفوائد 30%
أتسعت عينيه بصدمة الجمته فهى تقرضه المال بفائدة كبير لتتابع بعد أن رأت صدمته:-
-لكن الحلو أن لو أنت اللى خدته وبقي بتاعك أنا مش هأخد منك جنيه واحد من المبلغ دا
زادت دهشته فهل ستتخلي عن مبلغ كبير كهذا فقط من أجل أن يكسب المشروع ويجني هو المال فسألها بفضول شديد:-
-مش غريبة دى، كأنك بتقرضيني المال عشان أكسب جمال بس…..
قاطعت فضوله وأسئلته التى ستقتل عقله الغبي وربما يضر بخطتها وأوقفت هذا العقل اللعين عن التفكير بدلالها وهى تسحبه إليها ليصمت كالأحمق ويتوقف عن طرح الأسئلة….
____________________________
“قصـــر جمــــال المصـــــري”
أقتربت “مريم” بتردد فى بداية الأمر من “ولاء” الجالسة فى الصالون فتجنب هذه المرأة ليس الأفضل وفى نهاية الأمر هى والدة “جمال” ويجب أن تكن على وفاق معها، جلست قربها تحدق بها وهى تحمل الهاتف تشاهد المنتجات الخاصة بالبشرة والزينة وتطلب الكثير من اجلها، قالت “مريم” بلطف وبسمة:-
-ممكن أختار مع حضرتك
نظرت “ولاء” لها بغرور وكبرياء مُشمئزة من هذه الفتاة لتقول:-
-أنتِ فاكرني غبية! ليكون فى علمك أن واحدة زيك قاعدة فى القصر الطويل العريض دا بس عشان وصية المرحوم اللى ميجوزش عليه غير الرحمة وبس، معرفش كان بيجيب البلاوي دى منين؟ بس هقول إيه أبتلاء
نظرت “مريم” لها بحرج وحزن شديد وهى تتهمها بما لا يصفها، قالت بنبرة حزينة:-
-الله يسامحك
ضحكت “ولاء” بسخرية شديدة على هذه الفتاة وقالت:-
-على فكرة أنا مبيخلش عليا دموع التماسيح والمسكنة دى، لو كنتِ بريئة وطيبة مكنتش وقعتي فى طريق مختار دا ربنا بيقول الطيبون للطيبات وعلى رأي المثل الطيور على أشكالها تقع
تساقطت دموع “مريم” بألم وحزن فهى رغبت بالتودد إليها لكنها لم تجني منها سوى الإهانة والحزن فوقفت من مكانها لتقول:-
-شكرًا وبرضو الله يسامحك
صعدت إلى غرفتها لتراها “حنان” وهي تبكي بحسرة بعد أن أستمعت إلى حديثهما القصير وأقتربت من “ولاء” لتقول بهدوء:-
-أعذريني فى كلامي يا هانم، لكن مريم هنا بقالها سنين ومش زي ما حضرتك متخيلها، مريم بنت جميلة بجد وطيبة وأنا لو كان عندي بنت كنت أتمني تكون مريم أو حتى ربعها
تأففت “ولاء” بضيق وصرخت بأنفعال قائلة:-
-أنتِ هتعلميني أتكلم أزاى، غورى من وشي هاتلي قهوة وكوباية مياه ومعدنية يا حنان
غادرت “حنان” بضيق تكبحه من هذه السيدة التى لا تهتم لشيء سوى نفسها وأناقتها….
____________________________
“شـــركــة الجمـــال جي أند أم للألكترونيات”
ضحك “جمال” بطريقة عفوية كأنه أنتصر فى الحرب عندما سمع حديث “عاشور” ليقول:-
-بالله عليك يا عاشور قول كلام غير دا، نادر أتجوز سارة عرفي
أومأ “عاشور” له بجدية وقال:-
-دا اللى قاله حمزة وإحنا بنعذبه
ضرب “جمال” مكتبه بعفوية وقال:-
-والله لاقين على بعض، جهز حالك يا عاشور عندنا مشوار لازم نعمل
أومأ إليه “عاشور” وغادر ليجهز السيارة، دلفت “أصالة” إلى المكتب بهدوء ثم قالت:-
-ميعاد الدكتور النفسي النهاردة الساعة 6
نظر إليها بجدية ثم سأل بأندهاش:-
-مريم طلبت منك تحجزى ميعاد للجلسة التانية!! فكرتها هتتحجج بإمتحانات الكلية وترفض
أومأت إليه بنعم وأعطته رقم الطبيب وبطاقة عمله لتقول:-
-اه، أرتاحت المرة اللى فاتت فى الكلام معاه وطلبت جلسة تاني النهار دا بما أن معندهاش إمتحانات النهار دا
وقف من مكانه لكي يغادر المكتب ثم قال:-
-ماشي ألغي باقي مواعيدي النهار دا، أنا عندي مشوار لازم أعمله وبعدها هروح
وافقت “أصالة على أمره ليخرج من المكتب وتعود هى إلى مكتبها، صعد إلى سيارته ونظر فى ساعة يده وكانت السادسة إلا ربع، توقفت سيارته وخلفها سيارة أخرى للحراسة أمام الملهي الليلي، ترجل وكان الملهي الليلي مُغلق ولم يُفتح بعد لكنه “جمال المصري” لن يمنعه شيء، جعل الأمن يفتحوا الأبواب له بالأكراه ودلف يتجول فى المكان حتى وصل إلى مكتب “سارة” وجلس ينتظرها….
يتبع…
دخلت “سارة” إلى مكتبها وتحمل فى يدها السترة الخاصة بها وحقيبتها، رأت شخص يجلس على مقعدها ويعطيها ظهره، ألقت بسترتها والحقيبة على الأريكة المجاورة لها وتقدمت خطوة فأدار المقعد ذو العجلات لترى “جمال” أمامها جالسًا على مقعدها، تبسمت بسعادة قصوى لرؤيته وقالت:-
-معقول دا، جمال المصري بنفسه في المكان هنا؟
رمقها “جمال” بنظرة ساخطة وأشمئزاز من رؤيتها ليقول:-
-لايق عليكي المكان دا، اللى مكنش لايق عليكي بجد الحجاب والتقوي، أصل اللى زيك ميعرفهوش الإيمان،
أقتربت بدلال نحوه حتى ألتفت حول المكتب لتبقي على قرب منه وتحدق به ثم قالت:-
-حد برضو يخبي الجمال دا كله
ضحك بسخرية عليها عندما رأها تمرر يديها على خصرها مُرتدية فستان فضي اللون لامع قصير يصل لفخذيها بدون أكمام وحذاء أحمر بكعب عالي، أدار رأسه للجهة الأخري مُتحاشيًا النظر إليها بضيق فكيف لعينيه بأن تنظر إلى أخري الآن وبقلبه هناك فتاة سكنته وأحتلت عقله وعينيه لا تخضع إلى إليها وقال بأستفزاز:-
-أنا برضو قولت كدة واحدة زيك مهوسة بجمالها وتلوينها ميلاقش عليها خالص تكون مربية فاضلة
أنحنت “سارة” تجاهه بدلال ورفعت يدها إلى وجهه تلمسه بنعومة وتحسس لحيته السوداء تكتشف نعومة شعراته بينما تجيب عليه قائلة:-
-أعتبر دا أعترف منك بجمالي
نظر. “جمال” إليها بغرور ثم قال بنبرة هادئة تُثير أعصابها:-
-دا حقيقة أنتِ جميلة لكن عندي هناك فى القصر فى أجمل منك تخليني مشوفش أى ست فى الدنيا جميلة غيرها، مريم
كزت على أسنانها بأختناق سافر ثم تبسمت بدلال تخفي خلفه غضبها الذي ألتهمها من كلمته وذكر اسم “مريم” وقالت:-
-عشان كدة جتلي
تسللت يدها إلى صدره تداعب قميصه الحرير بنعومة وإثارة وعينيها تحدق فى عينيه الخضراء وقالت بنبرة هامسة مُثيرة:-
– أدفع عمري كله يا جمال مقابل ليلة واحدة أقضيها معاك وفي حضنك
أنهت جملتها لتلقي بجسدها عليه وتجلس على قدمه بسعادة ليهمس إليها بنبرة مُخيفة قائلًا:-
-من ناحية عمرك فمستعجليش هتدفعيه.. يعنى هتدفعيه، واللى بتحلمي به دا نجوم السماء أقربلك وبالمناسبة أنا جيت أبارك على جوازك وأبلغك سلام حمزة بنفسي
نظرت له بدهشة وصدمة ألجمتها بعد أن علمت أن “حمزة” لديه ومعرفته بخبر زواجها، أرتعبت خوفًا من أن يتفوه “حمزة” بكلمة إلي هذا الرجل ويهدم كل شيء تفعله، دفعها بقوة بعيدًا عنه بأشمئزاز كأنها قطعة قمامة فسقطت أرضًا لتُصدم من فعلته وأتسعت عيناها لطالما جذبها الرجال إليهم وجلسوا عند قدمها لكن هذا الرجل “جمال” دفعها أرضًا لتشعر بإهانة أكبر من كلمته عندما وقف من مكانه وقال بجدية:-
-دا مكانك الطبيعي عند الجزمة تداسي بالرجل مع التراب، قسمًا بربي وغلاوة مريم عندي لو قربتي منها من قريب أو بعيد ما هتلاقي غيري فى وشك وربنا ما يوراكي أنا ممكن أعمل أيه ولا أوصل لفين وهنروح بعيد له أبقي أسالي حمزة دا لو لاقيته، واللي عملتيه لازم تحاسبي عليه لكن كله فى وقته أحلي وأنا راجل معندوش صبر….
دفعها بقدمه بأشمئزاز بعد أن ترك لها تهديده وغادر المكتب بعد كلمته لتظل محلها على الأرض غاضبة وتشعر بالإهانة والذل حتى أوشك صدرها على الأنفجار من الغضب وتوعدت له بالأنتقام ورد الذل والإهانة له على ما فعله….
______________________________
“قصـــر جمـــال المصـــري”
تبسم الطبيب النفسي إلى “مريم” وهما جالسان معًا فى الحديقة وقد أنتهوا للتو من الحديث لتقول:-
-أهم حاجة يا مريم أنك تستمري على العلاج وتثقي أن دى فترة وعديت وكل اللى بيحصلك تهيوات من عقلك الباطن، الأحلام والكوابيس مالهاش أثر ولا وجود
أومأت “مريم” إليه ببسمة لطيفة ليقف من مكانه ويغادر، نظرت إليه ورأت “جمال” يترجل من سيارته قبل أن تصل للباب وسار نحوها لتبتسم بعفوية وقالت:-
-متأخرتش النهار دا
حدق بها بغيرة تأكل قلبه بعد أن رأها من النافذة تبتسم مع هذا الرجل وقال:-
-أنتِ بتبتسمي للدكتور!!
ضمت شفتيها بقوة بأسنانها ثم قالت بجدية:-
-لا محصلش، قصدي يعنى أتبسمت شوية لما قالي أن في أمل الأحلام دى تختفي مع الوقت
رفع حاجبه بجدية وقال بغضب مكبوح رغمًا عنه من الغيرة:-
-والله لولا أنه عشان دكتورك ومحتاجة له كنت محيته من على الأرض
تبسمت “مريم” إليه ووقفت على الأريكة بركبتها وأتكأت بيديها على صدره حتى لا تسقط لتقول:-
-بتغار؟
تنحنح بحرج من الحديث أمامها ويخبرها كم يغار ويجن عقله عندما يراها تنظر بابتسامة لرجل غيره وأخرج شيكولاتة من جيبه ليعطيها لها دون كلمة فنظرت إليه بأستغراب صمته وقالت:-
-أيوة وبعدين
-خديها
قالها ببرود كالثلج لتقول بتذمر شديد:-
-أيوة خديها بس، على الأقل قولي جبتها عشانك أو وحشتينى مثلا طول اليوم، كنت بفكر فيك !!
رفع حاجبه إليها وجذب يده بالشيكولاتة كأنه تراجع فى تقديمها لها وقال:-
-متأخدهاش
جذبت يده سريعًا إليها ومسكته قبل أن يغادر بعبوس وقالت:-
-خلاص بلاش واحشتك، هأخدها
أخذتها منه عابسة من تجمد مشاعره وعقدة لسانه التى أخبرها بها بوضوح لكنه لا يجاهد فى التقدم نهائيًا، أكلت مكعبًا منها بتذمر وتقول ناظرة للأسفل مُتحاشي النظر له بغضب:-
-حلوة شكرًا مع أنك لو قدمتها بطريقة ألطف كانت هتبقي أحلى وأطعم….
قاطعها عندما رفع رأسها بسبابته ليسرق قبلة منها دافئة فأتسعت عينيها على مصراعيها من فعلته دائمًا يسرق منها القبلة دون أى مقدمات وعلى سهو كالماكر، أبتعد عنها وهو ينظر للحديقة مُتحاشيًا النظر لها وقال بلطف:-
-تصدقي فعلًا حلوة، ممكن أخد حتة كمان
وضعت يديها على شفتيها بأندهاش تمنعه من سرقتها مرة أخرى وهي تعلم أنه يقصد القبلة وليس الحلوي لتقول:-
-يااا، أنت لئيم والله يا جمال
مال برأسه لليسار ناظرًا إليها ثم قال ويشير بسبابته عليها:-
-البنت دي عنيدة، لو تعرفي أن فى واحدة عرضت عليا ليلة من نص ساعة ……
ألقت الشيكولاتة فى وجهه لتسقط أرضًا بأنفعال تملكها وهو يخبرها بكل هدوء أن هناك من ترغب به وتتدل عليه وقالت بصراخ بعد أن نزلت عن الأريكة:-
-والله، وأيه كمان؟
تبسم علي غيرتها وعصبيتها من أجله فقال بكبرياء يتغزل بها بطريقة غير مباشرة:-
-مفيش راجل فى الدنيا يتمنى يشوف عصبية الست بتاعته لكن أقسملك يا مريم أن عصبيتك بتحليك
ضربته فى صدره بقبضتها الصغيرة غيظًا منه وهى تقول:-
-كفاية كدب بقي
ذهبت من أمامه غاضبة ليتابعها بنظراته حتى لحق بها وحملها على ذراعيه فصرخت به غاضبة:-
-نزلني….. قولتلك نزلني يا جمال
أحكام حركتها بيديه بقوة وعينيه تحدق بها بنبرة مُخيفة جعلتها تستكين بين يديه وقال بجدية:-
-مسألتنيش أنا قولتلها أيه؟
صمتت بهدوء ناظرة إلى عينيه وأزدردت لعابها خوفًا من أن يكون وافق على طلب هذه المرأة البغيضة التى تتودد إلى رجل يحمل فى بنصره خاتم مليكة فتاة أخري ،همس فى أذنيها قائلًا:-
-قولتلها أن عندي فى القصر أجمل بنت أتخلقت فى العالم
تبسمت كالبلهاء بعفوية مغرمة بهذه الكلمات التى يتفوه بها على غير طبيعته وتناست كل الغضب وأنطفأت نيران الغيرة كليًا بداخلها وقالت:-
-قول والله!!
-وحياة مريم
قالها بنبرة خافتة لترفع يديها تلفهم حول عنقه بدلال وكلما أخبرته أن يقسم أصبح قسمه بعزتها عنده وهذا كافي ليخبرها بكم يحبها دون أن يلفظ بهذه الكلمة ثم قالت:-
-معناه أن في أمل
نظر إليها مُستفهمًا عما تعنيه لتقول بلطف:-
-ما دام قولت أن عندك بنت جميلة معناه أن فى أمل فى يوم تقولي كلمة واحدة من أربعة حروف
تسمر مكانه وتوقفت قدميه عن الحركة وهو يفهم هذه الكلمة التى تنتظرها منه كأي فتاة تحب وتتمنى أن تسمعها فأنزلها عن ذراعيه بتوتر من هذه الكلمة وما تريده، يعلم بأنها لا تطلب الكثير منه لكنه يشبه المستحيل، شعرت “مريم” بربكته لتتشبث بذراعيه بلطف وقالت:-
-جمال
نظر إليها بصمت لتبتسم إليه مُتعمدة أن تهدأ من روعته وضربات قلبه الخافتة التى شعرت بها من ربكته وحبيبات العرق التى بدأت تظهر فى جبينه من التوتر، نظر إلى بسمتها الدافئة كأنها تنير ظلمة قلبه بلطفها وجمالها البريء لتقول:-
-خلينا نعمل خطوبتنا، أنا فاضلي إمتحان واحد ممكن نعملها بعده
أومأ إليه بنعم ثم قال:-
-ماشي أعملي اللى عايزاه
تبسمت وهى تسير معه للداخل وقالت بعفوية:-
-هتجبلي أيه لو نجحت بتقدير كويس، كل صحباتي متوقعين أنى مش هجيب تقدير كويس بما أني أكبرها سنًا لكن أنا قولتلهم أني هجيب أمتياز عشان جمال يفتخر بيا
تبسم إليها بهدوء ثم قال:-
-أنا فخور بيكي وعارف أنك طالبة شاطرة، عايزة أيه، عربية أحدث موديل، إيفون، أعملك برنامج تقديمي كأعلامي والله لو طلبتي قناة فضائية باسمك لأجبهالك
مسكت يده توقفه عن السير لينظر إليها بأندهاش فقالت ببراءة:-
-لا أنا مش عايزة فلوسك، خلينى أسافر بصراحة عمري ما خرجت برا الفيوم والقاهرة، تخليني أشوف برج إيفيل ممكن
هز رأسه بنعم وقال:-
-موافق أخلي سلمي تحجزلك تيكت
عقدت ذراعيها أمام صدرها بغيرة من هذا الفتاة رغم سفرها الكثير وعدم تواجدها بجواره لكنه يحترمها كثيرًا لتقول:-
-لا أنا عايزة أسافر معاك
نظر حوله بحيرة ويتمتم قائلًا:-
-بس أنا عندي شغل و….
قاطعته بسبابتها الذى وضعته أمام وجهه بحدة وقالت بلهجة أمر:-
-مفيش أعتراض ولا هقبل الرفض، أعتبرها هدية نجاحي وخطوبتنا معقول كل العرسان يقدموا هدايا الخطوبة لعروستهم وأنت جمال المصري بحاله ترفض
هز رأسه بنعم وقال بجدية:-
-خلصي إمتحانك بس وأنجحي وبعدين نشوف الموضوع دا
____________________________
جلست “سارة” فى مكتبها ترفض مقابلة أى شخص بعد تهديده لها، والتوتر والقلق أحتلوها كليًا من أخذه لـ “حمزة” وإذا تحدث عن خطتها لقتل أخاه حتى تستفيد من الوصية ماذا ستفعل؟، كيف ستواجه أنتقام “جمال”؟ ولأول مرة يظهر الخوف عليها من قوة “جمال” فهى تعلم بأنها تصدد له الضربات فى ظهره غدرًا لكنها لا تقوي على الوقوف أمامه نهائيًا وتواجهه علنًا، أتصلت بالفتاة بغضب ثم قالت:-
-متعرفيش تامر وصل لأيه عن مريم؟ او بيخطط لأيه؟
أجابتها الفتاة بهمس شديد قائلة:-
-حاولت أتجسس عليهم لكنهم كتومين جدًا لكن كل اللى اعرفه أنه بعت حد يراقب خطواتها وتحركاتها
-ماشي لو عرفتي أى جديد كلمينى؟
قالتها بتوتر ثم أغلقت الخط وألقت بالهاتف على المكتب وتقول:-
-لازم أتصرف، فكري يا سارة فكري…
_______________________________
“قصــــر جمـــال المصــــري”
جلست “جميلة” مع “مريم” فى الحديقة، أعتدلت “مريم” فى جلستها احترامًا لهذه الفتاة وتحاشت النظر لها لتقول “جميلة”:-
-أرتاحي أنا مش شايفاكي زى ماما
تنفست “مريم” بهدوء وأريحية ثم رفعت نظرها إلى “جميلة” التى تبسمت لأجلها بعفوية ومرح ثم قالت:-
-أنا بثق فى حنان بما أنها اللى ربتني طول الفترة اللى عشتها هنا، وربت جمال وأعتنت به طويلًا وما دام قالت أنها كانت تتمنى يكون عندها بنت زيك فدا معناه انك طيبة وجميلة
-شكرًا
قالتها “مريم” بحرج وهى لا تعلم ماذا تقول أو أيحق لها الحديث مع هذه الفتاة لتقول:-
-حبتيه؟ بصراحة كل الخدم بيتكلموا عن الصراع اللى داير فى القصر لما بتتخانقوا لكن برضو بيتكلم عن حُبك لجمال؟ مستغربتش الصراع قد ما أستغربت حبك لجمال، أنتِ أول واحدة تحبه، أنا وماما مبنتحملش قسوته وأوامره عشان كدة أنا قررت أدرس الطيران وأبقي كابتن طيران أنشغل فى السفر عنه وأكون بعيدة قدر الإمكان لحد ما ماما قررت أنها تسافر ونعيش فى لندن
تبسمت “مريم” بخفة وهى تتذكر ذكرياتها معه وقلبها ينبض لأجله عاشقًا لهذا الرجل فقالت بهيام:-
-قسوته!!، أنا مشوفتهاش قسوة، رغم كرهه ليا فى أول يوم جت فيه لكن مقدرش يدوس على ضعف طفلة بتترجاه يحميها من أبوها اللي عايز يأخدوها بالغصب، رغم عدم أهتمامه وأن عمره ما رفع عينيه فيا لكن بمجرد ما عرف أني أتخطفت جي جري عشاني وطرد كل الحراس رغم أنه عارف أنهم مالهمش ذنب فى خطفي ولا تقصير منهم، خصص خادمة ليا مخصوص عشان بس مربيتي كانت بتنشغل عنى وقت نومها أو دخولها الحمام وعين ليا حارس شخصي مع أنى مبطلعش من البيت، أجبرني أن ملبسش قصير أو أحط ميك أب ولا أتعامل مع أى راجل عشان بس أهتم بدراستي وأنجح وأعوض اللى فاتني، أشتري مدرسة كاملة وهو مبيفهمش فى إدارتها عشان بس الطلاب هناك ضايقوني، غير لبس المدرسة من جيبة لبنطلون عشان كانت قصيرة، رغم أنشغاله طول الوقت لكن أول ما طلبت منه يجي معايا مشوار ساب كل حاجة وجه، مع انه مبيأخدش الأوامر من حد، مقاليش بحبك ولا لمح بيها لكن أهتم بكل حاجة فيا، حتى خوفي وطلب ليا دكتور نفسي، رغم أصابته برصاصة بسببي لكن كان بيطمني ويهدأني، فضل ماسك فى أيدي وهد المكان على اللى فيه ورفض يروح المستشفي إلا لما يرجعني، قدم لي بوكيه ورد حتى لو من غير كلمة حب، بيغير وقت أحط ميك أب وأكون جميلة ليعاكسنى أى رجل مع أنه واثق أن مفيش بنت مبتتعاكسش، بيمسحلي دموعي وقت خوفي وبيطبطب عليا بدفئه فى عز بردي، جمال يمكن مبيتكلمش لكن كل تصرفاته بتتكلم، قوليلي لو مكنش دا حب هيكون أيه
تبسمت “جميلة” على حديثها لتقف من مقعدها وتجلس بجوار “مريم” وعينيها تتلألأ فرحًا ثم قالت:-
-أنتِ بتحبيه اوى كدة؟
نظرت “مريم” إليها بإمتنان وحب ثم قالت:-
-أول واحد أحس معه بكل حاجة حلوة، أول واحد يمسح دموعي ويكون حنين عليا رغم قسوته اللى كلكم بتتكلموا عنها، أول كل حاجة حلوة حسيتها معه حتى أول مرة أقول بحبك كانت معاه، معقول محبهوش
ربتت “جميلة” على ذراعها بلطف وقالت:-
-عارفة أيه أكتر حاجة ممكن أقدمها لجمال من غير ما اخف أنه يرفضها
نظرت “مريم” إليها بصمت لتتابع بعفوية شديدة قائلة:-
-أني أقدم له رحلة طيران جميلة وأسافر به من بلد لبلد وفى أغلب الأوقات مبيكونش عارف أن أخته الصغيرة هى اللي بتطير به، لأن فعلًا أنا مبحبش أواجهه فى حاجة، عشان كدة اتمنى أنك تقدري تصلحي الخراب اللى جواه عشان أقدر اتعامل معاه من غير خوف
__________________________________
لكمه “جمال” بقوة فى وجهه الذي لم بقي به أنش سالمة لتتلقي الضرب، أبتعد عنه ينفث دخان سيجاته ثم أطفأها فى عنقه وهو يقول:-
-أدعي أن موتك يقرب قبل ما مريم تكون مراتي
نظر “حمزة” له بألم شديد ولم يعد يتحمل الألم من الضرب المبرح والعذاب الذي يعيشه مع “جمال” ورجالة طيلة هذه الفترة، لم يعد يعرف التوقيت ومتي يكون الصباح ومتي المساء، مُنذ أن أخذه “جمال” وهو يعاني كله ما يعرفه أن فصل الشتاء انتهي وحل الربيع وهذا الوحش البشري لا يتوقف عن تعذيبه، نفذت السجائر من “جمال” ليتأفف بضيق ثم قال:-
-خدوه من خلقتي، وأنا عند وعدي لما تقرر تقولي فين الجثة ممكن أفكر أخفف عنك الأذي شوية
أخذوه الرجال وهم يسحبوه بسبب كسر قدمه ليقول بتمتمة وبنبرة أستفزاز:-
-أنت عايزها عشان تتأكد من سبب موته صح، لسه مبتثقش فى مريم وعايز تتأكد هو موت بالمسدس وقتلته ولا أنا اللى قتلته
كز “جمال على أسنانه بأختناق وألتف كي يلكمه لكن منعه “عاشور” وهو يقول:-
-أهدا يا ريس وكفاية اللى خدوه النهار دا
ضحك “حمزة” بسخرية على أستفزازه وألقي به الرجال داخل الغرفة لينطلق “جمال” بسيارته غاضبًا من كلمته حتى بتر غضبه وشروده اتصال منها فأستقبله ووضع الهاتف على أذنه ليسمعها تصرخ بسعادة قائلة:-
-أنا نجحت يا جمال، والله نجحت بأمتياز مع مرتبة الشرف، أنا بقيت أعلامي رسمية
تبسم لأجل فرحتها وسعادتها التى تظهر فى نبرتها مُستمعًا إلى صوت قفزتها العالية بعد أن نجحت كليًا الآن فقال:-
-مبروك يا مريم بتستاهلها
-متتأخرش النهار دا بليز
قالتها بعفوية وسعادة كأنها تسارع الوقت حتى تلتقي به وتنقل له سعادتها ولا تريد سوى مشاركته هذه الفرحة التى تغمرها فوافق على طلبها ثم أغلق الأتصال وهو يفكر بأى هدية يجب أن يشتراها مع عودته لأجلها، وصل للشركة ليستقبله “شريف” وبدأ يخبره بمواعيده اليوم ليقاطعه “جمال” بتذمر ولأول مرة يعارضه:-
-شريف!! عذرًا بس أجل مواعيد النهار دا لوقت تاني
أتسعت عيني “شريف” على مصراعيها بدهشة ألجمته لأول مرة هذا الرجل المدمن على العمل يتهرب منه ولأجل ماذا، دلف إلى مكتبه ومعه “أصالة” و”شريف” ليقول بحيرة:-
-أصالة
تبسمت بحماس شديد يصيبها كلما لفظ أسمها بهذه النبرة المُرتبكة وتعلم جيدًا أن القادم بخصوص فتاته الصغيرة ليقول:-
-عايزك تشوفي هدية تكون جميلة تنفع أنها تكون هدية تخرج مميزة
تلاشت دهشة “شريف” من وجهه وأسترخي بعد أن علم أن تهربه من العمل بسبب نجاح هذه الفتاة التى تسكن قلبه لتقول “أصالة” بحماس:-
-فى حاجة معينة تحبها أو فى بالك يا مستر جمال
هز رأسه بلا وهو يجهل هذه الأمور أى شيء ستفضله وتحبه النساء أو بالأحري فتاته ليقول:-
-مفيش حاجة بعينيها لكن مهم جدًا أنها تعجب مريم
-زى أيه مثلًا
قالتها بحيرة ليقف من مقعده وسار إلى النافذة بعد أن فتح الهاتف وخصيصًا على تطبيق الواتس أب الخاص بها لينظر إلى صورتها التى تضعها لحسابها وهو لا يملك صورة لها فقال بهيام ونبرة دافئة:-
-معرفش، لكن هديتها لازم تكون برقتها وجمالها
-أكلم شركة المجوهرات الفرنسية تبعت عقد ألماظ
سألته بحيرة من كلماته التى لا تساعدها فى أختيار الهدية ليقول وعينيه تحدق بوجه “مريم” وبسمتها:-
-لا، مبتحبش العقود بتقيد رقبتها، هي عاملة زى الفرسة البرية متكرهش قد أن حد يكتفها ويمنع حريتها، طول الوقت شعرها مفرود بحرية وتكره تقيده بدبوس واحد، ولا مرة شوفتها حاطة ماسكرا لرموشها الطويلة عشان متكتفهمش بها، رقبتها مفهاش غير سلسلة رقيقة، عمر الأساور ما لمست أيديها تقيدهما وصوابعها مستحيل تلبس فيهم خاتم، أنا عارف أنها مستحملة خاتم الخطوبة بالعافية فيهم، دايما بتجري فى القصر حافية، مريم زي الفراشة تعشق الحرية ومتكرهش قد التكتيف وأن حد يقيدها..
ظلت تستمع لغزله بها وتمنت أن تكون “مريم” هنا لتسمع كيف يوصفها بنبرته الدافئة هائمًا بعشقها حتى لو لم يعترف، تبسم “شريف” رغمًا عنه مع سماعه لهذا الحديث عنها وأخيرًا سقطت هذا الوحش فى العشق لأجلها وقريبًا سيتنازل عن قسوته وهذا الرعب الذي يبث منه بطاقته المخيفة سيتلاشوا معًا ويذيبهما الحب، تابع حديثه وهو يلمس بسمتها بأصابعه دون وعي منه:-
-واثق أنها موافقتش تكون خطيبتي طول الوقت لأني بجبرها على دا لكن باللطف واللين وافقت، أتاكدي أن الهدية تليق بحريتها يا أصالة، لو كان بأيدي لأختارت فرسة جميلة بتشبهها لكنها بتكتفي بإيلا، مش مهم الهدية أيه قد ما مهم أن مريم تحبها ومتبالغيش فيها لأنها بسيطة وبتحب البساطة
أومأت إليه بنعم ثم غادرت المكتب لتعد له هدية تليق بهذه المواصفات التى لم تقدم العون لها نهائيًا قبل أن يغادر الشركة…
أستدار كي يباشر عمله فرأي “شريف” يحدق به ببسمة خبيثة كأنه يعلم ما يدور بداخله فتنحنح بحرج ثم قال:-
-بتستاهل هدية على نجاحها
-اه طبعًا مفهوم، مفهوم
قالها بسخرية ليرفع “جمال” حاجبه فتوقف “شريف” سريعًا عن الأبتسام والخبث خوفًا منه ثم تابع بجدية:-
-هروح اعدل الجدول عشان نأجل المواعيد عشان نجاحها بيستاهل
هرب من أمامه قبل أن يغضب من طريقته فضحك “جمال” بخفة وبدأ عمله….
_________________________________
أخذ “نادر” المال من “سارة” ووقع لها على إيصالات أمان بالمبلغ بالفائدة وأنطلق ليقدم الأوراق الخاصة بالمشروع بحماس وما يفيد كونه يمتلك الميزانية الكاملة لهذا المشروع وبدأ يفكر كيف ينتصر على “جمال” فى مقابلة اللجنة التى ستحكم بينهما، دلف “تامر” بحماس شديد يتمالكه وقال:-
-وصل
ألتف “نادر” إليها بسعادة لا يصدق أو يستوعب ثم قال:-
-بعتلك مخططات جمال للمشروع
اومأ “تامر” له وهو يضع الفلاشة على المكتب أمام “جمال” وقال:-
-طبعًا وبكدة بقى نستعد كويس بمخطط أفضل منه يعجب اللجنة
تبسم “نادر” بأنتصار شديد وهذه ستكون الضربة القاضية فى حربهم وسيأخذ المشروع بلا شك ما دام يعرف خطة الطرف الأخر كاملة….
________________________________
“قصـــر جمــــال المصـــــري”
وصل “جمال” على القصر وهندم ملابسه قبل أن يدخل وحمل فى يده باقة الورود الوردي وأخذ نفس عميق من لقائها الآن، دلف للقصر لتستقبله “حنان” ببسمة كبيرة تحتل وجهها وهو يعلم أن الجميع الآن يشاركون هذه الفتاة سعادتها وفرحة نجاحها، بحث عنها بنظره لكنه لم يجد لها أثر، تمتمت “حنان” بلطف بعد ان انتبهت إلى بحثه الصامت عنها:-
-مريم بتلبس فوق، خمس دقايق والعشاء يكون جاهز
-ماشي، أنا هغير هدومي
قالها بجدية ثم صعد للأعلي بحرج من نظرات الجميع المُسلطة على باقة الورد التى يحملها بإعجاب من فعله ذلك، كان الطابق هادئًا كالمعتاد لم تصعد به أى خادمة طبقًا لقواعده فدلف إلى غرفته ليُدهش عندما رأها تقف هناك مُرتدية فستان أسود طويل من الدانتيل بأكمام شفاف وحول خصرها رابطة من الحرير الحمراء وتستدل بطول فستانها من الخلف وشعرها البندقي الجميل مُسدل على كتفها الأيمن وظهرها ويظهر حلق أذنها بأذنها اليسري، تقدم إليها بخطوات هادئة حادقًا بوجهها التى وضعت به مساحيق التجميل تزيدها جمالًا وتبتسم لأجله، رائحة عطرها الناعمة تعبأ الغرفة وتغتصب أنفه وعقله، وصل أمامها بإعجاب شديد ثم قال:-
-قصتي شعرك؟
تبسمت وهى تلمس شعرها الذي تخطي منتصف ظهرها بقليل بعد أن قصته وهو دائمًا ينتبه لأى تفاصيل تخصها وقالت بأرتباك:-
-طول زيادة عن اللزوم، كدة وحش؟
لمس خصلات شعرها بأنامله بلطف يتحسسهم وقال:-
-بالعكس أحلي لكنك دايمًا بتعتزي بشعرك من يوم ما شوفتك ومقصتهوش ولا مرة إلا لما رفضتك وزعلتي
أخذت خطوة نحوه بحب وعينيها تحدق بعينيه لتقول بنبرة دافئة:-
-طول أوي، كمان حبت أغير شوية
تبسم بصمت ويديه تتسلل للأسفل مع خصلات شعرها حتى وصل إلى أطرافهم ليرفعهم إلى أنفه يستنشق عبيرهما بعشق فتبسمت على فعلته الناعمة وقالت:-
-ممكن تجهز بسرعة عشان العشاء، أنا عملته بنفسي عشانك
أومأ بنظره إليها لا يستوعب كل هذا الحب الذي تقدمه إليه وجرعاته تتزايد فأقترب ليسرق قبلته المُفضلة لتضع يدها سريعًا على فمها تمنعه من هذه السرقة وقالت:-
-لو سمحت متفسدتش ميكاجي النهار دا بالذات، أنا تعبت عشان أكون جميلة
مسكها من ذراعها بقوة وهو يجذبها إليه حتى ألتصقت بصدره وأصبح يشعر بأنفاسها وضربات قلبها ثم قال:-
-أنتِ جميلة من غير حاجة يا مريم
ضحكت بسعادة على هذا الأعتراف وقالت بهمس:-
-متتأخرش
هربت من أمامه لتتركه يستعد وسرقت منه باقة الورود ونزلت للأسفل والسعادة تغمرها لكن سعادتها لم تُدوم كثيرًا عندما رن هاتفها وسمعت صوته عبر الهاتف كالميت الذي عاد حيًا للتو مُدمرًا كل سعادتها …..
يتبع…
تناول “جمال” طعامه فى صمت وعينيه تحدق فى وجهها العابس وشرودها حتى أنها لم تضع لقمة واحدة فى فمها، ترك الملعقة من يده ومسح فمه بالمنشفة الصغيرة ثم قال:-
-ما لك يا مريم؟
نظرت إليه بتوتر وحيرة ثم قالت:-
-مفيش! كمل أكلك
نظر “جمال” إلي طبقه الذي أنهاه بالفعل لكنها لم تنتبه وقال بهدوء شديد:-
-أنا كلت
وقفت “مريم” من مقعدها ببسمة مُزيفة ثم قالت:-
-هعملك القهوة
كادت أن ترحل من أمامه لكنه استوقفها عندما مسك يدها بيده القوية يمنعها من الرحيل فنظرت إليه بهدوء ليقول بجدية:-
-حنان هتعملها، أنا زعلتك فى حاجة؟
هزت رأسها بلا بسرعة تقتل أفكاره الخاطئة ثم قالت:-
-لا محصلش
وقف من مكانه ليحدق فى عينيها الحزينتين والقلق يحتلهم، نظر إليها بحيرة من معرفة ما حدث بها، مُنذ قليلًا كانت تبتسم بسعادة وتركته بفرحة تغمرها لكن أين كل هذا ليقول:-
-الورد معجبكيش
-لا والله جميل ورائحته طيبة وجميلة
قالتها ببسمة خافتة، أستسلم لصمتها لكنه يعلم جيدًا بأن هناك شيء حدث معها فسأل من جديد:-
-أنتِ زعلانة عشان منفذتش وعدي وسفرتك، أنا عندي بكرة أجتماع مهم من لجنة من الحكومة وأخلصه وأستلم المشروع ونسافر زى ما تحبي وأنا هسيب الشغل لـ شريف لكن مقابلة بكرة ضروري أكون فيها
هزت رأسها بنعم فى صمت وهدوء على غير عادتها ثم قالت:-
-مش زعلانة، ولو عندك شغلك بلاش السفر أنا مش هحبلك الخسارة أو أسببلك أذي فى شغلك
ترك يدها بثقة من أن هناك أمر حدث بها فهى من كانت تصرخ وتأمره بالسفر معها ليقول:-
-أنا متأكد أن فيكي حاجة، أنا مش لسه بتعرف عليكي يا مريم وعمومًا براحتك، لما تحبي تتكلمي أنا موجود وهسمعك، خلي حنان تجبلي القهوة فى المكتب
تركها ودخل للمكتب مُستاءًا من صمتها وهى تخفي عنه الأشياء بينما نظرت إليه وهو يبتعد عنها بحزن، جهزت لكل شيء من الصباح لتبقي معه طيلة الليل وتصنع الذكريات الجميلة معه، أرادت أن تجعله يبتسم بقدر بسمتها التى لاحقتها مع خبر نجاحها، لكن هذا الغبي دمر كل سعادتها بأتصاله، تعجبت “حنان” من كلمتها وقالت:-
-القهوة فى المكتب!!، معلش سامحيني على تطفلي والله مش قصدي أدخل بينكم لكن ضروري أسأل عشان قبل ما أدخل أواجهه جوا… أنتوا أتخانقتوا؟
خرجت تنيهدة من “مريم” مُعبأة بالخيبة والحزن ثم قالت:-
-لا، أنا طالعة أنام
أستوقفتها “حنان” بسؤالها قبل أن تخرج من المطبخ:-
-طب والتورتة مش هتأكلوها
لم تجيب عليها “مريم” بكلمة واحدة وصعدت للأعلي حيث غرفتها وجلست مقابل المرآة تنزع حلق أذنها بشرود فى هذا الأتصال الذي جاء لها من شخص تناساها كل هذه السنوات، نظرت للمرآة على إنعكاس صورتها وبدأت تلوم نفسها على فعلتها، أخبرته أن يأتي لأجلها مُسرعًا ولا يتأخر، دخلت للمطبخ وبدأت تصنع له الطعام تحت إشراف الطباخ لأجل “جمال” وأتصلت بصالون التجميل حتى يأتوا الفتيات ويساعدوها فى التجمل حتى تظهر أمامه جميلة ومُختلفة كيومها وهى بالنهاية ماذا فعلت دمرت كل شيء بسبب توترها وخوفها من القادم فقالت بندم مُعاتبة صورتها المُنعكسة:-
-خايفة من أية وجمال معاكي يا مريم؟
تركت حلق الأذن على التسريحة وهرعت للأسفل حيث تجده، دلفت للمكتب دون أن تطرق الباب لتراه يجلس على الأريكة الجلدية السوداء ويرتشف قهوته وبين سبابته والوسطي سيجارته، رمقها فى صمت لا يعلم ماذا يقول لكنه غاضبًا بعد أن خاب أمله بها، طيلة اليوم وهو يفكر لماذا تنتظره وماذا ستفعل؟ إلغاء كل مواعيده وهرب من عمله الذي يُدمنه لأجلها وهى ماذا فعلت؟ دمرت كل شيء بصمتها وحزنها الغامض، أقتربت منه ليري فستانها يزحف على الأرض معها بعد أن نزعت كعبها العالي وهكذا الحُلي ليبتسم بخفة بعد أن تذكر كيف أخبر “أصالة” اليوم عن حُريتها وكرهها للتقييد، جلست جواره فى صمت ليقول:-
-قررتي تقولي مالك؟
هزت رأسها بلا لتراه يطفيء السيجارة التى أشعلها للتو لأجلها رغم غضبه لكن يهتم بصحتها، فقالت بنبرة خافتة:-
-قررت أثق فيك
أدار رأسه إليها بأندهاش من كلمتها فقال بحيرة وعدم فهم لكلمتها:-
-أنتِ حد قالك حاجة عني؟
أخذت يده فى راحتي يديها بلطف شديد ونظرت إليهم ثم رفعت نظرها إليه ورأت عيني “جمال” تحدق بيده التى أحتضنتها للتو بأندهاش لفعلتها ثم رمقها بحيرة وحيرتها تظهر فى عينيه بوضوح حتى لو لم يتفوه لسانه بها لتقول بنبرة خافتة:-
-أنا مُتأكدة أنك معايا ومش هتسبني صح؟
لم يُجيب على كلمتها لتتابع بنبرة هامسة رغم دفئها لكنها تحمل الخوف الذي تحمله فى طياتها:-
-متسبنيش يا جمال، أنا مطلبتش منك أى حاجة ولا أنك تضغط على نفسك عشاني ولا عايزة منك حاجة وقبلتلك وحبيتك زى ما أنت وطلبي الوحيد أنك متسبنيش مهما كان اللى هيمر علينا خليك معايا أنا بقوى وبتشجع بوجودك لكن لو سبتني مليون حاجة ممكن تدوس عليا وتقتلني، أنا ضعيفة أوى من غيرك وبشجعني بيك
ترك فنجان القهوة من يده الأخري ثم لمس وجنتها بلطف وقال:-
-بالله عليكي يا مريم قوليلي ما لك؟ مين اللي قالك أنى هسيبك أو أيه اللى مخوفك أوي كدة، أنا شايف الخوف والحيرة فى عينيك ودا مش من فراغ
حدقت بعينيه بصمت لكن عينيها أخبرته بألا يضغط عليها أو يجبرها على التحدث وهى تسعي جاهدة للشفاء من أوجاعها ليقول بضيق شديد من نظرتها التى قرأها جيدًا:-
-مريم متجبرنيش أعرف بطريقتي، أنا مسافة ما غيرت هدومي كأنك بقيتي حد تانية فى دقائق، متجبرنيش اسأل جين؟
-تحت أمرك يا سيدي
قالها “جين” فور سماع اسمه بصوته الألي ليزيد من ربكة “مريم” وهى تعلم أن هذا الأختراع الألي يملك المكبرات الصوتية ويمكنه الولوج لهاتفها وربما يملك تسجيل المكالمات أيضًا، إذا أمره “جمال” بمعرفة ما حدث سيخبره بالتفاصيل دون أن يهمل شيء لتقول:-
-جمال
-أنا مقصدش التطفل ولا أنى أضغط عليكي لكن حالتك وزعلك دول قلقوني عليكي….
تحدث بجدية صارمة بخوف عليها لكنه صمت فور أعترافه بهذا الخوف بأرتباك لتبتسم “مريم” بتلقائية وهذه المرة كانت بسمة حقيقة لا تزيفها وهو حقًا بدأ يعترف شيئًا فشيئًا ويتخلي لسانه عن عقدته لتقول:-
-قلقان عليا
تنحنح بحرج من كلمته وقال بحزم:-
-مريم متغيريش الموضوع، طب أنا زعلتلك فى حاجة فوق، مقنعنيش أن مسافة ما نزلتي السلم زعلتي لوحدك، أنا زعلتك؟
تبسمت بلطف هائمة بعشق هذا الرجل الذي يكره عبوسها وحزنها ثم تركت يده التى أحتضنتها مُطولًا ورفعت يدها إلى لحيته الناعمة تداعبها بأناملها الدافئة وقالت:-
-معقول أزعل منك! لا مُستحيل…
-بس..
قالها مُعترضًا على حديثها لتقول بنبرة أكثر دفئًا وحنانًا وعينيها ترمق عينيه الخضراء بنظرة ثابتة كالعناق الدافيء:-
-بيسألوني أنا أزاى قدرت أحبك؟ قولي لو محبتش راجل بيكره زعلي وبيخاف يكون زعلني من غير قصد، راجل مبيهونش علي زعلي ولا سكاتي هحب مين؟، مرة قولتلي أن خرابك هيتعبني وهيوجعني، طيب أنا أزاى بلاقي سلامي وأماني فى خرابك دا يا جمال، إذا كان كل الحب اللى بتعاملني بيه وبتقدمه ليا خراب فالصلاح عامل أزاى، أنا راضية أكون فى خرابك ومعاك على أني أكون فى الجنة مع غيرك
وضع يده على يدها الموجودة على لحيته بحنان وضربات قلبه تصعق ضلوعه الصلبة المُتجحرة أمام هذا الحب الذي يتلقاه من هذه الفتاة وقال بلطف رغمًا عن قوته وجبروته:-
-أنا مستحيل أسيبك لغيري يا مريم
أندهش من رد فعلها عندما جذبت يدها من يده وعانقته بحنان وتعلقت بعنقه بقوة كأنها لا تريد الرحيل من بين ذراعيه مأواها الوحيد بهذا العالم القاسي الذي يخفي لها الكثير من الوجع وقالت:-
-ودا كفاية عليا والله يا جمال، كفاية أنك متسبنيش
طوقها بذراعيه بدفئ مُشتاقًا لهذا العناق الذي لطالمًا تمناه ولا يريد أن يترك أسرها بين ذراعيه ولو أمكنه سيشق صدره الصلبة ويخفيها بداخله حتى تظل معه للأبد، تبسمت عندما شعرت بيديه تستقر على ظهرها بحنان وهمست فى أذنيه بنبرة ناعمة كاد أن يسمعها وأنفاسها الدافئة تداعب أذنه:-
-أنا بحبك يا جمال وهفضل أحبك لحد أخر نفس فيا وهفضل أقولك بحبك بعدد أنفاسي ولو يسمح ليا العالم هصرخ لكل الناس وأقولهم أنى بحب الراجل دا
تبسم علي دفئها وكلماتها التى أطلقت العنان لضربات قلبه حتى تهزمه وأوشك على نطق هذه الكلمة وقال بخفوت:-
-مريم… أنا بــ….
توقف لبرهة من الوقت وعقله الأحمق يتذكر الماضي ويضربه بقسوة أفكاره، تسللت “مريم” من بين ذراعيه وحدقت بعينيه وهي تعلم أنه اوشك على النطق بها، نظر إليها فى صمت بضيق من تلجم لسانه الذي عقده عقله وأفكاره فتبسمت بخفة من محاولته وقالت:-
-متضغطتش على نفسك يا حبيبي أنا مش عايزة أسمعها دلوقت
قبل جبينها بإمتنان لتفهمها حالته وتحجر عقله لكنه واثقًا أن “مريم” ستنتشله من تحجر عقله كما أنتشلت قلبه من تصلبه وأذبت الجليد عنه لتعيد له الشعور بالحب من جديد، تبسمت إلى هذه القبلة بأمتنان كأنها تكفيها منه ولا تطمع بالكثير الآن، وعدت قلبها بأن تكون صبورة معه حتى تحصل على جائزتها الكبري عندما ينطق بهذه الكلمة….
__________________________
ذهب “جمال” بصحبة “شريف” إلى مقر الحكومة التى سيتقابلا فيه وكان مُرتدي بدلة ثمينة للغاية وحذاء أسود يلمع وكأنه أراد أن يظهر قوته وهيبته فى هذا اللقاء من أجل عدوه اللدود، جلس على اليمين وبجواره “شريف” يحدقان بـ “نادر” الذي على اليسار مُقابلهم ويحدق بهما ببسمة خبيثة ليقول “شريف” بهمس:-
-فى حاجة غلط، نادر فيه حاجة غريبة النهار دا، أول مرة ميكنش قلقان وهو قاعد قصادك
-يمكن جوازه من رقاصة قوي قلبه
قالها بسخرية ليقاطعهم صوت الرجل الذي أنهي للتو تفقد العرضين من الشركتين وقال:-
-بصراحة العرض مُغري جدًا ويليق بالمشروع والخطة اللى حاطاها الوزارة وبما أنكم قدمته نفس العرض فخلينا نراجع للشئون المالي
أتسعت عيني “جمال” من كلمته وحدق إلى “نادر” الذي تبسم بمكر شيطانية وقاال بتلعثم:-
-نفس العرض
أومأ الرجل له بجدية وقال:-
-ايوة نفس العرض بنفس المميزات وحققي دا معجزة أننا نخلق شقق سكاني تساعد المُصابين بالشلل أو ذو الإعاقة كالمكفوفين والأصمة عن طريق التكنولوجيا
كز “جمال” على أسنانه بضيق شديد من سرقة عرضه وقد فهم للتو سر هذه البسمة الماكرة وقوة قلب “نادر” وجرأته أمامه فهو سرق مُخططه لصنع شقق تساعد ذو الإعاقة، خرج الرجل بالأوراق قليلًا ليقول “جمال” بسخرية:-
-شقق لذي الإعاقة، من نادر تيجي أزاى دى
-أنا طول عمري رجل أعمال بيساعد المحتاجين يا جمال مش جديدة عليا
قالها “نادر” بسخرية من “جمال” وحالة الغضب التي تملكته للتو فقال “جمال”:-
-فعلًا بس يا تري فكرة أنك ترشي حد من شركتي ويبيعلك مشروعي كانت فكرتك ولا فكرة الرقاصة مراتك، أصلًا فكرة عوالم شوية
أتسعت عيني “نادر” وهكذا مساعده “تامر” بمعرفة “جمال” بخبر زواجه من “سارة” ليقول بتلعثم:-
-أنت!!
أنفجر “جمال” ضاحكًا بسخرية على تلعثمه ثم قال:-
-ههههه، أنت فاكر أن فى حاجة بتستخبي على جمال المصري، بس السؤال بقي هل اللجنة ممكن تديك مشروع زى دا بعد خبر جوازك من رقاصة
كز “نادر” على أسنانه بضيق ولا يملك جواب عليه، كاد “تامر” أن يتحدث لكن أوقفه دخول الرجل الذي يقول:-
-مُتأسف جدًا يا أستاذ جمال، بما أنكم قدمتوا نفس العرض كأن لازم نبص على المالية وشركة نت ورك الخاصة بأستاذ نادر قدمت ميزانية أقل من حضرتك ب10 مليون
نظر “جمال” بأندهاش من قرار اللجنة وغادر غاضبًا بعد خسارته أمام “نادر” بينما تبسم “نادر” بسعادة لفوزه وأنطلق فى سيارته مع “تامر” الذي يقول:-
-مش كتر 10 مليون ندفعهم من جيبنا عشان خاطر جمال
ضحك “نادر” بعفوية ثم قال:-
-ما تصحح كدة يا تامر هو أنا هدفع حاجة من جيبي كلها فلوس سارة، متنساش أن العقد بيقول لو أنا خدت المشروع دا مش هرجع جنيه واحد من الخمسين وأنا كنت عايز أكسر مناخير جمال وأديني حققت الهدفين بضربة واحد، أدفع الـ 10 مليون من فلوس سارة ويبقي كدة المكسب لينا 40 مليون جم كدة من الهواء وأنتصرنا على جمال دا غير المكسب اللى هيعود علينا من المشروع، أنا أستغفلت جمال وسارة واللجنة … بذمتك مستاهلش حفلة النهار دا
ضحك “تامر” بعفوية ونظرة خبيثة ثم قال:-
-بصراحة تستاهل على المجهود اللى عملته يا ريس، تحب أتصل بواحدة من حبايبك تيجي تسهر معاك
هز رأسه بلا ويديه تخرج هاتفه من جيبه ويتصل بـ “سارة” ثم جعله ينظر إلى أسمها وقال:-
-لا فى الوقت الحالي معايا أجملهم، لكن لو كنت تعرف النهار دا بالذات تجيبلي الفرسة البرية اللى عند جمال كنت غرقتك دلع يا تامر
وضع الهاتف على أذنه ينتظر أن تجيبه عليه فقال “تامر” بمكر شيطانية:-
-ههه بلاش النهار دا يصعب عليا يخسر شغله وخطيبته مرة واحدة
ضحك “نادر” بسخرية وسعادة تغمره حتى اجابت “سارة” عليه ليقول:-
-وحشتيني يا وش السعد…. لا بقولك أيه مفيش شغل النهاردة أنا عندي ليكي خبر ب50 مليون جنيه…… ههههه متستعجليش يا حياتي على زرقي هبعتلك عنوان تعدي عليا بعد ساعة فيه لكن خلي بالك محدش يشوفك… سلام يا روحي
_________________________________
كاد أن يجن جنونه من خسارته أمام هذا الرجل الخبيث فقال بغضب سافر:-
-أعرف ليا مين اللى عملها يا شريف، أنا مش هرحم حد
أومأ “شريف” له بنعم بينما يجلس فى الأمام بجوار “صادق” لضرب “جمال” قبضته فى النافذة بضيق شديد من الغضب الذي يكمن بداخله فى الحال، قاطعه رنين هاتفه بأسم “سلمي” ليقول:-
-ألو
-مالك شايط ليه؟
قالتها بقلق بعد أن سمعت صوته ليجيب “جمال” بنبرة أكثر هدوءًا:-
-مفيش مشاكل فى الشغل، عملتي أيه؟
-حجزتلك طيارة خاصة بليل وتحت قيادتي وبعتلك الورق وجواز السفر على الشركة
قالتها بلطف ليؤمأ إليها بنعم وأغلق الهاتف وسيارته فى طريقها للمنزللا يعلم كيف سيقابلها بهذا الغضب والآن لا يريد السفر حتى يرد المكر إلى “نادر” لكنه وعدها بأن يذهب معها اليوم ….
_________________________________
“قصـــــر جمـــــال المصــــري”
كانت “مريم” جالسة فى الردهة على الأريكة تبحث فى هاتفها عن أماكن يجب أن تزورها فى فرنسا حتى قاطعها صوت “حنان” تقول:-
-فى واحد أسمه ياسين على البواب عايز يقابلك بيقول أنه ابن عمتك
رفعت نظرها عن الهاتف بصدمة ألجمتها وصمتت قليلًا تفكر ووضعت يدها على فمها بقلق ثم قالت بحيرة:-
-ماشي دخليه وأنا هطلع اغير هدومي
صعدت للأعلي بقلق وأرتدت بنطلون جينز وتي شيرت أبيض اللون وخف من الفرو ونظت فى المرآة ثم قالت:-
-متقلقيش يا مريم أنتِ فى القصر مستحيل يأذيكي وأنتِ فى ملك جمال
ترجلت للأسفل لتراه جالسًا فى الصالون الموجود قرب الدرج وأمام بوابة القصر ويرتشف العصير الذي قدمته “حنان” له، كان كما هو لم يتغير به شيء رغم مرور السنوات، شاب يكبرها بثلاثة سنوات، شعره الأسود القصير وخفيف من الجانبين بدون لحية لكنه يملك شارب أسود فوق شفتيه، حاجبين كثيفين وعينيه أسفلهما باللون البني الداكن جدًا يميل للأسود، بشرته سمراء بجسده العريض رغم أنه بطولها تقريبًا، مُرتدي بنطلون جينز أزرق وتي شيرت سماوي اللون، سارت نحوه وهو يتطلع بها هذه الفتاة التى كبرت عن قبل لم يراها مُنذ خمس سنوات وعندما تشاجر مع زوجها “مُختار” تغيرات كثيرًا من فتاة مراهقة إلى فتاة شابة ناضجة، فتاة قروية فوضوية لفتاة كعارضة أزياء رغم بساطة ملابسها، زاد جمالها مع سنوات عمرها، وقف فور رؤيتها وقال:-
-أحلويتي يا مريومة
جلست أمامه دون ان تصافح يده الممدودة ليتعجب طريقتها، قبل اليوم كانت تعانقه عندما تراه فقال بسخرية:-
-لا وأتغيرتي كمان
جلس بعد جملته فسألته بجدية ولهجة صارمة تعلمتها من “جمال”:-
-جيت ليه؟
-مكنش ينفع أعرف أنك أتخرجتي ونجحتي ومجيش أبارك وكمان على الخطوبة، معقول متعزمنيش
قالها بسخرية ونبرة غليظة لتضع قدم على الأخري بضيق من كلماته ثم قالت:-
-وعرفت كل دا منين بقي؟ أو خليني اسأل السؤال الصح؟ جبت رقمي منين؟
نظر لها فى صمت لتتابع بضيق شديد:-
-من حمزة!! هو اللى أدهولك مش كدة، ويا تري هتساعده فى أيه المرة دى ما هو مش جديد عليك مساعدته
نظر لها بأندهاش من كلمتها وأرتجفت يده التى تحمل كوب العصير لتتابع بحدة وضيق شديد:-
-مستغرب ليه؟ أنا عارفة أنك ساعدته فى التخلص من الجثة
سقط كوب العصير من يده بصدمة ألجمته من كلماتها فعندما ذهب للمزرعة كي يطمئن عليها بعد شجار “مُختار” وجده جثة هادمة وهى فاقدة للوعي ليخبره “حمزة” بأنه حاول أغتصاب أبنته فقتله وتخلصا من الجثة معًا لكن “مريم” كانت فاقدة للوعي حينها، على عكس “مريم” التى تبسمت بسخرية على صدمته ونظرت للعصير المسكوب على الأرض بعد أن ساعدها الطبيب النفسي فى تذكر التفاصيل المفقودة فى عقلها وربما هذا ما جعلها ترتجف خوفًا من الأمس وبعد أتصاله لتقف من مكانها بضيق شديد وقالت:-
-أمشي يا ياسين ومتجيش هنا تاني ومتحاولش أنت وحمزة تضايقوني لأن معنديش أستعداد أعاني لوحدي، وأقسملك انى ممكن أبلغ البوليس عنكوا وهو يخلصني منكم
نظرت للجهة الأخري وكادت أن تقف لكن أوقفها “ياسين” الذي هرع إليها بخوف مما تتحدث به ومسكها من ذراعيها بقلق مُحدثها:-
-مريم أنا عملت كدة عشانك مش عشان اساعد حمزة، أنتِ عارفة أني بكره وبكره أذيته ليكي، ساعدته عشان بس أحميكي من أذية مُختار
صرخت به بأنفعال وهى لا تتحمل كلماته التى ألحقت بها للجحيم قائلة:-
-لو مكنتش ساعدته وبلغت البوليس كانوا قدروا يثبتوا أني أتخدرت ومكنش حمزة أبتزني ولا عذابي وأوهمني أني قاتلة، مكنتش شوفت كوابيس لما وشكل الدم اللي ملازمني دايمًا، مكنش كل دا حصل… لكن جاي تقولي عشاني أنت بتكدب علي نفسك الكذبة وعايزني أصدقها…
تبسم بلطف ويديه تمسح على رأسها بحنان بعد أن أهدأ من روعته وقال:-
-مريم أنا عملت دا عشان بحبك وخايفة عليكي
أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها من الصدمة التى أحتلت عقلها للتو برؤيته أمامها، يمسكها من ذراعيها ونظرة الإعجاب تتطاير من عينيه بوضوح، دفعته “مريم” بأنفعال شديد من قربه الزائد منها وقالت:-
-أبعد عني أنت فاكراني لسه مريم الهبلة اللى اتربت فى الأسطبل، بص ليا كويس أنا أتغيرت وبقيت حد تاني يا ياسين مبقاش يضحك عليا بكلمتين
نظر إليها بدهشة بعد أن دفعته بقوة بعيدًا عنها ولأول مرة تعامله بهذه القسوة فقال بسخرية:-
-لا أزاى بقيتي مريم هانم اللى كبرت فى القصور ودخلت الكلية وشافت الناس، بقيتي إعلامية
تأففت بضيق من سخريته لها وصمتت ليقطع صمتها صوت سيارة “جمال” التى وصلت للتو ووقفت من مكانها بذعر وقالت:-
-شوفها زى ما أنت عايز، حتى لو بقيت أنا الشريرة فى نظرك لكن ممكن تمشي من هنا، جمال لو شافك هنا هيقتلك ويقتلني
أخذ خطوة نحوها لتبتلع لعابها بخوف من نظرات هذا الشاب وعقلها لا يصدق بأن هذه التصرفات والنظرات تخرج من أخ لأخته، لمس وجنتها بلطف مُعجبًا بجمالها الذي زاد وبزغ مع سنين عمرها التى مرت وقال:-
-خايفة على مشاعره، طب ومشاعري أنا، أنا يا مريومة، ياسين حبيبك، أغلي حاجة عندك مش أنتِ اللى قولتي كدة وقولتي أنك بتحبني، أنا كمان بحبك يا مريم
قالها وأقترب منها على سهو مُحاولًا تقبيلها لتصرخ بذعر منه وهى تقول:-
-أنت أتجننت، أبعد عنى يا ياسين..
دفعته بعيدًا عنها بأنفعال وهى تقول بنبرة غليظة قوية:-
-أنا بحبك اه لكن..
كادت أن تخبره أن حبها له أخوي لكنها ابتلعت كلماتها عندما رأت “جمال” يقف أمامها يشاهد فى صمت وأستمع لهذه الكلمة التى تفوهت بها للتو، تبسم “ياسين” بمكر إلى “جمال” الذي يشتعل من مكانه ووجهه يظهر به الخنق، عقد حاجبيه بغل وبرزت خطوط عريضة فى جبهته وعينيه تحدق بها، أغلق قبضته بأحكام قبل أن يقتلها للتو بعد أن سمعها تلفظ بهذه الكلمة مع رجل أخر وهو لا يعرف من هذا الشاب لكنه سمع أخر كلمات حديثهم، أبتلع “ياسين” لعابه خوفًا من نظرة “جمال” إليه التى كادت أن تقتله، لو كانت النظرات تقتل لكانت نظرة “جمال” كالسهم الذي خرج من عينيه وأسرق فى رأس “ياسين” فى الحال، أقترب منها ليضع قبلة على جبينها بلطف وقال:-
-هنكمل كلامنا بعدين…
ألتف لكي يغادر لكنه تلقي لكمة من “جمال” قوية أسقطته على الأريكة وتحمل الغضب الذي تملكه من “نادر” وغيرته التى أحرقته مما رأه، أقترب لكي يكمل نفاث غضبه بهذا الشاب لكن أستوقفته “مريم” بذعر وهى تقول:-
-لا يا جمال
نظر إليها بصدمة ألجمته وهى تمنعه عن معاقبة هذا الشاب على لمسها وكأنها تقبل بهه القبلة، تابعت بنبرة خافتة:-
-عشان خاطري متأذهوش
رحل “ياسين” بخوف مُستغلة فرصة أنشغال “جمال” بالنظر إليها فصعد إلى غرفته غاضبًا منها وألقي بجوازي السفر على الفراش بضيق ويخرج تنهيدة قوية، نزع رابطة عنقه وسترته بأنفعال ثم شق قميصه شقًا لتتساقط الأزرار على الأرض ويظهر صدره العاري من كم الغضب الذي يحمله، قاطعه طرقات على الباب ثم ولجت “مريم” دون أن يأذن لها، أعطاها ظهره قبل أن يفقد أعصابه بها فقالت بنبرة خافتة:-
-دا ياسين أبن عمتي
أدرج للتو هوية هذا الرجل وتذكر حديثها عن تربيتها معه وتراه كأخًا لها فأستدار صارخًا بها وهو يقول:-
-لكنه مش أخوكي يا مريم، معقول تكوني هبلة لدرجة أنك مش شايفة الحب والإعجاب فى عينيه، نظراته ليكي نظرات رجل لست مش أخ لأخته
أومأت إليه بنعم بأسيتاء شديد ثم قالت:-
-عارفة…
توقفت عن الحديث عندما هرع إليها غاضبًا وهى تخبره بانها تعلم أن هذا الرجل يحبها ويريدها لكنها سمحت له بتقبيلها أمامه ورفع يده أمام وجهها لكي يصفعها ويعاقبها على هذا الخطأ وقال:-
-أنا قولتلك أنى مبغفرش الخيانة!!!
نظرت بخوف إلى يده المرفوعة أمام عينيه وكاد أن يصفعها بحق لكنه لم يفعل ولم يقوي على ضربها ليصرخ بغيظ وهو يستدير إليها وقال:-
-اااااه ، للمرة التانية أعجز عن ضربك يا مريم، امشي من وشي قبل ما أعمل حاجة نندم عليها إحنا الأثنين
لم تفعل كما طلب منها لكنها أقتربت منه مخالفة أمره وألتفت حوله حتى وقفت أمام نظره ليراها ثم قالت:-
-جمال، أنا …..
صرخ بها بغضب سافر وهز صوته جدران القصر بأكمله:-
-أنتِ عارفة أنه بيحبك وعايزاك وسمحت له يلمسك لو مكنتش دى خيانة ليا تبقي أيه يا مريم، كلكم زى بعض… رغم كل اللى فيا لا كفيتها زمان ومليت عينها ولا كفيتك دلوقت ومليت عينيك، زيك زيها فأمشي من وشي قبل ما يكون مصيرك نفس مصيرها
دمعت عينيها بصدمة ألجمتها مما تسمعه وهو يصفها بالخائنة ويقارنها بزوجته التى عاشرت أخاه وعلى زوجة له بكل وقاحة لتجيب عليه بحزن وسط دموعها التى تساقطت أمامه ولا تقوي على كبح:-
-أنا مش خاينة يا جمال ولا زي حد، أنا مريم وأنت عارفني كويس
مرت من أمامه بأنهيار وغضب أحتلها من كلماته وقبل أن تخرج قال بسخرية كأنه يسكب البنزين على النار القائمة بداخلها:-
-أنا برضو كنت عارف ليلي كويس
كبحت ألمها منه وغادرت جاهشة فى البكاء بأنهيار تام لينظر إلى جوازي السفر الخاصة بهما ورحلتهما التى يجب أن يذهبوا إليها مساءًا معًا لكن الآن قد حل الفراق بينهم وقطع الوصال حباله عن قلوبهما…..
يتبع…
زجاجتين من الخمر على الطاولة الزجاجية أمامه وكأسه يلازم يده ليقاطعه صوت جرس الباب ففتح “تامر” الباب لأجلها وبعد أن دخلت “سارة” غادر هو وأغلق الباب خلفه، سارت للداخل حتى وقع نظرها عليه ورأته جالسًا هناك فى أنتظارها بشوق لتبتسم بسعادة، رمقها “نادر” بنظرات إعجاب والفرح تغمره اليوم، تقف أمامه ببسمتها الجميلة مُرتدية عباءة سوداء وتحمل حقيبتها فى يدها، وقف من مكانه ويده تحمل الكأس بها حتى وصل إليها وأعطاها الكأس فى يدها بعد قبلته الناعمة التى تذوق بها جمال أحمر الشفايف الخاص بها، تبسمت بسعادة تغمرها هى الأخرى وقالت:-
-أطلب أى حاجة النهار دا
ضحك بخبث شديد وعينيه تكاد تمزق عباءتها بعد أن علم أنها تسعى خلف “جمال” لسبب غير مجهول ليقول:-
-بيقولك عدو عدوي حبيبي، ما بالك لما تبقي كمان مراتي
ضحكت بعفوية وهى ترفع يديها إلى عنقه وتدلل إليه بحب ثم قالت:-
-بيعجبني فيك يا حياتي أنك مش فضولي
ضحك بسخرية علي كلمتها وهو حقًا لا يرد سوى كرهها إلى “جمال” بغض النظر عن السر الغامض الذي تخفي بطياتها، شعرت بيده تسلل إلى عنقها لتفتح سحاب عباءتها ويبعدها عن اكتافها فسقطت أرضًا ويظهر فستانها الأحمر الذي يليق
بسهرتها اليوم وأحتفالها بهزيمة “جمال” أمامهم، تتطلع بهذا الفستان المُثير الذي يظهر من جسدها أكثر مما يخفي عبارة عن مثلث ملقوب بدون أكمام ويكاد يخفي مؤخرتها، عاري الظهر كاملًا وكعبها العالي الأسود فتبسم بأعجاب وهو يحيط بيده خصرها ويستكشف نعومة ظهرها بأنامله قائلًا:-
-والله أنا قولت أن سهرتي معاكي الأجمل
تبسمت وهى تجذب رأسه بيدها إليه وتهمس بدلال مُفرط قائلة:-
-ولسه يا حياتي، أنا النهار دا هخليك تعيش ليلة بألف ليلة وليلة، ليلة تمنها 50 مليون جنيه
قالتها وهى تسحبه للداخل من لياقة قميصه حتى وصلوا للأريكة لينهل على عنقها بقبلاته لكنها أستوقفته عندما وضعت إيصالات الأمان الذي وقعها أمام عينيه وقالت:-
-بتستاهل الـ 50 مليون
تبسم إلى هذه الاوراق بسعادة وأشعل بها النار ثم تركتها تحترق على الطاولة وأحرق هذه المرأة بقبلته لكل أنش وسعادة تغمرهما معًا لتحقيق أنتصارهما….
____________________________
خرجت “سلمي” من غرفة القيادة بزيها الرسمي للطيران كي ترحب بهما فى هذه الطائرة الخاصة التي ستأخذهما إلى فرنسا وأندهشت مما رأته عندما رأت “جمال” يجلس على اليسار وحده و”مريم” تجلس على اليمين حزينة وتنظر من النافذة، تنحنحت بحرج وقالت:-
-أتمني لكم رحلة سعيدة وأمانة
لم يجيب أى منهما عليها والغضب والحزن يحتل وجههما، عادت إلى غرفة القيادة لتنطلق بقيادتهما وبعد أن أستقرت الطائرة فى الجو سمعت صوت “جمال” يطرق باب غرفة القيادة ففتحت لأجله وقالت:-
-أتخانقتوا؟
تأفف بضيق وكاد أن يشعل سيجارته لتقول بحزم:-
-ممنوع التدخين، لكن فى المقابل خرج غضبك فيا وقولي حصل أيه، على حد علمي أن الرحلة دى هديتك لنجاحها وخطوبتكم يعنى مناسبة سعيدة؟ مع أني مش شايفة أى سعادة فى الموضوع
تمتم بضيق شديد مما يحدث ثم قال:-
-أنا وعدتها ولازم أوفي بوعدي
نظرت إليه بسخرية من تحجره وقالت:-
-لكن وعدك ملهوش لازمة وأنت مزعلها
حدق بهذه الفتاة وغادر الغرفة غاضبًا ليعود إلى مقعده ووقع نظره عليها، تحدق من النافذة بحزن شديد بعد أن أتهمها بالخيانة وأبكاها لكن قسوته لم تكتفي بذلك بل أجبرها على السفر معه، جلس فى مقعده بأستياء وقبلة “ياسين” لها لا تفارق مُخيلته فنظر بهاتفه لعل هذه الأفكار تتركه وترحل، نظرت “مريم” إليه بضيق من تصرفاته لم يعتذر على كلماته القاسية لها وبحقها لكنه أجبرها على الصعود على متن هذه الطائرة فقالت بتمتمة غاضبة منه:-
-فاكرني هفرح بهديتي بعد اللى عملته؟
سمع كلماتها ليقول بجدية ولهجة صارمة:-
-متفرقش يكفي أنى وفيت بالوعد اللى قطعته ولو عايزة سلمي تلف وترجع بينا مفيش مانع، مش هموت وأفضل هنا على كل حال
كزت على أسنانها منه ونظرت للنافذة لا تملك مهرب منه الآن سواها، وصلت الطائرة لأرض فرنسا فترجل “جمال” أولًا لا يعري أهتمامًا بها فسارت خلفه كي تنزل الدرجات الخاصة بـالطائرة لكن أخرهم كانت بعيدة عن الأرض لتنظر إليه وهو يصعد إلى سيارته دون أن يهتم بأمرها فتنحنحت “سلمي” بلطف ومدت يدها إلي “مريم” لتساعدها فى النزول، تنهدت بأختناق منه وذهبت خلفه بضيق حتى وصلا للفندق وهو لا يتحدث معها نهائيًا حتى وصل أمام الغرفة وفتح الباب لها فتأففت بضيق من جبروته وقالت:-
-أنا لو مخطوفة مش هتعامل كدة
دلفت للغرفة ليغلق الباب خلفها وذهب إلى الغرفة المقابلة لها ودلف حيث غرفته، دخلت “مريم” غرفتها بضيق شديد يتملكها ولا تعلم كيف أمس كان سيخبرها بحبه ويعترف لأجلها واليوم يعاملها كخائنة له، كانت الغرفة عبارة عن جناح لتدخل إلى غرفة النوم بأختناق من هذه الرحلة لها، دُهشت عندما رأت الغرفة مُزينة بالبلالين وهناك قلب مصنوع من الورود الحمراء على الفراش الأبيض فأتسعت عينيها على مصراعيها من الدهشة التى اصابتها ووضعت يديها على فمها بسعادة أغمرتها كأنه أنتشل كل هذا الغضب الذي بداخلها وأعتذر بفعلته عما قاله صباحًا، أقتربت من الفراش ووجدت دمية على شكل عروسة جميلة كبيرة تتوسطه كأنها هدية من أجلها، حملت العروسة بين ذراعيها بلطف وضمتها إليها بسعادة….
فى الغرفة المجاورة، بدل ملابسه وأخذ حمام دافئ ثم خرج على صوت هاتفه الذي يرن بأستمرار وكانت “أصالة”، وقد توقفت عن الأتصال وأرسلت له الرسائل الكثيرة وكان محتواها:-
-أتمني الهدية تكون عجبتها
-أنا خليت المسئولين فى الفندق يبعتولي صورة السويت عشان أتاكد من كل حاجة بنفسي قبل وصولكم
لاحقت رسائلها صورة للجناح الخاص بـ “مريم” المزين لتتأفف بغضب وتذكر أنه طلب من “أصالة” أن تجهز لها الغرفة مع الحجز حين أخذ الأوراق منها، الآن ماذا ستفكر “مريم” هل ستعتقد أنه يعتذر على ما بدر منه رغم أنه لم يفعل، دق باب الغرفة ليفتح وكان موظفي الفندق جلبوا له العشاء كما طلب قبل صعودهما فرأى الصينية الأخري الخاص بها وقال الموظف باللغة الفرنسية:-
-هي لا تفتح هل نترك الطعام أم نعيده فى وقت أخر
نظر إلى غرفتها وأقترب ليدق الباب قليلًا لكنها لا تفتح فطلب منهم أن يفتحوا الباب لأجله وعندما دخل كانت غرفتها فارغة وهى لا أثر لها ليجن جنونه من إختفائها فى هذه البلد الغريبة وأخرج هاتفه وأتصل على “مريم” لكنها لم تجيب عليه..
_______________________________
ساءت حالة “حمزة” أكثر بسبب الإصابات الكثيرة والبالغة التى ألحقها “جمال” به فأتصل “عاشور” بالطبيب وجاء لفحصه ومعالجته وأخذ منه عينات الدم لتأكد من شيء ما ثم غادر المكان …
______________________________
تجولت “مريم” فى كل مكان فى الشوارع باحثة عن هدية تقدمها له كي تعتذر هى الأخرى عما فعلته رغم أنه لم يترك لها المجال لو كان أنتظر قليلًا لرأها تصفع “ياسين” بيدها قبل أن يفعل على تقبيله لرأسها، أشترت قلم ثمين من أجله وجعلت الموظف يحفر له اسمه على القلم ثم دفعت بأموالها النقدية وغادرت، وقفت على الطريق تنتظر سيارة أجرة حتى تعود للقصر لكنه قاطعها بأتصاله فوضعت الهاتف على أذنه فسمعته يصرخ بانفعال شديد وقلق عليها واضح:-
-أنتِ فين؟
أخبرته بمكانها فأمرها بألا تتحرك من محلها وهو فى طريقه إليها، جلست على أحد المقعد تنتظره وتحمل فى يدها علبة سوداء بداخلها هديتها له، رأت سيارته التى كانت تنتظره من الفندق عند الطائرة تتوقف أمامها، ترجل “جمال” من مكانه بغيظ شديد وغضب يحتل وجهه ونظراتها المُثبتة عليه، وقفت من مكانها بصمت ليقول بضيق شديد:-
-أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم دون فهم لحالة قلقه الزائدة فصرخ بها بانفعال شديد هاتفًا:-
-أنتِ أزاى تخرجي لوحدك ومن غير ما تقوليلي ها؟ أنتِ غبية تعرفي أيه فى البلد دى عشان تخرجي لوحدك
دمعت عينيها بحزن شديد وضغطت بيدها على العلبة التى تحملها فى يدها من توبيخه به ونبرته القاسية التى جعلت الجميع ينظروا عليهما، تمتمت بضيق شديد:-
-غبية!! أه غبية يا جمال غبية لأني بفكر فيك
أعطته الهدية فى يده بضيق شديد وأتجهت إلى السيارة فتأفف بأغتياظ من تصرفاتها وفتح العلبة ليري قلم أسود جميلة ويحمل أسمه ومعه بطاقة صغيرة كتبت بها بخط يدها كلمات قليلًا (ممكن نعدي الزعل ونتصالح والله ما بحب غيرك) أغمض عينيه بضيق من كلماتها ليفهم أن ما وصل إليها من تزيين غرفتها أنه يعتذر فقررت أن تعتذر هي الاخري لكنه فى الحقيقة لم يفعل، صعد إلى السيارة وأنطلق بهما السائق فظل صامتًا يحاول ترتيب الكلمات فى عقله قبل أن يتحدث ويخبرها بأنه لم يعتذر عن شيء لكنها قاطعت شروده بكلماتها الهادئة:-
-سألتني لو كنت زعلتني أمبارح؟ لا مزعلتش منك… أنا جالي أتصال من ياسين
أدار رأسه لها بغضب سافر من حديثها عنه وكاد أن يتحدث لكنها منعته من الحديث عندما قالت بخفة:-
-أنت قولتلي وقت ما أحب أحكيلك هتسمعني
أبتلع كلماته بضيق شديد حتى يستمع إليها كما وعدها فطلبت من السائق أن يتوقف جانبًا ونزلت من السيارة وفتحت الباب له هذه المرة وقالت:-
-أنزل
ترجل من السيارة وهندم ملابسه مع تنهيدة قوية تخبرها بأنه لن يستمع إليها كثيرًا وربما يفقد عقله فى أى وقت لتسير معه فى الطريق وأخذت يده فى راحة يدها ثم قالت:-
-أنا مقصدتش أجرحك يا جمال، أنت عارف كويس دا وعارف أني بحبك، أه بحب ياسين….
قاطعها عندما توقف عن السير وسحب يده من يدها بقوة غاضبًا منها كأنها مُصرة بكل طاقتها وأنفاسها أن يفقد أعصابه عليها ويصفعها هذه المرة لكنها وقفت أمامه ونظرت بعينيه بهدوء وقالت:-
-أنا بحبه كأخ يا جمال، أتربيت معاه سنين عمري وكنا بنهزر ونضحك مفيش حساسية فى التعامل وعمري ما أعتبرته غريب لكن لما أتصل بيا أستغربت هو جاب رقمي منين، أنت جايب لي الرقم دا بنفسك والأسماء اللى على تليفوني محدودة أنت وحنان ونانسي وأصالة وحسام وشريف وبس، أنتوا بس اللى معاكم الرقم دا لكن ياسين وصله
-يمكن أديتهوله من غير ما تحسي
قالها بسخرية لترفع حاجبها إليه بضيق شديد وقالت:-
-أنا مش بهزر دلوقت يا جمال، أنا عارفة أنك جبت ليا دكتور نفسي عشان أتعالج بأى طريقة حتى لو كانت الطريقة هى الخوض فى الماضي والذكريات لكن مكنتش أعرف أن حتى ياسين أشترك فى الجريمة
تخلي “جمال” عن غضبه بعد جملتها الأخيرة وقال:-
-الجريمة!!
أومأت بنظرها إليه وأخبرته أن “ياسين” ساعد “حمزة” فى التخلص من جثة “مُختار” ولهذا كانت خائفة عندما أتصل بها وتوترت كثيرًا من أن يكون “حمزة” من أرسله فألتزم “جمال” الصمت وهو لا يخبرها بأن مستحيل هذا ما دام “حمزة” معه وتحت رحمته وقبضته فقالت بحزن:-
-لما جالي القصر أقسمك يا جمال أني مكنتش أعرف أنه بيبصلي البصة دى لكني شوفتها فى عينيه وأترعبت من الخوف، اه خوفت… خوفت تفهمني غلط وتتهمني أني وحشة واللى خوفت منه حصل، وجعتني وأذيتني بكلامك مع أنك واثق أني مبحبش غيرك، أنا جيتلك أمبارح فى المكتب وقولتلك أنى واثقة فيك، قولتلك أنى بقوي بيك عشان أنت معايا وأنى من غيرك ضعيفة معقول محستش بصدق فى كلامي وفاكرني بكدب عليك، ما أنا مستحيل أخونك إلا لو مبحبكش لكن أنا … أنا بحبك
كيف لقوته إلا تنهار أمامها وعينيها تلتهمه بالحب وتعانقه بالدفء، كيف له أن يكذب ما يراه الآن فى عينيها ويشعر به فى قلبه لأجلها، كيف تكون كاذبة وخائنة وهى تسحبه لقاع الحب وعالم العشق بحديثها، رفع يده إلى وجهها وهذه الهزيمة التى لحقت به، هزم العشق عقله المتمرد وأوقف لسانه السليط، لمس شعراتها بحنان ووضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف حادقًا بها وقال:-
-المرة دي بس!! عشان مريم وغلاوتها فى قلبي
تبسمت بسعادة وهو يخبرها بأنه سيتخلي عن غضبه هذه المرة لأجلها، فقط من أجلها سيصدق حديثها ويكذب كل أفكار عقله الخبيث الذي يتألم من ذكريات الماضي ولأجل فتاته التى تسكن قلبه سيضرب الماضي بقوته ويقتله وسيكون سلاحه هو “مريم” نفسها، أومأت إليه بنعم وسعادة تغمرها وتبدل حالها عن الفتاة التى كانت تحلق معه فى الجو من قليلًا لكنها عادت كفراشته الجميلة التى تبتسم ويتطاير شعرها مع نسمات الهواء فقال بصعوبة بالغة على غير عادته:-
-خليني أقولك أني وقسمًا بحياة مريم ومعزتها عندي ما قولتها لحد قبل كدة لكن المرة دى بس يا مريم، عشانك هقولها ….. أنا أسف مع أنك عارفة قد أيه هى صعبة
تبسمت إليه بحب شديد وهى تهز رأسها بنعم وتخبره بأن تعلم أن ليس من السهل عليه أن يعتذر لأحد ولم يفعلها من قبل لطالما كان يدهس أى شخص بقوته ويضرب الجميع بقسوته لكنه فعل لأجلها هي فقط فكيف لا تغفر له ما قاله هذه المرة وقلبها وعقلها يقدران هذه المحاولة الصعبة منه للأعتذار، قالت بنبرة خافتة سعيدة:-
-وأنا كمان أسفة.. والله لو كنت صبرت لكنت ضربته بالقلم قدامك على اللى عمله……
قاطعها عن الحديث على رجل أخري بغيرة تأكل قلبه بقبلة تسكت شفتيها عن الحديث لتبتسم بسعادة تغمرها وهى تتشبث بقميصه بحب وضربات قلبها تتسارع بجنون فى هذه اللحظة وأوشك على الأنفجار، كان الحب يغمرها بدفئه بقدر كافي جعل “جمال” لا ينتبه نهائيًا لهذا الرجل المُلثم الذي يلتقط لهما الصور فى هذه اللحظة وأنطلق بعيدًا…..
_____________________________
تبسم “شريف” بسعادة وهو يرد الضربة إلى “نادر” بنشر خبر زواجه من “سارة” على المواقع ومع الخبر نبذة بسيطة عن “سارة” وإدارتها إلى نادي ليلي، تمامًا كم خطط “جمال” فتبسم بسعادة وهو ينظر إلى الخبر فى التابلت ويتحدث فى الهاتف مع “شريف” الذي تحدث قائلًا:-
-دلوقت الصحافة كلها تدور وراء سارة وتعرف حقيقتها وأعمالها القذرة وميبقاش قصاده غير أنه يطلقها أو ينسحب من المشروع دا
أجابه “جمال” بنبرة جادة بينما ينظر إلى “مريم” التى تجلس معه على الطاولة فى المطعم وتتناول طعامها قائلًا:-
-أفتكر الأحتمال الأول هو اللي هيحصل
أومأ “شريف” له بنعم ليقول “جمال” بجدية:-
-عرفت الخائن اللى جوا الشركة؟
-قربت أوصله
قالها “شريف” بحزم ليجيب “جمال” عليه بحدة:-
-لما تعرف كلمينى ومتتصرفش من دماغك
أومأ إليه بنعم ثم أنهي الأتصال فنظر “جمال” إليها عندما قالت بتذمر:-
-حتى هنا مبتبطلش شغل
تبسم بخفة على كلماتها ثم قال:-
-أنا حذرتك من دا
هزت رأسها بنعم فهو أخبرها عن أدمانه للعمل وربما سيهملها لأيام من أجله وهي وافقت على هذا الشيء، أنهوا طعامها
وخرجوا معًا تجولوا فى الطرقات وأكلا معاًا من طعام الشارع والمثلجات وضحكاتها لا تفارقها نهائيًا بينما هو يراقبها بنظراته مُستمتعًا برؤيتها سعيدة، ذهبا معًا إلى التسوق ومنه إلي ركوب المنطاد معًا وهى تنظر للأسفل بخوف لكنها تستمتع وتتشبث بيديه من خوفها، مر اليوم كاملًا وهم فى الشارع يفعل لها كل ما تطلبه دون أى اعتراض حتى قررت الذهاب إلى برج إيفل الذي تمنت رؤيته بصحبته، سار معًا حتى وصلًا إليه لتركض “مريم” للأمام بسعادة وهى تبتسم ببراءة وطريقة طفولية لتحقيق أمنيتها، توقفت وهى تضع يديها على فمها من الفرحة حتى شعرت به يعانقها من الخلف لتكبر بسمتها أكثر وقالت:-
-شكرًا
وضع رأسه فوق رأسها وهى أقصر منه بكثير وقال بلطف:-
-مبسوطة!!
هزت رأسها مرات متتالية من الفرحة التى تغمرها والدفء الذي تشعر به:-
-جدًا، ربنا يخليك ليا يا حبيبي
ألتفت إليه بسعادة ليبعد خصلات شعرها عن وجهها بدلال ويحدق بعينيها مُنتظر أن تتحدث وتقول ما تحمله على لسانها وسريعًا ما تفوهت به قائلة:-
-أنا بحبك أوي يا جمال
هز رأسه بنعم بهدوء شديد أعتادت عليه من هذا الرجل ثم قال:-
-عارف
ضحكت بعفوية على ثقته من هذا الحب وقالت:-
-دا أغرب رد يترد بيه على كلمة بحبك
-عارف
قالها بجدية لتنفجر ضاحكة عليه وبدأت تلتقط الصور بهاتفها لهم معًا كثيرًا حتى قالت:-
-أديني تليفونك
نظر إليها بتعجب من طلبها لترفع حاجبها بجدية فأخرجه من أجلها واعطاه لها وهو يقول:-
-فى أيه
جعلته يفتح الهاتف لها وظلت تنظر به كثيرًا وأعطته له لينظر إلى الهاتف وكان يحمل فى خلفيته صورة لهما وقالت بتهديد صريحة:-
-مش مسموح تغيرها نهائيًا إلا بأمر مني
أعجبته الصورة جدًا فقال بهدوء:-
-حاضر
تبسمت بخبث شديد ثم غمزت إليه وقالت:-
-كمان غيرت أسمي على تليفونك
فتح خانة الاتصالات بسرعة من الدهشة التى أصابته وبحث عن أسمها لكنه لم يجد له أثر لكنه وجد اسم”حبيبتي” وبجواره قلب أحمر وخاتم فأتسعت عينيه على مصراعيها ونظر إليها:-
-برضو ممنوع نهائيًا تغيره مفهوم
وضع الهاتف فى جيبه وهو يسير بها فى الطريق ويقول:-
-حاضر على كل الأحوال محدش بيشوف تليفوني غيري
ضحكت بحماس شديد على هذا الأمر وقالت بخبث طفولي شديد:-
-لكني غيرت صورة بروفايلك بصورتنا وكتبت خطيب مريم
أندهش من أفعالها بعد أن أعلنت للجميع أنه ملك لها، كاد أن يتحدث ليقاطعه صوت أنذار الخطر يطلق من هاتفه فأخرجه من جيبه بقلق بعد أن أبتعد عنها وصدمت عندما كان الإنذار يخبره بوجود عطل فى تطبيق “جين” ليُصدم صدمة الجمته وجعلته يعود بها إلى مصر حتى أنه جعل الطائرة تهبط على سطح شركته وهي معه، طيل رحلته إلى مصر وهو مُنغمسًا فى اللابتوب الخاص به يحاول أصلاح الأمر ليعود “جين” العمل بطريقة مثالية، أنطلق بها للأسفل وأندهش الجميع من دخوله لهذا المصعد بصحبتها لطالما ذهب إلى هناك وحده بدون “شريف” حتى، ترك يدها وهو ينظر إلى شاشة التابلت الموجود فى يده والمصعد يهبط للأسفل، لم تقوي على قول كلمة واحدة أمام غضبه وقلقه وهو يحاول معرفة ما حدث، ووصل المصعد للطابق الأول بالشركة لكنها دُهشت عندما هبط طابق أخر للأسفل ثم توقف المصعد فى طابق تحت الأرض ففتح الأبواب مع الصوت الألي يقول:-
-أدخل كلمة السر
أقترب “جمال” قليلًا لهذا الباب الزجاجي وأدخل كلمة السر الخاصة به، ولج وهي تسير خلفه بأندهاش مما تراه فى باطن هذه الشركة، ردهة طويلة مظلمة رغم الإضاءات الخضراء المنبعثة من كم الأسلاك الأجهزة التى تشبه غرفة الطاقة بهذه الشركة ووصل إلى أحد الأجهزة وفصلها ثم إعاد تشغيلها وأوصل بها فلاشة صغيرة لتبدأ التحميل ببطيء شديد ثم تقدم بخطواته للأمام، سارت “مريم” معه وهى تستمع إلى حديث “جمال” يقول:-
-جدي كان من أكبر المقاولين فى البلد، رجل أبن بلد أستثمر كل فلوسه فى العقارات وكبرها، الجنية بيقي مليون وعلم أبويا المهنة وأشتغل معه كانوا أيد واحدة وعمل أبويا شركته الخاص فى العقارات وكبرها ولما جدي أتوفي ورث أملاكه وبقي من أعيان البلد كلها وكبارها وفضل يكبر فى العقارات ويشتغل فيها، أنا روحت أدرس فى أمريكا وهناك أكتشفت أن الثورة الحقيقة اللى جاية ثورة تكنولوجيا وألكترونيات ودرست الهندسة والبرمجيات وكل ما يتعلق بالتكنولوجيا بأنواعها وأشتغلت فى مختبرات وشركات لصناعة الروبرتات لحد ما أتوفي أبويا وورثت شركات العقارات، وقتها من غير ما أفكر للحظة واحدة بعت كل حاجة ورثتها وأستثمرت كل الفلوس فى شركة الجمال جى اند أم للألكترونيات
تابعته “مريم” فى صمت حتى وصل للنهاية الردهة وكان هناك غرفة زجاجية ليقول:-
-تعبت فى الشركة عشان أحقق حلمي وأكون من رواد التكنولوجيا مش فى مصر بل فى العالم كله، طول عمرى راجل طموح بحط حلم قصادي ولما بحققه بخلق حلم جديد لحد ما حققت دا… جين
نظرت “مريم” إليه بينما وضع يده على بصمة اليد لتفتح الغرفة ثم قالت:-
-جين!!
أومأ إليها بنعم ثم تابع الحديث قائلًا:-
-مرايتي، جين أول روبرت ذكي من تصميمي، هنا خلقته وصنعت كل ثغرة فيه، من خلاله كأني ببص على العالم كله ومرايتي بمعني الكلمة، خلقته فى 10 سنين وقعدت فى دراسته ثلاث سنين مع متخصصين فى أمريكا وعشانه كنت مشغول عن ليلي وبشوفها مرة كل شهرين ثلاثة لحد ما خانتني لو كانت أستحملت فترة أنشغالي عنها كانت هتلاقي النتيجة فى جين، من خلاله تقدر تعمل كل حاجة، لكنها كانت طماعة بدورها عايزة كل حاجة وفى نفس الوقت…
ألتف إليها ليحدق بوجهها وهى تنظر إليه فى صمت لا تعقب عن حديثه عن زوجته ليقول:-
-جين أتكلف مليارات يا مريم ومع ذلك ميغليش عليك
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها للتو وهو يخبرها بأنه سيهديها حلمه ومستقبله الذي اخذ سنوات من عمره وأطنان من ماله فقالت:-
-أنا!!
أقترب إليها بهدوء شديد ثم أخذ يدها فى يده بلطف ونظر بعينيها المصدومتين وقال بنبرة دافئة:-
-تتجوزيني؟
هربت الدماء من جسدها والكلمات من فمها وهو يعرض عليها الزواج الآن بهذه الغرفة ودون سابق أنذار دون أن يجلب لها وردة أو يعترف بحبه لكنه يرغب بالزواج منها وقدم “جين” هدية زواج لها، قالها بوضوح دون تردد أو خوف رغم أنه يصارع عقله من الداخل الذي يحذره من خوض التجربة مرة أخري لكن قلبه يريد ذلك ويريد أن يخوض هذه التجربة والحرب معها فقالت:-
-أنت قولت أيه؟
تبسم بحرج من نظراتها وهو يتصبب عرقًا من التوتر وقال:-
-أنا مش هقولها تاني
ألتفت بغضب مُصطنع تعطيه ظهرها غاضبة من جديته وقالت:-
-يبقي مش موافقة
عانقها من الخلف بدفء لتشعر بدف جسده وأنحنى إلى مستواها حتى يضع رأسه على كتفه فشعرت بقطرات العرق من تلامس وجنتيهما معًا ليقول:-
-أنا حاولت بصعوبة أقولها مرة يا مريم، أستحمليني وفى المقابل أنا هقولها مرة تانية عشانك لأني لأجل مريم وضحكة واحدة منها أنا مستعد أعمل أى حاجة
تبسمت بعفوية إلى هذه الكلمات وظلت ساكنة بين ذراعيه التى تحيط بها وهو يقف خلفها لكنها أدارت رأسها قليلًا لتنظر إليه وتقابلت عيونهما معًا، تسارعت نبضات قلبه أمام عينيها وهو يشعر بدفئها بين ذراعيه وأنفاسها تضرب وجهه وبسمتها تقتله بل تسلب هذا الرجل قلبه أسيرًا إليها بعد أن توجها ملكة على عرشه فقال:-
-تتجوزينى؟
تبسمت إليه بسعادة تغمرها وطفولية تحتل وجهها ثم وضعت يديها على يديه التى تحيط بها وقالت بنبرة هامسة ناظرة إليه:-
-وكأن عندي خيار تاني غير أني أتجوز حبيبي
تبسم بعفوية لأجلها، مرة أخرى تري هذه البسمة تعلو وجهه من أجلها لتضع قبلة رقيقة على وجنته بدلال وقالت:-
-بحبك
كاد ان ينطق بهذه الكلمة لأجلها لكن أوقفه صوت “جين” يتحدث بصوته الألي قائلًا:-
-لقد تم التحميل ورصد خلل فى النظام لكن تم تطهير النظام من الفيروس
أبتعد عنها بحرج لينظر إلى جهاز الحاسب الألي وبدأ يُعيد برمجة “جين” ومسح الفيروس لتبتسم بسعادة وهى تجلس جواره تراقبه أثناء العمل وأنغمس فى عمله بتركيز شديد….
يتبع…
عادت “مريم” من الخارج لتفتح “حنان” لها فقبلتها “مريم” بحماس وسعادة تغمرها، قالت “حنان” ببسمة لطيفة:-
-شكلك أتوفقتي فى المقابلة
ضحكت “مريم” بسعادة وهى تسير للداخل وتقول:-
-يعنى معقول أترفض يا حنان وأنا الأولي على الدفعة ومعايا أمتياز مع الشرف
تبسمت “حنان” وهي تسير للداخل خلفها ثم قالت:-
-يعنى هشوفك على التليفزيون قريب، أبقي قوليلي هتطلعي الساعة كام لازم اتابعك ومبروك النجاح
تبسمت “مريم” لكن قبل أن تجيب عليها أوقفها صوت “ولاء” التى تقول بسخرية شديدة ونبرة تحمل الكره فى داخلها:-
-لا ومبروك كمان الجواز قدرتي توقعيه زى ما وقعتي أخوه
ألتفت “مريم” إلي تجاه الصوت وتلاشت بسمتها وهكذا “حنان” بغضب سافر من حديث هذه المرأة التى تقتل سعادتها دومًا ثم قالت:-
-أنا موقعتش حد، أنا حبيت جمال الحب اللى محدش قدر يحبهوله ولا حتى حضرتك
أقتربت “ولاء” منها بغضب سافر من تجرأ هذه الفتاة على الحديث إليها بهذه الجراءة وقالت:-
-لا مش بس رخيصة وكمان قليلة الأدب ما أنتِ لو كان عندك أم تربيكي مكنتش تتكلمي معايا كدة
تألمت “مريم” من حديثها الأليم وهى تذلها لأنها لا تملك أم لكنها لم تستطيع كبح ألمها من هذه السيدة التى تجنبتها كثيرة
حتى لا تصنع المشاكل وقالت:-
-أيه المشكلة فأني معنديش أم ولو كانت الأم زي حضرتك فعدمها أحسن….
رفعت “ولاء” يدها كي تصفع “مريم” من الغيظ الذي تملكها لكنها صُدمت عندما مسكت “مريم” يدها تمنعها عن ضربها ونظرت إليها بغضب سافر ثم قالت:-
-أنا أنضربت كتير فى حياتي مش أول مرة لكن من يوم ما دخلت البيت ومحدش لمسني بسوء لأن فى ضهري راجل علمني عزة النفس وخلي ليا كرامة مستحيل أسمح لأى حد أنه يدوس عليها ولا حتى حضرتك..
دفعت يدها بعيدًا و”ولاء” فى صدمة ألجمتها وشلت عقلها عن التفكير وكيف تجرأت هذه الفتاة البريئة عليها، قبل أن يطلبها “جمال” للزواج كانت لا تصدر صوتًا لكن الآن ماذا حدث بها، أقتربت “حنان” بحرج رغم سعادتها من شخصيتها “مريم” ثم قالت:-
-تعالي يا مريم أطلعي أرتاحي
أبعدت “مريم” يدي “حنان” عنها ثم قالت بضيق شديد:-
-حضرتك قولتي أنى رخيصة وقليلة الأدب لكن نسيتي تقولي أني قوية لأن واحدة أستحملت كل اللى أستحملته ولسه عايشة وبتتنفس ومقتلتش حالها هى قوية فبعد أذنك مترهنيش على أذيتي كتير لأن اللى بتعمليه مش هكرهني ولا هيخليني أفكر أهرب من هنا لأني زى ما قولت لحضرتك أنا بحب جمال ومش هسيبه
صعدت للأعلي غاضبة وبدأت تبكي وتترك العنان لدموعها التى حبستها بداخلها من حديث هذه المرأة عن فقدها لوالدتها….
_______________________________
صفعها “نادر” بقوة على وجهها لتسقط “سارة” أرضًا من قوة صفعته وهو يقول بأنفعال:-
-محدش سرب موضوع جوازنا دا غيرك
وقفت بألم من صفعته وقالت بغضب سافر:-
-قولتلك مش أنا ومع ذلك كويس أنه حصل عشان يكشف ليا حقيقتك القذرة
مسكها من عنقها بقوة وهو يقول بأنفعال شديد:-
-فوقي يا سارة لتكون فاكرة أني مُغفل وكنت لعبة فى أيدك، لا يا بت دا أنا اللى عملتك لعبة فى أيدي لحد ما أخذ اللى عايزه منك، فوقي كدة يا سارة
دفعته بعيدًا عنها بصدمة ألجمتها وقالت بسخرية من عقله الغبي:-
-لا فوق وأظبط أنت كدة، أنت كنت فردة جزمة فى رجلي لحد ما تعمل اللى أنا عايزاه
قهقه ضاحكًا بقسوة ثم قال:-
-مش بقولك غبية
فتح درج المكتب وألقي بوجهها بعض الأوراق، نظرت “سارة” إليه بقلق ثم أنحنت للأسفل وأخذت الأوراق ناظرة بها فأتسعت عينيها على مصراعيها عندما رأت السجلات الطبية الخاصة بها فرفعت نظرها إلى “نادر” الذي قال بسخرية:-
-عرفتي أنك غبية، أنا عارف أنك عايزة تنتقم من جمال عشان اللى عملته ليلي فيكي زمان لكن لحد هنا وكفاية أنا أستكفيت منك …. أنتِ طالق
غادرت المكان بصدمة ألجمتها من هذا الرجل الذي أستغفلها وجعلها دمية حتى يصل لنقودها، صعدت بسيارتها والقت الأوراق على المقعد المجاور بصدمة ألجمتها وعقلها يعود للماضي حين أخبرت “مُختار” بحملها الثاني وكان حينها على علاقة بـ “ليلي” رفض هذا الحمل وبليلة أتصل بها وطلب رؤيتها وعندما ذهبت إلي شقتهما وعش الزوجية الخاص بهم صُدمت بوجود “ليلي” لتقول:-
-هي دى يا مختار
أومأ إليها بنعم وهو يشرب الخمر ببرود، سألت “سارة” بقلق:-
-هو في أيه؟
وقفت “ليلي” من مكانها وبدأت تدور حولها تتفحصها بنظرها ثم قالت:-
-مش بطالة يا مختار
قبل أن تحدثها “سارة” شعرت بشيء يوغز عنقها وعندما أستيقظت وجدت نفسها فى غرفة داخل عيادة و”ليلي” بجوارها تحدق بها لتشعل سيجارتها وقالت:-
-كان لازم تسمعي الكلام وتنزليه من سكات
تألمت “سارة” بتعب شديد لتتابع “ليلي” بعد أن نفثت دخانها فى وجه “سارة” ببرود شديد:-
-أديكي نزلتي غصب لا كمان أيه مش هتحملي تانية فى عمرك كله، أنا لو مكانك هتربي وأتقي ربنا وأقعد فى بيتي أربي أبني وأنا كرم مني هخلي مُختار ميطلقكش
ضربت “سارة” المقودة بيديها بغضب سافر تملكها بعد أن فقدت أمومتها للأبد على يد “ليلي” هذه الخائنة التى تركت زوجها وركضت خلف “مُختار” وسرقته من زوجته وابنه…..
______________________________
“قصــــر جمــــال المصــــــري”
أختارت “مريم” فستان زفافها وأرسلت صورته إلى “أصالة” حتى تطلبه من شركة الأزياء، عاد “جمال” من العمل وأخبرته “حنان” بشجار أمه مع “مريم”، بدل ملابسه وأرتدت بنطلون أبيض وتي شيرت أزرق ثم ترجل إلى الأسطبل كما أخبرته “حنان” عن مكان تواجدها، دخل ليراها تقف مع “إيلا” تحممها بلطف وبسمتها تنير وجهها ليقترب نحوها حتى وصل أمامها وقال:-
-مخلتيش حاتم يساعدك ليه؟
تبسمت “مريم” وهي تكمل ما تفعله:-
-أنا مبسوطة كدة
تنحنح “جمال” بحرج من ردها وهى تتحاشي النظر إليه وما زالت غاضبة من شجارها مع والدته فقال بهدوء:-
-طب هي اتخانقت معاكي ممكن أفهم أنتِ زعلانة مني ليه؟
توقفت عما تفعله ونظرت إليه بصدمة مما سمعته وكيف عرف لتتذمر على أخبار “حنان” له وقالت:-
-حنان اللى قالتلك صح؟
ألتف حول “إيلا” بهدوء شديد حتى وصل أمامها وأخذ منها خرطوم المياه يساعدها فيما تفعله وقال:-
-قالتلي أنك أتقبلتي فى البرنامج
نظرت إليه بسعادة كأنها تذكرت للتو أنها أصبحت إعلامية رسمي وقريبًا ستبدأ عملها لأول مرة فقالت:-
-اه، أصلًا أنا مستحيل أترفض
تبسم بلطف إليها ثم قال:-
-من امتى بقيتي مغرورة كدة، الغرور مش لايق عليكي يا مريم
قهقهت ضاحكة ليقول بجدية:-
-جهزتي حاجاتك للفرح
ألتفت إليه بتذمر شديد ثم قالت:-
-أنا فاكرة اني قولتلك بعد نجاحي نعمل خطوبة لكن أنتِ فجأة قررت أنه فرح
نظر إليها وترك خرطوم المياه من يده وقال بجدية:-
-الخطوبة للتعارف بما أننا مش محتاجين دا مالهش لازمة وبعدين العمر بيعدي أعملك الخطوبة سنة ولا أتنين وتيجي تقوليلي سورى مش هتجوز أربعيني
ضحكت بعفوية على كلماته سابقًا ونظرت إليه بغرور مُصطنع ووضعت يديها فى خصرها ثم قالت ببراءة:-
-لا خلاص هتجوزك وأكسب فيك ثواب
رفع حاجبه إليها لتتابع بجدية:-
-بهزر أصلًا الفستان جهز ومش ناقص حاجة
أومأ إليها بنعم ليقول ويديه تربت على عنق “إيلا”:-
-يبقي أخر الأسبوع نعمل الفرح، هخلي شريف يرتب جدولي
أومأت إليه بنعم ليتركها تكمل ما تفعله ثم ذهب للداخل وتقابل مع والدته “ولاء” التى على وشك الخروج لكنه استوقفها قائلًا:-
-أمي؟
أستدارت “ولاء” إليه بضيق شديد ثم قالت بسخرية:-
-ايه لحقت تشتكيلك السنيوريتا ، ويا تري هتعاقبني أزاى لأجل عيونها هتحرمني من الفيزا كارت ولا هتأمر رجلك يدفنوني حية أو أقولك أطردني من بيتي وأقطع ليا تذكرة على أول رحلة للندن
تأفف بأختناق شديد وسار نحو والدته ثم قال:-
-لا لكن رجاءًا زى ما أنا محترم قراراتك ووجودك هنا أحترمي وجودي وقراري، جوازي من مريم كافي أنه يثبت لك وللعالم كله أنها إنسانة كويسة لأني جمال المصري مش مختار، لا عمري دخلت كباريه ولا صاحبت واحدة
تأففت بضيق شديد ثم قالت:-
-بس كفاية أنك تتجوز أرملة أخوك، أنت مُتأكد أنك عايزها بجد مش عايز تتجوزها عشان تبقي خدت مراته زى ما هو خد مراتك
أغلق قبضته بغضب سافر من كلماتها محاولًا التحكم فى غضبه أمام والدته قبل أن يلتهمها غضبه، لا يعلم كيف يعاقبها على هذه الكلمات وهى تعيده للماضي بهذه الكلمات الحادة التى شقت صدره لنصفين وقال:-
-أحمدي ربنا أنك أمي لأن لو حد تاني مكنتش فوت له الكلام دا
دلف إلي غرفة المكتب بغضب يتمكن منه، ظلها بها حتى رن هاتفه باسم “عاشور” يقول:-
-وصلت لبيت ياسين؟
أومأ “جمال” بنعم وصعد ليبدل ملابسه بهدوء وأنطلق للخارج….
_______________________
خرج “ياسين” من العمارة التى يسكن بها وظهر أمامه “عاشور” ورجل أخر وقال بجدية:-
-ممكن تيجي معانا ؟
نظر “ياسين” له بأندهاش وهو لا يعرف من هذا ولما يريده لكنه ذهب معه فأخذه إلي مطعم وكان “جمال” جالسًا هناك وحده والمطعم فارغ تمامًا ليقول:-
-أقعد
تطلع “ياسين” به بخوف من نظراته وهيبته وأزدرد لعابه فى صمت وجلس أمامه ليقول:-
-مُختار فين؟
أندهش “ياسين” من سؤاله وقال:-
-مريم اللى قالتلك
أرتشف “جمال” قهوته ببرود مُحاولًا كبح غضبه ثم قال بنبرة باردة:-
-أنا مبحبش أكرر كلمتي مرتين
تنحنح “ياسين” بصمت شديد لا يعلم كيف يتخلص من هذا الرجل المُخيف ويهرب من أمامه، أشار “جمال” إلى “عاشور” ليقترب ويضع التابلت على الطاولة وإشار بعينيه إلى التابلت بمعنى ان ينظر، أخذه “ياسين” بخوف وصُدم عندما رأى “حمزة” مُقيدًا ومشوه بشكل مُرعب ليرتعب ذعرًا وألقي بالتابلت بخوف أحتله من أن يُفعل “جمال” به المثل وقال:-
-فى المزرعة، دفناه هناك لكن والله العظيم ما قتلته حمزة هو اللى قتله أنا لما روحت كان جثة
تبسم “جمال” بعد أن وقف من مكانه وأغلق زر بدلته بغرور مُبتسم بسمة ماكرة وقال:-
-هاته يا عاشور
أنطلق “صادق” بسيارته إلى المزرعة وفى السيارة الأخرى كان رجاله يجلسون مع “ياسين” وجميعهم فى طريقهم إلى المزرعة حيث جثة أخاه الذي بحث عنها مُطولًا….
______________________
وصلت “سارة” إلى شقتها بغضب أصابها ودلفت لترى “حازم” جالسًا هناك معه لتبتلع لعابها بصدمة الجمتها وقالت:-
-أنت….
_____________________
وصل الطبيب إلى المخزن مرة اخرى وفحص جروح “حمزة” الذي فقد كل طاقته وقوته ثم أعطي نتيجة التحليل إلى “حسام” وقال:-
-عنده كانسر
أتسعت عيني “حسام” بصدمة ألجمته ونظر إلى “حمزة” ليخبره الطبيب بأنه فى حالة متأخرة من المرض وحتى الجرحة لن تساعده وربما لا يخرج منها سالمًا أو حيًا وسبب تعاطيه للمخدرات هو أخذها لتخديره حتى لا يشعر بالألم، عاد “حسام” للقصر بحيرة من هذا الأمر ليقول:-
-جمال بيه موجود
أجابته “نانسي” بجدية قائلة:-
-لا، خرج
نظر للتحاليل بحيرة من أمره وكاد أن يذهب لكن استوقفه صوت “مريم” التى قالت:-
-حسام
أستدار “حسام” إليها بجدية مُلبيًا طلبها فنظرت للأوراق بقلق وقالت:-
-عايز جمال فى أيه؟
تردد كثيرًا فى إخبارها أم لا وهى ابنة هذا الرجل الذي يصارع الموت لطالما أبكت فى سيارتها أمامه من قسوة “حمزة” وكرهته لتعاطيه المخدرات التى تفقده عقله ويبرحها ضربًا لكن الآن يملك سببًا لمعرفة ذلك، رأته ينظر إلى التحاليل مُطولًا بحيرة لتأخذها منه فهرع خلفها بخوف من “جمال” وقال:-
– لحظة…..
فتحت التحاليل وألقت نظرة عليها لتدمع عينيها بصدمة ألجمتها مما تقرأه وجهشت باكية وهى تقول:-
-جمال عنده كانسر
هز رأسه بالنفي بعد أن جلس يجمع الأوراق التى سقطت منها وقال:-
-لا، لا ، لا مش جمال بيه نهائيًا الله يدي طول العمر دا واحد غلبان أحتاج مساعدة وهو وصاني أعمله التحاليل
حدقت بعينيه وهى تعلم بأنه يكذب عليها فأخذ الأوراق من يدها وهرب من أمامها….
______________________
وصل “جمال” للمزرعة وأندهش عندما استقبله العامل بتوتر وأرتبك شديد من ظهوره فجأة ليقول:-
-خدوه البلوة دا لقحوه فى أى داهية
مسكه رجل والبقية ساروا إلي المكان الذي أرشدهم إليه “ياسين” وبدأوا بالحفر بعد أن جلس “جمال” على المقعد واضعًا قدم على الأخري حتى ينتهوا من الحفر ويظهر هذا الهيكل العظامي المُتحلل من جثة أخاه، وقف من مكانه بعد أن رأى السجادة وفتحها “عاشور” بجدية ليُصدم عندما وجدها فارغة لا أثر للجثة ولم يبقي عظمة واحدة بداخلها، ذعر “جمال” مما يراه ونظر إلى “ياسين” الذي تحجر مكانه كالصنم وقال بطريقة هستيرية بعد أن أصابه الخوف وقال:-
-مستحيل، إحنا دفناه هنا والله، كنا لفيونه فى السجادة عشان نعرف نشيل… والله كان هنا
مسكه “جمال” من لياقته بغضب سافر بعد أن جاء كل هذه المسافة وشعر بأن هذا الرجل يسخر منه وقال:-
-أنت قد دا؟
صرخ “ياسين” بصدمة ألجمته هو الأخر من هذا القبر الفارغ وقال:-
-والله دفناه هنا هكدب عليك ليك، ما السجادة أهي وعليها دمه
تأفف “جمال” بغضب سافر ثم تركه بأغتياظ لا يعلم ماذا يفعل؟ هل يصدق هذا الرجل؟ أم “حمزة” تلاعب بالجثة، ألتف لكي يغادر المكان وأنطلق إلى حيث “حمزة” ومعه “ياسين” ليرى “حمزة” فاقدًا للوعي وأخبره “حسام” بمرضه وقال:-
-أعتقد لازم نوديه مستشفي
تأفف “جمال” وهو يشعر بأن كل شيء يسير عكسه، أقترب “عاشور” منه بهدوء وقال:-
-لازم يروح المستشفى لو مات هنا هيجيبلنا مصيبة وحضرتك مش هتوصل لحاجة منه
أومأ “جمال” له بنعم وأخذه “عاشور” للمستشفى وأخبره الطبيب أنه فى حالة حرجة وقد دخل فى غيبوبة ويحتاج الأن لعملية زرع النخاع مما صدم “عاشور” كليًا فهل يطلب هذا الطبيب أن تقدم “مريم” المساعدة له بعد كل ما ألحقه بها فوحدها من تستطيع التبرع لوالدها، عاد للقصر ولا يعلم كيف يخبر “جمال” بهذا الأمر وظل صامتًا طويلًا لا يتفوه بكلمة ولم يسأل “جمال” عما حدث بداخل المستشفى بسبب أفكاره الشاردة فى أختفاء الجثة، ترجل من سيارته لكن أستوقفه “حسام” يقول:-
-جمال بيه
نظر “جمال” إليه فأخبره بما حدث قبل أن يعود ليستعد إلى مواجهة “مريم” التى تكاد تكون على وشك الموت من الأنتظار ولم تنم حتى بعد أن أشرقت الشمس، أومأ إليه بنعم ثم دخل فى هدوء واغلق الباب وأستدار ليُصدم بعد أن أرتطم جسدها به بقوة تعانقه، يشعر بقلقها وخوفها فى نفضة جسدها، أبتعدت عنه تتفحصه من الرأس لأخمص القدم وقالت:-
-أنت كويس؟
أومأ إليها بنعم وقال:-
-اه كويس متقلقيش
نظرت له بقلق ليقول بجدية بينما يدخل للداخل ويأخذ يدها فى راحة يده:-
-كويس والله، أجبلك التحاليل بتاعت الشهر دا بتاعتي، اللى شوفتيها مع حسام مش ليا
جلس على الأريكة وهى بجواره، رفع يده يلمس وجنتها بأنامله مُشتاق إليها فنظرت إلى عينيه التى تحدق بها وقالت:-
-أنت كويس؟
أومأ إليها بنعم فى صمت وقال بنبرة دافئة وعينيه لا تشبع من النظر إليها وقلبه المُرتبك دومًا أمامها:-
-وحشتينى
أتسعت عينيها على مصراعيها من هذه الكلمة التى سمعتها من بين شفتيه ووضعت يديها على وجنتيها وقرصتهم بقوة لتتألم وكأنها لا تصدق ما تفوه به ليقول:-
-براحة يا مريم أنتِ مجنونة بتقرصي نفسك
مسكت وجهه بيديها الأثنين من الصدمة التى لحقت بها وقالت:-
-أنا صاحية مبحلمش، لكن أنت جمال بجد !!
تنحنح بحرج من أفعالها التى تحرجه أكثر ثم وضع رأسه على كتفها يستكين بحضنها كطفلها الصغير من يومه المشحوم بالصدمات المتتالية فقال بصوت خافت يكتم فى حضنها:-
-أنا هو! أول مرة أحس أنى عجزت يا مريم وكبرت
رفعت يدها الأخري تربت على كتفه بلطف وتغلغل أصابعها بين خصلات شعره ثم قالت:-
-مستحيل أنت لسه شباب يا جمال، يمكن بس محتاج ترتاح شوية من الجري وراء الحياة والشغل
أبتعد عنها بحيرة من كلماتها التى أيقظت عقله ليفكر من جديد وتطلع بوجهها بحب يسكنه ثم قال:-
-أرتاح!!
أومأت إليه ببسمة عفوية تنير وجهها وتقتل ظلمة أيامه وعتمة عقله ليحدق بهذه البسمة الناعمة السحرية التى تبدل حاله وتنتشله من عتمته وقال بنبرة دافئة هائمًا بهذه الفتاة:-
-أنا مش هرتاح غير لو خدتك وهربت من العالم دا كله، أهرب بعيد… تيجي معاه؟
تبسمت وهى تلمس يده بلطف وتضمها بحب شديد ثم قالت:-
-معقول أرفض، أنا مستعدة أسيب كل حاجة والدنيا كلها وأهرب معاك لأخر العالم
تبسم بعفوية إلى هذه الفتاة ومدد جسده على الأريكة بأستسلام لتعبه وبقاءه خارج المنزل طيلة الليل حتى أشرقت الشمس ووضع رأسه على قدمها ليغمض عينيه ويغوص فى نومه وهى تمسح على شعره بحنان وقلبها يشعر الآن بالأمان وقد توقف عن قلقه لرؤيته أمامها وتحت نظرها…
__________________________
صعدت “أصالة” للأعلي بصحبة “نانسي” ولأول مرة يسمح “جمال” بصعود الغرباء للأعلي فقط من أجلها اليوم سمح بكسر قواعده، دخلت للغرفة ورأت “مريم” تقف فى منتصف الغرفة والفتاة تقف خلفها تغلق لها رباط فستانها الأبيض بعد أن أنهت وضع مساحيق التجميل وصففت شعرها جيدًا وعلى رأسها وضعت التاج المرصع بالألماظ، تبسمت “أصالة” على جمال هذه الفتاة التى أصبحت عروس لأول مرة رغم أنه زواجها الثاني، لكنها سعيدة بهذا الفستان الأبيض كأنها طير حلق للتو فى السماء، كان فستانها مصنوع من الحرير ورقيق جدًا غير كل فساتين الزفاف المُرصعة باللولو ويحيط بخصرها بوسع بسيط للأسفل وترتدي كعب عالي أبيض اللون، تبسمت “مريم” بسعادة تغمرها وقالت:-
-شكلي حلو
أومأت إليها بنعم بسعادة تغمرها وبعد أن أنتهت من التجهيزات ترجلت للأسفل معهم لتراه يقف أمام السلم ينتظرها مُرتدي بدلة ببنطلون أسود وسترة بيضاء يصفف شعره للأعلي وحول عنقه رابطته وبجواره “شريف” الذي نظر للأعلي حيث “مريم” بطلتها الجميلة فنظر “جمال” إليها وأتسعت عينيه إعجابًا بها كم جميلة هذه الحورية بالأبيض وتاجها الذي يزين شعرها المسدول مموج على ظهرها، أقترب من السلم حتى وصلت إليه فمد يده إليها ببسمة وتبسمت “مريم” إليه بسعادة تغمرها وهى لا تصدق بأنها بعد قليل ستصبح زوجة لهذا الرجل الذي أنتظرته لسنوات طويلة، متحجر القلب الآن سيصبح ملك لها وستكون زوجته وحبيبته وحده حتى لا يطمع بها أحد غيره، ستنقل خاتمها من اليمين لليسار، قبل “جمال” جبينها بحنان ثم نظر إليها وقال بهمس:-
-حذرتك تحطي قلم روج فى وشك لكني سأتغاطي عنه النهار دا بس
تبسمت بعفوية عليه وقالت:-
-شكرًا على المرة دى بس، بس من حقي أدلع أنا عروسة
وضع يدها فى ذراعه وسار معها نحو المأذون الذي ينتظرهما من فترة بسبب تأخيرها وقال:-
-اتاخرتي كتير والشيخ زهق
ضحكت بعفوية ثم قالت:-
-عروسة ومن حقي أدلع
ضحك على كلماتها التى ترددها من الأمس تقريبًا كلما طلب منها أحد شيء، جلس مقابلها أمام المأذون ووضع يده فى يدها وعينيه تحدق بوجهها وعينيها ولا يتحمل ضربات قلبه التى على وشك الأنفجار من السعادة وبسمتها لا تفارق وجهها فتبسم لأأجلها وعينيه تعشق هذه السعادة التى تحتلها على عكس “ولاء” الغاضبة من هذا الزواج وما زالت لا تقبل بـ “مريم”، تبسمت “جميلة” وهى تجلس بجوار “مريم” والفرحة تغمرها من جمع هذا الثنائي أخيرًا وهكذا “حنان” التى وقفت تراقب الأمر من بعيد بسعادة مع “شريف” ولا تصدق أنه يتزوج الفتاة التى طردها فور وصولها وحبسها فى القصر ليجعله زنزانتها، دمعت عينيها بسعادة وهى تسمع المأذون يقول:-
-قول ورايا يا ابني، أني أستخرت الله العظيم وتوكلت عليه..
ردد “جمال” كلمته وهو يحدق بهذه الفتاة ولا يرفع نظره عنها نهائيًا ودقات قلبه تهزم للتو ولا يقوي على إيقافها فتابع المأذون قوله:-
-واسألك زواجى من ……
قاطعه صوت رجولي يعرفه الجميع جيدًا يقول:-
-مريم حمزة العاصي
ألتف الجميع على صوته ووقفت “مريم” بصدمة ألجمتها تمامًا كالجميع من رؤيته يقف أمامه ويتنفس كالميت الذي خرج من تابوته للتو، والجثة التى بحث عنها لسنوات جاءته الأن تسير على أقدامها…. حدق “جمال” بوجه “مختار” الذي يقف أمامه حي يُرزق ومعه “سارة”، أرتجفت “مريم” فزعًا وهكذا جميع الحاضرين لتبتسم “ولاء” رغم صدمتها فظهور هذا الرجل سيمنع هذا الزواج دون جهدًا منها لأن هذه العروسة زوجة له فكيف لها بأن تتزوج من أخاه بل هذا الحب القائم بينهم سيهدم للتو وإلا سيكون معصية ……
يتبع…
وقف “جمال” بصدمة ألجمته للتو داخل مكتبه مُستشاطًا غضبًا من ظهور أخاه حيًا ويحدق فى وجهه بينما يجلس أمامه وقال:-
-وما دام عايش كل السنين دى كنت فين؟
تبسم “مختار” بغرور شديد ثم قال:-
مش المفروض تسأل أنا جيت النهار دا ليه بالذات دونا عن كل الأيام
ألقي بصور فى وجه “جمال” صور جمعها من مراقبة “جمال” و”مريم” خلال كل هذه السنوات ورحلتهم لفرنسا، تأفف “جمال” بضيق شديد من هذه الصور وشعر بأنه كل هذه الفترة كان دمية تحت مراقبة “مختار” يفعل به ما يشاء فنظر إلى “شريف” الواقف هناك يتابعهم بصمت بقلق شديد وما تمني أن يحدث وسعادته لخلق الحب داخل قلب “جمال” دمرت للتو و”مُختار” ظهوره اليوم لا يبشر بالخير نهائيًا فتابع “مختار” بنبرة غليظة:-
-طلبت منك تساعدها تكمل تعليم لكن أنت متأخرتش عليها ومش بس خليتها تكمل تعليمها لا كمان قررت تتجوزها … تتجوز مراتي
كز “جمال” على أسنانه بغيظ شديد من كلمته وكأن “مختار” يتهمه بالخيانة ويلحق به قذرته ليكون مثله فقال بنبرة حادة:-
-أرملتك!! أنت ميت
وقف “مختار” من مكانه ليقف أمام “جمال” وجهًا لوجه ثم قال:-
-أنت اللي موتني، أنا طلع لي شهادة وفأة بفضلك، لأنك قررت تدفن جثة مُتأكد أنها مش أنا، وزورت تحليل الدي أن أيه عشان تأكد موتي ، أنت اللى زورت موتي…لكن ليه؟ ليه جمال ؟
حدق “جمال” بوجه أخاه بغضب سافر لتابع “مختار” بنبرة قوية يهدم الباقي من حصون “جمال” أمامه:-
-ااااااااه يمكن عشان تتجوز مراتي، وترد لي الخيانة وتسرق مراتي
-أنا مسميش مختار
قالها “جمال” بنبرة غاضبة بعد أن رفع سبابته فى وجه “مختار”، قهقه “مختار” ضاحكًا على هذه الكلمات وقال بتهكم شديد ونبرة أستفزازية:-
-ههههه اه صح عشان كدة حتى لما روحت المزرعة وملاقتش جثة برضو عملت الفرح وقررت تتجوزها حتى وأنت بينك وبين نفسك مش واثق من موتي
مسكه “جمال” من لياقته بأنفعال شديد وقد نفدت كل طاقته وصبره فى تحمل هذا الأخ العاق وقال بتهديد واضح:-
-أنا مش زيك، متحاولش مجرد محاولة تشبهني بيك، فكر تكررها مرة تانية وأنا هقتلك بأيدي
رمقه “مختار” بعيني ثاقبة كالصقر وقال:-
-زى ما قتلت ليلي كدة وحتى مشفقتش عليها وهى حامل فى ابنك
دفعه “جمال” بأشمئزاز من هذا الرجل وقال بسخرية:-
-أبني ولا أبنك
صمت “مختار” قليلًا ثم قال:-
-هتفرق؟ اه صحيح ممكن تفرق مع مريم لما تعرف أنها بتحب قاتل
لكمه “جمال” لكمة قوية على وجهه بقوة ثم مسكه من لياقته بأنفعال وقال:-
-جرب تنطق أسمها مرة تانية وأنا هخليك جثة حقيقية المرة دى
هرع “شريف” إليه بقلق وحاول أن يبعده عن “مختار” الذي قهقه ضاحكة بطريقة أستفزازية اكثر وقال:-
-قولت أنك من زي وحتى بعد ما شايفني قصادك لسه بدافع عن مراتي، دا علي أنهي أساس
أبتعد “جمال” عنه بضيق وهو عاجزًا عن فعل شيء للتو فهندم “مختار” ملابسه بغرور بعد أن أعطاه “جمال” ظهره من الغضب ونظر إلى “شريف” الذي يحدق بهما بهدوء وقال:-
-إذا أعتقد أننا أتفقنا ومريم مراتي وأنت ومش بقذارتي
خرج “مختار” من المكتب فلم يتحمل “جمال” أكثر من ذلك اخرج مسدسه من درج مكتبه وهرع للخارج وخلفه “شريف” مذعورًا مما يراه وما على وشك فعله هذا الرجل العاشق رغم تحجر عقله الصارم وهو مُدركًا الآن أنه عاشق لمرآة متزوجة..
كانت “مريم” جالسة مع “حنان” التى تضمها إليها بصدمة ألجمتها من هذا الميت الذي عاد حيًا، ترمقها “سارة” بنظرة باردة تمامًا كأنها لم تُدهش من معرفتها بعودة زوجها حي فقالت “ولاء” بغضب سافر وترمق “سارة” بأستفزاز:-
-وأنتِ مش كنتي أتجوزتي
تبسمت “سارة” بطريقة مُستفزة ثم وضعت قدم على الأخري وقالت:-
-وأتطلقت ولما عرفت أن جوزي عايش مماتش زى ما أبنك قال وطلع له شهادة وفاة قال فرحت زى أى واحدة طبيعية لازم تفرح برجوع جوزها
قالتها وعينيها تلتهم “مريم” ثم قالت بلطف:-
-وأهو مختار قرر يتجوزني ولحد ما عدتي تخلص حلف عليا والله يا طنط أقعد معاه وتحت عينه أصله بغير عليا موت
ضحكت “ولاء” بسخرية من هذه المرأة ونظرت إلى “مريم” التى تبكي فى صمت شديد وقالت:-
-أختلاف شاسع
فتح باب المكتب وخرج “مختار” من المكتب لتتشبث “مريم” بخوف في يد “حنان” من خروجه ولا تعلم ماذا سيفعل معها؟ هل سيأخذها من هنا؟..
أقترب “مختار” منها ليأخذ يدها من “حنان” بغضب فصرخت بخوف منه وعقلها لا يتوقف عن النظر فى الماضي بذعر:-
-أبعد عني! أنا مستحيل أجي معاك غير على موتي
جذبها بقوة من بين ذراعي “حنان” وأستدار بينما “مريم” بصرخ بهلع شديد وتضربه على يده بقوتها حتى يترك أسرها وقبل أن يتحرك خطوة أخرى ظهر “جمال” أمامه بعيني يتطاير منها الشر والحقد، نيران الغضب تأكله والغيرة تلتهم قلبه وغير خوفه عليها لتقول:-
-جمال متخلهوش يأخدني، أنا مش عايزك
حدق “مختار” بوجه اخاه وترك أسر يدها لتعود إلى “حنان” خائفة وترتجف ثم قال بجدية رغم خوفه من نظرات “جمال”:-
-أنت عارف أنها مراتي، شرعًا ودينًا مريم مراتي وأنا لسه حي وإذا عاد المفقود يرد له ماله وزوجته يا جمال بيه
لم يتمالك “جمال” غضبه أكثر أمام هذا الرجل الذي سلبه زوجته سابقًا وعاد اليوم حتى يسرق حبيبته كأنه يعيد الماضي من جديد، وضع المسدس فى رأس “مُختار” بغضب سافر ثم قال بنبرة مُخيفة وعينيه تحدق فى عيني “مُختار” بغضب كأنه لا يبالي لشيء سوى خسارته لـ “مريم”:-
-طلقها بدل قسمًا بربي ما أطلقك أنا من الدنيا كلها برصاصة متساويش
صرخ الجميع بهلع وحاول” شريف” أخذ المسدس منه، لكنه يحكم قبضته على لياقة قميصه ولا يتحرك له ساكنًا، تبسم “مُختار” بسخرية وقال بلا مبالاة كأنه لا يبالي بهذا التهديد:-
-لو طلقتها تحت التهديد والمسدس فى رأسي هيكون الطلاق صح ولا هيكون شرعًا باطل وقصاد ربنا هتفضل مريم مراتي
تأفف “جمال” بعجز من عودة هذا الرجل الميت حيًا أمامه، أبعده “شريف” عن أخاه ليتابع “مختار” بطريقة أستفزازية قائلًا:-
-أنتِ يا مريم زى سارة بالظبط معندكيش خيار ولازم تقبلي بواقع أنك مراتي
تنهد “جمال” بعجز حتى سمع صراخها فألتف ليراه يأخذها من يدها بقوة فذعرت وهى تصرخ ويعد لها الماضي كأن ظهور “مختار” دمر كل شيء بها وكل ما فعله طبيبها النفسي فى معالجتها، سقطت من يده وهو يجذبها فاقدة للوعي، أنحنى “مختار” كي يحملها فشعر بالمسدس فى رأسه و”جمال” فقد عقله تمامًا عندما رأها فاقدة للوعي أمامه من وهل الصدمة وقال:-
-حتى لو مراتك مؤقتًا جرب تلمسها وأنا اللى هقتلك بأيدي ومش محدش هيلاقي جثتك لأن قصاد الحكومة والعالم كله أنت ميت
ابتلع “مختار” لعابه بصدمة ألجمته من الخوف من نبرة غضب أخاه التي أرعبته وأبتعد عن “مريم” بخوف قبل أن يلمسها، حدق “جمال” به بغضب مكبوح ثم قال بتهديد:-
-خديها يا حنان على أوضتي
وضعوها بالفراش ثم غادروا ليرمقها “جمال” بنظرة حزينة وإشفاق، يخاف أن يفقدها ويقتلها خوفها فالخوف إذا تمكن من عقل صاحبه سيأخذه للهلاك، لا يعلم ما تصارع الآن فى أحلامها بسبب عودة “مختار” هل ترى كوابيسها أم ليلتها المؤلمة التى فعلها “مختار” به، مسح على وجهها بيده بلطف لتفتح عينيها وهى تصرخ بذعر حتى مسكها “جمال” من أكتافها وهو يقول:-
-أهدئي يا مريم … أهدئي
نظرت إليه وتساقطت الدموع من عينيها بأنهيار تام وتمتمت بتلعثم شديد لجم لسانها:-
-هيأخدني، لا مستحيل، أنا مستحيل أعيش معه حتى لو حكم الأمر وموت نفسي
مسح على رأسها بدفئه وهو يشعر بنفضتها ورجفة كل أنش بها من رأسها لأخمص القدم، تألم قلبه كثيرًا على ما يحدث معها، قال بحنان ونبرة هامسة تحدث إليها ناظرًا إليها:-
-مريم… مريم أهدئي وبص ليا… بصي ليا يا مريم
نظرت إليه بخوف وشفتيها ترتجف من رجفتها وخوفها تخشي أن يأخذها “مختار” ويفعل ما فعله سابقًا بها ويسرقها من حبيبها بعد أن دمر زفافها وكسر قلبها بلا رحمة، تحدث “جمال” بنبرة هادئة:-
-أنا هنا!! ومستحيل لو أنطبقت السماء على الأرض أخليه يلمس منك شعرة، لو الطلاق بالأجبار مش حل يبقي الخلع حل ولو لازم الأمر، والله لأقتله عشانك بس أهدئي وثقي فيا
أومأت إليه بنعم فتبسم إليها بسمة خافتة يطمئنها وأقترب لكي يقبل جبينها لكنه توقف محله بقلق وتردد من فعل هذا الأمر، غادر الغرفة وأوصد أبوابها كليًا بنظام أمن “جين” حتى يطمئن على وجودها فى غيابه…..
__________________________________
“شـــــركــة الجمــــال جي أند أم”
وصل “راغب” على مكتب “جمال” بقلق شديد مما سمعه عن ظهور “مختار” وقال بنبرة هادئة:-
-اهدأ يا جمال بيه وكله له حل
تحدث “جمال” بنبرة هادئة مُرعبة أكثر من صراخه قائلًا:-
-أنا عايزاك ترفع قضية طلاق لمريم
نظر “راغب” إليه بقلق فهو لا يهتم لشيء سوى هذه الفتاة فقال بهدوء:-
-حضر بس قضايا الطلاق والخلع فى المحاكم بالها طويل
تأفف “جمال” بعجز عما يحدث ويشعر بيديه مُقيدة تمامًا وهو عاجزًا عن فعل شيء لأجلها والآن ستعيش أيامها تحت رحمة هذا الرجل، قال بلهجة هادئة:-
-معنديش حل غيره، إجباره على الطلاق مش حل شرعي، يبقي نرفع قضية ومريم تعيش فى مكان تاني تحت حمايتي لحد ما تكسب القضية لكن يا راغب لازم تكسب القضية مهما حصل ومن غير أحتمال واحد فى المليون أنها تخسر القضية
أومأ إليه بنعم وخرج من المكتب هادئًا لكي يلبي طلبه ويرفع قضية الطلاق لأجلها، كان “عاشور” واقفًا أمام المكتب فى أنتظار أن ينتهي من الحديث مع “جمال” ليدخل، ولج للمكتب وكان “جمال” مُستشاطًا غضبًا من الذي حدث ليقول بنبرة هادئة:-
-ممكن اتكلم مع جنابك فى موضوع مهم
تأفف “جمال” باختناق وهو ينهي سيجارته ويشعل الأخري وقال:-
-أنا مش فايق لأي مواضيع يا عاشور أجلها
تنحنح “عاشور” بنبرة خافتة وقال معارضُا أمره:-
-المستشفي أتصلت وبتقول أن حمزة حالته حرجة جدًا ومحتاج نقل نخاع..
قاطع حديثه نظرة “جمال” الذي رفع رأسه للأعلي ناظرًا إليه بدهشة وقد فهم ما سيأتي تاليًا فتابع “عاشور”:-
-لما ودينا المستشفي الدكتور رجح دا وأنا تغاطيت عن الأمر لكن النهار دا حالته ساءت أكثر ولازم نعمل العملية وطبعًا حسب كلام الدكتور، مدام مريم هي الوحيدة اللى بتقدر …..
بتر حديثه تنهيدة من “جمال” الذي تسقط الكوارث علي رأسه رويدًا رويدًا وقال:-
-مش كفاية أن جوزها رجع لا كمان عايزني أقولها روحي أتبرعي وأنقذي حياة الرجل اللى عذبك عمرك كله وكان متعته الوحيدة فى الحياة هى وجعك
أبتلع “عاشور” لعابه بخوف من هذا الرجل ثم قال:-
-القرار فى النهاية برجع لحضرتك وليها لكن أنا عبد المأمور وصلت الرسالة عشان متصرفش فى حاجة من دماغي
أومأ “جمال” له بنعم وغادر من أمامه فتمتم بضيق شديد:-
-يا ربي المصايب بتقع عليها زى المطر، أعمل أيه؟ من مين ولا مين أحميها
نفث دخان سيجارته ثم نظر إلي هاتفه وصورتهما التى وضعتها خلفية لهاتفه وظل يحدق بها، لا يُصدق أن بسمتها الجميلة تلاشت وقد دمر “مختار” ليلة عمرها التى أنتظرتها طويلًا، يؤلمه قلبه على فراقها والآن علاقتهما أصبحت حساسية جدًا بسبب زواجها، كيف سيعشقها وهو يشعر بأنه بهذا العشق سيحولها لخائنة، دلفت “أصالة” للمكتب بحزن وعلى وجهها العبوس بعد أن رأت “مختار” أمامها فى الزفاف وقالت:-
-الشركة الصينية بعتت الرد…
لم يجيب عليها بظل عينيه لا تفارق هاتفه أو تحديدًا لا تفارق وجهها وبسمتها الجميلة ليقول بتمتمة خافتة:-
-أعمل أيه يا أصالة، أبعدها عني لحد ما تكسب القضية ولا أخليها فى حضني ومعايا وتبقي فى نظر الكل ست خاينة؟
نظرت “أصالة” إليه بصمت وحيرة لا تعرف أتحكم عقلها أم قلبها الذي يرفض تفرقة هذان الأثنين وهما يعشقان بعضهما وحتى هذا الرجل الذي يصطنع الصمود والقوى لا يقوى على فراقها أو البُعد عنها، لا يتحمل رؤيتها باكية وحزينة فماذا عن حالتها الآن؟…
_______________________________
“قصــــر جمـــال المصــــري”
جلست “سارة” قرب “مختار” بهدوء وما زالت تلتهب كرهًا وغيظًا من “مريم” خصيصًا بعد ان رأت حب “جمال” لها وهي الآن تملك رجل يصوب المسدس فى وجه أخاه وزوجها من أجلها، تحدثت بهدوء تنشر غلها وسواد قلبها فى عقل “مختار”:-
-هتسبهاله كدة يا مختار، هتسب مراتك فى أوضة راجل غريب لا وبتحبه كمان
نظر “مختار” لها بنظرة غاضبة ثم قال:-
-أهدئي يا سارة أنتِ مش شيخة، أنتوا الأثنين أزبل من بعض وكل واحدة هتحاسب على عمايلها
نظرت إليه ببراءة مُصطنعة وقالت:-
-ليه خونتك ولا خونتك، أنا واحدة جوزها مات وفضلت على ذكره أربع سنين وأتجوزت عادي حقي، لكن الدور والباقي على أخوك اللى كان عارف أنك عايش ولف على مراتك عشان يتجوزها ويرد لك اللى عملته قبل كدة
تأفف “مختار” بغضب سافر من هذا الحديث ثم وقف من مكانه مشتعلًا من الغضب كأنه يفعل ما يريد ويسرق زوجة اخاه كما يريد لكن هو لا يجب أن ينال هذا العقاب، وصل إلى جناح نوم “جمال” وحاول فتح الباب ليتحدث الصوت الألي لـ “جين”:-
-لقد تم تفعيل نظام الحماية، أدخل كلمة السر
تأفف بضيق شديد من هذا الصوت وركل الباب بقدمه بينما أنتفضت “مريم” ذعرًا مما يحدث فى الخارج وذهبت إلى زاوية الغرفة تختبي منه، ألتف “مختار” على صوت “جمال” الذي يقول:-
-حذرتك تقرب منها
نظر “مختار” إليه بغضب سافر وقال بنبرة هادئة:-
-اللى بتعمله دا مش لصالحك يا جمال
أخذ “جمال” خطوة نحوه ببرود ويضع يديه فى جيوبه بغرور ثم قال:-
-ولا لصالحك!
ربت له على قميصه بسخرية شديدة ليتابع “جمال” بنبرة مُخيفة:-
-أنا لو مكانك ألحق أشوف ليا محامي دا لو عايزها تفضل على ذمتك
نظر “مختار” إليه بصدمة ألجمته وعينيه تحدق بعيني “جمال” فتبسم إليه ببرود وجحود ثم قال:-
-فكرت فى الموضوع فعلًا وأكتشفت أن واحد بقذارتك ووساختك ميجيش بالطلاق الاجبار، لا أنت اللى يليق عليك الخلع تتخلع زى المسمار المصدي
قالها بسخرية ومر من جابه ليفتح الباب ويدخل الغرفة بينما أستشاط “مختار” غيظًا مما سمعه ولا يصدق بأن “مريم” تلك الطفلة الصغيرة البريئة الآن تصبو للخلع…
دلف “جمال” إلى الغرفة وأندهش عندما رأها تقف فى زاوية الغرفة منكمشة فى ذاتها وتبكي بخوف لكن فور رؤيتها لوجه “جمال” ركضت إليه مُسرعة وأختبأت بين ذراعيه بذعر ثم قالت:-
-أنا خايفة، مشيني من هنا يا جمال، أنا مش هعرف أعيش هنا معه تحت سقف واحد
أبتلع لعابه بتوتر شديد ثم ضم ذراعيه ليطوقها بحنان رغم صرخ عقله الذي يقتله من الداخل فقال “جمال”:-
-أهدئي يا مريم أنتِ هنا فى أمان ومستحيل يأذيكي
أبتعدت عنه بأنهيار تام وعقلها لا يتوقف عن رؤية الماضي لتقول بأرتجاف شديد:-
-لا مش أمان، مفيش أمان هنا، مختار موجود فى كل مكان وحمزة مسابنيش طويل الليل، المكان هنا مرعب
نظر “جمال” إليها بقلق وحالتها النفسية تسوء أكثر والخوف يتمكن من عقلها وقلبها حتى يأخذها للموت، أخذها معه إلى الخارج إلى عيادة طبيبها النفسية وأخبرته بما حدث وكانت حالتها أسوء من قبل ولأول مرة يراها هكذا، جلس مع “جمال” وحده ثم قال:-
-مريم حالتها بتسوء وبدأت تشوف هلاوس وخيالات ودا مش حاجة كويسة لحالتها، حاول تخليها تمشي على العلاج بانتظام وتكون تحت الرقابة كويس لأن ممكن تأذي نفسها
لا يعلم ماذا يفعل أيقتل “مختار” حقًا لأجلها هذه المرة، ظل ينظر إليها وهى هادئة تمامًا وتنظر إلى الطرقات، لا تشعر بشيء ولا ما يحدث حولها فى هذا العالم، أوقف سيارته وترجل منها ثم فتح باب السيارة لأجلها وقال:-
-أنزلي
أنزلها قهرًا للأسفل وسار قرب النيل ينظر إليها ونسمات الهواء تداعب وجهها ويتطاير شعرها معه، ظلت تسير صامتة ليقطع “جمال” صمتها بحديثه يقول:-
-أنا خليت راغب يجهز نفسه عشان يرفع قضية طلاق
نظرت “مريم” إليه بهدوء ثم قالت:-
-أنا أستكفيت وجع يا جمال، لو بأيدي أختار هختار الموت لأني تعبت، كلهم بيأذوني وأنا لوحدي اللى بتوجع وهم عايشين براحتهم ومستمتعين بحياتهم ، روح شوف مختار وسارة فين ولا حمزة فين….
أجابها بنبرة هادئة ناظرًا إليها بجدية:-
-حمزة خد عقابه يا مريم وقريب مختار
نظرت إليه بأندهاش لحدق بعينيها فى صمت شديد لا يعرف أيخبرها بحالة “حمزة” أم يلتزم الصمت حتى تفارق روحه جسده، ليستسلم فى نهاية الأمر بأخذها إلى المستشفي حتى تقابل هذا الرجل وصُدمت “مريم” عندما دخلت للغرفة ورأته على فراش المرض يقاوم المرض مع كل نفس يدخل ويخرج منه والأجهزة تحيط بجسده، نظرت “مريم” بعينيها المفتوحتين على مصراعيها لتقول:-
-حمزة!! دا انت فعلًا…..
________________________________
جلب “عاشور” ورجاله عامل المزرعة وألقي به فى الغرفة حتى يأتي “جمال” ويقرر ماذا يفعل بها؟ قال “عاشور” بنبرة خافتة:-
-أدعي أن ربنا يطول فى عمرك لكن نصيحة مني أتعاون معانا عشان تعيش وتسلم من شرنا
نظر العامل له بخوف شديد ثم قال:-
-أنا من أيدك دي لأيدك دي يا بيه
تبسم “عاشور” إليه بسعادة وسار معه للداخل وهو يقول:-
-جدع! أنا أحب الرجل العاقل اللي يحسبها صح، قولي بقي أيه اللى حصل يومها
أزدرد العامل لعابه بقلق شديد وعينيه تحدق بوجه “عاشور” ونظرته الخبيثة رغم هدوئها وأومأ إليه بنعم موافقًا على التحدث إليه…..
يتبع…