قربت من باب الحمام وبدأت تموء من تاني وكأنها بتحظرني, ومسافة ما وقفت قدام باب الحمام سمعت صوتي من جوة, وكأني كنت بغني جوة الحمام وفيه معازف وموسيقى كتير أوي,
سندت على الحيطة لأني كنت هقع من تاني, مديت إيدي ناحية باب الحمام لقيت لوسي بتموء أكتر, وبكل رعب الدنيا فتحت الباب, وشوفت مقبرة جوة الحمام, وانا واقفة فوق المقبرة عريانة بغني ومن حوليا العشرات من الظلال السودة بيطوفوا من حوليا..
ومسافة ما اتفتح الباب للآخر كلهم بصوا ناحيتي, وشوفت العيون المُلتهبة, وصرخت, ومسافة ما صرخت كل الأطياف دي هجموا عليا, وحسيت وكأن فيه ألسنة لهب بتحرق في جسمي كله, وكأني بتحرق في نار الجحيم, اتشنجت مرة واتنين وعشرة في الأرض زي اللي عنده صرع شديد..
ومن يومها بس بدأ الجحيم, كل الظلال دي سكنت شقتي وبقيت بشوفهم ليل نهار, تحت السرير وجوة الدولايب, في الحمام وفي أوضة النوم بالليل, وكل أحلامي بقت عبارة عن نفس الكابوس, بغني فوق المقبرة وكل الأطياف دي بتطوف من حوليا, بقيت بصحا بلاقي علامات كتير أوي على جسمي, وبقيت كل ما باكل برجع وجالي تعب في معدتي وصداع شديد في راسي بقا ملازمني ليل نهار..
سبت الشغل خالص وبعد شهر واحد بقيت شبه الهيكل العظمي من قلة الأكل والتعب اللي انا فيه, كل أفراد الفرقة راحوا اشتغلوا مع غيري وفلوسي خلصت على الأدوية والدكاترة, كنت بتمنى الموت, بتمنى ربنا ينجدني من اللي انا فيه بس مكنتش بموت, كنت بس بشوف الجحيم على الأرض, احساس بشع عايشة فيه ومش عارفة أتخلص منه أبدا..
لحد ما جت الليلة اللي جتلي فيها حالة صرع رهيبة من الرعب والتعب ورميت نفسي من الدور التالت, ونزلت على الأرض جسمي كله متكسر, جريوا بيا على المستشى وانا حاسة بألم فظيع, ألم خلاني مش قادرة أقول كلمة “آآآه” اتجبس نص جسمي ومفيش غير بنت وحيدة من الفرقة اللي جت تزورني, ولما فضفضت معاها من تعبي وقهري راحت جابتلي شيخ, مُعالج بالقرآن..
قرأ عليا كتير وبدأت أشوف التعجب والرُعب في عنيه, لقيته بيقول
“أنا أول مرة أشوف جسم فيه العدد ده كله”
وطلب مني أحكيله كل حاجة, وحكيت, حكيت وبدأ يهدى لأنه فهم, فهم كل حاجة, وبدأ يتكلم ويقول:
“الغناء والموسيقى يا بنتي من مزامير الشيطان, بيموتوا القلب ويلهوا صاحبه عن طاعة الله, عشان كدا ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس فسر الآية اللي بتقول “ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم” وقال ان ده الغناء, بيضلك عن طريق ربنا وبيخليك لعبة في إيد الشيطان,
اللي بيغني واللي بيسمع الغناء..
الاتنين مُعرضين للشيطان وأفعاله, وقبل كل ده مُعرضين لسخط وعذاب ربنا, وفوق كل ده رايحة تغني وتعصي ربنا جمب جن المقابر في أرض الأموات, الجن الشرس, اللي صعب جدا حد يتعالج منه, ولما لقوكي فريسة سهلة بسبب الغُنا اللي سهل لهم الطريق حصلك مس من العشرات, واللي زيك بتكون نهايته الموت أو الجنون, أنا مش هقدر أعالجك لوحدي, هحتاج أكتر من شيخ وربنا يقوينا على العشيرة اللي معاكي,
يمكن أرجعلك تاني لو لقيت حد يساعد ويمكن لا, بس كل اللي لازم تفهميه ان الأغاني حرام, خاصة اللي معاها مزيكا, بتموت القلب, وتجلب الذنوب, وتصدك عن طاعة الله, وفوق كل ده بتجلب شياطين الجن وبتسهل لهم الوصول ليكي, عشان كدا ربنا حرمها, وعشان كدا لازم تتوب منها وفورا زي أي معصية, وتتركها لوجه الله..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
…………