﴿يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم﴾:
أي: إن الله عز وجل عالم بكل ما في السماوات وما في الأرض من شؤون خلقه؛ ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ومن أمر الدنيا والآخرة، والمقصود من ذلك: عموم العلم بسائر الكائنات في الأرض وفي السماوات. وإن الله عز وجل عالم بجميع المعلومات لا يخفى عليه شيء من أحوال جميع خلقه حتى بعلم دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء تحت الأرض الغبراء، وحركة الذرة في جو السماء والطير في الهواء والسمك في الماء، فلا تخفى عليه غائبة في الأرض ولا في السماء ولا ما بينهما، فهو عالم بخفايا وأسرار ملكه ومخلوقاته سبحانه وتعالى.
﴿ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء﴾:
أي: لا يدركون من العلم أو المعرفة إلا بقدر ما عرفهم به أو منه رب العالمين، الذي علم الإنسان ما لم يعلم، فآتاهم الله من علمه ما شاء وكما شاء، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب. لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بمشيئة الله وتعليمه، فما عرفه الإنسان من عالم الغيب وما عرفه الإنسان من عالم الشهادة وقوانين هذا الكون وكيفية تسخيره إلا بمشيئة الله وتعليمه، فهو الذي علم الإنسان ما لم يعلم وهو الذي علم كل شيء ما علم
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على سعة علم الله عز وجل وأنه محيط بكل شيء قل أو أكثر صغر أو عظم، كما جاء تحديدا في آية سورة يونس:﴿وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذٰلك ولا أكبر إلا في كتٰب مبين﴾ (يونس:61). إن علم الله تعالى محيط بتفاصيل الأمور؛ متقدمها ومتأخرها، بالظواهر والبواطن، بالغيب والشهادة، والعباد ليس لهم من الأمر شيء، ولا من العلم مثقال ذرة إلا ما علمهم الله تعالى.