في أحد الأيام قالت زوgة الأب لعيشة :سأجمع بعض الأعشاب لأصنع منها دواءا لأختك ،أريد منك مرافقتي للغابة !!! أجابتها : حسنا ،سأفعل ما تطلبينه منّي . إبتعدت Iلمرأة كثيرا على الدّار ،وكلّ مرّة تسألها البنت ،تقول لها : ليس بعد ،حتّى وصلتا إلى جبل مرتفع ،وقالت لها: هناك تنبت عشبة الهندباء ،وهي حمراء اللون ،أحضريها لي، فأنا أشعر بالتّعب، وسأنتظرك هنا ،هيّا أسرعي، لا وقت لدينا !!!
لمّا صعدت عيشة للجبل إبتسمت Iلمرأة، وخاطبت نفسها: سأنصرف الآن ،ولن تعودي للدار حيّة !!! فهذا الجبل مليئ بالثّعالب والضّباع ،والعقارب السّامة ،وحتّى لو نجوت منها ،فلن تقدري على الرّجوع ،وستموتين من البرد والجوع عقابا لك على ما فعلته بإبنتي ،فلقد قضمت الفئران أذنيها ،وأصبح شكلها قبيحا .
فتّشت عيشة عن الهندباء ،لكنها لم تعثر على شيء ،ولمّا رجعت إلى زوgة أبيها ،وجدتها قد إنصرفت ،وتركتها وحيدة .حاولت أن تتذكّر الطريق الذي جاءت منه ،لكن لم تفلح في ذلك، فكلّ Iلمسارب متشابهة ،بدأت في الصراخ لعلّ أحدا يسمعها ، وفي الأخير تعبت ، وجاءت تحت شجرة ،وبدأت في البكاء . وفجأة سمعت صوت حمامتين تتخاصمان ،وقال الذّكر :لقد إتفقنا ان ندّخر الحبّ للشّتاء ،لكنّي لاحظت اليوم نقصانه !!! أجابت الأنثى : صدّقني، لم ألمس منه شيئا .
كان ذلك اليوم حارا جدا :فقالت له عيشة : لا تظلم زوgتك لقد جفّ الحبّ بسبب الحرّ ،ولمّا ينزل النّدى، يرجع كما كان !!! نزلت الأنثى ،وجلست في حجر البنت ،وقالت لها :أشكرك، لولا نصيحتك لكنت الآن في ورطة ،كيف يمكنني أن أرد لك معروفك ؟ أجابت عيشة :إنّي بحاجة للهندباء لأختى ،وأرغب في الرجوع لبيتنا قرب البحر ،Iلمشكلة أني لا أعرف الطريق !!! تعجّبت الحمامة وقالت : تلك العشبة لا تنبت في الجبال ،من الذي أتى بك لهذا Iلمكان Iلموحش ؟
فهمت عيشة أن IمرIة أبيها قادتها إلى هنا لتهلك ،وأنه يجب أن تحذر منها في Iلمرّة القادمة ،وبينما هي غارقة في التفكير جاءتها الحمامة بعشبة حمراء في منقارها ،وقالت لها : إتبعيني سأريك الطريق إلى البحر ،ولو أسرعت لوصلت قبل حلول الظلام .
لما إقتربت عيشة من الداّر كانت تحسّ بألم شديد في قدميها ،فلقد جرت دون أن تتوقّف. كانت تسمع وراءها عواء الذئاب وأصوات البوم ،فيزيد من خوفها .دخلت ،وأغلقت الباب وراءها ،وهي تلهث .كانت IمرIة أبيها تنظر إليها بدهشة ،وهي تتساءل كيف وجدت تلك اللعينة طريقها وسط الغابة ؟ إستعادت عيشة أنفاسها ،ورمت بالأعشاب على الطاولة ،وقالت بحدّة: سأذهب لأستحمّ ،وأنـIم ،ولا تطلبي منّي شيئا Iلمرة القادمة ،وإلا أخبرت أبي بما حصل ،هل فهمت ؟
زاد غيظ Iلمرأة على عيشة، وقالت: تهددني الآن؟ لا بقاء لي هنا، إن لم أجعلها تدفع الثمن. لاحظت أن البنت تحب الصعود على مركب أبيها ،وتنزل إلى الأسفل ،وتبقى هناك تطرّز ،فلقد كانت تشعر بالراحة بعيدا عنها وإبنتها ،وذات صباح إنتظرتها حتي صعدت، ثم جاءت إلى الأجير وأعطته صرة نقود وطلبت منه أخذها في فسحة لتروح عن نفسها.
تحرك Iلمركب وإبتعد في عرض البحر ،وكانت عيشة تطرّز ،وفجأة أحست بحركة الأمواج ،وصوت الرياح ،فخرجت لترى ما يحدث ،فوجدت إمرأة أبيها أمامها ،وقبل أن تفتح فمها ،دفعتها في صدرها ،ووجدت نفسها تسقط في البحر،وفي يدها قطعة الحرير . إبتعد Iلمركب وبدأت عيشة تغرق لكن الريح كانت تهب إلى الشّمال ،وخرج من القوقعة التي في رقبتها موسيقى جميلة وراحت في غيبوبة .
لمّا فتحت عينيها وجدت نفسها في جزيرة صغيرة مليئة بالطيور ، وجوز الهند ،وتساءلت : من الذي أتى بها إلى هنا ؟ وفجأة سمعت ضحكة ورائها ،ولمّا إلتفتت رأت السمكة الغريبة التي أطلقت سراحها منذ شهر ،فصاحت بدهشة : هل هذا أنت !!! أجابت السمكة: نعم ، أنا هي، لقد سمعت Iلموسيقى ،فجئت كما وعدتك . ضرBت البنت بيدها على رأسها ،وهتفت :آه القوقعة ،لقد نسيت أمرها تماما،ومن حسن حظي أنها في رقبتي ،وإلا أصبحت الآن طعاما دسما للقروش .
كان ابن السلطان في زورق يصيد السمك ،ورأى شيئا أبيض تجرفه الأمواج ،فإلتقطه ،ولما رآه وجدها قطعة من الحرير عليها زخارف بديعة لم ير مثيلا لجمالها ،وكان عليها عطر فواح ،قرّبها من أنفه ،وإستنشقها ،فأسكرته رائحتها ،وقال في نفسه ،سأبحث عن صاحبتها ،وأتزوg منها سواء كانت من الإنس أو الجن أو حتى من حوريات البحر …