رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي ❤?كاملة ? جميع الفصول ?(من الفصل الأول إلى الأخير) كاملة ستعجبكم

ليس لدي مكان آخر لأقصده أجابت وهي تضم طفلها لصدرها، لمح الهلع بعينيها، الرعشة التي زلزلت جسدها، أنفاسها المرتفعة، جسدها النحيل وقلة حيلتها.
منذ متي لم تتناولي طعام؟
لا أعلم!

 

close

 

اخرج من جراب يحمله رغيف خبز وقطعة جبن قديمة، ومدها لها.
انا حارس المقابر ولا يمكنني ان اسمح لك بالبقاء هنا كان يحدثها وهي تلتهم الخبز، يجب أن ترحلي!
كانت تائهة بعينيها نظرة لا معنى لها.
سأل نفسه، كيف لأنسان ان يتحمل جريمة بمثل تلك القباحة؟ ان تدفع كلماته، أفعاله، شخص آخر لمثل هذا

 

المصير؟
جعل يتأملها قبل أن يرحل، عاد بعد مده يحمل مفرش وبطانيه قديمة، طلب منها ان تقف، مد المفرش، جلس وجلست بجواره، لم يعد يعنيه سبب وجودها ولا ما فعلته، حتى لو كانت خاطئة؟ فأنها تستحق معامله افضل.
لم يجبرها ان تتحدث، داعب رضيعها وهو يقرأ القرآن قبل أن يرحل.

يتبع….

 

منذ ذلك اليوم أصبحت المقابر منزلها، تختفي بالنهار الفاضح حتى لا يراها احد، تتلصص الشارع الخالي الذي لا

تقطعه الا سيارات تحمل البضائع لتلك الفيلا القريبة.
كانت عندما تسمع صراخ جنازة تحمل طفلها وتركض لآخر المقابر، تكمن أسفل دغل من الأشجار حتى تخفت الجلبة.

 

أصبحت تدرك ان أقرباء الميت يكونون اول الراحلين بعد دفنه، ما جدوى الانتظار والبكاء الا تقليب المواجع؟
ما عاد القلب يحتمل احزان أخرى، ان الحياه لا تنتهي بموت احبائنا وكل ذلك الهراء البشري، المبررات التي تدفعنا للاستمرار بحياة تكرهنا حتى نفقد شخص آخر تدور الدائرة حتى نكون نحن أنفسنا ذلك الشخص
لكن تلك المرة كانت مختلفة، بعد أن رحل الجميع ظلت تسمع صوت ينتحب، عويل مرير استمر واستمر اليوم

 

بطوله، تخلت عن حذرها لأول مره، تركت مكانها وتسللت خلف المقابر حتى لمحت رجل خمسيني يجلس محملق بشاهد قبر محتضن وجهه بكفين ناعمتين، قالت سيرحل الان، عما قريب سيهبط الليل ويتبخر النور لكن بعد أن علت النجوم بالسماء واصبحت بقع مضيئة ظل ذلك الرجل ثابت بمكانه.
لا يشعر بألامك الا شخص عانى مثلك او اكثر منك ومن تراه تعذب بتلك الحياه اكثر منها؟؟
مات طفليها، هاربه، مشرده بالثالث ! اقتربت منه وهو لا يكاد يشعر بها اولا يرغب الشعور بها،

 

كان قد فقد كل شعور بالحياة ولم تعد تمثل له اثاره، وضعت يدها فوق كتفه، البقاء لله، فك يديه ورمقها بأتعس نظرة ممكنه قبل أن يعاود نحيبه مره أخرى، لا يبكي الرجل الا اذا انتهى كل أمل له بالحياة.
أحضرت المفرش الذي كانت تخفيه في الزراعات وفردته بجواره، طلبت منه أن يجلس فوقه، اتكاء بأعياء، ظهره

 

على مقبره تحمل شاهد قبر حديث برخامه تحمل اسم أحمد صبري عبد الحميد وحرمه..
اهات مستعرة خرجت منه تلهب تسيل السماء المتجمدة، لم يكن يتنهد، كان يطلق دفعات من جمر احمر تكوى روحه.
وتسأل وهو ينتحب، ان الحياه التي تجعل الاب الذي انحني ظهره يدفن ابنه ليست رحيمه ابدآ
دقائق ظل على تلك الحالة يكافح ليجد نفسه، تلك الأوقات التي تترنح خلالها ثوابتنا ومبادئنا الآبديه أمام عواصف

 

الحياه ومصائبها.
وجد الطفل يرنو تجاهه بنظرات متقلقلة وهو يعبث بساقيه بسعادة، اعتدل ليجدها ترقبه فتاه على مشارف الثلاثين، ناحفة كسنبلة قمح، بانت عظام وجهها، غارت عينيها في مخابئها، بقع تحت جفونها، ويديها الزابلتين التي تحتضن بها طفلها.

 

شعر بالخزي، لأول مره في حياته ينكسر أمام صدمه، كان لا يعرف كيف يسقط الرجل مكتمل العافية أمام الألم حتى شعر به يخترقه ويدمره ويسخر منه.
مسح دموعه بكم قميصه، ما اسمه سألها، سكتت، هرشت رأسها، لم تفكر في ذلك من قبل، ما اسمه سألت نفسها؟
لم تختاري اسم حتى الآن؟
لم تأتيني الفكرة، ليس مهم واعرضت بوجهها بعيد عنه.

 

وضح لها أن ذلك غير ممكن وان نشأت طفلها وترعرعه دون أسم وشهادة ميلاد غير ممكن الأن،
بدت غير مهتمة بتلك المصطلحات الرنانة، المهم ان طفلها بحضنها، اخرج صبري لفافة تبغ واشعلها تحت مراقبة عيون الموتى المستنكرة،
سحب سحبه مديده من لفافة التبغ وهو ينظر للأفق الممتد أمامه، بدي يفكر ما الجدوى من حديثه قبل ان ينطق

 

اخيرا، لقد فقدت ابني الوحيد وزوجته اليوم، مات بحادثه دون أن يودعني، أربعين سنه نعيش مع بعضنا، نأكل وننام بنفس المكان ولا يجد دقيقتين ليقول انا راحل ويودعني، انها مأساة حقيقيه لا أعتقد انها ستعبرني دون خسائر.
القصه بقلم الكاتب اسماعيل موسى
لقد فقدت طفلي أيضا ولم تنتهي الحياه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top