الحياة البرزخية (ما بين الموت والبعث) لا تجري عليها سَنن الحياة الدنيوية، وإذا كانت حياة الشهداء البرزخية عند ربهم كاملة فإن حياة الأنبياء أكمل، ومن ثم فعلى المسلم الإيمان بهذه الحياة ـ البرزخية ـ دون التعرض لكيفيتها وحقيقتها إلا بنصوص صحيحة من الوحي (القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة). وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون) صححه الألباني في صحيح الجامع، قال القرطبي: “فإن قيل: كيف يصلون بعد الموت وليس تلك الحال حال تكليف؟ فالجواب: أن ذلك ليس بحكم التكليف، وإنما ذلك بحكم الإكرام لهم والتشريف، وذلك أنهم كانوا في الدنيا حُبِّبَت لهم عبادة الله تعالى والصلاة بحيث كانوا يلازمون ذلك، ثم تُوفوا وهم على ذلك، فشرَّفهم الله تعالى بعد موتهم بأن أبقى عليهم ما كانوا يحبون، وما عُرِفوا به”، وقال ابن تيمية: “هذه الصلاة ونحوها مما يتمتع بها الميت ويتنعم بها كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح، فإنهم يلهمون التسبيح كما يلهم الناس في الدنيا النَّفَس، فهذا ليس من عمل التكليف الذي يطلب له ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل هو من النعيم الذي تتنعم به الأنفس وتتلذذ به”.
وقال الألباني: “ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون) إنما هي حياة