فكثير من الأحكام قد لا يدرك العقل حكمتها ، أو يدرك شيئا قليلا منها .
والمؤمن قد آمن بأن الله تعالى عليم حكيم ، موصوف بكمال العلم وكمال الحكمة ، فلا يشرع الشيء إلا لمصالح عظيمة تترتب عليه ، قد يعلمها الإنسان ، وقد لا يعلمها .
وإباحة الزواج للرجل بأربع نساء هو ما دل عليه القرآن دلالة قطعية ، وأجمعت عليه الأمة ، قال الله تعالى : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا النساء/3.
فالواجب على المؤمن أن لا يتوقف امتثاله لأمر الله على معرفة الحكمة ، فإن هذا ينافي الإيمان والتسليم لأمر الله .
ثم … لا حرج على المؤمن أن يسأل عن الحكمة ليزداد إيمانا ، وليعرف كيف يرد على أهل الزيغ والشبهات ، وقد يصل إليها، وقد لا يصل؛ وقد يفهمها، وقد لا يفهم ؛ لكن ذلك كله يكون تبعا لإيمانه بما جاء من عند الله، وتسليمه تسليما مطلقا، لا تردد فيه ، ولا حزازة، ولا قلq ، ولا ريب مما جاء الله في كتابه، وشرعه لعباده.
قال الله تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا النساء/65.
قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن (652) ـ ط عالم الفوائد ـ : ” أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسماً مؤكداً بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم ، من الأصول والفروع ، وأحكام الشرع ، وأحكام المعاد ، وسائر الصفات وغيرها .
ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم ، حتى ينتفى عنهم الحرج ، وهو ضيق الصدر ، فتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح ، وتنفسح له كل الانفساح ، وتقبله كل القبول .
ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضاً ، حتى ينضاف إليه مقابلة حكمِه بالرضى والتسليم ، وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض” انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم: (242925)، ورقم:(245073 )، ورقم:(301677).

