والمفاجأة لما سمعت صوت وليد وهو بيقول :
……. حرام عليك أنت ليه بتأذينا بالشكل ده …. احنا نفذنا كل طلباتك
وفجأة صوت تاني رد عليه…. بس النبرة كانت غريبة أوي تقريبا أول مرة اسمع نبرة بالصوت ده …. كأنها ذبذبات طالعة من راديو أو جهاز …. رد وقاله:
……. أنت لسا مانفذتش كل طلباتي …. أنت عارف كويس أنا عايز منك إيه …. لو ماعملتش اللي أنا عايزه… هدمرك
وليد رد عليه بعصبية وقال :
….. أنا عملتلك كل اللي أنت عايزه …. بس أنت عمرك ما هتحس ولا هترضى….اوعى تفتكر إني خايف منك ….
الصوت التاني ضحك ضحكة غريبة …. وقاله :
……. لازم تخاف يا وليد …. اللي زيك هيعيش طول عمره خايف
وليد قاله :
…… لولا خوفي على زعلها كنت شفت مني وش تاني خالص …. أعوذ بالله منك ومن شرك …
جسمي اقشعر من الكلام اللي سمعته …. مش عارفة وليد بيتكلم مع مين ….. وليه بيتكلموا ف الأوضة دي بالذات … أوضة حماتي المجهولة …. اوضتها اللي ياما خفت منها….. جريت بسرعة وسيبت البيت كله ….. أنا مش عارفة وليد كان بيكلم مين …. بس متأكدة إن ف حاجات مُريبة بتحصل. … العيلة دي مش طبيعية …. وليد وامه فيهم حاجة غريبة و الله اعلم إيه هي …..
وصلت بيت أبويا وأنا برتعش من الخوف …. اللي شُفته ف بيت وليد الأيام اللي فاتت كان فوق احتمالي …. قررت إني لازم أطلق وأبعد عنهم نهائي …. هو ده القرار السليم اللي قدرت أوصله ……
طبعا أبويا ماكنش ف دماغه زي كل مرة …. قالي بس كلمتين مجاملة ونسي الموضوع زي عادته …. هو اصلا مش فارق معاه حاجة غيرها هي وبس … مش مهم عنده إن بنته تتطلق بعد شهر واحد من جوازها……… للدرجة دي مراته أهم مني…. معقول الزوجة أهم من الأولاد …طبعا لازم تبقى أهم مني ما هي مش أمي ……لكن أكيد أولاده منها مُهمين عنده … لأنهم ببساطة منها ……ياترا كل الأزواج كدا… ولا أبويا بس اللي كدا …. طب ليه الدنيا بتعمل معايا كل ده….ليه قاسية عليّ بالشكل ده….. ليه مليش حظ فيها …..اتحرمت من امي …. اتوجعت من ابويا ….. مليش حظ ف جوازتي ….. كنت فاكرة إن ربنا هيعوضني ف الجواز ….. كنت فاكرة اني هرتاح اخيرا. ….. بس اكتشفت إن اللي زيي مالهموش راحة …. ياااااه على الوجع اللي جوايا …. لو ألاقي بس حد يشيله معايا ويخفف عني …..
وليد اتصل بيّ كتير اليوم ده …. رديت عليه بكل صرامة وقلت له:
….. أنا مش هكمل معاك يا وليد …لو سمحت طلقني
قالي بصدمة :
…. ليه كدا يا ملك ……وأنت ِ شايفة أن ده وقت مناسب للكلام ده
رديت عليه بكل حزم :
….. أيوة ده أنسب وقت … أنا آسفة مش هقدر أكمل
قالي بصوت ضعيف وحزين :
…. ماشي يا ملك … اطمن على امي الأول وبعد كدا هعملك كل اللي أنت ِ عايزاه ……
قفلت معاه وأنا مقتنعة بقراري. ….. أنا ما ظلمتوش بالعكس أنا الضحية الوحيدة ف الحكاية دي …. أنا طول عمري الضحية ف كل حكايات حياتي …… أنا كنت مستعدة استحمل معاه اي حاجة ….. ما أنا طول عمري متحملة … بس اللي بيحصل ده مفيش حد يقدر يستحمله أبدا. … مين يستحمل يعيش مع ناس غريبة الأطوار بالشكل ده …. صحيان ف نص الليل … بخور طول الوقت و أمور كتير غريبة وملهاش غير تفسير واحد …. أكيد حد فيهم مخاوي
وعلى الرغم من تجاهل أبويا لموضوعي حكيت له …….كان لازم أحكي لأي حد …..كنت هموت من السكوت ….. حكيت له كل التفاصيل وطبعا سعاد كانت قاعدة وسامعة كل كلامي …. ماكنش هاممني بصراحة …. أنا أصلا اكتشفت إن مشاكلي مع سعاد ولا حاجة جنب اللي عيشته ف بيت وليد …. أبويا بعد ما سمع كلامي قالي:
……. قصدك إيه يعني …. بيحضروا عفاريت مثلا
قلت له :
…….. أيوة طبعا ….
قالي بحزن :
…. ربنا يهديكي يا ملك….. ده كلام برضه
قلت له بعصبية:
…. بقولك أنا سمعت وليد بنفسي وهو بيتكلم مع حد
قالي:
….. أكيد بيتهيألك يا ملك … عادي بتحصل … المفروض ترجعي لجوزك ولبيتك ….. المفروض تبقي معاهم ف الظروف دي
وفجأة لقيت سعاد بتدّخل ف الكلام بعد ما كانت ساكتة …قالت :
……. إيه اللي أنت بتقوله ده يا عادل … البنت أعصابها تعبانة وأنت بتقولها بيتك وجوزك. … سيبها طيب لغاية لما تهدى على الأقل. …..
بابا رد عليها بسرعة وقال :
….. اللي تشوفيه يا سعاد … أنتِ أكيد تفهمي ف الأمور دي أكتر مني
ماستغربتش رد فعل بابا … هو طول عمره كدا …اللي استغربته بجد رد فعل سعاد …. إيه الطيبة والحنية اللي نزلوا عليها فجأة. …..معقول الشهر اللي غيبته عن البيت غيرها بالشكل ده ….. لا لا لا مستحيل … أكيد وراها مصلحة … أنا اكتر واحدة عرفاها ف الدنيا دي … بس ماكدبش عليكم…. أنا فرحت جدا بتعاطفها ده … حتى لو كان مُزيف … حتى لو بتمثل عليّ …. أنا خلاص وصلت لمرحلة الشحاتة أيوة بقيت بشحت المشاعر والاحتواء … حتى لو كانوا من اخر واحدة ممكن تحبني ف الدنيا …حتى لو كانوا من مرات أبويا. ….
نمت كويس جدا الليلة دي … من يوم ما اتجوزت وأنا مانمتش بالراحة دي …. بس للأسف الراحة دي اختفت بمجرد ما صحيت من النوم ….. زي ما يكون القدر كان بيديني هُدنة …..فترة راحة بسيطة عشان أقدر أواجه الضربات اللي بعد كدا وأول ضربة كانت من أبويا ….لما جالي أوضتي وقالي :
……. بصي يا ملك يا بنتي …. أنتِ طبعا فاهمة إن الحِمل تقيل عليّ… من مصاريف البيت لِ مصاريف اخواتك. .. وأنتِ يا بنتي اللي اخترتي الطلاق …. ف معلش لازم تتحملي مصاريفك ع الأقل … عشان كدا لازم تنزلي المصنع من تاني …. أنا بصراحة مش هقدر اصرف عليكِ …يا اما احنا لسا فيها … فكري ف موضوع الطلاق ده وياريت لو تتراجعي عنه …….
قاطعت كلامه وقلت له :
…… متقلقش يا بابا …. أنا هرجع الشغل من تاني وهتحمل كل مصاريفي. ….
كلامه جرحني أوي. … أنا عمري أصلا ما حملته همي …. طول عمري وأنا بشتغل وبصرف ع نفسي …. اشتغلت كل حاجة ممكن تتخيلوها …. ده أنا قبل فرحي بيوم كنت بشتغل عشان اكمل احتياجاتي …..أصل القبض ف المصنع اللي كنت شغالة فيه كان بنظام اليومية ….واليومية دي كانت بتفرق معايا جدا ……اليومية دي هي السند اللي جهزني هي الضهر اللي كان بيكملي احتياجاتي. ….معقول كنت أقدر استغنى عنها……… كل البنات قبل فرحهم بيظبطوا نفسهم ويرتاحوا ويفرحوا …. إنما أنا كنت بشتغل عشان أرتاح من الحِمل اللي فوق دماغي ….. ربنا يسامحك يا بابا ……
فُقت من شرودي على صوت سارة أختي وهي بتقولي :
……. ف واحد عايزك برا يا ملك
قلت لها بخوف :
….. لو وليد مش هقابله
قالت لي :
…. مش وليد …. ده راجل كبير ف السن
جي ف بالي ع طول إنه اكيد والد وليد …. طلعت بسرعة وفعلا كان هو ….. أول لما شافني قام من مكانه وقالي :
….. الحمد لله إنك كويسة يا بنتي
قلت له بحيرة :
….. وحضرتك عرفت منين إني هنا
قالي :
….. لما روحت المستشفى ومش لاقيتك …قلت اكيد هتكوني هنا ….
قلت له بحزن :
….. وحضرتك روحت المستشفى ليه …. وليه اختفيت يومها لما حماتي اغمى عليها……
قالي بحزن :
….. روحت المستشفى عشان اطمن عليها ….مهما كان برضه هي ام ابني … أنا اصلا كنت عارف إن نهايتها هتكون كدا …. الظلم نهايته وحشة …. واختفيت يومها لأني بصراحة خُفت من وليد …. هو اه إبني بس أنتِ ماتعرفيش لو كان شافني ف البيت كان ممكن يعمل فيّ إيه …
قلت له بخوف :
يتبببببببببببببع