رواية انصاف القدر

فى المساء
كان يجلس وحيداً فى بهو الفيلا المطل على الحديقه يفكر في كلمات صديقه.. حتى الآن لا يعلم لما هو متضايق من فكرة عدم اهتمامها به كالسابق.

وجدها تدلف بهيئتها تلك التي خرجت بها في الصباح نفس البنطلون الجينز والتيشرت الابيض وتلك القطتين التى تصنعهم بشعرها البنى الجميل… شرد بها قليلا وهى تتقدم فى الحديقه تتصفح هاتفها… يقر انها جميله جدا جدا… بل رائعه التكوين… ينظر تجاها وهو يعلم أنها لن تعيره انتباه بالتأكيد.. ربما ستلقى سلام عابر وتصعد لغرفتها.

بالفعل تحدثت قائله :مساء الخير يا ابيه.

نظر لها اووه. إنها تبتسم.. رد سريعا :مساء الخير يا مليكه.. عامله ايه؟

كان يسأل بصدق.. يود أن يطول الحديث ولو لثواني قبل ان تتركه مع تجاهلها الجديد هذا.

لكن.. انشرح صدره وهو يجدها تقترب منه تجلس لجواره قائله بمرح :الحمدلله كويسه جدا.

استغرب كثيرا جلوسها معه كالسابق وقال :كنتى فين؟
مليكه:كنت مع صحابى.
عامر:اكلتى؟

قالها باهتمام حقيقي وهى تنظر له بتمعن ثم قالت بخبث:مش اوى.. تيجى نعمل حاجة سريعه ناكلها… ولا.. لا لأ خلاص سورى.. ماكنتش اقصد.. انا عارفه ان ماينفعش عامر بيه يدخل المطبخ اصلاً.. هروح انا.

وهل سيضيع تلك الفرصة فهى وبعد ايام طويلة من التجاهل عادت تهتم من جديد.

رد سريعاً :لا هاجى معاكى.. يالا.

ابتسمت بوداعه وقالت :بجد.. طب تعالى.

مدت يدها تسحبه خلفها.. وهو.. ينظر ليديها يشعر باشياء جديدة عليه كليا وأهمها انه سعيد جداً.

ذهبت به للمطبخ تخرج بعض انواع من الجبن المختلفة.. تصنع لها وله بعض الشطائر… وهو يتابعها باعين متحمسه سعيدة.. كأنه يكتشفها من جديد.

انتهت من صنع الشطائر واقتربت منه بهدوء.

فجأة وجد نفسه قريب منها جدا…يتنفس بصعوبه وهى ملتصقه به هكذا تقريبا داخل احضانه.. يغمض عينيه باستمتاع رهيييب وجديد وهو يجدها تحاول أن تطول بيدها مكينة القهوة التى خلف ظهره.

مليكه بهمس:سورى ممكن بس اعمل كوفى لينا.

تاه عامر بها وبقربها.. ينظر لها نظرات جديه ولا يجيب.

اخرجته من تلك المتاهه وهى تقول مجدداً :مكنة القهوه وراك.

رمش بعينيه وتزحزح قليلا لكنه لم يبتعد انما افسح لها فقط.. يريد أن يظل على ذلك القرب وتلك المسافه منها.. ملامحها بذلك القرب مزهله وهى تكاد ان تكن ملتصقة به يشتم رائحتها.

كانت منشغلة بصنع القهوه وهو منشغل بمتابعتها.. لا يعرف لما يحرقه الشوق لاحتضانها.

انتهت سريعاً ونظرت له بابتسامة لطيفة :خلصت… تعالى نقعد.

جلست على احد المقاعد تعطيه القهوه مع احد الشطائر تقول :امال الناس فين… مش شايفه حد هنا خالص؟

لازال سحرها واقع عليه ولم يستفق او يجيب.

مليكه:ابييه.. ابيه عامر.
عامر :ها.
ملكية :سرحت في ايه؟
عامر :لا ولا حاجة كنتى بتقولى ايه؟
مليكه :كنت بسأل على باقى الناس فين كارما ومحمد وطنط وتيتا وهديل وطنط صفاء.

عامر:جدتك اخدت الدوا ونامت من بدرى.. وباقى الناس راحوا حفلة لمسرح مصر.

مليكه :واااااااو.. بجد طب وماحدش قالى ليه؟
عامر :وانتى بقيتى فاضيلنا اصلاً ولا بنشوفك.

مليكه :لا موجوده اهو بس بحب اخرج مع صحابي الى من سنى مش اكتر.
عامر :الى من سنك امم.. ماشى.

مليكه :وانت ماروحتش معاهم ليه؟
عامر :انا.. انا اروح اوبرا.. اروح حفلة اوركسترا.. مش الهلس ده لآلا.

مليكه :امممم.. صح عندك حق. وهى تتمتم داخليا(بتاع النايت كلاب بيروح اوبرا حور اوى حور يابتاع الستات انت)

عامر :كنتى فين بقا؟
مليكه: طب كل الاول عشان احكيلك.

ابتسم باتساع وانشرح قلبه فقد عادت مليكه القديمة.

اخذ ياكل سريعاً يستمع لها تحكى مافعلته بيومها إلى أن وصلت لرحلتهم جميعا فقال بسرعه :ايه.. رحلة.. وانتى هتروحى معاهم.

وضعت يدها على يده بسرعه جعلت القشعريره تسرى بجسده سريعاً وقالت بوداعه وبحه مميزه اغرقته:لأ وانا من امتى بروح مكان انت مش فيه أو من غير ما اقولك.

لأول مرة يفرح بحديثها الذى لطالما كانت تقوله… لكنه الان سعيد بكل حرف تنطق به… سعيد جداً بيدها التى على يده ينظر لعيونها تاره وليدها على يده تاره أخرى وهو غارق بأشياء كثيرة لا يعرف لها تفسير إطلاقا.

انتهت من الطعام سريعاً وظلت جالسة معه تختلق الأحاديث كما كانت تفعل قبل ذلك اليوم المخزى… لكن الجديد الان انه مهتم جدا وسعيد على عكس الماضى حينما كان يستمع لثرثرتها فقط كى لا يحرجها.

يتحدث معها ويسأل عن أشياء كثيرة كى يطول الحديث أكثر وأكثر.

وقفت تقول :الوقت اتأخر… يالا نطلع ننام.

عامر :لأ لسه بدرى دول حتى لسه ماحدش فيهم رجع.

مليكه :لا مش قادرة افتح عيونى خالص بنام على نفسى.

عامر :لا خلاص يبقى لازم تنامى.

ابتسمت له بلطافه وتعلقت بيده تقول :طب يالا وصلنى لاوضتى.

وهل سيرفض.. هو الان يحلق في السماء من جديد.. كل أحاديث كارم التى كانت تزعجه طوال يومه غير صحيحة.. لقد عادت له مليكه من جديد… مليكه التى تهتم به اكثر من اى شئ على الاطلاق.

صعد معها السلم وهى تضع يدها بيده.. ينظر على يدها الصغيرة داخل يديه يريد أن يستشعر أصابعها كل على حدى مثل اى مراهق.

وقف على باب غرفتها وهم لفتح الباب فقالت :يالا تصبح على خير بقا.
عامر :ايه هدخلك تنامى زى ما كنت بعمل زمان.

اقتربت من اذنه حد الخطر تهمس بحرارة تقصدها جدا :ده كان زمان وانا صغيره مش شايف انا كبرت ازاى.

قالت كل حرف قاصده به هدفها ببراعه… تشعر بأن حرارته قد ارتفعت بالفعل وهو يقف متصلب مزهول هكذا وهى كل ما فعلته انها دلفت لغرفتها وأغلقت الباب.

وهو ظل لدقيقه يقف يستوعب ما يحدث له وما اصبح يشعر به.

تحرك ببطئ لا يقوى عليه وذهب تجاه جناحه.. يلقى بجسده على الفراش باهمال وهو يغمض عينيه باستمتاع رهيب وكل ما يشغل باله.. لقد عاد اهتمام مليكه من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top