لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي

كيف سيقرأ وهو أعمى ؟ كدت أن أتجاهل طلبه.. لكني جاملته خوفًا من جرح مشاعره.. ناولته المصحف.. طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف.. أخذت أقلب الصفحات تارة.. وأنظر في الفهرس تارة.. حتى وجدتها.. أخذ مني المصحف..

ثم وضعه أمامه.. وبدأ في قراءة السورة.. وعيناه مغمضتان.. يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة !! خجلت من نفسي.. أمسكت مصحفًا.. أحسست برعشة في أوصالي.. قرأت.. وقرأت.. دعوت الله أن يغفر لي ويهديني..

لم أستطع الاحتمال.. فبدأت أبكي كالأطفال.. كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة.. خجلت منهم.. فحاولت أن أكتم بكائي.. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق.. لم أشعر إلاّ بيد صغيرة تتلمس وجهي..

ثم تمسح عنّي دموعي.. إنه سالم !! ضممته إلى صدري.. نظرت إليه.. قلت في نفسي.. لست أنت الأعمى.. بل أنا الأعمى.. حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى النار.. عدنا إلى المنزل.. كانت زوجتي قلقة كثيرًا على سالم..

لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top