نسيت إن مش شرط نجاح الست في شغلها وأنها تعمل كرير هو الأساس، الأساس إنها تهتم بِــ بيتها وولادها وزوجها، تعرف ازاي تربي جيل على الدين والمباديء في زمان اتعدم فيها الحاجات دي.
خرجت من أفكاري على جرس الباب بيرن،قلت أكيد دا يوسف خلص مشواره وجه.
خرجت أستقبله،لاقيته جايب معاه طبق حلويات،عطهولي وطلب مني أطلع منه ناكل كلنا.
دخلت المطبخ وأخدت شوية حلويات حطيتها في طباق وعملت عصير مانجو.
خرجت وقعدنا ناكل كلنا وأحنا بنسمع المسلسل.
_ حمزة كفاية حلويات.
قلتها بجدية رد عليا يوسف وقال…
_ إيه يا نهى متسيبيه يأكل.
اتكلمت بجدية واضحه في نبرة صوتي وقلت..
_ لا كفاية كده عشان ميتعبش.
_ يتعب إيه بس ؟
خلص يوسف جملته وبعدين بص لحمزة وقال..
_ كل يا حبيبي اللي نفسك فيه.
نهى جملته، أكل حمزة قطعة الكنافة اللي كانت في إيده بشراسة وكأنه كان مستني كلمة أبوه بفارغ الصبر.
مقدرتش اتحمل أكتر من كده وطلبت من يوسف نتكلم لوحدنا.
بمجرد متقفل علينا باب أوضيتنا بدأت أحكيله اللي حصل واللي لاحظته على حمزة وشكوكي.
نهيت كلامي لاقيته ساكت، لما سكوته طال خوفت من رد فعله فتكلمت وقلت..
_ يوسف أنت كويس ؟
بصلي بنظره كلها غضب لدرجة إني خوفت واتكلم بعصبية وقال…
_ يعني بعد اللي قولتله دا وبتسألني أنا كويس.
قربت منه وطبطت على كتفه كمحاوله إني أهديه لكن اتعصب وفضل يزعقلي ويتهمني بالإهمال.
لما لاقيته اتعصب وبدأ صوته يعلى سكت؛ لأنه عنده حق في كل حرف فعلا أنا أهملت ولادي ومعنديش رد أدافع بيه عن نفسي. فضلت الصمت عشان الحوار ميحتدش بينا ويتعصب أكتر خاصًا إنه عنده حق.
_ ماما بابا الحقوا حمزة أغمى عليه.
خرجت الجملة دي من يامن وهو بيفتح باب الأوضة، مستنناش نفهم اللي حصل للإننا كنا جرينا عليه،حاولنا نفوقه لكن للأسف محصلش.
_ شكله دخل في غيبوبه قوم بينا على المستشفي.
قلت جملتي وأنا بعيط، أما يوسف مستناش وشال حمزة بسرعة وجري بيه، أما أنا لبست بسرعة إسدالي لأنه أقرب حاجة ليا ولحقته بسرعة.
وصلنا لأقرب مستشفي ودخلنا الطواريء، دخل يوسف معاه وقال سريعا للدكتور اللي بيحصل وخلال ثواني كان الدكتور عرف انه دخل غيبوبة سكر وبدأ يديله الأدوية اللي تفوقه وقدر ينقذه.
كنت في وضع لا أحسد عليه منهارة وبعيط، إبني كان ممكن يروح مني في ثواني معدوده وكل دا بسببي وبسبب إهمالي ليه. معرفش إزاي كنت عامية طول الفترة اللي فاتت وملاحظتش تعبه.
_ نهى لو سمحتي بطلي عياط خلاص حمزة بقا كويس.
خرجت الجملة دي من يوسف بصوت عالي بعض الشيء، بصيتله وأنا بحاول ألملم شتات نفسي،مسحت دموعي وقلت…
_ الحمدلله.
نهيت كلمتي اتكلم يوسف وقال..
_ تعالي اطمني عليه، عشان اروحك أنتِ ويامن.
نهى كلامه اتكلمت بسرعة وقلت..
_ لا أنا اللي هفضل معاه.
اتكلم يوسف بحزم وقال…
_ لا طبعًا مش شايفه نفسك جاية بالاسدال وبعدين مش هسيبك معاه بالليل وكل شوية دكتور داخل طالع يطمن عليه.
اتكلمت وأنا هعيط وقلت…
_ بس هو إبني وأنا خايفة عليه.
رد عليا بجدية وقال…
_ وأنا مش خايف عليه بس خايف عليكم أنتو الاتنين، عشان كده هفضل أنا معاه وهكون مطمن عليكي انتِ ويامن في البيت.
هزيت دماغي بمعني حاضر، دخلت أطمن على حمزة اللي كان نايم لا حول له ولا قوة،إحساس مؤلم عليا كأم وأنا داخله العناية عشان أطمن على إبني.
قربت من سريره أول مشوفته نايم وباين عليه التعب، حسيت بخنجر بيطعن قلبي ومش بس اكتفى بالطعن لا دا بيقطع فيه، قربت عليه أكتر وأول ممسكت إيده اللي متركب فيها كانولا لاقيت دموعي نزلت بدون سابق إنذار، قربت منه وبوست باطن إيده ودماغه، قربت من ودنه وقلت…
_ سامحني يا حمزة سامحني يا بني لو اللي حصل دا بسبب إهمالي ليك.
قلت كلماتي وأنا بعيط وصوتي بدأ يعلى، قرب مني يوسف وسحبني بره الأوضة عشان باقيت المرضى.
_ إهدي يا نهى.
قالها يوسف وهو ماسكني وبيحاول يهديني.
_ إبني كان هيموت،شوفته نايم ازاي لا حول ليه ولا قوة.
قلت كلمتي بصوت مليان قهر وأنا بدفن نفسي في صدر يوسف،طبطب عليا بحنين وقال…
_ لعله خير،رب الخير لا يأتي إلا بالخير كله، الحمدلله الدكتور قال إننا لحقناه بسرعة.
بعدني عن حضنه ومسح دموعي وقال…
_ كفاية أفكار سوداويه ومتسمحيش للشيطان إنه يوسوسلك والحمدلله هو بخير وبكرة يرجع البيت في حضنك.
بدأت أهدى بعد كلمات يوسف ليا، بصيت ليامن اللي لاقيته قاعد على الكرسي وبيمسح آثار دموعه، روحت قعدت جمبه وأخدته في حضني وقلت….
_ حمزة هيبقى كويس والصبح بابا هيجيبه.
_ هيبقى كويس فعلًا يا ماما ؟
قالها بخوف، رديت عليه وأنا بطبطب عليه وقلت…
_ إن شاءالله لأننا ظننا بالله خير وربنا بيقول أنا عند ظن عبدي بي،وأحنا ظننا بالله كل خير.
نهيت كلامي ولاحظت إنه بدأ يهدى، فعلا بذكر الله تطمئن القلوب.
رجعنا البيت أنا ويامن كانت الساعة واحدة وربع، الوقت كان متأخر ويامن دخل نام، أول مدخلت الأوضة ولاقيت سرير حمزة فاضي حسيت بقبضه في قلبي،بس افتكرت كلام يوسف وإني مسمحش للشيطان إنه يلعب بأفكاري.
خرجت من الأوضة وروحت اتوضي، فرشت مصليتي،قعدت أصلي لغاية متعبت وفي كل سجود كنت ادعي لحمزة ربنا يشفيه ويرد عليه صحته، كنت ببكي وبدعي ربنا بترجى إنه يباركلي فيه هو ويامن.
ديما كنت بسمع عن إحساس الفقد قد إيه صعب ومؤلم بس لما مريت بيه حسيت إنه أصعب وأمر ميئات المرات من وصف كل الناس دي ؛خصوصا لما يبقى حته منه فلذه كبدك صدقت ستي لما كانت ديما بتقول مفيش أغلى من الضنا.
أيوة مفيش أغلى من ولادي واللي عشان خاطرهم أفني حياتي وعمري كله، عشانهم أرمي نفسي في النار واتحمل أي شيء مهما كان صعب بس يبقوا كويسين.
حاولت أنقي دماغي من كل الأفكار السوداويه وفضلت اذكر الله وأقرأ قرآن. أول ممسكت المصحف سألت نفسي أمتى أخر مرة مسكتيه فيها للأسف إجابتي كانت من رمضان اللي فات واللي مر عليه أكتر من ست شهور، لمست المصحف وقربت منه لما حسيتني محتاجه ربنا محتاجه اقرأ كلامه عشان أهدى.
لوهله سرحت وقلت لنفسي رب ضارًا نافعه،ربنا حطني في اختبار صعب من ساعات عشان بس
يخليني افتكره وارجع ليه بعد مانسيت النوافل دي، زحمة الدنيا نسيتي، لكن باختبار بسيط رجعت صليتي القيام اللي مكنتش بصليه غير في العشرة الأواخر ومسكت المصحف اللي فين وفين لما بمسكه.
فتحت المصحف وأنا بحمده عن كل اختبار وإبتلاء صعب بيقربنا منه خطوة، قلبت في الصفحات لغاية مجيبت سورة يس لأنها معرفه أنها بتقضي الحاجات، قرأتها بنيه شفاء إبني.
نهيت أخر أيات السورة مع بداية أذان الفجر، انتظرت المؤذن يخلص وصليت الفجر، نهيت صلاتي ودخلت أطمن على يامن، لاقيته نايم بسكينه،عيوني جت على سرير حمزة زي ما متعوده أبص عليه كل ليله بعد صلاة الفجر لاقيته فاضي، عيوني لمعت بالدموع بس صبرت نفسي أن ربنا كريم وهيشفيه، قربت من السرير ونمت عليه كانت فيه ريحته،هنا عيط ومقدرتش اتحكم في نفسي اتخيلك لو كان سابني كان حالي هيبقى ازاي كنت هموت بعده،دا انا كده مش قادرة أنام وأنا عارفه إنه هيبقى بخير، مسحت دموعي وأنا بحمد ربنا بقلبي إننا لحقناه بسرعه.
يتبع….