-أنا عملت ايه يا بابا ..فيه ايه ؟!
-فيه انك قليلة الذوق بطريقة مستفزة …معاملتك مع مراتي زي الز فت …فيه أنك متربتيش …
-كريم!!محصلش حاجة لده كله .
قالتها نهى بصدمة لتصرخ نسرين فجأة:
-أنا عملت ايه لده كله …أنت بتتلككلي ..ايه مش عاجبك وجودي في البيت قولها بصراحة بدل ما تحاول تطفشني …
-أنتِ فعلا قليلة الادب ..
صرخ كريم ثم صفـ عها بقوة …
-عم كريم !!!
زعق فؤاد وهو يمسك نسرين ويبعدها عنه ولكن كريم كان غاضب اقترب منها ورفع كفه ليضر بها مرة آخري ولكن كفه تعلق في الهواء …نظر ليجد ان يوسف يمسك كفه ووجه تلون بلون الغضب …رفع يوسف كفه الآخر ولكـ مه بقوة حتي سقط أرضاً!!!
يتبع….
(إعتراف بالعشق)
وقع كريم علي الأرض وانفـ جرت الد ماء من شفتيه…كانت اللكمة قوية لدرجة ان سن من أسنانه قد انكـ سر …صرخت نهى ثم وضعت كفها علي فمها وهي مصدومة بينما بهت كلا من منير ونسرين …. فؤاد وحده من تحرك محاولا ابعاد يوسف كي لا تتفاقم المشـ كلة …نهض كريم وصرخ وهو يمسح الد.ماء من فمه:
-أنت اتجنـ نت يا يوسف …اتجننت ..
ثم أقترب من يوسف الذي حاول لكمه مرة آخري الا ان فؤاد وقف في المنتصف وهو يحاول أن يهدئ الوضع ولكن يوسف دفعه بعنـ ف ثم أقترب من كريم ولكمه مره اخري وقبل ان يقع أمسكه من قميصه وصرخ؛
-بتضر ب بنتك …بتضر ب نسرين يا كريم !!نسرين …هي دي وصية مراتك الله يرحمها …هي دي الامانة اللي قدرت تحافظ عليها …
دفعه كريم وصرخ بعنـ ف:
-وأنت مالك …أنت مالك دي بنتي أنا …بنتي وانا بربيها وعارف أنا بعمل ايه …أنت عمرك ما هتفهم لان معندكش عيال …سيبني أنا اربي بنتي بطريقتي !!!واتفضل أطلع برا بيتي يا يوسف مش عايز اشوف وشك هنا تاني ….لولا صداقتنا كنت عرفتك ازاي تمد إيدك عليا في بيتي ووسط مراتي وبنتي …لكن من النهاردة انسى أنك تدخل البيت ده ..انسى ..
هز يوسف رأسه وقال:
-لا لا مستحيل مش هسيبك تمد ايديك عليها تاني …نسرين هتيجي معايا …مادام مش قادر تشيل مسؤولية بنتك يبقي تيكي معايا …
ثم بالفعل وفي لحظة جنان منه اتجه الى نسرين المصدومة لكي يمسك يدها ولكن كريم تدخل ودفعه بعنـ ف وصرخ:
-أنت أكيد مجـ نون …دي بنتي أنا …أنا …أنت نسيت نفسك عشان دخلتك بيتي وعاملتك كأنك اخويا ولا ايه …فوق لنفسك يا يوسف …
ولكن يوسف كان فاقد السيطرة على نفسه …لا يتقبل حقيقة أن يؤ ذيها أحد حتي لو كان والدها…
لذلك اشتبك معه مرة آخرى وتفاقمت المشكلة …كان فؤاد ومنير يحاولان فض النزاع بينما نهى كانت تبكي وتصر.خ والمرأة التي أتت مع يوسف تجلس بركن وهي خائفة …بينما نسرين تنظر الي ما يحدث من حولها ودموعها تتساقط …أتجهت الي الطاولة وأمسكت السـ كين وبأعلى صوت لديها قالت:
-أنا همو ت نفسي. ..همو ت نفسي
توقف الجميع فجأة …اتسعت عيني كريم وهو يرى ابنته تضع السكين علي رسغها بينما الدموع تغرق وجهها…كانت منهارة بالفعل …
-نسرين متعمليش كده !!
صرخ فؤاد بينما أخذ يوسف يحدق بها برعب وقد تجمدت كل أطرافه …
-اهدي يا نسرين !
قالها كريم بحذر وهو يقترب منها ولكنها تراجعت وهي تقول:
-انا هريحك مني عشان تعرف تعيش حياتك مبسوط من غير ما أنغص عليك حياتك يا بابا ..متقلقش أخيرا هترتاح من همي …مش ده اللي أنت عاوزه أنا هحقق أمنيتك …
-نسرين سيبي السكينة أبوس إيديكي …
أكمل كريم وقد تشبعت عينيه بالدموع وهو ينظر الي السـ كين وقد لامست جلدها ..شعر بالر عب للحظات لتقول هي :
-أنت عمرك ما حبتني …عمرك ما اهتميت بيا …أنا عبأ عليك صح ؟! عايز تخلص مني بأي طريقة وانا أهو هريحك …انت حتي لما ناس هاجمو نا أنا وليان محضنتنيش كأنك كنت متضايق اني ممو تش وخلصت مني
بطلي كلام فارغ وسيبي السكـ ينة أبوس إيديكي !!
قالها كريم برعب وهي يرى حالتها تلك ..كانت هيستيريا ويعرف انها قد تنفذ تهد يدها …
-أنا خلاص هخلصك مني …
ثم ضغطت السـ كين علي جلدها أكثر لتصرخ نهى بقوة ولكن فجأة أحدهما انُتزع السكين من يدها…نظرت لتجده فؤاد الذي ألقى السكين بعيدا…
-ابعد سيبني …سيبني
أخذت تدفعه وهي تصرخ بقوة …
-اهدي يا نسرين …
ولكن نسرين لم تهدا بل أخذت تصرخ بهيستريا وتضر.ب نفسها ..حاول فؤاد ويوسف السيطرة عليها ولكنهما فشلوا …كانت مُصرة على إيذ اء نفسها وكأنها ممسو سة…. اخيرا تمكن فؤاد من جذبها واحتضانها ليهدئ روعها …قاومت وقاومت وهي تصرخ من أعماق روحها ولكن فؤاد لم يفلتها … فجأة تمكن الأرهاق منها وشعرت أنها عاجزة عن الصر اخ تماما …عصف بها التعب وشعرت أنها تنسحب داخل دوامة مظـ لمة…حاولت التمسك بفؤاد ولكنها كانت تسقط رويدا رويدا …كان شعور مخـ.يف لكنه رائع للغاية …فكرت نسرين بينما تفقد الوعي بين ذراعي فؤاد !
……… . ……..
-عدي لازم اروح بقولك نسرين في المستشفي !!!
قالتها ليان والدموع تغرق وجهها…شعرت بالإختنا.ق …بقلة الحيلة وشقيقها يرفض بهذا الإصرار بسبب خوفه عليها …ولكنه لا يمكن أن يمنعها عن نسرين الا يكفي انه لا يسمح لها بالذهاب الي الجامعة حتي بتعافي موسى …صحيح انها تحب عدي كثيرا ولكنه يخنـ قها بإهتمامه !!
تنهد عدي وهو يحاول ترتيب كلماته …لا يريد ان يغضبها او يجعلها تشعر بالحزن …يجب أن تعرف ان ما يفعله عدي يفعله من أجلها هي …لانه خائف عليها ليس لانه شقيق متسلط …فليان هي أهم شخص لديه …وهو سيضحي بحياته من أجلها فهي وصية والده قبل موته …ولن يُسامح نفسه لو حدث لها شيئا …
-عدي عشان خاطري خليني أروح !!
قالتها بصوت مخـ تنق بفعل الدموع ….
كان عدي في ورطة …لا يمكنه تجاهل حزنها بتلك الطريقة …
هز رأسه وقال :
-طيب يا ليان بس بشرط أنا هوصلك واجيبك كمان اتفقنا …
هزت راسها بسرعة ثم ضمته إليها وهي تتمتم :
-شكرا اووي يا عدي …شكرا …
ابعدها وقال :
-يالا روحي اجهزي هنمشي دلوقتي عشان منتأخرش ..
هزت رأسها موافقة ثم صعدت لغرفتها
تنهد عدي واتجه.الي مكتبه لأخذ سلا حه فهو لا يعرف ما سوف يواجهه …فبعد القبض على عوض ستكون الأمور أسوأ الآن ..
…….
ولج عدي الى المكتب وتجمد وهو يرى زوجته تفتش بجارور المكتب …رفع حاجبيه وابتسامة خبـ يثة برزت علي شفتيه واقترب منها بهدوء وهي منهمكة فيما تفعله …
-بتعملي ايه في مكتبي ؟!
قالها عدي فجأة لتقفز جواهر وتنظر إليه بر عب بينما ممسكة بالجارور التي فتحته للتو بحثاً عن الشيكات …ازدردت جواهر ريقها وهي تحاول اختراع كذ بة ما …ولكن عقلها توقف الآن …شتـ مت نفسها في سرها…ابتسم عدي واقترب منها قائلاً:
-وصلي رسالة لشريف بيه اني مبحطش الحاجات المهمة في درج مكتبي دي تصرفات الناس اللي مستوي ذكاءها اتنين ونص زيك كده مش تصرفاتي أنا ..
قضمت شفتيها بغيظ وهي تنظر إليه بإ شتعال ..كان ذكي للغاية…شخص مثله سوف تعاني معه الكثير …اللعـ نة علي شريف هو من ورطها معه!!
كان عدي يبتسم بخـ بث وهو يري غضبها مد كفه وازاحها قليلا ثم اتجه لخزنته الصغيرة الموجودة بجوار المكتب اتسعت عينيها وهي تلعن غبائها …بالطبع الشيكات سوف تكون هنا …وكأنه قرأ افكارها قال بصوت متسلي :
-ولا بشيلهم في الخزنة دي كمان …
فتح الخزنة بالرقم السري الذي دونه بسرعة ليخرج سلاح ناري…
شهقت وتراجعت قليلا بخوف ليأخذ عدي السلا ح النا ري ثم ينهض ويشد جواهر بغته نحوه و يطوق خصرها ثم يقربها منه اكثر حتي تلاشت المسافة بينهما ولم يبقي للهواء حتي منفذ ليمر…ابتسم ساخرا وهو يرى الر عب الطفيف الذي سكن عينيها وقال وهو يغرس السلاح بعنقها ويقول بينما يراها ترتعش :
-ده مسد س مرخص …بستخدمه مع الخا ينين واللي بيكذ بوا واللي بيحاولوا يسر قوني ..أنا مبسامحش في حقي يا بيري فخدي بالك ..
-انا مبخافش منك …
قالتها بنبرة جاهدت لإخراجها ثابتة بينما حدقتيها تهتزان قليلا ..ابتسم وهو يتأملها …فجأة انمسحت الابتسامة من علي شفتيه وعينيه تطوف علي ملامحها الجميلة …تمتلك ملامح جذابة كثيرا ولكن أكثر ما يميزها هي تلك القوة التي تحاول ابرازها في اسو أ لحظاتها …يجب أن يعترف أنها تعجبه كثيرا …هو لا يحب المرأة الخا نعة الضعـ يفة…ذلك النوع من النساء لسن نوعه المفضل أبداً…انتقل بالسلاح من عنقها لفكها وقال؛
-لا لازم تخافي مني …عشان لو حصل اي خيانة منك هقتـ لك فعلا …
ظلت تنظر إليه …لا ترف جفنيها حتى …ابتلع ريقه وتوقفت نظراته علي شفتيها ..أغمض عينيه و اقترب بفمه منها ليقبلها …كان يجب أن تصرخ به وتدفعه ولكنها شعرت بالخدر في جميع أنحاء جسدها …شعرت أنها مغيبة لذلك أغمضت هي الآخري عينيها وقبل أن تلامس شفتيه شفتيها انفتح الباب فجأة
-عدي ….أووه …أنا اسفة ..
قالتها ليان بحرج وهي تتراجع …..وجهها أحمر بقوة وهي تري شقيقها وزوجته بهذا القرب….
ثم بسرعة قالت:
-أنا مستنياك برا
ثم أغلقت الباب بسرعة…كان وجه جواهر محمر بفعل الخجل والغضب نظرت إلى عدي لتجده مبتسم بخبث …رفعت قدمها ثم ضربت قدمه بقوة ليتأوه وهو يتراجع بينما تستغل هي تلك الفرصة لتلوذ بالفرار بينما الدموع تحتشد بعينيها …لقد كادت أن تُخطئ اليوم!!!!
…………
في المشفى…
كان كريم يذرع رواق المشفى بقلق …القلق ينـ هش في قلبه بسبب ابنته …لم يفكر بأي شئ …كل ما يريده أن يطمئن عليها …بينما يوسف كان يرتكز علي الحائط وهو ينظر إلى كريم بغيظ عينيه العسلية كانت تشتعلا ن بالنيران …ود لو يقـ تله …لكمتين لم تكفي لتهدئه غضبه من كريم الذي ضر ب حبيبته أمامه ….نظر إلى الأرض وهو يتمنى من كل قلبه ان تخرج سالمة وبعدها سوف يتصرف مع كريم …
…
خرج الطبيب من غرفتها ليقترب فؤاد وكريم منه ..
-بنتي عاملة أيه يا دكتور ؟ !
-إنهيا ر عصبي .
وضعت نهى كفها علي فاها بينما أطرق كريم برأسه والذنب ينـ هش قلبه ليكمل الطبيب :
-أنا بقترح تعرضوها على طبيب نفسي ..
هز كريم رأسه وقال:
-حاضر يا دكتور..
………
كانت جالسة على الفراش شعرها الذهبي متساقط علي وجهها …دموعها لا تتوقف عن التدفق …والأ لم في قلبها لا يُوصف ..تمنت وقتها أن تمو ت وترتاح …أن تلحق بوالدتها …لقد فهمت الأمر …لم تكن محبوبة يوماً من قبله …والدها لا يحبها…يفعل المستحيل كي يؤ لمها…وربما يريد تزويجها بسرعة كي يتخلص منها …ولكنها قريبا سوف تريحه من مسئولياتها ….ثم تغادر وهو لن يعرف مكانها أبداً…
-نسرين !
صوت والدها اخترق أذنيها بقوة …رفعت عينيها إليها وسرعان ما نشجت بقوة وهي تقول :
-أمشي…أمشي….
نظرت نهى بقلق الى حالتها …كانت نسرين علي وشك الإنهيا ر مجددا….
-اهدي.يا بنتي مش ها ذيكي والله …
-لا لا امشي …مش عايزاك أنت…أنا عايزة ليان …فين ليان ..ليان !!
كانت تتكلم دون توقف لتقترب نهى من كريم وتقول:
-كريم اطلع دلوقتي معلش… اطلع من هنا !
كاد أن يعارضها ولكن حالة أبنته اخافته …لم يكن يريد أن يراها تعاني بهذا الشكل ..لـ عن نفسه لأنها وصلت لتلك الحالة بسبب قسو ته الشديدة عليها …
-هطلع حاضر ..
قالها كريم بحزن ثم خرج …
بعد أن خرج اقتربت نهي بحذر من الفتاة ثم أخذت تربت على كتفها وقالت:
-ليان زمانها جاية يا نسرين أنا اتصلت بيها ..
بس أهدي يا حبيبتي ..اهدي ممكن .
حدقت بها ثم بدأت بالبكاء مجددا …
جذبتها نهى ثم عانقتها وهي تقول:
-يا حبيبتي …يا حبيبتي …
-أنا عايزة امو ت…نفسي أمو ت …
-بعيد الشـ ر عنك يا حبيتي متقوليش كده…ربنا يسعدك ويديلك العمر الطويل …
-بابا مبيحبنيش …محدش بيحبني …
هزت نهى رأسها وهي تربت على شعرها وتقول:
-لا يا بنتي لا…أنتِ غلطانة أووي …باباكي بيحبك وبيحبك أووي كمان…أيوة صحيح هو غلطان مش هدافع عنه ولا ابرر لكن والله بيحبك …وأنا كمان بحبك يا نسرين وليان كمان ..ليان صاحبتك لما عرفت أنك في المستشفي قالت أنها هتيجي علطول …كلنا هنا بنحبك يا بنتي …
-نسرين ..
قالتها ليان بقلق وهي تلج لغرفتها…ابتعدت نسرين عن نهى…كانت الدموع تغرق وجهها بالفعل …الأ لم يشع من عينيها ..
اقتربت ليان ثم عانقت نسرين بقوة لتنفـ جر نسرين بالبكاء مجددا وقد شعرت أخيرا بالآمان….
-بس …بس اهدي يا حبيبتي ..اهدي …
ولكن نسرين لم تتوقف عن البكاء …كانت تتأ لم وكأن كل ما اخفته في قلبها من أ لم ظهر الآن …لم تخفي شئ ولما تخجل من بكائها بتلك الطريقة …كل ما تبغيه هو الراحة…لقد تأ لمت كثيرا …خذلها الجميع وأولهم والدها
شددت من إحتضان ليان وقالت بإختناق:
-ليان ..خديني من هنا…خديني من هنا يا ليان لو سمحتي ..
تنهدت ليان وهي تنظر إلي نهى فقالت نهى:
-هكلم باباها وأقنعه تروح معاكي يا ليان ..كده كده هي هتخرج دلوقتي ..
…………………
في اليوم التالي …
في حديقة قصر عائلة رشيد …
كانت تجلس جواهر علي احدي المقاعد الخشبية البيضاء بينما تضع سماعات الأذن المتصلة بهاتفها النقال تستمع لإحدي أغاني أمير عيد وبجوارها صينية بها شطائر الكفتة مع عصير مانجو طازج …مزاجها رائق اليوم وقد قررت ان تبدأ بالبحث في محاولة ايجاد الشيكات مجددا كي تتحرر من هذا الزواج المز يف التعـ يس!!!أطفأت الأغنية فجأة واغمضت عينيها وهي تستمتع بهذا الهدوء المحبب للقلب …فجأة ازدردت ريقها وهي تتذكر تلك القبلة التي كادت أن تتشاركها مع عدي…لا تصدق انها ضعفت أمامه …زفرت بضيق وقد تعكر مزاجها ..
….
خرجت ليان من القصر لتسقي الورود الخاصة بها وسوف توصي الخادمة لتحضير طعام الإفطار لها ولنسرين …توقفت قليلاً وهي تجدها تجلس علي المقعد الخشبي …وضعت أناء الري جانبا ثم اقتربت منها مبتسمة ..
-صباح الخير .
قالتها ليان بإبتسامة لطيفة لزوجة أخيها …تلك المرأة الجميلة والتي دوما وجهها متجمد لا تبتسم عندما تراها …حاولت أن تتكلم بلطف كي لا تشعر جواهر بالإحراج بعد ما حدث بالأمس …من الأساس قررت ألا تتكلم.عنه أبدا…قررت تجاهله..
نظرت جواهر بنفس البرود الي ليان وهي تتفصحها جيدا ثم ردت ببرود وهي تتناول شطائرها المفضلة :
-صباح النور…
اقتربت ليان وجلست بجوارها بعفوية تامة ثم أمسكت احدي الشطائر وهي تلتهما وتقول :
-صحيح الايام اللي فاتت كان فيه شوية توتر في حياتنا ومقدرتش اتعرف عليكي كويس …
نظرت إليها جواهر بضيق …كانت لا تريد أي صحبة الآن …تريد أن تبقي لوحدها وتفكر ..وآخر ما تريده هو التحدث مع أحدهم وخاصة شقيقة عدي بعدما حدث بالأمس …
-اسمك بيري صح ..عدي قالي ..هو حقيقة اتصدمت لما عدي اتجوز كده فجأة بس لما شوفتك عرفت ان ليه حق ..أنتِ جميلة وفي وشك قبول غريب ..أنا بجد حبيتك ..
ارتبكت جواهر ولم تعرف بماذا ترد على هذا الكلام اللطيف والذي بدا صادقا للغاية …أرادت ان ترد بوقا.حة ولكنها عجزت تماما كيف تقابل هذا اللطف بالقسا وة ..كيف ..
ابتسمت جواهر ابتسامة حقيقية وقالت:
-وأنتِ كمان جميلة يا ليان وأنا حبيتك …
-بجد أنتِ حبتيني …شكرا ليكي أووي ..
ثم حاوطت جواهر بذراعيها وهي سعيدة توجست جواهر من رد فعل الفتاة المفاجئ فابتعدت ليان قليلا وقالت بإحراج:
-أسفة رد فعلي كان ويرد شوية بس أنا كان نفسي اصاحبك من أول ما جيتي …أنا كان دايما عندي حلم وخيالات ان أنا ومرات عدي نبقي أصحاب ونخرج مع بعض …
ضحكت قليلا وأكملت :
-ده غير أني قولت دايما اني هقف في صف مرات اخويا ضد عدي …
ابتسمت جواهر لها وقالت :
-متقلقيش هحققلك حلمك بإذن الله …
ابتسمت ليان ثم ضمتها مرة آخري لتبتسم جواهر بغرابة ..كيف يمتلك عدي شقيقة لطيفة مثلها
-شكلكم انسجمتوا سوا !
قالها عدي مبتسما وهو يقترب منهما لتبتعد ليان عن جواهر بينما تجهم وجه جواهر المبتسم …ابتسمت ليان وهي تنهض وتعانقه وقالت:
-بيري عسولة اووي يا عدي …أنا حبيتها ..
ابتسم عدي بسخرية وقال:
-شايفة أنك انسجمتي مع أختي خالص يا بيري عقبال ما تنسجمي معايا كده …
ثم غمز لها
-علي جثـ تي الكلام ده. ..
تمتمت بغيظ لنفسها ليقول عدي :
-بتقولي حاجة يا عروسة ..
-لا مبقولش ..
قالتها بفظا ظة لتضحك ليان وتقول:
-شكلكم كيوت مع بعض زي Tom and jerry دايما بتضايقوا بعض بس بتحبوا بعض …
ثم تركتهم وذهبت ليجلس عدي بجوار جواهر ويقول:
-ايه رأيك يا بيري تفتكري هنحب بعض في يوم من الايام؟ !
-لا مظنش …أختك بتحلم زيادة عن اللزوم أنا مش بطيقك اصلا .
-غريبة ده مكانش رأيك امبارح يعني !!
احمر وجهها ليقترب أكثر وأصابعه تتلمس وجهها ويقول:
-أمبارح لولا دخول ليان كُنت ه….
نهضت بسرعة وقالت بتوتر :
-أنا.رايحة الحمام …
ثم ركضت نحو القصر يتبعها ضحكات عدي الساخرة …تنهد وهو ينظر إلي طبق الشطائر امسك شطيرة منها ثم بدأ يتناولها وهو يصفر ويقول:
-الصبر …الصبر يا بيري بس …اصبري عليا اخلص اللي ورايا وهفضالك ووقتها هأخد كل حقوقي منك ..ونشوف كلمة مش بتطقيني دي هتطلع من بوقك ازاي تاني !!
ضحك بإستمتاع وهو يكمل تناول الشطيرة ….ففر.يسته على وشك الوقوع في المصيدة …وكم سيكون رائع عندما ينالها !
………
في منزل أمير …
قضمت شفتيها بضيق وهي ترى تلك المائعة قد أعاقت طريق أمير…تلك الفتاة التي أنقذ أمير شقيقتها من ذلك المتحر ش وهي من وقتها تتحجج لكي تتكلم وهذا أزعج عبير كثيرا …تمنت في تلك اللحظة أن تنزل إليها وتجذبها من شعرها وتجمع عليها أمة لا أله الا الله ..
أرادت لها فضـ يحة واسعة عديمة التربية تلك …
ولكنها شعرت بقليل من الرضا وهي ترى أمير ينظر إلي الأرض وهو يتحدث معه …لا يرفع وجهه حتي لكي ينظر إليها بينما هي تبتسم له بهيام وتضحك دون توقف …
-ايه قلة الذوق دي …سيبيه يا باردة مش عايز يتكلم معاكي …فين كرامتك!!
همست عبير بغضب وهي تضرب علي حاجز التراس بغضب …..
……
-أنا حاسة أن مهما عملت مش هقدر أشكرك علي وقفة جمب أختي الصغيرة …
كان أمير مطرق برأسه يشعر بالحرج بسبب تحدثها معه بتلك الأريحية ..أراد أن يذهب الي منزله بسرعة ولكنه شعر أنه سيكون قليل الذوق …
لم ينظر حتي الي تلك الفتاة التي تبادله بهيام واضح …ليكون صريحا هو لا يعرف التعامل مع الفتيات ولا يهتم …آخر أمرأة عرفها هي والدته ونورهان ابنة خالتة …لكنه حقا لم يحتك بأي فتاة آخري ولا حتي اقرباؤه من الفتيات …
-هو أنت مبتبصليش ليه هو انا و حشة ؟!
قالتها الفتاة بعتاب مائع ليخرج صوته باردا ويقول:
-وأنا هبصلك ليه يعني؟!وبما انك خلصت شكر ليا للمرة العاشرة تقريبا أنا دلوقتي هروح بيتي عن إذنك !
ثم تركها وذهب وهو تضع كفها علي وجنتها وتنطق هائمة:
-وتقيل كمان …نوعي المفضل …عموما ماشي يا أبن الحتة هنشوف لحد أمتي هتفضل تقاوم بس اللي ميقعش في الاخر !!
ثم غادرت نحو منزلها وهي تصفر بسعادة ولم تلاحظ عبير التي كانت تستـ شيط من الغضب …
-قليلة ذوق فعلا !!
……..
ولج أمير الى المنزل ورأي نوح أمامه ابتسم وقال :
-أزيك يا نوح…
ثم أغمض عينيه وهو يتشمم الرائحة الشهية المنبعثة من المطبخ وقال وعينيه تتسع بذهول :
-مش معقول عملتلي الكبدة بالطريقة اللي أنا بحبها …ايه الدلع ده بس .
ولكن عبير لم تبادله ابتسامته ونظرت إليه بحدة لم ينتبه هو لها بسبب إرهاقه الواضح
-البنت دي كانت بتقولك ايه ؟!
قالتها عبير بنبرة هجو مية لم تقصدها ولكن شعورها بالضيق جعلها تكاد تفقد أعصابها …رفع أمير حاجبيه وقال:
-كانت بتشكرني يا نوح مالك متضايق ليه ؟!
ثم ولج الي غرفته بإرهاق ليجهز له ملابس كي يتحمم بينما عبير كانت تشتـ عل غضبا …الي متي ستظل تشكره!! تلك الو قحة …
اتجه أمير بخطوات متعبة الي الحمام بينما جلست عبير وهي تقضم أصابعها بغيظ…ودت لو تخـ نقه علي بروده هذا ..
انتظرت بصبر حتي خرج من الحمام …شعره مبتل … ما زالت غاضبة …ما زالت مشـ.تعلة …ترغب بخنقه وهو يرد عليها بهذا البرود ….
-مالك يا نوح شكلك متضايق ؟!
رفعت عينيها ونظرت له ليتراجع للخلف وقال بتوجس :
-انا عملت ايه بس عشان تضايق؟!
-أنا عايز أفهم البنت دي هتفضل تشكر فيك لحد أمتى ؟!
ضحك أمير وقال:
-أيه يا نوح مالك بتتصرف كأنك مراتي كده ليه،؟! ايه الغيرة دي ؟!
شحبت.فجأة وهي تنظر إليه بإرتباك …هل فعلا تغار …هل تصرفاتها توحي بهذا …هو محق … …ما سبب هذا الغضب الذي يعصف بها …هي لم تشعر بهذا الغضب من قبل أبدا .. …لماذا هي تشعر بكل ذلك الضيق من اقتراب تلك الفتاة منه ….هل تغار؟ ! فكرت بصدمة وهي تغطي فمها بقوة …رباه لا بماذا تفكر هي …هي ابدا لم تؤمن بالحب فكيف تغار عليه …لابد أنها جنت …هي بالتأكيد جنت ..
كان أمير يراقب انفعالاته بقلق …لا يعرف ماذا حل به فجأة فهو يرى نوح يشحب ثم يهز رأسه ويضع كفه علي فمه…ماذا يحدث معه …رفع حاجبيه وقال بتوجس :
-أوعي بتكون يا نوح بتغير عليا فعلا؟!
نظرت إليه بصدمة ثم سرعان ما أنفـ جر أمير بالضحك وقال :
-يا باشا متقلقش فهمتك صح مش غلط …أنت غيران وغيران جداً كمان …
خافت عبير أكثر وفكرت ..تُري هل اكتشف أنها فتاة !!!يا الله ما تلك الكار ثة التي حلت على رأسها …
أكمل أمير قائلا وهو يغمز :
-أنت أكيد حبيت البنت اللي بتشكرني دي دايما وبقيت بتغير عليها…اي يا باشا قلبك وقع خلاص …
انتشرت الراحة بداخل عبير وهزت رأسها …فهي قد وجدت مخرج لتلك الكا رثة …كان أمير محق جدا …فهي قد وقعت بالحب ..ولكن حبه هو ..ما تلك الكا رثة !!!
…………..
.إن أكثر شئ يمـ قته هو أن يتم تجاهله …وورد بارعة جداً في هذا الأمر …لديها قدرة جبارة على تجاهله بل وتعامله كأنه شبح او غير موجود ..لكن رُغم هذا تصنع طعامه …ترتب منزله وتهتم بياسمين كأنها أبنتها …الواجب الوحيد الذي لا تفعله هو اعطاؤه حقوقه الشرعية فهي تنام بغرفة ياسمين ما ان يأتي حتي تختفي بالغرفة ولا يراها الا نادرا …
ولكن اليوم بشكل مفاجئ رأها تجلس بالصالة ترسم مع ياسمين وضحكاتها الناعمة تنطلق في المنزل …ابتسامة لطيفة ونادرة تكونت علي شفتيه وهو يراها تضحك بتلك الطريقة …..هو يحب النظر إليها وهي تضحك …يشعر حينها ان وجهها يشرق …وكأنها زهرة تتفتح…لقد أشتاق إليها …..يعترف بهذا …فجأة تجهم وجهه وهو يتذكر حديث والدتها وبدأ الشيطا ن يتلاعب به مجددا …يغضب كلما يتذكر الأمر …لا يتقبل فكرة أنها أحبت أحد من قبل أن تتزوجه …وتؤ لمه فكرة انها ربما ما زالت تحبه…هل يوما ما تخيلته حبيبها وهي بين ذراعيه ..هنا هز رأسه بقوة …لا هو لن يسمح لأفكاره ان تتمادى بشأنها ..
يثق تمام الثقة ان هي ليست من هذا النوع …أغمض عينيه بقوة وهو يفكر بقـ هر إلى متى سوف يظل في تلك الدوامة…الى متى سيظل الشك ينهـ ش قلبه …يعـ كر حياته ويجـ لد روحه …الشك مر ض قا.تل ينتشر بقوة في جسده وهو يجب أن يضع له حد ..ولكن كيف ؟!
هل يسألها ؟!يواجهها !!ولكن هل ستخبره الحقيقة ام ستكذ ب …هو لا يعلم ولا….
اخرجه من شروده صوت ابنته وهي تقول :
-بابي انت جيت …
تجهمت ورد واختفت ضحكاتها كعادتها عندما تراه أن تشعر بوجوده …
ضم ياسين ياسمين التي اندفعت لأحضانه وابتسم وهو يقبلها قائلا:
-وحشتيني يا حبيبتي …
-وأنت كمان يا بابي
نهضت ورد وأتجهت مسرعة الى المطبخ لتعد طعام الغداء …
……
بعد نصف ساعة تقريبا كانت قد جهزت طاولة الطعام …وبالتأكيد لم تجلس معهما كالعادة … نظرت ياسمين الى مكانها الفارغ بحزن وقالت:
-أنا رايحة اناديها تأكل معانا…
ثم اتجهت للغرفة دون أن تنتظر رده….
…..
ولجت ياسمين لغرفتها لتجد ورد تجلس على الفراش ووجهها متجهم اقتربت منها أكثر …فجأة رفعت وجهها ونظرت الى ياسمين مُبتسمة وقالت:
-عايزة حاجة يا حبيبتي ؟!
-تعالي كلي معانا يا طنط ورد .
قالتها ياسمين برجاء ولكن ورد ابتسمت لها وقبلت رأسها قائلة:
-انا مش جعانة دلوقتي يا ياسمين ..روحي أنتِ كلي لما أجوع هأكل إن شاء الله …
نظرت إليها الفتاة بحزن …قد تكون صغيرة ولكنها تفهم ما يحدث …ورد ووالدها لا يتحدثان سويا بالطبع هناك شئ بينهما …فهي لن تنسي ان ورد كانت تريد أن تذهب ولولاها كانت ذهبت فعلا …
-طنط ورد لو أنتِ مأكلتيش أنا مش هأكل .
قالتها ياسمين بعناد فقبلتها ورد علي رأسها وقالت؛
-ياسمين حبيبتي أنتِ عايزاني أزعل منك ولا ايه ؟!لا لو سمحتي روحي كلي وقولتلك لما أجوع هأكل .
كادت ياسمين أن تعترض ولكن صوت ياسين أوقفها :
-ياسمين حبيبتي روحي كلي أنا هجيب طنط ورد وأجي …
هزت ياسمين رأسها بطاعة ثم خرجت من الغرفة …اقترب ياسين من ورد التي كانت تنظر إليه بجمود
-يالا قومي عشان تأكلي ..
قالها ياسين وهو يجذب ذراعها ولكنها حاولت دفع ذراعه وهي تقول بنبرة باردة :
-مش عايزة أكل …
ولكنه لم يهتم برأيها بل جذبها بالفعل ليخرجها من الغرفة ولكنهها حاولت دفعه وهي تقول :
-خلاص أبعد …ابعد عني…
نجحت بالفعل بدفعه وابتعدت بعدة خطوات وهي تنظر إليه وقد ترطبت عينيها بفعل الدموع …كانت علي وشك الإنهيا ر بالفعل ….حاولت التماسك بينما ينظر إليها هو بغضب ولكن ما حدث فجأة كان سـ ئ لكليهما فقد فقدت سيطرتها وأنفجرت بالبكاء كالأطفال …ارتبك ياسين وحاول الإقتراب منها لتهدئتها ولكنها صرخت به :
-متقربش مني …ابعد عني !!يالا روح لمراتك التانية وسيبني في حالي أنا مبقتش طايقاك …مش عايزة أبقى معاك ثانية واحدة… عايزة اتطلق؛!!
كانت كلمة الطلاق التي خرجت منها للمرة الثانية كالفتيل الذي جعله يشـ تعل من الداخل …اقترب منها ثم جذبها إليه …عينيه الخضراء كانت تشتعلان بطريقة أخافتها وابتسامة و حشية برزت علي شفتيه وقال:
-عايزة تطلقي!!! تطلقي…وده ليه عشان مقدرتش تحبيني …عشان لسه بتحبي علي !!
نظرت إليه بصدمة ليبعدها عنه ويقول:
-سمعت والدتك وهي بتقول كده … للاسف شكلك مقدرتيش تنسيه …مقدرتيش تحبيني يا ورد ..يبقى مين اللي يزعل من مين!! …
وكعادته خرج من الغرفة دون أن يعطيها حق الدفاع عن نفسها !!!!
………..
بعد أسبوع …
-يعني انا معرفش أعتمد عليكي خالص كده !!أي حاجة أطلبها منك بتفشـ لي تعمليها !!
ز عق شريف بها بعنـ ف وهو يشعر بالغضب …كل خططه فشلت …عدي أذكى منه بكثير وبالطبع أذكى من تلك الغـ بية!!!
-فعلا غبـ ية …ملكيش أي فايدة…غبـ ية ومبعرفيش تتصرفي ابدا !!!
-ايوة أنا فعلا غبـ ية لاني سايرتك وسمعت كلامك !!
صاحت جواهر بإنفعا ل والدموع ملء عينيها …كان الأ لم داخله يتفاقم …تشعر بالإ ختناق بسبب كل شئ …هذة ليست هي …تلك ليست أساليبها …الكذ.ب والخد اع ليسا من أساليبها ….تدفقت دموعها بقوة وأكملت:
-حرام عليك اللي أنت عملته فيا ده …خلتني اتجوز بإسم مز يف وعشت حياة مز يفة مع انسان الله وأعلم لو عرف الحقيقة هيعمل فيا ايه …بعدتني عن أمي ود مرت حياتي …ليه ده كله …
اعتـ صر ذراعها وصرخ:
-أنتِ السبب في ده كله يا هانم …أنتِ اللي هر بتي بيري بنتي …أنتِ اللي كنتي هتضيعيني …متلومنيش أنا يا حبيبتي …لومي نفسك لأنك بتتدخلي في اللي ملكيش فيه !!
-لان اللي كنت هتعمله حر ام …حرا م تبيع بنتك عشان تنقذ نفسك ولو رجع بيا الزمن هعمل كده برضه …وأنت هتندم ..هتندم لما في النهاية تخـ سر كل حاجة !!!
دفعت يده بغلظة ومسحت دموعها وهي ترفع رأسها وتقول بقوة :
-أنا هقول لعدي على كل حاجة …هحكيله على كذ.بك وخدا عك واخليه يوديك السـ جن …
ثم استدارت لتذهب ولكنه قال :
-فاكرة عدي هيساعدك …بتحلمي يا جواهر …عدي أسو أ مني بكتير ..عمره ما يسامح حد كذ ب عليه او خد عه…أنا هروح السجـ ن صحيح بس أنتِ كمان هتروحي معايا بتهمة النـ صب والتز وير وطبعا الشيكات وبما أنك خريجة حقوق احسبي هتفضلي كام سنة …
شحب وجهها بقوة لتتكون على شفتيه ابتسامة خبيـ.ثة وأقترب وهو يضع كفيه بجيبه مكملاً حديثه السا م ؛
-ووقتها أنا هبطل اعالج أمك وهتطلع من المستشفي الخاص اللي حطيتها فيها ..تخيلي حالتها وقتها ..بنتها في السجن ومفيش حد يصرف عليها …وقتها أمك هتروح تشحت وفي الأخر هتمو.ت أما بسبب الجوع أو المر ض !!
-أنت معندكش قلب …مش بتحس!!
صرخت به وهي ترتجف من رأسها الي أخمص قدميها….للأسف هي متورطة بشدة …وشريف لديه حق …سوف تُسـ جن معه …وحينها سوف تتد مر حياتها وحياة والدتها …رباه ماذا تفعل ؟!!
هز شريف رأسه بقوة وقال :
-لو كان عندي قلب وسيبتك في حالك كنت هتحـ.بس يا جواهر …عشان كده كان لازم أشيل قلبي …وأسكت ضميري ..كان ممكن حياتك تبقى أحسن لو مكنتيش هربتي بيري اللي والله بدور عليها وبس اقدر الاقيها هحاسبها كويس …
نظرت إليه جواهر بإشمئز از …ظنت أن والدها هو الأسو أ …ولكن شريف حقاً يتفوق عليه بمراحل …فهذا الرجل ليس لديه قلب …فعليا ليس لديه قلب …وهي وقعت في شباكه وانتهي الأمر ..هي لا تهتم بنفسها …لا تخاف على نفسها أبدا …جل ما تفكر به هو والدتها العزيزة …لن تتحمل أن يحدث لوالدتها شئ بسببها …لا هي لن تتحمل لذلك ستسايره !!
-عايزني أعمل ايه ؟!
قالتها بنبرة جامدة وقد استسلمت للواقع …لن تقاوم …من أجل والدتها علي الأقل لن تـُخا طر …
ابتسم شريف بإنتصار وقال:
-اهو هو ده الكلام المضبوط يا جواهر …أصل مفيش فايدة…لو دخلت أنا السـ جن هتدخلي ورايا وتسيبي أمك المسكـ ينة لمين …..
لم ترد عليه ولكن عينيها كانت تنطق بالكر ه الواضح له …ولكنه لم يبالي بل اتسعت ابتسامته اكثر وقال:
-عايزاني أحررك من الجوازة دي جيبي باقي الشيكات ..اتصرفي وجيبيها …
-طيب أجيبها ازاي …دلني كده …أنا دورت في مكتبه حتي اوضة النوم بتاعته …عاملة زي الحر امية بفتش في كل حتة وهو قفشني مرة وعارف أنا عايزة ايه !
-خلاص غيري الخطة …أكسبي ثقته …خليه هو يسلمك الشيكات بنفسه …
ضحكت بسخرية وقالت:
-أفندم وهو هيسلمني الشيكات بمناسبة أيه !!
ابتسم شريف وقال:
-لو حبك هيسلمك روحه مش الشيكات بس …وقعي عدي رشيد في حبك يا جواهر …خلي عدي رشيد يحبك ووقتها أحنا الاتنين هنكسب !!
………
وقفت أمام غرفته بتردد …لقد أشتاقت إليه بقوة …كيف لم تنساه بعد كل ما فعله بها …وبعد أن حطـ م قلبها مرارا وتكرارا بسبب كلماته السا مة التي لا يتواني عن طعـ نها بها…ولكن رغم قسو ته ..بروده ما زالت تعشقه …كم تمنت لو تقتلع قلبها من صدرها وتدوس عليه بقوة ….تمز قه بشرا سة لأنه أحب بتلك الطريقة رجلاً لا يراها من الأساس…لا يدري أحدهما العذ اب الذي تعيش به. …أن تعشق المستحيل…
لا يعرف أحد ما تعيشه غير نسرين …نسرين التى أصبحت تعيش معها مؤقتا …الأثنان يواسيان بعضهما وربما هذا الشئ جعلها تشعر بالراحة قليلا فقد قاومت الذهاب لموسى عدة مرات بفضلها ولكن الآن هي تمو ت لتراه ….تصاعدت الدموع لعينيها وبلحظة تهور فتحت الباب ….كانت تريد أن تراه بأي طريقة …لقد مر أسبوع منذ آخر مرة رأته بها …منذ إصابته وهو يُلازم غرفته لا يخرج منها إلا نادرا …عدي أخبرها أنه علي وشك التماثل للشفاء وهذا أراحها نسبيا …ولجت للغرفة وهي ترتعش بقوة …لم يكن بغرفته وقبل أن تفكر بمكانه الآن سمعت صوت المياه بالحمام …لابد أنه يستحم … فكرت ثم اتجهت الى فراشه وجلست عليه تنتظره …كانت أحدي قمصانه ملقية بإهمال علي الأرض ..
انحنت والتقطه ثم ضمته إليها وهي تغمض عينيها بينما الدموع تنسكب دون توقف من عينيها…كم بدت مثيرة للشفقة وقتها …ولكن هذا هو العشق…
عشقها لموسى كان لعـ نـة حياتها بأكملها !!!…
تركت القميص علي الفراش ثم اتجهت لتنام على وسادته …فجأة وجد شئ تحت الوسادة امسكته لتجده صورة لإمراة جميلة للغاية …تأ لم قلبها ونهضت وهي تتأمل صورة تلك المرأة ..لابد أنها هي من سر قت قلب موسى ..كم هي محظوظة !!
خرج موسى من الحمام فجأة وتجمد وهو يراها …قلبه غار في صدره وكل ما أراده هو الذهاب إليها وضمها بقوة ..ولكنه هز رأسه مزيحاً تلك الأفكار وهو يراها تمسك صورة روان
-أنتِ بتعملي ايه هنا ؟!!
زعق بها موسى لتنتفض بقوة وتنظر إليه وهي ما زالت تمسك الصورة …كان يلف منشفة حول خصره بينما جذعه عاري احمر وجهها بخجل و
تنفست ليان بتثاقل ووضعت عينيها في الأرض …
أرادت أن تهرب قبل أن يقتـ لها بكلماته كالعادة …اقترب هو منها وعينيه الزرقاء تشـ تعلان بقوة …أنها مصرة على إختراق حصونه …والمشكلة أنها تنجح …فجل ما يريده الآن أن يجذبها إليه ويعانقها بقوة …يقبلها ربما …يطلب منها ألا تُغادر حياته …يتصرف بأ نانية مرة آخري كما تصرف مع روان ولكنه يعرف نتيجة هذا التصرف جيدا …
وقف أمامها وانتزع الصورة منها لتشهق بخوف وتقول والدموع علي أعتاب عينيها:
-أنا ..أنا آسفة…
-أعمل أيه بأسفك …اعمل أيه بيه …ليه كل شوية تدخلي أوضتي من غير أذن …ليه مش عايزة تسيبيني في حالي يا ليان الحب مش …
كان يصرخ بوجهها لتنفـ جر هي :
-خلاص …خلاص عرفت مش لازم كل شوية تسمعني الكلمتين دوول يا موسى …أنا مش جاية أطلب حبك …كنت جاية اطمن عليك ويظهر أنك كويس أوووي وأنا أسفة لو أزعجتك …وعد مني هخلي اللي بيننا شغل وبس …
ثم كادت أن تذهب إلا أنها توقفت وهي تنظر إليه بينما تمسح دموعها بإنفعال:
-صحيح حابة أشكرك عشان أنقذت حياتي …صحيح بتقول ده شغلك بس واجبي برضه أشكرك …شكرا أووي ليك …
ثم تركته وغادرت ليجلس على الفراش بإنهيار وهو يفكر أنه ربما أبعدها عنه للأبد!!
……
أتجهت ليان بسرعة الى مكتب شقيقها ثم طرقت الباب ودخلت وقالت دون إنتظار:
-عدي أنا موافقة اتجوز دكتور يحيى!!!
………..
في اليوم التالي …..
-سمعتي دكتور يحيى خلاص هيخطب …النهاردة الخبر انتشر في المستشفي…البت ميار قالتلي انها سمعته بيقول هيروح يقابل النهاردة العروسة اللي جابتهاله أمه .
قالتها احدي الممرضات وهي تضحك بينما ابتسمت الممرضة المسنة الآخري بحنان وقالت:
-الحمدلله عقدته هتتفك …الدكتور يستاهل كل خير ربنا يسعده دايما…
تلك الكلمات وقعت عليها كالصاعقة …تجمدت الممسحة في يديها وتصاعدت الدموع بعينيها…شفتيها ارتعشت أرادت ان تهرب ولكن الي اين …شعرت بالإختنا ق …رباه تشعر انها سوف تمو.ت…العالم يضيق بها …أغمضت عينيها وهي تتنفس بقوة …تحاول السيطرة علي نفسها ولكنها تشعر ان ستنها ر في أي وقت …أمسكت الممسحة وهي تعمل بيد مرتعشة …تنفلت شهقات من شفتيها تحاول كتمها بقدر الإمكان …تنجح تارة …وتفـ شل تارة …ماذا توقعت….حقا ماذا توقعت …ان يحيى سوف ينظر إليها هي …كيف ينظر إليها ولماذا… هل نست نفسها …هذا هو المتوقع …هو بالطبع لن ينظر الي من في مستواها …اذن لماذا الصدمة …هل ظنت انها سندريلا التي سوف ينتشلها الأمير من العامة ويجعلها أميرته …هذا يحدث في القصص الخيالية فقط…الأمير لا يحب الفقيرة الا في قصص الأطفال اما الواقع فهو شئ آخر تماما …الواقع لن يتغير … الطبيب ليس من حقها عقلها كان مقتنعاً تماما بتلك الفكرة ولكن قلبها الغـ بي لا … لم يكن يجب أن تنظر الي ما ليس لها ..هي من عا نت بالنهاية …دموعها تسابقت علي وجهها وهي تثبت وجهها علي الأرض لم ترغب ان تكون عِرضة للتسلية …كان يجب أن تغادر منذ زمن ..منذ ان تاقت لما ليس لها …منذ فشلت في الحفاظ علي نظراتها …منذ ان غرقت في عينيه ولم تستطيع النجاة …ومنذ ان خسـ رت قلبها أمامه ..كان يجدر بها الذهاب …الهرب ولكن بكل غبا ء قررت البقاء …خافت الا تراه مجددا لذلك تراجعت عن القرار الذي اتخذته منذ ايام …قررت ان تبقى …قررت ان تستأنس برؤيته يوميا ولكنها دفعت ثمن هذا القرار غالياً…فقلبها الآن تحطـ م …
-رانيا ..
قالتها منى بتوجس وهي تقترب منها …رفعت رانيا وجهها
-مالك يا بت فيه ايه بقالك فترة مش عجباني…معقول فسخ خطوبتك يعمل فيكي كده!!!
قالتها منى لرانيا بقلق بعد ان رأت وجهها الشاحب والدموع التي تلطخ وجنتها …ضمت رانيا شفتيها وحاولت ان تسيطر علي نفسها كي لا تنفـ جر بالبكاء …كانت مظهرها مثير للشفقة …يرسم البؤس خطوطه علي وجهها …الأمر ليس قصة خطبة يحيى فحسب ..بل لانها اكتشفت ان ممنوع ان تحلم فأمثالها لا يحق لهم الحُلم …ربما نصيبها سيكون بالنهاية مع رجل كأبن عمتها وخطيبها السابق ..
-أنا كويسة يا مدام منى ..كويسة ..
قالتها بنبرة مرتجفة.لترد مني
-لا مش كويسة وباين عليكي يا رانيا …قوليلي يا بنتي مالك وايه الحالة اللي أنتِ فيها دي !!!
-يا مدام قولتلك كويسة ..عن إذنك رايحة الحمام ..
قالتها.بإنفعال وهي تتركها متجهة الي الحمام…..
وفي رواق المشفى وقبل الوصول للحمام وجدت يحيى أمامها ..كان مبتسما وقد اختفت ابتسامته ونظر إليها بتوجس وقال :
_أنسة رانيا أنتِ كويسة …
انسكبت دموعها من وجهها مرة آخرى وهي تتكلم بصعوبة بسبب شهقاتها :
-لا انا مش كويسة …مش كويسة خالص ….أنا عايزة أمشي من هنا …مش عايزة اقعد هنا …غلطت لما جيت …غلطت لما قررت افضل ..كان مفروض اهرب …
نظر إليها بتوجس وقال ؛
-اهدي بس يا آنسة وقوليلي ايه المشكلة …مين زعلك هنا !!
انفجرت بوجهه وقالت :
-المشكلة اني حبيتك …عشقتك زي الغـ بية فهمت !!!!!
يتبع….
(الجميلة والوحش !)
اخترقت الكلمات أذنه بشدة …للوهلة الأولى شعر أنه أخطأ الفهم …ولكن دموعها كانت حقيقية …ما تقوله كان حقيقي تماما …نظر حوله وجد أنه لفت إنتباه الأطباء والعاملين بالمشفى …ازدرد ريقه وهمس:
-قدامي علي مكتبي لو سمحتي …
وبالفعل قادها الى المكتب وعقله لا يتوقف عن التفكير أبدا !!
….
فُتح الباب ليدخل يحيى ومن خلفه رانيا الذي أخذت تسب نفسها عدة مرات لأنها أخرجت ما في قلبها …كم هذا مُحرج …بالتأكيد سوف يفكر أنها بلا أخلاق والأسو أ أنه قد يعتقد أنها باحثة عن المال …أنها لا تحبه شخصيا بل تريده لماله…رباه ماذا فعلت بنفسها …كيف تكون بهذا الغبا ء …لا تصدق أن الكلمات انزلقت من شفتيها بتلك السهولة …أغمضت عينيها وهي تتنهد بقوة ثم بدأت بمسح الدموع التي لطخت وجهها …أتخذ يحيى مكانه على مقعده المتحرك …كان بحاجة إلي أن يجلس …ما قالته زلزله…فعليا ..هل فعل شئ يوحي لها أنه معجب بها !!هو لا يتذكر ابدا أنه أعطاها اي أمل إذن كيف تفكر به بتلك الطريقة …كان يعيش الصر اع بين أن يكون حازم معها لكي تفيق من اوهامها أو أن يكون لطيف ويقنعها ان ما تشعر به قد يكون إفتتان فهو ابدا لم يفكر بها بتلك الطريقة ولن يفعل …
نظر إليها ووجدها تطرق برأسها على الأرض وقال بهدوء:
-أقعدي يا آنسة .
هزت رانيا رأسها وقالت بصوت مبحوح من أثر البكاء
-شكرا أنا مرتاحة كده …
نهض بضيق …وهو يشعر بالإختنا ق …كان ينتقي كلماته بعناية شديدة لا يريد أن يجرحها…
-ايه اللي أنتِ قولتيه من شوية !!
ثبتت عينيها على الأرض وأخذت تفرك كفيها بتوتر بينما الدموع تتساقط تباعا من عينيها …
-انسه رانيا ردي عليا لو سمحتي …حب أيه اللي بتتكلمي عليه …ازاي تحبيني أنا !!!
نشجت وهي تنظر إليه وقالت:
-مش بإيدي …
-اومال بإيد مين !!!احنا حتي مبنتكلمش سوا عشان تحبيني …ده أنتِ بتشوفيني صدفة في المستشفي !!…ده أكيد مش حب افتتان ..مش حب ابدا أنتِ متهيألك !!!
-لا أنا متأكدة من مشاعري !
– بس أنا عمري ما لمحتلك من بعيد أو قريب اني بحبك أو حتي معجب بيكي …أنا حتي نادرا ما بتكلم معاكي فحب ايه اللي حبتهولي بسرعة ده …وبعدين أنا مفيش اي حاجة من ناحيتي ليكي ابدا …
قالها يحيى بنبرة هادئة بينما يضيق عينيه وهو يراقب دموعها التي تتساقط دون توقف …اخـ تنق صوتها وقالت:
-عشان أنا بشتغل في المستشفى بتاعتك …عشان عاملة نظافة صح !!
-متلعبيش دور الضحـ ية !!أنا يا بنتي وعدتك بحاجة …لمحتلك بحاجة…ما هو الحب مش عافية ..بغض النظر عن مكانتك الإجتماعية بس أنا مفكرتش فيكي بالطريقة دي ولا هفكر!!…
هزت رأسها وهي تمسح دموعها قائلة :
-أنا اسفة …أسفة أنت عندك حق ..بس في حاجات قولتها مش صح …أنا فعلا حبيتك رغم أنك مستحيل وده مش ذنبك أنا اللي بصيت للسما ونسيت نفسي …يعني مش متهيألي ولا حاجة ..أنا مش عايزة منك حاجة ..أنا خلاص هسيب الشغل هنا وهمشي ..
-يكون ده أفضل ولو حابة اشوفلك شغل تاني عشان …
قاطعته مبتسمة بينما دموعها لا تتوقف عن التدفق …بدت حزينة بشكل مثير للشفقة :
-لا شكرا يا دكتور أنا هتصرف….سلام …
ثم أنسحبت من مكتبه ومن حياته بالكامل !!
جلس على مكتبه بضيق وهو ينظر الي أثرها ..هل كان قاسي معها …هل ضغط عليها …أغمض عينيه بتعب وقال:
-يارب أعمل ايه انا دلوقتي …يارب ساعدها ….ساعدها تلاقي شغل بعيد عن هنا
……..
خرجت من المشفى بأكملها ودموعها تتسابق على وجهها …كانت قد بدلت ملابس العمل وارتدت قميصها الابيض وتنورتها السوداء …لم تهتم بإخفاء دموعها أو كتم شهقاتها …كانت متأ لمة لدرجة أنها لم تلاحظ نظرات الناس الغريبة لها….وضعت كفها على قلبها وهي تكمل سيرها …كيف فعلت هذا بنفسها …كيف اها نت نفسها بتلك الطريقة الر.خيصة …لقد ألقت قلبها وكبرياؤها وكرامتها تحت قدميه …لم تهتم بأي شئ وهي تعترف بحبها له …ماذا ظنت ؟!! ظنت أنه سوف يبادلها الحب …هي واهمة…واهمة وغـ بية !!
جلست على أحد الأرصفة وهي تنظر إلى الأرض وتبكي …تشعر أن الحياة قد لفظتها بالكامل …تمنت في تلك اللحظة أن تمو ت بالفعل …كانت تشعر بالخجل من نفسها …ليتها لم تتحدث …ليتها لم تعترف …رغم لطفه البالغ معها إلا أنها شعرت بالخجل وهو يخبرها أنه لم يشعر نحوها بأي شئ …وأنه لم يعدها ولم يعطيها ولو تلميح واحد ..هو محق وهي فقط المخطئة …هي فقط …لقد.مدت كفها للسماء تحاول امساك القمر ولكنها وقعت بنجمة ملتهبة أحر قتها وهي سوف تعاني طوال حياتها من جُر ح لن يندمل أبدا!!!
-أنتِ كويسة يا بنتي ؟!
قالتها سيدة ما وهي تنظر الى رانيا الباكية بقلق …
نظرت إليها رانيا ومسحت دموعها وقالت :
-مش كويسة .. مش كويسة خالص … بس هكون كويسة …هكون كويسة بإذن الله …
ثم نهضت مسرعة وهي تتجه الي الشارع العمومي لتستقل وسيلة النقل العمومية
…..
في العربة…
كانت تسند رأسها على النافذة الزجاجية ودموعها تتساقط بتتابع …لا يمكنها أن تنسى ما فعلته …كان غضبها من فعلتها المشـ ينة أكبر من ألـ م رفضها من قبله ….لقد ر خصت نفسها …كيف يفكر بها الآن …هو حتى لو كان بقلبه إعجاب طفيف نحوها الآن سوف يتلاشى بسبب وقا حتها وإعترافها الصريح …..
-مين يا بشوات مدفعش الأجرة ..
قالها السائق بضيق ولكن لم يرد أحد …نفخ بضيق وصوته أرتفع الآن:
-مين يا بشوات مدفعش أم الأجرة …ايه الاصطباحة دي ما تخلصوني يا اخوانا ولا أرجع الفلوس لأصحابها ونقف ونشوف مين اللي مدفعش …
هنا فاقت رانيا من شرودها وتلون وجهها بحمرة الإحراج والخجل وقالت:
-أنا مدفعتش …معلش كنت سرحانة …
ثم أعطت للرجل الذي أمامها النقود …فز عق السائق بها :
-ما أنا من الصبح يا آنسة شغال اقول مين مدفعش أم الأجرة ..على الأقل ردي …
اطرقت رانيا برأسها وهي تمسح دموعها ليتدخل رجل مسن نوعا ما يجلس بجانبها ويقول:
-ما خلاص يسطا أُجرتك وأخدتها …البنت كانت سرحانة وسرع شوية الله يخليك ورانا شغل …
-حاضر يا عمنا ..
قالها السائق ثم بدأ يقود في صمت…
نظرت رانيا الى الراجل بإمتنان ليعطيها منديل ورقي ويقول بصوت منخفض:
-أمسحي دموعك يا بنتي وسبيها على الله
-ونعم بالله..
تمتمت رانيا وبدأت بمسح دموعها
…..
وصلت رانيا الى منزلها الصغير …كانت والدتها جالسة على كرسيها المتحرك تتابع أحد الأفلام القديمة على التلفاز الصغير …ولكنها تجمدت وهي ترى رانيا بهذا الشكل …
-مالك يا بت يا رانيا فيه ايه ؟!
قالتها والدتها بخوف لتقترب رانيا منها وتجلس علي الأرض امامها ثم تسقط رأسها على ساقي والدتها وهي تجهش بالبكاء …شعرت ان قلبها سوف يخرج من صدرها من شدة الأ لم …تشعر بالإ ختناق!!!رباه هي تشعر انها سوف تمو ت …
-مالك يا حبيبتي …مالك !!
قالتها رابحة وقد أحر قت الدموع عينيها لترد رانيا:
-قلبي واجعني اووي يا أما …حاسة اني همو.ت ..همو ت يا أما ..همو ت مش قادرة استحمل …
-اسم الله عليكي يا بنتي ايه اللي حصل يا رانيا بس …
ولكن رانيا لم ترد وأخذت تبكي بعنـ ف لتربت والدتها على رأسها وتقول:
-ربنا هيحلها من عنده يا بنتي متيأسيش …اللي عند ربنا مش بعيد
………..
اليوم أتت سماح والدة ياسين والتي كانت في غاية اللطف معها عكس أبنها قليل الذوق الغبي ..ثم أخذت ياسمين معها وكم كانت ممتنة لها …فيجب أن تذهب ياسمين لكي تستطيع ورد أن تتحدث مع ياسين …يجب أن تضع النقاط على الحروف ..هي لن تتحمل بروده أكثر من هذا …يجب أن يسمعها والا يكون بهذا الغبا ء …
..
كانت جالسة على الأريكة وهي تنتظره …ترتب في عقلها ما سوف تقوله له …يجب أن تواجهه اليوم…ان تكون ضعيفة…لن تخاف ابدا …وهو يجب أن يستمع إليها …يُعطيها حق التبرير …لا يحكم عليها بتلك القسو ة دون ان يستمع لها …هذا ظلـ م كبير منه هي لن تتحمله!!
فُتح الباب ليدخل هو وتظهر عليه علامات الإرهاق …نظر حوله ثم قال :
-فين ياسمين .
-مامتك أخدتها …
-من غير اذني !!
قالها وهو ينظر الى عينيها وقد أظلـ مت عينيه
ارتعشت عندما تلاحمت نظراتهما …نظراته المظلمة جعلتها ترتعش من الداخل …ولكن لا هي لن تسمح له بإرهابها ابدا …لذلك رفعت راسها وقالت:
-مامتك كانت عايزة البنت والبنت كان نفسها تروح مع جدتها وكده كده بكرة أجازة فقولت تقضيه عند جدتها وابقى أنت روح جيبها ..وقولت ان دي فرصة لينا عشان نتكلم أنا وأنت في اللي حضرتك قولته قبل كده …
ارتدى قناعه الجليدي وقال؛
-مفيش حاجة نتكلم فيها …أنا جاي من الشغل تعبان وهنام علطول حتى مش هأكل….
ثم كاد بالفعل ام يذهب من امامها الا انها توقفت امامه وقالت بقوة :
-وأنا أصلا معملتلكش أي أكل …بس لا يا ياسين هنتكلم يعني هنتكلم …مش بمزاجك …زي ما اتهـ.متني تسمع تبريري ولا أنت حابب تصدق اني واحدة خا ينة وخلاص ..متجوزاك وقلبي مع غيرك …!!
ذلك الحديث اشـ عله بقوة …اراد ان ينهيه لانه يعرف أنه ان فقد اعصابه لن يكون الأمر جيدا …هو عندما يتذكر كلام والدتها يغضب كثيراً!!
أغمض عينيه وزفر بقوة قائلا:
-يا بنت الحلال خليني أروح وارتاح شوية الكلام ده مش هيجيب نتيجة …
ثم بالفعل كاد ان يغادر من امامها
الا انها أمسكت ذراعه وصرخت :
-لا هنتكلم الأول ….
د فعها بخشونة ثم القى حقيبته أرضا ليجذبها إليه بقوة حتى التصقت به واختلطت انفاسهما وقال وعينيه تشـ تعل ؛
-تمام خلينا نتكلم على اللي سمعته من والدتك اللي قالت أنك بتحبي علي …ها برري …برري اللي سمعته!!!
ارتعش صوته وبان الضعف في نظراته وقال:
-بتحبيه …بتحبيه يا ورد ..ومقدرتيش تحبيني …تخيلي أنا حاسس بإيه الأيام اللي فاتت …حاسس بنا ر جوايا…الشيطا ن بيلعب بعقلي وانا همو ت من قهـ رتي..!!
د فعته وصر خت وقد فقدت سيطرتها على نفسها ؛
-أيوة حبيت وكان حب من طرف واحد …ايه ارتكبت جر يمة …ورغم اني حبيته بس معملتش حاجة غلط ولما خطبني برضه معملتش حاجة غلط …ولما سابني فجأة من غير ما يهتم بأي حاجة برضه موقفتش في طريقه ولا ضايقته وقررت أنساه وفعلا خرجته من بالي ….
أغمضت عينيها وهي تفرغ دموعها ثم قالت بصوت مختنق :
-بعدين دخلت أنت حياتي …رغم اني مكنتش مستعدة لخطوة الجواز دي ابدا بس حصل وأتجوزتك …وقررت اخليك كل حياتي …بقا بيتك بيتي …وبقت بنتك بنتي وعمري ما فكرت أقصر معاك ولا معاها …ورغم أنك مغـ فل وغبـ ي وجلنـ ف وكل مرة تكـ سر قلبي الا أني بكل آسف حبيتك …للأسف حبيتك …
أشرق وجه ياسين وهو ينظر إليها ونبض قلبه بقوة …ظن في البداية انه قد سمع خطأ ولكن لا هذا صحيح …لقد أعترفت أخيرا بحبها له …اراحته أخيرا بكلماتها تلك …حاول الإقتراب منها ولكنها ابتعدت وقالت:
-أنت عمرك ما هتتغير هتفضل طول عمرك كده…مبتسمعش حد مبتديش لحد يبرر بتحكم على الناس من غير ما تسمعهم …وانا خلاص بطلت احاول معاك …مش هقدر امشي المركب لوحدي يا ياسين …انا هسيبلك المركب وانت ارجع لجوري اما أنا هنا هكون عشان خاطر ياسمين وبس وفي اليوم اللي مش هتحتاجني فيه ياسمين همشي من هنا !!!
………………….
في المساء
خرج من الحمام وهو متكدر المزاج حتى الحمام البارد الطويل لم ينعشه …ظل يفكر بكلماته التي قالها لرانيا …هل بالفعل حـ طم.قلبها وهو يخبرها انه لم يفكر بها بتلك الطريقة …ولكن تلك هي الحقيقة …لا يمكنه أن يدعي أنه يحبها فقط لانها احبته يجب هي ان تفهم هذا …
أغمض يحيى عينيه بتعب …كان يريد التركيز علي موعده اليوم مع ليان ولكنه كان مشتت جدا …ضميره يعذ به رغم انه كان في غاية اللطف معها صحيح كان حازم.قليلا ولكنه كان يجب أن يفعل هذا كي لا تتأمل منه أي شئ …حك رأسه وأخذ يفكر كيف أحبته تلك بتلك السرعة …متى من الأساس تحدث معها لتحبه كما تدعي…ربما الأمر ليس حب …ربما هو مجرد افتتان قد تكون أحبت شكله الوسيم … مركزة الإجتماعي ولكنه لا يظن انها احبته لشخصه …ولكن …لكن دموعها كانت حقيقية بالفعل لن يُنكر الأمر بدت حقا محـ طمة وهذا أكثر ما يزعجه …فهو لم يتمني أبدا ان يؤ ذي أحد وبالطبع لم يرد ان يؤ ذي تلك الفتاة المسكينة …
تنهد وهو يستند على طاولة الزينة ويحاول اقناع نفسه إنه ليس السبب في الذي حدث …هو لم يقترب منها من الاساس لم يغازلها حتى فليس ذ نبه انها رسمت احلام بشأنه …غير ذلك كانت يجب أن تفكر بالفروق الإجتماعية بينهما قبل تم تسلم قلبها بتلك البساطة…هز رأسه بقوة وهو يقرر انه لن يفكر بها بعد الآن هو عرض عليها المساعدة وهي رفضت وهذا ليس ذ نبه ابدا …وبهذة الكلمات اراح ضميره …ثم اتجه الى الخزانة وأخرج منها الحلة السوداء الخاصة به …يجب أن تكون صورته حسنة اليوم …حسنا إن تم ر فضه سيشعر بالإ هانة..وهنا تذكر انه رفض رانيا يا تُري بماذا شعرت …عاد تأنيب الضمير ينهشه من الداخل …يشعر انه سوف يجن لم يعد يحتمل أفكاره ابدا …
هز رأسه بقوة ثم وضع حافظة الحلة على الفراش ….
اخرج حلته السوداء من الحافظة ثم خلع مئزر الحمام وبدأ بإرتداء ملابسه …
خمس دقائق وكان قد انتهي تماما….وقف أمام المرآة وهو يمشط شعره الأشقر الناعم ثم أمسك زجاجه عطره ورشها عليه ثم تراجع وهو ينظر الي انعكاسه بشرود…يبحث عن الفرحة بعينيه فلا يجدها …يبدو ان السعادة قد هجرته!!!
تنهد يحيى بحزن وجلس على الفراش …ضميره لا يتركه وشأنه …رغم كل المبررات التي وضعها لنفسه والتي بدت حقا مقنعة الا انه لا يمكنه دفع هذا الشعور البغيض بعيدا …هو ما زال يشعر بالحزن عليها…بالشفقة على حالها …ربما يستطيع أن يتواصل معها ويجد لها عمل بمكان آخر وقتها سوف يرتاح بكل تأكيد !
……..
نزل يحيى من غرفته ليجد والده ووالدته ينتظرانه …ما أن رأته والدته حتى أشرق وجهها وابتسمت بسعادة وقالت بلهفة ؛
-بسم الله ما شاء الله …اللهم بارك …ايه الحلوى دي يا يحيى والله عريس…بإذن الله لما تتجوز انت وليان هجيبلك بدلة زي دي لايقة عليك أووي …
ابتسم يحيى على والدته وقال :
-ياااه جواز مرة واحدة يا ست الكل ؟!ده أنا رايح اشوف البنت واعرف تفكيرها وهل هتناسبني ولا لا …وأنتِ جوزتينا وأكيد دلوقتي بتفكري هتسمي ولادنا ايه …
ضحكت والدته وقالت:
-بصراحة كده أيوة …يا عدي يا بني ده يوم المنى أنت أخيرا هتتجوز وتستقر وتجيبلي حفيد قبل ما أمو ت وبعدين ليان بنت قمر وانت هتحبها أنا متأكدة …ربنا يهنيك يا بني ويجعلها من نصيبك ويفرحك دايما ..انت أبن حلال وتستاهل.
-أمين يا أمي ..ادعيلي دايما…
ابتسمت وأمسكت كفه قائلة:
-هدعيلك يا حبيبي هدعيلك هو أنا ليا مين أغلي منك
…………..
-شايفك بقيت أحسن بكتير لدرجة نزلت من أوضتك …
قالها عدي بإبتسامة وهو يقترب من موسى ويربت على كتفه برفق …ابتسم موسى وقال :
-مليت من قعدة الأوضة والله وبعدين حاسس نفسي بقيت احسن …شكرا يا عدي ..
-بطل عبط ياض ده أنت أنقذت اختي
ابتسم موسى ولم يرد …ثم نظر حوله ليتستشعر شئ غريب في القصر …ضيق عينيه وقال:
-في حركة غريبة في القصر النهاردة خير ؟!
ابتسم عدي بسعادة وقال:
-الدكتور يحيى …صاحبي القديم جاي يزورنا هو وعيلته زمانه على وصول …
-يحيى اللي عملي العملية صح ..
هز عدي رأسه وقال:
-هو شاف ليان في المستشفي وعجبته وأتقدملها …
أختفت الإبتسامة من على وجه موسى وشعر فجأة وكأن أحدهما ألقاه بالنير ان…شعر فعليا كأن روحه تنسل ببطء مميـ ت من جسده فقد وقع عليه هذا الخبر كالصا عقة …
رسم الابتسامة بصعوبة على شفتيه وقال بصوت خافت :
-وليان وافقت عليه ..
-اكيد يا موسى ..مش هجوز البنت بالغصب يعني …صحيح لما عرضت عليها أول مرة رفضت بس أمبارح جاتلي فجأة وقالتلي موافقة …
أطرق موسى برأسه وهو يخفي الأ لم الذي برز بوجهه…انه يخسـ رها ..ولكنه السبب …هو السبب !!
-عدي أنا رايح اوضتي تعبت شوية .
-اكيد.يا موسى روح ارتاح…
……
ولج غرفته وهو يشعر بالإختنا ق….شعر وكأن أحدهم يعتصـ ر قلبه بقوة ….رمش بسرعة وهو يشعر بالدموع تحر ق عينيه…إن أ لم خسا رتها قا تل ولكن ماذا يفعل ؟!ماذا يفعل …
اتجه الى فراشه وتسطح عليه هبطت دمعة من عينيه وهو يقر ان ذلك هو الأفضل لها لن يربطها بها وهو لديه كل تلك التعقيدات …لقد كان انا ني يوما ولن يفعل هذا مرة آخرى…
نهض مرة آخرى والتقط هاتفه وهو يبحث في الصور حتى وجد صورة لها …صورة التقطها خلسة في يوم عيد ميلاد صديقتها …ذلك اليوم الذي حدث الهجو م به…كانت تضحك في الصورة …ضحكتها فقط قادرة على إسعاده …هو يريدها هكذا دوما سعيدة …يريدها تضحك….يحب أن يذهب معها لحفلاتها المجنونة تلك …انه المكان الوحيد الذي تضحك فيه بإنطلاق …تكون مشاكسة بطريقة هو يعشقها …
تنهد موسى بحزن وهو يفكر إن كان سعادتها مع يحيى فلا بأس …ليتها فقط تكون سعيدة للأبد …
ثم قرب الهاتف منه وقبل صورتها
……..
كانت تقف أمام المرآة وهى تضع الماسكرا بينما نسرين تجلس خلفها …تنظر إليها بحزن …صحيح ليان تدعي انها سعيدة بقرارها ولكن نسرين تعرفها جيدا …تعرف ان السعادة التي علي وجه ليان كا ذبة تماما…ليان عندما تضحك عينيها تبرق بقوة …ولكن هذا البريق اختفي الآن …ابتسامتها تزين وجهها فقط وليس عينيها …
_أنتِ متأكدة من قرارك ده يا لي لي ..
قالتها نسرين بحزن لتهز ليان رأسها وتقول:
-يحيى إنسان كويس وانا مرتاحة من ناحيته…
-بتخد عي مين يا ليان …أنا نسرين صاحبتك …أنا اكتر واحدة فاهماكي …
تركت ليان الماسكرا وقالت بنبرة قاطعة:
-لا المرة دي اقتنعي يا نسرين …خلاص فعليا موسى أنتهي من حياتي …وانا هبدأ من جديد مع يحيى
-بس أنتِ مبتحبهوش !!!
اعترضت نسرين بقوة لتبتسم ليان بحزن وتقول :
-الحب مبقاش مهم يا نسرين…أنا وانتِ حبينا وايه اللي حصل بعدين …احنا الاتنين قلبنا أتـ كسر الحب مبيعملش حاجة الا انه بيكـ سر قلوبنا …أنا مش عايزة قلبي يتكـ سر تاني يا نسرين أنا تعبت …والله تعبت …
أحر قت الدموع عينيها لتنهض نسرين وتقترب منها ثم تعانقها بقوة بينما تقول بصدق بالغ :
-أعملي اللي يخليكي سعيدة وبس …لو خطوبتك من يحيى هتريحك ماشي…أنا حابة اشوفك مبسوطة …
ابتسمت ليان وقالت:
-وانا هكون.مبسوطة أوعدك….
ثم استمعت.لصوت سيارات ونظرت لنسرين وقالت؛
-يحيى جه.
…… .
نزلت الادراج بحذر وهي تتوازن على كعبها العالي تحاول ان ترسم ابتسامة على شفتيها وهي تنظر الى الأدراج بحذر …فجأة رفعت وجهها لتتجمد وهي تراه يقف أسفل الدرج…ابتلعت ريقها بتوتر ثم أكملت نزولها….
بينما هو كان بعالم آخر …كان فاغر فمه وهو ينظر إليها …منبهر بجمالها وبفستانها الأبيض الرائع …كانت دوما ترتدي الأسود من اجله …وكانت حقا تعجبه بكل حالاتها …ولكن اللون الابيض يلائمها أكثر …فهي بدت كالملاك به ….ابتسم بحزن وهو يفكر ..ملاك لن يكون ملكه أبدا!!..فهي يبدو انها سترتبط بهذا الطبيب الذي بالخارج…رجل من مستواها …طبيب محترم وانسان راقي …والأهم من هذا لا يمتلك ماضي يقيد حياته ولا كوابيس تحيل حياته لجـ حيم …رجل سوي نفسيا …رجل يستطيع إسعادها . .ابتسم ابتسامة حقيقية الآن وان كانت حزينة …على الأقل ستكون ليان سعيدة …سعيدة وآمنة …وهذا كل ما يريده.سعادة ليان لا يريد أي شئ آخر!!!
وصلت هي الى الأسفل ولكنها تجاهلته تماما وأتجهت الى الصالة الواسعة حيث الجميع هناك يضحكون …
كانت نسرين خلف ليان وقد وقفت أمام موسى ورفعت حاجبيها وقالت؛
-هتضيع من إيديك على فكرة …ايه هتفضل ساكت!!! أنا عارفة أنك بتحبها …باين على وشك على فكرة …دي حاجة متقدرش تخبيها يا موسى …فكر شوية مستعد ليان تضيع من إيديك…مستعد تشوفها بتتجوز واحد غيرك!!…قولي هتكون مبسوط لما تبقي ملك لغيرك!!!رد عليا متبقاش بارد كده وغامض…أنت اللي هتخسر في النهاية !!!
ثم تركته وذهبت ليتنهد هو بحزن وكأنه لا يُدرك.هذا …هو يعرف جيدا الجحـ يم الذي ينتظره!!!
………….
-مساء الخير …
قالتها ليان برقة وهي تقف بفستانها الأبيض الطويل والتي بدت فيه كالملاك…
-أهلا أهلا بعروسة ابني …
قالتها ليلى وهي تنهض لتذهب ليان إليها فتضمها ليلى برفق وتقول :
-ايه الحلاوة دي بس يا عروسة شكلك قمر وتجنني…
-ميرسي ..
قالتها مبتسمة ثم بدأت تحي الجميع….
كان يحيى جالس متباعدا على الأريكة ..عقله مشغول للغاية …ما زال يتذكر ما حدث …رباه متى سوف ينسى …متى!!!…هو حتى لم ينتبه لليان عندما خرجت وبالطبع لم ينتبه لها وهي تمد كفها بلطف لتصافحه…بل كان غارقا في افكاره عندما ربتت والدته على كتفه وهي تقول بغيظ:
-سلم على ليان يا حبيبتي …
وقتها أرتفعت عينيه ليجدها أمامه تمد كفها.بينما تنظر إليه بتعجب وحيرة نهض بإحراج وقال وهو يرسم ابتسامة معتذرة على شفتيه ؛
-اسف جدا …
ثم صافحها بسرعة وجلس ….ذهبت ليان وجلست بجوار شقيقها وهي ترسم ابتسامة لطيفة على وجهها رغم ان داخلها تحتر ق بالفعل …تريد حقا أن تصر خ أن ترفض كل هذا ولكنها أعطت كلمتها لشقيقها وهي لن تتراجع عن وعدها…
……
بعد قليل ..
جلسا كلا من يحيى وليان في الحديقة ليتعرفا على بعضهما ويتحدثان …
-ممكن اعرف اتقدمتلي ليه …متقولش الحب.
قالتها ليان بعفوية ليبتسم يحيى ويقول:
-لا يا ستي مش حب ولا حاجة …ومش شايف ان الحب مهم في الجواز …يعني في جوازات عن حب كتير فشـ لت عادي …بشوف اختيار القلب لشريك الحياة بيكون فاشل…وانك تشغل عقلك يكون أفضل بكتير وانا لما أتقدمتلك.شغلت عقلي..
-ازاي بقا ؟!
تساءلت بفضول فقال هو :
-يعني يا ليان أنتِ متعلمة…مستواكي الاجتماعي قريب من المستوي بتاعي …مثقفة وذكية وأخت صاحبي والاهم أنك شكليا عجبتيني …غير أني بسمع عنك كل خير … يعني العروسة المناسبة ليا واللي أنا اتمناها….. اتمني يكون أجابتي وافية ليكي ولا عندك أي سؤال اتفضلي أسألي
ابتسمت وقالت:
-انا مبسوطة لأنك خرجت الحب برا المعادلة عشان أنا كمان مش شايفة الحب مهم ..
رفع كوب القهوة لفمه وقال بإبتسانة رائعة:
-ممتاز يبقي أحنا متفقين …الحب مقر.ف بكل الأحوال …
-فعلا
قالتها ثم ضحكت برقة …وهي تشرب قهوتها هي الآخري …بينما من الشرفة كان يراقبهما موسى والحزن يسيطر على ملامحه!!
………………
استغلت فرصة إنشغال عدي مع ضيوفه وانسلت الى غرفة النوم واغلقتها جيدا ثم جلست. هي تشـ عل سيجارتها وتتذكر حديثها مع شريف..
…..
-لا معلش عيد تاني مين ده اللي أخليه يحبني ؟!!
قالتها وعينيها متسعة على آخرها…لابد انه يمزح !!
هو كتفه وقال:
-عدي خليه يحبك …
انفـ جرت بالضحك وقالت:
-أنت بتهزر صح …أكيد بتهزر …مين ده اللي يحبني …وبعدين أخليه يحبني أزاي ؟!اعمله سـ حر مثلا!!!ولا اروح ابوس رجليه واقوله حبني يا سعادة البيه وثق فيا ووريني مكان الشيكات . .بقولك ايه يا راجل انت شكلك راجل لاسع وهتودينا في د.اهية الله يخربيتك …
اعتصر شريف ذراعها وقال بغضب :
-متعرفيش تتكلمي بإحترام …هتبقي طول عمرك سوقية كده حتى بعد ما نضفتك ودخلتك قصر .
نفضت هي ذراعيه وقالت:
-خد يا عم القصر بتاعك ورجعني لأمي …انت كل افكارك ما شاء الله عليها…كل فكرة أعبط من التانية وانا زي البهـ يمة ماشية وراك …
-طيب أسكتي يا بهمية وخليني أتكلم
زعق بها لتنفخ بضيق وتقول:
-اتفضل اشجيني …ربنا يستر من افكارك العبقرية بس يارب اخلص من أم الجوازة دي ومنك كمان!!
-لو سمعتي كلامي هتخلصي …عاندتي هتلبسي في عدي رشيد طول حياتك وصدقيني وقتها هتمو تي عشان تتحرري منه …
وضعت كفها على وجهها وهي تفكر انها هي من وضعت نفسها في تلك الوزرطة العظيمة …ولكنها هزت رأسها وهي تفكر انها ليست نادمة بالمرة على ما فعلته …لقد ساعدت صديقتها وان عاد الزمن ستساعد عبير مرة آخري …هي لم تعتاد على التصرف بأنا نية ..خاصة مع عبير التي اعتبرتها شقيقتها يوما !!!
-أجذبيه ليكي يا جواهر …اجذبيه عشان يحبك….
قالها شريف لتعقد ما بين حاجبيها وتقول :
-أجذبه ازاي يعني هو أنا مغناطيس..
-أنا هفهمك.يا جاموسة بس أسكتي …
ابتلع ريقه وهو يرتب كلماته كي تقتنع.بها…فهو لن يترك فرصة نجاته تنفلت من بين يديه بتلك.السهولة ابدا..
-أنتِ ست يا جواهر يعني هتقدري بسهولة تجذبيه ليكي…وعدي مهما كان ذكي بس هو راجل ومش هيرفض واحدة بجمالك …
قالها شريف بهدوء ليتلون وجهها بحمرة الغضب …ماذا يقول هذا المجنو ن …هل هو واعي بما يقوله !!!كيف تجذبه …وبأي طريقة …فجأة اتسعت عينيها وقد نفضت الغباء عنها و ادركت أخيرا ماذا يقصد …هذا المعتو ه المنحر ف…
-نعم بتقول ايه ؟!!انت اتجننت يا عم أنا مستحيل اخلي العبيط ده يلمسني …
-ممكن.تخرسي محدش جاب سيرة انه هيلمسك أصلا …أنتِ ايه مفيش في دماغك الا الحاجات دي !!! استخدمي ذكاءك كأثني واجذبيه ليكي …
ربعت يديها وهي تقول:
-لا مش فاهمة فهمني …
-يخربيت اللي ربط الحمار وسابك والله …أنا اصلا نسيت أنك متعرفيش حاجة عن الانوثة …
رفعت حاجبيها وقالت:
-هتتكلم ولا أمشي !!
-خلاص هتكلم…القصد أنك تقوليله كلام حلو تحاولي تجذبيه بكلامك …بإهتمامك….أنتِ ست وهتفهمي أكتر ازاي توقعيه ..عدي لازم يقع علي جدوره في حبك عشان يسلملك ..
-والله شكلنا أنا وانت اللي هنقع على جدور رقبتنا وهنروح السجـ ن ..من أول ما عرفتك وانا النحـ س مش سايبني في حالي …
-نفسي في مرة تتكلمي بإحترام معايا…لكن لا لسانك عايز بـ تره …ما هو بسبب عبطك ده اتورطي معايا ..أسمعي الكلام واعملي اللي بقولك عليه ..عدي لو حبك هيجبلك العالم كله تحت رجليكي….خليه. يحبك يا جواهر عشان تتحرري من الجوازة دي !!!
….
خرجت من شرودها وهي تخرج دخان سيجارتها …شريف يظن ان الأمر سهل ..كيف سيحبها ..كيف تجعله ينظر إليها …..شريف متفائل للغاية وهي تعرف ان الأمر سينتهي بكارثة بكل تأكيد !!
…………
اخذ ينظر يمينا ويسارا ليتأكد ان لا أحد في الممر وعندما اطمأن مد كفه وفتح باب غرفتها براحة ثم ولج للغرفة بينما أغنية “past lives “تنتشر في غرفتها كالسحر …تنهد براحة وهو يجدها نائمة بمفردها ..لا يعرف أين ذهبت نسرين ولا يهتم ابدا….
اقترب منها وهي نائمة بهذا الشكل الساحر …تمسك هاتفها التي تسطح منه تلك الأغنية الساحرة والتي هي أغنيته المفضلة…اغنية حزينة قليلا ولكن جميلة للغاية .. …لطالما عرفت ما يحبه وجاهدت لتجعل الاشياء المفضلة لديه مفضلة لديها أيضاً …لونه المفضل اصبح لونها…ذوقه بالموسيقي اصبح ذوقها …هو لا يستحق هذا الحب منها …هو وحش وهي ملاك ….هي الجميلة…ولكن الجميلة يجب أن تبتعد عن الوحش كي لا تُصاب بالأ ذي …لانه سيمو.ت خلفها إن حدث لها أي شئ ..حبيبته الصغيرة …سعادته وشقاءه
سحب مقعد وجلس امامها وهو يتأملها وعلى شفتيه ابتسامة كم تبدو مبهجة للنظر…كم تبدو مريحة للقلب…وكم تبدو بعيدة عنه …بعيد بُعد النجوم…يعرف انه لن يستطيع الوصول إليها ابدا …ستبقي بعيدة عنه دائما وإن حاول الأقتراب سوف يؤ ذيها وهو ابدا لا يريد هذا …يريدها دائما سعيدة …آمنة …يريدها دائما ضاحكة …على الرغم ان قلبه يتأ لم لإبتعادها عنه …ولكنها بتلك الطريقة ستكون آمنه وهذا ما يهم…أليس العشق يعني ان تفضل من تحبه على نفسك …تتأكد من أنه آمن وسعيد …يكفيه ان يتأكد من هذا ولن يشتكي أبدا سيتحمل النير ان التي تشتغل بقلبه عن طيب خاطر طالما هي بخير ….
وضع رأسه علي الفراش جانبها وهو يتأمل ملامحها المحببة لقلبه ..
مد كفه ليلمس شعرها ولكن كفه توقف فجأة وهو يدرك ان هذا ليس ابدا من حقه …ليس من حقه ان يلمسها…
ابعد كفه والدموع تحر ق عينيه …أن تجد احلامك امامك ولا تلمسها هذا يُؤ لم كالجحيم …ليته لم يعشق مجددا…ليته.قتـ ل قلبه …
انسابت الدموع من عينيه وهو يفكر انها ستذهب لآخر …أمير يليق.بها …فالجميلة تستحق أمير وليس وحشاً مثله …ليان تستحق السعادة والسعادة ليست معه …
مسح دموعه وقرر ان يحقق حلمه … ربما هي المرة الأخيرة التي سوف يكون فيها بهذا القرب منها …اقترب وهو يضع شفتيه على جبهتها ويقبله برفق بينما دموعه تلامس جبينها ..ثم ابتعد.بسرعة وقال بصوت مختنق:
-ياريتني قابلتك وانا نضيف …ياريتني قابلتك وانا في ظرف غير ده خالص يا ليان ..ياريتني قابلتك قبل ما اتكـ سر…ياريت اقدر احبك من غير خوف أني أذ يكي ….
أطرق وهو يحاول السيطرة على نفسه …الأغنية الحزينة التي تنبعث مرارا وتكرارا من هاتفها لا تساعد بالمرة بل جعلت قلبه يتحـ طم…رباه كيف سيعيش بدونها ..كيف سيراها ترتبط بغيره …مسح دموعه وقال بصوت منخفض.:
-تعرفي لولا اللي عيشته ولولا الماضي مكنتش سيبتك تروحي لغيري …لو كنت موسى بتاع زمان كنت هحبك بحرية ..كنت هكون.أمانك وأنتِ كنتي هتكوني حياتي يا ليان ..بس للأسف مش كل اللي بنتمناه بناخده صح …هي دي الحياة …أنت هتفضلي بالنسبالي حلم جميل وهتفضلي حلمي…حلمي أني في يوم من الأيام اقدر أتجوزك ..ولو حتي مقدرتش أتجوزك ..هيبقي حلمي أني أحميكي ..هيبقي أني اشوفك سعيدة دايما وبتضحكي …اشوفك حابة الحياة ..اشوفك دايما في النور وانا هفضل.دايما اراقبك من الضلمة اللي أنا عايش فيها …بحبك يا ليان وهفضل احبك للأبد ..حتى تحتر ق النجوم ..
ثم أغلق الأغنية ووضع الهاتف بجوارها ..سحب الغطاء عليها أكثر ثم انسحب ليخرج من غرفتها ولكن فجأة وجد امامه نسرين وهي تبتسم بخـ بث وتقول:
-بتعملي ايه هنا يا بيضة ؟!
-ملكيش دعوة …
قالها ببرود ثم دفعها وخرج لتقول بغيظ ؛
-فعلا جلنف وقليل الذوق !
……….
وقف امام منزل صديقه وهو يتنهد بقوة …لن ينسى الشجار الكبير الذي حدث بينهما بسبب نسرين …وبعد التفكير وجد ان يوسف محق جدا …هو لم يجب أن يعامل ابنته بتلك الطريقة …لم يكن يجب أن يضر بها أمام الجميع …هو اخطـ أ كثيرا وكم.نادم على هذا …فبعد ان ذهبت نسرين لتمكث مع ليان رفضت ان تأتي للمنزل وهو لم يضغط عليها كي تنها ر أكثر من هذا ….
ابتلع ريقه وهو يضغط على جرس المنزل ليُفتح الباب بعد لحظات ويظهر يوسف الذي تلون وجهه بالغضب عندما رأه وما كاد ان يصر خ به الا أن كريم تكلم بإنهيا ر وقال:
-أنا محتاجك يا يوسف…مش محتاج حد يتخانق معايا او يلومني …محتاج حد يسمعني…محتاج حد يفهمني !!!
لم يشعر يوسف بالشفقة نحوه …فهو لن ينسى ابدا انه ضر ب نسرين أمام الجميع …لن ينسى انه جعل نسرين تنها ر بتلك الطريقة السيـ ئة…تأ لم قلب يوسف وهو يتذكر نسرين التي قررت ان تبتعد عن الجميع وتحتمي بوجود صديقتها …حتى انها ترفض الرد على مكالماته بإصرار غريب …وكأنها قررت البدء من جديد وقطع علاقاتها بالجميع …لن ينكر يوسف الأمر …الجميع خذ لها بطريقة ما حتى هو …لقد عا.قبها بشدة ولم يرأف بها …لم يراعي صغر سنها ولا تشتتها وهو الذي وعد نفسه انه لن يكون نسخة آخرى من والدها …وعد نفسه ان يتفهمها…يسمعها ويتجاوز عن اخطائها ويحتضنها …وعد نفسه انه لن يتركها ابدا …وماذا فعل ؟!تركها بالفعل في منتصف الطريق وعلى الرغم من توسلاتها لم يعود …لقد تصرف بقسوة غريبة معها …لن يُنكر الأمر ويبدو انها الآن قررت ان تبتعد عن كل من يؤذيها
-يوسف أنا محتاج اتكلم معاك ….لو سمحت أنا محتاجك !!!
زفر يوسف وهو يفسح له الطريق…وولج كريم بسرعة الى المنزل وارتمي على الأريكة بتعب …جلس يوسف مقابلا له وهو يشعر بالضيق …
-أنا عارف أنك متضايق مني …وعارف أني زودتها ..
قالها كريم بحزن وهو ينظر ليوسف ..صديق عمره …هو ابدا غير قادر على خسا رته ..هو نادم على ما تفوه به له وكيف أنه اها نه ….
كان يوسف ينظر إليه بضيق …يربع ذراعيه ويرفع حاجبيه ويقول:
-على ما أظن مش أنا اللي محتاج الاعتذار ده …بنتك اللي أنت ضر بتها قدامنا محتاجاه أكتر مني !!!
ازدرد كريم ريقه وقال:
-عندك حق أنا غلطت غلطة كبيرة في حق نسرين …معرفش عملت كده ازاي ..موعيتش على اللي عملته الا لما بنتي أنها رت وكانت هتضيع من بين إيديا يا يوسف…ودلوقتي هي فاكرة اني مبحبهاش !!
-طيب ما عندها حق !!
اردف يوسف ببرود ثم أكمل :
-طبيعي مادام معاملتك ليها كده هتفتكر انها مبتحبهاش !!!أنا مش قادر اصدق أنك مديت إيدك عليها …على نسرين يا كريم …نسيت ان أمها ماتت…المسكينة يتيمة الأم ومحتاجة حنان منك مش عصبية وضر ب وقلة قيمة!!أنا بجد اتصدمت منك …افتكرتك هتقدر تشيل الأمانة بس فـ شلت يا كريم …فشـ لت تشيل أمانة بنتك …ايه شايفها حمل عليك للدرجادي …مش قادر تتحملها الشوية دوول …
-لا والله يا يوسف…أنا بحب نسرين …دي بنتي يا يوسف ..بنتي.!!
-الحب مش أقوال الحب أفعال …قولي امتي آخر مرة حضنت بنتك …أمتى آخر مرة اتكلمت معاها حرام عليك انت كده بتكـ سرها يا كريم وانا مش هتحمل اشوف نسرين بتتعذ ب معاك …
أطرق كريم راسه بحزن وقال:
-يمكن عندك حق أنا اللي قصرت ويمكن ده اللي خلاها تمشي في طريق مش كويس …
نظر إليه يوسف بحيرة وقال:
-قصدك ايه ؟!
ابتلع كريم ريقه وقال:
-انا عرفت ان نسرين مرتبطة عشان كده كنت بعاملها وحش!!
………..
فتحت باب الحمام وهي تخرج بينما تشعر بالإنتعاش …اليوم سوف ينام أمير في ورشته لان لديه أعمال كثيرة وهي ستمكث في المنزل على راحتها …كانت مرتدية قميص أمير الذي لا يصل الي ركبتيها حتى كانت تضم القميص إليها وهي تشعر بالسعادة …لقد أعترفت أخيرا لنفسها …هي تعشقه …تعشقه بقوة …
ثم بدأت تعني وهي ترقص
مخصماك وابعد عني أنا مش طيقاك
أيوة مش عايزة أبقى معاك
متورنيش وشك ثاني
مخصماك مجنون بجد أنا مش فهماك
مش عايز عيني تشوف شكلك
ولا أسمع صوتك في وداني…آه …
صرخت فجأة وهي تجد أمير في منتصف الصالة ينظر إليها بصدمة وهو يقول :
-نسوان في بيتي !!!
………
ولجت للغرفة وهي تحمل صينية عليها طبقين من الارز بلبن…اتبعت طريقة ان اقرب طريق لقلب الرجل هو معدته …لا تعرف إن كان طبق الأرز الذي صنعته لعدي سيصل لقلبه ام لا ..
-ربنا يستر يارب الافكار دي تنجح والله حاسة اني عبـ يطة وشريف ده أعـ بط مني وهيودينا احنا الاتنين في ستين دا هية ربنا يستر يارب … يارب أنا غلبانة يارب استرها معايا
-ايه ده ؟!
قالها عدي وهو يخرج من الحمام ويجفف شعره بينما كان عاري الجذع كالعادة …لا يرتدي الا بنطال رمادي …
حاولت جواهر ان تتصرف بشكل طبيعي والا تشعر بالهـ لع وقالت؛
-دي زي ما بتقول طلب لبداية جديدة لينا أحنا الأتنين …
ابتسم عدي واقترب وهو يمسك المعلقة ولكنه توقف فجأة وهو ينظر إليها قائلا:
-شكلك حطالي سـ م في الرز .
غمزت له وقالت:
-ونوع فاخر كمان هيمو تك من غير ما تحس …يدوب شكة دبوس . .
ضحك عدي ثم تناول قليلا وبعد ان انتهي وضعت جواهر الصينية على الطاولة التي بجوار الفراش وقالت:
-انا حابة ابدأ من جديد معاك …ايه رأيك نعتبر دي فترة خطوبتنا ونتعرف على بعض…
اقترب منها وجلس على الفراش بجانبها وقال:
-فكرة حلوة اووي بس عندي فكرة احسن ..ايه رأيك تديني حقوقي الزوجية اللي أنتِ مانعاها عني يا بيري …
اتسعت عينيها بر عب ونهضت لكي تركض الا أنه امسكها من معصمها وأسقطها على الفراش بينما المياة تقطر من شعره على وجهها التي أُرتسمت عليه إمارات الر عب …عينيه أظلمت وقال بنبرة ثقيلة وهو يمسك يديها ويثبتهما على الفراش ..
-آن الاوان اخد حقي الشرعي يا بيري!!!
يتبع…
(لن تكوني ملكي )
“أنت لست لي ولكني أحبك .. ما زلت أحبك .. وحنيني إليك يقتلني وكرامتي تمنعني وكل شيء يحول بيني وبينك. ”
محمود درويش.
تجمدت عبير وهي تنظر إليه بينما قلبها يخفق بقوة …رباه ماذا سيحدث الآن!!! بالتأكيد سوف تكون فضـ يحة كبيرة …كان أمير ينظر إليها بحد.ة …وجهه اصبح مصبوغ بحمرة الغضب …عينيه الذهبية تشـ.تعل بها النير ان …ازدردت عبير ريقها وتراجعت قليلا للخلف وتصاعدت دموع الر عب بعينيها
-نسوان !!نوح جايب في البيت نسوان !!!
صرخ بها امير بغضب وهو يجد تلك الفتاة التي تنظر إليه برعب والتي كانت خارجة من حمام منزله ..كان مصدوم من نوح الذي استغل غيابه وأتي بنساء الي المنزل !!…
-اسمعني بس …
قالتها بر عب ليصر خ امير وهو يستدير :
-نوح …نوح انت فين يا أحقـ ر خلق الله بقا تجيب نسوان في بيتي الطاهر الا مدخلتهوش واحدة ست غير امي الله يرحمها …ده جزاتي اني لميتك من الشوارع ودخلتك بيتي الطاهر ..عايز تنجـ سه…
ضربت عبير علي وجهها برعب وهي تقول:
-ياربي هنتفـ ضح …يا أمير اسمعني …
قالتها وهي تركض وتقف أمامه…اشاح بوجهه وهو يقول بضيق :
-لو سمحتي يا ست انتِ البسي عباية ولا اي حاجة وروحي من هنا وربنا يستر علي ولايانا …أما ابن الكلـ ب اللي اسمه نوح أنا هوريه ..
-احترم نفسك متشتمش بابا !
صرخت به بإنفعال ليرد هو :
-ليه هو نوح اخوكي ؟!!
-لا نوح يبقي أنا وانا ابقي نوح !!!
تراجع للخلف وهو ينظر إليها …وبدأت الاحداث تترابط بعقله…لقد عرف الآن ..عرف انه تعرض للخدا.ع من قبلها …لقد كان غبي ليقع في فخها وصدقها بكل بساطة!!!!…
ذهبت عبير من أمامه وتركته مذهولا لترتدي شئ محتشم …بعد قليل خرجت من الغرفة لتجده ما زال يقف متصنما ..لم يتحرك حسنا شعرت بالتوتر الآن اقتربت منه وقالت بهدوء :
-أنا هحكيلك عن كل حاجة …
ثم بدأت تقص عليه كل شئ
وبعد أن انتهت نظرت إليه وتمنت أن يكون قد فهمها ولكن للاسف نظراته ما زالت مشتعلة …ما زال الغضب يسيطر عليه ..
-أنتِ كد بتي عليا !!!عشتي معايا كأنك راجل !!!
كانت نبرته مصدومة وهو ينظر إليها بينما بدأت الدموع تحتشد أكثر بعينيها
-أنتِ كد.بتي عليا خد.عتيني؟ !!يا ترى كنتي فرحانة وأنتِ بتستغفليني؟!فرحانة وأنتِ شايفاني كأني حمـ ار!!.. انطقي..
صرخ بها لتتراجع للخلف والدموع تطفر من عينيها ..بعينيه الذهبية كان يشع الأ.لم …لقد جرحته..أ.لمته تعترف بهذا !!
هزت رأسها وهي تبكي وقالت:
-لا يا أمير أنا عمري ما شوفتك كده أبداً … بالعكس انت انسان شهم وجدع ساعدتني كتير …
دفع المقعد الخشبي أرضا لتصرخ هي بر.عب بينما يزعق هو :
-وده جزائي بعد ما كنت شهم وجدع معاكي !!جزائي تستغفليني وتعيشي في بيتي كأنك راجل …اكيد كنتي بتضحكي عليا لأن كنت مصدقك زي العبـ يط …كان الموضوع مسلي صح ..مسلي اني أكون المغفل اللي دايما يصدق كدبك …
-يا امير اسمعني …
-أخر سي…اخر سي…متجبيش سيرتي علي لسانك ..مش عايز اشوفك هنا …اطلعي برا …اطلعي برا بيتي !!!
-ممكن بس ..
قالتها وهي تبكي ولكنه قاطعها وهو يعتصر ذراعها بعـ نف بينما الأ.لم يشع من عينيه :
-أنا عمري ما فكرت أمد إيدي علي ست فبلاش تكوني أنت الأولي …قولتلك امشي من هنا !!
ثم دفعها نحو الباب وقال:
-مش عايز اشوفك ولو حتي صدفة ..عمري ما هسامحك علي خدا عك ليا وانك عاملتيني كأني مغفل استغليتي طيبتي وضحكتي عليا ..اطلعي برا يالا …برا بيتي وبرا حياتي !….
اخذت تبكي وهي تنظر إليه وقالت بصوت مختنق :
-أمير متتخلاش عني …أنا مليش حد …
-وانا مالي…أنا مالي …انتِ واحدة كد ابة تستاهلي اللي هيجرالك …أنا بكر هك…بكر هك ..ومش طا يقك…ومش مصدق انك خلتيني لعبة في إيديكي …أنا ابقي لعبة !!!!
ابتلعت ريقها ودموعها ما زالت تتساقط ثم استدارت وفتحت الباب وخرجت دون أي محاولة آخرى …حسنا هي المخطئة وليس هو …
بينما تنزل السلالم المتهالكة قليلا شهقت وأحدهما يمسك ذراعها نظرت لتجده أمير يضغط على أسنانه بقوة وقال:
-رايحة فين ؟!
-أنت اللي قولت …
ولكنه قاطعها وقال:
-يالا على فوق …يالا …
ثم جذبها خلفه …
….
ادخلها للمنزل وقال:
-هتنامي في الاوضة وتقفلي على نفسك الباب …مش عايز المحك قدامي …لما اكون برا البيت اقعدي في الصالة براحتك واتمشي في البيت براحتك …لكن طالما أنا في البيت تلزمي الاوضة دي مفهوم !!!
هزت رأسها بطاعة وهي تتجه الى الغرفة وتغلقها عليها جيدا…
تنهد أمير وقال:
-ايه المصـ يبة دي ياربي …لو حد عرف انها عايشة معايا هتبقي فضـ يحة…ربنا يستر !
……….
-أنت…أنت بتعمل ايه ؟!!
قالتها بتلعثم وهي تنظر إليها بر عب …كان يشرف عليها من الاعلى ..كم ارتعبت وقتها …شعرت أنها ضئيلة مقارنة بحجمه الضخم …
ابتسم عدي بمـ كر وقال:
-ايه عايز اخد حقي الشرعي مش آن الأوان تديهولي يا عروسة …ولا هنفضل أخوات كده علطول …
ازدردت ريقها بر عب ثم بدأت الدموع تتصاعد لعينيها واستخدمت سلاحها الاقوي الآن …وكان السلاح الأقوي هو دموعها …إذ انفـ جرت بشكل مفاجئ بالبكاء مما جعله يرتبك ويبتعد عنها ويقول:
-بتعيطي ليه ؟!
-عشان أنت هتاخد حقك مني بالعافية !! …هتعتدي عليا !!اتفضل يالا …كلكم كده …كلكم !!!
-اعتدي عليكي ايه …أنا جوزك يا هانم !!!
زعق بها وقد اغضبته كلماتها لتنهض من الفراش وتقول وهي ما تزال تبكي بشكل يمزق القلب وتتقطع كلماتها من شدة شهقاتها:
-ما هو ده المبرر اللي بتستخدموه عشان تأخدوا اللي أنتوا عايزينه …اتفضل يالا خد حقوقك بالعافية مني …اعمل زيه !!
-زي مين بالضبط !!
قالها بعصبية وهو ينظر إليها …لن ينكر بكاؤها كان صادق …كان يتأثر بها. ….وهو لم يكن يريد هذا ابدا …لا يريدها أن تسيطر عليه بتلك الطريقة !!!
مسحت دموعها وقالت:
– مش مهم تعرف …بس مش عايز حقوقك …يالا تعالي خدها وأغو ر أنا في ستين دا هية …خليك نسخة منه وزي ما اتجوزتني غصب المسني بالغصب …
غضب…لقد استطاعت إشعا ل غضبه …لم يتحمل وهو يقترب منه …يجذبها ثم يدفعها نحو الحائط …يحاصرها هناك بينما يتصاعد التوتر داخلها ولكنها يجب أن تُكمل ما بدأته …حتي لو ستكذ ب مليون مرة ..ولكن لن تدعه يلمسها …
-أنا ملمستش غصب عنها يا عبير …لا عمرها حصلت. لا هتحصل …
-بس بتتجوزهم غصب عنهم.صح !!
قالتها وهي ترفع رأسها بقوة …لا يبدو أنها خائفة منه ابدا …ولكن داخلها كانت حقا ترتعش …هي تعرف أن هذة حر بها …حر بها لتُحافظ على نفسها …يجب أن تخرج من تلك الزيجة المز يفة سلمية ولا تخسر أي شئ !!
-ابوكي اللي عرضك للبيع!!
رفعت رأسها وقالت:
-عشان حضرتك كنت هتحبسه بالشيكات دي يعني هددته وبقيت أنا كبش الفدا بتاعكم …فمش هتفرق اتفضل يالا المسني بالغصب …اعتد ي عليا…الحاجات دي مبتفرقش معاكم …
-عبير متعصبنيش !!!
زعق بها وهو يضغط على ذراعها بشكل اقوي ولكنها لم تستسلم …ستغضبه حتى يبتعد عنها …
-أنا بقول الحقيقة …
خنـ قها فجأة وقال بصوت مشتعل:
-اقولك انا الحقيقة بقا …ابوكي هو اللي واطي …هو اللي عرضك عليا عشان محبـ سهوش قالي لو عجبتك بنتي خدها…دي حقيقة ابوكي ..فلو شايفاني بشـ ع فأبوكي أبشـ ع مني !!!
ثم افلتها لتسعل بقوة ….فابتعد عنها وغضبه ما زال مشـ تعل …عرف أنه لو مكث في الغرفة معها أكثر من هذا بالتأكيد سوف يحـ طم رأسها …وهو لا يريد أن يصل لتلك الدرجة معها …العنـ ف ليس من شيمه وخاصة مع النساء ….
اخرج ملابس بيتيه له من الخزانة ثم بدأ يرتديها وخرج مسرعا من الغرفة …جلست جواهر على الفراش وهي تضع كفها على عنقها وتقول:
-الحمدلله …الحمدلله …أنا النهاردة كنت هخسر كل حاجة بسبب ابن المجنونة ده ..بس الحمدلله اتسترت لازم اخلي بالي بعد كده
تنهدت وقررت أن تنام وحتى لو أتى يجدها نائمة فلا يقترب منها ولكنها توقفت فجأة وهي تري طبق الأرز وقالت:
-يالا هو فقـ ري ملهوش في الطيب نصيب ..
ثم اتجهت الى الصينية وبدأت بإلتهام الأرز وهي تستمتع بطعمه اللذيذ وتقول:
-يمكن الميزة الوحيدة اللي اخدتها من جوازي منه أن الاكل هنا حلو اووي
…………..
في اليوم التالي
اشاحت بوجهها عندما تسللت أشعة الشمس من نافذة الغرفة التي تنام به …شعرت بأ لم شديد بعينيها المنتفخة …ولكن هذا الأ لم لم يُقارن بالأ لم الشديد الذي في قلبها …لا يُقارن بإحترا ق روحها …قلبها يضج بالمشاعر المختلفة …هي حزينة …متألمة وغاضبة ..وكرامتها مجرو حة!!!
والاسوأ من هذا انها منهكة…فاقدة الشغف لتعيش…لا تريد أن تخرج وتواجه العالم …يغريها ان تضع وسادتها على وجهها وتختبئ بغرفتها ولكنها لا تمتلك تلك الرفاهية أبداً ..هي المعيلة الوحيدة لوالدتها …لا يجب أن تكون انانية بذلك الشكل … والدتها تحتاج الطعام والدواء …
استغفرت ربها ثم نهضت وهي تقرر بدء صفحة جديدة بحياتها اولها ان تتقرب من ربها…عسى هذا يُعطيها السلام …
اتجهت لخزانتها الصغيرة وأخرجت منها قميص أزرق وتنورة من القماش لونها أسود وقررت ان تستحم وتخرج …
…
خرجت من الغرفة حيث والدتها نائمة ثم اتجهت الى الحمام
وقفت تحت الصنبور والمياه تندفع عليها بقوة …كانت تغمض عينيها وهي تسمح للمياه بغسل همومها ….كانت في عقلها قررت أن تغير من حياتها …لا تريد أن تكون بلا فائدة …لا تريد أن تبقى في نفس المكان …وان لا تحقق أي إنجاز بحياتها …لا تريد أن تكون مثيرة للشفقة …هي سوف تنهض وترتب حياتها …ربما ما حدث ..حدث ليجعلها تفيق لذاتها …قصتها مع الطبيب كان محكوم عليها بالفشل …ربما ستقابل أحداً ما يحبها لذاتها …أحداً سيمسك يديها ويكون أميرها …هذا ليس مستحيل ابدا …
…..
خرجت من الحمام وهي تجفف شعرها ترتدي قميص قطني دون أكمام وسروال قصير بينما شعرها الطويل نوعا ما يلتصق بوجهها ….الدوش ساعدها لتصفي عقلها تماما وهي الآن تشعر براحة نوعا ما …صحيح قلبها ما زال متأ لما ولكنها اعتادت على الألم هي لن تمو ت بسبب العشق الا اذا كانت ضعيفة وهي لن تكون ضعيفة بعد الآن
-حموم الهنا يا بنتي ..
قالتها والدتها مبتسمة لتبادلها رانيا ابتسامتها وتقول:
-صباح الخير يا أما …ازيك النهاردة …
ثم اتجهت إليها وهي تقبل رأسها وما زالت محافظة على ابتسامتها وإن كانت لا تصل لعينيها ..
تمعنت فيها والدتها بقلق …أرادت أن تسألها عما حدث بالأمس رغم أنها شبه متأكده أن الأمر خاص بالطبيب ولكنها فضلت الصمت …لم ترد أن تحزنها أكثر …
جثت رانيا أمام والدتها وامسكت كفها وهي تقبله وتقول:
-أما أنا سيبت الشغل ..عرفت أني لو فضلت اكتر من كده هتورط …هتجر ح أكتر بس متقلقيش هشوف غيره مش هخليكي تحتاجي اي حاجة ..ههتم بيكي وصدقيني احنا من النهاردة مش محتاجين حد …ربنا معانا وانا هشتغل وهتحمل المسؤولية …مش هبص تاني للسما هعيش على الأرض …أنا اتعلمت الدرس كويس …مش هحلم تاني هعيش في الواقع وده احسن بالنسبالي ..
تصاعدت الدموع بعيني والدتها لتشد رانيا على كفها وتقول مبتسمة :
-متخافيش كل حاجة هتبقي كويسة وانا هبقى كويسة …هنسى …ربنا ادانا نعمة أننا ننسى …ربنا لطيف بعباده …أنا هكلم أبلة ماجدة تشوفلي شغل تاني وهشتغل واجتهد عشان مخلكيش محتاجة أي حاجة …
انسابت الدموع من عيني والدتها لتمسح رانيا دموعها…ربتت والدتها على رأسها وقالت:
-سامحيني يا بنتي …سامحيني اني ضغطت عليكي بالشكل ده ..سامحيني اني مكنتش ام صالحة ليكي …كنت أنا نية وما زلت …سامحيني يا بنتي ..ابوس ايديكي…
قبلت رانيا رأسها وقالت:
-لا أنتِ سامحيني عشان مكنتش بسمع كلامك …كنت عنيدة بس كلامك اللي طلع صح وانا اتعلمت الدرس كويس ..واوعدك من النهاردة ..ده
وأشارت إلى قلبها واكملت :
-مش هديه لحد بسهولة خالص
…….
-بقولك يا بنتي كان في أوضتك امبارح …يا ليان صدقيني موسى بيحبك …لو شوفتي شكله امبارح …صعب عليا بجد ..
قالتها نسرين محاولة إقناع ليان بما رأته ولكن ليان لم تكن تريد أن تهتم …لن تعيش باقي حياتها على أمل أنه يحبها …يكفي ما نالته منه من عذا ب …هي لن تسمح لموسى أن يجر حها مرة آخري …ستحافظ على البقية من قلبها ولن تجعله يحـ طمه …
تنفست بعمق وقالت :
-نسرين خلاص موضوع موسي انتهي نهائيا وانا مش عايزة افكر فيه ابدا …موسي خرج من حياتي لازم تفهمي كده ومش هيرجعلها تاني انا مش هفضل طول حياتي استني أنه يحبني أو يبين مشاعره …أنا مش هضـ يع حياتي عشانه …وحتى لو كان بيحبني وبيخبي يبقي دي مشكلته هو …هو اللي جبان مش أنا …
-بس يا لي لي …
-من غير بس يا نسرين ..كفاية كده انا برضه انسانة وبحس ومش كل شوية همد إيدي ليه وهو يبعد مش كل شوية أسلمله قلبي وهو يدوس عليه ويجر حني ويكـ سرني…أنا هحافظ على قلبي وهبقى سعيدة …مش هفكر الا في نفسي وبس …هتبقى سعادتي من ضمن أولوياتي …مش هفضل حد على نفسي ولا هتمسك بحد مش متمسك بيا …
-وأنتِ كده هتبقي سعيدة يا لي لي …لما تبعدي عن الشخص اللي بتحبيه …
-إذا كان الشخص اللي بحبه كل شوية يكـ.سرني …كل شوية يزعلني يبقى أقرب منه ليه ؟!..بعادي عنه أفضل بكتير على الأقل بالطريقة دي بحافظ على نفسي عشان متجر حش تاني…ولو سمحتي يا نسرين متجبيش سيرة موسى تاني ..أنا بعد اسبوع هتخطب ليحيى وعايزة ابدأ حياتي وانا شايلة موسى من راسي …
-وهتعرفي تشيليه…
-أيوة هعرف !
قالتها بتحدي وهي كانت تنوي ذلك بالفعل. .. مهما حدث هي لن تفرض نفسها عليه مرة آخرى ..لن تسمح أن تريق كرامتها أكثر من هذا ..
هزت نسرين رأسها بيأس ثم خرجت من الغرفة وهي تبحث عن موسى …اخيرا وجدته في الرواق المؤدي لغرفته …
-موسى …
هتفت بإسمي لتتجمد يديه على مقبض الباب ويغمض عينيه بغضب وهو يقول :
-الصبر من عندك يارب !!!
ثم نظر إليها وهو يبتسم بلطف مفتعل؛
-أخبارك يا أنسة نسرين …
اقتربت منه نسرين بغضب …كانت ترغب بلكـ مه !!
-البنت هتضيع من إيديك يا غبي اتصرف…خطوبتها بعد اسبوع !!
قالتها نسرين لهذا الغـ بي..ولكن وجه موسى كان متجمد بمهارة رغم الأعاصير التي بداخله …ودت نسرين حقا أن تلكمه …كيف يدعي ذلك البرود وهي رأت حقيقته بالأمس وعرفت كم هو في يريد ليان …
-عن اذنك رايح انام ..
قالها ببرود وهو يحاول الدخول لغرفته الا ان نسرين شدت مقبض الباب لتنغلق غرفته مجددا و وقفت بوجهه وقالت:
-أنت هتفضل عبيط لحد امتي …بقولك البت هتضيع من إيديك بطل غباء …وبعدين انت بتحبها ومتنكرش أنا شوفتك في اوضتها امبارح…شوفت نظراتك ازاي كانت ليها ..وحاسة بالغيرة اللي في قلبك …يبقي متقنعنيش ان مفيش مشاعر جواك ليها !!لأن واضحة جدا مشاعرك ليها ….فمتتغابش لو سمحت …البنت حرام بتحبك وعانت كتير بسببك وانت وصلتها لمرحلة أنها هتتخطب لواحد تاني عشان تهرب منك …ليه كده يا موسى …ليه قافل قلبك بالشكل ده …ليه خايف تحب ليه ؟!!…انت مش هتلاقي زي ليان تحبك…انت مش هتلاقي زي ليان في العموم …أنت محظوظ أنها حبتك أنت …عارف كام واحد يتمني بس يتكلم معاها في الكلية بتاعتنا
-لا مش عارف ومش حابب اعرف لاني مش مهتم …وهقولك يا آنسة نسرين اللي قولته لصاحبتك الحب مش عافية …وانا مبحبهاش!!
ثم ولج لغرفته وأغلق الباب بوجهها !!
………….
بعد أسبوع
خرجت من جامعتها وهي تشعر بالتعب والاكتئاب ..لم ترغب أن تترك بيت ليان فكم شعرت بالراحة مع صديقتها …عندما أخرجت الجميع من حياتها …رفضت أن ترد على مكالماتهما شعرت حقا براحة كبيرة…وكأنها تخلصت من حمل يثقل قلبها …شعرت أنها حرة ..لا والدها ولا يوسف ولا فؤاد كانوا بحياتها …لم تشعر أبدا بالضغط وكأنها طائر حر يطير في سماء الأحلام …ولكن للأسف سقطت على أرض الواقع بقسو ة عندما أتي والدها بنفسه كي يأخذها ورغم توسل ليان له لتبقي قليلا إلا أن كريم رفض بإصرار وأخذها معه وهي ذهبت ولكنها أصرت أن تتفاداهم …لم تأكل معهما وظلت طوال اليوم بغرفتها …لم تأكل الا عندما توسلت نهى لها واحضرت صينية الطعام لغرفتها …لولا نهى لم تكن لتأكل حقا …توقفت مكانها وهي ترى يوسف يقترب منها …أرادت أن تهرب …لم تذهب من أمامه ولكنها اختارت أن تواجه …..
اقترب يوسف وهو ينظر إليها بغضب
-مبترديش علي مكالماتي ليه ؟!ليه متجاهلاني بالطريقة دي يا نسرين …أنا عملت ايه لده كله ؟!!
قالها يوسف بإنفعال …صحيح كان يريد أن يكون هادئ معها بسبب ظروفها ولكن نسرين قد بالغت برد فعلها فهو اتصل بها مئات المرات وهي كانت مصرة على رفض اتصالاته …
-مكنتش فاضية !!
قالتها نسرين ببرود ثم كادت أن تذهب إلا أن يوسف امسك ذراعها وقال:
-لا نسرين أنا مش هقبل المعاملة دي منك ابدا …أنتِ لازم تتكلمي معايا عدل والا ….
-والا ايه ؟!هتعا قبني وتنفصل عني وبعدين تجيب واحدة تمثل انها خطيبتك عشان تقهـ رني …اتفضل اعمل اللي انت عايزه يا يوسف أنا مبقتش عايزة حاجة …أنا اللي فيا مكفيني…ياريت فؤاد كان سابني انتحر واخلص
اشتعل بنيران الغيرة وهو يسمعها تنطق بإسمه ولكنه قال وهو يحاول تهدئة أعصابه …لا يريد أن يخسرها …سيتنازل قليلا…
– أنا بحبك يا نسرين …بحبك أو ي وأنتِ بتبعديني عنك !!
هزت نسرين رأسها وقالت الدموع تطفر من عينيها:
-مظنش ..مظنش انك حبتني خالص …انت زيه …زي بابا …كلكم بس بتقولوا بتحبوني…بس تصرفاتكم غير كده خالص …بتتفننوني تعذبوني وتقهروني …قولي حب ايه ده يا يوسف اللي بتتكلموا عليه …انتوا دمرتوا حياتي!!!أنا مش محتاجاكم من النهاردة…
ثم كادت أن تذهب ليقول يوسف فجأة:
-ابوكي عرف انك.مرتبطة ….بس ميعرفش مين اللي أنتِ مرتبطة بيه !!!!
………………
-ماجدة كلمتني عليكي وقالت شغلك حلو …بس اعرفي انك هتشتغلي هنا مؤقتا يعني حسبة تلات اسابيع كده عقبال ما ناريمان تقوم بالسلامة وترجع الشغل …
قالتها السيدة المسنة والتي تكون رئيسة الخدم لي قصر رشيد
ابتسمت رانيا وقالت:
-قالتلي أبلة ماجدة الكلام ده يا ست هانم صدقيني بس تقوم ناريمان بالسلامة أنا همشي من هنا
ابتسمت السيدة اخيرا وقالت :
-متقوليليش يا ست هانم قوليلي يا أم رأفت أو يا أبلة لطيفة …
هزت رانيا رأسها بطاعة لتقول لطيفة :
-يالا دلوقتي نبدأ شغل عشان النهاردة خطوبة الهانم الصغيرة وقدامنا حاجات كتير نعملها …
-ماشي يا أبلة ..
قالتها رانيا ثم بدأت العمل بهمة ….كانت تريد إثبات ذاتها …لا بأس سوف تعمل مؤقتا وفي تلك الأثناء سوف تبحث عن عمل آخر …بالإضافة إلى أن قررت أن تُكمل تعليمها…قررت أن تكون شخص تفتخر هي به …قررت أن تُرضي ذاتها …ستظل دائما مشغولة كي تنساه …تلك هي الطريقة الوحيدة لكي تخرجه من عقلها!!
……….
-ازاي يعني يا نسرين مش هتيجي دلوقتي …النهاردة خطوبتي وانتِ البيست بتاعتي لازم تبقي معايا من أول اليوم …
قالتها ليان بتذمر وهي تدور بصالة القصر …كان الجميع يعمل بهمة لجعل هذا اليوم يوما لا يُنسي
تنهدت ليان وهي تستمع لمبررات صديقتها …لقد كانت تشع من السعادة عندما كانت هنا ولكن منذ أن أخذها والدها أول أمس وهي بهذا الحُزن …
-لا يا نسرين هتيجي وتبقي معايا وتنسي الزعل وكل حاجة النهاردة …أنتِ أقرب حد ليا يرضيكي ازعل منك يعني …
ابتسمت ليان اخيرا وقد استطاعت إقناع صديقتها أن تأتي وقالت:
-ماشي يا بيبي باي …
ثم جلست على الأريكة براحة ..سترتاح قليلا حتي تأتي خبيرة التجميل …اغمضت عينيها واختفت الابتسامة المزيفة من على وجهها وهي تتنهد …
كانت رانيا بجوارها تنظف بجوارها بهمة ونشاط ..تريد أن تنهي كل العمل كي تنال إعجابهم …فتحت ليان عينيها ثم التقطت شوكولاتة من الأنية التي أمامها وفتحتها ثم وضعت ورقتها بإهمال على الأرض أمامها وهي تتناول الشوكولاتة بهدوء مزيف ولكن الصراع داخلها كان شديد ..عكس هدوئها كانت هناك عاصفة بداخلها…
نظرت رانيا الى الورقة ثم ذهبت لتزيلها …في تلك الأثناء ظهرت جواهر التي تجمدت وهي ترى الخادمة الجديدة تزيل تلك الورقة …وهذا جلب لها ذكرى سيـ.ئة للغاية…
….
اقتربت مايا منها وهي تتهادي ببطء ثم أوقعت عبوة العصير التي كانت تشربها وقالت وهي تضع كفها علي فاها وتقول:
-أوبس معلش يا جوجو يا حبيبتي ابقي لميها..
نظرت إليها جواهر بغضب ..ودت لو تخنقها تلك الحقـ.يرة المزعجة …المدللة الفا.سدة ولكنها لن تجعلها تنال ما تريد بإشعال غضبها…أهدتها جواهر ابتسامة باردة وهي تقول:
-هلمها أكيد ….
كتمت مايا غيظها وثم خرجت من المكتب وهي تطرق كعب حذائها بغضب …افلتت من فم جواهر ضحكة متشفية وقالت :
-روحي يا شيخة يارب تتقلبي من علي السلم وأنتِ شبه عود القصب كده …داهية تأخدك من هنا وتخلصني منك .
خرجت من شرودها واقتربت من ليان وقالت هامسة:
-ممكن لما تأكلي حاجة تحطي ورقتها في الباسكيت عشان متحطيش شغل زيادة على الناس اللي هنا …
رمشت ليان بصدمة ولكنها تخلت عن صدمتها وابتسمت بلطف وقالت:
-حاضر يا بيري مش هعملها تاني ..
ابتسمت جواهر لها ولكن الالم في قلبها لم يتوقف…لقد عاشت الكثير بالفعل ليأتي الان موضوع زيجتها المز يفة …تجهم وجهها أكثر وهي تنظر أرضا وهي تتذكر شئ مهم ..لقد أشتاقت لوالدتها…يجب أن ترتب زيارة سريعة لها
……………..
يشعر أنهما يلعبان سويا لعبة المطاردة …فأسبوع هي تطارده والان هو من يطاردها …يحاول التحدث معها ولكنها ترفض بكل إصرار …يريد أن يخبرها أن كذ ب بشأن طليقته وأنه ابدا لن يرجعها لعصمته ولكن كيف يقنعها وهي تتباعد عنه بتلك الطريقة …لقد أصبح تجاهلها أسوأ له …هي لا تنعزل عنه وتهرب …بل تتواجد حوله ولكن تعامله كأنه غير موجود حتى لو تكلم معها لا ترد عليه …هل يقول إنه غاضب ؟!لا ..لن يقول هذا ..هو المخطئ ويجب أن يعتذر حتى تسامحه …حقا لو جرحها مرارا وهي دوما تسامحه يجب أن يفعل المستحيل الآن كي يطيب جرحها …
..
كان يتخد الأريكة مقعده كعادته …بينما يمسك هاتفه يتصفح قليلا على الانترنت …ولكن اهتمامه كان منصب على ورد التي تلعب مع ابنته بالعرائس …
انحدرت عينيه على الفستان البيتي القصير الذي ترتديه …كان فستان لطيف يغطيه الأزهار ..ولكنه قصير للغاية …وحسنا هذا يعجبه فهو لا يكف عن اختلاس النظرات إليها ….فهذا ما يصبره بعد أن منعت عنه حقوقه الشرعية وأصبحت تنام بغرفة ياسمين
-طنط ورد أنا رايحة الحمام ..
أخرجه من شروده صوت ابنته لتهز ورد رأسها فتذهب بسرعة ياسمين الى الحمام …نهضت ورد وهى تمسك سلة الألعاب لتضع بها العرائس ..انحنت قليلا وهى تجذب العرائس لينحسر فستانها عن جسدها فيميل هو رأسه وهو ينظر إليها نظرة صريحة …لم يكن يختلس النظرات الآن …صفر بخفوت لتمسكه بالجرم المشهود وهو ينظر إليها …اعتدلت بسرعة وهي تنظر إليه بنظرات مشتعلة وتقول :
-أنت كنت بتبص عليا !!
-أنا !!
قالها وهو يشير إلى نفسه ببراءة وقال:
-وانا هبص عليكي ليه يعني ؟!انا كنت ببص على التليفون بتاعي …بتابع المباراة …اقتربت ورد بغضب ونظرت إلى الهاتف المغلق وصرخت به بجنون:
-بطل كد ب بقا …اهو التليفون بتاع مقفول. ..يبقى كنت بتبص عليا !! اعترف كنت بتبص عليا …
نهض وقال:
-ايوة ببص عليكي …هو انا حد غريب يا ورد …ده انا جوزك …..وبعدين أنا لو مبصتش عليكي أنتِ هبص على مين مثلا ..اروح ابص على البنات برا والبس قضية تحر ش واجيبلك مصـ يبة ولا أبص عليكي أنتِ ونتلاشي المصايب ….
قضمت شفتيها بغضب …هذا الرجل المستفز البارد …لا تستطيع أن تهزمه في الكلام …
-فعلا قليل الأدب …
قالت بضيق وهي تتجه نحو غرفة ياسمين إلا أنه بسرعة أمسكها وحملها بسهولة من خصرها
-ابعد ..ابعد يا ياسين …بكل قلة أدب !!!
صرخت به وهو يجذبها نحو الأريكة ويقول :
-استني بس هقولك حاجة …
-مش عايزة اسمع حاجة …ابعد يا ياسين…بنتك هتيجي.في أي وقف …ابعد يخربيتك …
قالتها وقد شعرت بالر عب أن تأتي الفتاة فجأة وترى هذا المنظر …لم تكن ورد تريد ذلك ابدا …بالتأكيد سوف تخجل. ..ولكن ياسين يبدو أنه لا يعرف ما هو الخجل من الأساس !!!
-أنت ايه مش مكسوف من نفسك !!!
قالتها بغضب بينما هو يجعلها تتسطح على الأريكة …شعرت بر عب بالغ وهي تنظر إلي محل وجود ياسمين وبيديها تدفع ياسين وتحاول أن تبعده عنها …
-خلي عندك دم وابعد
قالتها بغضب ليرد بإستفزاز:
-تؤ…أنتِ وقعتي في فخي خلاص …
ثم ثبت يديها على الأريكة وهو يقترب منها …اهتزت عينيها برعب وقالت:
-ياسين….ياسين اعقل يخربيتك ..
قالتها برعب وهي تحاول التحرر منه ولكنه كان مكبل حركتها بالكامل …كان حقا غارقا بها… بجمالها ….اقترب بغرض تقبيلها…أراد أن يفعل ما حُرم منه طويلا إلا أن صوت قدوم ياسمين جعله يفيق لتدفع ورد بعيدا عنها وتنهض وهي ترتب فستانها قبل أن تمسكهم ياسمين بالجرم المشهود …
ظهرت ياسمين ثم اتجهت للعرائس لتلعب بها بينما نظرت ورد إلي ياسين بغضب ليعطيها قبلة في الهواء
………
في المساء
– يالا يا ياسمين وقت النوم …
قالتها ورد مبتسمة لياسمين لتهز هي رأسها وتنهض ثم تنهض معها ورد وتمسك كفها وهم يتجهان إلى غرفة ياسمين …نهض ياسين مبتسما بخبث وذهب خلفهما وقال:
-ممكن أنام على السرير جمبكم ؟!
كان يقولها بوداعة شديدة وهو ينظر إلى ورد وعينيه بهما بريق شيطا ني …قضمت ورد شفتيها بضيق وقالت بفظا ظة :
-مفيش مكان ليك …
هنا اعترضت ياسمين وقالت:
-بس السرير بتاعي واسع يا طنط ورد ..خلي بابا ينام معانا عشان خاطري …
نظرت ورد إليها وقد شعرت أنها في ورطة …كادت أن تعترض ولكن أمام نظرات ياسمين البريئة رضخت وزفرت بضيق قائلة :
-طيب خلاص ..
-هاي …تعالي يا بابا ..
قالتها ياسمين ثم أمسكت كف والدها واتجهت به نحو الفراش …
-تعالي يا طنط ورد …
قالتها ياسمين وهي ترى أن ورد بعيدة عنهما …لتبتسم ورد وتقترب منهما ثم تتسطح على الفراش …كانت ياسمين بالمنتصف…ورد على يمينها …وياسين على يسارها …
-احكيلي.قصة يا طنط ورد بليز …
-اه ياريت يا طنط ورد تحكيلنا قصة
قالها ياسين وهو يشاكسها …نظرت إليه بضيق ولكنها أمسكت أحدي القصص وبدأت تحكي لياسمين بصوتها الهادئ …كان ياسين ينظر إليها مبتسما …يتذكر بسعادة أنها اعترفت بحبها له …هو لن يتركها بعد هذا الإعتراف …هي تحلم لو فكرت أنه سوف يجعلها تنسل من بين يديه …سيقيدها به بقوة …لن يسمح لها بالذهاب. حبيبة قلبه …
افاق من شروده عندما شعر أن ياسمين غطت بالنوم …أغلقت ورد القصة وقالت:
-البنت نامت اهي …يالا روح اوضتك عشان أنا اللي بنام هنا
-تؤ مش هروح حتة أبدا هفضل هنا …ولو سمحتي متعمليش اي صوت عشان ياسمين متصحاش …نامي يا ورد …
عرفت أن أي نقاش معه ستكون هي الخاسرة لذلك سلمت أمرها لله وقررت أن تنام …هو لن يستطيع أن يتحرش بها هنا وابنته موجودة…ليس قليل التربية لهذة الدرجة …ذهبت في النوم وهي مرتاحة لتلك الفكرة…هي بأمان الان وهي بجوار ياسمين …لن يستطع ياسين لمسها…غطت بالنوم أكثر وأكثر
…
رفع ياسين رأسه وابتسم بخبـ ث وهو يراها قد ذهبت بالنوم …نهضت بخفوت لكي لا يوقظ الصغيرة فهو يجب أن يصالح الكبيرة ….
اتجه الي الناحية الآخري من الفراش ثم حمل ورد برفق….
-يالهوووي يخربيتك انت بتعمل ايه !!!
قالتها ورد وهي تجد نفسها محمولة بين ذراعي ياسين
-ششش مش عايزين البنت تصحي ..خلينا نطلع بكل هدوء …
-نطلع فين يا جدع انت نزلني …بقولك نزلني …
قالت بخفوت ولكن نبرتها كانت حادة وعينيها تشتعلان بنيران الغضب ….
تكونت ابتسامة خبيثة على شفتيه وقال:
-بتبقي قمر لما تتعصبي ..خدودك بتحمر أووي …زي الطماطم الطازة…
ثم اقترب ولثم وجنتها برفق لتغضب أكثر وهي تحاول دفعه …لا هي لن تستلم له بتلك السهولة …لا ..هو لن يصالحها ببضعة كلمات أو قبلات …هو يحب أن يعرف خطأه جيدا كي لا يكررها …يجب أن يعرف أنها امرأة لديها كرامة ولم تسمح له أن يمس كرامتها بسوء …ولكنه كان اقوي منها استطاع أن يكبل حركتها حتى خرج من غرفة الصغيرة … اتجه بها الى الأريكة لتفتح فمها وتشاجره ولكنه اوقف تدفق حروف كلماتها بشفتيه وهو يقبلها بجنون …يحقق ما أراده منذ أكثر من أسبوع …كان يشدها إليه وكأنها سوف تهرب …اخيرا ابتعد عنها وهو ينهت قليلا واضعا جبينه على جبينها ويقول :
-أنا اسف…اسف يا ورد …
-لحد امتى هتكـ سر قلبي وانا مفروض اسامحك علطول يا ياسين !!لأمتي
امسك كفيها وقال:
-المرة دي وبس سامحيني مش هعمل كده تاني ..
تنهدت بتعب وقالت:
-طيب وجوري هترجعها لعصمتك …
هز رأسه بقوة وقال:
-مستحيل …أنا كد بت عليكي لكن مش هرجع المخـ.تلة دي حياتي تاني …كفاية أنها حر قت بنتي ود مرت نفسيتها !!
……..
في قصر رشيد ….
وضع يحيى الخاتم بإصبع ليان …نظرت ليان الى الخاتم بشرود …حاولت استحضار ابتسامة على شفتيها ولكنها فشلت …جل ما شعرت به هو الإنهيا.ر…أرادت أن تبكي وان تصر خ …أن تنهي هذا الأمر ولكنها شعرت ان الامر لا عودة منه ..هي يجب أن تفعل هذا لتحمي قلبها…لتحميه من الذي حطـ.مها…
رفعت عينيها لتبحث عن معذ ب قلبها لتجده يقف بعيدا … عينيه مثبتة عليها كالعادة …وجهه متجمد وعينيه فارغة تماما …لم ترى الغيرة أو الندم أو الحسرة …لم ترى اي شىء …وقتها عرفت أن نسرين بالتأكيد مخطئة …موسى لا يحبها …ولم يحبها أبدا …عندما توصلت إلى هذا الاستنتاج وضعت ابتسامة رائعة على شفتيها وهي تنظر ليحيى بينما تدس طوق الزواج حول أصبعه … نظر يحيى الي كفه ولم يبتسم هو الآخر…هل هذا من المفترض أن يكون شعور رجل خطبته اليوم …ماذا به ..حقا ما به …منذ أن فشل في التواصل مع رانيا وهو بحالة سيـ ئة لقد أخبرته منى أن جارتها أخبرته أنها وجدت عمل آخر وان ليس عليه أن يقلق ولكنه حقا أراد التحدث معها ولكن حتي تلك الفرصة ضا عت من بين يديه…ولكن ربما هذا أفضل …أفضل كي لا تتعلق به أكثر …هو فقط يتمني أن تنساه للأبد !!!
………
الغيرة …الغضب …والحسرة ..كل تلك المشاعر كانت تنفـ جر داخله ولكنه بمهارة شديدة استطاع اخفائها وحافظ على جمود وجهه وهو يراقب ما يحدث…يراقب ليان وهي تصبح لشخص أخر …شخص غيره …جميلته ستبتعد عنه …ستبتعد عن الوحش وتكون ملك لأمير يعاملها جيدا ويكون مناسب لها …هو غير مناسب أبدا …ضغط على كفه وهو يراها تمسك كفه وترقص معه وهنا تذكر رقصتهما الأولي
…….
بتغير ؟!
قالتها ليان وهي تنظر إليه بينما عينيها تتألقان بعشق وهما يرقصان …نظر إليها ببرود وقال :
-وأغير ليه يعني ؟!
رفعت حاجبها الأيمن وقالت :
-يا سلام يعني مغرتش عليا لما عماد كان بيرقص معايا …
ابتسم بسخرية وقال:
-شكلك مش فاهمة يا ليان أنا دروي احميكي من أي خـ.طر علي حياتك …او أي حد ممكن يأذ.يكي وبعمل شغلي اللي بقبض عليه فلوس …
مطت شفتيها بضيق وقالت:
-يعني مش ناوي تعترف أنك غيرت عليا!!!
-لا مش ناوي لاني مغيرتش ولا حاجة ..قولتلك أنا دوري أحميكي …
أغمضت عينيها بأ.لم ثم وضعت رأسها علي صدره وهي تضمه بقوة إليها …
-ليان!!
قالها بصوت مهتز …كانت تلك أول مرة يفقد السيطرة علي نبرة صوته امامها ولكنها كانت اكثر احباطا من ان تنتبه ….اكثر أ.لما من أن تشعر به …
-خلينا كده يا موسي …ليوم واحد بس خلينا نمثل أنك بتحبني…..
كاد يبعدها عنه ولكن كلماتها تلك بنبرتها المختنقة أوقفتها فبدل من ذلك ضمها أكثر وهو يرقص معها بينما يضع شفتيه علي شعرها ويغمض عينيه …كانت الكيمياء بينهما مذهلة …كانا منسجمان بطريقة لا تُصدق …وكانت أعين الجميع عليهما …الحب يكتنفهما معا…
-ياريت تعرف قد ايه بحبك يا موسي مكنتش جر.حتني بالشكل ده ياريت تعرف !
كانت ليان تقولها بنبرة متأ.لمة ولم تري ملامح موسي التي تقلصت من الأ.لم !!
…..
عاد من شروده وهو يطرق برأسه يحاول يسيطر على تلك النير ان التي تشتعل داخله …لو فقط الأ لم داخله يخفت قليلا …كل ما يريده هو الراحة …الراحة فحسب…
-مرتاح انت كده ؟!!
قالتها نسرين وهي تنظر إليه …كانت نبرتها جدية ويبدو على ملامحها الحزن …أكملت وقالت:
-مبسوط وهي ملك حد تاني غيرك ….
-ليان عمرها ما كانت ملكي يا نسرين …ولا هتكون !!!
ثم تركها وذهب ..
………………..
بعد انتهاء الخطبة …..
اختفي موسى تماما !!
….. .
خارج إحدي الحانات المشهورة …
كان يجلس بجوار سيارته وهو ثمل وممسكا بسيجارته …عينيه حمراء بفعل البكاء وجسده كله يهتز …لقد أسرف في الشرب اليوم رغم أنه وعد روان أنه لن يشرب مجددا ولكن الأ لم في قلبه كان كبير …كان يريد اي شئ لتهدئة أ لمه …لهذا شرب …
اخرج هاتفه وهو يفتح صورة ليان مرة آخري ويقول ودموعه تتساقط :
-أنتِ مش ملكي أنا …ليه …ليه بيحصل معايا كده يا ليان …ليه حبيت تاني ليه العقا ب ده !!
ثم أخذ يضرب على السيارة ويصرخ بأ لم :
-كان لازم امشي …كان لازم أبعد …بس انا فضلت لحد ما اتكـ سرت…فضلت لحد ما غر قت ومفيش حد يساعدني…هفضل غر قان طول حياتي !!!
-موسى !!!
قالها عدي وهو يقترب منه …لينهض موسي والدموع تغرق وجهه ..اقترب من عدي ثم عانقه وقال:
-أنا خسـ رت مرة تانية يا عدي …أنا اتكتب عليا أكون مكـ سور طول عمري. .
قال كلماته غير المفهومة ثم فقد الوعي !!!
…………
في اليوم التالي …
امسكت الهاتف الذي جلبه لها أمير وقررت أن تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي …سيطر عليها الفضول لتري ما كان مصير والدها مع هذا الرجل …فجأة اتسعت عينيها وهي تضع كفها على فاها…ثم أبعدت كفها وقرأت الخبر المكتوب ..
خطبة ليان رشيد شقيقة عدي رشيد والذي تزوج منذ فترة من عبير صديق!!!!
وفي الصورة كان هناك فتاة مجهولة ورجل ومعهما جواهر!!!!!
يتبع….
“كل عيب أحبه فيك… إلا غيابك”
محمود درويش
-يا دي المصـ يبة …يا دي المصـ يبة …
قالتها عبير والدموع تحتشد بعينيها …لا تصدق …جواهر من تورطت بدلا منها ….لقد استغل والدها جواهر …هي نجت ولكن جواهر من عانت ….
جلست على الأرض ودموعها تنفـ جر من عينيها …شعرت بالفعل أنها كانت أنانية …هي لم تحاول التواصل بجواهر لتعرف ماذا حل بها …هي حقا أنا نية …ارتفع نشيجها وهي تحاوط نفسها بذراعيها …ماذا تفعل …ماذا تفعل !!!
شعرت أن عقلها توقف تماما عن التفكير …الآن كيف ستتصرف …عرفت بسرعة أن والدها تو رط في تزو.ير اوراق هوية جواهر ليجعلها عبير …والمشكلة أن جواهر أصبحت شريكته …والدها لم.يكتفي بكل ما فعله ..ور ط المسكينة أيضا معه …ولكن لماذا وافقت جواهر على هذا …لماذا !!!
فتحت الهاتف وقررت أن تتصل بأمير .. لا تملك حل غير هذا …ليس لديها سواه ليساعدها الآن!!
….
عندما رن هاتفه مسح كفه المتسـ خ بالزيوت ونظر الى هاتفه ليجدها عبير …أغمض عينيه وهو يسيطر على قلبه الذي بدأ يتحرك …لقد أحضر لها هاتف بالأمس حتى يتواصل معها ويخبرها أنه قادم فتلزم غرفتها … وجودها معه لا يصح أبداً !!هو رجل أيضا وأحيانا الشيطان يتلاعب بعقله …ولكنه أيضا لا يمكنه طر دها …اين ستذهب هو ليس نذ ل أبداً ولن يترك امرأة بدون مأوى سيحاول أن يساعدها كي تسافر وطنها ويرتاح …ولكن هل لو تركته سيرتاح !!لن ينكر هو يشتاق لصحبته …يشتاق لنوح!!!ولكن هل هذا معقول انه يشتاق لشخص غير موجود من الاساس…شخص اتضح انه فتاة وقد خد عه …ولولا اخلاقه لم يكن ليجعلها تمكث معه ثانية واحدة …حسنا هو يعلم ان وجودها معه أكبر خطأ…صحيح انه شاب متدين ويعرف الله ولكنه رجل وهي امرأة وامرأة جميلة جدا لن ينكر الأمر ولن يكذ ب على نفسه ويقول انه لم يختلس نظرات لها او لم يتحرك شئ داخله من ناحيته ولأجل هذا يجب ان تبتعد عنه …زفر بضيق وقرر ان يرد على الهاتف ..
-ألو …
عقد حاجبيه بقوة وهو يسمع صوت بكاؤها الناعم وقال:
-أنا جاي …
أغلق الهاتف وهو يقول :
-حسن استلم انت الشغل عقبال ما أجي مش هطول ..
-أمرك يسطا ..
قالها الشاب الصغير ليخرج أمير من مكان عمله ويتجه الى المنزل …
-أمير ازيك ..
قالتها تلك الفتاة التي تلاحقه ثم كادت أن تسترسل في كلامها ولكنه قال وهو يتجاوزها:
-مش وقتك خالص …
عضت شفتيها بغضب وقالت بإنفعال:
-فعلا قليل الذوق …أنا غلطانة اني عبرتك يا قليل الذوق أنت …فاكر نفسه ايه يعني ولا مين !!هو عشان حلو شوية هيتكبر علينا …بس ماشي برضه مش هعتقك !
ثم ذهبت الى منزلها…
….
امام.منزل أمير …
طرق الباب ولم يستخدم مفتاحه ….في نفس اللحظة فُتح الباب لتظهر امامه عبير …وجهها الدائري الجميل أحمر من البكاء وعينيها الواسعة ذبلت …
توتر ونظر الى الأرض وهو يستغفر …انها فتنة عليه بالفعل!!!
-ادخلي لو سمحتي ..
قالها بهدوء لتهز هي راسها وتلج للداخل وهي ما زالت تبكي …
أعطته الهاتف ما ان جلس ثم بدأت تقص عليه ما حدث …
…
بعد ان انتهت انفجـ رت في البكاء بعنف وهي تقول:
-البنت أتورطت بسببي …بسببي أنا أتور طت …أنا السبب …أنا السبب. …ده غير أني دلوقتي مبقاش ليا وجود ولو ظهرت جواهر هتتحبس …أنا ضـ يعت البنت …مني لله…مني لله …
ثم غطت وجهها وهي تبكي بعنـ ف …توتر أمير وهو لا يعرف ماذا يفعل وهي تبكي بتلك الطريقة …اراد ان يواسيها ولكن لم يستطع ان يقترب منها لذلك قال:
-إن شاء الله كل حاجة هتكون تمام بس أنتِ متزعليش نفسك ولا تبكي …
ولكنها لم تستمع إليه بل أخذت تبكي بعـ نف …
اخرج من جيبه عبوة محارم وقرب العبوة منها وقال :
-اتفضلي يا أنسة عبير امسحي دموعك العياط مش هيحل حاجة أحنا لازم نقعد ونفكر نعمل ايه …أنا هساعدك !!
نظرت إليه وأمسكت عبوة المحارم الورقية ليبتسم بإيجاز ويقول :
-انا هتصل بحسن يمسك الشغل النهاردة وهدخل الحمام اخد دش سريع كده وبعدين نفكر هنعمل أيه وهنلاقي حل إن شاء الله متقلقيش .
هزت راسها وقالت :
-ماشي
…….
-آه …
قالها بأ لم وهو يضع يده على راسه…شعر ان رأسه سينـ شطر لنصفين …الأ لم كان رهيب …لم يكن عليه الشرب…لقد وعد روان انه لن يشرب مجددا …اقسم على هذا وبالفعل لم يشرب مجددا ..ولكن الأمس ..الأمس كان يمو ت وليس يتأ لم فقط …فما كان يعيش من اجله انسل من بين يديه …عصفورته غادرت قفصه وهو من دفعها لهذا …فعل هذا لكي يحميها ….
-اخيرا صحيت..
خرج صوت عدي المتعب ليحرك موسى راسه ويجد عدي جالساً على المقعد بجواره ويبدو انه مكث هنا طوال الليل وهذا واضح من وجهه الشاحب قليلا وعينيه الحمراء …
-سهرت طول الليل جمبي ..
قالها موسى وهو يضحك بتعب ..نهض عدى وهو يفرك رقبته بتعب :
-حالتك كانت صعبة امبارح طول الليل كُنت بتبكي وبتتكلم …
اتسعت عيني موسى وتوتر …يتمني انه لم يقل شيئا عن ليان …
-كنت بقول ايه ؟!
قالها بتوتر ليضحك عدي ويقول:
-متقلقش مفهمتش حاجة من كلامك كان ملخبط وانا اصلا كنت تعبان ومش مركز …
تنهد عدي ثم أكمل وهو يجلس على الفراش بجانبه :
-ليه كده يا موسى ؟!
-ليه أيه ؟!
قالها موسى وقد بدأت عينيه تلمع بالدموع مجدداً
-ليه مش قادر تنسى …ليه مش قادر تسامح نفسك وتعيش …أنا دلوقتي افتكرت ان امبارح فكرك بمو.تها لانها ما تت زي اليوم ده .. وطبيعي تزعل بس مش لازم تتحرك في حياتك شوية …هتفضل طول عمرك وحيد وحزين !!
ابتسم موسى بحزن وقال:
-انسى ايه يا عدي …انها ما تت بسببي أنا ..ما تت عشان اخطائي أنا …وبعدين لو دخلت واحدة تانية حياتي هتمو ت …صاموئيل لسه عايش ومستني يخلص عليا …
انسابت دموعه وقال بحـ قد :
-وأنا كمان مستني الفرصة اللي هخلص عليه فيها !!
-مش ناوي تنسى ..
قالها عدي بتعب فهز موسى رأسه بإصرار وهو يمسح دموعه ويردد:
-مستحيل يا عدي …مستحيل !!!د.م روان مش هيروح هدر …أنا هنـ تقم منه …هحر ق قلبه زي ما حر.ق قلبي على مراتي وابني …مستحيل أسامحه …مستحيل !!!
تنهد عدي وربت على ذراعه وقال؛
-طيب اهدى وارتاح النهاردة لي لي مراحتش الكلية النهاردة كمان …ومش هتخرج النهاردة تقريبا عشان خطيبها وأهله جايين …
ازدرد موسى ريقه بأ لم وأشاح بوجهه وهو يشعر بقلبه يصرخ داخل صدره وقال:
-عدي لحد أمتي هتفضل مانع ليان ما تروح كليتها ..أنتَ كده هتضيع سنة من حياتها …
-مش مهم ..طالما هتكون بخير مش مهم ..
قالها عدي ثم نهض وقال:
-هسيبك دلوقتي وأنتَ ارتاح وأنا رايح ارتاح ..كده كده مش رايح الشركة النهاردة .
ثم تركه وغادر …
ليتنهد موسى بتعب ويغمض عينيه ولكنه قرر النهوض لن يبقى في الفراش طيلة اليوم !
نهض ثم وقف امام المرآة وهو ينظر الى انعكاسه …استطاع رؤية رجل تعيس…رجل لديه ماضي مظـ لم …رجل ميـ ت وهو على قيد الحياة …نظر الى كله وتذكر الظلام الذي كان يعيش به …تذكر كيف من أجل الإنتقام تحول لوحش …أغمض موسى عينيه وصور من ماضيه تها.جم عقله …
………
في مستودع قديم ملك لأحد الشركات ….
كان جالس على مقعد …شعره الطويل يغطي رقبته التي عليه وشم أفعي في وضع الاستعداد تشبه وضعه دائما …يحمل سلاح نا ري وفي فمه سيجار يدخنها بإستمتاع بينما هذا الرجل يتمسك بساقه ويبكي …
-أبوس إيديك ارحمني أنا عندي عيال …ابوس إيديك متقتـ لنيش …ارحمني …ارحمني يا قيصر أبوس إيديك متقتلنيش !!!
كان يبكي بعـ نف …صراخه ومعاناته تذيب الحجر ولكن ليس قلبه …قلبه كان مظـ لم …قا سي …لا يعرف الشفقة …
ضحك قيصر وهو يخرج السيجار من فمه وقال:
-خلاص اهرب …هديك فرصة …
-ايه اللي بتقوله ده يا قيصر …
تدخل أحدهما ليرد قيصر :
-شششش محدش يتدخل لو سمحتوا ….
حاوط وجنة الرجل وصرخ به وهو يضحك بجنون :
-أهرب يا عماد …اهرب !!!
نهض الرجل برزعب وهو يتأ لم لان قدمه مصابة يطلق ناري بصعوبة اخذ يمشي وهو يبكي من الألم…جل ما يريده هو الوصول للباب والخروج من هذا المكان المقيت قبل ان يقـ تله هذا المجنون….
ابتسم قيصر وهو يضع سيجارته في المنفضة ويرفع سلاحه ثم يطلقه لتصيب الرصاصة رأس الرجل من الخلف ويسقط ميـ تا…
ابتسم ابتسامة خالية من المشاعر وقال:
-الغبـ ي مكانش سريع كفاية !!
…
خرج موسى من شروده واعتصر جفنيه ودموعه تلطخ وجهه … ويقول:
-مفيش فرصة بينا
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت جالسة بأحد المقاهي …عقلها لا يتوقف عن التفكير بما قاله يوسف أمس …لقد عرف والدها بإرتباطها …ما تلك الكا رثة !!!كيف عرف …كيف ؟!!هي لا تفهم …ولكن الأكيد انه لا يعرف ان حبيبها هو يوسف فلو عرف سيكون الوضع أسو أ الآن ستُفتح عليهما أبواب الجـ حيم …والدها لن يسامحها أو يسامح يوسف …سيعتبر انهم خد عوه …ولكنها تركت يوسف الآن …انفصلت عنه للأبد عرفت ان علاقتها به لن.تنجح ولم يكن هذا هو السبب الوحيد ولكنها فقدت الآمان قليلا من ناحية يوسف …ظنت انه مختلف عن والدها ولن يؤ ذيها ولكنه هو أيضا اذاها وهي لن تتحمل ان يتم ايذ ائها مرارا وتكرارا بهذا الشكل …ستتخلى عن أي شخص سام بحياتها
-قاعدة لوحدك ليه ؟!
قالها صوت مميز منتزعا اياها.من شرودهاو …
رفعت نسرين عينيها له وابتلعت ريقها وقالت وهي ترى فؤاد:
-عادي خرجت من الكلية قولت أقعد في الكافيه شوية وبعدين هروح البيت …
جلس فؤاد وقال:
-معندكيش مانع أقعد صح …
ابتسمت له وهزت رأسها بالنفي وهي تتلاعب بكوب القهوة الخاص بها بينما الأ لم يشع من عينيها …كان فؤاد حقاً يشفق على تلك الفتاة لانها وقعت بين يدي رجل لا يفهم كيف يتعامل مع ابنته …رجل جعل ابنته التي كانت كالزهرة تذ بل …
تأمل فؤاد نسرين جيدا ليجدها ليست كالسابق …شئ داخلها انطفأ …
كانت نسرين تنظر إليه بحيرة وهي تجده ينظر إليها بتلك الطريقة …ابتلعت ريقها واحمرت قليلا وقالت :
-هو أنت بتبصلي كده ليه؟! أنا خوفت …
ضحك عليها …حقا ضحك حتي بانت غمازاته الرائعة وقال وهو يقترب قليلا بوجهه:
-بحللك نفسيا …
عبست بوجهه وقالت:
-بس أنت مش دكتور نفسي …
-بس درست علم النفس على فكرة يعني قريت عنه كتير سواء كتب او مقالات وكمان شوفت فيديوهات لمعالجين نفسيين كتير ..يعني خبير …أنا بعشق علم النفس أووي على فكرة ..ممتع أووي …
ابتسمت وقالت:
-طيب بما أنك خبير تقدر بقا تقولي تحليل شخصيتي ايه ؟!
-هحتفظ بيه لنفسي
قالها بمشاكسة فردت ضاحكة :
-يبقى انت معرفتش تحلل شخصيتي أنا غامضة للدرجادي ؟!
-بالعكس أنتِ شفافة أوووي ورقيقة …
أجفلت وأحمرت بقوة ليكمل هو :
-أنتِ اجمل وأرق بنت شوفتها في حياتي ..مشوفتش في جمالك …
نهضت وقالت بإرتباك ؛
-أنا ماشية عن إذنك ..
ولكنه وقف أمامها وقال:
-نسرين…أنا معجب بيكي …وأنتِ عارفة كده كويس وم…
شهقت وعينيها ترطبت بفعل الدموع وقالت:
-معلش بعدين نتكلم…بعدين …
ثم هر بت من امامه بسرعة بينما ظل هو ينظر إليها بحزن
………….
كانت تسير في الشارع وهي تشعر وكأن العالم الرحب يضيق بها …لا تريد أن تفكر بإعتراف فؤاد…لا تريد أن تفكر به…
رن هاتفها فجأة اخرجته لتجده يوسف ..فتحت الهاتف وردت عليه لتقول بعد لحظات :
-أيه أنت تعبا ن …طيب أنا جاية في الطريق …
…………
بعد نصف ساعة
كانت قد وصلت لمنزل يوسف
-أنت كويس أهو يا يوسف اومال خضتني ليه ؟!أنت بتهزر!!!
قالتها بضيق ليبتسم هو بمشاكسة ويقول:
-حبيت اشوف غلاوتي عندك ايه وعرفت أنك لسه بتحبيني ..
تنهدت بتعب وقالت:
-أنا مش هنكر حبي ليك …بس الحب مش كفاية يا يوسف …علاقتنا خلاص انتهت …اتقبل الموضوع …
احمر وجهه وهو يقترب منها فخافت هي منه وتراجعت قليلا
-أنتِ ملكي …ملكي أنا وبس فاهمة …مش هسمحلك تبعدي عني !!!
قالها بعنـ ف عاطفي وهو يجذبها إليه…اتسعت عينيها وهي تنظر إليه برعب وللوهلة الاولى شعرت بالرعب منه ..ولكنه يوسف أمانها كيف تخاف منه ؟!!
-يوسف ..انت بتخوفني منك !!.
قالتها والدموع تطفر من عينيها
اخذ يهزها بعـ نف وهو يقول :
-عشان عايزة تسيبيني …مش هسمحلك تبعدي عني أنتِ فاهمة …أنتِ ملكي ومحدش هياخدك مني
ثم أمسك وجهها وهو يقبلها رغماً منها بينما هي تصرخ وتحاول أبعاده عنها …
تحرر شفتيها منه وتصرخ متوسلة بينما الدموع تُغرق وجهها ؛
-يوسف فوق ابوس إيديك …
ولكنه لم يسمع …لم يشفق …فكرة خسارتها تد.مره …هو لن يخسر مجددا !!
دفعها فجأة لتسقط على الأريكة ثم أتجهت يديه لقميصه وهو يحله ثم قال وعينيه تشتعل :
-أنتِ ملكي …وهتفضلي ملكي يا نسرين!!!!
اتسعت عينيها بر عب وهي تدرك ما سوف يقدم على فعله !!!
خلع قميصه ثم هجم عليها وهو يقبلها على وجهها …لتستمر هي في الصراخ…كانت تصرخ دون توقف وتبكي ….
كتم يوسف صرخاتها بيده ونظر الى عينيها وهاله ما رآه …كان الر عب يسكن بهما ….لقد شعر انه لم يعد أمانها بعد!!!
نهض عنها وهو يمسك قميصه ويقول:
-انا اسف…اسف…
نهضت نسرين بهدوء ودموعها لا تتوقف عن الإنسياب وركضت نحو الحمام…
جلس يوسف بإ نهيار على الأريكة …لم يصدق انه كان على وشك إغتصا بها !!!!!
…..
بعد دقائق خرجت نسرين من الحمام وقد عدلت من وضع ثيابها واتجهت الى الباب اقترب يوسف منها وكاد ان يمسكها الا انها دفعته وقالت بتهد.يد:
-اقسم بالله لو فكرت تلمسني او تيجي ورايا هقتـ ل نفسي وأرتاح منك ومن بابا والحياة دي !!!
ثم تركته وذهبت غارق فى ند مه !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
لمعت عينيه بشدة وهو يجدها تنزل الدرج …ترتدي فستان أبيض أنيق يلائمها جدا وكأن الأبيض خُلق من أجلها …ابتسامة تكونت على شفتيه …لم يهتم ان يمحوها عندما نظرت إليه …لقد أصبحت لغيره وأنتهي الأمر …كل ما يملكها الآن هو النظر إليها والابتسام فقط..
.عرف ان ما يفعله لا يصح…لا يصح ان ينظر الى ما ليس له ولكنه ببساطة لم يهتم ….
اهتزت حدقتي ليان وهي تراه ينظر إليها بتلك الطريقة ..أمكنها سماع ضجيج قلبها. ..نظرت للأسفل الى طوق خطبتها …الى القيد الذي يحميها منه ووضعت في بالها ان قصتها مع موسى قد أنتهت تماما …
نزلت للأسفل وكادت ان تتجاوزه ليقول هو :
-اسف مباركتش ليكي أمبارح …
تجمدت وابتلعت ريقها وهي تستمع لنبرته المميزة …لطالما عشقت صوته …أغمضت عينيها بتعب وهي تفكر ان هذا خطأ …خطأ ما تفعله…خطأ ما تشعر به …استطاعت الحفاظ على البرود بوجهها ونظرت إليه وقالت بإيجاز :
-مفيش مشكلة .
-بس رغم كده لازم اباركلك …
ثم مد كفه وقال:
-مبروك يا ليان …مبسوط أووي عشانك بتمني تكوني سعيدة ومبسوطة دايما…
ازدردت ريقها وهي تنظر الي كفه …كانت خائفة لو لمسته ولو حتى عارضيا ستعصف بها المشاعر مجددا ..وأيضا إن لم تصافحه ستكون تلك قلة ذوق منها …لذلك قررت ان تمد كفها وتصافحه ثم تسحبها بسرعة … مدت يدها فاحتوى هو كفها بعمق وضغط عليها فلم تستطع ان تبعدها ابتسم لها وقال:
-خليكي سعيدة دايما…
سحبت كفها بحد ة نوعا ما وقالت وهي تخفي غضبها بشق الأنفس :
-هبقى سعيدة مع يحيى متقلقش …هو انسان كويس وسوي نفسيا وهيسعدني ..
-اتمنى كده ..
قالها وهو ما زال محتفظا بإبتسامته وإن كان من داخله منكـ سر!!
-عن إذنك عشان هو زمانه جاي …تقدر تستريح النهاردة كمان أنا هخرج مع يحيى …
أختفت ابتسامته وقال بإستياء:
-مينفعش …
-ايه هو اللي مينفعش !!
قالتها بإنفعال ليحاول ان يتكلم بلطف:
-ليان لازم أكون معاكي حد يحميكي…الوضع لسه…
رفعت رأسها وقالت بجفاف:
-ما أنت كنت آخر مرة معايا ومقدرتش تعمل حاجة وكنت بالفعل همو ت!!
أجفل وهو يسمع لتلك الكلمات …وكم تأ لم …هو كان مستعد أن يمو ت من أجلها!!…
عرفت انها جر حته …وكم ندمت على هذا لان بالفعل موسى فعل المستحيل لينقذها…لطالما فعل وهو لم يقصر أبداً ولكنها حقا متأ لمة …هي تشعر انها تمو ت وهي تبتعد عنه بتلك الطريقة …غاضبة لانه دمر أي فرصة بينهما …غاضبة لانه لم يحبها ولانها تحبه بينما مرتبطة بآخر …حياتها في فوضى بسببه هو …
رفعت رأسها وهي تمحي عنها الشعور بالذ نب وقالت:
-عن إذنك دلوقتي عشان خطيبي جاي !!!
هز هو رأسه وهو يبتعد عن طريقها وتتجاوزه …
…………..
ولج لغرفته بسرعة وهو يشعر بالغليا ن ….كان كلامها كسـ كين بقلبه ..لقد اتهمته بانه فشـ ل في حمايتها …ولكن أليس هذا صحيح !!نعم هو فـ شل في ان يحميها …لقد كادت بالفعل ان تمو ت لولا قدوم عدي ….أغمض عينيه وهو يشعر انه عديم القيمة للمرة الثانية …ألم يفـ شل من قبل في حماية زو جته …زو جته التي ما تت بأبشـ ع طريقة وهي تحمل أبنه …لن ينسى هذا أبداً ..جلس على الفراش وهو يشعر بالإنهيا ر…ان الأرض تحته تهتز …قد لا تعلم ولكن كلمتها تلك فعلت به الأفاعيل …. ذكرته بما فشل في حمايته من قبل …ذكرته انه شخص فا.شل … نهض اقترب من المرآة وهو ينظر الى انعكاسه وهو يضرزب على طاولة الزينة بغضب …نعم هو فا شل…فشـ ل في حماية زوجته وابنه …فشـ ل في الحصول على حبه …فشـ ل في كل شئ!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-معلش يا رانيا قبل ما تمشي حاجة أخيرة هتعمليها …ودي العصير والجاتوه ده للضيوف اللي برا…خطيب أنسة ليان ومامته وأبوه جم …
ابتسمت رانيا وقالت:
-عيوني يا أبلة حاضر …
ثم أمسكت الصينية ووضعتها على الطاولة المتحركة وهي تدفعها برفق مبتسمة …لقد أحبت العمل هنا .. الجميع هنا ظريف ….
كانت مطرقة برأسها ما ان دخلت …أمسكت أول صينية والتي عليها العصير الطازج وقالب الكيك وذهبت لتعطيه للسيدة التي تجلس ولم ترفع رأسها لترى يحيى الذي ينظر إليها بصدمة بالغة…
-اتفضلي يا هانم..
قالتها رانيا مبتسمة ورفعت رأسها الا انها شحبت وهي ترى يحيى أمامها …توقفت الكلمات في حلقها واتسعت عينيها بشدة …ولم تسيطر على نفسها وامالت الصينية قليلا حتي انسكب بعض العصير على السيدة ليلى …
شهقت ليلى ونهضت وهي تمسح فستانها الثمين…نظرت إليها رانيا بخوف وابتعدت قليلا وهي تقول :
-أنا اسفة …اسفة أووي يا هانم…
-خلاص يا رانيا حصل …
قالتها ليان ولكن ليلى تدخلت وصرخت :
-هو ايه اللي خلاص يا ليان …الغبـ ية دي بو ظت فستان غالي… يشتري عيلتها كلها وأنتِ تقوليلي حصل خير. ..
اطرقت رانيا برأسها ودموعها تتساقط لينهض يحيى ويقول بإستياء :
-خلاص يا ماما كفاية لو سمحتي !!
-لا مش كفاية أنا مش عارفة مادام مش عارفة تتنيل تشتغل بتخدم في قصر محترم زي كده ازاي …دي واحدة غبـ ية وحما رة ..مش عارفة تشوف شغلها كويس !!
نظر يحيى متسع العينين الى رانيا التي ثبتت عينيها على الأرض بينما يرى الدموع تتساقط منهما.
-ردي عليا يا غبـ ية هتعرفي تجيبي حق الفستان اللي بو ظتيه !!
-مدام ليلى مش من حقك تهيني حد وأنتِ في بيتي !!
قالتها جواهر وهي تظهر بجوار عدي الذي كان ينظر بضيق الى ليلى وقد حضر الموقف من أوله ..
نظرت ليلى الى زوجة عدي وقالت:
-الغبـ ية دي …
ولكن جواهر قاطعتها بقوة وهي تقول :
-رانيا اسمها رانيا …ملكيش حق تهـ يني حد في بيتي سواء ضيف او حد بيشتغل هنا يا هانم …متنسيش أنك ضيفة هنا كمان ومش من حق الضيفة تهـ ين حد من اللي شغالين هنا …
-وأنتِ مين عشان تقولي أعمل ايه ومعملش ايه !!!
زعقت بها ليلى لترفع جواهر رأسها وتقول :
-انا مرات عدي رشيد ..عبير صديق وصاحبة البيت ده ..وأنا اللي كلمتي تمشي هنا …وأنا اللي بقولك ان التصرفات دي غير مقبولة ابدا هنا …لو زعلانة على الفستان أنا اديكي حقه واعوضك لكن متهنيش أي حد شغال في بيتي …أي حد.!!
قضمت ليلى شفتيها بغيظ وقالت:
-لا ميرسي أنا مش هقبل تعويض عن فستاني ..
رفعت جواهر حاجبها الأيمن وقالت:
-ومادام مبتقبليش أي عوض ليه شغالة تهـ يني المسكينة دي من الصبح؟!
صمتت ليلى وتجهمت ملامحها ثم نظرت عدي ليتدخل ولكن عدي اخرج هاتفه وقال :
-انا افتكرت أني لازم أعمل مكالمة مهمة دلوقتي عن اذنكم …
ثم ذهب على الفور وهو يبتسم بإعجاب …فهو كر ه تصرفات ليلى المتغطرسة ولكن عبير استطاعت ان ترد عليها جيدا !!….
نظرت ليلى بغضب الى زوجها الذي كان مبتسما ولكن ابتسامته اختفت عندما راها تنظر إليه …نظر الى الجهة الآخرى وابتسم مرة ثانية …
فجلست ليلى عندما رأت ان لا أحد سوف يساعدها ولا يتكلم امام تلك المتسلطة !!
-تقدري تروحي دلوقتي يا رانيا وانا هتصرف.
هزت رانيا راسها وهي تمسح دموعها وتختفي على الفور …كانت عيني يحيى مثبتة عليها..كان يجب أن يتحدث معها لذلك اخترع حجة انه سوف يتكلم مع احد على الهاتف وخرج من القصر…
وبالفعل راها وهي تتجه الى بوابة القصر الكبيرة لتذهب …ذهب خلفها وقال:
-رانيا …
انتفضت ونظرت إليه بسرعة لحظات وأطرقت برأسها وهي تثبت نظراتها على الأرض فقال هو:
-اسف بالنيابة عن أمي متزعليش …
هزت رأسها وقالت:
-حصل خير يا بيه عن اذن حضرتك …
لم تدعه يكمل كلماته حتى وذهبت من أمامه ..بينما ظلت عينيه معلقة بها .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
نظرت الى طاولة الطعام برضا تام…لقد صنعت كل الأصناف التي يريدها …وجعلت ياسمين تذهب الى جدتها كي تحظى ببعض الوقت مع زوجها وما أعطاها الوقت انه بعد عمله ذهب ليجلس مع اصدقاؤه قليلا وهذا اعطاها الحرية في الأبداع اكثر لإبهاره …أرادت ان تكسب قلبه ..مثلما كسب هو قلبها …تنفست بعمق وهي تضع كفها على قلبها الذي ينبض بقوة ونظرت الى الساعة وقدرت انه في أي لحظة قد يصل … فجأة استمعت صوته يفتح الباب …دوى قلبها بشدة وابتسمت بحماس وهي تقف أمام الطاولة ترتدي غلالتها الزرقاء القصيرة المفضلة لديه بينما تركت شعرها الأسود المسترسل حراً …أحمر شفاه يزين شفتيها وعطر ناعم ينبعث من جسدها …
توقف ياسين وأمتص أنفاسه بصدمة وهو ينظر إليها …بدت كأميرة خرجت من عالم الخيال …عجز عن النطق للحظات وعينيه ترمقها بإعجاب بدءا من وجهها الجميل حتي ساقيها الناعمتين ….
صفر بإعجاب وقال :
-هي فين ورد مراتي ؟!
ضحكت بذهول وقالت وهي تقترب منه :
-يا سلام يا أستاذ ياسين …على أساس اني مش بدلعك مثلا ؟!
جذبها إليه وبدأ بتقبيل وجهها وقال:
-يارب ما حد يدلعني غيرك …
ثم حملها ..فهمت نيته وابعدته بقوة وهي تنزل على قدمها وقالت:
-لا كل الأول …
-مش مهم الأكل ..
قالها وهو يجذبها إليه مرة آخري لتبعده مجددا :
-ياسين لو سمحت متبو ظش الليلة اللي أنا راسماها في خيالي ..روح خد شاور وتعالى كل !
هز راسه واتجه الى الحمام ليستحم ..
……….
انتهى من الاستحمام و انتهى من الطعام …لا يعرف كيف صبر وأكل أولا وهي امامه بكل هذا الإغراء ولكنه فعلها بالفعل مستخدما جميع قدراته في ضبط النفس …
وفي غرفتهما بينما الشمس تحتضن السماء وتودعها كان هو يحتضن ورد بقوة …يقبلها يحقق كل خيالاته عنها منذ ان رأها امامه بكل هذا الإغراء وهي لم تماما بل اعطته كل ما تملك ..ألم تعطيه قلبها بالفعل ؟!
…………..
فتح عينيه مبتسما برضا …لقد عاش لحظات لا تُنسى حقا معها …مع زوجته الرائعة…نظر بجواره فلم يجدها …عقد حاجبيه بحيرة ونظر الى الساعة ليجدها لم تتجاوز العاشرة مساءا بعد. …نهض من فراشه…مبعثر الشعر ..لا يرتدي سوي بنطاله ..
-ورد فينك ؟!
قالها بصوت خافت وهو يسير حافي القدمين خارج الغرفة …اتجه الى المطبخ عندما سمع به صوت …ابتسم وتوقف وهو يراها تأكل بشراهة وتعطيه ظهره ..ترتدي قميصه القطني الأبيض وقد ابتل بسبب شعرها الذي يتساقط منه المياة دليل على انها أخذت دوش. …أمال رأسه وهو ينظر لساقيها بحرية …لن يخفي نظراته الآن …
اقترب منه بخفوت ثم حاصر خصرها مباغتا وهو يقول:
-بخ …
شهقت ورد وسعلت وهي تترك شطيرة الجبن بالطماطم من يديها وقالت بغضب:
-خضتني يا عم ..
قبل وجنتها وقال :
-صحيت ملقتكيش جمبي …
أمسكت شطيرة الجبن وبدأت تتناولها وقالت ؛:
-عشان جوعت …
ابتسم وهو يسند راسه على كتفها …
أخيرا انتهت ونظرت إليه ووجهها محمر …لمس وجهها وقال:
-أنتِ جميلة اووي …
ضحكت بخجل ليقربها منه وهو يقبل وجهها لتتنهد وهي تقول :
-أنا بحبك. .
-وأنا كمان …
دوى قلبها داخل صدرها وتصاعدت السعادة داخلها ليوأد هو سعادتها ويقول وهو يحاصر عينيها:
-وأنا كمان بحب نفسي اووي …يعني مهندس وذكي ودمي خفيف ووسيم وعيوني خضرة…لازم تحبيني طبعا.
احمر وجهها بغضب وضر بته على كتفه ثم كادت أن تذهب من أمامه الا انه امسكها من خصرها جاذبا إليها حيث اصبح ظهرها يواجه بطنه وقال؛
-اهدي يا و حش أنت عصبي كده ليه ؟!
-انت بارد ..
قالتها بتذمر ولكنها لم تخبره كم أ لمها لانه لم يخبرها انه يحبها أيضا …هل فشـ لت في إمتلاك قلبه ؟!
بينما كانت هي شاردة انفصل ياسين عنها وقال:
-تعالي يا ورد …
ثم جذبها من يديها ودخل بها الى الغرفة …احمر وجهها ليجلسها هو على الفراش يذهب الى طاولة الزينة ويحضر فرشاة الشعر ويقترب منها ..
-انت بتعمل ايه ؟!
قالتها بحيرة ليبتسم ويقول:
-بصراحة نفسي أسرح شعرك …شعرك جميل أووي وحابب اسرحه …أنا على فكرة كنت بسرح شعر ياسمين يعني خبير ..
قال جملته الأخيرة وهو يغمز لتضحك هي وتهز راسها .اقترب وجلس بجوارها ثم طبع قبلة على عنقها الناعم وبدأ بتمشيط شعرها برفق ..
……..
في غرفة ليان …
كانت متسطحة على فراشها …دموعها تتساقط من عينيها وقلبها يؤ لمها …لقد ظنت انها ستستطيع ان تنساه…ولكنه ينغرس في عقلها اكثر …يأخذ مساحة أكبر في قلبها …وهي ..هي من تعاني بشدة …رباه كم تتمنى ان تنساه…تمحيه من قلبها وعقلها …تلفظه خارج حياتها بالكامل ولكنها عاجزة …عاجزة تماما كلما حاولت الهروب منه وجدت نفسه تغرق اكتر بحبه…أي لعـ نة تلك وكيف سمحت لنفسها ان تحبه بتلك الطريقة المجنو نة …ليتها تنساه .تنساه للأبد !!
غرزت وجهها في وسادتها وهي تكتم بها شهقاتها ..عينيه تلاحقها…تشعر انها خا ئنة …مرتبطة بشخص وقلبها ملك آخر …روحها تهفو لآخر …أليس تلك خيا نة!!!هي تشعر انها ر خيصة …تشعر انها مُقر.فة ….
-أنا بكر هك …بكر هك يا موسى …ياريتني ما حبيتك …ياريت مكانش عندي قلب عشان معرفش احبك …ياريت افقد الذاكرة عشان أنسى اني حبيتك في يوم من الايام …ياريت أمو ت عشان أبعد عنك للأبد !!…
رنين هاتفها جعلها ترفع وجهها الأحمر …عقدت حاجبيها بحيرة وهي تتناول هاتفها وتنظر للمتصل لتجده نسرين …ابتسمت بلهفة …فها هي صديقتها تتصل في الوقت الذي هي بحاجة لصحبة …لأحد تتحدث معه…..فتحت الهاتف وقالت بسرعة :
-نسرين …
ولكن قلبها وقع بقدمها وهي تسمع صوت نسرين المنها ر يقول ؛
-ليان ..ليان الحقيني ابوس ايديكي!!
-ايه اللي حصل يا نسرين ؟!!
قالتها ليان بقلق وهي تقفز من فراشها …قلبها يدوي بعنف في صدرها ومئات الافكار البشعة تملأ رأسها …
-ليان تعالي بس ..عشان خاطري تعاليلي بس أنا حاسة اني بمو ت…
انسابت دموع ليان وقالت:
-أنتِ فين ؟!!
ما ان اخبرتها نسرين بمكانها حتى التقطت ليان ملابسها وبدأت ترتديها مُسرعة …
…………..
فُتح باب المكتب لتدخل ليان ووجهها يغطيه علامات الهلـ ع…نهض عدي بقلق وقال :
-خير يا لي لي فيه ايه ؟!!
اندفعت ليان إليه وأمسكت كفه وقالت:
-عدي …عدي لازم اطلع دلوقتي …نسرين اتصلت بيا ..وواضح انها واقعة في مشكلة كبيرة أووي ..
هز عدي رأسه وقال:
-طيب أهدي …اهدي وخدي نفس. ..
هزت ليان رأسها وهي تمسح الدموع من عينيها وتنظر لعدي برجاء …
-طيب موسى هيروح معاكي ويجيبها تمام ..
هزت رأسها…لم تعترض ابدا !!
……..
بعد قليل …
كان موسى يقود السيارة خارجا من القصر …كان على وشك النوم من شدة التعب ولكن خوف ليان على صديقتها جعله ينهض …هو لم يكن ابدا ليتركها تذهب من دونه …هذا مستحيل …
-اسفة عشان خرجتك في الوقت ده .
قالتها ليان بنبرة باردة نوعا ما ليقول موسى بسخرية:
-لا ولا يهمك بما اني فـ شلت اكون البودي جارد بتاعك اللي يحميكي على الأقل أنا ناجح في ان أكون سواقك …
ابتلعت ريقها وقد شعرت بالدموع تحرق عينيها وقالت:
-مكانش قصدي اقلل منك وانت عارف …
-بس أنتِ عندك حق ..أنا معرفتش أحميكي …لولا أخوكي كان ممكن يحصلك حاجة …أنا واحد ملوش لازم …وعموما أنا كلمت عدي يشوفلك واحد غيري يقدر يحميكي قبل كده بس هو كالعادة رفض ممكن تحاولي معاه أنتِ …
أرادت ان تنهره …تعترض بشدة وتخبره انها لا تريد غيره ولكنها صمتت …يجب أن تنتهي تلك المشاعر التي في قلبها نحوه….ولكن رغم ذلك كانت متأ لمة لانها أ لمته ….
…….
وصلا أخيرا الى احدى الحدائق العامة وخرجت ليان وسارت بجوار موسى داخل الحديقة حتى وجدا نسرين التي ما أن رأت ليان حتي اندفعت بين ذراعيها وأخذت تبكي بعنـ ف …
-حصل ايه حصل ايه ؟!!
قالتها ليان بر عب ولهفة ولكن نسرين ثبتت عينيها على الأرض ورفضت أن تتكلم ….فهم موسى الأمر وقال؛
-انا هستناكم هناك ..
ثم أشار لبقعة ليست بقريبة ولكنه سيستطيع رؤيتهما جيدا …
هزت ليان رأسها ليتحرك موسى ويذهب …
-قوليلي ايه اللي حصل ؟!أنا همو ت من الرعب عليكي …
انفـ جرت نسرين بالبكاء بينما تقص على ليان ما حدث …
….
بعد ان انتهت نسرين قالت ليان بغضب
-ده مر يض نفسي …مر يض فعلا
-أنا اتصدمت فيه يا لي لي …قلبي وا جعني بجد …مفتكرتش ان يوسف يعمل فيا كده …أنا كنت بثق فيه وهو خذ لني !!!
جذبتها ليان وضمتها وقالت:
-قولتلك قبل كده انه مش كويس وعلاقتكم دي مش هتنجح يا نسرين …اقطعي علاقتك بيه …
هزت نسرين رأسها وقالت:
-انا فعلا عملت كده يا لي لي ..قطعت علاقتي بيه !!
ابتعدت ليان ومسحت دموع صديقتها وقالت:
-الوقت اتأخر وأكيد عمو كريم قلقان عليكي …
ابتسمت هي بسخرية وقالت:
-مظنش انه مهتم اصلا كلمت خالتو نهى وقولتلها هبات عندك وهو مفكرش يتصل
-طيب كويس يالا عشان نروح
هزت نسرين رأسها بتعب
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان يجلس بمكتبه وهو يدخن سيجارته بهدوء يفكر في القادم …ليان تشغل عقله كثيرا …يخاف عليها بقوة بالكاد تذهب الى جامعتها بسبب خو فه عليها …حسنا هي تجاريه ولا تخالف أمره …ولكن سيأتي يوما وتكر ه تلك الحماية التي يفرضها عليه …الذي يطمئنه قليلا هو وجود موسى معها …عدي يعرف ان موسى لن يدع أي مكر وه يحدث لليان وسيفديها بحياته دون اي تردد وهو فعل هذا بالفعل ولكن ماذا إن حدث مثلما المرة السابقة وهو لم يصل في الوقت المناسب وخـ سر كلا من موسى وشقيقته …الأثنان لهما أهمية كبيرة لديه …صحيح يحب شقيقته اكثر ولكن موسى أيضا صديقه المقرب…لا يمكنه أن يفقده …
دعك عدي عينيه وهو يشعر بالتعب من التفكير …ربما المواجهة افضل ..فهي سوف توفر عنه الكثير …
نهض من مكتبه وهو يفرك رقبته بتعب ثم أخرج هاتفه وخرج من المكتب ليتصل بموسى
ترك هاتفه وهو يرى انهم هنا …موسى الذي حياه وذهب الى غرفته مباشرة …وليان التي تمسك نسرين التي تنظر الى الأرض ويظهر عليها الإنهيار ..
ابتسم عدي بلطف وقال:
-اطلعوا فوق يا لي لي بس المهم اتصلي بأستاذ كريم عشان ميقلقش عليها ..
-اتصلت وبلغتهم يا عدي ..
قالتها ليان ليقول هو :
-طيب كويس أووي …يالا أطلعي أنتِ ونسرين لفوق وارتاحوا …
هزت ليان رأسها وسحبت نسرين وصعدوا …
تنهد عدي وهو يخرج من القصر متجها الى المسبح…خلع خفه وجلس وهو يُدخل قدميه في المياه ..لا يعلم لماذا في تلك اللحظة هاجمت هي تفكيره ….فجأة اصبح بالفعل يفكر بها …بجمالها وقوتها وعنادها وجدالها معه …كل ما بها مميز …كل ما بها يسلب القلب …ولكن بالتأكيد ليس قلبه هو …هو لن يقع في فخ جمالها …
اخرج عبوة سجائره من جيبه ثم بدأ يدخن سيجارته بهدوء وتذكر ما فعلته مع ليلى ..افلتت من بين شفتيه ضحكة وهو يتذكر قوتها وكيف انها اوقفت ليلى عند حدها …تصرفت كزوجته حقا ..كمالكة للمنزل…هل اخطأ يا تُري عندما ادخلها لعبته مع شريف ..الحقيقة انه بدأ يقتنع ان عبير تختلف تماما عن والدها…هي النقيض منه ..فوالدها شيـ طان كبير …صمم على تد مير حياته وبالفعل تمكن منه في وقت ما وكـ سره..ولكن عدي عاد ليأخذ جميع حقوقه منه …ولكن الآن هو أصبح متردد
-بس بس ..
صوت لطيف اخترق اذنه ليرفع رأسه ويقول لعبير التي تقترب منه وهي تحمل صينية ما بينما تبتسم بلطف ..اطفأ سيجارته …
-ربنا يستر مش بطمن للإبتسامة دي ..
قالها وهو ينظر إليها …يتفحصها بنظراته …كانت ترتدي بنطال من القماش واسع اسود وقميص قطني وردي
جلست بجواره وهي تضع الصينية بجواره وتقول :
-لا اطمن انا جاية اعرض عليك نبدأ من جديد ..
رفع حاجبيه بحيرة وقال:
-ليه ؟!
هزت كتفها وقالت:
-حاسة أنك مختلف ..مش بالسو ء اللي بتحاول تظهره ده …يعني من أول ما اتجوزنا مأجبرتنيش أعمل حاجة أنا مش عايزاها …صحيح حاولت بس وقفت لما شوفت رفضي وده يدل أنك إنسان كويس غيره خالص …
عقد حاجبيه وقال:
-أنتِ بتتكلمي عن مين بالطريقة دي يا بيري ..أنا لسه فاكر كلامك اللي قولتيه….ان كلنا زي بعض واني شبهه …مش فاهم شبه مين بالضبط …
احضرت الدموع لعينيها بمهارة وقالت:
-شبه بابي …شريف صديق …عدي متتخيلش هو و.حش قد ايه …انسان انا ني مبيفكرش الا في نفسه وبس ده غير انه ..انه …
ثم اسقطت رأسها ودموعها تتساقط ليقول بتوجس فهو يعرف حقا رة شريف …ويبدو ان ابنته ضمن ضحا ياه…
نظرت إليه وقالت؛
-تعرف ليه ماما انفصلت عنه لانه كان انسان مش طبيعي …كانت بياخد حقوقه منها بالعافية حتى لو كانت تعبانة وبتمو ت …كان بيعذ بها اووي حبيبتي لحد ما قررت تسيبه وتاخدني على فرنسا بس للأسف هي سابتني وانا بقيت لوحدي معاه …..
نظر إليه بتشوش …لا يصدق انه فعل هذا …كم هو مر يض …
مسحت جواهر دموعها وتكونت ابتسامة خفية على شفتيها فهو قد بدأ يقتنع بكذ بتها الرائعة وقالت:
-عشان كده طالبة تكون فرصة لينا مع بعض يا عالم ممكن نتفق وتقدر تبعدني عنه ..
مد كفه ومسح بقايا دموعه وقال مازحا:
-وانتِ جيبالي طبق الكيك ده عشان أقرب طريق لقلب الراجل معدته ….فاكرة ان ممكن تقدري تسر.قي قلبي ..
ضحكت بدلال وقالت:
-انا متأكدة اني هقدر اسر ق قلبك يا عدي رشيد …
ثم دفعته ليسقط في المسبح بينما هي تضحك بقوة …جذبها هو لتسقط معه ثم أنفجرا بالضحك …كان عدي ينظر إليها وهي تضحك …بدت وكأنها أجمل شئ يراه في حياته !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
-شيكاتك قريب هتكون عندك …أعتقد أنه بدأ يثق فيا !
قالتها جواهر بنبرة متصلبة وهي تمسك سيجارتها وتنفخها بهدوء ..
ابتسم شريف وقال وهو يفتح ذراعيه :
-هايل اووي يا جواهر …اثبتي فعلا أنك ذكية ويُعتمد عليكي …ايوة خليكي كده دايما…اعرفي.ازاي تستـ.غليه لمصلحتك ..
نهض وقال:
-اقولك.حاجة…عدي بالونة على الفاضي صدقيني هتعرفي توقعيه بسهولة أووي بس أنتِ شدي حيلك واستمري في اللي بتعمليه !!
ابتلعت ريقها وشعرت بالذنب ينهـ شها من الداخل …هي لا تريد أن تكون مخاد عة بتلك الطريقة …لا تريد ان تؤ ذي أحد ..ولا حتي عدي ..هو وثق بها !!!
ولكن فجأة هزت رأسها وهي تخرج تلك الفكرة السخيفة من رأسها ..عدي شخص سـ ئ مثل شريف تماما …هي لن تثق به أبدا …يجب أن تحذر…شريف محق هي يجب أن تستمر في استغلا له حتي تستطيع الإيقاع به بسهولة تامة
-هشد حيلي بس متنساش وعدك يا شريف بيه أنا عايزة اشوف امي …
-بكرة هتروحي تشوفيها وتطمني عليها كمان ..
قالها شريف بهدوء …
………
خرجت جواهر من فيلا شريف وهي تتنفس بعمق ثم أخذت تتمشي قليلا لتصفي ذهنها …
-جواهر !
صوت مألوف اخترق اذنها لتنظر الى مصدر الصوت وتري رجل…لا ليس رجلا..يا كانت عبير متنكرة في هيئة رجل !!!
يتبع….
(ولكنه قلبي!)
“”ربما لم يكن شيئا مهما بالنسبة لك يا ريتا لكنه كان قلبي””
محمود درويش
-بيري !!!
قالتها جواهر بصدمة ثم نظرت حولها وعندما لم تجد احد اقتربت من عبير وأمسكت ذراعها وهي تبتعد بها من المكان بينما الرعب يتصاعد داخلها …
ظلت تسير وتسير بها وقلبها يدوي داخل صدرها …تخاف ان يقبض عليها شريف …
واخيرا وقفت في مكان بعيد عن فيلته وهي تنهت بعنـ ف ثم نظرت الى عبير وقالت بغضب :
-ايه اللي جابك هنا يا بيري افرض اتمسكتي ؟! ايه مفكرتيش أن ده ممكن يحصل ؟!!!…
كانت جواهر تتكلم وهي تنظر حولها تخاف ان يراها أحد ….
-جواهر …جواهر !!
قالتها عبير بلوعة ثم اندفعت تضمها بقوة وهي تبكي بعنـ ف …كانت دموعها تنفـ جر من عينيها دون توقف …تشعر بقلبها ينسـ حق داخل صدرها …لا تصدق ان صديقتها تورطت من اجلها وهي السبب في كل شئ…
-انا السبب يا جواهر أنا السبب …أنا اللي سلمتك لبابا…هر بت ومفكرتش فيكي …
احتشدت الدموع بعيني جواهر …كان الأ لم يعصف بها …نعم لقد تد مرت حياتها لانها ساعدت عبير ..ابتعدت عن والدتها وتزوجت بالبا طل وهي الآن تكذ ب وتخد ع وتستـ غل عدي وأسرته كي تنجو …ولكن رُغم.ذلك هي لن تتخلى عن عبير …لن تضـ حي بها ولن تسلمها لوالدها …ضمت عبير بدورها وهي تقول بنبرة مختـ نقة :
-بس خلاص …اهدي أنا كويسة محصلش حاجة …
ابتعدت عبير وقالت والدموع تغرق وجهها:
-ازاي يعني يا جواهر محصلش حاجة …قوليلي !!!بابا استـ غلك وخلاكي تتجوزي عدي على أساس أنك أنا …أنتِ اتورطتي في مشكلة بسببي أنا …بس ليه ؟!!ليه يا جواهر وافقتي ليه ؟!
أطرقت جواهر برأسها وقالت بتعب :
-لأن أبوكي ماسك عليا شيكات يا بيري….للأسف من فترة استلفت منه عشان علاج ماما واخدت منه فلوس كتير ومضيت شيكات بيهم وهو استغل الموضوع ده ..مكانش قدامي غير كده…اما. اسمع كلامه او اتحبـ س وأسيب أمي ..وانا مقدرتش أعمل كده يا بيري ..مقدرتش احر ق قلب أمي واسيبها اللي فيها مكفيها …
-أنا السبب…أنا السبب
قالتها عبير وهي تبكي لتمسك جواهر كفها وتقول:
-لا انتِ معملتيش حاجة …أبوكي هو السبب هو اللي كان هيبيعك …أنتِ عملتي الصح وأنا لو رجع بيا الزمن هعمل كده برضه صحيح اتمنيت للحظة أنك ترجعي وتخلصيني بس دلوقتي خلاص اللي حصل حصل وانا بعد ما اخلص شغلي مع عدي هتطلق منه وأتحرر وبكدة بإذن الله ارجع لحياتي عادي
-ايه رأيك نقول لعدي الحقيقية يمكن …
هزت جواهر رأسها وقالت :
-للاسف عدي مش سهل يا بيري ..عدي مش هيساعدنا بالعكس ممكن يحبـ سني أنا وأبوكي ويد.مر حياتنا …مظنش أنه هيسامح في حقه…هو مش هيسامح ابدا …
-مينفعش نجرب حتى…
-الموضوع في خطو رة …منقدرش نخا طر لاني للاسف متورطة مع ابوكي يا بيري …الله يسامحه بقا د مر كل حاجة …
ارتفع نشيج عبير وقالت:
-انا اسفة …اسفة أووي يا جواهر … قوليلي اساعدك ازاي …قوليلي اعمل ايه وانا أعمله …اطلعك ازاي من الورطة دي ..
ابتسمت جواهر بحزن وشدت على كفها وقالت:
-تساعديني انك تهربي ..تختفي دلوقتي لحد ما اقدر اخد الشيكات واتحرر من الجوازة دي وبعدها هخليكي تروحي فرنسا ومترجعيش هنا تاني …تبعدي عن ابوكي خالص وتعيشي حياتك …ابعدي دلوقتي يا بيري أنا هعرف اتصرف معاهم…
أخرجت من حقيبتها ورقة وامسكت القلم ثم سجلت رقمها بسرعة وقالت:
-اتواصلي معايا على الرقم ده يا بيري …كلميني كل يوم وطمنيني عليكي …
بكت عبير وهي تنظر أرضا وقالت :
-مش مضطرة تتورطي تاني بسببي …
دمعت عيني جواهر وقالت:
-أنتِ صاحبتي واختي وانا مش هسلمك لأبوكي يا بيري …قولتلك أنا مش ندمانة عشان ساعدتك …ولا هندم…روحي يا بيري …روحي وعيشي حياتك بعيد عن ابوكي وطمنيني عليكي دايما…
أخرجت من حقيبتها مبلغ من المال وأعطته إياها وقالت:
-دبري نفسك بدوول ولو عوزتي اي حاجة تاني اتصلي بيا …
ضمتها عبير مرة آخري وهي تبكي وقالت:.
-هنلاقي حل متقلقيش ..
ثم ابتعدت عنها وهي تمسح دموعها لتقول جواهر :.
-يالا روحي …بسرعة …
لتهز عبير رأسها وتنطلق
…..تنهدت جواهر وهي تجدها تبتعد …تحلق وتكون حرة وابتسمت على الأقل ضميرها مرتاح من ناحية عبير. ..هي لن تسلمها لوالدها أبدا …هي لا تستحق هذا ..هي فقدت والدتها واكتشفت ان والدها حقير…حسنا يكفيها ما عاشته …مسحت دموعها وهي تقنع نفسها انها بالتأكيد سوف تنجو .. ستستطيع الخروج من هذا الزواج دون أي خسا.ئر …بالعكس هي الرابحة فشريف سوف يدفع تكاليف علاج والدتها …يجب أن يفعل هذا …
ارتدت نظاراتها تخفي عينيها التي احمرت قليلا بسبب البكاء وذهبت
…………….
كان أمير يقف على الشارع العمومي وهو ينتظرها….كان القلق ينهـ شه بقوة وقد شتـ م نفسه عدة مرات لانه لم يذهب معها واستمع لكلامها ومكث هنا …رباه ماذا سيحدث إن قُبض عليها …هو لن يسامح نفسه ابدا ….
حك.شعره بتوتر وهو يضع يده في جيبه وقرر ان يتقدم قليلا عله يجدها وان لم تظهر سوف يذهب لمنزل والدها ولن يهتم لأي شئ ….
كان ان يتقدم ولكن ظهورها المفاجئ جعله يتنهد براحة وابتسامة رائعة احتلت وجهه الذي أشرق …وصلت عبير إليه وهي تنهت بينما تمسح باقي دموعها …
-قلقتيني عليكي…
قالها بصدق لتقول عبير وهي تلهث قليلا :
-خلينا نمشي من هنا وأنا هقولك على كل حاجة !
هز رأسه وهو يسير أمامها …اراد ان يفهم كل شئ ولكنه قرر الإنتظار
……………..
أخيرا وصلا الى منزل أمير …
ولجت عبير وهي تخلع شاربها ولحيتها والشعر المستعار وتزفر براحة وهي تحرر شعرها الناعم …ظل أمير ينظر إليها للحظات وقد فقد سيطرته على عينيه ولكنه استغفر وثبت عينيه على الأرض …
جلست عبير على الأريكة وهي تغمض عينيها تتذكر كلمات جواهر لها …لقد فضلتها جواهر على نفسها …سمحت لها بالهروب …تلك المسكينة وقعت بفخ والدها وللمرة الثانية عبير تهرب وتترك جواهر ولكن ماذا تفعل ؟!كيف تحل تلك المشكلة ؟!
فركت عينيها بتعب ليخرجها من شرودها صوت أمير وهو يقول :
-ممكن تفهميني اللي حصل وأنتِ وصاحبتك رسيتوا على أيه ؟!
أغمضت عبير عينيها بتعب وقد شعرت بالأ لم يتصاعد داخلها للمرة الثانية…كل الطرق أمامها مغلقة…ماذا تفعل …ماذا تفعل!!
نظرت إلي أمير وبدأت تقص عليه ما حدث وكيف تورطت جواهر بعمق ..
..
بعد ان انتهت بدا على أمير الذهول وقال:
-يعني لو عدي رشيد ده اكتشف اللي باباكي عمله هو وصاحبتك هيروحوا السـ جن وسمعتهم هتتد مر ده غير أنك بتقولي انه مش سهل يعني مش هيعدي الموقف ده بسهولة …
انسابت دموع عبير مرة آخرى وقالت :
-أنا السبب يا أمير أنا السبب لو كنت سمعت الكلام واتجوزته مكانش ده هيحصل ولا كانت جواهر هتتورط في جواز با طل…
-وحتى لو أتجوزتيه ..جوازك.منه هيكون باطل لانه غصب عنك !!متحسيش بالذنب انتِ عملتي الصح …ومتقلقيش صاحبتك هنحاول نشوفلها مخرج..
هزت عبير راسها وقالت بصوت مختنق:
-مفيش أي مخرج يا أمير …مفيش للأسف ..
-ايه السلبية اللي أنتِ فيها دي …أكيد فيه مخرج متفقديش الامل كده.بسرعة ولا تيأسي …ربنا مبيسبش عباده …
مسحت دموعها وقالت :
-ونعم بالله ونعم بالله …بس أنا مش لاقية اي حل …مخي هينفـ جر من التفكير يا أمير …مش عارفة أعمل ايه ؟!…مش عارفة ..
-بس احنا لازم نساعدها!! مش هنسيبها كده هي اللي ساعدتك يا عبير .
-أنت فاكر أني عايزة اسيبها !!!مش حاسس بيا يا أمير …أنا الذ نب هيمو تني…صاحبتي هربتني وتورطت هي ومش عارفة أنقذها ..مش عارفة أعمل أيه ؟!!
قالتها وهي تبكي بعنـ ف …تنهد وتأ لم .قلبه وهو يراها تبكي بتلك الطريقة ….كان يختنق لأنها حزينة …اعطاها محرمة وقال:
-أنا آسف ممكن تهدي…
جلس بعيدا عنها نوعا ما وهو يثبت عينيه على الأرض وقال ؛
-يعني مفيش أمل أننا نقول لعدي ده الحقيقة يمكن يسامح ؟!
هزت رأسها وهي تبكي وقالت:.
-للاسف الموضوع فيه خطورة يا أمير …عدي ممكن يبلغ ويحبسها …ده هد د بابا وكان هيحبسه عشان شيكات ما بالك لو عرف أنه اتخدع ..
تنهد أمير وعقله متوقف تماما عن التفكير بينما وضعت عبير كفها على وجهها وأنفجـ رت بالبكاء مرة آخري …وتلك المرة تركها أمير تفرغ حزنها!!
………
-انا حاسة أنك فرحان اووي يا بني…ورد قدرت تسعدك . صح ؟!
قالتها والدة ياسين وهي تربت على كتفه بينما ورد كانت بالمطبخ تجهز العصائر وياسمين تلعب بجوارهما …
كانت صفية ترى السعادة بوضوح في عيني ابنها …كان يبدو مُشرق…وعرفت ان اختيارها كان صائب للغاية فها هي ورد استطاعت جلب السعادة لوجهه…ابتسم ياسين بإتساع وهو ينظر اليها بشرود …حقا هو سعيد …لم يظن ان ورد سوف تحتله لتلك الدرجة ولكنها فعلت ..حقا غيرت من حياته …وهو يريد أن يتغير من أجلها …يريد ان يسعدها كما اسعدته …يتنهد وهو يتذكر انها تفعل المستحيل لإسعاده هو وابنته وكم يتمنى ان يسعدها أيضا …يتمنى أن تضحك دوما …يتمناها ان تحبه بحرية ويتمنى ألا يؤ ذيها أبدا …
-ايه سؤالي صعب؟!
قالتها والدته برقة وهي تبتسم ثم تمعنت فيه بقلق تنتظر أجابته ليشد ياسين كفها ويقبلها وه
على وجهه ابتسامة رائعة تنافس في جمالها لمعان عينيه وقال :
-أنا مبسوط …مبسوط أووي يا أم الباشمهندس ياسين …
ضحكت صفية برقة وضمته إليها وهي تقول:
-الحمدلله …الحمدلله يا بني انا كدة اقدر ارتاح …أخيرا فرحت في حياتك
ابتسم ياسين أكثر وهو يربت على كتفها ثم ابتعد وقال :
-طيب عن إذنك يا ماما هشوف ورد جهزت ولا لأ..
هزت صفية رأسها وقالت:
-روح يا ابني ربنا يهدي سركم يارب ويبعد عنكم.العين ويرزقكم بالذرية الصالحة
نهض ياسين مبتسما وهو يلج للمطبخ ..
توقف وهو يراها تضع قالب الكيك على الحاجز الرخامي …عبس وهو ينظر إلى فستانها البيتي الطويل ….هو يحبها في الفساتين القصيرة أكثر…بالطبع في المنزل فقط …ولكن والدته هنا ولا يصح أن ترتدي شيئا قصير …
ابتسم بشقاوة وابتسم وهو يقترب منها ….
شهقت ورد بقوة وهي تشعر به يحاصر خصرها ويجذبها إليه …
-ياسين بتعمل ايه ؟!
قالتها وقد بدأ وجهها يتخضب بحمرة الخجل بينما يسند هو رأسه على كتفها ويقول :
-لسه مخلصتيش ؟!
زفرت بحنق وقالت:
-خلاص هقطع الكيك اطلع برا واقعد مع طنط عيب كده افرض.دخلت دلوقتي تقول علينا ايه ؟!.
-لا عادي أمي متعودة على كده منه …دايماً بتقول عليا متربتش !!!
استدارت لكي تدفعه ولكن من سوء حظها ضمها إليه بقوة حتى أصبح وجهها يقابل وجهه …وضعت كفها بينهما وهي تحاول دفعه الا انها فشلت تماما …
-ياسين احترم نفسك وابعد ..افرض حد دخل دلوقتي هيقول علينا ايه
-ميهمنيش..
قالها بتسلية وهو يقترب بشفتيه من وجهها الا انها ابعدت وجهها وقالت :
-بالله عليك ابعد وبطل اساليبك دي مامتك برا ..ياسين .. ياسين…
هتفت بإعتراض وهو يضع شفتيه على وجنتها ويقبلها بتتابع على وجهها …تنهدت وهي تستلم له وتبتسم ثم وضعت كفيها على جذعه وهي تسمح لنفسها بالإنقياد خلف جنونه
-آه …
كانت تلك صرخة انفلتت من بين شفتي صفية …
ابعدت ورد ياسين بعـ نف وقد أحمرت بشدة وهي تنظر لحماتها بخجل …أرادت في تلك اللحظة فعلا ان تختفي تماما …شعرت بخجل كبير وكم أرادت ان تقتـ ل ياسين الذي وضعها في هذا الموقف المحرج …نظرت إليه وعينيها البنية تشتعل بغضب لتجده غير مبالي …غير محرج حتى ينظر الى والدته بإبتسامته المستفزة….
ضحكت صفية وقالت:
-معلش يا بنتي يا ورد ..اصل ياسين ابني مترباش …
ضحك ياسين وقال وهو يشد ورد إليه :
-انا قولتلها كده مصدقتش …
كادت ورد أن تبكي من شدة خجلها ونظرت أرضا بتوتر وخجل …
ضحك عليها ياسين لتقول صفية فجأة :
-صحيح يا بني رافت كلمني وقال إنه جاي هنا للدكتور هو ومراته …وانا بصراحة بستأذنك أعزمه عندك …
-اووف يا أمي انا مبطقش الراجل ده !!!
قالها ياسين بغضب …لتحاول صفية تهدئته وتقول:
-معلش يا ابني …ابن خالتك وهو جاي على العشا وهيمشي علطول على بلده .
نفخ ياسين بضيق وهو يفكر أن غدا سوف يكون الأسوأ بالتأكيد !!
…….
في المساء
جالس على مقعده المهتز بينما يدخن سيجارته …قلبه مُتألم …لقد خـ سر …خسر مجددا !!!
كانت عينيه ملبدة بالدموع …لقد تحطـ م قلبه للمرة الثانية …الالم كان شديد ..لن ينكر أنه تصرف بحقا.رة ولكن فكرة أنها سوف تتركه تقتـ له …
انسابت دموعه وهو يعود برأسه على المقعد …يتنفس بسرعة والذكريات تجتاح عقله …ذكريات تمنى دوما أن يتخلص منها …ذكريات تمنى أن تختفي دون رجعة …ولكن الذكريات تلك مصممة على اختراق عقله من وقت لآخر …دعك عينيه وجسده يهتز ..أنه يبكي …يعود للماضي …خمسة عشر عاماً …خمسة عشر عاماً منذ أن انكسر…منذ أن حطمت قلبه تلك !!كان عمره ست وعشرون عاما وقتها …كان شاب مفعم بالنشاط …محب ومخلص …صحيح أحواله المادية سيـ ئة قليلا ولكنه دوما كان متفائل ولكنه أرتكب اكبر خطأ قد يرتكبه شاب مثله …أحب …عشق بجنون …أعطى قلبه ومشاعره وحياته كلها لفتاه هواها من النظرة الأولى …لقد عشق تلك الفتاة …أثرت به حقا…وعلى قدر عشقه لها ..تحطـ م بعنف على يدها ….انسابت دموعه أكثر وهو يتذكر ما حدث بالماضي…يتذكر كيف تحطـ م بعـ نف على يد من عشق أكثر من الحياة
…………..
في الماضي ..
-انا اتعينت خلاص رسمي في الكلية وأحوالي هتتحسن مع المحاضرات وشغلي الإضافي بإذن الله واقدر اجي لوالدك واطلبك …
قالها يوسف وعينيه العسلية تبرق بحب …ملامحه الفتية كانت تفيض بالعشق لها ..لرقية حبيبته …لقد وقع في غرامها من أول يوم رأها فيه في الجامعة حيث كانت هي في الفرقة الأولى من كلية العلوم وهو في الفرقة الثانية وبما أنه كان الطالب الاكثر اجتهادا في دفعته كان دوماً يأتيه الطلاب من دفعته والدفعات الأصغر منه ليساعدهم …وهي من لفتت نظره فأعطاها اهتمام أكبر وبعد محاضراته الطويلة والمنهكة كان يجلس معها ويشرح لها ما عجزت عن فهمه… كان مفتون بها حقا …قصة حبهما كانت عنيفة للغاية …كان ينتظر بلهفة حتى يعدل من أحواله المالية ويطلبها للزواج. ..
على الرغم من العشق الذي كان يفيض من وجهه كانت ملامح رُقية باردة للغاية تشعر بأن مشاعرها تبهت نحوه …لا تنكر أنه مر بظروف صعبة للغاية خاصة بعد مر ض والدته وهو من تكفل بعلاجها بالكامل حتي أخذ الله أمانته وهو إنها ر لفترة ولكنه عاد مجددا ليحاول الزواج منها … ولكن يوسف لن يحقق أحلامها أبدا !!!
تنهدت وهي تنظر إليه وقد اكتست ملامحها بالغضب …
-بس أنا تعبت يا يوسف …احنا بقالنا كتير مرتبطين وأنت توي هتبدأ تجهز نفسك …
قالتها رُقية بغضب …ليرتبك ويقول :
-حبيبتي اصبري سنة بس …صدقيني هشتغل بإيديا وسناني لحد ما اكون مبلغ محترم ونتجوز
ضحكة ساخرة أفلتت من بين شفتيها وقالت:
-طيب وبعد ما نتجوز يا أستاذ يوسف هتصرف عليا كويس. هتحقق كل احلامي ولا هعيش معاك في الفقر …اطلع من المرار اللي في بيت بابا وادخل بيتك وأشوف مرار تاني …هو انا مش مكتوب عليا أرتاح أبداً !!!
ضيق عينيه وهو ينظر إليها وقال:
-ايه اللي أنتِ بتقوليه ده يا رُقية …مرار ايه اللي هتعيشيه في بيتي . أنا هكون دكتور يعني هيكون ليه مرتبي ووضعي وهعيشك كويس …هتكون أحوالنا مرتاحة يعني متخافيش . .أنا مش هخليكي تحتاجي حاجة ابدا ..ابدا ..
رفعت رأسها ونظرت إليه وهي تقول :
-يعني هتجيبلي العربية اللي وريتهالك على الواتس من يومين …
ضحك ..حقا ضحك وقال:
-حبيبي ..عربية ايه دلوقتي …يعني استني واحدة واحدة وهنشتري عربية واللي أنتِ عايزاه …
-هتكتب الشقة اللي هتشتريها بإسمي …
هز رأسه وقال؛
-عيوني يا ستي لما الأحوال تتضبط هعملك اللي عايزاه…بس حاليا هنعيش في شقة إيجار ..
كانت خيبة الأمل تكسي وجهها …كانت غاضبة بشدة من سلبيته…هي لا تريد تلك الحياة …لا تريد أن تعيش هكذا دون أي رفاهية …هي تريد أن تخرج …ترى العالم …ترتدي كما تحب …تكون لها سيارات ملكها …قصر يكون ملكها …صحيح انها كانت تحبه ولكن الحب أبداً لا يكفي …
-للاسف يا يوسف مينفعش …
-ايه هو اللي مينفعش يا حبيبتي ؟!
قالها بحيرة ولكن بدأ الخوف يتسلل بخبث لقلبه ..لتُعيد خصلات شعرها للخلف وتقول :
-أنت مش هتقدر تحقق احلامي خالص …أنا مش عايزة واحد ياكلني وبس ..أنا عايزة أخرج وأشوف العالم …عايزة اللي أطلبه الاقاه فورا ..مش تقولي اصبر ومصبرش …أنا صبرت كتير عليك ومش ذنبي ان والدتك تعبت …
-رُقية !!
قالها بصدمة وقد شعر بالدموع تلسع عينيه…
امسكت حقيبتها ونهضت وقالت؛
-أنا متقدملي صاحب الشركة اللي بابا شغال فيها وكنت مترددة بس شايفة ان هو ده اللي هيحققلي أحلامي …آسفة يا يوسف !!!
ثم ذهبت وخرجت من المقهي بكل بساطة …خرجت بعد أن فتتت قلبه …لا يظن أبدا أنه سيحب مرة آخري !!!
…..
-آه …
خرج من شروده وهو يصرخ بينما الدموع تغرق وجهه كم يتأ لم …أنه يمو ت …يمو ت بالفعل …لقد أحب مجددا …وخسر مجددا. ..ولكن لا نسرين ستعود له …ستعود له برغبتها أو رغما عنها حتى …هي لن تتسرب من بين يديه !!!
………………..
-مبقتش حابب أنك كل شوية تروحي تباتي عند ليان يا نسرين أنتِ ليكي بيت وانا مش حابب شغل السرمحة ده !
تكلم كريم على طاولة العشاء وقد نفذ صبره بسبب تصرفات ابنته الطائشة …
لم تنظر إليه حتى ولم ترد بل أخذت تأكل بدون مبالاة…
-انا مش بكلمك !!!ايه طرشة !!
زعق بها لتتدخل نهى وتقول :
-كريم لو سمحت كفاية كده وبعدين احنا عارفين ليان ومفيهاش حاجة لما تروح عندها …
-وليه هي معندهاش بيت …
-بتريح أعصابها …
نهض كريم بغضب وقال؛
-تريح أعصابها من مين ..حد كلمها …
تنهدت نهى بتعب وقالت:
-كفاية لو سمحت …كفاية دي مش طريقة تعامل بيها نسرين وانا مش هسمحلك كل شوية تكلمها كده.
نهضت وقالت بغضب :
-بنتك من فترة جالها إنهيار عصبي وكانت هتروح مننا …هو ده اللي عايزه يا كريم …اتعامل معاها كويس لو سمحت !!!
ضرب على طاولة الطعام بعنف وقال:
-متتدخليش بيني وبين بنتي يا نهى …أنتِ مش امها عشان تعلميني ازاي اتعامل مع بنتي …
-خلاص خلاص كفاية …
صرخت نسرين وهي تنهض وقد فقدت السيطرة على دموعها …وأكملت :
-هو اي تلكيكة وخلاص عشان تنكد عليا …عايز تعمل اي حاجة عشان تتخانق معايا …أنا عملتلك ايه …عملتلك ايه لده كله ….
اقترب منها بنية ضر بها إلا أن نهى وقفت بينهما وصرخت :
-كفاية يا كريم …كفاية ….
حاول كريم إبعاد نهى وزعق:
-عشان متربتيش …عايزة تمشي على حل شعرك وخلاص ..
-كريم كفاية …كفاية !!!
اخذت نهى تصرخ به لتقول نسرين بنبرة باردة:
-يمكن فعلا بمشي على حل شعري عشان حضرتك مش فاضي تربيني…
-والنعمة لاوريكي يا نسرين !
قالها كريم بغضب ثم دفع نهى بعيدا حتى وقعت على الأرض وصفـ ع نسرين بقوة ….لم يجعلها تبتعد بل امسك شعرها وعينيه الزرقاء كعينيها تشتعل :
-قوليها تاني…قوليها تاني ..أنا مربتكيش صح ؟!!طيب يا نسرين أنا دلوقتي هربيكي …هربيكي يا نسرين من اول وجديد عشان تحترمي نفسك !!!وعشان تحترمي ابوكي ..لاني للاسف سيبتلك الحبل على الغارب وكنت موافق على كل تصرفاتك….
صفـ عها مرة آخرى وآخرى ثم بدأ يخنـ قها بقوة …كانت نهى تصرخ وتحاول أبعادها عنه بينما نسرين تنظر إلى والدها بذهول وقد تحطـ م شئ داخلها…تحطـ م للأبد ..لا الضر ب ولا الخنـ ق كانا يؤثران بها مثل الكر ه الذي تراه بعينيه….
-كفاية بقا …كفاية يخربيتك!!
صرخت نهى ليدفع كريم نسرين فتقع على الأرض …نظر كريم وقال ببرود:
-ياريتك كنتِ مو تي مع أمك …ياريت …
-كفاية ..كفاية …اسكت يا مر يض دي بنتك !!!!
وكأن تلك الجملة كانت بمثابة مياه باردة انسكبت على وجه كريم ليفيق مما يفعله !!
كانت واقعة على الأرض…عينيها باردة لا أثر فيها للدموع ولكن فمها ينز ف قليلا من أثر ضربه …تراجع كريم وهو يعود لوعيه ويرى ماذا فعل بإبنته …شعر حقا بالخجل من نفسه …
-نسرين !!
قالها بتردد وعينيه تلمع بفعل الدموع …
بينما جلست نهى بجانبها وكانت تبكي بعنف …ضمتها نهى إليها وقالت:
-نسرين حبيبتي …
-انا كويسة يا خالتو…
قالتها نسرين ثم نهضت ونظر إليه بثبات وقالت:
-ياريت فعلا كنت مُـ ت ورا ماما مكنتش هسببلك الإزعاج ده كله…
-نسرين أنا …
كان يتكلم بصعوبة …يشعر بأ لم كبير في قلبه …كيف فعل هذا …كيف ضر ب ابنته بتلك الطريقة …ولكن ما ارعبه فعلا هو رد فعلها …فرد فعلها غريب للغاية…خاف أن تنها ر كما حدث من قبل ….
-نسرين …أنا …
قالها مجددا وهو يقترب منها ليلمسها ولكنها ابتعدت وقالت :
-انا هسيبلك البيت …مش هقعد هنا تاني …
ثم ذهبت من أمامه وولجت إلى غرفتها …بينما نهضت نهى وهي تلج خلفها لغرفتها وتقول :
-استني يا نسرين …
هزت نسرين رأسها وهي تحزم حقيبتها :
-لا يا خالتو مش هقعد في البيت ده تاني …
تنهدت نهى وقالت:
-طيب استنيني هلم هدومي واجي معاكي …هنروح نعيش في بيت فؤاد!!
…….
في اليوم التالي ..
-يا أبلة معلش خرجي أنتِ الحاجة أنا هقف وأعمل الأكل …
قالتها رانيا بإرتباك …كانت تحاول ان تخفي إنفعالها ولكن مشاعرها كانت تنفلت منها وتظهر على وجهها…نظرت إليها السيدة بحيرة وارادت ان تعترض ولكنها تنهدت بإستسلام وهي تمسك الصينية وقالت:
-حاضر يا رانيا هطلعها …
-شكرا …شكرا اوي يا أبلة …
هزت رأسها وتمتمت :
-ربنا يصبرني عليكي …
بعد ان خرجت وضعت رانيا كفها على قلبها الذي يدوي بعنـ ف داخل صدرها ….كانت عينيها ملبدة بالدموع …كانت لا تصدق حظها السئ الذي جعلها تعمل هنا ولكن الأمر الجيد أنها لن تعمل هنا لمدة طويلة …سوف تذهب قريبا وبالتالي سوف تبتعد عن يحيى وخطيبته وحياتهم تلك !!!..ستحمي قلبها من أن ينكـ سر مرة آخري …لقد تغيرت …نعم قد نحتاج احيانا إلى ضر بة قوية لنتغير …لنودع احلامنا الطفولية الغبـ ية …هي عرفت أن حبها ليحيى حلم طفولي غبـ ي …لقد ظنت أنها سندريلا ويحيى الأمير الذي سوف ينتشلها من حياتها المظـ لمة….يأخذها إلى حصانه ويطير بها بعيدا…
ابتسمت بحزن وهي تنظر إلى نفسها وتفكر أنها ليست سندريلا ….ولكن يحيى أمير ووجد أميرته …أميرة من عائلة مرفهة تليق تماما بالطبيب …هزت رأسها وهي تبعد تلك الأفكار عن رأسها فالبكاء على الماضي لن يفيد أبدا …هي الان يجب أن تُركز في حياتها الجديدة …تُريد فعل الكثير…وأول شئ تريد فعله هو أن تكمل دراستها …تريد أن تُحسن حياتها وتفتخر بنفسها
………
-أنا حابب اعتذر مرة تانية عن اللي عملته ماما مع ر..البنت اللي بتساعدكم هنا .
قالها يحيى لليان بينما عينيه تدور خلسه وتبحث عنها ….
تنهدت ليان وقالت بصراحة:
-مامتك صعبة شوية دي بهدلت البنت …صعبت عليا اووي …
أطرق يحيى وقال :
-كل أنسان وعنده صفات مش مقبولة أنا كلمتها وأنا بعتذرلك بالنيابة عنها
ابتسمت ليان وقالت:
-مفيش مشكلة يا يحيى حصل خير .
هز يحيى رأسه واطرق متوترا بينما يحل صمت ثقيل على المكان …الأثنان يشعران ان هذا الإرتباط لن يستمر …نظر يحيى الى ليان فجأة وهو يتساءل ماذا حل بإعجابه بها وأين ذهب …لماذا هو ليس سعيد …رفع رأسه عندما شعر بأحد ما قد أتى ..ووجدها خادمة مُسنة تقدم له العصير …
…….نظر إلى السيدة المسنة بخيبة أمل …لقد ظن أن رانيا من ستخرج …تنهد وهو يبتسم لها بشكر ويمسك كوب العصير الخاص به ويشربه بهدوء …نظر إلى ليان وقال بتردد :
-هي البنت اللي ماما اتخانقت معاها سابت الشغل صح ؟!هي ماما جر حتها للدرجادي …
هزت ليان رأسها وقالت:
-لا موجودة عادى متقلقش ومتحملش نفسك ذنب مامتك اللي غلطت من انت وبيري اعتذرت منها كذا مرة ..
ابتسمت ليان وقالت :
-بيري إنسانة مشوفتش زيها بصراحة …أنا نفسي اكون زيها ..
-بس أنتِ مميزة زي ما أنتِ يا ليان… أنتِ إنسانة طيبة وقلبك أبيض ..
ابتسمت ليان وقد احمر وجهها بإحراج ..وهناك من هنا يراقب احمرارها من بعيد وهو يطحن أسنانه بغضب …لم يظن أبدا أن رؤيته معها سوف تجر حه لتلك الدرجة …فها هي ليان بدأت تنسجم مع خطيبها الجديد ويبدو أنها قد نسيته تماما !!!
تنهد موسى وهو يغمض عينيه بغضب …هو غاضب…غاضب بشدة …ويغار…نعم يغار ولن ينكر الأمر ..هذا الإهتمام له …هذا الحب له .. قلبها له …
انطفأ غضبه فجأة وهو يفكر أنه هو من فعل هذا ..فعل هذا ليحميها من نفسه …من ماضيه …فليان تحب موسى …ولكن إن عرفته كقيصر أكيد سوف تشمئز منه …هو ابدا لن ينسى الماضي …ابدا
……..
في المساء …
-طيب أقولكم نكتة تاني …
قالها رأفت ابن خالة ياسين وهو يضحك بهيستريا شديدة …أدار ياسين عينيه بملل وتمتم بصوت منخفض :
-يا مصبر الوحش على الجحش يارب اليوم ده يخلص بسرعة أنا عندي مرارة واحدة ….
كانت صفية تنظر إلى ياسين بقلق ثم تنظر إلى ورد التي اخفت ابتسامتها بسرعة …ولكن رأفت لم ينتبه لياسين الممتعض وقال:
-واحد غبـ ي راح عند دكتور أسنان، وقاله أنت محتاج تقويم.. فقاله ويا ترى هيكون هجري ولا ميلادي.
ثم أخذ يضحك بقوة هو وزوجته …وورد ابتسمت مجاملة بينما نظرت صفية إلى ابنها الذي زم شفتيه بضيق
تدخلت سارة زوجة رأفت وقالت:
-الله نكتة حلوة …ما تقولنا نكتة تاني …
-حاضر حاضر ..
قالها رأفت لاهثا من بين ضحكاته الشديدة ثم أردف :
-طيب تعرفوا ليه الفراولة هتدخل الجنة ؟! تعرف ليه يا ياسين ..
نفخ ياسين وقال:
-لا والله محصليش الشرف اني اعرف …
-عشان فيها حسنات كتير ..
ثم ضحك هو وزوجته …دعك ياسين عينيه بتعب وهو يحاول السيطرة على غضبه …نظر إلى والدته بغيظ وكأنه يخبرها أنها هي السبب …أطرقت صفية بوجهها ليعلو صوت رأفت المرح مرة آخري ويقول:
-طيب تعرفوا ليه الطماطم هتروح النار؟!
صمت الجميع بينما غطي ياسين وجهه بكفيه ليكمل رأفت :
-عشان بترقص في الخلاط..
انفجـ رت زوجته بالضحك وقالت:
-أنت دمك خفيف أوووي …
نظر رأفت إلى ياسين وتراجع مرحه قليلا …
-طيب أنا خلاص هبطل اقول نكت واكل شكله أستاذ ياسين اتضايق. ..
قالها رأفت وهو يضحك ليقول ياسين بنبرة متصلبة :
-باشمهندس ياسين …
-نعم ؟!
قالها رأفت بحيرة ليرد ياسين :
-باشمهندس ياسين مش أستاذ …
ضحك رأفت وقال:
-يا سيدي متدقش ده احنا قرايب …وخلاص مش هقول نكت تاني شكلي ضايقتك …
-كويس لاني معدتي قلبت وثانية وهرجع على الترابيزة…. مستوي خفة دمك في النكت سالب تمنتاشر
تركت ورد المعلقة ونظرت إليه بغضب ثم ضر بته من تحت الطاولة عندما رأت أن رأفت وجهه أصبح أحمر من الإحراج …
ابتسم ياسين وقال :
-انا كنت بهزر معاك …يظهر أن مستوانا احنا الاتنين في الكوميديا محتاج تعديل ….سبحان الله يعني احنا الاتنين مهندسين ومستوانا بشـ ع في الكوميديا ..كان مفروض نتجوز هنعمل ثنائي هايل …
سعلت صفية وهي تتمني أن يتوقف ابنها الغبـ ي عن مزاحه الثقيل ولكن رأفت ضحك وقال:
-لا حلوة والله ..دمك خفيف ..
ثم أخذ يضحك بقوة ليضحك الجميع معه ليتمتم ياسين ويقول وهو يشرب :
-عقبال ما يبقى دمك خفيف زيي إن شاء الله
كانت ورد تنظر إلى ياسين والغضب يتصاعد داخلها …لقد كر هت قلة ذوقه فعلا !!!
………..
-عيب ..عيب اللي أنت. عملته ده يا ياسين ..مهما كان ده كان ضيفك ومفروض تعامله كويس مش تهيـ.نه!!!
صرخت به ورد بعد أن ذهب رأفت وزوجته …كانت والدته تنظر إليه بخيبة أمل …لقد أحرجها ابنها اليوم …لا تصدق أن ياسين يتصرف بتلك الطريقة الو قحة مع ضيوفه ولكن ابنها هكذا بالفعل …و قح لا يهمه أي شخص …يجر ح الناس دون الإهتمام بمشاعرهم….
نهضت صفية وقالت:
-انا ماشية يا بنتي …
نظرت إليها ورد وقالت:
-وده ينفع يا طنط …لا هتباتي هنا …مش هتمشي دلوقتي …
هزت صفية رأسها وقالت:
-معلش أنا همشي…
ثم أتجهت إلى الباب لكي تذهب اقترب منها ياسين وقال:
-ايه اللي بتقوليه.ده يا ماما ..مش هتمشي طبعا ه…
ولكن والدته نظرت إليه بغضب وقالت:
-لما تتعلم تحترم ضيوفك هقعد …لما تتعلم مترميش دبش وتجر ح اللي قدامك هقعد يا أستاذ ياسين …ده ابن اختي اللي انتَ جر حته ده واستهزأت بيه …ده ضيفك ….أنت بتعامل ضيوفك كده …أنا فعلا معرفتش اربيك …
نظرت إليه نظرة أخيرة ووجهها يكسوه خيبة الأمل ثم غادرت …
تنهد ياسين بتعب لتقترب منه ورد وتصرخ ؛
-عجبك كده!!!حلو انك تبقي قليل الذوق …بتحب دايما تجر ح اللي قدامك ومش قادر تصون لسانك …اهي طنط زعلت ..غير انك كسفتني قدام الضيوف …
-يوووه خلاص انا مش ناقصك أنتِ كمان …هو انا عيل صغير عشان اتهز ق!!!
-ايوة عيل صغير …لما متعرفش تحترم ضيوفك وتسيطر على نفسك يبقى عيل صغير …انت عمرك ما هتتغير ..هتفضل كده بتجر ح في الناس ..عارف ليه ..لانك عندك عقدة نقص بتطلعها على اللي حواليك …
-ورد أخرسي …
رفع كفه ليصـ فعها ولكنه توقف في اللحظة الأخيرة لتبتسم ورد بحزن وتقول :
-جوازي منك كان أكبر غلطة عملتها في حياتي !!!
…………
في اليوم التالي ….
وقفت أمام غرفة والدتها تنظر إليها بينما الدموع تحتشد بعينيها …كانت تبدو حقا مرتاحة ترتدي زي المشفي ….غرفتها واسعة ومنظمة ..حتى المشفي التي تتعالج به كبير ..ولجت للغرفة وهي تقول بصوت مُختنق:.
-ماما!!
نظرت سوسن الى صوت ابنتها وقالت بلهفة :
-جواهر …جواهر بنتي …
اندفعت جواهر إليها وعانقتها بقوة والدموع تطفر من عينيها …كانت تشعر بوجع لا يُصدق في قلبها …لقد أشتاقت لوالدتها …اشتاقت لها كثيرا …
-وحشتيني يا ماما …وحشتيني اووي..
قالتها جواهر بصوت مختنق وهي عاجزة عن السيطرة على دموعها…هي تختنق وهي بعيدة عن والدتها …منذ أن عرفت بمر ضها وهي أقسمت أن تقضي معها كل وقتها ولكن الآن هي اخلفت بهذا الوعد !!
ابتعدت سوسن وهي تنظر إلى ورد بعتاب
-نستيني يا جواهر ..أخص عليكي …أخص …ليه مبتجيش تزوريني ؟!!
قالتها والدتها بعتاب لتمسك جواهر كفها تقبله وهي تقول :
-سامحيني يا ماما ..سامحيني ….الشغل واخد كل وقتي …
-الشغل واخدك.مني معقول ؟!
قالتها بعتاب سافر لتهز جواهر رأسها وهي تبكي وتقول :
-لا طبعا بس لازم اشتغل عشان تبقي هنا وتتعالجي …المكان حلو هنا صح …
شدت والدتها على كفها وقالت:
-يا بنتي أنا خلاص نهايتي معروفة…مهما تعملي ..أنا عارفة وأنتِ عارفة يبقي لزومه ايه المصاريف …خديني البيت خليني أعيش باقي أيام حياتي معاكي يا جواهر يا بنتي …عايزة أبقى معاكي …
ارتفع نشيج جواهر وانفجرت دموعها وقالت:
-لا لا أنتِ هتخفي و ..
قاطعتها والدتها وقالت وهي تمسك وجهها وتقول :
-جواهر أنا علمتك ايه ؟!أننا مش بنكد ب على نفسنا وأننا نتقبل القدر مهما كان ونقول. ..
بكت جواهر وهي تقول :
-نقول الحمدلله …
ابتسمت والدتها بحب وقبلت رأسها فقالت جواهر :
-بس كمان قولتيلي أننا منيأسش من رحمة ربنا …وان دايما فيه امل وان المعجزات بتحصل …يبقي ليه منجربش …عشان خاطري يا ماما .. عشان خاطري ابقي هنا واتعالجي وعلى فكرة…
تنهدت وهي تصطنع كذبتها بمهارة وقالت:
-انا كلمت الدكتور وقالي انك بتتحسني…عشان خاطري يا ماما خليكي هنا …عشان خاطري متستسلميش …عشاني أنا …أنا مقدرش اعيش من غيرك !!!
هزت والدتها رأسها وهي تبتسم لها ثم بظأت تمسح دموع جواهر …امسكت جواهر كف والدتها وبدأت تقبله بحب شديد …
ثم قالت ببهجة :
-شوفي جيبتلك أيه ..
ثم أخرجت من الحقيبة الكبيرة ..شعر مستعار باللون الأحمر …كان يبدو بالفعل رائع …
ضحكت سوسن وقالت ؛
-احمر يا ورد …
-ايوة احمر يا سوسن ..ثم البستها إياه وهي تضحك بينما ترى والدتها سعيدة ..هي تفعل كل هذا من أجلها !!
…………
-أبوس ايديك ..خليني ادخله …عايزة أكلمه !!
قالتها تلك الفتاة السمراء الجميلة دموعها تنفجر من عينيها السوداء …كانت شفتيها ترتعش وهي تتوسل حارس القصر أن يُدخلها …ولكن الرجل قال :
-أسف يا كارمن هانم عدي بيه أمر مدخلكيش …لو سمحتي روحي ومتعمليش مشاكل …
-طيب روح قوله …قوله مش همشي من هنا الا لما أكلمه …ابوس ايديك روحله قوله كارمن هتفضل برا لحد اخر يوم في حياتي …لحد ما يقرر يكلمني …
نفخ الحارس بضيق وقال:
-يا ست أبوس ايديكي امشي من هنا …لو سمحتي متعملليش مشاكل هنا !!لو دخلتك عدي بيه هيطر دني!! …
اخذت كارمن تبكي وهي تنظر إليه. ..تستعطفه لكي يدخلها ولكنه كان عنيد …هو لن يعرض عمله للخطر من أجلها هي
خرجت من سيارة الأجرة وهي تنظر إلى تلك التي تبكي بعنـ ف أمام بوابة القصر .. كانت تصر خ ببكاء عنـ يف:
-بقولك عايزة اشوفه ….حرام عليك عايزة اشوف عدي …
ولكن الحارس كان وجهه متصلب. ..لا يظهر عليه أي نوع من المشاعر !!!
-ايه اللي بيحصل؟!
قالتها جواهر وهي تقترب منها وتنظر إليها بصدمة …
-عبير هانم ..
قالها الحارس ثم بدأ بفتح البوابة الإلكترونية لها وقال:
-اسفين على الفوضي دي …
كادت عبير أن ترد إلا أن كارمن تلك الفتاة اندفعت بعنف داخل القصر …
-امسكوها!!!
صرخ الحارس وهو يركض خلفها …كانت جواهر لا تفهم ما بها .. ولماذا تريد أن ترى عدي …وضعت كفها على فاها عندما أمسكوا بها وهي تصرخ …أحد الحراس جرها بحزم نوعا ما ثم اقترب من البوابة ودفعها للخارج بينما انغلقت البوابة من تلقاء نفسها …وقعت كارمن على الأرض وهي تبكي بعنـ ف وتصرخ:
-عدي …عايزة اكلم عدي حرام عليك …
-هو فيه ايه ..مالها دي ؟!
ولكن الحارس أطرق برأسه وقال:
-متهتميش بيها يا هانم واحنا اسفين مرة تانية….
نظرت جواهر إلى الفتاة بشفقة ورفعت رأسها جهة القصر لتجد عدي ينظر اليهما…وكم بدت نظراته قاسية وقتها …
……
دقيقتين ووصلت للغرفة التي يقبع بها عدي دخلت لتجده يقف أمام النافذة الكبيرة …اقتربت منه بهدوء لتجده يراقب تلك الفتاة التي تبكي بعـ.نف شديد :
-مين دي ؟!
قالتها ثم أكملت :
-دي هتمو ت عشان تقابلك ..
ابتسم عدي ابتسامة غريبة وقال:
-وهو ده عقا بها …أنها هتمو ت عشان تشوفني ومش هتقدر تشوف طيفي حتي …
اهتزت جواهر من الداخل وقالت:
-هي عملت ايه لده كله ؟!
-كذبت ..خد عتني والغلط الأكبر أنها حبتني عشان كده هي بالحالة دي
اولى عدي اهتمامه ببيري وقال وهو يتلمس وجنتها الناعمة :
-اللي يفكر يكذب ويخدعني هيعاني يا بيري …هيعاني طول حياته …فاحسنلك متفكريش تعمليها والا هيبقى حالك زيها !!!هتعاني عشان بس تشوفي طيفي ومش هتقدري كمان ..أنا عقابي وحش اووي يا بيري. ..
ازدردت جواهر ريقها برعب …كم بدأ مخيف في تلك اللحظة..
……
استيقظت بصعوبة وفجأة اتسعت عينيها وهي تراه أمامها …يقف ويتأملها مبتسما
-موسى بتعمل أيه هنا ؟!
-انا بحبك يا ليان !!
-ايه.؟؟
قالتها بصدمة ليكمل
-تتجوزيني !!!!
يتبع
(أنا اغرق فيكِ)
وإنِّي أُحبُّكِ..
لكنْ أخافْ التورُّطَ فيكِ،
أخافُ التوحُّدَ فيكِ،
أخافُ التقمُّصَ فيكِ،
فقد علَّمتْني التجاربُ أن أتجنَّب عشقَ النساء
نزار قباني
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-حاولت اهرب من حبك …حاولت أقنع نفسي ان مفيش في قلبي حاجة ليكي بس اكتشفت أن قلبي اصلا مش ملكي …قلبي ملكك ومن زمان …هو طوع أمرك .
اتسعت عيني ليان واستطاع سماع لهاثها المصدوم …اقترب منه وجلس على الفراش وهو يجذب وجهها ويقبلها على جبهتها …أغمضت هي عينيها وقد أحضرت كلماته الدموع لعينيها…شعرت بقلبها يقفز داخل صدرها….
-موسى …
قالتها بشوق وهي تضع كفها على وجهه …
-موسى. .
كررتها مرة آخري والدموع تنفـ جر من عينيها ثم أكملت:
-وأنا كمان بحبك…بحبك أووي ….
تنفس براحه وقبلاته تزيد عنـ فاً على جبهتها بينما الدموع تملأ عينيه …قلبه يخفق بقوة في صدره ..وقلبها أيضا …انه العشق …العشق يسكن قلب كلا منهما…لعـ نة العشق الذي ليس منه نجاه …وهو قرر ان يغر ق بها …بدلا من أن يحتر ق بنيران بُعدها !!
فُتح الباب فجأة …
-موسى !!!!
كان هذا صوت عدي المصدوم…ابتعد موسى عن ليان بسرعة …بينما بهتت هي الأخرى وهي تنظر الى النيران المشتعلة بعيني أخيها …كان غاضب …غاضب بشدة وهي كانت خائفة …قلبها أصبح يدوي بخوف بدلا من العشق …
-عدي …
قالتها ليان بصوت ضعيف وقد احتشدت الدموع بعينيها …ولكن عدي لم يكن ينظر إليها من الأساس…كانت نظراته موجهة نحوه…نحو صديقه!!!صديقه الذي خا نه للتو!!
ازدرد موسى ريقه وهو يرى الجر ح بنظرات عدي …كان مصدوم…مجرو ح وخائب الأمل منه …لقد تحطـ مت ثقته به ….لم يتخيل أبدا ان يقوم موسى بخيا نته….أطرق موسى وجهه أرضا …كان عاجز عن مواجهته …يزدرد ريقه بعـ نف وهو ينتظر التوبيخ منه …ينتظر الاها نات التي سوف يتلقاها منه …وهو لن يتكلم …يستحق هذا …يستحقه…..لو ضر به حتي يستحق هذا. ..هو يستحق كل ما سيفعله عدي به !!!
-ليان يا موسى !!!
خرج صوت عدي المصدوم ..
كان لا يصدق ان يقدم صديقه على هذا …لقد وثق به …ادخله منزله …عامله كأنه شقيقه …هل يكافئه بتلك الطريقة …شعر بالدموع تلسع عينيه بالفعل..لم يتوقع ابدا الخيا نة من موسى كان يثق به كثيرا …
-عدي اسمعني !!
حاول موسى أن يبرر بصوت محطـ م وهو يقترب من صديقه…ولكن عدي امسكه من قميصه وهو يصرخ بقوة :
-ليان يا موسى …ليان!!!ليه…اختي ليه!!؟
-بحبها .
قال بنبرة مخنوقة …ثم نظر الى عدي وكانت عينيه الزرقاء صافية تماما…تفيض بالصدق وأكمل :
-انا بحب ليان يا عدي …بحبها أووي ..وعايز اتجوزها وصدقني هحميها دايما وههتم بيها ..وعمري ما هزعلها ابدا !
-أنت أكيد اتجننت …اكيد اتجننت !!!
زعق به عدي وهو يهزه بقوة …كان لا يصدق ان موسى يفعل هذا …ما زال لم يستوعب الأمر ..
رفع كفه ولكمه بعنـ ف لتصرخ ليان وهي تقول :
-عدي اسمع !!
ولكن النير ان كانت تشتـ عل داخل عدي بقوة …مرارة الخيا نة كان تقـ تله !!!
-لو أنت آخر راجل في الدنيا أنا مش هجوزك أختي ولا هأمن عليها معاك …انت خا ين ..خا ين يا موسي …دخلت بيتي وأغويت أختي الصغيرة…عملت نفسك بتحميها وانا كان مفروض احميها منك …احميها منك أنت !!!!
-عدي اسمعني ابوس ايديك ..
كان موسى يتحدث بنبرة مختنقة …يحاول أن يفهمه …يعطيه فرصة لكي يشرح ولكن الغضب كان قد أعمي عيني عدي وقال وهو يهزه بقوة …
-أخرج …اخرج من بيتي من النهاردة انسى انك تقرب من ليان …أنا هبعدك للأبد عن ليان …للأبد!!
….
نهض من نومه مفزوعا وقلبه يخفق بقوة …رباه ما هذا الكابوس…دعك موسى عينيه وهو يتنهد بقوة …شكرا الله ان الحلم ليس حقيقي …فخيبة الامل التي رأها بعيني عدي لم يتحملها ابدا …وبالطبع عدي محق …فحتى لو اعترف موسى بحبه لليان وفسخت خطبتها من اجله…عدي لن يقبل به أبدا لانه يعرف جيدا ماضيه …يعرف من كان بالماضي ويعرف الخطر المحدق بكل من يقترب منه …
تنهد موسى ونهض من فراشه بكسل اليوم عليه ايصال ليان الى جامعتها ثم في المساء سيوصلها هي وخطيبها الى حفل عيد ميلاد أحد اصدقاؤها …
زفر بحنق وهو يفكر ان لديها ساعات طويلة سيشعر فيها بالغيرة وقد لا ينام بسبب قهـ ره وغيرته !!
………..
نص ساعة وكان جاهز تماماً يقف أمام السيارة منتظرا ليان التي خرجت من القصر ترتدي نظاراتها …فتح موسى لها الباب لتستقل السيارة بهدوء.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرجت من غرفتها وتوقفت مكانها وهي تجده نائم على الأريكة …يغطي وجهه بذراعه …كان يبدو غير مرتاحا بالمرة …أطرقت برأسها وهي تتذكر كلامها السام له …لقد أخطأت لن تنكر.هذا ولكن تصرفاته جعلتها تغضب كثيرا …لا يمكنه أن يُعامل ضيوفه بتلك الطريقة المهـ ينة ….زفرت ورد بضيق وقررت ان تذهب لإيقاظه قبل ان تراه ياسمين …فاليوم هو عطلتها من المدرسة لان امتحاناتها قد أقتربت وعطلته من العمل وقد قررت بعد تدريس ياسمين ان تُخرجها معها لكي ترفه عنها قليلا …
اقتربت منه وهي تربت على كتفه بلطف وتقول :
-ياسين …ياسين اصحي …
فتح عينيه ببطء …لحظات وأحتل الجليد عينيه ازدردت ورد ريقها وهي تتراجع قليلا…نهض هو دون ان يكلمها او ينظر إليها حتى ..ولج لغرفته ثم أحضر ملابسه لكي يستحم…
……
بعد ثلث ساعة كان قد انتهى..خرج من الحمام وهو يمشط شعره المبتل بيديه بينما ترطب قميصه الزيتي قليلا بالمياه التي تسقط من شعره …كانت ورد تراقبه …تنتظر الفرصة لتتحدث إليه ولكنه للمرة الثانية يتجاهلها ويخرج من الغرفة متجها الى المطبخ …زفرت بضيق وهي تذهب خلفه …صحيح انها مخطئة …ولكنه هو أيضا أخطأ فلماذا يرمي كل اللوم عليها !!! ألن يتغير أبداً!!!
ولجت الى المطبخ لتجده يصنع له فنجان من القهوة بكل هدوء …رفعت حاجبيها وهي تزم.شفتيها بضيق ..حسنا هو يريد هذا …يريد ان يتجاهلها وهي تتجاهله ..حسنا له ما يريد ..
فكرت وكادت بالفعل ان تذهب ولكنها توقفت مكانها ما زالت تشعر بالسوء فعلا …هي بالكاد نامت الليلة الماضية لانها تشعر بالذ نب .. ستعتذر وأمرها لله…فهي قد أخطأت أيضا …تلك ليست كلمة مناسبة لتقولها لزوجها ….
-مينفعش تشرب قهوة على الريق كده …استني احضرلك فطار…
قالتها ورد وهي تقترب منه ولكنه تجاهلها …مجددا !!
رفعت حاجبيها بضيق وهي تراه يرفع الفنان ليشربه ولكنها أمسكت كفه وأخذت منه الفنجان وقالت:
-انا قولت مينفعش !!!هعملك ساندويتش تاكله …
نفخ بضيق وقال:
– مش عايز …
ثم كاد ان يأخذ منها القهوة الا انها ابعدت الفنجان وذهبت وسكبت محتواه في الحوض…
ربع ياسين ذراعيه وهو يشعر بالغضب وقال:
-هعمل واحد تاني …
ثم اتجهت يده لعبوة القهوة ولكنها أمسكت كفه وبيدها الحرة أخذت عبوة القهوة وقالت بحزم:
-بطل عناد…القهوة غلط على الريق …لازم تأكل حاجة يا باشمهندس ياسين ولو سمحت متعاندش عشان صوتنا ميعلاش وياسمين تصحى ..
ولكن العناد ما زال متأصلا في عينه في عينيه فقالت:
-انا أسفة يا ياسين بس انت زودتها بجد
-جوازك مني غلطة يا ورد !!
قالها ياسين بنبرة باردة لتحتشد الدموع بعينيها وتهز رأسها بالنفي بسرعة وتقول:
-بالعكس يمكن كان احسن حاجة حصلت في حياتي …
رغم البرود الذي كان يدعيه الا انها استطاعت رؤية الضعف بعينيه …اعجبها ان يكون لديها هذا التأثير عليه ..حقا اعجبها…
-ده مكانش كلامك امبارح يا ورد …فاكر كلمتك امبارح …قولتيلي ان أكبر غلطة عملتيها في حياتك هي جوازك مني …
انسابت دموعها وهي تنفي مرة آخرى ما قالته وقالت :
-كنت متعصبة منك …مجرو حة أنك كنت هتمد إيديك عليا يا ياسين …حبيت اجر حك وانا اسفة بجد …اسفة ….
أرتفع صوته وقال بإنفعال :
-تتخانقي معايا مش تقولي ان جوازك مني أكبر غلطة يا ورد…عارفة قد ايه كلمة زي دي أثرت فيا…
ارتفع كفيها وعانقت وجهها ثم رفعت نفسها إليه وهي تقبل صفحة وجهه بتتابع وتقول بنبرة مختنقة :
-انا اسفة …أنا اسفة …اسفة يا ياسين …
رفعها إليه وهو يعانقها بقوة …كانت تقف بقدميها على قدميه ثم قال:
-متقولهاش تاني. ..مفهوم …
-مفهوم …وانت متفكرش تمد ايديك عليا تاني …
-ولا عمري هعملها !!
رنين الهاتف اجفلهما سويا …اخرج ياسين هاتفه لتنظر إليه ورد ويرتفع حاجبيها وهي تقول :
-مين الحرباية ام سحلول دي …
تنهد قائلا وهو يفتح الهاتف:
-دي جوري.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقف امام منزلها وهو يحافظ على قناعه الجليدي …زفر بضيق لم يكن يريد ان يأتي بأي حال لولا توسلاتها وإخباره انها تريده لموضوع طارئ للغاية …ما هو الموضوع الطارئ يا تُري .؟!هل اكتشفت انها ستموت قريبا !!..رن جرس المنزل وانتظر بصبر لتفتح هي الباب وهي تضم روبها الأزرق الطويل الى جسدها …
أشرق وجهها ما ان رأته وأخذت عينيها العسلية تتأملانه بلهفة وقالت:
-ياسين ..الحمدلله أنك جيت.
-خير كنتِ عايزة ايه ؟!
قالها بنبرته الباردة للغاية وهي تلك النبرة التي يختصها بها …فدوما جليده من نصيبها هي !!
افسحت الطريق وقالت:
-طيب أتفضل ..أتفضل يا ياسين متقفش هنا …مينفعش نتكلم على الباب …
-اللهم طولك.يا روح …صبرني يارب على المرار اللي في حياتي !!
تمتم بها ثم ولج للمنزل فأغلقت هي الباب …
اقتربت منه وهي تقول :
-ثواني وقهوتك المفضلة تكون جاهزة . .
ربع ذراعيه وهو يهز رأسه بضيق. ..لقد خدعته …يبدو ان ليس هناك أمرا هام أبدا …قرر ان يذهب ما ان تأتي ولكن ليس قبل ان يوبخها !!
..
دقيقتين وقد ظهرت وهي تضع القهوة على الطاولة أمامه وقالت:
-أتفضل قهوتك …
كان ما زال واقفا ينظر إليها ببرود … تراجعت قليلاً ثم اسقطت روبها أرضا وفي عينيها نية واضحة جداً
-أنتِ كده يعني بتغريني ؟!
قالها بسخرية وهو ينظر إليها كانت ترتدي غلالة زرقاء قصيرة للغاية…كما يحب تماما …هي تحفظ التفاصيل التي يعشقها في إمرأته …وهي تريد أن تكون أمرأته …
ابتسمت جوري بإرتجاف وقالت:
-يمكن …
جلس على الأريكة وهو يمسك كوب القهوة الخاص به ويقول :
-ها قوليلي كنتِ عايزة أيه؟!
اقتربت منه وقلبها يدوي في صدرها ثم جلست بجواره والتصقت به وهي تضع كفها على قلبه وقالت :
-ردني يا ياسين.
نظر إليها وهو يشعر بالملل وقال:
-وأيه كمان ..
-خلينا نعيش سوا …نرجع سوا أنا وأنت وبنتنا …
ابتسم بسخرية وقال:
-ومش عايزة شيكوبون لأمك بالمرة ؟!
اقتربت أكثر وقالت بجراءة:
-ياسين اديني فرصة تانية …وافتكر ايامنا مع بعض
ثم أضافت وعينيها تبرق بإغواء :
-يعني عمرك ما افتكرت ليالينا سوا …
ابتسم لها وقال:
-هو بصراحة الأيام اللي فاتت مفتكرتهاش عشان اكون صادق ….بس دلوقتي افتكرتها كلها …
ابتسمت بإنتصار وقالت بلهفة وهي تتلمس وجهه:
-وحاسس بإيه لما افتكرتها ..ها يا ياسين قولي ..
-حاسس ان معدتي قلبت…
عبست بشدة ليكمل :
-بكلمك بجد يا جوري حاسس اني قرفان وهرجع…
ثم دفعها عنه وقال:
-فأبعدي بقا لأحسن أرجع في وشك ..
ثم نهض ونظر الى وجهها الشاحب بقوة وعينيها المحتشد بها الدموع وقال :
-شكرا على القهوة يا جوري ..وبما أنك مش عايزة مني حاجة تاني أنا همشي دلوقتي ..سلام …
فتح الباب ليخرج ولكنه توقف فجأة وهو ينظر إليه وقد ابتسم بأسف وقال وعينيه تمر عليها :
-قدراتك كأنثى في الإغراء قلت بنسبة سبعين في المية ياريت تحاولي تصلحي المشكلة كده…مجرد نصيحة ..
ثم ذهب بعد ان كادت أن تُصاب بجلطة بسببه!!…تساقطت الدموع تباعا من عينيها وهي تضر.ب بقدمها على الأرض وتصرخ…لا لما يقاومها …هو لا يمكن أن يقاومها…لقد كانت تسيطر عليه في الماضي فما الذي حدث …انفجـ رت الدموع من عينيها أكثر وهي تشد خصلات شعرها وتقول:
-ياسين …ياسين ليه بتعمل كده أنا بحبك …بحبك …بس لا انت هترجعلي…هترجعلي وتطلق خطا فة الرجالة دي …أنا اتطلقت من كل اللي اتجوزتهم عشان مقدرتش احب غيرك …مقدرتش اتقبل غيرك …وده مش جزائي يا ياسين …انت هترجعلي …برضاك غصب عنك هترجعلي !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
للغيرة أ لم لا يشعر به الا عاشق مثله …أ لم الأحتر.اق ..وكأن قلبه يحتر ق وغير مسموح له لا بالصراخ أو البكاء …كل ما عليه ان يظل متصلبا الآن وهو يراقبها معه ….يتأمل شعرها الأسود الذي يتطاير بنعومة ويداعب وجهها فتبعده هي متذمرة…وشفتيها التي تبتسم لغريمه …يتأملها ويتذكر قبلتهما الاولى التي لم ينساها يوما ….يرتفع ضجيج نبضاته ويبعد عينيه قليلا وهو يتنهد للسيطرة على نفسه …
عاد ينظر إليها مرة آخري يكمل تأمله الذي لا ينتهي لوجهها …ملامحها الجميلة …تلك الملامح التي اجتاحت أحلامه …تتوقف نظراته على عينيها..عينيها التي تلمع بلطف وهي تتحدث ويتذكر هو هاتين العينين تتطلعان إليه بلهفة شديدة ..ويفيض منهما العشق الصافي …فستانها الكريمي الواسع كان يتطاير حولها ويحرك قلبه بقوة …
تقابلت أعينهما للحظات وابتلعت ريقها وهي ترى نظرات غريبة بعينيه بدت وكأنها غيرة!!!موسى يغار عليها!!لابد انها فقدت عقلها تماما. .ولكن رغم ذلك كانت النظرات واضحة جدا لا …حاولت انكارها …حاولت الهروب من تأثير نظراته عليها ولكنها شعرت بالضعف يغزوها وهو ينظر إليها بتلك الطريقة …لم يزيح وجهه ولا هي ظلا هكذا ينظران الى بعضهما من بعيد …تجمعت الدموع بعينيها وكادت أن تبكي …لماذا يحدث معها هذا …هي مرتبطة بيحيى فلا يجب أن تفكر به …ولكن الأمر ليس بيدها…هي عاجزة عن إخراجه من عقلها ..عاجزة عن انتزاع حبه من قلبها …عاجزة عن كل شئ الا حبه …هي تحبه بمهارة عاشقة عرفت العشق جيدا وحفظته بسببه …ولكن على قدر حبها احتر قت هي …احتر قت بقوة …فكرت بحسرة!!
-ليان…ليان !!
كان هذا صوت يحيى الذي أخرجها من شرودها ..شهقة خافتة خرجت من شفتيها وأطرقت برأسها قليلا وهي تحاول السيطرة على نفسها وعلى دموعها التي تهد دها بالتساقط في أي وقت …تُرى هل شعر يحيى بشئ …هل رأها تُحدق به …رباه…كيف تبرر له الآن …تلوت معدتها وهي تشعر بالقر ف من نفسها …تشعر انها خا ئنة بشـ.عة !!!
ابتلعت ريقها وهي تنظر الى يحيى بإبتسامة لطيفة بينما كان ينظر إليها بحيرة شديدة …
-معاك يا يحيى…
هز يحيى رأسه وقال:
-مظنش يا ليان باين عليكي أنك بعيدة …بعيدة أووي عني أنا بقالي نص ساعة بكلمك وانتِ مش هنا خالص …مالك فيه حاجة ؟!
هزت رأسها بإرتباك وقالت بإبتسامة وهي تريد أن تمحو أي شك لديه
-لا يا يحيى مفيش حاجة بجد …
-هتخبي عليا ..أنا عايز قبل ما نكون كابل نكون أصحاب يا ليان وتقوليلي كل اللي مضايقك …
-صدقني مفيش حاجة مضايقاني …أنا كويسة يا يحيى …
-رغم اني مش مصدقك بس مش هضغط عليكي برضه ..براحتك يا ليان …
وبالفعل قرر الا يضغط عليها ويركز في الحفل بدل من أن تتجه افكاره الى وجهة لا يحبذها أبدا!!!….
…..
بعد قليل …
آني ليحيى اتصال مستعجل من المشفى وعرض عليها ان يوصلها ولكنها رفضت وقررت ان تبقى في الحفل…
في الحفل….
كانت تقف وهي تتطلع للأزواج الذين يرقصون مع بعضهما وتنهدت بعمق …
-ترقصي معايا…
كادت أن تصرخ من الفز ع عندما سمعت صوت موسى قريب منها ……
-لا شكرا مش عايزة ارقص…
قالتها بإقتضاب …
ولكنه ابتسم وهو يمسك يدها ويجذيها الى ساحة الرقص وقال :
-لا هترقصي عشان أنتِ بتحبي الأغنية دي….
ابتسم بلطف وهو يجذبها إليه ارتعشت أنفاسها وهو يضمها إليه …رأسها على كتفه ويده تحاوط خصرها …كان يعانقها ويرقص معها في ذات الوقت …اغنية ويتني التي كانت تصدح في المكان جلبت الدموع لعينيها…أغنيتها المفضلة والتي حلمت التي ترقص معه على أنغامها في يوم زفافها …اغنية )I will always love you )
ولكن للاسف ..ها هي ترقص معه ولكن وهي مخطوبة لآخر …ملك لآخر ..انسابت الدموع من عينيها وهي تشد على ذراعه وتضمه بشكل أقوي بينما تتنفس رائحته بعمق …أغمض موسى عينيه وهو يضع شفتيه على شعرها الناعم ويقبله بلطف ….هذا خطأ ..نعم خطأ كبير أنه يتصرف بخسـ.ة ونذالة …ولكنه لم يهتم …لم يهتم أبدا …في تلك اللحظة هي ملكه …في تلك اللحظة سينسى كل شئ …سينسى أنها مخطوبة لآخر …سينسى ماضيه المظلم كقيصر …سينسى خوفه …وحتي عدي …لن يفكر الا بها هي …
انسابت دموعها بغزارة أكبر من عينيها وقالت بصوت مبحوح:
-ابعد يا موسى سيبني !!!
ولكن موسى لم يتركها بل انتقلت شفته الى جبهتها وقبلها برفق شديد …
شهقت وهي تتحرر منه ثم غادرت ساحة الرقص مسرعة …
. …. ..
بعد قليل ..
كانت في السيارة تبكي بخفوت بينما هو يقود وكان يشعر بالإختناق ..الوضع يخرج عن السيطرة !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عم كريم كلمني يا ماما…واضح أنه ندمان يا ماما ..
قالها فؤاد وهو ينظر لوالدته …تنهدت نهى وقالت :
-مش هرجع يا فؤاد…مش هرجع الا لما يعرف يتعامل مع بنته كويس ..
نسرين منها رة …من أول ما جات هنا وهي نايمة على السرير وتعبانة ….مش عايزة ترد على حد ولا تكلم.حد.كنت هكلم ليان عشان تجيلها بس هي رافضة…مش عايزة تشوف حد أنا خايفة عليها أووي يا فؤاد …
تنهد فؤاد بعمق ومن داخله يشفق على تلك الفتاة …
-انا هتكلم معاه يا ماما مينفعش يعاملها بالطريقة دي أبدا …ده مش مقبول ..هو ليه كار هها بالشكل ده ..أنا نفسي أعرف …
هزت نهى رأسها وهي تشعر بالحيرة…بالتأكيد هناك شئ لا تعرفه هى…فكريم غاضب بشكل غامض على نسرين …تعامله معها جاف للغاية والفتاة تنهار شيئا فشئ …وهي تخشى عليها ان تفقد عقلها وتتصرف بتهو ر …أ لمها قلبها على تلك المسكينة …
نهض فؤاد وقال:
-طيب يا ماما أنا همشي دلوقتي خليكي أنتِ مع نسرين حاولي تخففي عنها شوية وحتي كلمي ليان تجيلها …هي الوحيدة اللي بتعرف تخرجها برا الحزن اللي هي فيه وانا هكلم عم كريم وأفهمه وبإذن الله خير …
ابتسمت نهى وأمسكت كفه وهي تقول :
-أسفة يا حبيبي كركبنا حياتك ..خرجناك من بيتك وبتروح تبات في فندق بسببنا
-ولا يهمك يا ماما المهم هي تكون كويسة …
-يارب يا فؤاد ..أنا بجد.زعلانة عليها…
صمتت ثم نظرت إليه برجاء وأكملت :
-بقولك يا فؤاد يا بني …ممكن تفضي نفسك بكرة وتخرجها …عايزاك تحاول تخرجها من اللي هي فيه .
ابتسم فؤاد وقال :
-حاضر يا ماما بكره هفضي نفسي مخصوص عشان خاطركم.
ثم قبل رأسها وخرج …
…..
تنهدت نهى وهي تنهض …تلك المسكينة لم تأكل حتى الآن الا قليلا …ستمو ت لو استمرت بهذا…ابتسمت نهى فجأة وهي تتذكر ان نسرين تحب الارز باللبن ثم ذهبت إلى المطبخ لكي تحضره لها بهمة ونشاط …
…..
بعد ان انتهت …ولجت الى غرفتها لتجدها جالسة على الفراش تنظر إلى الحائط بشرود …وجهها شاحب قليلا ..وشعرها مربوط بقوة ومرفوع للأعلى بواسطة طوق شعر أزرق يلائم منامتها الزرقاء …كانت لا تبكي. ..لا تظهر أي مشاعر ..فقط مثبته عينيها على الحائط وشاردة بعمق …اقتربت منها نهى وجلست بجوارها قائلة :
-نسرين بنتي ..
ازاحت نسرين عينيها من الحائط ونظرت لنهى بنظرات فارغة …وقالت وهي تعطيها ابتسامة شاحبة :
-نعم يا خالتو …
تأ لم قلب نهى عليها وقالت:
-يا بنتي أنت مأكلتيش حاجة من أول ما جيتي هنا وحده مينفعش أنا عملتلك رز باللبن اللي أنتِ بتحبيه وحطيتلك عليه زبيب وجوز هند عشان خاطري كليه ومتزعلنيش منك …
كادت نسرين ان ترفض ولكن نظرات خالتها الحزينة منعتها فوجدت نفسها تهز رأسها وتقول :
-ماشي يا خالتو قايمة معاكي …
ثم نهضت من الفراش مرة واحدة وشعرت بالدوران بسبب إضرابها عن الطعام وعدم تناوله الا نادرا …
-نسرين أنتِ كويسة !!!
قالتها نهى بفزع وهي تمسك كف نسرين التي مالت عليها قليلا …
وقفت نسرين على قدمها وهي تثبت قدمها على الأرض جيدا …لم تكن تريد أن تقلقها اكثر من هذا وقالت وهي تشد على كفها :
-انا كويسة يا خالتو متقلقيش عليا …
ولكن نهى امسكتها من خصرها وقالت:
-انا هسندك.يالا….
ثم أخرجتها ببطء إلى الصالة …جعلتها تجلس على الطاولة ثم اعطتها طبق الأرز الكبير …نظرت إليه نسرين وعينيها ملبدة بالدموع ونظرت الى نهى وقالت بنبرة باكية ؛
-انا اسفة …اسفة …
-بتعتذري ليه ؟!
تساءلت نهى بحيرة لترد نسرين :
-أسفة اني كنت بعاملك بطريقة و حشة …اسفة لاني كنت بغير منك دايما…
قاطعتها نهى وهي تضمها وتقبلها على رأسها وتقول :
-الام مبتزعلش من عيالها يا نسرين …أنا عمري ما زعلت منك .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
كانت نسرين تتناول طعام إفطارها بينما نهى تبتسم بسعادة …أخيرا قررت ان تخرج من غرفتها وتتصرف بطبيعتها ..حتى انها أخبرتها انها سوف تذهب الى الجامعة في الغد واتصلت بليان …حالتها الآن افضل من البارحة بكثير …
-شكرا أنك عملتي رز باللبن مرة تانية عشاني. .
قالتها نسرين بلطف …ابتسمت نهى وأمسكت كفها وهي تقول بإبتسامة حلوة :
-بالهنا على قلبك يا حبيبتي …ايوة كده افرحي وابتسمي …الحياة مش مستاهلة حرقة الدم دي كلها …
احتشدت الدموع فجأة في عيني نسرين لتقول نهى بسرعة:
-لا لا يا حبيبتي متعيطيش تاني والا والله أعيط معاكي …
ابتسمت نسرين من بين دموعها لتلمس نهى خدها وتقول :
-أيوة كده أضحكي …شكلك حلو أووي لما بتضحكي يا نسرين …أضحكي دايما …ضحكتك حلوة أووي …من النهاردة ممنوع تبكي مفهوم ؟!
ابتسمت نسرين وهزت رأسها ليرتفع رنين جرس الباب فجأة…نهضت نهى واتجهت نحو الباب وفتحته لتجده فؤاد …
-صباح الورد عليكم …
قالها فؤاد مبتسما وهو يلج للمنزل ممسكا دُب زهري كبير نسبياً …
أغلقت والدته الباب وهي مبتسمة بحيرة وقالت:
-ايه ده يا بني؟!
نظر فؤاد الى نسرين التي وقفت وهي تنظر إليه بخجل نوعاً ما وقال:
-دي منار يبقى صاحبة نسرين الجديد …
ثم أقترب فؤاد من نسرين وقال وهو يقدم لها الدُب :
-ياريت تقبلي الهدية الصغيرة دي مني يا نسرين .
ضحكت نسرين برقة وهي تتناول الدُب الكبير الذي كان في طولها تقريبا …كان دُب زهري اللون بطريقة محببة الى النفس …
-ميرسي ..
قالتها برقة وهي تنظر الى الدُب ..ليرد هو :
-العفو يا ست الكل ….
ثم أكمل وهو ينظر الى طاولة الطعام وقال:
-الله رز باللبن ..ايه الدلع ده بس …
اخذ الدُب مرة آخرى من نسرين ثم وضعه على الأريكة وجذب نسرين وقال:
-على فكرة أمي اكتر واحدة تعمل رز باللبن يجنن ..تعالي كلي..
-أنا أكلت…
هتفت بإعتراض وهي تحاول جذب كفها الا انه قال بتسلية :
-تأكلي تاني …
ثم جعلها تجلس على المقعد الخشبي وناولها الطبق وقال :
-أتفضلي يا ست البنات ..واعملي حسابك بعد الفطار تجهزي …أنا عاملك خروجة رايقة…
ثم نظر الى والدته وقال:
-وانتِ كمان يا ماما هتيجي.معانا …
هزت نهى رأسها وقالت:
-لا يا ابني أنا مش قادرة بجد …خد نسرين وخرجها…
………….
-ملاهي …بجد !!
قالتها نسرين وهي تنظر الى مدينة الألعاب امامها…
شدها فؤاد نحو الداخل وقال:
-أيوة ملاهي يا ست البنات ..
أتجه بها أولا الى منزل الر عب …
وقفت نسرين مبتسمة بينما يحجز فؤاد التذاكر …قرر أن يجعل اليوم مميزاً بالنسبة لها …قرر ان يُنسيها كل ما عاشته مع والدها …
وقف بجانبها وقال مبتسما حتى بانت غمازاته الساحرة …بينما عينيه تفيض بالشقاوة:
-هندخل الأول بيت الرعب …بتخافي من العفا ريت ولا حاجة …
هزت رأسها وقالت:
-لا مبخافش ..
-جميل …
قالها مبتسما وهو يجعلها تتقدمه ليستقلا المركبة المزدوجة …
……
أصوات مفز عة تنطلق من كل مكان …وجوه مُر عبة تخرج من الحوائط …كان نسرين ترى هذا وتضحك على شكل فؤاد الذي بدا عليه التوتر لدرجة انه عندما خرج شكل مهرج من الحائط اطلق صرخة صغيرة لتضحك هي أكثر عليه …
….
بعد ان خرجا كان وجه فؤاد أحمر قليلا من الإنفعال بينما كانت نسرين تضحك بالفعل من قلبها ..نظر فؤاد إليها وقال بغيظ:
-شكلك فرحانة فيا !!
هزت رأسها موافقة وقالت:
-بصراحة كده آه
نظر فؤاد الى بائع حلوى القطن وقال:
-تحبي تأكلي غزل بنات أجيبلك …
هزت رأسها بسرعة …
….
بعد قليل كانا يأكلان حلوى القطن بهدوء وهنا جالسان على المقعد الخشبي …
-آخر مرة مردتيش عليا .
قالها فؤاد فجأة لتنظر إليه نسرين فيكمل :
-قولتلك اني معجب بيكي …
اتسعت عينيها وأحمرت بخجل شديد فنظر إليها وهو يبتسم بلطف ويقول:
-ممكن نقول ان الموضوع تخطى الإعجاب من زمان …
-ده ..
قالها وهو يشير الى قلبه ثم أكمل :
-ده مش عايز يشوف غيرك …الموضوع من زمان يا نسرين …من قبل ما حتى ماما تتجوز باباكي …حاولت انكر ..حاولت اهرب بس أنا دايما كنت سجـ ينك أنتِ …أنا مش بحبك وبس ..أنا بغرق فيكي…في عيونك …
نهضت بإرتباك وهي تبعث بعنف …نهض هو معها لتقول هي :
-بس اسكت…اسكت متتكلمش ..ازاي تفكر في كده …
اطرقت وهي تقول :
-انا مش بحبك …انت زي أخويا !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء
-طيب يا جواهر طمنيني هتعملي ايه ؟!!قوليلي في بالك ايه !!!
قالتها عبير وهي تقضم اظافرها بتوتر بينما تتحدث مع جواهر على الهاتف وهي تذرع صالة المنزل الصغيرة وهي تشد احيانا شعرها بتوتر …
كان امير جالس على الأريكة وهو مثبت عينيه على الأرض …يقاوم بضراوة رغبته أن يستل النظرات اليها …يحا رب نفسه بقوة….لهاث قوي تسرب من شفتيه نتيجة المجهود المضني الذي يبذله …..أنه هو من يدفع ثمن وجودها هنا … يدفعه في المجهود الهائل الذي يبذله لكي لا ينظر إليها …لا يخطئ معها …يريد أن يحافظ عليها حتى تذهب من هنا …
نهض مسرعا وهو ما زال ينظر للأرض وهرع إلى المطبخ …
…
ولج أمير للمطبخ سريعا وهو يلهث ويضع كفه على قلبه …
-البنت دي وجودها هنا خطـ ر !!
قالها بلهاث ثم فتح الثلاجة وأخرج زجاجة المياه وشرب وهو يفكر انه يجب أن يحذر من وجودها معه …لن يأتي للمنزل الا في منتصف الليل …لن يبقى معها في مكان واحد…الأمر ليس فقط انجذابه كرجل نحو أمرأة جميلة ولكنه يشعر أنه بدأ يميل لها …يميل لها بقوة وهذا خطأ …خطأ كبير يجب ألا يرتكبه !!…فهي ليست من عالمه …هي من عالم مختلف تماما وكل ما يجب فعله هو مساعدتها فقط …وان يحافظ عليها سليمة…الا يمسها أبدا والا يقلل من احترامها….عبير يجب أن تظل هنا معززة مكرمة حتي تحل مشكلتها !!…شرب كوب المياة بسرعة وهو يهدأ من قلبه الذي يدوي بعنـ ف داخل صدره. …
……….
-اهدي يا بيري ..متخافيش عليا أنا مش هيحصلي حاجة متقلقيش …أنا ماشية على خطة معينة …ومتقلقيش إن شاء الله هتنجح اووي ..بس ادعيلي …
قالتها جواهر وهي تشرب سيجارتها وعينيها تلمع بطريقة غريبة …
من الناحية الآخرى كانت عبير تمسك الهاتف وتقول بتوجس :
-يعني هتعملي يا جواهر…طمنيني بدأت اخاف والله …
ضحكت جواهر وقالت :
-متخافيش يا بيري …صدقيني هما اللي لازم يخافوا من اللي هعمله فيهم…
-ناوية على ايه حابة أفهم ؟!
ضحكت جواهر وقالت:
-ناوية انفذ خطة ابوكي …اكسب ثقة عدي رشيد عشان الشيكات…
توترت عبير وقالت:
-بس يا جواهر كده هتتورطي معاه …أنتِ بتقولي مش سهل …صدقيني الحل الأمثل أنه نقوله الحقيقة …
-لا يا بيري مش ده الحل الأنسب …الحل الأنسب اني اخليه يثق فيا عشان اخد الشيكات وبعدين هساوم ابوكي أنه يطلقني منه وهما يتصرفوا مع بعض …
-انا خايفة عليكي يا جواهر …
ابتسمت جواهر بتأثر وقالت؛
-متخافيش عليا …صاحبتك مبتوقعش بسهولة …
…
أفلتت من بين شفتي عبير ضحكة رقيقة جعلت أمير يتجمد مكانه وهو ينظر إليها مبتسما وقد خسر معركته …خسر ضميره وربحت اهواءه …سيطرت رغبته عليه وهو يتأمل ملامحها الرائعة!!…ضحكتها التي تشع من وجهها وغمازاتها الساحرة …كيف يمكنها أن تكون جميلة بذلك القدر…كيف لأحد أن يمتلك هذا الجمال الآخاذ…كانت عينيه الذهبية تلمع بقوة رهيبة ..ويده تحتر ق للمسها …هذا خطـ.أ …محر م …شئ خسـ يس ليفعله ولكنه لا يستطيع السيطرة على نفسه …هو محق …وجودها هنا خطيـ ر للغاية على قلبه …
بصعوبة ثبت عينيه على الأرض واتجه خارجا من المنزل …تركت عبير الهاتف فجأة وقالت بخفوت :
-رايح فين يا أمير …
-طالع اقعد علي السطح شوية …
ثم فتح الباب وخرج …تنهدت عبير بعمق ..كانت حائرة … لماذا يبتعد عنها بتلك الطريقة الغريبة …هو حتى نادرا ما ينظر الى عينيها …ينظر أرضا دوما…لقد افتقدت كونها نوح لان أمير وقتها كان قريب منها …يتحدث معها …
تنهدت مرة آخري ولكن بحزن وأكملت حديثها مع جواهر
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تجلس مطرقة رأسها وهي تفرك كفيها…تقابل هذا العريس الذي أتى ليتقدم لها …رجل بسيط من حارتها ولكنه مرتاح ماديا نوعاً ما ..لديه ورشة نجارة وهو في منتصف الثلاثين من عمره …ابتلعت رانيا ريقها وهي تشعر بقلبها يدوي في صدرها وتتساءل هل فعلت الشئ الصحيح …ولكنها نهرت نفسها بسرعة وهي تفكر ان هذا هو الشئ الصحيح بكل تأكيد …من تنتظر ؟!هل تنتظر يحيى الذي خطب ليان رشيد وسيتزوج منها قريباً …هي لن تكون له ..لن تدخل حياته الا بشكل واحد فقط ان تكون عشيقته او زوجة بالسر وهي أبداً لن تقبل هذا لنفسها …ستتحكم في قلبها ولن تجعل قلبها هو من يقودها…لقد فعلتها مرة واعترفت بحبها له ولم تسبب لنفسها الا الإحراج …بالإضافة الى انه حتي لو احبها وهذا مستحيل بالطبع والدته لن تتركها وشأنها …ما زالت تتذكر اها نتها لها …ولولا تدخل السيدة عبير كانت قد استمرت في وصلة اها ناتها التي لا تنتهي ..
-سرحانة في أيه ؟!
قالها سامي بنبرة لطيفة نوعا ما وهو ينظر إليه …رفعت عينيها البنية إليه ثم اخفضتهما مرة آخري وهزت رأسها وهي تقول :
-مفيش …لو حضرتك حابب تسألني او تتكلم أتفضل ..
-طيب وأنتِ مش عايزة تسألني ؟!
-بعد ما حضرتك تتكلم …
ابتسم سامي وقال:
-بصي يا ستي ..أنا سامي رياض…دبلوم تجارة وعندي ورشة وارثها عن ابويا أنا اللي كبرتها وعملتها …معايا شقة ملكي برا الحارة دي لو حابة تعيشي فيها او تعيشي في بيت العيلة اللي في الحارة هنا ..ده حاجة ترجعلك يعني. ..الحمدلله اموري تمام وحالتي مرتاحة شوية …كنت بشوفك من زمان في الحارة وحبيت ادبك وأخلاقك وانك متحملة مسؤولية والدتك ومش بتمدي ايديكي لحد ولقيت اني مش هلاقي زيك …
فركت كفيها بتوتر شديد ليكمل هو :
-بس فيه حاجة حابب اقولها …أنا مش عايزك تشتغلي بعد جوازنا …وان كان على أمك انت هخصصلها مبلغ شهري….
صمت قليلا ثم أكمل ..
-حابة تسأليني عن حاجة …يالا ..
هزت رأسها بالنفي وهي مثبتة عينيها على الأرض …فأكمل هو :
-لا لازم تسألي ده حقك …اتكلمي يا أنسة رانيا وقوليلي عايزة حياتنا تمشي ازاي …لازم اعرف احنا شبه بعض ولا لا….
-بتصلي ؟!
سألته بإيجاز فرد مبتسما:
-ايوة الحمدلله ربنا يديم علينا نعمة الصلاة ونعمة الإسلام …
-هتخليني أزور أمي واخدمها …مش هتمنعني يوم عنها حتى لو كان بيننا مشاكل…
هز رأسه وقال:
-مستحيل امنعك عن والدتك …مش هشيل ذ نب قطـ ع صلة الرحم .
ابتسمت رانيا براحة وأكملت بتردد:
-طيب انا حابة اكمل دراستي …يعني أنا سيبت المدرسة في الاعدادية وحابة ارجع أكمل ..
ابتسمت بحماس وأكملت:
-حابة ادخل معهد التمريض وبعدين اكمل كلية
أختفت الإبتسامة عن وجهه وقال بجدية :
-ليه ؟!
-ايه هو اللي ليه ؟!
-ليه حابه تتبهدلي أنا هصرف عليكي مفيش داعي تدخلي معهد وبعدين كلية وبعدين تشتغلي …يعني الموضوع ملهوش لازم يا آنسة رانيا .. أنا الحمدلله قادر افتح بيت وأصرف عليكي ومش هخليكي تحتاجي حاجة. ..
ابتلعت ريقها وقالت:
-عشان انا حابة كده …حابة أفرح بنفسي ..
-آه الكلام الفاضي اللي بنشوفه على الفيس …شوفي يا آنسة رانيا مش هزوق في الكلام …أنا هصرف عليكي بما يرضي الله وهخليكي تزوري اهلك وليكي شقة منفصلة او لو حابة تسكني في بيت عيلة وبرضه مش هخليكي تخدمي أهلي يعني متقلقيش ده مش واجب عليكي ….وهديكي الآمان وههتم بيكي ..لكن معلش موضوع تعليمك ده أنا مش موافق عليه من دلوقتي …أنا مقدرش اشوف مراتي اعلي مني …مش غرور ولا حقـ د بس ده هيضايقني غير كده هتهـ ملي بيتك عشان الدراسة اللي أنتِ اصلا مش هتشتغلي بيها فأنتِ قرري الاستقرار والجواز غير ان والدتك هتبقى مبسوطة وهخصصلها راتب قصاد دراستك اللي عايزة تكمليها…ده هيكون اختيارك !!!
…………
في مكتبه ..
كان يجلس وهو يتأمل صورة ما …صورة له هو وفتاة سمراء رائعة الجمال ….فتاة عشقها يوما أكثر من الحياة…كارمن ..كارمن كانت يوما كل حياته …ولكنها خا نته …طعـ نته في صدره …وهو لا يسامح من يخو نه …لا يسامح من يكذ ب عليه …ورغم انه عشقها حد الجـ نون الا انه اخرجها من حياته دون تردد ورغم توسلاتها…رغم ندمها وعشقها الذي يفيض من عينيها الا انه لم يسامح …تلك هي طبيعته لا يمكن تغييرها ..هو لا يمتلك صفة التسامح …لا يمتلك قلب متسامح …ولا يمكنه أن يغير من طبعه او صفاته الآن …
اخرج قداحته الفضية واشعل النيران بالصورة ثم وضعها في المنفضة الكريستالية امامه وهو ينظر الى الصورة وهي تحتر ق بنظرات قاتمة للغاية …لقد انها.ها للتو من حياته باكملها …لن يفكر بها مرة آخري …لن ينبض قلبه لأجلها مرة آخري…هو يستطيع ذلك وسيفعل …
تنهد وهو يخرج عبوة سجائره ليدخن ….
بينما كان يمسك سيجارته ويدخنها …لا يعلم لماذا اقتحمت عبير فجأة عقله…دون سابق انذار …ابتسامة تشكلت على شفتيه وهو يتذكر جدالهما الذي لا ينتهي ….
……..
وقفت امام المرآة ونظرت الى نفسها نظرة آخيرة …فستانها الأسود المكسو بأزهار صغيرة بيضاء بدا رائع للغاية عليها …حقا بدت في تلك اللحظة جميلة للغاية …تركت شعرها منسدلا ولم تضع الا أحمر شفاه فاتح…
-انا حاسة اني بغر ي الراجل ….
قالتها جواهر بحنق …ثم أغمضت عينيها وهي تتنفس بعمق وتقول :
-ركزي يا جواهر لازم تكسبه ثقته وتعرفيه أنك واثقة فيه …لازم تعملي كده عشان تقدري تاخدي الشيكات …
ابتسمت بثقة وقالت:
-هتقدري عليه بإذن الله …كل اللي عليكي تعرفي ايه هي نقاط ضعفه وتحاولي تستغـ ليها والموضوع هيبقى بسيط ….
عدلت من وضع شعرها والقت نظرة آخيرة على شكلها ثم خرجت !!
…..
طرقت الباب ثم دخلت لمكتبه
-ياريتني كُنت افتكرت مليون جنيه!!!
قالها عدي بسخرية فقالت ضاحكة :
-يعني بتفكر فيا ؟!
صمت وهو جالسا على المقعد …كان يبدو مختلفا الآن …كان يبدو رجلاً حزيناً ….
-كنت حابة اتكلم معاك ..رايق ولا لا ….
-ولو مش رايق اروقلك يا مهلبية …
قالها بهدوء لتبتسم هي وتقترب منه …تقف بجواره وتنظر إليه بعينيه السوداء …تحاصره وهي تحاول القاء سحرها عليه وتقول:
-انا حابة نبدأ من جديد يا عدي …عايزاك تبقي أماني وتحميني من بابا …عايزاك تبقى أقرب ما ليا وعايزة أكون أقرب ما ليك …
كان ما زال ينظر إليها…كان التشويش ظاهراً على وجهه …ليس السخرية او البرود بل كان مشوشاً …لا يريد ان يثق بها …هي ابنة الرجل الذي ساهم بتحـ.طيم قلبه…قد يكون والدها هو من دفعها إليه …كيف يثق بإبنة شريف…كيف يمنحها ثقته الكاملة …لقد فعل هذا مرة وتحـ طم بقوة….هل يكون بهذا الغبا ء مرة آخري …
رفعت جواهر حاجبيها وقالت:
-ايه هو الموضوع محتاج التفكير ده كله يا عدي ؟!واضح.انك اتأذ يت من بابا وانا كمان اتأذ يت منه كتير …يعني احنا الاتنين ضحا ياه …وانا حابة أبقى في حمايتك …
نهض ليشرف عليها من علو …نظراته القاتمة تحاصر نظراتها …لم تظهر جواهر توترها بل كانت تنظر إليه بإبتسامة صافية وقالت وهي تمد كفها:
-نبدأ من جديد …
ظل يفكر للحظات ثم احتوي كفها وقال :
-بس خلي بالك أنا مبسامحش الخا ين ولا الكد اب يا بيري…مش هسامحك ابدا لو خو نتيني !!
ولكن جواهر كانت قد.حسمت أمرها …إن كان الكذ.ب او الخد اع سيخرجانها من هذا الجـ حيم فلا بأس لتكون مخاد عة !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-صورتها أهي …
قالها الرجل المسن وهو يعطيه صورة ليان وقال:
-بعد ما تقـ تلها هتأخد باقي حقك …هي ليها بودي جارد ..اقتـ له هو الأول واقتـ لها بعديه!!!مش عايز أي غلط يا جلال ..متبقاش غبـ ي زي عوض ..
ابتسم جلال وهو ينظر لصورة الفتاة وقال :
-قريب أووي هتسمع خبرها !!
يتبع….
هل أُحدثك عن شعور الغيرة ؟انه لعنة كلعنة عشقك تماماً …واللعنتان أنا مُصاب بهما.
سولييه نصار
-يعني ايه عايزة ترفضيه…يعني ايه يا رانيا ؟!!
صرخت رابحة بوجهها وهي تشعر بنير ان الغضب تتصاعد داخلها…لابد ان ابنتها قد فقدت عقلها تماما …أين ستجد فرصة مثل هذة!!!
ربعت رانيا ذراعيها وهي تقول :
-ايوة رفضته يا أما …أنا مش قليلة عشان أقبل بأي حد …رفضته لان دي حياتي وانا حرة اختار اللي يريحني مش اللي يطلب مني تنازلات من أول مرة يشوفني فيها !!!
رفعت والدتها حاجبيها وقالت بتوجس :
-تنازلات ايه يا بت اللي طلبها منك ….سامي راجل كويس ومحترم ملوش في الحوارات دي .
هزت رانيا رأسها وقالت:
-مش اللي في بالك يا أما …هو انسان محترم فعلا مقدرش انكر ولا أقول غير كده …مش هفتري عليه بس يا أما ده مش عايزني اكمل تعليمي …وانا عايزة اتعلم …عايزة يبقالي قيمة يا أما … عايزة أعرف ده وده وادخل الكلية …ابويا الله يرحمه كان نفسه في كده برضه
لطمت رابحة على وجهها وصرخت بها قائلة:
-تعليم ايه يا موكوسة …أنتِ عبيـ طة يا بت …عبيـ.طة ولا بتستهبلي يا روح أمك …تعليم ايه ده اللي عايزة تتعلميه …وقيمة ايه اللي بتتكلمي عليها …يا بت قيمة الست انها تعملها بيت وتجيب عيال ويبقالها راجل …مش الكلام الفاضي بتاعك اللي اتعلمتيه من الدكتور اللي هتمو تي عليه!!
نظرت الى والدتها بضيق وقالت وهي ترفع وجهها :
-لا يا أما …أنا متعلمتش الكلام ده من دكتور يحيى …أنا اتعلمته من ابويا الله يرحمه …هو دايما كان يقولي العلام نور …وهو بيدي قيمة لصاحبه …وحلم ابويا كان انه يدخلني الجامعة …كان عايز يفتخر بيا وانا هحققله الحلم ده…
تراجع غضب رابحة منها ونظرت إليها وقالت :
-ومين هيصرف علينا بس يا بنتي …هنشحت يا رانيا …
هزت رانيا رأسها بقوة وقالت:
-مستحيل يا أما …مادام أنا عايشة مش هنمد ايدينا لمخلوق خلقه ربنا …أنا هشتغل وأدرس ….هعمل المستحيل عشان منحتاجش لحد ..متقلقيش يا أما
رغم خوف رابحة من المستقبل الا انها اختارت الوثوق بإبنتها للمرة الأولى…تعترف انها ليست الأم المثالية لها …نعم هي لديها أخطاء ولكن الله وحده يعلم انها تحب أبنتها الوحيدة وتعتز بها كثيرا
تنهدت والدتها وسألت بإستياء :
-وأنتِ ناوية تدرسي أيه يا حيلتها…ها.اتكلمي …
ابتسمت رانيا بحماس وجلست أسفل قدميها وهي تضع رأسها عليهما ثم قالت وهي شاردة بحالمية :
-هدرس التمريض …نفسي ادخل.كلية التمريض …أنا بكرة هروح لصاحبتي منار ..دي اللي كانت معايا في اعدادي ..احنا لسه بنود بعض يعني وهي ممكن تسألني …تعرفي يا أما دي دخلت تمريض وبتقول عليه ان مجاله حلو أووي …مش بيقولوا ان الممرضين ملائكة الرحمة …
نظرت إليها والدتها وقالت بخبث :
-عايزة تدخلي تمريض عشان صاحبتك برضه ولا عشان الدكتور يحيى لسه مأثر عليكي …
رفعت رانيا رأسها ونظرت لوالدتها وقالت بتأفف:
-يووه يا أما …قولتلك أنا خلاص بطلت أفكر في الموضوع ده …أنا عايزة اشوف حياتي…من النهاردة ههتم بمستقبلي .
………..
تسطحت على فراشها الأرضي والابتسامة تضئ وجهها ….كانت تشعر بالراحة والرضا والسعادة …قد تكون المرة الاولى التي تشعر فيه بتلك السعادة …لان لأول مرة قالت لأ بقوة …لأول مرة لم تختار التنازل عن أحلامها …هي قررت ان تلاحق احلامها اما الزواج فهو نصيب من رب العالمين ..تثق أن الله سبحانه اختار لها الشخص المناسب وهي لن تخاف الآن مادام المستقبل بيد الله ….
أغمضت عينيها وهي تنام وتحلم بمستقبل مشرق أمامها …لم يمنعها فقرها ان تحلم …بل كان دافع لديها …دافع ان تُغير من حياتهما بأكملها وأن تُحسن من وضعهما المالي…هي لا تريد لوالدتها ان تتذمر منها بعد الآن ..
ذهبت إلى النوم وهي سعيدة كطفلة حصلت على لعبتها المفضلة ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
متى استيقظت ؟!لا تعرف بالضبط …هي حتى تشك انها لم تنام أبدا …كلام فؤاد ما زال يدوى في عقلها …لقد اعترف بها بصراحة انه عشقها مُنذ زمن ….وهذا جعلها ترتبك وتتشوش أكثر …فحياتها بها العديد من المشا كل وهي لا تريد مشـ كلة آخرى…فهي ما زالت تحب يوسف ولا تريد الدخول في هؤلاء مثلث العشق هذا …
تنهدت نسرين وهي تمسك هاتفها …وجدت مكالمة فائتة من ليان …تنهدت مبتسمة وهي تفكر ان ليان هي أفضل شئ حدث في حياتها …صداقتها بها بمثابة المسكن من كل تلك الآ لام التي تعانيها بحياتها …
اتصلت بها و صعت الهاتف على اذنها وهي تتنهد بعمق …
-نسرين …
قالتها ليان بلهفة ثم أكملت :
-أخبارك ايه ؟!
تنهدت نسرين وردت ؛
-تايهة وحزينة ..وأنتِ …
ابتسمت ليان بحزن وقالت:
-زيك يا نسرين …نفس حالك ….
كتمت نسرين دموعها بقوة وقالت:
-لي لي عايزة أقابلك …عايزة اتكلم معاكي …وحشتيني اووي …اووي محتاجاكي …
اطرقت ليان قائلة:
-أسفة يا نسرين قصرت معاكي اسفة …
-مش مهم …متعتذريش…مفيش بيننا أسف …بس أنا عايزة أقابلك ممكن …عايزة أقابلك يا لي لي …
دعكت ليان عينيها وقالت:
-النهاردة مش علينا محاضرات بس انارايحة فرح صاحب يحيى..أي رأيك نتقابل بكرة بالليل في الكافية بتاعنا …
هزت نسرين رأسها وقالت:
-ماشي يا حبيبتي…نتقابل بكرة
ثم أغلقت الهاتف بإرتياح وهي تنهض وتنشط نفسها …قررت ان تستحم أولا …أخرجت ثيابها وخرجت من الغرفة …
-صباح الخير يا حبيبتي ..
قالتها نهى بود وهي ترى نسرين تخرج من غرفتها …ابتسمت نسرين وقالت:
-صباح الخير يا خالتو…
-يالا يا روحي استحمي عشان نفطر سوا…
هزت رأسها وأسرعت الى الحمام…
…….
بعد ثلث ساعة كانت تقف امام المرآة تمشط شعرها الذهبي عندما رن هاتفها لتجده يوسف …أغمضت عينيها بتعب وفتحت الهاتف قائلة :
-نعم يا يوسف …
-نسرين…نسرين أنا محتاجك …
كان صوت يوسف مختنقا بدا وكأنه يبكي !!!
-يوسف فيه ايه ؟!.
قالتها نسرين بفزع ليردد يوسف انه يريدها …وهكذا نست ما فعله آخر مرة وأخذت ثياب لتخرج بها ثم اتجهت خارجا وهي تخبر نهى ان ليان تريد أن تراها ضروري …
………..
في منزل يوسف …
-مينفعش كل شوية تجيبني بالطريقة دي عندك يا يوسف …أنا تعبت ….
-نسرين متسبنيش …
قالها والدموع تنساب من عينيه تأ لم قلبها وقالت:
-مبقاش ينفع يا يوسف …
اقترب منها
-حتى أنتِ هتسيبني يا نسرين ؟
قالها بنبرة مختنقة وهو يتمسك بكفها …كاد يُصاب بالجنو ن وهي تنسل من بين يديه بتلك الطريقة …..
تدفقت الدموع من عينيها وشفتيها ترتعشان بقوة وتقول:
-لو سمحت ..لو سمحت خليني أمشي يا يوسف وربنا يوفقك مع غيري …
ولكنه شدها إليها وهو يضع جبينه على جبينها ويقول:
-وانا مش عايز غيرك ..مش عايز …أنا عايزك أنتِ …بحبك أنتِ …
أرادت ان تبتعد ولكنه أمسكها جيداً…هو يحتاجها كالهواء …لقد أصلحت قلبه المعطو ب ولن يسمح لها أن تبتعد عنه …
-خلينا نبدأ من جديد يا نسرين …أنا وانتِ ..خلينا نتجوز ونبعد عن الكل …هبعدك عن أبوكي اللي بيأذ يكي…
دفعته عنها وهي تمسح دموعها وتقول :
-وأنت كمان اذ يتني يا يوسف …أنت زي بابا …أنتوا الاتنين اذ يتوني …
هز رأسه بصدمة وقال وهو يشير الى نفسه:
-أنا أمانك .!!!
هزت رأسها وقالت ودموعها تحتشد بعينيها:
-فقدت الأمان معاك من وقت ما حاولت تعتد ي عليا …فبدل ما تكون الأمان ليا زرعت جوايا عدم الثقة …وأنا دلوقتي خايفة منك يا يوسف …سيبني يا يوسف …سيبني عشان مبقاش ينفع نبقى سوا ..معنديش حاجة اقدمها ليك ولا أقدمها لغيرك …كل اللي عايزاه اني أمو ت عشان بابا يرتاح مني وأنت كمان ترتاح وانا ارتاح …يمكن مو تي هو الحل
ابتعدت عنها ودموعها تنفجر من عينيها… كانت هو دموعه أيضاً تُغرق عينيه…هل تلك هي نهاية علاقتهما …لا …مستحيل لن يسمح بهذا أبداً!!!
……..
كانت تسير في الشارع وهي شاردة …تضع كفيها في في بنطالها المصنوع من الجينز تشعر بقبضة باردة تعتصر قلبها …لقد انهت كل شئ معه …لقد كـ سرته وكـ سرت قلبها ….
-نسرين ..بتعملي ايه هنا ؟!
قالها أحدهما وهو يمسك ذراعها لتلتفت وتجده فؤاد …ازدادت وتيرة نبضات قلبها وهي تنظر إليه …اطرقت برأسها بتوتر وقد شعرت بالحرارة تتصاعد داخله …أرادت الهروب من امامه ولكن ردد مرة ثانية:
-بتعملي ايه هنا ؟!
قالت بإرتباك :
-كنت هقابل ليان في الكافية بس مقدرتش تيجي فقولت أتمشى لحد البيت ..
ابتسم وقال:
-ودي تيجي ..تعالي أنا هوصلك …
-لا لا ..أنا ..
ولكن أمسك ذراعها بلطف وقال؛
-يالا يا نسرين مش هسيبك هنا ..
تضرج وجهها بحمرة الخجل وذهبت بطاعة خلفه …
فتح لها باب سيارته وهو يمنحها ابتسامة ساحرة لتدخل هي ..
…..
اثناء قيادته كان تختلس النظرات إليه بينما تشعر بقلبها سوف ينفـ جر …..كان هو واعي لنظراتها ولكنه لم يفعل أي شئ غير الأبتسام….
…
أخيرا وصلا الي البناية وقبل ان تترجل من السيارة قال؛
-ايه رأيك نتعشى مع بعض النهاردة …أنا وأنتِ وماما وتغيري جو …
نظرت إليه بإرتباك وقالت:
-فؤاد.مينفعش …
-ليه مينفعش ؟!عشان رفضتيني يعني ؟!…
ارتبكت أكثر فقال :
-تسمعي عن ال Unconditional love…الحب غير المشروط …ده اللي بحسه ناحيتك …أنا بحبك بس مش مستني منك أي حاجة …كل اللي عايزه تبقي كويسة وتفرحي …هو ده اللي أنا عايزة …فأفرحي يا نسرين ومتفكريش في حاجة تاني .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء ..
الغيرة لعـ نة …مر ض ..اسو.أ شعور قد يحسه رجلاً عاشق بجنو ن مثله هو الغيرة من رجل امتلك ما كان يعتبر له من قبل …ضغط على عجلة القيادة بعنـ ف وهو ينظر من مرآة السيارة عليهما…ليان وخطيبها …يجلسان بجانب بعضهما …كان قد اوصلهم بسبب رغبة عدي الى زفاف أحد اصدقاء يحيى وجعل يحيى يترك سيارته بمرآب السيارات بالقصر وهو من تحمل مسؤولية نقلهما وكم كان صعب عليه ان ينظر اليهما …بدا متناسبان تماما هي فتاة جميلة مثقفة وثرية وهو طبيب وسيم وناجح لا يعاني من ماضي مظلم او مستقبل مجهول…رجل مناسب لها تماما …ولكنه لا يحبها…لا يحبها ابدا …فليس هناك رجلاً يعشق امرأة يشيح بوجهه عنها وينظر الى النافذة …لو كان هو محل يحيى كان سيتاملها حتى المو ت ….
تنهد ودخل بالسيارة القصر ليخرج يحيى ويفتح الباب لليان وبتحدث معها قليلا ..
ضغط على كفيه بقوة وهو يراها تتحدث معه بكل أريحية …تضحك برقة وعينيها تلمع …أطرق بوجهه وهو يضغط على اسنانه بقوة …ثم رفعها مرة آخرى وتصاعدت النير ان بعينيه وهو يراه يقترب من وجنتها ويقبلها بلطف ….اشتعلت النيرا.ن بقلبه …اراد ان يذهب ويحـ طم فكه…الشيا طين أخذت تعبث بعقله …واحتاج كامل ارادته كي لا يتهو ر …غادر يحيى ليتنفس هو براحة لانه غادر قبل ان يحطـ م فكه ..
تنهدت ليان وهي تستدير عائدة الى القصر متجاهلة تماما النير ان التي تشتعل بعيني موسى ..
توقف موسى امامها يسد طريقها فقالت بنبرة جليدية :
-أبعد …متنساش نفسك !
تأملها لبرهة …النير ان داخله لا تهدأ …ود ضر.بها …قتـ لها…تقبيلها …افكار عنيـ فة كانت تها.جم.عقله ولكن بدلا من ذلك ابتعد وتركها تتجاوزه …
وبعد ان ذهبت بفترة ذهب هو الى غرفته …نظر الى انعكاسه فى المرآة ثم حـ طم المرآة بكفه واصبحت الد ماء تنفـ جر من يده !!! عشقها لعـ.نة ..والغيرة عليها أيضا …هي أمرأة أحاطته باللعـ نات من كل جانب !!!
…….
ولجت لغرفتها وهي تبكي بعنـ ف …لا تصدق انها فعلت هذا بيحيى …لقد استـ غلته ..نعم لن تنكر الأمر تقربت منه لتثير غيرة موسى …وكم شعرت بالقر ف من نفسها ….نظرت الى المرآة ورأت كم هي مقر فة مستـ غلة…استـ غلت رجل لتثير غيرة آخر وكم أعجبها الأمر ..ولكن لا …هي لن تكمل هذا الآمر…ان تظ لم يحيى اكثر من هذا …هي ستفسخ الخُطبة !!!ستكلم يحيى غداً!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-كده خلصنا مذاكرة …تقدري دلوقتي تروحي وتأخدي راحة شوية وممكن لو قادرة نذاكر مادة تاني …
قالتها ورد وهي تقرص وجنتها برفق …
ابتسمت ياسمين وهي تنهض بحماس لتدخل كتبها في الغرفة وتخرج الدمى الخاصة بها لتلعب…
ابتسمت ورد وهي تنهض وتلملم بعض الاشياء المبعثرة بصالة المنزل من أكواب قهوة وأطباق الوجبات الخفيفة التي احضرتها لياسمين…أخذتها للمطبخ مباشرة ثم بدأت بتنظيفها …كانت منهمكة بالتنظيف فلم تشعر بذلك الذي يتأملها وهو يستند على الحائط بينما عينيه الخضراء تمر عليها في تقييم عاطفي …
ابتسم وتركزت نظراته على فستانها البيتي الأزرق القصير…هى نفذت ما يقوله ..أرتدت الفستان الأزرق الذي يحبه …تركزت عينيه علي ساقيها وابتسم وهو يتأملها بعمق ….
استدارت ورد فجأة
-آه !!
أطلقت ورد صرخة فز عة وهي تجده واقف يراقبها رفعت ورد حاجبيها وقالت بغضب :
-ياسين أنت كنت بتبص عليا …
-أيوة …
قالها بتسلية وهو يقترب منها ثم يجذبها إليه ويطبع قبلة على رأسها …ابتسمت وهي تتمسك بكتفيه وتقول :
-أمتي جيت ؟!
-من ثواني كده….
ابتعد قليلا وقال وهو يمسك كفها؛
-يالا تعالي حابب اقولكم حاجة …
-طيب استني اغسل الكام طبق دوول …
هز.رأسه وقال:
-مش لازم يا حبيبي نتكلم الأول وبعدين اغسلي براحتك …
هزت ورد رأسها وذهبت خلفه …
…….
-ياسمين …تعالي هنا ..
فعلها ياسين وهو يجلس على الأريكة ويجذب ورد لكي تجلس معه …ابتعدت ورد قليلا بعد ان كانت ملتصقة به …نظر إليها بتذمر ولكنها قالت بهمس:
-بنتك موجودة هنا عيب …
ابتسم وهو ينظر إلى ابنته التي اتت وجلست بجواره على الأريكة …
-مستعدين تسمعوا الخبر السعيد ؟!
نظرت إليه ورد بترقب ليقول وهو يخرج مفتاح من جيبه ويقول :
-مفاجأة …
-ايه ده؟!
قالتها ورد بحيرة وهي تنظر للمفتاح الذي بيد زوجها …
ابتسم ياسين وهو يضم ياسمين إليه ويقول :
-ده شاليه اشتريته في الساحل الشمالي فكرت بعد امتحانات ياسمين نروح نصيف هناك …
صرخت ياسمين بحماس وهي تقبل وجنة والدها وتقول :
-شكرا .. شكرا…شكرا يا بابي ..
ابتسمت ورد ليكمل ياسين وهو ينظر إليها ويقول :
-نعتبر ده شهر عسل لينا يا ورد … ابسطي يا ستي هفسحك …
ضحكت ورد واقتربت منه وهي تقول:
-ربنا يخليك لينا يارب …
-ويخليكي ليا يا روحي …
ثم شدها إليه وضمها وهو يقبل رأسها ..
-ياسين بنتك هنا.
قالتها بخجل ولكنه لم يهتم بل ضم ابنته بيده الاخرى وهو يفكر انه سعيد …سعيد للغاية الآن …فها هي عائلته الصغيرة التي تمناها دائما معه وهو سوف يحمي عائلته دوما ويحافظ عليها..
……..
بعد قليل …
خرج من الحمام وهو يمسك المنشفة وولج للغرفة كانت ورد تفرش السرير له وعندما رأته اقتربت منه وهي تمسك المنشفة وتجفف شعره. ..كان في عينيها سؤال ولكنها ترددت في أن تقوله ….
-اتكلمي يا ورد ..فيه ايه ؟!
نظرت إليه بصدمة وقالت:
-أنا ..أنا مش عايزة اقولك حاجة …
ضحك ياسين وقال:
-حبيبة قلبي أنا مهندس …يعني معدل ذكائي عالي اووي …فأكيد هفهم لما تكوني عايزة تقولي حاجة …فقولي عايزة ايه ؟!
ابتلعت ريقها وقالت:
-.جوري ..لما روحتلها هي كانت عايزة ايه ؟!
امسك المنشفة من يدها ووضعها جانبا وهو يشدها من خصرها إليه ويضع شفتيه على جبينها قائلا:
-كانت بتحاول تغريني !!
شعر بتيبس جسدها تحت ذراعيه ليقول وهو يقبل جبهتها وأكمل :
-بس اكتشفت ان محدش يقدر يغريني غيرك أنتِ محدش ليه سيطرة عليا غيرك يا ورد …مهما حاولت انكر واكابر بس في النهاية. خسرت وعرفت أنك العيلة اللي كنا بدور عليها…الحضن الدافي اللي كان نفسي اترمي فيه بعد حضن أمي….
ابتسمت وهي تشعر بقلبها يدوي داخل صدرها…
أغمضت عينيها براحة وهي ترفع كفيها وتضعهما على كتفه وتقول برقة :
-بحبك …
-وأنا كمان
أطلقت ضحكة قصيرة وقالت:
-وأنت كمان ايه ؟!بتحب نفسك عشان مهندس وعيونك خضرا…
ابعدها عنه قليلا وهو يعانق وجهها ويقول :
-لا أنا كمان بحبك …بحبك أوووي يا ورد …
ارتعش جسدها واحتشدت الدموع بعينيها بسرعة رهيبة ثم انسابت ملطخة وجهها…نظر إليها بحيرة وقال:
-بتعيطي ليه دلوقتي …أنا قولت حاجة غلط ؟!
هزت رأسها وقالت :
-دي دموع السعادة …
مسح دموعها برقة وقال:
-انا كمان مش عايزك تبكي من السعادة …أنا عايزك تضحكي…تضحكي وبس …ضحكتك حلوة أووي يا ورد …يالا أضحكي …
ثم بدأ يدغدغها ويقول :
-اضحكي أضحكي …
انفجرت ورد بالضحك وهي تحاول الابتعاد عنه …ولكنه حملها وألقاها على الفراش ثم بدأ يدغدغها بينما هي تضحك وتصرخ …
-ششش بس وطي صوتك ياسمين هتسمع …
قالها ياسين وهو يضحك أيضا ولكن رغم هذا لم يتوقف عما يفعله…ارادها سعيدة وسيراها سعيدة دوما
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-كنت مع خطيبتك صح ؟!
قالتها ليلى بسعادة وهي تراه يلج الى المنزل ليهز يحيى رأسه مبتسما ….فرحت ليلى من قلبها واقتربت منه وقالت:
-مبسوط يا يحيى …مبسوط مع ليان …
صمت يحيى مرتبكا ثم تجاوزها وجلس على الأريكة بتعب وهو يفكر في إجابة سؤال والدته…هل هو سعيد بتلك الخطبة …هل ليان المرأة التي يريد البقاء معها الى آخر يوم في حياته …هل يريدها بالفعل تكون أم لأولاده …يراها كلما أتى من العمل …يرتمي بين ذراعيها وتكون سكنه ويكون هو أمانها…هل بالفعل يريد هذا …
كانت ليلى تنظر الى أبنها بحيرة …كان يبدو غريبا…شارد بعمق …اقتربت منه وجلست بجواره وهي تقول :
-ايه سؤالي صعب للدرجادي يا يحيى لدرجة أنك مش عارف تجاوب عليه ؟!
نظر يحيى الى والدته وقال ؛
-مش عارف …
رفعت حاحبيها وقالت:
-مش عارف ايه يا بني …أنت قلقتني !.
كان ينظر الى والدته …يحاول ايجاد.اجابة لها وله…هذا هو نفس السؤال الذي يدور في عقله…هل هو سعيد؟!.ابتلع ريقه وهو يرد على والدته بحيرة …
-مش عارف انا سعيد ولا لا يا ماما …معرفش إذا كان قرار اني اتجوز ليان صح ولا هندم عليه بعدين …أنا مش حاسس ناحيتها بأي مشاعر ….بحاول أحبها مش قادر …
شحب وجه والدته وقالت بتوتر:
-حب…حب أيه يا بني اللي بتتكلم عليه ده …أنت أساسا مش بتعترف بحاجة اسمها حب ولا مشاعر وشايف دي حاجات بيضحك بيها على المراهقين …مش ده تفكيرك يا يحيى …
-ايوة يا ماما بس قصدي التقبل…أنا مش متقلبها ..
-يحيى …يحيى خليك صريح معايا فيه ايه ؟!أنت بتلمح أنك عايز تسيب ليان …حرام عليك يا يحيى ..هو أنت هتلاقي زي ليان فين؟! …
أغمض يحيى عينيه بتعب وقال:
-أنا عارف ان ليان مفيش احسن منها …بنت جميلة ومثقفة ولطيفة بس بقولك مش حاسس بأي حاجة من ناحيتها يا ماما …أنا معرفش ايه اللي حصلي . حتي إني بطلت أنبهر بجمالها ..
ضغطت والدته على اسنانها وقالت:
-في حد تاني في حياتك يا يحيى …بتحب حد تاني؟!
ارتبك وهو ينظر لوالدته وقال بسرعة :
-لا مفيش طبعا يا ماما …مفيش حد خالص …
ابتسمت والدته وهي تمسك كفه وتقول بلطف وحنان:
-خلاص يا حبيبي يبقى الموضوع سهل اووي…مرة في مرة هتتقبل ليان وهتحبها أووي أنا اضمنلك كده …أنت هتلاقي زيها فين …اخلاق وجمال ومستوي كويس …دي كفاية انها أخت عدي رشيد …
ابتسم يحيى لوالدته ابتسامة لم تصل لعينيه…شدت والدته على كفه أكثر وقالت:
-عدي ابني …أنا مش عايزاك تتجوز أي بنت …ومش عايزة تتجوز واحدة أقل منك …انت دكتور ولازم تتجوز واحدة في مستواك الثقافي والاجتماعي …صحيح ليان مش دكتورة بس اخت عدي رشيد …عدي رشيد عارف تُقل الأسم ده…مضيعش النسب ده من ايدينا يا يحيى يا ابني …لو سمحت …وانت أكيد مع العشرة هتحبها.ظ..متضيعهاش من إيديك يا حبيبي …
هز رأسه وهو يشعر بالإختناق وقال :
-طيب يا ماما حاضر …حاضر …
ثم نهض وقال:
-انا رايح لاوضتي …تصبحي على خير …
…
ولج لغرفته وأتجه الى فراشه ليتسطح عليه دون ان يبدل ثيابه …كانت كلمات والدته تدور بعقله …تُرى هل هي محقة …هل سيأتي يوما ويحب ليان ..هل سيتقبلها يوما ما ام سينبذها ويظلمها معه …دعك عينيه بقوة وعقله لا يتوقف عن التفكير …كانت مشكلة كبيرة …هذا الاختنا ق الذي يشعر به …ولكنه اتخذ قراره الآن …هو لن يفعل شيئا لا يريده…هو سيكلم ليان غداً !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أنت هتنام.هنا ؟!
قالتها جواهر بتوتر وهي تري عدي يلج للغرفة ليتوقف وهو ينظر اليها ويقول:
-ايوة أكيد ..دي اوضتي. ..ومن النهاردة مش هنام الا هنا …وبالمناسبة أنتِ كمان هتنامي هنا …
ارتفع ضجيج قلبها وهي تزدرد ريقها بصعوبة ..بينما ابتسم هو بخـ بث …واخذ ملابسه ليستحم …
…..
بعد قليل …
كانت جالسة على الفراش وهي تفرك كفيها بتوتر …هل سيلمسها …هل سيطالب بحقوقه اليوم …الأسو أ انه قد يجبرها على فعل ما لا تريد …
كانت الرعب فعلا يستوطن قلبها وقد لعنـ ت نفسها مائة مرة لأنها وضعت نفسها في هذا الموقف…أغمضت عينيها وقالت بصوت منخفض :
-ايه اللي أنا عملته في نفسي ده ياربي ….يارب ساعدني اطلع من المصيبة دي …يارب اقدر اخد الشيكات واطلع سليمة من الجوازة دي …اووف بقا …
خرجت من الفراش وقررت ان تُدخن قد ترتاح قليلا…..
وقفت في التراس وهي تشرب سيجارتها بهدوء بينما داخلها ضجيج لا ينتهي أبدا… …
انهت سيجارتها سريعا وأخرجت علكة النعناع ومضغتها لكي تضيع رائحة الدخان …ثم اتجهت للفراش وهي تلقي العلكة
. …….
بعد قليل
خرج من الحمام يرتدي بنطال منامته الزرقاء بينما جذعه عاري…كانت المياه تغطي صدره العريض …احمر وجهها بشكل كثيف ونظراتها تتعلق بخاصته …ابتسم ابتسامة ساحرة حتي بانت غمازاته الجانبية فازدردت ريقها وهي تنظر الى كفها وتفركه بتوتر …..
ترك عدي المنشفة جانبا ثم اتجه الى الفراش ونام بجوارها …وأغمض عينيه لكي ينام …بينما هي كان دقات قلبها تدوي داخل صدرها …بدأ جبينها يندي بالعرق….وأرادت ان تنهض وبالفعل حاولت الا انه جذبها لتصرخ هي بفزع …
ضحك بعمق وهو يكتم فمها بكفه ويقول:
-ششش يخربيتك …اللي في القصر هيقولوا بعمل.فيكي ايه ؟!
كان حدقتيها تهتزان بر عب .. فجأة تعانقا جفنيها في خوف …ابعد كفه ومرره على وجهها وهو يقول بنبرة متثاقلة:
-خايفة مني ؟!
فتحت عينيها وحاصرت نظراته نظراتها …لم يبدو فيهما القسوة كما كانت تعتقد…عدي رشيد ليس شيطا ناً كما كانت تتشدق دوما …ربما لو اخبرته الحقيقة سيسامحها ويساعدها …ربما …
ولكن صوت آخر بعقلها سخر منها واخبرها انه رجل لا يسامح …وانها يجب أن تتذكر كارمن وما فعله معها …هي لا يجب أن تعطيه كامل ثقتها كي لا تتورط مرة ثانية …والأن يجب أن تسير حسب الخطة التي رسمتها ابتسمت بثقة وقالت بصدق تصنعته بمهارة:
-لا..أنا حاسة معاك بالأمان
ابتسمت داخلها بثقة وهي تشعر انها أثرت به …حررت كفها ووضعتها على وجنته وقالت:
-أنت لحد.دلوقتي سايبني على راحتى فشكرا ليك يا عدي ..مش هنسالك المعروف.ده.ابدا…
ابتسم بشقاوة وقال:
-طيب افرض كنت عايز اخد حقي دلوقتي وفوراً…
سيطرت على نفسها كي لا يظهر الرعب على وجهها وقالت:
-حقك طبعا انا ملكك بس أنت مش هتعمل كده ..انت هتسيبني على راحتي …
ظل للحظات ينظر إليها…كانت تعطيه ثقتها وهو ليس برجل يحطم ثقة أمرأة به …حتى لو كانت تلك المرأة ابنة عد وه …
ابتعد عنها وتسطح وهو ينظر إليها وقال:
-عيونك.حلوة اووي …حلوة اووي بجد …
ابتسمت وهي تزيح عينيها عنه بخجل حقيقي ….
-بتتكسفي معقولة ؟!سبحان الله ..
نظرت إليه وقد تلون وجهها بحمرة الغضب وقالت:
-متكسفش ليه يعني …هو أنا مش بنت ؟!
ضحك وقال:
-بصراحة الأمر مشكوك فيه يا بيري …بس فيه حاجة مش فاهمها …
-ايه هي …
ردت عليه وهي تتثائب وقد بدأ يغلبها النعاس فقال :
-أنتِ بنت رجل أعمال كبير وعيشتي في باريس …يعني مفروض تكون أرق من كده …لكن أنا بحسك بلطجية…
ضحكت وهي تزيح توترها بعيدا وقالت:
-عادي يعني مش لازم اتكلم بمياعة عشان ابقى كلاس …أنا اقدر أعمل الاتنين بالمناسبة بس بحب شخصيتي دي …ايه مش عاجباك …
امسك كفها وقبله قائلا:
-عاجباني طبعا يا مهلبية …
ثم حاصر كفها بين رأسه والوسادة وغرق بالنوم …وغرقت هي أيضاً
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
نظرت الى الساعة بحيرة لتجدها تقترب من منتصف الليل …لم يعتاد على التأخير ابدا …وهو لا يعمل لهذة الساعة …حتى أنه لم يأتي لساعة الغداء وعندما اتصلت به اخبرها ان تأكل هي وانه سيأكل في الخارج …كم افتقدته اليوم …شعرت ان يومها ناقص بدونه …لقد اعتادت عليه …لن تنكر مشاعرها بعد الآن …ولن تقاوم …وربما يكون لهما فرصة سويا …وهي تعلم أيضا انه لديه مشاعر نحوها …فقد. ضبطته أكثر من مرة وهو ينظر إليها …ونظراته ليست نظرات رجل اشتهى أمرأة…أي أمرأة …بل نظرات خاصة للغاية تجعل المشاعر تعصف بها بقوة …وضعت كفها على قلبها وهي لا تُصدق ..فبعد سنوات طويلة تهرب فيها من الحب…رفضت كل من حاول الإقتراب …كانت تغلق قلبها بإصرار ولكن معه ..معه هي تخلت عن حذرها …سلمته مقاليد قلبها رويدا رويدا حتى أصبح بالكامل له والآن هي تعاني ..تعاني وهي تشتاق له …قلبها يهفو لكي يقترب منها …لقد أشتاق إليه …اشتاقت الى تعامله عندما كانت متنكرة في هيئة نوح …اشتاقت لضحكاته معها …مشاكسته لها….قلبها يؤ لمها وهو بعيد عنها بتلك الطريقة …تنهدت وهي تضع كلها على قلبها وهي تتمنى ان تعود بالزمن الى وقت التي كانت فيه نوح لكي تنعم بقربه مجددا !!
أخرجت هاتفها وقررت أن تتصل به …
…..
كان جالس شارد …ينظر الى السماء والنجوم ويشعر بأ لم في قلبه ..عندما رن هاتفه …اخرجه ليرى ان المتصلة هي عبير !!..
تنهد ورد على الهاتف وقلبها يدور داخل صدره …
-الو يا أمير ليه اتأخرت كده ؟!
كان صوت عبير متلهفا …متشوقا ومرتجفاً….فما ادركته الآن جعلها المشاعر تعصف بها …
أغمض أمير عينيه وصوتها العذب ينساب لروحه …كان لا يريد ترك نفسه لاهواءه …تلك امانته وهو يجب أن يساعدها لا ان يستغلها بهذا الشكل المريع…لذلك قرر البقاء بعيدا عنها حتي تذهب من هنا …لانه يعرف أنه سيضعف امامها يوما ما …
-مش جاي النهاردة البيت !
-ايه …ليه طيب ؟!
قالتها وقد ظهر الحزن في نبرة صوتها …
زم شفتيه ثم قال بنبرة متصلبة :
-هبات عند صاحبي النهاردة …سهرانين شوية انا والشباب عند عماد وهبات عنده كلي أنتِ واقفلي الباب كويس خالص ونامي ..ومتقلقيش عليا …
اكتسى وجهها بخيبة الأمل….حاولت السيطرة على دموعها السخيفة التي بدأت تحتشد بعينيها وقالت بنبرة مختنقة:
-ماشي …باي …
ثم.اغلقت الهاتف سريعا ودموعها تنفـ جر من عينيها !!!
……
أغلق أمير الهاتف وهو يتنهد بعمق بينما يضم ساقيه إليه وهو ينظر الى الحي الذي يسكن به من علو …فقد كان على السطح !!وليس عند اصدقاؤه كما ادعى ….هو أتى هنا الى السطح الذي يعلو شقته السكنية …حتى لو حدث شيئاً معها يكون قريباً منها ….أغمض أمير عينيه وهو يتراجع حتى تسطح على الأرض …لو ظروفه مختلفة فقط لم يكن ليتركها كان ليتزوجها ويجعلها ملكه … ولكنها أميرة أتت من عالم غير عالمه …أميرة لا تنتمي له …..
……….
كانت جالسة على المقعد وهي شاردة وقد فهمت الأمر …انه يتجنبها الآن …يبتعد عنها ويرفض تلك المشاعر التي تنتابه نحوها. هو يرفض حبها ولا يريده…انسابت الدموع من عينيها وتشعر بأ لم في قلبها ….هي تشتاق إليه…..رباه كم تشتاق اليه…انها المرة الأولي التي تشعر فيها بهذا الشعور …الشعور ان الحياة مظلمة للغاية بدون وجود الشخص الذي تحب…البيت يبدو موحشاً للغاية بدونه…
فجأة انتفضت من مكانها عندما رن جرس المنزل …قامت هي واقتربت من الباب وهي تنظر من العين السحرية لتجده أمير ….فتحت الباب بلهفة دون الاهتمام بمسح دموعها التي تغرق وجنتيها …كانت يائسة حقا لرؤيته …فهي تشعر بالامان في وجوده ولا تريد أي أحد آخر غيره .. …
-أمير …
عينيه الذهبية لمعت عندما رأى دموعها…كل ما اراده الآن ان يضمها إليه بقوة …يمسح دموعها ويخبرها انه ابدا ..ابدا لن يتركها.. …ولكنه أطرق برأسه وقال:
-روحي اقفلي على نفسك باب الأوضة ونامي واطمني أنا جيت ..ومش همشي ولا هسيبك .
ابتسمت وهي تهرول الى غرفتها وتغلق الباب وهي تضع كفها على قلبها بينما تستند على الباب…انها تعشقه…رباه كم تعشقه…
بينما هو في الخارج كانت الابتسامة الحزينة تزين وجهه
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في مكان ما …
-رجعت ليه تاني مش كفاية اللي حصل ؟!؟
-راجع عشان أقتل موسى !!!
يتبع….
(لعنة فقدانك)
ظننت أن عشقك هو العذاب …كُنت مخطئاً تماماً …لأن فقدانك هو العذاب …بل الموت !!
#سولييه_نصار
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أنا عايزاه يا ماما عايزاه والا همو ت والله همو.ت …
قالتها جوري وهي تجثو على الأرض تتمسك بساق والدتها بينما أصبحت عينيها حمراء كالد ماء .شعرها مشعث …والدموع تغرق وجهها …شفتيها ترتجف بقوة ….قلبها يعتـ صر من الألم ….لا تتقبل فكرة أنه لفظها من حياته …مهما فعلت لا يضعف …لقد كر هها بالفعل ….أصبحت هي فريسة لبروده وقسو ته!!
نظرت إليها والدتها بشفقة…ابنتها من د مرت حياتها بيدها …لقد أحبت هي ياسين …رغم بروده إلا أنه كان مثال للزوج المثالي ….فعل الكثير من أجل ابنتها رغم غياب الحب إلا أنه كان يعاملها بما يُرضي الله …كما انه كان لطيف معها هي …يعاملها كوالدته …من بين كل ازواج أبنتها كان هو الأفضل ….الأكثر رقيا ولطفاً كان يتقي الله في معاملته …ولكن ابنتها الغبـ ية هي من اضا عته من يدها …هي من د مرت حياتها بيدها والآن تطلب المساعدة لعودته …بعد أن تزوج من غيرها …لابد أنها فقدت عقلها تماما …ماذا من الأساس تفعل وكيف تساعدها؟!!هي كوالدتها عاجزة تماما عن المساعدة …ولا تريد من الأساس أن تساعدها….ابنتها بغبا ءها هي من د مرت حياتها …ود مرت حياة ابنتها البريئة …هي تشعر بالخجل لأنها أنجبتها …ولكن في نفس الوقت تشفق عليها ….تتأ.لم وهي تراها تبكي بتلك الطريقة ….تعلم أن ابنتها عانت مع والدها المر يض نفسيا …وهي تلوم نفسها على هذا …لأن بطريقة ما هي لها يد في هذا ..هي لم تُساعد ابنتها كي تتخطى الماضي …لم تختار لها الاب المناسب لها …ابنتها تدفع ثمن اخطائها هي …زمت شفتيها وهي تقرر ان تكون حازمة معها
-أساعدك ازاي يا جوري …قوليلي اساعدك ازاي بعد اللي عملتيه ؟!!
قالتها ميادة بلوم لتغص جوري ببكاء وتقول :
-ندمت يا ماما …صدقيني ندمت ومحتاجة ياسين في حياتي والا همو ت …أنا كنت فاكرة اني مبحبهوش …بس انا بحبه …بحبه اووي يا ماما …بحبه وهمو ت من غيره !!!
نهضت ميادة وقالت :
-مش هتمو تي…متخافيش عشان أنتِ عمرك ما حبيتي ياسين …أنتِ بس صعبان عليكي أن واحدة تاني تاخده منك …اكيد لما شوفتي حبه لمراته النا ر اكلت قلبك وعايزة تخر بي بيت الراجل … اساعدك في ايه يا جوري…اساعدك تد مري حياة عيلة كاملة…حرام عليكي كفاية …سيبي ياسين في حاله …سيبي بنتك في حالها والمسكينة اللي متجوزها ياسين دي ذ نبها ايه !!
-لا يا ماما أنا بحب ياسين …والله بحبه وهمو ت من غيره …ابوس ايديكي ساعديني اتجوزه …والله همو.ت بقولك…أنا هتجنن ..هو مش عايز يستسلم ليا…بيبعد عني …أنا عايزاه يرجعلي هو وبنتي وصدقيني أنا المرة دي هتصلح ..المرة دي هحافظ على بيتي …ازاي يا ماما واحدة تاني تربي بنتي وانا موجودة …
-بس أنتِ عمرك ما حبيبتي ياسمين يا جوري …نسيتي كنتِ بتعملي فيها ايه ؟!!نسيتي جنا.نك …بس غلطتي أنا …كان مفروض اعرضك على دكتور نفسي يعالجك من العقد اللي في حياتك …بسببي أنتِ اذ يتي بنتك…متعرفيش قد ايه مشاعري ملخبطة ..متضايقة منك وشفقانة عليكي في نفس الوقت …
أمسكت جوري كف والدتها وقالت بلهفة:
-والله يا ماما أنا كويسة …مبقتش زي الأول …أنا اتعلمت الدرس كويس ..ومستعدة اروح معاكي لدكتور كمان ..بس رجعيلي ياسين …
هزت ميادة رأسها وقالت:
-للاسف يا بنتي انا مقدرش أساعدك …حتى لو عايزة مش هقدر…بصي على حياتك يا بنتي …خلاص طليقك عاش حياته فعيشي أنتِ كمان حياتك وانسيه ..انسيه يا بنتي ومتتعبيش قلبي …
تنهدت ميادة واقتربت من ابنتها وقبلت رأسها وقالت:
-اسيبك دلوقتي وانتِ فكري في اللي قولته وبطلي جنان …
ثم ذهبت وتركتها لتقضم شفتيها بقوة وهي تتمتم :
-مستحيل يا ماما …ياسين ملكي …ملكي أنا وبس ومش هخلي واحدة زيها تأخده مني …بعينيها ..مش هتأخده ..هو هيرجعلي برضاه او غصب عنه !!
أخرجت هاتفها واتصلت برقم ما وهي تتفق مع هذا الشخص انها سوف تقابله في الغد ..ابتسمت وقالت:
-استعد يا ياسين لأنك هتكون ملكي وبس !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بابا …
قالتها ياسمين وهي تندفع بين ذراعي والدها ليضمها والدها ويقبلها ثم يضعها على الأرض ويخرج الشوكولاتة من جيبه ويعطيها لابنته ثم يقبلها على رأسها بلطف …كانت ورد تقف وهي مبتسمة …تنتظره لكي ينظر إليها …بالفعل نظر إليها وقال :
-أزيك يا ورد …
ثم اتجه لغرفته …اختفت الإبتسامة من وجهها …شعرت بخيبة الأمل …لقد ظنت انه عندما يعترف بحبها له سوف يتغير…سوف يكون أكثر شاعرية ….هي امرأة تعشق الاهتمام …متيمة بالتفاصيل …وتطرب لسماع الغزل…ارادته ان يُغازلها …يضمها إليه …يعاملها كما يعامل أبطال الروايات زوجاتهم …ولكنه جاف …لن يتعلم بسهولة أبداً…
مطت شفتيها بضيق وهي تفكر فيما تفعله …هل تلفت انتباهه لكي يهتم بها ؟!ولكن منذ متى الإهتمام يُطلب …الاهتمام لا يُطلب أبداً!!
خرج ياسين من الحمام والماء يقطر من شعره …
نظر الى ورد الواجمة وقال مبتسما :
-عملتي غدا يا ورد ؟!
-هو ده اللي مهتم بيه ؟!الغدا!!!
قالتها والدموع تحتشد بعينيها فقال بصدمة :
-ليه زعلانة أنا عملت ايه ؟!
-أنت عمرك ما بينت أنك.بتحبني يا ياسين …أنا تحصيل حاصل في حياتك …مش مهتم أبدا بمشاعري …
قالتها والدموع ملء عينيها ليقترب بلهفة ويقول:
-ايه اللي يخليكي تقولي كده…أعمل ايه عشان اثبتلك طيب …
نظرت إليه بعتاب وقالت بدلال وهي تمسح دموعها :
-يعني مثلا عمرك ما غازلتني ولا قولتلي شعر ..
-شعر ..
قالها وهو يرفع حاجبيه ثم أكمل :
-اقولك شعر ازاي يعني؟! …
نفخت بضيق وقالت :
-هعلمك وأمري لله…
اقتربت بدلال ثم أمسكت كفه وهي تأثر عينيه وتقول :
– يعني زي ما قال محمود درويش “حبيبان إلى ان ينام القمر ..ونعلم أن العناق…وأن القبل طعام ليالي الغزل .”
-صحيح بمناسبة الطعام عملتي غدا أنا هموت من الجوع …
-ياسين !!
صرخت بعصبية وهي تضر ب قدمها على الأرض بغضب ليقول بخوف :
-حاضر خلينا في الشعر نأجل الغدا…أنتِ عايزاني اقولك شعر يعني ..
هزت رأسها بلهفة ليبتسم ويقول:
-عيوني …
ثم أخرج.هاتفه وفتح الانترنت وهو يتصفحه
-أنت بتعمل ايه !!
قالتها بصدمة ليرد :
-بدرولك على قصيدة لمحمود درويش اقولهالك …
صدمتها كانت أكبر الآن ليقول هو مبتسما :
-بس أهي …اسمعي يا ستي…”ربما لم يكن شيئاً مهماً بالنسبة لكِ يا ريتا ولكنه كان قلبي “…مين ريتا دي يا ورد ؟!تبقى خالته ؟!
كانت ورد تنظر إليه بخيبة أمل وقالت:
-بالذمة مش مكسوف من نفسك …
-ايه معجبكيش الشعر ؟!
هزت رأسها بيأس وذهبت من أمامه ليقول هو :
-طب الغدا فين معملتيش غدا ولا ايه ؟!
مط شفتيه وقال:
-فعلا الستات زي القطط تأكل وتنكر قولتلها شعر وسابتني من غير غدا!!
………..
كانت في المطبخ تضع له الغداء وهي واجمة …تشعر بالغضب الشديد …وستار رقيق من الدموع يحتل عينيها.
.كانت تعض شفتيها كي لا تنفـ جر بالبكاء …لا تعرف ما بها …هي تعرف كم ان ياسين جاف وغير رومانسي تماماً …يجب أن تعتاد وتخرج هراء الروايات من عقلها تماما!!!
ولج ياسين الى المطبخ ليجدها تعد الغداء بغضب …اقترب منها ولمس كتفها لتنظر إليه …
ابتلعت ريقها وقالت :
-الغدا قرب يخلص متقلقش …
امسك كفها وابعدها عما تفعله وصب نظراته في نظراتها …لم تتحمل وانفجـ رت بالبكاء …جذبها إليه وضمها وقال :
-معقول كل ده عشان معرفتش أقول شعر …يا ستي هتعلم اقول شعر واقولك بس متعيطيش ..أنا بزعل لما تعيطي …
ابتعدت عنه قليلا وقالت :
-هتقولي شعر بجد…
ابتسم ومسح دموعها وقال:
-حاضر يا ستي هتعلم واقولك هتعب شوية بس متعيطيش ممكن …مشاعري كمهندس مبتستحملش دموع الستات ..
ضحكت وقالت:
-بس أنت بكيت طليقتك قبل كده وكنت فرحان.بكده ..
قبل رأسها وقال ؛
-بقول الستات ايه جاب سيرة الحر باية ام سحلول دلوقتي ..متجييش سيرتها تاني عشان بتسد نفسي عن الاكل لو سمحتي ..ويالا بطلي دلع واعملي الغدا…
-عيوني ..
قالتها مبتسمة لتبدأ بهمة في إعداد الطعام وقد تغير مزاجها كثيراً
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
فتحت نسرين الباب لتجد.أمامها فؤاد …ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه بتوتر ..ابتسم بلطف وقال:
-هي ماما فين ؟!
-راحت تشتري.شوية حاجات ..أتفضل يا فؤاد .
ثم افسحت له الطريق وهي ترجع شعرها الذهبي للخلف بينما قلبها يدوي داخل صدرها …لما تشعر بكل تلك المشاعر القوية من ناحيته …ما الذي يمتلكه ليجعل قلبها ينبض بتلك الطريقة …
ولج فؤاد للمنزل وهو يبتسم بنعومة لها ….
فركت نسرين عنقها بتوتر وقالت:
-وأنا كمان كنت خارجة دلوقتي وحتى حضرت الشنطة بتاعتي …
ثم اشارت الى حقيبتها وأكملت :
-هقابل ليان …
هز رأسه وقال:
-جميل …لازم تخرجي شوية …انبسطي يا نسرين …
اطرقت وهي تبتسم ثم نظرت إليه ليمتص انفاسه بقوة …عينيها ساحرة للغاية يشعر انه يغرق بهما…انها اجمل شئ رأته عيناه … ضغط على كفه بقوة لان كل ما اراد فعله الآن ان يلامس وجنتها والغرق بعينيها …..
تخضبت وجنتي نسرين وهي تجد نظراته مركزة عليها …هذا لا يصح أبداً …
ابتلعت ريقها وقالت لدرء التوتر:
-وأنت …أنت هتعمل ايه النهاردة؟!
ابتسم وقال :
-هقابل صديقة ليا ..هنتعشى مع بعض …
أجفلت قليلا وشعرت بالإختناق فجأة …كان هو ينظر إليها بخبـ ث وقد اعجبه التعبير الذي سيطر على وجهها …
نظرت إليه وقالت بنبرة طفولية :
-مين دي اللي هتتعشى معاها ؟!أنت ليك اصحاب بنات ؟!
-ايه بتغيري ؟!
قالها بتسلية ولكن نظراته لم تكن كذلك …كان ينظر إليها بحب …العشق يفيض من عينيه فعليا …حب أخا فها حقا …لم تكن تريد أن تحطـ م قلبه …ارتعبت حقاً…
ابتلعت ريقها واحمرت بقوة وهي تقول بنبرة متلعثمة:
-أنا…أنا مبغيرش …مجرد فضول بس …أنا…
-أنتِ كد ابة!!
القى الكلمة بوجهها…دون تردد. دون مراعاه …هو تعب من محاولاتها لإخفاء مشاعرها…تعب كثيراً ويجب أن يواجهها بمشاعرها … يجب أن يجعلها تعترف …ان تتخلص من خوفها وتحبه بحرية …دون خوف ….دون خجل …
-فؤاد ..
همست بصدمة ليكمل هو :
-أنتِ بتغيري عليا ..واحنا مبنغيرش الا على اللي بيحبنا
حاولت الابتعاد عنه …ولكنه اقترب أكثر ..كان يحاصرها …يتحداها ان تنكر ما تفضـ حه عينيها …عينيها الزرقاء التي كانت متشوشة من قبل ظهر بها أمل ..أمل ليكون محبوباً من قبلها ولم يكن فؤاد ليضيع تلك الفرصة من يده أبداً …فهو يحبها …يريدها…وسيستغل أي فرصة الظهر فيها حبه ….
-أنا مش غيرانة ..مش غيرانة…
قالتها بصوت مرتفع محاولة ان تغطي على دقات قلبها التي بدأت بالأرتفاع حتى صمت أذنيها ليرد هو بثقة:
-لا غيرانة عارفة ليه ؟!عشان بتحبيني …اعترفي بده
-أنا مش …مش بحبك !
قالتها بتلعثم وهي تثبت عينيها علي الأرض …تحارب دموعها كي لا تنفـ.جر من عينيها …
أمسكها من ذراعها وقربها منه ثم رفع وجهها كي تنظر إليه:
-تمام هصدقك لو قولتي أنك مش بتحبيني وأنتِ باصة في عيوني …يالا قوليها…قولي انك مبتحبنيش وأنت بصالي وأنا هصدق…
خا نتها دموعها وقالت بنبرة مختنقة:
-شيل إيدك عني …ابعد ..ابعد …
ولكنه لم يفلتها …لن يسمح لها أن تبتعد …هي ملكه وأنتهي الأمر …شدها أكثر إليه ووضع جبينه علي جبينها وهو يقول بنبرة مهتزة:
-أنتِ بتحبيني ودي الحقيقة …مهما حاولتي تنكري عيونك فضحا.كي ..غيرتك فضحا كي …قلبك ليا !!! ..
تعالى نشيجها…ما تفعله خطأ …هي يجب أن تبتعد عنه ….يجب أن تنساه والا لن تسامح نفسها أبدا …
دفعته بغتة وهي تحمل حقيبتها من الطاولة وتركض خارج منزله كاتمة شهقاتها بكفها ..
نظر إلي أثرها ورغم شعوره بالحزن من رفضها الا أنه تولد لديه أمل ..هي تحبه ..تحبه وهو لن يتخلي عنها أبداً!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
ارتجف جسدها وهي تمسك كف صديقتها وتنظر إليها والر عب يسيطر عليها وهي تنظر الى هذا المكان الغريب …تجمعت الدموع بعينيها وهي تنظر الى ذلك الرجل المخيف أمامها …كان رجل مسن بلحية مشعثة …وجلباب اسود تفوح منه رائحة كر يهة وقبعه زرقاء متسـ خة قليلا ..كان يجلس أمام مبخرة ويضع بها بعض الأشياء التي تُزيد من اشتعالها بينما يتمتم.بكلام غريب…
أمالت على صديقتها وقالت بصوت مرتعب :
-نوال ..نوال أنا خايفة خلينا نمشى من هنا …أنا …
ولكن نوال وكزتها بقوة وهي تهمس:
-بس أسكتي …أنتِ مش عايزة ياسين يرجعلك ..هي دي الحاجة الوحيدة اللي هتساعدك …ما أنا قولتلك وفهمتك لما اتصلتي بيا…فجمدي قلبك يا جوري عشان تقدري ترجعي جوزك من خطا فة الرجالة دي !!
-ايه خايفة ؟!
قالها الشيخ بمكر شديد لتهز رأسها بالنفي وتقول وهي ترتعش …
-لا لا مش خايفة بس هو جوزي هيرجعلي …
ابتسم وقال:
-والله يا ست اعملي كل اللي هقولك عليه وهيرجعلك ويبقى خاتم في صباعك كمان بس مستعدة تعملي اللي هقولك عليه والمهم …
صمت وهو يضم اصباعيه في علامة مميزة وأكمل :
-وجاهزة تدفعي فلوس …
هزت جوري رأسها بقوة وهي تمسح الدموع التي أغرقت وجنتيها فضحك الرجل وقال:
-أنا هعملك عمل لمرات جوزك وأجننها لك ..بس ساعديني …
-اساعدك.ازاي ..
قالتها وصوتها يرتعش فقال بفحيح كالافاعي وهو يقترب منها :
-هاتيلي حاجة من قطرها..هاتي حاجة ليها وسيبي الباقي عليا !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء ….
في منزل يوسف مالك ….
جالس على مقعده ..يدخن السيجار … بعينيه ستار رقيق من الدموع …يشعر بالإختنا ق تماما …وعقله يعود رغماً عنه لذلك الوقت الذي أقسم ان ينساه للأبد…ولكن الذكريات تأبى ان تتركه وخاصة بعد انفصال نسرين عنه …هو يُترك للمرة الثانية …يتحطـ.م قلبه للمرة الثانية …نسرين من كانت أمانه…. كانت نجاته ..ودواءه…الآن هي تركته يعاني!!!
انسابت الدموع من عينيه وهو يشعر بقلبه ينسحق داخل صدره ..الأ لم يتصاعد داخله …يقتـ له …انه يعاني …سيمو ت تلك المرة لو خسرها للأبد …يكفيه خسارته الأولى. . يكفيه أنه عاش سنوات ليبرأ من جر حه من رقية ..ثم تأتي نسرين الآن وتفتح تلك الجرو ح ليعاني مجدداً…ماذا يفعل ؟!هل يتوسل لها لتعود ..هل يجبرها ام يتركها …يتركها …لا لن يتركها …لن يفعل …لن يعاني مرة آخرى…لن ينكـ سر مرة آخرى …
مسح دموعه بقوة وهو يتنفس بعنف …كان يشعر بأ.لم شديد والذكريان العنيـ فة تندفع لعقله …ذكريات تمنى لو يفقد ذاكرته كي لا تهاجمه !!
عض شفتيه وهو يتذكر ليلة ان توسل فيها لحب حياته …توسل لرقية كي تبقى معه !!
….
-متسبنيش …متسبنيش يا رُقية !!!
قالها متوسلا وهو يمسك كفها…الدموع تحتشد بعينيه …كان يتوسل فعليا لها …فكرة ان تتركه …فكرة أن تنتمي لآخر كانت مرعبة …
شدت رقية كفها وهي تقول من بين أسنانها :
-ايه اللي أنت بتعمله يا بني آدم أنت !!!ايه الهـ بل ده ازاي تيجي لحد هنا وفي شارعنا وتقولي الكلام الفارغ ده…لو حد شافنا انا ايه هيكون وضعي!!!…أنا ماشية وأنت روح وأنسى كل اللي بيننا …
وبالفعل كادت أن تذهب الا انه امسك كفها وقربها منه حتى التصقت به …من حُسن حظهما الحي كان فارغ نوعا ما …
-يوسف بتعمل ايه ؟!
قالتها بحد ة وغضب …انسابت دموعه وقال:
-رُقية عشان خاطري متسبينش …صدقيني همو ت لو عملتيها …أنا مستعد اشتغل ومش هخليكي تحتاجي لحاجة أبداً …ده وعد مني …بس خليكي معايا ! …
حركت حدقتيها بملل وهي تزفر بضيق وقالت:
-هو أنت ليه مبتفهمش …قولتلك خلاص يا بابا ..اللي بيننا أنتهى …خلص خلاص !!مش عايزاك ..مبقتش أحبك ايه اغنيها …أنت ايه معندكش كرامة…مش بتحس ..مش عايزاك …هو عافية !…أنا خلاص هتخطب وهتجوز وأنت ملكش أي مكان في حياتي …اتقبل الحقيقة بقا ومتقرفنيش ممكن !!!
ثم تركته وذهبت ..تركته منها ر!!!
……….
عاد من شروده ودموعه تنفـ جر اكثر من عينيه…شعر للحظات انه عاجز تماما عن التنفس …اطفأ سيجارته ونهض وهو يدعك عينيه بعنـ ف …هل سيتركها تبتعد عنه ..
هل سيتركها تنسل من بين يديه مثل رقية !!لا ..لا هي حياته ..لا يمكنها أن تتركه بتلك السهولة …رباه هو سوف يموت لو فعلت هذا…يجب أن يتصرف…يجب أن يعيدها بأي ثمن !!!
ولج للحمام واخذ دوشاً سريعا ثم ارتدى ثيابه …كانت ثيابه السوداء تُلائم مزاجه السوداوي للغاية …خرج من منزله وهو يتصل به …لقد حزم أمره…ربما نسرين لن تسامحه ..ولكنه سيتبع اكثر الطرق خبـ ثاً لكي يعيدها مجدداً لحياته!
………..
كان يقف أمام النهر يمسك الحاجز الحديدي ويمكنه سماع ضجيج قلبه …اراد التراجع ولكن لا هو يريد نسرين وسينالها بأي طريقة …..
لفت انتباهه اقتراب كريم منه ..ابتسم يوسف بتوتر
-ازيك يا كريم …
-عايش اهو ..مراتي سابتني وبنتي كمان وبحاول ارجعهم .
قالها كريم بحزن ليرد يوسف ويقول:
-ولو قدرت ارجع نسرين يا كريم …هرجعلك نسرين بس بشرط…
نظر كريم الى يوسف بحيرة ليكمل يوسف :
-أنا عايز أتجوز نسرين يا كريم …عايزها في الحلال …
وقعت الكلمة كالصا عقة على كريم وقال:
-انت بتقول ايه ؟!دي نسرين …نسرين اللي لو اتجوزت هتيجيب قدها…
ابتلع ريقه وقال:
-عارف يا كريم بس أنا بحبها …وهي كمان بتحبنيححج من كل …
-ايه؟!
قالها كريم بصدمة ليكمل يوسف ويقول :
-اللي كانت مرتبطة بيه نسرين هو أنا يا كريم ..أنا حبيب نسرين !!
فستانها الرمادي كمزاجها كان ينسدل برقة على جسدها …تركت شعرها الأسود منسدلا …لم تضع أي مساحيق تجميل الا ماسكرا ابرزت كثافة رموشها …أخذت حقيبتها وخرجت من غرفتها متجهة الى مكتب شقيقها …كانت لا تريد الذهاب مع موسى الآن …يكفيها انها سوف تفسخ خطبتها بسببه !!
…..
كان عدي جالس بمكتبه يتحدث مع موسى قليلاً عندما طُرق الباب …
-أدخل ..
قالها عدي بصوته الرخيم لتلج ليان …
تعلقت عيني موسى بليان وهو يشعر بإزدياد وتيرة دقات قلبه….ازدرد ريقه بصعوبة …انها تزداد جمالاً كل يوم …كل يوم يمر تتملكه أكثر حتى أصبح شعوره نحوها أشبه بالهوس …من الجانب الآخر لم تُعيره ليان أي اهتمام …ولم تنظر إليه حتى بل استطاعت الحفاظ على ثبات عينيه نحو شقيقها تُجهز كلماتها لتخبره ما يريد وكم تمنت ان يُساعدها وينفذ طلبها ولا يعارض ويجبرها أن تذهب مع موسى …فهي لن تمنحه تلك اللذة…لذة أن يراها تنفصل عن يحيى بسببه هو ….لن تمنحه تلك الفرصة …لن تفضـ ح مشاعرها مجددا
-فيه حاجة يا ليان؟!
انتزعها عدي مش شرودها ..
-يحيى عازمني على العشا…
قالتها ليان وهي تنظر مباشرة الى عدي …لم تهتم بموسى الذي رمقها بغيرة واضحة ..أطرق موسى برأسه كي لا يرى عدي نظراته ويفهم شيئا…اخذ يضغط على فكيه بشدة…كل ما اراده الآن ان يمنعها من الخروج معه …لقد تجاوزت غيرته الحد حتى اصبحت كالنير ان التي تنهش روحه …
-طيب تمام موسى هيروح معاكم .
أخرجه من عمق أفكاره صوت عدي ورفع وجهه نحو ليان التي لم تنظر إليه حتى وبقت تنظر إلى عدي بوجوم ثم قالت فجأة :
-معلش يا عدي بس حابة نروح أنا ويحيى لوحدنا!!!
رفع موسى حاجبيه وشعر بالضيق منها …هي تحلم هو لن يتركها تذهب بمفردها معه …بينما كان عدي حائر وقال:
-لي لي ده مش طلب…ده أمر …لازم موسى يروح معاكي …هو بيحميكي …
-معايا يحيى يا عدي بعدين انا حابة احس بشوية حرية …خليني المرة دي أروح معايا لوحدي وهو معايا ومش هيحصلي حاجة …
-لي لي ..
هتف عدي بإعتراض لتقاطعه ليان بتوسل:
-عشان خاطري يا ابيه أنا ويحيى هنروح مطعم ونتعشى ونرجع علطول …عايزة شوية خصوصية مع خطيبي !!!
نيرا ن شديدة كانت تندلع داخل روحه …الشعور بالغيرة كان يقـ تله …عشقها لعـ نة..ولكن الغيرة عليها هي المو ت …المو ت حرفيا …اراد ان يعترض ..ان يسحبها من ذراعها ويسجنها بالمنزل …يصرخ بها انه عاشق لها وان لا أحد سوف يعشقها مثله ولكن كالعادة لم.يمتلك الشجاعة …كان جبان!!
-ليان مينفعش …لازم موسى يروح معاكي …أنا مش هطمن الا بالشكل ده …
قضمت شفتيها بغيظ ثم قالت بإندفاع :
-طيب ما هو كان معايا المرة اللي فاتت وكنت همو.ت !!
اشتعلت النيرا ن بعيني موسى بينما نظر إليها عدي بخيبة أمل وقال :
-لا غلط …موسى هو اللي انقذك …هو اللي أتصل بيا في الوقت المناسب وعشان كده.قدرنا ننقذك …موسى هو اللي اخد الرصاصة بدالك فمينفعش تقللي منه بالشكل ده ..عيب يا ليان …
صمتت وهي عاجزة عن الرد…لثاني مرة تُقلل مما يفعله …لثاني مرة لا تعترف انه نجح في إنقاذها هي أرادت ان تؤ لمه ..نعم أرادت هذا وتعترف لن تنكر …
ظلت عيني موسى متعلقتين بها كان حقا خائب الأمل بينما هي غيرت الموضوع وقالت:
-يا ابيه لو سمحت خليني اطلع مع يحيى النهاردة لوحدي ومش هنتأخر …عشان خاطري خلينا احس اني حرة لمرة واحدة في حياتي …لو سمحت !!!
زفر عدي بضيق وقال:
-دي آخر مرة يا ليان …
-آخر مرة وعد !
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
نظر الى الساعة ليجدها قاربت التاسعة مساءا …ما زال جالس بورشته لا يريد العودة …سيعود اليوم متأخراً مرة آخرى وقد نبه عليها اليوم الا تنتظره وتلج الى غرفتها وتنام…فالأنجذاب إليها يصبح أقوى كل يوم وهو ليس بقديساً ليقاومها هو بشر ويضعف امام جمالها ورقتها….هو يقود معركة خا سرة أمام عينيها…جمالها وبراءتها …وهو الخا سر بالنهاية فليس كل مرة سيستطيع المقاومة …قلبه يصبح اضعف يوما بعد يوم وسيأتي يوما وينفجر ولن يرتاح الا عندما يعانقها وضميره لن يتحمل أثم كهذا
تنهد وهو يغمض عينيه بتعب بينما يستحضر ملامحها الرائعة أمامه …هي جميلة ..بل اجمل شئ رآه طوال حياته …ولكن المعضلة ليست جمالها فحسب ..بل تلك البراءة التي تشع منها … الطيبة التي تغلف قلبها …والحزن الذي يكسو وجهها ..وملامح الضعف التي تظهر عليها من حين لآخر ..كل تلك الأشياء تجذبه نحوها بقوة ….
رن هاتفه فجأة فرفعه ليدوى قلبه بعنـ ف وهو يرى أسمها يشع على شاشته …ابتلع ريقه وقرر ان يرد لينساب إليه صوتها المرتعب ..لم يفكر لثانيتين وهو ينهض من المقعد الخاص به ويغلق الورشة بسرعة ثم يتجه الى المنزل مهرولاً …دون الاهتمام بنظرات المارة المتعجبة …….
……..
-فيه أيه …فيه أيه ؟!
قالها متلفها وهو يلج الى المنزل لتجمده ضحكة ناعمة منها …وقف وهو ينظر بصدمة إليها تقف امام الطاولة الصغيرة بالصالة والتي عليها قالب كيك بالشوكولاتة مزين …..نظر الى وجهها مرة آخرى ليراها تعطيه ابتسامة رائعة للغاية وهي تقترب وتقول:
-كل سنة وأنت طيب يا أمير .
لم تتبدد صدمته فقالت وهي تفرك رقبتها بتوتر بينما لم تتخلى عن اللطف بنظراتها وقالت:
-أنا بصراحة شوفت شهادة ميلادك عشان كده عرفت …يعني تميت.دلوقتي تلاتين سنة مبروك …
كان ما زال ينظر إليها ببلاهة شديدة وهي تهذي بالكلام…بينما شعرت عبير بالتوتر الشديد وهي تنظر الى صدمته وبلاهته ….
ابتلعت ريقها وقالت:
-امير ممكن تقول حاجة …انت بتوترني بالشكل ده ..أنا عملت حاجة غلط ؟!…اصطبغ وجهه بحمرة الغضب وقال:
-أنتِ جايباني عشان كده ؟!!!
-أنتِ جايباني على ملا وشي عشان عيد ميلادي !!!
كرر بصدمة لترد بتوتر :
-أنا …
-أنتِ ايه …أنتِ أيه !!
زعق بها ثم أكمل بعصبية شديدة:
-أنتِ واحدة مش مسؤولة يا عبير …قلقتيني عليكي …خلتيني اجري زي المجنو ن في الشارع لما قولتيلي الحقيني …هو ده تصرف ناس عاقلين!!!
أختنق صوتها وقالت وقد احتشدت الدموع بعينيها :
-أنا بس حبيت أعملك مفاجأة …حبيت أفرحك …
-تفرحيني ازاي؟!!أنتِ رعبتيني …عارفة كام فكرة و.حشة جات في بالي …ايه التصرف الغبـ ي ده..
ايه الغبا ء ده !!!ممكن تفكري قبل ما تعمل اي حاجة لو سمحتي …ممكن …يعني ده مش تصرف ناس عاقلين يا آنسة عبير …متعمليهاش تاني عشان أنا اتضايقت وبصراحة شوفتك طفلة أوووي!
انفـ جرت فجأة بالبكاء بسبب توبيخه الشديد لها ليبتلع هو باقي توبيخه ويرتبك …لم يكن يريدها أبدا ان تبكي …هو من الأساس ينزعج.بشدة عندما تحزن … اقترب منها وقال :
-أنا آسف حقك على راسي متزعليش…أنا آسف يا عبير …
ولكن دموعها لم تتوقف عن التدفق فخبت وجهها عنه …تشجع وتقرب أكثر وهو يُزيح كفها عن وجهها ويقول :
-أسف ..حقك على رأسي…حقك على رأسي …
ثم رفع كفه وبدأ يمسح دموعها بحنان ويكرر بلطف:
-حقك على رأسي أنا متزعليش …حقك عليا …
ابتسمت له من بين دموعها ليتلمس بكفه غمازاتها الساحرة …يمرر ظهر كفه على بشرة وجنتها الناعمة فتتثاقل أنفاسه …أغمضت هي عينيها ولم تبتعد …شهق هو عندما عاد لوعيه وابتعد كالملسوع وكاد أن يخرج …وقفت هي امامه وقالت:
-ليه بتهرب مني…ليه كل ما تقرب.تبعد …ليه؟!
-ابعدي لو سمحتي .
قالها وهو ينظر أيضا …قلبه يدوي بعنـ ف …الغبـ ية لا تعرف انه لو ظل هنا اكثر من هذا سيفقد السيطرة على نفسه وهي من ستندم !!!
-لا مش هبعد ولو سمحت بصلي يا أمير ..بصلي …
لم ينظر إليها بل حاول ان يتجاوزها ولكن هي لم تسمح له وأمسكت بكفه ولكن بغتة دفعها هو الى الجدار لتتسع عينيها بصدمة وتتعلق بعينيه الذهبية التي كانت تشتعل بالنير ان…كان يلهث بعنـ ف وقد فقط السيطرة تماما على نفسه اقترب بشفتيه من خاصتها و ….
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يقف أمام النافذة ينظر إليها تقف بجوار خطيبها يمسك كفها وهو يساعدها لتستقل السيارة وشعر هنا أن قلبه يعتصـ ر من الأ لم ….الغيرة كانت تقتـ.له …الحزن تملك من جميع خلايا جسده …تنهد وهو يشعر بالدموع تلسع عينيه وابتعد عن النافذة وهو يجلس على الفراش في الظلام …الظلام الذي يشبه روحه الي حد كبير !!!
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فرك رقبته بتعب وهو ينهض …كم هي عنيدة ليان !!لم تسمح لموسى ان يذهب معها …الفتاة اها نته حرفيا رغم انه فعل المستحيل لينقذها ..حتى أنه كاد أن يمو ت …أهكذا تجازيه وترد له المعروف ….دعك عينيه بقوة يفرد عضلاته المتيبسة من العمل المستمر ..
صعد لغرفته مبتسما ومحضراً نفسه لجدال ممتع مع زوجته الشر سة التي تشبه القطط البرية
…….
في الغرفة …
كانت جواهر تدخن سيجارتها بهدوء كي تحصل على بعض الراحة ….صفت عقلها تماما من أي فكرة قد تزعجها …فقط وقفت تستمتع بسكون الليل …قلبها يتو جع قليلا وهي تتذكر والدتها ..تتمنى ان تُنهي مهمتها سريعاً كي تعود الى والدتها….اشتاقت لأحضانها ..لكلماتها التي تخفف عنها …كم هي بحاجة إليها الآن …يؤ لمها انها ليست بجانبها.ويؤ لمها أيضا انها خيبت أملها بها …فلو عرفت والدتها ان ابنتها مخا دعة..
كا ذبة بالتأكيد سوف تغضب عليها ….انتفضت فجأة وخرجت من أفكارها بقوة على صوت عدي يقول :
-سجاير بتشربي سجاير يا عبير !!!
ازدردت ريقها وهي تنظر إليه …رباه متى جاء ؟؛لم تشعر بقدومه ..فقد كانت غارقة بأفكارها ولم تشعر بقدومه!!..
حاولت السيطرة على دقات قلبها المتسارعة ورفعت وجهها وهي تقول بقوة مز يفة :
-وفيها أيه عادي !!!
اتجه اليها بغضب وأمسك السيجار من يدها ثم وضعه بالمنفضة التي على الطاولة وهدر بغضب :
-لا مش عادي ..مينفعش بنت من عيلة راقية زيك تشرب سجاير ..عيب يا هانم…عيب !!!
نظرت إليه بحنق وقالت :
-لا مش عيب ….وبعدين أنا حرة…
ثم أخرجت سيجار مرة آخرى من جيب بيجامتها ووضعتها بين شفتيها
-أنا مراتي متشربش سجاير !!
قالها عدي بتسلط وهو ينتزع السيجار من بين شفتيها …
رفعت حاجبيها وهي تنظر إليه بغيظ ولكن الجليد في عينيه كان لا يذوب أبداً…
لقد كان جاداً للغاية …ليس في وجهه أي أثر للمزاح…
-ملكش دعوة ..
قالتها بإندفاع وهو تحاول أخذ السيجار من يده الا انه ابعد يده وقال:
-قولتلك مرات عدي رشيد ممنوع تتصرف بالطريقة دي …ممنوع تشرب سجاير او تتصرف بطريقة تسببلي إحراج …
قضمت شفتيها بغيظ ليبتسم بإستفزاز وهو يضع السيجار في فمه ويخرج قداحته ليشعلها الا أنها سحبت السيجار وقالت:
-جوز عبير صديق ميشربش سجاير !!!
اخذها منها مرة آخرى وقال:
-متقارنيش نفسك بيا يا حلوة …
وضعت كفيها على خصرها وقالت:
-اشمعنا انت تشرب سجاير وأنا لا …اشمعنا…
أشعل السيجار ودخنها بإستمتاع وقال:
-أنا راجل وانتِ ست …أنا أشرب وأنتِ لا …
-ده اللي أسمه التسلط الذكوري ؟!
-بالضبط ..
قالها مبتسماً دون خجل وأكمل :
-أنا متسلط ذكو ري ومش هسمح لمراتي تدخن …ولو شوفتك بتدخني تاني يا بيري هكـ سرلك أسنانك .مفهوم!!
ضربت بقدميها على الأرض وقالت:
-بطل غرور وتجبر وهات السيجارة ..مينفعش انت تدخن وتمنعني…اشمعنا …
نفخ الدخان بوجهها وقال:
-أنا جوزك ولازم تسمعي كلامي يا بيري…
هزت رأسها بعناد وقالت:
-لا مادام أنا مش هدخن….أنت كمان مش هتدخن …
ثم حاولت اخذ السيجار منه الا انه ابتعد وهو يحاول تدخينها ولكنها نجحت أخيرا بأخذها ثم اطفأتها وقالت؛
-كده يبقى أحنا متساويين ..
-بقا كده يا مهلبية …
-ايوة…
ردت بإستفزاز ليقول هو :
-ماشي ..أنا هوريكي !!
ثم حاول الامساك بها الا انها صرخت وهربت منه ولكنه امسكها ودفعها الى الفراش ثم أقترب منها بدأ يدغدغها …
-لا لا خلاص يا عدي أنا اسفة …
قالتها جواهر وهي تضحك …تحاول الهروب من بين يديه ولكنه كان يثبتها جيداً …يُعا قبها بطريقته….
-عدي خلاص !!
قالتها مرة آخري لاهثة من بين ضحكاتها بينما هو مستمر في دغدغتها …كان يضحك وهي تضحك بتلك القوة …فجأة توقف وهو ينظر إليها ..الى عينيها تحديداً….كانت عينيها بريئة بشكل لا يُصدق …لا يصدق ان شريف لديه ابنة بكل تلك البراءة …بكل ذلك اللطف …صحيح انها عنيدة…متهورة ولكن براءتها وجمالها يغطيان على عيو بها الضئيلة بالنسبة له …
لاحظت جواهر توقفه عن دغدغتها ووجدت انه ينظر إليها من علو ..شعره يتساقط على جبينه برقة شديدة …
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تشعر بنظراته تشمل أنحاء وجهها …كانت نظراته خطيرـ ة وقا تمة وقد شعرت ان قلبها يرتجف …
-عدي
قالتها بتوتر ثم حاولت ان تنهض ولكنه ثبتها على الفراش ولم يسمح لها بأن تنهض….استوطن الر عب بعينيها فقال يُطمئنها :
-أنتِ واثقة فيا يا بيري ؟!
هزت رأسها دون تردد فابتسم وأكمل :
-طيب خايفة ليه ؟!
لم ترد فأقترب من وجهها ولكنها ازاحت وجهها وقلبها يدوي بعنـ ف …ازدردت ريقها وأخذت تتنفس بعنـ ف …كانت مر تعبة..حقاً مر تعبة. .وتوقف عقلها تماماً عن التفكير…لا تعرف كيفية الخروج من هذا المأزق …
شعرت بقبلة خفيفة على شعرها وقال:
-ليه خايفة مني. .ليه ؟؟؟!!
لم تجيب فقال :
-بيري ردي عليا لو سمحتي ..ليه خايفة بالشكل ده …مش أنتِ اللي طلبتي نبدأ من جديد ؟!
اغمضت عينيها وقالت بنبرة مرتجفة :
-أنا بس عايزة وقت …وقت اتعود عليك فيه يا عدي لو سمحت ….
-هتتعودي ازاي وانتِ مش قريبة مني …هتتعودي ازاي وانتِ بتبعديني عنك ؟!
لم ترد فتنهد وقال:
-ممكن تقوليلي ايه اللي حصل في حياتك خلاكي تخافي كده…اتعرضتي لحاجة مش كويسة …
هزت رأسها بالإيجاب لينهض هو ويساعدها على النهوض
وقفت أمامه وهي ترتجف وقالت ؛
-بابا ..
أجفل وقال:
-شريف كان بيعتـ دي عليكي !!!
هزت رأسها بسرعة وقالت:
-لا لا مش أنا خالص …كان بيعتـ دي على ماما وانا كنت بشوفه كل يوم بيضر بها …
ثم احضرت الدموع لعينيها بمهارة وقالت :
-كنت كل يوم بستخبى في اوضتي وانا سامعاه بيضر بها ويعذ بها ومكنتش عارفة أساعدها يا عدي …كنت بسكت وببكي وخلاص …هو كان عامل زي الو حش في حياتنا يا عدي ..د مر حياتي وحياة ماما …خلاني فقدت الثقة في أي راجل ..
بقيت أهرب من الحب والجواز …كنت مبسوطة ان ماما انفصلت عنه ورجعت فرنسا بس للأسف ماما لما ما تت هو جه وأخدني…والباقي أنت تعرفه هو جوزني ليك غصب …كان بيضر بني عشان أوافق …
أغمضت عينيها ونشيجها يرتفع بقوة وبدت وكأنها تفاعلت من القصة التي اخترعتها بسرعة من خيالها…ودت لو تصفق لنفسه
كان عدي ينظر الى انهيارها وقلبه يؤ لمه …لم يصدق كم ان هذا الرجل حقـ ير …لقد حطـ م زوجته وابنته وحطـ م قلبه هو أيضا …شريف بالفعل شيطا.ن …حطـ م حياة كل شخص يعرفه بسبب غروره وتجـ بره !..هو أبداً لن يسامحه !!!
-مش هيقدر يأ ذيكي طول ما أنتِ معايا … متخافيش..وعد هحميكي منه …
ثم أقترب منها وقبل جبينها وقال :
-أنتِ في آمان معايا
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
لا تصدق…هي فعليا لا تصدق انها اقنعت شقيقها أن يتركها تذهب بمفردها مع يحيى ولكنها بالفعل أحتاجت لهذا …أحتاجت ان تكون بمفردها عندما تنفصل عن يحيى. ..لم تكن تريد أحد بجوارها وخاصة موسى ..موسى الذي جعلها تنفر من أي رجل غيره !!
من الناحية الأخرى كان يحيى شاردا يفكر في طريقة كي يخبر ليان بخبر انفصاله عنها بطريقة لا تجر.حها …هي اخبرته من قبل أن الحب ليس له دور في علاقتهما ولكن ماذا إن وقعت بحبه ؟!ماذا إن تعلقت به ؟!تلك ستكون كار ثة آخرى لانه سوف يتحمل تأنيب الضمير بسبب قراراته المتهو.رة …ولكنه لم يرى أبداً في عينيها أنها احبته وهو يتمنى حقا ألا تكون تعلقت به!
……….
كان المطعم بسيط ولكنه أنيق ونظيف…كانت أجزاء المطعم مريحة مما ساعد على التخفيف من توترها واستمتعت بالطعام…نظرت الى يحيى ونظرت إليه بأبتسامة وهي تحاول قتح مجال للحديث معه:
-الأكل هنا حلو اووي .
ابتسم يحيى وهو يحاول التخفيف من حد ة توتره ورد:
-مبسوط انه عجبك اووي…أنا كنت هعزمك هنا أمبارح بس أنتِ قولتي مش فاضية ..
هزت رأسها وهي تتناول قطعة لحم وتقول:
-كنت ناسية ان كان عندي ميعاد مع نسرين ..عشان كده أجلت ميعادنا لبكرة ..بس شكرا أنك.جيبتني هنا …المكان هنا مريح وهقدر أتكلم براحتي خالص …
هز يحيى رأسه وهو يستعد للكلام ولكن هي سبقته..
-أنا مش عايزة أكمل يا يحيى ..
قالتها ليان فجأة وكتمت أنفاسها وهي تنظر إليه لترى ردة فعله ولكن ما صدمها هو الأرتياح الذي كسا وجهه ….شعر يحيى وكأن شئ ثقيل أنزاح من قلبه عندما قالت هذا ….
-بصراحة يا ليان وأنا كمان مش عايزة أكمل …يعني مش حاسس أننا هنبقي مبسوطين من بعض بس مرضتش أقولك كده عشان متزعليش …
ابتسمت ليان وردت :
-بصراحة وأنا كنت خايفة أنك تزعل مني عشان كده كنت مترددة …بس متعرفش أنا مرتاحة دلوقتي قد أيه عشان احنا متفقين ….أنا خوفت لتكون اتعلقت بيا ولا حاجة …
ضحك.دون تصديق وقال:
-تصدقي ده نفس اللي كُنت خايف منه ..
ثم انفـ جرا بالضحك سويا …
……………..
في سيارة يحيى …
كان يقود سيارته بينما هي تجلس بجانبه وهي تشعر بالسعادة والراحة …
نظر إليها يحيى مبتمسا وقال:
-هنقول لعدي أيه؟!
أعمضت عينيها وقالت:
-متقلقش خالص أنا هتكلم معاه المهم أن مفيش حد زعلان مننا …
وافقها قائلا:
-فعلا الحمدلله ..وصدقيني علاقتنا كده منتهتش …أحنا هنفضل أصحاب …
-اكيد .
قالتها وهي تنظر إليه ليبادلها هو ابتسامتها الواسعة ويعيد تركيزه للقيادة…
بعد دقائق …
عقد حاجبيه وهو ينظر من مرآة السيارة ويرى سيارة تسير خلفهما وتذكر ان تلك السيارة كانت تسير خلفهما من بداية تركهما لقصر عدي ولكن لم يُعيرها أي اهتمام ..ولكن الآن شعر بالقلق …زود من سرعة السيارة لتنظر إليه ليان بحيرة ولكن فجأة سيارة آخرى اتت من جانب الطريق وسدت الطريق ….
-متنزليش …
قالها يحيى وهو يترجل من السيارة …
نظرت ليان بخوف لما يحدث وصرخت فجأة عندما وجدت ان بضعة رجال اجتمعوا على يحيى استعدادا لضر به…بحثت على هاتفها ثم اخرجته ولكنها شتـ.مت نفسها وهي تجد ان البطارية قد فرغت !!!
…
عند.يحيى
كان ينظر الرجال بعينين مشـ تعلتين ورفع كفه ليضر بهم ولكن احدهما امسكه بينما الآخر اقترب منه …ثم لكـ مة الرجل عدة مرات حتى فقد الوعي !!!
…
بعد دقائق عدة تأوه يحيى وهو يستعيد وعيه ونظر امامه وشعر بالصدمة وهو يرى ليان واقعة على الأرض وغارقة في د ماءها !!!
-ليان!!!
يتبع…
(قلبي لكِ)
وأمام الموج الأزرق في عينيكِ أصبحت أنا غريق فأنقذيني أو اغرقي معي
#سولييه_نصار
…….
سكن كل شئ ماعدا هدير قلبيهما وأنفاسهما …ظلت عبير مغلقة عينيها منتظرة بأنفاس لاهثة ما سيحدث …كان قلبها يدوي بعنـ ف داخل صدرها ..بينما كان أمير يقترب شيئاً فشئ حتي اختلطت انفاسهما…كان على وشك تقبيلها ..حقا ..كادت شفتيه تمس شفتيها الا ان فجأة ودون سابق إنذار شعرت به يبتعد بقوة …فتحت عينيها واتسعت حدقتيها وهي تراه كما لم تراه من قبل …شاحب الوجه …عينيه منطفئة …الذ نب يسكن بهما …تراجع أكثر وأخذ يشد شعره وهو يقول:
-ياربي …ياربي …أنا كنت هعمل ايه ؟!!أنا بعمل أيه بس !!؟
-أمير !!
قالتها بنبرة مختنقة بفعل الدموع …كانت بشرتها مصطبغة باللون الأحمر ……
كان أمير لا ينظر إليها …الشعور بالذ نب كان يقـ تله حرفيا …كان خجل من نفسه لأنه استغـ لها …تلك الإنسانة البريئة….تلك من طلبت منه الآمان ليكون هو الذ ئب البشري الذي سعى إلى شرفها …هو و.حش …لا يحمل أي عاطفة إنسانية …هو …هو …
كانت الأفكار السيـ ئة تقتحم عقله …لم يكن له القدرة على ايقافهما أو دحضها بعيداً …كان يقف أمام جلا د ضميره وهو مطرق برأسه …غير قادر على الدفاع …غير قادر على الكلام …غير قادر على شئ …
استدار وركض ذاهباً
-أمير …أمير متمشيش !!!
قالتها عبير وهي تركض خلفه ولكنه كان قد خرج واغلق الباب ثم اتجه بسرعة الى السطح …كان الذ.نب ينهـ شه من الداخل …يشعر بالقر ف من نفسه….هو و حش …شخص سـ ئ …كاد أن يستـ.غلها …أراد أن يضر ب رأسه بقوة بسبب تلك الأفكار الفا حشة التي اتته بشأنها. ..كيف يخو ن الأمانة …كيف ….
ارتقى إلى السطح وجلس على الأرض وهو يضم ساقيه إليه …تكون ستار رقيق من الدموع بعينيه حتي لمع الذهب بهما …كان يشعر بالقهـ.ر …بالذ.نب …ليته لم يفعل هذا …ليته لم يعود ..هو المخطئ …هو المذ نب الوحيد …هي ليس لها أي ذ نب …هو من اقترب …هو من كاد يسلب شرفها ….أغمض عينيه بتعب وهو يتمتم :
-عبير أنا آسف …اسف ..سامحيني .
……………….
كانت جالسة على الأرض …دموعها تتساقط تباعاً …لقد تركها وذهب …شاعراً بالذ نب بسبب ما فعله …هي أيضاً تشعر بالذ نب …تكاد تمو ت بسبب تأنيب الضمير …صحيح انها نشأت في بيئة متحررة ولكنها دوما كانت متحفظة …لا تقيم علاقات ..لم ترتبط …كانت ترفض الفكرة من أساسها …لقد سخرت من فكرة الحب وظنت أنه شئ خيالي …اسطوري …كانت دوما تعتز بإسلامها وتحاول الالتزام بحدوده…لن تقول انها ملتزمة ..ولكنها أيضا ليست متحررة ..هي تحاول الالتزام …تحاول أن تصلي…صحيح انها تفوت بضعة فروض الا أنها تحاول مرة آخرى لا تستلم لشيطا.نها…ملابسها ليست ملفتة …تتمنى يوماً أن ترتدي الحجاب …هي ليست فتاة بدون اي اخلاق …يؤ لمها ما حدث أيضا …يجعلها تشعر بالقر.ف من نفسها …وهي لا تلقى اللوم على أمير أبداً ….لقد حاول الشرح لها ….حاول أن يفهمها الأمر ويتجاهلها …حاول أن يتجنبها ولكن هي من أصرت على الأقتراب منه …
وضعت كفها على وجهها وانفجـ رت في البكاء !!!!
ظلت لدقائق تبكي ثم مسحت دموعها وأمسكت الهاتف
…….
رنين الهاتف أخرجه من شروده …نظر إلى الهاتف ليرى المتصل عبير …ابتلع ريقه ولكنه أمسك الهاتف ورد بسرعة
-أمير …
صوتها المختنق أقتحم أذنه بقوة ….
-أمير بالله عليك تعالى…عشان خاطري …أنا أسفة …اسفة ….
-أنا جاي …ادخلي الاوضة واقفلي على نفسك لو سمحتي …لو سمحتي يا عبير …
-حاضر ..حاضر ..
قالتها وهي تبكي …
……..
بعد دقائق …
ولج الى المنزل وبالفعل كانت بالغرفة … اتجه إلى باب الغرفة وجلس بجواره وهو يقول بصوت مرتفع قليلا :
-أنا اسف يا عبير …اسف …
انتظر ثواني ليأتيها صوته المختنق قائلا:
-مش ذنبك …مش ذنبك …ده ذن…
ولكنه قاطعها وهو يهز رأسه بعنف قائلا:
-لا ده غلطي أنا بس …الأفكار اللي جاتلي …
صمت وهو يضغط على رأسه بقوة ثم أكمل :
-أنتِ مينفعش تبقي هنا أكتر من كده …مينفعش!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في منزل يوسف …
يقف أمام المرآة يتأمل انعكاسه ….بقعة ارجوانية تزين أسفل عينه نتيجة لكمة كريم القوية …لقد كان كالثور الهائج ….أها نه بشدة ….أسمعه كلمات لم يتخيل أن تخرج من فم كريم …لم يقبل عرض الزواج منه …شتـ م يوسف نفسه وهو يضر ب خشب طاولة الزينة …كان يضغط على أسنانه بقوة …والغضب يتصاعد داخله…كم هو غـ.بي …متـ.خلف …عرض نسرين للخطر …لقد أفشى السر…فيما كان يفكر …هل ظن ان كريم سوف يوافق بكل سهولة عليه ويتمنى له السعادة …بالطبع لا ولكن كعادته تصرف بتهو ر ونسرين الآن من ستدفع الثمن …دوى قلبه بعنـ ف داخل صدره وهو يتخيل ماذا سيفعل بها والده…لماذا لم يفكر قبل ان يتهو ر…لماذا وضع نسرين في هذا الموقف الصعب …كان يلوم نفسه ويتذكر أيضا غضب كريم الذي اشتـ عل..بالتأكيد كريم سوف يعا قب نسرين وسوف يكون هو السبب …أغمض عينيه وذكريات مواجهته مع كريم تتدفق لذاكرته بقوة .
…..
-بتقول ايه ؟!!مين …بنتي مرتبطة بمين !!!!
كان وجهه ينذر بالشـ ر ….أرتفعت النير ان في زرقتيه وبدا كوحش جبا ر …ولكن يوسف لم يسمح له بإرهابه …سوف يأخذ نسرين …لن يخسر مجددا …هو يعشقها…لن يستطيع الحياة بدونها …هي كل شئ في حياته …فكيف يتركها تنسل من بين يديه هذا جنو ن…بالتأكيد جنو ن !!
رفع يوسف رأسه وقال:
-كريم أنا ونسرين بنحب بعض ومن زمان ..هي حبيبتي. ..وحاولت كتير اصارحك بالموضوع بس خوفت أخسرك بس دلوقتي أنت لازم تعرف وده حقك أنك تعرف ان نسرين كمان بتحبني واحنا عايزين نتجوز فأنا طالب موافقتك وأنا هصالحكم على بعض …نسرين بتحبني وهتسمع كلامي …
امسك كريم شعره وهو لا يصدق …تلك كانت الضر.بة القاضية له …يوسف …يوسف يخو نه !!!!
نظر إليه وقال بصدمة :
-نسرين يا يوسف !!!!
أرتفعت النيران في عينيه مجدداً وصرخ وهو يمسكه من طرفي قميصه ويهدر بشراسة :
-بنتي يا يوسف …بنتي أنا تلعب عليها وتحاول تغو.يها !!!!!
هز يوسف رأسه بقوة وقال :
-أقسم بالله عمري ما فكرت أعملها أصلا يا كريم …أنا حبيت نسرين …حبيتها بجد أكتر من حياتي ومستعد أمو ت عشانها …مستعد أمو ت …بس متبعدهاش عني …لو سمحت يا كريم متبعدناش عن بعض …أحنا بنحب بعض ….
اخذ كريم يهزه وهو يصرخ :
-بتحب مين يا مجنون أنت…دي نسرين ….نسرين اللي ياما قولتلي ان دي زي بنتي …دي بنتي اللي لو أنت أتجوزت وخلفت هتجيب قدها…بتحبها أزاي يا مختل أنت …ظ.دي زي بنتك …زي بنتك …
امسك يوسف كفه وهز رأسه بقوة وقال:
-لا يا كريم …نسرين مش.بنتي …أنا عمري ما اعتبرتها كده …ده كان مجرد كلام قولته …نسرين كانت دايما حبيبتي …أنا بحب نسرين …بحبها اووي وطالبها منك …
-أخرس …اخرس !!!
هدر كريم بشراسة وهو يلكـزمه بعنف …وما حدث بعده كان سئ …سئ للغاية!!!
………..
خرج يوسف من شروده وهو يتنهد بعمق ..ماذا فعل ؟!!ماذا فعل ؟!!لقد د مر كل شئ …د مر علاقته بكريم وقضى على بقايا المشاعر التي تحملها نسرين بقلبها …هي أبداً لن تسامحه …وسوف تكون محقة جداً …فهو قد تجاوز حدوده …أفشى السر الذي أقسم ان يحافظ عليه ولكنه ظن ان بتلك الطريقة نسرين سوف تعود إليه ولكن الوضع تد هور أكثر …هز رأسه وهو يفكر انه يجب أن يصلح الوضع سيكلم كريم مجددا ..الآن ولن يسمح له ان يؤ ذي نسرين مجددا …يكفي ما عانته معه حتى الآن …
ابتعد من طاولة الزينة وغير قميصه الذي عليه بقع من دمه ثم غادر المنزل متجهاً الى منزل كريم ….
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان مطرق برأسه ينظر إلى كفه المضمد بطريقة بسيطة …مجرد أنه وضع رباط عليه ليوقف النز يف في كف يده …ولكن ماذا يفعل للنززيف في قلبه …ماذا يفعل للنير ان التي تشتعل في روحه؟!..ليته يستطيع فعل شئ …ليته …
دعك عينيه بتعب …حالته تزداد سوءاً …لم.يظن أن الغيرة قا سية لذلك الحد …هو يفقد السيطرة …مئات الإفكار تقتحم عقله …مئات الصور تها جمه …صور ليان مع يحيى …يؤ لمه أنها أصبحت لآخر …لقد ظن أنه سينساها…سيتجاوزها ولكنه كان أحمق …أحمق للغاية …فليان أصبحت في د.مه …حبها لا مفر منه…وهو من سيظل يتأ لم حتى المو ت …سيراها تتزوجه …تنجب منه ….تمسك كفه وتحبه وهو من سيكتوى بنا ر الغيرة …ولكن ربما لو ابتعد عنها سينساها …ربما لو ترك العمل وابتعد …سافر بعيداً عن ليان سوف ينساها بكل تأكيد …ربما الهروب هو الحل الوحيد له …هو معتاد على الأمر …لن تكون المرة الأولى التي يهرب فيها …
فُتح الباب ليظهر عدي بوجه شاحب ….الدموع محتشدة بعينيه….وجسده يرتجف …وقع قلب موسى في قدمه ونهض وقلبه ينتفض داخل صدره …
-ليان !!!
كانت تلك الهمسة من فم موسى قالها ونهض واقفاً على قدميه …غار قلبه في صدره ومئات الأفكار تضج بعقله ….
-قدروا يأذ وها يا موسى …اتضر بت بالنا ر …
ترنح موسى وشكر الله لوجود الفراش خلفه يدعمه …أخذ يرمش بصعوبة لكي يتخلص من تلك الدموع التي بدأت تلسع عينيه …
-هي فين ؟!
قالها بنبرة ثابته تخفي في أعماقها الأ لم …الأمر أشبه كأن الأمر يتكرر …أعظم أ لم اختبره يتكرر مرة آخرى ولكن تلك المرة ستكون نهايته …تلك المرة لن يعيش ….سيزهق هو روحه بيده ..فالحياة دونها جحـ يم …غيابها سيكون قا تل ….
-في المستشفي …يحيى اتصل بيا وقال انها دخلت اوضة العمليات ….
حك عدى رأسه بعنف وقال :
-كله بسببي ياريت مكنتش سمعت كلامها وخليتها تروح لوحدها…..
اقترب منه موسى وقال:
-مش وقته يا عدي يالا هنروحلها المستشفي. ..
ثم تجاوزه وهو يخرج مسرعا …كان يستطيع الشعور بقلبه يهدر داخل قلبه بعنف …الخوف ..والقلق والغضب كانوا يمز قانه بقوة…
-ممكن تهدى شوية عايزين نوصل لليان حتة واحدة بدل ما نشرف.جمبها في اوضة العمليات !!
قالتها جواهر لاهثة وهي تتمسك بمقعد السيارة بخوف …لعـ نـت نفسها لأنها أصرت على القدوم ..ولكنها كانت حقاً قلقة على ليان ..
لم يعيرها موسى اي اهتمام ..وبدا.انه لم يسمعها من الأساس ومازال مستمر على قيادته المتهورة …لم يهتم بأي شئ…لم يفكر بأي شئ سوى بليان …يقسم داخله أنها أن نجت لن يتركها تبتعد عنه ابداً…لن يقاوم حبه بعد الآن ولن يخفيه ….فقط لتنجو …لتنجو …
فكر والدموع تلسع عينيه ..بينما قيادته تزداد تهوراً..
-ياربي أنا صغيرة مش عايزة أمو ت …هسيب أمي لمين بس
……
في المشفى ….
-ايه اللي حصل يا يحيى ؟!
قالها عدي لاهثا وهو يقترب من يحيى الشاحب والذي كان بجوار غرفة العمليات …وجهه مكد وم وملابسه غير مهندمة على عكس عادته …قميصه الأبيض ملطخ بالد ماء …..
كاد يحيى أن يتكلم إلا أن موسى تدخل ولكمه بقوة حتى سقط أرضاً وصرخ به :
-بعدين لما تأخد واحدة من بيتها اتأكد انك تعرف تحميها مش تضر ب بالنار وأنت متعرفش تعمل حاجة ….
-موسى خلاص !!!
قالها عدي وهو يبعد موسى عن يحيى ….
نهض يحيى وهو ينظر إلى موسى بصدمة وكاد أن يتكلم إلا أن خروج الدكتور من غرفة العمليات أوقف الكلمات في حلقه …اقترب يحيى وعدي وموسى بلهفة ليقول الطبيب مبتسماً:
-الحمدلله مرت على خير …والفضل بعد ربنا لدكتور يحيى اللي عرف يسعفها …والر صاصة الحمدلله مصابتش اي مكان حيوي وشوية كده هننقلها اوضة عادية .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت جالسة على فراشها تُشاهد احد أفلامها المفضلة …أرادت أي شئ يلهيها عن افكارها تلك ..وللاسف ليان ليست متفرغة لها الآن لقد اخبرتها انها سوف تنهي علاقتها مع فؤاد اليوم ولتكن صريحة من نفسها ..هذا أفضل قرار اتخذته ليان فلا يجب أن ترتبط بشخص وقلبها ملك لآخر
..ليان لم تتجاوز موسى بعد …مهما حاولت ان تُظهر هذا ولكنها تعرف صديقتها .. تحفظها عن ظهر قلب …ليان تعشق موسى كثيراً ..أكثر من حياتها ربما…هي لا ترى غيره …هو يستوطن روحها …يسيطر على دقات قلبها ….حب ليان لموسى لا مثيل له ولكن لا تعرف لماذا ولكن نسرين تشعر ان حب موسى لليان اقوي بكثير…عاطفته أقوي …لن تنسى ذلك اليوم الذي أخذ فيه رصاصة عنها دون اي تردد …كاد ان يمو ت ليحميها …ربما يخد ع نفسه ويقول ان هذا هو عمله ولكن نسرين تعرف انه كاذب …هو يعشق ليان …اكثر من حياته…مستعد أن يمو ت لأجلها ….لا يمكن لهذا أن يكون ألا عشقا سيطر على قلبه ……
انتفضت نسرين عندما فُتح الباب وظهر كريم وأمارات الشـ ر على وجهه …اقتربت نهى بتو جس وقالت:
-فيه أيه يا كريم …ايه اللي جابك دلوقتي؟!
لم يهتم كريم بها بل اقترب من نسرين وقال كمن على حافة فقدان السيطرة :
-الكلام اللي قاله يوسف ده صح ؟!
شحب وجه نسرين ولكنها تمالكت نفسها وقالت بشجاعة :
-ايوة …..
-صاحبي يا نسرين ..صاحبي !!!
صرخ كريم لتنتفض هي وتحاول أن تنهض ولكنه جذ.بها من شعرها وصـ فعها بقوة ….ثم قبض على عنقها ..
-كريم …سيبها يا كريم هتمو ت في إيديك !!!
صرخت نهى والدموع تطفر من عينيها بينما تمسك زوجها وتحاول ابعاده عن نسرين ….ولكن كريم كان يقبض على عنق نسرين بقوة وهو يصرخ :
-صاحبي ..صاحبي يا ××××××
كتمت نهى فمها بكفها الحر وهي تسمع سبه لأبنته بتلك الطريقة الشنـ يعة:
-بس …بس يا كريم عيب …
تصرخ وهي تدفعه الا أن كريم ترك نسرين ثم استدار وأمسكها من ذراعها ودفعها للخارج مغلقاً الباب !!!
أخذت نهى تضر ب على الباب بقوة وهي تصرخ:
-يا كريم …سيبها حرام عليك سيبها …
..
في الداخل خلع كريم طوق خصره ونظر إليها بشـ ر وقال :
-طلعتي ××××× زي أمك بس بسيطة أنا هوريكي ..همو تك يا نسرين …
نظرت إليه بإنهاك …شعرها مشعث ووجهها الأبيض مكدوم بفعل الضرب وقالت لاهثة :
-مو تني …مو تني لو ده هيريحك …ده هيريحني كمان!!
اقترب كريم ورفع طوقه ثم أنزله على جسدها …أطلقت صرخة عالية جعلت نهى تقفز بفزع من الخارج …
..
أخذت نهى تلطم على وجهها وهي تقول :
-هيمو تها ..هيمو تها !!!
لطمت مرة أخرى ونسرين تصرخ بقوة ….
ركضت نحو هاتفها وامسكته بكف مرتعش وهي تتصل بشخص ما …
ما ان أتتها نبرته المختنقة بفعل النوم حتى صرخت به :
-فؤاد الحقني …كريم هيموت نسرين يا فؤاد الحقني !!!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد دقائق معدودة …
كانت تضم جسدها وقابعة على الأرض بينما هو يجلد.ها بطوق خصره ويقول :
-صاحبي …صاحبي …بتصيـ عي ده كله مع صاحبي ومدياني على قفايا يا نسرين…وديني لا قتلك النهاردة ….
كانت الدموع تغرق وجهها …لقد ضر بها حتي انهار جسدها …تشعر انها ستفقد الوعي …سمعت لهاثه القوي وابتعد عنها قليلاً وهو يجلس على المقعد المجاور ويقول بو عيد من بين لهاثه ؛
-متفرحيش مش هسيبك النهاردة يا نسرين …أنا هعلمك الأدب من أول وجديد …أنتِ والكـ لب يوسف عشان تدوني على قفايا تاني …قوليلي عملتي ايه معاه ….وصلت علاقتك بيه لفين ؟!كنتِ ناوية تجيبيلي العا ر صح؟!
ثم حاول رفع طوقه مرة آخري ليضر بها الا أن جلبة بالخارج أوقفته عما يفعله …
-افتح يا عمي …افتح !!!
كان هذا صوت فؤاد الغاضب الا ان كريم صرخ وقال:
-محدش يتدخل …بنتي وبربيها …
ثم ضر بها مرة آخرى لتصرخ بنبرة مخـ تنقة …لم ينتظر فؤاد أكثر وكـ سر الباب ودخل وهو ينتزع نسرين بعيدا عنه ويضمها إليه وهو يقف في وجهه …
-أبعد يا فؤاد …أبعد ……
امسكت نسرين بفؤاد أكثر وهي تدفن وجهها في صدره ونشيجها يرتفع أكثر …
-مش هسمحلك تعمل كده …مش هسمحلك …
-دي بنتي أنا….بنتي أنا …
قالها كريم بجنو ن وهو يحاول أن يمسكها ولكن فؤاد ابتعد عنه بها وقال:
-كده هتضطر تقف في وشي أنا يا عمي …أنا مش هسمحلك تأذ يها …دي بنتك …بنتك ..مفروض تحميها متأذيهاش …
-بنتي دي كانت بتصيع مع صاحبي ..×××××× دي كانت ماشية مع صاحبي …الله اعلم ايه اللي عملته كمان معاه !!!
شعر فؤاد بالأ لم يعصف به ولكنه قال ؛
-أنت السبب في ده كله …متلومهاش على حاجة انت السبب فيها وزي ما قولتلك أنا مش هسمحلك تأ ذيها بعد النهاردة !!!
رمى كريم طوق خصره وقال :
-طيب …طيب … مادام عايز تحميها بالشكل ده يبقى أتجوزها…موافق تتجوزها يا فؤاد …هتتجوز بنتي …
ابتلع فؤاد ريقه ثم نظر إلى نسرين التي كانت تنظر إليه وعينيها حمراء بفعل البكاء …..حاصر نظراتها لثواني …لن يسمح لأي أحد لان يؤذ يها …حتى لو لم تحبه ..هو سوف ينقذها من والدها وما أن تكون بخير سوف يحررها تنهد فؤاد ونظر إلى كريم وقال:
-هتجوزها …بس من هنا لحد ما أخدها من عندك عايز وعد انك مش هتحط ايديك عليها تاني !!!نسرين من النهاردة تخصني !
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-تقدر تروح يا عدي أنا هفضل هنا .
قالها موسى بإيحاء وهو يهز رأسه له …كانت عيني عدي تشتعلان بالنير ان …هز رأسه لموسى ثم ذهب وهو يأخذ زوجته معه…بينما ظل موسى امام غرفة ليان قلبه يتمز ق … ولكنه رغم هذا يشكر الله لأنها نجت من المو ت وتم اسعافها مبكرا وعلى الرغم أنه كر ه الأمر إلا أنه كان لابد أن يعترف أن هذا كان بفضل يحيى …يحيى من أسعفها وبفضل الله ثم هو وأطباء مشفاه نجت ليان وتم إيداعها بغرفة عادية وهو ينتظر حتى تفيق….
خرج يحيى من غرفته بالمشفى بعد أن بدل ملابسه وشرب كوب قهوته وقرر أن يغادر …قرر أن يطمئن على ليان قبل أن يذهب لمنزله …دعك عينيه بتعب …هذا اليوم كان كار ثة بكافه اشكاله
اتجه بخطوات واسعة إلى غرفة ليان
توقف مكانه وهو يرى موسى يجلس أمام غرفته مطرقاً برأسه ويبدو أنه غارق تماما بالتفكير …
وضع يحيى كفه على وجهه وتذكر لكـ مة موسى له ..تذكر كم كان غاضباً بشدة …كان حقاً يشتعل من الغضب …أطرق يحيى قليلا وهو يفهم الأمر جيداً ..موسى ليس مجرد حارس شخصي لليان…هو يحبها !!بل الأمر تجاوز الحب أنه العشق …العشق الذي لا يؤمن به أبداً…ما زال يتذكر عيني موسى التي كانت تشتعلا ن بالغضب. ..الر عب الذي شعر به على ليان ….ليكن صادقاً هو طوال مهنته كطبيب لم يرى هذا الخوف بعيني اي شخص سواه …ولكن كيف لم يرى عدي الخوف بعينيه …كيف لم يعرف الحقيقة ….عشق موسى لليان يفيض من عينيه …لن يبالغ إن قال إن خوف موسى كان أكبر من خوف عدي على شقيقته …بدا وكأنه فقد حياته….
اقترب يحيى من موسى وقال بنبرة رسمية؛
-مفيش داعي تفضل هنا يا استاذ موسى …هي نايمة دلوقتي وهتفوق بكرة …بتتعب نفسك على الفاضي …محدش هيقدر يأذ يها هنا .
لم ينظر إليه موسى حتي بل ظل مطرقاً برأسه …تنهد يحيى وجلس بجواره وقال :
-الموضوع حصل فجأة ..مكنتش مستعد ..فجأة لقيت نفسي وسط ناس وبتضر ب وأنا مش فاهم حاجة …أنا اسف اني مقدرتش أحميها …
أغمض موسى عينيه ومازال الخوف ينهـ ش قلبه …لم يزل توتره بعد …مازال يشعر بقلبه ينبض بشدة ولكن رغم هذا رفع رأسه ونظر إلى يحيى وقال :
– ده مش غلطك …اسف اني انفعلت عليك …بس كنت خايف ..ليان طول عمرها مسئوليتي ولو كان حصلها حاجة عمري ما كنت هسامح نفسي …فسامحني لاني عملت كده …
هز يحيى رأسه وقال:
-ولا يهمك الخوف بيخلينا نعمل أكتر من كده …أنا كمان اتخضيت عليها …افتكرت أن حصلها حاجة ..
تنفس موسى بحدة ليكمل يحيى :
-بس الحمدلله ربنا كريم أووي…هي بقت دلوقتي كويسة وتجاوزت الخـ طر وهتطلع من هنا بالسلامة…
نظر موسى إلى يحيى مجدداً وقال:
-وده بفضلك بعد فضل ربنا طبعا…أنت اللي أسعفتها ..وأنا مفروض اشكرك على اللي عملته …
ابتسم يحيى وقال وهو ينظر إليه بتركيز :.
-أنت مهتم أووي بليان …أنا حاسس انها مش مجرد واحدة بتحميها …
ابتلع موسى ريقه ليكمل يحيى :
-أنا مشوفتش الخوف ده في عيون عدي ذات نفسه …
نهض يحيى مبتسماً وقال :
-انا مش بؤمن بالحب صحيح …بس شايف ان لو فيه فرصة نبقى مبسوطين منضيعهاش ….أنت تستحق تكون فرحان وليان كمان ..
نظر إليه موسى بصدمة ليبتسم يحيى ويقول :
-بالمناسبة أنا وليان أنفصلنا … عرفنا احنا الاتنين أننا مش لبعض …وانا عرفت دلوقتي هي ليه اختارت الإنفصال …هي كمان بتحبك …بتحبك أووي .
ثم تركه وذهب …وكأن الله أعطاه فرصة آخرى …فرصة أن يحتفظ بليان للأبد !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وصل إلى قصره وتركها واتجه إلى مكتبه …دون أي كلمة …كان يعرف ماذا سيعرف …حسان رشيد تجاوز الحد ..سوف ينسى صلة القرابة التي تجمع بينهما وسوف يقتـ له …يقسم أنه سيقتـ له …لقد حاول قتـ ل شقيقته …قطعة منه …فتح الخزانة الخاصة به وأخرج سلاحه النا ري وهو يدسه في ملابسه ويخرج على عجلة …كانت جواهر واقفة بحيرة تنظر إليه وهو يخرج من مكتبه …أمارات الشـ.ر على وجهه …لقد ار تعبت ..نعم لن تنكر أنها ار.تعبت منه …فها هو عدي العابث اللطيف ينقلب للنقيض تماما …لقد أصبح شيطا ناً ..غار قلبها في صدرها واستجمعت شجاعتها ووقفت أمامه وقالت بصوت مرتجف:
-هتعمل أيه ؟!
ولكنه دفعها بعيداً عنه …لم ينظر إليها ولم يهتم. ..كان في عقله هدف واحد هو قتـ ل حسان رشيد وليذهب الباقي إلى الجحيم !!!
….
خرج لسيارته مسرعاً وقادها وشيا طين العالم تعبث برأسه
………
-حسان رشيد !!!!
صرخ عدي وهو يلج لفيلته.. .لم يجرؤ أحد على منعه أو لمسه حتى …وتلك كانت أوامر حسان الا يمس أحد أبن شقيقه الغالي …حتى لو قتـ له عدي….
-اهلاً يا أبن اخويا …كنت مستنيك يا أبن الغالي …
كان حسان جالس على الأريكة الفاخرة …يمسك عصاه وعلى وجهه ابتسامة غريبة ….اشتعـ لت النير.ان بعيني عدي وهو ينظر إليه …كان الغضب داخله يتفاقم …اقترب منه عدي ثم شده من قميصه القطني وجعله ينهض …حاول حراسه التدخل إلا أنه قال بصوت حازم :
-محدش يتدخل …الكل يطلع برا فورا !!!
نظر الحراس إلى بعضهم بقلق وحيرة ليقاطع نظراتهم بنبرة حازمة قد ارتفعت قليلاً :
-أنا قولت ايه ؟!!الكل يطلع برا. ….يالا برا ..مش عايز اشوف اي حد هنا !!
وبالفعل هز الحراس رأسهم بطاعة وبدؤا بالإنصراف الواحد تلو الآخر حتي أصبحت صالة الفيلا فارغة الا من عدي وحسان
-ها كمل يا أبن أخويا اللي كنت عايز تعمله !أنا اهو مشيتهم كلهم …اتفضل اعمل اللي أنت عايزه محدش هيمنعك …لا أنا ولا غيري!!
تراجع به حتى اصطدم حسان بالحائط …وجب عليه أن يخاف وخاصة بسبب النظرات الشيـ طانية التي يرمقها به عدي …والتي توضح أنه فقد صبره تماماً معه ….لقد تجاوز حسان حدوده تلك المرة وعرف أن عدي ربما لن يتردد في قتله بسبب ليان!!!
وجه عدي سلاحه النا ري لرقبته وهدر بخشونة:
-أنت تعرف دلوقتي أنا نفسي في ايه ؟!…نفسي أقتـ.لك وأشرب من د مك…نفسي انهيك من على وش الأرض …تعرف أني دلوقتي قادر اني اعمل كده …عارف كده يا حسان رشيد ولا مش عارف !!!
جملته الأخيرة قالها بنبرة مرتفعة صمت أذنيه ولن يكذب حسان هو شعر بالخوف قليلا ولكنه لم يظهر هذا بل رفع رأسه وقال بتحدي:
-اللي عايز تعمله اعمله يا عدي …عايز تقـ تل عمك …هو ده اللي عايزه خلاص مش مشكلة …
-بلاش جو الصعبنيات ده يا حسان …لاني فعلا هقتـ.لك……
-هتقـ تل عمك عشانها…عشان ليان اللي هي مش أختك اصلا !!!
ضغط عدي على رقبته وقال من بين أسنانه :
-ليان من د مي …الزم أدبك يا حسان …واللي من دمي مستعد أعمل عشانه اي حاجة …ليان أغلى إنسانة على قلبي ….هي آخر ذكرى من ابويا وانا مش هسمح انك تمس شعرها تاني …يالا اتشاهد على روحك …
أغمض حسان عينيه وهو ينتظر مصيره …عرف أن عدي لا يمزح تلك المرة….ضغط عدي على الزناد وكاد فعليا أن يطلق النا ر ولكنه ابتعد فجأة وهو يصرخ بقوة ثم يفرغ سلاحه في الحائط بعيدا عن حسان …..
انسابت دموعه بغضب وقال:
-للاسف أنا مش رخيص زيك وبقـ تل بدم بارد….بس أعرف يا حسان انك لو فكرت تقرب من ليان تاني هحرق قلبك على أعز ما ليك يا حسان…ودي كلمتي ليك وانا مش هعمل كده بإيدي هكلف ناس متترددش ثانية تقتـ لك أنت وعيلتك كلها!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
نظرت إلى الساعة لتجدها الرابعة فجراً…القلق نهـ.ش قلبها …لا تعرف لماذا من الأساس هي قلقة عليه ولكن رغم ذلك لم تستطع منع نفسها من القلق …خرجت للتراس لكي تُدخن وما كادت أن تخرج سيجارتها لكي تدخنها حتى رأت بوابة القصر تُفتح تلقائيا وتلج سيارة عدي …تخلت عن فكرة التدخين وابتعدت عن التراس خارجة من الغرفة بأكملة متجهة إليه …يجب أن تراه …تعرف ما به …لن تتركه بتلك الحالة ….
……
نزلت من الدرج ووقفت بصالة المنزل في إنتظاره …كان قلبها يقصف داخل صدرها …فتُح الباب ليظهر هو …وجهه الوسيم شاحب للغاية …يمسك سلا حه النا ري وبدا وكأنه منهار …
-عدي …
همست.بصدمة ليرفع عينيه له ..وقد تراجعت وهي ترى الدموع المترقرقة بعينيه ….
في بقائها معه عاهدت الكثير من نُسخ عدي رشيد …رأت عدي رشيد الغاضب …والبارد واللطيف والساخر…ولكن تلك النسخة المنهارة لم تراها من قبل ولم تحب أن تراها…فكرت بإنزعاج …فتحت فمها لتتكلم الا أنه اقترب منها بخطوات واسعة وجذبها بين ذراعيها ليعانقها!!!!
اتسعت عينيها بصدمة وهي تراه يضمها بتلك.الطريقة …عناقه.كان قوياً…مختلفاً وعاطفيا من الدرجة الأولى….لقد استطاعت الشعور بقلبها. يخفق بشرا سة توازي شر اسة نبضات قلبه …امتزجت دقات قلبيهما في عناق رائع لم تتخيل أبداً أن تناله …نست كل شئ ..الزواج المزيف وكذ بها وقسوته…لم تفكر بشئ أو تهتم الا بعدي المنهار بين ذراعيها …رفعت كفيها ووضعتها على ظهره وهي تربت عليه برفق …أغمضت عينيها وهي تعانقه بشكل أقوى …لم.تفكر بالصح والغلط …اختفت كل حدودها ومبادئها…ونست الجميع الا هو …للحظات اخذت تتنعم بهذا العناق الرائع من قبله ….ظلا هكذا لدقائق معدودة…لم يتحدث أحد أو يحاول أن يبتعد …فقد ظلا يتعانقا طويلا …غير مدركين لأي شئ …
أخيراً ابتعدت جواهر عنه وهي تقول بلطف :
-خلينا نطلع الأوضة عشان ترتاح …
هز عدي رأسه وتبعها بطاعة
……………
في غرفتهما…
كان قد استحم وبدل ثيابه وارتدي.منامته …ساعدته جواهر لكي ينام على فراشه …كان يبدو حقا مرهق …منها ر ومحطـ م.لألف قطعة وقد تعجبت أن رجل مثله ينهار لتلك الدرجة …صحيح أن إصابة ليان جعلت الجميع يكاد يمو ت من الرعب ولكنها بخير الآن وهي كادت أن تبقى معها اليوم ولكن عدي لم يوافق ولكن هل معقول ينهار لتلك الدرجة بسبب شقيقته …لطالما عهدته قوياً…ولكن أقوي انسان سوف ينهار إن كان أحد يحبه في خطر …وهي أيضا رغم قوتها إلا أن أمام خوفها على والدتها تنهار تماماً…أنها تتذكر في بداية مرض والدتها كيف أنها كانت تبكي بعنـ ف بعد أن تنام …كانت تذهب إلى المطبخ وتجلس أرضاً ثم تنفـ جر في البكاء مثل الأطفال …الخوف يفعل بنا أكثر من هذا …خوفنا على من نحب يجعلنا أضعف وقد اختبرت هذا الضعف أكثر من مرة. ..
-حاسس نفسك احسن دلوقتي ؟!
قالتها جواهر وهي تربت على شعره لينظر إلى عينيها ويقول :
-الحمدلله …
هزت رأسها وتمتمت :
-الحمدلله
تأملها عدي وأمسك كفها ثم قبله وقال :
-شكرا ..
-على أيه ؟!
قالت حائرة الا انه رد وقال :
-شكراً على الحضن …كنت بجد محتاجه يا بيري .. شكرا…
ثم جذب كفها وقبله قائلاً :
-خليكي جمبي النهاردة …أنا خايف …
تنهدت وهي تهز رأسها ثم وضعت رأسها على كتفه وهي تغرق بالنوم …
ظل هو لدقائق يتأملها …أخيراً تكونت ابتسامة جميلة على محياه وشد على كفها وهو ينام …وقد نام براحة شديدة وهي بجواره …وقد عرف منذ فترة لا بأس بها أنها تمتلك تأثير كبير عليه …وربما تأثيرها سيكون على قلبه !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
اشرقت الشمس وغطت المكان بينما ما زال هو جالساً هو أمام غرفتها …عدي اتصل به عدة مرات وأخبره بما حدث معه في منزل عمه وكيف أن المشكلة تفاقمت وأنه يفكر في أن يبعد ليان عن هنا حتى تنتهي تلك المشاكل ولكن موسى هو من هدأه فهو سيبقي ليان دائما معه ولن يسمح لأي حد أن يؤ.ذيها …سوف يكون أمانها ..سوف يظل معها دوما لن يجعلها تغيب عن عينيه …لن يتركها أبداً….أبداً …
فكر موسى وقلبه يخفق بقوة ..أغمض عينيه وهو يتذكر كلمات يحيى …لقد أخبره بصراحة أنه يعرف مشاعره نحو ليان …يعرف مشاعره القوية التي أخفاها بمهارة ولكن يبدو أنه لم يكن ماهراً ابدا في إخفاء مشاعره …فها هو يحيى عرف مشاعره وواجهه به وهو فشل في الإنكار …لم يجرؤ حتى وخطيب من يحب يخبره بصراحة أنه يحب ليان …ولكن افضل ما حدث في تلك المواجهة أنه أخبرها أنه انفصل عن ليان والاثنان اتفقا على هذا قبل الحادث المؤسف
ولج موسى إلى غرفتها وجلس بجوارها وأمسك كفها ..
فتحت ليان عينيها بتعب …كانت تشعر أن جفنها ثقيل للغاية وأ لم ببطنها …أخيراً استطاعت فتح عينيها بالكامل ورأت أمامها موسى !!! جالس بجوارها ممسكاً كفها ويبدو إلى وجهه الإرهاق …أغمضت عينيها مرة آخرى. . لابد أن هذا حلم سخيف من احلامها …
-أكيد.ده حلم ..
قالتها بنبرة ثقيلة
ليتنهد موسى وهو يقترب منها ويقبلها على جبهتها برفق قائلا:
-لا يا ليان ده مش حلم …أنا هنا جمبك وهفضل جمبك مش هخلي أبداً حاجة تأذ يكي …أنا هحميكي من أي حاجة …هفضل علطول بحرسك….
فتحت عينيها بدهشة ليربت على شعرها وشفتيه قريبة منها ….ابتلعت ريقها وهي تغرق بعينيه…لا سبيل للنجاه منه .. مهما حاولت الهروب !!.
ابتسم وأمسك كفها وقبله برفق ثم أخرج من جيبه اسورة فضية متدلي منها قلب صغير …امسك يدها ووضع بها الأسورة ثم قبل معصمها وقال بصوت أجش:
-أنتِ كسبتي الرهان يا ليان …
نظرت إليه بحيرة ليمسك كفها ويضعه على صدره ..على قلبه النابض بقوة مباشرة ويكمل :
-قولتي قبل كده أن في خلال تلات شهور هاجي واعترف بحبي ليكي …وانا أهو قدامك يا ليان بقولك أن ده …
وضغط كفها على صدره لتشعر بدقات قلبه وأكمل :
-ده ملكك أنتِ …أنتِ وبس يا حبيبتي ….
نظرت إليه وقد ترقرقت الدموع بعينيها …لا تصدق …لابد أن هذا حلماً سعيدا …..موسى أعترف بحبه لها !!
-حاسة أن .ده حلم….مستحيل يكون ده حقيقي ..مستحيل …
نهض ووضع قبلة قوية على جبينها وقال:
-لا ده حقيقي ..أنا هنا معاكي …ومش هسيبك …أنا مش هقاوم.مشاعري من النهاردة …أنا بحبك يا ليان …بحبك أوووي…
انسابت الدموع من عينيها ليهز.رأسه ويقول:
-لا متعيطيش ..من النهاردة مش عايزك تعيطي….من النهاردة عايزك مبسوطة يا ليان …عايزك مبسوطة دايما …
هزت رأسها وهي تحاول السيطرة على دموعها وقالت بتوجس:
-مش هتغير رأيك بعدين وتعاملني ببرود ؟!;
أ لمه أنها فقدت ثقتها به بسبب ما فعله ولكنه ابتسم وقال :
-لا … مستحيل ….أنا هبقى معاكي للأبد …هفضل أحميكي يا ليان …هحبك لحد آخر يوم في حياتي ده وعدي ليكي …طول ما أنا عايش أنتِ هتبقي بخير …هحميكي بحياتي …عمرك ما هتشوفي مني برود تاني يا ليان …عمري ما هجر حك أبداً…أنا من النهاردة ملكك …قلبي ملكك…زي ما قلبك ملكي ومش هسمح لحد يأخدك مني …
ابتسمت له ابتسامة حلوة …وقد بدا كل شئ بخير أخيراً …فها هو حبيبها معها وسيبقى معها للأبد .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فتحت عينيها لتجده جالس أمامها مبتسما…عينيه الخضراء تشع من السعادة…
ابتسمت ورد وهي تقول:
-صباح الخير …
-صباح الورد يا وردتي .
اتسعت عينيها بدهشة محببة ونهضت وهي تعدل من وضع شعرها وتقول:
-لا لا …ايه التقدم الرهيب ده ؟!
-أنتِ ليه محسساني اني جلنف ومش رومانسي …
ضحكت بنعومة وقالت؛
-لا العفو…
سحب ياسين الطاولة المتحركة التي عليها صينية الإفطار وقال:
-أنا جهزتلك الفطار بنفسي اهو وجيبتهولك للسرير……
كانت مصدومة الأن وقالت:
-لا لا أنت اتلبست ولا ايه فين ياسين جوزي…
قبلها من رأسها وقال:
-متقلقيش يا روحي من النهاردة ياسين تاني خالص …
ابتسمت له وعينيها تلمع بعشق ليقول هو :
-تحبي اقولك شعر لمحمود درويش …
-قول
أغمض عينيه ثم فتحهما مرة آخري وهو يتذكر سوف جذب كفها وقبله وشد.عليه بعاطفة وقال بنبرة تفيض عشقاً ؛
-أحببتك مرغماً ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق .فعاشق الجمال في العادة أهبل !!
أغمضت عينيها وهي تكتم ضحكتها قم فتحتهما وقالت :
-اهو ياسين جوزي رجع الحمدلله …مفيش اهبل غيرك هنا القصيدة بتقول (أحببتك مرغماً ليس لأنك الأجمل بل لأنك الأعمق .فعاشق الجمال في العادة أحمق )
هز كتفه وقال:
-المعنى واحد يا وردتي …
ضحكت وهي تهز رأسه ثم قبلته من وجنته وقالت:
-أنا بحبك …
-وأنا بحبك يا ورد …بحبك أووي
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يعني بدأ يثق فيكي ؟؛
قالها شريف براحة وهو يجلس على مقعده …يدخن سيجارته بهدوء بينما جواهر تقف أمام النافذة وهي تدخن سيجارتها هي الآخري …كانت تهز جسدها بتوتر وتحاول مقاومة الدموع التي تلسع عينيها وتهدزد بالإنفجا ر رغما عنها…كانت تحاول دحض التعاطف معه من قلبها….لا يجب أن تتعاطف معه لأن بكى أمامها …فهذا لن يغير من حقيقة أنه شيطا ن مثل شريف وهو يستحق هذا …يستحق الخدا.ع …يستحق أن يتم استغلاله وتحطيم قلبه….كان شيطا نينها تفوز عليها …تخبرها أنها في حرب وكل شىء في الحرب متاح …الكذ ب والخدا.ع هما الأسلحة المناسبة في تلك الحرب …وسوف تكذ ب حتى تخرج من تلك الورطة وتتخلص من عدي وشريف …
-أيوة بيثق…وبيثق فيا جدا..متقلقش هيبقى زي الخاتم في صباعي وهتأخد شيكاتك…بس اديني وقت .
-عدي لسه غبي زي ما هو …لسه بيقع ومبيتعلمش من اخطاؤه…سهل جدا نكـ سره وانا ناوي اكـ.سره…اد.مره زي ما د مرته قبل كده …
قالها شريف وهو يبتسم بشـ ر …لقد تجدد أمله بتحطـ يم عدي رشيد نهائيا وسلاحه سوف يكون جواهر كما كانت كارمن !!!
-مش فاهمة …
قالتها جواهر وهي تضيق عينيها بتركيز …نظر إليها شريف مبتسماً…كانت ابتسامته مخـ يفة …شيطا نية ثم هز رأسه وقال ؛
-متأخديش في بالك يا جوجو …ركزي بس في مهمتك …وخلي بالك لاحسن تضيعي تعبنا بسبب مشاعرك الغـ بية…
نفخت سيجارتها بلامبالاة وقالت :
-مفيش مشاعر ولا حاجة …مجرد اني شفقت عليه ..بس فكرت بعدين أنه يستحق اي ا لم يحسه عشان هو أنسان من غير ضمير …زيك بالضبط!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-توك افتكرتني يا أمير كده برضه …
قالتها تحية وهي تقف أمام بيته فقال أمير:
-معلش الدنيا مشاغل يا أختي المهم خلينا ندخل حابب أقولك حاجة
هزت رأسها ليفتح هو الباب ويدخلها ثم يدخل خلفها …
تجمدت تحية أمامها وهي ترى فتاة جميلة …
-تحية دي …
ولكن تحية صرخت وهي تقول :
-يالهووووي ..جايب نسوان في البيت !!!!!
يتبع….
(الخطيئة)
اليد التي أمسكتها وظننتها أماني هي من ألقتني من الهاوية…لقد حطمتني ولن أنسى هذا ولن أغفر أبداً .
#سولييه_نصار
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-نعم بتقول ايه ؟!!!
صرخت بها السيدة ليلى بعنـ ف ..عينيها متسعة بصدمة والدموع فعليا على حافة الإنفـ جار …كان يحيى جالساً أمامها على طاولة الإفطار يرفع وجهه ويواجهها …لن يتردد الآن …تلك حياته سيعيشها كما يريد هو …ليس لوالدته سلطة على قراراته بشأن الزواج …هذا لا يجوز …رأى يحيى بطرف عينيه والده الذي ينهض من طاولة الطعام ويذهب الى الأعلى …اخفى ابتسامته المريرة …والده أبداً. لم يقف بجواره أمام والدته …أبداً …
أعطى يحيى اهتمامه لوالدته وهو ينظر إليها بثبات …قرر ان يخبرها ما يشعر به بصدق…لن يتردد او يخاف …هو بالغ ويستطيع إتخاذ قراراته بنفسه دون تدخل من احد وبالأخص والدته… هو لن يكون سعيداً مع ليان …هو لا يحبها …وهي أيضا لا احبه ويبدو انها تحب حارسها الشخصي…هذا الرجل الذي كاد ان يقتـ له لانه فشـ ل في حمايتها …
-ماما !!!
قالها يحيى متنهداً…أغمض عينيه بتعب يحاول ترتيب كلماته كي يكون واضحاً بقدر إمكانه…هو لا يريد ليان وبالطبع لن يعود إليها وهو يعرف ان هناك شخصاً آخر في قلبها….شخص من الواضح انه يعشقها حد المو ت …لقد رأى الخوف في عينيه….بل الرعب …شخصاً كهذا هو من يستحقها فليان فتاة تستحق ان يحبها الرجل بكل كيانه …يحبها أكثر من حياته…
-قولي يا يحيى ان اللي قولته من شوية ده نكتة سخيفة منك …أنت مستحيل تكون سيبت ليان رشيد صح !!!
-لا يا امي أنا سيبتها …دي مش نكتة …دي حقيقة …
-ليه…ليه…هو أنت كنت هتلاقي زيها فين ..هي عملت ايه ؟!
تنهد بتعب وقال:
-هي معملتش حاجة. البنت كويسة أوووي ولطيفة واي شاب يتمناها بس مش أنا صدقيني …أنا مش قادر اتقبلها …مش قادر احبها!!!
-حب !!
صرخت وهي تنهض بينما تضرب على طاولة الإفطار وتقول :
-حب ايه يا يحيى بيه هو أنت مؤمن بالحب…انت طول عمرك بتقول ان الحب آخر اهتماماتك …من أمتي بقا بقيت مهتم أنك تحب البنت اللي هترتبط بيها من امتى!!!
-من دلوقتي يا ماما …من دلوقتي ..أنا من حقي اتقبل شريكة حياتي ..مش هتجوز عشان ارضيكي يا ماما…المهم انا هتقبلها ولا لا وده حقي..
كانت عيني والدته جاحظة بقوة …ستصاب بنوبة قلبية بالتأكيد …يحيى سيقـ تلها من القهـ ر …كيف اضا ع هذا الغـ بي تلك الفرصة …هذا ما كانت تفكر به …لقد انفصل عن شقيقة عدي رشيد …عدي رشيد !!!…اضاع عليها الملايين …اضاع عليها فرصة ان تعيش في راحة طوال حياتها …ابنها الغـ.بي ….لابد ان هناك فتاة استطاعت إيقا عه في شبا كها …هي ستعرف من تلك الفتاة وستد مرها نهائياً ..
-أنت بتحب واحدة تاني …فيه واحدة أكيد في قلبك !!!
قالتها والدته بتقرير …لم يكن سؤال بل كانت متأكدة من ذلك …ورغم تبعثره من الداخل الا انه حافظ على ثبات وجهه ونبرته أيضاً وهو يقول:
-لو في حد هبلغك واروح اخطبها علطول …أنا بس مش متقبل ليان يا أمي …هو مش عافية …الجواز مش عافية يا أمي ولا عمره هيكون ..افهميني أبوس إيديكي …
-لو مرجعتش لليان اعرف اني غضبانة عليك الى يوم الدين يا يحيى …عمري ما هسامحك عشان ضـ يعت فرصة اني اناسب عدي رشيد …
نهض يحيى وابتسم بلطف وقال :
-أمي أنتِ عارفة اني بحبك قد ايه …وانا عارف أنك بتحبيني كمان …وعشان بتحبيني مش هيهون عليكي اني ابقى تعيس…عايزاني ابقى تعيس يا ماما ؟!…أكيد لا يبقى يا ست الكل مفيش داعي للدراما.دي كلها …عن إذنك هجهز نفسي عشان اروح المستشفي واشوف ايه اللي حصل مع ليان …
ثم نهض وتركها تغـ لي…
….
في غرفته وبعد ان انتهى من إرتداء ملابسه امسك هاتفه واتصل بإحداهن وقال:
-مدام منى..معلش كنت حابب اطلب منك خدمة …حابب تجيبلي رقم تليفون او عنوان رانيا الغريب اللي كانت شغالة عندنا …
-رانيا الغريب !!
تمتمت والدته بصدمة وهي تقف على باب غرفته بينما هو لم يلحظها …
-هي دي اللي د مرت أحلامي في ان أكون نسيبة عدي رشيد …هي دي …
لمعت عينيها بجنو ن وقالت:
-أنا هوريها !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بس بس يخربيتك هتفضـ حينا !!
قالها أمير وهو يضع كفه على فم تحية لمنعها من الصراخ حتي لا تفضـ حه وتجمع عليه أمة لا إله الا الله …
ارتبكت عبير وأطرقت برأسها وهي تفرك كفيها بتوتر …استطاعت الشعور بقلبها يدوي داخل صدرها وتمنت أن ينتهي هذا الموضوع سريعاً…لتكن صريحة هي تريد البقاء مع أمير …لا تريد أن تذهب ..
الابتعاد عنه سوف يؤ لمها …ولكن من ناحية آخرى لا يمكنها البقاء هنا بعد كل ما حدث بينها وبين أمير …سوف يكون هذا كجعل البنزين بجوار النا.ر…هي لا يمكنها تجاهل الجاذبية بينهما …ولا تلك المشاعر التي تولدت داخلها من ناحيته …لن تحمل ضمير أمير أكثر من هذا …يكفيه أنه ساعدها كثيرا حتى الآن ..غفر لها خد اعها وكذ بها وأدخلها منزله وحاول كثيراً الحفاظ عليها …
…
كانت تحية تنظر الى عبير وعينيها متسعة وهو تزوم بفمها بينما أمير يضع كفه عليها…
-شوفي أنا هبعد ايدي بس متصرخيش أتفقنا يا تحية …
هزت رأسها بسرعة ليبعد كفه فتقول بنبرة عالية :
-جايب نسوان في بيت الشيخ أسامة …الله يرحمك يا شيخ تعالى شوف ابنك …تعالى…
-بس أسكتي ..وطي صوتك فضـ حتينا ..
قالها أمير بتوتر لتهمس هي :
-حاضر….أنت جايب نسوان في البيت يا أمير …البيت الطاهر ده اللي مفيش ولا ست دخلته الا أمك وأنا…
احمر وجه أمير من الإنفعال وقال:
-لا لا دي مش نسوان ولا حاجة …
رفعت تحية حاجبيها وقالت:
-نعم يا اخويا …ازاي مش نسوان يعني …
ثم اقتربت من عبير وأمسكت شعرها الطويل نسبياً وقالت:
-لا أهي نسوان …ونسوان زي القمر كمان …أنتِ مين يا مزة ؟!
تراجعت عبير بخوف لتقترب تحية من أمير وقالت:
-شعرها ناعم يا واد وعندها غمازات وحلوة اووي….أتجوزها وداري على فضـ يحتك .
-ايه اللي أنتِ بتقوليه ده يا تحية أسكتي شوية
-بسم الله ما شاء الله قمر اووي …اسمك ايه يا مسكرة ؟!
قالتها تحية مجدداً وهي تقترب منها لتقول عبير بتوتر وهي تنظر الى أمير لينجدها :
-أسمي بيري …عبير أقصد …
-ايه الاسم القمر زيك ده …لا والله يا أمير عرفت تختار…دي شبه النسوان اللي بشوفهم في التلفزيون يا ولا…شبه البنات الاتراك بتوع الشعر السايح والعود الفرنسي ….أنا بقولك اتجوزها وعلى بركة الله …
تخضبت بشرة عبير بحمرة الخجل ونظرت أرضا وهي تفرك كفيها …تشعر بقلبها يرتعش للفكرة نفسها ….
هز أمير رأسه بغضب وحاول.جذبها إليه وقال:
-تحية ممكن تسمعيني.شوية …
الا أن تحية لم تعيره انتباه وقالت وهي تمسك كف عبير :
-أنا بقولك أهو مش هتلاقي لا في أدب ولا احترام أمير ..راجل من الاخر دين وأخلاق ورجولة والله مش شايفة السبحة اللي في إيده …دايما.عينيه في الأرض حبيبي عمره ما بص على تاء مربوطة أصلا من سنتين كان فاكر النسوان دي صابون غسيل ملهوش فيهم…ربنا يحرسه اخويا مش هتلاقي زيه …اتجوزيه وأكسبي فيه ثواب المسكين كمل التلاتين وهيعنس …
-تحية بس !!!
قالها.بغضب ولكنها تجاهلته مجدداً وقالت:
-قولتي ايه يا حلوة اهو مش هتلاقي لا في أدبه ولا اخلاقه …راجل من الآخر ..زي ما بيقولوا كده في التلفزيون جود بوي …
ولكن عبير ظلت صامتة لتعبس تحية وتقول:
-شكلك ملكيش في الجود بتحبي السرسج…قصدي الباد بوي …عموما موجود يا أختي والله …ميغركيش الأخلاق اللي هو فيه والسبحة اللي في أيده ده في الإعدادي مرة اتقفش بيشرب سجاير في حمام البنات …يعني مقطع السمكة وديلها .
جذبها أمير إليها وهو يكتم فمها ويقول:
-مسمعتيش عن الستر قبل كده ..اقعدي يا حبيبتي عشان أحكيلك عن كل حاجة عشان أنتِ كده فضـ.حتيني خالص !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد ان انتهى أمير من الكلام ظلت تحية صامتة للحظات وهي تنظر إليهما بينما تضيق عينيها ….
-تحية قولي حاجة .
قالها أمير بتوجس لتنقل تحية عينيها بينهما وتقول :
-يعني أنتوا مش ناويين تتجوزوا ؟!
هز أمير رأسه فورا وقال:
-يا تحية ما أنا قولتلك الحكاية من الألف للياء …جواز ايه اللي لسه بتتكلمي فيه ده ؟!!مفيش جواز ولا حاجة ….
أطرقت عبير وجهها وهي تشعر بخيبة الأمل … رغم معرفتها ان موضوع ارتباطهما مستحيل كإستحالة وجود مصاصي الد ماء ولكن من داخلها شعرت بالحزن…
مطت تحية شفتيها ونظرت الى الفتاة الجميلة بأسف وقالت:
-طول عمرك فقري يا أمير …بقا تضيع السمسمية دي من إيديك …انت هتفضل معنس.طول عمرك
..
نفخ.أمير بغضب لتقول تحية :
-خلاص خلاص يا اخويا خرسنا أهو ..
ثم.وضعت كفها على فمها ليكمل هو :
-دلوقتي وجود آنسة عبير معايا هنا غلط …يعني لو حد عرف بوجودها مش هيبقى حلو لا ليها ولا ليا عشان كده يا أختي أنا قاصدك في خدمة يعني لو مش هتعبك معايا …ده بعد إذنك يعني ولو عايزة ترفضي ارفضي عادي مش هزعل …بصراحة أنا عايزك تقعديها معاكي في الشقة
-يعني أخدها معايا بيتي ؟!
قالتها تحية بإستفسار ليهز أمير رأسه ويقول:
-كده كده حسين مسافر والوضع هيكون مؤقت لحد ما أشوفلها حل في مشكلتها دي ..وأنا عمري ما هنسالك الجميل ده أبداً يا تحية …
-جميل ايه يا عـ بيط هو أنا غريبة …أنا أختك يا واد …ولو أنا مساعدتش مين هيساعد يعني …ضيفتك هتكون في عيوني قبل ما تبقى في بيتي …
ابتسم أمير وقال:
-انا مش عارف أقول…..
ولكن تحية قاطعته وقالت بغضب :
-والله لو فكرت تشكرني.هضر بك …هو فيه شكر بين الأخوات يا واد ..قولتلك خلاص متاكلش دماغي بقا …يا ساتر ده أنا هرحم البت من زنك وكلامك الكتير
ثم.نظرت تحية الى عبير وقالت:
-قومي يا سمسمية جهزي.نفسك هتيجي معايا البيت …متقلقيش يا أختي ..جوزي مسافر ومش معايا غير جوز قرود …
-جوز قرود …
قالتها عبير بدهشة وقد اتسعت عينيها بشكل أذاب قلب أمير لتضحك تحية وتقول:
-يوووه أقصد اني معايا توأم يا اختي مطلع عيني …علي وعمر عندهم ست سنين بس ايه شيبوا راسي ربنا يهديهم ويرجع حسين بالسلامة يارب …
-أمين يا رب ..
تمتمت بها عبير وهي تبتسم …نهضت عبير لتجهز نفسها بينما ظل أمير مع تحية …
نظرت إليه بغيظ وقالت:
-فقري طول عمرك …البنت باين عليها واقعة فيك …وأنت كمان واقع زي الحما ر ..
أطرق أمير وقال:
-طيب ما أنا قولتلك هي بنت مين يا تحية …
-وأنت كمان يا أمير …
ولكنه قاطعها وهو يبتسم بحزن :
-انا حتة ميكانيكي معايا ورشة في حارة بسيطة زي دي ..عمر ابوها ما يوافق يجوزها شحات زيي …
كادت أن ترد الا أن خروج عبير جعلها تتوقف …نظرت بدهشة الى عبير التي تنكرت في هيئة رجل …
-ايه ده يا أختي ؟!
-اتنكرت عشان مجيبش لأمير مصـ يبة..
قالتها عبير بهدوء لترد تحية :
-يعني خايفة على أمير مش خايفة عليا من الفضـ.يحة لما يشوفوني معيشة معايا راجل في البيت …استني يا ولية هجبلك عباية سودا من بيتي …عشر دقايق وهاجي ..بيتي مش بعيد متخافيش …
ثم ذهبت مسرعة بينما ولجت عبير للغرفة
بعد أن ذهبت تحية لإحضار عباءة سوداء لعبير ..كان أمير جالس بالصالة متجهم الوجه يشعر بقبضة باردة تعتصر قلبه ….دقائق معدودة وسوف تذهب من هنا …تترك منزله …رغم ان هذا كان الشئ الصحيح والواجب فعله منذ ان عرف بالحقيقة الا انه يتألم ولن ينكر …هو سيفتقدها …قد يستطيع منع نفسه من لمسها او النظر إليها ولكن مشاعره القوية ناحيتها كيف سيمنعها …كيف سيفهم قلبه انها ليست له ولن تكون …فعالمها غير عالمه….هي لن تقبل أن تعيش حياته وزالدها الثري لن يقبل ان تتزوج ابنته منه
……
بعد عشر دقائق
أتت تحية ومعها العباءة السوداء …..
…….
لحظات وخرجت عبير وهي ترتدي العباءة التي كانت تلائمها كثيراً…تعلقت عيني أمير بها…..لم يكن قادراً عن ازاحة عينيه…ليكون صريحاً مع نفسه …هو لديه ضعف غريب امام النساء التي ترتدي العباءة السوداء ولكن عبير كانت حقاً اجملهم …كانت العباءة تلائمها كثيراً …
عندما شعر بنفسه أطال النظر إليها وهذا بسبب وجنتها التي تخضبت بحمرة الخجل وهي تراه يتأملها ثبت عينيه في الأرض ونهض قائلاً:
-تحية هتحطك في عينيها انا واثق من كده خلي بالك من نفسك …
هزت رأسها وهي تمنع دموعها من الإنفجا ر من عينيها بينما وضعت النقاب على وجهها وأمسكت كف تحية وخرجت من البيت بكل حذر وهدوء …جلس هو مجدداً على الأريكة بينما ينظر للسقف …لقد غادرت وهذا كان الشئ الصحيح ليفعله ولكن لماذا قلبه يتمز ق من الأ لم … لماذا يشعر بهذا الشئ الثقيل يجثم على قلبه …اسئلة كثيرة كانت تدور داخل عقله وإجابتها كانت معروفة ولكنه أبداً لن يتجرأ عن البوح بها !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عايز اروح اشوف ليان …بقولك اتضربت بالنار …عايزة اشوفها .
قالتها نسرين ودموعها تنفجر من عينيها فبعد موافقة فؤاد المفاجئة جلبها والدها الى المنزل هي ونهى …رغم انها كانت لا تريد أن تأتي ولكنها كانت اكثر انهاكا من ان تعترض وكما ان فؤاد أتى معهما ليتأكد ان كريم لن يقوم بإيذاء نسرين مرة آخرى ..ولكن لسوء الحظ كان يوسف أسفل البناية ينتظرهما وما ان رآه كريم حتي ساء كل شاء ….اشتعلت النيران به وأخذت الشياطين تعبث بعقله…لم يفكر في شئ الا ان يوسف خانه
ارتبط بإبنته وأغواها …وكم كان هذا مؤلم أن يفعل بيه صديقه هذا …يوسف من اعتبره شقيقه
أغمضت عينيها وهي تتذكر ما حدث
-أنت بتعمل ايه هنا تاني !!!!
صرخ كريم وهو يقترب من يوسف ويلكـ مه بقوة ليسقط أرضا …صرخت نهى بينما ظلت نسرين تنظر إليه وهي تشعر بالفراغ من الداخل …لم تخاف …لم تشعر بالهلع ….كانت مجر وحة منه …مجرو حة لدرجة انها لم تشعر بالحزن عليه عندما ضر به والدها ….
اقترب فؤاد من كريم وأمسكه بقوة وقال بإنفعال:
-عمي …عمي كفاية كده خلاص !!!
كان فؤاد.يتنفس بعنـ ف ….هو أيضاً غاضب من يوسف ولكن ليس هذا الحل …فشجاره مع يوسف سوف يتسبب بفضيـ حة سوف تضـ ر نسرين …
ولكن كريم كان كالثور الهائج يريد ان يفتك بيوسف ….خيبة الامل داخلها من ناحية يوسف كبيرة ..كبيرة جداً …لان لطالما كانت مكانة يوسف لديه .كبيرة…لقد كان مثل شقيقه بل أعز وهو من وقف معه عندما تخلت عنه رقية…فهل.هذا يكون جزاؤه …
نهض يوسف وهو يمسح الد ماء التي نز فت من فمه ونظر الى كريم التي يمتلئ وجهه بإمارات الشـ ر ثم نظر الى نسرين التي تسندها نهى وشحب بقوة وهو يرى وجهها المكدوم …نظرات الإنكـ سار بعينيها …تنفس بعنـ ف وهو يشعر بغليان داخله …لقد.ضر بها !!!!اذ ى نسرين وبسببه …الغضب والذنب كانا يتصارعان داخله ……
-أنت ضر بتها !!!!!
صرخ يوسف ثم أكمل :
-ازاي قدرت تعملها…ازاي تمد ايديك عليها …
ثم أقترب واشتبكا سويا وقد علت أصواتهما مما دفع بعض سكان البناية للخروج الى تراس شققهم السكنية وبعض المارة للوقوف بفضول …شعر فؤاد ان الوضع سوف يصبح أسو ء بكثير لذلك تدخل بينهم وهو يبعدهم عن بعض ويقول وهو يرمق يوسف بحد ة …كم كان يكر هه …هو السبب فيما حدث لقد استـ غل صغر.سنها وحاجتها العاطفة…بالنسبة له يوسف أسوأ من كريمظ :
-عيب كده يا حضرات يا كبار وعاقلين …الناس.تقول عليكم أيه ؟!…لو سمحت يا أستاذ يوسف امشي من هنا دلوقتي وأنت يا عمي خلينا نطلع وكفاية فضا يح لحد كده …عيب فرجتوا علينا الناس …
ولكن إمارات الشـ ر كانت تغطي وجهي كل من يوسف وكريم …كانا يريدان الفتك.ببعضهما…يوسف كان غاضب …يشعر بالذ نب لانه أخبر كريم بعلاقته مع نسرين …لانه تسبب بالضر ر لها ….يعلم الله ان يوسف يعشق نسرين ولا يتحمل ان يمسها أي احد بسوء ولكن لي لحظة جنو ن منه اذ اها وهو لن يسامح نفسه أبداً
-أستاذ يوسف لو سمحت امشي من هنا !!!أمشي كفاية اللي حصل بسببك هنا …ولو سمحت أبعد عن نسرين
قالها فؤاد بقوة ليصرخ يوسف بجنو ن:
-وانت مالك…أنت مالك؟!!مين أنت عشان تأمرني أبعد …مين !!!
واجهه فؤاد بقوة وقال :
-انا ابن خالة نسرين …و …
قاطعه كريم بتشفي :
-وكمان فؤاد هيتجوز نسرين قريب يا يوسف فلو سمحت أمشي وسيب بنتي في حالها خلاص كفاية أنك استـ غلتها واستـ غلتني …ومن اليوم صداقتنا انتهت أنا مش عايز اشوفك تاني هنا قدامي …وديني.لو شوفتك يا يوسف تاني هقـ تلك !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فتحت عينيها وهي تعود للواقع وقالت بقوة :
-أنا هروح لليان….لازم أروح …
-يعني هتروحي من غير رضايا ..والله جميل يا هانم وناوية تعملي أيه تاني كمان…هتصـ يعي مع صاحبي …
-عمرك ما هتتغير …
قالتها بتعب ثم كادت أن تذهب من امامه الا انه قبض على شعرها وكاد ان يصفعها الا ان صوت فؤاد جمده عندما قال:
-عمي !!!
ثم أقترب منه وارجع نسرين قليلا ووقف أمامها :
-لو سمحت يا عمي اظن أنا وضحت أنك متأذ يش نسرين لحد ما أخدها من عندك …التزم بوعدك زي ما أنا هلتزم بوعدي !!!
قالها فؤاد بنبرة حازمة وهو يقف بين نسرين ووالدها. ..
ظل كريم يرمقه ببرود ولكنه ابتعد وقال:
-اتمنى أنك فعلا تاخدها من هنا بسرعة أنا مبقتش اطيقها !!!
كانت نسرين مطرقة برأسها …تضم كفها بإنفعال بينما عينيها مشبعة بالدموع ..كانت تسيطر على نفسها بشق الأنفس …لاتريد البكاء …لا تريد أن تكون مثيرة للشفقة …وقد نجحت …لم تبكي وهي تسمع كلام والدها السام رغم انها من الداخل كانت محطمة….
-هاخدها متقلقش بس متمدش ايديك عليها تاني ….
رفع كريم رأسه وقال بقوة :
-مادام مش عايزة تضر ب يبقي متعاندنيش يا كريم ….نسرين ممنوع تخرج الا على بيتك …بيت جوزها !!!
-ليان اتضر بت بالنار …لازم اشوفها …ليان صاحبتي ….لازم أشوفها …
واجه فؤاد كريم وقال :
-أنا هاخدها معايا تروح تشوف.صاحبتها وأرجعها تاني …
ظل كريم جامد للحظات ليكمل فؤاد :
-لو سمحت يا عمي في الوقت ده نسرين هتبقى مسئوليتي وأنا اللي هوصلها لليان وبعدين أرجعها لحد عندك ….
ظل كريم صامتاً للحظات ثم قال أخيراً وهو يتنفس بحدة :
-ساعة بالكتير وتجيبها ..
هز فؤاد رأسه …ثم نظر الى نسرين وقال بشفقة :
-أجهزي يا نسرين بسرعة …
مسحت الدموع التي تكونت على جانبي عينيها وهزت رأسها بطاعة ثم ذهبت لغرفتها وهي تحاول السيطرة على نفسها كي لا تبكي …كم هي تعيسة الحظ ..
أرتدت ملابسها بسرعة وخرجت يداً بيد مع فؤاد
…….
في السيارة …
كان الصمت يسيطر على السيارة …فؤاد يقود.بهدوء بينما نسرين تنظر من نافذة السيارة وهي تتنهد بتعب … تفكر كيف أصبحت الامور بذلك.السوء …ها هي انفصلت عن يوسف نهائيا وسوف تتزوج فؤاد …فؤاد من وقف بوجه والدها لحمايتها …ما زالت تتذكر كلمته …لقد أخبر والدها بصراحة انه سوف يتزوجها …تحمل هو نتيجة خطأ لم يفعله وكم.تكر ه نفسها لانها وضعته ووضعت نفسها في هذا الموقف …لم تظن أبدا ولا حتى في أسوأ احلامها ان والدها سوف يعرضها بتلك الطريقة لفؤاد…لقد شعرت بالرخص …
انسابت دموعها ثم همت.بمسحهما بسرعة الا ان فؤاد مد كفه بمحرمة ورقية وقال:
-متعيطيش ..أنتِ عيطتي بما فيه الكفاية ريحي عيونك ودماغك شوية…ومتفكريش كتير…أنا موجود ….
-أنا ورطتك في جوازة مش عايزها …دبستك.فيا …أنا …
-مين قالك اني مش عايزها ؟!أنا مبعملش حاجة غصب عني يا نسرين ..افتكري ده واطمني …
……..
-موسى ممكن حد يجي…
قالتها ليان بخجل وهي تحاول سحب كفها من يده الا انه شد على كفها وهو يرفعه لشفتيه ويقبله…احمر وجهها بقوة وهو يقول بصوت أجش:
-ميهمنيش ….
-أفرض جه عدي !!!
قالتها بإعتراض ولم يخفى عنها شحوب وجهه …أبعد كفه بسرعة وقال مبتسماً محاولا بقدر ما يستطيع إخفاء توتره :
-هطلب منه اني أتجوزك .
ضحكت هي بتعب وقالت؛
-عشان ير ميك من الدور السابع صح ؟!
لم يضحك هو …بدت في عينيه الزرقاء نظرة غريبة …نظرة لم تفهمها هي بينما اقترب بوجهه منها وقال :
-محدش هيقدر يبعدك عني يا ليان …محدش أبداً…
رفعت كفها بضعف ووضعته على وجنته وقالت:
-ولا أنا هسمح ان حد يبعدني عنك يا موسى …هفضل معاك للأبد …هلزق فيك لحد ما ازهقك …
-مش هزهق متقلقيش ..بس متزهقيش أنتِ من ان من هنا ورايح رجلي هتبقى على رجلك …مش هسمحلك تبعدي عني يا ليان …مش هسمح لأي حد انه يأذيكي ..
ابتسامة رائعة تكونت على شفتيها … ابتسامة واثقة للغاية ..نعم هي تعرف هذا …وتعترف به أيضاً…موسى مستعد للتضـ حية بحياته من أجلها وقد فعلها مرة …لن تنسى أبداً انه دون تردد اخذ رصاصة بدلاً منها …لم يفكر …لم يتردد…رغم انها قللت مما فعله مرتين نتيجة لغضبها ولكن داخلها تعرف انه فعل كل ما يستطيع لإنقاذها…هي تعرف انه الشخص الوحيد الذي تشعر بالآمان الكامل وهي معه …
ابتلعت ريقها وقد تكون ستار رقيق من الدموع بعينيها بينما شدت على كفه وقالت بصوت مختنق:
-اسفة اني في يوم قللت من اللي عملته عشاني ..بس صدقني يا موسى أنا كنت مجرو حة أووي منك …كنت بتعذ ب وحبيت أني أو.جعك …عارفة ان اللي عملته واللي قولته بشـ ع بس صدقني …
-مفيش مشكلة مزعلتش …أنا مبزعلش منك يا ليان ولا عمري هزعل …خلاص خلينا ننسى الماضي أحنا أولاد النهاردة مش ك
ده ؟!
هزت رأسها بحماس وقد أمسكت كفه وشدت عليه وقالت :
-صحيح ومن النهاردة عمري ما هجرحك …ولا أي حد هيقدر يفرق بيننا …ده وعد مني ان عمري ما هخلي حد بيعد عننا ولا أنا هبعد عنك …ابدا …
ابتسم ونهض وهو يقبل رأسها وقال:
-ووعد مني مش هبعد عنك ولا هسمحلك تبعدي …
ابتسمت له بإتساع ..كانت الفراشات فعليا تتحرك في معدتها …شعرت بسعادة لم تشعر بها من قبل …بينما هو بهذا القرب منها كان قلبها يدوي بعنف داخل صدرها …لم تكن تريد غيره الآن ..هو حبيبها ومالك قلبها …أمانها ….
هو الشخص الوحيد الذي استطاع سر قة قلبها…وكم تخاف ان تفقده …كم تخاف ان يكون هذا مجرد حلم جميل نسجته ..وان يكون الواقع غير هذا …الا يكون موسى معها الآن …بالتأكيد سوف تجـ ن نهائيا ….هي لمست النجوم ….شعرت بالسعادة وللمرة الأولى
-هات إيديك ..
قالتها وهي تمد كفها ليمد هي كله وتمسكها وتقول :
-أمتى هطلع من هنا يا عدي …أنا مخنوقة أووي وعدي ليه مجاش لحد دلوقتي.ولا بيري كمان …اتصل بيه يا موسى أنا عايزة أخرج …
هز موسى رأسه بإصرار وقال:
-لا يا حبيبي مينفعش …أنت أخدتي رصاصة هو أي حاجة ..دي رصاصة يا حبيبي وهتفضلي هنا لحد ما تتعافي خلاص ده آخر قرار …
مطت شفتيها وقال بحزن مصطنع:
-أنت حبيب متسلط هشوف واحد غيرك ميكونش متسلط …
ضحك لها لتبتسم هي ..كم تحب ضحكته …هي مستعدة لدفع أي شئ كي يظل يضحك بتلك الطريقة …لا تريده ان يكون حزينا …بل دوما تريده أن يكون سعيداً …ابتعد.فجأة وهو يشعر بأحد يقترب من الغرفة والتي لم تكن الا نسرين …
-ليان …
قالتها نسرين بلهفة وهي تقترب من صديقتها وتمسك كفها …كانت تخاف ان تضمها إليها فتتسبب لها بالأ.لم …
ابتعد موسى قليلا عنهما ليأخذا راحتهما في التحدث وخرج من الغرفة منتظراً عدي ….
ابتسمت ليان وهي تشد نسرين إليها وتضمها برفق ….كانت عيني نسرين مبتلة بالدموع وقالت ؛
-لي لي …لما اتصلت بعدي وقالي اللي حصلت حسيت أني همو ت من الرعب عليكي …ايه اللي حصل …وموسى كان فين ؟!
ربتت ليان على كفها وهي تخبرها بكل ما حدث ةختي اخبرتها عن اعتراف موسى لها …
بعد ان انتهت صرخت نسرين بحماس وقالت وهي تعانق ليان وتقول:
-الف مبروك يا لي لي تستاهلي كل خير يا حبيبتي
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد يومين ….
مساءا….
كان يقود السيارة عائداً للقصر…ينظر إليها من مرآة السيارة وهي بجوار شقيقها تستند عليه …اليوم أخيراً سمح لها الطبيب بالخروج ولكنه حذرها من التحرك كثيراً وطلب منها الاهتمام بنفسها …ابتسم عندما التقت نظراتهما سويا ….هو أسيرها نعم يعترف ويفتخر بهذا …
-اومال بيري مجتش تستقبلني ليه يا عدي ؟!
سألته ليان وهي تنظر ليه ليمط شفتيه ويقول :
-معرفش يا لي لي قالت انها مش جاية ..
-شكلها مشغولة …
قالتها ليان بخيبة أمل وهي ترمش كي لا تبكي بسخافة …لا تعرف لماذا ولكنها تعلقت بعبير كثيراً…صحيح انها باردة احياناً معها ولكن ليان تعلقت بها بشدة …تحب تلك الاوقات التي تتكلم فيها معها …تحب ابتسامتها المشرقة وكلامها المضحك …هي متحدثة جيدة تعترف بهذا…تعرف كيف تخرج الضحكة من القلب
تنهدت بخيبة أمل وهي تعود برأسها على كتف شقيقها بينما تغمض عينيها …
ابتسم عدي وهو يرى تجهم شقيقته ثم نظر الى موسى وغمز له ليخفي موسى ابتسامته ثم يتنهد براحة وهو يفكر ان هل سيكون كل شئ على ما يرام …هل سيستطيع حماية ليان …هل سيفعل …هو متأكد انه سيفديها بحياته فقط لتعيش هي ..ولكن ماذا إن كانت بخطر وهو ليس موجود …هو أيضاً أقسم على حماية روان وفشل …هل سيفشل أيضاً…هذا السؤال كان يحاصره بقوة …هذا السؤال كان يرعبه
…….
وصلا الى القصر وما أن دخلا.القصر …
-مفاجأة …
صرخت جواهر بقوة مبالغ فيها عندما دخلت ليان وشقيقها يتبعهما موسى …تراجع عدي قليلا بينما صرخت ليان بخو ف…رفع موسى حاجبه ثم أدار عينيه بملل …بالتأكيد تلك الفتاة مُختلة عقليا هاربة من مشفى المجانين ….
تنهد عدي وهو يحك جبينه ويقول :
-بيري حبيبتي أنا قولت عايزين نعمل مفاجأة لليان مش عايزين نمو تها بسكتة قلبية !!!البنت توها راجعة من المو ت حرام عليكي يا مهلبية مش كده…
ابتسمت جواهر بإعتذار وقالت:
-أسفة يا لي لي مكنتش أقصد …
ابتسمت ليان ونظرت الى صالة القصر المزينة والطاولة الطويلة التي كانت تمتلئ بأصناف الكعك بالشوكولاتة والكريمة التي تفضلها ليان …
-هو كل ده عشاني أنا ؟!
قالتها ليان وستار رقيق من الدموع يغطي عينيها…
اقتربت منها جواهر وهي تربت على كتفها وقالت:
-لا عاملاها للجيران.اكيد يا عبيطة عشانك …يالا عشان تحتفل بخروجك …
…..
في غرفة ليان …
-شكرا …شكرا اووي يا بيري …
قالتها ليان وهي تضم جواهر إليها …هزت جواهر رأسها وهي تفكر ان تلك الفتاة مجنونة من أجل تلك المفاجأة عانقتها أكثر من عشرين مرة ..هل هي مفتقدة للحب ؟!.ابتعدت جواهر قليلا وقالت:
-خلاص أنتِ ارتاحي دلوقتي وأنا هروح أنام…يالا تصبحي على خير يا حبيبتي …
ثم ذهبت بسرعة من الغرفة …
-أخيراً مشيت.
قالها موسى وهو يلج الى غرفتها مبتسما….بادلته بإبتسامة رائعة كالمعتاد وقالت :
-تعالى يا موسى…
ابتسم واقترب منها ثم جلس على المقعد المقابل لفراشها وأمسك كفها وقبله ثم قال :
-يالا نامي…
عبست وقالت:
-ايه مش هتنام جمبي….
ضحك وقال:
-هو أنتِ فاكراني ملاك يا حبيبتي …لا نامي أنتِ وانا هفضل هنا يالا غمضي عيونك ونامي …
-طيب مش هتحكيلي حدوتة …
-هو انتِ بنت اختي عشان أحكيلك حدوتة …واصلا مبعرفش احكي حواديت فنامي يا ليان وارتاحي
مطت شفتيها بضيق مصطنع وقالت :
-يعني أول طلب ليا كحبيبتك هترفضه …لا أنا زعلانة …
ضحك ثم قبل رأسها بنعومة وقال:
-والله لو اعرف احكي حواديت مش هتأخر بس فعلاً مبعرفش عموما يا ستي هتعلم وأحكيلك …
-بجد …بجد هتتعلم.عشاني يا موسى …
-اكيد.يا ليان أنتِ أغلى حد في حياتي …أنا مستعد أعمل المستحيل عشان أسعدك …يالا نامي …
ابتسمت له وأغمضت عينيها … دقائق معدودة وكانت قد نامت بالفعل بينما ظل هو جالساً مكانه يتأملها وداخله ضجيج لا يهدأ …هو خايف…خايف من المستقبل …مستقبل علاقتهما …ويخاف من ذلك اليوم الذي سوف يواجه عدي به ويخبره بكل شئ!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-وخلصت الحدوتة خلاص يا ياسمين ولازم تنامي دلوقتي …
قالتها ورد مبتسمة وهي تقبل رأسها بلطف …
ابتسمت ياسمين وقالت:
-طنط ورد أنا بحبك أووي …أووي ..
ابتسمت ورد بتأثر وكادت أن تبكي بعاطفة كالأطفال وقالت:
-يا روحي وانا كمان بحبك …بحبك أوووي …
ظهر التردد على وجه ياسمين واردت أن تقول شئ …فهمت ورد انها تريد أن تقول شيئاً ولكنها مترددة فقالت بلطف:
-ياسمين قولي اللي عايزاه من غير تردد يالا احنا اتفقنا أننا اصحاب صح ؟!
هزت ياسمين رأسها وهي تجهز نفسها لما ستقوله …ولكن هل ستتقبل ورد ما ستقوله لها …ام ستغضب …هل يمكن أن تغضب هي …ولكن ربما من يغضب من الأمر هو والدها..ولكنها قررت ان تتكلم وأمرها لله …
-ياسمين حبيبتي اتكلمي .
قالتها ورد بلطف
-هو أنا ينفع أقولك يا مامي ؟!
قالتها ياسمين بتردد …كان لمحة من الخوف تسكن عينيها …هذا الطلب جمد ورد تماماً …شعرت أنها غير قادرة على قول أي شئ . ابتلعت ريقها وقالت بصوت خافت :
-بس أنتِ عندك أم يا ياسمين وانا مفروض مأخدش مكانها في حياتك …
احتشدت الدموع بعيني الصغيرة وقالت:
-بس أنا عايزاكي أنتِ تكوني ماما …مش عايزاها هي …هي عمرها ما حبتني خالص يا طنط ورد …عمرها ما عاملتني زيك ولا حضنتني خالص ….
انسابت الدموع من عينيها وقالت وشفتيها ترتجف:
-ولو كنت عملت حاجة غلط من غير كانت …بتعا.قبني
نظرت ورد إليها بصدمة وقد احتشدت الدموع بعينيها بينما تبكي ياسمين وقد ارتفع نشيجها :
-كل ما كانت تتخانق مع بابا ويسيب البيت كانت بتحر قني في ضهري وبتحبـ سني في أوضة ضلمة …
شهقت ورد وهي تضع كفها على فمها بينما تكمل ياسمين ببكاء:
-كانت بتقولي لو قولت لبابا هتضر بني ..وكنت بخاف اقوله حاجة لحد ما هو قدر يكتشف بنفسه وأخدني منها …أنا مبحبهاش يا طنط ورد …أنا عايزاكي أنتِ تكوني ماما …أنتِ عمرك ما ضر بتيني …أنا بحبك أنتِ مش هي ….
-تقدري تقوليلي مامي…تقدري …
قالتها ورد وهي تمسح دموع ياسمين ثم قبلت رأسها وقالت:
-مرتاحة دلوقتي ؟!
هزت ياسمين رأسها بسعادة لتربت ورد على رأسها وهي تمسح دموعها …ظلت هكذا طويلا حتى نامت الفتاة …
……
خرجت من غرفتها وهي تمسح دموعها واتجهت الى غرفة نومها مع ياسين …
….
في الغرفة كان ياسين يمسك ورقة كُتب عليها قصيدة لمحمود درويش يحاول أن يحفظها …حك شعره وهو يهز رأسه بيأس وقال:
-ايه المرار ده يا ربي هو لازم قصايد عشان أبان أني بحبها …الستات دوول أوفر والله لو عملتلي صينية بسبوسة بالقشطة هعتبر انها بتمو ت فيا. صحيح مفيش ابسط مننا كرجالة….
توقف وهو يرى ورد تلج الغرفة …وجهها باهت وعينيها حمراء … ألقى الورقة جانبا ثم نهض بخوف واقترب منها وقال:
-مالك فيه ايه يا ورد ؟!
نظرت إليه ورد ثم أنفجرت بالبكاء وهي ترتمي بين ذراعيه !!شعر بالهـ لع وهو يراها بتلك الحالة ولكنه لم يفعل أي شئ الا ضمها بقوة إليه …يربت على ظهرها برفق وهو يقول ؛
-حبيبتي مالك…قوليلي ؟!…
ابتلع ريقه وهو يبعدها عنه وقال بينما يحتضن وجنتيها ؛
-مالك يا ورد ..أنا زعلتك في حاجة…
هزت رأسها وقالت:
-لا أبداً..بس ياسمين عايزة تقولي ماما …
عبس وابتعد عنها وقال:
-أنتِ بتعيطي عشان كده ؟!ما تقولك ماما يا ستي …
-ياسين ..ياسمين قالتلي على اللي مامتها كانت بتعمله فيا …هي ازاي تعمل في طفلة كده …ودي مش اي طفلة دي.بنتها …
تنهد ياسين وهو يجذبها إليه ويعانقها قائلا:
-عشان هي واحدة غير متزنة نفسيا يا ورد …واحدة مجنو نة ….
ظل للحظات يعانقها ثم ابتعد وهو يمسح دموعها بينما يشعر بأ لم هائل في عينيه جراء سيطرته على دموعه وقال:
-أيه رايك.اقولك.قصيدة شعر تغير من مزاجك ..
هزت رأسها ليبتسم هو ويقول :
– أمر بإسمك ا….
عبس وهو يحاول تذكر الباقي …ولكن دون جدوى…
-ثانية واحدة
قالها بلطف وهو يتجه الى الفراش ويمسك الورقة ليقرأ منها القصيدة…ابتسمت وهي تهز رأسها..هو لن يتغير وهي لن تتوقف عن حبه !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في غرفة عدي …
-شكرا على كل حاجة يا بيري .
قالها عدي مبتسما ثم ضمها بقوة إليه …زفرت بضيق وهي تهمس في سرها :
-ايه العيلة اللي بتحب الأحضان دي هما متحضنوش وهما وصغيرين ؟!.
-على ايه بس ده أنت جوزي وليان أختك يعني أختي .
قالتها جواهر بسخرية وهي تربت على ظهره…تتمنى ان يبتعد قليلاً فهي بدأت تشعر بالإختناق من نفسها لانها أحبت الشعور وهي تعانقه …ولكنها يجب ألا تنسى ان عدي ليس من حقها ..وان تلك ليست حياتها …هي مز يفة وعندما يكتشف عدي حقيقتها لن يسامحها أبداً ..فكرت بحزن ..وما أحزنها اكثر انها لا تستطيع العودة عما تفعله …ليس مش أجلها فحسب بل من أجل والدتها …والدتها التي بدأت أخيراً تستجيب مع العلاج وتتحسن …لن تكون أنا.نية وتحرمها من تلك الفرصة …
كان عدي مغمضاً عينيه وهو يعانقها …كلما يقترب منها بتلك الطريقة يشعر بشئ يتحرك داخله …شئ مختلف تماماً عما اختبره من قبل …ولكن هل يعطيها الآمان ؟!هل يثق بها وهي ابنة من حطـ م قلبه …ان هذا صعب …صعب للغاية ..ولكنها تبدو صادقة وبريئة…وأخيراً سخر منه عقله وأخبره أن.كارمن أيضاً بدت صادقة …كارمن أيضاً بدت بريئة …لقد انخد ع ببراءتها وبؤسها المزيف وماذا حدث ؟!تحـ.طم قلبه….أحبها كثيراً ولكن قبل خطبتهما أكتشف انها كا ذبة…هل يكرر نفس الخطأ ويثق بعبير ….
تنهد وهو يحاول طرد تلك الأفكار السيـ ئة من عقله …ليستمتع باللحظة فحسب ..هي كل ما يمتلك….لن يعطيها الآمان ولن يثق بها …ولكن لا ضير من الإقتراب منها فهي زوجته بالأخير …قد يثق بها في حالة كانت صادقة بقصة والدها
-خلاص ..خلاص يا أخويا ابعد شوية كل ده حضن!!
قالتها جواهر وهي تبعده عنها بينما اصطبغت بشرتها البيضاء بحمرة الخجل ولكن ظلت عينيها ساطعة كسطوع الشمس في يوم مشرق ….
-فيه ايه بس يا مهلبية ده أنا زي جوزك .
قالها عدي وهو يقترب منها ليعانقها مجدداً الا انها ابتعدت وقالت :
-ولا مالك فيه أيه ؟!أنت فاقد للحنان ولا أيه ؟!شكل ابوك كان بيعذ بك ومتحضنتش وانت وصغير …
ضحك …حقاً ضحك بقوة ..هي قادرة على اضحاكه بأسلوبها الفكاهي المميز …
كف عن الضحك وقال:
-يووه ده أنا اكتر واحد اتحضنت يا بيري….متتخيليش قد ايه اتحضنت وأنا وصغير …
-يا راجل …
-آه والله ..
قالها مبتسماً ثم أكمل :
-تعرفي أني في سنة تالتة ابتدائي جالي استدعاء ولي أمر عشان حضنت مرمر في الفصل وبوستها من خدها .
-مين مرمر دي ؟!
قالتها بحيرة ليشرد مبتسماً:
-ياااه مرمر ..كانت بنت أستاذة العربي عندنا …كانت اجمل بنت في الفصل وأنا كنت بحبها بس يا خسارة لما روحت الاعدادي أنفصلت عنها …
-كانت حلوة ؟!
قالتها.بغيرة طفيفة ثم أكملت بغيظ:
-يعني لو حلوة ولسه عاوزها اروح ادور عليها وأخطبهالك يا حبيبي …
ابتسم بخبـ ث وقال:
-يااه كانت أجمل واحدة شوفتها في حياتي …البنت كانت كارميلا بجد وانا أكتر حاجة بحبها في حياتي الكريم كارميل ..هي كانت زيه لذيذة وتتأكل.أكل….
استدارت وأمسكت الوسادة ثم ألقتها بوجهه وهي تصرخ :
-خلاص روح اتجوزها يا حبيبي وطلقني…طلقني !!!!
ضحك بقوة وهو يجذبها إليه ويقول :
-بتغيري !!!
-لا مبغيرش ابعد كده !!
قالتها بغضب وهي تحاول دفعه الا انه بدأ بدغدغتها وهو يقول :
-لا بتغيري…بتغيري …
حاولت هي الابتعاد منه ولكنها سقطت على الفراش ليقترب منها ويستمر في دغدغتها بقوة لتضحك هي …فجأة سكن وهو ينظر إليها …كانت تضحك وكانت ضحكتها هي أجمل شئ رآه في حياته …اقترب بوجهه منها وهي لم تمانع وهو يسرق منها قبلتها الأولى وما كانت تخشاه قد حدث …ها هي تقع في الخطيئة!!
يتبع….
(زيارة غير متوقعة)
لن أكذب وأقول أني وقعت في غرامك من النظرة الأولي ولكني صادق بقوة عندما أُخبرك أني أحببتك كما لم أحب أحداً من قبل ♡
سولييه_نصار
جالس على فراشه كل ما حوله مبعثر مصدوم بقوة مما حدث منذ قليل …لقد كانت بين يديه …مستسلمة سعيدة ولا يعرف ماذا حدث بعد ذلك ؟فجأة انتفضت بقوة كالممسو سة وأخذت تصرخ به وحطـ مت العالم من حوله ثم حبـ ست نفسها في الحمام ..هو حقاً لا يفهم ما بها…ما الخطأ انها زوجته ؟!لما هي خائفة ؟؟هل حقاً والدها تسبب بهذا الد مار بها …هل عانت عبير مع والدها لهذا الحد الذي جعلها تكر ه لمسة أي رجل آخر !!
وضع كفه على رأسه وهو يشعر انه يدور في حلقة مغلقة …لا يعرف ماذا يحدث معه…لا يعرف حتي ماذا يفعل …
-آه ..
قالها بألم وهو يتسطح على فراشه الذي يحمل رائحتها …هل يسقط يا ترى في حبها …هل يغامر بقلبه مرة آخرى!!!…الخوف كان يسيطر عليه …لطالما ظن نفسه قوي ولكن داخله جزء عاطفي غبـ.ي ..وعندما يعشق يعشق بكل ما يمتلك …يعشق بجنون ولا يفكر …يظن الجميع انه شيـ طان ولكن داخل هذا الشيـ طان شخص يتعطش الى الحب الحقيقي …لن ينسى يوما ان تم تحطـ يم قلبه بيد من أحب…ولن يثق بسهولة في عبير بتلك السهولة ..لا يجب أن يفعل هذا ولا يجب أن يخضع لسحرها ولا ينبض قلبه لها …تلك أشياء يقولها لنفسه دوما ويقسم على هذا ولكنه في اليوم التالي يفعل النقيض تماماً…يجد نفسه يثق بها قلبه يخفق لأجلها ويصبح أسير لعينيها …والمشكلة الكبيرة انه سعيد بهذا …سعيداً لكونه أسير!!!
……….
تجلس على الأرضية الفاخرة لحمام الغرفة …تضع كفها على شفتيها وتلهث بعنـ ف بينما الدموع تترقرق بعينيها …تشعر بقلبها يعتـ صر من الأ لم…لا تصدق ماذا فعلت ؟!لقد كادت أن تخطئ …كادت !!!رددت الكلمة في عقلها بذهول …لا لا هي وقعت بالفعل…اخطأت واذنبت…لعبت بالنا ر وظنت انها آمنة …ظنت انها ستحر ق الجميع وسوف تبقى هي وتشاهد…كنت انها الاذكى ولكن للأسف اخطأت …اذ.نبت ووقعت في فـ خ الخطـ.يئة …كادت أن تستلم له …تمنحه مالا يحق له وتصبح.هي موصومة بذ نب الز نا طوال حياتها …
شهقت ودموعها تنفـ جر من عينيها بينما تكتم فمها بعنـ ف والذكريات المخز ية تندفع لعلقها …ودت لو تستطيع محوها …ودت لو قتـ لت نفسها قبل أن تفعل هذا …
……
كانت تغمض عينيها بقوة بينما هو يقبل جميع أنحاء وجهها …كانت تشعر انها تطفو وشئ جميل يتحرك في معدتها بينما قلبها يرتعش …نست كل شئ الا وجودها بين ذراعيه ورغم ان صوت ضعيف داخلها أخبرها ان هذا خطأ وانها سوف تندم الا انها لم تهتم …لم تتراجع …كانت سعيدة ..سعيدة للغاية الشيطا ن تمكن منها بالفعل وزين لها تلك اللحظات التي سوف تندم عليها لباقي حياتها …
فتحت عينيها ورفعت كفها لوجنته وهي تقول:
-عدي …
كانت عينيها مغطاه بطبقة رقيقة من الدموع بينما تتمتم بإسمه مرارا وتكرارا…
تنهد وهو يقبل رأسها ويقول:
-مفروض مثقش فيكي …مفروض أبعدك عني …أنتِ بنت الراجل اللي كـ سرني …بس مش قادر …مش قادر يا عبير ابعد عنك …معرفش أنتِ عملتي ايه فيا.
…أنا عايزك يا عبير …عايزك ….
طارت عينيها مفتوحة ..رباه …رباه …هي ليست عبير …هي ليست زوجته …تلك كذ بة …كذ بة لعيـ.نة …دفعته وهي تصر خ :
-أبعد عني!!
ثم نهضت وهي تدور حول نفسها وتمسك.شعرها بقوة …تشده حتي شعرت أنها ستقتلعه من جذوره …
-لا لا …
صرخت بعنـ ف بينما ظل ينظر إليها بصدمة وهي تصرخ وتحطم أثاث الغرفة ثم تركض للحمام…
-مجنو نة دي ولا ايه ؟!
قالها عدي بصدمة….
…
عادت من شرودها وهي تنفـ جر بالبكاء وتقول:
-أعمل أيه أنا دلوقتي!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان يضع رأسه بين كفيه عندما شعر بباب الحمام يُفتح وتخرج هي منه …نهض بسرعة واقترب منها وهو يمسك ذراعها ويضغط عليه بينما يتأمل وجهها بذهول …كانت محـ طمة بالفعل محطـ مة ..وجهها شاحب والدموع لا تتوقف عن الإنسياب …جسدها بأكمله يرتعش …
هز رأسه بذهول وهو لا يفهم لما كل هذا الإنهيا.ر….ماذا حدث لهذا كله… شعر أن رد فعلها مُبالغ به ….صحيح ان زواجهما لك يكن طبيعي ولكنها زوجته وما حدث منذ قليل طبيعي للغاية بين اي زوج وزوجته…فلما هذا الإنهيا ر…لم يرى في عينيها الذ نب ؟!…حقاً كان لا يفهم…تلك الاسئلة كانت تدور بعقله …اسئلة لا إجابة لها …
-سيبني…سيبني يا عدي!!
قالتها بنبرة مختـ نقة وهي تحاول سحب يديها من قبضته القوية ولكنه كان يمسكها بقوة لم يسمح لها أن تبتعد عنه …ليس قبل ان تُجيب على كل اسئلته
-لا لا مش هسيبك يا عبير …أنا حابب افهم…من حقي أفهم واعرف ايه مشكلتك بالضبط …ليه بتبعدي عني بالشكل ده انا جوزك !!!!
ارتعشت بين يديها وقالت بنبرة مختنقة:
-أديني وقت …لو سمحت …
ولكنه شد على ذراعها أكثر والنيران تتصاعد بعينيه …..يلاحق عينيها التي تتهربان من عينيها ويقول :
-بس أنا اديتلك وقت …اديتلك وقت بما فيه الكفاية يا عبير !! وكفاية كده أنا عايز حقوقي …
اتسعت عينيها برعب أذهله فقال:
-ايه مشكلتك … قوليلي ايه مشكلتك ليه الخوف ده كله مني أنا …أنا مش هأذ يكي يا عبير … انتِ ليه خايفة مني !!…
كانت تريد أي كذ بة تسعفها …تنقذها من التهد يد الذي تشعر به…والتهد يد لم يكن منه تلك المرة بل كان منها …من مشاعرها التي بدأت تتجه.نحوه …قلبها الذي بدأ يتأثر به …هي تخاف نخاف بشدة ان تنقلب اللعبة عليها وبدلاً من جعله يغرم بها …تغرم هي به ويتد مر كل شئ …شعرت بالهـ لع للفكرة…رباه هى لا تريد أن تحبه …إن فعلت شوف تنكـ سر بكل تأكيد ..ستتحـ طم عندما يعرف الحقيقة ويطر دها …تذكرت بر عب تلك البا ئسة كارمن لقد ظلت تتوسله طويلا كي يتكلم معها الا انه لم يرحمها …نظراته كانت باردة وهو ينظر إليها….ابتلعت ريقها وهي تجهز الرد كي تقوله وأخيرا تماما بصوت ضعيف :
-مش قادرة انسى اني اتجوزتك غصب …عارفة ان الموضوع سخـ يف يا عدي بس ده لسه.مأثر فيا ….بحس اني لو استسلمت ليك هقر ف من نفسي …عدي انت مش فاهمني …
ابتعد عنها وحك رأسه بإحباط …داخله كان محبط …غاضب وحزين فأكملت هي قائلة:
-انا شبه متأكدة ان جوازك مني مش بسبب الشيكات …أنا حاسة ان بابا عملك حاجة واذ اك وانت بتنـ تقم منه فيا صح.؟!
ارتعش فكه وحاول الحفاظ على جمود ملامحه وهو يواجهها …..
-قولي يا عدي شعوري ده صح ولا غلط ..
-شريف قالك حاجة ؟!
قالها بنبرة قاتمة كملامحه الآن …لتضغط.على كفيها بتوتر وتقول بنبرة ثابتة عكس الخر اب الذي بداخلها :
-لا بابا مقالش بس كر هك من ناحيته غريب …أنك تتجوزني عشان خاطر شيكات دي حاجة مش داخلة عقلي يا عدي…أنا آسفة بس مش قادرة اقتنع خصوصا أنك تقدر تتجوز أي واحدة تشاور عليها وتحبس بابا في نفس الوقت …فليه …بابا عمل ايه لده كله …وأنت بتنتـ قم منه فيا أنا ؟! معقول يا عدي أنا الضحية وسطكم …
هز رأسه وهو يقترب منها ..يعانق وجهها وينظر في عينيها ويقول بصدق:
-يمكن في الأول ويمكن لحد دلوقتي مش قادر اثق فيكي بس أنتِ حركتي حاجة جوايا يا عبير …حاجة رغم خوفي منها الا انها مخلياني مبسوط …وجودي معاكي بيفرحني يا عبير وأنا قررت أديكي ثقتي كلها …فأنتِ اديني ثقتك ومتخافيش مني …
ابتعد بسرعة وهو يقول :
-أنا مش هضغط عليكي أكتر من كده ..أنا هستناكي تديني الأمان ..تصبحي على خير …
ثم اتجه لفراشه واستعد.للنوم ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
المنزل فارغ …فارغ بشكل يُقبض القلب …يشعر بالإختناق فعليا …منذ ان تركته وهو يعاني الوحدة يشتاق إليها …ويمنع نفسه قسراً من الاتصال بها …ليكن صريحاً مع نفسه هو يريد ان ينساها …يفعل هذا لكي ينساها ولكنه يوميا يطمئن على احوالها عن طريق تحية التي تزعجه بتعليقاتها …جلس على الأريكة بتعب …هو يهلك نفسه يوميا في العمل كي لا يشعر بهذا الفراغ بداخله ولكنه رغم هذا يشعر به …رغم هذا الفراغ يقـ.تله …لقد رحلت هي ورحلت السعادة معها …الونس وكل تلك المشاعر الرائعة التي كان يشعر بها وهي معه …دعك عينيه بتعب وهو يمسك هاتفه مقرراً الاتصال بتحية لكي يطمئن عليها …اخرج رقمها ثم اتصل عليه وانتظر بصبر لكي ترد وقلبه يخفق داخل صدره …
…….
كانت متسطحة على فراشها وغارقة بالنوم عندما اخترق رنين الهاتف رأسها بقوة …فتحت عينيها بصعوبة شديدة وهي تنظر الى الهاتف الذي يضئ …سحبت الهاتف لترد عليه بصوتها الناعس :
-ألو
-أزيك يا تحية.
قالها أمير مبتسما بحرج عبر الهاتف وهو يسمع صوتها الناعس…
-أمير أنت عارف الساعة كام دلوقتي….مفروض متتصلش في الوقت ده اصلا الا لو كنت لا قدر الله هتمو ت …فياريت يكون اتصالك ده مش من فراغ بدل ما أجيلك وأنط في كرشك !!!
ابتلع أمير ريقه وقال بتوتر :
-اتصلت اطمن على عبير هي كويسة؟!
-متصل بيا الساعة اتنين بعد نص الليل عشان تتطمن على عبير !!!
صرخت بها وهي تنهض من فراشها …
شعر أمير بالتوتر اكثر وقال:
-أسف…أنا بس …
-أمير حبيبي ده أنا أختك مش بتطمن عليا بالشكل ده…انت متصل بيا النهاردة تلات مرات تتطمن عليها !!…
-أنا آسف ..
قالها بهدوء ثم أكمل :
-أنا بس حبيت اطمن عليها منك أنا اسف يا تحية اني ضايقتك حقك على رأسي مش هعمل كده تاني …حقك عليا .
نهضت تحية جالسة وقالت :
-بس يا واد يا عبيـ ط أنت …مين قالك اني زعلانة …أنا بهزر معاك …بس واضح ان البنت دي أثرت فيك جامد …ده أنت مش قادر تصبر على بعدها يا عم فيه أيه ؟!!…عموما يا قلب أختك هي زي الفل ومرتاحة عندي متقلقش وشايلاها فوق راسي والله المهم أنت ترتاح …
-انا مرتاح …
قالها بتوتر لتضحك.هي برقة وتقول :
-يالا يا كد اب…مرتاح ايه يا ولا على أختك الكلام ده …عموما احنا فيها ايه رأيك تتجوزها وتفضل معاها طول حياتك بدل المكالمات المشتاقة دي وتقلق منامي.بالليل؟!
أغمض عينيه بتعب وقال:
-اسكتي يا تحية ربنا يسترك…أنا بس اتصلت اطمن عليها وهقفل كملي نومك.أنتِ وحقك عليا قلقت منامك …
-والله أنت مش هترتاح.الا لما تضيع البنت من إيديك يا أسطا أمير بس براحتك خالص والله البنت عروسة متتعوضش …البنت قمر يا واد يا فقري أنت اتجوزها عايزين نحسن السلالة شوية بدل ما أنا شغالة أجيب في القرود….
ضحك أمير …ضحك حقاً بقوة …لقد استطاعت تعديل مزاجه بحسها الفكاهي الرائع …
-ربنا يخليهموملك دوول حبايبي …
-ماشي يا سيدي عموما احنا بخير متقلقش وعبير بخير اووي هوصلها سلامك…
-لا لا يا تحية …
قالها بتوتر لتعبس وتقول :
-فيه ايه تاني ؟!
ابتلع ريقه وقال:
-بلاش تقولي ان أنا سألت عليها …معلش خلين سر بيننا ….مش حابة تفهمني غلط ….
ضحكت تحية وقالت:
-لا متقلقش يا أخويا كلنا فاهمينك صح …سلام يا حبيبي نام كويس …
ثم أغلق الهاتف وهو يتنهد مبتسماً بحزن …هل سيأتي يومياً ويجتمعا سويا؟!هل سيستطيع ان يحبها يوماً..لم يجد أي اجابات لأسئلته لذلك تنهد ونام
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
استيقظت من نومها لتجد.رسالة مفادها ان عدي سوف يسافر يومين بسبب العمل …قررت ان تستغل تلك الفرصة وتذهب لشريف …
…..
في فيلا شريف …
-مش كل شوية تنطيلي يا جواهر … أنا مش عايز عدي يشك فيكي وتبو ظ الخطة بتاعتنا ما تعقلي شوية !!
قالها شريف وهو يتجه الى مقعده ويجلس عليه…
اتجهت جواهر إليه وجثت على ركبتها وهي تمسك يده .كادت أن تقبلها ولكنه ابعد كله بصدمة وقال:
-مالك ؟!!
انفـ جرت الدموع من عينيها وارتفع نشيجها وهي تقول:
-أبوس إيديك يا شريف بيه اعفيني من الموضوع ده …ابوس إيديك ..أنا بغلط…أنا بد مر حياتي معاه …لو استمريت في التمثيلية دي هخـ سر كتير أوووي…ابوس إيديك يا بيه …سامحني على اللي عملته وساعدني أمشي …ساعدني اهر ب من بيته…ساعدني اختفي … عايزة أرجع جواهر…
-أنتِ مجنو نة يا بنت أنتِ ؟!
قالها بغلظة وهو يدفعها حتي سقطت أرضا ثم نهض ووجهه أحمر من الغضب وقال:
-أساعدك وأتحبـ س أنا؟!…طيب ما اللي أنتِ وانا فيه ده بسببك أنتِ …أنتِ يا جواهر لو حطيتي مناخيرك في وشك من غير ما تحشريها في حياتي أنا وبنتي كان ممكن تكوني دلوقتي حرة وعايشة مع والدتك وسعيدة ومستقرة …لكن أنتِ عملتي نفسك سوبر مان وحبيتي تنقذي بيري فمتلوميش الا نفسك …متلومنيش أنا …ده كان اختيارك وأنتِ تتحملي نتيجته مش أنا …فليه بتصحيكي دلوقتي …اتحملي نتيجة عمايلك يا جواهر…مش حبيتي تلعبي معايا اهو اتحملي بقا وانا سلمتك للي عمره ما هيرحمك …فأنتِ كده كده مش قدامك اختيارات كتير…اما تجيبي الشيكات وأنا أساعدك …او تفـ شلي في مهمتك وعدي يكشفك ساعتها مش هيرحمك ..وانا أنصحك بالحل الأول …يالا يا حلوة شدي حيلك.بقا !!..ولو حاولتي تلعبي بديلك هعرف ازاي اد مر حياتك انتِ والست الوالدة…
هزت رأسها بصدمة وقالت:
-أنت مستحيل تكون انسان طبيعي …أنت غير متزن نفسيا …بجد غير متزن!!!أنت بتعا قبني عشان ساعدت بنتك …بنتك يا مر يض !!!
صرخت بجملتها الأخيرة وهي تشد شعرها بجنو.ن …هل ظنت عدي هو الشيطا ن ؟!حسناً هي مخطئة تمام …فشريف هو الشيطا ن في قصتها …هو الشر ير …هو من د مر حياتها وحياة عدي وحياة عبير وسوف يد مر حياته قريباً …
ظلت ملامح شريف جامدة وهو ينظر إليها…..يسيطر على نفسه كي لا يصـ فعها على وجهها …هو أبداً لن يسمح لتلك الفتاة ان تعامله بتلك الطريقة….هو قادر على وضعها عند حدها ولكن للأسف ما زال بحاجة إليها حتي يحصل على الشيكات من بين يدي عدي ثم يفعل بها ما يريد …
-مش ناوية تغيري الكلمتين اللي بقيتي حفظاهم يا جواهر …عرفنا اني مخـ تل …خلاص غيري شوية بدأت أحس بالملل …
اتسعت عينيها وهي تشعر بالغضب …بل نير ان كانت تشتعل داخلها …تحر قها…هذا الرجل يمتلك برود أعصاب يُحسد عليه …رجل بلا ضمير حرفيا…للحظات …فقط للحظات تمنت ان تكون مثله ..ربما حالها لم يكن بهذا السوء…تمنت ان تكون انانية بلا ضمير مثله فيبدو ان أمثاله ممن يمتلكون تلك الصفات.هم من ينجون في تلك الحياة. وأمثالها من يعا نوا !!…
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك !!
قالتها بقهـ ر ثم صرخت وهي تدفعه بقوة :
-يا أخي ربنا ينتقم منك يا شيطا ن يا مر يض …أنا عملت ايه ؟!!عملت ايه ؟!!أنا رحمت.بنتك من شيطا ن زيك …ربنا ينتـ قم منك …ربنا ينتـ قم منك…
كانت تصرخ وتضر به على صدره ليصرخ هو ويصفـ.عها بقوة:
-بس أخرسي !!!
شحب وجهها وهي تمسك وجنتها وتنظر إليه وهي تبكي …
-يالا روحي من هنا وخلصي مهمتك …أنتِ كده كده اتورطتي خلاص !! …
……
خرجت من بوابة الفيلا وهي تبكي …لم تلاحظ.تلك السيارة التي تقف ولا ذلك الرجل الذي يبتسم بخـ.بث !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-اعمليلنا الكيك الصغير اللي عملتيه قبل كده …طعمه تحفة …
قالها الصغير عمر وهو يتمسك بساق عبير التي اشرقت ابتسامتها على وجهها وقالت وهي تنزل لمستواه وتربت على شعره الناعم وتقول :
-مسمهوش كيك صغير يا عمر ..اسمه كاب.كيك …وحاضر هعملهولكم النهاردة قول لماما تجهز المضرب والقوالب بتاعته …
-هييه …طنط هتعملنا كيك صغير …هيييه …
قالها الصغير بصخب وهو يخرج من المطبخ لتضحك هي بقوة ….
-قرودي حبوكي بسرعة …
قالتها تحية وهي تلج الى المطبخ بينما تلف شعرها الأسود الطويل في هيئة كعكة وتبتسم …ابتسمت لها عبير وقالت؛
-هما كيوت أووي …
-هما مالهم؟!
سألت تحية وهي تعبس بوجهها لتقول عبير:
-كيوت يعني لطاف زي مسكرين اللي بتقوليها دايما…
أطلقت تحية ضحكة بصوت مرتفع وقالت:
-مسكرين …دوول مسكرين ..قصدك مملحين …شيا.طين .
ضحكت عبير وقالت:
-ربنا يخليهوملك ويهديهم معلش بيعيشوا سنهم ..مامي الله يرحمها كانت بتقول اني كنت شقية برضه…
تجهم وجه عبير وهي تتذكر والدتها وقد ترقرقت الدموع بعينيها …أمسكت تحية كفها وقالت بلطف وهي تدعمها:
-الله يرحمها يارب …ادعيلها يا حبيبتي …
هزت رأسها وهي تمسح الدموع التي تساقطت من عينيها وقالت:
-الله يرحمها حبيبتي وحشتني أووي …لو كانت موجودة يمكن مكانش ده حصلي
-وايه اللي حصلك يا أختي ؟!
قالتها تحية وهي تضر ب كتفها بمزاح لكي تخفف عنها وأكملت :
-ده أنتِ واقع في غرامك زينة شباب العيلة أمير …ده الواد هيمو ت عليكي …
احمر وجهها بقوة وأطرقت برأسها وهي تحاول إخفاء ابتسامتها ثم قالت بتلعثم:
-متهيألك مفيش حاجة من دي أمير بيعتبرني زي أخ….
قاطعتها قائلة بسخرية:
-طب.بس بس …قال بيعتبرك أخته قال …يا ستي أنا اهو بنت خالته وأخته في الرضاعة مبيسألش عليا زيك …ده صحاني من النوم عشان البيه حابب يتطمن عليكي …الواد واقع واقع يعني بس تلاقيه مكسوف ما يقولك فأنا اهو فضـ حته وقولتلك …
-بس هو مش عايز يأخد خطوة ناحيتي …
قالتها أخيراً عبير بإحباط …ما الفائدة من إخفاء مشاعرها وقد فضـ حتها ملامح وجهها الذي أشرقت ودقات قلبها ….لتتكلم مع أحد على الأقل كي ترتاح …
أكملت وهي تنظر أرضا وتمط شفتيها بحزن :
-ساعات بحس انه بيحبني بس ساعات لا …أنا محتارة …طيب لو بيحبني مش مفروض يعترف …يأخد خطوة ..ليه خايف هو أنا بعض …
هزت تحية رأسها وقالت:
-يا عبيطة الحوار مش كده …بس هو شايف ان مفيش توافق …أنتِ بنت راجل غني وهو مجرد ميكانيكي…
-ده تفكير متخلف اووي …
-لا بالعكس ده تفكير واقعي…هو بيفكر صح …لازم تتجوزي اللي من توبك …هو أنا صحيح بحاول افهمه ان ده عادي وممكن يجتهد ويتجوزك ويعيشك في مستوى احسن بس هو عنيد …فاكر ان أبوكي مش هيرضى بيه …وهو عنده حق يا عبير …أبوكي هيرضى يجوزك لميكانيكي؟!…
احمر وجه عبير بغضب وقالت:
-وهو ماله أصلا بعد اللي عمله ملوش حق يتحكم في حياتي يا تحية …ده كان عايز يبيعني …
ابتلعت ريقها وهي تتذكر صديقتها التي عانت بدلا منها وقالت:
-وخلى صاحبتي تعاني …هو ملهوش حق يتحكم في حياتي بعد النهاردة ومش هسمحله يتحكم فيها …يعني مفيش داعي أمير يحط.النقطة دي في باله ..علاقتي مع شريف صديق هي بس ان اسمه ورا اسمي في البطاقة لكن أنا عمري ما هسامحه ولا أرجع واعيش معاه …
ربتت تحية على كتفها عندما وحدها منفعلة وقالت:
-طيب أهدي متعصبيش نفسك …اهدي خالص …
ثم عانقتها بقوة …وظلت لحظات تربت على كتفها الا انها انتفضت وصوت توأميها يصرخان :
-عايزين الكيك الصغير يا طنط عبير …
ضحكت عبير وهي تمسح دموعها وقالت:
-حاضر هعمله ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء ..
خرجت من الحمام وهي تمسح دموعها وجسدها بالكامل يرتعش …تشعر بالدوار ومئات الأفكار تعصف بها …رباه ماذا تفعل الآن …ماذا تفعل …
فكرت والدموع تحتشد مجدداً بعينيها …حاولت الا تبكي حتي لا تثير قلق ياسين وياسمين …خاصة ان الفتاة لديها اختبار الغد …مسحت دموعها بقوة وهي تخرج لصالة المنزل وقالت:
-ياسمين حبيبتي نص ساعة وتنامي ماشي .
ارتعشت نبرتها بالآخر وشعرت انها سوف تبكي لذلك انسحبت وولجت الى الغرفة وظنت ان لم سلاحظ بؤسها أحد ولكنها كانت حقاً مخطئة …فياسين قد لاحظ ما تعانيه…لاحظ انها ليست على ما يرام ونهض ليرى ما بها…
…
ولج هو الى الغرفة بهدوء وشعر بالهـ لع وهو يراها تبكي بتلك الطريقة ….صُدم وعقد حاجبيه ثم أقترب وجلس بحوارها وهو يمسك كفها ويقول بنبرة قلقة:
-مالك يا ورد…فيه أيه ؟!!قوليلي ايه اللي حصل …مالك ؟!
نظرت إليه …عينيها حمراء بفعل البكاء …الحزن يسكن بهما…كانت خائفة …حزينة …لا تشعر بالآمان وقد هاله ما شعرت به …. امسك وجهها وقال:
-حبيبتي قولي ايه اللي حصل أنتِ بتقلقيني كده ؟!…
نظرت إليه ثم أنفجـ رت بالبكاء مرة آخرى …بل أسوأ من سابقتها …
ضمها إليه بقوة …تركها تفرغ حزنها كما تريد …لم يفعل شئ سوى التربيت عليها لكي يهدئها …
ظلا هكذا لعدة للحظات ..هي تبكي وهو يربت عليها احيانا ويقبل رأسها أحياناً آخرى…
أخيراً انتهى كل شئ وسكنت هي …ابتعد ياسين براحة وهو ينظر إليها وقال:
-يالا دلوقتي يا هانم قوليلي ايه اللي مزعلك ومخليكي بالشكل ده وانا مدلعك ومهنيكي وبقولك شعر .
ابتعدت منه ونظرت إليه كانت نظراتها مزيج من الخجل والشعور بالذ نب. ..
-متزعلش مني يا ياسين …أنا اسفة ..أنا اسفة !!
قالتها ورد وهي تبكي مجدداً ..نظر إليه وعبس ثم قال بتوجس :
-حبيبتي أنتِ كده بتقلقيني قوليلي مالك …ايه اللي مزعلك بس …قولي يا ورد …
عضت شفتيها وهي تمنع نفسها من البكاء مجدداً…أخيراً سيطرت على نفسها ومسحت دموعها وهي تقول بإنهيار :
-أنا حامل…حامل يا ياسين…
رفع حاحبيه بدهشة …لتضع ورد كفيها على وجهها وتبكي مجدداً….
-وليه بتبكي ..يعني عادة الست بتفرح لما بتحمل…وأنا فرحان…أنتِ مش فرحانة ليه ؟!…
ابعدت كفيها عن وجهها وقالت بدهشة:
-أنت فرحان ؟!
-ايوة فرحان ولولا حالتك الغريبة دي كنت قمت رقصت من الفرح… قوليلي ليه زعلانة بالشكل ده …دي حاجة تفرحك يا ورد متزعلكيش ….
أمسك وجهها ونظر الى عينيها بعمق …عينيه رائعة تسحرانه بقوة …
-قوليلي ليه زعلانة بالشكل ده ؟!أنتِ مش عايزة تخلفي مني ؟!
هزت رأسها بقوة ليبتسم بلطف ويقول:
-أومال ايه المشكلة ممكن تقوليلي …بدأت اخاف عليكي …
-ياسمين..
-مالها ياسمين ؟!
قالها بهدوء شديد لتكمل هي :
-أنا جاية هنا اهتم بياسمين ومفروض اهتمامي كله يكون ليها هي ودلوقتي أنا …
ولكنه قاطعها وهو يقبل رأسها قائلاً:
-أنتِ مراتي يا ورد مش مربية لبنتي … وطبيعي تخلفي مني ودي حاجة تفرحني وتفرحك مفروض …اما عن ياسمين يا ستي فمتخافيش عليها أنا واثق ان دايما مكانتها هتبقى محفوظة في قلبك ….
مسح دموعها وقال:
-قولتلك بتضايق لما بتبكي متبكيش تاني لو سمحتي …
قبل رأسها وقال:
-مبروك يا غالية ربنا يخليكي لينا ويقومك بالسلامة ..
ضمته وقالت باكية:
-أنا بحبك يا ياسين ..
-وانا بحبك كمان ولو حافظ شعر دلوقتي كنت قولتهولك فمعلش مشي حالك اليومين دوول بكلمة بحبك عقبالك ما احفظلك قصيدة …
ضحكت وهي تشدد من احتضانه…كم تعشقه..تعشقه بجنو ن
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-آه !!
صرخ يوسف وهو يحـ طم كل ما يقابله…الغضب داخله لا حدود له …كان محـ طماً….للمرة الثانية يخـسر …لقد خـ سرها …خـ سر حياته مجدداً…وهو من اضا عها تلك المرة …هو من د مر كل شئ بينهما …هو من سلمها لفؤاد بيده ..هو …هو …..جلس على الأرض وهو يشد شعره بقوة …عينيه تتشبع بالدموع ….تنفسه يزداد حدة …….يشعر انه سوف يُصاب بنوبة قلبية…..منذ أكثر من ثلاثة أيام وهو يعاني من هذة الصدمة … الغضب….والحزن …لا لا….نسرين له ولن تكون لغيره …هذا مستحيل….أخذت الدموع تطرف من عينيه وهو يتمتم بجنون :
-لا….لا ..لا مش هخـ سر نسرين …كفاية رقية…كفاية رقية مش هواجه الألم ده تاني …ليه يارب بيحصل معايا كده…ليه ؟!أنا همو ت لو خسـ رتها همو.ت ….
اخذ يلهث بعنـ ف عينيه اصبحت حمراء بفعل البكاء …هو يعاني …بل يمو ت …المشهد يتكرر …الأ. لم يتكرر …ما عاشه يعيشه مجدداً…
وضع كفه على وجهه ثم اجهش ببكاء مرير…كان يبكي مثل الأطفال …كان حقاً مثيراً للشفقة والذكريات السيئة تندفع الى عقله بعنف ..
………
-يوسف خلينا نمشي يا صاحبي…هي متستاهلش تعمل كده ولا تقلل من نفسك خلينا نمشي!!
قالها كريم وهو يمسك ذراع يوسف …يحاول أن يبعده ولكن يوسف كان متجمداً …أتى ليرى حبيبته وهي تُزف لغيره …الألم كان ينهش قلبه …يشعر بروحه تحتر ق …أمتص انفاسه بصدمة وهو يراها تخرج من قاعة الزفاف الفاخرة …تتمسك بذراع زوجها وعلى ثغرها ابتسامة حقيقية ….حر يق اندلع داخله ودموعه تتدفق من عينيه …لا لا كيف تكون سعيدة مع غيره …كيف !! لقد اخبرته دوما انها تحبها …اخبرته انها لن تكون لغيره فكيف خلفت وعدها له….بخطوات واسعة حاول الذهاب إليها وكان كريم امسكه بقوة كي لا يُحدث فضـ يحة كبيرة لها وله…
-خلاص يا صاحبي سيبك منها ؟!!
قالها كريم وهو يمسكه بقوة ..بينما يحاول هو الذهاب إليها ..
-لا لا سيبني يا كريم …سيبني …
صرخ يوسف وهو يحاول الذهاب إليها…لن يخسرها بتلك السهولة ….قلبه يتمز.ق والدموع تنفجر من عينيه بينما كريم يمسكه بشق الأنفس ويقول من بين لهاثه …:
-منير متبقاش بارد كده ..تعالى امسكه معايا !!!
هو منير رأسه بقوة واقترب من يوسف وأمسك ذراعه الآخر وقال:
-خلاص …خلاص يا يوسف كفاية …كفاية …
-هموت …والله هموت لو بعدت عني…
صرخ بها وهو يبكي ليهز منير رأسه وهو ينظر الى صديقه بشفقة …بينما كريم شده وضمه إليه قائلاً:
-متستاهلش …متستاهلش والله يا صاحبي …خلاص سيبها اللي باعك.بيعه ومتبصش وراك …
سقط يوسف على الأرض ليجلس كريم بجواره ويشده ثم يضمه بقوة ويقول :
-اهدى يا صاحبي والله متستاهل حتى تفكر فيها …
ولكن يوسف أجهش بالبكاء وهو يشعر بحر يق داخله …لقد تركته …تركته للأبد ..كيف سيعيش الآن !!!!
-أنا كنت بحبها …أنا كنت بحبها ولسه بحبها يا كريم هنساها ازاي بس …قولي انساها ازاي يا كريم اديني فكرة وقولي انسى ازاي حب حياتي …هي ايه تعمل فيا كده …أنا كنت هجبلها العالم كله تحت رجليها …..فيه تعمل كده….ايه اخوتي ده أنا محبتش غيرها !!!
-هي محبتكش يا صاحبي وقول الحمدبله ان ربنا كشفهالك على حقيقتها عشان تبعد عنها …دي بنت مادية بتاعة فلوس سيبك منها …
ولكن يوسف لم يرد بل ظل يبكي بين ذراعي كريم …
…..
خرج من شروده ومسح.دموعه التي انسابت علي وجهه ثم أخرج هاتفه وهو يتصل بها …سوف يموت إن لم يسمع صوتها….هو لن يتقبل الخسارة بتلك السهولة …لن يتقبلها أبداً…
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تحجز نفسها في غرفتها كالمعتاد …اختبارتها اقتربت وهي يجب أن تدرس ولكن ما حدث مؤخراً جعلها تنفر حتى من الدراسة …ما زالت متألمة مما حدث …لقد خذ لها من أحبتهم ….والدها الذي تمنت دوما ان يحبها …أن يهتم بها …ان يعانقها حتى كر.هها الآن ويتمنى مو تها…ويوسف …يوسف من كان أمانها يومياً من اعطته ثقتها وقلبها …من أحبته واعطته كل مشاعرها ….اعطته مكانة والدها وقررت جعله محور حياتها خانها…تسبب بالأ ذى لها …وأخيراً فؤاد …فؤاد ذلك الشاب الطيب الذي حاول مساعدتها ويبدو انه أحبها حقا هو من ابتُليَ بها ..
تصاعدت الدموع لعينيها والأ لم يعصف بها …كم تتمنى أن تمو ت …حقاً ….هي مصدر ازعاج للجميع…هي في هذا العالم لكي تؤلم وتتألم …لا ترغب في ان تعيش بعد الآن …ليتها تمو ت …ليتها تذهب لوالدتها …
دعكت عيونها لتنساب دموعها وهي تشهق وتتذكر أن حتى والدها لم يسمح لها أن تظل تتذكر والدتها بصورة جيدة …لقد شو ه صورتها في نظرها …لم ينسى ما فعلته ولم يسمح لها أن تنسى …كانت تشك دوما ان كر هه لها نابع من فعلة والدتها وهذا بالفعل كان صحيح …ولكنه تأكد انه والدها فماذا يريد بعد …لماذا تدفع هي الثمن لماذا …
شقهت وهي تدفن وجهها في الوسادة وتقول:
-يارب خدني يا رب …أنا عايزة أرتاح…محدش بيحبني …محدش عايزني …أنا عبأ على الكل …يارب أنا نفسي ارتاح صوتها أختنق ثم أخذت تبكي لفترة طويلة ….فجأة أنتفضت وهاتقها يرن…رفعت وجهها ووجدته ….زمت شفتيهاو كادت أن لا ترد …هي لا تريد التحدث معه الآن ولكنها أخير تنهدت وثم فتحته بسرعة وردت على الهاتف بسوتها الهادئ:
-أيوة يا يوسف …عايز ايه تاني؟!!
أطلق أنفاسه براحة وهي ترد عليه …صوته العذب ينساب الى روحه فيفعل به الأفاعيل …
-نسرين حبيبتي ..
فعلها بصوت مختنق ليأتيه صوتها بارداً كالجليد:
-متقولش الكلمة دي تاني إياك …إياك يا يوسف …أنسى في يوم أني كنت كده …وانا هحاول انسى اني كنت مغفلة وحبيتك !!!
أغمض عينيه وصوته يرتعش وقال مجدداً ؛
-حبيبتي!!
-قولتلك متقولش الكلمة دي تاني!!!أنت مبتفهمش !!!
انقشع البرود من صوتها وظهر الغضب به …الغليان!!!…
ازدرد ريقه لتكمل هي :
-أنا عمري ما هنسى خيا نتك يا يوسف عمري !!!…عمري ما هنسى أنك كـ سرتني …أنت كنت أماني يا يوسف …ازاي قدرت تعمل كده !!!ازاي !!!ازاي مهتمتش بيا…ازاي مفكرتش بيا …فكرت في نفسك وبس !!
انفجـ رت الدموع من عينيها وقالت بصوت مختنق :
-أنا عمري …عمري ما هسامحك
ثم أغلقت الهاتف بوجهه وهي تمسح دموعها …كادت أن تحظر الرقم ولكنها قررت إرسال رسالة أخيرة …رسالة تحمل كل ما في داخلها ….ستخبره كل شئ ثم تنسحب بهدوء من حياتها …أمسكت هاتفها وفتحت تطبيق الواتس آب ثم بدأت بإرسال رسالة طويلة له …سوف تكون تلك آخر رسالة منها ..انتهت أخيراً من كتابتها وضغطت زر الإرسال وهي تشهق وتمسح دموعها بقوة ثم نظرت بقلب متو جع الى رسائلهم الطويلة …كانت تشعر بالحنين إليه …ولكنها حزمت أمرها وحذفت الرسائل نهائيا بعد ان تأكدت انه رأى آخر رسالة ثم حظرته من التطبيق …وحظرت رقمه من الاتصال بها !!لقد انتهى الأمر …انتهى فعليا ….
…..
من الناحية الآخرى ..كان يوسف يمسك الهاتف وهو يقرأ الرسالة بينما من داخله محطم .؛
-يوسف أنا حبيتك …فعلا حبيتك وخليتك أماني …لقيتك انت الوحيد اللي بتحبني …أنت الوحيد اللي ادتني الحنان اللي كنت محتاجاه في حياتي وحاولت دايما أني اديك زي ما ادتني ..بس أنت في النهاية كـ سرتني …وعرفت يا يوسف أنك زيه ..أنك زي بابا …بابا بيفضي غلبه فيا عشان اللي عملته ماما رغم انه بيعامل طنط نهى كويس وأنت .. أنت بتعا قبني عشان رقية سابتك …يعني أنا حاجة تفضوا فيها غضبكم أنت وبابا ..بس أنا مش هسمح لنفسي اني أكون كده …أنا هبعد عنكم…هتجوز فؤاد وأبعد عنكم…أنا خرجتك من حياتي يا يوسف وقريب لما اتجوز فؤاد هخرج بابا من حياتي كمان …مش عايزة أي اشخاص سا مة في حياتي !أنا هعمل بلوك ليك متحاولش تتواصل معايا تاني لو سمحت ..سلام ..
أغمض عينيه وهو يصرخ بقوة ويفكر انه ها قد طارت عصفورته للأبد!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-نفسي الزمن يوقف هنا ..نفسي يا موسى ..
قالتها ليان وهي تغمض عينيها بينما تستند برأسها على صدر موسى …كانا ببقعة هادئة بالقصر ..تحت إحدى الأشجار ..كان هو يستند برأسه على الشجرة بينما يريحها على صدره …شعرها يلامس أنفه وفمه …بدا كل شئ رائعاً أخيراً …أخيراً شعر بالسعادة بعد سنوات من الحزن ولوم الذات …قبل رأسها وقال :
-وأنا كمان نفسي الزمن يقف بيا هنا …خايف الوقت يمر يا ليان …مش عايزة يمر … عايز افضل معاكي كده …ابص في وشك وبس …ميبقاش ورايا حاجة غير أني اتأملك وانا بقول جوايا معقول دي ملكي أنا …
-وأنت يا موسى ملكي ؟!
سألته ليان وهي تستدير إليه …تنظر إليه بعينيها المتسعة تنتظر الإجابة بلهفة بينما قلبها يدوي بعنف داخل صدرها
تنهد موسى ومد كفه وأمسك ذقنها وهو يتأملها …يغوص بعينيها..كم هي مبهجة للنظر …كم هي جميلة بشكل لا يُصدق …يكفيه ان يرى ابتسامتها تسطع على وجهها ليسعد هو الآخر ..كيف تملكته تلك الصغيرة …كيف سلـ بت عقله بتلك القوة …
زمت ليان شفتيها وهي تجده شارد فقالت بغضب طفولي:
-موسى أنت مش عايز تجاوب ليه…انت بتهر ب من إجابة سؤالي صح ؟!
ابتسم وهو يلتقط كفها ويرفعه الى شفتيه ويقبله ثم يضعه على قلبه. الهادر ويقول:
-ده ملكك …يبقى أنا كلي ملكك متشكيش في ده يا ليان ….
ارتعشت الابتسامة على شفتيها وضمته قائلة:
-أنا بحبك …بحبك …
-وانا كمان بحبك اووي ….
ابتعدت عنه واسندت رأسها مجدداً على صدره وقالت:
-هتبقى الخطوة التانية ايه يا موسى ..أنا مش حابة أقابلك بالطريقة دي كل شوية …لو حد شافنا من القصر هتبقى مصيبة عشان عدي هيعرف…صحيح عدي مسافر.بس يمكن حد يقوله لما يجي.او ممكن يقفشنا بنفسه …أنا بقول…
قاطعها موسى قائلا:
-هطلبك من عدي قريب …
ابتسمت وقالت برقة :
-وهو أكيد هيوافق …عدي بيعزك جدا وبيثق فيك أووي يا موسى …أكيد عدي هيوافق عليك …
ابتسم موسى بسخرية فليان لا تحاول اقناعه بهذا بل تحاول اقناع نفسها …هو يعرف ان عدي أبداً لن يوافق عليه …كيف يوافق وهو يعرف الحقيقة كاملة عنه …هل سيسلمه شقيقته بالطبع لا …عدي لن يفعلها…فهو يعرف كم عدي يحب ليان ويتمنى لها زوجاً رائعاً كيحيى الخطاب مثلا الذي غضب عندما عرف بأن ليان فسخت الخطبة ولكنه هدأ على الفور عندما اخبرته ان هذا هو ما تريده فهي لن تكون سعيدة مع يحيى …ربما يهتم عدي رشيد بسعادة شقيقته ولكن اهتمامه الأكثر بسلامتها وهذا ما لن يضمنه موسى وهي معه …ما زال غير قادراً على الثقة بنفسه …ما زال الماضي يلاحقه …يكبله ….
أغمض عينيه وهو يضمها بقوة إليه ويقول:
-بإذن الله هيوافق وساعتها هأخدك بعيد عن هنا ….هخـ طفك يا ليان وهنعيش أنا وأنتِ وبس بعيد عن أي حاجة …مش هيبقى لينا غير بعض …أنا مش عايز غيرك يا ليان …مش محتاج غيرك في حياتي …
ابتسمت بإتساع وقالت :
-للدرجادي.بتحبني …
-ايوة بحبك …ومن زمان ..حاولت اني اهرب…أنكر مشاعري بس أنتِ قدرتي تكـ سري الحواجز اللي كنت حاططها بيننا …قدرتي تخليني أعترف بمشاعري كلها….
ابتسمت بفخر وقالت :
-حابة نتصور دلوقتي صورة للذكرى …نسيت الفون بتاعي فوق ممكن تديني الفون بتاعك ؟!
هز رأسه وناولها الهاتف دون تردد ..
-ايه باسورد الفون…
قالتها بإستفهام ليرد هو :
-تلاتة تلاتة الفين وتلاتة ….
اتسعت عينيها بدهشة وقالت:
-ده عيد ميلادي؟!
هز راسه مبتسماً ليقول :
-حبيت اسجله بحاجة عمري ما هنساها …تاريخ اتولد فيه حياتي …
فتحت الهاتف ودموع التأثر بدأت تتصاعد بعينيها …ومفاجأة آخرى كانت تنتظرها …صورة خلفية هاتفها كانت صورتها هي بعيد ميلادها وهي تضحك …نظرت إليه ليبتسم ويقول:
-يالا نأخد صورة مع بعض …
هزت رأسها ثم رفعت الهاتف وضغطت على زر التصوير…
ثم فتحت الاستديو بلهفة لكي ترى الصور ..والمفاجأة الثالث كانت بإنتظارها عندما وجدت صور كثير لها بهاتفه…أخذت تقلب في الصور بلهفة بينما دموعها تنساب من عينيها ولكنها فجأة توقفت وهي ترى صورة لموسى بجواره فتاة جميلة مألوفة ترتدي ثوب الزفاف؛
-مين دي ؟!
قالتها بينما تشعر بقلبها يهبط لساقها …تجمد وجه موسى وقال :
-حاجة تبع الماضي بتاعي مش عايز اتكلم عنه لو سمحتي يا ليان ..
ثم أخذ منها الهاتف وأغلقه وقد تد مرت سحر اللحظة ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي
في احد المقاهي
-دكتور يحيى…لو سمحت أمشي من هنا انت كده هتجيبلي الكلام
قالتها رانيا بتوتر وهي تنظر حولها…لقد وجدت هذا العمل بصعوبة بالغة والان هو سوف يد مر كل شئ …
-متقلقيش يا آنسة رانيا أنا استاذنت من مديرك اللي طلع بالصدمة معرفة قديمة…اقعدي هنتكلم شوية …
هزت رأسها بقوة وقالت:
-لا لو سمحت أمشي من هنا …
تنهد وكاد ان يتكلم الا ان صوت والدته اخترق سمعه بقوة :
-خدامة …طلعت بتحب خدامة …اخرتك يا دكتور يا محترم خدامة !!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-كانت تجلس على طاولة الإفطار تتناول طعامها بهدوء عندما أتتها الخادمة بخبر جمدها كلياً…
……
جلس على الأريكة براحة وابتسم بخـ بث وهو يراها تقترب منه :
-جواهر بنتي …
-ششش اسكت
قالتها جواهر وهي تقترب من عامر رشوان والدها وتضع كفها على فمه ….
ابعد كفها وقال بتسلية :
-سكوتي ده هيكلفك كتير يا جوجو …بس أكيد لو اتكلمت هد مرك فاختاري !!!
يتبع….
(أنا أحبها )
تستحقين أن يُحبك الرجل بكل كيانه ..
تستحقين السعادة الأبدية ✨
#سولييه_نصار
-هي دي اللي سيبت خطيبتك عشانها…سيبت بنت الحسب والنسب عشان تربية الشو ارع دي !!!
صرخت بها والدته بعنـ ف ليزعق يحيى :
-ماما كفاية لو سمحتي يالا نمشي من هنا …
ثم أمسك ذراعها وكاد أن يذهب إلا أن ليلى أبعدته بعنـ ف واقترب من رانيا التي كانت عينيها مشبعة بالدموع وصرخت بها :
-قدرتي تضحكي على ابني وخلتيه يسيب خطيبته …أيوة أنا فاكراكي انتِ الخدامة اللي كنتِ بتشتغلي فى بيت ليان …بقا تعضي الايد اللي اتمدتلك …تغري ابني وتخليه يفسخ خطوبته …..
هزت رانيا رأسها ودموعه تطفر من عينيها وهمست:
-والله يا هانم أنا مليش دعوة بإبنك اصلا …كفاية كده فضـ حتيني في مكان أكل عيشي …
نظر يحيى إليها بحزن وشـ تم نفسه لأنه عرضها لهذا الموقف امسك ذراع والدته وقال بغضب:
-يالا يا ماما كفاية كده !!!
-وكمان بتتعصب عليا عشانها…عملتلك ايه عشان تغيرك كده ؟!
نظرت إلى رانيا بقر ف وقالت:
-هي أصلا معندهاش الا حاجة واحدة بس تقدر تديهالك …قوليلي ابني كان بيديكي كام في الليلة هديكي الضعف وتغو ري من حياتنا
-بس …بس خلاص حرام عليكي !!!
صرخت رانيا بعـ نف بينما شحب وجه يحيى من كلام والدته …خلعت رانيا مئزر العمل وركضت خارجة من المقهي وهي تبكي بينما كان يتبعها يحيى ويقول :
-رانيا استني بس …
ولكنها لم تستمع إليه ولم ترى تلك السيارة التي اقتربت منها وحاول السائق الضغط على الفرامل ولكن للاسف صدمتها السيارة …
-رانيا …
قالها يحيى بفزع وهو يقترب منها …لحسن الحظ لم تكن الصدمة قوية …فقط شعرت بألم في ساقها ونهضت وهي تدفع يحيى بعيداً عنها وتقول:
-لو سمحت سيبني في حالي .
ثم ذهبت مبتعدة وهي تعرج على قدمها وسط ذهول المارة وصاحب السيارة التي صدمتها …ركبت وسيلة المواصلات العامة ثم ذهبت!
ظل يتابعها حتى ذهبت بالسيارة …احمر وجهه من الغضب …كان حقاً غاضب من نفسه لأنه وضعها في ذلك الموقف …بسببه هو تمت اها نتها بقسو ة عن طريق والدته …عاد إلى والدته بخطوات غاضبة وأمسك ذراعها وقال؛
-يالا نمشى من هنا ….
-أنت كمان …
كانت تصرخ به إلا أنها صمتت فجأة وهي ترى وجهه الأحمر من شدة الغضب …النير ان تشتعل في عينيه….ابتلعت ريقها وهو تسير أمامه بكل هدوء …لقد عرفت ليلى أنها تجاوزت الحد الآن
……..
الصمت كان مسيطر على السيارة بينما يقود يحيى وهو يشد على عجلة القيادة بقوة …كان يلهث من فرط الإنفعال…لا يصدق أنه وضع رانيا في هذا الموقف ….ولا يصدق أن والدته أتت خلفه وصبت جام غضبها على تلك المسكينة …كلما تذكر ما قالته والدته لها يشـ تعل غضباً…رانيا لا تستحق تلك المعاملة …لا تستحقها أبداً…هو المخطئ …هو من عرضها لهذا الموقف …لن يسامح نفسه أبداً !!!…
-دي مش طريقة تعاملني بيها يا يحيى ..
قطع شروده صوت والدته المستفز …ضغط على عجلة القيادة بقوة أكبر وهو يطحن أسنانه بعنـ ف سمعته هي ولكنها لم تبالي. ..ارتدت قناعها الجليدي على ملامحها الاستقراطية وقالت :
– مفيش أسو أ من أن ابني اللي فنيت عمري عشانه يهيني عشان خد امة ..تربية شوارع …
-ماما لو سمحتي ممكن نتكلم في البيت أنا بسوق ومش عايز اعمل مشـ كلة!!!
اتسعت عينيها وقالت:
-لا بجد!!مشـ كلة كمان يا يحيى عشان دي …مكنتش اعرف ان ذوقك انحدر للدرجادي …بتعاملني و حش عشان خد امة …واحدة الله أعلم أصلها من فصلها ….
أوقف السيارة فجأة لترتد للأمام بعـ نف ولولا حزام الأمان لانصدم رأسها …نظرت إلى وجه الأحمر بذهول ليقول وهو يتنفس بإنفعال :
-لو سمحتي خلاص …خلينا نتكلم في البيت …لو سمحتي .
صمتت نهائيا بينما يكمل هو قيادته بكل هدوء عكس تماما العاصفة بداخله !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أنت بتبتزني يا عامر ؟!
قالتها جواهر بصدمة …ليرد عامر :
-عامر كده حاف …أنا أبوكي !!!
ضحكت بسخرية وقالت:
-لا ابويا ايه بقا …يا راجل متقولش كده …أنت أب أنت !!!
-لا انا سفن أب يا أختي …متتلمي يا بت وأنتِ بتكلميني !!!
وضعت كفها على معدتها وقالت:
-ما بلاش الإيفيهات اللي بتقلب المعدة ده …الإيفيه ده من أيام الهكسوس…جدد وأنجز عايز ايه ؟!!أنا مش بطلت اضايقك ؟!جاي هنا عايز ايه ؟!!
-مليون جنيه …
-نعم !!!!
صرخت في وجهه بقوة ليتراجع قليلا ويقول :
-ده أنتِ مرات عدي رشيد يعني المبلغ ده مش هيفرق معاكي في حاجة يا بنتي …يعني يرضيكي افضـ حك قدام عدي باشا واقول انك مش بنت شريف بيه وانك جواهر بنتي …
هزت جواهر كتفيها وقالت:
-ما تقوله يا عم …ايه هيحصل يعني هتحـ.بس …ياريت يا اخي واهو اكون ارتاحت من حياتي دي بس ساعتها هتضطر تواجه شريف وانت عارف شريف يا عامر واشتغلت عنده نص عمرك …هو مش هيعتقك واحتمال يلبسك مصـ يبة وتيجي تشرف معانا في السجن واهو تقول ايفيهاتك اللي انقرضت من زمان يمكن اضحك عليهم من الفراغ …
رفع عامر حاجبيه وقال:
-ده أنتِ بايعة نفسك بقا …
-يوووه اكتر مما تتخيل والله …أنا خلاص مبقاش فارق معايا ولا خايفة من حاجة ولو عايز رقم عدي عشان تقوله اديهولك عادي بس وقتها واجه بقا شريف …أنا وقتها مش هساعدك …
-وانا ميهونش عليا افتن على بنتي …حتة مني …
-لا يا راجل تصدق قشعرت…
-اه يا جواهر والله أنا بحبك …أنتِ بنتي …
تصاعدت الدموع لعينيها وقالت وقد ظهر الو جع في صوتها وقالت:
-دلوقتي افتكرت انك أبويا عشان اتجوزت واحد غني لكن قبل كده كنت مصمم أن متكونش فيه أي علاقة بيننا عشان خايف لمراتك تسيبك وبيتك يتخر.ب…ر ميتني أنا وأمي ومسألتش فينا …روحت عملت حياة جديدة وفتحت محل ليك وعشت مرتاح في الوقت اللي كانت بدرس وبشتغل وبروح مع أمي جلساتها …وعشان تبرأ ضميرك بتبعتلنا ملاليم وبطلت تبعتها لما اتخرجت …ابويا …ابويا ازاي بقا …
انسابت دموعها وقالت:
-أنت عمرك ما كنت ابويا …عمرك ما كنت سند ليا…انت ر متني ..ر متني للحياة وهربت …سيبتني احار ب لوحدي …اشتغلت كل حاجة تتخيلها مادام شغلانة شريفة …ده حتى لما شريف صديق هد دني بالفلوس اللي استلفتها منه مفكرتش الجألك…مفكرتش اطلب مساعدتك …عارف ليه عشان عرفت انك هتتخلى عني كالعادة ..عرفت انك مش هتكون اماني عشان كده مجيتش …ومفكرتش اطلب منك اي مساعدة يا أبويا …وبالفعل اثبت كده ..انك عمرك ما هتكون أماني …اهو انت جاي تهد دني انك هترميني في السـ جن من غير ما ضميرك يو جعك. ..ولما بس قولتلك أن شريف هو اللي هيقف في وشك خوفت وجبت ورا ودلوقتي داخل عليا بالحنية يمكن تاخد مني حاجة…بص أنا والله مبقتش فارقة معايا حاجة …أنا خلاص كر هت حياتي …مش كل واحد فيكم يكون فاضي شوية يفكر يسـ تغلني…هو ده جزاتي عشان طيبة يعني وبساعد غيري ..اكون وحشة عشان اعرف اخد حقي ولا ايه
..اللي عايز تعمله اعمله …أنا مش هسـ تغل عدي اكتر من كده…عايز تقوله قوله وتبقى عملت فيا معروف …وأهو تعمل اللي أنا معنديش الشجاعة اني أعمله …
-يا بنتي أنا …
قالها عامر وهو يحاول وضع كفه على كتفها لتتراجع وهي تقول :
-لا لا أنا مش بنتك …انت كتير قولت الكلمة دي وكنت عايز تبعدني عنك….مش هبلة انا عشان أصدق أن عاطفة الأبوة نقحت عليك …
ابتلع عامر ريقه وقد أحس بالخجل …نظر إلى تلك الفتاة المسكينة التي لم يكن لها أي حظ في الحياة …ذ نبها انها ولِدت في ظروف خا طئة تماماً …
-أنا اسف ..مش هز عجك تاني ..عن إذنك …
ثم تركها وذهب …وصدمتها كانت كبير عندما ذهب هكذا بكل بساطة!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يا رانيا يا بنتي قوليلي مالك أنتِ بقالك نص ساعة بتبكي من اول ما جيتي هنا وانا مش فاهمة حاجة. .
قالتها السيدة رابحة وهي تربت على رأس ابنتها التي دفنت رأسها في الوسادة وتبكي بعنـ ف …
-رانيا يا حبيبتي مالك قوليلي بس ؟!
ولكن لا رد فقط البكاء …كانت تبكي بحر قة. ..
أخذت والدتها تربت على رأسها بينما تتمتم بأيات من القرآن الكريم ….
وأخيراً انتهت وقالت:
-ربنا يحفظك يا بنتي ..قوليلي يا رانيا مين زعلك …حد ضايقك في الشغل الجديد يا بنتي …قوليلي …لو حد ضايقك خلاص متروحيش تاني …تغو ر الفلوس اللي تيجي من وشهم ودوري على شغل تاني لكن متعيطيش يا بنتي ..كفاية عليكي الهـ م اللي أنتِ شايلاه …أنا عارفة أن همي كبير عليكِ وحاسة بيكي يا بنتي…وعارفة اني كنت أنا نية اووي معاكي وفضلت نفسي ..عارفة ده كله وعارفة قد ايه أنتِ منحورة ما بين شغلك ودراستك اللي قررتي تكمليها ودايما.بدعيلك ربنا يوفقك ..وبدعي أن ربنا يسترد أمانته بعد ما أجوزك واطمن عليكي ع…
-بس يا أما بس …متقوليش كده تاني …أنا مليش غيرك !!!
قالتها رانيا وهي ترفع رأسها وتدفنها في ساق والدتها…كانت تبكي بعنـ ف وهي تشد على ساقها وتقول :
-ليه بيحصل معايا كده يا أما …ليه حظي كده …كل لما احاول اصلح حياتي تتخر ب…كل أما احاول ابعد عن و جع القلب ألقاه في وشي..
-مين زعلك بس …قوليلي يا رانيا مين زعلك يا بنتي ووصلك للحالة دي ؟!…
أغمضت رانيا عينيها بقوة وهي تتذكر كيف اها نتها تلك المرأة …كيف قللت من شأنها …كيف عاملتها كأنها فتاة ليل خد عت ابنها ….شهقت بأ لم ..ماذا تقول لوالدتها …ماذا تقول لها ؟!
-رانيا يا بنتي …
صوت والدتها انتشلها.من شرودها فنظرت إليها والدموع تغرق وجهها…ابتلعت ريقها وقررت أن تخبرها بكل شئ…لن تخفي عنها شئ …وداخلها تعترف انها أخطأت كثيراً عندما اعترفت له …
بعد أن انتهت ….
-بنت الكلـ ب دي فاكرة نفسها مين ؟!!!
صرخت بها رابحة بغيظ …عينيها كانت مشتعلة بالنير ان …ظلت رانيا تبكي لا تتكلم …تبكي بقـ هر عندما تتذكر الوصف الذي وصفتها به والدة يحيى …هي ابتعدت عنه…ابتعدت عن محيطه وعن اي شئ قد يربطها به..عن أي مكان قد تراه به وند.مت على ما قالته لها …ند مت لأنها أفصحت عن مشاعرها ولاذت بالفرار ولجأت لله …ناجته وتقربت منه…ودعته كثيرا أن يمحي تلك المشاعر من قلبها …قررت أن تجد نفسها وتكمل دراستها وبالفعل قررت إتمام دراستها من بداية العام المقبل ….خططت لحياتها خطط لم يكن هو من ضمنها وارتاحت وهي بعيدة عنه رغم أن قلبها كان يؤ لمها ولكنها تجاهلت هذا الأ لم وقررت البحث عن عمل حتى وجدته ولكنه وصل إليها …قرر الظهور مرة آخرى في حياتها مبعثراً حياتها مرة آخرى ولكن تلك المرة والدته اذ تها وإن كانت يوماً ظنت بغباء أن لهما فرصة سوياً فالآن تلك الفرصة معدومة تماماً …فوالدته اتهمتها أنها هي من جعلت يحيى يترك خطيبته …
انسابت دموعها أكثر وقالت :
-أنا غلطت يا أما لما اعترفتله …ودي كانت غلطتي الوحيدة وبحاول أصلحها وبعدت بس هو اللي جه ورايا …وأمه جات وراه وافتكرتني أنا اللي بو ظت علاقته بخطيبته…كلامها كـ سرني من جوا يا أما ..حسيت أن عشان هي غنية تفضل تهين فيا براحتها وانا مليش حق اتكلم …روحي اتكـ سرت يا أما …
-معلش يا بنتي ربنا ينتـ قم منها يارب ….دوري على شغل تاني وكملي دراستك وهيجيلك نصيبك ووكلي ربنا يجيبلك حقك وهتشوفي …
هزت رانيا رأسها وهي تضم والدتها إليها وقد تجدد داخلها الأمل ..لن تستلم حتى تفتخر بنفسها …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
ولجت السيدة ليلى إلى المنزل ترفع رأسها عالياً وكأنها لم تُخطئ وكأنها لم تسـ مم حياة فتاة بريئة بكلماتها …
-استني يا ماما !!!
هدر يحيى وهو يقترب منها .تتصاعد النير ان بعينيه …نير ان لم تخيفها بل رفعت وجهها بترفع وكبرياء وقالت بنبرة متصلبة:
-أيه يا يحيى يا بني ؟!ناوي تتخانق معايا تاني عشان الخدامة اللي خليتك تسيب خطيبتك ……تربية الشوا رع اللي خليتك تد مر حياتك …مش كفاية قلة ذوقك معايا في العربية واللي مش هحاسبك عليها وهسامحك ..
أغمض عينيه بغضب وهو يحاول انتقاء كلماته …لا يريد أن يجر حها فهي بالأخير والدته ….
-امي رانيا ملهاش دعوة بفسخ خطوبتي …وهي لا اغو تني ولا اي حاجة ….أنتِ بس اللي اتسرعتي …وأنا اللي سعيت عشان اقابلها وعرفت شغلها فين وروحت واترجيتها كمان عشان اكلمها وهي رفضت يعني أنا اللي سعيت عشان اكلمها مش العكس …تقومي بقا حضرتك تعملي ايه …تيجي ورايا وتهـ يني البنت بدون اي حق …تقوليلها كلام صعب وتسـ تغلي طيبتها وأنها مش هتقدر ترد عليكي وتقطعي عيشها …حضرتك ازاي تعملي كده ؟!!ازاي يا ماما يا مثقفة تهاجمي الناس من غير اي دليل لمجرد أن سيبت ليان خلاص يبقى واحدة اغو تني وأنا زي العبـ يط همشي وراها …ليه فاكراني ايه …فاقد للأهلية !!! اي واحدة هتقدر تجرني وراها ولا كأني حما ر…لا يا ماما أنا إنسان فاهم وعارف وانا كنت هتكلم مع البنت في موضوع مهم خاص بشغل وأنتِ جيتي واحرجتيني …جيتي وحطيتني في موقف صعب …أوري وشي ليها ازاي دلوقتي …ازاي تعملي كده !!!
انتفضت عندما رأته فقد السيطرة على نفسه وتراجعت بخوف وهي ترى عروقه نفرت برقبته …ابتلعت ريقها وقالت:
-أنا كنت خايفة عليك …بعمل ده عشانك …عشان خايفة وعش….
-أنا كبير يا ماما….قادر اخد قراراتي بنفسي مش عيل صغير عشان تيجي تحر جيني بالشكل ده …أنا احترمتك ومردتش اعمل مشا كل هناك رغم انك كـ.سرتي رانيا …ياريت حضرتك تعتذري منها عشان غلطتي في حقها جامد …أنا هحاول اوصلها وحضرتك تعتذري منها وننهى الموضوع …
-نعم بتقول ايه ؟!!أنا أعتذر من دي ؟!!الخد امة ؟؟!
قالتها بهياج ليرد بهدوء وهو يهز كتفه :
-أنتِ اللي علمتيني كده يا ماما أن لما نغلط نعتذر ومفيش حد كبير على الاعتذار على الأقل الطرف التاني يسامحك ومتشيليش ذ نبه ليوم القيامة ….
-أنت أكيد مجنو ن …مستحيل انزل من مستوايا واعتذرلها …مستحيل …أنت فاهم بتقول ايه ؟!!أنا اروح للخدامة دي وأقلل من نفسي واعتذر …لا لا مستحيل …ده مستحيل يا حبيبي…وأنت كمان من النهاردة ملكش أي علاقة بيها يا يحيى لا تكلمها ولا تقابلها …بلاش يا بني البنات اللي زي كده ….
قاطعها يحيى عندما رأى انها سوف تهـ ينها مرة آخري وقال:
-ماما لو سمحتي خلاص كده كفاية !!!
نظرت إليه وقالت بجمود:
-بتحبها ؟!قولي اتو رطت وحبيتها يا يحيى قولي عملت المصيـ بة دي يا بني عشان الحقك ؟!
-هتلحقيني ازاي يعني مش فاهم ؟!
قالها بنبرة تغـ لي من الغضب فقالت بسرعة :
-أسفرك بعيد …أو أجوزك بنت من مستوانا وتروح بيها بعيد …بس لا هي شكلها عملتلك سحـ ر …أنا ممكن أشوف شيخ …
كان ينظر إليها مصدوماً …لا يصدق أن والدته تقول هذا …أخذ ينظر إليها وكأنها فقدت عقلها…
-متبصليش كده يا يحيى أنا بحاول انقذك …
ابتسم بسخرية مر يرة وقال:
-مظنش يا ماما أنتِ حابة تنقذي نفسك من كلام المجتمع بتاعك لو عرف أن ابنك بيحب خدامة …
-يعني أنت بتحبها ؟!!
قالتها مصدومة …ولكن لم يرد عليها خرج من المنزل بأكمله …مختـ نقاً بسبب ما قاله !
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
في احدى عيادات النساء الشهيرة ….
تسطحت ورد على الفراش المخصص للفحص بينما فحصتها الطبيبة بجهاز السونار ..ابتسمت الطبيبة بود وقالت :
-شايفة النقطة الصغيرة دي هي ابنك او بنتك ..
أنتِ يدوبك مكملتيش شهرين حمل …
عضت ورد على شفتيها لكي تمنع نفسها من البكاء وهي تنظر إلى الشاشة وترى ابنها وهو في بداية تكوينه …كانت سعادتها في تلك اللحظة لا تضاهي أي لحظة آخرى …فكرة وجود جزء منها في رحمها …جزء منها تحميه داخلها …يشاركها جميع مشاعرها فعليا …كانت تلك الفكرة لوحدها رائعة للغاية ….
كان ياسين بجوارها ينظر إلى الشاشة وهو فاغر فمه …تلك اللحظات …أنه يعيشها للمرة الأولى …..رغم أنه رُزق بياسمين من قبل إلا أن فترة حملها كانت مأساه حقيقية إذ حاولت زوجته عدة مرات أن تجهضها …طوال فترة الحمل كان يعيش في الجـ حيم …لم يستمتع بأي لحظة في حملها ولكن عندما أتت ياسمين عوضته عن كل شئ …شعر بالسعادة الحقيقية ولأول مرة …عشق ابنته …صحيح ابتعد عنها لفترة بسبب سفره الدائم للعمل ومشاكله الكثيرة مع زوجته وهذا جعل جوري تؤ ذيها ولكنه عندما عرف نقل مقر عمله للقاهرة وأخذ ابنته لتعيش معه …
خرج من شروده عندما نهضت ورد وعدلت من وضع ثيابها …امسك هو كفها ليسندها نظرت إليه وابتسمت :
-أنا كويسة يا حبيبي متقلقش …
ابتسم لها وهو يسحبها نحو مكتب الطبيبة ..
جلست ورد على المقعد وجلس هو في مواجهتها وهما يستمعان إلى كلامها …
-الحمدلله وضعك طبيعي يا مدام ورد …هديكي بس شوية فيتامينات وكل اللي عليكي ترتاحي اول تلات شهور ومتجهديش نفسك كتير …وأنت يا أستاذ ياسين ياريت تهتم بيها في الاكل لبن وبيض وكده و…
ولكن ياسين قاطعها :
-معلش يا دكتورة عشان نعمر مع بعض اسمي باشمهندس ياسين …
وضعت ورد كفها على وجهها بينما ابتسمت الطبيبة وقالت:
-اسفة يا باشمهندس وزي ما قولت اهتم بالأكل وياريت ترتاح قد ما تقدر …
-حاضر يا دكتورة
قالها ياسين وهو ينظر لزوجته مبتسماً …ثم مد كفه وأحتوى كفها ثم خرجا من عيادة الطبيبة
..
-تحبي اشيلك لحد العربية ..
قالها ياسين وهو بالفعل يهم لحملها الا أن ورد أبعدته بخجل وقالت:
-ياسين متبقاش اوفر أنا حامل متشـ لتش …
عبس وقال:
-تصدقي انك فقر ومعندكيش حس الرومانسية اومال ايه قصايد الشعر اللي شغال احفظها عشان جنابك…اصحابي بقوا يتريقوا عليا وانا ماشي في الموقع وماسك ورقة وبقول (عيناكِ نافذتان على حلم لا يجئ وفي كل حلم ارمرم حلماً وأحلم) …
ضحكت ورد وقالت:
-أسكت الله يخليك اشعارك دي هتخليني أولد في الشهر التاني …ترمرم ايه يا ياسين اسمها ارمم يا حبيب قلبي …يالا عشان نجيب البنت من عند مامتك …يالا ..
هز رأسه واركبها السيارة وقاده على مهل ..
……….
كان يقود سيارته وعلى ثغره ابتسامة رائعة …قلبه يخفق بسعادة ….يشعر وكأنه ملك العالم …حبيبته حامل …ستنجب له طفل …الآن سوف تقوى العلاقة بينهما …كم هو محظوظ بوجود ورد معه …لقد ظن أنه سيعيش وحيداً دوما …دون حب …دون مشاعر أو سعادة ولكنها أتت وأزهرت قلبه …أتت وبثت السعادة به …أمسك كفها وقبله برفق وعلى وجهه ابتسامة …ازدادت ابتسامتها اتساعاً وقالت:
-شكلك مبسوط اووي بالبيبي …
-أووي أووي يا ورد …متتخيليش قد ايه ..من اول ما قولتيلي وانا مش قادر انام من الفرحة …حاسس ان الدنيا مش سايعة فرحتي …أنا بحب الأطفال اووي ونفسي في يوم أخلف خمستاشر عيل …
-يالهووي خمستاشر …مين عنده حيل يجيب ده كله ؟!وبعدين أنا ممكن بعد تاني عيل انهار…..
عبس وقال :
-بجد …يا خسارة خلاص اتجوز عليكي واحدة تانية تكمل العدد …
ضر بته ورد بغيظ على كتفه وقالت:
-أعملها بس وأنا اخنـ قك أنت وهي …بارد صحيح مراتك حامل وانت بترفع ضغطها رجالة آخر زمن …
ضحك ياسين بمرح وقد بدا الآن كل شئ جيد …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
– أزيك يا شيخ طه …
قالها أمير بود وهو يجلس بجوار الشيخ بالمسجد وهو يقرأ القرآن …
رحب به الشيخ طه وقال:
-تعالى يا أمير تعالى يا بني ازيك. …كده يا أمير مبقتش تقعد معايا زي زمان يدوب تصلي وتهرب علطول حتى الشيخ بهاء قالي أنك مش ملتزم في دروس القرآن ….
حك أمير رأسه بخجل وقال:
-والله يا شيخ أنا كنت في دوامة ملهاش أول من آخر حقك عليا …
تنهد الشيخ طه وقال::
-وأكيد جاي عشان تحكيلي كالعادة …..
ابتلع أمير ريقه وقال:
-بس بصراحة مش هقول تفاصيل …يعني هاخد القشور كده واقولهالك …
ضحك الشيخ وقال:
-طيب يا سيدي اللي انت عاوزه المهم تحكي …احكيلي يا أمير ايه المشـ كلة …
-بصراحة كده انا حبيت يا شيخ ..
قالها أمير بسرعة ساداً على نفسه اي طريق للتراجع… يجب أن يعترف وينتهي الأمر …
ابتسم الشيخ وقال:
-الحب جميل يا أمير وخصوصا لو كان في الحلال. ..انك تتجوز اللي بتحبها دي حاجة حلوة أووي بتخليك مبسوط …
تنهد أمير وأطرق رأسه وقال:
-بس هي مش ليا يا شيخ طه …هي من عالم تاني غير العالم بتاعي …هي بنت حسب ونسب ..وانا واحد على قده يعني مفيش اي توافق اجتماعي ما بيننا …مش هعرف اعيشها كويس …
كان الشيخ يستمع إليه وهو يحلل كلماته وقال:
-طيب ومشاعرها هي مالت ليك ؟!
-جايز …قولي يا شيخ أعمل ايه …حاسس نفسي تايه … حاسس بفراغ كبير جوايا…بطـ حن نفسي في الشغل عشان انساها …بدعي ربنا كتير اني انساها وابطل أحبها بس مش قادر ..مش قادر يا شيخ …
ابتسم الشيخ وقال:
-يا بني اللي كاتبه ربنا هيكون والله لو البنت دي من نصيبك هتكون من نصيبك …ولو مش من نصيبك ربنا هيديك الأحسن منها وهترضى بيها …الجواز رزق من ربنا ويا عالم …يا عالم يا بني هيحصل ايه …صلي استخارة وشوف الدنيا هتمشى ازاي …ولو عايز تطلبها من ربنا اطلبها…ولو أبوها غني فمش هيبقى أغنى من رب الناس اللي يقدر يخليك في حال غير الحال …أسعى يا بني واطلبها بس متعملش الغلـ ط ولا تتواصل معاها …..متغضبش ربنا بسببها يا أمير فتخسر أنت رضاه وتخسرها كمان …
ابتسم أمير وقال:
-حاضر يا شيخ …متعرفش كلامك ده طمنني قد أيه …أنا هسيب كل حاجة لربنا …هدعي إني اتجوزها وربنا يقدرني وأسعدها بإذن الله …ومش هتواصل معاها وادعيلي يا شيخ …
رفع الشيخ طه يده وقال:
-ربنا يكرمك يا بني باللي فيه الخير ..ويريح بالك ويحفظ قلبك …يارب لو خير ليك تبقى ليك وتكون الزوجة الصالحة ليك ….ربنا يوفقك يا بني ..ربنا يوفقك …
انزل كفه ونظر إليه بعتاب وقال:
-بس أوعى مهما حصل تقصر في دينك …ترجع لدروس القرآن تاني …احنا عباد الله يا بني ومحتاجين قربه…دينك هو رقم واحد في حياتك …
هز أمير رأسه وقال :
-وعد يا شيخ مش هقدر أبداً.
…….
خرج أمير من المسجد وقد شعر بالراحة قليلا بسبب كلام الشيخ …لا يعرف لماذا ولكن الشيخ طه بث فيه أمل شديد أن تصبح عبير من نصيبه….ابتسامة رائعة شقت شفتيه وهو يتجه إلى الورشة الخاصة به بكل همة ونشاط …بعد أن ينتهي سوف يذهب الى المنزل ويصلي استخارة. ويتمنى من الله أن ييسر له أمره ….ولج للورشة وقد تبدل حاله حتى أن الصبي الذي يعمل معه قد شعر بالدهشة وهو يرى من النشاط الذي أصاب صاحب عمله فجأة بعد أن كان منطفئاً الأيام السابقة …كان يشعر أنه في طريق مسدود ولكن الآن تولد في قلبه الأمل لقد قرر ترك الأمر لله …سيطلبها منه وهو واثق أن الله لن يرد دعاؤه ….
………….
بعد أسبوع …
خرجت من القصر برفق لكي تذهب الى كليتها …لقد تغيبت عن الكلية بما فيه الكفاية ولا تريد أن تفوت المحاضرات الأخيرة لأنها امتحاناتها قد اقتربت وهي يجب أن تحصد تقدير عالٍ كعادتها …
كانت ترتدي نظاراتها السوداء بعد المقابلة الأخيرة مع موسى وبعد أن رأت صورة تلك الفتاة لم تتحدث معه مرة آخرى …موسى غامض يخفى عنها الكثير …وهي لا تشعر بالراحة من وجود كل ذلك الكم من الأسرار بحياته …يجب أن يخبرها …أن يشاركها كل شئ كما تشاركه هي كل شئ ….فتح موسى باب السيارة الأمامية لتركب بجواره …كادت أن تتراجع وتفتح الباب الخلفي الا انه جذبها من ذراعها وتمتم :
-لا هتركبي جمبي !!!
نظرت إليه بضيق وقالت:
-أنا مبحبش التسـ لط ده يا موسى …
-أنا متسـ لط يا ليان في اللي يخصني …أنتِ حبتيني بعيوبي فحبيني للآخر …
ثم أجلسها بالسيارة وأنطلق بسرعة …بينما هي أصبحت تتأفف بضيق …
كان الصمت مسيطر على السيارة …هو يقود بهدوء وهي تنظر من النافذة ويدور داخلها الكثير من الاسئلة …اسئلة لا يعرف إجابتها غير موسى ….
مد موسى كفه واحتوى كفها ثم رفعه لشفتيه وقبله ….ازدردت ريقها وارادت أن تبعد كفها ولكنه تمسك بها وقال:
-متبعدنيش عنك يا ليان ..أنا استسلمت واديتك قلبي فمتكً سرهوش …
نظرت إليه وقالت:
-أنت غامض يا موسى …غامض أووي وده مخوفني منك .
-خايفة إني آذ يكي ؟!
قالها بصدمة لتصمت هي بينما يكمل هو ويهز رأسه …كانت كلماته صادقة …نابعة من القلب ووصلت لقلبها :
-اعرفي يا ليان اني اهون عليا أمو ت ولا آذ يكي ..أنا موجود عشان أحميكي ولو في يوم حسيت أني هشكل خطـ ر عليكي صدقيني هبعد عنك …المهم تكوني أنتِ بخير …المهم تكوني سعيدة …
-عمري ما هكون سعيدة لو بعدت عنك يا موسى …ياريت تفهم ده كويس …أنا بحبك …
-وأنا مش هبقى سعيد برضه بس على الأقل هرتاح لما اشوفك بآمان …أنتِ حياتي …
-بس أنت مخبي عليا اسرار كتير يا موسى ..كتير أووي …
هتفت بإعتراض واهي …هي لا تعرف عنه أي شئ …صحيح انه جل ما كان يهمها هو أن يقع بحبها ولكن بعد أن أرتبطا فكرت بهذا
,-هقولك على كل حاجة قريب .
قالها متنهدا وهو يشد على كفها ..
-وعد
قالتها بحزن
ليهز رأسه ويقول :
-وعد أيوة
ثم ابتسم ونظر إليها وقال:
-ابتسمي يالا شكلك و حش وأنتِ مقموصة ومادة بوزك شبرين.
نظرت إليه بغضب وقالت:
-نعم انا مادة بوزي شبرين يا موسى …وشكلي و.حش وانا زعلانة ؟!!!انت ايه معندكش تمييز دي كلمة تقولها لحبيبتك !! بدل ما تقولي أنتِ جميلة في كل أحوالك يا حبيبتي تقولي مادة بوزك وشكلك وحش!!انت متعرفش تغازل حبيبتك أبداً …
ابتسم بتسلية وقال:
-أغازلك أقولك أيه يعني ؟!اقولك شعر …
رفعت وجهها وقالت :
-وفيها أيه لما تقولي شعر هو أنا أقل من البنات اللي بيتقالهم شعر ولا ايه يا موسى …
-لا يا حبيبتي أنتِ ست البنات كلهم ….مبعرفش اقول شعر للأسف بس هقولك دايما أني بحبك وانك حياتي مرضية يا ست الكل …
-لا طبعاً لازم تغازلني …غنيلي …قولي شعر اكتبلي رسايل…
-أنتِ عندك جفاف عاطفي ولا ايه؟!وبعدين احسسك اني بحبك اكتر من كده ازاي يا ليان ده انا حاطط صورتك cover عندي وباسورد موبايلي بعيد ميلادك ….
مطت شفتيها وقالت:
-أنا عايزة رومانسية اكتر من كده …وحاجة كده تكون ساسبينس…عايزك تفاجئني يا موسى …تعرف تفاجئني ..
ابتسم وقال:
-من عيوني ..النهاردة هاخدك برج القاهرة وأرميكي من فوقه ..وبكده أكون عملتلك مفاجأة متتوقعيهاش..
-أنت بار د يا موسى ..بار د بجد ..
قالتها بغيظ ليضحك هو …
أخيراً وصلا إلى الكلية ..نزلت ليان بشوق عندما رأت نسرين اندفعت إليها وعانقتها بقوة غير مهتمة بجرحها وهي تقول من بين دموعها:
-أخص عليكي نسيتيني ..
-مقدرش يا لي لي بس حياتك فوضى خالص الأيام دي …
ابتعدت ليان وقالت وهي تشد على كفها :
-أنا رجعت ومش هسيبك أبدا..وعد ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
-مفيش داعي نعمل فرح …أنا بقول نعمل كتب كتاب بعد امتحانات نسرين وتروح لبيتك وأنت حر بعد كده تعمل اللي أنت عايزه وانا هشيل إيدي خالص. . .
كانت تلك كلمات كريم الباردة لفؤاد وهما يتفقان على إجراءات الزفاف ….
أطرقت نسرين برأسها وهي تكتم دموعها بشق الأنفس …اخذت تتنفس عدة مرات وهي تتلقى كلماته السا مة ….لا يفوت أي فرصة تجمعهما سوياً ليشعرها كم هو يكر هها ….
انسابت دموعها فمسحها بسرعة ليتدخل فؤاد تلك المرة ويقول:
-يعني ايه مفيش فرح ؟!لا طبعا هيكون فيه فرح وفستان كمان ونسرين هتفرح …ده قرارنا أنا ونسرين إذا كان هيكون فيه فرح ولا لا …مش قرار حضرتك مع إحترامي ليك !!!
كان صوت فؤاد حاد.اكثر من المعتاد …لقد عرف أنه قلل.من احترام كريم ولكن كريم قد تجاوز حدوده …لا يوجد أب يعامل ابنته بتلك الطريقة السيئة …الفتاة تدمرت حياتها بسببه !!!
مط.كريم شفتيه وقال:
-براحتك إن شالله تعمل عشرين فرح أنا بس بقولك كده وبنصحك عشان التكاليف وكده …لكن حابب تعمل فرح أعمل ..
-شكراً على النصحية يا عم كريم انا هعمل فرح فعلاً ….
ثم نظر إلى نسرين وقال بلطف بالغ :.
-ممكن من بكرة لو حابة تشوفي فساتين الفرح …أنتِ لسه قدامك شهرين تقريبا عقبال ما تمتحني وتخلصي يعني فيه وقت كبير ولو حابة تفصلي فستان على ذوقك برضه مفيش مشكلة …
قالت وقد خرج صوتها ضعيفاً :
-هشتريه جاهز …النهاردة هكلم ليان ونشوف بكرة الاستايل اللي أنا عايزاه …
-تمام …
قالها فؤاد مبتسماً بلطف …..
…….
كان فؤاد يقف مع نسرين أسفل البناية بعد أن استأذن كريم أن يتمشى معها قليلا في المنتزه القريب من بنايته وقد وافق …
-تصبح على خير …
قالتها وهي تثبت عينيها في الأرض…ليقترب وهو يرفع وجهها ويقول :
-هو أنا وشي و حش للدرجادي عشان تنزلي عينيكي …
تشبعت عينيها بالدموع فوراً…كانت معاملة والدها لها تقتـ لها …لا تعرف لماذا فقدت سيطرتها الأن بالذات بينما ينظر إليها بحنان ولطف …. انسابت دموعها وارتفع نشيجها وأصبح عاليا …
-نسرين ..
قالها فؤاد بشفقة فقالت:
-ياريتني أمو ت وأريحه…ياريت أمو ت يا فؤاد عشان يرتاح ..هو مش مرتاح بوجودي و…
-شششش
قالها وهو يجذبها إليه ويضمها بقوة بينما يربت على شعرها …ضمته نسرين بدورها وهي تبكي بعنـ ف وتقول:
-اسفة انك اتور طت بسببي …أسفة ….
أراد أن يقول إن تلك فرصة أتت له …أراد أن يخبرها أنه أسعد رجل في العالم لانه سيتزوجها …لانه يحبها وسيظل يحبها حتى المو ت ولكنه لم يتكلم بل استمر في التربيت على ظهرها بينما وخزت الدموع عينيه
ومن بعيد كان يقف هو منها را…الدموع تنفـ جر من عينيها …لقد خسـ رها للأبد …فهي هي تعانق آخر …آخر ستكون زوجته قريباً…أراد أن يصرخ بقوة …أراد أن يحر ق كل شئ …أن ينتزعها من بين يديه ويخبرها أنها له هو فقط …فقط !!
ابتعد يوسف لانه لم يستطع البقاء أكثر من هذا …يشعر أنه يتمز ق …للمرة الثانية يخسر …ولكن.داخله.لا يريد الاستسلام…ما زال هناك أمل ليستعيد نسرين …وهو واثق أن حبه ما زال يحتل قلبها…لن يستسلم بتلك السهولة أبداً…
ذهب مسرعاً وشيا طينه تلاحقه بينما يتمتم :
-أنتِ ملكي أنا وبس يا نسرين … ملكي
….
ابتعدت نسرين عن فؤاد ووجهها أحمر من الخجل …ابتسم فؤاد وهو يمسح دموعها ثم احتوى وجهها بين كفيه وقال:
-ممكن متفكريش في أي حاجة …متشيليش هـ م اي حاجة …عايزك تفرحي كعروسة بتختار فستان فرحها …فكري بس في اليوم اللي هتطلعي فيه أجمل واحدة في العالم …اتفقنا …
هزت رأسها وهي تنظر إليه …آسرته عينيها للحظات ولكنه تمكن من التسلل من آسرها وطبع قبلة على جبينها وقال:
-يالا اطلعي فوق وارتاحي أنا هفضل هنا لحد ما أطمن عليكي…
هزت رأسها مجدداً وانسحبت بسرعة من أمامه…فكم المشاعر الكثيفة التي شعرتها نحوه كانت صادمة للغاية !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت نهى تغسل الاطباق وهي غارقة في التفكير …تتمنى أن تمر الأيام سريعاً ويتزوج فؤاد نسرين كي يحميها من كريم …كريم أصبح غير متزن نفسياً هو يعذ ب ابنته …عاد الماضي يطارده بقوة وهي لا تفهم لماذا …لقد ظنت أنه تجاوز هذة المرحلة منذ زمن …فكريم بعد وقت طويل استطاع نسيان خيا نة شقيقتها وتزوج منها هى …إذن لماذا اصبح بهذة القسو ة مع ابنته …نعم هي تشعر من البداية ببروده معها ويحاول كثيراً أن يتواصل معها بقدر الإمكان ولكن عندما عرف بعلاقته بصديقه خرج كل غضبه المكبوت من زوجته الراحلة وأصبح يصبه على ابنته …اي أب هذا …وكيف يتصرف بتلك الطريقة معها ….
انتهت من غسل الأطباق وغسلت يديها ثم جففتها بمحارم المطبخ …
استدارت لتخرج لتصرخ صرخة بسيطة وهو ترى كريم أمامها ….وضعت كفها على صدرها وتنفست بسرعة وهي تقول بعصبية :
-أووف خضتني يا كريم !!!
ظل صامتاً لعدة لحظات ينظر إليها لتهرب هي بنظراتها منه وتقول ؛
-بما أن معندكش حاجة تقولها عن إذنك رايحة اخد دش …
وكادت أن تتجاوزه هاربة من السؤال الذي يقبع بعينيه الا أنه امسك ذراعها وهو يقول بهدوء :
-استني …
تراجعت وهي تحرر ذراعها منه وتربعه قائلة بهدوء:
-استنيت…اتفضل قول عايز ايه ؟!!
-أنتِ هتنامي النهاردة فين ؟!…
سألها والنير ان تتصاعد بعينيه ورغم أن الخوف سكن قلبها لثواني الا أنها رفعت رأسها وأجابت بشجاعة:
-فين يعني؟!كالمعتاد …مع بنتك نسرين …
-نهى أنا صبرت كتير على بعدك عني ممكن أعرف أنتِ بتعملي كده ليه ؟!
-يعني أنتِ مش عارفة ؟!
عاتبته.بحزن هي بالفعل حزينة جداً على نسرين. …الفتاة تعاني بسببه وبسبب أفعاله العنيـ فة معها …هو يحطمها …
تنهد وقال :
-علاقتي مع نسرين أنتِ ملكيش….
ولكنها قاطعته وقالت:
-لا يا كريم لا …علاقتك مع نسرين أنا ليا دعوة بيها عشان قبل ما اتجوزك أنا.خالتها وقريب هبقى حماتها …نسرين بنتك مفروض متعملهاش بالشكل ده ….أنت بتفش غلبك من أختي فيها !!! …
تحولت النير ان في عينيه بسرعة لجليد….جليد يستحيل النفاذ إليه …عينيه الزرقاء كانت كقطع حادة من الجليد وخرجت نبرته الأكثر برودة وقال:
-ملكيش.دعوة يا نهى …دي بنتي …لحد ما فؤاد يأخدها من بيتي دي بنتي وأعمل اللي أنا عايزه …لا أنتِ ولا غيرك ليهم حق يتكلموا …مش معنى أن خالتها يبقي خلاص هي بنتك …لا يا نهى …دي من دمي أنا !!!
كتمت دموعها وقالت بنبرة مرتعشة :
-جميل…افتكر أنها من دمك بقا ومتعذ بهاش الكام يوم اللي قاعدة معاك فيهم لانك أنت اللي هتندم والله …
أدار رأسه بملل ثم نظر إليها بعد لحظات وقال:
-ده مش موضوعنا دلوقتي يا نهى …موضوعنا حضرتك امتي ناوية ترجعي لأوضتنا ؟!
-مش هرجع!!!
-أفندم …
-اللي سمعته يا كريم …أنا خلاص نهيت علاقتي بيك …وهنتطلق بعد فرح فؤاد ونسرين !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يالا نامي يا ياسمين بكرة آخر يوم امتحان ولازم تركزي في اخر مادة عشان يبقى ختامها مسك زي ما بيقولوا
قالتها ورد وهي تداعب شعر ياسمين الناعم بينما ياسمين تضع رأسها على بطنها وتقول بحماس :
-أنا سامعة حركة البيبي …
انفـ جرت ورد بالضحك وقالت:
-بس البيبي لسه متكونش يا ياسمين يا حبيبتي عشان تسمعي حركته …يالا كفاية بقا وروحي نامي …
-الساعة لسه تمانية يا ماما ورد ….
-حبيبتي معلش عشان تصحي فايقة للأمتحان وتركزي كويس في إجاباتك …يالا يا ياسمين بلاش غلبة …
مطت ياسمين شفتيها وقالت:
-طيب ممكن نلعب أنا وأنتِ زي زمان وبعدين هروح على السرير وتحكيلي قصة ايه رايك ؟!
ابتسمت ورد وقبلتها وقالت :
-ماشي يا نصابة يالا روحي جيبي العرايس وبعدين نلعب ….
ولكن قاطعهم خروج ياسين من المطبخ …يرتدي مئزر وقبعة الشيف وهو يقول :
-لا لا مفيش لعب الا لما تأكلوا من ايد المهندس الشيف الذكي ياسين …
ضحكت ورد وهي تطالعه برقة …أنه يبذل جهده من أجلها وكم بدت هذا لطيف …لطيف للغاية ….
اقترب ياسين منهما وهو يضع صينية الطعام على الأريكة ويقول:
-مفاجأة …
نظرت ورد بدهشة إلى الطعام والذي لم يكن إلا فواكه مقطعة بطريقة سيـ ئة للغاية وثلاث أكواب من اللبن ..
-فين الاكل يا ياسين ؟!
سألته ورد بدهشة فرد وهو يشير:
-اهو يا حبيبتي فواكه ولبن …عايزة ايه تاني ؟!اجيبلك لبن عصفور ولا ايه …بدل ما تشكريني وانا راجل مهندس واقف في المطبخ نص ساعة اقطعلك الفواكه واغليلك اللبن …آه صحيح …
ضرب بكفه على جبينه وأكمل:
-بمناسبة اللبن أنا للاسف سهيت عليه واتدلق على البوتجاز شوفي أنتِ هتعملي فيه أيه….
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت:
-يعني الفواكه المتقطعة دي بشكل يسد النفس واللبن المسكوب على البوتجاز هو العشا ؟!
-تحبي افتحلك علبة جبنة واقطعلك عليها طماطم .
تنهدت وقالت:
-شكلي هعتمد على نفسي في حوار الأكل والا أنا وياسمين هنمو ت من الجوع …الاكل ده تحطه للعصافير يا ياسين ميكفيش اربع أفراد خالص …
-اربع أفراد ازاي ..احنا تلاتة بس …
زفرت بضيق وهي تضع كفها على بطنها وتقول:
-واللي في بطني ده مش روح ..يعتبر فرد ومحتاج تغذية ..وأنت ناوي تجيب اجلي وأجله من أول يوم ….
ضحكت ياسمين وقالت:
-يووه يا ماما ورد ده بابا معروف من بدري أنه مبيعرفش يعمل حاجة في البيت …مرة لما تيتا كانت تعبانة عملنا شوربة فراخ مسكرة …
ضحكت ورد ليقول ياسين بغيظ :
-وأنا ايش عرفني أن العلبة اللي مكتوب عليها ملح محطوط فيها سكر ما جدتك غريبة بصراحة مفيش نظام وهي اللي غلطانة …
-طيب والرز المعجن يا بابي ..
عبس هو قائلا:
-على فكرة أنا شايف تقليل متعمد من مجهودي في المطبخ …ده انا حتى مسمعتش كلمة شكر …أنا اتعو.رت مرتين وانا بقطع الفواكه ….وبدل ما تقولوا شكرا بتتريقوا عليه …
-اووه الباشمهندس ياسين اتضايق مننا ..
قالتها ورد بسخرية ثم أكملت :
-اصل بصراحة خاب أملي … واحد مهندس بمهاراتك وبمستوى ذكاءك ومش عارف يعمل آكل ولا يقطع فواكه ؟!
زم ياسين شفتيه وقال :
-المهندسين ملهومش في المطبخ …
ضحكت ورد وقالت وهي تسخر منه :
-ياااه بجد ؟!على كده البنات اللي دخلت هندسة ستات بيت فا شلة مع أن ليا صديقة مهندسة وشاطرة اووي في المطبخ دي مش حجة …
-عايزة ايه دلوقتي يا ورد ….
حاولت ورد النهوض وقالت:
-أنا رايحة اعمل أكلة كده خفيفة عشان ياسمين ..وأنت ارتاح …
هز رأسه وقال:
-قوليلي عايزة تعملي ايه واديني الخطوات وانا هعملها متقوميش …
اتسعت عينيها بدهشة وكادت أن تعترض وتخبره أنه يبالغ الا أن رنين جرس المنزل أوقفها …ذهب ياسين لفتح الباب وتجمد وهو يرى جوري أمامه …ابتسم ساخراً وقال:
-وطبعا يوم مثالي زي ده مينفعش يختم الا بظهور الساحرة الشـ ريرة المدعوة بالحر باية أم سحلول !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ممكن تيجي معانا بكرة نشوف فستان فرح صاحبتي نسرين …بليز يا بيري محتاجاكي معايا ذوقك حلو وهتفيدينا …
قالتها ليان وهي تمسك كف جواهر وتترجاها ..تنهدت جواهر وكادت أن ترفض إلا أن ليان قالت:
-عشان خاطري …عشاني بليز يا بيري تعالي بقا
-طيب طيب هروح أنا عارفة اني مش هخلص من زنك أبداً ….
قالتها جواهر بتأفف مصطنع لتضمها ليان وتقبلها على وجنتها وتقول :
-والله بحبك …
-على مهلك يا ليان عشان الجر ح بتاعك لسه مخفش كلياً …
كان هذا صوت عدي الذي ولج الى القصر …
-عدي أنت جيت !!!
قالتها ليان بسعادة ثم نهضت من الأريكة واتجهت إليه وضمته فهو قد غاب اسبوع عنهم ….
بينما نهضت جواهر وهي مبتسمة بلهفة وهي تراه
ولم تتضايق من نفسها عندما اعترفت أنها افتقدته …افتقدته كثيراً ….
ابتعد عدي عن ليان مبتسماً وقال :
-وحشتيني يا لي لي ..
-وأنت كمان وحشتني اووي اووي يا عدي …
نظر عدي الى زوجته وابتسم ثم اقترب منها وعانقها وهو يغمض عينيه مستنشقاً رائحتها التي اشتاق اليها كثيرا …ارتبكت جواهر ولكنها عانقته بدورها وهي تغمض عينيها ….تلك اللحظات النادرة الجميلة سوف تفتقدها عندما يطر دها نهائيا من حياته …
-احم احم.يا عدي نحن هنا ..
قالتها ليان بتسلية ليبتعد عدي عن جواهر ويقول:
-باردة صحيح …
اقتربت ليان من جواهر وامسكت كفها قائلة:
-كويس جيت عشان استأذنك أني اخد مراتك بكرة معايا نشوف فساتين الفرح لنسرين …أنا واثقة أن بيري ذوقها قمر …كفاية أنها اختارتك …
اختفت ابتسامة عدي ونظر أرضاً بينما ظلت تثرثر ليان بمرح مع جواهر …
….
في غرفتهما….
خرج عدي من الحمام وهو يرتدي منامته ووجد زوجته تقف أمام المرآه…تنظر إلى انعكاسها بشرود …اقترب من حقيبته الصغيرة التي ما زالت على الفراش وأخرج منها عبوة مخملية …..
أخرج منها شئ ..ثم اقترب من جواهر الشاردة ووضع السلسال حول رقبتها ..انتفضت قليلا وهي تشعر بعدي يعقد لها شئ ..نظرت إليه ووجدته سلسال من الذهب الأبيض ينتهي بنجم
..فغرت فاها من جماله ولمسته برقة ليحاوط عدي خصرها ويقول :
-دايما بحسك زي النجمة يا بيري ..قريبة وبعيدة في نفس الوقت …بس برضه جميلة جداً ..لما شوفت السلسلة دي حسيتها أنتِ ..أنتِ النجمة اللي في حياتي يا بيري …
أغمض عينيه وهو يعترف لنفسه ..لقد أنتهى الأمر ..لن يهرب من الحقيقة الواضحة …هو أحبها …عرف هذا عندما ابتعد عنها لأسبوع ….عرف أنه يحبها مثل المجنو ن …ها هو الشيطا ن وقع أسيراً لها للأبد ..
-أنا بحبك!!
يتبع….
(فرصة جديدة)
هل تمسكين يدي؟!تكونين شريكتي ومالكة قلبي ♡
#سولييه_نصار
كان همسته خافتة بصوت أجش …سمعتها هي وتمنت أن تكون من سمعته خطأ ..هي لا تريده أن يقع في غرامها …هي لا تريد أن تُثقل ضميرها أكثر من هذا ….
استدارت وقالت وهي تلمس السلسال:
-ميرسي أنك افتكرتني …مطلعتش و حش يا عدي يعني يجي منك تعرف تتعامل من الستات كويس …مش تو ر يعني …
عبس وقال:
-كنتِ اكتفيتي بكلمة ميرسي يا بيري ..لما بتتكلمي كتير بترمي د بش يا مهلبية…
ضحكت برقة وقالت :
-طيب يا عدي ميرسي بس ….مش هرمي دبش تاني …
ثم تجاوزته لكي تذهب …ولكنه اوقفها قائلا:
-بيري عايزة أقولك حاجة .
وقفت امامه بتوتر وهي تزدرد ريقها …تنتظره ليتكلم…يقول ما لا تريد أن تسمعه هي ….ما تهرب منه …قالت بإبتسامة :
-نعم يا عدي …
اقترب أكثر منها عينيه تلمع …تجاهل تماما الشيا.طين في عقله…تجاهل حذره وشـ كه…هي الآن زوجته ويريد بدء حياة جديدة معها …يريد ان يكون معها للأبد …
-بيري أنا …أنا …
تلون وجهها بحمرة الخجل وارتبكت وهي تنظر إليها…ابتسمت بإرتعاش وثرثرت بلا هدف:
-أنا جعانة يا عدي تحب أجيبلك حاجة تأكلها معايا …
ثم كادت أن تذهب هاربة الا انه امسك كفها وقال:
-ممكن تستني طيب حابب اقولك حاجة ؟!
ابتلعت ريقها بينما هو ظل ممسكاً يدها وقال:
-انا الايام اللي فاتت قعدت أفكر فيكي كتير ..
مكنتيش بتغيبي عن بالي…في الفترة اللي غبتها عنك وحشتيني اووي يا بيري …
كتمت دموعها وهي تنظر إليه …قلبها يخفق بقوة داخل صدرها …بينما تهر ب بنظراتها منه وهو يكمل :
-فضلت افكر في ذكرياتنا سوا …جدالنا …..بس ضحكتك مكانتش مفارقاني أبداً. يا بيري …اكتشفت ان اجمل حاجة في حياتي هي ضحكتك انتِ ..أنا مستعد افضل اتأملها طول حياتي …
ضحكت بإرتباك وقالت:
-أنت وقعت على دماغك ولا أيه؟!ايه الكلام الحلو ده ؟!
-الكلام ده طالع من قلبي فعلاً .
قالها وهو يشير لقلبه لتبتسم بسخرية وتقول:
-ومش خايف قلبك يتكـ سر؟!
-وأهون عليكي تكـ سري قلبي ؟!
قالها مبتسماً وهو يتلمس كفها بطريقة جعلتها تختنق من فعل المشاعر التي بها ولكنها حاولت السيطرة على نفسها بقدر الإمكان وقالت مبتسمة :
-ممكن متثقش فيا أووي …
هز رأسه وقال:
-لا لا حاسس انِك أطيب من كده …
-والله أنت شكلك كلاون ولا ايه ..
قالتها بهمس
ليرد بحيرة :
-بتبرطمي تقولي ايه ؟!
هزت رأسها وقالت:
-سلامتك مبقولش حاجة …
اتسعت ابتسامته وقال:
-المهم.خليني أكمل كلامي …
أغمض عينيه بقوة ثم فتحهما وقال:
-أنا عارف ان بدايتنا كانت غلط …وعارف أن نوعاً ما اشتركت مع والدك وقهـ رتك وانا بعتذر منك يا بيري …وعايزك تسامحيني…ممكن متصدقنيش بس عايز أقولك أنا مش شيطا ن زي ما أنتِ فاكرة …أنا يمكن تصرفاتي مش مفهومة…ويمكن بحاول أبين أني جبا ر بس مبعرفش ..أنا مش سا يكو ولا ساد ي زي ما أنتِ مفكرة ومستحيل آذيكي ….
-عارفة يا عدي ..
قالتها بهدوء يناقض تماماً تلك العو اصف التي تهب داخلها …تلك الفرصة الوحيدة لتقول له …تخبره الحقيقة كاملة …أرادت أن تتكلم ولكنها كالعادة تراجعت ..كانت خائفة ..خائفة أن يؤ ذيها…
نظر إليها وقد ظهرت السعادة على وجهه وقال بلهفة :
-بجد …بجد يا بيري يعني أنتِ مش بتكر.هيني …مش بتحـ قدي عليا …
-لا مش بكر هك ومقدرة اللي …آه …
صرخت فجأة عندما عانقها بقوة وقال:
-شكرا يا بيري كلامك ده ريحني متعرفيش قد ايه ..أنا مرتاح انك مش بتكرهيني …
أبعدها عنه وهو يتلمس وجنتيها برقة وعينيه تحاصر عينيها …مهما حاولت الهروب من حصار عينيه لا تستطيع أبداً …ازدردت ريقها وهي تشعر بنفسها تذوب. ..تنها ر وتفقد تماسكها …رباه ماذا تفعل ..هي لا يجب أن تستلم بتلك الطريقة …ستندم بعد هذا …
-جعان يا عدي اجيبلك أكل معايا ..
قالتها بصوت خافت وهي تكسر سحر اللحظة …عبس بقوة وابتعد عنها قائلاً:
-تصدقي أنتِ بت فصيلة …روحي جيبي اكل واتطفحي …بتاكلي أربعة وعشرين ساعة وعاملة زي سلاكة الأسنان !
ضحكت برقة وهي تقول :
-ده أسمه عود فرنسي يا حبيبي أومال عايزني أبقى بكرش زيك ..
-أنا بكرش ..
قالها بصدمة لتضحك هي وتخرج بينما يرفع هو الجزء العلوي من منامته. ينظر لبطنه العضلية ويقول:
-فين الكرش …البت دي بتستـ غفلني ولا أيه ؟!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-طلاق !!!عايزة تطلقي مني يا نهى؟!
قالها كريم …كانت عينيه متوسعة بقوة …تبسمت نهى وقالت بهدوء :
-ايوة يا كريم عايزة اتطلق…لو سمحت طلقني …أنا مبقتش طايقة العيشة معاك ….
غرز أصابعه في لحم ذراعيها وقربها منه وهو يقول طا حناً أسنانه :
-مستحيل…مستحيل يكون ده صحيح …مستحيل تكوني عايزة تتطلقي مني … انتِ بتحبيني يا نهى…بتحبيني أنا وبس !!!
-كنت بحبك …كنت …
صرخت به وهي تحاول تحرير نفسها من قبضته ولكنها فشـ لت تماماً …كان ممسكاً بها كالمجنو.ن …لن يسمح لها أن تنسل من بين يديه…لا ليس بعد ما وجدها…هي من داوت قلبه …هي من ادخلت السرور لقلبه المنـ هك..ولكن نهى كانت تنظر إليه ببرود …الحب الذي كان يفيض من عينيها نضب تماما …أخذ يبحث كالمجنو ن عن أي آمل …أي حب …أي لمحة ولكنه صُدم بالفراغ …عينيها.كانت حقاً فارغة …لا تلمع له …هل قـ تل حبه في قلبها بتلك البساطة معقول !!!!
ازدرد ريقه وقال:
-نهى أنا بحبك متعمليش كده!!خلينا نبدأ من أول وجديد…بلاش تسيبيني أنا محتاجلك…
دفعته بقوة وهي تنظر إليه بقسو ة لا يعلم من أين أتت بها وهي الرقيقة دوما …..هي التي ان ترفضه يوما …كانت الحضن الدافئ له وقد خسـ رها وفي أعماقه هو لا يلومها لانه يعلم انه تصرف بتجـ بر الفترة الأخيرة …لقد أفلت الوحش بداخله ود مر كل شئ
-وانا قولتلك اني مش بحبك يا كريم ..مش بحبك هي مش عافية…خلاص مبقاش ليك أي مشاعر في قلبي …حبك ما ت في قلبي…بقيت بقر ف منك مش طايقة أنك.تلمسني افهم بقا …خلاص يا كريم ده آخر كلام عندي …بعد جواز نسرين وفؤاد تطلقني وننهي الحوار ده….أنا خلاص مش عايزة أعيش معاك …
تصاعدت الدموع بعينيه …كان مجر وح منها وحاولت هي الا تتأثر…ما فعله في الأيام السابقة لا يُغتفر أبداً…هو د مر حياة ابنته ..تلك الفتاة التي اعتبرتها ابنتها ..اخذها بذ نب والدتها …هي أبداً لن تنسى كيف تحطـ مت نسرين على يده …
ارتعشت عندما حطت كفيه على كتفها مرة آخرى وقال:
-نهى حبيبتي اسمعيني …ممكن تسمعيني…أنا عارف أن الفترة الأخيرة زودتها اووي ..عارف ومتأكد من كده…بس تخيلي موقفي اني أكتشف ان بنتي مرتبطة بصاحبي …الحكاية دي خلتني اتجنـ.ن …معرفتش افكر …مقدرتش أعمل غير أني أضربها واعاملها بالطريقة دي ..حسيت ان تربيتي فيها ضا عت هد ر…
-اللي فيه بنتك.ده بسببك يا كريم مش بسبب حد تاني !!
قالتها نهى بنزق وهي تحاول دفعه عنها الا انه تمسك بها جيداً وقال بصدمة:
-بسببي أنا ؟!
هزت رأسها بقوة وقالت:
-ايوة بسببك أنت يا كريم ..بسبب تعاملك مع بنتك …بتعاملها دايما بجفاف ..عمرك ما اديتها الحب اللي هي محتاجاه ..علطول كا سرها …انت حتى عمرك ما حضنتها …كنت بتبعدها عنك عاطفياً …طبيعي البنت تدور على الحب برا …إذا كان ابوها رفض يحبها هي هتعمل ايه …قبل ما تلوم نسرين على تصرفاتها لوم نفسك على تصرفاتك وشوف هي صح ولا غلط…شغال تحاسب البنت وتهيـ.نيها وانت مش شايف نفسك عملت ايه …ليه كده …ليه الأنا نية دي …بنتك بتتعذ.ب …بتنها.ر…فاقدة حبك وحنانك وراحت تدور عليهم عند أقرب واحد ليك …ده ميخليكاش تضر بها أو تعا قبها ده يخليك تراجع أخطائك وتشوف أنت عملت ايه يا أستاذ كريم …بس أقولك كويس أن ابني هيتجوزها ويبعدها عنك …انت متستحقش بنت زي نسرين أبداً ..أنت هتند م وتحس بقيمتها لما تتجوز وتبعد عنك ..وقتها هتندم اوووي اووي يا كريم …عن أذنك…
ثم أبعدته عنها بحزم وتركته غارقاً في أفكاره
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
توسعت عينيها بغضب وقالت:
-حر باية أم سحلول !!!أنت مسميني كده يا ياسين ؟!
-والله يا جوري أنا كمان حاسس اني ظلـ مت الحر.باية…حاولت أشوفلك اسم يليق بيكي في قاموس اللغة العربية ملقتش للأسف بس لقيت الاسم ده أقرب حاجة ليكي فاختارته …
عبست وهي تنظر إليه …أخذت تطـ حن أسنانها بغيظ وولجت للمنزل دون ان يدعوها ياسين ….أخذت تنظر حولها ورفعت حاجبيها بترفع وهي تنظر الى ورد وياسمين ابنتها …رسمت ابتسامة مدروسة على شفتيها وقالت برقة:
-ياسمين حبيبتي تعالي سلمي على مامي …
أمسكت ياسمين كف ورد بر عب وقالت وقد وخزت الدموع عينيها :
-ماما ورد!!!
تصاعدت النيران بعيني جوري …الغضب عصف بها بقوة ….
نظرت الى ياسين وهي تطحن اسنانها بغضب بالغ
-وكمان خليت بنتي تقول لمراتك يا ماما ؟!!شيلتني من حياتها كده بكل بساطة وانا اللي تعبت فيها وولدتها!!!!
كانت تصرخ جوري بإهتياج بينما شدت ياسمين كف ورد بر عب ودموعها تنفـ جر من عينيها…رؤية تلك المرأة الأن جلبت لها ذكريات غير سعيدة بالمرة …ذكريات مظـ لمة ودت لو تمحيها من ذاكرتها نهائياً….
-تعالى يا ياسمين يا حبيبتي ندخل جوا….
قالتها ورد وهي تمسك كف ياسمين لتصرخ جوري :
-هتبعدي بنتي عليا كمان !!!
-ممكن توطي صوتك بنتك خايفة!
قالتها ورد بحزم …فنظرت جوري الى ياسين وأتجهت إليه وهي تقول :
-يعني مش كفاية اخدتك مني …عايزة تأخد بنتي كمان …ياسين ليه سمحت بده يحصل …أنا بس ام ياسمين ….أنا كنت مراتك حبيبتك…نسيت ذكرياتنا سوا يا ياسين
اقترب منها ياسين وقال من بين أسنانه:
-كفاية ر خص وروحي من هنا …
-أنت بتحبني أنا وبس …متقدرش.تعيش من غيري …متقدرش تخطي في حياتك من غيري أنا …
صرخت به لتتحول النير ان في عينيه لجليد ويقول:
-فعلاً اديتي قمية مضبوطة لنفسك في حياتي …أنك تكوني جزمتي …
شهقة قوية صدرت من ورد وأمسكت كف ياسمين ودخلت مسرعة للغرفة …لم تكن تريد لياسمين أن تسمع هذا …
بينما ظل ياسين مبتسما بسا دية وهو يرى اتساع عينيها والأ لم على وجهها .. وقال:
-بس والله حتى الجز مة بتاعتي أغلى منك دي جزمة أديداس الأصلية .. أنا اشتريتها من شهرين في التخفيضات بألف وميتين.
شحب وجهها بقوة …كانت لا تصدق ان هذا ياسين الذي أمامها ..كيف يجر حها بتلك الطريقة …
-أنا مش مصدقة أنك بقيت بالجبر وت ده معايا يا ياسين …نسيت أنا مين ..أنا جوري حبيبتك!!!
هز.رأسه وقال ببرود:
-عمرك ما كنتي كده يا جوري …وأنتِ أصلا عمرك ما حبتيني مش هنضحك على بعض …أنتِ صعبان عليكي ان أنا متجوز ومبسوط في حياتي مع مراتي…فطبعاً أنا ازاي اكون مبسوط لازم تنكدي عليا …خلاص فوقي يا جوري احنا ملناش رجعة ..روحي خلي الست والدتك تجوزك واحد يتحمل جنا نك …
-ياسين …ياسين ارجعلي عشان خاطري وانا هروح أتعالج ..صدقني هسمع كلامك المرة دي وهتعالج….
-كويس …كويس أووي …روحي اتعالجي بقا وابعدي عني وعن عيلتي بدل أقسم بالله أقتـ لك وأخلص منك …بت أنتِ أنا لما بشوف وشك. بيجيلي ضيق تنفس بحس ان عفا ريت الدنيا بتتنطط قدامي …فاحسنلك ابعدي يا بنت الحلال بدل ما اجيب كرشك ده …
-أنا معنديش كرش …
صرخت بعصبية فقال بإستفزاز:
-لا عندك ….
-ياسين انت واحد …
ولكنها توقفت عن الكلام عندما خرجت ورد …اقتربت جوري منها وقالت:
-ما بلاش أنا نية …حرام عليكي تحرمي راجل من أم بنته وبنت من أمها …أنتِ أيه معندكيش قلب ولا إحساس …أنتِ واحدة حر امية وحقير ة …
صرخت في كلمتها الأخيرة ثم شدت شعرها …ولكن ياسين اقترب منها بسرعة وجذبها من ذراعها ليبعدها عن ورد ثم رفع كفه بعنـ ف وصفـ عها !!!
-ياسين ..
هتفت ورد وهي تنظر إلى جوري بشفقة …..إلا أن ياسين لم ينظر إليها حتى بل ضغط على ذراع جوري وسحبها خلفه بعـ نف ثم فتح الباب ودفعها للخارج لتسقط أرضاً …رفع هو وجهه وقال:
-لو جيتي هنا تاني هقتـ لك فعليا يا جوري!!
ثم.أغلق الباب بوجهها …ظلت للحظات تلهث ثم نظرت إلى يديها وابتسمت بخبـ ث وهي ترى بعض خصلات ورد وقالت:
-هنشوف مين اللي هيجي لمين يا ياسين !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
كانت واقفة متجمدة تماماً أمام فستان الزفاف الرائع الذي أمامها …كانت عينيها الزرقاء متوسعة على أخرها ..هي لم ارى أبداً فستان زفاف بتلك الروعة في حياتها بأكملها…أرتعشت ابتسامة على شفتيها وللحظة واحدة فقط تمنت ان يكون هذا حقيقي …أن يكون هذا الزفاف حقيقي …زواجها من فؤاد حقيقي وليس مجرد هروب من بطش والدها بها …تصاعدت الدموع بعينيها وهي لا تفهم مشاعرها …كيف بعد ان تجاوزت العشرون من عمرها تكون بهذا التشتت لا تعرف ماذا تريد أو من تحب …هل تحب يوسف حقاً؟!اذن لماذا لا تصد فؤاد عنها …فؤاد الذي أعترف بحبها له…أخبرها بوضوح انه يحبها ويريدها …ولكن بعد ان عرف الحقيقة …حقيقة ارتباطها بيوسف هل ما زال حبها في قلبه ام احتقـ رها وسيتزوجها من أجل ان يحميها فقط …يتزوجها من أجل الواجب فقط …صلة القرابة…دعكت عينيها ومحت تلك الدموع التي تكونت على جانبي عينيها …لا هي لا تريد أن تبكي الآن …يجب أن تظل صامدة للأبد !!! ويجب أن تتأكد انها لن تظلـ م فؤاد …فؤاد الذي وقف بجانبها …
اقتربت ليان منها وهي تجدها تنظر الى الفستان بشرود وقد بدا وكأن الفستان أعجب ليان …تفحصت ليان الفستان جيدا لتتسع عينيها بإعجاب
-الفستان شكله يجنن صح ؟!
قالتها ليان وهي تلمس كتف نسرين وتنظر الى الفستان وعينيها متسعة بإعجاب …كانت جواهر أيضا تنظر الى الفستان وهي فاغرة الفاه…كان الفستان في غاية الروعة …يبدو كأحد.فساتين الزفاف التي خرجت من عالم الخيال …
-جميل اووي .
قالتها جواهر بدهشة لتقترب منها ليان وتقول :
-مش كده يا بيري…الفستان يجنن …يالا يا نسرين روحي جربيه يالا …عايزة أشوفه عليكي …
هزت نسرين رأسها لتبتسم صاحبة المتجر وتمسك الفستان كي تجربة العروس المستقبلية ….
……
بعد دقائق معدودة كانت نسرين قد أرتدت فستان الزفاف وخرجت وهي مرتبكة ….
-آه !!!
صرخت ليان بدهشة وهي تنظر الى نسرين …لدقائق ظلت عينيها متسعة بقوة وهي لا تصدق ما تراه أمامها …فنسرين بدت وكأنها خارجة من عالم الخيال …بدت كعروس اسطورية …الفستان كان ينسدل بنعومة على جسدها الرشيق…فستان بياضه نقي محتشم للغاية بأكمام طويلة …شفاف قليلا من جهة الصدر تزينه ورود رائعة من بداية الفستان لنهايته …اما حجابه فكان قصة آخرى …حجاب طويل للغاية شفاف مُغطى بورود صغيرة…حقا بدت نسرين وكأنها أميرة اسطورية من قصص ديزني …بدت عروس مثالية !!
ارتبكت نسرين وقالت بصوت خافت:
-أيه شكلي و حش ؟!
خرجت ليان من صدمتها وقالت:
-شكلك و حش أيه يا بنتي انتِ بتهزري ؟!!أيه الجمال ده بجد ؟!…أنا حاسة أنك خارجة من عالم ديزني !!
ارتبكت نسرين وقالت:
-مش للدرجادي يا لي لي بلاش مبالغة ….
هزت ليان رأسها وقالت:
-والله يا نسرين شكلك قمر أووي كأنك أميرة من ديزني ..حلوة أووي …يا بخته فؤاد بيكي …
انتشر اللون الأحمر على وجهها بينما ضمتها ليان وقبلت وجنتها ..كم تتمنى أن تسعد صديقتها …أن تنسى يوسف وتعيش مع فؤاد بسعادة فما فعله يوسف لا يُغتفر …
-أيه هتأخدوا الفستان ؟!
قالتها جواهر وهي تخرج ليان من شرودها لتهز نسرين رأسها ببساطة…صحيح الزفاف بعد شهرين ولكنها قررت أن تأخذه ربما لن تجد مثله مطلقاً … أخرجت هاتفها واتصلت بفؤاد الذي بالخارج ثم ذهبت مسرعة لتبدل الفستان…
دخل فؤاد المتجر واقترب من ليان وقال :
-اومال فين نسرين ؟!
-راحت تغير الفستان مش هتتخيل طلعت قمر اد ايه في الفستان زي الأميرات …
مط شفتيه وقال بغضب مازح ؛
-طيب ليه متصلتوش بيا اشوفها بيه …ده أنا العريس ..
-وعشان أنت العريس لازم تشوفها يوم الفرح عشان تنبهر بيها
-عندك حق
قالها بود
ثم خرجت نسرين ودفع هو حساب الفستان وذهب
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان ينظر إلى السلسال الذهبي الذي اشتراه دافعاً فيه مبلغ كبير من مدخراته …كان مبتسماً وهو يتخيل هذا السلسال على جيدها الناعم …فجأة هز رأسه بقوة واستغفر عندما رأي أفكاره تتجه لمناطق غير مرغوب بها …وعاد لتأمل السلسال الذي كان رقيق للغاية وينتهي بقلب مزدوج يُحمل فيه صورتين …وكان مكان الصورتين فارغ ….
تنهد وهو ينتظر قدوم تحية …كان متحمس للغاية….
رن جرس المنزل ليقفز سريعا ويذهب ليفتح الباب …ارتدت تحية قليلا ونظرت إليه بتوجس وقالت:
-ايه الحماس ده يا واد فيه أيه؟!خضتني يا عم …
-ادخلي يا تحية ..
قالها أمير وهو يجذب كفها ..دخلت وقالت وهي تضر ب كف على كف ..
-أنت شكلك اتجـ ننت يا واد ولا أيه …جايبني هنا وقايلي مقولش.حاجة لعبير وشكلك غريب …فيه ايه يا واد
-تحية ممكن تدي ده لعبير .
قالها وهو. يضع السلسال بعبوتها ويقدمها لها …نظرت إليه تحية بحيرة وقالت :
-دي سلسلة ؟!
هز أمير رأسه وهو يحك عنقه بينما كان ينظر إليها بتوتر ….
ابتسمت تحية وقالت:
-ممكن أعرف ايه السبب طيب ولا مش ممكن يا أخويا …
هز أمير رأسه بالنفي وقال:
-هي لو عايزة تقولك هتقولك …
رفعت تحية حاجبيها وقالت:
-الله الله يا أمير ..مكانش العشم. يا واد …حالا البنت قدرت تأخد عقلك بالشكل ده …
ضحكت بمرح وقالت:
-بس والله يا واد عندك حق البنت زي القمر بصراحة بسكوتاية كده …أنا بالنسبالها دكر بط…
ابتسم أمير وقال:
-لا يا أختي أنتِ زي القمر برضه …المهم خدي السلسلة والجواب ده اديهولها …
ثم مد رسالة مغلفة لها فقالت:
-جواب في عصر النت …لا ده أنت حالتك صعبة ..طيب يا روميو هوصلها الجواب ..حاجة تانية يا اخويا …
هز أمير رأسه وقال:
-لا يا تحية شكراً .
ذهبت تحية من بيته ليجلس على الأريكة وقلبه يخفق بقوة يتمنى أن يكون كل شئ على ما يرام
……..
في منزل تحية …
كانت عبير تلاعب التوأم وهي سعيدة ومرتاحة …تنسى ولو قليلاً اشتياقها القا تل لأمير …هل تقول انها غاضبة منها لانها لم يكلمها حتى الآن …حسنا هي غير غاضبة أبداً على العكس تماماً هي تتفهمه وتتفهم ما يفعله ..تعرف أن أمير رجل يخاف الله وعندما عرف أنه سيضعف أمامها أبعدها عنه يجب أن يسعدها هذا لأن أمير يراها شئ ثمين يجب أن يحافظ عليه وربما يحدث شئ ما وتصبح له …ربما تكون من نصيبه …فقد لتدعو الله علمتها تحية هذا أنها إذ أرادت شئ بقوة عليها أن تدعو الله والله كريم يعطي عباده وهي تدعو الله ليكون لها بالحلال ..تبقى تحت حمايته هو …
فُتح الباب لتدخل تحية فقالت عبير:
-كنتِ فين ؟طلعتي بسرعة ومقولتيش رايحة فين؟!
ابتسمت وقالت :
-كنت عند روميو ..
عبست عبير وقالت بحيرة :
-روميو؟!
هزت تحية رأسها واقتربت منها وهي تعطيها السلسلة والرسالة
-دي هدية من روميو بتاعك وده جواب اقريه الواد مستني على نار …
قالتها تحية وهي تغمز لعبير التي احمر وجهها بقوة وقالت بإرتباك ؛
-مش فاهمة …
ضحكت تحية ونظرت إليها بخبث وقالت:
-يا بت عليا الكلام ده برضه …خدي يا حبيبتي الجواب من أمير والسلسلة كمان …شوفي العاشق الولهان عايز أيه…
-أنتِ فاهمة الموضوع غلط …
قالتها عبير وقد ازداد توترها لتمسك تحية كفها وتقول :
-لا فاهماه صح يا حبيبتي ..أنا عارفة أخويا …يارب يجعلك من نصيبه يا رب ..ادخلي الاوضة واقري الجواب وبعدين قوليلي هو قالك ايه بالتفصيل الممل ..ماشي ؟!
هزت عبير رأسها وهي تتجه الى الغرفة …
…
في الغرفة ..
جلست على الفراش وفتحت الجواب بلهفة وهي تقرؤه ومع كل حرف كان قلبها يهدر بقوة داخل صدرها :
-عبير أنا طول عمري انسان صريح مع نفسي مبحبش أكد ب ولا أنكر مشاعري …بس أنتِ دايما كنتِ استثناء ..استثناء لكل حاجة في حياتي …أعترف أن جات فترة وأنكرت مشاعري ليكي بس دلوقتي لا ..دلوقتي أنا مش عايز أنكر مشاعري اكتر من كده ..ده.هيكون الفيصل في حياتنا…عبير انا جوايا مشاعر قوية ليكي …مشاعر رغم اختلافنا ..رغم انك مش من العالم بتاعي …رغم أن والدك مستحيل يوافق على ارتباطنا ..بس انا مش عايز اندم بعد كده ..عبير لو ليكي نفس المشاعر اللي قلبي يبقى احتفظي بالسلسلة والبسيها وانا هحا رب عشانك هحا رب للنهاية عشان تبقي ملكي بالحلال وده وعدي ليكي …لكن لو مفيش اي مشاعر ومش موافقة متحسيش بالذ نب أنا هتفهم …اديني الإشارة بس يا عبير عشان أحارب عشانك ووعد ليكي هعمل كل حاجة عشان احسن من مستوايا وأليق بيكي ..بس لو اديتيني الإشارة بالموافقة مش هنتواصل مع بعض تاني لحد ما تيجي بيتي وأنتِ مراتي …أنا مش عايز اغضب ربنا فيكي أنا عايز احافظ عليكي عشان أنتِ غالية اووي على قلبي…ولأنك غالية تستحقي أني احا رب عشانك وأمشيلك بلاد …تستحقي أني اتعب عشان اقدر اخليكي مراتي على اسمي ..اي كان قرارك أنا راضي بيه يا عبير وحتى لو رفضتي ده مش هيقلل من معزتك في قلبي بالعكس هفضل احافظ عليكي لحد ما تتحل مشكلتك ..مستني ردك بكل شغف ..
أمير ..
كانت دموع السعادة تغرق وجهها …لا تصدق لقد اعترف لها …أنه يريدها بحياته ….رفعت الرسالة وأخذت تقبلها بقوة وهي تضحك وتبكي ثم فتحت العبوة المخملية لتتسع عينيها وهي ترىسلسال رائع الجمال …وضعت كفها على قلبها وتنهدت بسعادة ثم ارتدت السلسال وقالت:
-أنا بحبه ..بحبه أووي.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
-أووف كل ده بتلبس ؟!
قالها عدي وهو ينظر الى ساعته منتظراً أسفل الدرج …فجأة أمتص أنفاسه بصدمة وهو يراها تنزل الدرج وترتدي فستان أرجواني محتشم بأكمام طويلة يلائم بشرتها البيضاء …ولا تضع على وحهها سوى الماسكرا وأحمر الشفاه وظلال الأعين…بدت حقاً كأميرة من عالم الخيال …بدت أميرته …عبس فجأة وهو ينظر الى قدميها المخبئة داخل حذاء رياضي!!!!!…رمش عدة مرات وهو يستوعب ما يراه …تلك كارثة بعالم الموضة …كيف تفعل هذا ؟! نزلت ووقفت أمامه.
-فيه حد يلبس Shoes ابيض علي فستان سهرة !!!أنتِ ايه التناسق معداش علي بيتكم خالص ..
قالها من بين أسنانه وهو يراها تقف أمامه وتبتسم بوداعة وقالت :
-الهيلز بتتعب رجلي …ده مريح اكتر …
سخر غاضبا :
-مريح ايه …هو انا بقولك رايحين الملاهي …احنا راحيين حفلة عيد ميلاد بنت شريكي …يعني مينفعش خالص تطلعي بالمنظر ده ..
ابتسمت بإستفزاز وهي تعيد خصلات شعرها الاسود للخلف وقالت:
-والله ده اللي عندي …وبعدين أنا نصحتك قبل كده تتجوز واحدة غيري ليها في جو الحفلات التافه بتاعكم …انت اللي ماسك فيا كأني آخر قطعة في الكون ..ايه الاخلاص ده !!
بغيظ جذب ذراعها وهو يسير بها وقال:
-اوعدك لو لقيت حد عنده نفس جينات التخلف بتاعتك هتجوزه أكيد …
ضحكت برقة وقالت:
-تمو ت انت في ضيق التنفس ..
-لا بمو ت فيكي
واعترافه المفاجئ جعلها تشحب …لا يمكن ان يحبها …هي لا تريده ان يحبها !!
…….
وصلا إلى عيد ميلاد ابنة شريكه وهو يحمل هدية فاخرة لإبنته …أخذا يتكلما قليلاً عن الأعمال مما أصاب جواهر بالملل وأصبحت تنظر حولها لتجد أعين أحد الفتيات مثبتة عليها تطالعها بقر.ف …
عبست وهي تقول لنفسها :
-مالها دي ؟!
وجدتها تقترب منهما وقد انمسح تعبير القر ف عن وجهها وابتسمت بلطف لتمتم جواهر مجدداً :
-اه فهمت دي شكلها عندها انفصام في الشخصية ربنا يشفي
-عدي بيه أزيك .
قالتها الفتاة وهي توجه كلامها لعدي الذي قطع كلامه مع شريكه وقال:
-أهلا يا آنسة نورا ..
-طبعاً أنت فاكر نورا بنت عمي يا عدي ..
قالها تامر شريكه ليهز عدي رأسه وأمسك كف جواهر وقال:
-احب اعرفك عبير صديق مراتي يا آنسة نورا ..
نظرت إليها من فوق لتحت وقالت:
-أووه مكنتش اعرف انك اتجوزت مش تعزمنا
-معلش عملنا الحفلة عائلية تتعوض بإذن الله …
مطت شفتيها بدلال جعل جواهر تغلي وترغب في تمز يق خصلات شعرها …تلك الأفـ عى الصفراء قالت نورا وهي ترفرف أهدابها بدلال مدروس :
-المهم أنت وحشتني أووي مبقتش اشوفك كتير ..
ايه رايك نرقص سوا ونتكلم شوية …
كاد عدي أن يتكلم إلا أن جواهر شدت على كفه وقالت :
-معلش يا حبيبتي اصلا عدي مبيرقصش الا معايا أنا …عن إذنك بقا رايحة أرقص مع جوزي يا ضلمة أنتِ. ..
-أسمي نورا ..
هتفت بإعتراض فقالت جواهر بتسلية :
-مش باين عليكي
لم يمنع عدي ابتسامته التي شملت كامل وجهه …كان سعيد ..نعم سعيد للغاية بغيرتها تلك ..غيرتها كانت واضحة للأعمى …
شدها إليه وضع كفه على خصرها وقال وهو يضع شفتيه على شعرها :
-بتغيري ؟!
-لا مبغيرش بس مبحبش المياصة ..
قالتها بضيق ليضحك ويقول بتسلية:
-كد ابة يا مهلبية بتغيري وبتغيري اووي كمان باين على نظراتك …ده أنتِ ثانية وكنِ هتجيبي نورا من شعرها …
طحنت أسنانها بغضب وقالت:
-ودي مين دي كمان ؟!واحدة من اللي كنت بتحضنهم وأنت وصغير …بس باين عليها صغيرة عليك …
ضحك وقال :
-لا دي بنت عم شريكي … كانت دايما بتجري ورايا بس انا دايماً شايفها عيلة صغيرة …
ضغطت جواهر على أسنانها وهي تنظر إليها وقالت :
-ذوقها و حش أووي فيه حد عاقل يجري وراك …
ضحك بقوة وقال:
-يوووه كتير بس دولوقتي عينيا بقت مبتشوفش الا حد معين وعارف أن الحد المعين ده برضه مش شايف غيري…
اشتبكت نظراتهما سوياً ورأت العشق يفيض من عينيه تهربت من نظراته
استمرت تراقصه برقة بينما عينيها تهرب من عينيه …لا تريد أن تسمع مجدداً ما تهرب منه ..قلبها يرتعش …انها خائفة …تتمنى أن تختفي مشاعره له …ان تختفي كوهم…ضميرها لن يتحمل ان تجرحه …لن تتحمل ان يقع في غرامها ليكتشف بالنهاية انها كاذبة …لانها خدعته مثل حبيبتي السابقة …نعم هي مثلها لا تختلف عنها بشئ …
-ليه بتهر بي بعيونك.مني.؟!مش معقول أنتِ مكسوفة مني ؟!
قالها مبتسماً بتسلية ..لتبتلع ريقها فيكمل هو :
-بيري. أنتِ ليه خايفة مني أنا مش هأذيكي !!!..ليه بتهر بي من مشاعري الواضحة.ناحيتك …
-مشاعر ..مشاعر أيه؟!
قالتها بتلعثم وهي تنظر إليه بخوف …قلبها غار داخل صدرها ….
ابتسم برفق وهو يمسك ذقنها ويجعلها تنظر إليه …لن يسمح لها أن تهرب.منه الآن …هي حبيبته.وأنتهى الأمر….
-يعني.أنتِ مش عارفة …مش واضح عليا يا بيري …أنا طلبت منك.فرص كتير عشان نكون سوا أنتِ ليه.مش عايزانا نتقدم في حياتنا سوا …
-أنا محتاجة وقت يا عدي …لو سمحت اديني وقت ومتنساش ظروف جوازنا ….
تنهد وهو يضع شفتيه على شعرها ويراقصها برقة ويقول:
-لسه بتحقـ دي عليا عشان أتجوزتك وانتِ مش راضية…أنا مستعد أحكيلك عن كل حاجة يا بيري ..اديني فرصة …أنا عارف أن فيه مشاعر ليا جواكي…غيرتك دي مكانتش طبيعية أبداً…اعترفي يا بيري…
توقف عن الرقص فجأة واحتوى وجنتيها وهو ينظر لأعماق عينيها فيجعل قلبها يهتز ويقول :
-أنا هقولك عن كل حاجة …هبدأ حياتي معاكي بصراحة تامة …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في السيارة…
كانت جواهر تفرك كفيها بتوتر…فقد قرر عدي ان يخبرها كل الحقيقة …يريد ان يبدأ حياة جديدة معها دون اسرار ..دون اي غموض …يريد ان يكون صريحاً منها ويتوقع هذا أيضاً منها …ولكن ماذا تخبره…ماذا ؟!هل تخبره انها كا ذبة وانها ليست عبير صديق …ليست تلك الفتاة الثرية بل هي مجرد فتاة مُعدمة كانت والدتها تعمل خا دمة بمنزل شريف …مجرد مخا دعة …كا ذبة …اسـ.تغلته وخد عته …لا تختلف عن كارمن في شئ…هل تخبره هذا ؟!وبالطبع ردة فعله معروفة كل ما سيفعله انه سوف يطر دها من حياته شـ ر طر ده …سوف يحتـ قرها …سوف يطر.دها من حياته دون اي تردد …وقد يسـ جنها
تنهدت بصوت مسموع لينظر إليها …اراد ان يتكلم او يطمئنها ان كل شئ سيكون بخير ولكن الكلمات أبت الخروج من فمه.. لن تُبني الثقة بينهما بسهولة …فهي ابنة الرجل الذي حطـ م قلبه وهو الشخص الذي تزوجها رغماً عنها …ولكن رغم هذا سيحاول …سيحاول من أجلهما سوياً….سيحاول لانه بالفعل قد عشقها !!!لانه يريدها بحياته بأي ثمن …مد كفه وأمسك كفها وشد عليه وقال:
-كل حاجة هتكون بخير …متقلقيش يا بيري …
نظرت إليه وهي تكتم دموعها ليتها تخبره وترتاح من تأنيب الضمير ولكن ما الذي يضمن انه لن يؤ.ذيها …انه لن يضعها في السـ جن ويد مر حياتها …رغم ان خد اعها له يؤ لمها الا انها لا تثق به …هو بالطبع لن يحميها من شريف ….ضغطت على شفتيها بقوة كي لا تبكي ونظرت الى النافذة بينما ما زال كله محتضن كفها ….
أخيراً وصلا إلى مقهى هادئ يطل على النهر …المكان كان هادئ ولطيف …هنا يستطيعان التحدث براحة تامة …
خرج من السيارة وفتح الباب لتخرج هي أيضاً بينما يبتسم لها بشغف…ارتج قلبها داخل صدرها وهي تعطيه ابتسامة مرتجفة وتمسك.كفه المدود ليضم هو كفها إليه ويسير بها إلى المقهي
جلسا في طاولة تطل على النهر مباشرة .. …كلا منهما غارق بأفكاره الخاصة …ظل الصمت لعدة لحظات مسيطر على المكان …
ابتلع عدي ريقه وبدأ بالكلام …،
-اللي حصل ده حصل من حداشر سنة تقريباً …كان والدي توفى وأنا اللي استلمت أمور الشركة وقتها كنت في العشرينات …كنت مصدوم وحاسس نفسي مكـ سور …ابويا راح وأمي قبله كانت ما تت…لقيت نفسي أنا وأختي مطمع لناس كتير وغير الناس اللي حاولوا يوقعوا الشركة ورغم اني مكنتش أعرف حاجة عن ادارة الأعمال بس خالي وقف جمبي وعلمني ازاي احافظ على الشغل …وبالفعل الشركة نجحت على ايدي ..مكنتش بنام.لحد ما الشركة بقت اتنين ..وقدرت انجح في عالم الأعمال وبنيت علاقات كتير ..لحد ما قابلتها …قابلتها بعد مو ت والدي بخمس سنين …في الوقت اللي كنت فيه ناجح جداً …كان اسمي ضارب في عالم الأعمال …بنت من أسرة بسيطة …قدمت في الشركة لشغلانة سكرتيرة …كارمن كانت جميلة أووي ..جميلة بشكل متتخيلهوش …أكيد شوفتيها صح ؟!
هزت رأسها وهي تشعر بالضيق داخلها …كيف يمدحها أمامها …بينما أكمل عدي وهو شارداً؛
-بس تعرفي يا بيري ..أنا منجذبتش ليها بسبب جمالها ..صحيح كان جمالها سبب من الأسباب بس في الحقيقة انجذابي ليها كان بسبب ضعفها …بؤسها ….كانت مخلية عندي رغبة دايما أن احميها…مشاكل عيلتها كانت كتير …كان نفسي اخدها منهم وأسعدها وبالفعل اتقدمتلها رغم اعتراض خالي على الموضوع …أنا قاطعت خالي بسببها لانه كان شايفها طمعا نة فيا بس انا كنت بحبها …الحب عما ني واكتشفت قبل ما ادبس معاها أنها مزقوقة عليا عشان تطلع اسرار الشركة وده طبعاً بس خساير غريبة حصلت للشركة شكيت في الكل اللي هي …بس بيقولوا وقعة الشاطر بألف …كاميرا المكتب بتاعي جابتها وهي بتسرق ملف مني عشان تديه لمنافسي في الشغل …وقتها طر دتها من حياتي بعد ما اكتشفت الصدمة التانية أنها كانت عشـ يقة الراجل ده …اخدت اكبر صدمة في حياتي …
مسح وجهه بتعب وقال :
-وقتها قولت مش هحب تاني …بس حبيت يا عبير ….
نظر إلى عينيها الباكية وقال وعينيه تلمع بقوة :
-حبيتك أنتِ يا عبير …حبيت بنت عد وي !!أنا بقيت أسيـ رك … اديني فرصة نبدأ سوا حياة جديدة …حياة من غير ما نفكر في الماضي …منفكرش الا في الحاضر والمستقبل …عايزاكي تكوني ليا يا عبير ممكن ؟!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خصلة من الشعر …صورة لها احضرتها بطرقها الخاصة …فقط هذا ما طلبه الدجال منها وقد نفذته …جلست جوري تنتفض بجواره …وقد أتت بمفردها دون قدوم صديقتها معها بطلب من الدجال …
ابتلعت جوري ريقها وقالت:
-يا شيخ متأكد أن جوزي هيرجعلي …
نظر إليها الدجال بمـ كر وقال:
-طبعاً هيرجعلك وهيبقى خاتم في صباعك كمان …بس الاول نكر هه فيها هي … السحر اللي عملته ده سحر الخر اب والمو ت …يعني هي هتكر.ه جوزها الأول وهتتطلق منه وبعدين هتمو.ت ووقتها الطريق هيفضى ليكي …
ارتعشت جوري ..هي لا تريد أن تقتـ لها لذلك قالت:
-هو مينفعش نطلقها بس يا شيخ …يعني بلاش قصة نمو تها دي
ابتسم الدجال بسخرية وقال:
-أيه صعبانة عليكي اللي أخدت جوزك منك …لازم تمو.ت عشان يرجعلك والا انسي الموضوع ..
-لا لا خلاص اسفة يا شيخ أعمل اللي عايزة ….
هز الدجال رأسه وهو يمسك الصورة وخصلة الشعر ويتمتم بكلمات غريبة ..يضع أشياء في النا.ر فترتفع النا ر أكثر بطريقة أخافت جوري … أمسك الدجال كوب وقال:
-خدي اشربي ده عشان نكمل …
هزت جوري رأسها وامسكت الكوب وشربته بسرعة ولم تنتبه لابتسامة الد جال الما كرة …
ما أن شربته حتى شعرت بشئ مريب ….كانت واعية ولكنها تشعر وكأن جسدها مكبل …لا تستطيع الحركة …
-أنت ..انت اديتني أيه ؟!
قالتها بتعب وهي تحاول النهوض فلا تستطع…ابتسم الدجال ونهض من مكانه وهو يمددها على الأريكة الخشبية ثم بدأ بخلع ثيابه ..كانت تهز رأسه وهي تقول :
-ايه.ده.بتعمل ايه …بتعمل أيه ؟!
ضحك وقال:
-بأخد أجري يا حلوة …هي صاحبتك مقالتلكيش …مع الفلوس ده بيكون أجري …
ضحك مرة آخرى وهو يسلبها ثيابها بينما تنظر إليه بصدمة وبدأ بالإعتد اء عليها وكل هذا وهي لا تستطيع الصراخ من الأساس وكأن صوتها عاجز عن الخروج من شفتيها !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
عادت الى المنزل وهي منهكة….لساعات ظلت تبحث عن عمل ولم تجد …عينيها مشبعة بالدموع ..رباه هي ووالدتها سوف يمو تان من الجوع ان استمر الأمر بهذة الطريقة …دعكت عينيها بتعب شديد وجلست على أرضية الصالة وهي تجهش بالبكاء …خرجت والدتها من الغرفة وهي تدفع عجلات المقعد المتحرك الخاص بها وقالت بشفقة:
-ملقيتيش شغل صح ؟!
نظرت رانيا بذبول الى والدتها وقالت بنبرة مختنقة :
-لا يا أما ملقيتش …للأسف ملقيتش …
ثم اطرقت برأسها مرة آخرى وهي تكمل بكاؤها …كل شئ ينها ر من حولها …بعد ان ظنت ان حياتها سوف تتغير الآن كل شئ انهد م من حولها …
مسحت دموعها ونظرت بعجز الى والدتها وقالت:
-اتبقى معانا كام في البيت يا أما؟!
أطرقت رابحة برأسها وتمتمت بخفوت:
-٣٥٠جنيه بس يا بنتي ….
أغمضت عينيها بقوة …تلك الأموال تكفيها فقط لتشتري دواء والدتها …كيف تتصرف …
-الدوا خلص مش كده ..
قالتها رانيا وهي تمسح وجهها بقوة لترد رابحة:
-لا لسه فيه شوية متقلقيش يا بت هتتسهل ربنا مبينساش عباده …
ابتسمت رانيا بمرارة وقالت بتعب:
-الدوا خلص يا أما أنا شوفته الصبح …هاتي الفلوس اروح اجيب غيره وهيتفضل خمسين جنيه نتعشى بيهم…
-طيب وبكرة يا رانيا ..
هتفت والدتها بإعتراض لتتنهد رانيا وترد قائلة:
-أنتِ قولتي يا أما ربنا مبيسيبش عباده …ربنا مش هيسيبنا ..هاتي الفلوس …
……..
وقفت أمام منزل السيدة ماجدة وطرقت عليه ….دقائق وفتحت لها سيدة بمنتصف العمر يبدو على ملامحها الطيبة واللطف
-رانيا ازيك يا حبيبتي..
قالتها ماجدة بترحاب لتقول رانيا …
-ممكن أدخل يا خالتي …
-اكيد يا بت البيت بيتك ادخلي يا رانيا …
ولجت رانيا الى المنزل وهي تبتسم بإرتباك …جلست ماجدة وقالت:
-اتفضلي يا بت يا رانيا اقعدي هو أنتِ غريبة …
هزت رانيا رأسها وجلست على الأريكة ….
-تشربي ايه يا بنتي ؟! …
-لا لا يا خالتي أنا بس عايزاكي في كلمتين وهمشي علطول و…
لكن ماجدة قاطعتها بلوم وقالت:
-كده برضه يا رانيا …لا يا حبيتي لازم تشربي حاجة استني ..بت يا نورهان …
أتت فتاة مراهقة من الداخل والتي كانت ابنة ماجدة وقالت:
-نعم يا ماما ..
-روحي اعملي لرانيا عصير المانجا اللي بتحبه يالا …
ابتسمت الفتاة ونظرت إلى رانيا قائلة:
-حاضر يا ماما من عيوني …ازيك.يا أبلة رانيا نورتينا
-بنورك يا حبيبتي .
قالتها رانيا بود لتدخل الفتاة فتقول ماجدة:
-ها يا رانيا كنتِ عايزاني في أيه ؟!
ابتلعت رانيا ريقها وقالت:
-عايزة شغل يا خالتي ..اي شغل …حتى لو هنضف في البيوت …أبوس إيديكي يا خالتي حالتنا بقت صعبة أووي وأمي تعبانة وأدوية السكر والضغط اللي بتاخدهم كل يوم بيغلوا عن اليوم التاني وانا مش عارفة أعمل ايه ….يا خالتي شوفيلي اي حاجة بالله عليكي …
تنهدت ماجدة ونظرت إليها وقالت:
-دكتور يحيى اتصل بيا عشانك وقال لو ….
-معلش يا خالتي ابعديني بس عم دكتور يحيى عايزة شغل بعيد عنه …
-يا بنتي ده جابلك شغلة كويسة و ..
نهضت رانيا وقالت بهدوء؛
-خلاص شكراً يا خالتي أنا هتصرف …
ثم نهضت لتقول ماجدة:
-يا بت بس استني ماله دكتور يحيى بس ؟!
ولكن رانيا لم ترد بل خرجت من المنزل مسرعة ..لتتجمد فجأة وهي ترى يحيى أمام المنزل بسيارته الفارهة والتي كانت تناقض تماماً بساطة الحي ….
تجاهلته رانيا وكادت أن تذهب ولكنه أمسك ذراعها وقال:
-حابب اتكلم معاكي …
شدت ذراعها منه وقالت:
-مش كفاية اللي الست والدتك قالته ..ممكن تسيبني في حالي ..
كانت ماجدة تراقب الحوار بفضول واتسعت عينيها بدهشة ويحيى يمسك ذراع رانيا ويجذبها نحو السيارة..
-ايه ده سيبني …سيبني !!
نظر إليها ببرود وقال:
-آنسة رانيا هنتكلم شوية وبعدين هسيبك ده لو مش عايزة أي فضايح دلوقتي …اركبي العربية بهدوء …
-مش هركب …مش هركب …
صرخت به …
أغمض عينيه بقوة وقال :
-أنتِ اللي طلبتي …
فجأة شهقت رانيا وهو يحملها بغتة ويدخلها لسيارته !!!
يتبع….
(الفخ)
“وخذي القصيدة إن أردتي فليس لي فيها سواك”
محمود درويش
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أنا عايزة اروح !
قالتها جواهر وهي تكتم دموعها بشق الأنفس …تتهر.ب من عينيه…من حبه الواضح لها وكم أرادت ان تخبره الحقيقة وترتاح تماماً ولكن الخوف منعها…لن تنكر …هي مرتعبة …لا تشعر بالثقة …لا تثق بحب عدي لها …مهما كان يحبها ان يغفر لها يوماً انها خد عته …
عبس عدي وقال:
-هو ده ردك عليا يا عبير …
أطرقت برأسها وقالت:
-أنت طلبت مني كتير فرصة تانية وانا قولتلك مش مستعدة …المشـ كلة مش فيك يا عدي …المشـ كلة فيا ..أنا مش مستعدة أبداً ..لسه خايفة…لسه.مش حاسة بأي أمان …حاسة بخوف …
شد على كفها وقال:
-خايفة مني …
انسابت دموعها …لم تستطع ان تتحمل أكثر من هذا …كانت تشعر بالضغط …تشعر انها ستنـ هار بأي وقت
-عبير …
قالها عدي وهو يحتوى كفيها بين كفيه ويقول ؛
-أنا مش هأ ذيكي ..ولا عمري أفكر أعمل كده …أي كان اللي عمله معاكي شريف مش هخليه يعمله تاني …أنتِ في آمان معايا …
نهضت وهي تقول ببكاء:
-خلينا نمشي لو سمحت يا عدي ..خلينا نمشى أنا مش قادرة افضل هنا اكتر من كده ..عشان خاطري روحني…
نظر إليها بيأس …كانت تبدو منها رة وهو لم يضغط عليها اكثر من هذا …وضع الحساب على الطاولة وقبض على كفها ثم خرج من المقهي بالكامل …ساعدها على ركوب السيارة وأنطلق بها …
كان يقود السيارة بكل هدوء بينما هي تبكي …كان حقاً مندهش ..ماذا فعل لتنها ر بهذا الشكل …لما هي مصره على رفضه …الا تعرف انها تحـ طمه …ارتفع نشيجها وكتمت فمها وهي تنظر من النافذة …تنهد وربت على كفها وقال:
-أنا معرفش عملت ايه لده كله أنا حبيتك …صحيح الموضوع غريب بس بجد حبيتك …حبيتك بعد ما قفلت قلبي …وفضلت قافله كتير لحد ما أنتِ ظهرتي ولو كان حبي ليكي مشكلة فأنا آسف بس متعيطيش ..
كلامه جعلها تبكي أكثر …جعلها تشعر بالقر ف من نفسها وقالت من بين شهقاتها :
-أنت مش فاهم حاجة …مش فاهم…
نظر إليها بإحبا ط وقال:
-طيب فهميني …اعملي فيا معروف وفهميني …
ابتلعت ريقها بتوتر وصمتت تماما وهي تمسح دموعها …
أوقف السيارة وتنهد وهو ينظر إليها …ادار وجهها نحوه وقال:
-بيري قوليلي ايه المشكلة وفهميني …ايه اللي يخليكي خايفة ما تحبيني …خايفة أنك تستسلمي وتسلميني قلبك ومشاعرك ..ليه الخو ف ..
-دي مش حياتي يا عدي …أنت مش من حقي …أنا …
ضغطت على شفتيها وهي تنهار بالبكاء بينما عبس وهو ينظر إليها بدون فهم وقال:
-لا مش فاهم يعني ايه دي مش حياتك !!!
تلوت معدتها من الأ لم …ماذا تقول هل تخبره الحقيقة الآن تلك فرصة لن تعوض وقد يسامحها …قد يغفر عندما يعرف انها لم تقصد أبداً ان تخد.عه …ولكن شيطا نها سخر منها …ذكرها بكارمن التي ظلت ساعات امام بوابة القصر ولكنه لم يشفق عليها أبداً بل ظل ينظر إليها ببرود وهي تتوسله وتصرخ …..وهي لا تختلف عن كارمن كثيراً ..لقد خد عته كارمن بأمر من شريف …وهي أيضاً خد عته من اجل شريف لانه هد دها …بالطبع عدي لن يصدقها …وأخيراً خوفها انتصر عليها وشجاعتها تضاءلت للغاية وهي تنظر إليه بعجز بينما ظل هو عاقداً حاجبيه ويقول :
-قولي يا بيري يعني ايه دي مش حياتي ؟!أنتِ بتقولي ايه ؟!
غار قلبها داخل صدرها وهي تبحث عن حجة أي حجة تتمسك بها لكي لا يشك بأمرها …لقد تراجعت عن قرار اخباره بالحقيقة وقررت ان تستمر في لعبتها تلك على الرغم من علمها انها هي من ستعاني بالنهاية !!!
-مستني ردك.يا بيري !!
كان هذا صوت عدي الذي أخرجها من شرودها فقالت جواهر:
-ايوة دي مش حياتي …أنا مكانش مفروض أتجوزك يا عدي …
بهت وهو ينظر إليها لتقول وقد استعادت قدرتها على الكذ ب أمامه وقالت:
-بابا اللي بعتلك كارمن مش كده ؟!هو عدوك ..وعشان كده اتجوزتني عشان تنتـ قم منه بس …
قاطع كلامها وقال:
-بس حبيتك يا بيري…انقلب السـ حر على السا.حر …حبيتك وانا متأكد أنك.غير شريف خالص …وانك.عمرك.ما هتخد عيني …
-انا اسفة يا عدي …اسفة …
قالتها وهي تقترب وتعانقه بغتة بينما أنفـ جرت بالبكاء…ضمها إليه وقال:
-طيب ليه بتعيطي ؟!
قالت من بين بكاؤها :
-أسف للي شريف عمله فيك…حقك عليا أنا ..حقك عليا أنا ..
ابتسم وهو يربت على شعرها ويقول:
-أنا لو هشكر شريف على حاجة هشكره عليكي يا بيري …مهما حصل هفضل أحبك دايما …وهستناكي دايماً ♡
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
دموعها تغرق وجهها بينما تضم ثيابها على حسدها …كانت تجلس على الأرض المـ تسخة وهي تشهق بالبكاء بينما الد جال أمامها يرتدي ثيابه وهو يشعر بالإنتشاء …
نظر إليها وابتسم ابتسامة تكشف عن اسنانه الصفراء وقال ؛
-عملت كده مع نسوان كتير بس أنتِ غير بصراحة …بطل !!
ارتفع بكاؤها أكثر وصرخت به وعينيها العسلية تفبضان كر هاً :
-أنت حيو ان !!!
ابتسم بشـ ر وقال:
-تؤ تؤ …ما بلاش يا حلوة الأسلوب ده …أنتِ صباعك تحت ضرسي …وبعدين ده أنا هرجعلك جوزك لحضنك فيها ايه لو ننبسط شوية …عايزين نكررها تاني …
-ده مستحيل …مستحيل أنت فاهم …
هز كتفيه وقال:
-مفيش مشكلة يا جميل انسي بقا أن جوزك يرجعلك وخليكي كده لوحدك …وأنا مش هسيبك لا …أنا هد مر حياتك اما نكمل الطريق اللي بدأناه سوا او انسي ان حياتك ترجع زي الأول ..
انفجـ رت بالبكاء وقالت:
-حرام عليك …أنت عايز ايه مني مش كفاية اللي عملته يا أخي….حسبي الله ونعم الوكيل فيك …أنت متعرفش ربنا …
ضحك بصوت مرتفع وهو يقول بخبث:
-على أساس أنتِ تعرفي ربنا …ده أنتِ جاية تعمل عمل لمرات جوزك …يعني جاية تأ ذي …أنا وأنتِ يا حلوة منفرقش عن بعض كتير …مادام مستعدة.تأ ذي عشان تأخدي جوزك فمفيش مانع استفاد أنا كمان وبصراحة أنتِ بطل و دخلتي مزاجي أووي اووي وانا عايزك وأوعدك ان قريب أووي جوزك هيرجعلك …
كانت تشهق بأ لم …لقد وقعت با لفخ …كانت تقر.ف من نفسها ولعـ نت نفسها عدة مرات لانها اتبعت هذا الطريق الشائك …هي من د مرت حياتها بيدها وليتها لم تفعل والآن ليس لديها أي اختيار سوى تنفيذ ما يطلب والا سوف تخـ سر ياسين وستتد مر حياتها …..
-عايزني أعمل ايه ؟!
ابتسم بإنتصار وهو يقول :
-هو دي الشغل اللي أحبه …هو ده الكلام ..أنتِ كده عارفة مصلحتك كويس اووي …بصي يا حلوة أنا هرجعلك جوزك بس تيجيني هنا وقت ما أطلبك وشوفي بعينيك أنا هعمل في ضرتك أيه أنا هخليها تتجـ نن قبل ما تمو ت …مفعول السحر اللي هعمله هيبدأ قريب أووي…اتفرجي وشوفي وهتتبسطي أووي …يالا روحي دلوقتي بس اتصل بيكي الاقيكي هنا …
نهضت جوري من الأرض وهي تمسح دموعها بينما تحاول السيطرة على شهقاتها …كان عدلي الد.جال ينظر إليها نظرات حسية …تلك المرآة كارثة …انها قادرة على سلب الرجل عقله …رغم انه نالها بالفعل الا انه يريدها مجدداً…ولولا عمله الذي ينتظره لكان نالها عدة مرات حتى يشبع…زررت جوري قميصها القطني وعدلت من وضع بنطالها الأسود ثم مسحت وجهها وهي تستعد للخروج ..شهقت بخوف عندما امسك هو ذراعها …كل للحظات ينظر إليها …كانت هي مر.تعبة …خائفة بشدة …ابتسم ابتسامة شر.يرة وقرب نفسه منها ثم طبع قبلة على وجنتها …كانت رائحته كريهة للغاية وشعرت انها سوف تتقيأ…خرجت مسرعة من هذا المكان القذر…
………..
كانت تسير بالشارع وهي لا تتوقف عن البكاء …ضميرها يجلـ دها …لقد د مرت حياتها …د.مرتها نهائياً …
خرجت للشارع الرئيسي واستقلت سيارة أجرة ثم انطلقت …
…..
وصلت الى منزلها آخيراً وركضت الى الحمام لتفرغ ما في جوفها…كانت تشعر بالقر ف من نفسها …معدتها ترتج بقوة بسبب ما حدث …لقد كانت واعية لكل ما يحدث …لإنتها ك جسدها …..كان تبكي بدون صوت وهو يعتد ي عليها بدون أي رحمة …ما حدث كان فظيع …هي تد.مرت …تد.مرت حياتها والأسو أ انها مضطرة لتُكمل في ذلك الطريق …والا عدلي سوف يد.مر حياتها …جلست على الأرض وضمت ركبتيها الى جسدها وهي تنفـ جر بالبكاء …كانت تشعر بالعالم يضيق بها …رباه هي تمو ت بالفعل …ماذا فعلت بنفسها وهي وقعت بهذا الفخ المقـ يت …والآن هي سوف تُنتـ هك دون ان تملك القدرة على الرفض …
اتجهت للمغطس وجلست به ثم فتحت صنبور المياة لتندفع المياه فوق رأسها أرادت للمياه ان تطهر جسدها …أرادت ان تعود نظيفة كالسابق ولكن رغم هذا ما زالت تشعر بالقذ ارة تلتصق بها ..ما زالت رائحته ملتصقة بأنفها ..رائحته المقز.زة ….وضعت كفيها على وجهها وهي تتذكر كل شئ….لماذا فعلت هذا بنفسها لماذا !!كيف تكون بهذا الغباء…أين المفر الآن ؟!لقد وقعت بالفـ.خ !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أنا مش قادر اصدق اللي عملته يا دكتور …مش شايف أنك دلوقتي هتخلي اللي يسوى واللي ميسواش يتكلم عليا …يا ترى دلوقتي هيقولوا ايه لما يشوفوا حضرتك شيلتني ودخلتني عربيتك …أتفضل نزلني فورا وروح …أنتَ ووالدتك فضحتو ني بما فيه الكفاية …
كانت رانيا تصر خ به بإهتياج.بينما عيني يحيى مركزة على الطريق …وجهه متجمد تماماً دون أي مشاعر …هل هي مصدومة؟!حسناً ليس أكثر منه ..هو كان مصدوماً من نفسه …تصرفه هذا غير مبرر بالمرة ..هو غير معتاد على التصرف بتلك الطريقة مع أي حد مهما كان ومهما فعل …فكيف يفعل هذا ومع أمرأة …ولكن بلا شك تلك المرأة تخرجه عن طوره …..لا يعرف لما هي عنيدة لو لم تعانده وتركب بهدوء السيارة لم يكن ليجبرها …
حاول يحيى درء الشعور بتأ نيب الضمير عنه مخبراً نفسه انها هي من فعلت هذا بنفسها …ولكن شئ داخله اخبره انه كا ذب ..وان يحيى ابن الطبقة الارستقراطية لا يفعل هذا أبداً …ولكن رانيا بها شئ غريب …شئ يجعله يفـ قد صوابه ويتصرف عكس طبيعته
-أنا بكلم حضرتك ممكن تتكرم وتبصلي بدل ما انت عامل نفسك من بنها كده!!!
صرخت به رانيا …كادت أن تصاب بالجنو ن بسبب بروده …فهو منذ ان ادخلها سيارته وهو يقود بهذا الهدوء المريب …هي تختـ نق حقاً تخـ تنق …
-رد عليا يا دكتور لو سمحت !!.
صرخت به مجدداً الا انه لم يرد …
عضت شفتيها بغيظ وقالت:
-طيب براحتك خالص …أنا عن نفسي هفتح الباب ومش مهم أقـ ع وأمو ت أنتَ اللي هتشيل ذنـ.بي ..وبالفعل حاولت فتح الباب الا انه كان سبق وأغلقه لكي لا تخرج …نظرت إليه بغيظ لتجده مبتسم بتسلية …المسـ تفز يعجبه الوضع !!!
فكرت رانيا وهي تكاد تفقد أعصابها وعقلها …..
-هو أنا كلـ بة بكلمك ومبتردش يعني …رد عليا ….طب أهو
صرخت بغيظ وهي تمسك مقود السيارة ليخرج يحيى عن صمته وتختفي الابتسامة عن وجهه وهو يزعق بها :
-بس خلاص فيه ايه …نتكلم وبعدين انزلك…اقعدي ساكتة بقا !!
رجعت للخلف وقلبها يرتجف بقوة …احتشدت الدموع بعينيها وهي ترى اللهـ ب المتصاعد بعينيه …زفر يحيى بضيق وهو يركز على القيادة ثم يمرر محرمة ورقية لها ويقول:
-أنا آسف انفعلت عليكي شوية سامحيني …خدي.
ولكن رانيا لم تهتم بإعتذاره ..حتي انها لم تأخذ المحرمة بل مسحت دموعها بكم ملابسها وهي تنظر للناحية الآخرى…زفر يحيى بضيق وقال:
-ربنا يصبرني يارب
اوقف سيارته أمام مقهى هادئ قليلا وقال:
-يالا أنزلي هنتكلم هنا …
عبست وهي تنظر إليه ثم نظرت الى نفسها …وقالت:
-أنت أكيد مجنو ن صح ؟!او عايز تحر.جني …انت شايف شكلك وشايف شكلي …لو دخلت معاك هيفتكروني شحا تة …
لم ينبغي أن يضحك ولكن طريقتها في الكلام جعلته بالفعل يضحك ثم نظر إليها وقال:
-مال شكلك يعني ؟!ما أنتِ زي القمر أهو …
حاولت منع بشرتها من التورد ولكنها فشلت …تلعثمت قليلاً ولكنها أخيراً بعد جُهد حافظت على ثباتها وقالت؛
-مينفعش ادخل معاك ..حضرتك باين من هدومك أنك ابن ناس أغنية…لكن بص عليا بجيبتي القديمة والبلوزة اللي موضتها خلصت من زمان ..لو سمحت متعرضنيش للإ هانة …كفاية اللي حصل قبل كده …
تنهد بحزن وهو ينظر إليها ثم قال:
-عندك حق …أنا آسف …أنا حطيتك كذا مرة في موقف سخـ يف بسببي وكفاية كده…
أطرقت رانيا برأسها وقالت:
-طيب ممكن تروحني …
-لازم نتكلم !
قالها بعجز لتنظر إليه وتقول:
-هنتكلم في أيه يا دكتور ؟!
حل عقدة رابطة عنقه وهو يشعر بالإختناق وقال :
-ممكن متقوليش دكتور …أنتِ مبقتيش تشتغلي عندي …
-أومال أقولك ايه ؟!
سألته بحيرة ليرد :
-قولي يحيى ..اسمي يحيى… شيلي أي تكليف بيننا …مش عايز رسمية …
نظرت إليه بدهشة ليكمل هو :
-رانيا أنا عايز اتكلم معاكي …ضروري اتكلم لو سمحتي اديني فرصة بس …
صمتت مرتبكة بينما قال:
-لو مش عايزة تدخلي الكافية. تعالي نتمشى شوية ونتكلم …او نتكلم في العربية …او
-خلاص نتكلم في العربية ..
قالتها بهدوء وهي تراه بهذة الحالة
-شكراً يا رانيا ..
قالها مبتسماً ثم فتح باب السيارة لتدخل هي …
….
بعد قليل كان يجلس بجانبها في السيارة وقرر ان يدخل في الموضوع مباشرة
-رانيا أنا عرفت أنك بتدوري على شغل الفترة اللي فاتت …وعارف ان بسبب والدتي خـ سرتي شغلك عشان كده أنا لقيتلك شغل كويس و ..
قاطعته وهزت رأسها
-شكرا ليك بس أنا ..
-لو سمحتي ده مش فضل مني ..أنتِ خـ سرتي شغلك بسببنا ودي أقل حاجة أعملها …لو سمحتي اقبلي الشغل عشان ابقى مرتاح على الأقل…
تنهدت وقالت:
-هقبله بس بشرط ..
-قولي .
-انك متحاولش تقابلني تاني…عايزاك متحسش بتأنيب الضـ مير واعرف أنك عملت اللي عليك ..ده شرطي ..في اليوم اللي اشتغل فيه تمحيني من حياتك !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بابي اعملي تسريحة رابونزل ممكن ..
قالتها ياسمين ووالدها يمشط شعرها ..عبس ياسين وقال:
-ومين.رابونزل دي كمان ؟!بتجيبي الأسماء الغريبة دي من فين يا بت …
-يا بابي رابونزل البنت اللي في الكارتون اللي شعرها طويل اووي دي …أنا وأنت شوفنا الكارتون السنة اللي فاتت …
-يا سلام كارتون شوفناه السنة اللي فاتت هفتكره السنة دي يعني ليه.مخي كمبيوتر ؟!هنعمل ديل حصان زي كل مرة ملناش غيره …
ربعت ياسمين ذراعيها وهتفت بإعتراض :
-بس يا بابي أنت بتقول أنك.مهندس وانك ذكي ومتنساش بسرعة…ازاي بقا نسيت الكارتون …مش مفروض أنك.ذكي …
ضحكت ورد برقة ثم راقبته.بتسلية ..فقال ياسين :
-عشان احنا كمهندسين مبنفتكرش الحاجات اللي مش مهمة بالشكل ده …كفاية علينا الشغل يا لمضة أنا مش هعمل تسريحة رويدا دي اللي أنتِ بتقولي عليه …هنعمل ديل حصان حاجة من تراثنا اللي نفتخر بيه
-بس.تسريحة ديل الحصان مش من تراثنا خالص يا ياسين و…
تدخلت ورد ليقول ياسين :
-أبوس على ايديكي يا ست الناس اسكتي خليني اخلص شعرها عشان أسرح شعرك ولا تسرحيه لوحدك …
-لا لا خلاص سكت أهو …
ابتسم وقال:
-شطورة يا روحي …
ثم بدأ بتمشيط شعر ابنته وربطه له في ذيل الفرس وعندما انتهى قال :
-ايه الجمال ده بس تسلم إيدي …أنا خسا رة في البيت ده …
نظرت إليه ياسمين بغضب وقالت:
-المرة الجاية هتعملي تسريحة رابونزل …
-يالا يا بت من هنا …اللي بعده…
ابتسمت ورد بلهفة واقتربت منه ثم جلست أسفل الأريكة ليقول وهو يمسك المشط والكريم…
-أنا بفكر افتح كوافير هكسب فلوس ياما ..
-بلاش افورة يا ياسين انت مبتعرفش تعمل الا ديل حصان كوافير ايه ده اللي تفتحه هي …
شد شعرها بشدة نوعاً ما وقال:
-خلاص يا لمضة جبر الخواطر على الله …
ضحكت ورد وقالت:
-أنت آخر واحد تتكلم عن جبر الخواطر …سبحان الله من أول ما عرفتك وانا مش بشوفك الا وأنت بتد.شمل خواطر الناس …
زفر وقال:
-قومي يا ورد مش هسرح شعرك …
-خلاص يا ياسين متبقاش قماص اومال …اسفين يا عم سرح يالا …
هز رأسه وبدأ بتمشيط شعرها برفق بينما هو مغمضة عينيها ومستمتعة …كم تشعر بالسعادة…تلك اللحظات التي تتشاركها معه لا تُقدر بثمن ..تشعر انها لم تعشق من قبل أبداً …ما تشعره مع ياسين الآن لم تشعره مع أحد من قبل هي متأكدة من هذا …..ولكن لا تعرف لماذا تشعر بقلبها مقبو ض اليوم …رغم انها تضحك وتمزح وتحاول ان تتجاهل هذا الشعور البغـ.يض ولكن تفـ شل تماماً …هي تشعر وكأن أحد يعتـ.صر قلبها وكأن حياتها السعيدة سوف تتحول لجـ.حيم …تنهدت وهي تتمنى ان يكون كل شئ بخير …
بعد ان انتهى قال براحة :
-اهو اميراتي الاتنين جهزوا …
نهضت ورد ولمست ذيل الفرس وقالت:
-تسلم إيديك يا باشمهندس ياسين …
قبل ياسين رأسها وقال وهو ينظر لياسمين :
-ادي الناس اللي بتقدر تعب الواحد ولا بلاش …مش واحدة شغالة تقولي رويدا وهويدا …
-اسمها رابونزل يا بابي …
-متدخلنيش في تفاصيل دلوقتي المهم متبقيش ليه زي ورد وتشكريني على مجهودي الجبار في تسريح شعرك مش كفاية اني …
-مهندس وواقف بسرح شعرك …
أكملت كلا من ورد وياسمين جملته المعتادة عبس لتضحك ورد وتقول:
-انا مشوفتش حد متمسك بلقبه قدك…
وضع ساق على ساق وقال:
-ما هو أنتِ لو كنتي دخلتي هندسة وشوفتي اللي شوفته هتتمسكي باللقب ده أنا اتعصـ رت في الكلية دي عشان كده هفضل اقر فكم بلقب باشمهندس طول العمر …
جلست ورد بجواره وضمته وثم جلست ياسمين …قالت ورد بحب:
-يا عم اقر فنا طول حياتك ولا يهمك يا باشمهندس
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
-أيه طلاق ؟!طلاق ايه يا ماما !!!
قالها فؤاد بدهشة …كان مصدوم من كلام والدته.هذا..ابتلعت نهى ريقها وقالت:
-بعد اللي حصل أنا مستحيل أعيش معاه تاني يا ابني …ده انسان مش متز ن نفسياً يا فؤاد …ده.د.مر بنته المسكينة ومش معترف بغلطه …حاسه اني مبقتش طايقاه ..مش عايزة أعيش معاه …
مسح فؤاد على وجهه بتعب وقال:
-طيب ممكن تفكري شوية بلاش تأخدي قرارات متسرعة بالشكل ده….شوفي أنا مختلف تماماً مع عم كريم وعارف انه غلطان جداً بس متأكد مليون في المية انه بيبحبك يا ماما ومش هيقدر يعيش من غيرك …أنتِ ممكن تساعديه يتجاوز عقدته ويصلح مشا كله مع نسرين بس مش تتطلقي عشان أنا عارف أنك بتحبي عم كريم …
تنهدت نهى وقالت:
-ده قراري النهائي يا فؤاد أنا مبقتش عايزة كريم خلاص ..بس تتجوز أنت ونسرين هنتطلق أحنا…كده احسن يا فؤاد…أنا وعمك كريم مبقناش ننفع لبعض وانا قولتله كده وأكيد هيقتنع بكلامي …
رغم ان كلماتها كانت صلبة وواثقة الا ان الحزن كان واضح على نهى…هي احبت كريم لن تُنكر الأمر …ورغم كل شئ حدث كريم كان حريص جداً على عدم ايذ ائها …ولكنه آذ اها …آذ اها كثيراً عندما أذ ى ابنته…نسرين التي تد مرت على يده
-تمام يا ماما اللي عايزاه هيحصل …مش هضغط عليكي …المهم متكونيش زعلانة بسبب قرارك ده ..
قالها فؤاد وهو ينظر إليها بعمق لتتنهد بحزن وتقول:
-اكيد زعلانة يا فؤاد كريم جوزي وانا حبيته …بعد أبوك الله يرحمه هو اللي دخل قلبي وعشت معاه أيام حلوة …بس بتيجي علينا فترة وبنقفل من اللي قدامنا …بيبقى الو حش اللي عمله غطا على الحلو وكريم عمل و حش كتير أووي…كفاية انه د مر نفسية بنته…أنا بقيت أخاف منه لانه انسان متقلب وانا مفياش حيل أصلح ..حاولت كتير اقربهم من بعض وفشلت بس ارتاحت عشان هتتجوزها …أنا واثق أنك هتحميها يا فؤاد …واثقة فيك …حتى لو محبتش نسرين واثقة أنك في يوم هتحبها لما تعرف قد ايه هي انسانة جميلة ورقيقة …
صمت فؤاد ولم يتكلم …لم يخبرها انه بالفعل يعشقها…يظن الجميع ان زواجه منها بسبب شفقته عليها ولكن هذا خطأ تماماً …الشفقة هي آخر سبب قد يتزوج نسرين من أجله ..هو يريدها له …لانه يحبها ..صحيح في البداية اراد ان يتزوجها مؤقتاً ثم يتركها لتُكمل حياتها ولكن الآن هو يريدها بالكامل وسوف يقنعها بحبه…وتبقى الغصة الوحيدة بقلبه هو حبها ليوسف ولكنه متأكد تماما ان مشاعرها نحو يوسف ليست حب حقيقي …هي بحثت عن العاطفة به عندما لم تجدها عند والدها
بحثت عنها بالخاج ووجدتها بيوسف …وكم كان يوسف حقـ ير عندما استـ غل صغر سنها وارتبط بها ….كان فؤاد يلقي اللوم كله على يوسف ..متأكد تماماً انه هو من أغو ى نسرين ..هو من حاصرها حتى استسلمت له ….
كان فؤاد مستغرقاً بالتفكير .. وعاقد حاجبيه بقوة …
-فؤاد أنت روحت فين يا بني؟!
صوت والدته انتشله من تفكيره فقال:
_انا هنا يا امي …
أمسكت نهى كف فؤاد وقالت:
-يا بني عايزاك توعدني أنك مش هتسيب نسرين أبداً ولا تجر حها ولا تتجوز عليها …أنا عارفة أنك ممكن تكون مجبو ر على الجوازة دي عشان خاطر تحميها بس أنا عايزاك تفضل معاها.دايماً…عايزة جوازكم.يستمر يا ابني ممكن …
في تلك اللحظة اراد فؤاد ان يعترف لوالدته بحقيقة مشاعرة لنسرين ولكنه فضل الصمت واكتفى بقول:
-متقلقيش يا ماما هفضل أحميها دايماً مش هسيبها أبداً ده وعدي ليكي
كانت نسرين تقف من بعيد تستمع لهذا الكلام والدموع تغرق وجهها …
-ماما نادي نسرين حابب اتكلم معاها شوية …
-حاضر يا بني ..
قالتها نهى ونهضت …
ولجت نسرين الى غرفتها مسرعة ومسحت دموعها ثم ادعت انها تذاكر بالغرفة … ..
فتحت نهى الباب وقالت:
-نسرين فؤاد عايزك …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تنظر الى انعاكسها بالمرآة رغم ان قلبها يعـ.تصر من الداخل ..رغم الحزن الذي يعصف بها …ورغم الضحيح بداخلها الا أن وجهها كان متجمداً تماماً…عينيها باردة بشكل غريب …لقد قررت ان تتحدث معه وانتهى الأمر …خرجت من غرفتها واتجهت الى صالة المنزل حيث يجلس فؤاد الذي طلب رؤيتها …
ابتسمت نهى ما آن رأتها وقالت:
-واهي العروسة جات ..هسيبكم مع بعض شوية …
ثم نهضت مسرعة وولجت الى المطبخ …نهض فؤاد وهو ينظر إليها مبتسماً …كانت المشاعر بعينيه تفضـ حه ..وكم.شعرت بالشفـ قـة عليه ..انه رجل مثالي.يستحق امرأة افضل منها …امرأة يكون هو مالك قلبها الأوحد ..أمرأة غير مشو هة من الداخل …هي تشعر انها لا تليق برجل مثله …رجل رائعاً مثله ..ما ذ نبه ..فقط ما ذ.نبه …رمشت عدة مرات لكي لا تبكي …اقترب فؤاد أكثر وقبل رأسها مباغتاً …تجمدت هي بين ذراعيه ولكن قلبها اخذ يرتعش بقوة …تراجع فؤاد بإرتباك وقال:
-اسف يا نسرين …هو أنا ضايقتك …
هز رأسها بينما تورد وجهها قليلاً …ابتسم بحماس وقال:
-ايه رأيك نتغدي معايا النهاردة ..هفسحك فسحة حلوة …ها قولتي ايه ؟!
-معلش يا فؤاد مليش مزاج النهاردة ..
تلاشت الابتسامة من على وجهه وقال:
-مالك يا نسرين فيه ايه؟!حد ضايقك؟!عمي زعلك تاني ؟!
هزت رأسها بالنفي وهي تنظر إليه …ترتب الكلمات في عقلها كي تقولها وترتاح تماماً…
-فؤاد انا حابة اقولك حاجة ضرورية ممكن ؟!
هز رأسه وقال:
-طبعاً اتفضلي قولي فيه ايه ..أنتِ قلقتيني!!!
-أنا مش عايزة جوازنا يكون حقيقي !
قالتها بنبرة حازمة وهي تنظر إليه …لم تحيد عينيها عنه بهت فؤاد وهو ينظر الى عينيها باحثاً عن أي أثر للمزاح …او التردد ..ولكنه وجد عينيها باردة كقطع الجليد …لمعة عينيها اختفت تماماً…كانت نظراتها باردة …عينيها الزرقاء التي كان يغرق بهما دوماً جمدته اليوم …
-نسرين ..أ…
ولكنها قاطعته وهي تقول :
-أنا مقدرة اللي أنتَ بتعمله عشان خاطري عشان كده شايفة ان ملكش ذ نب تتدبس في واحدة زيي …أنت تستاهل الأحسن عشان كده جوازنا هيكون صوري ومؤقت ..لحد بس ما اقدر اعتمد على نفسي وأبعد عن بابا …ولو حابب بعد جوازنا تتجوز واحدة تاني اعتبرني مش موجودة وأعمل اللي أنتَ عاوزه …كتر خيرك لحد دلوقتي أنتَ ساعدتني كتير …
أمسك كتفها وأخذ يهزها بقوة وقال:
-ايه اللي أنتِ بتقوليه ده …معقول لحد دلوقتي مفهمتيش …لحد دلوقتي محستيش بيا …أنا بحبك …وعايزك أنتِ وبس …عايز أحميكي …اعيش معاكي كل حياتي و….
قاطعته بهدوء وهي تدفعه :
-وأنا مش عايزاك …مش بحبك !!!
بهت وهو ينظر إليها….هو كان متيقن انها لم تحبه بعد ولكن ان تخبره هذا بكل صراحة حطم قلبه …وللمرة الثالثة ..للمرة الثالثة ترفضه وتحـ.طم قلبه…
ولكن لا يعرف لماذا تلك المرة كانت قوية للغاية على قلبه …
ضمت نسرين كفها بقوة وهي تنظر إليه …كانت تشعر بالشفقة عليه …وكانت تكر ه نفسها لانها أ.لمته بتلك الطريقة…ولكن ربما هذا أفضل لكي لا يتعلق بها …لكي يتركها قريباً ويتزوج ممن تليق به …
-متزعلش مني يا فؤاد ..دي الحقيقة ..حاولت ومقدرتش …أنا بتمني تلاقي الإنسانة اللي هتقدر تسعدك واحدة احسن مني مليون مرة …أنا مبقاش عندي حاجة اقدمها لحد …أنا حبيت واتجر حت ومش ناوية ادي قلبي لحد تاني حتى لو كان الحد ده انت…
ضغط على كفيه بقوة وقال:
-أنتِ لسه بتحبيه ؟!لسه بتحبي يوسف .
-ايوة لسه بحبه يا فؤاد ومش هبطل أحبه …
ثم ركضت من أمامه..
وبتلك الطريقة قتـ لت الأمل داخله !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تقف أمام المرآة وهي تنظر الى السلسال الذي يزين جيدها …لمعت دموع السعادة بعينيها وهي تتنهد …قلبها يرتعش من السعادة …تشعر انها الأسعد على الإطلاق….ولكن فجأة أنمحت ابتسامتها وهي تفكر بالعقبا ت التي سوف تواجهها…وتفكر بالاخص بجواهر التي حياتها تد.مرت بسببها هي …هي بالفعل تطمئن عنها دوما ورغم أن جواهر تحاول جاهدة أن توضح لها أنها بخير إلا ان عبير تعرف أن جواهر غير صادقة بالمرة ..هي تعاني وعبير تعرف هذا جيداً…المسـ.كينة تقاو م الجميع…تحا رب لكي تنجو …ضحـ ت من أجلها أنه من المؤسف أنها لا تستطيع أن تساعدها…احيانا تشعر عبير أنها أنا.نية للغاية. لأنها لم تساعد صديقتها …
دعكت عبير عينيها بتعب وهي تحاول ألا تنفـ جر بالبكاء …أرادات أن تكون سعيدة للحظة واحدة دون أن تجـ لد ضميرها وهي تثق تمام الثقة أن جواهر سوف تتولى أمرها جيداً…فهي اذكى منها وأقوى منها ..لا داعي أن تشعر بتأ نيب الضمير …
امسكت الحجاب الأسود ولفته.حول رأسها وتممت على لبسها جيداً ..وخبئت السلسال داخل الحجاب …
ثم خرجت لتحية التي تنتظرها وتُجادل ابنائها …
-أنا جهزت أهو ..
نظرت تحية إليها لتتسع عينيها ثم تصفر بإعجاب وتقول:
-الله الله ايه الجمال ده بس يا بيري …
خجلت عبير بينما تفحصتها تحية بإبتسامة …كانت العباءة السوداء تلائمها تماماً وحجابها الذي من نفس اللون ملفوف بطريقة بسيطة ولكن أبرزت جمال وجهها الذي لم تضع به إلا كحل …..
-بجد شكلي حلو …
-أه والله ده أنتِ زي القمر ربنا يحميكي من العين
ثم اقتربت تحية منها وهمست قائلة:
-قوليلي يا بت لبستي السلسلة …
هزت عبير رأسها بخجل لتضمها تحية بقوة وتقول:
-مبروك يا مرات أخويا …مبروك يا حبيبتي …فرحتلك أووي ربنا يتمملكم على خير …يالا بقا عشان نروح السوق سوا وبعدين أفسحك شوية …
هزت عبير رأسها وخرجت معها وهي متحمسة لرؤية أمير
كانت تحية تمسك علي ابنها بينما عبير تمسك كف عمر ويسيران ببطء …ارتعش قلب عبير وهي تمر بورشة أمير …ابتسمت تحية بخـ بث بينما ثبتت عبير عينيها على الأرض وازاحت حجابها قليلا ليظهر السلسال …رآه أمير الذي أشرقت الابتسامة على وجهه ورمقها للحظات بإعجاب …وشغفه القديم بالنساء اللواتي يرتدين العباءات السوداء عاد بقوة ولكنه سيطر على نفسه بسرعة وهو ينظر أرضاً ويستغفر ربه …ابتسمت عبير وأكملت سيرها وقلبها يتراقص داخل صدرها …كانت تشعر أنها تطير …تلمس الغيوم …تشعر بملايين الفراشات تتحرك بمعدتها أنه سحر الحب الذي يجعلها بتلك السعادة …فالعشق نعمة عندما يكون مع الشخص الصحيح ..وأمير هو الشخص الصحيح …فقط تتمنى بقوة أن يسير كل شئ على ما يرام ..
…
بعد أن ابتعدا اتسعت ابتسامة أمير بسعادة وهم يتمتم قائلاً:
-الحمدلله …الحمدلله
………..
بسوق الخضروات …
كانت عبير تنظر الى كل شئ حولها بدهشة …هذا كان شئ جديد عليها كلياً…ابتسمت وهي تسير بجوار تحية …تلك المرأة الطيبة التي تذكرها بجواهر
ما أن خرجا من السوق ..وقفت تحية وهي تقول:
-يووه نسيت الكرنبة عند بتاع الخضار …اقفي هنا يا بيري متتحركيش عقبال ما أجيب الكرنبة ..
هزت عبير رأسها …
…..
بعد قليل خرجت تحية وهي تحمل الملفوف لتتجمد فجأة وهي ترى توأميها يبكون بينما عبير اختفت …ركضت عندهما وقالت:
-فين عبير يا ولاد؟!
تكلم على وقال:
-جه واحد راكب عربية كبيرة وأخدها معاه بالعافية !!!
……….
بعد ساعة ..
في فيلا شريف ….
دفع الرجل الضخم عبير إليه لتقول عبير:
-أنت ازاي …آه .
صرخت عندما صفـ عها شريف بقوة لدرجة انها وقعت على الأرض ..نظر إليها ببرود وقال:
-أبقي قابليني لو طلعتي من هنا تاني !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرج من حمامه وهو يضع منشفة على خصره وتجمد فجأة وهو يراها تجلس على الفراش ..ما أن رأته حتى شهقت بقوة ونهضت وهي تستدير برأسها وتقول :
-ليه بتخرج من الحمام بالشكل ده ؟!
نظر إليها وقال ببرود:
-على أساس ان ده حمامي ودي اوضتي اللي مقروضغ لما تيجي تدخلي تخبطي بس أنتِ عمرك ما هتبطلي تقتـ حمي اوضتي من غير اذن يا ليان …
زفرت بضيق وهي تستشعر بروده وقالت:
-سوري مش هدخل اوضتك بالشكل ده تاني ..أنا خارجة …
وبالفعل كادت أن تخرج من الغرفة مسرعة الا انه امسك ذراعها وقال وهو يتنهد:
-أسف يا ليان مقصدتش اني اضايقك …اقعدي هدخل الحمام البس واطلعلك ونتكلم….
-مش حابة أتكلم ..
قالتها ببرود وهي ما تزال تُشيح بوجهها عنه الا انه اجبرها على النظر إليه بأنه ادارها ناحيته وأحتوى وجهها بكفيه وقال:
-لا هنتكلم …
ابتلعت ريقها وعينيها أسيره عينيه…هزت رأسها بالإيجاب وهي كالمسحورة ليبتسم لها ويبتعد … ثم أخذ منامته دخل للحمام لكي يبدل ثيابه …بينما جلست هى على الفراش بقلب خافق
…
بعد قليل خرج إليها وهو يرتدي منامته بالكامل ..شعره مبلل ويلتصق بجبينه…شكله هذا جعل دقات قلبها تتسارع …اقترب وجلس بجوارها وهو يقول :
-ها اتكلمي …
أغمضت عينيها وهي تهدئ من دقات قلبها …كان كفها يرتعش وانتبه هو لهذا فأمسك كفها ورفعه لفمه ثم قبله بلطف وقال برقة:
-ليان حبيبتي اتكلمي ايه اللي مضايقك
-موسى أنا من حقي اعرف حاجة عن الماضي بتاعك ..مش معقول الغموض اللي أنت فيه …أنا دايما حاسة أنك مخبي عني.حاجة ورافض تقولها…حاسة أنك خايف…
ارتبك موسى وقال:
-طيب ممكن نأجل الكلام شوية عشان ا…
ولكنها قاطعته وقالت بينما الدموع تتصاعد لعينيها ؛
-لا لا يا موسى مش هأجل حاجة …انت لازم تفهمني فيه ايه ؟!لازم تقولي الحقيقة …مين البنت اللي معاك دي ؟!مراتك.مش كده ..أنا وشوفت صورتها قبل كده معاك برضه وهي راحت فين…ايه اللي حصل في حياتك وخلاك بالشكل ده …قولي يا موسى انت ليه مخبي عليا …
-مش قادر اتكلم يا ليان مش قادر اتكلم قدري تعبي بقا وبطلي زن.لما أبقى مستعد هقولك اللي حصل لكن دلوقتي أنا مش هقدر.أتكلم …
نظرت إليه وقد احتشدت الدموع بعينيها وقالت:
-تمام متتكلمش خلاص يا موسى براحتك …
انسابت دموعها ومسحتها بسرعة ثم أكملت :
-أنا مش هقدر أكمل بالطريقة دي …أنا عمري ما خبيت عنك حاجة …فمش عدل تخبي عني حاجة ..لما تحس أنك عايز تتكلم أنا موجودة ..لكن غير كده لا يا موسى ..
ثم كادت أن تذهب من امامه الا انه شدها إليه وعانقها من الخلف ثم اسند رأسه على كتفها وقال:
-هتسيبيني بعد ما علقتيني بيكي ؟!
-أنا حبيتك يا موسى واديتلك كل حاجة قلبي وثقتي وحياتي لو عايز بس مش عدل ان حد بيدي وحد يأخد كده علطول العلاقات لازم يكون فيها أخذ وعطاء …
ادارها إليه وهو ينظر إليها بعمق …جذب كفها ثم أجلسها على الفراش …سيقول لها الحقيقة..رغم معرفته انه قد يخـ سرها …
أغمض عينيه بقوة وشد على كفها وقال:
-روان ..اسمها روان وكانت مراتي..اتجوزتها …
ارتعشت شفتي ليان وكادت أن تبكي الا أن موسى أكمل:
-وما تت …ما تت هي وحامل في ابني…
-ما تت ازاي ؟!
قالتها ليان بنبرة مرتجفة ليرد هو :
-أتقـ تلت …بأ بشع طريقة ممكن تتصوريها …رجعت من البيت لقيت جسمها واقع على الأرض من غير رأس ..وراسها ..
أختنق صوته وانسابت دموعه وقال بنبرة باكية :
-رأسها كانت معلقة في مروحة السقف !!!
وضعت ليان كفها على فاها بصدمة ثم ابعدت كفها وقالت:
؛مين قتـ لها ؟!
-العصا بة اللي أنا كنت عضو فيها يا ليان هما اللي قتـ لوها!!!!
-أنت كنت مجر م؟!
سألت مصدومة ليرد هو :
-لا كنت أنا الضابط!!
يتبع….
(طعنة في القلب )
وأصبح العشق جريمتي وأنا المجرم وها قد نلت عقاب الحرمان
#سولييه_نصار
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ضابط!!!
رددت بذهول ثم أكملت وعينيها متسعة بقوة :
-أنت كنت ضابط !!
نبرتها كانت متشبعة بعدم التصديق…كانت حقاً مصدومة ولا تصدق الأمر …كان موسى صامتاً ينتظر أن تتجاوز صدمتها …جذبها من كفها ثم أجلسها على الفراش وهو يتأملها جيداً بينما يغر ق أكثر في التفكير …هل ستتفهمه …هل ستصدقه ام أنها ستشـ مئز منه ومن ماضيه وتتركه …ستراه كو.حش كما رأته روان …ولكنه لم يخبر روان الحقيقة كاملة …لم تأتي الفرصة من الأساس ليخبرها كل شئ ….
-جاهزة تسمعي كل الحكاية من غير ما تكر هيني أو تسيبيني…. من غير من نظرتك ليا تتغير…أنا مش هتحمل لو كر هتيني يا ليان …جاهزة تسمعي اي حاجة هقولها؟! …
كانت ما زالت مصدومة وهي تنظر إليه …ابتلعت ريقها وقالت :
-جاهزة…
وهي في الواقع لم تكن بل كان قلبها ينتفض بقوة شديد …ولكنها كان يجب أن تسمع …يجب أن تفهم لا تريد أن يكون بينهما أسرار بعد اليوم ..
-أتكلم يا موسى وقول أنا جاهزة أسمع ….
مهما يقوله ستحاول تقبله …تنهد موسى وبدا وكأنه انغلق عن نفسه وشرد بالماضي . نبرته كانت مرتجفة وهو يقول :
– من ست سنين … كنت ضابط شرطة ..كنت ناجح في شغلي متجوز من روان حب حياتي مكانش عندي غيرها اهلي ما توا من صغري وعمي اللي رباني وبعد جوازي بسنة ما ت هو كمان …مكانش ليا اي حد الا روان وأحمد..وأحمد ده كان اعز صديق عندي …كان ابن عمي…كان عيلتي التانية أنا وروان …كان ضابط زيي ..جرئ مبيخافش من اي حاجة …كان شجاع اكتر مني …
ابتسم بشرود بينما الدموع بدأت تحتشد بعينيه وأكمل بنبرة مرتجفة :
-كان شغال في فرع المخدرات …كان بيلاحق عصابة كبيرة …وللأسف عشان مكانش بيقبل رشاوي وكان مخلص في شغله وبسبب كده اتقـ.تل !!!اتقـ تل بد م بارد وانها رت أنا…حسيت بفراغ كبير في حياتي …كنت حزين وغاضب…عايز اعا قب اللي قتـ لوه بأي تمن ..عشان كده اتنقلت فرع المخد رات وقررت أنا اللي احا رب العصابة دي بطريقتي أنا …دخلت وسطهم وبقيت قيصر …كنت مصمم اقتـ لهم واحد ورا التاني ..كنت بوقع بينهم …قدرت ابقى مقرب من رئيس العصابة ..كنت بقنعه أن اللي معاه خا ينين وكنت بقتـ لهم بإيدي ..كنت بأخد حق احمد ….بس للاسف اتكشفت..اتكشفت بطريقة بشـ.عة …صاموئيل كشفني يا ليان ..كشفني ودفعت أنا الثمن ..والثمن كان مراتي قـ تل مراتي وابني في بطنها ..ود مر حياتي !!!
وضع موسى كفه على وجهه واجهش بالبكاء …كانت ليان تبكي وهي تنظر إليه ثم ابعد وجهه وأكمل بنبرة كلها حـ قد :
-وقتها أنا سيبت شغلي في الشرطة وكرست نفسي انتقـ م منه …قتـ لت أبنه ..حر قت قلبه زي ما حر ق قلبي …وبعدين هر بت ..سيبت البلد اللي كنت فيها وجيت هنا عند عدي اللي كان صاحبي من زمان ..اللي كان عارف قصتي ووقف معايا وشغلني عنده وقابلتك يا ليان ..قابلتك وانا كنت مقرر اني محبش تاني بس روان …بس حبيتك يا ليان …حبيتك وخايف اخـ سرك …خايف …أنا لما بقيت وسطهم كنت شايف نفسي و حش. ..مش بني آدم أنا بقيت اقـ تل بدم بارد زيهم …كنت شايف نفسي إنسان معندوش قلب ميلقش بيكي بس دلوقتي أنا عندي استعداد اكون انسان من جديد بس متسبنيش …متسبنيش …
نهضت ليان وهي تهز رأسها بذهول …نهض هو أيضا ..
-ليان …أنا …
قالها موسى وهو يراها تبتعد عنه …كانت عينيها مشبعة بالدموع …لا تصدق ما سمعته للتو …كان يريد الإنتقا م فتحول لقا تل !!!رغم أن له أسبابه الخاصة ولكن الفكرة ذاتها جعلت معدتها تتلوى من الأ لم….
-أنا رايحة اوضتي ارتاح شوية …
قالتها بنبرة متصلبة قليلاً وثم كادت أن تذهب امسك كفها وقال بعذاب:
-ليان أنتِ هتسيبيني ؟!!…
لم ترد عليه وركضت لغرفتها وهي تبكي بعـ نف بينما جلس على الفراش بإنهيا ر وهو يتذكر كلمات روان أنه و حش …لا بد أن ليان تراه أيضا بتلك الطريقة !!!!!
انتفض عندما فُتح الباب فجأة وظهرت ليان وهي تبكي وقالت:
-مقدرش اسيبك …
ثم اندفعت إليه لتعانقه بقوة وهي تبكي وقد شعرت أن ذراعيه هي الوطن !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أمير !!!
كان هذا صوت تحية الذي أختر ق أذنيه بقوة ….خرج أمير من أسفل السيارة …ملابسه متسـ.خة قليلاً…غار قلبه في جسده وهو يرى شقيقته تنظر إليه برعب …وعينيها رطبة بفعل الدموع !!!
نهض واقترب منها …كان لهاثه يصم أذنيه ….ادخلها داخل الورشة هي وتوأميها وقال :
-فيه ايه يا تحية ؟!
ثم قال بنبرة أكثر ر عباً .:
-فين عبير !!.
-معرفش يا أمير …معرفش …أنا روحت السوق اجيب حاجة وسيبتها مع الولاد ولما رجعت قالوا إن اتنين اخدوها بالعا فية من السوق وركبوها عربية …أنا هتجـ نن يا أمير …البنت اتخـ طفت كده من وسطنا …مين ممكن يعمل كده …
-أبوها…أبوها قدر يوصلها ….أبوها هو اللي أخدها …
تمتم أمير وهو يجلس أرضا …عينيه الذهبية لمعت بفعل الدموع …كان يشعر بقبضة باردة تضغط على قلبه … كان يشعر الأ لم …الأ لم شديد …لقد خسـ.رها…فشل في حمايتها من والدها …لن يسامح نفسه أبداً!!!!
نظر إلى تحية الشاحبة وقال:
-أعمل ايه يا تحية …أعمل ايه ؟!البنت اللي وعدتها أني أحميها دايما فشـ لت أحميها …فشـ لت وهي دلوقتي في ايدين أبوها …أنا فشـ لت …فشـ لت …
هزت تحية رأسها وهي تبكي …كانت تلك أحد لحظات أمير النادرة في الإنهيا ر …كان حقا منها.ر …ضا ئع ويشعر بالذ نب ….
نهض فجأة وهو يقول بإختناق :
-بس لا أنا مش هسكت مش هسكت …أبوها مش هيأذ يها تاني …أنا اللي هقفله المرة دي !!!!
دعك عينيه بتعب وقال:
-تليفون عبير عندك صح ؟!
هزت تحية رأسها بالإيجاب فابتسم وقال:
-كويس …كويس أووي …
……
بعد قليل ….
وصلا إلى منزل تحية أمسك أمير هاتف عبير وشكر الله لانه لم يكن عليه كلمة مرور …ضغط على الأسماء وبحث عن أسم جواهر وتنهد براحة عندما وجده ..اتصل بها وقلبه يدوي داخل صدره …..
……….
كانت جالسة بالحمام تدخن سيجارتها والدموع تسيل على وجنتيها …أنها تتأ لم …ضميرها يجلـ دها بسببه ….كلما أرادت أن تخبره الحقيقة تتراجع …نعم هي خائفة جداً …والخوف ليس بسبب السـ جن فقط ولكنها تخاف أن تفقده …لن تنكر الأمر بعد الآن هي تحبه …تحبه كما لم تحب أحداً من قبل …ارتكبت اكبر خطأ في حياتها وأحبته وتعرف أنها سوف تعاني بسبب هذا الحب …سوف يتمز ق قلبها …
أجفلت قليلاً عندما رن الهاتف ونظرت بجانبها لتجدها عبير …مسحت دموعها وردت على الهاتف بثبات :
-أيوة يا بيري…
عبست بشدة وهي تستمع لصوت رجل !!!
…..
-آنسة جواهر أنا أبقى أمير اللي قالتلك عليه عبير …
ارتجف قلب جواهر وقالت:
-بيري حصلها ايه ؟!!انت بتتصل من تليفونها ليه ؟!!
كانت الرعب يملأ نبرتها…عينيها متسعة بفزع ومئات الأفكار السـ يئة تعصـ ف بعقلها ….
تنهد أمير عبر الهاتف وقال :
-للأسف أبوها قدر يلاقيها وأخدها …
-يا مصيـ بتي …
صرخت جواهر وهي تنهض …تطفأ سيجارتها وتصرخ :
-ازاي قدر يوصلها ازاي ؟!!
وخزت الدموع عينيها وهي تشد خصلات شعرها بدون تصديق …كانت تشعر وكأن العالم يضيق بها …لا تصدق الأمر …بعد كل ما فعلته لتحميها وقعت بين يدي شريف …
-آنسة جواهر …يا آنسة …
كان أمير يهتف بإسمها وهو نافذ الصبر …هو أيضاً بدا وكأنه يغلي على مر اجل من الجـ حيم …لن يتحمل انهيا رها الآن …
-أنا معاك …
قالتها جواهر بصوت مختنق …
-أنا هروحله وأطلعها من هناك بس عايز اتأكد انها في الفيلا اللي عايش فيها ولا نقلها حتة تاني …
هزت رأسها وهي تمسح دموعها وقالت:
-لا لا أنا اللي هتصرف في الموضوع …
-آنسة جواهر لو سمحتي !!!
هتف بإعتراض لترد هي بحزم :
-أستاذ امير أنا اللي هتصرف في الموضوع ده متقلقش …أنا هعرف اضغط على شريف ازاي متقلقش أنت وانا هبقى اتصل بيك واقولك أنا عملت ايه …
كان متردد للغاية ولكن بقليل من التفكير أدرك أنها ربما تستطيع فعل شئ فهو لن يستطيع أن يقـ تحم المنزل ويأخذها من والدها وإن بلغ الشرطة سوف تقع جواهر في ورطة كبيرة وتلك الورطة قد تنال من عبير أيضاً…ما تلك المصـ يبة !!!…مسح وجهه بعنـ.ف وقال :
-طيب ماشي بس بشرط لو فشـ لتي أنتِ انا اللي هتدخل وهجيبها بأي طريقة ماشي…..ودلوقتي استناكي فين عشان أروح معاكي ….
-يا استاذ أمير ..
اعترضت بملل مرة آخر ولكنه قال :
-يا آنسة أنا مستحيل أسيب عبير أنا وعدتها أني دائماً هحميها…أنا هاجي معاكي وهفضل برا عشان لما تطلعي عبير أخدها أنا ولو فشـ لتي أنا اللي هتدخل
-أنت انسان عنيد اووي …
-يمكن اكون عنيد بس أنا وعدتها أني أحميها وللاسف فشـ.لت وقدر يوصلها فأنا دلوقتي لازم أرجعها مقدرش اسيبهاله …اديني العنوان اللي هستناكي عنده لو سمحتِ …
هزت رأسها بيأس وهي تملي له العنوان …وقد تيقنت الآن أن هذا الشاب هائم بعبير …يعشقها بإخلاص وبصدق …أنه مهووس بها كما أصبحت هي مهووسة بعدي …فكرت بُحزن
…..
أغلق أمير الهاتف وهو يستعد للذهاب…امسكته تحية وقالت:
-خلي بالك من نفسك يا أمير …..
هز أمير رأسه مبتسماً ثم ذهب لكي يبدل ثيابه ويجلب عبير
……….
وضعت كفها على وجهها وهي تنظر إليه برعب …الدموع بدأت تتجمع في عينيها بينما ينظر إليها هو بشـ ر ….عينيه السوداء كانت تشتعل بالنير.ان …يضغط على كفيه بقوة …تلك المشاغبة كلفته الكثير …قلبت حياته رأساً عن عقب …لو تزوجت هي عدي كان الآن سيكون بأحسن حال …كانت ستبقى ابنته زوجة عدي رشيد وسوف يستفيد هو من عدي وأمواله ….كان سيسامحه عدي بالتأكيد على فعلته القديمة وكانا سيكونان حلفاء ..وقد يجعله شريك بأعماله ..كل هذا كان سيحدث لو لم تهرب أبنته الغبية تلك …لقد د مرت أبنته كل شئ …كل شئ …
جذبها من شعرها وهو يقول :
-د مرتي كل حاجة …كل حاجة !!!!
ثم صفـ عها مجدداً…سالت الد ماء من فمها بينما أسرت دموعها بقوة في عينيها …لم تريد أن تريه ضعفها …كانت تتحداه …لم تعد تخاف منه …لم تعد تهابه…أو تحبه اصلا …لقد نجح والدها في محو أي مشاعر له من قلبها …نجح بالفعل ….
-ده حقي …أنا مش هسمحلك تمشي حياتي زي ما أنت عايز …غلـ طت مرة وصدقتك وجيت معاك من فرنسا …بس ده مش هيتكرر تاني يا شريف بيه ..مش هغلط واتجوز عشان أنقذك …وكفاية اووي انك استغـ ليت جواهر المسكينة و….
ضحك بسخرية مقاطعاً كلماتها السامة وقال’
-جواهر مسكينة !!!لا ..لا جديدة دي …جواهر شيطا.نة هي اللي ساعدتك تهربي …أما بقا يا حبيبتي في قصة اني استغـ ليتها فمفيش حد استـ.غل جواهر المسكينة دي قدك …خلتيها تهربك ولبست مكانك وبدل ما تساعديها اختارتي تبقي هربانة وسيبتيها لمصيرها هي ومفكرتيش فيها ….أنا أنا.ني صحيح بس أنتِ كمان أنا نية …اختارتي الهروب وخليتي صاحبتك تقف هي في وش المدفع …فمتعمليش نفسك بريئة…
اختنقت من كلماته ودفعته قائلة ؛
-ما كله ده بسببك …أنت زورت وخليت جواهر هي عبير …وعبير مبقاش ليها وجود خالص …أظهر ازاي ….عارف كان نفسي ابلغ عنك…مكنتش هتردد ادخلك السـ جن …بس للأسف صاحبتي متورطة معاك بالعافية وأنا مستحيل أذيها .. بس هيجي اليوم يا شريف بيه اللي هتتحط في السـ جن وتندم على كل اللي عملته ده وهتشوف. ….
ابتسم بإستهانة وقال:
-ده لو خرجتي من هنا يا حبيبتي !!!
ثم دفعها نحو أحد الرجال وقال:
-تتحبس.في اوضتها…يالا …
سحبها الرجل خلفه بينما هي تصرخ …لم يأبه هو لصرخات ابنته وكأن قلبه تحول إلى حجـ ر بالفعل !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرجت جواهر من الحمام مُسرعة …شكرت الله أن عدي ذهب إلى عمله مبكراً اليوم فهو متباعد عنها قليلاً اليوم …أخرجت بنطال أسود وقميص من القطن زهري اللون وارتدتهم بسرعة …مشطت شعرها ثم أمسكت حذائها وارتدته وخرجت مسرعة ..
..
خرجت من بوابة القصر ..لم تهتم بأن تطلب من أحد أن يقلها بل أخذت سيارة أجرة وانطلقت…
…. .
بعد ثلث ساعة .
نزلت من سيارة الأجرة وهي ترى أمير يقف بجوار الفيلا …
اقتربت منه وهي تقول:
-أنا هدخل دلوقتي أجيبها وأجي …استنى هنا …
-هدخل معاكي
قالها أمير بعناد لتغمض عينيها بنفاذ صبر…هي تكر ه الغبا ء !!
-لا يا أستاذ مينفعش خالص …قولتلك اهدى أنا هتصرف …أبوس ايديك مش عايزين مشا كل زيادة …استنى هنا …
ما أن اطمأنت أنه هدأ قليلاً حتى ولجت للمنزل ….
……..
-شريف ….شريف …
أخذت جواهر تصر خ بها وهي ثا ئرة …شعرها يتأرجح بقوة والنيرا ن تندلع من عينيها …
-وطي صوتك ..ده بيت محترم مش زر يبة …
قالها شريف بهدوء وهو يطالع جريدته …كان جالساً على الأريكة بكل راحة …يمسك جريدة وبجواره فنجان قهوة …كان قناع من الجليد يغطي وجهه….كان عكسها تماماً ..هي تشـ تعل وهو جالس بكل هدوء …يطالعها ببرود …
-فين بيري ؟!!
ابتسم ساخراً وقال:
-السؤال ده مفروض أنا أسأله يا جواهر مش أنت …أنتِ اللي ساعدتيها تهر ب صح ؟!مفروض تكوني عارفة مكانها مش جاية تسأليني أنا !!!
اقتربت منه وهي تشتـ عل …اختطفت الجريدة وازاحت فنجان القهوة حتى وقع أرضا وانكـ سر لمائة قطعة …
نظر إليها مبهوتاً وسرعان ما تحول بهوته لغضب فنهض ورفع كفه ليصـ فعها الا أنها أمسكت كفه بقوة وقالت:
-لا يا شريف بيه …فكر مليون مرة قبل ما تعمل كده …فين بيري ؟!! انطق فين ؟!
دفعت كفه وقالت عندما وجدته صامت لا يتكلم ؛
-طيب أنا هدور عليها هنا !!!
ثم أخذت تصر خ:
-عبير …فينك !!!
اتجهت للدور العلوي لتتسع عيني شريف وهو يرى جنونها المفاجئ …ذهب خلفها وهو يصرخ بها :
-أنتِ يا بنت تعالي هنا !!!
ولكن جواهر لم تهتم …لم تهتم أبداً وهي تتجه إلى غرفة عبير …لتجدها مغلقة …ضر بت على الباب بقوة وهي تقول:
-عبير أنتِ هنا ؟!
لتسمع صوت أنين خافت ثم دقة خفيفة من الداخل ونبرة ممز قة بفعل البكاء:
-جواهر ..جواهر الحقيني….
حاولت فتح الباب ففشلت تماماً …
كادت تصر خ في شريف الذي أتى خلفها إلا أنه امسك ذراعيها وهو يهزها بقوة قائلاً:
-أسكتي …أسكتي ممكن تخر سي شوية !!!!أنتِ فاكرة نفسك مين يا بت أنتِ …هي بلطـ جة يا روح أمك …
دفعته وصرخ به :
-أيوة بلطـ جة يا شريف وأقسم بالله لو مخرجتش عبير دلوقتي لأفتح عليك ابواب جهـ نم انت فاهم …عبير تطلع….طلعها يا شريف ؛!!
-مش هطلعها…وأعلى ما في خيلك اركبيه يا جواهر …واتفضلي امشي برا …برا بدل ما اخليهم يرموكي زي الكـ لبة برا الفيلا …يالا اخرجي من بيتي …
أمسك ذراعها وجذبها خلفه إلا أنها دفعته بقوة ثم أمسكت هاتفها وقالت:
-هقول.لعدي الحقيقة .
-نعم!!!
صر خ بصد مة ..لتبتسم هي بشـ ر وتقول:
-هقوله الحقيقة …كل الحقيقة يا شريف …هقوله انك زو رت الورق واني أنا مش عبير …وانك بعتني عشان اسر ق الشيكات منه …هد مرك يا شريف …هد.مرك !!!
ابتسم بسخرية وقال:
-طيب ما أنتِ كده هتدخلي السجن معايا يا جواهر …هنونس بعض …
-ميهمنيش …والله مبقاش يهمني ..اصل في الحالتين أنا خسرانة …أنا حياتي اتد مرت بسببك ..مش هسيبك تد مر حياة بنتك المسكينة دي …عبير هتطلع من هنا وفي اليوم اللي هجيبلك فيه الشيكات هتسافر فرنسا وتبعد عنك …تبعد عن جبرو تك …
-مش هتقدري تعملي حاجة يا جواهر…أنتِ جبا نة…
لمعت عينيها بالدموع وأفلتت من شفتيها ضحكة مريبة وقالت ودموعها تنساب من عينيها :
-جربني ..
ثم ضغطت على زر الإتصال …وقالت:
-خلينا ننهي المسرحية دي …أنا وأنت وعبير الحقيقية هنا…البوليس مش هيتعب خالص وهو بيقبض علينا ….
-يا مجنو نة!!
صر خ بفز ع وهو ينتشل منها الهاتف ويغلق الخط …كان ينهت بعنـ ف …لا يصدق أنها قد تتجرأ على هذا ولكن واضح من عينيها أنها لم تعد تخاف من أي شئ …ما الذي غير جواهر بتلك الطريقة ….
مسحت جواهر دموعها وقالت:
-خرجها …خرجها يا شريف عشان مش أوريك الجنا.ن الحقيقي ….خرجها !!!
-تخرج فين ؟!دي بنتي !!!!
صرخ بها لترد ؛
-عمرها ما كانت بنتك …انت عمرك ما كنت اب كويس ليها …أنت بلاء يا شريف …بلاء على اي حد دخلت حياته …خرجها والا اقسم بالله اهد الدنيا عليك …اكيد مش عايز تتفـ ضح وتدخل السجـ.ن ..سمعتك هتبو ظ اكتر ما هي با يظة…
ابتلع شريف ريقه …تلك المجنو نة كانت بالفعل على استعداد لتخر يب كل شئ …
أخرج المفتاح من جيبه وأعطاه لها …
تنهدت وهي تفتح الباب لتخرج عبير التي كانت تستمع إلى كل شئ وتضم جواهر إليها وهي تبكي …
ضمتها جواهر بقوة وقالت:
-أنا هنا …أنا هنا ..
ثم ابعدتها عنها قليلاً واتسعت عينيها وهي ترى اثر صفـ عة شريف لها …نظرت إلى شريف بقر ف وقالت :
-وبتقول أنها بنتك؟! انت أب أنت ؟!انت شيطا ن …
تنفس بغضب وقال:
-من غير ما تقولي محاضراتك في الأخلاق اللي أنا مش مستعد خالص أسمعها ياريت تنجزي في حوار انك تجيبي الشيكات ..مش قادر اصدق انك لحد دلوقتي مقدرتيش تخليه يحبك ..دي كارمن طلعت أذكى منك ….
زفرت بضيق ولم ترد عليه …سحبت عبير خلفها وغادرت المنزل دون أن يجرؤ أحد على منعها …شريف من الأساس لم يصدق أنها استطاعت فعل هذا به …ولكن خوفه من عدي جعله يخضع ويترك عبير من الأساس هو لا يحتاج بها الآن …جواهر هي ورقته الرابحة !!!
……..
فغر أمير فاه وهو يجد جواهر تخرج بعبير …دعك عينيه وهو لا يصدق …حقيقة هو كان متأكد أن جواهر سوف تفشـ ل في إحضارها ولكن الفتاة وفت بوعدها وأتت بها ..أتت بحبيبته …عبس أمير بينما عبير تقترب أكثر وتتضح تلك العلامة الحمراء التي على وجنتها ..اقترب منهما وقال:
-مال وشك ؟!
نظرت إليه عبير بشوق وقالت بإبتسامة :
-مفيش يا أمير …
-هو ضر بك ؟!
قال بنبرة مختنقة فردت جواهر :
-ربنا يجازيه على عملته دي المهم خلينا نبعد عن هنا شوية عشان نتكلم .
هز أمير رأسه وقال:
-ماشي يالا …
ثم أوقف سيارة أجرة وانطلقوا بها ….
…….
قُرب الحي الذي يسكن به أمير …
وقفت جواهر معهما وقالت:
-بصوا كده شريف مش هيقدر يعملك حاجة يا بيري يعني متخافيش…هو حاليا محتاجني أنا…يعني انتِ في السليم …
نظرت إليها عبير بشفقة وقالت:
-وأنتِ هتعملي ايه يا جواهر…في كل الأحوال هتتكشفوا ووقتها عدي مش هيرحمكم …
-ربنا هيسترها بإذن الله متفكريش فيا أنا ..خليكي هنا لحد ما اقدر اخلص اللي عايزه شريف ووقتها هتبقي حرة ..أنا همشي دلوقتي سلام …
ثم.كادت ان تذهب ولكن عبير أمسكت كفها ثم عانقتها وقالت بنبرة مختنقة :
-أنا لو كان عندي اخت مكانتش هتعمل معايا كده …شكرا ..شكرا أووي يا جواهر…
ابتسمت جواهر وربتت على ظهرها وقالت:
-خلي بالك من نفسك يا بيري ….هكلمك دايما ..
ثم ابتعدت عنها وذهبت
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان بمكتبه …شارد يفكر بها …يفكر في الطريقة التي تبتعد بها عنه …لماذا تبتعد بذلك الشكل …أنه يتألم…لقد أعترف لها وهي مصرة على التخلي عنه …
دعك عينيه بتعب وهو يفتح الملفات ليراجعها …لن يمسح لأي أحد أن يعطله.عن عمله ولا حتى زوجته….
اتصال هاتفي أتاه من السكرتيرة الخاصة به تخبره أنه هنا !!!هذا الذي قا طعه منذ زمن !!!!
…..
بعد قليل ولج جمال صفوت الى المكتب …رجل في الستينات من عمره يرتدي حلة سوداء ويظهر عليه الثراء والرقي …
-ازيك يا عدي …
ابتلع عدي ريقه وقال:
-خالي …
رفع الرجل حاجبيه وقال:
-آه خالك …خالك اللي اختارت تقاطعه عشان واحدة!!!
أقترب عدي منه وقلبه يدوي داخل صدره…كان يريد احتضانه ولكنه متردد ابتسم الرجل ابتسامة لطيفة وقال:
-احضنني يا واد أنا مش هاكلك…
ضحك.عدي براحة ثم ضم خاله بقوة وعينيه دامعة ….لا يصدق أنه يوماً وقف بوجه خاله من أجل أمرأة وتلك المرأة خذ لته بقوة …تلك حطـ مت قلبه ….
-وحشتني يا عدي …وحشتني اووي …
:وأنت كمان يا خالي ..سامحني …سامحني على اللي حصل منه …
-الأب مبيشلش من عياله يا عدي …وانت ابني وانا عمري ما زعلت منك ..خلاص محصلش حاجة يا ولد …
ابتعد عدي عنه وابتسم براحة وقال:
-تعالى اقعد يا خالي وارتاح ….
جلس جمال على المقعد المريح بينما جلس عدي في المقعد المقابل ..
-هطلبلك الليمون بالنعناع اللي بتحبه يا خالي ..
قالها عدي وهو يرفع سماعة الهاتف الا أن جمال أوقفه وقال:
-مش وقته يا عدي عايزك في حاجة مهمة خالص …مش عايزين اي حد يعطلنا !
عبس عدي ونظر إليه وقال:
-خير يا خالي فيه ايه قلقتني ايه الموضوع؟!
ظل جمال صامتاً يحاول أن يرتب كلماته لكي يتصرف عدي في هذا الوضع …كان يريد أن يحذر عدي مما ينويه عمه ..فمهما حدث بينه وبين عدي لن يتخلى عنه …هو بمثابة ابنه …فبعد وفاة والده هو قرر أن يكون الأب في حياة عدي …قرر أن يساعده لكي ينجح عمله وبالفعل نجح وسيظل يساعده حتى النهاية
….
-خالي قلقتني قولي فيه ايه ؟!!!
قالها عدي بقلب يرتجف …عرف أن الموضوع خطـ ير فجمال يبدو عليه التوتر …
-حسان رشيد جالي البيت !
غار قلب عدي داخل صدره …حسنا كان متوقع الأمر …:
-كان عايز ايه ؟!.
قالها عدي بنبرة حاول إخراجها متصلبة ولكنها خرجت مرتعشة …
-عايزني اقـ تل ليان …
تلك صدمة آخرى اصابته…هل أصبح عمه خسـ يساً لتلك الدرجة …هو لا يصدق أبداً …
تنهد جمال وهو يشرد ويحكي لعدي كل تفاصيل لقاؤه بحسان رشيد !!!
………..
-ايه اللي جابك يا حسان بيه هنا؟!
قالها جمال وهو يلج إلى غرفة الضيوف الكبيرة حيث يقبع حسان …ابتسم حسان ونهض قائلاً:
-وهي دي برضه معاملتك للضيوف يا جمال …أخص …ده انا حتى سمعت انك بتكرم الضيف مش بتهـ ينه …
جلس جمال بدون مبالاة وقال:
-على حسب الضيف يا حسان…فيه ضيوف مبيكو.نش مرغوب فيهم بس معندهمش كرامة بيجوا وخلاص …ابتسم حسان له ابتسامة صفراء …هل ظن أن كلماته السا مة سوف تؤثر بحسان …حسناً هو مخطئ تماماً…هذا الرجل ليس لديه اي كرامة أو كبرياء …رجل خبـ يث …وجمال لم يحبه يوماً…
-اووه.كـ سرت قلبي يا جمال …ليه يا راجل كده ده حتى أختك الله يرحمها كانت عزيزة على قلبي ..كانت مرات اخويا …
-انجز يا حسان عايز ايه ؟!
قالها جمال بملل وهو ينظر إليه …يريد أن يعرف ما سر تلك الزيارة ..فهو أبداً لن تكن علاقته جيدة بحسان ….
-أنت مش ناوي تأخد بتا ر اختك يا جمال ؟!
رفع جمال حاجبيها وقال :
-تار اختي؟!ليه مالها اختي ما تت مو تة طبيعية …مو تة ربنا هاخد تارها ليه ؟؛
ابتسم حسان بخـ بث وقال؛
-أقصد تارها من اللي كـ سر قلبها يا جمال …الست اللي سر قت جوزها منها وخلفت منه …ا
تفتكر مش لازم تاخد تا ر اختك …
نظر إليه جمال بسخرية وقال :
-اختي ذات نفسها كانت موافقة على جوازة جوزها يبقى أنت ايه مشكلتك يا حسان…ليه بتدور ورا الموضوع …لسه عايز ليان برضه …..يا راجل سيبها في حالها حرام عليك …هي مش ذ نبها حاجة ومعملتش أي حاجة !!!
اتسعت عيني حسان بغضب وقال:
-لا يا جمال …البت دي لازم تمو ت …اخويا خذلني واتجوز واحدة عمها قتـ ل ابويا ….يدل ما ينتـ قم من ابويا بيتجوز منهم!!!
-عمها اتحـ بس واتعد م يا حسان والبنت اللي اتجوزها اخوك ملهاش ذنب. ..كفاية سو اد يا حسان …متد مرش نفسك واعرف ان ليان بنت اخوك زي ما عدي ابن اخوك يعني مينفعش تأذ ي اي حد منهم …
نهض حسان وقال:
-لا البنت دي لازم تمو ت …ولو انت مش هتساعدني أنا عندي اللي هيساعدني …هقتـ لها وأحسر عدي عليها لانه اخد صفها اتخلى عن عمه عشان خاطرها….البنت دي مش من عيلة رشيد ..البنت دي د.مها نجـ س زي امها …زي عيلتها!!!
نهض جمال وقال:
-اطلع برا يا حسان وربنا يعينك على نفسك …ربنا يعينك على الغـ ل اللي جواك اللي هيجي في يوم ويقتـ.لك….روح يا حسان روح وحاول تطهر قلبك قبل ما تندم على ده كله لما تلاقي نفسك خسرت كل حاجة …لما تلاقي نفسك في السـ جن !!!
ابتسم حسان بسخرية وقال:
-معنديش مانع اني اتسـ جن مادام البنت دي هتمو.ت …هي بس تمو.ت وانا مستعد اتسـ جن على الأقل ابقى اخد تا ر ابويا …
ثم غادر تاركاً جمال يفكر أن بالتأكيد حسان يعاني من مرض عقلي …ما يقوله غير طبيعي بالمرة !!
…..
انتهى جمال من الكلام ليضر ب عدي على المكتب بغضب ويقول :
-طيب أنا أعمل ايه في الإنسان المر يض ده يا عمي.!!!انا تعبت منه ومن تصرفاته …هو عايز ايه بالضبط …عايز ايه ؟!!أنا في يوم هنسى أنه عمي واقـ تله …
-هو باين عليه أنه إنسان مش طبيعي …
هز عدي رأسه موافقاً وقال:
-ايوة عندك حق يا عمي …هو كده فعلا …ومن زمان كمان …انسان كله حـ قد وغـ ل …انسان مخـ تل عقليا …لولا أنه عمي كنت قتـ لته من زمان …مش كفاية معيشني في ر عب بسبب ليان …بس امسك دليل عليه أنه عايز يأذ يها لأحبسه ووقتها مش هيعرف يخرج تاني …
تنهد جمال بتعب وقال:
-لا إن شاء الله الأمور متوصلش للدرجادي وتقدروا تحلوها.ما بينكم يا عدي …متنساش ده عمك …وبرضه صعب شوية يتقبل ليان وهي بنت واحدة عمها قتـ ل أبوه…
-بس ليان ملهاش ذ نب يا خالي …ملهاش ذ.نب ..حرام البنت اتحر مت من امها بدري وبعدين ابوها ….يعني هي مش ناقصة …
شد جمال على كف عدي وقال:
-حاول تحلها بينك وبينه …اتكلم معاه يا عدي …على فكرة هو بيحبك …
ابتسم بحزن وقال:
-مظنش يا خالي …لو بيحبني ميأ ذيش ليان …ليان هى أغلى حد على قلبي …واللي بيحبني يحبها هي كمان …واللي يحبني ميأذ يهاش …وللاسف عمي حاول كتير يأ ذيها بس المرة دي لو لمسها أنا هقـ تله حرفيا !!!مش هسمح ليه يلمس شعره من ليان تاني …ده مستحيل !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يتبع….
بعد أسبوع ….
في أحد عيادات أطباء النساء المشهورين ….
جلست هي على الكرسي المريح وهي تكتب أسماء المرضى …من كان يصدق أنها سوف تعمل هنا !!!…عند جورج حكيم أحد أطباء النساء المعروفين بالبلدة والمعروف أنه يطلب أن تكون السكرتيرة الخاصة به متعلمة ولكنها دُهشت عندما قبل بها …هي تعمل في الفترة الصباحية وراتبها الذي تناله جيد جداً …حتى أنه أفضل من الراتب الذي كانت تناله من المشفي …وحسنا الفضل في هذا يعود ليحيى لن تنكر الأمر …هو من وجد لها هذا العمل وهي تمام الثقة أنه من طلب من جورج أن يعينها بشكل خاص وعلى الرغم من الاذ ى الذي لحقها بسببه هي ممتنة للغاية له ولن تنسى له أبداً هذا المعروف …
تذكرت اللقاء الأخير بينهما ….ذلك اللقاء الذي أخبرته بوضوح أن يخرج من حياتها ما أن تعمل
أغمضت عينيها وهي تشرد بلقائهما الأخير …
…..
هقبله بس بشرط ..
-قولي .
-انك متحاولش تقابلني تاني…عايزاك متحسش بتأنيب الضـ مير واعرف أنك عملت اللي عليك ..ده شرطي ..في اليوم اللي اشتغل فيه تمحيني من حياتك !!
انتظرت بتوجس وهي ترى تعاقب المشاعر على وجهه …الصد مة والحزن والإنفعال سيطروا تماماً على وجهه ……قلبها تأ لم من أجله وتأ لم من أجلها…فكرة أن يغادر حياتها كانت تقتـ لها بالفعل …لن تُنكر الأمر ولكنها هذا أفضل لهما…ولها بالأخص فهي لن تتحمل أن تُها ن من والدته مرة آخرى …لن تسمح لأي أحد بأن ير يق كرامتها …حتى لو كانت معد مة…لا يحق لأحد إها نتها …هي سوف تتمسك بعزة نفسها …كان يحيى ينظر إليها بعمق …يشعر بالضيق من كلماتها ولكن هذا أفضل بكثير …هو سيساعدها لأن ضميره يتعذ ب بسببها ثم يختفي من حياتها وبهذا يكون كفـ ر عن ذ نبه بشأنها …هذا ما أقنع به نفسه ولكن قلبه كان يسخر منه بقوة ؛!!!
-موافق ..
قالها بهدوء ورغم أن هذا كان اقتراحها إلا أنها شعرت با لضيق بسبب موافقته السريعة …عبست ووبخت نفسها … ماذا توقعت؟!هو لا يحبها ليتمسك بها وهذا افضل له ولها ….
رفعت وجهها له …وجهها كان خالي تماماً من المشاعر رغم الأعا صير التي داخلها ..
-كويس اووي ..
قالتها وهي تبتسم ثم أكملت :
-وأنا موافقة على الشغل …
ابتسم لها برقة ليتورد وجهها وتطرق برأسها ثم تقول بخفوت :
-ممكن ترجعني البيت ؟!
-أكيد
……
خرجت من شرودها وهي تتنهد …ها هي منذ اسبوع تعمل هنا مع الدكتور جورج …عندما عرف يحيى برغبتها في استكمال دراستها في التمريض أتى بها إلى هذا الطبيب عله يساعدها في التخصص الذي تنوي عليه …..ابتسمت رانيا بحماس وهي تفكر أنها قد تبدأ من هنا … قد تغير حياتها من هنا ….تعمل وتتعلم وتنسى يحيى تماماً فليس لهما فرصة سوياً ومن يعلم قد تحب مرة آخرى …قد يعوضها الله بشخص مناسب لها …شخص يحبها كما هي ….
رن الهاتف الأرضي للعمل لتجيب بأدب :
-ايوة يا دكتور …ماشي حاضر..
أغلقت الهاتف وهي تشير للمريضة التالية بالدخول بعد أن خرجت من عنده إحدى النسوة …
………
في المساء …
لا يعرف ماذا به ؟!من المفترض أنه وعدها أنه سوف يبتعد عن حياتها …سوف يمحيها من عقله …أقنع نفسه أن ما يشعره نحوها هو تأ نيب الضمير فقط ولكن ها قد مر أسبوع وهو يريد رؤيتها بأي طريقة …صحيح أنه يطمئن على اخبارها دوما ولكن هذا لا يكفيه …لا يكفيه أبداً … تنهد و نهض من فراشه وأمسك هاتفه وهو يتصل بجورج
……..
-أيوة يا دكتور يحيى أزيك ..
قالها جورج وهو ينهض من طاولة العشاء ممسكاً هاتفه ..رفعت زوجته ماريانا عينيها وتتبعته ومسحة من الحزن تسيطر عليها …
-دكتور جورج أسف اني بتصل في الوقت ده ازيك أنت …
ابتسم جورج بود وقال :
-لا يا دكتور عيب أنت تتصل في أي وقت …وأنا أظن عارف انت بتتصل ليه عشان الآنسة رانيا صح ؟!
صمت يحيى بإرتباك وقال:
-لا يا اخي كنت عايز أسلم عليك ..
ضحك جورج بمرح وقال :
-يالا يا بكا ش…المهم يا سيدي الآنسة رانيا كويسة اووي في الشغل وذكية وبتتعلم بسرعة …بنت طموحة أووي هتوصل بإذن الله ..
تنهد يحيى براحة وابتسم وقال:
-أنا مش عارف اقولك ايه يا جورج أنا بشكرك جداً جداً
-يا باشا متقولش كده احنا اخوات مفيش بيننا اي شكر أنا اللي بشكرك عشان جيبتلي سكرتيرة شاكرة زي دي …خلي أنت بس بالك من نفسك ..يالا سلام يا يحيى باشا …سلام…
ثم أغلق الهاتف وهو يجلس على طاولة العشاء وهو يبدأ بتناول طعامه …
-نفسي تعاملني بلطف زي ما بتعامل كل الناس يا جورج …
كان هذا صوت ماريانا المنكـ سر…رفع جورج عيناه ونظر إليها ببرود وقال:
-مش هنخلص من الحوار ده يا ماريانا …خلاص الواحد قر ف …..
تنهدت والدموع توخز عينيها وقالت :
-معرفش أنت ليه بتحاسبني على حاجة أنا مليش ذنب فيها بتحاسبني على أخطا ء غيري ليه ؟!!اتجوزتني ليه مادام مش قادر تحبني ؟!!!
-يووووه الواحد ز هق …
قالها جورج بغضب ثم ألقى المعلقة على الطاولة ونهض قائلاً :
-وأهو يا ماريانا قايم ومش واكل …كلي لوحدك !!!
ثم غادر تاركا إياها تبكي !!! …
…..
ولج جورج إلى غرفته وهو يخـ تنق … اتجه إلى خزانته وأخرج صورة من بين ملابسه لفتاة شقراء بعيني زرقاء كالزمرد ثم مرر أصابعه على الصورة برفق والدموع تتجمع بعينيه…
-وحشتيني يا سيلا ..
تمتم بإ ختناق وهو يضم الصورة
……..
في الخارج ….
كانت ماريانا تحمل أطباق العشاء وتغسلهم …ثم ترتب المطبخ …لم تكن تريد لجورج أن يتذمر فهي تعرفه كم يحب النظام …لذلك تفعل ما تستطيع لكي تعجبه …لعله فقط يحبها ….يغذي أنوثتها…لا تعجبها تلك الحياة الرتيبة ولا العلاقة الباردة بينهما …أنها تحاول بقدر إمكانها ان تجذبه إليها لكي يحبها أو يراها فتفـ شل …سيلا ما زالت بينهما …لم تغادر حياته أبداً …احيانا تند م لأنها تزوجت به …ولكن أحيانا أخرى تظن أن جورج يستحق أن تحاول من أجله….يستحق لكي تحا رب لكي تمتلك قلبه …هي زوجته ويجب أن تكسبه …وتستمر هي في خوض معا رك خا سرة من أجل كسب قلب زوجها وتعود محملة بالجر وح ..والخ اسر دوماً هي ومبرر الحرب أن زوجها يستحق !!
……..
في اليوم التالي ….
كانت تسرح شعرها الطويل امام المرآة وهي تبتسم وتغني :
-طول عمري بقول
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
ولا قلبي قد عذابه، عذابه
طول عمري بقول
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
ولا قلبي قد عذ ابه، عذ ابه
وقابلتك إنت لقيتك بتغير كل حياتي
ما عرفش إزاي حبيتك
ما عرفش إزاي يا حياتي
وقابلتك إنت لقيتك بتغير كل حياتي ..كل حياتي
وقف ياسين أمامها وعلى ثغره ابتسامة رائعة ..عانقها من الخلف ويديه ترتاح على بطنها المسطح وقال وهو يضع قبلة خفيفة على عنقها :
-مين اللي غير حياتك؟! …
أغمضت عينيها وقالت مبتسمة :
-يعني أنت مش عارف ؟!مش عارف انك أنت اللي غيرت حياتي كلها يا ياسين …. أنا بحبك أووي .بحبك اكتر مما تتخيل ..
تورد وجهها وهي تشعر بقبلاته الشغوفة على رقبتها …تنهدت وهي تمسك كفه التي ترتاح على بطنها فجأة فتحت عينيها وتجمدت تماماً وسقط قلبها في قدميها وهي ترى ياسين وقد تحول تماماً …أصبح على !!!
استدارت مسرعة وهي تدفعه عنها بينما بينما حدقتيها متسعة بقوة ….احتشدت الدموع بعينيها ونبرتها ار تعشت وهي تقول :
-أنت ..أنت ازاي جيت هنا ؟!وفين ياسين ؟!
ارتجفت شفتيها ببكاء عندما رأت وجهه قد تزين بإبتسامة رائعة ..
حاول الاقتراب منها إلا أنها تراجعت وهي تقول :
-ابعد عني …ابعد عني …
كانت مشاعر غريبة تعصـ ف بها …مشاعر ظنت أنها قتـ لتها …ظنت أنها و هم …ولكن بينما علي أمامها الآن شعرت بمشاعرها القديمة نحوه تعود بقوة …تصدمها وتخبرها أنها لم تنساه …ارتفع نشيجها وهي تشعر بالإختناق وكأن الغرفة تضيق بها .
-أنتِ مقدرتيش تنسيني لحد دلوقتي يا ورد ولا هتقدري!
قالها علي وهو يقترب منها أكثر …كانت هي تبتعد عنه …تهز رأسها …تنـ كر ما يقوله ولكنها غير قادرة على الكلام …ابتسامته اتسعت وهو يرى العـ جز بوجهها وقال :
-أنتِ لسه بتحبيني أنا …أنا وبس ….
طفرت الدموع من عينيها وهي تتنفس بقوة …تريد أن تنـ كر بقوة ولكن تشعر وكأن أحدهما ربط لسانها ….
صر خة ضعيفة انفلتت من شفتيها وهي تجد أنها اصطدمت بالحائط …نظرت إليه بر عب لتجده حاصرها تماماً…والحصار لم يكن جسدي فقط …هي شعرت أن روحها حوصرت …وقلبها أيضا …
-أبعد…أبعد …
قالتها بنبرة ضعيفة …ثم اتسعت عينيها برعب وهي تراه يرفع كفه ويتلمس وجهها ويقول :
-أنتِ مش عايزاني ابعد …اتحداكي تبعديني عنك …ورد أنا لسه في قلبك !!
كانت تبكي بعـ نف …تشعر أنها مكبلة وهو قريب منها بتلك الدرجة …أنها تختـ نق …تشعر أنها سوف تمو ت …ماذا يحدث معها .؟!تلك المشاعر ما تت منذ زمن …هي تأكدت من هذا … إذن لماذا عادت من جديد …وأين ياسين …لماذا على في منزلهما؟!
-فاكرة مشاعرك ليا يا ورد ..مشاعرك اللي لسه موجودة…أنتِ اتجوزتي صحيح بس مقدرتيش تنسيني ومهما تعملي مش هتقدري تنسيني يا ورد …أنا عايش جوا قلبك …أنتِ مقدرتيش تحبي ياسين ولا هتقدري تحبي حد غيري …
اخذت تشهق بقوة وتقول بصوت متقطع :
-أمشي …أ…أمشي لو سمحت …أمشي !!!
لكنه لم يتحرك بل ظل ينظر إليها مبتسماً …تلك الابتسامة التي جعلتها يوماً تفقد عقلها…تلك الابتسامة التي جعلتها تغرق بحبه …لقد قضت سنوات عمرها كلها وهي تحبه إلى أن أتى ياسين …ولكن اين ياسين الآن ..اين هو …يجب أن يأتي وينجدها ….رباه هي تخـ تنق ..تختـ نق …الغرفة تضيق بها …تأخذ أنفاسها بصعوبة شديدة
اقترب اكثر بفمه منها وهي غير قادرة على منعه ….
…..
-آه …
صر خة هربت من بين شفتيها وهي تنهض من نومها …كانت تلهث بقوة بينما الدموع تغرق وجهها…وضعت كفها على قلبها وهي تتمتم :
-كان حلم الحمدلله …
مسحت وجهها جيداً وهي تنهض من الفراش بكسل تتجه إلى الخزانة وتأخذ منها ملابسها …كانت بحاجة لكي تستحم وتنسى ما رأته في كابوسها المر عب ولكن لا تعرف لماذا تشعر بثقل بقلبها …
…….
بعد قليل …
خرجت ورد من الحمام وهي تجفف شعرها …ترتدي منامة وردية وتمشط شعرها الناعم وهي تتنهد وتفكر بحلمها …لماذا بعد مرور كل هذا الوقت تذكرته …ولماذا لا يغيب عن عقلها الآن ..حقاً ماذا يحدث معها …هي تتصرف بغرابة….هزت رأسها بتعب وهي تُكمل تمشيط شعرها …شهقت بخفوت عندما شعرت بيدي تحاوط خصرها …ابتسمت بإرتباك عندما قبل ياسين خدها وقال:
-ليه مش نادتيني اسرحلك شعرك ؟!…
-أنت مش رايح الشغل ولا ايه ؟!
قالتها مغيرة الموضوع ليرد :
-لا هفضل معاكي النهاردة ….شوية هنروح أنا وأنتِ وياسمين عند أمي نتغدى عنها …وبعدين هسيب البنت عندها وأخدك افسحك فسحة محصلتش …
ابتسمت له ببهوت وحاولت التحرر منه …كانت تختـ.نق وهو يعانقها بتلك الطريقة …
-معلش يا ياسين ابعد شوية عايزة اسرح شعري ….
-هاتي أنا اسرحلك شعرك …
قالها بلطف وهو يحاول امساك المشط الا أنها أبعدت المشط وقالت:
-معلش يا ياسين أنا عايزة اسرح شعري بنفسي …
غمز لها وقال:
-هاتي يا بت اسرحلك شعرك …هعملك تسريحة رابونزل اللي بتقول عليها ياسمين
وبالفعل حاول مجدداً أخذ المشط الا أنها شدته منه وقالت بإنفعال:
-يوووه خلاص يا ياسين قولت مش عايزة …مش عايزة افهم بقا متضايقنيش …
أجفل من انفعالها غير المبرر وقال:
-أنا عملت ايه يا ورد ؟!
أغمضت عينيها تدعكهما بتعب وقالت:
-متزعلش مني يا ياسين أنا مخنو قة شوية ….هرمونات الحمل بتخليني أرمي دبش …
ابتسم وقال :
-يا ستي أرمي دبش براحتك …
ثم اقترب ليقبلها إلا أنها أبعدت وجهها عنه وهي تقول بإرتباك :
-روح شوف ياسمين وانا هسرح شعري …
ظهر الجر ح في عينيه …ورأته هي …لا تعرف ما بها ولكنها تشعر بالإختنا ق …تشعر بالنفو ر منه …
ابتسم ياسين ببرود وقال:
-طيب يا ورد.انجزي احنا مستنينك
ثم ذهب وتركها …
لتستدير هي وتمشط شعرها بينما الحلم الذي حلمته ما زال يسيطر عليها بقوة ……
أغمضت عينيها وتنهدت قائلة:
-يارب ساعدني !!!…
………
خرج ياسين إلى صالة المنزل وهو محتار …ماذا بها …ولما تتصرف بتلك الطريقة…الم تفهم كم جر.حته!!!هو غاضب الآن …غاضب بقوة…أخذ يتنفس بإنفعا ل وهو يحاول أن يفهم ما هي مشكلة زوجته ولم تبعده بتلك الطريقة …لم يرى إلا الفراغ بعينيها لا العشق ولا أي شئ …ارتجف قلبه وهو يشعر بالإختنا ق …مئات الأفكار تعصـ ف به …استغفر ربه وهو يقنع نفسه أنها حامل وهرمونات الحمل أثرت عليها بشكل كبير …
-بابي؟!
اخرجه صوت ابنته من شروده لينظر إليها مبتسماً ببهوت ويقول :
-نعم يا ياسمين …
-ألبس دلوقتي يا بابي عشان نروح لتيتا…
-لا استني شوية كده نفطر وهنروح على الغدا ..
-ماشي يا بابي…
قالتها ثم ركضت نحو غرفتها تاركة إياه غا رق بشروده
…………..
في منزل يوسف ….
-لحد أمتى هتفضل كده يا يوسف ؟!
قالها منير وهو يلج إلى منزل يوسف …اتجه يوسف إلى الأريكة وتسطح عليها وهو يمسك صورة نسرين …
نظر منير الى المنزل المبـ عثر بدون رضا …كان المنزل متسـ خ للغاية … الملابس على الأرض وعبوات البيتزا والمياه الغازية …المنزل كان في حالة فو ضى حرفيا …
نظر منير الى يوسف واقترب منه وقال:
-هتد مر حياتك بإيدك مرة تانية يا يوسف …لحد امتى هتفضل موقف حياتك عشان عيلة صغيرة ..واحدة اصلا علاقتها بيها كان غـ لط تماما …كنت متوقع ايه وانت رايح تحب واحدة قد عيالك …فوق يا يوسف فوق!!!! …
أظهر أخيراً يوسف رد فعل …رفع عينيه لمنير ونهض وقال:
-اطلع برا …يالا برا …
أجفل منير ليصر خ يوسف به :
-قولتلك يالا برا…برا !!!!مش عايز اشوف حد…مش عايز حد يكلمني …حر ام عليكم سيبوني في حالي …لحد امتى هتفضلوا تلوموني !!! …
ثم أخذ يدفعه بقوة لكي يخرج …
-يوسف مالك !!!…
ولكن يوسف كان يبدو وكأنه فقد عقله تماما …أخذ يدفعه بقوة وهو يشـ تم :
-أنا قولت برا …برا سيبوني في حالي بقا …يالا امشي من هنا…مش عايز اشوفك يا منير …مش عايز اشوف اي حد …ابعدوا عني ابعدوا عني !!! …
ثم فتح الباب ودفع صديقه للخارج وأغلق بوجهه الباب ثم انها ر على الأرض والدموع تطفر من عينيه ….أخذ يضر ب الأرض بقبضته وهو يصر خ ويبكي …الأ لم كان ر هيب …يشعر وكأن أحدهما يعتـ صر قلبه بقوة …
-نسرين …نسرين ليه عملتي فيا كده يا نسرين …ليه ….لييييه…ليه كـ سرتيني ليه …بس انت اللي كـ سرتك الاول …أنا اللي كـ سرتك …أنا آسف يا نسرين …آسف!!!
تسطحت على الأرض ودموعه لا تتوقف عن الانسياب…كان يشعر أنه يمو ت …يحس بالإختنا.ق …يخبر نفسه دائما أنه سيعيدها ولكن داخله شئ يخبره أنها لن تعود …وحتى لو عادت لن تعود كما كانت ….لقد أذ اها يعترف بهذا … أذ اها وهو الذي أقسم أنه لن يمسها بسو ء …لقد احتـ قر دوما والدها لانه يؤ ذيها والآن أصبح هو مثل والدها…هو لا يختلف عنه كثيراً …يريد أن يقابلها ويعتذر منها مليون مرة يطلب منها أن تعود إليه …فلا حياة بدونها …هي يمو ت من غيرها …يمو.ت بالفعل …أغمض عينيه ودموعه تنفـ.جر أكثر
…….
خرج منير من البناية السكنية لصديقه وهو يشعر بالحزن عليه …يتأ لم على رفيق عمره …يوسف يد.مر نفسه بنفسه …لا يتقبل أنه خـ سر نسرين …ماذا كان يتوقع لم تكن لتنجح علاقتهما سوياً …هو بعمر والدها والفتاة ما زالت صغيرة …دعك عينيه بتعب ثم أخرج هاتفه وهو يتصل بأحد ما يطلب لقاؤه !!!
……
في المقهي ….
كان كريم يجلس أمام منير ينظر إليه بحيرة ويقول :
-خير يا منير طلبت تشوفني ليه فيه حاجة ؟!
شعر منير أن نبرة صوت كريم متصلبة قليلاً وللحظات تردد ليكلمه.في الآمر ولكن حالة يوسف أصبحت صعبة للغاية صديقه يعا ني ….هو بحاجة للمساعدة ورغم أن منير هو صديق يوسف الا ان كريم أقرب ليوسف منه …
-كريم أنا جاي اكلمك عن يوسف !!
قالها منير فجأة وقد تخلى عن تردده …رأى النير ان تتصاعد بعيني كريم ولكنه لم يهتم …يوسف كان يعاني وبحاجة لمساعدة ورغم ان كريم الآن يكر هه أكثر من أي شئ ولكنه الوحيد الذي سوف يساعده ….
نهض كريم ليذهب الا أن منير أمسك ذراعه وقال:
-كريم هنسيب صاحبنا يعاني بالشكل ده ومش هنساعده …
دفع كريم يده وصرخ به :
-نساعد مين يا منير …اساعد مين …الإنسان اللي ارتبط ببنتي من ورايا وقر طسوني هما الاتنين؛ !!!
نظر منير حوله بإرتباك….أخرج المال ودفع الحساب ثم أمسك كف كريم وجره للخارج وقال:
-ممكن تهدأ….اهدى بس واعرف انك بتتكلم عن بنتك يا كريم ….متتكلمش عنها بالطريقة دي حتى لو كانت غلطا نة !!!
ابتسم كريم بسخرية وقال:
-بنتي …بنتي اللي خذ لتني …كـ سرتني …كانت بتمشي مع صاحبي …
-يا كريم بنتك كانت محتاجة حنانك وملقتهوش ودورت عليه برا …ويوسف انت عارف اللي مر بيه مش سهل …أنا مش قادر اصدق انك مش شايف نفسك غلطان ورامي اللوم كله على بنتك
-لا انا مش غلطا ن….مش غلطا ن يا منير …هي اللي غلـ طت في حق نفسها وفي حقي وأنا مستحيل اسامحها. …ومستحيل اسامح اللي اسمه يوسف ده حتى لو ما ت …متكلمنيش في الموضوع ده تاني لو سمحت يا منير ولا تطلب مني اروح ليوسف …أنا خلاص نهيت علاقتي بيوسف نهائيا …الإنسان اللي يطعـ نني في شر في عمره ما يكون صاحبي يا منير …أنا قطعت علاقتي بيوسف ..قطـ عتها نهائيا ومستحيل اسامحه على اللي عمله !!مستحيل …
تنهد منير وقال:
-يعني كده خلاص يا كريم ..اتخليت عن يوسف خلاص ؟!
-اللي عمله يوسف خيا نة ليا يا منير وانا عمري ما اسامح على الخيا نة…لو سمحت متتكلمش عن الموضوع ده أنت كمان عشان منخسر ش بعض ممكن ؟!…
تنهد منير بتعب وقال:
-اكيد يا كريم اكيد !!
……..
كان متسطح على الأرض وذكرياته مع نسرين تندفع لعقله بقوة ذكريات تدفئ قلبه وتجـ لد روحه في نفس الوقت ….
……
-قول انك.بتحبني .
قالتها نسرين وهي تريح رأسها على كتفه وتغمض عينيها…قلبها يدوى داخل صدرها وتشعر بأ لم غريب….
حاوط يوسف كتفها وقال:
-أنا بحبك يا نسرين …بحبك اووي…اكتر مما تتخيلي..بحبك …
ابتسمت بسعادة بينما وخزت الدموع عينيها وقالت:
-أنت أماني يا يوسف …انت الإنسان الوحيد اللي بحس معاه بالأمان …بحس ان عمره ما هيأ.ذيني …فأوعى تأ.ذيني يا يوسف …عشان خاطري اوعى تأ.ذيني…أنا ممكن امو ت فيها…متبقاش زي بابا …
هز يوسف رأسه وهو يضمها إليه أكثر ويقول بصوت أجش:
-عمري ما أعملها يا نسرين …أنت حياتي كلها ومحدش بيأ ذي حياته …عمري ما هأ ذيكي ولا هسمح لأي حد يأذ يكي !!ده وعد مني ليكي يا برينسس …
-اللي حلوة اووي كلمة برينسس قولها علطول …
قبل رأسها وقال :
-حاضر يا برينسس …
ثم ضحكا سويا ….
خرج من شروده وانسابت الدموع من عينيه وهو يشعر بالإ ختناق …لقد خـ سرها …خـ سرها للأبد …ود لو يقـ تل نفسه …أراد حقا أن يمو ت لن يرى هذا الحب في عينيها مجدداً لن يراه ابداً…رباه لما فعل هذا …لما د مر كل شئ جميل بينهما لو كان تفهمها …عاملها كأنها طفلته لم تكن لتهر ب منه …لم تكن لتتركه …كان الند م ينهـ شه من الداخل …لقد خـ سر شيئاً جميلاً …خـ سر حياته !!…
رنين الجرس اختر ق أذنه بقوة …لم يكن يريد أن ينهض ويفتح ولكن الرنين لم يهدأ واضطر هو للنهوض ….
-طيب جاي …
قالها بصوت خافت وهو يمسح دموعه..يعدل من وضع شعره المشعث وملابسه ثم فتح الباب وتجمد تماماً وهو يراها أمامه…خمسة عشر سنة غيرتها كثيراً…كانت هي حبه الأول …أول طعـ نة في قلبه …هي رقية !!!
……………….
كانت متكومة على الأرض …ترتعش بقوة ودموعها تنساب بتتابع …تضم ساقيها إلى جسدها وتحاوط نفسها بذراعيها متخذة حماية واهية …تنظر لذلك الذي انتهي منه للتو يرتدي ثيابه وهو يصفر وقد بدا مزاجه رائق للغاية …
منذ اسبوع وهو يطلبها كل يوم وهي تأتيه …تعطيه ما يريد ثم تذهب لبيتها وهي تبكي وتصرخ وتتمنى الموت …لقد كرهت نفسها …كرهت جسدها ..كرهت كونها أنثى ….
مسحت دموعها عندما نظر إليها وابتسم ابتسامة صفراء وقال:
-رغم اني بجيبك كل يوم ولكن الواحد مبيشبعش منك خالص …لدرجة أن دلوقتي عايزك تاني …جوزك ده غبي لانه طلقك…جوهرة زيك لازم تتقدر يا جوري ….
تنفست بعنف وهي تغمض عينيها بينما تزداد ابتسامته اتساعاً …عليه أن يشكر صديقتها لأنها جلبتها إليه ..من بين كل النساء اللواتي أقمن علاقة معه كانت هي الأروع على الإطلاق ..تلك المرأة تمتلك جاذبية لا تقاوم …
-قومي …
أصدر آمره فجأة…لتنهض جوري وهي تعدل من وضع قميصها ثم قال لها :
-تعالي اقعدي هنا…
اطاعته وجلست على المقعد الخشبي بينما قال:
-مفعول السحر اشتغل ..وقريب هتسمعي خبر طلاقهم أو موت ضرتك …. ووقت ما ده يحصل ليا حلاوة كبيرة …
-عايز ايه مني تاني …
أجفلت عندما عانق وجهها بغتة وقال بنبرة حسية :
-عايز واحدة حلو زيك !!!عايزك تجري رجل اي واحدة عندي زي ما صاحبتك جرت رجلك …ووقتها أنا هحررك يا جوري …
ثم ابتسم لها بخبث ووضع قبلة على ثغرها وقال:
-يالا يا موزة ..نتقابل بكرة
افلتها لتركض هاربة خارج منزله المتهالك !
……..
كانت تفرك جبينها بتعب …لا تعرف لماذا ولكن حزن غريب يسكن قلبها …تشعر بالإ ختناق وأنها تريد الهر.ب من كل هذا …كان ياسين يراقب انفعالات ورد وهو حائر …ماذا بها …ولم تتصرف بغرابة …عادت الشيا طين تعبث بعقله ولكنه أبعدهم بحزم …هو يثق بزوجته…يثق كثيراً ….
أمسك كفها وقال:
-فيه حاجة يا روحي ؟!
شدت ورد كفها بحد ة نوعا ما وقالت:
-مفيش …
صُدم ياسين من تصرفها وهي أيضا …لم تكن تقصد أن تتصرف بتلك الطريقة …نظرت إلى ياسين وهي تتوقع الغضب الكبير منه …وربما الإها نة ولكنه ابتسم بلطف وقال:
-تمام يا حبيبتي …
كان ياسين مدركاً تماما أن في تلك الفترة تعاني النساء بسبب هرمونات الحمل وقرر الا يضغط على زوجته …سوف يساعدها لتتجاوز تلك المرحلة تماماً سوف يتحملها …
مر الغداء على سلام …وجلس الجميع يتكلمان …كانت ورد بالكاد تشارك بالحديث وقد كانا كلا من ياسين ووالدته متعجبان منها ولكن لا أحد حاول أن يضايقها ..تفهموا حالتها جيداً
…….
بعد أن أنتهى الغداء بخير طلب ياسين من والدته أن تُبقي ياسمين معها وهي رحبت بالأمر واستـ غل هو الفرصة لينزه زوجته ويعدل مزاجها …
..
-حبيبي تحبي تروحي فين ؟!
قالها ياسين وهو يقبل كفها بينما ابتسامة رائعة تشكلت على ثغره …
-عايزة أروح البيت !
قالتها ورد بضجر وقد بدأت تشعر بتعب غريب…
نظر إليها ياسين بحيرة وقال:
-مالك يا ورد مش على بعضك ليه ..حد ضايقك ؟!
هزت رأسها وقالت:
-مفيش حد ضايقني يا ياسين وانا كويسة مفياش حاجة بس بجد عايزة اروح …مخنو قة ومليش نفس اعمل اي حاجة…
هز رأسه وقال بنبرة قاطعة :
-لا لا مستحيل يا مدام أنتِ هتتمشي معايا وانا هدلعك النهاردة …استني أغنيلك …أنا صوتي حلو على فكرة …
ثم بدأ يغني لبهاء.سلطان بصوت خافت لها :
-طالعة في دماغي نروق شوية أعدي عليك وتنزل لي
ده إنت فوق دماغي وحقك عليّ طوّل خصامنا زلزلني
طالعة في دماغي نروق شوية أعدي عليك وتنزل لي
ده إنت فوق دماغي وحقك عليّ طوّل خصامنا زلزلني
تعالى أدلعك قول لي إيه هيمنعك
جنبك مش هتعبك والمكان هيعجبك
تعالى بحلفك قول لي مين مقريفك
لو كنت إنت في مكاني عمري ما كنت هكسفك
تعالى أدلعك قول لي إيه هيمنعك
جنبك مش هتعبك والمكان هيعجبك
تعالى بحلفك قول لي مين مقريفك
لو كنت إنت في مكاني عمري ما كنت هكسفك…
كل تلك المحاولات من ياسين سابقاً كانت تُضحكها …تجعلها تغرق بها أكثر ولكن الآن ..الآن لا تشعر بهذا …هي الآن لا تطيقه …ولا تعرف السبب …تشعر بالنفور منه ومن ملامحه .. أنفاسه ونظراته …حتى لمسته…تريد أن تصرخ به ليبتعد عنها …كانت هي ستـ جن…كيف يتحول هذا الحب الكبير للنقيض تماماً…حقاً كانت لا تفهم …
تنهدت وقالت:
-ياسين لو سمحت روحني البيت …أنا مش عايزة أتفسح …
توقف ياسين عن الغناء ونظر إليها بدهشة وقال:
-مالك يا ورد مش مبسوطة ليه ؟!
-هو فيه ايه ؟!بقولك مش عايزة اتز فت انت مبتفهمش؟!!
قالتها بإنفعال …كتم هو غضبه بشق الأنفس …أخذ يذكر نفسه أنها حامل وأنه لا يجب أن يتهو ر ..لذلك قال بهدوء :
-طيب هنروح البيت …يالا يا ورد اللي عايزاه هيحصل ….
………
بعد نصف ساعة كانا بالمنزل …ولجت هو أولا إلى غرفتها مباشرة وهي تدور حول نفسها …لا تعرف لماذا ..تشعر بالإختنا ق …تشعر أنها سوف تبكي …هذا الشعور يقتـ لها حرفيا …
ارتجفت عندما حطت يدي ياسين على كتفها وأتاها صوته اللطيف وهو يدلك كتفيها :
-مالك يا ورد ..مين ضايقك بس …ليه حاسك متوترة بالشكل ده …أنا زعلتك في حاجة طيب ؟!
هزت رأسها بالنفي ليقول براحة :
-عارف ان هرمونات الحمل بتخليكي متعـ صبة دايماً بس معلش حاولي تخرجي من الحالة دي وانا معاكي …متضايقيش نفسك يا حبيبتي …
أدراها إليه ليجد الدموع تغرق وجهها …ابتسم وهو يمسح دموعها برقة ويقول:
-متبكيش ..قولتلك مبحبش اشوفك.بتبكي يا ورد ..هوني على نفسك …
ابعد كفه عن وجهها وأمسك يديها وقال:
-أيه رايك اقولك شعر …شعر لمحمود درويش بقالي كذا يوم بحفظه. عشان اقولهالك….يارب أكون حفظته…اسمعي يا ستي (أحببتكَ رُغم اني , لا أحتضنكَ و لا اراكَ دوماً .. احببتكَ لاني كتبت بكَ , و قرأت لكَ , وَضحكت من اجلكَ , وَ تغيرت لأجلكَ , احببتكَ و انتَ – بعيد. – )ايه رأيك بقا ..حفظتها صح المرة دي …
هزت رأسها وهي تبتسم بخفوت فقال بفخر :
-صدقيني فضلت ساعات احفظ فيها وخليت زميلي في الموقع يسمعلي وكانت فضـ يحة يا ورد …
عانق وجهها وقال:
-كل.ده عشانك.يا ورد ..كل ده عشان افرحك…ويارب يديني العمر الطويل وافضل افرحك كده ..بحبك …
ثم بدأت قبلاته تنتشر على وجهها…تلوت.معدتها من الأ لم وشعرت بالقر ف وبالإختنا ق وارادت أن تدفعه عنها
-أبعد …أبعد أنا مش طايقاك !!
قالتها ورد بإشمئز از وهي تدفعه بعيداً عنها …اتسعت عيني ياسين بصدمة وهمس:
-مالك يا ورد….أنا عملت أيه؟!…
هزت رأسها ومشاعر غريبة تعصـ ف بها …هي لا تعرف ما بها …ولكن الآن هي لا تطيقه …تشـ مئز منه !!! ..
-قولتلك خلاص يا ياسين …مش عايزاك دلوقتي تقرب مني …مش طايقاك ……مش طايقة ريحتك …قر فانة منك …أنت مبتفهمش !!!!
تراجع للخلف وهو وينظر إليها وقد ظهر الجرح في عينيه بسبب ما قالته ولكنه غلف نظراته بالبرود سريعاً وقال:
-مادام مش طايقاني كده ليه متجوزاني …ليه ؟!
-كانت غلطة زي ما قولتلك …وياريت أقدر أطلق …ياريت تسيبني في حالي …سيبني وطلقني لو عندك كرامة !!!
يتبع….
(خذلان)
إني عشقتك .. واتخذت قراري
فلمن أقدم _ يا ترى _ أعذاري
لا سلطةً في الحب .. تعلو سلطتي
فالرأي رأيي .. والخيار خياري
نزار قباني ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يوسف…
قالتها رقية بشوق وهي تقترب منه …بينما ظل هو متجمداً ينظر إليها …عاجز عن الكلام تماماً …قلبه فقط يدوي داخل صدره وهو يسمعه …رباه يشعر انه سوف يمو ت في أي لحظة ….هي هنا …هل هي هنا بالفعل …الماضي الخاص به …أول حب في حياته…تلك التي تسببت بجر ح بقلبه لن يُشفى أبداً….تلك المرأة هنا أمامه … بدأت الدموع تحتشد بعينيه العسلية وهو ينظر إليها بلوم قتـ لها …اقتربت أكثر للحد الذي استطاعت فيه ان تمتد كفها لوجنته …
-يوسف حبيبي …
قالتها وهي تتلمس وجنته …وما أن لمست وجنته ابتعد عنها كالملسو ع وتراجع وهو يقول :
-ابعدي …ابعدي عني …
انسابت الدموع من عينيها وهي تقترب اكثر وتتوسل:
-يوسف ابوس ايديك اسمعني بس …أنا ..
ولكنها قاطعها صارخا ودموعه تنفـ جر من عينيه .:
-قولت اطلعي برا …برا …
اخذ ينهت بقوة …يشعر ان قلبه سوف يتوقف من الأ.لم …جميع المشاعر التي لفظها سابقاً عادت تها.جمه بقوة …
-عايزة ايه مني …عايزة ايه ؟!
كان يرددها بقوة والمشاعر تعصف به …الحب والغضب كانا يمتزجان معاً وبدا انه نسى نسرين …نسى كل شئ الا هي …تذكرها وتذكر تلك المشاعر القوية التي كان يكنها لها…وكأن كان كل شئ كذ ب الا مشاعره لها هي الحقيقة الثابتة في حياته …
كانت رقية تتأ لم وهي تراه يبتعد عنها بتلك الطريقة …كان ينظر إليها بقهـ ر …بإ نكسار وقد كر.هت نفسها لانها جر حته …ويعلم الله انها أخذت عقا بها كامل …لقد تعذ بت مثله لخمسة عشر عاماً….خمسة عشر عاماً وهي تعاني ولكن الآن …الآن هي لا تريد الا هو …حبيبها ومالك قلبها ..تريد أن تعوض تلك السنين التي قضتها من دونه ..تريده هو …فقط هو !!!
-يوسف ممكن تسمعني ؟!
كانت تتكلم وهي تقترب منه بينما كان هو يبتعد عنها …لم يكن يريد ان يستمع إليها …لم يكن يريد ان يُخد ع مجدداً …أمسكت كفه بغتة وصرخت بإنهيا ر:
-اسمعني …ابوس إيديك اسمعني !!!
-اسمع ايه …اسمع ايه يا خا ينة!!!
صرخ بإختنا ق وهو يدفعها بعيداً عنه…آخيراً استعاد رشده …أخيراً نفض الضعف عنه ..حل محل الضعف داخله القوة …..الدموع داخل عينيه تحجرت وحل محلها الجليد …نظراته لها اصبحت باردة للغاية …باردة بطريقة جمدتها هي …
-انتِ خو نتيني …خو نتيني !!!
صرخ بها بهيا ج لتهز رأسها وهي تبكي وتقول :
-أنا اسفة …أسفة !!!
-اسفة …اصرف اسفك من فين ؟!أنا عمري ضاع بسببك …عمري ضاع لاني حبيت واحدة ر خيصة زيك ….
أغمضت عينيها بأ لم وقالت:
-أنا استحق أي كلمة أنت هتقولها …عندك حق والله عندك حق …أنا مستاهلش أي حاجة ….
فتحت عينيها وهي تبكي وقالت:
-بس زي ما حياتك ضا عت يا يوسف حياتي أنا ضاعت…زي ما انت اتعذ بت أنا كمان اتعذ بت ويمكن اتعذ بت اكتر منك …
عينيها الجميلة اصبحت حمراء بفعل البكاء وهي تنظر إليه وتُكمل:
-ربنا اخد حقك يا يوسف …زي ما حر قت قلبك أنا اتحر ق قلبي وروحي …اتكـ سرت زيك وأكتر منك كمان …عشت أسو أ لحظات حياتي مع انسان بمرتبة حيوان …ابشـ ع انسان أي العالم …انسان أنا فضلته عليك وياريتني ما عملت كده…
كان ينظر إليها بحيرة ..لا يعرف ماذا تقصد وعلى الرغم انه اراد طردها من منزله الا انه كان لديه فضول شديد ليعرف ماذا حل بها …اراد ان يعرف نوع العقا ب الذي حل بها لعل هذا يشفي غليله قليلاً …اراد ان يسمع انها تعذ بت مثله …اراد ان يشمت بها …نعم اراد هذا بقوة ولن يؤنب نفسه لانه يفكر بتلك الطريقة فهي جر حته وعلى مقدار حبه الشديد لها كان الجرح كبير …كان يؤ لم !!,
نظرت رقية الى صمته وبدأت تتكلم بسرعة …تريد أن تكسب.تعاطفه لكي يعود إليها …
-صدقني أنا اتعا قبت يا يوسف …اتعا قبت وعرفت اني محبتش حد غيرك …سامحني يا يوسف سامحني …
-اتعا قبتي ازاي؟!
سألها بنبرة متصلبة ولكن الفضول كان ينـ هشه بالداخل …ابتلعت ريقها وقالت:
-اتعا قبت لما اتجوزت مراد ..مكنتش أعرف أن حياتي معاه هتبقى تعيسة للدرجة دي …أنا عشت معاه اسوأ ايام حياتي يا يوسف …افتكرت انه هيعيشني في جنة لكن معاه أنا عشت في جحيم….من بعد شهر العسل بتاعنا وهو دوقني المرار…اكتشفت انه انسان مش متزن.نفسياً…كان بيضر بني وبيحـ بسني…احيانا يمنع عني الأكل … ولما لجأت لاهلي رفضوا يتدخلوا وقالولي استحمل وهو لما شاف اهلي اتخلوا عني قسو ته زادت …
شهقت رقية وهي تبكي وأكملت :
-بسببه سقطت تلات.مرات لحد ما شيلت الرحم…فضلت في العذ اب ده كتير …كتير اووي يا يوسف لحد ما مراد مات من سنة وارتحت بس عرفت وقتها ان ده ذ نبك انت ..
أنا ندمانة على اللي عملته يا يوسف ورجعالك وعايزة نتجوز …
-نتجوز ؟!
قالها ببهوت ..
لتهز رأسها بقوة وتقول :
-ايوة نتجوز …نتجوز يا يوسف مش ده كان حلم حياتك ؟!نتجوز ونكون أسرة ..نحقق احلامنا!
انفجر من الضحك حقاً…كان يضحك بقوة حتى طفرت الدموع من عينيه…كان لا يصدق ما تقوله …بعد كل ذلك العذ اب …بعد ما عاشه بسببها تطلب الآن منه العودة …هذا مستحيل …هو لن يعود لها …مستحيل …
-يوسف…يوسف بتضحك ليه ؟!
قالتها رقية بتوجس ليقترب يوسف منها بغتة ويعتصر ذراعيها بقوة ويقول :
-أرجعلك وكده.بسهولة …أنتِ بتحلمي.صح…بتحلمي !!!!
صرخته افزعتها من الداخل فقال بقر ف:
-تصدقي أنا اصلا اللي غلطان اني بسمع واحدة زيك …واقولك أنا شمتان فيكي …ولسه هيحصل فيكي اكتر من كده لأنك كـ سرتي قلبي وانا معملتش حاجة غير اني حبيتك …حسبي الله ونعم الوكيل فيكي ….يالا امشي …امشي …
ثم أخذ يدفعها خارجا بينما هي تبكي وتتوسله ان يستمع إليها ولكن غضبه قد أعماه فدفعها خارجاً وقال وهو يمسك الباب:
-أنا خرجتك برا حياتي خلاص يا رقية …خلاص مبقاش قلبي ملكك …بقا لوحدي تاني …بالشفا يا روكا!
ثم أغلق الباب بوجهها لتقع هى أرضا وتبكي بعنـ ف
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
ضم كفه بقوة والنير ان تتصاعد بعينيه …كان غاضب من طريقتها معه وكان على وشك فقدان سيطرته على نفسه …اما هي فكانت تلهث بعـ نف …لا تصدق ما قالته ..
هل حقاً تجرأت وكلمته بتلك الطريقة …أغمضت عينيها بتعب وهي تدعك جبينها لتفتح عينيها وقد أخرجها من شرودها صوته المتصلب ؛
-أنا هعتبر أن اللي قولتيه من شوية ده بسبب هرمونات الحمل ومش هحطه في حساباتي بس مش معنى كده أن مش هحاسبك عليه ..لا يا ورد ..كلامك ده هتتحاسبي عليه جامد …من النهاردة دي هتبقى أوضتك لوحدك اقعدي فيها…أنا هنام في اوضة ياسمين النهاردة …
احتشدت الدموع في عينيها وانفلتت شهقة من شفتيها ليكمل هو بنفس التصلب :
-أنا طالع من البيت دلوقتي عشان مقدر رغبة سعادتك انك مش طايقاني ولا طايقة تشوفي وشي….
وبالفعل تحرك لكي يذهب إلا أنها أمسكت كفه بسرعة …نظر إليها وعينيه بها شئ من الشوق لها …أرادها ان تضمه وتخبره أن ما قالته كان هراء وأنها لم تقصد أن تجر حه وهو كان سيسامحها …يقسم أنه سيسامحها ولكنه قتـ لت كل آماله وهي تخبره بنبرة ضعيفة :
-عايزة أروح عند ماما اقعد عندها شوية ممكن ؟!!
حاول السيطرة على خيبة الأمل التي اكتست وجهه وقال :
-حاضر حابة تقعدي عندها كام يوم صح؟!
هزت رأسها وقالت بإختناق :
-ياريت …أنا مش مرتاحة هنا عايزة اقعد عند ماما شوية ..ياريت يا ياسين لو سمحت …
-مفيش مشكلة تقدري تروحي مش همسك فيكي ..
قالها ببرود لتتنهد هي براحة وتتجه إلى خزانتها لكي تأخذ بضعة ملابس لها …بدت كسجينة وقد فُكَ أسرها !!
بينما كان هو يراقبها وقلبه يعتـ صر من الألم ..لتلك الدرجة …لتلك الدرجة هي لا تطيقه !!!ماذا فعل لينال تلك الكر اهية منها ؟!لماذا يشعر أن حبه نضب من قلبها …هل من المعقول أن هرمونات الحمل تفعل هذا بها …بدأت الشيا طين تعبث بعقله مجدداً…ربما لم تحبه حقاً…ربما ما زالت تتذكر علي …
استغفر وهو يهز رأسه ..أخبر نفسه أنه يثق بزوجته وربما لو تركها تذهب لوالدتها وترتاح قليلاً ستكون بخير وسوف يتعدل مزاجها …تمنى بالفعل هذا ولكن قلبه كان منقبض بشكل غريب …
…….
دقائق وكانت ورد قد تجهزت بالفعل …تحمل حقيبة صغيرة بها ملابسها تنهد ياسين وهو يراها …بدت حقاً مرتاحة وهذا أو جع قلبه هل بعدها عنه يريحها …وساوس تعصف بعقله وصدره يضيق يشعر بالإختنا ق ولكنه حاول الحفاظ على جمود وجهه بكل ما يملك من طاقة …
-يالا يا ورد …
قالتها بنبرة متصلبة وهو يمسك منها الحقيبة لتتبعه هي مغادرة المنزل شاعرة أنها قد تحررت …
….
كان الصمت مسيطر على السيارة …هو يشد على المقود بقوة …الأ لم يعصف به رغم جمود وجهه وهي ..هي تشعر بالراحة لانها سوف تبتعد …يجب أن ترى أين هي المشكلة ولماذا اصبحت لا تطيق زوجها بعد ان كانت تعشقه …الأمر غريب للغاية …
نظر إليها ياسين بغيظ …كيف تحولت ورد بتلك الطريقة …من المرأة التي كانت تعشقه…الى تلك المرأة الباردة التي لا تهتم به إطلاقاً !!!كان هذا سؤال ليس له إجابة …احتار فيه وهو نادراً ما يحتار …..أسرع بسيارته قليلا كي يصلا بسرعة …لا يريد ان يفكر أكثر …شغل مسجل السيارة على أغنية غربية بصوت مرتفع لعله يُسكت تلك الاصوات التي بعقله …ولكن تلك الأصوات لا تصمت …لا تصمت أبداً!!
عبست ورد.بضيق بسبب الصوت المرتفع للأغاني وكادت أن تطفئ المسجل الا أن صوت ياسين المتصلب أفزعها وهو يقول :
-سيبيه …متلمسيش حاجة في عربيتي من غير أذني …
نظرت إليه ببرود ثم نظرت للنافذة…انها تشعر انها تكر هه …كيف تحملت هذا الرجل ؟!!
……
أخيراً وصلا الى منزل والدتها . ترجل ياسين من السيارة وهو يحمل حقيبة ورد ..وجهه متجهم للغاية بينما هي تتجه الى منزل والدتها بخطوات سريعة ….
…….
-ماما وحشتيني ..
قالتها ورد مبتسمة وهي تضم والدتها التي فتحت لها الباب …ابتسمت والدتها وضمتها إليها وهي تقول ؛
-وانتِ كمان يا ورد …اتفضلوا يا ولاد …
ولكنها عبست وهي ترى الحقيبة التي يحملها ياسين ولا تعرف لماذا ولكنها توترت …
بعد ان ادخلتهم لمنزلها قالت بإرتباك :
-فيه ايه يا ولاد …ليه.جاية بشنطتك يا ورد ؟!
ابتسم ياسين بلطف وقال :
-مفيش حاجة يا حماتي ..ورد بس حابة تقعد معاكي كام يوم حسيت أنك وحشتيها ومتضايقة فسمحت ليها بكده …
ابتسمت هي وقالت:
-ربنا يخليك يا بني …أتفضل ارتاح …
هز رأسه وقال:
-معلش يا حماتي مرة تانية أنا ورايا شغل ..جيت أوصل ورد وأمشى …
ثم قبل رأس ورد وقال :
-خلي بالك من نفسك يا حبيبتي …
ثم تركها وغادر …احست والدتها تغير ملامحها عندما اقترب منها …لم تدع لها فرصة بل أمسكت كفها وجذبتها خلفها ثم جلسا على الأريكة …
-قوليلي بقا فيه ايه يا بنت ..لا أنتِ ولا جوزك على بعضكم …فيه ايه يا ورد طمنيني عليكي …
-احنا كويسين يا ماما ..بس تعبانة عشان الحمل وعايزة اريح عندك شوية ممنوع ؟!
هزت والدتها رأسها وقالت :
-لا يا ورد …لا يا حبيبتي الكلام ده مش عليا انا …انطقي قولي فيه ايه …واللي مخلي فيه توتر بينك أنتِ وجوزك …يا بنتي قولي أنا خايفة عليكي مالك يا ورد …
احتشدت الدموع بعيني ورد كانت تفرك كفيها بتوتر وهي تشعر بالإختناق …تشعر انها تود المو ت …لا شئ يُسعدها كل ما حولها باهت…ظنت انها لو أتت لمنزل والدتها سوف ترتاح ولكن هذا لم يحدث ..
-ورد بنتي ؟!
نظرت إليها ورد وقالت بإختناق:
-أنا عايزة اتطلق يا ماما …
-يا مصيبتي ..
ضر بت والدتها على صدرها وأكملت :
-بتقولي ايه يا ورد ؟!ايه اللي حصل …ياسين عملك أيه ؟!
-معملش حاجة يا ماما …بس أنا مبقتش طايقاه خالص …مش حباه…أنا اتسرعت في الجوازة دي …أنا مبحبش ياسين …حاسة بنفور منه …
وضعت كفها على بطنها وقالت:
-حتى اني مش حابة وجود ابنه في بطني…وبفكر أنزله !!!
شهقت والدتها بقوة وقالت:
-بسم الله مالك يا بنتي …ازاي تقولي كده ؟!ده انتِ من اسبوع كنتِ فرحانة بالحمل وبتقولي محبتيش قد ياسين …ايه اللي غير احوالك بالشكل ده …
-كله.كد ب …أنا مش فرحانة معاه …أنا مش عايزاه يا ماما ساعديني اتطلق منه ….أنا مش عايزاه …مش عايزاه افهميني أبوس إيديكي ….
كانت والدتها تنظر إليها بصدمة …لا تصدق ان تلك هي ابنتها …تبدو غريبة للغاية …ماذا حدث لها فجأة بعد ان كانت تطير من السعادة مع ياسين …
-طيب يا بنتي اهدي متتعصبيش عشان أبنك اللي في بطنك …لا حول ولا قوة الا بالله أكيد اتحسدتوا يا بنتي …ده ياسين مفيش منه أبداً وباين عليه بيحبك ..اقعدي عندي شوية وهدي اعصابك …ابعدي شوية يمكن لما تبعدي عنه تعرفي أنك بتحبيه وتنسي حكاية الطلاق دي .
-مظنش يا ماما …خلاص أنا مش طايقاه !
قالتها وهي تنهض متجهة الى غرفتها لترتاح قليلا
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
اخيراً انتهت من عملها وسلمت العمل للفتاة الآخرى ثم خرجت وهي تمسك حقيبتها بينما ابتسامة تزين شفتيها …هي مرتاحة جداً بهذا العمل …تشعر انها تحقق شئ بحياتها …تشعر ان لديها قيمة الآن …تتعلم سريعا مع الطبيب جورج ..وهو حقاً يساعدها بكل ما في مقدرته …وفقط لتمضي تلك الشهور سوف تلتحق بمدرسة التمريض ومن يعرف قد تدخل الجامعة….ولكنها بدأت تفكر ان تبحث عن عمل آخر يعينها صحيح الراتب اللي تتقاضاه جيد جداً ولكنها تريد أن توفر بعض المال للحاجة…انها تشكر الله ان الطبيب جورج اعطاها الراتب مقدماً بسبب احوالها المالية السيـ ئة مما جعلها تعدل من وضعها المالي قليلا …..قررت ان تتمشى اليوم للمنزل نظراً لمزاجها الرائع …مشت رانيا وهي تبتسم …
من بعيد كان يراقبها بسيارته …ابتسامة رائعة ترتسم على شفتيه وهو يراها بتلك السعادة …نعم هي تستحق تلك السعادة لانها مجتهدة …لا تستلم ابداً حتى ان جورج يمدحها دوما …
خرج يحيى من سيارته وسار خلفها دون ان تشعر …هو لا يعرف لماذا يفعل هذا وحقاً هو لا يهتم بتفسير تصرفاته الآن لن يفكر كثيراً …هو سيفعل هذا وحسب …وغير مهم الضيق الذي سيشعر به لاحقاً ….
……
وقفت رانيا أخيراً امام متجر لبيع الملابس …اتسعت عينيها بإعجاب وهي تطالع ذلك الفستان المعروض على واجهة العرض ….كان فستان أبيض مزين بورود صغيرة للغاية…بسيط ولكنه جميل وأنيق كما أنه محتشم …فتحت حقيبتها وهي تجد مبلغ من المال …عضت شفتيها بتوتر …كانت ترغب بشراؤه ولكن ماذا إن أحتاجت تلك الاموال …عبست وهي تشعر بالحزن ….لقد وقعت بحبه من اللحظة الأولى …بتردد دخلت الى المتجر لكي تسأل عن سعره …بسرعة ذهب يحيى خلفها ..وقف على باب المتجر وهو يراها تسأل البائعة عن ثمن الفستان …عبس وهو يرى ملامحها الحزينة وهي تشكر صاحبة المتجر واستعدت للخروج….
ابتعد يحيى عن المتجر كي لا تراه …تنهد وهو ينظر للفستان ونظر الى اسم المتجر ثم لحق بها …كان يسير خلفها ووشه تزينه ابتسامة رائعة يبدو رائق المزاج وهو يراها بهذا الشكل …سعيدة ومرتاحة …داخلها أمل لا ينضب…هو معجب بروحها المقاتلة ..معجب كثيراً ..
فجأة تجمد مكانه وهي تستدير بغتة …اتسعت عيني رانيا واقتربت منه
-دكتور يحيى !!
قالتها بصدمة ولكنها لم تستطع منع تورد وجهها وهي تتوصل أنها كان يراقبها!!بدأت آمالها تنمو مجددا ولكنها هد متها وهي ترفع رأسها وتقول :
-حضرتك.بتعمل ايه هنا ؟!معقول كنت بتراقبني!!!!!
بهت قليلا وارتبك وهو لا يعرف ماذا يقول …أراد أن ينفي عنه التهمة ولكنه سيكون كاذب لعين ….تنهد وهو يحاول ترتيب كلماته بينما ينظر إلى وجهها المشتعل من الغضب
..
-دكتور يحيى !!
هتفت مجددا بنفاذ صبر ليقول بسرعة ودون تفكير :
-ايوة كنت براقبك!!!
ارتفع حاجبيها بدهشة …هي حقاً لم تتوقع تلك الصراحة منها …أرادت توبيخه …الشجار معه ولكن الكلمات كانت محشورة.داخل فمها ترفض الخروج ….أغمضت عينيها وهي تحاول السيطرة على انفعالاتها …فتحت عينيها مجدداً ونظرت إليه وقالت:
-حضرتك كان بيننا اتفاق أنا هقبل بالشغل اللي حضرتك جبته ليا بس منقابلش بعض مرة تانية …أنا التزمت بوعدي…حضرتك ليه ملتزمتش بوعدك ؟!
كانت تتحداه وهذا أعجبه فقال :
-معرفش صدقيني معرفش …أنا بحب اشوفك …
تراجعت قليلا وهي تنظر حولها بينما اصطبغت بشرتها باللون الاحمر…كانت تشعر بقلبها يخفق بقوة داخل صدرها ولكنها سيطرت على نفسها وقالت بقوة :
-دكتور يحيى اظن كفاية لعب لحد دلوقتي …أنت مشكور جيبتلي شغل وانا هفضل شايلة.جميلك ده طول حياتي …بس كمان مش هنسى أن الست والدتك جات في مكان أكل عيشي وأها نتني وخلت الناس تتفرج عليا …والدتك عاملتني كأني أنا اللي ضحكت عليكي كأني واحدة مش محترمة ..وأنا اسفة لحضرتك بس مش عايزة اتحط في الموقف ده تاني أبداً عشان كده ياريت تبعد عني …لو سمحت ….أنا عارفة أن حضرتك حاسس بتأنيب الضمير بسببي وانا بقولك اهو أنت عملت اللي عليك وزيادة خلاص كفاية كده ركز في حياتك وسيبني أنا أركز في حياتي …
ازدرد ريقه وهو ينظر إليها …بعينيها البنية كان يوجد بهما إصرار غريب …كانت بالفعل تريده خارج حياتها وليكن صريحا هذا جعله يتألم بطريقة هو لا يفهمها…أطرق وجهه وقال بنبرة خافتة تشوبها الحزن :
-انا اسف يا رانيا …اسف ….
ثم استدار وذهب …
وبينما تراه يذهب أحست رانيا بغصة بقلبها ولكنها أخبرت نفسها أن ليس هناك أمل لهما …لن يجمعهما اي شئ لذلك من الأفضل أن يبتعد …نعم هذا أفضل بكثير !!
استدارت هي ذاهبة إلى منزلها …
….
أمام المتجر الذي كانت تقف به رانيا كان يقف هو …دخله دون تردد وأشترى الفستان الذي ارادته…لم يبرر اي من تصرفاته…فقط اشتراه دون تفكير …ثم اتجه إلى سيارته وانطلق بها إلى منزله
……
-أما أنا جيت.
قالتها رانيا وهي تبتسم وتدخل للمنزل …تحمل معها أكياس الخضروات والفاكهة …استقبلتها والدتها بإبتسامة حلوة وهي تشير لها لتقترب منها …وضعت رانيا الأشياء أرضاً واقتربت من والدتها وقبلت رأسها …نظرت رابحة الى ابنتها.وقالت:
-جايلك.عريس …
بهتت رانيا قليلا وارتبكت ولكنها ردت بهدوء:
-طيب كويس هقابله …
ابتلعت والدتها ريقها وأكملت :
-العريس هو كمال ابن عم دسوقي …
تجمدت رانيا مكانها ثم نظرت الى والدتها بقـ هر وقالت:
-برضه يا أما …مصممة تقللي مني يا أما. ..أنا مبصعبش عليكي …بحاول أعمل المستحيل عشان أسعدك وانتِ دايما.كا سرة نفسي ..يعني لو مو ت انتِ هترتاحي …
شهقة ملتاعة انفلتت من شفتي رابحة وقالت وهي تضع كفها على صدرها :
-بعيد الشر عنك يا بنتي بتقولي كده ليه.بس اخص عليكي يا رانيا …
-بقول كده.عشان زهقت.يا أما …زهقت …مش كمال ده متجوز يا أما…عايزة تدخليني على ضرة …
-يا بت قال انه مستعد يطلق مراته…
-يالهوي يالهوي ..
لطمت رانيا على وجهها بقهـ ر ثم اقتربت من والدتها وقالت:
-حرام عليكي يا أما هتمو تيني ناقصة عمر …أنا مخر.بش بيت حد يا أما…محرقش قلب واحدة زيي عشان اتجوز…أنا نصيبي موجود …
-قصدك على الدكتور يحيى …فكراه هيتجوزك.يا بت عشان بس جابلك.شغل …
نفخت رانيا بضيق وهي تنظر الى والدتها نظرات مشتعلة …كانت غاضبة بحق فقالت بنبرة منفعلة :
-لا يا أما مش دكتور يحيى ولا عمري اصلا افكر كده …أنا عارفة ان مستحيل يبقى بيننا حاجة خاصة بعد الكلام اللي سمعته من والدته…بس ده مش معناه أقبل بأي حاجة يا أما …ابوس ايديكي متعقدنيش في حياتي …
-يووه خلاص يا رانيا اعملي اللي عايزاه…مش هتدخلك في أي موضوع بعد كده …المهم دلوقتي روحي واعمليلي أكل عشان أنا جعانة …
زفرت رانيا بضيق وقالت:
-حاضر يا ماما …هتشطف وأغير هدومي واجهز الاكل
ثم ذهبت وتركتها …مطت رابحة شفتيها وقالت:
-أما بنت فقـ ر بصحيح مش كفاية ضيعتي علينا ورث أبوكي …دلوقتي رفضتي كمال …
ثم.صمتت رابحة واجمة وهي تفكر ان صحيح ابنتها تبذل قصاري جهدها من اجلها ولكن هذا يزعجها …يزعجها ان ابنتها لا ترتاح …تريدها ان تتزوج وترتاح قليلاً…ولكن رانيا لا تتقبل منها أي شئ…
-بت فقر بصحيح !!!
قالتها رابحة بضيق
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
أنه يريدها …يريدها أكثر من أي شئ آخر ولن يتحمل ان تبتعد عنه أكثر من هذا. ..لن يتحمل …اليوم ستكون زوجته …اليوم سيوصمها بإسمه…سيسـ لب قلبها كما سلـ بت هي قلبه ..
كان عدي يفكر بينما يتأملها وهي نائمة …بدت كالملاك …جميلة بشكل لا يُصدق وكم أراد أن يقترب منها ويشبعها تقبيلاً …ازدرد ريقه واقترب بالفعل منها ..جلس على الفراش بجانبها ثم مرر أصابعها على وجهها ..اقترب بوجهه منها ثم أصبح يقبلها بلطف …عبست جواهر في نومها …كانت تشعر أنها تتأرجح بين الوعي واللاوعي وهي تشعر بقبلات لطيفة على وجهها …قبلات جعلتها تطفو فوق سحابة وردية وتتحرك بمعدتها مئات الفراشات …،
-عدي ..
قالتها بحب وهي تبتسم ..ليبتسم هو ويقول:
-ايوة يا حبيبة عدي …
فتحت عينيها فجأة برعب وهي تجده يشرف عليها بينما ابتسامة رائعة تزين شفتيه… أسرها بنظراته وقال:
-انا بحبك يا بيري ..بحبك أووي ..
ثم اقترب ليقبلها مرة أخرى إلا أنها دفعته وهي تنهض وتصرخ قائلة :
-ابعد عني …ابعد عني …
-فيه ايه يا عبير ؟!
قالها بصدمة وهو يقترب منها لتصر خ هي :
-قولت ابعد أنا مش عايزاك !!!
تجمد وجهه وحفر أصابعها في ذراعها وهو يجذبها إليه ويقول بعصبية :
-أنا جوزك…جوزك وليا حقوق وأنتِ مانعاني عنها !!!
ارتجفت شفتيها وانفجـ رت الدموع من عينيها وقد تراجع غضبها وحل محله الخوف فهمست بخوف :
-عدي سيبني لو سمحت …لو سمحت أبعد !!!
تصاعدت النير ان بعينيه وقال:
-أنا حابب أفهم ايه المشكلة …كل لما أقرب منك تخترعي حوار !!هو فيه أيه !!أنا مش هصبر عليكي أكتر من كده …النهاردة يا بيري …النهاردة هأخد كل حقوقي ….
ارتفع نشيجها وبدأت في البكاء بعنـ ف ليُحاصر وجهها ويقول بعنـ ف عاطفي :
-ايه المشكلة يا بيري …ليه خايفة مني؟!!أنا مش هأ ذيكي…
تنهد بأ لم وهو يضع جبينه على جبينها ويكمل :
-أنا بحبك …بحبك يا عبير !!!
قضمت شفتيها بتوتر و قالت وبدت وكأنها تختنق :
-بس أنا مش بحبك ولا عمري حبيتك!!
د فعته بعيد عنها وهي ترى الصدمة على وجهه وتردد كلماتها بقسوة :
-أنا مش بحبك يا عدي …مش بحبك.!!
وكانت تلك هي الطعنة الأبرز لقلبه … تراجع وقد ارتدي قناعه الجليدي وقال :
-اظن جه الوقت ننهي مسرحية جوازنا …قريب هطلقك يا عبير …هديكي.حريتك.!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي…
-يا اختي أنا عمري ما شوفت اخويا في الحالة دي ده كان هيتجـ نن عليكي يا بت والله …عملتيه ايه بس ؟!
قالتها تحية وهي تغمز لها بينما هما جالسان على طاولة الإفطار….احمرت عبير بشدة وابتسامة رائعة تكونت على شفتيها تتذكر اللهفة بعينيه عندما رآها تخرج مع جواهر …أنه متيم مثلها تماماً ..غارق حد النخاع في عشقها …انتفض قلبها داخل صدرها والأ.لم اللذيذ يملؤها …هى الآن عاشقة …تعيش أجمل أيام حياتها …
-آه ..فكرتوني بخطوبتي انا وحسين أنا كل لما يكلمني وشى يحمر واحس بفراشات.بتتحرك في معدتي …كانت ايام حلوة ربنا يرجعهولي بالسلامة يارب …
-بإذن الله يرجع وينور حياتك وميسافرش تاني ابدا ..
قالتها عبير بإبتسامة لطيفة لترفع تحية كفها وتقول:
-أمين يا اختي ..يسمع من بوقك.ربنا يا اختي وعقبال ما افرح بيكي أنتِ وأمير يا بت …والله بس تتجوزوا وانا اعملكم فرح وافضل ازغرط للصبح …
احمرت عبير أكثر واتسعت ابتسامتها أكثر …عينيها سطعت بقوة …لم تختبر تلك السعادة من قبل ….كانت تظن أن قرار مجيئها لمصر كان خاطئ …حسنا هي مخطئة كانت اجمل صدفة هي مقابلة أمير نصفها الآخر ..فمن كان يظن ان عبير التي كانت تهرب من الحب …لا تسمح لأحد بإختراق حصونها هي الآن غارقة في العشق …
-انا هقوم أشيل الفطار وأرتب البيت قبل ما الشياطين بتوعي يجوا من الحضانة …
قالتها تحية مخرجة عبير من شرودها لتهز عبير رأسها وتنهض لكي تحمل معها الأطباق …ولكن رنين جرس المنزل جعل تحية تتوقف وتسحب خمارها وترتديه وهي تقول بحيرة :
-ده مين ده اللي جاي من الصبح كده ؟!
ثم اتجهت للباب ونظرت من العين السحرية لترفع حاجبيها بدهشة وهي تتراجع وتقول :
-مين ده ؟!
عبست عبير وهي لم تفهم ما قصدها واقتربت من الباب وهي تنظر من العين السحرية لتنفلت من بين شفتيها شهقة مصدومة …بينما عينيها متسعة بقوة …تراجعت للخلف وهي تقول بتوتر وأمكنها أن تسمع ضجيج قلبها :
-ده …ده بابا !!!…
شحبت تحية وقالت:
-طيب وجاي ليه ؟!ليكون جاي يأخدك تاني ؟!
هزت عبير رأسها وقالت:
-لا مظنش مش هيقدر المرة دي …أنا هفتحله يا تحية وأشوف عايز ايه ..
هزت تحية رأسها لتتنحى قليلا وتسمح لعبير بفتح الباب …فتحت عبير الباب وهي تجمع شحاعتها …فهو لن يستطيع ايذ ائها هنا …
كان شريف يقف أمامها…رأسه مرفوعة ونظراته القاتمة تتركز على ابنته …وبقدر غضبه عليها كان يشتاق إليها …حزين من الوضع الذي توصلوا إليه …هو لم يقصد ابدا ان يؤ ذيها …هو أراد فقط أن ينقذ نفسه من خطـ ر السجن …كان خائف وظن أن ابنته شوف تضحي لتنقذه ولكنها تخلت عنه وهذا حطـ مه فلو تزوجت عبير من عدي كانت ستكون سعيدة …رغم أنه يكر ه أن يعترف بهذا الا ان عدي ليس شخص حقـ ير حتى لو حاول التصرف بلؤم ولكنه يعرف أن داخله شخص طيب القلب ..وربما هذا هو السبب الذي يجعله متأكدا أن جواهر ستستطيع خد اعه …فقط لتحضر الشيكات وهو لن يقف في طريق عدي رشيد مرة آخرى أبداً!!…
-خير يا شريف بيه ؟!
صوت عبير الحاد أخرجه من شروده …كانت النير ان تحتشد بعينيه …فترت شفتيه عن ابتسامة ساخرة وتشدق قائلاً:
-شريف بيه ؟!غريبة افتكرت اني ابوكي يا بيري …كـ.سرتي قلبي …
كانت نظراتها تشع بالكر ه …من الخطأ أن تكر ه والدها ولكن هي فعلت هذا …هي كر هته في تلك اللحظة ..كر هته كثيراً!!
هزت رأسها وقالت:
-عمرك ما كنت ابويا …عمرك ما كنت…
سعلت تحية بإحراج وقالت:
-اتفضلوا اتكلموا في الصالون جوه وانا هعملكم حاجة تشربوها …
ثم انسحبت للمطبخ بينما قالت عبير من بين أسنانها ..
-اتفضل ادخل ..
مشى بالصالة وهو يضع كفيه في يديه …كان ينظر إلى البيت البسيطة بإ حتقار مط شفتيه وقال :
-بقا تسيبي العز اللي في حياتك كله وتيجي تعيشي في المكان ده يا بيري …صحوبيتك مع جواهر خلاكي لسعتي…
عضت شفتيها بغيظ بينما يجلس على الأريكة براحة وهو يضع ساق على ساق ..عبس قليلا وقال :
-الكرسي ده مش مريح …ازاي الناس دي عايشة بالشكل ده …دي عيشة دي ..ده أنتِ دافنة نفسك بالحيا هنا ..جواهر قدرت تضحك عليكي ..هربتك واتجوزت هي عدي وعاشت في العز اللي كانت عايزاه من البداية بس أنتِ مبتفهميش…
نظرت إليه عبير بإ حتقار …كانت لا تصدق الى أي مستوى متدني قد يصل …لقد تجاوز حدوده بالفعل!
-يااه يعني ده كله كان من تخطيط جواهر ؟!مش مثلا حضرتك اللي هد دتها بشيكات علاج والدتها …أنا مش قادرة اصدق المستوى اللي وصلتله…دائماً كنت بسأل ماما هي ليه سابتك وهي مكانتش بترد عليا …بس تخيل ليها حق تسيبك انت انسان مش طبيعي …
سيطر على غضبه بمهارة وابتسم ونظر إليها وقال:
-للاسف بعادك عني لفترة طويلة خلاكي بنت مش متربية…دي مش طريقة تكلميني بيها أنا أبوكي …
-فعلا ابويا اه …ابويا اللي كان عايز يبيعني و …
نهض وصرخ بها :
-افهمي يا غبية افهمي أنا كنت عايز انقذك وانقذ نفسي ..كنت هجوزك ملياردير …واحد تعيشي حياتك كلها مبسوطة معاه …كنتِ هتستفادي وانا هستفاد …لكن أنتِ …أنتِ قررتي تكوني غبية …سمعتي كلام واحدة اغبى منك وهربتي وهي دلوقتي اللي عايشة في العز وأنتِ لا …أنتِ عايشة هنا في الزريبة دي …أنا دايما كنت عايز مصلحتك بس أنت مبتفهميش ..
ضغطت على أسنانها بغضب …كرا هيتها له زادت الآن …فقال بغضب:
-متبصليش بالطريقة دي أنا أبوكي وبنصحك !!!عاجبك العيشة في الز….
-ايوة عاجبني …عاجبني …اني اعيش هنا احسن مليون مرة ما اعيش في بيتك ..احسن مليون مرة ما اعيش مع واحد عايز يبيعني عشان مصلحته يا بابا…على الأقل أنا عايشة مع ناس بيحبوني.
رفع حاجبيه وقال بنفاذ صبر:
-لا وضحي يعني ايه بيحبوكي …قصدك على مين ..الست اللي دخلت ولا الميكانيكي اللي ساعدت وخفاكي في بيته …انطقي يا عبير …
ابتلعت ريقها واحست وكأن الكلمات تطايرت من لسانها فقال شريف بقوة :
-لا لا مستحيل …مستحيل تعملي كده … متقوليش …حبيتي المكيانيكي يا عبير ؟!!حبتيه!!!انطقي …
ارتجفت بقوة ولكنها رفعت رأسها وقالت:
-ايوة بحبه وهتجوزه !!!
بلمح البصر اقترب منها ثم رفع كفه وصفعها بقوة …تراجعت عبير قليلا وهي تضع كفها على وجنتها بصدمة بينما اخترق المكان صوت تحية وهي تقترب وقالت:
-متقربش منها!!!
وضعت الصينية على الطاولة ثم وقفت بين عبير ووالدها وقالت:
-اياك تمد ايديك عليها تاني والا …
ولكن شريف دفعها بفظاظة وقال:
-ابعدي يا متشردة أنتِ …
ثم أمسك ذراع عبير وقال:
-وانتِ هتيجي معايا البيت !!!
ولكن تحية امسكت ذراع عبير وجذبتها إليها وهي تقول بقوة :
-اقسم بالله لو ما مشيت دلوقتي لأصوت وألم عليك أمة لا اله الا الله يا راجل انت …وصدقني انت موقفك دلوقتي ضعيف يعني لو قولت للناس أن دي بنتك هتتحبس ..فاحسنلك امشى بهدوء بدل ما تخرج بفضيحة !!!… يالا…
وشريف كان عاجز تماماً عن الرد …هي محقة موقفه الآن ضعيف جداً…لتحصل جواهر فقط على الشيكات وهو . سوف يتصرف ويأخذ ابنته …
دون أي كلمة آخرى اتجه وغادر ….
…
بعد أن غادر شريف اقتربت تحية من عبير التي بدأت تبكي وضمتها وهي تقول:
-متزعليش ربنا يسامحه بقا ….
بعد لحظات رن جرس الباب بقوة فابتعدت تحية بفزع وقالت:
-ممكن يكون رجع تاني …استني اشوف …
ثم ذهبت ناحية الباب …
لحظات وفتحته ليلج أمير بخوف الى المنزل ويقول :
-أبو عبير كان هنا ؟!خير جاي ياخدها …حاول ياخدها أو …
كان يتكلم بسرعة ولكن تحية امسكت ذراعه وقالت:
-اهدى يا اخويا محصلش حاجة …روح بس شوف عبير وانا رايحة اعملها كوباية عصير ليمون بدل الشاي …
ثم اتجهت بالفعل للمطبخ …
اتجه أمير نحو عبير الواقفة في الصالة …نظر إليها لتتسع عيناه وهو يرى بقعة حمراء مطبوعة على وجنتها…
-ضر بك …
همس بغضب ..لتهز رأسها وهي تبكي …بينما هو اشتـ.عل أكثر …ود لو يقـ تله الآن …ود لو يواسيها … يحتضنها ويخبرها أنه آسف لانه لم يحميها …أغمض عينيه وهو يستغفر ربه ..لا يجب أن يفكر بها بتلك الطريقة …أطرق برأسه وتمتم :
-حقك عليا أنا ..حقك عليا يا عبير اوعدك بعد جوازنا محدش هيلمس منك شعرة تاني ..اوعدك .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-الامتحانات قربت ولازم نركز يا نسرين …انسي كل حاجة دلوقتي وركزي في مستقبلك ….
قالتها ليان وهي تتمسك بذراع نسرين الشاردة…
تنهدت نسرين فآخر مع كانت تهتم به الآن هو الاختبارات ….زفافها اقترب …فبعد الامتحانات مباشرة سوف تتزوج من فؤاد …فؤاد الذي رغم ما فعلته معه الا انه ما زال يعاملها بلطف … لماذا يفعل هذا ؟!لماذا لا يكر هها !!!
ظل ذلك السؤال يؤرق نسرين لأيام ولكنها لا تجد له أي إجابة…هل حبه لها يجعله يصبر بتلك الطريقة ام هي الشفقة !!!
دعكت جبينها بقوة وهي تشعر أنها في دوامة لا نهاية لها ..
-روميو بتاعك جه يا نسرين ..
قالتها ليان بنبرة سعيدة لتنظر نسرين فتجد فؤاد يتوقف بسيارته أمامهما…ارتبكت وهي تطرق برأسها بينما يخرج هو من السيارة ويقول :
-خلصتي محاضراتك ..
هزت رأسها بهدوء …ابتسمت ليان وقالت:
-احم يا استاذ فؤاد نحن هنا …
نظر إليها فؤاد وقال بإعتذار:
-آنسة ليان أنا اسف ..ازاي حضرتك ؟!
ضحكت برقة وقالت:
-اسفك مقبول يا دكتور ..معذور عيونك مش شايفة الا حد معين بس ..
توردت وجنتي نسرين وهي ما زالت مطرقة برأسها… ضحك فؤاد ونظر إلى نسرين وقال:
-فعلا عيوني مش شايفة الا حد معين بس …
امسك كف نسرين وأكمل :
-يالا هنروح البيت ..
هزت نسرين رأسها فنظر فؤاد إلى ليان وقال:
-يالا يا آنسة ليان نوصلك معانا ..
هزت ليان رأسها بالنفي وقالت:
-لا ميرسي حد هيجي ياخدني ..
-تمام مع السلامة ..
-اوك باي..
ودعتهم ليان ونظرت إلى السيارة المنطلقة بسعادة …أنها يعجبها هذا الشاب …هذا هو الشخص المناسب لنسرين ..هو فقط.!!..
قررت أن تتمشى قليلا حول المكان حتى يأتي موسى …للمرة الأولى يتأخر عليها ولكنه أخبرها أنه يجهز لها مفاجأة وهي قررت أن تنتظرها بلهفة ..
فجأة توقفت وهي تسمع أحدهما ينادي يإسمها استدارت لتجد رجل يهتف بإسمها من داخل سيارة وعندما دققت النظر فيه وجدته حسان رشيد عمها…لم تراه منذ سنوات …. ابتسمت ليان واقتربت بلهفة وهي تقول :
-عمي.انت جيت اخيرا من السفر ده عدي هيفرح اووي ..و..
ولكنه قاطعها بجمود وقال:
-اركبي يا بنتي ..
وبالفعل دون تردد استقلت السيارة وكادت أن تتحدث بلهفة لعمها الذي اشتاقت إليه كثيرا ولكن أحدهما كمم أنفها بمحرمة لتفقد الوعي تماماً!!
ابتسم حسان بخبث وقال :
-حق ابويا هيرجع !!!
يتبع….
(مرة ثانية !)
أنظري الي …أنا مُحطم بسببك!!
♡♡♡♡♡♡♡
كان يقود السيارة وهو يصفر …كان مزاجه رائق للغاية بينما ينظر إلى الخاتم الماسي الذي يقبع في عبوة مخملية …سيعرض عليها الزواج اليوم ثم يكلم عدي ….صحيح سوف يواجه مشا كل معه ولكنه سوف يقنعه …سوف يفعل المستحيل لكي يريه أنه سوف يحمي شقيقته وان ليان أغلى من حياته فعليا وبالطبع سوف يقتنع …يجب أن يقتنع …لن يفرقه أحد عن حبيبته …توقف أمام الجامعة وهو ينظر بحيرة …هي معتادة دوماً على انتظاره هنا فماذا حدث …لا يعرف لماذا ولكنه شعر بقلبه ينتفض داخل صدره …خرج من السيارة مسرعا وهو ينظر يمينا ويسارا …استطاع أن يسمع دقات قلبه تهدر برعب …الدموع بدأت تحتشد بعينيه …لا …لا هو فشل مجدداً
-ليان!!!
هتف برعب كالمجنون ودموعه تنسكب على عينيه …
-ليان لا …ليان ….
شد خصلات شعره بقوة وهو يشعر بالألم يعصف به …وعاد الماضي يطارده ….الماضي الذي يخبره أنه بلا قيمة …لقد فشل مجدداً في إنقاذ من يحب …شعر أن عقله توقف عن التفكير لا يعرف بالضبط ما يفعل …..استند على السيارة لانه شعر أنه سيقع في أي لحظة ….
اخذ يأخذ أنفاسه بصعوبة بشكل جعل أحد الطلبة يقترب منه ويقول بتوجس:
-يا أستاذ أنت كويس ….
نظر موسى بعيني مشبعة بالدموع إلى الشاب اليافع وقالت بصوت مختنق:
-انا كويس …
هز الشاب رأسه وذهب وهو يرمق موسى بتعجب
…تنهد موسى وهو يمسح وجهه ثم أخرج الهاتف من جيبه وهو يتصل بها …لعله مخطئ …لعلها ذهبت مع صديقتها نسرين ……
…….
كان حسان يجلس في سيارته الفارهة وهو يبتسم بإنتصار …لقد وقعت أخيراً بين يديه …نسى أنها ابنة شقيقه …نسى أن الدم يربط بينهما …كل ما تذكره أنها من تلك العائلة التي دمرت حياته …شقيقه الغبي خضع وتزوج من العيلة التي تسببت بقتل والدهما ولكنه ابداً لن يخضع …لن يرتاح حتى يقتلها ويأخذ بثأره منها ….كان الانتقام كلعنة بحياته…تمكن منه حتى سمم قلبه …قضى على كل المشاعر داخله الا الكره …ظل الكره يكبر داخله حتى أضحى خطر على نفسه …
انتفض قليلا وهو يسمع رنين الهاتف بحقيبتها…امسك الحقيبة وأخرج الهاتف ليجده المتصل هو الحارس الشخصي الخاص بها ..ذلك المدعو موسى .. ابتسم بسخرية ثم أقفل الاتصال واغلق الهاتف وألقاه بجواره …لن يمنعه اليوم أحد من تحقيق أنتقامه !!!
…..
ابعد موسى الهاتف والرعب يتزايد داخله …ثم حاول الاتصال مرة آخرى ولكن معرفته بأن الهاتف قد أُغلق بث في قلبه رعب لم يشعر به من قبل …الرعب المميت …
-عدي …عدي …
اخذ يردد الكلمة وهو يتصل به ..ربما هو من سينقذها …سينقذها كما أنقذها دوما …وعرف موسى وقتها أنه بدون قيمة ….ليس له أي فائدة !!!
كان جالس على مكتبه يدعك عينيه بتعب. ..اليوم قرر إنهاء كل شئ …هذا يكفي …يكفي هو لن يتحمل أكثر من هذا …لن يريق كرامته أكثر من هذا …من الواضح أنها لا تحبه أبداً …أنها لا تحاول أن تبذل مجهود لإنجاح زواجهما وهو تعب من أن يحاول بمفرده ….أغمض عينيه بإرهاق وهو يتذكر الأمر الاخر …يتمنى الا يكون ما يفكر به قد حدث ..هو ليس لديه شك بها ولكن ليطمئن قلبه… زفر بحنق …أنه متألم ..غاضب …لقد أرادها ان تحبه كما هو يحبها فبعد تحطم قلبه على يد كارمن قرر أن لا يعشق مجددا ثم أتت هي وغيرت فكرته …جعلته يعشقها …لم تغويه أو تتقرب منه بالعكس هو وضعت حدود بينهما …حدود هو تاق لكـ سرها ولكنها لم تسمح له …لم تسمح له أن يفعل ذلك …تمنعت عنه …عذبته ..وقهرته ..
نهض بضيق وهو يهز رأسه ويقول :
-خلاص يا عدي هي مبتحبكش والحب مش عافية …أنا مش هحاول معاها تاني …أنا هنساها زي ما نسيت كارمن …مش ست هي اللي تكسرني …حتى لو كان روحي فيها مش هحاول معاها مرة تانية …بس اتأكد من اللي في راسي وهسيبها !!!
انتفض بشكل مبالغ به عندما رن هاتفه …امسكه وعقد حاجبيها وهو يرى أن المتصل موسى …
-ايوة يا موسى خير ؟!
بهت عدي وهو يستمع الى صوت موسى المرتعش . لحظات وسقط من يده الهاتف وهو يشعر أن العالم يميد به …شقيقته …من حارب كثيرا ليتمكن من حمايتها وقعت بيده …نعم لا أحد غيره سوف يختطف ليان…لا أحد …
تصاعدت الدموع الساخنة لعينيه وهو يتذكر حديثه مع والده قبل وفاته..
……
قبل أن يتوفى والده بأسبوع …
…..
طلب والد عدي أن يتكلم مع عدي بغرفته ..
-بابا طلبتني …
قالها عدي وهو يقترب من والده الذي متسطح على الفراش ..رفع كفه وقبله وأكمل :
-اخبارك النهاردة ايه ؟!
-الحمدلله يا بني اقعد يا عدي عايزك في موضوع …
جلس عدي بجوار والده …امسك كف عدي وقال:
-عدي أنت من النهاردة المسؤول عن الشركة ..قولت لخالك وهو هيقف جمبك …أنا خلاص نهايتي قربت .
احتشدت الدموع بعيني عدي وقال:
-بابا متقولش كده ..انت …
ضغط والده على كفه وقال:
-الموت علينا حق يا بني ..كلنا هنموت المهم تسمعني كويس وتفهمني يا عدي معنديش وقت اللي اهم من الشركة اختك …اختك ليان …اختك اللي امها ماتت …اختك اللي ملهاش حد ولا سند بعدي الا انت يا عدي ..عمك مش قادر ينسى اللي حصل والشر مالي قلبه من ناحيتها وانا خايف عليها يا عدي …خليك سندها وأحميها يا عدي ..حط اختك في عينيك هي ملهاش غيرك دلوقتي!!
انسابت الدموع من عيني عدي ليكمل والده لاهثاً:
-اوعدني يا عدي ..اوعدني انك تحمي اختك …اوعدني ….
-اوعدك يا بابا اوعدك !!
قالها عدي وقد اجهش بالبكاء …
……
خرج عدي من شروده ودموعه تغرق وجهه وقال بصوت مختنق :
-سامحني يا أبويا سامحني مقدرتش احمي اختي ..مقدرتش احميها!!!
ولكن فجأة أخذ يضرب وجهه ويقول بغضب :
-لا لا يا عدي انت هتستسلم من اولها ولا ايه ؟!حصلك ايه ؟!!لا لا …أنا هرجع ليان أنا هرجع اختي. ..
ثم أمسك هاتفه مرة آخرى واتصل بموسى يخبره أنها في طريقه إليه …
……
نصف ساعة بالضبط وكان عدي أمام موسى بسيارته الفارهة أنها المرة الأولى التي يقود فيها بتلك الرعونة …
-اركب يا موسى مفيش وقت !!
قالها عدي بنبرة جامدة ليهز موسى رأسه ويستقل السيارة ..نظر إلى عدي وأخبره بنبرة مرتعشة وعيني حمراء كالجمر :
-هنعمل ايه يا عدي ..
-هنروحله …حسان رشيد …بس آ….
قاطع كلامه رنين هاتفه …أمسك الهاتف واتسعت عينيه وهو يرى المتصل …
رد سريعا وقال :
-ايوة يا محمد باشا …بتقول ايه !!!!!
……
بعد قليل ….
كان عدي ينطلق بسيارته بسرعة …يجب أن يجد حسان رشيد …يجب أن يقـ تله بيديه …..يجب أن يتخلص من شيطان مثله …كان بجانبه موسى وهو متحفز تماماً…حبيبته سوف تعود سالمة …يجب أن تعود …
…..
وصلا إلى منزله الكبير بوقت قياسي …وكالعادة بوابة المنزل انفتحت له …
-حسان رشيد !!!انت فين ؟!!!
-بابا مش موجود يا عدي …
كان هذا صوت نديم ابن حسان …كان جالس على الأريكة بهدوء يضع ساق على ساق بينما يدخن سيجارته بهدوء …عينيه العسلية صافية للغاية …
أقترب عدي بغضب من نديم وشده من ملابسه وهو يصرخ به :
-ابوك فين يا نديم …ابوك فين !!!!
ابتسم نديم بسخرية وقال:
-لو مقولتلكش يعني هتعمل ايه يا عدي هتقـ.تلني اتفضل اقتـ لني !!
كاد عدي أن يرد إلا أن صوت مرتفع لصفارات الشرطة اقتربت من المنزل …
ابتعد نديم عن عدي واتسعت عينيه بصدمة وهو يرى رجال الشرطة تنتشر في المنزل ..تقدم الضابط واقترب من نديم وقال:
-فين والدك يا أستاذ نديم ؟!
-حضرتك عايز والدي ليه ..لو عدي هو اللي بلغ يبق….
هز محمد رأسه وقال :
-أبوك متهم بالشروع في قتـ ل ليان رشيد …عوض اعترف بكل حاجة …يا ترى حابب تساعدنا وتقول هو فين ولا ناخدك بداله !!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تميل برأسها إلى الأسفل ….مقيدة بكرسي خشبي بواسطة حبل قوي …
فجأة شهقت عندما سكب أحدهم كوب من الماء المثلج بوجهها …رفعت ليان وجهها وهي تصرخ بقوة…ما زال مفعول المنوم لم يزول ولكن هؤلاء لا يسمحون لها بأن تنام ….
ابتسم حسان رشيد وقال:
-ايه يا لي لي هتفضلي نايمة كده طول اليوم لا فوقي يا حبيبتي ده احنا قدامنا حساب طويل لازم نصفيه سوا !!
رفعت ليان وجهها وهي تفتح عينيها بصعوبة وتنظر إلى عمها الجالس على المقعد المقابل لها وينظر إليها بإبتسامة كريهة ….
-عمو..عمو بتعمل أيه ؟!
قالتها ليان بحيرة …كانت تشعر بالرعب يتصاعد داخلها …لا تفهم لماذا هي هنا ولا لماذا هو يقيدها بتلك الطريقة …ابتلعت ريقها وهي تقول بصوت متعب :
-هو ايه اللي بيحصل …أنا عملت ايه ؟!
ابتسم حسان بخبث وقال:
-هتعرفي دلوقتي أنتِ عملتي ايه يا أنا عمري ما هنسى ان عم أمك قتل أبويا !!
توسعت عيني ليان بصدمة وقالت:
-جدي قتل والدك اللي هو جدي برضه ؟!
كانت حقا مصدومة …لم يخبرها أحد من قبل أن شئ كهذا حدث …هي تعرف أن يوجد مشاكل بين عدي وعمها وظنت أن المشاكل بسبب العمل ولكن لم تظن أبداً أنها هي المشكلة …هي السبب في كل تلك المشاكل …
-ايوة جدك قتل أبويا وحرمني منه …وأخويا راح يتجوز من العيلة اللي انا فضلت عمري كله اكرهها ….
احتشدت الدموع بعيني ليان وقالت بصوت مختنق :
-يعني …يعني عدي لما كان بيحميني كان بيحميني منك انت مش من منافسينه في الشغل …انت كنت عايز تقتـ لني …تقتـ ل بنت اخوك !!
-انا عمري ما اعتبرتك بنت اخويا وعمري ما حبيتك …عشت عمري اكر ه عيلتك ولما جيتي أنتِ كر هتك ..ودلوقتي مش عايز اي حاجة من الحياة دي إلا أن افضي المسدس ده في راسك وانتـ قم لأبويا عشان ارتاح …
-تفتكر لو مو تني هترتاح …هيرتاح ضميرك لما تموت واحدة ملهاش ذنب …تموت بنت اخوك …
هز حسان رأسه وقال بدون اي شفقة :
-ايوة هرتاح يا ليان متفتكريش اني هشفق عليكي …مفيش ولا ذرة تعاطف معاكي …أنا حاولت أقتلك قبل كده وفشلت …بس متأكد المرة دي هنجح …عدي مش هيقدر يوصل للمكان ده ميعرفش أن عندي بيت هنا …مفيش مخلوق يعرف بوجودي هنا الا ابني نديم
انسكبت الدموع من عيني ليان …يبدو أن تلك سوف تكون نهايتها ….سوف تمو ت ….ألقت دهشتها من تصرف عمها جانبا …فهو ابداً لم يظهر لها الحب …لم يزورها أن يتصل بها …لقد ظنت أن هذا بسبب مشاكله مع عدي ولكنها تيقنت أنها هي السبب …والآن هي سوف تموت على يده …أغمضت عينيها عندما رأته ينهض ثم يُخرج سلاحه الناري من أحد الأدراج ويهيئه ثم يصوبه نحوها وهو يقول :
-اي أمنيات أخيرة يا ليان …استغلي الفرصة اهو ..قولي عايزة ايه قبل ما تموتي …
ضغطت على عينيها أكثر وارتفع نشيجها بينما هدير قلبها صم أذنيها ….
ضحك حسان ضحكة كريهة وقال :
-شكلك معندكيش اي أمنية …خلاص أموتك علطول وأريحك…زي ما أنتِ عارفة انا قلبي طيب وميهونش عليا أبداً اعذبك …
-باي باي يا لي لي ..
ثم كاد أن يضغط على الزناد الا أنه تجمد ورجال الشرطة يقتحموا البيت بقوة …قاموا بكسر الباب ثم انتشروا حوله …أوقع السلاح على الأرض وعينيه تزوغان بتوتر بينما يرى عدي يدخل ويركض متجهاً إلى شقيقته …
-عدي !!
قالتها ليان منتحبة ليقترب عدي من شقيقته ويضمها بقوة …قلبها يدوي داخل صدره وأخذ يتمتم :
-الحمدلله يا حبيبتي الحمدلله …
ثم ابتعد وأخذ يقبل رأسها….
-عدي فكني الأول !!
هز عدي رأسه وقال؛
-حاضر حاضر يا حبيبتي حقك عليا .
ثم فك وثاقها لتنهض بتعب فيضمها هو مجددا بينما الدموع تلسع عينيه …رباه كان سيخسرها …الحمدلله …الحمدلله
كان موسى يقف بعيدا وهو يبتسم …قلبه آخيراً ارتاح وهو يرى حبيبته آمنة وفي تلك اللحظة حسد عدي لأن لديه الحق بالاقتراب منها ومعانقتها بتلك الطريقة ..كم أراد فعل هذا …أراد أن يعانقها بقوة ليطمئن قلبه أنها هنا وأنها معه.!
-انا أنا معملتش حاجة !!
قالها حسان بتوتر بينما الضابط يقترب منه …شد الضابط يديه ثم وضع الأصفاد بها وقال:
-اومال البنت المربوطة دي جات ازاي …وعوض اللي اعترف عليك انك اديتله فلوس عشان يقتلها …ده انت لابس قضايا عنب….ده انت احتمال متشوفش الشمس تاني …
كلام الضابط بث في قلب حسان.الؤعب وقد شعر أن حياته انتهت بينما الضابط يجذبه خلفه …
…….
طلب عدي من الضابط أن يسمح لليان بالذهاب وان يستجوبها في وقت لاحق نظرا للصدمة التي تعاني منها ….والضابط وافق
كان موسى يقود السيارة بينما ينظر من المرآة إلى ليان التي تستند على كتف شقيقها وتغمض عينيها براحة …زفر هو براحة أيضاً فالوقت الذي غابت عنه فيه كاد أن يجن ولكنه يشكر الله الآن أنها بخير …
….
وصلوا اخيرا الى المنزل الكبير …حمل عدي شقيقته الصغيرة ثم ولج للقصر دون أي كلمة بينما تنهد موسى وولج خلفه …..
كانت جواهر تجلس بالصالة تقلب في أحدى المجلات بملل ولكنها فجأة تجمدت وهي ترى عدي يدخل حاملا ليان معه …نهضت جواهر. قالت :
-هو فيه ايه ؟؛مالها ليان ؟!
ولكن عدي لم يرد عليها بل اتجه إلى الأعلى …
كاد موسى ان.يتبعه إلا أن جواهر توقفت في وجهه وقالت بإصرار:
-مالها ليان يا موسى ؟!
بكلمات مقتضبة ومختصرة أخبرها هو بما حدث …
ثم تركها وذهب للأعلى
….
في غرفة ليان ….
وضع عدي ليان على الفراش ثم قام بتغطيتها جيداً وقال وهو يقبل رأسها:
-ارتاحي دلوقتي محدش هيقدر يأذيكي..
-ليه مقولتليش على حكاية عمي يا عدي …ليه مقولتليش انك بتحميني منه ؟!
تنهد عدي وهو ينظر إليها …سؤالها هذا كان صعب ليجيبه ولكنه سوف يجيبه على كل حال…
ربنا على شعرها وقال:
-شوفي يا لي لي أنا كان عندي امل ان عمي يرجع عن اللي بيعمله ده ونعيش من تاني كأي عيلة سعيدة من غير ما أنتِ تشيلي كره جواكي ليه بس للاسف هو متغيرش وكرهه قضى عليه
عبست ليان أكثر وقالت :
-انا زعلانة عليه أووي …
-كلنا زعلانين عليه ..
قالها عدي وهو يربت على شعرها ثم قبل رأسها مرة آخرى وأكمل :
-بس هو يا ليان اللي اختار طريق الانتقام …اختار الحقد …مفكرش يمشي كويس واهو حصد اللي زرعه ..مش عايزك تفكري في حاجة النهاردة …عايزك ترتاحي خالص …انسي كل حاجة يا لي لي وارتاحي الخطر اللي كان بيهدد حياتك اختفى خلاص.!
هزت ليان رأسها وقالت:
-حاضر يا عدي هنسى …
ثم أغمضت عينيها لترتاح فأخذ عدي يربت على شعرها بينما موسى كان يراقبهما من بعيد ويتمنى أن يكون هو بهذا القرب لها ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ليه جبتني هنا ؟!
قالتها نسرين بنبرة باهتة وهي تجد نفسها في ذلك المطعم الذي أتت إليه من قبل معه…جذب فؤاد كفها وقال بلطف ؛
-حبيت اكل شاروما معاكي ..اكتشفت أن ليها طعم تاني خالص …
-طعم تاني ..طعم تاني ازاي ؟!هتبقى كفتة يعني ؟!هتبقى شاروما زي ما هي …
ضحك فؤاد حتى بانت نواجزه ثم رمقها بحب جعلها تتورد وقال:
-الاكل مع الناس اللي بنحبها دايما بيكون طعمه أحلى يا نسرين ..متسألنيش ازاي لاني معرفش …دايما من الثانوية وانا باكل في المطعم ده محستش أن الشاروما بتاعته احلى غير لما أكلتي معايا ….
شعرت نسرين بالإختناق من كلامه …هي لا تريد أن يعطيها هذا القدر من الحب والاهتمام فهي لا تستحقه …لا تستحقه أبداً…
تنهدت بشرود بينما هو يجذبها خلفه إلى أقرب طاولة والتي كانت تطل على النهر …نظرت إلى النهر بينما هو يملي الطلب للنادل…
اخذ الرجل طلبهما وغادر بينما ركز فؤاد نظراته على نسرين …كم تبدو جميلة …أنها مبهجة للنظر …يمكنه تأملها بتلك الطريقة حتى الموت ولن يمل …
تنهد بعمق وقال :
-نسرين …
نظرت إليه وهو غرق في عينيها التي تشبه المحيط …احس بالارتباك وكأنه نسى ما يريد قوله تماماً …ظلت نظراته معلقة بها أنها اجمل شئ رآه في حياته …أنه يحبها كما لم يحب احداً من قبل ويرغب بقوة في حمايتها من اي شىء قد يؤذيها أو يحزنها !!!
-شكلك حلو النهاردة ..
قالها بصوت أجش ليتلون وجهها وتقول بإرتباك:
-فؤاد لو سمحت ممكن بلاش الكلام ده ..
ابتسم وقال:
-كلام ايه مش فاهم …
نظرت إليه بإحباط لتجد الاصرار يسيطر على وجهه فأكمل:
-نسرين أنا بحبك …
نهضت بإختناق لينهض ويمسك كفها ويقول :
-اقعدي يا نسرين أنا مش هاكلك!!
ابتلعت ريقها وقالت وهي تجلس:
-ماشي اهو هقعد بس بليز يا فؤاد بلاش الكلام ده عشان خاطري أنا قولتلك اخر مرة أن ليك حق…
قاطعها مبتسما وقال:
-يعني عايزة تقنعيني أن لو حبيت حد.غيرك مش هتحسي بالغيرة عليا يا نسرين ؟!
-لا مش هحس ..
قالتها بإرتباك ليبتسم بتسلية ويقول؛
-أنتِ كدابة يا نسرين ..
نظرت إليه بغضب ليكمل بهدوء:
-رغم انك مش عايزة تعترفي بس انا عارف من جواكِ انك بتحبيني !!
ضحكت بذهول وقالت:
-ازاي تكون متأكد بالشكل ده …انت نرجسي مغرور…
ضحك وقال؛
-نرجسي مرة واحدة … ايه الكلام الكبير ده يا نسرين ..مش نرجسية ولا حاجة بس انا فهمتك ..وعارف أن جواكي مشاعر ليا …عينيكي فاضحة حبك ليا !!!
ابتسمت بسخرية وقالت:
-ده انت واثق بقا …بس لا يا فؤاد أنا مش بحبك …
-بتكدبي يا نسرين …تعرفي ايه اللي فاضحك …عينيكي ..عينيكي مش قادرة تيجي في عيني دلوقتي …طيب انا ممكن اصدقك وأفقد الأمل بس بشرط ..
عقدت حاجبيها بحيرة ليكمل هو :
-بصي في عينيا وقولي انك مش بتحبيني وانا هصدقك وهبطل احاول وهشوف حياتي مع غيرك قولتي أيه ؟!
-ايه الهبل ده ؟!
قالتها بإرتباك بينما اكمل جسدها يرتعش من التوتر …ابتسم وقال:
-طيب ما نجرب الهبل ده يمكن يخلصك مني …يالا بصي في عيوني وقولي انك مش بتحبيني …يالا …
نظرت إلي عينيه مطولا وأرادت أن تتكلم…تنكر ما يقوله ولكنها فشلت تماما فأخفضت عينيها …ابتسم فؤاد بإنتصار ولم يرغب أن يحرجها أكثر من هذا وكما أن النادل احضر الطلب الخاص بهما …شرعا يتناولان طعامهما.بهدوء شديد …كانت نسرين تختلس النظرات إلى فؤاد فتجده بنظر إليها فيتورد وجهها بقوة …
……..
انتهيا من طعامهما ولم يحاول فؤاد التحدث معها بل قادها بهدوء الى سيارته ولكن كانت على شفتيه ابتسامة رائعة … ابتسامة شخص انتصر في معركة كبيرة خاضها …فتح لها الباب بلباقة لتدخل هي وتضع حزام الآمان وهي تنظر أمامها بينما قلبها يرتجف بقوة داخل صدرها …ركب فؤاد بجوارها ثم أنطلق بسيارته ..
تسللت كفه إليها وأمسك كفها ثم ضغط عليه …نظرت إليه نسرين لتجده ينظر امامه ويركز على القيادة بينما على وجهه ابتسامة رائعة فلم تعقب بشئ …ولم تعترض وهو يحتجز كفها في كفه فالأمر بدا وكأن هذا مكانها الطبيعي!!..تنهدت ونظرت الى الطريق مرة آخرى والصراع يحتدم داخلها….وسؤال أوحد يبرز أين ذهب حبها ليوسف؟!هذا العشق الكبير أين اختفى ؟! وبدا هذا السؤال بدون جواب ..مهما بحثت داخل عقلها عن جواب له لا تجد ….
أوقف السيارة أمام المنزل وخرج منها ثم فتح الباب لنسرين …خرجت وهي تضع شعرها خلف اذنها بينما تُعطيه ابتسامة لطيفة …وقف أمامها وقال:
-اجهزي النهاردة هاجي اخدك تخرجي معايا …
عقدت حاجبيها بحيرة ليكمل :
-النهاردة فرح واحد صاحبي عايز اخدك معايا …هتنبسطي أكيد ..
-ماشي…
هكذا بكل بساطة وافقت …وكأن كل اعتراضاتها عليه …كل حذرها منه ذهب ادراج الرياح …
سحب كفها وقبله برقة قائلاً:
-هستناكي..
سحبت كفها بسرعة ثم ذهبت من امامه بسرعة وهي تخفي ابتسامتها الخجولة…أشرق وجهه بينما تبتعد عنه …انه يقترب منها …يخترق حدودها …وهذا يجعله بغاية السعادة …
تنهد وهو يتجه الى سيارته بينما يصفر بسعادة غير منتبهاً لذلك الذي ينظر إليه بحـ قد شديد !!!
…
كان يوسف يشد على المقود بقوة …عينيه تشتعل بالنيران وهو يراهما سويا …انها تنساه وتميل للآخر وهذا يقتله …هو يحتاج إليها اكثر من أي وقت آخر …لن يستطع مواجهة رقية بمفرده….هو يحتاجها لتكون بجانبه …يحتاجها بقوة …رقية عادت وهي تنوي استعادته …وهو يخاف ان يضعف …يخاف ان يعود إليها ويتألم مجدداً …فالجرح على يد رقية قا تل !!!
أغمض يوسف عينيه بتعب بينما الدموع تنساب على وجنته …حياته تبعثرت مجدداً..
-منك لله يا رقية ليه رجعتي حياتي تاني ليه!!!!
ثم أدار سيارته وأنطلق بها …
…..
ولجت نسرين الى منزلها لتجد والدها جالس على الأريكة ..يغمض عينيه ويبدو انها يفكر بعمق …اطرقت نسرين برأسها ثم سارت بإتجاه غرفتها لم تكن تريد أن تحتك به الآن …هي تحاول الابتعاد عنه بقدر ما يمكن …لا تريد أن يجرحها مرة آخرى بكلماته …
-نسرين تعالي …
كان هذا صوت والدها المتصلب …ارتعشت بقوة وهي تنظر إليه ..حدقتيها تهتزان بقوة …كانت مرتعبة…نظر إليها كريم بتعب …لقد ابعد ابنته عنها …حصل على كرا هيتها بالأضافة الى كر اهية نهى…هذا رائع !!
فكر بتعب …
-تعالى يا بنتي اقعدي معايا شوية …
تراجعت قليلاً وقالت بصوت خافت :
-معلش مينفعش ورايا مذاكرة الامتحانات قربت …
ثم ولجت لغرفتها مسرعة …بينما أغمض كريم عينيه بتعب…
-كنت فاكر ايه يعني؟!انت خلاص خسرت بنتك يا كريم …أنت خسرت كل حاجة !!
كان هذا صوت نهى الجامد …نعم بالفعل هو خسر كل شئ!…
….
ولجت نسرين الى الغرفة وهي تبتسم بسعادة…تشعر بشعور غريب للغاية …تسطحت على فراشها بسعادة وهي تخرج هاتفها …ازدادت ابتسامتها وهي ترى رسالة من فؤاد ..
-هستني منك كلمة بحبك النهاردة يا نسرين ..هعد الساعات عشان اشوفك .
ضحكت نسرين بسعادة وهي تدفن رأسها في الوسادة بينما تشعر وكأن ملايين الفراشات انطلقت بمعدتها .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تمرر كفها على بطنها وهي شاردة تماماً…تفكر في ذلك النفور الغريب الذي اصابها من ناحية ياسين …لقد كانت تعشقه فلماذا تلك المشاعر الغريبة الآن …هي فقط تعرف انها عندما تسمع اسمه تغضب بشدة …تعرف انها لا تطيقه ولا تطيق رؤيته …أغمضت عينيها بقوة ولكنها فتحتها مرة آخرى عندما ولجت والدتها للغرفة وقالت :
-ورد بنتي ياسين بيتصل بيكي من الصبح مبترديش ليه…الراجل كلمني وقلقان عليكي…حرام عليكي اللي بتعمليه ده!!
تنهدت بضيق وقالت:
-ماما أنا مش عايزة اكلم حد دلوقتي …قوليلو اني كويسة ومفيش داعي يزعج نفسه ويزعجني ويتصل !
وضعت والدتها كفها على صدرها. هي لا تصدق ما تقوله ابنتها…فقالت بصدمة:
-يا بنتي ايه اللي انتِ بتقوليه ده ؟!ده جوزك ..جوزك!!! ايه اللي حصلك يا ورد بس لا حول ولا قوة الا بالله…
زفرت ورد بضيق وقالت:
-امي أنا متجننتش ولا حاجة بس أنا مش عايزة اتكلم مع حد دلوقتي …ليه الكل بيضغط عليا …سيبوني في حالي شوية …اقتربت والدتها منها وقالت:
-يا بنتي ده مش انتِ…ده مش أسلوبك …ايه اللي حصل يا ورد …ليه بحسك مش طايقة ياسين …الكلام اللي قولتيه امبارح خوفني عليكي …يا بنتي أنا كنت مرتاحة أنك اتجوزتي وارتاحتي في بيتك ايه اللي حصلك بس ؟!
لم ترد عليها ورد واكتفت بالصمت …ماذا تجيب والدتها …هي بالاساس لا تعرف ماذا بها …ولا تعرف ما سبب هذا الشعور المقبض…لا تعرف لماذا تحمل كل هذا العداء نحو ياسين …
شعرت أن رأسها يؤلمها فاتجهت الى الفراش وقالت بهدوء :
-ماما أنا تعبانة وعايزة ارتاح شوية لو سمحتي كفاية كلام عشان أنا بتعب منه …
ثم بالفعل تسطحت على فراشها وشعرت انها تنام بالفعل نامت رغم انها استيقظت فقد منذ ساعتين !!!
-لا حول ولا قوة الا بالله…
قالتها والدتها …هي حقاً لا تفهم ما الذي يجري مع ابنتها وتتمنى ان تعود لعقلها بسرعة فياسين لن يتحملها اكثر من هذا …الرجل بدا وكأنه يفقد اعصابه !!!
خرجت هي من غرفة ابنتها وهي تدعي لها أن تضع عقلها برأسها وتعود لمنزل زوجها .
……..
في منزل الدجال…
بدأت ترتدي ملابسها بآلية …لقد تجاوزت تلك المرحلة التي تبكي بها بعد كل اعتداء منه عليها …هي حتى توقفت عن المقاومة القليلة التي كانت تبديها فقط تسلمه نفسها بكل بساطة ليفعل بها ما يُريد ثم ترتدي ملابسها وتذهب وعندما يهاتفها تذهب إليه مسرعة …وهو أيضاً حافظ على وعده لها ….لقد بث المشاكل في حياة ورد وياسين …فهي قد عرفت ان ورد ذهبت لأهلها ويبدو ان طلاقها منه مسألة وقت ليس الأ …عدلت من وضع ثيابها وشعرها ولكنها ارتجفت بقرف وهو يحط كفيه على ذراعيها وضحك وهو يهمس بأذنها :
-انا شايف أنك تفكك من ياسين ده خالص وتبقي عشيقتي… صدقيني هأكلك الشهد …
أغمضت عينيها ومعدتها تتلوي من القرف …هي تكره الطريقة التي يلمسها بها او حتى الطريقة التي يتكلم معها بها….تكره كل ما يتعلق به …
فتحت عينيها ثم ابتعدت واستدارت وهي تنظر إليه وقالت بتصلب:
-اظن كان بيننا اتفاق ….أنا نفذت كل اللي طلبته وانت مفروض تنفذ وبعدين أنا الأيام اللي فاتت جيبتلك ستات … يعني عملت معاك الصح زي ما بتقول دايماً فلو سمحت أعمل انت شغلك وبلاش الجو ده …أنا مش عايزة أكون عشيقتك ولا عشيقة غيرك أنا عايزة جوزي يرجع …عايزة بنتنا تتربى وسطي أنا وجوزي مش مع مرات اب الله أعلم بتعمل فيها ايه ؟!…
-اكيد مش هتوصل لمستواكي …انتِ حرقتي بنتك قبل كده!!
نظرت إليه ببرود وقالت:
-ميخصكش وطالما بديك فلوس وبعملك اللي عايزة يبقى كمان ميخصكش …أعمل اللي اطلبه منك عشان انفذلك كل طلباتك …
-ماشي يا جوري ..هنفذلك اللي أنتِ عايزاه…بس أنا دلوقتي عايزك تاني …
تراجعت للخلف وكادت أن تتحدث ولكنه دفعها حتى سقطت على الأرض وقال وهو يخلع ملابسه:
-وأنتِ طبعا مش هترفضي يا حلوة !!!
ثم هجم عليها وكم كان قاسي عليها تلك المرة …قاسي لدرجة انه ضر بها عدة مرات عندما ابدت مقاومة …وعرفت جوري ان مقاومته فكرة سيئة للغاية ولذلك توقفت عن المقاومة وسلمت نفسها له …بينما الدموع تنفجر من عينيها …هي تشعر انها رخيصة!!!
……….
-اهلا اهلا يا ياسين يا بني .
قالتها والدة ورد بترحاب وهي ترحب بياسين الذي كان يمسك كف ابنته ياسمين …كان ياسين يبتسم بلطف ولكن هذا لم يخفي القلق الذي كان يشعر من عينيه…يتمنى من قلبه ان لا تتصرف معه ورد بطريقة سيئة امام ابنته …يتمنى ان تكون حالتها الغريبة تلك قد اختفت تماما!!!
-ورد ..
قالها بتردد لتنبلج ابتسامة على وجهها وتقول :
-اقعد يا بني هجيبهالك دلوقتي …أتفضل يا ياسين …
هز ياسين رأسه وولج الى الصالة وهو يجلس على الأريكة بهدوء هو وابنته بينما يشعر بقلبه منقبض ….
ابتسمت والدة زوجته وقالت:
-استنى يا بني هجيبهالك دلوقتي ..واعملكم حاجة تشربوها انت وياسمين
وبالفعل اختفت داخل غرفة ورد …
………
ولجت هي لغرفة ابنتها لتجدها ما زالت نائمة وتتمتم في نومها بشئ ما …اقتربت لتسمع ماذا تقول واتسعت عينيها بصدمة عندما انفلت من بين شفتي ابنتها اسمه …اسم علي …
وضعت كفها على فاها بصدمة وهي تفكر ان هذا لا يمكنه أن يحدث …لا يمكن لابنتها ان تفكر بهذا الرجل مرة آخرى…
-يا ورد ايه اللي بيحصل معاكي يا بنتي بس !!
قالتها بحيرة ثم هزتها برفق وهي تقول :
-يا ورد يا بنتي اصحي …اصحي …
فتحت ورد عينيها بصعوبة وقالت :
-فيه حاجة يا ماما؟!
-جوزك مستنيكي برا يا بنتي اطلعيله !!
تجهم وجهها وقالت:
-ايه اللي جابه ده؟!
اتسعت عيني والدتها وقالت:
-يا بنتي ميصحش كده اطلعي لجوزك يالا …
زفرت بضيق ونهضت قائلة:
-حاضر …حاضر طالعة اهو !!!
ثم نهضت من الفراش وخرجت دون حتى ان ترتب شعرها !!
…….
عبس ياسين وهو يرى زوجته تخرج دون ان تهندم نفسها …حتى ان شعرها مشعث بطريقة مخيفة قليلا ولكن رغم هذا انطلقت ياسمين نحوها وقالت:
-ماما ورد وحشتيني …
ثم ضمتها بقوة …نظرت إليها ورد ببهوت ولم تعانقها بدورها بل ابعدتها قليلا وقالت بنبرة باردة:
-شكرا …
نظرت إليها ياسمين بحيرة بينما كانت الصدمة جلية على وجه ياسين …كيف تعامل ياسمين بتلك الطريقة …تصاعد الغضب داخله وقال بنبرة متصلبة ؛
-حماتي معلش خدي ياسمين حابب اتكلم مع مراتي شوية !!
ابتلعت حماته ريقها وهو تخاف.مما قد يحدث ولكنها أخذت ياسمين وتركت ورد مع ياسين …
نهض ياسين واقترب منها وقال:
-اظن كفاية لحد.دلوقتي أنا لازم اعرف انتِ ايه مشكلتك …ايه مشكلتك يا ورد !!!ممكن اتفهم تعاملك معايا واحطلك اعذار …لكن ياسمين ايه ذنبها ؟!…
رفعت راسها وقالت ببرود :
-اظن وضحت اني عايزة ابقى مع ماما شوية من غير ازعاج…عايزة إجازة منكم…ايه ممنوع . .اديني إجازة كام يوم منكم انتوا الاتنين …
تصلب وجهه وقال:
-وليه كام يوم …خدي إجازة علطول وخليكي مع أمك ..أنا مبقتش عايزك !!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
كان يجلس على المقعد الخاص به في غرفته وهو يتأمل الفستان …سيكون رائع عليها …أغمض عينيها وتصور انها ترتديه بينما عينيها البنية تشع بالعشق له …العشق الذي يبحث عنه بلهفة الآن …عبس وفتح عينيه وهو يقول متنهداً:
-عملتي فيا ايه يا رانيا…عملتي ايه ؟!
….
-أما أنا جيت معلش اتأخرت شوية البت اللي بتستلم مني الشفت مقدرتش تيجي وانا قومت بالشغل كله ودكتور جورج كافئني.
قالتها رانيا وهي تلج الى المنزل بينما تحمل بعض الطلبات …ولكنها عبست عندما لم تسمع أي رد …
-أما …
قالتها رانيا وهي تضع الاشياء على الأرض وتبحث بحيرة في المنزل … فجأة تجمدت وهى ترى والدتها على الأرض ..متسطحة بجوار كرسيها المتحرك وفاقدة الوعي …
-أما …أما ..
صرخت رانيا بر عب واقتربت منها وهي تحاول افاقتها ولكنها فشلت تماما في هذا …أخذت الدموع تنفجر من عينيها وهي تحاول ان بكل قوتها ان تجعلها تنهض ولكنها لا تنهض…لا تنهض أبداً …
-اما لا ..اصحي ابوس ايديكي اصحي !!
نهضت رانيا وهي تشعر بالصدمة …الصدمة شلت تفكيرها …لا تعرف ماذا تفعل بالضبط …هي منهارة تماماً الآن …كل ما فعلته انها خرجت من منزلها بسرعة وهي تصرخ لعل احد ينجدها ….
-فيه ايه يا بت مالك؟!
قالتها ماجدة وهي تمسك كفها ….
-خالتي ماجدة الحقيني …امي …امي …
قالتها رانيا وهي ترتعش والدموع تنفجر بقوة من عينيها …ركضت ماجدة الى المنزل لترى ماذا حدث ….
……
بعد قليل …
أتت سيارة الأسعاف وتم نقل السيدة رابحة للمشفي…
ركبت رانيا مع والدتها سيارة الإسعاف بينما ذهبت ماجدة خلفها …..
في سيارة الأسعاف ..
كانت تمسك كفها وتقول :
-أما ابوس ايديكي اصحي يا اما…أصحي عشان خاطري أنا مليش حد غيرك …هموت لو حصلك حاجة يا أما …مش قولتي أنك هتجوزيني وتشوفي عيالي قومي وانا هتجوز اللي انتِ عايزاه بس قومي …أمي !!
…..
في المشفي …
كانت تجلس على الكرسي وجسدها يرتعش بينما السيدة ماجدة تجلس بجانبها تحاول ان تهدي من روعها ولكن عبثاً…كانت رانيا مرتعبة للغاية …الخوف من خسارة والدتها يقتلها …
فجأة خرج الطبيب من غرفة الكشف …نهضت رانيا برعب وهي تقترب من الطبيب …
-قولي يا دكتور مالها …امي مالها ؟!
نظر إليها الطبيب بآسف وقال:
-للاسف محتاجة عملية قلب مفتوح فوراً…حالتها خطيرة جداً!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في مكتب عدي رشيد
كان ينظر الى الملف الذي أُرسل إليه ولم يكن لديه الوقت ليفتحه بسبب ما حدث اليوم مع ليان ولكن الآن يجب ان يفتحه …يجب أن يعرف الحقيقة …
فتح الملف ليخفق قلبه وهو يرى صورتها …صورة من يعشق …وبجوار صورتها اسمها الكامل جواهر عامر رشوان!!!
احتشدت الدموع بعينيه وقال :
-اتضحك عليا مرة تانية …انكـ سر قلبي للمرة التانية …
ثم ضحك بقوة ودموعه تنفجر من عينيه وقال:
-اتخدعت للمرة التانية !!!اتخدعت!!!
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-مقدرتش أحميكي للمرة التانية فشلت و…
قالها موسى وهو يستند على احد الاشجار بحديقة القصر بينما يضم ليان الى بقوة …ما زال قلبه يرتعش بقوة فما اختبره اليوم كان كفيل بإفقاده عقله!!!
نظرت ليان إليه ووضعت كفها على وجهه وقالت:
-متفكرش كده يا موسى انت عملت كتير عشاني ..أنا مبقتش اخاف عشان بس حبيتك….وبعدين أنت وعدي انقذتوني ومحصليش حاجة وعمي …
تنهدت بعمق وقالت:
-وعمي دلوقتي أكيد هيأخد جزاؤه وانا لسه معايا كلام كتير مع عدي عشان خبى عليا …
-عدي بيحبك وكان بيحاول يحميكي ..
برر موسى له ..ولكن ليان لم تعقب بل قالت وهي تقبل وجنته ؛
-خلاص خلينا ننسى أنا مش عايزة افتكر حاجة ..كفاية ان بكرة هيكون يوم صعب عليا ..هروح القسم واقول اللي حصل وأكيد هشوفه…انا عايزة انسى كل حاجة النهاردة…
تلمس وجنتها وقال :
-خلاص خلينا ننسى …
استمر في لمس وجنتها ونظراته تزداد عشقاً لها وفجأة فقد السيطرة على نفسه وهو يجذبها إليه ويقبلها …يكـ سر وعده لنفسه بأنه لن يفعلها حتى تكون ملكه..ولكنه كان بحاجة لهذا الآن …
-ليان!!!
كان هذا صوت جواهر المصدوم …
انفصلا عن بعضهما وهما ينظران إليها بصدمة!!!
………
خرجت نسرين من البناية السكنية ووقفت وهي تنتظر فؤاد بقلب خافق …
ولكن فجأة شعرت بكف تحط على فمها وأحدهما يجذبها بعيدا…..
-آه …
صرخت نسرين عندما حررها ذلك الغريب ودفعها الى الحائط …رفعت رأسها ونظرت إليه لتبهت وهي ترى يوسف أمامها!!!!
-أنتِ حقيرة زيها …حقيرة زي رقية!!!
يتبع….
(لكل فعل رد فعل )
ألم تختاري الخداع …انتظري لتري العقاب !!..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
نهضت ليان مسرعة وهي تنظر إلى زوجة شقيقها بصدمة …شعرت بأن الأرض تميد بها وأنها سوف تقع في أي لحظة …نهض موسى أيضا وأمسك ذراع ليان يدعمها لكي لا تسقط ….
كانت جواهر تنظر إليهما كأنهما متهمين أمسكت بهما.. تصاعد الغضب داخلها واقتربت منهما ولكن الغضب كله كان موجه لموسى ….نظرت إليه بغضب …بقر ف بينما النيران تندلع من عينيها السوداء وقالت:
-انا مش قادرة اصدق الإنحطا ط اللي وصلتله…بتغري اخت اللي مفروض بيكون صاحبك …اللي فتحلك بيته وأمنك على أخته بدل ما تحميها بتسـ تغلها !!!
هز موسى رأسه ينفي عنه هذا الإتها م البـ شع و لكن جواهر أكملت بحدة :
-أنت انسان كدا ب …بتخدع اللي حواليك …كذبت على عدي اللي دخلك بيته وأمنك.على أخته …ازاي تعمل كده ازاي !!!
كانت تتكلم والدموع تنفجر من عينيها ولكنها استمرت بالكلام والصراخ بوجهه وقالت:
-أزاي تطلع بالرخص ده ازاي …
-بيري لو سمحتي كفاية …ازاي تكلميه بالطريقة دي ؟!
توسعت عيني جواهر وقالت وهي تمسح دموعها :.
-يا ليان ده بيستغلك …ده مجرد عامل عندكم ازاي تحبيه …هو يعني عشان صاحب اخوكي تحبي واحد أقل منك …ده اكيد مش بيحبك ..اكيد بيستغلك !!!
-بيري لو سمحتي انتِ متعرفيش حاجة …متهينيش موسى لو سمحتي ..ازاي تحكمي عليه بالشكل ده ؟!معقول يكون تفكيرك كده ؟!
بهتت جواهر قليلا وهي تدرك الأشياء البشعة التي قالتها للتو…هي لا تعرف ما بها حقاً ولماذا هذا الانفعال …ولكنها رأت في موسى نفسها …هو يخدع عدي كما هي تخدعه أيضاً!!!
اعتصر قلبها أ لماً ورمشت عدة مرات عندما شعرت بالدموع توخز عينيها . .هي في الواقع لم تكن تهين موسى. بل كانت تهين نفسها …تخبر نفسها كم هي حقيرة لا تستحق اي شئ جيد …وان عدي لا يستحق هذا ابدا منها …
-اخوكي ميستاهلش يتخدع.منك يا ليان …ميتساهلش كده ابداً!!!
قالتها وهي تختنق وتنظر إلى ليان التي تصاعدت الدموع لعينيها وقالت بصوت مختنق:
-عارفة والله عارفة وانا مقصدش اخدعه يا بيري …على فكرة احنا ناويين نقوله…
-تقولوله ؟!ناويين تقولوله امتى …يالا انطقي …ناوية تخدعي اخوكي لحد امتى يا ليان ؟!…اتكلمي يالا …
اقترب موسى أكثر منها وقال بهدوء:
-ممكن تهدي أنا مستحيل استغل لا ليان ولا عدي
ابتسمت جواهر بسخرية وقالت:
-بس أنت عملتها يا اخويا …استغليتهم والاسوأ من كده استغليت عدي اللي طول عمره اعتبرك صاحبه !!!
شعر موسى أنه يختنق بالفعل …أنها تضرب على وتر حساس…تأنيب الضمير أنه خذل صديقه …أنه خانه …هو لم يقصد أن يفعل هذا ولكنه لا يمكنه أن يبتعد عن ليان …أنها الحياة!!!هو يعيش فقط من أجلها…يعيش لانه يحبها …لا يمكن لأي أحد أن يبعدها عنه….لذلك قال ؛
-بكرة …بكرة هكلم عدي في الموضوع واوضحله اني عايز اتجوز أخته … صدقيني يا هانم أنا عمري ما استغل ليان …ليان اغلى من حياتي …هي كل حاجة بالنسبالي …
نظرت إليه جواهر بدون رضا لتمسك ليان كفها وتقول بتوسل:
-بيري عشان خاطر بلاش تقولي لاخويا على اللي شوفتيه لحد ما موسى يفاتحه في الموضوع ممكن ؟!بليز ..
تنهدت جواهر وهي تهز رأسها …ها هي تحمل ضميرها المزيد من تأنيب الضمير …
..
ذهبت جواهر من أمامهما لتتنهد ليان براحة …
امسك موسى كف ليان وقال:
-انا اسف اووي على الموقف اللي حطيتك فيه ؟!
ابتسمت وقالت:
-حبيبي خلاص حصل خير مفيش مشكلة و .
ولكنه قاطعها قائلا’:
-بكرة فعلا هتقدم لأخوكي واتجوزك ووقتها محدش هيكون ليه كلمة علينا …وقتها أنتِ هتبقي ملكي وبس …
لمعت عينيها بقوة وهي تسمع الوعد الصادق في نبرتها ثم ارتمت عليه وعانقته بقوة قائلة:
-بحبك يا موسى ..بحبك
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بتقول ايه يا دكتور؟!
قالتها رانيا والدموع تنفـ جر من عينيها …شعرت أن الأرض تميد بها وبالفعل تمايلت قليلا ولكن السيدة ماجدة دعمتها بذراعها ….بدأت الدموع تنفجر من عيني رانيا وهي تنظر إلى الطبيب بعجز الذي كرر ما قاله موضحاً بالتفصيل حالة والدتها الحرجة ونصحها أن تجري الجراحة على وجه السرعة …
ثم ذهب …
جلست رانيا بإنهيار على الكرسي وارتفع نشيجها الحار بينما تجلس بجوارها السيدة ماجدة …كانت تفرك كفيها بإرتباك وكلام الطبيب يدوى في عقلها ..ماذا تفعل …ماذا تفعل ؟!!كيف, ستجري جراحة كبيرة كهذة…هي لا تملك المال الكافي وبالطبع لن تنتظر إجراءات التأمين الصحي التي لا تنتهي … ووالدتها قد لا تتحمل …قد تخسرها …
وضعت كفها على فاها وهي تنفجر بالبكاء …شعرت وكأن قلبها سوف يخرج من صدرها ….
ضمتها السيدة ماجدة إليها. قالت:
-أبوس ايديك.خلاص اهدي يا رانيا …اهدي يا حبيبتي .
كل حاجة وليها حل …هنفكر مع بعض ونلاقي حل بس العياط مش هو الحل دلوقتي …يا بنتي كفاية قطعتي قلبي !!
نظرت رانيا بعيني حمراء إلى السيدة ماجدة وقالت:
-هو فين الحل يا خالتي ماجدة ..خلاص كل الابواب اتقفلت في وشي وانا مش عارفة اعمل ايه …قوليلي يا خالتي اعمل ايه ؟!أنا اجيب فلوس من فين عشان اعملها العملية يا خالتي …أنا عايزة اعملها العملية في مكان.نضيف مكان اكون قادرة اطمن عليها فيه ودكاترة كويسين…دي عملية صعبة يا خالتي …عملية صعبة وانا مش هقدر اجيب حقها …
شدت ماجدة على كفها وقالت :
-يا بت ربك كريم …
-ونعم بالله يا خالتي ..بس انا خايفة ..خايفة أمي تضيع مني ..أنا مليش غيرها يا خالتي أنا ممكن أموت فيها …..
ربتت ماجدة على ظهرها وقالت:
– طيب بطلي تفولي على الولية يا بت …
تنهدت وهي تضمها وتربت على شعرها :
-اهدي يا بنتي عشان صحتك من كذا ……صلي على النبي ..
-عليه افضل والسلام……يارب ملناش غيرك يا رب ساعدنا ..
قالتها رانيا وهي تضم السيدة ماجدة بقوة وهي تبكي …كانت منكسرة ..جميع الأبواب موصدة بوجهها ولا تعرف ماذا تفعل ..
ابتعدت عن السيدة ماجدة وقالت:
-هنعمل ايه دلوقتي يا خالتي …انصحيني…
صمتت السيدة ماجدة بإحباط …فهي من الأساس لا تعرف ماذا تفعل وكيف تساعدها …هى الأخرى كانت عاجزة. ..لو فقط تمتلك المال كانت ستساعدها دون تردد لكن هي للاسف لا تمتلك اي شئ لتساعدها به …وكم كان هذا مؤسف …ولكن لا تعرف لماذا أتى ببالها يحيى …ذلك الطبيب التي كانت تعمل لديه رانيا والذي ساعدها لإيجاد عمل …حتى أنه يتصل بها احيانا ليطمئن على رانيا ..ذلك الشاب قد يكون لديه الحل ..فهو يمكن أن يساعد رانيا وبالفعل كادت أن تتكلم وتعرض تلك الفكرة الا ان صوت خشن أوقفها عما أرادت أن تقترحه للتو…
-بنت اخوي الغالي ..مش كنتي تقوليلي طب وكنا نعمل الواجب … مهما حصل بيننا احنا دم واحد..
كان هذا صوت عمها الذي اقترب منها هو وابن عمتها محسن …نهضت رانيا ونظرت إليه بهجوم وقالت:
-عايز ايه ؟!
-أخص عليكي يا بنت اخوي انا كنت جاي اعمل الواجب …ادفع فلوس عملية امك اللي بقالك ساعة بتولولي مش عارفة تعملي فيها ايه …
نظرت إليه بحيرة ليكمل :
-بس طبعاً كل حاجة وليها تمن يا حلوة…
ربعت ذراعيها وقالت:
-ايه اتجوز محسن في المقابل !!
ضحك عمها وقال:
-لا خلاص محسن اتجوز واحدة تاني وخلف منها …عايزك تتجوزي الحاج توفيق اللي ساكن في حارتكم..جه وطلبك مني …
اتسعت عينيها وقالت:
-عايز تجوزني واحد عنده خمسة وخمسين سنة يا راجل يا عر ة!!!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يوسف !!!
قالتها نسرين وشفتيها ترتجف بقوة ليقول يوسف وقد لمعت عينيه العسلية واحتشدت بها الدموع :
-ايوة يوسف …يوسف اللي خلتيه يحبك وسبتيه …رمتيني ورا ضهرك ولا كأني حبيتك ….مهتمتيش بقلبي اللي كسرتيه وروحتي تحبي وتتجوزي وانا اولع صح ؟!!
انسابت الدموع من عينيها وهي تشعر بالإختناق ورغم أنه هو المخطئ بقوة إلا أنه استطاع إثقال قلبها بالذنب …شعرت بذنب رهيب نحوه وخاصة بعد تلك المشاعر التي تكونت داخلها نحو فؤاد والتي باتت مكشوفة له …
-يوسف ..
قالتها بإختناق …إلا أنه حاوط رقبتها وضغط عليها بقوة بينما دموعه تنساب على وجنته وقال:
-حرام عليكي أنا عملت ايه ..ده انا حبيتك اكتر من حياتي …كنت مستعد أضحي بحياتي عشانك ..ليه تعملي فيا كده…ليه يا نسرين!!!…
ابعد كفه بسرعة وهو يطالعها بتحطم وهي تسعل ثم بدأ يرتفع نشيجها و تبكي بعنف …أطرقت برأسها وهي تقول بإعتذار حار :
-اسفة …أنا اسفة يا يوسف..
-أعمل بأسفك ايه انا ؟!اسفك هيرجع قلبي اللي اتكسر على ايديك …كنت فاكرك غيرها يا نسرين لكن طلعتي زيها …لما شوفتي فرصة احسن مني روحتي ليها …عملتي نفس اللي عملته رقية بالضبط …
هزت رأسها بقوة …أنها المرة الأولى التي يتكلم معها عن حبه الأول بهذا الوضوح …لقد عرفت دوما أنه عشق قبلها ولكنه رفض اطلاعها بأي تفاصيل ولكن الآن بدأت الرؤية تتضح لها …هل حطمت قلبه تلك المرأة …هل ادعت أنها تحبه ثم غادرت حياته وذهبت لآخر …هل فعلت هذا به ؟!وهل حقا هي تشببها…هل تسببت بنفس الاذي ليوسف …
كان الشعور بالذنب يقتلها ..استطاع يوسف رؤية هذا وشعر بالإنتصار …هو لم يحب أن يتبع الطرق الملتوية ولكن يبدو أن تلك الطريقة الوحيدة لإرجاعها !!
بكت نسرين وقالت:
-صدقني يا يوسف أنا مش زيها. .مكانتش قصدي آذيك ..سامحني ..سامحني …
-عمري ما هسامحك ..عمري ما هنسى انك عملتي زيها …هي عملت كده برضه …هي سابتني عشان واحد عنده فلوس …رمتني ورا ضهرها…وأنتِ سبتيني عشان واحد اصغر مني واوسم مني …أنا شوفتك معاه يا نسرين …شوفته وهو بيبوس إيديكي …شوفت الحب اللي في عينيكي ليه…الحب اللي كان ليا يا نسرين !!!…
انفجرت بالبكاء وامسكت كفه وقالت :
-ربنا هيكرمك بالأحسن مني …صدقني …
ولكنه قاطعها وهو يشدها إليه بحرارة :
-بس أنا مش عايز غيرك يا حبيبتي …مش عايز غيرك …خلينا نهرب يا نسرين …متتجوزيش فؤاد ..خلينا نروح بعيد …وانا هحميكي من كريم ..مش هسمح لحد يأذيكي …و…
ولكن نسرين دفعته وقالت:
-لا لا انت مجنون …مجنون أنا مستحيل أعمل كده في بابا ..مستحيل اعمل كده في فؤا…آه
صرخت بعنف عندما شد شعرها وقال بغيظ:
-ايه حبتيه…حبيب القلب اللي وراكي زي الكلب في كل حتة …قدر يغويكي وينسيكي يوسف …
-آه يوسف انت بتوجعني …
قالتها ببكاء ليبتسم بشر ويقول:
-احسن عشان تحسي بالوجع اللي جوايا يا نسرين …تحسي قد ايه أنتِ جرحتيني …
ثم ضغط على رقبتها وقال:
-لو مش هتكوني ليا مش هتكوني لغيري …
ثم ثبتها وهو يقرب فمه منه إلا أنها رفعت قدمها وانزلتها على قدمه ليتأوه ويحررها…استغلت هي تلك الفرصة وركضت بقوة لترى أمامها فؤاد ينظر إليها بحيرة …لم تتوقف بل انطلقت نحوه وعانقته بقوة قائلة ؛
-فؤاد ..متسبنيش ..اوعى تسيبني …
وعلى الرغم أنه لم يفهم شئ …هو حتى لم يرى يوسف ..ولكنه حاوطها بذراعيه وقال:
-عمري ما اسيبك ..أنا هفضل معاكي دايما يا حبيبتي …
ومن بعيد كان ينظر اليهما يوسف وهو يشعر بالقهر الشديد …وكم أراد قتـ ل فؤاد في تلك اللحظة !!!استدار وذهب مسرعا الى سيارته …هو لن يستسلم أبداً ..
….
انفصل فؤاد عن نسرين وأخذ يرتب شعرها المبعثر ويمسح دموعها ويقول:
-ايه اللي حصل ومخلي شكلك كده …وليه كنتِ بتجري بالطريقة دي ؟!
صمتت نسرين ولم ترد ويبدو أن فؤاد قد فهم فقال من بين أسنانه :
-يوسف صح …يوسف اتعرضلك تاني …
ثم حاول تجاوزها ليبحث عنه إلا أنها أمسكت كفه وقالت:
-عشان خاطري يا فؤاد سيبه …سيبه خلاص خلينا ننبسط النهاردة ..مش عايزة أي مشاكل ممكن …
تنهد فؤاد وهز رأسه …ثم قبل رأسها …هو لن يترك الموضوع ..ولكنه لن يتشاجر معه ونسرين هنا …لن يسمح.لنفسيتها أن تتضرر أكثر من هذا ….
-ربت على شعرها وقال:
-عندك حق يا حبيبتي …يالا بينا …
ثم جذبها من كفها وأدخلها سيارته وانطلق بها …..
….
بعد قليل
وصلا لحفل الزفاف والذي كان في قاعة فارهة…
اتسعت عيني نسرين وقالت:
-دوول جايبين فرقة نوبية هو العريس من اسوان …
ابتسم فؤاد ونظر إليها قائلا :
-ايوة العروسة والعريس من أسوان بس ناويين يعيشوا في القاهرة…تعرفي يا نسرين ..هنا وسليم قصة حبهم ملهمة جدا…مثالية اووي الاتنين اولا عم اتربوا سوا وحبوا بعض من صغرهم…من زمان وعيلتهم بتقول هنا لسليم وسليم لهنا ..واتخطبوا بس للأسف حصلت مشكلة بين الاخوات ابو سليم وأبو هنا حصلت بينهم مشكلة كبيرة جداً وقاطعوا بعض ورغم محاولات سليم وهنا عشان يصلحوا الوضع فشلوا واتفشكلت الخطوبة وسليم سافر معايا ولما رجع وأبوه شاف أن ابنه مش راضي يكمل حياته مع واحدة غيرها وحتى هنا رفضت كل العرسان رضخوا واتصالحوا وجوزوهم …
ابتسمت نسرين وقالت:
-ملهمة فعلا …اللي بيحب فعلا بيحارب ..
هز فؤاد رأسه وقال :
-انا اتعلمت اني احارب عشان اللي بحبه من سليم …علمني مستسلمش ..وانا عشانك مستعد أعمل اي حاجة …
-أنت عايز تخلينا نسخة تانية من سليم وهنا …قصة حبهم مأثرة عليك…
شد كفها وبدأ يرقص معها ويقول بصوت مرتفع نسبيا :
-يمكن أنا فعلا واقع في حب قصة حبهم …
تنهدت نسرين وقالت ؛
-بس أنا مش مثالية ليك يا فؤاد انت تستاهل …
وضع كفه على شفتيها وقال:
-مين قالك اني بدور على المثالية ؟!ومين قالك أن فيه حد مثالي في العالم ده …أنا ذات نفسي مش مثالي يا نسرين !!،ولا هنا مثالية ولا سليم …اكيد في عيوب فيهم وكل واحد متقبل التاني بعيوبه …أنا متقبلك بكل عيوبك يا نسرين وبعرض حبي للمرة الألف …لو مكنتش شايف حب في عينيكي كنت هبعد فوراً بس انا شايف مشاعر في عينيكي ومستعد استناكي لحد ما تتعاملي مع مشاعرك دي وتعترفي …أنا عارف اللي مريتي بيه مش سهل بس انا عايز أحميكي ..
-تحميني من أيه ؟!
-من اي حاجة تأذ يكي يا نسرين …من اي حد يفكر يزعلك …مش عايز جوازنا يكون مؤقت ..أنا عايزك معايا لآخر العمر. ..عايزك تكوني أخر ايد امسكها قبل ما أموت…
ظلت تنظر إليه بدهشة وقالت:
-ليه بتحبني الحب ده كله ؟!
-مش عارف ..صدقيني مش عارف ..مش كل حاجة لازم تكون ليها إجابة يا نسرين ..
تنهدت وهي تضع كفها على كفته وتضم نفسها إليه وتقول :
-خلينا كده يا فؤاد …بلاش نفكر كتير …
تنهد وهو يقبل رأسها وقال :
-حاضر
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ازاي كنت غبي بالشكل ده …ازاي مدورتش على الموضوع من الاول …ازاي شكيت فيها متأخر …؟!واحد خبيث زي شريف اكيد مش هيسلملي بنته بالسهولة دي !!
شد عدي خصلات شعره ثم أخذ يضحك مجدداً…لا يصدق …حقاً لا يصدق …هل هو احمق ليخدعه الجميع من حوله ؟!!هل يروه انسان ليس لديه قيمة …من يريد شئ يخدعه ببساطة وهو الغبي يصدق الجميع …يثق بالجميع!!!
نهض وهو يمسح دموع …اطلت القسوة من عينيه ..لا لا ..هو لن يسامح تلك المرة …لن يعفو ويتركها تذهب بسهولة …سينتقم منها بقسوة …سيحطمها كما حطمته…لقد جرحته ..جرحته حتى أكثر من كارمن ..لانه احبها أكثر من كارمن. .وثق بها أكثر من كارمن ..وهو غبي عندما يعشق …يسلم كل حياته بكل سهولة !!
أخرج هاتفه واتصل بذلك المحقق الذي عينه منذ اسبوع ليتحرى عن شريف وابنته عبير …والغريب أنه لم يجد أي معلومات عن عبير وجل ما أتى به هو ملف جواهر …
-ها يا سيف لقيت حاجة عن عبير دي …
سمع تنهيدة طويلة من الجانب الآخر وقال:
-مش كتير يا عدي بيه الموضوع غريب …البنت ملهاش اي صورة ليها وهي كبيرة وده لأنها سافرت فرنسا من صغرها واستقرت هناك …حاولت اعرف حتى الجامعة بتاعتها ملقيتش …وحتى ملهاش اكونت على الفيس ولا حاجة ولا اعرف هي فين لحد دلوقتي … كأنها سراب ..كأنها مش موجودة لولا أني وصلت للملف بتاعها لما كانت في الابتدائي كنت هشك فعلا انها وهم…
نفخ عدي بضيق وقال:
-طيب شكرا اووي يا سيف ..لو لقيت حاجة اتصل بيا .سلام …
ثم أغلق الهاتف بسرعة وخرج من غرفة المكتب متجهاً للأعلى …
…
وقف امام الغرفة وهي يشعر بالغضب يتصاعد داخله …ود لو يدخل ثم يجذبها من شعرها ثم يضر بها بقوة …لقد خد عته…تلك الكا ذبة تلاعبت به وهو وقع في فخها لانه احبها …كم أراد ضرب نفسه بالنا ر لانه سمح لنفسه أن يُخدع للمرة الثانية !!
اتخذ قراره وفتح باب الغرفة ثم ولج لداخل الغرفة وجدها في التراس تقف وجسدها يرتعش قليلا …اقترب منها ليجدها تشرب سيجارتها..
-بتشربي سجاير تاني …
قالها عدي وهو يقف بجوار جواهر على التراس …انتفضت جواهر بقوة وهي تراه ثم اطفأت السيجار بسرعة وقالت بإرتباك:
-صدقني يا عدي أنا خففتها.خالص وهبطلها قريب …
ابتسم لها وهو يتلمس وجنتها وقال:
-شكلك متضايقة النهاردة فيه حاجة حصلت؟!
ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه…الا يكفي كذبها المستمر عليه …هل ستخفي عنه أيضاً ما رأته بين موسى وليان …ولكن ليان ترجتها الا تتكلم وموسى وعدها أنه سيفاتح موسى غدا في موضوع زواجه من ليان …وللمرة الأولى تشعر بالشفقة نحو عدي …الرجل تقريبا يُخدع من الجميع …الجميع حرفيا …وخزت الدموع عينيها وانسابت على وجنتيها ليديرها.عدي إليه وهو يري دموعها ويقول :
-فيه ايه يا بيري بتعيطي ليه؟!…
هزت رأسها وقالت بإختناق :
-مفيش يا عدي مخنوقة شوية …
ربت على وجنتيها وقال:
-لا انا مش هصدقك كلامك ده ..فين حاجة مضايقاكي يا بيري وانا يهمني أعرفها …ها قوليلي فيه ايه …مين زعلك …أنا بتضايق لما اشوفك متضايقة. ..
ضغطت كفيه على وجهها وقالت:
-انا اسفة يا عدي ..اسفة …
ارتجف قلبه داخل صدره وقال:
-اسفة على ايه …ايه اللي حصل لده كله ؟!
أغمضت عينيها ودموعها تنساب بقوة وقالت ؛
-اسفة على معاملتي ليك اخر مرة انت متستاهلش كده …بس انا فعلا اعصابي تعبانة …
ابتسم لها بحلاوة ثم جذب كفها وأجلسها على الفراش وقال:
-انا اللي اسف اني بضغط عليكي …مفروض لما احب حد محاولش ابتزه بالشكل ده او اضغط عليه …مفروض اتفهمه…وانا متفهمك جدا يا بيري وعارف أن ظروف جوازنا صعبة هحاول مضغطش عليكي تاني …بس أنتِ متبكيش مبتستحملش اشوف دموعك …
ابتسمت له وهي تمسح دموعها وقالت:
-أنت مفيش منك يا عدي ..
ثم صمتت وتجهمت وتأنيب الضمير يقتلها …بينما عدي كان يراقب تعاقب المشاعر على وجهها…كانت تشعر بالذنب وكان هذا يريحه قليلا …سوف يتلاعب بها قبل أن يكشفها نهائيا ثم يطردها من حياته!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي
-يا مري هيطلقك؟!هيطلقك ازاي يا بت !!!!
لطمت والدة ورد على وجهها بينما وجه ورد كان بارد لا توجد به أي مشاعر …ولا انفعالات …كان متجمد بالفعل. …هزت كتفيها بلامبالاة وقالت:
-هو لما جه قالي خليكي جمب امك وقال مش عايزك فخلاص اعمله ايه يعني …عن إذنك دلوقتي أنا رايحة انام …
ثم كادت أن تتجاوز والدتها لتلوذ بغرفتها …هي لا تريد التفكير في أي شئ …ولكن والدتها أمسكت كفها وقالت بغضب :
-أنتِ عبيطة يا بت ؟!قوليلي ايه اللي حصلك ؟!يا بت ده ياسين …ياسين !! جوزك وأبو اللي في بطنك وبيقولك أنه هيطلقك …ايه البرود اللي فيكي ده؟!
نفضت ورد كف والدتها وزفرت بحنق قائلة :
-يوووه وأنا اعمله ايه يعني ها قوليلي ؟!!اروح ابوس رجله عشان يرجعني …لا يا أمي ده مش هيحصل …عمري ما هترجاه ..هو عايز يطلق يطلق…كده كده انا مبقتش طايقاه …مش عايزاه …انتوا ليه بتضغطوا عليا !!!أنتِ كده دايما يا ماما عايزة تمشيني على مزاجك ولو معملتش اللي أنتِ عايزاه ابقى فيا كل العبر الزفت!!!
نظرت والدتها إليها بصدمة وقالت:
-ايه اللي بتقوليه.ده يا ورد …ايه الكلام اللي بتقوليه ده ؟!!،
-بقول الحقيقة يا ماما …الحقيقة!!!
صرخت بوجهها بإنهيار تام ثم أكملت :
-انا اتجوزت واحد مبحبهوش بسببك أنتِ …لانك كل شوية تفكريني بفشلي مع علي !!!حتى لما علي خطبني مكنتيش سايباني في حالي …كنتِ علطول بتسمي بدني بالكلام لحد ما سابني …وزي ما تكوني لقتيها.حجة عشان تذليني مرة تانية …
كانت تنظر الى ابنتها بصدمة …لا تصدق ما تقوله …تشعر وكأن ورد قد تبدلت تماماً…تلك ليست ابنتها …تلك ليست نظرات ابنتها … اقتربت من ورد وامسكت ذراعيها وأخذت تهزها بقوة وقالت:
-فوقي يا ورد فوقي …ايه اللي أنتِ بتقوليه ده ؟!!!ازاي بتتكلمي عني بالشكل ده …أنا في اي حاجة كنت بعملها كنت عايزة مصلحتك …مصلحتك وبس …وبعد ده كله تقوليلي كده …اخص عليكي …حقيقي اخص عليكي … وبعدين ماله ياسين …ياسين حبك ومتمسك بيكي ..زعلانة على علي ..علي اللي فسخ الخطوبة من غير تردد ورجع لمراته وهو دلوقتي سعيد ومبسوط وأنتِ بغباءك عايزة تدمري حياتك يا غبية !!!
ابتعدت ورد وقالت بجمود:
-لاني مش عايزة الحياة دي مش عايزاه …اتخنقت …معرفش أنا ازاي في يوم افتكرت نفسي بحب ياسين …أنا مش طايقاه…ولا طايقة ريحته ولا صوته …حتى ابنه اللي في بطني مش طايقاه …انا بموت يا ماما …حاسة اني هتخنق …حاسة اني هموت فعليا …أنتِ ليه مش حاسة بيا …
-انا …انا …
أغمضت ورد عينيها وهي تشعر بالتعب ثم فجأة سقطت فاقدة الوعي وآخر ما سمعته هي صرخة والدتها الملتاعة!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-طلاق!!!طلاق ايه يا بني استهدى بالله !!!
قالتها والدة ياسين بصدمة …لقد أتى لها بالأمس وطلب منها أن تستقبل ياسمين لديها لبضعة أيام …كانت تشعر أن هناك شئ ما حدث معه ولكنها لم ترغب بالضغط عليه لذلك التزمت الصمت ولكن في اليوم الثاني وبعد تناول الإفطار تأملت أن تكون نفسيته قد تحسنت قليلا وحاولت الحديث معه ليخبرها بالخبر الذي صدمها أنه سيطلق ورد!!!كيف يقول هذا …وكيف يرغب في تطليق زوجته التي تحمل طفله…هي حقا لا تفهم ابنها …شعرت بأ لم في رأسها …فضغطت على جبينها بقوة وهي تحاول استيعاب كلام ابنها الاحمق …
نظرت إليه لتجد عينيه فارغة تماماً …لا يوجد بها أي مشاعر …
-يعني ايه هتطلق مراتك وهي حامل يا ياسين انت اتجننت!!!
صرخه أمه في وجهه جعلته يعبس بشده ويقول بنبرة حادة :
-هي اللي عايزة كده انا اعملها ايه يعني!!
-عشان حضرتك اكيد عملت للبنت حاجة خلتها تنفر منك …اكيد بتسمعها كلام يرفع ضغطها زي ما انت رافع ضغطي دايما …
اتهمته والدته ليضحك بدهشة ويقول:
-أنا بجد مش مصدق انك واقفة ضدي عشانها …عايز اعرف هو انا فعلا ابنك ولا أنتِ اتبنتيني !!!
-انا مع الحق يا ابني …اكيد عملت حاجة للبنت وخلتها مش طايقاك…للاسف انا أمك وعارفاك كويس !!!
أغمض ياسين عينيه بانفعال…والدته كانت تغضبه بالفعل …شعر بنيران الغضب تندلع داخله بسبب تلك الاتهامات التي توجهها والدته نحوه …كيف يجعلها تصدق أنه لم يفعل أي شئ لورد …وأنه حائر مثلها …ولكن نفور ورد منه مؤخراً جعله حزين للغاية …يشعر بقلبه يتفتت من الأ لم …لا أحد يشعر به …ولا احد يريد أن يتفهم معاناته …فقط الجميع يلومه هو …هو فقط . .
-انطق يا واد …عملت لورد ايه ؟!!
-معلمتش حاجة يا امي والله ما عملت !!
رد ياسين وهو يركز نظراته على والدته ورأت الآن الالم بعيني ابنها … ياسين كان يعاني … ابنها الذي ظنه الجميع مجرد رجل من الجليد لا يحمل أي مشاعر …فقط هي تعرف ما بداخله…هي تحفظه عن ظهر قلب …تعرف أنه بارع للغاية في إخفاء مشاعره…ولكنه لم يخفيها الآن …رأت عينيه التي تشبعت بالدموع …احست بالانكسار الذي يحاوط روحه. ..لقد شعرت والدته به …
-انطق يا بني متتعبش قلبي …قولي يا ياسين ايه اللي حصل ؟!
أطرق برأسه ونشيج خافت ينسل من بين شفتيه….
شهقت والدته مصدومة ثم بسرعة اقتربت منه وقالت:
-مالك يا واد ايه اللي حصل ؟!هو الموضوع خطير للدرجادي …
لحظات وكان ياسين يندفع بين ذراعي والدته ويقول بإختناق بينما دموعه الحارة تنسكب على وجهه:
-أنا بحبها يا امي …بحبها أووي…
-ودي حاجة تخليك تبكي يا موكوس…روح قولها كده وهي هتفرح …
هز رأسه وقال :
-هي مبتحبنيش يا أمي …
أبعدته والدته عن أحضانها ونظرت إليه بإستنكار وقالت :
-مين دي اللي مبتحبكش يا اخويا ؟!دي ورد بتموت في التراب اللي أنت بتمشي عليه !!انت مجنون يا ياسين يا ابني !!!
تنهد ياسين وقرر أن يحكي كل شئ لوالدته …
……
بعد قليل …
كانت والدته متسعة العينين مصدومة …لا تصدق ما تسمعه ..وكيف تحولت حالة ورد بتلك الطريقة …ما الذي حدث؟!
نظرت إلى ابنها الذي يدعك عينيه بتعب وقالت بشك:
-ليكون يا واد خو نتها عشان كده هي مش طايقاك ؟!!..
زفر ياسين بحنق وقال:
-يا أمي أنتِ عارفة اني مليش في المشي البطال ..طول عمري يمين إذا كنت مخونتش الحرباية اللي كنت متجوزها هخو ن ورد؟!
هز رأسه وأكمل:
-يمكن هي عرفت أن مشاعرها ناحيتي مكانتش حقيقية …هي مقدرتش تحبني …
-طيب ما في تفسير تاني ..ليه متفكرش فيه ؟!
نظر إليها بحيرة وقال:
-تفسير ايه بقا ؟!
-انا يكون معمولها عمل مثلا ؟!
ضحك ياسين وقال:
-ليكي نفس تهزري يا أمي ؟!
امسكت والدته كفه وقالت:
-والله العظيم ما بهزر يا ياسين …أنا بتكلم بجد …تحول مراتك الغريب ده بين يوم وليلة ملهوش الا تفسير واحد بس أن هي معملولها سحر …
هز ياسين رأسه بيأس وقال:
-خلاص يا أمي بطلي كلامك ده !!
-كلام ايه يا موكوس …دي حقيقة …يا حبيبي السحر مذكور في القرآن …لو فكرت شوية هتلاقي كلامي صح …انت مش مؤمن بكده ولا ايه ؟!
-لا طبعا يا أمي انا مسلم الحمدلله وعارف ..بس الفكرة أن مين هيأ ذي ورد ويعملها سحر ..
-جوري …
قالتها والدته دون تفكير ثم أكملت:
-الست دي عايزة ترجعك وانت عارف ان جوري مجنونة ممكن تعمل اي حاجة .
هز ياسين رأسه وقال :
-لا يا ست الكل هي صحيح مجنونة بس موصلتش للمرحلة المأسوف عليها دي ..
-وأنت ايه اللي عرفك يا فالح ؟!
ابتسم هو وقال:
-عشان أنا مهندس وذكي وبفهم وبقولك جوري صحيح فيها عبر الدنيا بس مستحيل تلجأ للسحر
…………..
في منزل الدجال …
-أنت مش قولت أنها هتتعب وهتمو ت ؟!
قالتها جوري وهي تجلس بجوار الدجال …نظر إليها بخبث وقال:
-سبحانه…في البداية كنتِ بتقوليلي بلاش امو تها و….
تنهدت جوري ونظرت إليه قائلة:
-بعد تفكير عرفت أن ده الصح اصلا …عشان ارجع لجوزي لازم هي تمو ت ….
ضحك الدجال ووضع كفه على ساقها وقال:
-قريب …قريب اووي يا جميل ..بس التمن هيكون كبير شوية …
نهضت جوري وهمت بخلع بلوزتها وهي تقول:
-وانا مستعدة ادفع
إلا أنه قال:
-لا أنا مش عايزك النهاردة ..ومقصدتش كده يا مزة …قصدي الفلوس يا قمر. ..الفلوس هتزيد حبتين…
أعادت جوري ارتداء ملابسها وقالت بجمود:
-بس كده حاضر ..اعمل اللي أنا عايزة وهراضيك …
ثم سحبت حقيبتها وغادرت
……
-أمي أنا رايح الشغل خلي بالك من ياسمين …
قالها ياسين وهو يخرج من غرفته يكمل ارتداء ساعته الجلدية ولكن فجأة هاتفه رن …اتجه له وامسكه ثم عبس بحيرة وهو يجد المتصل هو حماته !!
وضع دهشته جانباً ثم رد عليها وما هي إلا لحظات حتى قال:
-بتقولي ايه !!
……………
بعد قليل …
في المشفى …
كان ياسين يقف مع والدته وحماته بينما ياسمين تجلس على كرسي برواق المشفى وهي تشعر بالتوتر …
جميعهم كانوا بإنتظار ورد التى ولجت لغرفة الطوارئ…
-قوليلي بس ايه اللي حصل يا حماتي ووصلها للحالة دي ؟!
سألها ياسين بتعب لتجيب هي :
-والله يا بني ما أعرف اتجادلنا شوية وفجأة وقعت ولقيتها بتنزف….أنا خايفة اووي يا ياسين …
ربت ياسين على كتفها وقال:
-خلاص اهدي بإذن الله هتكون بخير ..
..
خرج فجأة الطبيب من الغرفة ليقترب منه ياسين وقلبه يهدر داخل صدره …ابتسم الطبيب بلطف وقال :
-الحمدلله قدرنا نسيطر على النزيف والبيبي والام بخير بس فيه حاجات لازم نراعيها أنها ترتاح على قد ما تقدر ..وتبعدوها عن أي مصدر للتوتر والقلق …
هز ياسين رأسه بقوة وقال:
-اقدر اشوفها يا دكتور ..
-اكيد اتفضل
……
كانت ورد متسطحة على الفراش شاخصة عينيها للأعلى …
ولج ياسين الى الغرفة واقترب منها بينما قلبه يخفق داخل صدره …لقد اشتاق اليها بقوة …كم هي قا سية حبيبته !!
اقترب اكثر ثم هبط بشفتيه لكي يقبل رأسها إلا أنها أبعدت وجهها عنه وقالت:
-ابعد عني …مش طايقة اشوف شكلك …
تراجع بصدمة لتكمل هي :
-ليه جبتني المستشفى…أنا كنت أتمنى أن العيل ينزل وميربطنيش بيك اي حاجة !!!
….
كانتا كلا من والدة ياسين وورد واقفان أمام الغرفة وانتفضا سويا وهما يستمعان لصراخ ياسين …ولجا بسرعة إلى الغرفة ليجدا ياسين يصرخ بورد :
-أنتِ معندكيش احساس ولا دم …أنا مش قادر اصدق انك بالجحود ده …أنت…
-ياسين حصل ايه ؟
قالتها والدته بصدمة ليزعق ياسين :
-الهانم كانت تتمنى أن ابني ينزل …الهانم دي اتجننت على الآخر ..بس هي تولد ابني هاخده منها وهي تغور زي ما عايزة تغور و…
امسكت والدته ذراعه وهي تقول :
-ياسين ابني خلاص كفاية عشان خاطري…تعالى معايا …
ثم جذبته معها للخارج بينما هو ينهت بقوة …لا يصدق أن ورد تتصرف بتلك الطريقة ..
بعد أن خرج ياسين مع والدته اقتربت والدة ورد منها وقالت:
-انا مش مصدقة اللي بتعمليه يا ورد…صدقيني هتندمي …
ولكن ورد لم تعطيها اي رد فعل بل ظلت شاخصة عينيها للأعلى !!!
……
-خلينا نمشي يا امي ولا وديني هدخل اقتـ لها!!
قالها ياسين بغضب بعد أن أخرجته والدته …تنهدت والدته وهي ترى النير ان تشتعل بعينيه وقالت :
-ممكن تهدى …
اختنق صوت ياسين وتجمعت الدموع بعينيه :
-اهدى…اهدى ازاي يا امي …الهانم عايزة تنزل ابننا …مش عايزة أي حاجة تربطنا مع بعض …بتكر هني لدرجة أن عندها استعداد تقتل ابنها …اهدى ازاي …
ضمته والدته بقوة وقالت:
-اسمع مني دي مش ورد …مراتك مسحو رة يا ياسين … اسمع مني المرة دي وحاول تبدأ من الخيط ده …
ابتعد وكاد أن يعترض إلا أن والدته أمسكت كفه وقالت::
-أنت مش هتخسر حاجة يا ياسين ..ليه متجريش ؟!يا سيدي نروح لشيخ موثوق ويقولنا ويقرا عليها شوية قرآن لعل وعسى ربنا يهديكم على بعض وورد ترجع وتنور بيتها…اسمع كلامي المرة دي يا بني …
وعلى الرغم أن ياسين لم يكن مقتنع ابداً بما تقوله إلا أنه وافق على مضض كي لا يحزنها ..
-طيب يا ماما طيب ..
قالها مستسلماً …
تنهدت ولاء براحة وقالت:
-الحمدلله أخيراً سمعت الكلام ..
ثم جذبته إليها وعانقته بحب
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-الوقت بيمر وحضرتك بتلعبي ولحد دلوقتي مش قادرة تجيبي الشيكات …هو فيه ايه يا حبيبتي؟!ايه الفشل ده يا جوجو…جيبي الشيكات والا هقطع العلاج على امك !!!
كان هذا صوت شريف القاسي عبر الهاتف…
دعكت. جواهر عينيها بتعب …هذا الرجل حقـ.ير …أنه أحـ قر رجل رأته في حياتها كلها …لا تصدق كم هو وضيع ….حكت جبينها بتعب وقالت:
-بلاش شغل الابتزاز ده يا شريف انت عارف أنه مبياكلش معايا خالص !!أنا ممكن اجي واخد امي من المستشفي اللي بتقول عليها دي ولا يهمني …
ضغط شريف على كفيه وقال:
-جواهر انجزي أنا مش ناقص حر قة اعصاب …أنا عايز أعرف أنتِ ليه لحد دلوقتي مجيبتيش الشيكات ؟!!
-يمكن عشان ملقيتهاش !!!هيكون عشان ايه مثلا ؟؛
قالتها ببرود بينما هو كاد أن يشتعل …لا يصدق أنها بكل هذا البرود معه….
-يعني حضرتك فشـ لتي في المهمة بتاعتك وكمان بتهزري ؟!
-والله مهمتي كانت اتجوز عدي مش اسر قه يا شريف بيه وبعدين اعمل ايه ..هو خافي الشيكات بعيد عني…اعرف مكانها ازاي وبعدين لو فضلت ادور كتير ممكن. ممكن عدي يشـ ك فيا !!
ضر ب شريف المكتب أمامه وقال بغضب مكتوم:.
-ما هو لو حضرتك قدرتي تكسبي ثقته كان زمان معاكي الشيكات بس أنتِ غبـ ية معرفتيش تجريه لصفك…كان مفروض اختار واحدة اذكى من كده …
ردت جواهر بنفس البرود وقالت:
-والله هتكون فكرة حلوة واهو تعتقني من المسرحية اللي شكلها هتتكشف قريب دي وترحمني من عتهك….
تصاعدت النيران لعينيه وقال:
-بنت احترمي نفسك ايه الإسلوب اللي بتكلميني بيه ده …نسيتي أنا مين ولا ايه ؟
-للاسف منستش ….
قالتها ببرود قم أغلقت الهاتف بوجهه…
نظر شريف إلى الهاتف بصدمة وقال:
-مش قادر اصدقك ..هي فعلا اتجرأت وقفلت التليفون في وشي …بنت فعلا متربتش!!!…ماشي يا جواهر ..بس اخد الشيكات منك وبعدين أنا هعلمك الادب فعلا !!!
…………
طرقة خفيفة على الباب جعلتها تنتفض قليلا …
-ادخل .
قالتها بصوت باهت لتفتح الخادمة الباب وتقول بأدب :
-عبير هانم ..عدي بيه عايزك في المكتب . .
عبست وهي تتسائل داخلها بتوتر ماذا يريد منها ؟!هل اكتشف الحقيقة؟!
لا لا هي تتمنى الا يكون هذا قد حدث والا هي انتهت تماما وقتها
…….
أمام مكتبه كانت تجهز نفسها لتلج للمكتب بينما قلبها يهدر داخل صدرها ….
طرقت برفق على الباب وعندما سمعت الاذن بصوته الاجش ولجت للداخل لتجده واقف وكأنه يستقبلها …
-تعالي يا بيري …
قالها بلطف لتقترب منه فيقول وهو يمد.كفه:
-خدي ..
-ايه ده ؟!
قالتها وهي تنظر للأوراق التي بيده…كان قلبها يخفق بقوة ويبدو انها عرفت ما الذي يحمله …ابتسم عدي وهو يسحب كفها ويعطيها الشيكات ويقول :
-دي باقي الشيكات اللي كنت ماسكها على والدك …أنا خلاص مش عايز اضيع حياتي في الإنتقا م يا عبير …أنا مش عايز غيرك أنتِ ….
نظرت إليه بصدمة بينما احتشدت الدموع بعينيها ليقول مبتسما:
-فكرت كتير وعرفت أنك اغلى من أي انتقا م مش مهم أنتِ مين ..المهم أن قلبي حبك ومش عارف اشيلك منه ..مهما حاولت افهم.نفسي ان الحب ده ممكن يكـ سرني…ايوة أنا عارف أنك ممكن تكـ.سريني بس أنا مش هكون جبان …هخاطر وأنا هو بمد إيدي ليكي ..
مد كفه وأكمل:
-خلينا نبدأ من جديد انسى اللي عمله والدك وتنسي اللي عملته..ننسى.الانتقا م والكر ه ونبدأ مع بعض وتفضلي ملكي طول العمر …ها قولتي ايه يا بيري ..دي آخر مرة همد إيدي او هفهم أنك عايزة الطلاق وبرضه هديكي الشيكات وحريتك مش هجبرك على حاجة …ها تختاري ايه؟! …
تبتلعتف ريقها ليقول بلطف :
-طيب تحبي تأخدي وقت عشان تفكري فيه؟!
هزت رأسها بإمتنان ..ثم ذهبت من أمامه مسرعة….
…..
فتحت بابا غرفتها واول ما فعلته هو الاتصال بشريف وقالت ؛
-شريف الشيكات بتاعتك معايا …معايا و …
-احر قيها بسرعة …احر قيها بسرعة يا جواهر…يالا ..
رمت الهاتف على الطاولة وأخرجت القداحة وهي ترفع الشيكات وتضع تحتهما اللهب !!!
……..
كان يقف أمام مكتب صديقه والتوتر يتصاعد داخله …ولكن كان لابد أن يفعلها….هو يجب أن يخبر عدي بكل الحقيقة ….
طرق بخفوت على الباب ثم ولج للداخل …
كان عدي جالس على المكتب ووجهه متجهم…يظهر عليه البؤس وموسى لم يفهم لماذا وهذا جعله متردد قليلا أن يتكلم في صديقه في أمر زواجه من ليان ولكنه نفض كل تلك الأفكار من رأسه وقرر أن يتحلى بالشجاعة وقال:
-عدي ممكن اكلمك في موضوع مهم ؟!
نظر إليه عدي بحيرة وقال:
-اكيد اتفضل يا موسى …
ابتلع موسى ريقه وقال:
-عدي أنا بحب ليان وعايز اتجوزها!!!
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أسطى امير في واحد عايزة برا الورشة …
قالها ذلك الصبي الذي يعمل مع أمير..
ترك أمير السيارة التي كان يعمل بها وخرج من ورشته ليرى من يريده…توقف برهة وهو يراه …
-باشمهندس ياسين !!!
قالها بدهشة …ابتسم ياسين بإيجاز وقال:
-أسطى امير أنا محتاجك ضروري ممكن تساعدني!
يتبع….
(سأعود من أجلك حبيبتي )
ألم أخبرك أني ملعون بحبك …لا مفرار من حبك أينما ذهبت…سولييه نصار
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
نظر أمير إليه بحيرة وقال:
-اتفضل قول محتاجني في ايه وانا لو أقدر عيوني ليك يا باشمهندس … ….
ابتسم ياسين وقال:
-ده العشم برضه يا أسطى أمير…أنا كنت متأكد انك هتقف جنبي…معلش الموضوع مطول ممكن نتكلم في مكان بعيد عن هنا …
هز أمير رأسه وقال:
-اكيد…
ثم قال للفتى الذي يعمل معه:
-عبده خلي بالك من الورشة عقبال ما اجي …
-حاضر يا أسطى ..
ثم سار أمير بجوار ياسين وقال:
-تعالى نتكلم في البيت يا باشمهندس ..
هز ياسين رأسه واتجها الى المنزل ….
…………
فتح أمير باب منزله ودخل ثم دعا ياسين للدخول …
-اتفضل اقعد هنا يا باشمهندس هتشطف واغير هدومي وأجيبلك حاجة تشربها …
هز ياسين رأسه بهدوء تام وجلس على الأريكة وهو غارق بتفكيره …لا يعرف هل الذي يفعله صواب ام لا…هو ابدا لا يصدق أن جوري تتبع هذا الطريق الملتوي…صحيح هي مجنو نة …مخـ تلة وخبيـ ثة ولكنها لن تصل لهذا المستوى ابدا …ولكن من ناحية أخرى تغير ورد معه غريب …وبدأ جزء منه يقتنع ان شئ خارق زرع الكرا.هية في قلبها من ناحيته ..ولكن جزء اكبر غير مقتنع بالأمر بتاتا ولولا توسل والدته له لكي يتحرك لم يكن ليأتي هنا …فهو لم يجد غير أمير ليثق به…ذلك الشاب الطيب الذي ساعده منذ عامين عندما أُصيب في حادث وهو من نقله للمشفى وتبرع بالدم أيضاً …ومنذ ذلك اليوم وهم اصدقاء لا يلتقون كثيراً ولكن ياسين يعرف أنه إذا أراد شئ وطلبه من أمير لن يتأخر وهو كذلك لن يتأخر عنه …
-اتفضل يا باشمهندس …
قالها أمير منتزعا ياسين من شروده وهو يقدم له كوب العصير …
نظر ياسين الى امير الذي بدل ثيابه ويحمل عصير الموز باللبن المفضل لديه …ابتسم ياسين وقال:
-لسه فاكر مشروبي المفضل …
ابتسم أمير وهو يجلس مقابله على الأريكة وقال :
-أكيد.يا باشمهندس …
-تقدر تقولي يا ياسين ياأمير بلاش الرسميات ما بيننا مفروض أننا أصحاب يا راجل …
ابتسم أمير وقال :
-انا عارف قد ايه بتحب لقبك وبتعتز بيه عشان كده بحب أناديك بيه …
ضحك ياسين وهو يهز رأسه موافقاً وقال:
-عندك حق أنا بحب لقبي جداً….
ولكنه تجهم مرة آخرى وهو يفكر بعمق …ليعبس أمير فجأة وهو يرى شروده فقال:
-فيه حاجة يا باشمهندس. ..قولي …
تنهد ياسين وقرر أن يحكي له كل شئ…لن يخفي عنه شيئا …بدأ يسرد ما حدث معه وكيف تغيرت حالة زوجته معه للنقيض تماماً….فبعد أن كانت تعشقه أصبحت تمقته الان وهذا حقاً يجر حه لانه بالفعل يحبها …لا يريدها أن تبعده عنها بتلك الطريقة ….
….
بعد أن انتهى ياسين من السرد نظر أرضا لكي لا يرى أمير الإنكسا ر الذي يسيطر على ملامح وجهه وقال وهو يفرك كفيه :
-أنا يا أمير مش عارف أعمل ايه ؟!ولا عارف السبب اللي مخليها كده ؟!!أمي قالت ممكن يكون معمول ليها سحر ….أنا بصراحة مش بصدق في الكلام ده …عشان كده عايز اخد رايك في الموضوع ده ..تفتكر ممكن يكون معمول ليها سحر فعلا ؟!أنا بصراحة مش مصدق …بس أمي مقتنعة أن فيه حد عمل لمراتي.سحر …وانا دلوقتي مشتت …مش عارف اصدق ايه …وحاسس اني تعبان …أنا بس عايز مراتي تبقى كويسة …عايزها ترجع بيتها …مش عايزها تبعد عني أنا بحبها !!!
تنهد أمير وهو ينظر إليه بشفقة كان يهذي بقوة ….يشعر أنه على حافة الإنهيار فقال:
-اهدا يا باشمهندس بإذن الله هنلاقي حل …متقلقش وهنعرف ايه السبب …ولازم تعرف أن السحر مذكور في القرآن وان فيه ناس معندهاش دين بتلجأ للطريق ده والحل بيكون بالدعاء لربنا وتحصين نفسك بالقرآن ..عموما أنا أعرف حد ممكن يساعدك…ولو حابب نروح دلوقتي أنا وأنت سوا معنديش اي مانع …
لم يكن ياسين يريد الدخول في تلك المتاهات ولكنه بدا الحل الوحيد !!!
هز ياسين رأسه.بالإيجاب لينهض أمير وهو يمسك هاتفه المحمول ويقول :
-هتصل بيه دلوقتي ونشوف يا باشمهندس …
ثم أتصل بالرجل المطلوب …وما هي لا بضعة دقائق الا وكان ياسين وأمير يسيران سوياً خارج المنزل متجهان إلى منزل هذا الرجل
………….
وصلا إلى المنزل البسيط نسبيا والذي كان قريب نوعا ما من بيت أمير …
رن أمير جرس المنزل ليخرج لهما شاب يافع في الخامس عشر من عمره …ابتسم الشاب وقال:
-ازيك يا أسطي أمير وحشتني…
-وأنت كمان يا عمرو ازيك …
-الحمدلله يا أسطى …
وما كاد أمير يسأله عن شقيقه حتى خرج شاب في أواخر العشرينات تقريبا ….وسيم الشكل …عينيه عسلية ووجهه مزين بلحية سوداء خفيفة بشوش الوجه …مبتسم دائما …
-شيخ أمجد ..
قالها أمير وهو يصافحه ..ابتسم امجد وقال:
-عاش من شافك يا أمير ..اخبارك يا راجل وحشتني …
ثم صافح.ياسين أيضا وقال:
-اتفضلوا على أوضة الجلوس وانا دقيقتين وهلحقكم بإذن الله …
ثم وجه كلامه لشقيقه :
-عمرو دخلهم اوضة الجلوس وقول للجماعة يعملوا ليهم حاجة يشربوها بسرعة يالا …
هز عمرو رأسه وقال:
-حاضر …
ثم وجههم لغرفة الضيوف ….
تطلع ياسين الى الغرفة ذات التصميم البسيط بإعجاب …كان المنزل بسيط صحيح ولكنه دافئ …تشعر فيه بالسكون…جلس ياسين على الاريكة وانتظر هو وأمير بصبر خروج الشيخ أمجد …نظر ياسين الى امير وقال:
-متأكد أنه هيقدر يساعدني يا أمير …
هز أمير رأسه وقال:
-اكيد يا باشمهندس … الشيخ أمجد بإذن الله هيحل مشكلتك …
-اتمنى كده ..
قالها ياسين ولكن داخلها لم يكن مقتنعاً أيضا …أنه يجد ان الأمر يصعب تصديقه …جوري لا تفعل هذا …هي ليست من هذا النوع ….
قاطع أفكاره دخول الشيخ أمجد مرتدياً قميصاً أزرق وبنطال جينز وبيده مسبحة إلكترونية …
نظر إليه ياسين بغرابة ثم أمال على أمير وقال:.
-متأكد أن ده شيخ يا عم الحاج ..ولا أنت جايبني عند دكتور نفسي …ده مش شكل شيخ …اومال فين الجلابية والسبحة الطويلة …
-أسكت يا باشمهندس الله يكرمك ….
صمت ياسين كما أخبره ليجلس امجد على الأريكة مقابلهم ويقول بوجه بشوش لياسين :
-اتفضل يا أستاذ ياسين كنت حابب تسأل عن ايه ؟!
-معلش يا شيخ بس عشان نعمر مع بعض يفضل تقولي يا باشمهندس ..معلش اللقب بتاعي مهم جداً بالنسبالي …
ضحك امجد وقال:
-سامحني يا باشمهندس ..طبعا عارف أننا كمهندسين متمسكين باللقب اووي …
توسعت عيني ياسين ليتمتم أمير له :
-الشيخ أمجد يبقى مهندس برضه يا باشمهندس
كان ياسين حقاً مندهش ولكنه لم يعقب وصمت قليلا بينما أردف امجد :
-ها يا باشمهندس ممكن تقولي ايه المشكلة اللي عندك؟!
تنهد ياسين وبدأ بقص له ما حدث بينه وبين زوجته ….
بعد أن انتهى ياسين من الكلام نظر إلي الشيخ أمجد ليرى رد فعله …كان الشيخ ملامحه منغلقة لا توضح أي شئ بينما كان ياسين يفرك كفه وهو ينتظر اي رد فعل منه …فالقلق أصبح يملأ قلبه …
-ها يا شيخ أمجد ايه رايك في الكلام ده تفتكر أن ده سحر ؟!
تدخل أمير ليقول أمجد :
-بصراحة الموضوع واضح جداً أنه سحر بس حابب اسألك شوية اسئلة كده هل انت بتعاني من نفس النفور اللي بتعاني منه زوجة حضرتك ؟!
هز رأسه وقال:
-لا أبداً ..
-طيب بتحس ان أحياناً بتحصل مشاكل من مفيش …
هز ياسين رأسه وقال:
-ايوة يا شيخ ..يعني صحيت من النوم فجأة مش طايقاني ومهما احاول اعرف ايه اللي مزعلها مني مترضاش تتكلم وكانت بتتعصب عليا …حصلت منها حاجات كتير اووي …مكنتش مصدق ان دي مراتي …
-طيب أنا هقرأ عليك وأشوف عندك حاجة ولا لا …
قرب يا باشمهندس …
اقترب ياسين من أمجد وجلس بجواره …وضع أمجد كفه على رأس ياسين وأغمض عينيه ثم بدأ يقرأ القرآن ….
بعد دقائق عديدة أنتهى من قراءة القرآن ثم قام بتحصينه ثم فتح عينيه وقال:
-الحمدلله أنت سليم مفيش حاجة فيك …بس محتاج كمان اشوف المدام بتاعة حضرتك ….
-هي سايبة البيت حاليا يا شيخ مينفعش تعرف من غير ما تشوفها …
ابتسم أمجد وقال :
-أنا بعالج بس بالقرآن يا باشمهندس ومقدرش اعرف ان كان فيها حاجة الا لما اشوف …حاول ترجعها بيتك …المهم تكون في بيتك عشان اعرف اذا كان البيت فيه مشكلة ولا لا واللي فيه الخير يقدمه ربنا …
نهض ياسين وقال:
-شكرا أووي يا شيخ ..
-العفو يا باشهمندس …
تردد ياسين قليلاً ثم قال :
-طيب يا شيخ انت اتعابك كام ..يعني عايز كام ….
-اتعابي انك تدعيلي دايما بصلاح الحال يا باشمهندس….أمير هيديكي نمرتي وابقى كلمني لما تجيب زوجة حضرتك للبيت ونحدد موعد نتقابل فيه …
-حاضر يا شيخ …
قالها ياسين ..ثم نهض أمير وهو يقول :
-السلام عليكم يا شيخ أمجد ..
-وعليكم السلام يا حبيبي ربنا يحفظكم …
ثم أوصلهما لباب المنزل …..
…..
-ها دلوقتي صدقت ولا لسه ؟!
قالها أمير وهو ينظر إليه فتنهد ياسين وقال:
-مش هصدق الا لما مراتي ترجع زي الأول واحسن يا أمير …الموضوع ده خانقني .
وضع أمير كفه على كتفه وقال :
-متخافش يا باشمهندس كل حاجة هتكون بخير بإذن الله …الشيخ أمجد انسان تقي وهيعرف يحل مشكلتك بأمر الله …متقلقش ده مضمون …
هز ياسين رأسه ثم قال فجأة:
-صحيح يا أمير هو ليه مبياخدش فلوس على الحاجة دي ..ده ممكن يحسن مستواه شوية ..
-هو بيعمل الحاجة دي لله وعمره ما بيطلب حاجة …حتى والده الشيخ منصور…كان شيخ كبير في الحارة دي وكان بيعالج بالقرآن ومكانش بياخد ولا مليم وبعدين الشيخ مش محتاج هو شغال مهندس في شركة مصر للطيران يعني اللهم بارك حالته مرتاحة …
عبس ياسين وقال:
-يعني مستواه ماديا كويس …طيب مفكرش ينقل لمكان أحسن من ده شوية…
عض ياسين لسانه بغيظ بسبب اندافاعه الغريب في الكلام إلا أن يبدو أن أمير لم يغضب منه بل ابتسم بلطف وقال:
-هو متعلق بالبيت ده ..ومتعلق بالحارة دي أووي فتلاقي أنه صعب يسيب بيته وحارته ويروح.بعيد …هو مرتاح هنا …
ابتسم ياسين وقال:
-فهمتك …
-مبسوط انك فهمت …المهم دلوقتي اعمل اللي قالك عليه وربنا يقدملكم الخير يارب ..
-يارب
…………
ودع ياسين أمير ثم استقل سيارته وانطلق بها وشعور بالإرتياح يتسلل إليه …يشعر أنه أخيراً سوف تنحل جميع مشاكله …صحيح لا يصدق الأمر بعد ولكنه شعر بالإرتياح عندما رأى هذا الشاب …فوجهه يوحي أنه رجل صالح …وجه بشوش …لا يعرف تقريباً العبوس …مبتسم بلطف ..كلامه يريح.القلب …يتمنى من كل قلبه ان يستطيع حل المشكلة …بتردد أخرج هاتفه من جيبه …لقد عرف أن ورد خرجت من المشفى …لقد خرجت وهو لم يفكر من الأساس أن يذهب إليها ..أو يطمئن عليها …فبعد ما قالته بالمشفى جعله يشعر بالنفور منها …لقد جرحت مشاعره حقاً ….تنهد وهو يفكر أن يتنازل تلك المرة من أجل إنجاح حياتهما سوياً …هو غير مستعد أبدا على التخلى عنها …لا يستطيع!!!
اتصل بهاتفها وهو يضع الهاتف على أذنه بينما قلبه يرتعش بقوة ….
……
في منزل ورد …
نظرت ورد إلى هاتفها ثم تأففت …هي لا تريد أن تتكلم معه الآن … لماذا يتمسك بها وهي لا تطيقه لتلك الدرجة ؟!
دعكت عينيها بتعب عندما أتت والدتها وقالت:
-تليفونك بيرن يا ورد …
-ايوة سامعاه …اعمله ايه يعني ؟!
نظرت إليها بصدمة ثم رأت هاتفها لتجد أن المتصل هو ياسين :
-ده ياسين يا بنتي ردي عليه !!
زفرت هي بضيق وقالت:
-معلش يا ماما مش عايزة ارد عليه …ممكن تردي عليه أنتِ وتقوليله اني نايمة …عشان خاطري مليش مزاج أكلمه …
نظرت إليها والدتها بعجز ولم تستطع أن تجادلها فالطبيب حذرها من ان يجهدها أحد …
امسكت الهاتف وردت عليه …
…..
ما أن انفتح الخط حتى قال دون أي مقدمات:
-ورد اجهزي يالا هعدي عليكي عشان نروح بيتنا …
حل صمت مرتبك من الجانب الآخر فعبس وقال بصوت جاد :
-ورد أنتِ سامعاني ؟!!
-أنا مش ورد يا بني …
كان هذا صوت حماته المرتبك …وأكملت بنبرة أكثر ارتباكاً :
-ورد نايمة يا بني …
ابتسم بسخرية وقال:
-انا عارف انها صاحية ومش عايزة تكلمني يا حماتي …بس عموما قوليلها تجهز عشان هترجع معايا النهاردة على البيت …ياريت يا حماتي تبلغيها بكده ..
-أمرك يا بني …
قالتها المرأة بلطف ثم أغلقت الهاتف …
أسرع ياسين من قيادته وقال:
-بس اشوف مشكلتك ايه يا ورد وأحلها وانا والله هرنك علقة كل يوم على اللي بتعمليه ده …ماشي اصبري ….
……
-رجوع ايه انا مش راجعة!!!
صرخت ورد بوجه والدتها بإهتياج وهي لا تصدق غروره …كيف ظن أنها ستعود معه؟!!!!ها وصل غروره لهذة الدرجة ؟!
-يا بنتي بس اسمعيني !
قالتها والدتها بتعب لترد ورد بعناد :
-لا قولت مش هرجع ويوريني هيجبرني أروح معاه ازاي !!
ثم جلست على فراشها وقالت:
-وانا اهو مستنياه اللي عامل نفسه فاندام …
هزت والدتها رأسها بيأس وقالت:
-ربنا يهديكي يا بنتي عشان شكلك هتجننيني معاكي !!!
…………
بعد قليل دق جرس المنزل …
-ياسين جه ..
قالتها والدتها بقلق لتهز ورد رأسها وتقول :
-اهلا بيه …اعمل ايه يعني ؟!
ثم أكملت العبث بهاتفها …
-ربنا يستر يارب ..
قالتها والدتها بنبرة مرتعشة ثم ذهبت نحو الباب وفتحته لتجد أمامها ياسين مبتسم بلطف وقال:
-ازيك يا حماتي ..
-ازيك يا بني اتفضل ..
قالتها بإرتباك فنظر إليها بإشفاق …فهي مجرد أم تريد أن تطمئن على ابنتها مع زوج جيد وأسرة دافئة ولكن ورد تتصرف وكأنها فقدت صوابها !!!
ابتعدت هي قليلا لكي تسمح.له بالمرور وقالت بصوت خافت :
-ورد جوا في اوضتها يا بني …
هز رأسه ثم اتجه لغرفة ورد وهو مستعد للغاية…سوف تعود معه اليوم … برضاها أو رغماً عنها!!!
….
شهقت ورد بقوة عندما اندفع ياسين إلى غرفتها وقال بصوت قوي:
-انا مش قولتلك تجهزي؟!
نهضت من فراشها بقوة وصرخت:
-أنت ازاي تدخل اوضتي بالطريقة دي ؟!هي زريبة يا بيه ..
-باشمهندس لو سمحتي …
قالها ببرود ولكن عينيه كانت ابعد عن البرود تماماً فنظراته الحارة مرت عليها في تقييم سريع…كانت ترتدي قميص قطني قصير بلا أكمام وسروال قصير لا يكاد يصل إلى ركبتيها …توقفت نظراته على ساقيها كالعادة ووقف لعده لحظات يتأملها …
-أنت بتبص على ايه يا بني آدم أنت !!!
صرخت بها وهي تجذب إسدال والدتها الكحلي الذي كان ملقي على المقعد بجانبها وارتدته…ثم أكملت :
-أنت فعلا إنسان مش متربي ..وبصاص …
ثم خرجت من الغرفة بأكملها غاضبة …
فقال بحيرة:
-وفيها أيه لما أبص على مراتي ؟!مش فاهم يعني !!!
ثم خرج من الغرفة وقال لورد الغاضبة :
-يالا عشان نمشي !!!هترجعي معايا يا ورد وده قرار نهائي ….يالا !!!
هزت رأسها وقالت:
-قولتلك قبل كده خلاص علاقتنا انتهت. .. طلقني يا ياسين …
شهقت والدتها وهي تضرب على صدرها وقالت:
-الشر برا وبعيد يا بت متقوليش كده …
ثم نظرت إلى ياسين وقالت:
-اعذرها يا بني ..بنتي عبيطة مش عارفة مصلحتها …سامحها على هبلها يا ياسين …هي هتروح معاك
-أمي أنا مش مجنونة !!!
صرخت ورد بإهتياج لترد والدتها وتقول:
-لا أنتِ مجنونة وعبيطة كمان روحي مع جوزك يالا …
-يالا يا ورد البسي عشان نروح !!ياسمين مستنيانا في بيت ماما !!
-مش راجعة …مش راجعة معاك يا ياسين أنا حرة ..خلاص مبقتش عاوزاك …
صرخت ورد في وجهه لينفخ هو ويقول بضيق:
-يا مصبر الوحش على الجحش يارب …يارب صبرني بدل ما أجيب طقم سنانها الأرض …
نظرت والدة ورد إليهما بتوتر وقالت:
-يا بنتي روحي مع جوزك بلاش غلبة …
-لا يا أمي مش هروح وخليه يمشي وجوده بيجيبلي ضيق تنفس …
ضغط على كفه وهو يحارب الرغبة في لكمها…لن يكون جيد أن يحـ طم فك زوجته ….
-يالا يا ورد ربنا يهديكي هنروح البيت …
-لا مش هروح ومش هتجبرني على حاجة يا أستاذ ياسين …
-باشمهندس ياسين لو سمحتي …
ثم اقترب منها وحملها بين ذراعيه …
-ياسين …
صرخت وهي تضربه على صدره إلا أنه قال وهو يتجه بها لباب المنزل قائلاً:
– لو كنتِ عنيدة فأنا أعند منك ….
ثم وجه كلامه لحماته:
هاجي اخد حاجاتها بعدين ….
-حاضر يا بني …
قالتها حماته ثم أسرعت إلى الباب وفتحته وسط جدال ورد مع ياسين …
خرج ياسين من المنزل ليجد جارة حماته الفضولية تخرج …تلك المرأة التي يبغضها كثيرا رغم أنه رأها مرتين فقط ولكن في تلك المرتين سألته حتى عن نوع سرواله !!
-ايه ده يا ياسين يا بني ؟!خلاص رجعت مراتك؟!
قالتها السيدة بفضول ..
-خلى مناخيرك في وشك يا حاجة !
قالها بإقتضاب ثم استمر في سيره غير عابئ بها أو بورد التي تضربه على صدره
….
بينما يقود السيارة كان يصفر وهو يشعر بالإنتصار بينما وجهها كان أحمر من شدة الغضب…الغبي اخذها من المنزل وهي ترتدي اسداا والدتها !! …نظرت إليه وجل ما أرادت فعله الآن ان تضربه…كيف يمكنه أن يكون مزاجه رائق بينما هي غاضبة ….
نفخت بضيق وقالت:
-ممكن تبطل تصفير صوتك وحش أووي …
هز كتفه وقال:
-حاصر هغني بدل.ما أصفر
وبالفعل بدأ الغناء بصوته النشاز …
انت لو كنت بتهتم
انت لو كان عندك دم
انت لو بتحس ياعم
هتعرف ايه اللى مزعلنى
م انت لو كنت بتهتم
وماليه عنيك كنت هتتلم
ده انت لو كنت بتفهم
متزعلنييش وتدلعنى
مخصماك
وابعد عنى انا مش طيقاك
سيبنى مش عايزه ابقا معاك
متورينيش وشك تانى
كان يغني وهو ينحني إليها فدفعته وقالت:
-ازاي حد بتفاهتك.يدخل كلية هندسة …ازاي …
رفع كفه له وقال:
-خمسة ..الله أكبر …
ثم ضحك تاركاـ اياها تشتعل من الغيظ!؟
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡.
عبس عدي للحظات وشعر أنه سمع بشكل خاطئ .. بالتأكيد هو سمع بشكل خاطئ. ..هذا لا يمكن أن يحدث ولكن بالنظر لملامح وجه موسى المتوترة عرف عدي أنه سمع بشكل صحيح فقال بصدمة:
-بتقول ايه يا موسى ؟!
ثم نهض وملامح وجهه تعصف بالغضب …ولكن موسى لم يتراجع بل قال بنبرة هادئة رغم الضجيج داخله’:
-قولتلك أنا بحب ليان …بحبها وعايز اتجوزها يا عدي !!!
-أنت اكيد مجنون … مجنون…انت ازاي تفكر في كده ازاي ؟؟!!دي اختي …اختي انت سامع !!!..
ابتلع موسى ريقه وانحفر التوتر على وجهه وقال:
-بحبها يا عدي …بحبها !!
-انا مش مصدق انك خنت ثقتي وحبيت اختي. مش مصدقك انك بصيت لها في يوم من الايام ..كان مفروض تعتبرها اختك وتحميها مش تحبها؟! وبعدين ليان مستحيل تقبل ولا أنا كمان …
-ليان بتحبني …
قالها موسى بقوة ليصرخ عدي وهو يضرب الطاولة بقوة :
-أخري …اخرس …بطل كدب ..ليان مبتحبكش !!!
-تقدر تسألها يا عدي …ليان بتحبني وانا بحبها …وكمان موافقة على الجواز
-أنت …إنت بتقول ايه ؟!
ردد عدي بذهول ليقول موسى بقوة :
-ليان بتحبني يا عدي …هي قالتلي انها بتحبني زي ما أنا بحبها !!!
-أنتوا ارتبطوا؟!
قالها بصوت مخيف…بينما النيران تندلع من عينيه…أراد موسى أن يكذب ولكن نظرات عدي كانت تلاحقه …هو لن يستطيع أن يكذب عليها بعد الآن…
-انطق يا موسى انتوا ارتبطوا…اتكلم ومتجننيش …قول أن ده محصلش …قول أني مكنتش غلطان لما حطيت ثقتي فيك !!!
أطرق موسى برأسه وقال:
-حاولت اقتل الحب اللي جوايا ليها …حاولت ابعد أو أنكر الموضوع …صدقني يا عدي حاولت كتير أبعد…حاولت مخونكش بس مقدرتش …مقدرتش يا عدي …أنا حبيتها …حبيتها اكتر من حياتي…حبيتها اكتر من اي حاجة في الدنيا دي كلها …أنا عايزها يا عدي …عايز اتجوزها!!
ضم عدي كفيه بقوة ليكمل موسى برجاء :
-شوف أنا عارف ان الماضي بتاعي مش مشرف …عارف ومتأكد من كده يا عدي …وطبعا ليك حق تخاف على اختك وانا مش بلومك…بس أنت صاحبي …صاحبي وعارف أنا بحب ازاي …وعارف اني مستحيل ازيف مشاعري….مشاعري ناحية أختك حقيقية وقوية …أنا مش ههرب من الحقيقة …كفاية هروب …أنا بطلبها منك في الحلال …
اقترب عدي من موسى….عينيه تندلع منها النيران …وفكه يهتز بإنفعال …كان في حالة غريبة ..ولثواني خاف موسى أن يقتله …فهو بدا مختلف تماماً عن ذلك الصديق الذي ساعده دوما !!!
-مردتش على سؤالي يا موسى انتوا ارتبطوا!!!
كرر مجدداً …نبرته باردة ولكن عينيه كانت رهيبة …الغضب الذي يسكن في عينيه اخاف موسى حقاً …
-ايوة يا عدي ..ارتبطنا بس والله …آه…
صرخ بقوة وهو يتلقى لكمة قوية من عدي
-أختي يا موسى …اختي !!!
صرخ عدي وهو يلكـ م موسى بقوة…أرجع موسى كفيه خلف ظهره وشبكهما ببعض كي لا يتهور ويدافع عن نفسه ضد عدي …
-ماشي مع أختي من ورايا وأنا اللي دخلتك بيتي !!!
صرخ عدي مرة آخرى وهو يلكـ مه بقوة أكبر …تراجع موسى للخلف من قوة الضر بة ولكنه ما زال محافظ على تشابك كفيه …
-أنا عايز أتجوزها يا عدي …أنا بحبها !!!
قالها موسى وهو ينظر إليه الد ماء تسيل من أنفه فلا يهتم بها …
أقترب عدي وامسكه من قميصه وصرخ:
-أخرس ..اخرس …انت ازاي تفكر اني هجوزك أختي ازاي !!! اختي لو اتجوزتك هتمو ت يا قيصر …ايه نسيت نفسك؟! ….
أغمض موسى عينيه بتعب ثم فتحهما مرة آخرى وقال:
-أنا هحميها…أوعدك هحميها بس متبعدهاش عني أنا مليش غيرها …
دفعه عدي وقال ببرود:
-كنت عرفت تحمى الأولى يا موسى …أنت فشلت ومحميتش مراتك أم ابنك وما تت هي وابنك بسببك …وأختي مش هخليها تواجه نفس المصير .. اطلع برا بيتي من النهاردة مش هخليك حتى تشوف ليان…وأنا قريب هجوزها للي يستحقها …برا يا موسى !!! …
-عدي متعملش كده …مدمرش احلامنا …أنا هحمي اختك …أنا عارف انك خايف عليها …عارف ان حياتي اللي فاتت مكانتش مشرفة بس انت اكتر واحد عارف قد ايه انا اتعذبت …وعارف اني حاولت احمي مراتي منهم ومقدرتش وعشت سنين شايل الذنب ده …فمش عدل انك كل شوية تفكرني بيه يا عدي …
لم يتراجع عدي ….صحيح موسى كان صديقه ولكن ليان اهم من اي شخص آخر …هي عائلته …من دمه …اخر ما تبقى له …هو ليس لديه احد سواها ولا يمكن أن يجازف بحياتها …
-أنت لو مكنتش بتثق فيا يا عدي مكنتش خلتني ابقى البودي جارد بتاعها …عدي متبعدش ليان عني وانا أوعدك اني هعمل المستحيل عشان أسعدها …وهعمل اللي هي عايزاه …عشان خاطري يا عدي …لو في يوم صداقتنا كان ليها معنى عندك وافق …
دفعه عدي وقال بقوة :
-صداقتنا انتهت من النهاردة يا موسى …أنت خاين ..خنتني في بيتي …ارتبطت بأختي من ورايا ومحترمتنيش وكدبت عليا …كل الحاجات دي يا موسى بتخليني اقولك. صداقتك دي واطلع من هنا أنا مش عايز اشوف وشك تاني هنا أبداً…قدامك عشر دقايق عشان تحضر شنطتك وهخلي الآم يوصلوك لحد بوابة القصر وطبعا هديك مكافأة آخر الخدمة …أنت برضه أنقذت اختي كتير وانا مش واطي عشان أنسى اللي عملته !
نظر موسى إلى صديقه بصدمة …لا يصدق أن عدي يفعل هذا …عدي يطرده.من منزله!!!لابد أن هذا حلم سئ …كابوس ربما … شعر موسى العالم يضيق به …أكثر ما كان يخشاه أن يبعده أحد عن ليان …فهو لن يستطيع أن يبتعد عنها أبداً…ولكن ماذا ظن ؟!هل ظن أن عدي سوف يوافق عليه …هذا مستحيل …هذا حلم بعيد المنال!!!
-يالا يا موسى امشي من هنا …ايه مسمعتنيش ؟!
قالها عدي بصوت بارد بينما يصوب نظراته النارية إليه …ابتلع موسى ريقه وهو عاجز تماماً عن اتخاذ أي رد فعل… لذلك انسحب بسرعة من الغرفة …وما أن ذهب موسى حتى جلس عدي على المقعد بينما يشعر الدموع توخز عينيها كان قلبه يعتصر من الألم ؛
-حتى انت يا موسى …حتى انت…الكل خدعني وأنت معاهم …يا خسارة فعلا !!
…..
وقفت ليان امام الغرفة بتردد. ..لا تعرف ماذا فعل موسى وماذا قال…ترى هل وافق ام غضب واعتبر أنهم خدعوه …تتمنى الا يكون شقيقها قد فعل شئ من شأنه يدمر سعادتها …
طرقت الباب بلطف لتسمع بعد برهة صوت موسى وهو يقول :
-أدخل..
دخلت بإشتياق لتراه ولكنها تجمدت فجأة وهي تجده يضع اشياؤه في الحقيبة …رمشت عدة مرات وهي لا تفهم ماذا حدث ولكن موسى كان مشغول ولا يبدو أنه سيجيب على اي سؤال الآن أغلقت الباب وولجت للغرفة وهي تقول :
-ايه اللي بيحصل يا موسى …بتلم هدومك ليه ؟!ايه اللي حصل ؟….
كانت تتكلم بسرعة …الخوف يعصف بها…..لا يمكن أن يفعل شقيقها هذا …لا يمكن أن يدمر سعادتها….اقتربت هي أكثر من موسى وأمسكت وجهه بين كفيها وهي تقول بينما الدموع تطرف من عينيها:
-موسى ابوس ايديك قولي ايه اللي حصل …ليه بتلم هدومك ؟!انت قولت رايح تطلبني من اخويا فأيه اللي حصل !!
أمسك كفيها وابعدهما عن وجهه ثم قبلهما بالتتابع …كان يغمض عينيه وهو يقبل كفيها بعاطفة شديدة …سوف يبتعد عنها وهذا الشعور قاسي …انه يشعر وكأن قلبه سوف يخرج من صدره…يشعر بالإختناق …الموت !!!مشاعر سلبية للغاية تعصف به …تمنى ان يتفهمه عدي …ان يثق به ..ويعرف كم هو يحب ليان حتى اكثر من حياته ولكن رد فعل عدي كان قاسي وهو لن يلومه فهو أخطأ أيضا بحقه …
كان يودعها ..انها تشعر بهذا وبينما يقبلها بتلك الرقة كانت الدموع تطرف من عينيها بقوة فاندفعت بين ذراعيه وعانقته بقوة وهي تبكي بصوت مرتفع …تبكي وهي تتمسك به وتقول :
-متسبنيش يا موسى …ابوس إيديك متسبنيش أنا ممكن أموت فيها …
احتشدت الدموع بعينيها وهو يشدد من احتضانها …انها حياته فكيف يتركها …سوف يموت في اليوم مائة مرة بدونها …حبيبته الصغيرة من ادخلت الحياة لقلبه المظلم…
ابتعد عنها وهو يحاصر وجهه ..دموعه تكسر حاجز تماسكه وتنساب على وجنته القاسية ويقول :
-بتثقي فيا يا ليان ؟!
هزت ليان رأسها بقوة وقالت بصوت مختنق :
-اكتر مما تتخيل …بثق فيك جدا …
ابتسم بحب وقال :
-يبقى خليكي واثقة اني هرجع قريب وهتجوزك ومفيش حد هيقدر يفرق بيننا …ده وعدي ليكي …
-متمشيش يا موسى …خليك هنا ونفذ وعدك …قلبي واجعني اووي وانا شايفاك سايب وماشى …أنا هكلم اخويا متقلقش…اخويا مش هيستحمل يشوفني زعلانة …اكيد هيرجعك لما يشوف قد ايه انا بحبك وانت بتحبني …بس متمشيش يا موسى …عشان خاطري متمشيش !!
تنهد موسى وهو ينظر إليها ثم قبل رأسها وقال بأسف :
:ياريت اقدر يا ليان ..بس مقدرش…مقدرش ابقى وعدي مش عاوزني …ليان أنا هرجع وهقنع اخوكي متصعبيش الموضوع عليا ….
كادت أن تقاطعه ولكن طرقة خافتة على الباب اوقفتها …اقترب موسى من الباب وفتحه قليلا وهو ينظر إلى أحد أفراد الأمن المنتشرين على بوابة القصر وقال:
-أستاذ موسى يالا عدي بيه قالي اوصلك لحد بوابة القصر وادالك دوول …ثم مده بظرف د به مال …
-ثواني وهحصلك حاضر ..
قالها موسى مبتسما فهز الرجل رأسه وغادر بينما اقترب موسى من ليان وجذبها ليقبلها بقوة على رأسها ودموعه تنساب من عينيه بالتوازي مع دموعها وقال بصوت أجش:
-هتوحشيني يا ليان…هتوحشيني اووي ….
نشيج حار هرب من بين شفتيها …أرادت التمسك به وإن تتوسل إليه ألا يتركها ولكنها عجزت عن هذا …..
ابتعد موسى عنها ومسح دموعها ثم أسند الظرف الملئ بالمال على منضدة الزينة الخاصة به وغادر الغرفة …جلست ليان على الأرض وهي تبكي بعنف …تشعر وكأن أحدهما اقتلع قلبها من صدرها والشعور كان قاسي …قاسي للغاية !!!
…..
بعد قليل …كانت تنزل الدرج بغضب …بسببه خسرت من تحب …ولجت الى مكتب شقيقها من دون إذن …نظر إليه عدي بدون اهتمام وقال :
-عايزة ايه يا ليان ؟!
-انا اللي عايزة اعرف انت عايز ايه مني ؟!ليه الإنسان اللي بحبه طردته من البيت …انت مين عشان تقرر أنا اتجوز مين أو متجوزش مين …انت انسان متسلط وانا بكرهك وهتفضل كده دايما يا عدي لوحدك مش معاك حد ….انبسط بعزلتك وأبعد كل الناس عند وبعدين عيش حياتك وحيد من غير ما يكون جمبك أي حد ..وانت اللي هتندم في الآخر
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يتبع….
-لا !!!
صرخت بقوة وهى تلقي القداحة بعيداً …وقعت على الأرض وهي تمسك الشيكات بقوة …لا تستطيع أن تفعل هذا …تلك ستكون خيانة كبيرة له ستشمئز من نفسها إن فعلت هذا ….
-يارب اعمل ايه يارب …اعمل ايه ؟؟!أنا عايزة ارجع لحياتي …عايزة ابطل كدب …ساعدني يارب …ساعدني ..أنا مقدرش اعمل في عدي كده ..هو اداني ثقته مقدرش اخونها بالشكل ده …اعمل ايه عشان اريح ضميري من ناحيته …اعمل ايه …..
نهضت وهي تمسح دموعها بقوة ….هي لن تخونه مرة آخرى …لن تكسره أكثر من هذا ..ستخبره الحقيقة ..حتى لو طردها …حتى لو سجنها …لن تتراجع الآن …ستحذره من شريف …وستطلب منه الغفران …..
اغلقت هاتفها نهائيا ثم مسحت دموعها وخرجت من الغرفة متجهة الى مكتب عدي وفي خلال اقترابها من المكتب سمعت صراخ ليان به …أغمضت عينيها بتعب يبدو أن الوقت غير مناسب أبداً لإخباره بالحقيقة …كادت أن تتراجع كالجبانة مثل كل مرة ولكنها صممت الآن أن تنتظر للآخر …ستخبره الحقيقة اليوم ولن تتراجع ابدا ….هو يستحق أن يعرف حقيقتها …يستحق أن يعيش حياة بدون كذب !!!
بعد دقيقتين …
خرجت ليان وهي تمسح دموعها بينما الغضب يعصف بها…شعرت جواهر بالخوف …واحست بقدميها ترتجفان بقوة لدرجة أن كل واحدة منهما تصطدم بالآخرى ….
-يخربيت الهيبة اللي عنده مخلياني خايفة زي الصرصار….
حسمت أمرها وهي تدخل للمكتب ….كان هو جالس على مكتبه…يدعك عينيه بتعب …كان يظهر عليه البؤس…شعرت بالحزن وهي تراه بتلك الطريقة …هو أبداً لا يستحق تلك المعاملة …لا يستحق أن يخدع!!!
-عدي؟!
قالتها جواهر بلطف …رفع عدي رأسه ونظر إليها بنظرات فارغة بينما الألم يعصف به…ها قد أتت الكاذبة الكبرى …تلك التي حطمت قلبه وأحرقت روحه …لن يسامحها أبداً …
-أنت كويس يا عدي …
ابتسم بسخرية مريرة وقال:
-مالي يعني شايفاني مجنون!! أنا كويس الحمدلله…
-صوت ليان كان عالي ليه ؟!حصل حاجة ؟!
-اكتشفت أنها مرتبطة بموسى ….
توسعت عيني جواهر بقوة وارتبكت ….كان عدي ينظر إليها جيداً …ينتبه لكل حركة من حركاتها …نظرت جواهر إلى عدي بثبات تُحسد عليه وقالت :
-وعملت ايه ؟!
مط شفتيه وقال:
-عملت ايه يعني؟!طردته من هنا ولما ليان عرفت زعلت …
-أنت طبعا مش هتتقبل أن اختك ترتبط بالبودي جارد بتاعها …
نهض من مكتبه واقترب منها وقال:
-لا الموضوع مش كده …لو جه من البداية وكلمني كنت هوافق … موسى صديق ليا مش مجرد عامل عندي…بس انا بكره الكذب والخيانة يا عبير بقرف منهم …والإنسان اللي يخوني بطرده من حياتي من غير رجعة ..زي موسى كده …وزي كارمن قبله …أنا للاسف مبعرفش اسامح …
-ليه بس ده المسامح كريم …
قالتها والخوف داخلها يتصاعد إلا أنه ضحك وهو يلعب بشعرها وقال :
-للاسف أنا معنديش الصفة الكريمة دي …أنا مبعرفش اسامح أبداً…أنا طيب يا عبير …وممكن اكون ساذج شوية وبثق في الناس بسرعة بس غضبي وحش ومبعرفش اسامح أبداً…وللاسف كل اللي حواليا دلوقتي بعدوا عني …موسى خانني وطردته واختي قالتلي في وشي أنها بتكرهني واني انسان متسلط ووحيد وعايز الكل يبقى زيي ..وتتمنى انها تمشي من هنا عشان متشوفش وشي تاني …يعني قالتلي شوية كلام صعب بصراحة …يظهر اني رقم اتنين في حياتها أو ممكن مكونش في حياتها أصلا !!!..يظهر اني مش مهم في حياة اي حد !!!
-أنت مهم في حياتي !
قالتها بسرعة …بلهفة ..وبنبرة صادقة تماماً!!
نظر عدي الى عينيها ..تلك العينين السوداء التي تحمل براءة لا تصدق ….بينما شفتيها ترتجفان بإبتسامة رائعة
مد كفه ومرره على وجنتها وقال:
-بجد يا بيري …أنا مهم في حياتك للدرجادي ولا بتقولي كده عشان اديتلك الشيكات …
هزت رأسها بقوة وقالت:
-لا والله مهم…
ابتسم عدي ثم قبل رأسها وقال :
-وانتِ مهمة عندي اووي يا بيري …أنا بحبك …
اهتزت دقات قلبها وهي تنظر إليه بحب …فقط ليظل هكذا عندما يكتشف أمرها …عندما تخبره بكل شئ!! هل سيظل يحبها حتى ذلك الوقت !!….
انسابت الدموع من عينيها وهي ترى الحب الصافي في عينيه…هي لا تستحق هذا الحب لا تستحقه أبداً …يجب أن تخبره الحقيقة …صوف تكون ملعونة لو تراجعت اليوم !!
ابتعدت قليلا ثم أخرجت من جيبها شئ ما وأعطته لعدي ….نظر عدي الى الشبكات وهو يصطنع الحيرة وقال:
-ايه ده يا بيري ؟!
-دي الشيكات اللي كنت ماسكها على شريف ..خدها يا عدي أنا مش محتاجاها ….
نظر إليه بجمود وقال:
-ليه؟!دي شيكات والدك…ده اللي كنتِ مستنياه يا بيري .. ازاي عايزة تتخلي عنه …فيه حاجة حصلت …؟!
-انا فيه حاجة عايزة اعترفلك بيها !!
قالتها جواهر وهي تفرك كفيها بتوتر ليرد هو :
-ها قولي اعترفي يالا …
انسابت دموعها وشهقت وهي تكتم شهقاتها من بين شفتيها ..
-انا مستني !!!
قالها هو ببرود لتنظر إلى عينيه وتقررر أن
طرفت الدموع من عينيها وهي تنظر إليه …لو استمرت هكذا سوف تبكي وان تستطيع الكلام أو أخباره الحقيقة. .حاولت تهدئة نفسها وهي تنظر إليه وتجده متحفز لشئ …..
-عايز اعرف ايه المشكلة يا بيري …ليه مش عايزة تقبلي الشبكات …دي حرية أبوكي …هيزعل اووي لو عرف اني عرضتهم عليكي وأنتِ رفضتي تاخديه …ابوكي عمل المستحيل عشان ياخد الشيكات دي ودلوقتي حايلاك على طبق من دهب ومش عايزة تاخديهم …ممكن افهم ايه السبب لاني بدأت تجيلي افكار غريبة …
ابتلعت ريقها ليقول بصوت مرتفع نسبياً:
انطقي يا بيري ليه مش عايزة تاخدي الشيكات. .. انطقي!!!
أجفلت وهي تتراجع للخلف ..قلبها يدوي داخل صدرها …هو لا يعرف الآن كم يخيفها!!!…هي ترتعب منه الآن …انطقي يا عبير فيه ايه ؟!!
-انا مش عبير !!!
صرخت بها فجأة …ثم.كتمت انفاسها وهي تراقب رد فعل لتنصدم بالفراغ …لا شئ …لا يبدو. عليه الصدمة ولا أي. شئ…ولكن هذا لم يمنعها من ان تكمل اعترافها فقالت:
-انا مبقاش عبير شريف …أنا ابقى جواهر…جواهر رشوان …أنا اتجوزتك مكان عبير ….
ثم بدأت تقص عليه كل ما حدث !!!
….
بعد قليل ..
-ألف ولا الفين ولا عشرة ..
قالها بصوت متجمد لتقترب منه وتمسك كفه وهي تبكي بعنـ ف :
-عدي ارجوك اسمعني .
ولكنه شد كفه ومرره على وجنتها وقال:
-قوليلي يا جواهر شريف بيه اداكي كام عشان تخد عيني ؟!أكيد المبلغ كبير شامل طبعا أجرة انك تبقي عشيقته !!!
بهتت جواهر بقوة وقالت:
-حرام عليك بتقول ايه ؟! …
ابتسم ببرود …عينيه كانت فارغة ..لم يكن هناك أي مشاعر بها وهي اختنقت …اختنقت بقوة وهي تبحث عن حبه المزعوم لها ولا تجده
-قوليلي دفعلك كام عشان تبقي عشيقته مستعد ادفعلك الضعف وتبسطيني شوية …
تراجعت للخلف وهى تتلقى الطعنة بقلبها إلا أنه نظر إليه بإشمئزاز وقال:
-بس بصراحة انتِ أرخص من أن ادفعلك حتى ربع جنيه….أر خص من اني اضيع معاكي وقتي اصلا فيالا يا حلوة اطلعي برا وقولي لعشيقك ان أبواب جهنـ م اتفتحت في وشه ..يالا …
-عدي ابوس ايديك اسمعني بس هو هد د….
-بقولك يالا …
صرخ بقوة في وجهها ثم اقترب منها وهو يمسكها من ذراعها ويجذبها خلفه ….خرج من باب القصر وأخذ يجرها حتى انفتحت بوابة القصر آليا ثم دفعها للخارج وقال:
-روحي لعشيقك يا ر خيصة !!
ثم انغلقت البوابة ومن حسن حظه لم ترى تلك الدمعة التي تساقطت من عينيه …لقد قتلته بالفعل !!
…
كانت جواهر جالسة على الأرض عينيها متوسعة بقوة والدموع تنزل تباعاً ..لقد تدمر كل شئ…لقد طردها من حياته…طردها للأبد …شعرت ان قلبها ينسحق داخل صدرها …أرادت البكاء …الصراخ …أرادت ان تصرخ بإسمه لكي يدخلها هي لن تستطيع أن تعيش بدونه ..ستموت ..انها تحبه كما لم تحب أي احد من قبل …
-عدي …عدي سامحني يا عدي …
أخذت تكررها وهي تبكي بعنف …ليتها لم تفعل هذا …ليتها اخبرته الحقيقة من البداية …ان ما يؤلمها اكثر من خسارته انه قد تحطم قلبه على يدها ورغم ادعاؤه البرود كان يمكنها رؤية التحطم بداخله !!!..
نهضت وهي تبكي بعنف وتستدير ذاهبة الى منزلها…لقد خسرت المعركة والآن هي في انتظار حكم الإعدام على يد من احبته بقوة …ولكن لن تلومه أبداً…فما يفعله هو رد فعل لما فعلته هي ….
أخذت جواهر تسير في الطرقات بينما تشعر ان الأرض تميد بها وسوف تقع في أي وقت …وبالفعل اثناء سيرها تعثرت في حجر كبير ووقعت ….أمسكت ساقها المصابة وانفجرت مرة آخرى في البكاء …اقترب منها شاب يافع وهو يقول بخوف :
-يا آنسة ..أنتِ كويسة تحبي اوديكي المستشفي ؟!
هزت جواهر رأسها دون ان تنظر إليه وقالت:
-مش عايزة شكرا أنا كويسة …
لم يعقب الشاب بعد ذلك واستدار ذاهباً…بينما بقت هي تكمل بكاؤها !!…أخرجت هاتفها لكي تتصل بها …تريد ام تتكلم مع أحد والا سوف تموت …نهضت من وسط الشارع وجلست على احدى المصاطب …اتصلت بها ثم وضعت الهاتف على اذنها وهي تمسح الدموع التي تلطخ.وجهها …تتمنى أن ترد عبير عليها ولا تخذلها …حقاً قلبها لن يتحمل خذلان أكثر من هذا …
ردت اخيراً عبير على الهاتف لتبتسم جواهر ابتسامة خفيفة وصوتها يتسرب لأذنيها ..
-جواهر ازيك ؟!
قالتها عبير بلطف ليختنق صوت جواهر وهي تقول:
-انا مش كويسة خالص …مش كويسة خالص يا عبير !!
-جواهر …جواهر مالك يا حبيبتي ..
قالتها عبير بصدمة وهي تسمع نبرة صديقتها بذلك اليأس ….
-عدي ..عدي عرف كل حاجة يا بيري…أنا اتدمرت !!عدي رماني في الشارع يا بيري ..مبقاش يحبني …شايفني .دلوقتي واحدة رخيصة خدعته …مش هيسامحني أبداً على اللي عملته يا عبير …ده.كمان ممكن يحبسني …عدي رشيد مستحيل يسامح اللي خدعه …وانا من ضمن اللي خدعوه …
كانت دموع عبير تنساب من عينيها وهي تسمع صديقتها تهذى…قلبها يؤلمها عليها …المسكينة أحبت عدي …أحبت المستحيل …
-جواهر …
قالتها عبير بنبرة مختنقة ثم أكملت :
-أنا اسفة يا جواهر اسفة اني لخبطلك.حياتك بالشكل ده …أنا اسفة سامحيني جواهر ….
لم ترد جواهر بل زلت تبكي …قلبها يؤلمها …ليس بسبب الخوف على نفسها بل هي تخاف ان ينفيها عدي للأبد خارج حياته ويرفض ان تقابله…يفعل معها كنا فعل مع كارمن …هذا التفكير يرعبها بقوة….
-عبير أعمل ايه …أنا مش عايزة اخسره …وهو أكيد هيبلغ عني البوليس. لو هو معملهاش أبوكي هيعملها …أنا خايفة اووي يا عبير ..قوليلي أعمل ايه ؟!أنا تايهة…لأول مرة مش عارفة أعمل ايه !!!لأول مرة احس اني فاشلة مش عارفة أتخذ ولا ابسط قرار …قوليلي أعمل ايه يا عبير أنا ضعت خلاص!!…
-انا هتصرف يا جواهر …هتصرف
وكان هذا وعد من صديقتها
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان يجلس على مكتبه بتوتر …منذ أن اتصلت به السيدة ماجدة بالأمس وأخبرته أنها تريده في أمر هام يخص رانيا وهو يشعر أنه مبعثر للغاية …ترى ماذا تريد منه وما بها رانيا ؟!!
طرقة خفيفة على مكتبه أخرجته بقوة من شروده فهو أخبر العاملين بالمشفى أن يدخلوا السيدة ماجدة بسرعة ما أن تأتي …
-اتفضل .
قالها بتوتر وهو يقف …ولجت ماجدة للمكتب وهي تبتسم ابتسامة ودودة ليحيى …لا تعرف كيف تجرأت وأتت ولكنها لن تقف مكتوفة اليدين وهي تراقب انهيار رانيا وسوف تصمت …هي يجب أن تساعدها حتى لو كانت رانيا سوف تغضب منها لاحقاً!!
-ازيك يا دكتور يحيى …
قالتها ماجدة بلطف …
-اهلا يا استاذة ماجدة …اتفضلي ارتاحي.
جلست ماجدة على المقعد المريح وهي تفرك كفيها بإرتباك شديد …لا تعرف من اين تبدأ كلامها …هل لو طلبت مساعدته سيفهم الموضوع بشكل خاطئ تماماً …أم هل سيظن أن رانيا فتاة سيئة تريد استغلال حالتها …كانت ماجدة مرتبكة وحائرة ولكنها لا تستطيع أن ترى رانيا محطمة دون أن تفعل أي شئ لتساعدها!!
-اتكلمي يا استاذة ماجدة .
قالها يحيى بلطف وهو يبتسم …لا يعرف لماذا ولكنه شعر أن الموضوع خاص برانيا تلك المرة …
خفق قلبه بقوة من تلك الفكرة …عبس وهو يفكر أن مرور اسمها فقط على عقله يتسبب في خفقان قلبه بشكل لا يصدق ….
-اسناذة ماجدة اتكلمي كنتِ عايزة تقولي أيه ؟!…
ابتلع ريقها وقالت:
-الموضوع بخصوص رانيا يا بني ..
كتم أنفاسه بصعوبة وازداد معدل خفقان قلبه وهو يسمع إلى الاسم الذي تاق إليه …الاسم الذي أصبح يفكر فيه بطريقة غريبة….
سيطر على نفسه وعلى انفعالاته وقال :
-خير مالها انسة رانيا …فيها حاجة …
تنهدت السيدة ماجدة وقالت:
-من يومين امها دخلت المستشفي يا دكتور وللاسف الدكتور قال لازم يتعملها عملية فوري ..وطبعا هي مش عندها الأمكانيات المادية اللي تخليها تعمل العملية دي … وطبعا عشان كده عمها جالها المستشفي وعرض عليها انها لو عايزة تعالج أمها وتأخد فلوس منه تتجوز راجل عنده خمسة وخمسين سنة !!!
اتسعت عيني يحيى بصدمة بينما شعر بالغضب يتصاعد داخله …كان لا يصدق حقارة عمها …كل ما أراد فعله أن أن يحطم وجهه ..لكنه تمالك نفسه وهو يوجه اهتمامه للسيدة ماجدة فهي التي تعرف اخبار رانيا بعد ما منعته بنفسها من أن يتتبعها لأن هذا يضايقها وهو احترم قرارها لم يرغب أبداً بالضغط عليها ،
-خمسة وخمسين سنة ؟!ده مجنون ده ولا ايه ؟!وازاي يعمل في بنت اخوه كده ؟!فين الشهامة والمرؤة بتاعته؟!وبعدين دي من دمه …ايه هو مش راجل خالص كده …
هزت السيدة ماجدة رأسها بأسف وقالت:
-للاسف يا بيه هو مش راجل أبداً …انسان معندوش احساس ولا دم …عايز يدمر حياة البنت المسكينة وخلاص …بس رانيا جدعة وقفته عند حده …لحد دلوقتي فاكره هي عملت فيه ايه كويس …
……..
-عايز تجوزني راجل عنده خمسة وخمسين سنة يا راجل يا عرة…انت فاكر نفسك مين يا عرة الرجالة انت ؛!!
صرخت بها رانيا بوجهه ليزعق هو بها :
-ما تحترمي نفسك يا بت انتِ…فاكرة نفسك مين …فعلا متربتيش…اخويا مات قبل ما يربيكي وامك …
-بس أخرس اخرس …أنا برضه اللي متربيتش يا راجل يا عرة …باللي كل شوية تذلني بورث ابويا ومش عايز تدهوني الا لما اتنازل واتجوز العرسان العرة اللي شبهك اللي انت بتجيبهم ….
رفع عمها رأسه عاليا وقال:
-أنتِ فعلا متربتيش …اخص على تربيتك …خليكي كده يا أختي …شوفيها. هي بتموت وحطي جذمة في بوقك …ومتجيش تترجيني عشان ادفع.فلوس العملية لاني وقتها هضربك بالجزمة!!
ثم تركها وذهب لتجلس رانيا على المقعد بإنهيار ودموعها تنسكب على وجهها …شدت السيدة ماجدة على كتفها وقالت :
-بإذن الله تتيسر يا بنتي ربنا مبيسيبش حق حد ابداً….ربنا هيقف معاكي وبإذن الله أنك تقوم بالسلامة بس انتِ متعيطيش …متستسلميش يا بنتي …أوعي تستسلمي !!
نظرت رانيا الى السيدة ماجدة بتعب وقالت:
-مش قادرة يا خالتي ..حاسة نفسي تعبانة …حاسة ان خلاص كل الابواب اتقفلت في وشي …أنا تعبت !!
– باب ربنا دايما مفتوح ليكي …بس أنتِ قولي دايما يارب …
هزت هي رأسها وقالت
يارب…يارب يا خالتي …
……
انتهت السيدة ماجدة من قص ما حدث لتجد.يحيى ينظر إليها بتركيز…تنحنحت وقالت بإحراج؛
-انا محرجة منك وانا بطلب الطلب.ده …بس ممكن تساعد رانيا تعمل عملية امها ان شالله حتى على نفقة الدولة البنت منهارة خالص يا دكتور …بقت صعبانة عليا …
هز يحيى رأسه وقال :
-اكيد هساعدها ..متقلقيش يا أستاذة ماجدة أنا هتصرف في الموضوع ده …وانتِ ارتاحي …
………..
-ايه اللي حصل يا تحية ؟!
قالها أمير وقلبه يخفق بقوة بينما يلج إلى المنزل فقالت تحية بتوتر :
-والله ما اعرف يا اخويا جالها اتصال ومن وقته وهي في الحالة الغربية دي شغالة تعبك وانا حاولت أهديها ومش قادرة خالص واخر حاجة دخلت الاوضة وقفلت عليها الباب!! ..اتصرف يا أمير البنت قطعت قلبي …شوف مالها!!
هز أمير رأسه وهو يطرق بابا الغرفة الموجودة بها عبير ….
انتظر بصبر حتى تفتح له وعندما لم تفتح طرق الباب مرة آخرى وانتظرها تفتحه …لم يفقد أعصابه عليها ولم يأمرها أن تفتح الباب بالفور بل ظل منتظرا بلطف أن تفتح له الباب وبالفعل بعد لحظات فتحت له عبير الباب …تجمد أمير مكانه وهو ينظر إليها بصدمة…كان وجهها احمر والدموع تلطخ وجهها ..شهقاتها تمزق قلبها …في ذلك الوقت أراد حقاً ام يضمها كي يخفف عنها ولكنه أطرق برأسه واستغفر ربه وهو يقول بينما نظره مثبت على الأرض :
-ايه اللي حصل يا عبير ؟!مالك؟؛ايه اللي قلب حالك بالشكل ده ممكن أعرف ؟!
انفجرت الدموع من عينيها مرة أخرى ليرتبك هو ويتوقف عقله عن العمل …ماذا يفعل لكي يخفف عنها قليلاُ …هو حقا لا يعرف !!!…يؤلمه أن تكون في تلك الحالة ويكون هو عاجز عن مساعدتها …فقط لو تخبره بالذي حدث لعله يساعدها!!
-عبير طيب قوليلي ايه اللي حصل عشان نعرف نساعد بعض ونحل المشكلة ممكن؟! نظرت عبير إليه وهي تشعر ان قلبها يتمزق من الألم وقالت :
-جواهر ..
-مالها جواهر …
قالها أمير بتوجس لترد عبير:
-عدي كشف الحقيقة والمسكينة اتطردت واحتمال كمان تتحبس …أعمل ايه يا أمير ..اساعدها ازاي …أنا عقلي واقف وهي صعبانة عليا …دب اتصلت بيا وفضلت تعيط…جواهر دي هي اللي ساعدتني عشان اهرب من جحيم بابا …مفكرتش في نفسها وساعدتني كتير وانا لازم اساعدها يا أمير …لازم بس مش عارفة اساعدها ازاي …اساعدها ازاي!؛
-طيب يا عبير ممكن تهدي ؟!
قالها أمير برفق …يؤلمه ان يراها بتلك الطريقة …
نظرت عبير الى أمير وقالت:
-مش قادرة اهدى يا أمير …مش قادرة …قولي أعمل ايه في المصيبة دي ؟!
تنهد هو وقال:
-مفيش الا حل واحد !!!
……………………
في عيادة الدكتور جورج….
كانت رانيا على وشك الانتهاء من عملها وسوف تسلم العمل لصديقتها … فجأة ولجت السيدة ماريانا زوجة الطبيب جورج …اعطتها رانيا ابتسامة واسعة وقال:
-اهلا بيكي يا مدام ماريانا اتفضلي علطول …
ابتسمت ماريانا لها ثم ولجت الى مكتب زوجها …
…
كان جورج مشغول في مراجعة بعض الملفات عندما اوقفه عما يفعله صوت زوجته …
-ازيك.يا حبيبي..
صوتها الرقيقة اخترق مسامعه ولكن قلبه كان محصن….لم ينظر إليها حتى وقال:
-عايزة ايه يا ماريانا ايه اللي جابك هنا دلوقتي …
-وحشتني وكان نفسي اشوفك …
قالتها بنبرة منكسرة ليزفر بضيق ويقول :
-ماريانا ممكن تبطلي اللي بتعمليه ده …الحاجات دي مش هتخليني احبك …ونصيحة مني اقبلي حياتنا زي ما هي كده …واقبلي اللي بدهولك عشان الحب مش عافية ..مفهوم …
وقفت تنظر إليه …الدموع تنفجر من عينيها …لا تصدق انه يتفنن في تحطيم قلبها …اللعنة على قلبها الذي أحب شخص مثله …
رفعت رأسها بكبرياء وقالت :
صح عندك حق …هقبل اللي بتدهوني …بس أنت كمان أقبل اللي بدهولك من غير أي نقاش …سلام …
ثم خرجت من غرفته وهي ترفع رأسها للأعلى …تحجب عن الآخرين دموعها …لا أحد يستحق أن تبقي عليه …لن تحاول مع جورج مرة آخرى …قلبها أغلى من تلك المحاولات …لن تحاول مجدداً كي لا تنكسر …
..
نظرت رانيا الى السيدة ماريانا التي خرجت والحزن يبدو عليها حتى انها تحجب دموعها بشق الأنفس …هزت رأسها بقوة وهي تشفق على تلك المرأة الرائعة …رغم انها تعترف بفضل دكتور جورج عليها الا انها ترى انه لا يستحق امرأة رائعة كالسيدة ماريانا …
……
خرجت أخيراً من عملها وما زال يشغل بالها جراحة والدتها…الايام تمر وهي لا تتحرك والسيدة ماجدة تمكث مع والدتها يوميا …فكرت في طلب سلفة من دكتور جورج ولكنها خجلت الرجل ساعدها بما فيه الكفاية وهي لا تريد أن تثقل كاهله …تنهدت بتعب وهي تدعو الله ان يحلها من عنده …ولكن فجأة تجمدت وهي ترى يحيى امامها ..كان بالطبع ينتظرها …بغضب اقتربت منه وكادت أن تتكلم الا انه قال:
-يالا اركبي عايزك في موضوع مهم …
-لا طبعاً وحضرتك بطل تراقبني أنا خلاص زهقت ..
نظر إليها بملل وقال:
-رانيا هتركبي بالذوق ولا أركبك بطريقتي …
احمر وجهها من الخجل والغضب وهي تتذكر اليوم الذي حملها فيه…نفخت بغضب ثم استقلت سيارته..
….
في احد.المقاهي ..
كانت تجلس بغير راحة وتقول :
-مينفعش كده يا دكتور يحيى يالا قول اللي انت عايزه أنا مش عايزة حد يشوفني …
– زي مين يعني ..
قالها بفضول فنظرت إليه وقالت بإنفعال:
-زي والدتك او عمي او عيال عمي ..حد من الحارة …وجودي هنا غلط قول لو سمحت عايز ايه وخليني امشى …
-عايز أنا اللي أعمل العملية لوالدتك في المستشفي بتاعتي وهتكون بدون مقابل !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
كادت أن تنام بعد يوم طويل قضته في المذاكرة تجهيزا لإمتحاناتها …كان مزاجها مضطرب بسبب اتصال ليان بها وإخبارها بما حدث بينها وبين شقيقها وموسى ….شعرت نسرين بالحزن على صديقتها فليان انتظرت كثيراً حتى استسلم موسى لها …انتظرت كثيراً كي يخبرها بحبه وأرادت العيش بسعادة ولكن كل هذا تحطم الآن…
-ربنا يصبرك يا ليان على المشكلة دي …
قالتها وهي تتقلب بضيق تريد أن تنام بسرعة فجسدها منهك وعقلها أيضا وهي لا تريد أن تنهك عقلها أكثر بالتفكير بما يحدث معها مؤخراً من جنون يوسف والحصار العاطفي لفؤاد لها …لم ترغب التفكير في فؤاد الآن….لا تريد أن تحلل مشاعرها الواضحة الآن وكأنها تنكر مشاعرها تلك تماماً ….أغمضت عينيها وهي تغلق عقلها تماماً عن التفكير …فجأة انفتح الباب وولج والدها …نهضت نسرين وهي تنظر إليه بقلق …كان شكله غريب …
جلست في فراشها وهي تنظر إليه برعب …عينيها الزرقاء تجمعت فيهما الدموع …كانت تنهار بالفعل ….
-ليه خايفة مني بالشكل ده ؟!
قالها والدها من بين أسنانه ..لا يصدق أنه ابعد ابنته عنه لدرجة أصبحت تخاف منه …
-انا عايزة انام …
قالتها بنبرة مرتعشة ..ليرد هو بهدوء:
-اخرجي عايز اتكلم معاكي شوية !!!
ابتلعت ريقها وارتعش قلبها وكررت بصوت ضعيف :
-انا عايزة أنام ..
اقترب من فراشها بغضب وأمسك ذراعها وهو يصرخ بها :
-قولتلك هتكلم معاكي شوية …قومي يا نسرين …
أتت نهى مسرعة للغرفة واقتربت من كريم وهي تبعده عن ابنته وتقول :
-كفاية كده يا كريم …كفاية بطل جنان!!!
-ابعدي سيبيني …أنا عايز اقعد مع بنتي شوية …عايزة اقعد معاها شوية ….
انفجرت دموع نسرين من عينيها وقالت:
-انا مش عايزة اقعد معاك …أنا عايزة انام …افهمني …عايزة انام …مش عايزة اقعد مع حد …خلاص أو سمحت سيبني في حالي !!!!
احمر وجه كريم من الغضب ودفع نهى عنه ثم اقترب من نسرين وأمسكها من شعرها بعنف وصرخ :
-مش عايزة تقعدي معايا بس عادي كنتِ بتقعدي مع يوسف بالساعات …يا ترى كنتِ بتهربي من محاضراتك وتروحي تقابليه صح ؟!ولا كنتِ بتجيبيه البيت زي ما أمك كانت بتعمل ؟!!!
-كفاية يا كريم بس !!!
كانت نهى تصرخ والدموع تنفجر من عينيها بينما تنظر إلى وجه نسرين الذي شحب بقوة ..ماذا يريد أن يفعل بإبنته هل يريد أن يقتلها ؟!!هي حقاً لا تفهم مدى اختلاله العقلي…هو يتصرف بجنون تام…
هز كريم نسرين وهو يمسك شعرها وقال:
-انطقي كنتوا بتتقابلوا فين ..
-سيبني أنام لو سمحت ..لو سمحت عايزة انام …
قالتها نسرين ودموعها الحارة تتحرر من سجن عينيها ….الألم يعصف بها …أنها تتمنى الموت الف مرة في اليوم…شعور انك مكروه من أقرب الناس على قلبك ..شعور بشع للغاية
-ردي الأول عليا …ردي …
صرخ بها وهو يحاوط عنقها بكفيه ….
جذبته نهى بقوة عنها وبالفعل ابتعد عنها وصرخت ايه :
-أنت انسان مختل…مختل …روح أتعالج !!!
ولم يكن الجواب الا صفعة قوية من يده جعلت نسرين تشهق بقوة …
نظرت إليه نهى بكره شديد وقالت:
-أنا هاخد نسرين وهمشى من هنا …أنت مستحيل تكون انسان طبيعي …انت في يوم من الأيام ممكن تموتنا أنا وهي …والله لو فكرت تمنعنا يا كريم لأبلغ عنك وأحبسك ….
-لو عايزة تمشى أمشي. بنتي هتفضل هنا !!!
-انا مش عايزة أبقى معاك …أنا عايزة اروح مع طنط نهى …
قالتها نسرين بنبرة مرتعشة لتقول نهى :
-اهو سمعتها …أنا هتصل بفؤاد دلوقتي عشان يجي ياخدنا من هنا و…آه…
صرخت بعنف وهو يعتصر فكها بين كفه الغليظ بينما النيران تتصاعد بعينيه …
-كفاية سيبها …سيبها …
صرخت نسرين وهى تبعد والدها ثم أكملت بإنهيار:
-أنت عايزني أموت نفسي يعني …قولي هترتاح لما أموت نفسي …حاضر أنا هريحك مني خالص …
ثم اندفعت نحو المطبخ ليركضا كريم ونهى خلفها بينما تمسك السكين وتقول وهي تبكي :
-أنا هريحك مني خالص يمكن لما أموت تعيش حياتك كويس وتبطل تفتكر ماما واللي عملته فيك …هموت نفسي يمكن ترتاح وأنا ارتاح …انا تعبت من اني اتحمل نتيجة غلط ماما في حقك ..هي غلطت في حقك أنا مالي …أنا ذنبي ايه ؟!أنا عملت ايه ؟!كل اللي كنت عايزاه منك اني اتحب…كنت عايزاك تحبني يا بابا…بس أنت حتى الحب استخسرته فيا !!!حتى الحب شوفته كتير عليا. ..وانا …أنا دلوقتي عايزة ارتاح …ارتاح …
-يا بنتي ابوس ايديكي لا…نسرين أنا وأنتِ هنمشى دلوقتي ومحدش هيقدر يأذينا خالص متخافيش …متخافيش يا حبيبتي …
قالتها نهى ودموعها تنساب من عينيها …كان قلبها يعتصر من الألم على حال تلك الفتاة المسكينة …هي لا تستحق أبداً تلك المعاملة السيئة من والدها !!!
وعلى بغته اقترب والدها منها دون أن تنتبه وأخذ منها السكين. نظراته الغاضبة كانت تحاصرها …ابتعدت عنه وركضت خارج المطبخ ثم خارج المنزل !!!…
-نسرين ؟!
صرخت نهى بخوف ثم ركضت خلفها خارج المنزل …
….
بالأسفل …
استقلت نسرين سيارة الأجرة وانطلقت بها ….
بينما نهى نظرت إلى أثرها بذهول…اين تذهب الآن …
…..
في سيارة الأجرة كانت نسرين تبكي دون توقف …قلبها ينفطر من الألم …ماذا فعلت ليتم معاملتها بتلك المعاملة السيئة ..لماذا يكرهها والدها بهذا الشكل….
نظر إليها صاحب السيارة بشفقة ولكنه فضل عدم التدخل وكل ما فعله هو أن أعطاها محرمة !!
……
بعد قليل وصلا إلى المكان الذي تريده …
خرجت هى من سيارة الأجرة وقالت بإرتباك وهي تمسح دموعها .:
-انا معييش فلوس …بس ممكن تستني هجيب فلوس من فوق ولو عايز ضمان خد الموبايل بتاعي لحد ما اجيبلك الفلوس …
ابتسم الرجل المسن بلطف وقال:
-خلاص يا بنتي اطلعي فوق وخليها عليا المرة دي …بس متنزليش في اخر الليل مرة كده تاني …ولاد الحرام كتير ..ربنا يحفظك ويصونك يا قمر …
ابتسمت نسرين له ثم شكرته بصوت ضعيف وولجت إلى البناية السكنية ….
…….
ما هى إلا لحظات ووقفت أمام باب المنزل بتوتر …ثم رنت الجرس ليفتح فؤاد بسرعة الباب وهو يمسك الهاتف ويضعه على أذنه …ما أن رآها حتى تدفق الإرتياح إلى وجهه وقال:.ا
-خلاص يا ماما اهي جات عندي متقلقيش انتِ ..سلام يا حبيبتي …
وقف فؤاد ينظر إلى نسرين التي يعصف بها الألم …كان في عينيها انكسار كبير …تلك الفتاة تعاني…تعاني كثيراً!!!
-نسرين …
قال اسمها بلطف لتندفع إلى ذراعيه وتبكي بعنف وهي تضمه بقوة ..
وقف للحظات مبهوت وهو يشهد انهيارها الكبير… بدت وكأنها تحطمت نهائيا …وهذا اوجعه من الداخل …فهو يحبها ولا يتحمل ان يراها بهذا الشكل …
-نسرين حبيبتي اهدي وقوليلي ايه اللي حصل ؟!
ولكن نسرين لم ترد وظلت تبكي بطريقة تحطم القلب …وهو لم يضغط عليها …بل انتظرها لتخرج كل ما في قلبها من حزن
……
بعد قليل ….
كانت تجلس على الأريكة وهي ترتجف بقوة ودموعها لا تكف عن الإنهمار…تشعر أنها سوف تفقد عقلها بكل تأكيد أن أستمر والدها في معاملتها بهذا الشكل …لقد ابتعدت عنه …تجنبته نهائيا فلماذا يصر على اذيتها…أغمضت عينيها ونشيجها يرتفع بينما تشعر بالإختناق …كل ما إرادته أن يحبها والدها …أرادت العيش في سلام ولكن ابسط الاحلام مستحيلة بالنسبة اليها
-لسه بتعيطي ؟!
قالها فؤاد بلوم وهو يقدم لها عصير الليمون بالنعناع الذي تحبه ….
نظرت إليه بعينين حمرا كالدماء وقالت:
-مش قادرة يا فؤاد ..حاسة اني هموت …ليه بيحصل معايا انا كده …ليه بابا بيكرهني بالشكل ده يا فؤاد …ليه أنا …
كانت تتكلم وهي تبكي …..جلس هو بجوارها وأمسك كفها وشد عليه لتنظر إليه وتقول :
-انا عشان ميحصلش مشاكل بيننا بقيت ابعد خالص عنه…مبقتش حتى أكلمه …قولي يا فؤاد اعمل ايه تاني ؟!اعمل ايه تاني عشان ميعاملنيش المعاملة دي …
ربت فؤاد على كتفها وهو يشعر بالغيظ من والدها …لا يفهم كيف يفعل أب هذا بإبنته…كيف يوصلها لتلك المرحلة …كان الغضب يعصف بفؤاد….لقد تجاوز كريم حده …وان استمر هكذا ستسوء حالة نسرين النفسية …لا هو لن يسمح له أن يؤذيها بعد الآن ….
-نسرين ممكن تبصيلي ؟!
قالها فؤاد بلطف لتنظر إليه نسرين …كانت عينيها الجميلة بلون الدماء بسبب كثرة البكاء وتوجع قلبه عليه …مسح دموعها وقال :
-مش هسمح لأي حد تاني انه يأذيكي يا نسرين …مش هخلي.حد يلمس شعرة منك حتى لو كان أبوكي عشان كده محتاج موافقتك على حاجة .
نظرت إليه بحيرة وقالت :
-عايز موافقتي على ايه ؟!.
شد على كفها وقال :
-انا عايز اقدم ميعاد الفرح….
حاولت سحب كفها بينما التوتر يزداد داخلها ولكنه لم يسمح لها أن تبتعد وشد على كفها بقوة وهو يقول :
-وافقي يا نسرين …وافقي نقدم الجواز…خلينا نتجوز وتبقي في بيتي وتحت حمايتي ..
-بابا …
قالتها بخوف …ما زال الأمر صادم لها …ان تتزوج فجأة وتتحمل مسؤولية منزل كان الموضوع صعب عليها …ولكنها تفتقد الآمان الذي تشعره مع فؤاد….هي تريد أن تبقى معه …وجودها معه يسعدها بشدة…
ابتسم فؤاد وهو يرى الخوف بعينيها وقال مطمئناً :
-متخافيش من أبوكي يا نسرين أنا هقدر اقنعه وزي ما قولتلك لما تبقي مراتي محدش هيقدر يأذيكي …هحميكي دائما …ومش هخليكي تعيطي أبداً…
الوعد في كلماته جعلها ترتاح …هي تتمنى ان يكون أمانها …انها تفتقد الآمان…تريد أن تشعر به …تريد أن تمحي الخوف من حياتها …تريد أن تزداد ثقتها بنفسها….
كادت أن ترد عليه إلا أن رنين جرس المنزل جعلها تقفز من مكانها …
-متخافيش.انا هنا …
ثم.نهض ليفتح الباب …تحمد وجهه تماماً وهو يرى كريم ووالدته …ولجت نهى الى المنزل بلهفة واقتربت من نسرين ثم ضمتها وقالت:
-ايه يا حبيبتي اللي أنتِ عملتيه.ده …أنا كنت هموت من الرعب عليكي ….متعمليش كده تاني !
هزت نسرين رأسها وهي تمسح باقي الدموع من عينيها بينما تتجنب النظر لعيني والدها …
-تعالى يالا عشان نروح البيت !
قالها كريم بنبرة متصلبة الا أن نسرين وقفت خلف فؤاد وجسدها يرتجف بخوف …
-نسرين هتبقى هنا !
قالها فؤاد بنبرة قاطعة …اتسعت عيني كريم وقال:
-تبقى هنا ازاي وعلى اساس ايه ؟!ما تشغل مخك شوية يا فؤاد …مينفعش …
تنهد فؤاد وقال:
-انا هروح أبات عند اي حد من اصحابي وماما ونسرين هيقعدوا هنا …وفيه حاجة كمان …
صمت قليلا وقال وهو ينظر لعيني كريم:
-انا عايز اقدم ميعاد الفرح بتاعي على نسرين …عايز اتجوزها قبل امتحاناتها !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
في قصر رشيد….
وقفت هى في الصالة الفارهة بالأثاث الكلاسيكي الخاص بها وهي تفرك كفيها بتوتر فجأة قفزت من مكانها وصوته القوي يقول.:
-عبير صديق الحقيقية …اهلا.بيكي يا أنسة .
قالها عدي وهو يقترب منها بينما يبتسم لها بشر…شر يخبرها ان هذا الرجل سيعاقبها على ما فعلت !!!
-أنا جاية اقولك كل الحقيقة يا عدي بيه …الحقيقة كاملة !!!
يتبع….
(الضربة القاضية)
ظننت ان من يعشق سوف يغفر ولكن يبدو اننى كنت مخطئة..فأنت لا تعرف الغفران .
#سولييه_نصار
ظل ينظر إليها مطولا …حاجبيه معقودان في عبوس …عقله يترجم كلماتها ..ما هو الحقيقة التي تريد اخباره بها …وهل هي حقيقة مختلفة عن تلك التي اخبرته بها جواهر…هل سيثق بهما مرة آخرى؟!!
ربع ذراعيه وقال:
-ويا ترى ايه الحقيقة اللي تديكم حق انكم تخد.عوني وتستغلوني انتِ وجواهر …ايه المبرر القوي اللي يخليكم تعلموا كده !!!أنا عن نفسي مش شايف أي مبرر للكدب والخداع …
ازدردت عبير ريقها وهي ترتعش بقوة بينما ترى هذا الرجل والنيران تندلع من عينيه…أرادت التراجع …أرادت الهروب ومئات الافكار تسيطر على عقلها …أفكار سيئة وجنونية ولكنها قررت التحلى بالشجاعة …فصديقتها جواهر تستحق هذا…تستحق ان تدافع عنها …
-ممكن تسمعني وبعدين تقرر..صدقني جواهر عملت اللي عملته عشان مجبورة ..
-مجبورة على ايه ؟!!
صرخ وهو يقترب منها بخطوات واسعة …عينيه تندلع منها النيران …تراجعت هي بخوف بينما تصاعدت دموع الرعب بعينيها …ازدردت ريقها وهي تقول :
-انا طالبة بس فرصة تسمعني وبعدين قرر …
ظل ينظر إليها بغضب وداخله صراع بين ان يسمعها وأن يطردها كصديقتها …أخيرا أغمض عينيه بتعب وقد قرر ان يسمعها …في داخله اراد ايجاد أي مبرر لجواهر لخداعه …لقد عاش الجحيم منذ ان طردها …يشعر بفراغ قاتل …لقد عرف ان مشاعره نحو جواهر أقوى بكثير من مشاعره نحو كارمن…الألم الذي شعر به عندما ابتعدت عنه لم يشعره من قبل …وهنا أخذت تسخر منه شياطينه …تذكره انه غبي …حقاً غبي للغاية …
لم يتغير …سيظل ساذج …الجميع يستطيع خداعه …الجميع يستطيع أن يستفاد منه …ولكن قلبه اراد يسمع …اراد يبرر…فالقلب في محنة أساسها العشق …وهو يريد التبرير لمعشوقته ….
ولقد انتصر قلبه أخيرا وقال بصوت جامد:
-اتفضلي اتكلمي …قولي كل اللي عندك يالا!!!
ابتلعت عبير ريقها وهي تستعد لقول كل شئ …لن تخفي عنه أي شئ ….
جلست على الأريكة وهي تتمالك نفسها لتستعد للتكلم …
نظرت إلى عدي الذي كان ينظر إليها بملامح جامدة وقالت:
-من أنا وصغيرة وماما انفصلت عن بابا واخدتني وعيشنا في فرنسا….نسيت كل حاجة عن مصر وعشت أنا هناك بس كنت اكتر حاجة بفتكرها وبزعل هي جواهر صاحبتي …ومرت السنين وكبرت وماما ماتت وقتها بابا جه وقالي هتنزلي معايا …أنا مكنتش عارفة أنه هيخونني …أنا افتكرت أنه عايز ياخدني لمصر لاني وحشته وعايزني اعيش معاه ..وانا بعد موت ماما الله يرحمها كنت محتاجاله اووي ..محتاجة لحضنه ومترددتش انزل معاه…بس بعد ما جيت مصر اكتشفت السبب اللي خلاه يجي فرنسا مخصوص عشانه …عرفت أنه عايز يجوزني عشان ينقذ نفسه …كان عايز يضحي بيا عشان نفسه …مفكرش في بنته …فكر في نفسه بس …انهارت وبكيت وحاولت امي بس هو حبسني …حتى أنه مد ايديه عليا ووقتها اقنعته اني موافقة وهربت بمساعدة جواهر …بس اللي مكنتش عاملة حسابه أنه يبتز جواهر عشان تتجوزك ويزور الورق بتاعها …
نظر إليها بشك وقال:
-وهز هيبتز جواهر ليه؟!وهي توافق ليه ؟!!!
نظرت إليه وعينيها رطبة بفعل الدموع وقالت:
-والدة جواهر عندها كانسر وجواهر استلفت من بابا مبلغ وكتبت على نفسها شيكات وكان بيهددها بالشبكات دي …
بهت عدي وهو. يسمع ما قالته ثم أكملت عبير بسرعة:
-والله يا استاذ عدي جواهر ما كانو عايزة تكدب وتخدع بس بابا استغلها وهددها. هي اضطرت ..هي عملت كده عشاني …عشان تساعدني …هي الوحيدة اللي ساعدتني لما بابا كان عايز يرميني وميسألش فيا ودلوقتي بابا لو عرف أنها قالتلك الحقيقة هيقلب الدنيا عليها …وهي اصلا ملهاش حد الا والدتها اللي تعبانة …أنا عارفة أننا غلطنا في حقك بس عشان اكون صريحة معاك ده برضه كان بسببك انت …انت صممت تتجوز واحدة متعرفهاش عشان تنتقم من أبويا …كنت قادر تنتقم منه من غير ما تدخلني في اللعبة دي …فمعلش انت كمان ليك يد في اللي حصل ….
ظل ينظر اليها بجمود …نظراته كانت فارغة تماما كأنها لم تتكلم ولم تخبره كل الحقيقة للتو …شعرت عبير باليأس قليلا ولكنها فكرت أنها قالت كل الحقيقة لعدي والان هي يمكنها أن تريح ضميرها …ولكن قبل هذا يجب أن تبحث عن جواهر التي اختفت تماما!!!!
أخرجت عبير من حقيبتها قلم وورقة ثم دونت رقمها وقالت:
-حضرتك لو حابب تتواصل معايا ده رقمي الشخصي اتصل بيا وبتمنى تسامحنا على اللي حصل …بس عندي طلب اخير …بلاش تتكلم على قصة التزوير قدام حد لو البوليس عرف جواهر للاسف هي اللي هتتحبس مع بابا وانا مش عايزة أنها تتدمر بسببي …فده طلب مني. لو سمحت يعني !
هز رأسه وهو يأخذ رقم الهاتف منها لتذهب هي من أمامه…جلس هو على الأريكة بإنهيار …ما سمعه غير تفكيره تماما أنها ضحية مثله تماماً…ولكنه أعطاها العديد من الفرص كي تتحدث ..لماذا صمتت …لماذا لم تتكلم هل أصبحت تخاف منه لتلك الدرجة !!!!دعك عينيه بتعب وهو يفكر اين هي الآن ولماذا لم تأتي مع عبير لتشرح له الأمر …لماذا اختفت من محيطه. و لم تحاول مجددا أن توضح له الأمر …تنهد بتعب وهو يفكر أنها حتى لو تعرضت للظلم هذا لا يبرر كذبها عليه …لقد أعطاها العديد من الفرصة لتتحدث وتولى هو حمايتها !!أعطاها قلبه ومشاعره …كان مستعد لجعل العالم تحت قدميها ولكنها لم تعترف …فضلت أن تكون جبانة !!!ام عجبها أن تخدعه …هل كانت ستشعر بالتميز ؟!…
وضع كفيه على رأسه وهو يشعر أنه سوف يجن…لا لايجب أن يفكر أكثر من هذا …يجب أن يعرف أن شخصا واحده السبب في تلك الفوضى وهو شريف …شريف الذي اعتقد أنه يمكنه خداعه …لقد عفا عن شريف من قبل ولكن ليس تلك المرة …شريف سوف يدفع الثمن غاليا…هو سوف يعاقبه على ما فعله …فقط ليفكر في العقاب المناسب له …شريف يجب أن يعاقب بسبب ما فعله له …يجب أن يعاقب لانه خداعه مرتين !!!
……….
في مركز التجميل….
-اصحي يا جواهر اصحي يا حبيبتي …
قالتها ميريهان وهي تحاول أن تجعل جواهر تستيقظ …كانت جواهر نائمة على الكرسي المتحرك الخاص بمركز التجميل …متدثرة بلحاف خفيف …يوجد على وجنتها أثر للدموع وكأنها بكت لمدة طويلة …نظرت إليها ميريهان بشفقة وهي تحاول أن تجعلها تنهض مجدداً…
اخيرا استجابت لها جواهر ونهضت وهي تنظر لميريهان وتقول بلطف بالغ وصوت مبحوح ،:
-صباح الخير يا مدام ميريهان ..
ثم نهضت من الكرسي وهي تشعر ان عضلات جسدها قد انسكرت …
-صباح النور يا جواهر …اخبارك النهاردة .!!
-الحمدلله يا مدام ميريهان أنا كويسة …
-قومي يا حبيبتي اغسلي وشك في الحمام وتعالي عشان تفطري يالا بسرعة …
هزت جواهر رأسها وهي تتجه نحو الحمام …دخلته وفتحت صنبور المياه وغسلت وجهها جيدا ثم جفتته وخرجت لتجلس مع السيدة ميريهان…
…
ذهبت وجلست مقابلها وهي تتناول طعامها بهدوء …فجأة نظرت إلى ميريهان وقالت:
-شكرا يا مدام ميريهان ..شكرا لانك ساعدتنيني أنل مش عارفة من غيرك كنت عملت ايه…شكرا بجد!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرجت من القصر الخاص به وهي تتنهد بتعب …رغم ان هذا كان صعب ولكنها على الأقل ربحت ضميرها من جهة جواهر …المسكينة تعذبت كثيرا بسببها …جواهر خسرت حب حياتها لتنقذها هي وهذا أقل ما تفعله لها ..ولكن الأمر لم ينتهي بعد يجب أن تثبت انها هي عبير صديق …فهي الآن زوجة عدي حسب الاوراق التي زورها والدها وعدي لم.يعرض مساعدته في هذا الأمر …الحقيقة انه لم يتكلم من الأساس …فبعد ان اخبرته كل الحقيقة كاملة ظل صامتاً …ينظر إليها بعيني فارغة ووجه جامد وهى من الأساس لم تتوقع.منه شئ بل أرادت اخباره حتى تبرئ جواهر امامه لكي يعرف ان جواهر لم تقصد خداعه بل ضحت بنفسها من أجلها هي …دعكت عينيها بتعب وهي تكمل سيرها ورأت على مقربة منها أمير…أمير الذي رفض أن تأتي بمفردها بل أتى معها …اعطته ابتسامة قصيرة لتجد على وجهه إمارات الراحة واقترب منها بسرعة وهو يزفر براحة ويقول:
-الحمدلله افتكرته انه ممكن يحبسك عنده عشان كده.كنت عايز ادخل معاكي !!!
ابتسمت عبير له وقالت:
-مظنش انه شيطان زي ما بيقولوا يا أمير …ه. معملش أي حاجة تزعجني بالعكس سابني بهدوء وانا قدامك اهو متقلقش بس بتمنى يقدر يساعد جواهر المسكينة … البنت منهارة اووي …وابويا لو عرف انها اعترفت لعدي هيقلب الدنيا فوق دماغها …أنا خايفة اووي يا أمير…..خايفة لبابا يعمل حاجة لجواهر …أنا لازم ادور على جواهر والاقيها بس المشكلة تليفونها مقفول وانا مش عارفة اتواصل بيها ازاي. ..أنا خايفة يا أمير ….
-متقلقيش بإذن الله ..هنلاقيها بأمر الله المهم أنتِ متخافيش …
قالها بصوته المطمئن لها فابتسمت له …ماذا كانت ستفعل لو هو غير موجود في حياتها بالتأكيد كانت ستجن …انه حقا مهم لها…..مهم جدا …هو من يدعمها …يقف بجانبها …لا يجعلها تشعر بالهلع .أنها تعشقه كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله…وهي تشكر الله يوميا لأنها حصلت عليه وتتمنى أن تتزوج به هو …فقط هو …
-روحتي فين مني ؟!
قالها أمير بحيرة لتهز رأسها بالنفي وتقول :
-مفيش حاجة يالا نمشى من هنا …
وبالفعل ذهبوا مسرعين واستقلوا سيارة الأجرة ..!!
…..
في مركز التجميل…
انتهت جواهر اخيرا من تناول افطارها ونظرت إلى ميريهان بإمتنان وقالت:
-اوعدك بس تتسهل الظروف همشى من هنا …أنا عارفة امي متقلة عليكي …
-ايه يا بت مالك …ده أنتِ لسه جاية امبارح يا بت وبعدين يا اختي أنا عملت ايه يعني ؟متبقيش اوفر يا جواهر …
أطرقت جواهر برأسها فأكملت ميريهان وهي تشد على كفها :
-اقعدي هنا قد ما تحبي …محدش هيكلمك ومحدش هيسألك…ووقت ما تكوني مستعدة تمشي امشي …بس متحسيش بالكسوف …واشتغلي هنا معانا وباتي هنا كمان…
تنهدت جواهر وهي تنظر إليها …فها هي قد خلت لها مشكلة كبيرة…ولكن الى متى سوف تهرب …شريف سوف يحضرها عاجل ام اجلا وحينها سوف يدمرها …يمحيها من على وجه الأرض ….وايضا عدي …عدي لن.يمرر لها ما فعلته …بالتأكيد سوف يعاقبها على ما فعلته …لانها خدعته !!! ..
-جواهر روحتي فين ..
قالتها ميريهان بصوت مرتفع نسبيا لتخرج جواهر من شرودها وتقول :
-انا هنا يا مدام …ماشي موافقة وهشتغل هنا …ينفع ابدأ من دلوقتي . .
ابتسمت ميريهان وقالت :
-اكيد طبعا …
هزت جواهر رأسها وهي تمسك ثياب العمل وتذهب للحمام كي ترتديها …
بعد قليل خرجت وهي ترتدي ثياب عملها وتمسك المكنسة وتبدأ في تنظيف مركز التجميل وهي تغلق عقلها عن التفكير في أي شىء …لو ظلت تشكر السيدة ميريهان عشر أعوام على ما فعلته معها لن يكفي ابداً…هي لن تنسى انها احتضنتها في الوقت الذي لفظها فيه العالم .. تذكر ت كيف اتت لهنا بعد أن طردها عدي …كانت تبكي بقوة …كانت مقهورة ويبدو عليها البؤس ….لم تفكر ودخلت مركز التجميل وكان أول من استقبلها السيدة ميريهان التي لم تسأل عن أي شئ ولم تعاتبها بسبب اختفائها المفاجئ ويبدو أن لا أحد يعرف بقصتها مع عدي …ولا احد رأى تلك الصور التي تم نشرها على الانترنت …..وهذا جيد…ربما يمكنها نسيان كل شئ والبدء من جديد!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عايزة افهم حضرتك جايبني وحا بسني هنا على أساس ايه ؟!
صرخت ورد بياسين الجالس على أريكته بإرتياح يمسك طبق كبير به فشار بينما يتابع احدي المسرحيات التي يحبها …ولم يعطيها أي انتباه …شدت ورد على اسنانها وودت لو تلكم وجهه ….الو غد يتجاهلها …
-بقولك رد عليا يا ياسين …
صرخت وهي تطيح طبق الفشار من بين يديه لينكب على الأرض بينما يتحـ طم الطبق بدوي مرتفع ….
تصاعدت النير ان بعينيه وشعر بغضب لا يمكن السيطرة عليه …شيطا نه اخبره ان يضر بها…يضر بها ويفرغ غضبه.بها…ولكنه بشق الأنفس سيطر على نفسه ونهض وهو ينظر إليها بدون رضا ويقول بصوت جامد:
-ورد أنا بحبك ومتمسك بيكي وبعمل المستحيل عشان احافظ على جوازنا …أنا عارف أن فيه مشاكل بيننا يمكن أنا مش قادر تلمس ايه المشكلة بالضبط… وبحاول اعدي تجاوزاتك معايا …بحاول افتكر الحلو اللي عشته معاكي وبصبر …بس أنا مش هصبر كتير يا ورد على تصرفاتك دي زي ما بيقولوا أنما للصبر حدود وانا صبري ليه حدود برضه ياريت تحترميها…
-طيب وليه جاي على نفسك كده ما قولتلك طلقني وارتاح يا ياسين …طلقني …
زفر بضيق وقال:
-اللهم طولك.يا روح ..يا بنتي الله يهديكي بطلي استفزاز ..أنا مش هصبر عليكي كتير ..
-محدش قالك اصبر ..
قالتها وهي ترفع وجهها له …عينيها البنية تبرق بعداء …تنهد ياسين وهو ينظر إليها …انها مختلفة عن المرأة التي عشقها وبدأ يقتنع أكثر بكلام أمجد ووالدته …ربما ورد الآن ليست بوعيها بالفعل…ربما يكون كلامه عن السحر صحيح …ربما هي تعاني بطريقتها …تنهد هو بتعب وقال :
-صابر عشان.بحبك …
-محدش قالك تحبني …
قالتها بفظاظة شديدة …كانت مصرة على اخراج اسو أ ما به ولكنه لم ينقاد لإستفزازها …قرر ان يصبر….ورد تستحق ان يصبر من أجلها …
ابتسم ابتسامة ساحرة واقترب منها ثم قبلها على وجنتها وقال بلطف:
-للاسف يا ورد الحب مش بإيدينا …قلبي بيحبك وانا مليش على قلبي سلطان …مفيش سلطان على القلوب الا ربنا …
تراجع غضبها قليلاً واكتسى وجهها بالشعور بالذ.نب ….هي لا تعرف لماذا تعامله بتلك الطريقة السيئة …هي تعرف انه لا يستحق أبدا ان يعامل بتلك الطريقة…ولكن هي لديها كر ه غريب نحوه ..كر.ه لا تعرف سببه …دعكت عينيها وهي تشعر بالتعب …انها تمر بضغط عصبي تتمنى أن ينتهي قريبا …
كان ينظر إليها بشفقة …شفقة عليها وشفقة على الحال الذي وصلوا إليه…كانت حياتهما مثالية …صحيح لا تخلو من بعض الجدال ولكن الجدال معها كان يجعله عاشقاً لها اكثر …ولكن الآن كل شئ تغير …انه يبحث بجنون عن الحب بعينيها ولكنه لا يجده …وهذا نوعا ما يحط ـم قلبه …ولكن ان أتى أمجد واثبت انها مسحو رة وان جوري هي السبب سوف يمسك برأس جوري ويقتلعها من مكانها …تلك المجنو نة المخـ تلة!!!
-متفكريش كتير !!
قالها بلطف شديد ثم أمسك كفها وجذبها لغرفة النوم …اتسعت عينيها بحذر وقالت بهجوم:
-أنت جايبني هنا ليه ؟؟ها قولي بتفكر فيه ايه ؟!
نظر إليها ببلاهة وقال:
-أنتِ ليه محسساني اني شاقطك وجيبتك البيت عندي وقولتلك امي تعبانة وبعدين تكتشفي اني خدعتك عشان اسلب منك أعز ما تملكي…فوقي يا ماما انتِ مراتي …مراتي وحامل بإبني فلو عايز حاجة كدا ولا كدا هتكون حقي يا غبية …
نظرت إليه بضيق فاكمل بعبوس:
-عموما يا اختي أنا مش بفكر في اللي بالك ده أبداً أنا راجل محترم… انتِ بقا اللي مخك كده دايما حادف شمال وبتظني فيا اوحش ظن وانا مفيش حد مؤدب قدي …
رفعت حاجبيها بإستنكار ليبتسم ويقول :
-انا جايبك الأوضة عشان ترتاحي شوية بدل ما أنتِ عاملة زي فرق لوز كده …متنسيش أنك حامل في ابني وعايزين الواد يجي سليم ويطلع عاقل زي أبوه مش مخه ضارب زي أمه…
لم تجادله اكثر من هذا فهي بالفعل كان لديها صداع شديد بسبب الجدال معه …هو حقاً عنيد وهي لن تستطيع أن تتفوق عليه بأي نقاش….
-رايحة ارتاح اهو …ما أنا مش هاخد من الجدال معاك الا و جع الدماغ …
ابتسم بإنتصار وقال:
-نصيحة من مهندس ذكي متجادليش مهندس لانه أذكى منك وهيعرف يغلبك في الكلام …العبدلله عشان متواضع مبيحبش يتكلم عن نفسه كتير وقد ايه هو ذكي ومفيش منه
-آه فعلا انت متواضع جداً …باين وواضح.أووي للاعمى …
-صحيح يا قلبي واضح جداً ..المهم يا مزة أنا رايح دلوقتي اسخنلك الشوربة اللي أمي بعتتها لينا عشان تتغذي وتعرفي تجادلي بدل ما انتِ بتجادلي على معدة فاضية …
ثم تركها وخرج من الغرفة … ..
بينما هي اتجهت الى الفراش وتسطحت عليه وهي غارقة في تفكيرها …تشعر بالدموع تلسع عينيها …تشعر انها تختنق بالفعل وكأن شئ بغيض يجثم على قلبها …هي تشعر بالضيق لانها موجودة هنا …عندما كانت عند والدتها كانت مرتاحة قليلا ولكن الآن تشعر ان جدران الغرفة الواسعة تضيق عليها فتخنقها …انسابت دموعها وهي تغمض عينيها بتعب …ترغب ان تنام…ترغب ان تهرب من كل شئ …وبالفعل غرقت بالنوم …
…….
في غرفتها …
كانت تمشط شعرها الطويل وهي تغني احدى اغاني أم كلثوم …بينما ابتسامة رائعة تحتل شفتيها …تشعر بالسعادة والراحة وكأن لا شئ يشغل بالها .. ..فجأة شعرت بذراعين تحيط بخصرها وأحدهما يضع شفتيه على وجنتيها …ابتسمت بسعادة وأغمضت عينيها وهي تقول :
-ياسين …
ثم استدارت لتتسع عينيها بصدمة وهي تجد علي الذي أخذ يقترب منها ويقول :
-علي مش ياسين …
ثم لمس وجنتها وهو يقترب بشفتيه منها …
-لااااا…
انفلتت تلك الصرخة من بين شفتيها وهي تفتح عينيها ليتراجع ياسين بتوتر وهو يراها تنهض بتلك الطريقة …عندما دخل ووجدها نائمة بسلام وضع الطعام على جنب وجلس بجوارها وهو يتأملها نائمة بسلام ولم يستطع مقاومة ان يلمسها ويقبلها …لقد اشتاق ان يقترب منها لهذا الحد ولكن صرختها المفاجئة صدمته…
كانت تتعرق هي وتلهث بقوة …رباه ما هذا الكابوس …انها دائما تحلم به …
&فيه ايه يا ورد مالك ؟!
كان ياسين ينظر إليها بصدمة …ابتلعت ريقها وقالت بصوت خافت :
-كابوس …مجرد كابوس ….
هز رأسه بتفهم وجلس بجوارها مرة آخرى وهو يمسك كفيها ويقول:
-طيب أنا سخنت الشوربة وحاولت اطلع بأقل الخساير تحبي تأكليها ..
هزت رأسها بهدوء لينهض بسرعة ويجلب الحساء ثم يضعه على الفراش ثم شرع بإطعامها ولكن هي ازاحت رأسها وهي تقول بنبرة باردة قليلا :
-معلش يا ياسين أنا عايزة اكل لوحدي …لو سمحت …
ابتسم في وجهها ولم يظهر جر حه منها وقال:
-طبعا يا حبيبتي اللي تشوفيه …
ثم ترك لها الملعقة وجلس على المقعد المقابل وهو يتأملها بعمق …متى ستنتهي مأساته معها …فجأة تذكر انه يجب أن يتحدث مع أمجد لكي يأكد عليه موعد حضوره …
نهض فجأة وهو يمسك هاتفه ويخرج من الغرفة ويتصل بأمجد …انتظر بصبر حتى رد أمجد على اتصاله…
-شيخ أمجد اخبارك ايه ؟!
-اهلا اهلا يا باشمهندس ايه قدرت ترجع زوجة حضرتك للبيت…
هز ياسين رأسه وقال:
-ايوة يا شيخ قدرت ارجعها الحمدلله..كده حضرتك هتجيلنا امتى ؟!
-بكرة بأمر الله ..
اتاه الرد من الناحية الآخرى ليبتسم براحة ويقول:
-تمام اووي يا شيخ مستنيك هبقى ابعتلك العنوان واتصل بيا كمان عشان اجهز نفسي …
-تمام ..
ودعه ياسين آخيراً وهو ينتظر قدوم الغد بفارغ الصبر
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-فرحك بعد أسبوع !!!!
صرخت بها ليان بحماس عند خروجهم من الجامعة …
-ششش يخربيتك هتفضحينا !!
قالتها نسرين وهي تضع كفها على فم ليان وتضحك …شتان ما بين حالها بالأمس وحالها اليوم …ففؤاد استطاع محو التعاسة من قلبها ولو للحظات …لم يسمح لوالدها ان يأخذها معه بل صمم ان تمكث بمنزله هي ووالدته حتى زواجهما وفي الصباح الباكر أتى ليقلها الى الجامعة وفطرا سويا وهنا يتحدثان في ترتيبات زفافهما وقد اخبرها اليوم بشكل مفاجئ ان زواجهما بعد أسبوع …لقد صدمها ..كادت بالفعل ان تصاب بنوبة هلع بسبب ما فجره بوجهها …ما زالت تتذكر رد فعلها الهستيرية!!!
……
في مطعم صغير تنبعث منه أحد أغاني أم كلثوم ..كانا جالسان يتناولان فطورهما وهم يتحدثان بحماس عن ترتيبات الزفاف …ولكن فؤاد قال فجأة :
-كلمت عمي وطلبت أن الفرح يكون بعد أسبوع!!!
توسعت عينيها وهي تنظر إليه فقال مبتسماً؛
-متبصليش بعينيكي بالشكل ده تاني ؟!
-ليه …
قالتها بحيرة ليرد :
-عشان بيدوبوني …
احمر وجهها بقوة وتبعثرت الكلمات من على شفتيها وهي تشعر بالخجل الشديد بينما يغازلها بتلك الطريقة …أغمضت عينيها وهي تحاول تهدئة ضربات قلبها ومعدل تنفسها ثم فتحت عينيها وهي تنظر إليه بعتاب وتقول:
-متحاولش تغير الموضوع وتضيعني يا فؤاد …جواز ايه ده اللي بعد أسبوع …ايوة اتفقنا نقدم الفرح بس مش بالطريقة دي يعني !!!
-متقلقيش هنخلص كل حاجة قبل ميعاد الفرح الفستان جاهز وهحجز النهاردة القاعة…والبيت جاهز …ايه تاني ناقص ..
قالها فؤاد ببساطة لتتنهد وتقول بصراحة تامة:
-انا يا فؤاد …انا مش جاهزة خالص ..مش جاهز اتجوز…أنا خايفة…أنا بحاول ابينلك اني مبسوطة بالقرار ده ..بس لا أنا مش مبسوطة خالص ….مش جاهزة وحاسة بالخوف …خايفة اظلمك وعشان اهرب من ظلم بابا ليا اتجوزك.واظلمك معايا او أقصر في حقوقك …أنا خائفة يا فؤاد خايفة اووي …
ابتسم فؤاد بلطف ومد يده ثم شد على كفها وقال:
-خدي الوقت اللي أنتِ عايزاه في بيتي يا نسرين أنا مش هضغط عليكي …اعتبري أننا لسه.مخطوبين.واتعرفي عليا براحتك ..هنتجوز ونعمل كل حاجة سوا يا نسرين …اوعدك هخليكي اسعد انسانة في العالم …
الوعد في كلماته جعل قلبها يذوب بشدة ….لمعت عينيها بالدموع وقالت:
-أنا مستاهلش الحب ده كله ..
-لا أنتِ تستاهلي كل الحب اللي في العالم وانا هديكي.الحب ده يا نسرين بس خليكي معايا متبعديش عني …اديني فرصة أسعدك..
هزت رأسها وهي تبتسم له فجذب كفها وقبله…
…..
عادت من شرودها وهي تبتسم بحالمية بينما ليان تنظر إليها بخبث وتقول:
-يا سيدي يا سيدي شكل الحب ولع في الدرة زي ما بيقولوا …شكلك وقعتي يا نسرين على جدور رقبتك.في حب فؤاد …
احمر وجه نسرين بقوة..وضحكت بإرتباك لتكمل ليان :
-انا مرتاحة اووي انك لقيتِ حبك الحقيقي ..كنت واثقة ان يوسف من الترو لاف.بتاعك …
بهت وجه.نسرين لتعض ليان لسانها…لما هي بهذا الغباء ولا تنتقي كلماتها بعناية …تنهدت وقالت بأسف :
-أنا اسفة يا نسرين …أنا بجد غبية لما بتكلم مش بقف …سامحيني …
تنهدت نسرين وأغمضت عينيها قائلة :
-انا مش زعلانة منك يا ليان ..بس كنت بفكر في حاجة ..
-كنتِ بتفكري في ايه ؟!
قالتها ليان بفضول لترد عليها نسرين :
-كنت بفكر هو أنا فعلا ظلمت يوسف …هو حبني اووي وانا نسيته وروحت لغيره …أنا حتى بطلت أفكر فيه ..وحاسة بالذنب لانه مش قادر يتخطاني يا ليان …حاسة اني وحشة اووي…حاسة ان لعبت بيه زي حبيبته الأولى !!!
تنهدت ليان ووضعت ذراعيها حول كتف نسرين وهي تقول بهدوء:
-مفيش داعي. تحسي بالذنب ولا حاجة …انتِ مش غلطانة بالعكس هو اللي غلطان …هو اللي راح قال لعمو على علاقتكم وحطك في موقف صعب خلى باباكي يضربك وورطك قدامه … وبسبب اللي حصل فؤاد قرر يتجوزك عشان يحميكي ..بس أنا شايفة أنك مبسوطة دلوقتي يا نسرين فمش مهم الباقي …
-انتِ شايفة كده؟!
-انا مش شايفة غير كده …
قالتها ليان ببساطة وهي تبتسم لرفيقتها …نسرين تستحق كل السعادة …في الحقيقة هي لم تحب أبدا علاقتها مع يوسف …شعرت في كثير من الآحيان ان يوسف يبتزها عاطفيا…يستغلها لتكون جانبه ولكن حمدلله انها ارتبطت بفؤاد ..ربما فؤاد سوف يكون الشخص الأمثل لها …..
نظرت ليان لنسرين التي تبتسم بينما تقف امام الجامعة وتنتظر فؤاد كعادتها …قالت نسرين فجأة:
-احيانا بحس ان فؤاد كائن مش طبيعي …احيانا بحسه ملاك …طيب بطريقة غريبة..
-اه والله يا نسرين الواحد حاسس انه طيب لدرجة هيكون بيخدعنا في الاخر ويطلع سيريال كيلر …
انفجرت نسرين في الضحك بسبب كلمات ليان وقالت:
-اسكتي يا ستي هتشككيني في الراجل ليه ؟!
قطعت كلامها وقالت فجأة بفرحة طفولية :
-اهو فؤاد جه…تعالى نوصلك معانا بدل ما تستني السواق…
عرضت نسرين بينما فؤاد يوقف سيارته …ولكن ليان قالت :
-لا روحوا انتوا ..
هزت نسرين رأسها ولم ترغب أن تضغط عليها وقالت :
-تمام يا بيبي هكلمك لما أوصل سلام…
-سلام.
قالتها ببسمة ثم غادرت نسرين متجهة إلى فؤاد والإبتسامة تشرق على وجهها وما أن رآها فؤاد حتى أعطاها ابتسامة أكبر …
-ازيك ..
قالتها نسرين بوجه محمر من الخجل وهي تقترب منه بينما هو اخذ يتأمل ملامحها المتناسقة في انبهار ويبتسم ويقول:
-انا زي الفل ما دام شوفتك يا ست هانم …يالا عشان اغديكي وبعدين اروحك أنا قولت لماما ..
-انا مفلساك اول بأول على فكرة …
قالتها وهي تستقل السيارة وتضحك …ليركب هو بجوارها ويقول :
-يا ستي تعيشي وتفلسيني يا غالية …
ثم انطلق بهما مبتسما وهو يخلل أصابعه بين أصابعها ويشد على كفها وهنا شعر أنه ملك العالم بأكلمه …
……..
وصلا إلى مطعم الشاورما المفضل لهما …اجلسها على الطاولة بلطف ثم جلس أمامها وهو يبتسم ويتأملها …أتى العامل وأخذ طلبهما وغادر ثم عاد فؤاد لتأمل نسرين وكأنها متعته الوحيدة …تضجرت وجنتيها بدماء الخجل بينما يرمقها بتلك الطريقة وقالت في سبيل تشتيت انتباهه عنها قليلا ؛
-ايه حجزت القاعة اللي هنعمل فيها الفرح ؟!
هز رأسه وقال:
-لا بس شوف كام قاعة حلوة بكرة اخدك نتفرج عليهم واللي تعجبك نحجزها علطول …
-تمام ماشي …
قالتها بلطف وهي تنظر إلى النافذة ….
بعد قليل أتى الطعام وأصر ف،اد أن يطعم نسرين بنفسه …كان يطعمها ويشاكسها وصوت ضحكاتهما تسيطر على المكان …كانا.مشغولين للغاية لدرجة أنهم لم يلاحظوا وجود يوسف بالمطعم …كان ينظر
الى نسرين وفؤاد وقلبه يتمزق من الألم …لا يصدق أن من أحبه تجرحه بتلك الطريقة …هي أحبت فؤاد. …أحبت فؤاد ونسيته هو …هو لم.يكن أبدا مهم لديها ….
بتعب نهض من الطاولة ودفع الحساب وغادر ….أسرع إلى سيارته بينما الدموع تطرف من عينيه …كم هي قاسية !!!لقد نسيته بتلك البساطة …ابن حبها المزعوم له!!!اي وعودها بأنها سوف تبقى معه للأبد …اين كل تلك الوعود …هل نستها؟!..جلس بسيارته وهو يمسك المقود بقوة بينما الدموع تنفجر من عينيه أكثر فأكثر …انطلق بها ثم أخذ يضرب على المقود بغضب …اللعنة على الحب …اللعنة عليه !!!
يتبع….
بعد أن ذهبا نسرين وفؤاد …ظلت واقفة أمام باب الجامعة تشعر بألم في قلبها. ..أغمضت عينيها وقالت:
-وحشتني يا موسى. ..وحشتني اووي
ثم فتحت عينيها وهي تسمع صوت لقدوم سيارة أمامها …توسعت عينيها بصدمة وهي ترى أن تلك سيارة موسى …وهذا هو موسى …موسى ..حبيبها !!!
-موسى!!!
قالتها ليان وقلبها يرتعش داخل صدرها …كانت لا تصدق انه أمامها …فمنذ الأمس وهي في حالة سيئة بسبب ما حدث …ولكن برؤيته اليوم تشعر ان الألم الذي في قلبها تراجع …
-أركبي يالا …
قالها مبتسما لتهز رأسها وهي تنظر حولها خوفا من أن يأتي السائق ويراها معه ثم يخبر عدي وهي لا تريد هذا ….
استقلت السيارة سريعا لينطلق موسى بهما
….
في السيارة ..
كانت ليان تنظر إلى موسى وعينيها مشبعة بالدموع …تشعر وكأن أحدهما يعتصر قلبها بقوة …لقد اشتاقت له ولا تصدق انه ابتعد عنها …
-وحشتني اووي يا موسى …
جذب كفها وهو يقبله وقال:
-وأنتِ وحشتيني اكتر يا حبيبي …
-هنعمل ايه في …
-شششش مش عايزك تفكري في أي حاجة دلوقتي يا ليان أنا هتصرف مع عدي …أنا لما جيت عشان اشوفك عشان بس وحشتيني وكنت ناوي اشوفك وأمشي بس مقدرتش بصراحة …كنت عايز اقعد معاكي واتكلم معاكي واشبع منك
..وانا هكلم.عدي تاني. …اطمني انتِ مش هتكوني لحد غيري زي ما أنا مش هكون لغيرك …مرضية يا ملكة قلبي …
هزت رأسها وهي تمسح دموعها التي انسابت على وجنتيها…لن تنكر ان كلماته جعلتها تهدأ قليلاً…هي الآن ليست خائفة ..فهي تثق بموسى
بعد قليل توقفا امام مقهى يطل على النهر …
خرج موسى من السيارة وجذب كف ليان وسحبها خلفه نحو المقهى اجلسها بلطف على المقعد وقال وهو ينظر إليها وقال:
-تشربي ايه يا ست هانم…
-انت هتشرب ايه ؟!
قالتها وهي تنظر إليه بحب فرد ببساطة :
-هشرب شاي بالنعناع .
-خلاص أنا كمان هشرب شاي بالنعناع .. ….
رفع حاجبيه بحيرة وقال :
-من امتى بتحبي الشاي..
-من.دلوقتي عشان أنت بتحبه …
ضحك وقال:
-طيب يا نصابة
ثم استدعى النادل ليأخذ طلبهما …
وبعد ان ذهب وضعت ليان كفها على وجنتها وبدأت تراقب موسى بحب …
-.وحشتني اووي بجد ..متعرفش أنا عملت ايه لما اخويا طردك اتخانقت معاه وحتى مش بكلمه من الصبح …حتى لما قالي أنه جابلي سواق جديد معملتش اي رد فعل وتجاهلته و….
قاطع كلماتها المتحمسة وجوم موسى وهو يقول :
-ليان مفروض متعامليش اخوكي بالشكل ده …مهما كان غلط ومهما كان اختلافنا معاه ده برضه اخوكي …بس انا وأنتِ لازم نعترف بحاجة!!!
صمت قليلا وأكمل :
-لازم.نعترف أننا غلطنا في حق اخوكي لما ارتبطنا من وراه …احنا كسرنا ثقة عدي وهو ميستاهلش ده مننا أبداً …في الوقت اللي كنت لوحدي مفيش حد يساعدني كان هو الوحيد اللي مد أيده وساعدني …دخلني بيته وأمني على أخته وبدل ما احميها…حبيتها …حاولت أنكر مشاعري دي …حاولت اقضي عليها بس مقدرتش …هي كانت محاصراني من كل مكان ….حبيتها اكتر من نفسي حتى وكنت مستعد أعمل ايه حاجة عشان احميها حتى لو كنت هموت مش مشكلة المهم تبقى هي بخير …وعلى قد ما كنت بحبها …على قد ما حاولت اقتل الحب ده من جوايا …مكونتش حابب اخون صاحبي بس للاسف فشلت بقوة كمان …فشلت قدامك يا ليان …فشلت وبعترف …بس برضه أنا خونت صاحبي وكنت مستعد لأي عقاب يقوله ومفروض متعاملهوش كده …عدي عمل المستحيل عشان يحميكي …وقف في وش عمه وخسره…حبس عمه وكان هيقتله في مرة عشانك …معقول نسيتي كل اللي عمله عشانك يا ليان …
أطرقت ليان برأسها …عضت شفتيها وهي تمنع شهقاتها من التسلل من بين شفتيها …تعترف انها قد عاملت عدي بأسلوب بشع…رفعت رأسها ونظرت إلى موسى وعينيها رطبة بفعل الدموع وقالت:
-انا كنت زعلانة أنه طردك يا موسى…كنت حاسة أنه طرد روحي متعرفش لنا عيشت ايه امبارح …أنا كنت هتجنن لولا أنك كلمتني اخر الليل ووعدتني أنك هترجعلي قريب …صحيح غلطت بحق عدي …مكنتش في وعي …كنت هتجنن عشان اعرف روحت فين …
ابتسم موسى وشد على كفها وقال:
-احنا مع بعض اهو …ومستحيل اي حاجة تفرقنا…
تنهد وقال:
-انا هكلم عدي تاني يا ليان …مش هستسلم ابدا غير لما تكوني ليا يا ليان ….ده وعدي ليكي …
ابتسمت له ابتسامة رائعة ..كلماته تلك أطلقت العديد من الفراشات بمعدتها…شعرت بقلبها يخفق بقوة وعينيه تحاصرها بقوة …وكفه تشد على كفها …كان كل شئ مثالي للغاية بينهما …الحب داخل قلب كل منهما ..نقي وحقيقي … فجأة أتى النادل بأكواب الشاي ليشرعا في تناوله … وبعد أن انتهيا جلسا قليلا يتكلمان ..كانت تتكلم معه دون توقف وهي سعيدة …كانت تريد أن تشبع منه قبل أن تعود للمنزل ..ولكن كان قد أتى ميعاد ذهابها للمنزل …كما أن السائق اتصل بها ….
-معلش يا حبيبي لازم امشى دلوقتي …
قالتها ليان وهي تنهض لينهض موسى ويقول :
-يالا هوصلك …
-لا لا مفيش داعي أنا هروح لوحدي …
&لا يا ليان قولت هوصلك خلاص متناقشنيش لو سمحتي ….
وبالفعل لم تجادل بل.أتبعته إلى سيارته وركبتها بهدوء وهي تبتسم ها هي سوف تنال بضع دقائق معه ولكن الخوف أن يراها السائق ويخبر عدي …
….
ما أن جلس وانطلق بها حتى قالت بتوتر :
-انا خايفة السواق يشوفك ويقول لأخويا …خايفة خالص يا موسى …
-متخافيش يا حبيبتي مش هيحصل ده ….أنا عامل حسابي ….
…..
وبعد بضعة دقائق كان قد اوصلها بعيد عن جامعتها نسبيا وقال؛
-انزلي هنا وروحي الخطوتين دوول وبعد ما توصلي اتصلي بيا عشان اطمن عليكي …
هزت رأسها وقالت وهي تنظر إليه :
-امتى هتكلم عدي ؟!
-قريب جداً بإذن الله ..
قالها بثقة لتبتسم وتترجل من سيارته وهي تشعر وكأنها ولدت من جديد …الدقائق التي قضتها مع موسى كانت اجمل دقائق قضتها في حياتها كلها ..
اقتربت من السيارة الخاصة بهما لترى السائق …استقلب بهدوء السيارة لينطلق بها بسرعة !!
……
قاد موسى سيارته عائداً الي منزله …كانت الابتسامة تملأ شفتيه …كم هو سعيد لانه رآها …لقد اشتاق اليها بجنون …حبيبته الصغيرة…كان يحتاج ليراها كي يخطو الخطوة الثانية …سوف يكلم عدي …لا أحد سوف يمنعه عن حب حياته …وعدي عندما يرى كم يحب هو شقيقته هو متأكد أن الجليد الذي في قلبه سوف يذوب وسوف يعطيه ليان …هو يعرف أن عدي طيب للغاية ولن يتحمل رؤية لا شقيقته تعيسة ولا صديقه …
تنهد وهو يوقف السيارة إمام العمارة السكنية وخرج من السيارة وهو يصفر بسعادة ثم بخطوات واسعة ولج للعمارة ….غير منتبه للسيارة السوداء الجيب الواقفة إمام العمارة والتي كان لها عدوه الأوحد…الرجل الذي قلب حياته منذ سنوات ….دمرها تماماً…هل هو يعود لكي يدمرها مرة آخرى …كان مصر على هذا …فموسى سوف يعيش اتعس أيام حياته….
نظر صموئيل الي الرجل الذي يعمل معه وقال:
-قولي بقا نقطة ضعفه الجديد …..
-ليان رشيد هو كان البودي جارد بتاعها وحبيبته في نفس الوقت …
ابتسم صموئيل وقال:
-خلينا نعيشه الكابوس مرتين !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يا بنتي متبقيش عنيدة …الدكتور يحيى عرض المساعدة عليكي ..ده هيعمل العملية لأمك بنفسه يا رانيا وفي المستشفى بتاعته الخاصة .
قالتها ماجدة …لا تصدق عناد تلك الفتاة …انها تعرض حياة والدتها للخطر بسبب غباءها ….كانت رانيا جالسة على الأريكة بمنزل ماجدة ترمش بعينيها لكي تبعد الدموع عن عينيها …لم تكن تريد البكاء أمامها …كانت مقهورة على حالها …لقد أيقنت الأن انها مثيرة للشفقة …..فيحيى لم ينجذب إليها بل يشفق عليها كحالة انسانية …يبحث لها عن عمل ويريد إجراء جراحة لوالدتها …شعور انها بائسة وتثير شفقة الجميع جعل معدتها تتلوى …أغمضت عينيها وهي تتذكر ما قاله لها
…
-عايز أنا اللي أعمل العملية لوالدتك في المستشفي بتاعتي وبدون أي مقابل …
هكذا قالها صادما اياها…ظنت انها سمعت بشكل خاطئ ولكن ملامحه كانت جادة …عينيه الزرقاء كانت ترمقها بإنتظار ليسمع ردها…
هزت رأسها وقالت بذهول:
-انت ايه اللي عرفك اللي حصل لأمي يا دكتور؟!مين قالك انها محتاجة عملية ؟!
-مش مهم مين قال يا رانيا …المهم دلوقتي ان والدتك محتاجة عملية وانا اللي عايز اعملهالها
-خالتي ماجدة هي اللي قالتلك صح ؟!
قالتها وقد ظهر في صوتها الجرح ….احست رانيا في هذا الوقت انها مثيرة للشفقة ..شعرت بنيران الغضب ترتفع.داخلها…لقد فعلت المستحيل لكي لا يشفق عليها احد ولكن عبثاً…فها هو يحيى يشفق عليها ….ها هو يريد مساعدتها بالتأكيد هو يراها كحالة إنسانية ….
-انطق خالتي ماجدة اللي قالتلك صح ؟!!
قالتها بإنفعال وقد حاربت ظهور الدموع بعينيها إلا أنه قال:
-قولتلك مش مهم مين اللي قال المهم ان والدتك محتاجة عملية وانا بعرض أن انا اللي اعملها !!!!
-ليه ؟!
قالتها بنبرة حاربت لإخراجها ثابتة ولكنها خرجت مرتعشة بينما تسللت دمعة من سجن عينيها لتفضح ما بداخلها من حزن وبؤس شديد …نظر يحيى إليها بحزن …كان قلبه يؤلمه عليها وهو يفعل ما بوسعه الآن لزرع الابتسامة على وجهها مجدداً…
-قولي يا دكتور ليه عايز تساعدني …ليه ؟!ايه شفقان عليا صح ؟!اكيد أنا حالة إنسانية بالنسبالك صح ؟!
نظر إليها يحيى بصبر …كان يعرف انها تعاني لذلك تركها تهذي ولم يفقد أعصابه معها فقال أخيراً:
-لا يا رانيا مش حالة إنسانية ولا حاجة …أنا عايزة اساعدك عشان أنتِ ليه مكانة عندي …
نظرت إليه بصدمة وقالت؛
-مكانة ايه حضرتك ؟!
قالتها ليرتبك هو ويقول ؛
-خلينا في المهم يا آنسة رانيا …فكري في والدتك التعبانة ومش مهم أنا دلوقتي
-طيب ما أنا فعلا بفكر في والدتي …ومش هفكر الا فيها وهي أهم …
قالتها بإندفاع ليبتسم بلطف ويقول:
-كويس اووي ..يبقى ليه مش عايزة تعملي العملية لمامتك.عندي …الانتظار في الحالات دي مش بيفيد…متبقيش عنيدة يا رانيا واسمعي الكلام …
نهضت بضيق وقالت :
-وانا قولتلك شكرا مش عايزة…مش عايزة يا بيه …مش عافية هي …
ثم تركته وغادرت تاركة إياه ينظر إليها بيأس …
…..
عادت رانيا من شرودها ودموعها تتساقط تباعاً بينما ما زالت ماجدة توبخها …
-خلاص كفاية يا خالتي كفاية …
قالتها رانيا وهي تبكي لتزعق بها ماجدة :
-لا مش كفاية …مش كفاية يا أستاذة رانيا …متبقيش أنانية وفكري في مصلحة امك …قوليلي هتكوني مبسوطة لو أمك حصلها حاجة …ها ..هتكوني مبسوطة !!!لو ماتت لا قد الله هتندمي على اللي عملتيه …يا بنتي متبقيش غبية الراجل مادد أيده وعايز يساعد فأقبلي المساعدة عشان خاطر امك على الأقل
…………..
بعد قليل….
كان يحيى يخرج من سيارته وقلبه يخفق ..منذ أخبرته أنها تريد التحدث معه لم يفكر مرتين وأتى إلى هنا …
استقبلته السيدة ماجدة في منزلها بترحاب شديد وذهبت لتحضر له شئ كي يشربه بينما ظل هو مع رانيا بصالة المنزل …
كانت رانيا تفرك كفيها بينما هو يتأملها بعمق …الاحاسيس التي تفجرها تلك الفتاة داخلة عجيبة …لم يفعل أحد هذا به …وأصبح الإنكار حماقة الآن …هو يعترف أن لديه مشاعر قوية بداخله من ناحيتها …يعترف أنه يعشقها!!!
-انا موافقة انك تعمل العملية لأمي !!
قالتها بهدوء …
♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
-ورد ..
قالها ياسين بتردد وهو يقترب من ورد …لا يعرف ماذا يتكون رد فعلها على ما سيقوله الآن لها…هي بالتأكيد سوف تغضب منه ولكنه لا يهتم …هو سوف يحاول امتصاص فغضبها وسيتحمل أي شئ منها …رفعت ورد رأسها وهي تنظر إليه …كانت جالسة على الأريكة براحة فهو بعيداً عنها منذ الصباح وهذا اراحها نسبيا ولكن الآن هو قرر اقتحام مساحتها الخاصة …تأففت وظهر الضيق على وجهها وقالت بفظاظة :
-نعم ؟!
ابتلع ريقه وقال وهو يمد لها حقيبة ورقية كبيرة بعض الشئ موقع عليها اسم محل لأحد المحجبات وقال :
-ممكن تلبسي.ده ؟!
نظرت إليه وكأنه فقد عقله وقالت:
-ليه؟!
ثم أخرجت محتوى الحقيبة الورقية والذي لم يكن سوى عباءة سوداء واسعة قليلاً وحجاب معها …
يبدو بالفعل انه فقد عقله …نظرت إليه وقالت بسخرية :
-هي هدية جميلة بس حضرتك انا مش محجبة فمش فاهمة الهدية دي عشان ايه ؟!حضرتك ناوي تحجبني ؟!
ربع ذراعيه وقال بهدوء:
-أنتِ مش عايزة تتحجبي يا ورد ؟!
أنمحت السخرية من وجهها وقالت بجدية :
-نفسي جدا وعايزة اخد الخطوة دي بس القصة أنك عمري ما قولتلي اتحجب فمستغربة دلوقتي …وكمان أنا في البيت ليه هلبس دوول
تنهد وقال :
-عشان جايلنا ضيوف يا ورد بطلب منك البيئة دوول لو سمحتي …
نظرت إليه دون فهم وقالت:
-ضيوف مين اللي عايزني اقابلهم بعباية…عندي فضول شديد !
انتهى الأمر …يجب أن يعترف لها …لن يكون جبان ويخفي عنها الحقيقة …هي يجب أن تعرفها…قال فجأة بثبات وهو ينظر الى عينيها بعمق :.
-شيخ ..اللي هيجي هنا بعد ربع ساعة شيخ عشان يقرأ عليكي ويقرا على البيت ويشوف ايه المشكلة وليه التوتر ده بيننا …
قال كلماته بكل هدوء …لم يتوتر او تظهر على ملامحة أي لحظة ضعف او ارتباك بينما ظل ينظر الى وجهها المصدوم بصبر…أخذت المشاعر تتعاقب على وجهها ..حيرة وذهول وصدمة ثم غضب …غضب شديد سيطر على ملامحها وهي تنظر إليه…كانت لا تصدق انه يقول بوجهها هذا !!انتظر ياسين انفجارها وبالفعل صرخت به !
-أنت ازاي عايز تجبلي شيخ هنا يقرأ عليا ؟!أنت شايفني مجنونة!!!
صرخت ورد وهي تسمع قراره المفاجئ بأن شيخ سوف يأتي للمنزل بعد ربع ساعة …
ابتسم ببرود وقال:.
-يا ورد يا حبيبتي …الشيخ بيعالج الملبوسين مش المجانين فلا أنتِ ست العاقلين بس شاكين أنك ملبوسة !!!
-أنا ملبوسة يا ياسين ..
ضربت على الأرض بغيظ وهي تصرخ به قال وهو يقترب منها ويحملها :
-اولا بلاش حركة كتيرة عشان البيبي …وبعدين مش احسن ما تكوني مجنونة رغم ان الاتنين بالنسبالي واحد …
اجلسها على الأريكة برفق ثم جلس بجوارها وهو يتكلم بنبرة جادة للغاية بينما يشد على كفها :
-بصي يا ورد أنا وانتِ واخدين.بالنا اووي ان فيه توتر بيننا وفيه نفور جواكي من ناحيتي غريب ودي حاجة صدمتني عشان أنتِ دايما كنتِ بتقولي أنك بتحبيني …فالنفور المفاجئ ده.صدمني وجرحني خاصة اني حبيتك …أنا أول مرة احب بالشكل ده …أول مرة اتعلق بحد بالشكل ده واخاف اخسره أنا عايزك في حياتي يا ورد …يمكن أنا جلنف زي ما بتقولي ومبعرفش اعبر عن مشاعري كويس بس صدقيني لما اقولك اني عايزك تكوني في حياتي لحد آخر ثانية في عمره ….عايز نكبر مع بعض ونجوز ياسمين والبيبي اللي جاي نربيه سوا ونجوزه كمان ونشوف احفادنا.ونفرح بيهم واحكيلهم على جدتهم اللي استحملت جدهم الجلنف عشان بتحبه….عايز حياتنا ترجع حلوة زي الأول يا ورد …حطي ايدك في ايدي وساعديني…خليكي أنتِ أقوى …لو سمحتي يا ورد …
تنهدت وقالت :
-اعمل ايه ؟!
ابتسم براحة أخيرا وقال :
-البسي دوول وقابلي الشيخ …
-حاضر ..
قالتها بوداعة …
……
بعد ربع ساعة بالضبط …
كان أمجد يلج الى المنزل وهو مثبت عينيه على الأرض و يقول :
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخ اتفضل…
قالها ياسين بإحترام.شديد وهو يدله على طريق غرفة الضيوف…
جلس أمجد براحة على الأريكة …بدأ يتحدث مع ياسين قليلا عندما دخلت ورد وهي تحمل العصير بينما ترتدي العباءة والحجاب الذي يغطي شعرها بالكامل ..
ثبت أمجد عينيه على الأرض وقال:
-اقعدي جنب زوجك ..
فعلت ورد ما أمر به ثم قال أمجد :
-ودلوقتي أنا هقرأ وأنت يا باشمهندس راقب تصرفات زوجتك ..
-ماشي ..
قالها ياسين ..
أغمض أمجد عينيه وبدأ يقرأ …
قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ » …. بسم الله الرحمن الرحيم « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ»
بسم الله الرحمن الرحيم
فَلَمّا أَلقَوا قالَ موسى ما جِئتُم بِهِ السِّحرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدينَ»،
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ»
كان أمجد يقرأ دون توقف بينما ياسين يراقب زوجته التي أخذت تهتز ودموعها تنفجر من عينيها …فجأة نهضت وهي تصرخ وقالت:
-كفاية …كفاية كفاية!!
ثم وضعت كفيها على أذنها وهي لا تريد أن تسمع الباقي …
-امسكها يا باشمهندس كويس ..
قالها أمجد بصرامة لياسين الذي بهتت ملامحه وهو يرى زوجته في تلك الحالة
-باشمهندس ياسين فوق معايا !!!
قالها أمجد.بنبرة مرتفعة لينهض ياسين بسرعة ويمسك زوجته …يبعد كفيها عن اذنيها بينما أكمل امجد القراءة
-بسم الله الرحمن الرحيم
الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم…
ثم أتبعها بسورة الفاتحة بينما بدأت ورد بالصراخ حتى فقدت وعيها …
-ورد ورد….
صرخ ياسين بخوف ولهفة ليقول أمجد:
-متخافش عليها ورح وديها على اوضتها وتعالى يا باشمهندس ..
هز ياسين رأسه وهو يحمل زوجته بينما أخذ أمجد يسبح ويستغفر ويصلي على الرسول …
….
بعد قليل جاء ياسين إليه وجلس بجواره وقال:
-ايه يا شيخ ..انت شايف ايه ..
-سحر قوي يا باشمهندس …
-مين اللي عمله
قالها ياسين والنيران تندلع بعينيه فابتسم أمجد بسماحة وقال :
-مهما كان اللي عمله ربنا يجازيه على عمله يا باشمهندس خلينا في المهم دلوقتي احنا هنكمل قراءة مع زوجتك أنا هرتب ايام واجيلك فيها وأنت مطلوب منك شوية حاجات مستعد تعملها ..
-مستعد يا شيخ ..
قالها دون تردد فقال أمجد بجدية شديدة :
-قولي يا باشمهندس انت بتصلي ؟!
تصاعدت حمرة الخجل لوجنتي ياسين وقال :
-بصراحة لا ..
-طب والمدام…
-برضه لا…هي كانت ساعات تصلي وساعات تقطع وانا كمان نفس النظام ..
ابتسم بلطف وقال:
-طيب وده ينفع يا باشمهندس الصلاة عماد الدين ده ربنا بيقول في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)
لا يا باشمهندس ابدأ صلي …صلي عشان أنت محتاج لربنا مش العكس …وخلى المدام تصلي كمان وواظبوا على الرقية الشرعية والمعوذتين وآية الكرسي والفاتحة ويوميا حصن نفسك أنت وزوجتك …
-احصن نفسي ازاي ..
سأله ياسين ليرد :
-ردد ورايا يا باشمهندس (حصنتك برب العزة والجبروت حصنتك بالحي الذي لا يموت حصنتك بالواحد الاحد حصنتك بالفرد الصمد حصنتك بالذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد)
اخذ ياسين يردد خلفه وعندما انتهى نهض أمجد وقال :
-لينا لقاء قريب بأمر الله يا باشمهندس …في حفظ الله بإذن الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ودعه ياسين واوصله لباب المنزل والنيران تتصاعد بعينيه ..انها هي ..هي من فعلت هذا وسوف تندم على ما فعلته!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان جالس على الأريكة …يرجع رأسه للخلف ويبدو عليه الراحة …ابتسامة خفيفة تزين وجهه …فأخيراً بعد يومين .. قرر الخروج من عزلته وتواصل مع عبير بالرقم الذي اعطته اياه وقرر ان ينتقم من كل من خدعه…..
….
كان شريف يجلس على فراشه ويهز قدميه بتوتر …عدي رشيد هنا …ترى ماذا يريد منه …هل اكتشف ما فعله …هل أتى للإنتقام…
دعك عينيه بتعب ..الغبية جواهر لا ترد عليه …وبعث رجاله يبحثون عنها بكل مكان ولكن لم يجدها …هل يمكن أن يكون عدي اكتشف كل شئ وحبسها في قصره …هل فعلها معقول ؟!!
تنهد وهو يعترف داخله أن وجوده هنا لن يساعد وأنه يجب أن يرى عدي ….
نهض وهو يعدل من سترته ويخرج من الغرفة بينما قلبه يدوي داخل صدره …
-شريف بيه كل ده عشان تقابلني ..
كان عدي ينظر إليه بخبث لا يخلو من الغضب ..
-خلينا نتكلم في المكتب ارجوك…
قالها شريف بنبرة ترتعش فقال عدي :
-معنديش اي مانع يا شريف بيه …
….
بعد قليل في المكتب …
-انا عرفت كل حاجة يا شريف …بدءا من التزوير والشيكات اللي ماسكها علي جواهر وكل حاجة …
بهت شريف ليقترب عدي ويقول؛
-ايه رايك يا شريف تهمة تزوير مع الشيكات …يا سلام ده انا هتعفن في السجن….
لم يتردد شريف وهو يجلس على الأرض أمامه ويمسك كفه ويقبله قائلا:
-أبوس ايديك يا عدي بيه …ابوس ايديك ارحمني …هعمل اللي انت عايزة ……قولي عايز ايه …
ابتسم عدي بشر وقال:
-تجوزيني عبير الحقيقية وتكتبلي تنازل بالبيت ده !!!
يتبع….
(الضربة القاضية )
العين بالعين والسن بالسن والبادئ هو الأظلم ..إن بدأت بالغدر فتوقع الغدر يكون بالمثل ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بتقول ايه ؟!
قالها شريف بنبرة مرتفعة وهو ينظر لعدي الذى ارتدى على وجهه قناع من الجليد …هز عدي كتفه وقال:
-ايه بقول ايه غريب؟!بقولك تجوزني عبير وتكتب البيت ده بإسمي …ايه ده أنا هكون صهرك حتى …مفروض متستخسرش فيا حاجة ..
-أنت مجنو ن …مجنون !!!
ابتسم.عدي بإستفزاز وقال:
-انا فعلا مجنون …وممكن بسبب جناني ده اقول للشرطة كل حاجة وتتحبس انت والحلوة اللي خدعتني ووريني بقا ايه هيحصل فيك في السجن يا شريف بيه …
-هتحبس البنت اللي حبيتها …
قالها شريف بخبث …كان يريد أن يلعب على الوتر الحساس بداخل عدي ولكن عدي ابتسم في وجهه ببساطة وقال؛
-مشكلتك أنت والنصابة اللي افتكرت أنها ممكن تخدع عدي رشيد انكم فاكرين اني غبي لدرجة أحب واحدة زيها …لا يا شريف هي اللي كانت غبية وحبتني وعشان كده وقعت في الفخ وقالت على كل حاجة …
ابتسم بإتساع وقال :
-ببساطة يا شريف انت صباعك تحت ضرسي دلوقتي لو منفذتش اللي أنا عايزه هتتسجن …
-أنت عايزني اديلك.بيتي !!!!
ابتسم عدي بدهشة وقال:
-لازم اعترف أن من بين كل الناس اللي قابلتها انت الاسوأ والأ حقر …بقا يا راجل مش خايف على بنتك مني وخايف على بيتك …يعني دي المشكلة انك مش عايز تديني البيت اللي انت عايش فيه ..بس بنتك عادي صح ؟!!
احمر وجه شريف من الإنفعال وشعر أنه عاجز عن التكلم تماما!!…كان عدي يتأمله بتشفى …هذا الرجل يستحق كل ما يفعله به …أنه حقير من الدرجة الأولى ….
-موافق أجوزك بنتي واديلك البيت بس بشرط بما أن بنتي عبير هتكون مراتك تكتب البيت بإسمها هي …
ابتسم عدي وقال بدون تردد :
-موافق جداً….لما نتجوز أنا وهي هكتب البيت بإسمها ومتقلقش يا شريف أنا بحافظ على كلمتي كويس …رجع بنتك البيت وصلح الهبل اللي انت عملته فيها وفي جواهر ولما تتنازل عن البيت كلمني عشان اديك الشيكات …
ابتلع شريف ريقه وهو يسمع نبرة عدي المتسلطة …كان هو في موقف لا يُحسد عليه …كل شئ انهدم على رأسه ..
انسحب عدي من أمامه وذهب وابتسامة شريرة للغاية تجمل.شفتيه !!!
بينما جلس شريف وهو يشعر بالدوار …رباه ما تلك الكارثة ؟!هل ستخلى.عن منزله ؟!
تنهد وهو يفكر أن ليس أمامه إلا هذا الحل …ولكن على الأقل هو لديه بديل آخر المهم أن يحصل على الشيكات من عدي ويزوجه ابنته وبهذا سوف يرتاح ويبدأ من جديد ….
….
خرج عدي من منزل شريف وأجرى اتصال بأحدهما ثم أنطلق مسرعاً بسيارته ….
…
بعد نصف ساعة تقريباً…كان قد وصل إلى قصره …وأمام البوابة كانت تقف جواهر تنتظره!!!!
خفق قلبه بقوة وهو يراها …شعر وكان العالم يدور به وشكر ربه كثيراً أنه يرتدي نظارة ليخفي مشاعره نحوها …خرج من السيارة وهو يسير نحوها بخطوات ثابتة …توقف أمامها ولم ينزع نظاراته وترك لنظراته حرية التجول على ملامح وجهها بإشتياق …لقد اشتاق اليه …كل ما أراد فعله الآن هو أن يجذبها إليه ثم يعانقها ويقبلها…أراد أن يعاتبها…يصرخ بها …الغضب والإشتياق كانا يمتزجان معاً داخله….
-خير عايزة ايه ؟!
كلماته كانت جافة بطريقة اجفلتها …تصاعدت الدموع لعينيها وهي تنظر إليه بإشتياق …لقد أخبرت نفسها انها ستتركه وشأنه وتلتفت لحياتها …حتى أنها رفضت الرد على اتصالات عبير وشريف… ولكنها فشلت في أن تقاوم الحضور إليه وأخباره الحقيقة لعله يتفهم …لعله يغفر …ولكن يبدو من نبرته الجافة أن تلك كانت فكرة سيئة للغاية …
ابتلعت ريقها وهي تحاول أن تجمع الكلمات ولكنها كانت تشعر أن الكلمات تتبعثر من فمها …كانت تهابه الآن …تخاف أن تقول شئ خاطئ فينفجر بوجهها …سمعت قلبها يدوي داخل صدرها وهي تنظر إليه بعجز ترغب في الكلام فلا تستطيع …تمنت أن ترى عينيه الآن لتعرف هل أثرت به ام لا ولكن للأسف كانت عيناه متوارية خلف نظاراته القاتمة …..كان يصعب عليها التواصل معه وهو متباعد بتلك الطريقة …
-ها كنتِ حابة تقولي ايه ؟!اكيد مش جاية عشان تتأملي جمال!!!
نبرته كانت ساخرة واستطاعت سماع المرارة بصوته …أطرقت وهي تقول بخفوت آخيراً بينما تشعر بقلبها يعتصر من الأ لم :
-كنت جاية اتكلم معاك ؟!ممكن تديني دقيقة من وقتك ؟!
ما زال محافظ على جموده رغم الضجيج الذي داخله بسببها إلا أنه رفض تماما أن يجعلها تعرف انها تؤثر عليه بتلك القوة. .
-ليه؟!حابة تتكلمي معايا ليه يا آنسة جواهر ؟!ايه في كدبة جديدة من كدباتك اللي مبتخلصش نسيتي ما تقوليها وجاية تقوليها دلوقتي ..ايه عايزة تخدعيني تاني !!….شريف باعتك المرة دي ولا قررتي تمشي من دماغك …عندي فضول شديد أعرف يا آنسة جواهر …
كانت الدموع تطرف من عينيها وهو يكلمها بتلك الحدة …أرادت منه أن يتوقف الآن فالألم كان يعصف بها …أنها تشعر بالذنب بسببه …لم ترغب أن تجرحه بتلك الطريقة…ولكنها أحبته ولا يمكنها أن تنسحب من حياته بتلك البساطة دون أن تحارب قليلا ليسمعها …يجب أن يسمعها …يعرف لماذا فعلت هذا؟!
-مش جاية اخدعك؟!أنا لو كنت حابة اخدعك يا عدي مكنتش بنفسي قولتلك الحقيقة اللي انت بنفسك مخلتنيش اكمل باقي الحقيقة …مدتنيش فرصة اقولك ليه انا عملت كده واستنتجت فورا اني عشيـ قة شريف …أنا عايزاك تسمعني يا عدي ..صدقني أنا عملت كده عشان …
ولكنه قاطعها ببرود وقال:
-مش مهتم اسمع حاجة …ولا عايز اسمع أي تبرير منك …كان عندك بدل الفرصة عشرة عشان تقوليلي الحقيقة بس أنتِ اختارتي تبقي كد ابة …اختارتي الخداع فمتستنيش مني اني اثق فيكي واسمعك تاني …ولا أرجعك لحياتي …أنتِ زي كارمن طردك برا حياتي ومستحيل أرجعك …اتفضلي امشي من هنا بدل ما أهينك …مش حابب اعمل كده …امشي لو سمحتي. ..
-عدي عدي بس اسمعني ..
قالتها بنبرة مختنقة ودموعها تنسكب من عينيها دون توقف ليصرخ بها :
-قولتلك امشي من هنا …امشي يالا …مش عايز اشوف وشك تاني …مش طايقك…يالا روحي .
تراجعت بصدمة وهي تشهق …تشعر بأ لم كبير في قلبها …كانت أن تأتي لهنا فكرة سيئة للغاية…فعدي لن يصدقها …لن يعطيها فرصة أبداً…هي بالنسبة له مثل كارمن .. لا تختلف عنها بشئ …نفس الخداع عبر نفس الرجل…ليتها لم تفعل هذا …ليتها لم تحطم قلبه …
-أنا اسفة يا عدي … اسفة ..
قالتها وهي تهم بالذهاب ليقول هو بنبرة قوية:
-بالمناسبة جوازي على عبير الحقيقية قريب اووي لو حابة تيجي تعالي!!!
وكانت تلك ضربة موفقة منه لقلبها…فهي شعرت أن قلبها يتفتت لمائة قطعة!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عايز اشوف بنتي !
قالها شريف بنبرة جافة لتحية التي تنظر إليه بإشمئزاز ….كان متضايق من نظرات تلك المرأة …أنها دائما تشعره أنه ندل !!!!
-اتفضل يا بابا !
كان هذا صوت عبير الهادئ تسمح له بالدخول. .نظر شريف إليها ودخل مقترباً منها وهو يقول ؛
-حابب اتكلم معاكي …لوحدنا يا عبير لو سمحتي !!!
رفعت تحية حاجبيها ولكنها لم تعلق بل ولجت هي وطفليها الى الغرفة غير مهتمة ابدا بأن تضايفه …فهو رجل فظ لا يستحق أي شئ ….
…
بعد أن ولجت تحية لغرفتها هي وأطفالها جلس شريف على الأريكة وقال:
-اقعدي يا عبير ..كلامنا هيطول !!
جلست عبير بالفعل على الأريكة ونظرت إليه بحيرة وقالت:
-اهو قعدت…حضرتك عايز ايه ؟!
-حاسبي على طريقة كلامك معايا يا بيري!!!
ضغطت على أسنانها بغضب …لن يتغير …حقاً لن يتغير!!!
تنهد وهو يبدأ الكلام :
-على العموم مش موضوعنا خالص طريقة الكلام خلينا منشتتش نفسنا اكتر من كده عشان في مصيبة مستنياني ومستنية حضرتك والعبقرية جواهر اللي بس لما اشوف وشها هعرف اتصرف معاها على اللي هببته.ده !!!
ارتبكت عبير وهي تنظر إليه …تصاعد التوتر داخلها بينما هو ينظر إليه بتوتر مماثل ويقول:
-آنسة جواهر قالت لعدي الحقيقة …..قالتله كل حاجة يا عبير …أنا في ورطة وهي كمان في ورطة …
تصنعت عبير الصدمة بمهارة على ملامح وجهها . .وضعت كفها على فاها وهي تنظر إلى والدها …
تنهد شريف طارداً توتره وقال:
-عارفة ده معناه ايه يا بيري ..معناه اني انا هتحبس ومش بس انا دي جواهر كمان هتشرف معايا في السجن …يعني أنا وهي هنبقى رد سجون !!!وكله بسبب تخلفها …أنا معرفش كان عقلها فين لما قالتله الحقيقة …البنت دي طلعت غبية اووي …اكيد حبته بدل ما تخدعه…نفس غباء كارمن …مكتوب عليا أن كل ما ابعت واحدة لعدي رشيد عشان تخدعه بدل ما تخدعه تحبه …
كان يتكلم بنزق وهو يشعر بالغضب الشديد من فشله المتكرر فلولا أن كارمن انكشفت أمام عدي واعترفت له بكل شئ لأنها تحبه لكان الآن عدي تدمر …وجواهر ارتكبت نفس الخطأ الشنيع …في المرة المقبلة سوف يبعث رجل له ليتأكد أنه لن يقع بحبه !!!!..
-وهتعمل ايه دلوقتي؟!
قالتها عبير بقلق ليرد شريف بسرعة:
-عدي جالي النهاردة يا عبير …جالي وهد دني وباين أنه ناوي على شر …بس انا مش خايف على نفسي المرة دي يا بنتي …أنا خلاص توبت وعايز اصلح غلطي حتى لو هتحبس …
صمت قليلا ونظر إليها ليرى تأثير كلماته عليها ولكنه وجدها شاردة فأكمل بوداعة أكثر :
-انا خايف المرة دي على جواهر صحيح هي غبـ ية أوووي بس مش هيهون عليا أنها تتحـ.بس …المسكينة أمها تعبانة ولو عرفت أن بنتها هتتحبس في قضية تزوير ممكن تموت فيها وكده جواهر هتخسر كل حاجة يا بنتي …خسارة والله …
عندما رأى الخوف في عيني عبير ابتسم داخله بإنتصار وقال :
-بس عدي بيه قالي حل تاني يا بيري …حل ممكن ينقذ المسكينة جواهر من اللي هيحصلها وينقذني كمان ..
-ايه هو الحل ؟!
أجاب على سؤالها بسرعة وقال:
-هو عايز يتجوزك لسه …أنا حاولت افهمه أن ده مينفعش وانك مش عايزاه وانا مش هرتكب الغلط ده تاني كفاية العك اللي حصل والمشاكل الكتير اللي أنتِ واجهتيها بسببي ..مكنتش مستعد أضحي بيكي لاني فهمت أن اللي عملته اكبر غلط …بس هو قالي ده الحل الوحيد قبل ما يبلغ الشرطة عني ويقول إن عبير صديق اللي اتجوزها أصلها جواهر وان دلوقتي متجوزك قانوني بس واحدة تانية كانت عايشة معاه في البيت !!…عدي عشان اتخدع من جواهر دلوقتي متعصب ومستعد يعمل اي حاجة عشان ينتقم منها وانا بحاول أوقفه …لدرجة اني اترجيته ولما قال إنه عايز يتجوزك اترجيته اكتر عشان يبعد عنك …أنا عارف قد ايه عدي إنسان مش كويس وهو قالي كده عشان لما ارفض يحبسني وانا والله يا بيري مش مشكلتي ابدا اني اتحبس…أنا خايف على المسكينة جواهر
-طيب لو حصل واتجوزت عدي ايه اللي هيحصل ؟!
قالتها عبير فجأة بنبرة شاردة لينظر إليها والدها بسرعة ولهفة ….كان قلبه يدوي داخل صدره من الحماس …هل سينجح في مهمته أخيراً!!!!كاد يرقص طرباً لانه أخيراً استطاع إقناعها ولكنه يجب أن يكمل مسرحيته للآخر فها هي ابنته تلين وقد توافق بالفعل على إنقاذه …ابتسم ابتسامة خفيفة و قال :
-مش هيبلغ لا عني ولا على جواهر …قال إن الاول هيفسخ عقد الجواز اللي بينك وبينه لما اتجوز جواهر على أساس أنه أنتِ وهنعمل كتب كتاب جديد .. وبعدين هيسامحني انا وجواهر مش هيبلغ عنا يعني ووقتها جواهر هتكون في آمان يا بيري ومحدش تاني هيقدر يأذيها …
شردت عبير قليلا ليقول شريف بسرعة :
-لو مش حابة تتجوزيه براحتك يا عبير أنا مش هضغط عليكي زي ما عملت قبل كده وندمت وانا اللي خسرت في الاخر ..متضـ حيش بنفسك لا عشاني ولا عشان جواهر دي مشكـ لتنا احنا الاتنين …هي صحيح جواهر ضـ حت عشانك ورضيت أنها تتجوز غصب عنها عشانك انت …وعملت المستحيل عشان تحميكي ..بس برضه هي اللي اتغا بت وانا كمان …ودي مشكلتنا. مش مشكلتك خالص …مفيش داعي ابدا انك تتحملي نتيجة اللي عملناه أنا وهي …..يعني احنا اللي غلطا.نين ..متشيليش هم ..احنا لينا ربنا كبير وبتمنى من ربنا يساعدنا أنا والمسكينة جواهر .. هحاول اتكلم معاه يطلع جواهر من الموضوع رغم أن …
صمت قليلا وهو يراقب انفعالاتها …يرى تأثير كلامه …يتمنى أن يؤثر بها ذلك الابتزاز العاطفي الذي يمارسه عليه …فهو عرف أن ابنته لن ينجح معها العنف أو الإجبار…الابتزاز العاطفي سوف يحدث تأثيرا فعالا معها وبالفعل ظهر التأثير جلياً على وجهها ..كان هذا واضح !!!
تنحنح قليلا وأكمل :
-بصراحة يا بنتي هو غضبه كله من جواهر. ..تقدري تقولي اتجر ح لما واحدة ست خد عته فعشان كده متضا يق منها بس يظهر أن رغبته أنه يتجوزك اكبر من أنه ينتقم من جواهر …بس اقولك أن في الاول والاخر القرار قرارك يا بنتي …اعملي اللي أنتِ عايزاه أنا مش هضغط عليكي خالص !!
-انا موافقة …
قالتها بهدوء لتتوسع عيني والدها ويقول :
-بتقولي ايه ؟!
-قولتلك اني موافقة يا بابا …موافقة اتجوز عدي رشيد …انا مش هسمح أن جواهر تتحـ بس بسببي هي ملهاش اي ذ نب …حدد ميعاد كتب الكتاب وانا جاهزة …
ابتسم شريف وقال:
-ربنا يسعدك يا بنتي …أنا مش عارف اقولك ايه …أنتِ انقذتي حياتي وحياة جواهر ….شكرا يا بيري …
تنهد ونهض وقال:
-يالا يا بنتي نمشى من هنا …يالا …
نظرت إليه عبير وهزت رأسها بالإيجاب ليبتسم هو براحة
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-انا خايفة اووي يا رانيا …خايفة ادخل ومطلعش تاني …امانة يا بنتي لو موت سامحيني على أي غلطة عملتها في حقك .
كانت رانيا تكتم دموعها بشق الأنفس لدرجة ان عينيها اصبحت حمراء بسبب الجهد الذي تبذله لكي لا تنهار امام والدتها..ابتسمت وقالت بنبرة مرتعشة ..:
-موت ايه يا أما بعيد الشر عليكي …ده اللي هيعملك العملية الدكتور يحيى بنفسه ..ده شاطر اووي وهتطلعي بالسلامة وهتفرحي بيا وتشيلي عيالي ولا أنتِ مش عايزة تفرحي بيا يا أما ..مش عايزة تربي معايا عيالي ….
قبلت رابحة كفها وقالت والدموع تنفجر من عينيها :
-طبعا يا بت عايزة افرح بيكي واشيل عيالك …واشوفك مبسوطة ومستورة في بيت جوزك …نفسي ترتاحي من الشغل والتعب يا رانيا وتقعدي في بيتك معززة مكرمة يا بنتي
ابتسمت رانيا وقبلت كف والدتها بقوة وقالت:
-هيحصل يا أما هيحصل بس انتِ تخرجيلنا بالسلامة كده واطمن عليكي و …
قاطع كلام رانيا دخول الممرضة الشابة وهي تقول بلطف بالغ:
-عن اذنك يا آنسة رانيا عشان اجهز الحاجة للعملية…
هزت رانيا رأسها ونهضت وهي تقول :
-ربنا يحفظك بحفظه يا أما . ..
ثم قبلت رأسها وخرجت…وكم كانت محظوظة انها سيطرت على دموعها حتى خرجت من الغرفة التي تقبع فيها والدتها ..وما ان خرجت حتى ارتفع نشيجها وانفجرت الدموع من عينيها بشكل لم تختبره من قبل…كتمت فمها وهي تبكي دون صوت لا تريد أن تسمعها والدتها وتقلق أكثر …لا تريد أن تشغل بالها…يكفي انها سوف تجري جراحة خطيرة كهذا …
-هتكون كويسة …بإذن الله هتكون كويسة وترجعلي بإذن الله كل حاجة هتكون تمام…
اخذت تكررها والدموع تطرف من عينيها بينما تشعر بالألم يسحـ ق قلبها ….
-رانيا ي بنتي ؟!
كان هذا صوت ماجدة وهي تقف بجوارها تضع كفها على كتف رانيا وتنظر إليها بحزن …تلك المسكينة لقد عانت الكثير …تتمنى أن تجد العوض المناسب لها …
نظرت رانيا إلى السيدة ماجدة وقالت بصوت مختنق :
-خايفة عليها اووي يا خالتي…خايفة تروح مني …
-بس يا بت الشر برا وبعيد بإذن الله هتكون زي الفل متخافيش عليها .. …
تنهدت رانيا وقالت :
-يارب تقوملي بالسلامة يا خالتي ….
-هتقوملك بالسلامة بإذن الله …أنتِ بس امسحي دموعك دي ومتفوليش على الست …
هزت رانيا رأسها وهي تمسح دموعها بالفعل ….رأت يحيى فجأة وهو يتجه إلى غرفة العمليات فذهبت إليه وأوقفته…نظر إليها يحيى وقلبه يخفق بقوة …مشاعره الجديدة التي اكتشفها نحوها جعل دقات قلبه تتسارع أكثر من قبل …ابتسم بلطف لها لتنظر إليه وتقول بتوسل:
-خلي بالك من أمي.يا دكتور …أنا مليش غيرها …
هز رأسه وقال:
-في عينيا متقلقيش يا رانيا …هتقوملك بالسلامة بإذن الله …
ثم تركها وذهب …
……
ولجت والدتها لغرفة العمليات وانتظرت رانيا وقت طويل …رفضت أن تأكل او تشرب بل ظلت عينيها معلقة بغرفة العمليات واحست بالدموع تلسع عينيها …كانت تختنق كلما شعرت أن جراحة والدتها استغرقت وقت …..
فجأة كتمت أنفاسها وهي ترى يحيى يخرج …اقتربت منه بلهفة وقالت والدموع تنفجر من عينيها:
-أمي كويسة …قولي يا دكتور هي كويسة ؟!
ابتسم يحيى وهز رأسه وقال:
-الحمدلله العملية عدت على خير هننقلها غرفة الإفاقة وبعدين هننقلها اوضة عادية …
أطلقت أنفاسها براحة وابتسمت بحلاوة لأول مرة قائلة :
-شكرا…شكرا أووي يا دكتور ..
ثم استدارت وعانقت ماجدة والسعادة تشع بعينيها وكان هو أكثر سعادة منها …نسى كل شئ وأصلح يتأملها وبداخله سؤال يؤرقه …هل ستكون لهما فرصة !!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
في مكتب شريف ..
كان عدي يجلس براحة وهو ينظر إلى اوراق التنازل بإبتسامة صافية
-بجد فاجئتني يا شريف ..خطوة حلوة منك دي ..
قالها عدي بتسلية ..فزفر شريف وقال:
-وكتب كتابك على عبير بنتي بكرة …
-كتب الكتاب هيكون في القصر بتاعي ..
قالها عدي ليرد شريف بسرعة ويقول:
-موافق …بس المهم فين الشيكات بتاعتي ؟!أنا نفذت كل وعودي نفذ انت بقا وعدك ومتقوليش لما نكتب الكتاب وكده عشان مش موافق أنا عايز الشيكات بتاعتي دلوقتي يا عدي ..
ابتسم عدي وقال:
-ده انت مستعجل اووي يا شريف بيه …
تجمد وجه شريف وقال:
-أنت ذ لتني كتير بسبب الشيكات دي يا عدي …فلو سمحت هاتها كفاية اللي عملته فيا لحد دلوقتي …
-انا اللي عملت برضه ولا أنت اللي بدأت بالكد ب والخدا ع …
-خلينا ننسى الموضوع …احنا بدأنا صفحة جديدة …
ابتسم له عدي وقال:
-في دي عندك حق تماما يا شريف بيه …عموما يا سيدي …
أدخل عدي يده في جيب سترته وأخرج الشيكات
-شيكاتك أهي !
قالها عدي وهو يلوح بالشيكات وملامح وجهه جادة للغاية …توسعت عيني شريف بصدمة وكاد ان يمد يده لكي يأخذ الشيكات الا ان عدي ابعد كفه قليلا وقال :
-أنا مخلصتش شروطي يا شريف بيه ….بجانب تنازلك عن البيت و أنك هتكون الولي بتاع عبير في كتب الكتاب فأنا كمان عايز الشيكات اللي ماسكها على جواهر !!!!
بهت شريف قليلا وقال:
-هتعمل بيها ايه ؟!
-دي حاجة متخصكش !!!
قالها بنبرة قاطعة وهو يتمسك بقناعه الجليدي بكل ما يملك من قوة ….
ابتلع شريف ريقه وهو يفكر ان عدي قد يد مره الآن ان لم يفعل ما يطلبه ..لذلك نهض بهدوء وفتح خزنته وهو يخرج الشيكات ثم يسلمها لعدي…
-والاوراق اللي زورتها لجواهر عشان تبقي عبير كمان …
تنهد شريف وهو يحضر الاوراق معه ويسلمها لعدي ….
نظر عدي الى الاوراق والشيكات وقال مبتسماً بسخرية ؛
-كنت عارف أنك واطي بس متخيلتش تستغل المر ض عشان توصل للي انت عايزه !!!
نهض عدي ووضع كل الأوراق بسلة المهملات المصنوعة من الحديد ثم أشعل بها النيران ونظر لشريف قائلا:
-متنساش تيجي عشان كتب كتاب بنتك بكرة !!أخيرا يا سيدي هنبقى نسايب وهننسى كل العد اوة اللي بيننا …حلمك يا شريف بيتحقق اهو. ..
ابتسم شريف ابتسامة صفراء له وقال:
-طبعا طبعا …انت هتقولي …مع السلامة ..
هز عدي رأسه وكاد ان يخرج من المكتب ولكنه رأى عبير أمامه فابتسم لها وقال:
فرصة سعيدة يا مراتي المستقبلية متنسيش بكرة فرحنا …هعد الساعات بفارغ الصبر عشان نكون مع بعض …
اشاحت بوجهها عنه ليضحك بإستفزاز ويخرج …
-الحمدلله ..الحمدلله …
كان شريف يتمتم بخفوت وهو يمسك الشيكات …نظرت إليه عبير وقالت بنبرة صلبة :
-دلوقتي فهمت … طلبك اني اتجوز عدي مش بس عشان جواهر …ده كمان بسبب الشيكات اللي ماسكها عليك …اخدتها خلاص …
نظر شريف إلى ابنته ولكنه لم يهتم بالرد عليها بل مزق الشيكات وألقاها بسلة القمامة وهو يشعر أنه يتحرر من شئ بغيض كان يجثم على قلبه …أخيراً هو حر …أخيرا لن يؤ ذيه عدي بعد الآن …أراد الصراخ بسعادة ولكن وجود ابنته الآن وكم التبريرات التي مضطر لتقديمها عكرت.مزاجه ولكنه يجب أن يكمل اللعبة للآخر فبالإضافة إلى أن عدي يهد ده بجريمته كمزور …عدي الآن يمتلك منزله وقادر في اي وقت على طرده ويجب أن تتزوجه عبير لكي يكتب المنزل بإسم عبير ويستعيده ….
-ممكن ترد عليا وانا بكلمك يا بابا ؟! طلبك مني اني اتجوز عدي عشان الشيكات مش عشان خايف على جواهر صح ؟!!معقول انت اناني للدرجادي …
تنهد شريف ونظر إليها بوداعة وقال:
-عشان الاتنين يا بيري …ما اهو أنا لازم استفاد…أنا خايف على جواهر واتفقت مع عدي أنه يتجوزك ويسامح. جواهر ويسامحني واخد كمان الشيكات يعني أحنا اللي كسبانين يا عبير وبعدين عدي راجل غني ..أنتِ ممكن تستفادي منه !
أشاحت عبير وجهها بقرف عنه وقالت :
-انا مش عايزة اتناقش معاك تاني يا بابا …خلاص الموضوع انتهى كده …أنا كده كده عايشة معاك في جحيم …حياتي مع عدي مش هتكون أسوأ من حياتي معاك …أنا هتجوزه عشان ابعد عنك ….
ثم تركته وغادرت…
…..
ولجت عبير لغرفتها وتسطحت على الفراش والدموع تتجمع بعينيها لقد اشتاقت لأمير …لقد رأت الإ نكسار في عينيه عندما أخبرته أنها سوف تغادر مع والدها …قلبها يتأ لم بشدة وهي بعيدة عنه …كم ترغب أن تذهب إليه الآن وتعانقه وتخبره أنها لن تحب غيره ابداً…
أغمضت عينيها محاولة النوم والهروب من أفكارها ومن كل ما يدور حولها ولكن رنين هاتفها جعلها تنتفض من مكانها ..نظرت للهاتف لتجد المتصلة جواهر !!!
فتحت الهاتف بسرعة وقالت بلهفة :
-جواهر …جواهر فينك قلقتيني عليكي !!!
-انا عمري ما شوفت أحـ قر منك …أنتِ إنسانة ناكرة للجميل!!!!
صرخت بها جواهر بقوة عبر الهاتف …
-جواهر !!!
رددت عبير بصدمة لتصرخ بها جواهر:
-اخرسي …اخرسي …متتكلميش …اياكِ تبرري حقا.رتك وندالتك معايا !!
اختنق صوتها وقالت:
-هتتجوزي عدي ؟!
انسكبت دموع جواهر الحارة على وجنتيها واكملت وهي تبكي :
-أنا بحبه …محبتش غيره …وأنتِ رايحة تتجوزيه ..وأنتِ عارفة اني بحبه !!!!هو ده جزائي اني ساعدت واحدة زيك …اتحملت كتير عشاني …دي مكافأتي يا عبير ؟!!
-ممكن بس تسمعيني …اسمعيني يا جواهر صدقيني أنا عملت ده …
-أسكتي اسكتي متبرريش حاجة …هتبرري ايه ؟!خلاص هتتجوزي عدي …هتسر قي مني الراجل اللي بحبه …اتجوزيه وابني حياتك على تعاستي بس اعرفي أن من اليوم ده ملناش اي علاقة ببعض …أنا مش عايزة اشوف وشك تاني أبداً…وبتمنى انك تبقي تعيسة طول حياتك…سلام يا بيري!!
ثم أغلقت الهاتف بوجهها لتنظر عبير إلى الهاتف بذهول ودموعها تتساقط ….
..
من الناحية الآخرى …
بعد أن اغلقت جواهر الهاتف سقطت على أرضية مركز التجميل الأنيقة وانفـ جرت بالبكاء …كانت تبكي بطريقة هيستيرية وهي تشعر ان قلبها ينزف …لماذا فعلت بها هذا لماذا؟!هل هذا جزاؤها لأنها ساعدتها …هل هكذا تكافئها …تتزوج ممن تحب هي …
-هموت….هموت …
قالتها جواهر وهي تضع كفها على قلبها بينما تشعر بأ.لم شديد به …كانت بحمام مركز التجميل وهي جالسة وتبكي …فجأة فتحت ميريهان الباب وتجمدت وهي ترى جواهر تبكي بتلك الطريقة …شهقت وهي تضع كفها على صدرها وتقول :
-جواهر مالك ؟!!
ولكن جواهر لم تنظر إليها واستمرت في البكاء بطريقة تكسر القلب …
اقتربت منها ميريهان وضمتها وهي تقول:
-مالك بس يا حبيبتي مالك ؟!
ولكن جواهر لم ترد واستمرت تبكي بعنـ ف !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يوم كتب الكتاب ….
وقفت السيارة الخاصة التي بعثها عدي ليحضر عبير ووالدها إلى القصر لكتب الكتاب …كان شريف يمسك كف ابنته وهو يمشي بينما ينظر حوله بذهول …من هؤلاء ..وكيف سمح لهم عدي بالحضور…كان عدد المدعويين كثيراً نوعا ما ولكن يبدو أن معظمهم من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة…لم يكن هناك أي أحد واضح عليه الثراء ..نظر شريف إلى ابنته بذهول وقال:
-هو ايه اللي بيحصل ده ؟!
لم ترد عليه عبير وراحت تنظر حولها بتوتر …شعر شريف بأن هناك شئ خاطئ …ربما الأمر خد عة من عدي …لقد أخذ منزله ولن يتزوج ابنته …رباه هل معنى هذا أن عدي قد يطر د شريف من المنزل هو وابنته…هل سيفعلها …هل تمكن منه الحـ قد لتلك الدرجة !!!العديد من الأفكار السـ يئة كانت تعصف بعقل شريف …أخذ قلبه يدوى داخل صدره وهو يدعو الا يتصرف عدي بشكل خسيس
-أنا حاسس ان فيه حاجة غلط ؟!
قالها شريف بإختناق …شعر أن العالم يدور به وهو يرى الناس في قصر عدي …لماذا احضرهم إلى هنا أما أنه يريد اها نتهم أو هو كريم الي حد الغبا ء !!!
ولكن تنهد براحة وهو يجد في منتصف الحديقة طاولة كبيرة …عليها مفرش ابيض مثبت به زهور بيضاء صغيرة والشيخ يجلس على المقعد وعدي يجلس على المقعد بجواره…
ابتسم عدي ما أن رأهم وقال:
-تعالوا يا جماعة ..تعالوا
جذب شريف كف ابنته وهو يجلسها على مقعد بعيد نسبيا ويجلس هو بجوار الشيخ …ابتسامة سعيدة تزين شفتيه …سوف يتزوج عدي ابنته أخيراً…هذا كان حلم سعى كثيراً لتحقيقه …
-لما دخلت وشوفت الناس حسيت ان فيه حاجة غلط يا عدي …بس الحمدلله انت اهو …
شعر على ملامح شريف الانزعاج لبرهة وقال بإستياء:
-ليه عزمت الناس دي يا عدي يا بني …دوول مش من مستواك !!
كان عدي ينظر إليه مبتسماً وقال:
-بس أنت بقيت من مستواهم يا شريف …أنت دلوقتي مفلس على الآخر !!
تجهم شريف ليكمل عدي:
-الناس دوول يبقوا أهل وجيران العريس ولازم يحضروا كتب كتابه …
تجهم.شريف أكثر وقال:
-أهلك ازاي يعني ؟!أنا اللي اعرفه انك من عيلة غنية أبا عن جد …
ضحك عدي وقال بتشفي:
-هو أنا مقولتلكش ؟!مش انا العريس يا شريف أنا مجرد شاهد مسكين … …العريس أهو …
ثم أشار إلى أمير الذي ظهر مرتديا حلة رمادية ..وعينيه الذهبية تلمع بشدة وهو ينظر إلى عبير بينما خلفه تحية مع أبناؤها الاثنين ورجل يبدو أنه زوجها ….
نهض شريف وقال:
-ايه الهزار ده يا عدي؟!مين ده اللي هيبقى جوز بنتي ؟!ده ميكانيكي. ..
ابتسم عدي بخبث وقال:
-حاسب يا شريف بيه الميكانيكي اللي مش عاجبك ده بقا البيت اللي انت عايش فيه ملكه أنا كتبت البيت بإسمه خلاص وهو اللي هيسمح إذا كنت هتعيش فيه ولا لا …يعني لو متجوزش بنتك هيطر.دكم الاتنين من البيت وطبعا أنا مش هتردد ابلغ عن التز وير بتاعك وتبقى اتقفلت من كل الجهات يا شريف ..ها هتكتب الكتاب ولا لا ..كل حاجة جاهزة المأذون والشهود والعريس وإذا كان على كون ان عبير مراتي قانونا أنا فسخت العقد خلاص ..يعني مفيش اي مانع عشان يتجوزوا ….
لم يكن لدى شريف اي حل اخر ..لقد شعر أنه محاصر ….لقد استطاع عدي أن يحاصره ..
خد عه وانتقـ م منه جيداً….
اتجه بخطوات ضعيفة إلى الطاولة ثم بدأ المأذون بكتب الكتاب ….
….
انتهى كتب الكتاب وأصبحت ابنته زوجة هذا الميكانيكي رسميا …فكر بإنزعاج …شعر بالاختناق …كان صدره يضيق والنير ان تشـ تعل بصدره…كل ما أراده أن يحـ طم فك عدي الذي كان يبتسم له بتشفي….
نهض ليغادر قبل أن ينفجر الا ان عدي أوقفه وقال:
-صحيح يا شريف …شركة العدل للمقاولات اللي أنت شريك فيها بنسبة عشرة في المية من الأسهم أنا اشتريتها يعني أنا اللي دلوقتي شريكك بنسبة تسعين في المية وليا حق التصرف في الشركة وقررت أبيعها خلاص واديلك حقك …الفلوس اللي استلفتها من عواد السيد فالحق رجعهالوا قبل ما الفلوس تتصرف وعواد مش هيقبل تسوية معاك ده هيحبسك علطول ….
احتشدت الدموع بعيني شريف وقال بصوت ضعيف:
-ليه…ليه عملت كده ..ليه تأ ذيني …
ابتسم عدي وقال :
-العين بالعين والسن بالسن والبادئ هو الأظلم.يا شريف …مادام لعبت مع عدي رشيد يبقى تستحمل اللي يحصلك!!!
يتبع….
عيناك آخر ما تبقى من مكاتيب الغرام
نزار قباني
♡♡♡♡♡♡♡♡
-يعني أنا ضعت …أنا دلوقتي مبقاش معايا حاجة …حتى بيتي اخدته مني !!!!
صرخ شريف به ….ثم اتجه بخطوات حا قدة حتى يلكمه بوجهه ولكن عدي ابتعد وقال بسخرية:
-لا لا يا باشا عيب تعمل الحركات دي في كتب كتاب بنتك …الناس تقول عليك ايه …مفروض تكون محترم اكتر من كده !!!!
-انا محترم غصباً عنك!!
صرخ شريف بجنو ن …كان يشعر ان كل ما سعى إليه تد مر الآن …رباه .
لقد انتهى تماماً…هو مفلس وبدون منزل الآن …
نظر الى عدي بكر ه وقال:
-أنت انسان و اطي …جبا ن وكد اب ….
ضحك عدي بتسلية وقال:
-هو أنت ليه بتقولي الصفات اللي فيك …أنا لعبت بطريقتك يا شريف بيه فمتزعلش …أنا كنت في حالي وانت اللي قررت تبدأ الحر ب لما بعتلي كارمن وبعدها جواهر فاستحمل بقا …ده جزاء اللي عملته انا مليش دعوة خالص !!!
لمعت عيني شريف بالدموع واقترب من ابنته وقال:
-أنتِ كنتِ عارفة ان ده اللي هيحصل …ردي عليا يا عبير …كنتِ عارفة !!!!
اطرقت عبير برأسها وهي تتذكر ما حدث !!
….
في المقهى …
كانت عدى يجلس يتناول قهوته بهدوء ….السواد يحيط.بعينيه بسبب قلة النوم والتفكير الزائد …منذ ان اخبرته عبير بالحقيقة كاملة باليوم السابق وهو مشتت تماماً….لا يعرف ماذا يفعل …هل يدير ظهره لجواهر ويتركها تواجه مصيرها؟!هل يفعل هذا ؟! ….صحيح انه غاضب للغاية منها ولن يسامحها أبداً ولكنه احبها ولن يسمح لأي أحد أن يؤ ذيها ….
رفع نظراته عندما احس بقدومها …عبس وهو يجد شخص آخر معها …مع عبير …فهو قد اتصل بها وطلب منها القدوم ليتفقا على ما سوف يفعلانه….
نظرت عبير الى عدي بتوتر وقالت:
-خير حضرتك ليه.جبتني هنا ؟!
-اقعدي يا آنسة متقلقيش الكافية ده هادئ خالص محدش يعرفك هيشوفك هنا بإذن الله متقلقيش …
هزت رأسها بإرتباك ونظرت الى أمير الذي كان وجهه متجمد …وداخله يغلي من الغيرة وهو ينظر لهذا الرجل …رجل وسيم …وغني يليق بعبير تماما ..عكسه هو …وعند تلك الفكرة تجهم وجهه واختفى الغضب تماماً من داخله وجل ما شعر به هو الأ لم …الأ لم فحسب !!
…..
-ممكن اعرف مين الاستاذ ؟!
قالها عدي بلباقة لترد عبير :
-ده أمير اللي وقف جمبي من وقت ما هربت من البيت …بعد ربنا هو وجواهر اللي ساعدوني…
ابتسم عدي وقال:
-طيب اتفضلوا اقعدوا عشان نتكلم ونتفاهم ونتفق …
تبادلا أمير وعبير النظرات القلقة فيما بينهما …فإبتسامة عدي لم تكن بريئة أبداً … ولكن لم يكن لديهما حل الا هذا فجلسا بهدوء …
بدأ عدي بالكلام وقال:
-آنسة عبير …انتِ لما قولتيلي الحقيقة كاملة وليه جواهر كده ..فكرت كتير وقررت اني اساعد جواهر !!
أشرق وجه عبير ونظرت إليه بلهفة ثم قالت:
-شكرا …بجد شكرا يا عدي بيه …شكرا اوووي …
-على مهلك شوية أنا مبعملش حاجة لله وللوطن يا آنسة عبير …أنا كمان لازم استفاد …
-تستفاد ازاي يعني ؟!
قالتها عبير بتوجس فابتسم عدي وقال:
-انا هاخد شيكات جواهر من شريف واديله الشيكات بتاعته بس هقوله شرط كمان عشان مبلغش على التزوير اللي عمله …
-ايه الشرط؟!
قالتها عبير بحيرة
-اننا نتجوز …
هكذا القى عدي قنبلته بكل سهولة !!!
كور أمير كفه بغضب بينما شحبت عبير …ظلت ترمقه دون تصديق …نظر إليهما عدي بتسلية ثم أنفجر بالضحك وقال:
-اهدوا مش هيكون فيه جواز ولا حاجة …أنا هخدعه هفهمه اني هتجوز بنته وهشرط عليه يكتب البيت بتاعه بإسمي وطبعا عشان صباعه تحت ضرسي هيعمل كده من غير أي تردد ووقتها أنا هتنازل عن البيت واديه لاستاذ أمير اللي هيكون جوزك…..
بهتت عبير وهي تنظر إليه وقالت:
-هساعدك عشان تأذ ي بابا …
مط عدي شفتيه وقال:
-مفيش اذية ولا حاجة …جوزك لو عايز يعيش معاكم يخليه في البيت عادي … وصدقيني شريف يستحق أي حاجة بسبب اللي هببه ده …ها قولتي ايه ؟!
ظلت عبير صامتة …تشعر بالدوار ولا تعرف ماذا تفعل …هل تضع يده في يديه او تذهب وتخاطر بوضع صديقتها في السجن …لا لا لن تفعل هذا …لهذا وجدت نفسها تهز رأسها موافقة على كل ما يقوله !!!…
…….
عادت عبير من شرودها وهي تنظر الى والدها وتقول :
-للاسف يا بابا انت اللي عملت في نفسك كده مش انا …أنت ضيعت جواهر وضيعتني عشان مصالحك …وانا اسفة بس متقلقش أنا وجوزي عمرنا ما نمشيك من البيت انت هتفضل فيه…حتى أن أمير عايز يعيش في الحارة بتاعته وانت تفضل في البيت عادي ومحدش هيضايقك …..
-أنت مستحيل تكوني بنتي !!!أنتِ خو نتيني !!!!
صرخ بها بقوة لتتراجع قليلا وتقول وقد تجمعت الدموع بعينيها :
-أنت اللي بدأت الخيا نة يا بابا …بدأتها لما خد.عتني وجبتني من فرنسا عشان تجوزني واحد أنا مش عايزاه …انت كنت عايز تتاجر ببنتك ولما هربت استغـ ليت جواهر المسكينة وهددتها …للاسف ده نتيجة اللي انت عملته بس يا بابا …لازم تعرف أن اللي بتزرعه بتحصده …أنا عملت كده عشان انقذ جواهر عشان عارفة انك هتحاول تأذيها بالشيكات اللي معاك بس حضرتك ناس انك كمان متورط في تزوير فأنا كمان انقذتك والفضل لعدي …
نظر شريف إلى عدي وقال :
-ده مخلصش يا عدي بيه أنا هدفعك تمن اللي عملته غالي !!!
-وأنا مستنيك !
قالها عدي بإستفزاز
ثم ترك شريف المكان وذهب !!!
……..
بعد قليل …
كان عدي جالس على الأريكة بإرتياح.شديد …كان الكل قد ذهب …كان مبتسماً بإنتصار …لقد استطاع أن يد مر شريف …استطاع أن يأخذ بثأره منه …
نهض بتعب ليذهب لغرفته الا أنه فجأة وجد موسى أمامه …
عقد حاجبيه بغضب وقال :
-أنت ايه اللي بتعمله هنا ؟!وازاي هما يدخلوك ؟!
-أنت متدهمش أوامر اني مدخلش يا عدي …اكيد انا صاحبك ومش ههون عليك تعمل كده !!!
نظر إليه عدي بجرح وقال:
-كويس انك فاكر اني صاحبك …والصاحب الحقيقي ميرتبطش بأخت صاحبه …يجي يكلمه هو الأول …مش اكون مأمنك عليها وانت تخو ن الأمانة!!!
أطرق موسى وجهه بخجل وقال :
-عارف وانا ندمان على اللي عملته يا عدي …بس انا بحبها …بحبها اكتر من اي حاجة في العالم …وحاولت كتير اقاوم بس معرفتش …يا عدي صدقني محدش هيخاف على ليان قدي …صدقني أنا ممكن أموت عشانها…عشان خاطري متبعدناش عن بعض …أنا جاي اطلب أيديها منك …وعايزها ومستعد اعمل اي حاجة عشان خاطرها….مستعد أعمل اي حاجة …قول انت اعمل ايه عشان ترضى تجوزهاني….
نظر إليه عدي بتفكير وقال:
-اي حاجة يعني؟!
-اي حاجة !!
قالها موسى بدون تردد بالفعل هو مستعد أن يفعل أي شئ
-ماشي..
قالها عدي ثم اقترب منه وأكمل :
-أنا موافق اجوزهالك وطلبي الوحيد منك واللي لازم تنفذه انك تحميها ..متبكهاش ولا تزعلها تحطها دايما في عينيك ..عايز ليان تفضل علطول فرحانة مفهوم ..
-اكيد يا عدي …اكيد ..شكرا ليك …
قالها موسى ثم عانقه بقوة وهو يضحك ….
بينما ليان كانت تقف على الإدراج وهي تبتسم بسعادة …كانت سعيدة الآن لدرجة أن قلبها شوف يخرج من صدرها من فرط السعادة !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
عادا الى الحي وأمير يمسك كف زوجته لا بقوة على تركها …كان ينظر إليها ويبتسم فتحمر هي بقوة وتبتسم أيضاً…
-روميو وجولييت خلاص ودعوا بعضكم عشان انتِ يا عبير هتيجي تنامي عندي لحد يا اختي يوم الفرح وبعدين روحي مع جوزك براحتك …حسين كدا كدا هينام عند جوزك وهنضحي عشانكم ونبعد عن بعض لحد ما تتجوزوا
ضحكت عبير ليقترب أمير من تحية ويقول :
-طيب يا تحية اقعد معاها شوية أنا ملحقتش اقعد
-بعد الفرح اقعد يا عريس ..
قالتها ببرود ثم اتجهت لعبير لتأخذها ولكن هو وقف بوجهها وقال:
-يا تحية عشان خاطري …عشان خاطري.
زفرت بضيق وقالت:
-حاضر خلاص …هنطلع البيت عندك ونقعد فيه عشر دقايق …يالا …
ابتسم أمير بسعادة وهو يسحب زوجته خلفه …
……
بعد قليل …
كان أمير وزوجته بالغرفة …كان ينظر إليها بشغف بينما تفرك هي كفيها بتوتر …قبض على كفها فجأة واقترب منها …
-ايه فيه ايه يا أمير ؟!
قالتها بخوف وهي تنهض…فنهض أيضا وقال:
-متخافيش مش هعمل حاجة …
ثم اقترب منها فابتعدت لآخر الغرفة وهي تكرر ؛
-أمير مالك انت اتغيرت ليه بالشكل ده ؟!انت عايز ايه ؟!
-والله ما هعمل حاجة أنا هحضنك وبس …
ثم اقترب ليضمها الا انها صرخت بقوة وهي تقول:
-تحية …تحية الحقيني !!!!
-بس يا عبير هتفـ ضحينا …
قالها وقد وصل إليها ثم كتم فمها وقال :
– والله هحضنك بس و …
ولكن قاطع كلامه دخول تحية وهي تنظر إليهما بنظرات قلقة وما أن رأتهما بهذا الوضع حتى عبست وقالت:
-أنت بتعمل ايه يا أمير ؟!
ابعد أمير كفه عن فم عبير وقال:
-والله يا تحية مبعملش حاجة ..أنا بس كنت بتكلم معاها وهي اللي خافت …
ركضت عبير وبقت بجوار تحية وامسكت ذراعها وقالت:
-أمير اتغير كده ليه ؟!هو مكانش كده ؟!
-يمكن عشان دلوقتي أنتِ مراته يا هبلة ..متخافيش منه هو خشيم شوية المسكين اخر تاء مربوطة في حياته كانت أمه وانا والبنت اللي اتمسك بيشرب معاها سجاير في حمام البنات !
فشلت عبير في أن تمسك ضحكتها وضحكت بقوة ليرتبك أمير ويقول :
-أنتِ طول عمرك كده عايزة تحر جيني يا تحية …خلاص ممكن تقعدي برا شوية هقول حاجة لمراتي!!
-ماشي دقيقتين مش اكتر أنا عايزة انام بكرة الحنة وورايا شغل كتير ..أنجز …
هز أمير رأسه لتقول تحية لعبير بصوت خافت :
-متخافيش منه مش بيعض …
ثم ضحكت وخرجت …
ما أن أغلقت الباب حتى شهقت عبير وهي تجد أمير أمامها …كيف اتى بتلك السرعة …ارتبكت وهي تنظر إلى عينيه الذهبية…شعرت أنها محاصرة تماما …رجعت للخلف بإرتباك وقالت:
-ايه فيه ايه ؟!
اقترب اكثر وقال:
-ممكن احضنك…والله هحضنك بس …
هزت رأسها بتوتر بالغ وهي تشعر ان قلبها سوف يخرج من صدرها …ابتسم هو لها ثم عانقها …شهق بخفوت وهو يشعر بقلبه يدوي داخل صدره بينما يشدد من احتضانها ..كأنه يريد أن يزرعها داخلها…كان أول عناق لهما صادم للغاية لكلاهما …المشاعر التي عصفت بهما قوية للغاية…
ابتعد عنها أخيراً وهو يعانق وجهها يقترب بشفتيه منها ليعطيها قبلتها الأول ولكن فجأة انتفض عندما طرقت تحية الباب وقالت:
-يالا يا عرسان كلها بكرة وبعده ومحدش هيضايقكم … الدقيقتين خلصوا !!
ضحك أمير وقال وهو يبتعد عن عبير التي التهب وجهها بفعل الخجل:
-بت فصيلة !!
♡♡♡♡♡♡♡
-مش قادرة …مش قادرة خلاص…
قالتها ورد بتعب وهي تضع كفها على اذنها…كان سماع الرقية الشرعية مهلك لأعصابها …كانت تريد أن تمتنع عن سماعها بشكل غريب ….
ولكن ياسين لم يستجيب لها بل قال بحزم:
-لازم تسمعي الرقية الشرعية كاملة الشيخ أمجد نبه عليا …استحملي يا ورد خليكي أنتِ، أقوى…حاربي …
انفجرت الدموع من عينيها وقالت بإختناق:
-حاسة ان صدري بيضيق …حاسة اني مخنوقة يا ياسين خلاص ابعده عني ابوس إيديك …ابعده عني
ولكن ياسين جلس بحوارها وشدها إليه وهو يقول بهدوء:
-ششش اهدي …اهدي ..استحملي
كان ياسين يغمض عينيه ومن داخله يعترف ان له يد في الأمر …هو لم يكن يوماً قريبا من ربه …كان كل ما يفعله هو صوم شهر رمضان وصلاة الجمعة …وكم هو نادم على هذا …نادم لانه ابتعد عن طريق الله لتلك الدرجة …ولكن ها هي أتته الفرصة ليصلح حياته …لم يتخيل ابدا انه عندما يصلي فروضه في اوقاتها ….ويخصص له وِرد يوميا انه سوف يحصل على كل تلك الراحة …عندما ينتهي من فروضه ويضغ رأسه على الوسادة ينام بعمق وكل الأفكار التي في عقله تختفي تماما لا يفكر بأي شئ…ويشعر ان مشكلة ورد قريبا سوف تحل …فمنذ ان بدأ يمشي على العلاج الذي قاله الشيخ أمجد وهي تتحسن حتى انها بدأت تتقبله …اليوم جعلته يقترب منها ويعانقها حتى انها لم تمانع عندما اخبرها انه سوف ينام بجوارها على الفراش وهذا كان مذهل للغاية …لقد شعر بالراحة وهي تتقبله مجددا ….فهي لا تدرك أثر رفضها له مرارا وتكرارا ..لقد شعر بالجر ح …ولكن الاهم من هذا شعر انه منبوذ …انه بلا ملجأ ..وعندما بدأت تتقلبه احس انه عاد الى وطنه بعد ان طُرد منه بدون رحمة وبعد ان ذاق مر ارة الغربة !!!
أنتهت الرقية الشرعية وبدأ ياسين يقرأ دعاء التحصين .
-حَصنتك برب العزة والجبروت ..حصنتك بالحي الذي….. لا يموت حصنتك بالواحد الأحد …حصنتك بالفرد الصمد ..حصنتك بالذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )….
كانت الدموع تنهمر من عيني ورد …كانت تفعل كل شئ بصعوبة …تشعر أن الأمر ثقيل على قلبها ولكن نفورها من ياسين بدأ يتراجع …وبدأت تتأكد انها مسحورة بالفعل …فكرت كثيراً من من الممكن ان يؤذيها وحقا لم تجد الا هي …هي الوحيدة التي تريد أن تؤذيها وتدمرها …تلك التي تدعى جوري …لا تصدق غباءها عندما تعاطفت معها وعندما تكلمت مع ياسين في هذا الموضوع تهرب منها بمهارة …..
-يالا يا غالية عشان تنامي بس قبل النوم هنقرأ آية الكرسي والمعوذتين …
وبالفعل بدأ الاثنين في ترديد آية الكرسي
-بسم الله الرحمن الرحيم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم)
وبعد ان انتهوا.بدؤا بقراءة المعوذتين ثم نهض ياسين وسحب زوجته لكي يناما….تسطح على الفراش وفتح ذراعيه لكي تأتي وحبس أنفاسه وهو ينتظرها بينما الصراع بادي بوضوح على وجهها ولكن أخيراً تنهدت وما هي الا لحظات حتى كانت لين ذراعيه …تنهد ياسين براحة وهو يضمعا أقرب إليه ويقبل رأسها…حاول بقدر الامكان الا يتجاوز معها كي لا تغضب او تنفر منه وأغمض عينيه مبتسماً بسبب وجودهت بين ذراعيه وأغمض عينيه وهو يذهب في النوم ….لحظات ونامت هي بين ذراعيه …آمنة …مطمئنة !!
……. .. .
مرت ساعتين وهما غارقين تماماً في النوم ولكن بالنظر عن قرب كان ياسين هو من ينام بعمق وبراحة أما ورد فهى كانت تهز رأسها يميناً ويساراً بينما العرق بتصبب من جبينها …كانت الدموع تنفجر من عينيها وهي نائمة بينما تزوم بصوت مكتوم …أخيراً تحرر صراخها من فمها على هيئة كلمة !!
-لاا…
صرخت وهي تنهض من نومها بفزع مما تسبب بإزعاج ياسين أيضاً…نهض ياسين بفز ع ونظر إليها …كان تشهق بعنـ ف …الدموع لا تتوقف عن الانهمار…رفعت كفها ووضعته على وجهها ثم انفجـ.رت بالبكاء …
أجفل ياسين وهو ينظر إليها …شعر بالإرتباك وهو لا يدري لما تبكي ….أمسك كتفيها وضمها إليه بحرص وهو يقول بلطف :
-حبيبتي ايه اللي حصل بس ؟!…
ولكن لا رد …كانت مستمرة في البكاء ….قلبها يؤ.لمها…هذا الكابوس المزعج لماذا يستمر في تد.مير حياتها …لماذا …ولماذا تحلم به دوماً…والمشكلة انها لا تستطيع اخبار ياسين عنه بالطبع سوف يتضايق كثيراً وسوف يتهمها بأنها تفكر في خطيبها السابق وهي لا تريد تعقيد الأمور …شهقت بقوة وهي تشعر ان ياسين يزيح كفيها عن وجهها …نظر ياسين الى وجه ورد المصبوغ بالأحمر من شدة البكاء وأعاد سؤاله مرة آخرى :
-اتكلمي يا حبيبتي وقوليلي ايه اللي مضايقك …حلمتي بكابوس
-أيوة ..
قالتها وصدرها بضيق حتى شعرت أنها سوف تموت الآن ثم أكملت :
-كابوس وحش اووي يا ياسين وعلطول بيتكرر معايا …وانا متضايقة …
ربما ياسين بلطف على شعرها وقال:
-معلش يا حبيبتي دي من آثار السحر أكيد …أقرب دعاء التحصين تاني وآية الكرسي والمعوذتين وبإذن الله مشو هتشوفيه تاني …
هنا ورد رأسها وتسطحت على الفراش وهي تقرأ ما قاله ياسين وقد شعرت ان السكينة حلت على قلبها قليلا وأغمضت عينيها لكي تنام…نام ياسين بجوارها وضمها بلطف وهو يغمض عينيه لكي ينام ….
-ياسين …
قالتها ورد بتردد …ليفتح ياسين عينيه ويقول:
-عيون ياسين …
تنهدت بعمق وقالت:
-أنت ليه مستحملني؟!يعني أنا سخيفة معاك ويعمل حاجات صحيح غصب عني بس برضه بجر.حك وبأذ يك فليه رغم ده كله مستحملني ومش عايز تتخلى عني …مش شايف ان ده غريب شوية ….
تنهد هو الآخر ونظر إليها …حاصر نظراتها بنظراته المحبة ….العشق كان واضح بعينيه …تنهد هو وقال :
-عشان مقدرش اعيش من غيرك …صحيح بتجر.حيني ولو من غير قصد بس بعدك عني هيجرحني أكتر …بعدك عني ممكن يقتلني !!!وأنا مش مستعد أمو ت من غيرك …أنا بحبك يا ورد …صدقي ده او متصدقوش بس أنا بحبك فعلا …بحبك لدرجة أنتِ متتخيلهاش …بحبك ومش مستعد اسيبك او اتخلى عنك…أنا هفضل متمسك بيكي للنهاية …مش هفقد الأمل فيكي أبدا …
كانت الدموع تنفـ جر من عينيها …لا تصدق انه يحبها لهذا الحد …رباه ماذا تريد اكثر من هذا …لماذا تعامله بتلك الطريقة ولما تأتي عليها اوقات لا تطيق حتى النظر الى وجهه….الخجل كان يقتلها من الداخل …أرادت ان تعتذر منه عن معاملتها السيـ ئة تلك.فقالت:
-أنا اسفة يا ياسين …اسفة على كل اللي بعمله فيك …وشكراً عشان مستحملني …
جذب كفها ثم قبله برقة شديدة قائلا:
-أنتِ مراتي …ولو مستحملتش مراتي هستحمل مين ؟!ثم اني مستحملك عشاني مش عشانك…أنا بخاف اعيش من غيرك يا ورد …أنا عايز أعيش معاكِ طول حياتي …عايز أمسك ايديكِ للنهاية…
ابتسمت ودموعها تنهمر ثم عانقت وجهه وهي تقترب منه بشفتيها فتقبله برفق …لحظات وتحول الرفق لحماس ولهفة منه …كان يشتاق إليها وقد اعطته الأذن ليقترب قمت هو ليرفض هذا الإغراء الذي لا يُقاوم !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
في المشفى …
كانت رابحة جالسة على فراش المشفى بينما يفحصها الدكتور يحيى …انتهى أخيراً من الفحص وقال بإبتسامة رائعة:
-لا احنا بقينا كويسين اووي النهاردة بالشكل ده أنا هكتبلك خروج بس بشرط نلتزم بالعلاج اتفقنا ؟!
هزت رابحة رأسها وقالت:
-هلتزم يا بني حاضر …
ابتسم بإيجاز لها ثم رفع عينيه لرانيا التي كانت تجلس على المقعد المجاور …وقال؛
-انسة رانيا معلش عايزك برا في حاجة …
ارتعش قلبها وظنت ان يوجد في والدتها شئ خاطئ ….تصاعد الخوف داخلها وشعرت بالدموع تلسع عينيها ولكن كل ما فعلته انها أومأت له ونهضت لتخرج خلفه …
نظرت رابحة بقلق الى ماجدة الجالسة وقالت:
-يا ترى عاوز البت في ايه ؟!معقول يكون عندي حاجة خطيرة ومش عايز يقول …معقول هموت يا ست ماجدة …
-يا ولية بطلي تفولي على نفسك …انتِ وبنتك فقر مفيش سيرة على لسانكم الا الموت !!
رفعت رابحة حاجبيها وقالت :
-اومال هو عايز من البنت ايه ؟!وليه طلبها بالطريقة دي مش كفاية اللي حصل للبنت.بسببه !!!
عبست ماجدة وقالت بفضول :
-وهو ايه اللي حصل ليها يا رابحة ؟!دكتور يحيى عمل لرانيا ايه ؟!
تلعثمت رابحة وقالت:
-ل ا لا معملش حاجة …معملش حاجة …
ولكنها فشلت تماما في اقناع ماجدة التي بدأ فضولها يزداد …هي تشك بالفعل ان هناك شئ مريب بين الطبيب وبين رانيا …فنظراته لها غريبة …اهتمامه بها غريب أيضاً …ولقد ظنت ان الاهتمام من ناحية واحدة ولكنها اكتشفت ان حتى رانيا مهتمة به …هل من المعقول ان يكون يحيى يحبها وهي تحبه…ولكن لماذا هي تبتعد عنه بتلك الطريقة …ماجدة لم تفهم ابدا سبب تصرف رانيا !!
…….
وقفت رانيا امام يحيى وهي ترتجف وتفرك كفيها بتوتر …نظرت إليه والدموع محتشدة بعينيها …كانت تشعر انها سوف تنها ر في أي وقت ولكن يجب ان تتماسك وتسمع الخبر الذي سوف يقوله مهما كان …ارتعشت شفتيها وجذب هذا انتباهه هو فابتسم ابتسامة بسيطة وهو يتأملها بإنبهار …انها اجمل من أي وقت راها فيه …بسيطة ..خائفة وجميلة…كم ود ان يعانقها الآن ويهدأ من روعها ….
عندما رأت رانيا ان يحيى لا يتكلم ولا يبدو عليه انه سيفعل قررت هي ان تتخذ تلك الخطوة وقالت بتوتر:
-أمي مالها يا دكتور …قولي حصلها أي حاجة …فيه حاجة عندها …لتكون العملية فشلت وانت كدبت عليا عشان مزعلش امي…أمي..
-شششش ..
قالها ضاحكا وهو يضع كفه على شفتيها وأكمل :
-ايه يا بنتي كمية الكلام دي خلاص ..بنيتي سيناريو من مفيش !!!حاليا قررتي ان أمك تعبانة والعملية فشلت والحاجات دي …لا طبعا حاجة رابحة كويسة دلوقتي وصحتها احسن مني ومنك عشان ترتاحي خالص يا ستي …
تنهدت رانيا بإرتياح وهي تبعد كفه بإرتباك لذيذ ولكنها عادت تعبس في وجهه. قالت :
-اومال حضرتك جايبني هنا ليه؟!
ارتبك.يحيى امام نظراتها الفضولية …لم يعرف ماذا يقول الآن …لقد اراد رؤيتها على انفراد والاعتراف لها بمشاعره ولكنه يجد نفسه عاجز عن التكلم الآن بينما قلبه لا يتوقف عن الخفقان …انتظرته رانيا بصبر ليتكلم ولكنه ظل صامتاً فقالت رانيا ؛
-دكتور يحيى احنا هنفضل كده كتير …ممكن حضرتك تقول عايزني في ايه عشان عايزة تروح اشوف أمي!
والواقع رؤية والدتها اتخذتها حجة فهي توترت منه بشدة عندما راته ينظر إليها بتلك الطريقة …ارتفع ضجيج قلبها وازدردت ريقها وهي تنتظر ان يتكلم …
-رانيا أنا …
-يحيى ..
قاطعه الصوت القوي لوالدته ليغلق عينيه بتعب بينما ارتعشت رانيا وهي ترى تلك السيدة التي اهانتها يوما وهي تتقدم منهما وبعينيها قسوة مرعبة !!
ازدردت رانيا ريقها بصعوبة وشعرت بالخوف بعصف بها…فبعد آخر مرة لم تريد أبداً ان تحتك.بتلك المرأة فهي تذكرت اخر مرة تكلمت معها وكيف اها نتها بشكل حطـ م قلبها …
أطرقت برأسها وهي تمنع الدموع التحرر من سجن عينيها ….
بينما تحفزت ملامح يحيى وهو ينظر إلى والدته عينيه تبرق بشدة ….
-نعم يا أمي …
رمقت ليلى رانيا بنظرات حادة لترتعش رانيا أكثر فتقول ليلى :
-عايزة اتكلم معاك يا دكتور …تسمحلي دقيقة من وقتك !!!
تنهد يحيى وقال:
-أكيد يا أمي …تعالي على المكتب …
ثم.نظر لرانيا وقال:
-هنكمل كلامنا بعدين …
ثم ذهب مع والدته …وما أن ذهب حتى حررت رانيا دموعها وكتمت فمها كي لا تتحرر شهقاتها أيضا …اخيرا سيطرت على نفسها ومسحت دموعها وهي ترسم ابتسامة رائعة على شفتيها وتلج إلى غرفة والدتها ….
نظرت إليها رابحة بقلق وقالت:
-ها يا بت قالك ايه ؟!أنا هتحصلي حاجة ؟!أو. .
ضحكت رانيا وقالت:
-لا يا أمي ده كان بيقولي أن صحتك زي الفل كان بس بيوصيني على الأدوية اللي هتاخديها …
ثم اقتربت من والدتها وضمتها وقالت:
-أنت بقيتي زي الفل يا أما متقلقيش على نفسك …الحمدلله …
ابتسمت رابحة براحة وهي تضم ابنتها …
-السلام عليكم !
جمد كلاهما صوت خشن وقوي …
ابتعدت رانيا عن والدتها لتنظر إلى مصدر الصوت فتجده عمها …تحفزت ملامحها وكورت كفها في غضب …بينما ابتسم عمها في وجهها بإستفزاز وقال :
-ازيك يا أم رانيا ..ايه اخبارك يا ست الكل أنا جاي اتطمن عليكي …رغم الخلا فات اللي بيننا الا اننا أهل …
احمر وجه رابحة من الغضب وقالت:
-أهل ايه يا راجل يا عر ة ياللي كنت عايز تجوز بنتي لراجل عنده خمسين سنة. ..غور يا راجل من هنا بدل ما اخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك …غور من هنا !!
ربتت رانيا على كتف والدتها بقلق .. خافت أن تنفعل والدتها أكثر وتسوء حالتها …
-أهدي يا أما ابوس ايديكي…سيبك منه ده انسان واطي ….
ثم وجهت كلامه لها ..كانت ملامحه غاضبة …وجهه مصبوغ باللون الأحمر من الغضب وقالت:
-يالا روح من هنا بدل ما ننادي الآمن …مش هيبقي كويس لراجل كبير زيك أن الأمن يرموه برا المستشفى. .
-ماشي يا بنت اخوي براحتك … هيجي في يوم وتحتاجيني ..
ثم تركها وغادر لتتنهد وهي تضم والدتها براحة…
…..
في مكتب الدكتور يحيى كانت والدته تقف بإنفعال وتقول :
-ليه كل مرة اشوفك مع البنت دي يا يحيى …ليه …ليه متبعدش عنها ؟!!
-أمي البنت والدتها تعبانة وانا عملتلها العملية!!
-هو مفيش دكتور غيرك في مصر يا أستاذ !!…ما مصر مليانة دكاترة …دي لعبة ر خيصة منها عشان تشفق عليها …..
احمر وجهه من الغضب وقال :
-أمي لو سمحتي رانيا ملهاش دعوة انا اللي طلبت منها اعمل العملية لوالدتها …مش هي خالص …
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت :
-نعم وانت تطلب ليه …هو من أمتى الدكتور هو اللي بيطلب يعمل العملية ؟!….
شحب وجهها وهي تفهم أخيراً وقالت بصراخ:
-أنت عملتلها العملية ببلاش!!!!
-لا محصلش هي دفعت ولو سمحت يا أمي دي حاجة خاصة بشغلي …لو سمحتي يعني متتدخليش فيها ….
-يحيى البنت دي بتسـ تغلك …بتلعب على عواطفك وانت عشان شفقان عليها بتقع في الفخ …
-يا أمي لو سمحتي متتكلميش عليها كده !!؟رانيا مش كده خالص ..
قالها يحيى بإنفعال …هزت ليلى رأسها وهي تكاد أن تفقد عقلها وقالت:
-انا مش قادرة اصدق …مش قادرة اصدق الطريقة اللي انت بتدافع عليها بيها …انت ليه بتدافع عليها كده ؟!انت بتحبها ؟!!انطق بتحبها
صرخت في الكلمة الآخرى ليصرخ هو بدوره:
-أيوة بحبها …بحبها ارتاحتي …
والإجابة حطـ متها…لقد وقع ابنها في الفخ !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يوم الحناء ….
لقد صممت على إقامة زفافها في الحي الذي يسكن به …شعرت ان هذا سوف يسعده وهي لن تتردد في فعل اي شئ يسعده …هي تريد أن تراه سعيد ولا يهم أي شئ آخر ….
…..
في مركز التجميل البسيط الذي يوجد بالحارة …
رضت ان يكون فستانها بسيط ومساحيق التجميل البسيطة كانت تليق بوجهها الدائري الجميل ….نواجزها كانت بارزة بقوة …عينيها البنية كانت تلمع بشدة وحجابها كانت يحيط بوجهها …لقد أرادت مفاجأة حبيبها اليوم والذي اخبرها برغبته سابقاً انه يريدها ام ترتدي حجاب وها هي فعلت هذا في اجمل يوم في حياتهما.سويا ….
دخلت تحية المركز وهي تطلق الزغاريد …ثم اتسعت عينيها وقالت بإنبهار:
-بت يا عبير …انتِ حلوة اوووي يا بت….ايه الجمال ده.كله ..ده.اكيد.امير ممكن.يطير عقله بسببك …ممكن يتجنن والله ..
ابتسمت عبير بخجل ولم ترد …كان قلبها يدوى داخل صدرها بقوة …تشعر انها سوف تموت من شدة الخجل …
-يالا اجهزي عريسك جاي يا بطة…
قالتها تحية وهي تغمز لها …فساعدتها صاحبة المركز لتنهض ثم جعلتها تقف وهي تعطيهم ظهرها كي لا يراها أمير عندما يدخل …كانت احدى عادات الزفاف لديهم….
ولج أمير الى المركز بقلب خافق عينيه الذهبية مركزة على حبيبته….حبيبته التى نالها أخيراً …كانت تقف بعيداً…تعطيه ظهرها وتضع حجاب سميك على رأسها يغطي كامل جسدها كي لا يراها جيداً…ابتسم وتقدم.وهو يحاول أن يراها فتدور هي حول نفسها وهي تكتم ضحكاتها بصعوبة ولكن تنفلت منها احيانا بعض الضحكات …أخيراً امسكها وجعلها تواجهه …كتم أنفاسه وهو ينظر إليها ….لقد أرتدت الحجاب …وكم.بدت رائعة الجمال …بدت.كالملاك …انها اجمل شئ راه في حياته !!!
وضع شفتيه على جبينها وقبلها برفق …ثم ابتعد وهو يبتسم.لها بينما احمرت وجنتيها بقوة …تأبط ذراعها. هو يخرج من مركز التجميل بينما تنطلق من خلفهما الزغاريد …الفرحة كانت عارمة للغاية … شعر وقتها انه امتلك العالم كله !!!
..
سحبها واجلسها على المقعد المخصص للعروسين والذي قام بصنعه أولاد الحي الذي يسكن به من الورود.بطريقة بهية بينما تنطلق الأغاني الهادئة ….
كانت عبير تنظر الى أمير بسعادة …أخيراً اجتمعت مع حبيبها …تشعر الآن بالسعادة …صحيح انه يؤلم قلبها ان والدها رفض أن يحضر زفافها …وجواهر لم تأتي أيضاً…رغم سعادتها الا انها شعرت بالنقص الشديد …
-ألف مبروك …
كان هذا صوت عدي القوي الذي صعد المنصة …وقف أمير وهو مبتسماً وهو يصافحه ويقول :
-الله يبارك فيك يا عدي …كنت خايف متجيش …
-عيب يا راجل انت عزمتني بنفسك وأنا وعدتك خلاص …
ثم نظر الى عبير وقال :
-مبروك يا عروسة …اتفضلي هدية بسيطة …
ثم.قدم.لها عبوة صغيرة مغلفة …
-تعبت نفسك ..
قالتها عبير بإبتسامة فقال :
-لا تعب ولا حاجة …مبروك ..ألف مبروك فرحت عشانكم …
-الله يبارك فيك يا سيدي بس خليك شوية متمشيش علطول ممكن وخلي بالك فيه ليلة تانية بكرة ابقى تعالي ….
طالبه أمير ليرد عليه عدي ضاحكاً
-عيوني حاضر ..
ثم نزل من المنصة متجهاً لأحدى الطاولات الصغيرة الموضوعة بالحي ولكنه تجمد فجأة وهو يرى جواهر أمامه …وجهها باهت والدموع تحتشد بعينيها …رمقها ببرود لتقترب هي منه وتقول :
-عبير قالتلي على اللي حصل …وانك عملت كده عشان تاخد من شريف الشيكات بتاعتي …
لم يرد عليها لتكمل هي :
-انا مش عارفة اشكرك ازاي يا عدي ..أنت انقذتني من ورطة كبيرة …لولاك معرفش ايه كان ممكن يحصل ليا …شكرا اووي يا عدي
تكلم أخيراً بنبرة باردة :
-لو كنتِ حضرتك قولتيلي الموضوع قبل ما اكتشفه بنفسي كنت هساعدك برضه …وانا عملت كده عشان والدتك المر يضة أكيد مش هتستحمل ان بنتها تدخل السـ جن فمتفتكريش أن عملت كده عشانك …أنتِ مبقتيش تهميني. خالص يا آنسة جواهر !!…
انسابت دموعها على وجنتيها وقالت بصوت مختنق:
-عدي ..عدي سامحني عشان خاطري ..أنا عرفت غلطي ..أنا بتعذب بسببك ومش هرتاح الا لما تسامحني ….سامحني ارجوك …
-خلاص يا آنسة جواهر انسي الموضوع ده وطلعيه من دماغك …أنا مستحيل اسامح …أنتِ برا حياتي من أول ما عرفت حقيقتك وهتفضلي برا حياتي للأبد …مفيش أي فرصة …
-عدي أنا بحبك !!
قالتها بإ نكسار فرد سريعا:
-وأنا كر.هتك …كر هتك…مبقاش في قلبي مشاعر ليكي خلاص …أنا حبيت انسانة مزيفة …وبالنسبالي هي ما تت وانتهت …فمتحاوليش ولا تقللي من نفسك اكتر من كده …عن إذنك !!!
ثم تركها وذهب …تركها تبكي !!!
جلس عدي على أحدى الطاولات وهو ينظر إليها …كانت ما زالت تقف وهي تبكي …قلبه تألم لأنها تتألم ولكنه ضغط على نفسه لكي لا يذهب إليها …هي خدعته وهو لن يثق بها مجدداً …لن يدخلها حياته مرة آخرى …جواهر مثل كارمن …الاثنان حطـ موا قلبه…
..
عند جواهر …
مسحت دموعها عندما رأت الناس ينظرون إليها بحيرة ….
أغمضت عينيها وهي تحاول السيطرة على نفسها قبل أن تذهب وتبارك لعبير …عبير صديقتها من ظلمتها وهي فعلت كل هذا من أجلها …وقفت بوجه والدها فقط من أجلها …كم تشعر بالخجل لأنها تصرف بتلك الطريقة السيئة معها …تتمنى أن تسامحها على حماقتها….
نظرت نظرة أخيرة إلى عدي لتجده يتكلم مع أحد الحضور والذي كان زوج تحية شقيقة أمير…تنهدت واتجهت إلى عبير التي كانت تشع من السعادة وتكلم أمير …
-بيري …
قالتها جواهر بصوت خافت …نظرت إليها عبير وابتسمت بسعادة وهي تنهض لتندفع جواهر وتضمها بقوة وتقول:
-ألف مبروك يا حبيبتي …الف مبروك فرحتلك اووي يا عبير …
-حبيبتي يا جواهر عقبالك يارب …ربنا يسعدك دايما …
ثم ابتعدت عنها وهي تبتسم وتمسك.كفها ناظرة إليها …السعادة كانت واضحة على وجهها…نظرت جواهر إلى فستان عبير وقالت:
-اللون الروز لايق عليكي اووي والحجاب كمان يجنن …طالعة تجنني يا حبيبتي …اللهم بارك ربنا يحميكي من الحسد …
ابتسمت لها عبير وقالت وهي تنظر إلى عدي :
-وعقبالك أن شاء الله قريب كده …
نظرت إلى صديقتها بحزن وقالت:
-مظنش …اللي بيننا معقد اووي يا عبير …مظنش أنه هيسامح …
-اللي بيحب بيسامح يا جواهر وانا متأكدة مليون في المية أن هو بيحبك …وبيحبك اووي كمان وهيسامحك متقلقيش ..
تنهدت جواهر وقالت بتعب:
-اتمنى ده يا عبير …اتمنى أنه يسامح !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
-خطوبتنا أنا وموسى بعد يومين يا نسرين …متقوليش انك في شهر العسل ومش هتحضري هقتـ لك والله وقتها !!
قالتها ليان مهد دة صديقتها بينما يستقلا السيارة …ضحكت نسرين وقالت:
-وهو ده برضه كلام اكيد يا بيبي هحضر خطوبتك اصلا فؤاد قالي أننا هنروح شهر العسل بعد ما تخلص الامتحانات بتاعتي عشان اقدر استمتع براحتى…
-ايه هياخدك فين ؟!
قالتها ليان بفضول لتمط نسرين شفتيها دليل على عدم درايتها وقالت:
-صدقيني يا لي لي معرفش حاولت كتير أن أعرف منه هو هياخدني فين بالضبط بس هو رافض خالص يقول …بيقول عاملها ليا مفاجأة !!!
ضحكت ليان وقالت:
-يا سيدي يا سيدي على الحب …الواد واقع لشوشته يا نسرين خلاص ده شكله بيموت فيكي !
أطرقت نسرين برأسها وقالت بخجل :
-وأنا كمان بحبه …
-أيه !!!
صرخت ليان بحماس لتمسكها نسرين بخجل وهي تنظر إلى السائق الذي أحضره لها فؤاد لكي يوصلها لمركز التجميل وقالت:
-بس يخربيتك …
-أنتِ مكسوفة ليه يا نسرين ؟!ده هيكون جوزك !!…بجد فرحت اووي…اعترفتيله ولا لسه ؟!.
-النهاردة بعد الفرح هقوله …عايزة ابدأ معاه حياة جديدة يا ليان ..
وضعت ليان كفها على قلبها وقالت ؛
-آه يا قلبي على الجمال عقبالي أنا وموسى …
ضحكت نسرين وقالت :
-هو صحيح موسى هيجي النهاردة الفرح….
هزت ليان رأسها وقالت ؛
-ده اكيد هو قالي أنه هيروح اي مكان أنا اروح فيه
رن هاتفها فجأة لتقول وهي تمسك الهاتف :
-اهو حبيبي بيتصل ..
ثم ردت على الهاتف بلهفة وهي تكلم موسى :
-موسى ازيك ..
قالتها وهي تذوب من الخجل … بشرتها اصطبغت بحمرة الخجل ..ليبتسم موسى من الناحية الآخرى ويقول وهو ينظر إلى خزانته …
-بقولك.يا حبيبي ألبس ايه النهاردة؟! …
ابتسمت وقالت :
-ألبس القميص الأزرق والجاكيت الاسود بيليقوا عليك أوووي …عشان أنا كمان هلبس الفستان الازرق ولازم نطلع شبه بعض …
ضحك موسى وقال:
-عيوني يا خطيبتي …
عبست وقالت بإستفزاز:
-لسه مبقتش خطيبتك …
-هتبقي إن شاء الله انسي انك تهربي مني …
-ولو حاولت اهرب؟!
قالتها بمشاكسة لتضحك نسرين فرد موسى عليها ؛
-هاجي وراكِ لحد اخر الدنيا واخطـ فك وأحبسك…
ابتسمت بخجل ليقول هو :
-سلام يا حبيبي اشوفك النهاردة وهرقص معاكي…
-سلام ..
ثم أغلقت الهاتف وعينيها تتألقان بسعادة …كم تتمنى أن تدوم تلك السعادة …كم تتمنى أن يكون ملكها للأبد !!!!
-يا سيدي يا سيدي على الحب ..
قالتها نسرين وهي تشاكسها ثم ضمتها ليان وقالت:
-انا فرحانة عشاننا احنا الاتنين يا نسرين …بجد فرحانة اووي …
ابتسمت نسرين وهي تشعر بالراحة …شعرت أنها وجدت ملاذها الأخير أخيراً وملاذها كان فؤاد ….
وصلت السيارة اخيرا إلى إحدى أشهر مراكز التجميل بالقاهرة …
وترجلت ليان هي ونسرين بينما ادخل السائق الأغراض …ولجا إلى المركز لتستقبلهما صاحبة المركز بإبتسامة سعيدة وتقول :
-اهلا بيكي يا آنسة نسرين ده فؤاد بقاله يومين بيوصيني عليكِ اووي …
ابتسمت نسرين بخجل وسعادة لتكمل ماريانا بإبتسامة وتقول :
-انا اعرف فؤاد من الثانوية واول مرة اشوفه متحمس بالطريقة دي باين عليه بيحبك اووي …
-يوووه يا مدام ده بيموت فيها …
قالتها ليان بمشاكسة ابتسمت ماريانا وقد ضر بتها الغيرة ….الغيرة التي تشعر بها كلما رأت رجل يحب زوجته …وتتمنى يوما ان يحبها جورج ولكن للأسف …أبعدت هذا الشعور بالقوة ..هي رضت بحالها وانتهى الأمر …ابتسمت لنسرين وقالت بود :
-يالا يا عروسة عشان تجهزي لعريسك ..
…
خارج المركز التجميلي …
كان يوسف يقف بسيارته وفكيه ينقبضان بشدة ….لن يسمح لها أن تتزوجه …هي له وانتهى الأمر …
رن هاتفه ليرد عليه ويقول:
-ايوة يا عادل جهزت كل حاجة عشان اسافر أنا ومراتي…جميل اووي فلوسك هتوصلك قريب !
ثم أغلق الهاتف وهو يسند رأسه على مقعد السيارة بينما يبتسم …نسرين ستعود له ..ستغفر له بالتأكيد …هو فقط يخرجها من هنا ويبعدها عن الجميع وسوف تغفر له بكل تأكيد فهي تحبه …تحبه كثيراً …كما هو يحبها بجنون …
رفع صورتها التي بيده ثم قبل الصورة وقال:
-بحبك ..بحبك اووي
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-حاضر ياللي بتخبط !!
قالتها رانيا وهي تركض نحو باب المنزل فتحته لتتجمد وهي ترى أمامها السيدة ليلى والدة يحيى تنظر إليها بترفع وتقول بنبرة جامدة :
-عايزة اتكلم معاكي …ممكن !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يعني ايه يا دكتور الكلام ده ؟!انت بنفسك قولتيلي أن أمي بتتحسن ؟!ازاي دلوقتي بتقول أن حالتها ساءت !!!
صرخت به جواهر والدموع تحتشد بعينيها …تنهد الطبيب وقال ؛
-شريف بيه اللي قالي اعمل كده !!هو قالي اقولك كده يا آنسة جواهر بس للاسف والدتك بتحتضر !!!
يتبع….
(أحبك للنهاية)
أحبك في كل يوم ثلاثين عاماً..
وأشعر أني أسابق عمري..
وأشعر أن الزمان قليل عليك..
وأن الدقائق تجري..
وأني وراء الدقائق أجري..
وأشعر أني أؤسس شيئاً..
وأزرع في رحم الأرض شيئاً..
وأشعر حين أحبك أني أغير عصري
(نزار قباني )
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان يصفر بسعادة وهو يعد الأفطار لها …اليومين السابقين سمحت له أن يقترب منها أكثر وأكثر …شعر أن حبيبته وزوجته قد عادت اخيرا وكم هذا أسعده …كان قلبه يخفق من فرط سعادته ….بدأ يغني بسعادة وهو يشعر أنه امتلك العالم بأكمله !!!
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
ولا قلبي قد عذابه، عذابه
طول عمري بقول
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
لا أنا قد الشوق وليالي الشوق
ولا قلبي قد عذابه، عذابه
وقابلتك إنت لقيتك بتغير كل حياتي
ما عرفش إزاي حبيتك
ما عرفش إزاي يا حياتي
وقابلتك إنت لقيتك بتغير كل حياتي
قاطع غناؤه ورد التى ولجت للمطبخ ثم حاوطت خصره بذراعيها وهي تسند رأسها على ظهره وتقول :
-مين اللي غير حياتك ؟!
-يعني مش عارفة مين ؟!
-تؤ مش عارفة ممكن تقولي انت .
قالتها بتسلية وابتسامة رائعة على شفتيها …تشعر أنها تحسنت كثيرا عن السابق وخاصة عندما بدأت تلتزم بشكل جدي بالصلاة وتقرأ القرآن بكثافة …صحيح ما زالت الكوابيس تها جمها ولكنها تتجاهلها تماما …وصحيح أن النفور جهة ياسين لم يختفي تماما ولكنها قررت أن تحارب هذا الإحساس وتعطي لزوجها كل الحب الذي يستحقه …فهو اثبت انه يستحقها …اثبت انه يحبها بجدارة …
استدار ياسين ونظر إلى ورد بإبتسامة صافية…عينيه الخضراء كانت تلمع بشدة …تلمع بالعشق لها …عانقت كفيه وجهها وابتسم وقال:
-أنتِ اللي غيرتي حياتي يا ورد …أنتِ وبس ….أنا عمري ما كنت اتخيل اني اتعلق بحد للدرجادي …معرفتش يعني ايه يكون حد معين عامل زي الوطن وغيابه عننا بيكون معناه ضياع …أنا كنت ضايع وأنتِ بعيدة …صحيح كنت بكابر…وكنت بقول لنفسي اني مش مهتم بس بجد كنت ضايع…كنت ضايع اووي وانا شايفك بعيدة ومش عايزة تقربي مني …حسيت اني منبوذ من وطني ….أماني…بس بعد ما رجعتي حسيت أن رجعت لبلدي تاني …حاسس دلوقتي بالآمان …حاسس اني في بيتي …ابتسمت له بحب ليقترب منها ويقبل جبهتها بلطف ويقول:
-عملتي ايه فيا يا ورد ؟!بقيت مش عارف اعيش من غيرك …
ابتسمت بخجل ثم ابتعدت قليلا وقالت وهي تشاكسه؛
-معقول الرومانسية دي طالعة من ياسين ….أنا مش قادرة اصدق …
نظر إليها ياسين بضيق وقال:
-تصدقي يا بنت أنتِ واحدة نكارة الجميل…بقا أنا مش رومانسي …مين يا بت اللي كان بيقولك شعر …ده انا كنت بقعد ساعتين في قصيدة عشان اقولها لك
-وسبحان الله عمر ما في قصيدة معاك ضبطت للآخر …كنت علطول بتقولهم غلط !!
-فعلا خيرا تعمل شرا تلقى .
قالها ياسين بتذمر ثم أكمل :
-يعني بعد كل اللي عملته والتعب اللي تعبته ده مفيش تقدير خالص للي بعمله ؟!!!
ضحكت ورد على شكله الطفولي ليكمل هو :
-مسيرك يا جميل تندم لما تلاقي حد تاني بيقدرني .
حاوطت بذراعيها عنقه وقالت بثقة :
-مستحيل تحب غيري…قلبك ليا انا وبس …زي ما أنا ليك وبس يا ياسين …
ثم عانقته وقالت :
-بحبك ..
تنهد وهو يقبل رأسها ويقول بصوت أجش
-أحبك في كل يوم ثلاثين عاماً..
وأشعر أني أسابق عمري..
وأشعر أن الزمان قليل عليك..
وأن الدقائق تجري..
وأني وراء الدقائق أجري..
وأشعر أني أؤسس شيئاً..
وأزرع في رحم الأرض شيئاً..
وأشعر حين أحبك أني أغير عصري
(نزار قباني )
تنهدت وقالت :
-حفظتها لوحدك …
-قعدت يومين احفظها بس ياريت نعجب الهانم …
ضحكت وهي تقبل ذقنه وتقول:
-بصراحة عجبتني …
ثم ضحكا سويا ولكن فجأة توقف هو عن الضحك وأمسك كفها وقبله وقال:
-ممكن متبعديش عني تاني..لأن الحياة من غيرك متتعاشش …ممكن …
هزت رأسها بقوة وقالت:
-مش هبعد وعد
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-أمي بتحتضر …بتحتضر ازاي انت بتقول ايه ؟!
قالتها جواهر والدموع تحتشد بعينيها …كانت تشعر أنها سوف تُصاب بالجنون …تشعر أن الطبيب يهذي …أو يمزح …تتمنى من كل قلبها أن يكون هكذا …تتمنى الا يكون ما قاله صحيح ….انفجـ رت الدموع من عينيها وقالت:
-انت قولت ..انت قولت …
ثم ترنحت قليلا إلا أن الطبيب امسك كفها وقال :
-اهدي شوية يا آنسة وتعالي اقعدي …
ثم سحبها بلطف لتجلس على المقعد بينما ما زالت تبكي …تشعر أنها في حلم سئ تريد الاستيقاظ منه …
جلس عمرو على المقعد المجاور وقال بهدوء شديد :
-والدة حضرتك لما جات هنا وبدأنا العلاج كانت كل حاجة ماشية تماما بس بعد كده بقا العلاج مش جايب أي نتيجة معاها والورم بينتشر بشكل جنوني وأنا كلمت شريف بيه وحبيت ابلغك بس هو قالي مقولكيش عشان مش هتستحملي وانا اكدب عليكي …
توسعت عيني جواهر وأصبحت الدموع تنهمر من عينيها دون توقف !!!
وضعت كفها على. صدرها وهي تشعر بالإختناق ..شعرت بالفعل أنها سوف تموت ….تشعر وكأنها انفصلت تماماً عن العالم …
اكمل عمرو وهو يشعر بالذنب :
-أنا اسف جدا جدا يا آنسة جواهر مكنتش عايز اكذب على حضرتك بس شريف بيه فهمني انك هتنهاري لو عرفتي الخبر ده وهو اترجاني مقولكيش …أنا آسف !!!
نهضت وهي تصرخ :
-أسف بكل بساطة !!!اصرف من فين اسف حضرتك …قولي في انهي مكان اقدر اصرف الآسف بتاعك ؟!…أنت دكتور انت ؟!انت مستحيل تكون دكتور او انسان حتى …انت وشريف نسخة واحدة …مجر مين …أنا هاخد امي من المخروبة دي !!بس مش قبل ما اروح اشوف ابن الجذ.مة اللي بيلعب بيا ولا كأني عروسة ماريونت …
ثم ذهبت غاضبة …كانت مصممة على هدم العالم على رأسه هذا الحقير عديم الإنسانية ..لم تتخيل ابدا أنه مختل لتلك الدرجة ….رباه كيف يتلاعب بها بتلك الطريقة …
……..
بعد ساعة إلا ربع تقريبا وصلت إلى منزله ثم اندفعت إليه ودخلت كالعادة وهي تصرخ
-يا شريف بيه اطلع …اطلع يا حيلتها.ده أنا هخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك …
خرج شريف من مكتبه بهدوء وقال:
-كان مفروض أنبه على الآمن اللي برا ميدخلوش الأشكال دي ..للاسف نسيت ودخلوكي …
اقتربت منه جواهر وعينيها تبرق بغضب ثم امسكته.من قميصه القطني وصرخت :
-وليك عين تتكلم …أنت كدبت عليا …كدبت عليا وخدعتني …فهمتني أن أمي بتتحسن وأتاري هي بتحتضر …امي بتموت وانا مكنتش جمبها
بهت قليلا وهو ينظر….وابتلع ريقه وهو عاجز عن الكلام ….
احتشدت الدموع بعيني جواهر وقالت بنبرة مختنقة :
-ليه …ليه تعمل فيا كده يا شيخ ليه ؟!! دي امي …امي …عايز تحرق قلبي على امي …انت فاكر نفسك مين ها !!!!
انفجرت الدموع أكثر من عينيها وقالت:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ …أنا عمري عمري ما هسامحك …ربنا يجازيك على عملك …ربنا ينتقم منك …يارب يحرق قلبك زي ما حرقت قلبي …..
ثم تركته وغادرت وقد حفرت كلماتها جرح عميق بقلبه !!!
ترنح وجلس على الأريكة وهو يضع كفيه على وجهه مخفياً دموعه التي بدأت تنساب من عينيه
………..
عادت جواهر مرة آخرى إلى المركز لتعيد والدتها الى المنزل …
…..
ولجت بخطوات ضعيفة إلى غرفة والدتها التي يظهر بوضوح الإعياء عليها ….اعتصر قلبها من الألم وهي تراها بهذا الشكل …هي السبب …هي من ابتعدت عنها…ليتها لم تتدخل بشئون عبير …ليتها نعم هي الآن ندمت لأن بسبب عبير ووالدها هي ابتعدت عن والدتها بسبب شجاعتها التي تتشدق بها خسـ رت كل شىء ….آخر شئ جميل في حياتها سوف يتركها ويذهب ….
حبيت أنفاسها عندما نظرت إليها والدتها فجأة وابتسمت بإعياء وقالت ؛
-جواهر بنتي أنتِ هنا؟!وحشتيني يا جواهر …كده متسأليش عليا …نسيتيني !!!
انفجرت هي بالبكاء واقتربت من والدتها وهي تمسك كفها وتقبله بعنف وتقول من بين دموعها :
-سامحيني …سامحيني ابوس ايديكي يا أمي…حقك عليا …حقك عليا …
شدتها والدتها وعانقتها والاثنان انفجرا بالبكاء …
بعد لحظات طويلة من الدموع والإشتياق ابعدتها والدتها عنها قليلا وأخذت تقبل رأسها وتقول:
-انا عمري ما ازعل منك يا جواهر …أنا عارفة انك بتعملي كده عشاني…عشاني وبس …أنا مش زعلانة يا بنتي …حقك عليا أنا …أنا بتعبك …
كادت أن تنهار بالفعل بسبب كلمات والدتها ولكنه سيطرت على نفسها وامسكت كفها وقالت وهي تقبله:
-يالا يا امي هنمشي من هنا …هترجعي معايا البيت
هزت والدتها رأسها ….
………..
مرت نصف ساعة تقريباً …
خرجت جواهر من المشفى وهي تمسك ذراع والدتها …عينيها حمراء بفعل البكاء والجهد الذي تبذله كي لا تنهار مجدداً لقد أخبرها الطبيب بصراحة تامة أن حالة والدتها أصبحت سيئة للغاية وأن العلاج لا يأتي بأي نتيجة …لقد أخبرها بالشئ الذي قادر على تدميرها بكل بساطة …
أوقفت سيارة أجرة ثم ساعدت والدتها على ركوبها وركبت بجوارها لتنطلق السيارة مسرعة….
…..
وصلا إلى المنزل …
أخرجت حقيبة والدتها من السيارة وامسكت كف والدتها باليد الآخرى وهي تذهب لمنزلها الصغير …هذا المنزل الذي سوف تقضي به آخر أيامها مع والدتها …الفكرة نفسها جعلت شهقة مؤلمة تنفلت من بين شفتيها …
-مالك يا بنتي فيه ايه ؟!
قالتها سوسن بحيرة لتهز هي رأسها وتقول:
-مفيش يا ماما أنا كويسة …كويسة أووي…مبسوطة انك خرجتي وهتقعدي معايا …
ابتسمت سوسن في وجهها ومن الداخل تشعر بالشفقة على ابنتها المسكينة …هي ليست حمقاء وتعرف الحقيقة …تعرف أن العلاج فشل معها وهي الآن في آخر أيام حياتها …الموت قريب ..هي تشعر به !!
……..
اخيرا هما في المنزل ….نظرت جواهر إلى اركان المنزل بإشتياق …كان كل شئ على ما يرام …كانت تعيش مع والدتها بسعادة شديدة لولا أنها قررت أن تتدخل في أشياء لا تعنيها …قررت أن تساعد عبير وها هي قد تدمرت حياتها تماما ….عدي تركها ووالدتها سوف تموت …بينما عبير ..عبير سعيدة وسوف تتزوج من رجل أحلامها …أصبحت هي الخاسرة الوحيدة بسبب تضحيتها الغبية …
ابتسمت جواهر في وجه والدتها وهي تضع أفكارها على جنب …قررت منذ اليوم أنها لن تفكر الا بوالدتها …سوف تقطع علاقتها بالجميع حتى عبير …لا تريد أن ترى عبير ولا أي شئ يخصها…ستعيش لوالدتها فقط ….
-ايه رايك يا سوسو تأكلي مكرونة بالبشاميل من ايدي انا جبت حاجاتها وهعملهالك النهاردة وأنتِ هتاكلي منها …
-معدتي وجعاني يا بنتي خلينا في حاجة خفيفة …
ابتسمت جواهر بإشفاق وقالت:
-معلش يا ست الكل كلي على قد نفسك …انتِ بتحبي الأكلة دي وانا هعملهالك …
-اللي تشوفيه يا بنتي
-يالا ارتاحي يا ماما وانا هغير هدومي وهبدأ اجهز الأكل ..
ثم اقتربت من والدتها وجعلتها تجلس على الأريكة بالصالة وفتحت لها التلفاز ثم اتجهت إلى غرفتها وخلعت ملابسها وارتدت عباءة بيتية قصيرة وربطت شعرها الطويل ثم اتجهت للمطبخ…
فتحت الثلاجة لتخرج اللحم إلا أن رنين هاتفها أوقفها عما تفعل …
اغلقت الثلاجة مرة آخرى وأخرجت هاتفها من جيبها وهي ترى من المتصل …
عينيها لمعت بالغضب وهي ترى عبير تتصل بها …ألغت اتصالها ثم بسرعة اضافتها لقائمة الحظر !!!
….
في مركز التجميل البسيط …
كانت عبير جالسة على الأريكة تنتظر دورها ليتم تجهيزها …وتضع الهاتف على اذنها لكي تكلم جواهر …فجأة عبست وهي تنظر للهاتف وقالت:
-هي جواهر بتكنسل عليا ليه ؟!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
ارتعش قلب رانيا وهي تراها أمامها تنظر إليها بترفع وابتلعت ريقها لتتأفف ليلى بضيق وتكرر طلبها :
-ممكن اتكلم معاكي ؟!!!
هزت رانيا رأسها بسرعة وقالت:
-أكيد …اتفضلي يا هانم .
ثم أفسحت لها الطريق لتدخل ليلى وهي ترفع رأسها بكبرياء …تنظر الى المنزل البسيط بنفور وهي لا تصدق أن ابنها الطبيب وقع في حب فتاة بهذا المستوى …يجب أن تنقذ ابنها الغبي من صائدة الأموال تلك !!
-تحبي تشربي ايه يا هانم ؟!
قالتها رانيا بأدب لتنظر إليها ليلى وتقول بقرف:
-لا ميرسي مش عايزة اشرب حاجة …عايزة اتكلم معاكي بس …
ثم نظرت حولها وقالت:
-أومال فين والدتك ؟!
-أمي نايمة يا هانم
هزت رأسها وقالت:
-كويس اووي مش هيبقى حلو أنها تسمع كلامي ليكي …وانا مش عايزة احرجك قدامها عشان عاملة اعتبار أنها تعبانة ومش هتتحمل الحقيقة ..
عبست رانيا في وجهها وقالت:
-حقيقة ايه يا هانم أنا مش فاهمة حاجة …
ابتسمت ليلى ببرود وقالت:
-يعني أنتِ مش عارفة أنا جاية هنا اتكلم معاكي ليه ؟!
-لا مش عارفة .
قالتها رانيا بتوتر بينما عقلها يعمل بسرعة ..تحاول أن تفهم …ماذا ستقول …هل ستتهمها مجددا أنها تغوى ابنها. ألن تنتهي من تلك الاتهامات الباطلة ابدا !!!فكرت بتعب ….
-عايزة ايه من ابني يا رانيا …
قالتها ليلى دون مقدمات وهي تنظر إلى رانيا وعينيها تبرق بشكل مخيف …نظرت إليها رانيا بحيرة وقالت :
-مش عايزة منه اي حاجة يا ست هانم …هكون عايزة ايه منه يعني ؟!حضرتك فاهمة الموضوع غلط مفيش بيني وبين يحيى اي حاجة .هو دكتور وعمل عملية لأمي وقبل كده كنت بشتغل عنده وبس ده كل حاجة …لكن حضرتك فهمتي غلط خالص ..
-أنتِ هتستهبلي يا بنت !!!
رفعت ليلى صوتها وقد احمر وجهها من الغضب …تنهدت رانيا محاولة السيطرة على غضبها وقالت :
-لو سمحتي يا هانم مينفعش كده ..أمي تعبانة مينفعش تعلي صوتك بالشكل ده …أنا بقولك الحقيقة ..مفيش اي حاجة بيني. بين ابن حضرتك …حضرتك اللي فهمتي غلط وحتى تقدري تسأليه …
ابتسمت ليلى بسخرية وقالت :
-ما أنا سألته يا حبيبتي وحزري فزري قال ايه ؟!
صمتت ليلى قليلا وهي ترمق رانيا بنظرات كارهة وأكملت :
-قال أنه للاسف بيحبك !
بهت وجه رانيا كالاموات ونظرت إليها وهي لا تصدق …اكيد هي تمزح أو تهذي…لا يمكنها أن تكون جدية …..اي حب هذا …يحيى بالتأكيد لا يحبها ….أخذت قلبها يدوى داخل صدرها وقد احمرت وجنتيها بقوة … تلك الخفقات القوية عادت لتهزها من الداخل …هل قالتها بالفعل ام هي سمعت خطأ …هل يحبها …يحبها معقول !!!
-يا مدام اكيد حضرتك فاهمة غلط …دكتور يحيى….
ولكن ليلى قاطعتها وهي تنهض وقالت:
-بصي يا حبيبتي الكلام ده ميخشش عليا أنا …أنا فاهماكي وفاهمة تفكيرك ….بتوقعي واحد غني في حبك عشان تاخدي فلوسه وتعيشي في مكان ارقى من كده وحياه احسن من كده ….لا يا حبيبتي. ..أن كان يحيى ابني كان غبى ووقع فأنا مش هقع خالص في فخك …أنتِ مستحيل تدخلي بيتي كعروسة ليحيى ..فوفري على نفسك اللي بتعمليه….
نهضت رانيا بغضب. قالت:
-لو سمحتي يا هانم كفاية إهانات لحد.كده
.أنا عملتلك ايه عشان تهنيني بالشكل ده …أنا والله العظيم مليش اي دعوة بإبنك ولا حاولت اغويه ولا ايه حاجة وانا …
ولكن ليلى قاطعتها بإشارة من يدها وقالت وهي تقترب منها بصوت خافت :
-صوتك العالي ده مش هيخوفني …ولا هيخليني اقتنع انك بريئة يا آنسة رانيا …أنتِ هتفضلي بالنسبالي واحدة رخيصة عايزة تغوي ابني وانا هحاول احمي ابني منك …
شهقت رانيا وقد انفجرت الدموع من عينيها وقالت:
-حرام عليكي ايه اللي بتقوليه.ده …أنا مليش دعوة بإبنك …
-اومال بتقربي منه ليه .!ليه بشوفه دايماً معاكي !! …ليه ابني يعمل عملية لوالدتك ببلاش ؟!
بهتت رانيا وقالت:
-هو قالك؟!
-يعني عملك العملية ببلاش !!!
صرخت ليلى بغضب …ثم وضعت كفها على شعرها وقالت:
-الغبي المتخلف …اي حد يقدر يضحك عليه بسهولة …
-لا يا مدام أنا مضحكتش على حد ..ابنك اللي عرض يعملها العملية مشكور …وانا هفضل شايلاله الجميل ده طول عمري …ومتقلقيش أنا عمري ما هقرب منه تاني ….
تنهدت ليلى وهي تحاول أن تستعيد سيطرتها وقالت بنبرة الطف :
-شوفي أنا مش عايزة اضايقك …أنتِ برضه بنت مسكينة …عشان كده ايه رايك اديكي قرشين ومشي بيهم حالك و ..
-لا يا هانم كتر خيرك ..أنا هبعد عن ابنك.من غير اي فلوس …شكرا ليكي يا هانم…شرفتيني …
رفعت ليلى حاجبيها بدهشة …الفتاة كانت تطردها بالفعل من المنزل …كيف تجرؤ على هذا
فكرت بغضب ولكن اخيرا أبتسمت لها ببرود وقالت:
-يفضل فعلا تبعدي عنه ؟!مش عايزة ازعجك يا رانيا ..فكري في حالة والدتك على الأقل ..ماشى يا حبيبتي …
ثم تركتها وغادرت لتسقط رانيا على الأرض ودموعها تنهمر من عينيها لماذا يحدث هذا معها …لماذا !!!لماذا هي من تتحمل كل هذا ؟!تتحمل الأهانة وكل شئ آخر؟!متى سوف تتصلح حياتها؟!كلما أملت أن تنصلح حياتها يتدمر كل شئ ….
-رانيا يا بنتي …
صوت والدتها جعلها تنتفض بقوة …مسحت دموعها وهي تنهض مسرعة وتقول :
-جاية أهو يا أما
………
لقد تدهور الوضع …فهو بعد اعترافه لوالدته أنه يحب رانيا بدأت تتصرف بجنون ويخاف أن تؤذيها مرة ثانية …هو يخاف على رانيا منها يكفي المرة الأولى التي ذهبت فيها للفتاة واهانتها بشدة …لن يسامح نفسه بسبب هذا الموقف توقف فجأة وهو يرى والده جالس بهدوء يطالع الأريكة …كم أراد التكلم معه …أخباره بمشاعره …ولكنه خشى أنه هو أيضا ينقلب عليه…ماذا أن لن يفهم واتهمه بالجنون مثل والده
ماذا لو سخر منه وهو لن يتحمل هذا …بالتأكيد سيغضب …مشكلة والده أنه ليس له كلمة صارمة في البيت …يجعل كل شئ تحت تصرف والدته
.والدته هي من ربته ..هي من اختارت له المدرسة التي سوف يدرس بها …حتى أنها اختارت تخصصه وجعلته يحبه منذ صغره…لا يتذكر يوما ان والده
كان له دور في حياته…دوما كان متباعد…لا يعرف إلا العمل …حتى بعد قرر أن يبقى في البيت ويدير أمور الشركة من هنا ..علاقتهم سويا ليست قوية لتلك الدرجة
-بابا …
قالها يحيى بتردد وهو يقف أمام والدها بتردد…
نظر إليه والده وقال بحيرة:
-خير يا ابني ؟!
جلس يحيى وقال :
-بابا أنا عايز اقولك حاجة ؟!
-اتفضل يا بني قول ؟!
جلس بجواره وقال بسرعة :
-بابا أنا حبيت …
رفع والده حاجبيه بدهشة ليكمل يحيى:
-معرفش ده حصل ازاي بس انا حبيتها …
ترك الجريدة بيده وقال مبتسما:
-جميل اووي ..ومين سعيدة الحظ اللي قدرت توقع الدكتور يحيى
كاد يحيى أن يرد الا ان دخول والدته جمده وهي تقول :
-انا هقولك يا حبيبي ابنك بيحب مين …ابنك بيحب حتة خدامة لا راحت ولا جات…بنت رخيصة كده واحدة …
-ماما لو سمحتي كفاية …دي حياتي انا …ومش هسمحلك تتحكمي فيها ولا تهيني البنت اللي بحبها !!
زعق يحيى وعينيه الزرقاء تبرق بشكل مخيف فردت ليلى :
-خلاص يا حبيبي لو عايز تتجوزها اتجوزها بس اتجوزها بعيد عن البيت ده …البنت دي مش هتدخل البيت ده …وانت يا يحيى هتطلع برا بيتي و ….
تدخل زوجها وقال:
-معلش يا ليلى…ده يبقى بيتي انا…أنا وبس…وانا اللي أقرر مين يقعد ومين يمشي …وحاجة تانية …يحيى ليه كامل الحق يختار حياته لا أنا ولا أنتِ لينا حق نمنعه…
-يعني ايه ؟!
قالتها ليلى بجنون ليرفع هو رأسه ويقول:
-يعني يحيى راجل وهو حر يختار حياته زي ما هو عايز …لا أنا ولا أنتِ هنمنعه!!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يعني ايه الكلام ده …يعني ايه ؟!!قولي ازاي السحر اتفك اومال أنا بديك فلوس ليه ؟!! ما أنا مش مقصرة معاك؟!ليه بقا فشلت يا استاذ !!!
صرخت جوري بالدجال…كانت تشعر بالجنون …لقد عرفت أن ورد عادت لمنزل ياسين والآن هو يخبرها أن مفعول السحر انتهى …هذا كاد يصيبها بذبحة صدرية …أنها ستموت بالفعل ان لم يصحح الموقف…
-يا جوري أنا …
قالها محاولا تهدئتها …يخاف أن يخسرها …فهي تعطيه مبالغ كثيرة وكما أنها تعجبه …مازال يريدها…هو لا يشبع منها اطلاقاً …
ولكنها صرخت به بإهتياج:
-أنت ايه …قولي انت ايه يا استاذ …أنت فشلت تفرقهم …فشلت …
امسك ذراعها واعتصرها بعنف وقال:
-لا حاسبي على كلامك والا أنتِ عارفة انا ممكن اعمل فيكي ايه كويس !!
دفعها حتى وقعت على الأرض وقال :
-انا مخدعتكيش ولا حاجة يا جوري أنا عملت السحر وهي فعلا سابته بس هما فكوه …اعمل ايه انا …هعمل سحر تاني بس المبلغ هيزيد لانه هيكون اقوى ….
-لا يا حبيبي بطلناها الشغلانة….انت مش هتخدعني تاني ….انت فشلت …فشلت ترجعلي جوزي …
ثم كادت أن تذهب إلا أنه جذبها إليه وقال:
-لا يا حبيبتي…ما هو دخول الحمام مش زي خروجه …لو مشيتي بالشكل ده تاني أنا هأذيكي واظنك فاكرة الاسبوع اللي فات لما عاندتيني أنا عملت ايه فيكي !!!
ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه وتتذكر كيف أنه مارس عليها السحر وبسببه لم تنام الليل كله وهي تشعر أنها محاطة بكائنات غريبة مرعبة …مازال قلبها يخفق بوجل عندما تذكرت ما فعله …والآن هي غير قادرة أبداً على أن تعارضه …حتى لو أرادت لا يمكنها الذهاب ..فهو رجل خبيث يعرف كيف يدمرها …
-عايز مني ايه ؟!
قالتها وهي تحاول أن تحافظ على ثبات صوتها الاوان صوتها خرج ضعيفاً مرتعشا …ابتسم هو وقال وهو يمرر أصابعه على وجنتيها الناعمة ويقول:
-ايوة أنا كده احبك يا فراولة …وبعدين يا ستي مش عايزة جوزك أنا هرجعولك متخافيش …أنا هعملها سحر المرة دي انما ايه مش هتقوم منه تاني …اتاكدي أنها هتموت ومحدش هيعرف ينقذها …أنا متأكد …
نظرت إليه بتوتر وقالت:
-انا اخدت وعود كتيرة منك وانت منفذتش ولا وعد فيهم …عمال تاخد مني فلوس وبس وتخليني اجيبلك زباين..حتى انك …انك …
أغمضت عينيها وهي لا تجرؤ على نطقها …هي بالأساس مشمئزة من نفسها بسبب ما تفعله معه…لأنها تعطيه نفسها وأصبح هو يستبيح جسدها متى أراد …تشعر بالرخص والمهانة وهو يأخذها هنا في تلك الغرفة المقرفة ويمتلكها ثم ينهض عنها وهو يبتسم بإنتصار بينما هي تموت في اليوم ألف مرة …
-أنا ايه يا فراولة …
قالها بخبث وهو يقترب منها …ذراعه طاوق خصرها النحيل فأشاحت بوجهها مشمئزة بسبب رائحة نفسه الكريهة ….
-ابعد لو سمحت !!!
قالتها وهي تكاد أن تتقئ إلا انه رد وقال:
-لا ..مش هبعد الا لما نتفق يا فراولة على كل حاجة …
-نتفق على ايه ؟!
قالتها بغضب …
ليضع شفتيه على وجنتها ويقول بصوت جعل معدتها تتلوى من القرف :
-نتفق على كل حاجة يا مزة …أنا هعملك سحر جديد والسحر ده هيتجدد كل فترة ..صدقيني السحر ده هيكون نهاية مرات طليقك للابد بس خليكي معايا …بس كل حاجة وليها تمن يا مزة !!!
دفعتها وقالت وهي تنظر إليه بضيق:
-عايز ايه ؟!
-عشرة …عايزة عشرة الآلاف …وليلة من اياهم ..ووقتها جهزى احلى طقم اسود عندك عشان تحضري عزاها!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء
وقفت وهي تنظر إلى نفسها بإنبهار…كانت جميلة …حقا …بمساحيق التجميل الخفيفة التى تزين وجهها وخمارها الأبيض الذي يغطى رأسعا وفستانها البسيط الذي يضيق من الخصر ثم يتسع …دارت حول نفسها وهي تضحك بسعادة …بالتأكيد أكير سوف يفقد عقله عندما يراها ….امسكت باقة الزهور البيضاء وضغطت عليها وهي تنتظر قدومه وقد اولته ظهرها …ارتعشت وهي تشعر بخطواته بينما تسمع تحية تطلق الزغاريد السعيدة …ارتجف جسدها بقوة وابتسمت بسعادة …بينما أمير يحاول رؤيتها ولكنها تتمنع عنه وهي تبتسم برقة…اخيرا نجح وادارها له …وما أن رآها حتى حبس أنفاسه بقوة وهو يراها …كانت تبدو كأميرة خرجت من إحدى قصص الخيال …كانت تبدو رائعة للغاية…أجمل أمراة رآها في حياته …ابتسم لها وقال بصوت أجش:
-طالعة زي القمر …
ثم طبع قبلة طويلة على جبينها لدرجة أن تحية قالت:
-ما تخلصنا بقا يا عريس هتفضل هنا لحد امتى …يالا عشان الفرح …
هز أمير رأسه وهو يتأبط ذراع زوجته ويخرج من مركز التجميل …
……
كانا يتقدما ببطء وسط أهل الحي الذين كانوا سعداء للغاية من أجل أمير فهو أخيراً قد تزوج ووجد امرأة رائعة له …نظرات السعادة والغيرة كانت تلاحقهما …السعادة من أجل أمير وغيرة الفتيات من عبير لأنها حصلت على الأمير الوسيم
..من بينهما تلك الفتاة التي كانت تطارد أمير بدون ملل ..تنظر إليهما بضيق وكراهية …ابتسمت عبير بإستفزاز وهي تتمسك أكثر بذراع أمير بينما هو يقودها إلى المقعدين المخصصان للعروسين …
أجلسها هي ثم جلس هو وأمسك كفها وقال بنبرة عابثة :
-امتى هيخلص الفرح عشان استفرد بيكي …
نظرت إليه بتوجس وقالت قلقة :
-ايه ..ايه هتعمل فيا ايه ؟!
ابتسم بتسلية وقال :
-هاكلك…بجد هاكلك!!!
ابتلعت ريقها وهي تسمع كلماته غير المطمئنة تلك …..ولكن مع مرور الوقت بحفل الزفاف كانت قد نست تماما ما قاله حتى أنه سحبها ليرقص معها على المنصة وهي لم تمانع بل رفضت معه بنعومة ..انتهى الرقص وجلسا مرة أخرى…فجأة ابتسم زوجها ونهض قائلا:
-كنت عارف ، انك هتيجي يا عدي وبجد شكرا انك جيت ….
ابتسم عدي وهو يصافح أمير وقال ؛
-مقدرش مجيش مادام وعدتك يا أمير …مبروك يا عم ربنا يسعدك يارب ..
-حبيبي يا عدي ربنا يخليك …
ثم نظر إلى عبير وقال:
-مبروك يا عروسة ..
-الله يبارك فيك ..
قالتها برقة
ثم وجه عدي كلامه مرة آخرى لأمير وأخذا يتحدثان قليلا قبل أن يغادر عدي وينضم لاهل الحي …
…..
جلس عدي على أحدى الطاولات براحة وعينيه تبحثان عن المكان رفض الاعتراف بهذا ولكنه كان يبحث عنها …لقد اشتاق اليها ومنع نفسه قصرا الامس أن يتكلم معها في يوم الحناء….ولكن لماذا لم تأتي اليوم …فكر وقد تعكر مزاجه قليلا …أراد أن يذهب إليها ولكن كبرياؤها منعه …لن ينسى ابدا أنها ذات المرأة التي خدعته وتلاعبت به …زفر بضيق وهو يوبخ نفسه مخبرا إياها أنه سوف يذهب من هنا بعد دقائق وينسى أمر تلك الفتاة كليا
ولكن رغم أنه قد اتخذ قراره إلا أنه فشل في الحفاظ على عينيه بعيدا فأخذ يختلس النظرات ربما تكون قد أتت ولكنه أيضا لم يلمحه …نهشه القلق من الداخل …ما السبب الذي يجعلها تتخلف عن حضور حفل زفاف صديقتها المقربة !!…لماذا لم تأتي …
وعلى الرغم أنه أخبر نفسه أنه ابدا لن يشفق عليها ولن يسامحها أو يهتم بها إلا أنه فشل في منع قلبه من الاهتمام بها …فشل من منع نفسه من القلق عليها !!
-ياريتني ما حبيتك يا جواهر !!
قالها بتعب شديد …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
صفرت ليان وهي ترى صديقتها بفستان الزفاف …كانت نسرين جميلة للغاية…كالأميرات …فستانها الرائع جعلها تبدو وكأنها خرجت من إحدى القصص الأسطورية …بدت غير حقيقية بالفعل …
-اللهم بارك ..شكلك قمر أووي يا نسرين …
قالتها ليان وهي تعانق صديقتها بقوة ….ابتسمت نسرين وهي تنظر إلى نفسها بالمرآة …كانت راضية تماما عن نفسها وقالت:
-بجد شكلى حلو اووي يا لي لي …أنا فرحانة اووي …أوووي ..
-حبيبتي ربنا يسعدك دايما ….بصراحة مدام ماريانا عملت شغل هايل معاكي وكويس أن البيوتي سنتر النهاردة مكانش زحمة اووي فقدرت تديلك حقك …
-وحتى لو زحمة كنت هفضي نفسي مخصوص عشان نسرين …ده فؤاد ممكن يزعل مني لو مقدرتش ارضيها…
ضحكت نسرين وقالت:
-لا يا مدام ماريانا بصراحة محدش يقدر يتكلم … بجد أنا عمري ما كنت اتخيل اني حلوة للدرجادي …
-أنتِ من الأساس حلوة يا بيبي مدام ماريانا وضحت جمالك بس ..مش صحيح يا مدام ..
هزت ماريانا رأسها وهي تبتسم …لتكمل ليان:
-مدام أنا كمان خطوبتي قريبة وبعدها فرحي مش هوصيكي عليا ماشي. ..
ضحكت ماريانا وقالت:
-عيوني يا ستي أنا بنفسي هجهزك.لسعيد الحظ ..
ثم وجهت كلامها لنسرين وقالت:
-ارتاحي أنتِ يا نسرين عقبال ما يجي فؤاد ..
هزت نسرين رأسها وجلست ثم جلست بجوارها ليان …
خرجت ماريانا للحظات ثم فجأة سمعت كلا من ليان ونسرين ضجة بالداخل …
نهضت ليان وخرجت لترى ماذا حدث ولكن عينيها اتسعت بقوة وهي تجد يوسف أمامها وما كادت أن تصرخ حتى صفعها بقوة وأمسك رأسها وضربها بالحائط حتى فقدت الوعي بجوار ماريانا!!!
…
-يوسف !!!
صرخت نسرين بصدمة وهي تراه يدخل وتراجعت بصعوبة وكادت أن تتكلم الا ان الكلمات كلها تبعثرت من فمها :
-طالعة زي القمر يا حبيبتي….زي القمر يا نسرين …
وقبل أن تصرخ كتم فمها بالمنديل الذي به مخدر …
………..
بعد قليل …
-ليان …ليان فوقي يا ليان !!!
قالها فؤاد وهو يضرب وجه ليان برفق …قلبه يقصف داخل صدره وهو لا يفهم اي شئ …ماذا حدث هنا ؟؛ واين نسرين …
فتحت ليان عينيها بفزع ليساعدها فؤاد على النهوض وهو يخبرها أن تهدأ …
نظرت ليان حولها لتجد ماريانا تضع ثلج على جبهتها وتغمض عينيها بتعب …
-ليان فين نسرين ؟!
سألها فؤاد بنفاذ صبر لتقول ليان بسرعة :
-يوسف …يوسف خطفها !!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
انتهى حفل الزفاف …
….
وبقت هى على الفراش ترتدي فستانها الأبيض الرائع بينما تفرك كفيها بتوتر وهي تنتظره …وأخيرا قد دخل وهو يرتدي منامة قطنية وشعره رطب قليلا …..
عبس ونظر إليها وقال:
-الله أنتِ لسه مغيرتيش هدومك يا بيري …يالا يا بنتي عشان نصلي …عايزين نبدأ حياتنا وربنا يكون راضي علينا ….
هزت رأسها وقالت بخفوت :
-بس ممكن تفتحلي سوسة الفستان …لو مش هزعجك يعني …
ابتسم وقال:
-اكيد يا حبيبتي …
ثم بالفعل اقترب منها وفتح الجرار بسرعة ثم غادر قبل أن يتهور…
…
انتظر خارج الغرفة دقائق عديدة لكي تخرج ولكنها تأخرت ….
زفر أمير بضيق وقالت:
-اتأخرت ليه دي …ايه اللي حصل يا ترى …
ولكن فجأة فُتح الباب وخرجت وهي ترتدي إسدال للصلاة لونه ازرق ….
حبس أنفاسه للمرة الثانية اليوم …كيف يمكنها أن تكون جميلة عندما ترتدي اي شئ …اي شئ يليق بها. يجعلها جميلة …كتم أشواقه في قلبه وحارب لكي يتكلم وقال:
-يالا عشان نصلي يا حبيبتي …
هزت عبير رأسها لتقف على سجادة الصلاة بينما يبدأ أمير في الصلاة وهي خلفه …
…
انتهيا اخيرا من الصلاة وجلس أمير وهو يضع كفه على رأس عبير ويقول
-اللهم إنِّي أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرِّها وشر ما جبلتها عليه…امين يارب العالمين …
ثم نهضا سويا وهو يسحبها خلفه إلى غرفة النوم …انتفض قلبها بقوة داخل صدرها وقالت بسرعة:
-لحظة…لحظة يا أمير لو سمحت …لو سمحت استني شوية …استني …
نظر إليها بحيرة وقال:
-فيه ايه يا حبيبتي …
صمتت وهي تبحث عن مهرب لها ثم قالت فجأة:
-انا جعانة …ممكن آكل …
ضحك على رقتها وقال :
-طيب حاضر هجيبلك…
….
وبالفعل بعد قليل ..
كانت على الطاولة أصناف عديدة من الطعام أعدتها تحية بذات نفسها …كانت عبير تأكل ببطء وهي تشعر بالخوف مما ينتظرها بعد أن تنتهي من الاكل …هل سيكون رقيقاّ معها ..ولكنها تعرف أمير بالتأكيد سوف يكون رقيق معها ..هي واثقة من هذا …طردت الخوف من قلبها ونظرت إليه وهي تعطيه ابتسامة رائعة….
ابتسم لها وهو يقول بلطف :
-كلي براحتك …
وبالفعل استمرت في الأكل ببطء شديد …مرت نصف ساعة وهو ما زال صابراً عليها …لم يتأفف أو يتضجر …انتهت هي أخيراً وبدأت بحمل الأطباق وحملهم هو معها ….
غسلت يديها وفمها جيدا وفرشت أسنانها وتنهدت وهي تخرج … ذهبت إلى غرفة النوم لتجد زوجها جالس على الفراش ينتظرها …خفق قلبها داخل صدرها وهي تراه …أرادت أن تركض إليه وتعانقه بكل قوتها ….مشت في الغرفة واتجهت إليه …رفع عينيه ليجدها أمامه . ما زالت ترتدي إسدال الصلاة ولكن بدون حجاب …شعرها الرائع منسدل ونواجزها أكثر بروزا…نهض أمير وهو يمرر عينيه الذهبية عليها امسك كفها وقبله بلطف ثم جعلها تجلس على الفراش بجواره وهو ينظر إليها … عينيه تشعان حب ورغبة …أصطبغت وجنتيها بحمرة الخجل وابتلعت ريقها وهو ينظر إليها بتلك الطريقة …
-حاسس اني بحلم ..
قالها أمير بإبتسامة ثم أكمل :
-أنتِ جميلة أووي من قريب ..مش مصدق ان ليا حق ابص عليكي من غير ما اخاف أخذ ذنب …انت كنتِ تهديد عليا يا عبير والتهديد خلص بجوازي منك….
رفع أمير وجهها إليه ثم اتجهت أصابعه إلى شفتيها واقترب منهما بهدوء إلا أنه انتفض وأحدهم يطرق الباب بقوة. صوت شاب يصرخ :
-الحقنا يا أسطى أمير …بيت اختك تحية وجوزها ولع !!!
………….
فتحت نسرين عينيها لتجد نفسها في منزل غريب …نهضت وهي تترنح بينما قلبها يخفق برعب داخل صدرها …
-انا فين …
صرخت وهي تقف وتمسك رأسها :
-أنتِ في بيتك يا حبيبتي ..
قالها يوسف وهو يدخل الغرفة …ابتسم لها وقال:
-طالعة حلوة اووي زي ما تخيلتك يوم فرحنا يا نسرين …
-يوسف بلاش جنا ن رجعني …يوسف النهاردة فرحي !!!
قالتها نسرين وهي تتراجع للخلف وترفع فستان زفافها قليلا …كانت مرتعبة …الدموع تطفر من عينيها …المجنون اختـ طفها من زفافها !!
-اخرسي …اخرسي يا نسرين انتِ مش هتتجوزي غيري …مش هتتجوزي غيري …
اخذت تبكي وتقول:
-يوسف أنا خايفة منك ..رجعني ابوس ايديك ..رجعني !!!
صرخت في جملتها الأخيرة ليقترب منه ويحاصر وجهها ثم يضغط بكفيه على وجنتيها ويقول وقد استحالت عينيه العسلية للون الأحمر :
-مستحيل أرجعك يا نسرين …مستحيل أنتِ ملكي أنا وبس …محدش تاني هيتجوزك …محدش هيلمسك غيري …أنا عندي تمو تي وأحزن عليكي العمر كله والا أن حد يلمس شعرة منك ..
-أنت مجنو ن …
قالتها وهي تبكي ليرد بإبتسامة مختلة :
-مجنو ن بيكي أنتِ يا نسرين …أنتِ خلتيني أحبك ..اتحملي النتيجة بقا!!!
ثم بدأ يقبلها رغماً عنها وهي تدفعه ولكن الدوار الذي تشعر به وفستان الزفاف وقوته كانوا عائق كبير بالنسبة لها…أخذت هي تبكي وتتوسل إليه أن يبتعد ولكن دون أي فائدة ….دفعها على الفراش وهو يكمل فعلته للآخر …سوف يضمن أنها لن ترفض الزواج منه …سوف يمتلكها الآن!!!
يتبع….
(حبيبي يا أنا )
حبيبي كان هنا
مالى الدنيا عليٌا
بالحب والهنا
حبيبي يا انا
يا اغلى من عينيٌا
نسيت مين انا ؟؟
انا الحب اللى كان
اللى نسيته اوام
من قبل الآوان
نسيت اسمى كمان !!
نسيت يا سلام
على غدر الإنسان
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يوسف لا …يوسف لا !!!
صرخت نسرين بقوة وهي تحاول تدفعه بينما الدموع تنفجر من عينيها …كانت دموعها لا تتوقف …صراخها لا يتوقف ولا حتى مقاومتها…كانت تقاوم بكل ما تستطيع لكي يبتعد عنها ولكنه كان أقوى بكثير …كان يسيطر بجسده عليها …يثبت كفيها بيد واحدة واليد الآخرى يثبت بها وجهها ..كان ينظر إليها مطولا …عينيها أصبحت بلون الدم من شدة البكاء ووجهها يكاد تنفجر منه الدماء …
-أنا حبيتك …
قالها والدموع تنساب من عينيه …
-حبيتك
كررها مرة آخرى بإختناق وأكمل :
-حبيتك زي ما حبيتها وأنتِ كسرتيني زيها …أنا عمري ما خدعتك ولا أجبرتك تحبيني يا نسرين …عمر ما ده حصل …أنتِ حبتيني بإرادتك …وعدتيني انك هتفضلي معايا طول حياتي يا نسرين …قولتي انك عمرك ما هتكسريني وكسرتيني ..كسرتيني يا نسرين !!!
أنهمرت الدموع أكثر من عينيها وقالت :
-وأنت وعدتني انك هتحميني دايما يا يوسف وخلفت بوعدك ..روحت لأبويا وقولت على علاقتنا …أفتكرتك أماني وانت اللي رمتني في النار بنفسك …أنت اللي خليت بابا يأذيني …كنت بقولك أنه بيأذيني وانت وعدتني انك مش هتخليه يقربلي تاني …بس انت بنفسك سلمتني ليه …أنت بنفسك خليته يأذيني يا يوسف …..
-أتجننت وقتها لما حسيت انك هتبقي لحد تاني يا نسرين …
-أنا اسفة محبتش اجرحك زيها …بس خلاص يا يوسف اللي بيننا انتهى …رجعني فرحي …رجعني لو سمحت …
هز يوسف رأسه بالنفي وقال:
-مستحيل أنتِ بتحبيني أنا!أنا وبس !!!!
هزت رأسها وهي تبكي وقالت:
-اسفة …اسفة بس مبقتش احبك …مبقتش يا يوسف …أنا بحب فؤاد …فؤاد وبس …
-اخرسي …اخرسي …
صرخ فيها بشراسة وصفعها بقوة …بكت هي وحاولت دفعه عنها ولكنها فشلت في هذا أنحنى هو وانتهك شفتيها بينما شعرت هي بالقرف من نفسها …حاولت الصراخ ولكنه كان يكتم فمها بشفتيه بينما تمزق يديه فستانها …
حررت شفتيها وهي تصرخ به :
-هقتل نفسي ..والله هقتل نفسي لو كملت يا يوسف …ولا انت ولا غيرك هيمنعوني أعمل كده …هقتل نفسي !!!!
كانت تصرخ بها …وكانت كلماتها صادقة للغاية….
اخذت تبكي وتقول بتوسل:
-أبوس ايديك سيبني امشى يا يوسف …ابوس ايديك عايزة افرح في حياتي …أنا لقيت اخيرا الإنسان اللي بحبه …الإنسان اللي هيعوضني عن قسوة بابا عليا …الإنسان اللي أنا عايزة اعيش معاه باقي حياتي …
كلماتها قتلته …وجد نفسه يقول ببشرة شاحبة كالأموات:
-طب وأنا…أنا ايه …فين حبك ليا ؟!أنا حبيتك …حبيتك ده جزائي!!!
-أنا اسفة …اسفة …
-مش عايز اسفك ..مش عايزه …اعمل بيه ايه ؟!!قوليلي اعمل بيه ايه …
نهض من عليها وهو يشد شعره بينما الجنون يعصف به …لقد انتهى الأمر …انتهى …هو لا يمكنه أن يؤذيها …فكر حقا في فعل هذا …فكر أن يكون أناني لمرة واحدة فقط ويعتدي عليها وحينها ستعيش معه مجبرة ولكن هل يريد ذلك؟!هل يريد أن يمتلك جسدا قلبه ملك لآخر …هل يريد أن يتزوجها وقلبها مع آخر ويعيش تعيسا للمتبقي من حياته …كانت الاسئلة تعصف بعقله والجواب لا يجرؤ على قوله …لأن فكرة أن تبتعد عنه للأبد تقتله …تحطمه بقوة ولكن العلة ليست به العلة بها …هو يكره رؤيتها تعيسة …كان منير دوما يخبره ان ما يشعر به نحو نسرين ليس حباً بل احتياج …فهي كانت بديل لرقية ولكن منير كان مخطئ …هو أحب نسرين احبها حقاً وان كان إذاها وإن كانت علاقتهما سامة …هو أحبها. ..أحبها ويؤذيه أنها لم تعد تحبه بعد الآن …نظر إليها بتعب كانت متسطحة على الفراش تبكي بعنف بينما فستانها الجميل ممزق …
نهضت بتعب واستطاعت أن تجلس على الفراش وهي مستمرة في البكاء …تغطي عينيها كي لا تراه …أغمض عينيه بتعب وقال:
-بتحبيه يا نسرين …بتحبي فؤاد ؟!
أبعدت كفها ونظرت إليه ثم هزت رأسها بالإيجاب وقالت؛
-هو الإنسان اللي أنا بتمناه..
أغمض عينيه بألم ..رباه هذا يحطمه …تنفس بسرعة وقال بينما الدموع بدأت تحتشد في عينيه ؛
-طب وأنا ..فين حبك ليا ؟!
-مكانش حب يا يوسف أنا اسفة …أنا عرفت أن مشاعري ناحيتك مكانتش حب …أنا أسفة يا يوسف …اسفة !!
انسابت دموعه وقال:
-أسفة …اسفة بكل بساطة…بتقولي أن مشاعرك ليا مكانتش حب …اومال ايه كمية الوعود اللي اخدتها منك دي يا نسرين …ايه ؟!كل ده مش حب معقول …اومال ايه انت أماني وهفضل طول حياتي معاك …
ضرب صدره وقال:
-انا حبيتك ..حبيتك… مشاعري كانت حقيقية …كنت خايف من الحب بس عشان خاطرك.حاربت خوفي وحبيتك …وانت كسرتيني زيها …صحيح أنا اذيتك وبعترف بغلطي الكبير في حقك …بس صدقيني غلطك أنتِ اكبر …
ضحك مرة آخرى بقهر وقال:
-أنا جيبتك هنا عشان اكسرك ….جيبتك عشان متقدريش تقوليلي لا …جيت عشان احرق قلبك زي ما حرقتي قلبي …بس فشلت يا نسرين ..فشلت عارفة ليه ؟!عشان حبيتك …الإنسان مش بيأذي اللي بيحبه يا نسرين …
-بس أنت اذتني …
قالتها بنبرة مختنقة ليرد :
-صدقيني مش اكتر من اذيتك ليا !!أنا هرجعك لعريسك وهسافر برا مصر …أنتِ مش هتشوفي وشي تاني …
…………..
-ما توطي صوتك متنساش انت فين ؟!
قالها ضابط الشرطة لفؤاد الذي كان غاضب بشدة وكان يصرخ في مركز الشرطة بينما نهى خلفه ودموعها تنفجر من عينيها …فبعد أن عرفت من ليان أن يوسف قد أخذ نسرين والقلق ينهش بها …ماذا أن اذاها؟!.. الفتاة المسكينة متي ستجد الراحة ؟!!!
-يا فندم حط نفسك مكاني ممكن ؟!بقولك البنت اللي هتجوزها اتخطفت …راجل مجنون خطفها من الكوافير وحضراتكم شوفتوا الكاميرات بتاعة الكوافير ..ليه لحد دلوقتي محدش قدر يجيب خطيبتي !!!!
-يا دكتور احنا بندور عليها فعلا وبعتنا إخبارية لكل المطارات ومحطات الاتوبيس والسكة الحديد وحتى مواقف العربيات وشغالين مش نايمين يعني تصرفك مش مقبول بالمرة …
-اهدى يا فؤاد يا ابني …اهدى شوية ..
قالها كريم وهو يشد على كتفه ليزفر فؤاد بضيق …يشعر أنه عاجز عن أي شئ …قرر الخروج والبحث عنها بمفرده….لن يترك الأمر هكذا…..
خرجت نهى وكريم خلفه ولكنه كان قد غادر …
-يارب سلم يارب ..يارب سلم !!
قالتها نهى وهي تبكي …فهي تخاف أن يتورط ابنها بشئ …أنها لم ترى فؤاد غاضب بتلك الطريقة ابدا …ولكنه محق ..فيوسف قد تجاوز كل الحدود …
شدت على ذراع كريم وقالت بتوسل:
-كريم اعمل حاجة ابوس ايديك …
هز كريم رأسه وأخرج هاتفه ليتصل بمنير ويعرف إذا كان قد عرف مكان يوسف ولا لا …فمنير أيضا يبحث عن يوسف قبل أن تمسكه الشرطة لكي يقنعه ان يعيد نسرين …كان كريم يعترف أنه لديه يد في تلك المشكلة الكبيرة …فلو اهتم بإبنته قليلا لم تكن لتنظر إلى صديقه أبداً ….
.
-ايوة يا منير لقيت حاجة ؟!
قالها كريم بلهفة ما أن رد عليه منير …فتنهد منير وقال:
-للاسف لا ملقيتش حاجة يا كريم …اختفى …روحت كل الاماكن اللي ممكن يبقى فيها ملقيتهوش …
-الحيوان ابن الكـ لب .وديني لما أشوفه لأ قتله!!!
…….
في سيارة فؤاد …
كان يقود السيارة بسرعة كبيرة …تندلع من عينيه النيران …ود لو رأى يوسف الآن لكان قتله على الفور ….غضب شديد يعصف به …عينيه حمراء من فرط الغضب ….يشد على المقود بقوة …رن هاتفه فجأة ليجدها ليان …كاد الا يرد ولكنه تذكر أنها الآخر تشعر بالرعب الشديد فبعد أن ضربها يوسف أتى شقيقها وأخذها عنوة لترتاح بالمنزل …
امسك هاتفه ورد عليها …
-ها وصلتوا لحاجة ؟!
قالتها ليان بلهفة ليرد فؤاد بإقتضاب :
-لا يا ليان لسه معرفناش حاجة ….
شهقة ضعيفة انفلتت من بين شفتيها وقالت بإختناق :
-أنت لسه في القسم صح أنا جاية ؟!
-لا يا ليان أنا سيبت القسم بلف بعربيتي وبدور عليها ويارب نلاقيها …
انسابت دموع ليان وقالت:
-أنت فين يا فؤاد حاليا أنا عايزة ادور عليها معاك …مكانش لازم اسمع كلام اخويا وارجع معاه ..قولي انت فين.؟!
تنهد وقال:
-ليان ارتاحي أنتِ وانا هلاقيها …اصل مفيش حاجة هتقدري تعمليها …هتتعبي نفسك على الفاضي …ارتاحي في البيت أنتِ بس وانا لما الاقيها هتصل بيكي …
-ياريت يا فؤاد…ياريت …
-متقلقيش بإذن الله خير يالا سلام ..
-سلام …
ثم أغلقت الهاتف ….
مرة آخرى رن هاتفه ولكن برقم غريب….
فتحه بسرعة فقد تكون هناك معلومة ما عن نسرين والصوت الذي سمعه جعله قلبه يسقط بقدميه ….
-فؤاد …فؤاد ….
أوقف السيارة فجأة وهو يسمع صوت نسرين الباكي …
-نسرين ..أنتِ فين يا حبيبتي …قوليلي أنتِ فين ؟!
ولكن فجأة سمع أحد ما يأخذ الهاتف منها وصوت يوسف اخترق روحه الغاضبة بشدة …
-ايوة يا فؤاد …
-وديني لأقتـ لك يا يوسف …هقتـ لك يا أحقر خلق الله انت ازاي …
كان فؤاد يصرخ وهو يشتمه ويتوعد له ….
-ايه رايك تبطل شتايم عشان متفق اجيبلك نسرين فين ؟!….
-هي فين ؟!
تنهد يوسف وهو يخبره بالمكان بالضبط وينبه عليه الأ يدخل الشرطة في الموضوع فهو لا يريد اي مشاكل …
…….
بعد نصف ساعة …
وصل فؤاد للمكان البعيد نوعا ما بسبب قيادته السريعة …كان حي راقي ولكنه هادئ جداً…
ترجل من سيارته وهو ينظر حوله وكاد أن يتصل بيوسف إلا أن صوت نسرين أوقفه …
-فؤاد ..
قالتها نسرين بصوت باكي ليستدير ويراها تقف خلفه بمسافة وخلفها يوسف …توسعت عيني فؤاد بصدمة وهو يطالع فستانها الممزق قليلا ولكنه لم يجد وقت ليسأل إذ أن نسرين اندفعت إليه وعانقته بقوة وهي تبكي…
-حبيبتي …حبيبتي ..
كان يقولها وهو يضمها بقوة ويقبل رأسها….
أبعدها قليلا وعانق وجهها وهو يقول :
-عمل فيكي ايه ؟!قولي …انطقي عمل ايه ؟!
كان يشير إلى فستانها الممزق وفعلا ابتعد عن نسرين متجها ليوسف والنيران تندلع من عينيه بقوة وقال:
-انا هوريك يا جبا ن يا حقيـ ر !!!
ولكن نسرين ركضت وامسكت كف فؤاد ثم عانقته وهي تقول :
-معملش حاجة …معملش حاجة سيبه يروح يا فؤاد عشان خاطري ..
ولكن فؤاد أبعدها مرة آخرى لكي يذهب إليه …لتمسكه نسرين من كفه بقوة وتعانق وجهه وتقول بعاطفة :
-سيبه يا فؤاد …سيبه يروح ..خلينا نرجع ونبدأ حياتنا من جديد أنا وانت ..أنا بحبك ..بحبك.!!!
بهت وهو ينظر إليها …شعر بدقات قلبه تتسارع …ابتسم لها وعينيه تبرق بشدة …
فعانقته هي بقوة وهي تقول:
-بحبك يا فؤاد …
وظلا متعانقين لفترة طويلة بينما يوسف ينظر اليهما وقلبه يتمزق …كان الألم رهيب …مسح الدموع التي أغرقت وجنتيه ثم استدار وذهب …قد انتهت قصته مع نسرين كما انتهت مع رقية …وأصبح هو الخاسر الوحيد …لقد ظن أنه عندما يعطي قلبه لشخص آخر سوف يحافظ عليه ولكن هذا لم يحدث لقد أعطى قلبه لرقية وحطمته ونسرين فعلت المثل …والآن أن أفضل ما يفعله أن يترك تلك البلاد ويذهب ..لا يريد أن يبقى هنا بعد الآن!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ربنا يعوض عليك يا حسين …
قالها أمير بشفقة وهو يربت على كتف حسين بينما يقف الجميع امام المنزل المتفحم …
-الحمدلله على كل حال يا أمير …الحمدلله على الأقل خرجنا بالسلامة ومفيش حد.حصله أي حاجة …الحمدلله كل حاجة تتعوض الا صحة تحية والاولاد …
قالها حسين برضا غريب ولكن لم يخفى عن أمير لمعة الدموع بعينيه …
نظرت تحية الى المنزل والدموع تغرق عينيها…وقالت بصوت مرتجف :
-انا السبب …أنا السبب …أنا اللي نسيت طاسة الزيت على النار ونومت …أنا اللي ضيعت كل حاجة …أنا السبب أنا ….
ضمتها عبير وقالت برفق :
-قولي الحمدلله اللي قدرتي تطلعي انتِ وجوزك وعيالك من غير ما تحصلكم حاجة …احمدي ربنا يا تحية …
-الحمدلله ..الحمدلله ..
قالتها تحية بنبرة مختنقة وهي تمسح دموعها …
-يالا يا حسين عشان تروح ترتاح …
قالها أمير وهو يجذب حسين الا انه قال له بإحراج :
-ايه اللي أنت بتقوله ده يا أمير انت عريس جديد والنهاردة دخلتك اجي فين بس ؟!روح فين وانا هتصرف …
-بس يا راجل عيب الكلام ده …يالا هتفضلوا معايا لحد ما تحلوا المشكلة دي …
وقبل ان يعترض حسين مرة أخرى جذبه أمير وجذبت عبير تحية والاولاد متجهين جميعاً الى منزل أمير الصغير ….
………
في بيت أمير …
في التراس…
كان يقف حسين وهو شارد ويقف بجواره أمير لحين انتهاء تحية وعبير من اعداد مكان للنوم بصالة المنزل …
……
-والله أنا مكسوفة منك اووي يا عبير ..احنا زاحمناكم في ليلة دخلتكم…بقولك ايه يا اختي أنا هنام أنا هنا في الصالة أنا والعيال وحسين وناموا أنتوا في اوضتكم ..يعني مش كفاية تطفلنا وجينا هنا كمان أنا هنام في الأوضة وأمير يطلع برا اوضته ..ميصحش …
ابتسمت عبير وقالت:
-لا تطفل ولا حاجة ..متقوليش كده انتِ اخت أمير يعني زي اختي وربنا يعلم بحبك قد ايه …أنا عمري ما هنسى أنك وقفتي جمبي في أسوأ ايامي جه وقتي اقف معاكي …ربنا يعوضكم يارب …وبعدين أمير مش هيرضى أنك تنامي في الصالة ..هو قال أنا وانتِ والعيال هنام في الأوضة وهو وحسين هيناموا في الصالة وانا مقدرش أكسر كلمة جوزي …
ضحكت تحية وقالت:
-ربنا يخليلك جوزك يا اختي .
-امين يارب ..
قالتها عبير مبتسمة …
…….
في التراس …
كان ما زال حسين واقفا ينظر الى الفراغ وهو يتنهد بتعب …كل شئ ضاع والآن لم يبقى معه سوى الاموال التي في حسابه…صحيح مبلغ جيد جدا ولكنه لم يكفي لإعادة بيته مثلما كان …..لا يكفي ابدا …
هربت تنهيدة متعبة من بين شفتيه ليضع أمير كفه.على كتفه ويقول بهدوء :
-هتتحل يا حسين …هتتحل بإذن الله …
هز حسين رأسه وقال بيأس :
-صعب …صعب اوووي يا أمير …صعب اووي …
ثم أطرق رأسه بيأس…ابتسم أمير بلطف وقال:
-مفيش حاجة بعيدة عن ربنا …ربنا كريم يا حسين وهيعوضك خير …يالا عشان ترتاح ومتفكرش كتير وتحمد ربنا ان مفيش حد فيكم حصله حاجة ….
…
في المطبخ…
كانت عبير تمسك كوب الماء لتضعه في الغرفة التي تنام هي وتحية بها كي لا تخرج كثيراً عندما ولج أمير وابتسم لها…بادلته ابتسامته بإبتسامة رائعة للغاية. …كانت عينيها تبرق بشدة …رفع أنير كفه ومررها على وجنتيها وهو يقول :
-حقك عليا هبقى اعوضك بعدين …
قبلت كفه وقالت برقة :
-انا متأكدة من كده …
ازدادت ابتسامته اتساعا وهو يقترب بشفتيه منها …أغمضت عبير عينيها ولم تمتنع أبدا …ولكنهما فجأة انتفضا سويا عندما ولجت تحية للمطبخ:
-أنا اسفة والله …
قالتها تحية بإحراج ووجنتيها ملتهبة من شدة الخجل …
اطرقت عبير برأسها وهي تتمنى ان تنشق الأرض وتبلعها بينما خرج أمير مسرعا …
اقتربت تحية من عبير وهي تقول بإحراج :
-حقك عليا والله …حقك علينا …
ابتسمت عبير وقالت :
-محصلش حاجة لده كله يا تحية …أنا مش زعلانة …يالا عشان نروح ننام…
هزت تحية رأسها وذهبت مع عبير للنوم …..
……
في الغرفة …
كانت عبير تنام على ناحيتها بالفراش والاطفال بالمنتصف وتحية من الناحية الآخرى …كانت لا تكف عبير عن الابتسام بسعادة …انها تشعر بالراحة الآن …لقد تحقق حلمها واصبح حبيبها هو زوجها …شعرت أنها في غاية السعادة ..وبعد الله عز وجل يجب أن تعترف ان جواهر ساعدتها كثيرا في هذا الآمر …لن تنسى أبدا ان جواهر ساعدتها وانقذتها من زواج لا تريده لتقابل حبها الحقيقي …الحب الذي تاقت دوما إليه …. فجأة تجهمت وهي تتذكر ان جواهر لم ترد على اتصالاتها حتى انها لم تحضر زفافها
.تتمنى ان تكون بخير…قررت ان تذهب إليها غداً …فهي تعرف ان جواهر تعاني الان خاصة مع غضب عدي منها …هي تعرف الحب وتعرف ألمه جيدا…لذلك فهي تشعر بجواهر ولتكن صريحة هي أهملت صديقتها قليلا …صديقتها التي فعلت كل شئ لتحميها.من والدها….لن تنسى أبدا أن جواهر ضحت بالكثير من أجلها !!
أغمضت عبير عينيها وهي تغرق بالنوم ….
……
في اليوم التالي …
في قصر رشيد …
كانت ليان جالسة مع شقيقها تأكل طعام افطارها بكل هدوء ..كانت مبتسمة براحة لأن نسرين أخيراً عادت للمنزل …
-عدي أنا طالعة النهاردة مع نسرين عشان نجيب فستان الفرح مرة تانية …
ضحك عدي وقال:
-انا خايف تتخطف مرة تانية ونعيد نفس الحوار …
-لا متقلقش يا عدي خلاص يوسف هيسافر وهيبعد عنهم ..
هز رأسه موافقاً وقال:
-بصراحة هو ده الصح …البنت قد عياله ومش هتنجح علاقتهم أبداً…مش عارف هو كان بيفكر في ايه لما حبها .!!!
هزت ليان كتفها وقالت:
-احنا مبنقدرش لا نتحكم في مشاعرنا ولا قلبنا يا عدي …مبنفكرش ليه ممكن نحب ده ..بنحبه وخلاص …زي ما انت لحد دلوقتي بتحب جواهر !
نظر إليه عدي ببرود وقال؛
-ممكن متجبيش سيرتها ؟!لو سمحتي يعني ..أنا مش عايز اسمع اسمها هنا خالص كلامي مفهوم ؟!!
هزت ليان رأسها وقالت:
-انا بجد مش قادرة افهمك …رغم أن عبير جات وقالتلك الحقيقة كلها ومخبيتش حاجة عنك …وعرفت هي عملت كده ليه ؟!البنت برضه معذورة كان مفروض تسامحها …
-هو احنا مش هنخلص من الحوار ده يا ليان ؟!كل يوم لازم تتكلمي في ام الموضوع ده …هو مفيش تغيير خالص ؟!
-ايوة يا عدي مفيش تغيير عشان شايفة انك قاسي عليها أوووي…انت عرفت الدافع بتاعها …هي مكانتش عايزة تخدعك بس حط نفسك مكانها ..واحدة ممسوك عليها شيكات ووالدتها تعبانة أوووي والحياة متقفلة في وشها…هي مش هتختار طبعا تتحبس …ومعلش يا عدي انت كمان مش برئ …انت اتجوزتها وعارف انها مش عايزاك …
-كان عندها كذا فرصة عشان تقولي الحقيقة لكن هي اختارت تخدعني !!!
قالها عدي بغضب…مازال الأمر يؤلم …هو يتساءل في اليوم ألف مرة عن السبب الذي جعلها تخاف أن تحكي له الحقيقة …لقد سنحت لها العديد من الفرص …كان يمكنها أن تخبره وقتها يقسم أنه سوف يساعدها ولن يغضب منها ولكنها اختارت أن تخفي عنه الحقيقة …اختارت أن تعامله معاملة الأحمق…اختارت الكذب …فلا يحق لأحد أن يلومه على كذبه …
-بس هي قالتلك الحقيقة في الآخر ..
عارضات ليان بقوة ليرد من بين أسنانه :
-بعد ما كشفتها ..
-لا وقتها مكانتش تعرف انك كشفتها …بالعكس أنا وقتها اديتلها الشيكات ولو كانت حرقتهم كانت هترتاح من تهديد شريف لكن هي اختارت تخاطر وتقولك الحقيقة وتديك.الشيكات…يعني جواهر مش كانت حابة تخدعك بس احيانا بتحطنا الحياة في مواقف وحشة اووي وهي الموقف اللي اتحطت فيه لا تحسد عليه …
تنهد عدي وقال:
-كفاية كلام في الموضوع لو سمحتي يا ليان …أنا قولت نقفل عليه ..مش عايز اسمع سيرة جواهر هنا …هي خلاص انتهت من حياتي ومستحيل ترجع …
-اللي بيحب بيسامح يا عدي ؟!
قالتها ليان بحزن وهي ترى أن اخيها ما زال مصرا على رأيه
-مش أنا صدقيني ..مش انا يا ليان أنا مبعرفش اسامح اللي خدعني وجواهر كسرتني لما كدبت عليا وخلاص طرقنا مع بعض اتقطعت ومستحيل نرجع زي الأول …
هزت ليان رأسها وقالت:
-انت بجد.قاسي اووي يا عدي …متخيلتش تك تكون بالقسوة دي …انت اللي هتندم يا عدي لما حب حياتك يروح منك …احسنلك سامح دلوقتي وعيش حياتك …بلاش تخلي الحقد يسيطر عليك …جواهر لو مكانش غرضها شريف وحاولت تساعد عبير مكانش اتحطت في الموقف ده ..هي بنت طيبة اووي
-ليان خلاص لو سمحتي قولتلك مش عايز اسمع سيرتها في البيت ده ..ممكن ..
تنهدت ليان وقالت:
-اللي تشوفه يا عدي أنا مش هضعط عليك بس خلي بالك انت اللي هتخسر حب حياتك لو استمريت في عنادك …
ثم نهضت وتركته غارق في تفكيره
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تنظر إلى صورته التي اخذتها خلسة من منزله …صورة له وهو أصغر سنا يبتسم بعمق ويبدو أن الحياة لم تضع آثارها البشعة عليه بعد ..ابتسمت جواهر دامعة وهي تمرر كفها على ملامحه …كم اشتاقت له …وكم هو قاسي …أنه يرفض بإصرار ان يسامحها وهي لا تريد الذهاب إليه مرة أخرى كي لا يهينها ويريق كرامتها …أغمضت عينيها وهي تفرغ دموعها بقوة ..قلبها يؤلمها وهو بعيد جدا عنها …تخاف أن تفتح الصحف يوما فتراه قد ارتبط بغيرها..لو حدث هذا سوف تموت بكل تأكيد….
-جواهر ؟!
أخرجها من شرودها العميق صوت والدتها فأخفت الصورة مسرعة في خزانتهاثم مسحت دموعها ورسمت ابتسامة رائعة على شفتيها وخرجت !!!
اتجهت لصالة المنزل حيث والدتها تجلس وقالت :
-نعم يا ست الكل …
فتحت والدتها ذراعيها وقالت:
-تعالي يا بنتي اقعدي معايا بدل ما أنا قاعدة لوحدي كده …تعالي يا بنتي ..
هذا كل ما كانت تريده في هذة اللحظة …أرادت أن تندفع إلى أحضان والدتها وتضمها بقوة ثم تبكي وتبكي. ..تفرغ كل احباطها …غضبها وانهيارها بين احضان والدتها ولكنها لن تفعل هذا …لن تحمل والدتها عبأ آخر …يكفيها معاناتها مع مرضها …
تنهدت جواهر وهي تضمها بقوة وتبتسم ببهوت…
قبلت سوسن رأس جواهر وقالت :
-وحشتيني يا بنت …لما قطعتي بيا حسيت اني وحيدة وضعيفة يا جواهر …عرفت أن وجودك هو اللي بيقويني يا بنتي …متبعديش عني تاني …
احتشدت الدموع بعيني جواهر وقالت بصوت مختنق ؛
-اوعدك مش هبعد تاني ابدا يا ماما …هفضل هنا معاكي …حتي شغل مش هروحه هفضل معاكي وبس .. …..الفترة دي بالذات هقضيها معاكي يا ماما …مش هنشغل بحد ولا هستقبل حد …هبقى معاكي ….هنعمل كل حاجة سوا …هنعوض الايام اللي غبتها عند ،….وعد يا ماما ..ده وعدي ليكي …
ابعدتها سوسن قليلا ثم قبلت رأسها وقالت:
-ياريت يا جواهر …اصلك وحشتيني اووي…عايزة اقضي الباقي من حياتي معاكي يا بنتي …وياريت لو تتجوزي عشان عايزة اشوفك بفتسان الفرح قبل ما أموت ….
احتشدت الدموع بعيني جواهر وقالت:
-بعيد الشر عنك يا ماما ايه اللي أنتِ بتقوليه ده؟!ربنا يديكي العمر الطويل !!!
ابتسمت سوسن وقالت:
-خلاص يا بنتي هناخد زمننا وزمن غيرنا …احنا كبرنا وعيشنا وفرحنا ووقعنا وكوننا ذكريات واتعلمنا دروسنا كويس …خلاص بقا عايزين ايه من الحياة تاني …الوقت ده وقتكم …
قالتها وهي تشد على كفها واكملت بصوت قوي ؛
-عيشي حياتك يا جواهر …عيشها يا بنتي الحياة مبتتعاشش الا مرة واحدة بس .افرحي وانبسطي وحبي وعيشي اللي مقدرتيش تعيشيه قبل كده….روحي عيشى حياتك بالطريقة اللي متاحة ليكي….دي نصيحة مني …
ابتسمت جواهر وقالت:
-الطريقة الوحيدة اللي نفسي اعيش حياتي بيها اني ابقى معاكي يا ماما …ابقى معاكي… للأبد …خليكي معايا متسبنيش يا ماما …
ابتسمت سوسن وضمتها لتنفجر جواهر بالبكاء فتقول سوسن بحيرة :
-الله بتبكي ليه يا بنت أنتِ فيه ايه ؟!
-ضمت جواهر والدتها بشكل أقوى وقالت:
-ماما خليكي معايا متسبنيش …صدقيني أنا مش هقدر اعيش من غيرك …أنا مليش اي حد في الحياة دي غيرك أنتِ ..عشان خاطري خليكي معايا…
انسابت دموع سوسن حزنا على ابنتها المسكينة …لو كان الأمر بيدها لبقت ولكنها اقدار وهي راضية بقدرها ولا تتذمر منه ابدا …
تنهدت سوسن وقالت:
-انا معاكي يا حبيبتي ..معاكي اهو ومش رايحة حتة
تمسكت جواهر بتلك الكذبة ..تلك الكذبة الجميلة هدأت من روعها قليلا
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقفا كل من أمير وعبير أمام البناية التي تسكن بها جواهر …نظر أمير الى زوجته وقال؛
-بعد ما تخلصي رني عليا عشان اجيلك وأخدك ماشي ..
هزت رأسها مبتسمة فأكمل وهو يلمس كفها خلسة :
-رايح احجز النهاردة في فندق هنقضي الليلة هناك ونحتفل براحتنا …
احمر وجهها بقوة ولكنها لم تمسح ابدا ابتسامتها بل ازدادت ابتسامتها تألقاً وقالت:
-تمام ماشي ..
-يالا سلام …
-سلام يا حبيبي …
-حلوة اووي حبيبي منك ..
قالها مشاكسا إياها لتبتسم بحب ..ذهب هو وظلت تتبعه بعينيها حتى ذهب …تنهدت بسعادة وهى تستدير وتدخل بناية جواهر …
…….
وقفت أمام باب المنزل وهي تتنهد ثم طرقت على الباب …فُتح الباب لتظهر جواهر …لم يبدو عليها انها تفاجأت بها أو حتى أنها سررت برؤيتها بل تجهمت جواهر عند رؤيتها وشدت على الباب …
-جواهر انتِ كويسة ؟!
-جاية ليه ؟!
قالتها جواهر ببرود وهي تمسك باب المنزل ولا تسمح لها بالدخول …
عقدت عبير حاجبيها بدهشة وقالت:
-جواهر مالك فيه ايه ؟!فيه مشكلة معاكي ؟!
-قولي مشاكل …من اول ما عرفتك وعرفت ابوكي وانا المشاكل مش سايباني في حالي أبداً …أنا بسببك وبسبب ابوكي بعيش اسوأ ايام حياتي …أنا عملت معاكي خير ملقيتش الا الشر …
احتشدت الدموع بعيني عبير وقالت بإختناق:
-انا اسفة ..اسفة عشان بتعاني بسببي و…
-وانا اصرف اسفك من فين ؟!ها قوليلي من انهي بنك اصرفه…اي حد يغلط في حقي يقولي آسف …كلمة تافهة وباردة …
صرخت بها لتتراجع عبير بتوتر فتكمل جواهر:
-أنتِ وابوكي دمرتوا حياتي …أنا ضحيت بنفسي عشان اهربك وانا اللي خسرت في الآخر …أنتِ اهو اتجوزتي اللي بتحبيه وعايشة مبسوطة وانا اللي بعاني…
-جواهر …
-خلاص اخرسي …اخرسي مش عايزة اسمع كلمة ولا عايزة اشوف وشك …من اليوم انسيني خالص واياكي تقربي مني أو تحاولي تتصلي بيا ..خليكي في حياتك وسيبيني في حالي …
ثم أغلقت الباب في وجهها لتنساب دموع عبير وتقول بخفوت :
-أسفة يا جواهر ..أسفة …
….
خرجت عبير من البناية واتصلت بأمير وهي تخبره الا يذهبا اليوم الي الفندق فمزاجها كان مضطرب بسبب ما حدث مع جواهر وهو لم يزيد في استجوابها فعندما سمع نبرتها المختنقة احترم قرارها
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد مرور يومين …
خرجت من عيادة الطبيب جورج وهي تشعر بالتعب …تفرك.عنقها لتزيل التيبس قليلا وتحاول الإسراع كي تلحق بوالدتها التي تركتها مع ماجدة …لقد عادت للعمل مرة أخرى وبصراحو جور كان متفهم حالة والدتها بشكل كبير ولم يطلبها مباشرة بعد جراحة والدتها بل سمح لها أن تداويها وتراعيها حتي تنهض ثم تتكلم معها …..وهي ابدا لن تنسى له هذا المعروف الكبيرة ….فجأة تجهز وجهها وهي تتذكر لقاءها بوالدة يحيى منذ ثلاث ايام وكيف أنها اهانتها واتهمتها مجددا أنها اغوت ابنها وأنها تلاحقه …صرت على أسنانها بقوة وهي تفكر أن تلك المرأة تتهم دون أن تفكر حتى ..تظن أن والدها احمق لتغويه اي أمرأة..ودائما تسئ الظن بها لأنها كانت خادمة يوما ما …فهي مهما فعلت ومهما تعلمت لن لن تتغير نظرتها أبداً …ستظل ليلى تنظر إليها بتلك الطريقة …ستظل تحتقرها دوما …
تنهدت بحسرة وهي تسرع خطواتها قليلاً كس تلحق بسيارة النقل العام من الشارع الرئيسى …ولكن فجأة توقفت وهي ترى يحيى يقترب منها …تسارعت دقات قلبها وشعرت بالإختناق ..ماذا يريد منها بعد …هل يريدها أن تموت؟!!،الا يكفي إهانات والدته.لها ليأتي هو أيضا …ام يريد أن تراه والدته معها فتكمل وصلة اهاناتها التي لا تنتهي …تضخم صدرها ولمعت عينيها البنية بغضب وهي تنظر إليه ..كم ودت ام تقتله الآن فهي بسببه أُريقت كرامتها وان كان ساعدها وهي ممتنة له ولكنها ابدا لن تسمح أن يهينها اي احد …هي أيضا إنسانة ولها كرامة وشعور !!!
كان يحيى ينظر إلى وجه رانيا المشتعل غضبا وهو متوتر …لا يعرف ماذا يقول بالضبط …يحاول ترتيب الكلمات داخله لكي يقولها ويرتاح …يريدها أن تعرف الحقيقة …أن تعرف انه يحبها!!! لا يريد أن يخفي مشاعره بعد الآن …لا يريد أن يكون جبان ..هو يريد الحصول على حبه …يريد الحقول على المرأة التي يريد كي لا يندم لاحقا …صحيح أن والدتها غاضبة بشدة وخاصة بعد كلمات والده لها …والده الذي سمح له بحرية الاختيار ولم يجبره على شئ وما أن أخبر ليلى على قراره حتى صارت واقسمت أن رانيا لن تكون لها كنة وان أن فعل يحيى هذا وتزوجها سوف تترك البيت وتذهب …حسنا يحيى يعرف والدته هي فقط تهدد وهو يعرف كيف يمتص غضبها ولكن اولا عليه أن يعرض الأمر على رانيا …من حقها أن تعرف أنه أصبح.يبادلها بالحب اخيرا …لقد عرف اخيرا قسوة الحب …أن تراقب أحد ويظل في قلبك وليس هناك أي أمل لجمعكما ..تذوق مرارة العشق ..ولكن هناك جانب آخر من العشق تذوقه …تذوق حلاوة العشق …أن تتسارع دقات قلبه ويبتسم بهيام عندما يتذكر أحدهما …أن يتخيل أن يوما ما سيحمعهما منزل وان وقتها يمكنه التعبير عن حبه كما يريد …تلك الخيالات جعلت السعادة تسكن قلبه…هو اليوم سوف يعترف لها …لن يتركها تذهب حتى تعرف مشاعره نحوها …
انتبه عندما كادت أن تتجاوزه الا أنه وقف بوجهها…رفعت عينيه ونظرت إليه ببرود وقالت:
-ممكن تبعد ؟!لو سمحت يعني ؟!
-عايزة اتكلم معاكي.
قالها وعينيه الزرقاء تركزان عليها …شعرت رانيا أنها محاصرة من قبل عينيه وأنها عاجزة حتى عم الرد ليس الرفض …اخيرا لملمت شتات نفسها ورفعت رأسها وقالت بقوة :
-لا أنا مش عايزة اتكلم معاك ..وعن إذنك خليني اعدي ومش كل شوية تيجي هنا…الناس ممكن تقول علينا ايه ؟!
-ميهمنيش كلام الناس ..
قالها بهدوء لترد بإنفعال:
-بس أنا يهمني …مش عايزة حد يطلع ويقول اللي أنا بحاول اغوي الدكتور المحترم الغني عشان اخد فلوسه ..
عقد يحيى حاجبيه وقال:
-هي امي جاتلك تاني وقالتلك كده ؟!
نظرت إليه مطولا ثم أخيرا تكلمت بهدوء وقالت:
-ميهمش جات ولا لا …بس ده اللي هيتقال يا دكتور ..مقابلاتك الكتير دي ليا ميصحش …شوف أنا مقدرة انك ساعدتني كتير ومهما عملت هيكون قليل قصاد اللي عملته ..كفاية انك كنت سبب انك تنقذ حياة أمي …بعد ربنا امي عايشة بفضلك انت …مش هنسى.ده ابدا …ولا هنسى انك.جيبتلي شغل …بس الصح صح يا دكتور …وقفتنا وكلامنا مع بعض ميصحش خالص …لو حد شافنا هيقول ايه ؟!اقل حاجة هيقولها ان البنت الخدامة بتحاول تغوي الدكتور المحترم عشان فلوسه وسمعتي تتبهدل وانا مش عايزة كده …أنا عايزة اعيش حياتي في سلام ..أنا ورايا مسئوليات كتير اووي ومعنديش طاقة اني احارب كمان الناس اللي بتتكلم عليا …عشان كده يا دكتور لو سمحت متقربش مني تاني ده احسن ليا وليك و …
-أنا بحبك يا رانيا !!!
قاطع كلماتها بقنبلته التي ألقاها بوجهها…اتسعت عينيها بقوة وشعرت أن أنفاسها انحبست في صدرها …حاولت أن تتكلم عدو مرات ولكن الكلمات كانت تتبعثر من فمها …ماذا قال؟!هل قالها حقا؟!هي لا تصدق !!!
-بتقول ايه ؟!
قالتها بصدمة …
فأعاد هو كلمته بكل ثقة وعينيه تتألقان بالسعادة:
-انا بحبك …بحبك يا رانيا..
شحبت وهي تنظر إليه …ماذا يقول هو؟؛كيف يحبها ؟؛ومتي حدث هذا ؟! كانت مشوشة ومصدومة …
-ازاي ؟!وامتى….
كانت تردد بغباء وعينيها متشبعة بالغيرة …
هز كتفه بهدوء وقال؛
-صدقيني معرفش أنا لقيت نفسي بحبك…قاومت كتير اعترف بده بس فشلت …فشلت واهو أنا بعترف ..أنا بحبك يا رانيا ومحبتش غيرك وعايزك في حياتي ..عايزك رغم كل حاجة …رغم الاختلاف ورغم أمي …ورغم الكلام اللي هنواجه …بس انا مش خايف مادام مش هعمل حاجة غلط أنا عايز اتجوزك على سنة الله ورسوله ..وقتها هتبقي مراتي ومحدش هيقدر يمس شعرة منك…
بدت تلك الكلمات منه رائعة…كلمات اذابت قلبها وجعلتها تفكر في مستقبل فعلي لهما ولكن فجأة سيطرت كلمات والدته عليها …والدته التي لن تقبل ابدا ان تكون رانيا كنتها وسوف تتعذب معها وهي لا تريد هذا …هي تبغى الراحة في حياتها …لا تريد أن تتصارع مع احد…ثم أنها تشك بمشاعر يحيى الحقيقة …يستحيل أن يكون هذا حب !متى احبها ؟!الم يرفضها من قبل ويحطم قلبها …إذن متى دق قلبه لها …هل يمكن أن تكون مشاعره لها مجرد شفقة لحالها ؟!..قد يكون اختلط عليه الأمر وظن أن الشفقة هي حب …
-رانيا ردي عليا بقولك بحبك وعايز اتجوزك !
-ليه ؟!
سألت ببهوت فقال بحيرة :
-ايه هو اللي ليه بقولك بحبك ..
-أنت رفضتني قبل كده .
قالتها بنبرة مرتعشة فقال مبررا :
-مكنتش بحبك وقتها بس دلوقتي حبيتك …
هزت رأسها بأسف وقالت:
+مش مصدقة ده حب…ممكن اكون انا صعبانة عليك فبتقول كده ..ده مش حب يا دكتور ..انصحك تدور على الناس اللي شبهك …
ثم كادت أن تتجاوزه الا أنه امسك ذراعها وقربها منه دون اهتمام بمكان وجودهما..
-دكتور انت بتعمل ايه ؟!
قالتها وجنتيها اصطبغا باللون الأحمر من شدة الخجل …هدر فيها يحيى بإنفعال عاطفي:
-انا بقولك بحبك …بحبك ..انتِ مبتفهميش….شفقة ايه اللي بتتكلمي عليها ..مش هتعرفي مشاعري اكتر مني ..أنا بحبك وهتجوزك…انسي تكوني لغيري …
دفعته بغتة وهي تهرب من أمامه وقلبها يقفز داخل صدرها…..لابد أنه فقد عقله تماما!!!لا يمكن أن يكون قد احبها …هذا مستحيل !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء
في مركز التحميل
-انا مش مصدقة أن خطوبتك قبل فرحي …ده انا افتكرت أني هحضر خطوبتك وانا متجوزة فؤاد وفي شهر العسل.
قالتها نسرين وهي تضحك بينما تنظر إلى ليان التي تجلس على المقعد بينما ماريانا تضع لها مساحيق التجميل …
ابتسمت ليان وقالت :
-معلش يا بيبي نصيب وبعدين فرحك بعد يومين وأنتِ اللي طلبتي تأجليه مش فؤاد الراجل كان مستعد يتجوزك في الليلة اللي رجعك فيها يوسف …
ابتسمت ماريانا وقالت:
-يووه متجبوش سيرة اليوم ده كل أما افتكره جسمي بيترعش من الخوف …
ضحكت ليان وقال:
-شكلك مش متعودة على الاكشن يا ماريانا …شكل حياتك هادية شوية …
-تقصدي مملة .
قالتها ماريانا وهي تضحك ..وخلف ضحكتها كان ألم كبير لم يلاحظه أحد منهما …
تدخلت نسرين وقالت:
-لا بصراحة يا ماريانا احنا حياتنا كلها اكشن وضرب ومسدسات وخناقات مش مملة ابدا …
-يعني اقول يا بختكم ..
قالتها ماريانا ضاحكة لتهز نسرين كتفيها وتقول:
-هي حاجة حلوة وحاجة وحشة في نفس الوقت يا ماريانا يعني الملل الأوفر مش كويس والاكشن الأوفر برضه مش كويس…أنا بقا حياتي اكشن اوفر ….
-هانت كلها يومين وتبقي مع حبيب القلب فؤاد وتبقى حياتك رومانسية اوفر ..
قالتها ليان وهي تضع كفها على قلبها لينفجرا الثلاثة من الضحك فتقول ماريانا :
-أنتِ مصيبة يا ليان ..
-عارفة .
قالتها بغرور مصطنع ..حل الصمت قليلا في المكان وماريانا تؤدي عملها بمهارة ولكن قاطع هذا الهدوء رنين هاتف نسرين ..نظرت إليه لتراه فؤاد …تألقت عينيها وأشرق وجهها. ه أمسكت الهاتف ونهضت بلهفة كي ترد عليه في الخارج …
….
بعد أن خرجت من الغرفة التي بها ليان ردت نسرين وقالت:
-ايوة يا حبيبي.
ابتسم فؤاد وهو يقود سيارته ويقول:
-وحشتيني اووي يا نسرين.
-وأنت كمان يا حبيبتي وحشتني …
ضحك وقال:
-لو كنت اعرف اني هسمع الكلام الحلو ده بعد كتب الكتاب كنت كتبته من بدري مش امبارح …عموما يا حبيبي كنت متصل اقولك أن بعد خطوبة ليان أنا وأنتِ هنتعشى سوا ..حابب اتكلم معاكي شوية …
-ماشي عيوني ..
-تسلم عيونك يا حبيبي يالا سلام ..
-سلام ..
اغلقت الهاتف وهي تضمه لقلبها ..كم هي سعيدة …سعيدة للغاية. …عندما اعترفت بالحب لفؤاد والحياة ابتسمت لها …فهو يعاملها كالأميرات …يغازلها بطريقة تذيب القلب …أنها بكل تأكيد تحب فؤاد ولك تحب غيره …ومشاعرها نحو يوسف كان وهم ..احتياج ربما ..لكن حب لا …لا تعتقد فالحب اقوى …المشاعر التي تحسها نحو فؤاد اقوى من اي شئ شعرته من قبل ..تنهدت أخيرا وهي تتذكر أن يوسف قد ترك البلاد بالأمس وغادر …كان يخطط قبل مدة بالرحيل من البلاد معها ولكنه تراجع وتركها وهذا جعل فؤاد يتنازل عن المحضر الذي حرره ضده لكي يسافر دون أن يوقفه أحد …وبالفعل ذهب وخرج من حياتهما للأبد ..وهي مرتاحة لقراره هذا على الأقل سوف يبدأ من جديد بعيدا عنها …
وضعت هاتفها في جيبها وهي تستعد للدخول الى الغرفة الموجودة بها ليان …لابد أن ماريانا كادت أن تنتهي وهي تريد أن ترى ليان وهي عروس …كم هي متحمسة لهذا ….ولكن فجأة توقفت وباب المركز يُفتح ويدخل موسى …
-أنت بتعمل ايه هنا؟!مفروض تيجي بعد ساعتين تاخدها مش دلوقتي خالص …
كان وجه موسى متجهك وهو ينظر إلى نسرين ويقول لها :
-عايز اشوف ليان …عايز اكلمها ضروري !!!
…..
بعد قليل ..
في الغرفة التي كانت تجهز فيها ليان وجهها كانت تقف أمام موسى ..تبتسم له وتقول بمشاكسة ؛
-ايه مش قادر تصبر ساعتين اخلص وبعدين اجي معاك …معنديش مانع اني اهرب معاك دلوقتي ايه رايك …
نظر موسى إليها وقال بنبرة مرتعشة :
-ليان أنا مش هقدر اتجوزك …أنا هلغي الخطوبة !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تشعر بضيق غريب اليوم وهي تعرف السبب …فهي لم تلتزم بما قاله الشيخ أمجد …لم تسمع الرقية الشرعية حتى أنها لم تقول وردها ولم تصلي صلاة العشاء …رغم أن ياسين بنفسه كان يتأكد من أنها تفعل كل تلك الأشياء ولكنه يبدو أنه عندما رآها تتحسن تجاهل الموضوع تماما حتى أنه بدأ يقصر في الصلاة …تنهدت بتعب وهي تسير بصعوبة خارج المطبخ وتترك ما بيدها…كان الألم يعصف بها إضافة إلى ذلك الشعور الغريب الذي تشعر به …تشعر وكأن المنزل يضيق بها …تريد أن تصرخ وتهتف بإسم ياسين ولكنها غير قادرة على هذا بالمرة ….
اخيرا وصلت إلى صالة المنزل ووجدت ياسين جالس على الأريكة يتابع التلفاز بهدوء
-ياسين …
قالتها ورد بنبرة ضعيفة لينظر إليها ياسين بقلق وينهض وهو يراها في تلك الحالة …
-مالك يا حبيبتي فيه ايه ؟!
قالها بهلع وهو يقترب منها ويمسكها من كتفها لترد هي بتعب :
-ياسين الحقني حاسة بخنقة شديدة اووي..وأ.لم شديد في معدتي ..حاسة اني هموت …
-يا خير ..طيب ارتاحي يا حبيبتي هنا.
ثم جعلها تتسطح على الأريكة وذهب بسرعة وأحضر كوبا من الماء وهو يقول بينما يساعدها كي تشربه ..
-اشربي شوية ماية طيب ..
هزت رأسها وقالت:
-حاضر ..
ثم بدأت بشرب المياه ولكن فجأة أبعدت كفه وهي تتقئ على الأرضية بشكل كثيف …
-ورد …
قالها ياسين بهلع لتقع هي على الأرض وتمسك بطنها وتصرخ بألم …توسعت عيني ياسين برعب وهو يجد ان فستانها البيتي تلوث بالدماء!!!
-ياسين أنا بجهض.!
قالتها ورد برعب
يتبع….
(أحبيني لا تتركيني)
دعيني اؤسس دولة عشق
تكوني انت الملكة فيها
واصبح فيها انا اعظم العاشقين
دعيني اقود إنقلابآ ..
يوطد سلطة عينيك بين الشعوب
دعيني اغير بالحب وجه الحضارة
انت التراث الذي يشكل في باطن
الارض .. منذ ألوف السنين.
احبك …..
كيف تريدين ان ابرهن ان حضورك
في الكون مثل حضور المياه..
ومثل حضور الشجر.
وانك زهرة دوار شمس-
وبستان نخل.. واغنية ابحرت من
وتر.
دعيني اقولك بالصمت.
حين تضيق العبارة عما اعاني
وحين يصير الكلام مؤامرة اتورط
فيها.
وتقدوا القصيدة أنية من حجر.
دعيني اقولك ما بين نفسي وبيني
وما بين اهداب عيني وعيني.
دعيني اقولك .. بالرمز .
ان كنت لا تثقين بضوء القمر.
دعيني اقولك..بالبرق او برزاز
المطر.
دعيني اقدم للبحر عنوان عينيك
إن تقبلي دعوتي للسفر.
لماذا احبك ؟
إن السفينة في البحر لا تتذكر
كيف احاط بها الماء..
لا تتذكر كيف اعتراها الدوار.
نزار قباني ♥️
♡♡♡♡♡♡♡♡
ايه الهزار البايخ ده يا موسى …بطل تهزر بالرخامة دي .!!
قالتها وهي تضربه على كتفه بينما تضحك بمرح ولكن لم يخفى عنه نظرات القلق بعينيها ….
نظر إليها والشعور بالذنب يمزقه…ما ذنبها أن يكسرها الآن في أهم يوم في حياتها…ازدرد ريقه وقال :
-اسف يا ليان بس مفيش خطوبة ..انا آسف سامحيني …ربنا بإذن الله يعوضك بالأحسن مني بكتير …أنا مش مناسب ليكي …وعرفت انك مش مناسبة ليا …مفيش خطوبة يا ليان. .ده قراري النهائي ……
-يعني ايه مفيش خطوبة ؟!
قالتها ليان بنبرة مرتعشة ثم أمسكت ياقتي قميصه وأخذت تهزه بقوة والدموع تطرف من عينيها :
-انطق يا موسى يعني ايه مفيش خطوبة ..ايه اللي انت بتقوله ده ..حرام عليك انت كده بتد.مرني …
تجمعت الدموع بعينيه وقال :
-أسف …أسف …
دفعته وصرخت وهي تضربه على صدره :
-أسف !!!ببساطة كده هو انت دوست على رجلي …انت كـ سرت قلبي …جاي عشان تشوه صورتي وتخلي الناس تقول عليا أن الراجل اللي بحبه سابني قبل خطوبتي بدقايق!!!ده قلبي يا موسى ..قلبي اللي اتكـ سر وانت بتقولي اسف …
دعك عينيه بتعب والأ لم يعصف به ثم نظر إليها وقال بأسف شديد:
-أنا مبحبكيش يا ليان …اكتشفت أن طول حياتي محبتش الا روان وأنا مقدرش اربط نفسي بواحدة مبحبهاش …أنا أسف!!!
نظرت إليه بذهول …رباه لابد أنه يمزح …لا يمكنه أن يكون جاد ….كيف يمكنه فعل هذا بها كيف ؟!!!…رباه أنها تختنق …انها تموت بالفعل وهو ينظر إليها بتلك الطريقة …بحثت عن الحب بعينيه ولم تجده …الشعور بالذنب في عينيه كان يطغي على كل شىء
وضعت كفها على قلبها وهي تتنفس بصعوبة …تشعر أن العالم يضيق بها …فجأة ضحكت بقوة ودموعها تنهمر من عينيها…أمسكته من قميصه وقالت:
-أنت بتكدب عليا ..انت بتخدعني… بتحاول تخوفني صح ؟!عايز تخضني صح ؟!انت متعملش فيا كده يا موسى …أنت بتحبني أنا…بتحبني ومستحيل تجرحني بالشكل ده حرام عليك …أنا كده ممكن أموت فيها …
-اسف …اسف …
كانت دموعه تنهمر وهو يقولها…..نظرت إليه وكأنها فقدت عقلها وصرخت :
-بطل تقولي اسف …بطل ….اعمل ايه انا بأسفك أنطق ؟! انت جاي دلوقتي تقولي مبحبكيش …مكتشفتش ليه من بدري …هو انا لعبة في ايديك يا موسى عشان مرة تحبني وتقرب ومرة تبعدني عنك …حرام عليك أنا هموت دلوقتي حرام …
كانت تصرخ وهي تبكي ….
-ربنا هيعوضك خير ..
قالها موسى وهو يهرب سريعا خارج الغرفة لتركض خلفه وهي تقول ببكاء :
-لا يا موسى متسبنيش ..حرام عليك متسبنيش
-ليان …
قالتها نسرين بصدمة وهي ترى صديقتها تخرج من الغرفة وتركض خلف موسى ….
خرج موسى مسرعا من مركز التجميل واستقل سيارته سريعا وذهب …خرجت ليان أيضا وما أن رأته غادر حتى سقطت أرضا وارتفع حدة صراخها ..
-موسى …موسى !!!
-ليان فيه ايه يا حبيبتي …فيه ايه ؟!
قالتها نسرين وهي تقترب من ليان وتضمها بفزع بينما كانت تقف ماريانا خلفهما وهي تضع كفها على فاها وعينيها تدمعان …
-موسى سابني يا نسرين…سابني …قالي أنه مبيحبنيش….جاي يكتشف دلوقتي أنه مبيحبنيش ..دلوقتي …..
طفرت الدموع من عيني نسرين وهي تضمها أكثر بينما ليان تبكي وتصرخ ….تشعر ان قلبها ينفطر من الألم ….ضمتها نسرين أكثر وهي تقول :
-اهدي …اهدي يا ليان …
…………
بعد قليل …..
وصل عدي الى مركز التجميل وهو يلهث بقوة …يتذكر اتصال نسرين به وقد أخبرته بإختصار ما حدث ….
-ليان …فين ليان ؟!
قالها ما أن دخل المركز لماريانا التي تجلس بالخارج …
-في الاوضة اللي جوا ..اتفضل حضرتك …
هز رأسه وهو يلج إلى الغرفة بينما جلست ماريانا مكانها وهي تتنهد بقوة ….تلك المسكينة …أنها محطمة …أن تعشق من يحطمك هو الهلاك بعينيه
..هي تعرف هذا الشعور جيدا …مسحت الدموع التي انسابت من عينيها ثم نظرت إلى خلفية هاتفها والتي كانت صورة لجورج اخذتها خلسة …كان يبتسم بسعادة …نادرا ما يبتسم عندما تكون موجودة ….يستغل أي فرصة ليخبرها أنه تزوجها رغما عنه وأنه لا يحبها وآخر مواجهة بينهما قررت انها لن تحاول مجددا وبالفعل الفترة الأخيرة تجاهلته ولكن حتى التجاهل لم يأتي بفائدة …تنهدت بتعب أنها تعيش مع رجل الثلج حرفيا !!!!!
…….
-ليان !!!
قالها عدي بفزع وهو يجد شقيقته تبكي بين ذراعي صديقتها …
ابتعدت نسرين عن ليان قليلا ثم قررت الخروج لتتركهما بمفردهما…
ما أن خرجت نسرين حتى نهضت ليان واتجهت إلى عدي وهي تندفع بين ذراعيه وتقول :
-سابني يا عدي …سابني في يوم خطوبتي …سابني …بيقول أنه مش بيحبني …بيقول أنه محبش غير روان…طيب وانا ايه…ليه يوهمني بالحب وبعدين يكـ سرني يا عدي ليه ؟!!
-ليان ..
قالها عدي بإختناق وهو يضم شقيقته الصغيرة ..كم يؤلمه قلبه لأنها تتألم بتلك الطريقة…لقد فعل المستحيل كي تظل سعيدة دوما ولكنه فشل …لقد تحطم قلب شقيقته الصغيرة …..
-أنا اسف يا ليان … أسف ..حقك عليا أنا …
-انا هموت يا عدي …أنا عايزة اموت مش عايزة اعيش تاني خلاص …
أبعدها قليلا وعانق وجهها وقال :
-وتسبيني …يعني موسى اهم مني …سابك يبقى هو حقـ ير وأنتِ هتنسيه وهتتجوزي اللي احسن منه بس متجبيش سيرة الموت على لسانك متوجعيش قلبي …
-انا قلبي واجعني اووي يا عدي …بفكر أنا عملتله ايه عشان يعمل معايا كده بس مش لاقية أي تفسير …ده انا حبيته اكتر من حياتي …كنت مستعدة اعمل اي حاجة تسعده …ليه الناس اللي بنحبها بتعمل فينا كده يا عدي …هو ده غلطنا اننا بنحبهم … غلطنا اننا بنخلي سعادتهم مسؤوليتنا…ليه عمل فيا كده ؟!ليه مفتكرش أنه بيحب مراته بس قبل خطوبتنا …ليه يكسر فرحتي في اليوم اللي حلمت بيه كتير يا عدي …أنا عمري ..عمري ما هسامحه ..أنا هكرهه يا عدي …زي ما حبيته في يوم من الايام هكرهه …زي ما حبيته اكتر من حياتي هكرهه قد الحب اللي حبتهوله …هو ميستاهلش ابدا قلبي …ميستاهلهوش
-فعلا هو ميستاهلش لا حبك ولا دموعك يا ليان …
ثم مسح دموعها وقال :
-يالا نروح البيت …
انهمرت دموعها مجددا وقالت:
-عدي الضيوف اللي في القصر عشان الخطوبة هنقولهم ايه …أنا مش عارفة هروح هناك ازاي واقولهم أن موسى سابني قبل الخطوبة …أنا …
-ششش ..
قالها عدي وهو يملس على شعرها ثم أكمل :
-انا هتصرف مع الضيوف دوول انتِ متقلقيش بس تعالي معايا يالا عشان نروح البيت مينفعش نقعد هنا اكتر من كده …
هزت رأسها ثم قالت وهي تنظر إليه :
-آسفة يا عدي …
عقد حاجبيه بحيرة وقال:
-بتعتذري ليه ؟!
بكت وهي تقول :
-آسفة اني وقفت قصادك عشانه هو …قولت كلام صعب عشانه …هو طلع ميستحقش …سامحني يا عدي …
قبل عدي رأسها وقال:
-انا عمري ما ازعل منك يا ليان ..أنتِ حتة مني …أنتِ اختي يا مهلبية …اغلي حد في حياتي كلها ومستحيل ازعل منك ابدا …يالا على بيتنا دلوقتي ..يالا يا حبيبتي ..
هزت ليان رأسها واتكأت على عدي وخرجت لتذهب لمنزلها ولكن الألم الذي في قلبها لم يقل بل أخذ يزداد مع مرور الوقت !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كان يقف أمام غرفة العمليات …القلق ينهش قلبه …مازال يتذكر كيف أنها سقطت بين ذراعيه كالورقة البالية …لقد شعر بالهلع …لم يفكر في الطفل حينها …كانت هي تشغل باله …يخاف الحياة بدونها ….
-ياسين ….
كان هذا صوت والدته المضطرب …نظر ياسين الى والدته بعينين حمراء من فرط الجهد الذي يبذله لكي لا ينهار …وما ان اقتربت منه حتى ارتمى بين ذراعيها وأجهش بالبكاء وهو يقول :
-ورد يا ماما …ورد هتضيع مني !!!
ضمته والدته اكثر بهلع وهي تقول :
-ايه اللي حصل طيب ؟!
ولكنه لم يرد بل استمر في البكاء كالأطفال …فكرة انه يخسرها تقتله …انه يحبها …انها اهم شخص لديه كيف يمكن أن يخسرها …يخسر حبيبته…
-ياسين …ياسين يا بني انت بتخوفني …أنا مرضتش اتصل بوالدة ورد زي ما قولتيلي …هو الوضع خطير كده.يا ابني ولا ايه ؟!…
ابتعد ياسين قليلا وهو يمسح دموعه وقال بصوت مرتعش :
-معرفش ايه اللي حصل يا أمي …فجأة وقعت بين ايديا ولقيتها بتنزف …قالت انها بتجهض جبتها هنا ودخلوها عمليات مستعجل …أنا مرعوب يا أمي…حاسس ان الحياة ضيقة اووي مش عارف أعمل ايه ….هي بتضيع من بين ايديا …أنا ….
-أنت كملت اللي طلبه منك الشيخ أمجد ؟!
سألته والدته فجأة ..كانت لهجتها صارمة ولا تتوافق مع الموقف الحالي ….
أطرق ياسين برأسه وقال :
-لا…أنا حسيت انها بقت كويسة ف…
-فقررت تبطل من نفسك …وطبعا بعد ما التزمت في الصلاة رجعت تقطع فيها تاني …ليه.يا ابني يكون الحل في إيديك وتضيعه منك ليه يا ياسين …
شعر ياسين بالإختناق …نعم هو السبب هو من أهمل رغم تحذيرات الشيخ أمجد له ولكنه المخطئ الآن …
دعك عينيه بتعب لتحاول والدته ان تهدأ من نفسها قليلا وربتت على كتفه وتقول:
-ورد هتبقى كويسة بإذن الله يا ابني متخافش عليها ربنا يحميها هي وابنك ..
-هي السبب …هي السبب …
قالها ياسين بحقد وغضب…لتنظر إليه والدته فيكمل وهو يطحن أسنانه ..:
-جوري هي السبب في كل حاجة …هي اللي عايزة تدمر حياتي مع مراتي…هي اللي بتعمل السحر ده عشان تفرقني عن ورد …أنا فعلا مصدقتش قبل كده ان ممكن جوري تكون بالرخص والجنان ده بس فعلا طلعت مجنونة ومختلة ورخيصة …كل اللي نفسي اعمله دلوقتي اني اروح اخنقها …نفسي اقتلها واخلص منها ..نفسي …
-لا يا ابني لا …
قالتها والدته بخوف …كانت مرتعبة من ان يتهور ويفعل أي شئ يورطه بالمشاكل…فهي لا تريد أن يتورط ابنها بسبب تلك المرأة لقد شكرت الله لانه طلقها وابتعد عنها هو وابنته …وهي غير مستعدة أبدا ان تخسره …
– لا يا أمي مش هنرتاح الا لما تموت …لا أنا ولا أنتِ ولا ورد ولا حتى ياسمين …محدش فينا هيرتاح الا لما جوري تموت!!
وضعت والدته كفها على قبلها بفزع وهي تنظر الي الغضب والحقد بعيني ابنها وعرفت إنه يفكر في هذا بالفعل …إنه ليس مجرد مزاح او تهديد فارغ …ياسين يفكر في فعل هذا بالفعل …
ادارته إليها وقالت بصرامة :
-ياسين اسمعني وبصلي كويس …حط كلامي ده حلقة في ودنك يا ابني …ابعد عن جوري…متفكرش تقرب أو تأذيها …يا ابني متورطش نفسك بسببها ومتوجعش قلبي عليك ولا توجع قلب مراتك …فاكر يعني لما تأذي جوري وتدخل السجن احنا كده هنرتاح؟!بنتك هترتاح ولا مراتك المسكينة دي …فكر في عيلتك يا ياسين قبل ما تفكر تعمل اي حاجة ممكن تأذيك وتضيع كل حاجة …بلاش تخلي الشيطان يسيطر عليك …حكم عقلك واعرف ان اللي مع ربنا محدش هيقدر يأذيه…حافظ على صلاتك وأعمل اللي قاله الشيخ أمجد ومحدش هيقدر يأذيك …يا حبيبي اللي معاه ربنا ميخافش …خليك مع ربنا يا ياسين متبعدش عنه انت محتاجله ..دايما محتاجله متضيعش نفسك بإيدك ….
هز ياسين رأسه وهو يمسح بقايا الدموع من على وجهه فجأة خرج الطبيب من غرفة العمليات ليقترب منها بلهفة وقلبه يدوي داخل صدره …
-مراتي يا دكتور …
قالها ياسين والدموع تلسع عينيه ابتسم الطبيب في وجهه وقال:
-الحمدلله وقفنا النزيف والام والجنين بخير بس تحذير لازم لحد الولادة ترتاح راحة تامة وتبعد عن أي ضغط …تفضل نايمة على ضهرها علطول ومتقومش الا للضرورة القصوى وتتغذي كويس وطبعا أي سفر ممنوع لحد ما تولد بالسلامة بإذن الله كمان شوية هننقلها أوضة عادية وبعدين تقدر تزورها وبكرة تخرج للبيت ..
أطلق ياسين أنفاسه براحة وابتسم للدكتور وهو يصافحه وقال:
-شكرا …شكرا اووي يا دكتور…
-العفو يا أستاذ ياسين سلامة المدام ..
ثم تركه وغادر ليستند ياسين على الحائط وهو يغمض عينيه براحة ويقول بينما يضع كفه على صدره .:
-الحمدلله …الحمدلله يارب …
…….
بعد قليل …
تم نقل ورد الى الغرفة وذهب ياسين إليها ….
…..
دخل بقلب مرتجف الى غرفتها بالمشفى …كان نائمة على الفراش الأبيض …لم يرغب بإيقاظها ولكنه اراد البقاء معها قليلا …الخوف من خسارتها جعله يفكر بأشياء غير معقولة …ابتلع ريقه وهو يقترب أكثر ثم جذب كفها إليه وقبله برفق شديد ثم اتجه الى جبهتها ووضع قبلة لطيفة عليها ولم يسيطر على الدموع التي تحررت من عينيه وسقطت على وجهها …فتحت ورد عينيها وهي تشعر بوجودة …ابتعد ياسين قليلا وهو ينظر إليها بلهفة …عقدت حاجبيها بحيرة ومدت كفها وهي تمسح دموعه وقالت:
-بتبكي ليه ؟!
-عشان افتكرت أني خسرتك يا ورد ….كنت خايف مشوفكيش تاني ….
ابتسمت ورد وقالت :
-انا هنا يا ياسين مش هبعد عنك …هفضل طول عمري معاك …
-ده وعد ..
قالها وهو يشد على كفها بيد ويمسح دموعه باليد الآخرى …هزت رأسها بتعب وقالت:
-وعد يا ياسين ..عمري …عمري ما هبعد عنك …هبقى معاك دايما…أنت حب حياتي…مستحيل ابعد عنك ..
ضحك ودموعه ما زالت تطرف من عينيه:
-أنا همضيكي على اقرار بالكلام ده عشان لو فكرتي تبعدي عني وتمشي هحبسك …حتى لو اتصرفت بسخافة كالعادة متمشيش عشان بعدها هاجي اعتذر منك وحتى لو زعلتك برضه متمشيش عشان هعرف اصالحك برضه أنا هصلح نفسي اكتر عشان مزعلكيش تاني وتمشي بس تبقي معايا …مش عايز نفترق ابدا …
-حاضر …عيوني …
ابتسم لها وقال :
-أقولك.شعر ..
-قول يا باشمهندس…
قالتها مبتسمة ليقول هو
(دعيني اؤسس دولة عشق
تكوني انت الملكة فيها
واصبح فيها انا اعظم العاشقين
دعيني اقود إنقلابآ ..
يوطد سلطة عينيك بين الشعوب
دعيني اغير بالحب وجه الحضارة
انت التراث الذي يشكل في باطن
الارض .. منذ ألوف السنين.
احبك …..
كيف تريدين ان ابرهن ان حضورك
في الكون مثل حضور المياه..
ومثل حضور الشجر.
وانك زهرة دوار شمس-
وبستان نخل.. واغنية ابحرت من
وتر.
دعيني اقولك بالصمت.
حين تضيق العبارة عما اعاني
وحين يصير الكلام مؤامرة اتورط
فيها.
وتقدوا القصيدة أنية من حجر.
دعيني اقولك ما بين نفسي وبيني
وما بين اهداب عيني وعيني.
دعيني اقولك .. بالرمز .
ان كنت لا تثقين بضوء القمر.
دعيني اقولك..بالبرق او برزاز
المطر.
دعيني اقدم للبحر عنوان عينيك
إن تقبلي دعوتي للسفر.
لماذا احبك ؟
إن السفينة في البحر لا تتذكر
كيف احاط بها الماء..
لا تتذكر كيف اعتراها الدوار.
نزار قباني )
-واو قصيدة طويلة حفظتها لوحدك ومن غير ما تغلط دي معجزة تستحق الاحتفال …
-أنتِ المعجزة الوحيدة في حياتي اللي تستحق الاحتفال يا ورد …
ابتسمت له وفتحت يديها لينهض هو ويضمها بقوة…. ويقول:
-بحبك يا ورد ..
-وانا كمان يا حبيب ورد …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
كانت ما زالت تجلس على فراشها بتعب وهي تفرك عينيها الحمراء من قلة النوم …ما أخبرها به يحيى بالأمس جعل النوم يطير من عينيها وجعلها تتقلب الليل كله …تنهدت بتعب وهي تتراجع على الوسادة محاولة النوم إلا أن كلمات يحيى ما زالت تدوي في عقلها …كييف يحبها …كيف ؟!ومتي حدث هذا ؟ عندما سألته لم تقتنع بجوابه واخبرته بصراحة ان تلك ليس الا مجرد شفقة ولكن عينيه كانت تكذب كل كلامها …المشاعر في عينيها جعلت قلبها يصرخ داخل صدرها وجزء ضئيل داخلها شعر بالسعادة ولكن عقلها أخبرها الا تصدق هذا …أخبرها الا تحيد عن طريقها بعد ان وجدته …هي وجدت طريقها…فقد قدمت في مدرسة التمريض وتعمل الآن لدى جورج الذي يساعدها ووالدتها تتحسن …حياتها تستقر فهي ليست محتاجة الآن لعمها او لأموال عمها …فكيف تضحي بكل هذا وتعرض حياتها للتشتت مرة الآخرى …كيف تضحي بكل هذا بكل غباء من اجله…فهي بعد ان وجدت أرضا ثابتة تقف عليها ..تعرض نفسها لخطر أن تقع في الهاوية مرة آخرى …إن وافقت على يحيى ستضطر لمواجهة والدته وسوف تكون هي الخاسرة في تلك الحرب ..فهو بكل تأكيد لن يفضلها على والدته ولا يجب أن يفعل هذا …ستحدث الكثير من المشاكل وهي لا تريد هذا بكل بساطة …تريد أن تعيش حياتها في هدوء دون صراع او حرب …ولا تريد أن تعرض والدتها للإهانة …ومشاعرها هي سوف تتعامل معها فليست هي أول فتاة ينكسر قلبها. ..ولا أحد يموت بسبب ان قلبه تحطم سوف تكون بخير …تنهدت بضيق والنوم يرفض القدوم لذلك نهضت وقررت ان تستحم وتنجز بعض الأعمال المنزلية بما ان اليوم هو اجازاتها ……
…..
بعد قليل خرجت من الحمام وهي تجفف شعرها جيدا ثم اتجهت للمرآة الصغيرة وقامت بتمشيطه وربطه في هيئة كعكة وذهبت الى المطبخ لتعد لها الإفطار فالساعة ما زالت السابعة والنصف صباحا ولا تظن ان والدتها سوف تستيقظ الآن ….
…..
بعد قليل …
كانت جالسة على المقعد بالصالة تمسك شطيرة الجبن وكوب الشاي ..لقد نفذ العيش لذلك سوف تذهب للمخبز لإحضاره والحمدلله انها استيقظت مبكرا …..
انتهت من الإفطار وارتدت العباءة السوداء ومشطت شعرها في ذيل حصان وخرجت ….
…….
بعد نصف ساعة تقريبا كانت قد احضرت الخبز واتجهت عائدة الى المنزل ….ولكن تجمدت فجأة وهي تراه يقف أمام منزلها…اتسعت عينيها بقوة وهي تنظر الى هاتفها الصغير لتجد ان الساعة الثامنة والنصف ..ما الذي أتى به في هذا الوقت ؟!!تساءلت بصدمة ثم اقتربت منه بخطوات مسرعة وقالت وهي تتنفس بضيق :
-انت …انت بتعمل ايه هنا ؟!جيت ليه ؟!!افرض حد شافك يقول ايه دلوقتي ….
كانت غاضبة بشدة …وجهها محمر من الغضب وهي تنظر إليه بدون رضا …المجنون كيف يأتي الى هنا …كيف يورطها ويعرضها للقيل والقال ففي هذا الحي ان راى احدهما يحيى هنا يقف بجوارها لن تنجو من كلماتهم السامة…بالتأكيد سوف يتبلون عليها وآخر ما تريده الآن هو ان يتحذث احد هنا فوالدتها مريض ولن تتحمل ان يتكلم احدهما في عرض ابنتها …
من ناحية آخرى كان يحيى يقف وهو ينظر إليها …يعرف ان ما يفعله هو الجنون نفسه ولكنه لا يسيطر على تصرفاته مؤخرا وهذه ليست عادته لطالما كان رزين يعرف ما يفعله ولكن هي تجبره على فعل أمور جنونية …فهو من المفترض ان يكون بالمشفى الآن ولكن رغم ذلك وجد نفسه يتجه نحو منزلها وهو لا يعرف من الأساس لماذا اتى الى هنا لقد قرر الوقوف قليلا ليراها ثم يذهب ولكن هي رأته ماذا الآن وكيف سيبرر موقفه هل يقول لها انه لم ينام بالأمس وهو حائر ورفضها له جعله يختنق أكثر …لقد اخبرته ان حبه مجرد شفقة منه ولكنه متأكد ان الأمر ليس شفقة أبدا …الشفقة هي آخر شئ قد يشعر به نحوها …لا يجب أن يشفق احد على امرأة قوية مثلها …امرأة مصممة على الاعتماد على نفسها …رفضت عرض عمها في أحلك ظروفها ولم ترضخ لعرضه الدنئ بل قاومت وحاربت ومازالت تقاوم لتكون الأفضل …فكيف يشعر بالشفقة على أمراة مثلها …هي تستحق الإعجاب وليس الشفقة !!!!!
-دكتور يحيى !!!!
اخرجته من شروده وهي تهتف بإسمه بنفاذ صبر وعينيها البنية تتحركان بإضطراب خوفا من أن يراهما أحد معا …
نظرت إليه والنيران تندلع من عينيها وقالت:
-دكتور يحيى ايه اللي حضرتك بتعمله ده ؟!!ها قولي ؟!! .
-انا عايز اتكلم معاكي …
قالها بهدوء ولكن داخله كان أبعد بكثير عن الهدوء …
كادت أن تجن وهي تنظر إليه فقالت :
-دكتور يحيى مين…
ولكنه قاطعها وهو يقول بهدوء :
-جمب عيادة جورج فيه كافيه هستناكي فيه الساعة 11 الضهر عشان نتكلم ..مش هضيع من وقتك كتير …أنتِ لازم تسمعيني للآخر لاني مش هسيبك الا لما تسمعيني …
ثم بهدوء وبعد ان زلزلها استقل سيارته وأنطلق بها !!!!!!
هزت رأسها وقال بغضب:
-ده أكيد مجنون…أعمل ايه دلوقتي انا ياربي !!!
ثم دخلت منزلها وهي تهز رأسها بيأس منه …
…………
الساعة الحادية عشر …
كان يجلس على المقهي وهو ينتظرها …ينظر لساعته كل ثانية وهو يهز ساقه بتوتر … معقول انها لن تأتي …هل تجاوز حدوده معها بالشكل الذي جعلها غاضبة منه ولا تريد أن تأتي وتراه …هل فعل هذا بالفعل ….دعك يحيى عينيه وهو يعترف انه بالفعل تجاوز حدوده معها ولكنه يريد ان يتكلم معها بشكل عاجل …يجب أن تسمعه وتفهمه أيضا !!!
فجأة تجمد وهي يراها تدلف للمقهى تنظر حولها بإرتباك …بشرتها مصطبغة باللون الآحمر وتبدو في غاية الجمال …ذاب قلبه وهو يراها…متى اصبح مهووس هو حقا لا يعلم ولكن اصرار تلك الفتاة لتكون في افضل حال يعجبه كثيراً ….نهض وهي تقترب منه لتقول :
-اتفضل يالا قول اللي عايزه عشان امشي…لو حد شافني هنا معاك مش هيبقى لا كويس ليك ولا كويس ليا …
-ممكن تقعدي ؟!
-دكتور يحيى حضرتك ليه مش فاهمني مينفعش اللي بتعمله ده وانك كل شوية تظهر في طريقي وانك تقولي الكلام ده وتديني آمل وعايزني اقلب حياتي كلها عشانك !!!
-طيب ممكن تهدي وتقعدي!!
قالها بنبرة هادئة بينما هي بهذا الإنفعال …تنهدت هي بتعب وجلست .. ليجلس هو براحة فتكمل هي بإنفعال شديد:
-يالا لو سمحت ..أنا سايبة امي مع الست ماجدة واخترعت حجة عبيطة عشان اطلع …أتفضل قول اللي عايزه …
-أنا بحبك
غار قلبها داخل صدرها وأغمضت عينيها وهي تشعر بالدموع تلسع عينيها وقالت بنبرة مرتجفة :
-متقولش…متقولش كده لو سمحت …
-مقولش ايه ؟!اني بحبك يعني …ما دي الحقيقة ..
-ده مش ….
كادت أن تتكلم ولكنه قاطعها بقوة وهو يقول:
-انا الوحيد اللي عارف مشاعري كويس يا رانيا أنا عارفة إذا كان ده حب ولا لا …وبقولك بحبك وعايزك في الحلال ايه المانع ؟!
نظرت إليه بتعب وقالت:
-نسيت والدتك يا دكتور يحيى ..هي هتوافق على واحدة زيي…ايه هتخسر والدتك عشاني وصدقني لو كان جوابك أه أنا عمري ما هوافق على كده عشان اللي ملوش خير في اهله ملوش خير في حد …
-أمي أنا هتصرف معاها …
-هيجي في يوم وتضطر تيجي على حد عشان التاني وهتبقى معادلة صعبة يا دكتور ….
نهضت رانيا وقالت:
-صدقني ملناش فرصة …أنا لما اعترفت ليك قبل كده كنت شايفة الحياة وردية كنت شايفاك الأمير اللي هتاخد سندريلا لبعيد …بس الواقع ان الناس اللي زيي مينفعوش للي زيك …اتجوز واحدة من مستواك يا دكتور على الأقل تكون والدتك راضية عنها اسفة مش هحط نفسي في موضع اني اتهان كل شوية عشان بحبك …اسفة …
ثم تركته وغادرت وهي تمسح الدموع التي تطفر من عينيها…لقد رفضت السعادة للتو ولكنها تعلم ان الطريق الى سعادتها تلك ملئ بالشوك وانها قد تموت قبل ان تنال السعادة وتخسر كل شئ !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
وقفت امام المرآة وهي تعدل من وضع فستانها الأزرق الطويل كما يحبه هو …لطالما أخبرها انه يعشق الأزرق عليها لانه كان دوما هائما بعينيها لذلك عندما اخبرها انهما سيحضران حفل زفاف لصديق له مقرب قررت ان ترتدي هذا الفستان واخبرها انه بعد هذا سوف يأخذها ويتعشيا سويا في المقهى المفضل لهما…قررت الا تضع أي مساحيق تجميل سوى أحمر شفاه وماسكرا وها هي أخيراً قد اصبحت جاهزة وكانت راضية للغاية عن شكلها ….بالتأكيد سوف يفقد عقله عندما يراها …رنين هاتفها أخرجها من شرودها اللحظي وابتسمت وهي ترى انه هو المتصل ردت سريعا بحماس وهي تقول :
-ايوة يا حبيبي …
-ها يا نسرين جهزتي …
قالها فؤاد لتقول :
-ايوة يا حبيبي جهزت …
ابتسم ورد :
-طيب يا حبيبي أنا كمان قربت اوصلكم …يالا مسافة السكة واجيلك …باي ..
-باي ..
قالتها مبتسمة ثم أغلقت الهاتف وهي تتنهد بسعادة …هي سعيدة الآن ولا يزعجها سوى حالة ليان المسكينة ….كم تكر ه موسى لانه وضعها في تلك الحالة …لقد قضت الليلة معها بالأمس وحتى طيلة النهار لم تتركها وبقت معها وكادت ان ترفض الذهاب مع فؤاد ولكن ليان اصرت عليها أن تذهب وانها بخير وانها ستتجاوز الأمر …هي تعرف ان ليان قوية …ولكنها تعرف أيضا انها تعشق موسى فسيكون تجاوز موسى صعب للغاية …
تنهدت وهي تقرر الإتصال بليان لتطمئن عليها …
وعندما ردت عليها ليان بصوت مخنوق قالت نسرين بلوم:
-لسه بتبكي يا ليان ؟!
-الموضوع صعب يا نسرين …صعب اووي …أنا عايزة أعرف هو عمل فيا كده ليه ؟!
-ما طز فيه يا ليان …طز خلاص انسيه هو واحد حقير ميستاهلش أنك تفكري فيه خلاص طلعيه من دماغك بقا وعيشي حياتك …يا حبيبتي حرام تزعلي عشانه هو اللي خسران مش أنتِ بالعكس انتِ اللي كسبانة …
-بحاول يا نسرين …
قالتها ليان بإنكسار لترد نسرين بصرامة :
-حاولي اكتر يا ليان …عموما هعدي عليكي أنا وفؤاد وتيجي معانا وتغيري جو و….
ولكن ليان قاطعتها بسرعة :
-لا لا يا نسرين عشان خاطري متعمليش كده أنا مش عايزة اخرج …مش عايزة …معلش سيبيني نخرج يوم تاني أنا عايزة ابقى لوحدي شوية …
-ليان …
-عشان خاطري يا نسرين سيبيني لوحدي شوية محتاجة اقعد لوحدي شوية …
أغمضت نسرين عينيها بتعب وقالت ؛
-ماشي موافقة بس بشرط بكرة هاجي واخدك بالعافية من البيت وهخرجك اليوم كله وانتِ مش هتعترضي ….مفهوم !!!
ابتسمت ليان بإنكسار وقالت:
-حاضر …
-ماشي يا حبيبتي هقفل دلوقتي عايزة أي حاجة
هزت ليان رأسها ومسحت دموعها وهي تحاول ألا تنهار بالبكاء فنسرين قد تأتي لمنزلها الآن وتخرجها من المنزل رغما عنها …هي تعرف صديقتها وتعرف انها لن تتركها بمفردها تعاني وتبكي.
-مش عايزة حاجة يا حبيبتي عايزة سلامتك انبسطي انتِ …
ثم أغلقت نسرين الهاتف لتنفجر ليان بالبكاء وهي تلقي الهاتف جانبا وهي تنام على الفراش الذي كان ينام به موسى عندما كان في منزلهما …فبعد ان طرده عدي كانت تأتي هنا خلسة وتنام في غرفته وبتلك الطريقة تشعر انها قريبة منه ..واليوم أرادت ان تشعر انها ما زالت قريبة منه بتلك الطريقة يالها من مثيرة للشفقة فرغم ما فعله بها هي ما زالت تريد أن تكون قريبة منه …لقد اعترفت لنفسها انها حطمت كبرياؤها مرارا وتكرارا من اجله …نعم هي فعلت هذا وهو لم يقدر وما زالت تريق كرامتها الآن ولا تهتم فالألم في قلبها كان أقوى من ان يُحتمل !!!ضمت وسادته بقوة وأغمضت عينيها لتنام ويكون بطل أحلامها فقط هو !!!
……….
جهزت نسرين حقيبتها وكادت أن تخرج من الغرفة لتنتظر فؤاد أسفل البناية ولكن دخول والدها المفاجئ اوقفها…. تراجعت قليلا وهي تنظر إليه بينما تزدرد ريقها …كانت ما زالت تخاف منه ….نظر إليها كريم بحزن ….كم ابعد ابنته عنه بسبب اضطراباته…هذا بسببه…لا يمكنه لوم أحد …يعترف الآن ان خيا نة زوجته جعلت نفسيته تتدمر وقبل ان يعاقب زوجته على فعلتها عندما أكتشف خيانتها ماتت بحادث سيارة وافرغ هو احباطه في ابنته المسكينة …لقد حذرته نهى مرارا الا يفعل هذا وان ابنته لا تستحق تلك المعاملة ولكنه لم يستمع وها هو خسر ابنته وزوجة تحبه
-نسرين بنتي ممكن نتكلم …
قالها بهدوء …
-فؤاد جاي ياخدني دلوقتي ومفيش …
ولكنه قاطعها وهو يقترب منها ويقول:
-نسرين أنا بروح لدكتور نفسي !!!!
توسعت عينيها وهي تنظر إليه بصدمة فأكمل هو بإرتباك :
-احنا عايزين وقت طويل عشان نتكلم أنا وانتِ وهنتكلم بس مش دلوقتي …بس اعرفي اني آسف على كل حاجة عملتها معاكي …آسف اني اذيتك يا بنتي آسف اووي …أنا فضيت كل غضبي واحباطي وانتِ ملكيش أي ذنب ….حاولت كتير اعدل من نفسي بس مقدرتش وكنت كل مرة ببوظ الوضع اكتر …مديت ايدي عليكِ واهنتك وانتِ متستاهليش كده …أنا آسف يا بنتي …آسف !!!
وخزت الدموع عينيها ولكنها اطرقت برأسها وقالت بصوت ضعيف:
-فؤاد أكيد وصل أنا هنزل أشوفه …
ثم كادت أن تتجاوزه الا انه اعترض طريقها وضمها بقوة إليه وهو يبكي بقوة ….توسعت عينيها وهي تراه يضمها بتلك القوة كم تمنت ان يعانقها بهذا الشكل …تمنت كثيرا هذا …تمنت ان يعطيها ولو جزءا بسيطة من حنانه ولكن كل ما كانت تتلقاه منه هو الجفاء والمعاملة السيئة….لسعت الدموع عينيها وهي تشعر ان رغبتها دوما بأن يعانقها قد اختفت فبعض الأشياء عندما تأتي بعد طول انتظار لا يكون لها معنى كعناقه المتأخر …كحبه المتأخر …كندمه المتأخر !!!ابعدته عنها عندما رن هاتفها وقالت وهي تشير الى الهاتف :
-جوزي جه عن إذنك …
ثم تركته وغادرت الغرفة مسرعة …
……….
-حبيبتي مالك ؟!
قالها فؤاد بصدمة وهو يراها تدخل للسيارة والدموع تغرق وجهها…كان الحزن يحفر اثاره على وجهها …عانق وجهها وهو يمسح دموعها بحنان وقال:
-نسرين حبيبتي قوليلي ايه اللي حصل متقلقيش عليكي فيه ايه ؟!
-بابا…بابا….
توحشت عيني فؤاد وقال بإنفعال:
-هو عمل حاجة تاني ؟!
– حضنني !!
عبس في وجهها بدون فهم لتكمل وهي تبكي :
-تعرف أنا قد ايه استنيت الحضن ده يا فؤاد …عارف كان نفسي اووي انه يحبني …يهتم بيا …كان نفسي احس بحبه…احس بندمه انه بيعاملني وحش …والنهاردة حضنني وهو ندمان …بس محستش بالفرحة ولا أي حاجة …كانت مشاعري باهتة وكل اللي حسيت بيه الخنقة كنت عايزة ابعد عنه بأي طريقة …كنت مخنوقة اوووي يا فؤاد…مكنتش عايزاه يلمسني …أنا حاسة اني مبقتش احبه ولا بقيت مستنية منه أي حاجة …حاسة اني مبقتش متقبلة منه أي حاجة مهما قال وبرر لان اللي عمله كسرني يا فؤاد
تنهد فؤاد وهو ينظر إليها …انها صغيرة جدا على ان تحمل كل تلك الالأم …جذبها إليه وضمها بقوة وهو يقول :
-كل حاجة هتكون تمام يا نسرين …هنسيكي أي ألم حسيتي بيه قبل كده …من النهاردة مش هيكون في حياتك غير السعادة وبس …
ثم ابعدها عنه ومسح دموعها وقال:
-وعد مني هخليكي دايما تضحكي يا فراولة …
ضحكت بخفوت ليقول:
-ايوة كده أضحكي يلعـ ن ابو اللي يزعلك يا شيخة يالا نلحق فرح منصور ده ممكن يقتـ لني لو محضرتش …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في احد الفنادق البسيطة نوعا ما وقفت بجوار زوجها وهي تبتسم بخجل …لقد قرر أمير إنهاء انتظاره واتمام زواجه منها اليوم …فبعد ان احترق منزل تحية وحسين وهما يعيشان بالمنزل معها الى حين اعادة المنزل المحتر ق كما كان …اخبرت عبير أمير ان يذهبا الى المنزل الذي يسكن به شريف فهو يمتلكه الآن ولكن أمير رفض بإصرار …واتى بها الى الفندق ….
ابتسم بلطف وهو يأخذ المفاتيح من موظف الاستقبال ثم أمسك كف زوجته والحقيبة الصغيرة التى يحملها وصعد للأعلى ….
……..
فتح الباب وجعل عبير تتقدمه لتفحص المكان جيدا …كانت تبتسم وهي تتأمل المكان وقالت:
-المكان لطيف هنا …صحيح الأوضة ضيقة بس حلوة اووي …
ثم نظرت الى الفراش المزين بالورود وضحكت بمرح قائلة:
-معقول أنت اللي عملت كده ؟!
اقترب منها وأمسك كفيها وقال:
-صاحبي شغال في الفندق ده وهو يعني ساعدني كتير …حبيت أول ليلة لينا تبقى مميزة يا بيري …أسف اني مش قادر اقدملك اكتر من كده …
عانقته وقالت؛
-كفاية أنك جوزي أنا مش عايزة اكتر من كده …كفاية اني عايشة معاك وهفضل معاك طول حياتي ….
ازدادت ابتسامته اتساعا ثم ابتعدت عنه قليلا وهي تقترب منه لتقبله ولكنه قال فجأة:
-لأ !!!
عبست بدون فهم ليبرر هو :
-الليلة دي عايز كل حاجة تكون مثالية يا بيري …كل حاجة تمشي على مهلها واولها تلبسي اللي انا أنا جيبتهولك ده …
ثم اخرج من الحقيبة الصغيرة حقيبة بلاستيكية آخرى ولكن اصغر واعطاها اياها ثم أخبرها ان تتجهز ثم اخرج هو منامته من الحقيبة وعطره المعتاد ثم بدأ بتغيير ملابسه ورش العطر عليه ثم رشه في أرجاء الغرفة …كان يريد ان تكون هذة الليلة مميزة للغاية …اراد ان تتذكرها طوال حياتها !!!
…..
بعد قليل …
خرجت من الحمام وهي ترتدي غلالة سوداء قصيرة بعض الشئ…كان وجهها محمر من الخجل وهي تخبي جسدها شبه المكشوف بيديها ولكنها تفشل….
ازدرد ريقه وهو ينظر إليها وقد أدرك انها اجمل ما راه في حياته …انها لم تفشل يوما في جعل دقات قلبه تتسارع بقوة …نهض وتقدم منه ثم جذبها إليه حتى اختلطت انفاسهما وقال:
-خايفة مني ؟!
هزت رأسها بالنفي وعينيها متعلقة بعينيه الذهبية كانت مبهورة بوعد السعادة في عينيه وقد قررت ان تسعده بدونها …لن تمنع عنه أي شئ …
ابتسم وهو يمرر اصابعه على وجهها وقال:
-طيب واثقة فيا ؟!
-اكتر ما بثق في نفسي …
قالتها مبتسمة فقال :
-حلو …حلو اووي ….
عانق وجهها وما هي الا لحظات حتي شهقت وشفتاه تحط على شفتيها يمنحها قبلتها الأولى تمسكت به بخوف امرأة لم تعتاد تلك المشاعر العاصفة بعد ليتبتعد عنها ويضمها بقوة وهي يقول:
-اهدي …اهدي متخافيش ….
ولكنها كانت ترتعش …ظل يضمها إليه لفترة طويلة كي يخفف من ذعرها وما ان شعر انها سكنت بين ذراعيه حتى حملها متجها بها الى الفراش …اسندها برفق وهو يقترب منها فقالت وهي تضحك بتوتر :
-انا خايفة دلوقتي حد يتصل علينا او يكسر علينا الباب …
ابتسم وقال:
-متخافيش أنا قفلت الموبايلات بنفسي ومقولتش لحد اني هنا غير صاحبي ده …يعني الليلة دي بتاعتنا وبس يا بيري ….
احمر وجهها واتسعت ابتسامتها وقد برزت نواجزها بشكل أكبر فقال متنهداً :
-بحب ابتسامتك اوووي …بتدوب قلبي …
وهي من ذابت من مغازلته البسيطة …اقترب هو منها وهو يحقق ما حلم به طويلاً…يحققه بالحلال …..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-انا بحب المسرحية دي اووي …
قالتها سوسن وهي تضم ابنتها إليها بينما اعلنت المسرحية عن انتهائها …ابتسمت جواهر وقالت
:
-وانا كمان ورثت حبها منك انتِ يا ماما …بحبها اووي مسرحية العيال كبرت ليها معايا ذكريات حلوة …كفاية انها ذكرياتنا أنا وانتِ …
أغلقت جواهر التلفاز ثم جعلت والدتها تتسطح على ساقيها وقالت:
-ارتاحي دلوقتي يا ماما….
ثم أخذت تمرر يدها على رأس والدتها وتقول:
-عارفة يا ماما أنا يعتبر شوفت كتير في الحياة دي بس اللي اتاكدت منه أنك أغلى حد في حياتي كلها محدش هيحبني قدك ولا أنا هحب حد قدك …هتفضلي أغلى واحدة على قلبي ومش عايزة حاجة في الحياة دي غير أنك تبقي معايا للأبد … عارفة يا ماما … أنا…
ولكن جواهر توقفت عن الكلام وهي تجد ان والدتها أغمضت عينيها …
ابتسمت بإشفاق وقالت:
-يا حبيبتي شكلها تعبانة اوووي …
ثم هزتها برفق وقالت:
-ماما قومي نامي في اوضتك يالا…
ولكنها لم تحصل وعلى استجابة…
-ماما!
قالتها جواهر وهي تهزها بشكل أكبر …ولكنها لم تستجيب …وضعت جواهر رأس والدتها على الأريكة ونهضت وهي تركع بجوارها وتهزها :
-امي بقولك اصحي روحي اوضتك …قومي يالا…
ولكن سوسن لم ترد عليها ….
نهضت جواهر بسرعة ثم احضرت كوب من الماء وهي ترشه على والدتها ولكن أيضا لم تستيقظ ؛!!
-ماما.!!!
…….
خرج من القصر بعد ان اطمأن ان ليان قد نامت …الغضب يعصف به منذ البارحة…لقد كـ سر موسى قلب شقيقته وهو حذره الا يفعل هذا ورغم هذا فعله…فعله وكسرها …كم يريد قتـ له الآن …ليان الآن منهارة بسببه …لقد وعده انه لن يحطم قلبها ابدا ولكنه فعلها وحطم قلبها …انها الآن تعاني …شقيقته وهو يجب أن يعلم موسى درس لن ينساه بحياته …كاد ان يستقل سيارته الا ان رنين هاتفه اوقفه…اخرج هاتفه ليجد ان جواهر من تتصل به…ضغط على زر الأغلاق وقال:
-مش ناقصاكي انتِ كمان …
ولكن بعد ثواني اعادت الاتصال مرة آخرى ليرد تلك المرة ويقول بغضب :
-نعم عايزة ايه مش ناوية تسيبني في حالي !!!!
ارتجفت جواهر أكثر وقالت :
-انا اسفة اسفة حاولت اتصل بعبير وأمير الاتنين تليفونهم مغلق … وانا لوحدي مش عارفة أعمل ايه …
ثم نظرت جواهر الى والدتها المستلقية على الأريكة وقالت:
-بس ماما نايمة وبحاول اصحيها مش قادرة اصحيها رشيت عليها ماية وشممتها برفان ومفيش فايدة…أعمل ايه يا عدي عشان اصحيها ..مش عارفة اصحيها…
توسعت عيني عدي بقوة وقال وهو يستقل سيارته:
-انا جاي …جايلك يا جواهر متخافيش !
يتبع….
(لن أتركك )
لن أتركك سأمسك يدك حتى النهاية ….سأسعدك لدرجة ستنسين أحزانك كأنها لم تكن
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
وقفت جواهر بعيدا نسبيا عن الأريكة والطبيب يفحص والدتها بينما عدي يقف بجوارها واستطاع الشعور بتوترها …عندما اتصلت به أتى مسرعا وهو معه الطبيب والآن هو يفحص والدتها ….
نهض الطبيب ووجهه متجهم وقال :
-الله يرحمها …
ظلت جواهر تنظر إليه ببلادة ….شعرت للحظة ان هذا الطبيب مجنون …ربما هو ليس طبيب بارع…لا يفرق بين الموت والنوم …فقالت:
-لا لا يا دكتور ايه اللي بتقوله ده بعيد الشر انت جاي تفول على أمي ولا ايه ؟!هي بس نايمة …هي نومها تقيل انت متعرفش …بس أنا أعرف …نومها تقيل اووي …كتير افتكرت انها لا قدر الله ماتت وسابتني لدرجة انها عيطت عليها بس عرفت بعدين انها كانت نايمة …لو سمحت يا دكتور اكشف عليها تاني …
نظر إليها الطبيب بشفقة وقال:
-شدي حيلك …
هزت راسها مرة آخرى وضحكت بدون تصديق ؛
-انت شكلك دكتور مبتفهمش…..
تجهم الدكتور اكثر وظهر عليه الإنفعال ولكنه قدر الحالة النفسية التي تمر بها وكما انه يعرف عدي معرفة شخصية لذلك التزم الصمت واطرق برأسه
اتجهت جواهر الى عدي وقالت:
-عدي الدكتور ده مش عارف حاجة …روح جيب دكتور غيره عشان يصحي ماما …
نظر عدي الى حسام بإعتذار ثم اعاد انتباهه لجواهر التي تتكلم معه بكل بساطة ….
-جواهر ..
قالها عدي بتردد وهو ينظر إليها …..كان ينتقي كلماته بعناية…كان يخاف عليها …لا تبدو انها في حالتها الطبيعية …
-عدي سمعتني روح جيب دكتور تاني يالا يصحي.ماما …الدكتور ده مش عارف حاجة ….
اقترب منها ثم أمسك كفيها وشد عليهما وقال :
-شدي حيلك يا جواهر …أنا هتكفل بكل اجراءات الدفن …..فيه مكان معين تحبي تدفني والدتك فيه زي مقابر للعيلة او …
ولكنها سحبت يديها وقالت:
-ايه ..ايه اللي انت بتقوله ده …انت مجنون أنت كمان ولا ايه ؟!انت عبيط شكلك …أنا هصحيها بنفسي …انتوا الاتنين ملكومش فايدة….
ثم اقتربت من والدتها وجلست بجوارها وهي تهز فيها وتقول :
-اصحي يا سوسن يالا عشان تروحي تنامي في اوضتك الناس دوول بيقولوا كلام مش معقول …يالا يا ماما قولي ….
نظر حسام بيأس إليها واتجه إلى عدي وقال:
-انصحك.تعرضها على دكتور نفسي أعتقد أنها في صدمة وهتنهار في أي وقت …بسرعة يا عدي …البنت ممكن يحصلها حاجة ….
تنهد عدي بقلق وهو ينظر إليها وهي تحاول افاقة والدتها…كان عاجز عن فعل اي شئ …يخاف ان يقول لها أي شئ وتنهار ….شعر بالدموع تلسع عينيه وتذكر لحظة وفاة والديه …انه يعرف هذا الألم جيداً …..
نهضت جواهر وقالت وقد تجمعت الدموع بعينيها …:
-ما هو مينفعش تموتي…مش ممكن يكون ده حصل …مش ممكن …انتِ قولتي هتبقي معايا …أنا مليش غيرك …قوليلي مين تاني معايا غيرك …الكل طردني برا حياته حتى بابا …أنا مليش غيرك يا ماما …فلا مستحيل تكوني سبتيني …ده حلم …لا لا ده كابوس …ايوة كابوس …أنا في كابوس دلوقتي وهفوق منه قريب ….
ثم استدارت وهي تلج للغرفة…ولج عدي خلفها بسرعة ليجدها تتجه الى الفراش وتتسطح عليه …
-بتعملي ايه ؟!
قالها عدي بصدمة وهو يرى جواهر تنام على الفراش …
نظرت إليه وقالت:
-ده مجرد كابوس يا عدي مش حقيقي …ماما مماتتش…أنا بحلم.بكابوس …بس اصحى هتكون موجودة .!!
نظر إليها بدون تصديق وهو يفهم انها طريقتها لحماية نفسها من الألم….انها تنكر …اختارت ان تكذب على نفسها وتوهمها ان كل هذا مجرد كابوس مريع…فنحن من نختار ردود فعلنا على أي خبر نتلقاه …نختار الطريقة التي سوف نتعامل بها لنشفى سريعا ونجنب نفسنا الكثير من الالام ولكن جواهر اختارت الهروب …..اختارت أصعب الطرق لإيلامها …..
اقترب عدي منها وهو محطم مثلها …لم يظن أبدا ان حزنها سوف يؤثر به لتلك الطريقة ولكنه أثر …لقد اخبر نفسه الأيام السابقة انه سوف ينساها وانها لا تهمه…ولكنها تهمه…تهمه كثيرا!!!…
جلس على الفراش ثم قبل رأسها وقال بهدوء :
-ارتاحي يا حبيبتي أنا هعمل كل حاجة ….كل حاجة ….
-لما اصحي ماما هتكون موجودة …هتكون موجودة…
هكذا اقنعت عقلها وهي تنام بعمق
ثم خرج من الغرفة وهي يخرج هاتفه ويتصل بعبير ولكن هاتفها كان مغلق …وأمير أيضا …
زفر بضيق وقال:
-مش وقته خالص !!
ثم تذكر انه قابل حسين زوج تحية وأخذ رقمه ….
اتصل بحسين وهو يتمنى ان يرد ….وبالفعل ما هي الا لحظات الا وكان رد عليه
-عدي بيه ازاي حضرتك ؟!
-اهلا ازيك يا أستاذ حسين ممكن اعرف فين عبير وأمير بتصل بيهم تليفونهم مغلق…
-والله يا عدي بيه معرفش هما قالوا انهم هيباتوا برا البيت النهاردة وحتى احنا حاولنا نوصلهم موبايلاتهم مغلقة ….
أغمض عدي عينيه وهو يتنهد بتعب ويقول :
-شكرا يا أستاذ حسين …شكرا ليك …
ثم أغلق الهاتف وقد قرر هو أن يأخذ مسؤولية دفن والدة جواهر واعلان وفاتها عبر الجامع القريب من هنا ….
………..
بعد ثلاث ساعات … ……
استطاع عدي اخراج تصريح الدفن واعلن عن وفاة والدة جواهر واهتم بكل الإجراءات اللازمة منها تبليغ المقربون من جواهر من الذين يعملون معها في المركز التجميلي …
………
كان يقف على التراس تاركا جواهر النائمة مع السيدة ميريهان والاخريات يحاولون افاقتها ولكنها ترفض ان تنهض وكل ما تخبرهم به ان هذا هو كابوس وهي سوف تفيق…كان يتم تغسيل سوسن وقدر أرادت السيدة ميريهان من جواهر ان تودع والدتها للمرة الآخيرة ولكن جواهر لم تستجيب لها……
فقدت السيدة ميريهان الأمل في جواهر وخرجت للتراس وهي تنظر الى عدي بفضول …كانت تريد أن تعرف من هو بالضبط فمن هيئته يبدو انه ثري….
-لامؤاخذة يعني ممكن اسألك سؤال؟!
قالتها ميريهان بفضول لينظر إليها عدي فتكمل هي :.
-انت مين ؟!تعرف جواهر من فين ؟!
لم يتردد عدي وقال:
-انا خطيبها … …
احتارت اكتر وقالت:
-بس جواهر مقالتليش انها مخطوبة …
-عشان حصل بينا شوية مشاكل بس اتحلت الحمدلله …
هزت ميريهان رأسها وقالت:
-أه فهمت عشان كده كانت زعلانة الفترة اللي فاتت باينها كانت بتحبك اوووي …
هزت رأسها بحزن مرة أخرى وقالت :
-مسكينة جواهر ..والدتها كانت كل حاجة في حياتها بعد ما ابوها مشي وسابهم …اتحملت المسئولية من صغرها …المسكينة اتعذبت كتير ياريت انت تكون العوض ليها…
-هكون العوض ليها أكيد …
قالها بنبرة مختنقة وهو ينظر امامه بينما يشعر وكأن شئ بغيض يقبع على صدره …انها تعاني …حبيبته تعاني الآن …لقد عاملها بقسوة في الوقت الذي كانت بأمس الحاجة إليه …لن يسامح نفسه ابدا !!!ولكنه منذ الآن لن يتركها بمفردها أبداً…سيساعدها لتجاوز تلك المحنة …سيرسم السعادة على وجهها مجددا …كل الحزن الذي عاشته سيمحيه بل رجعة ولكن أولا ..أولا سوف يتزوجها …لن يتركها هنا عرضة للحزن والاكتئاب …سيساعدها حتى تتخطى موت والدتها ….
تنهد بتعب وهو يفكر في أخذها معه الى منزله بعد دفن والدتها فلو بقت هنا بمفردها قد نحن….سوف يأخذها …حتي لو رغماً عنها !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
رفرفرت بعينيها وابتسامة سعيدة تزين وجهها …بينما وجنتيها مصطبغة باللون الأحمر …كان قلبها يدق بقوة وهي تتذكر أحداث الليلة السابقة …تتذكر كيف كان بالغ الرقة معها وكيف ان المشاعر التي عصفت بها بالأمس كانت غريبة عليها ..وجميلة أيضا ….
نظرت إليه وهو نائم وغار قلبها في صدرها …انها تحبه كما لم تحب احداً من قبله …هو الوحيد الذي ينسيها كل شئ سئ في الحياة …وجودها فقط هو بهجة بالنسبة لها …رفعت كفيها ثم أخذت تمرره على وجهه وهي تبتسم بخجل وما ان اقتربت من شفتيه حتى فتح فمه وعضها …
-آه …
صرخت بفعل المفاجأة وهي تسحب كفها على الفور ليفتح عينيه.وترى الخبث يقبع بهما …احمرت أكثر وهي ترفع الغطاء وتغطي وجهها لتتسع ابتسامته وقد قرر ألا يزعجها او يحاول فعل ما يخجلها بل سحبها إليه وضمها الى صدره وهو يقول :
-ايه رأيك نقضي يوم كمان هنا …هنفضل قافلين موبايلاتنا ونتفسح اليوم كله مع بعض وبعدين نيجي ننام هنا وبكرة نروح لتحية كده كده أنا قولتلها إحتمال نقضي ليلتين برة …ها نكمل هنا ولا حابة ترجعي …
ازاحت الغطاء عن وجهها قليلا وقالت:
-نكمل هنا …مش عايزة أرجع النهاردة …
قبل رأسها وقال مبتسماً :
-تمام اووي يالا يا حبيبتي اجهزي عشان جهزتلك خروجة حلوة اوووي
-هتوديني فين ؟!
قالتها بلهفة ليرد وهو يداعب انفها :
-دي مفاجأة يالا روحي خدي شاور واجهزي أنا النهاردة هفسحك فسحة مش هتنسيها طول عمرك …
ابتسمت له ثم قالت بإرتباك لذيذ ..
-طيب ممكن تودي وشك الناحية التانية عشان اروح الحمام …
هز رأسه وهو يستدير للناحية الآخرى …أخذت هي بسرعة القميص الملقي على الأرض ثم ارتدته وركضت للحمام ليضحك هو بمرح عليها ثم يغمض عينيه براحة ويفكر ان الحياة تبتسم له الآن …
…
في الحمام …
أخذت عبير وقتها في الاستحمام ثم لفت المنشفة حول جسدها جيدا وهي تفرك كفيها بإرتباك وتفكر كيف ستخرج له بهذا المنظر!!!انها تشعر وكأنها سوف تموت من الخجل …هزت راسها وهي تضحك على نفسها …أخبرت نفسها انه زوجها…لم تخجل منه ..
قررت ان تخرج من الحمام بثقة كبيرة فهو لن يأكلها…
فتحت الباب وخرجت وهي تقول بإرتباك :
-فيه حاجة جبتها معاك البسها ولا البس هكوم امبارح …
نظر اليها فجأة وتجمد وهو يراها تخرج بتلك الهيئة …كيف يمكنها أن تكون جميلة في كل الاحوال ؟!…كيف يمكنها أن تكون جميلة جدا وبسيطة جدا في نفس الوقت …انها ساحرة ببساطة ….
ارتبكت عبير وهو ينظر إليها بتلك الطريقة وكادت أن تدخل للحمام مرة الأخرى ولكنه وصل اليها في الوقت المناسب وضمها إليه….رفعها إليه وهو ينظر بأعماق عينيها …
-أم…أمير …مفروض أننا هنخرج صح ؟!أكيد مش هنفضل هنا طول اليوم ؟!
ابتسم لها وهو يمرر اصابعه على شفتيها المرتجفة وقال:
-تعرفي قبل ما أتجوزك لما كنتِ عايشة معايا في نفس البيت …تعرفي حاولت قد ايه اني ابعد ايدي عنك …كام مرة حاولت مبصش عليكي بس عينيا كانوا بيخنوني زي قلبي اللي نبهته ميحبكيش وحبك يا عبير …عملتي فيا ايه …بقيت مهووس بيكي…وبتفاصيلك …بشوفك جميلة في أي حالة ومبقتش عايز غيرك …حاسس أنك نصي التاني اللي كنت بدور عليه …أنا افتكرت أني عمري ما هحس بالمشاعر دي بس جيتي انتِ وقلبتي حياتي كلها …بقيت حاسس أنك مسؤوليتي …بقيت بحس اني مسئول أحميكي …ومسئول أسعدك…ومسئول اني اشوف الضحكة الجميلة دي على وشك عشان ضحكتك بتدوبني …
ابتسمت عبير وعينيها تبرق بقوة لينحني هو بشفتيه ويقبل نواجزها واحدة تلو الآخرى …ثم اتجهت شفتيه لشفتيها يقبلها مجددا ومجددا يعيش معها كل ما حلم بفعله منذ أول مرة دق قلبه لها …لقد عرف من البداية انها استثنائية …عرف ان لا مثيل لها …حملها بين ذراعيه وهو يقبلها متجها الى الفراش لتنفصل عنه وهي تقول بلهاث:
-أمير انت وعدتني نخرج…هتخلف وعدك من أولها !!!!!
-وأنا اقدر يا حبيبي …
أنزلها على قدميها وقال وهو يحضر الفستان الذي اشتراه لها بالأمس وقرر ان يهاديه اياها …
-اتفضلي يا حبيبتي ده الفستان اللي هتخرجي بيه ….
أخذت عبير الفستان وهي تبتسم بلهفة وقالت:
-شكله حلو اووي يا أمير ربنا يخليك ليا يارب شكرا اووي ….
أنا هلبسه دلوقتي واجهز عقبال ما انت تأخد شاور …
هز رأسه موافقا وقال وهو يضع اصبعه على خده ويقول مشيرا لها :
-طيب مش هتبوسي جوزك حبيبك عشان الهدية دي …أنا مينفعنيش الشكر الناشف ده هو أنا ابن عمتك….
ضحكت برقة وهي تقترب منه وتقبله على وجنته فقال :
-يالا الخد التاني عشان بيغير …
قبلته على وجنته الآخرى وهي تضحك …
ثم اشار على شفتيه وقال:
-اصله ده بالذات بيتقمص ….
رفعت حاجبيها وقالت وهي تدفعه نحو الحمام :
-يالا يا حبيبي بلاش دلع عشان نخرج بسرعة لو اعتمدت عليك هنقضي باقي اليوم هنا …
استدار بسرعة وسرق من شفتيها قبلة ثم دخل الحمام مسرعا وقال :
-انا مبسيبش حقي….
أغلق الباب لتضع هي كفها على قلبها وتضحك…انه مثالي لها …أمسكت الفستان وهي تنظر إليه وقررت ان ترتديه …
بعد لحظات وقفت امام المرآة وهي تنظر الي نفسها وعينيها تبرق بقوة بينما الفستان الأزرق الواسع الذي اشتراه لها يلائمها تماما …دارت حول نفسها وهي تضحك بسعادة …كانت تشعر انها حورية …كانت ترى انها جميلة للغاية …..ولكن كان هناك شئ ناقص في سعادتها تلك ….موقف جواهر منها كان يحزنها ….فجواهر قد انهت علاقتها بها وهي لا تلومها…تعرف كم ان جواهر حزينة بسبب ما حدث لها بسبب والدها وقد قررت عبير أن تذهب إليها غداً ولن تذهب حتى تتكلم معها ……شئ أخبرها ان تفتح الهاتف وتتصل بها الآن ولكنها تراجعت كليا عن الفكرة …هذا الوقت مخصص لها هي وزوجها …يمكن لمشكلتها مع جواهر ان تنتظر … ..
هزت راسها وهي تفرغ عقلها تماما ..أمسكت الحجاب ثم ارتدته ولم تضع أي شئ على وجهها سوى الكحل. …أخيرا ابتسمت وهي ترى نفسها في المرآة …بدت حقاً رائعا الجمال ..
ارتجفت قليلا وهي تسمع صوت صفير إعجاب …نظرت لتجده أمير قد خرج من الحمام ويضع منشفة حول وسطه بينما يلتهمها بنظراته …ابتسمت بخجل وهي تنظر إليه وقالت:
-حلو عليا الفستان …
اقترب مبتسما وقال:
-الفستان مكانش حلو الا لما انتِ لبستيه يا بيري …
اطرقت برأسها ووجنتيها تحمران خجلا …اقترب منها وتلمس وجنتيها وقال:
-كل حاجة فيكي جميلة اووي يا عبير ….
-طيب خلاص خلينا نخرج بقا شكلك مش ناوي تخرجنا …
ضحك وقال:
-لا لا ناوي طبعا وده يصح…استني البس هدومي بدل الفوطة دي وبعدين نخرج ..
هزت رأسها وهي تدير رأسها بينما هو يرتدي ثيابه ويجهز نفسه …وما ان انتهي تماما نظرت إليه عبير بإعجاب وهي تجده يرتدي قميص أزرق وبنطال جينز …
غمز لها وقال:
-ايه رأيك مطقمين مع بعض اهو …
ضحكت برقة وهي تمسك يده ويخرجان من الغرفة …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-رايح فين؟!
قالتها ورد بتذمر وهي ترى ياسين ينهض من على الفراش ..
نظر إليها ياسين وقال:
-هكون رايح فين يعني يا حبيبتي …رايح الشغل …مروحتش امبارح ولازم اروح النهاردة…
مطت شفتيها بحزن مصطنع وقال:
-يعني مينفعش تأخد إجازة النهاردة كمان … عايزاك تبقى معايا النهاردة …ممكن ؟!
تنهد وهو يقترب منها ويقبل رأسها قائلاً:
-قريب اوووي هاخد إجازة كبيرة يا روحي وبعدين هبقى معاكي طول اليوم بس النهاردة ضروري اروح …..
ابتسمت وقالت:
-خلاص يا حبيبي مفيش مشكلة روح …
قبل شفتيها سريعا ثم ابتعد وقال:
-ماما وياسمين هنا يعني متخافيش ووالدتك كمان جاية هياخدوا بالهم منك اووي لحد ما اجيلك وانتِ هتبقي مؤدبة ومش هتتحركي من مكانك الا للحمام وبس مفهوم …
-مفهوم يا باشمهندس
قالتها مداعبة اياها…
-جدعة يا مرات الباشمهندس…
قالها ضاحكا وخرج من الغرفة وقد حمل ثيابه وخرج متجها الى الحمام …وقابل والدته فقال:
-ماما خلي بالك من ورد متخليهاش تعمل حاجة ممكن.؟!
-اكيد يا ياسين بس انت رايح الشغل …
-ايوة يا ماما رايح الشغل ..
اجاب ياسين بثبات ولكن والدته نظرت إليه بإرتياب وقالت :
-ياسين هتروح الشغل …
-أنتِ عندك شك اني هروح مكان تاني يا امي ….
تنهدت والدته وقالت:
-انا متأكدة يا ياسين أنك رايح عندها …يا ابني خلاص سيبها منها لله هو اللي يحاسبها المهم انكم رجعتوا تعملوا اللي قالكم عليه الشيخ أمجد.والتزمتوا في الورد والصلاة مش مهم الباقي …..
تنهد ياسين …والدته كالعادة تكشف الذي سيفعله قبل ان يفعله لا يعرف حقا كيف تفهمه بتلك الطريقة …ولكنه كان مصمم على ان يذهب لجوري….ولا أحد سوف يمنعه…قبل ياسين رأس والدته وقال:
-متخافيش يا ماما أنا مش متهور ولا هعمل حاجة تورطني في أي مشاكل …
ثم ولج للحمام …
هزت والدته رأسها بيأس …انها تعرف كم ان ابنها عنيد ..هو لن يستسلم وسيفعل ما برأسه …لا أحد يستطيع اقناع ياسين بشئ لا يريده….تنهدت هي وقالت:
-ربنا يسترها عليك يا ابني ويهديك يا رب …
تتمنى من كل قلبها الا يتهور أبنها أي شئ قد يؤذيه …تريده فقط ان يبتعد عن تلك المرأة الخبيثة…فهي تعرف كم ان جوري امرأة ليست سهلة أبدا!!!
….
استحم ياسين بسرعة ثم خرج وارتدى ثيابه في غرفته بينما ورد كانت تنظر إليه وهي مبتسمة وقالت:
-القميص الأزرق بيليق عليك اووي …
-وايه الجديد أنا كل الالوان بتليق عليا …اصلا الهدوم بتبقي حلوة عشان أنا بلبسها …
عبست وقالت بغيظ :
-امتي تبطل النرحسية اللي فيك دي يا ياسين …الواحد بيندم انه بيقولك كلمة حلوة …
ضحك ياسين بتسلية وقال:
– عمري ما هبطل نرجسية طول ما أنا متجوزك …
هزت رأسها بيأس…
…..
انتهي ياسين من ارتداء ملابسه ثم خرج من المنزل بعد ان وصى والدته على ورد واستقل سيارته ثم أنطلق بها….اتصل بزميله وأخيره انه لن يأتي الى العمل اليوم …ثم اتجه بسيارته الى منزل والدة جوري …قرر ان ينهي الأمر …يجب أن ينتهي كل شئ اليوم ….
……
وصل الى منزل والدة جوري ….
-اهلا يا ياسين أتفضل يا بني …
قالتها والدة جوري بود فرغم كل شئ هي تحترم ياسين كثيرا وشعرت بالحزن عندما ترك ابنتها …
ولج ياسين للمنزل وقال بنبرة جامدة :
-اتصلتي بجوري ؟!
هزت رأسها وقالت:
-ايوة يا بني اتصلت بيها زي ما قولت مرضتش اقولها أنك اللي طلبت مني كده …بس هو فيه ايه ياسين …ليه عايز تشوف جوري هنا ؟!هي عملت حاجة تاني يا بني …
ضحك ياسين بسخرية وقال:
-والله يا ست الكل بنتك مبيتتهدش غير اما تعمل كوارث ونضطر أنا وانتِ نلم وراها مصايبها اللي متنطورة في كل حتة دي …أنا معرفش كنت مستحمل عيلة زيكم ازاي …ده أنا ليا الجنة …
عبست هي وقالت:
-فيه يا ابني ؟!
ضحك ياسين مرة أخرى وقال:
-والله يا حاجة أنا بحسدك على الروقان اللي انتِ فيه ده …سبحان الله أنا شايل الطين بسبب الغندورة وانتِ بكل روقان بتقولي فيه ايه يا بني …أنا لو كملت في الجوازة دي كنت هتجلط منك انتِ وبنتك …
عرفت ان جوري بالتأكيد قد فعلت شئ خطير …
-شكل اللي عملته المرة دي صعب وكبير …
-يوووه يا حاجة دي فضيحة بجلاجل بنتك المرة دي هتدخلكم السجن او أنا هدخل السجن بسببها بعد ما اقتلهالك بإذن الله …
ارتبكت هي أكثر …بينما قلبها يدوي داخل صدرها…ماذا فعلت ابنتها الغبية الآن ؟!الن تكف جوري عن محاولتها تسميم حياة من حولها …نظرت الى ياسين بتوتر لتجد إمارات الغضب على وجهه وعرفت ان الأمر الآن ليس هين أبدا….رنين جرس المنزل اخرجها من شرودها …ابتسم ياسين في وجهها وقال :
-افتحي لبنتك الغندورة خليها تدخل ….
هزت هي رأسها بسرعة واتجهت الى الباب وفتحته لتجد جوري تنظر إليها بتعب وتقول:
-خير يا ماما عايزاني في ايه ؟!
-ادخلي يا بنتي …ادخلي …
عبست جوري ولكنها لم تجادل اكثر من هذا بل ولجت الى المنزل ….فجأة تجمدت وهي تجد ياسين بصالة المنزل يجلس على الأريكة بكل راحة …
-اهلا …اهلا بالغندورة …اتأخرتي ليه عليا يا قلبي ؟! أنتِ مش عارفة ان بعدك عني جحيم …
اتسعت عيني جوري بدهشة وهي تسمع كلماته …نهض ياسين وهو يقترب منها وقد توحشت عينيه…شعرت جوري للحظات بالخوف منه وازدردت ريقها بصعوبة وهي تتراجع للخلف …
-انت …انت بتقرب ليه يا ياسين …
-ايه مش عايزاني أقرب منك يا عيون ياسين …ده أنتِ كنتِ هتموتي عشان أقرب منك نسيتي القميص الأزرق وردني يا ياسين …انبسطي يا جوري السحر اللي عملتيه جاب نتيجة !!!!
توسعت عينيها على الآخر وهي تنظر إليه برعب …لقد عرف …عرف …تلعثمت وهي تقول :
-س…سحر….سحر ايه ؟!!!
-أنت هتستهبلي يا روح أمك …جرا ايه يا بت فاكراني حمار ولا ايه ؟!!السحر اللي عملتيه كنت الدجال المعفن بتاعك اسمه عدلي صح ؟!أه سمعت عنه …
نظر اليها من اسفل الى أعلى يقرف وقال:
-وعارف طريقته الرخيصة في السحر …وأكيد أنا عارف جنب الفلوس انتِ قدمتيله ايه …جسمك صح ؟!!
-ايه اللي بتقوله ده يا ياسين ؟!
صرخت والدة جوري وهي لا تفهم ما الذي يحدث.
برقت عيني ياسين وقال:
-اقولك أنا يا حجة …بنتك المحترمة عملت سحر لمراتي عند.دجال رخيص زي اشكالها اسمه عدلي ولو سألتي عنه هتعرفي طرقه الرخيصة وبنتك المحترمة عشان تفرق بيني أنا وورد قدمت جسمها هدية ليه…يا ترى خلتيه يلمسك كام مرة عشان تعملي سحر …بعتي نفسك ليه كام مرة يالا انطقي عايز اعرف قد ايه انتِ رخيصة ومعندكيش شرف ولا حتى اخلاق …
-الكلام ده صحيح يا جوري …
قالتها والدتها بصدمة وهي تقترب منها … كانت لا تصدق ان ابنتها اتبعت هذا الطريق…لا تصدق !!!
احست انها بحلم بشع …مدت والدة جوري كفها وشدت شعر ابنتها وهي تصرخ:
-انطقي يا بت اللي بيقوله ياسين ده صح…..
ثم بدأت تصفعها بقوة وتضربها وهي تقول :
-أنت عمرك ما هتتغيري…هتبقي مختلة زي أبوكي …زي أبوكي بالضبط …..
ثم شدتها من ذراعها وادخلتها الغرفة واغلقت عليها وهي تصرخ:
-مش هتطلعي من هنا تاني يا جوري …انسى أنك تعتبي برا الأوضة دي …هتفضلي فيها لحد ما تموتي!!!
لهثت والدة جوري وهي تضع كفها على قلبها ونظرت الي ياسين وكادت أن تعتذر الا ان ياسين قال :
-انا هبلغ عن الدجال ده عشان يتحبس …بس على قد ما جوري غلطانة…غلطك أكبر أنك اهملتي بنتك ومش عرضتيها على دكتور. نفسي الحقيها عشان هي بقت خطر على نفسها وعلى اللي حواليها….سلام يا هانم …
ثم استدار وغادر لتجلس هي على الأرض وتجهش بالبكاء ….
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
كانت تجلس على مكتبها …العيادة اليوم هادئة نوعا ما …والعمل ليس كثيراً وهذا لم يساعدها ابدا فقد وجدت نفسها تفكر في يحيى وكلامه …رباه هي عاجزة تماما عن نسيان ما قاله لها!!!هي تفكر به كثيرا منذ البارحة …حتى انها قضت الليل كله تبكي على حظها …لما لا يمكنهما ان يكونا سويا …لما لا يمكنهما الحصول على سعادتهما !!!لما كل شئ ضدها !!!!…
هزت رانيا راسها وهي تخرج كل تلك الافكار من عقلها…لا ترغب ان تفكر به بعد اليوم …لقد اتخذت قرارها وانتهى الأمر …دعكت عينيها بتعب وقد بدأ يتوافد مرضى قليلون الى العيادة وانشغلت هي بعملها ….
…..
في المشفى …
كان جالس هو على كرسيه الدوار يتحرك به وهو يفكر فيها …لا يستطيع التوقف عن التفكير بها ….انها تشغل عقله بالكامل ……أصبح شارد معظم الوقت حتى أنه تجنب الجدال مع والدته بسببها ….ووالدته التي شعرت بحزنه لم تضغط عليه اكثر من هذا بل التزمت الصمت …وعندما اخبر والده بسبب رفضها له اخبره ان يحاول مجددا …ولكن الى متى سوف يحاول …هل ستقبل يوما ان ترتبط به…يعرف ان ارتباطهما صعب …يعرف ان والدته لن تصمت وسوف تصل جام غضبها على رانيا …يجب أن يتأكد أولا انه سوف يستطيع حمايتها ليرتبط بها …لا يمكنه الزواج بها وتركها لوالدتها لكي تفرغ فيها احباطها لا يمكنه أن يفعل برانيا هذا …لا يمكن …
نهض وهو يشعر بالضيق ونظر الى النافذة وهو يقرر ان يذهب إليها اليوم ويتكلم معها مرة آخرى …سيعدها انه سوف يحميها لن يترك احد يهينها وحتى انه سوف يتزوجها في منزل بعيد عن والدته…فقط لتكون له …هو حقا يحبها ….
هز رأسه وهي يخرج كل تلك الافكار من عقله ويخرج من المكتب وهو ينهمك في عمله ويقرر ان ينساها ولو قليلا حتي ينتهي دوامها ويذهب إليها ….
….
بعد انتهاء دوامها …
خرجت من عيادة الدكتور جورج وهي شاردة لتجده امامها…لم تغضب او تنفعل بل تنهدت ودقات قلبها تتسارع …اقترب هو منها مسرعا وقال:
-المشكلة اني مش قادر انساكي …
أطرقت وجهها بخجل فقال بإضطراب :
-أعمل ايه عشان تكون لينا فرصة ….
نظرت إليه وقالت:
-تقدر تستناني ؟!تستنى لحد ما اتعلم وأليق بيك .؟!دي الطريقة الوحيدة عشان يكون لينا فرصة مع بعض اني أقصر الفروق اللي بيننا …هتقدر ؟!
….
في احد البارات …
كان هو يجلس بينما يشرب وهو ينظر الى هاتفه حيث كانت صورة ليان هى خلفية لهاتفه ….كان يتلمسها برقة بينما يشعر بالدموع تلسع عينيه …لحظات وكانت الدموع تنسكب من عينيه بينما يكتم فمه كي لا يجذب انتباه أحد …شعر بقلبه يعتصر داخل صدره…لقد خسرها للأبد …للأبد ولكن كان هذا لمصلحتها فهو لا يمكنه ابدا ان يضحي بها …لا يمكن أن يعرض حياتها للخطر ولا يمكنه أن يفقدها كما فقد روان ..فلو حدث هذا هو لن يعيش …سوف يقتل نفسه حقاً …
أغمض عينيه وهو يتذكر ما حدث قبل خطبته …
……
كان يقف أمام المرآة وهو يصفر بسعادة…لا يصدق ان اليوم سوف يرتبط بها رسميا وبعدها سوف يتزوجها لتكون ملكه للأبد !!!
هذا أفضل شئ حدث له في حياته …ان يتزوج ليان أخيراً وتكون ملكه …انه لم يحب احد من قبل مثلها …لقد استولت عليه بطريقة لم يفعلها احد من قبل …لقد سبته بالفعل …سابية القلوب تلك ….
رنين جرس منزله اخرجه من شروده …خرج من الغرفة وهو يتجه الى الباب ليفتحه فجأة تجمد وهو يرى فتاة جميلة و سمراء تقف أمام المنزل تنظر إليه بقلق وتقول:
-ازيك.يا قيصر .
-مايا …أنتِ !!!!
ولجت للمنزل بسرعة بينما تسارعت دقات موسى والرعب يعصف به …مايا تكون عشيقة صاموئيل …هل وجده صاموئيل؟!….
كل تلك التساؤلات كانت تعصف بعقله ولا توجد امام عينيه الا صورة واحدة فقط …صورة ليان وهي ميتة !!!!!
لسعت الدموع عينيه…رباه لا …هو سوف يموت لو هذا حدث ….يجب أن يحمي ليان مهما حدث …
اقترب موسى من مايا ونظر إليها برعب…
-متخافش يا قيصر انت تعرف اني عمري ما أذيك…صحيح أنا عشيقة صاموئيل بس ولائي ليك أنا عمري ما هنسى انت ساعدتني قد ايه …أنا جاية هنا عشان أقولك ان صاموئيل بيراقبك وعايز يعرف انت بتحب مين لانه شاكك وعايز يقتلها بنفس الطريقة اللي قتل بيها روان …هو شايف ان دي الطريقة الوحيدة اللي يقدر يدمرك بيها …صاموئيل اتجنن يا موسى …مستعد يعمل أي حاجة عشان يحرق قلبك زي ما حرقت قلبه على ابنه وهربت …
كان موسى يتنفس بصعوبة …يشعر انه سوف يموت …مستحيل هذا ليس صحيح …رباه هو لو ارتبط بليان الآن بالتأكيد. صاموئيل سوف يعرف انها هي حبيبته…سوف يعرف ان ليان هي الفتاة التي يحبها وسوف يؤذيها وهو لن يسمح له أن يفعل هذا ابدا ….لن يلمس أحد ليان …ان اضطر حتى لإحراق قلبه ولكنه لن يسمح لأحد بأن يؤذي من يحبها أكثر من الحياة. …..
….
عاد من شروده وهو يتذكر ان بعد ذهاب مايا مباشرة ذهب لليان واخبرها انه لا يحبها …كان يريد ان يبعدها عنه …يريد ان يحميها ولكن قلبه من يحترق الآن …هو من سوف يموت ….مسح دموعه بقوة ونهض وهو يشعر بالتعب….خرج من البار وهو يستقل سيارته وينطلق بها مسرعاً….
….
بعد دقائق معدودة وصل لمنزله وخرج من سيارته ليجد مايا تقف امام البناية وهي تفرك كفيها بتوتر واقترب منها ليتكلم معها …
كانت ليان تقف بعيد والدموع تنفجر من عينيه وهي تراه يمسك كف تلك الفتاة الجميلة ويصعد بها للأعلى ….
……
فُتح الباب ليدخل موسى ومايا سويا …قال موسى بتعب :
-اقعدي هنا مؤقتا لحد ما نشوف هنعمل ايه في المشكلة دي …متخافيش يا مايا أنا معاكي …
هزت مايا رأسها وقالت:
-صاموئيل واحد معندوش قلب يا موسى خايفة يعمل فينا حاجة …
-مش هيقدر يعمل حاجة متخافيش يالا روحي ارتاحي و ….
قاطع كلامه رنين جرس المنزل …عقد حاجبيه بحيرة …
-ده…ده أكيد صاموئيل جاي وهيقتلنا !!!
-بس متخافيش اهدي ..
نظر من العين السحرية لتتسع عينيه ويفتح الباب وهو يقول بخشونة:
-بتعملي ايه. هنا في الوقت ده يا ليان ؟!!!!
دخلت ليان وصرخت بشراسة :
-قولي انت البنت دي بتعمل ايه هنا عندك وفي الوقت ده يا أستاذ …ومين دي اصلا ؟!
-وأنتِ مالك ؟!
قالها ببرود لتبهت هي فيكمل
-أنتِ ليه لحد دلوقتي بتجري ورايا؟!!
-عشان بحبك …وانت بتحبني وعايزة اعرف سيبتني ليه ؟!
-هو انتِ افتكرتي اني بحبك بجد ؟!للدرجادي انتِ غبية يا ليان ؟!
قالها موسى بقسوة لتنفجر الدموع من عينيها فيكمل هو :
-انا عمري ما حبيتك ولا عمري هحبك …أنا كنت بتسلى بيكي ولما لقيت الموضوع داخل في سكة الجواز قولت اخلع …
جذب الفتاة السمراء التي بجواره وضمها وأكمل :
-ليه أتجوزك واقيد حريتي وابقى مع ست واحدة
هزت رأسها دون تصديق وقالت ببكاء:
-موسى ليه بتعمل كده ؟؟من يومين بس كانت مفروض تكون خطوبتنا وانت كنت مبسوط ..ازاي دلوقتي اجي بيتك والاقيك مع واحدة….ليه بتحاول تبعدني عنك…ليه ؟!ليه عايزني اكرهك ؟!
ابتعد عن السمراء واقترب وهو يقول بغضب:
-عشان معندكيش كرامة …قولتلك مبحبكيش …مبحبكيش …..ورغم اني قولتلها كتير مصممة برضه تبقي معايا وانا مليت..يالا اطلعي من بيتي مش عايز اشوف وشك تاني …يالا …
ثم كاد ان يجذبها من ذراعها ليخرجها من المنزل الا انها ابتعدت وهي تقول من بين شهقاتها :
-انا …أنا هخرج من هنا لوحدي ..وعمري ..عمري ما هسامحك يا موسى …أنا مستحيل ارجعلك …مستحيل ولو حتى جتلي راكع على رجليك مش هرجعلك يا موسى …مش هرجعلك…وعمري ما هسامحك على كسرة قلبي وهدعي دايما يجي اللي يكسر قلبك زي ما كسرت قلبي وندمتني اني في يوم حبيتك …أنا كرهت الحب بسببك …وكرهت نفسي عشان حبيتك وده كله بسببك !
ثم غادرت راكضة وهي تكتم فمها بينما دموعها تنفجر اكثر فأكثر …لن تسامحه ابدا …ابدا !!!!
تراجع موسى وجلس على الأريكة بتعب …الدموع احتشدت بعينيه …لقد جرحها مجددا …حطمها الآن نهائيا …ليته لم يفعل هذا…ليته قُص لسانه قبل ان يتفوه بكل تلك الأشياء ولكنه كان خائف عليها …خائف ان يضعف ويعود لها فيعرف صاموئيل انه يحبها …تنهد بتعب وأغلق عينيه بينما الدموع تنساب منهما…
-هي دي اللي بتحبها ؟!
كان هذا سؤال مايا الذي اخرجه من شروده …هز رأسه بسرعة وقال:
-لا لا انا مش بحبها …مش بحبها …
-انت بتكدب عليا ولا بتكدب على نفسك يا قيصر انت بتحبها ده باين في عينيك….يمكن هي بسبب غضبها مشافتش الحب اللي في عينيك بس أنا شوفته …بس الغريبة مادام بتحبها بتبعدها عنك ليه؟! …
ابتلع ريقه ونظر الى مايا وقال:
-فكري شوية كده وهتعرفي ليه!!
جلست بجواره وهي تقول :
-عشان صاموئيل يعني ؟!…طيب ما تبقى معاك وتحميها ده أمن ليها من أنك.تسيبها …
هز موسى رأسه وقال:
-مظنش هقدر احميها …هفشل زي ما فشلت احمي روان يا مايا وهخسرها زي ما خسرت روان …ووقتها مش هتحمل …مش هتحمل أبدا !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡
-بس اليوم كان حلو اوووي …
قالتها عبير وهي تضحك برقة بينما تمسك كف أمير وتدخل غرفتها …
شدها أمير إليه وقال؛
-وهيبقى احلى دلوقتي .
ثم اقترب لكي يقبلها ولكنها ابتعدت بدلال وقالت:
-لا معلش هفتح موبايلي ثانية اشوف حاجة وبعدين انا ملكك …
رغم ضيقه الأ انه وافق …
فتحت عبير هاتفها لتطمئن على جواهر…ستتصل بها مرة واحدة قبل أن تذهب إليها غدا ….ولكنها عبست وهي تجد تنبيهات بإتصالات عديدة من عدي …
خفق قلبها برعب واتصلت به ….
وما أن رد وقبل أن تتكلم كان قد اخبرها ما حدث فصرخت برعب قائلة :
-أيه ؟!مامة جواهر ماتت ؟!!!!!!
يتبع….
(بداية النهاية)
للألم نهاية بالتأكيد …في يوماً ما ستزين السعادة وجوهنا …يوماً ما سنضحك من قلوبنا وستضمد روحنا المنكسرة .)
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في سيارة الأجرة …
كانت الدموع تنساب من عيني عبير وهي تقول بإختناق :
-يا حبيبتي يا حبيبتي اتصلت بيا كتير وانا كنت قافلة الموبايل …المسكينة كانت لوحدها …واحتاجتني وانا مكنتش موجودة …
كان أمير ينظر إلى عبير وهو يشعر بالذنب …فهو من طلب منها أن تغلق الهاتف كي لا يزعجهم أحد …ليته لم يفعل هذا …الذنب كان يقتله حرفيا بسبب ما حدث مع جواهر …المسكينة اضطرت أن تواجه موت والدتها بمفردها….اضطرت أن تعيش تلك اللحظات المروعة بمفردها…..اضطرت أن تعيش حزنها بمفردها …لن تسامح عبير نفسها على هذا ….
اخيرا وصلا إلى الحي التي تسكن به ترجلت عبير من السيارة مسرعة وهي تضع كفها على قلبها بينما ترى صوان العزاء….انفجرت الدموع أكثر من عينيها …صحيح هي لم ترى سوسن منذ زمن طويل ولكنها تتذكر كم كانت سيدة طيبة وجميلة…
أسرعت للمنزل ورأت العديد من الناس التي لا تعرفهم ومن بينهم كان عدي …اقتربت منه لاهثة وهي تقول :
-جواهر …
نظر عدي إليها بحزن وقال:
-قاعدة في الاوضة ..مش عايزة تخرج ولو حد دخل بتمشيه …أنا مش قادر اشوفها في الحالة دي …عايز اساعدها بأي طريقة ومش قادر يا عبير …ومش عارف اعمل ايه …
مسحت عبير دموعها وقالت بإختناق؛
-انا هشوفها متقلقش …
ثم ولجت للغرفة …
صوبت نظراتها إلى جواهر الجالسة على الفراش وهي ترتعش بقوة …لا أثر للدموع بعينيها فقط شاخصة عينيها في الفراغ …
عضت عبير على شفتيها بإنفعال وهي تحاول ألا تبكي ولكنها فشلت إذ خرجت شهقتها بقوة من شفتيها بينما الدموع تنفجر من عينيها أكثر وهي ترى صديقتها القوية في تلك الحالة …
اقتربت عبير من صديقتها وضمتها بقوة وهي تقول من بين شهقاتها :
-انا اسفة …اسفة يا جواهر …اسفة…
لم.تصدر جواهر اي رد فعل بل ظلت شاخصة بعينيها …
-جواهر …جواهر ردي عليا ارجوكي …
كانت تتكلم عبير وهي تبكي ولكن جواهر ترفض الكلام …
-جواهر أنا اسفة …اسفة اني اتأخرت سامحيني …بس ردي عليا أنتِ بتقلقيني كده ….
-ماما ماتت …
خرجت تلك الكلمات من فمها بنبرة تائهة …
نظرت جواهر بشرود إلى عبير وقالت:
-ماما ماتت …أنا كنت فاكرة أن ده كابوس ..بس طلع حقيقة…أنا نومت على أمل اصحى والاقيها موجودة بس لا مكانتش موجودة …عدي حاول يفهمني….حاول يرجعني لعقلي بس انا رفضت …قولت مستحيل تسيبني …ازاي تسيبني وانا مليش غيرها ؟! مش ممكن يكون ده كله كابوس …
شهقت عبير وهي تبكي وتضمها أكثر لتكمل جواهر :
-انا مودعتهاش حتى …محضنتهاش آخر مرة …افتكرت أن ده كابوس ونومت…الناس حاولت تصحيني عشان أودعها وانا رفضت …أنا اخترت اهرب …أنا مش كويسة …مكنتش جمب امي لا في تعبها ولا حتى لما ماتت …أنا بختار الهروب دايما أنا مش انسانة كويسة يا عبير …أنا اذيت ماما …
-ششش ..اهدي …اهدي …
هزت رأسها وقالت:
-انا نفسي اشوفها يا عبير …عايزة اشوف ماما …عايزة احضنها لثواني بس …عايزة …عايزة …
نهضت فجأة وقالت وهي تضع كفيها على اذنيها ثم اصبحت تصرخ بعنف ….
-جواهر …
قالتها عبير برعب وهي تراها منهار بتلك الطريقة ….
ولكن جواهر سقطت على الأرض وهي تصرخ وتبكي وكأنها أدركت أخيرا حجم خسارتها …اقتربت عبير بهلع وهي تحاول ضمها ولكن فشلت …فشلت في السيطرة على. انفعالاتها ….
-جواهر …اهدي…اهدي….
صرخت عبير وهي تبكي وعندها دخل عدي وأمير الغرفة …بهت عدي وهو يرى انهيار جواهر …اقترب منها وعانقها بقوة وهي يحاول تهدئتها …سكنت بين ذراعيه قليلا ونظرت إليه والدموع تغرق وجهها :
-ماما راحت من غير ما اودعها يا عدي …هاتها بس ابوسها واحضنها ..عشان خاطري يا عدي احضنها بس رجعها ابوسها وادفنها تاني …
كانت عبير تضع كفها على فمها والدموع تجري على وجنتيها بدون توقف …ألم شديد في قلبها …حالة جواهر الآن فكرتها بحالتها عندما توفت والدتها …هي تعرف شعور فقد اهم شخص في حياتك ….
أغمض عدي عينيه محاولا السيطرة على نفسه إذ شعر بالدموع تلسع عينيه…..ضمها بقوة أكبر وقال بنبرة مرتعشة :
-اسف…آسف يا جواهر ..
-عشان خاطري رجعهالي يا عدي هبوسها بس والله هبوسها واحضنها بس مش هعمل حاجة تاني …عايزة اودعها يا عدي …عشان خاطري جيبها ابوس إيديك …
ثم أخذت تضربه على صدره وتصرخ:
-بقولك جيبهالي …جيبها عايزة اشوفها….عايزة اشوفها يا عدي !!!!ماما جيبلي امي يا عدي …جيبها
-جواهر !!!
قالها عدي مصدوما وهو يحاول تهدئتها ولكن عبثاً …كانت تتصرف بجنون تام …تصرخ بقوة وتضربه ثم تتجه يديها الى وجهها وتضرب نفسها …كان الامر جنوني للغاية …هي منهارة ولا تهدأ …تهذي بكلمات غير معقولة والدموع تطفر من عينيها بشدة ….كان عدي يلهث من فرط الجهد الذي يبذله لكي يسيطر عليها …ولكنها لم تهدأ …لم تهدأ واستمرت بالصراخ …ولكن فجأة بدأ صراخها يخفت …أغمضت عينيها بتعب وقالت:
-انا عايزة انام. ..عايزة ارتاح يا عدي .
قبلها عدي على رأسها وقال بإختناق :
-ارتاحي يا حبيبتي ارتاحي …
بعد عدة دقائق وهو ما زال يضمها غرقت بالنوم …
حملها عدي بين ذراعيه وهو يتنهد بتعب ثم وضعها على الفراش وجلس بجوارها …كان قلبه يتمزق وهي بتلك الحالة المريعة …لقد لاقى ألمها صدى كبير في قلبه…كم تمنى ان يخفف عنها …يعتذر منها ويخبرها انه آسف …آسف لانه لم يكن بجانبها …آسف لانها تتألم وهو عاجز عن فعل اي شئ لها …
كانت عبير تبكي بين ذراعي أمير ….قلبها يعتصر من الألم وهي ترى رفيقتها في تلك الحالة …لا تشعر لماذا ولكن ضميرها أيضا يؤنبها …تشعر انها ابتعدت عن جواهر لم تكون الصديقة الجيدة لها …مهما حاولت اقناع نفسها بالعكس تفشل تماما في هذا …كل المبررات التي يقدمها عقلها لا يقبله ضميرها الذي ما زال يجلدها …
نهض عدي وهو يشعر بالإنهاك وقال ؛
-أنا بقول نسيبها ترتاح شوية …
ابتعدت عبير عن أمير وهي تمسح دموعها وتقول بصوت خافت :
-مش مفروض نعرضها على دكتور …حالتها صعبة اووي يا عدي أنا خايفة تأذي نفسها ….
احتل الرعب قلبه وهو يفكر بالأمر …صحيح ماذا إن حاولت إيذاء نفسها ؟!فحالة جواهر تقلقه …هو يريد ان يضعها تحت عينيه…يراقبها ويهتم بها وهذا لن يحدث الا بزواجها منه …يجب أن يتزوجها بسرعة ويذهب بها من هنا. …يحاول أن يساعدها…لن يتركها تعاني بمفردها….
-احنا هنفضل معاها مش هنسيبها …هي محتاجة حد جمبها يا عبير …أنا هفضل معاها وانتِ كمان افضلي معاها…
هزت عبير رأسها وقالت بقوة :
-اكيد هفضل معاها مش هسيبها ابدا ….مش هعمل كده ..
ثم اتجهت إلى الفراش وجلست بجوارها وهي تمسك كفها بقوة والدموع تطفر من عينيها…تذكرت كل تلك الأشياء التي فعلتها جواهر من اجلها….كل تلك المشاكل التي واجهتها فقط من أجلها …جواهر فعلت الكثير من اجلها وهي يجب أن ترد لها المعروف …يجب أن تقف بجوارها الآن …
قبلت رأسها وهي تربت على كتفها بينما الألم داخلها يتفاقم
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ليان ..ليان كفاية !!!
قالتها نسرين والدموع تطفر من عينيها بينما ليان تبكي بهذا العنف …كانت ليان تضم نسرين بقوة وهي تبكي …قلبها يحترق كلما تذكرت ما فعله وما قاله …كيف يكون بتلك القسوة معها كيف …كيف يكسر قلبها بتلك الطريقة ..لا تصدق أن من أحبته يفعل هذا بها ….
-هموت يا نسرين هموت …روحتله ولقيت عنده واحدة …قالي مرة تانية أنه مبيحبنيش وطردني من بيته …شوفته معاها يا نسرين …حضنها قدامي …كنت بموت يا نسرين وانا بشوفه ليه بيعمل فيا كده ليه…أنا عملتله ايه يا نسرين ؟!
تنهدت نسرين وهي تربت على ظهرها …قلبها يتمزق بسبب ما تعانيه صديقتها حقا قد كرهت موسى …كرهته كثيرا كيف يفعل هذا بها ؟!لقد أحبته فعلت من أجله الكثير …ليان ابدا لا تستحق تلك المعاملة …هي تستحق أن تعامل جيدا …فيكفي أنها أعطته قلبها …قبلت نسرين رأس ليان وقالت :
-والله ميستحقش ولا دمعة من عينيكي يا لي لي…هو واحد حقير …خلاص انسيه …
-مقدرش أنساه يا نسرين مقدرش …ده اول حب في حياتي …مش سهل الموضوع زي ما أنتِ فاكرة …أنا بحبه اووي يا نسرين …بحبه حتى اكتر من حياتي ورغم اللي عمله بحبه برضه …مش قادرة ابطل احبه يا نسرين …حاسة اني هموت …حاجة جوايا اتكسرت وعمرها ما هتتصلح …أنا هتجنن كنا كويسين وكان فرحان اووي ليه يحصل ده فجاة ليه ؟!!..
-متفكريش كتير يا ليان فكري ازاي تنسيه …شيليه من حياتك زي ما شالك من حياته …خلاص بطلي تفكري فيه …
-ياريت اقدر يا نسرين ياريت …
قالتها والدموع تنفجر من عينيها لتبتعد نسرين قليلا وتعانق وجهها وتقول :
-لا هتقدري يا ليان ..هتقدري تنسيه …لو حطيتي في بالك انك هتنسيه …هتنسيه …أنتِ بس حاولي …طلعيه من دماغك ولا أنتِ اللي هتعاني بعد كده …
-هعاني اكتر من كده ؟!!
قالتها بقهر لتهز هي رأسها وتقول بتأكيد :
-ايوة هتعاني اكتر من كده يا ليان ..هتضيعي عمرك على واحد ميستاهلش ….موسى ميستاهلش دموعك دي ابدا ولا تروحيله تاني …ده ترميه من حياتك علطول …سمعتيني …متفكريش فيه تاني ….
ازداد انسياب دموعها وقالت بصوت مختنق :
-ياريت الموضوع بالسهولة دي …
شدت نسرين على كف ليان وقالت بقوة :
-عارفة أنه صعب عليكي …صعب جدا كمان …بس مش مستحيل يا لي لي …لازم تنسي وتتخطي عشان تعيشي ….
-أنا…نفسي ..اعرف عمل فيا كده ليه ؟!أنا عملتله ايه ؟!
-متفكريش كتير …فكري أنه انسان ميتساهلش …أنه خدعك …أن دموعك اغلى ما تنزل على حد غيره ..ليان حبيبتي والله ما يستاهل …
ضمت ليان صديقتها وهي تبكي …وقالت:
-شكرا …شكرا يا نسرين …شكرا انك جمبي ..شكرا …
-أنتِ اختي متقوليش كده …وانا معاكي دايما يا ليان …معاكي دايما ….
…….
بعد ساعة تقريباً ….
ابتعدت نسرين عن ليان التي نامت بهدوء كي لا تزعجها ….دثرتها بغطاء خفيف ثم قبلت رأسها ومسحت تلك الدموع التي تلطخ وجنتيها …
ثم خرجت بهدوء من الغرفة واتصلت بفؤاد ؛
-أيوة يا حبيبي ..
قالتها نسرين بنبرة خافتة ليرد فؤاد:
-ايوة يا حبيبتي…ايه اجي اخدك دلوقتي ولا أيه ؟!
عضت نسرين شفتيها بإحراج منه فهي قد وعدته أنهما سيحتفلان بمناسبة زفافهما الذي بعد يومين ولكن تراجع حالة ليان جعلها تلغي الفكرة …
-حبيبي معلش أنا النهاردة هبات مع ليان المسكينة حالتها صعبة …
كتمت أنفاسها وهي بإنتظار رده …توقعت الغضب أو التأفف ولكن فؤاد دوما ما يفاجأها إذ قال بكل بساطة:
-ماشي يا حبيبتي خليكي النهاردة معاها ولو احتاجتي اي حاجة اتصلي بيا هكون عندك فورا …
تألقت عينيها بسعادة وقالت :
-فؤاد أنا بحبك اووي فعلا بحبك …
ابتسم وقال:
-وانا كمان بحبك اووي يا نسرين خلي بالك من نفسك ..
-ماشي يا حبيبي سلام
أغلقت نسرين الهاتف براحة وقررت أن تدخل الغرفة لليان وتنام عندها …أرسلت رسالة لنهى تخبرها أنها سوف تنام عند ليان وقد أخبرت فؤاد بذلك ….
……..
-معرفش يعني ايه نسرين هتبات عند ليان وانا اكون اخر من يعلم …
هدر بها فؤاد بغضب لتنظر إليه نهى بدهشة وتقول :
-استأذنت من جوزها يا كريم ولا انت نسيت …
-طيب وانا ..أنا فين من حياتها يا هانم ؟!
نظرت إليه نهى ببرود وقالت :
-والله يا كريم انت اللي عملت كده …انت اللي بعدت البنت عنك فمتجيش تتضايق دلوقتي !!انت اللي بإيدك رميت كل المسؤولية على فؤاد وقررت انك ملكش دعوة بيها …ازاي دلوقتي جاي تطالب بحقوقك كأب ليها ازاي !!!!
امتقع وجه كريم وهو عاجز تماما عن التحدث …انها محقة …هو من أبعد ابنته عنه …هو من دمرها …هو يستحق …ولكن هل سيستطيع أن يصلح الوضع أم أن الأوان قد فات ؟!ذلك السؤال كان يؤرقه كثيرا ….
…..
في منزل موسى كان جالس على الأريكة بإنهاك…يشعر انه كمن فقد روحه …دموعها لا تتركه وشأنه …اخرج هاتفه وهو ينظر الى صورهما سويا …يتأمل ابتسامتها وابتسامة حزينة ترتسم على شفتيه …قلبه يتمزق بسببها ليته يستطيع قتل صاموئيل والذهاب إليه والاعتذار منها …كل ما يريده هو ان يبقى معها للأبد …هو لا يخاف الموت ولكنه يخاف الحياة دونها فالحياة دونها مرعبة …لا تحتمل ببساطة …
قرب الهاتف من وجهه ثم قبل صورتها وقال:
-حقك عليا يا حبيبتي ..حقك عليا اخلص من صاموئيل واعوضك عن كل حاجة …هعتذر منك على أي حاجة غلط قولتها ..هفضل وراكي لحد ما تسامحيني …ده وعد
-بتحبها اووي كده ؟!
قالتها مايا وهي تقترب منه …انها تعرف ألم العشق جيدا …ألم تحب صاموئيل ولكن هذا الحب كان من طرف واحد …فهو دوما اعتبرها عشيقته …لم يهتم بها ابدا …كسرها مرارا حتى أنه حاول قتلها مرة ولم يساعدها الا قيصر ….
-هي روحي !
قالها موسى بنبرة مختنقة لتتنهد مايا وهي تذهب وتجلس بجواره كم هذا مؤلم …مؤلم عندما تدفع حبك الحقيقي بيدك …كانت تشفق كثيرا على موسى هو لا يستحق هذا …كم تتمنى ان تساعده ولكن كيف؟!موسى لن يتحرر من مخاوفه الا بموت صاموئيل …
-أنت لازم تقتل صاموئيل يا قيصر …لازم تقتله…
نظر إليها موسى بصدمة لتهز له رأسها وتقول:
-هو واحد لا عنده قلب ولا ضمير …مش هيسيبك في حالك ولا هيسبني أنا كمان …صحيح أنا بحبه بس بحب نفسي اكتر …وخايفة ليقتلني …عشان كده يا قيصر لازم نتخلص منه …لازم !!!
-الموضوع مش سهل خالص يا مايا …وانتِ عارفة …صاموئيل مش سهل وانتِ عارفة كده …ممكن ببساطة يقتلنا احنا الاتنين …
هزت مايا رأسها مؤكده على كلامه وقالت:
-عندك حق …بس لحد امتى هنفضل خايفين ومستخبين منه ….قيصر انت الوحيد اللي وقفت في وشه….انت الوحيد اللي قدرت تكسره وتقدر تقتله كمان …أنا هساعدك بس خلينا نتخلص منه …أنا مش عايزة أعيش في الرعب ده اكتر من كده لو سمحت حط ايدك في ايدي عشان أنا أعيش حياتي …وأنت تعيش حياتك مع حبيبتك من غير خوف …
كلماتها القوية بدأت تنفذ لعقله …كل مشاكله سوف تحل لو قتله. ..وسوف يأخذ بثأر روان…
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي….
خرج من الحمام وهو يرتدي المئزر بينما يجفف شعره الذهبي جيدا …ذهب ووقف أمام المرآة وهو ينظر إلى انعكاسه ويتنهد بقوة ما زال يتذكر كلامها له …لقد وافقت عليه ولكنها لن تكون معه الآن…طلبت منه أن ينتظرها فهل هو قادر على هذا ؟!!دعك عينيه بتعب وهو يتذكر كلامها له …
….
-انا عايزة اغير حياتي …عايزة افتخر بنفسي وأليق بيك عشان اقدر إرتبط بيك …مش هسمح لأي حد أنه يشاور عليا ويقول اني الخدامة اغرت الدكتور …لازم يكون ليا مكانة في المجتمع…
قالتها رانيا بقوة وعينيها تلمع بتصميم …
ليهز يحيى رأسه بإستنكار ويقول :
-ما طز في المجتمع يا رانيا أنتِ ليه شاغلة بالك بيه؟!أنا ميهمنيش كلام المجتمع ..كدا كدا هيتكلموا ..لو متكلموش عليكي هيتكلموا عليا …هيلاقوا أي حاجة يتكلموا عنها لان دي شغلتهم الكلام والتنظير بس …المشكلة انهم بيسيبوا مشاكلهم وعيوبهم ويركزوا في عيوب الناس التانيين …جيبيلي حاجة واحدة تمنع أننا نتجوز غير كلام الناس …جيبلي حاجة واحدة في الدين تمنع جوازنا …قولي .
-مفيش تكافؤ بيننا يا دكتور …الجواز من النوع ده بيفشل …
هز رأسه بإستنكار وقال:
-ازاي بتحكمي على علاقتنا بالفشل قبل ما تبدأ …ليه متفكريش في الخير بس …
أغمضت عينيها بتعب وقالت:
-عشان للأسف ده اللي هيحصل…والدتك مش هتقبل بيا …وهتحصل مشاكل كتير …مشاكل كتير اووي …لازم على الأقل اليق بيك عشان المشاكل دي تقل شوية يا دكتور ..
-انا هتصرف مع امي …هي ..
هزت رأسها وعينيها تلمع بفعل الدموع وقالت :
-مظنش يا دكتور …الفرق اللي بيننا صعب اووي …والدتك عندها حق تشوفك مع واحدة تليق بيك ….واحدة تقدر تمسك ايديها وسط الناس وتقول انها مراتك …
اقترب أكثر منها وقال وعينيه الزرقاء تلمع بقوة :
-انا همسك ايديكي انتِ وهقول بفخر أنك مراتي …أنا ميهمنيش الناس !!!
-بس أنا يهمني …
قالتها بإنفعال والدموع تنسكب من عينيها ثم أكملت :
-ليه مش قادر تفهم أنا اللي هواجه لوحدي كل الاهانة يا يحيي …أنا اللي هيشاور عليا ويقولوا الجاهلة اخدت دكتور. ….أنت مش هتقعد اربعة وعشرين ساعة معايا عشان تحميني …أنا اللي هبقى في وش المدفع…أنا اللي هتحمل كل الاهانة يا يحيى وصدقني مش هتحمل …أنا مش عايزة اتهان…أنا عايزة أليق بيك ….مستعد تستناني …
هز رأسه بيأس وقال:
-أنتِ عنيدة اوووي تعرفي كده ؟!!ايه العناد ده يا بنتي بقولك بحبك وعايز اتجوزك …همسك ايديك قدام الناس كلها وميهمنيش وهبعدك عن ماما …ليه الخوف ده كله …أنتِ مبتثقيش فيا ؟!
مسحت دموعها وقالت:
-بثق فيك بس انا عايزة كده ..عايزة اتعلم و ..
-ومحدش قالك متتعلميش يا رانيا …نتجوز وانا بنفسي هساعدك ده وعدي ليكِ ….
هزت رأسها بالنفي …كان الاصرار يلمع بعينيها إصرار لم يراه من قبل …كانت مصرة لتكون إنسانة افضل …كانت تريد التفاخر بنفسها …
-مش هتتراجعي عن قرارك ؟!
قالها بيأس فهزت رأسها وقالت:
-مستحيل …أنا عايزة اشوف نفسي في مكانة عالية مش عايزة حد يقول عني جاهلة …أيوة أنا بهتم بكلام الناس صحيح هما مش هيسكتوا ويتكلموا علطول بس على الاقل وقتها اكون عملت اللي عليا وضميري مرتاح …حتى لما اكون ماشية جمبك محسش اني قليلة واقدر اطلع معاك من غير ما اتكسف …أنا جاتلي فرصة اتعلم ومش هسيبها …انت حابب تستني ماشي مش حابب ده حقك …
أغمض عينيه بتعب وقال :
-هستنى قد ايه بالضبط معهد تمريض خمس سنين وكلية تلات سنين تمن سنين أنا هكون عجزت فيهم …
نظرت إليه بيأس وشعرت أن الامر صعب ليتنهد هو ويقول :
-ايه رايك في حاجة …تدخلي المعهد براحتك وبعدها نتجوز وانا هدعمك يا رانيا …مش هخلي حد يأذيكي ده حل مناسب …نتجوز بعد ما تبدأي دراسة في المعهد وانا يا ستي هدربك في المستشفى بتاعتي….
-طيب ممكن بس اعدي اول سنة فيه وبعدها نتجوز مش هخليك تستنى ده كله بس على الاقل اتجوزك وانا حاسة اني لايقة عليك …
-يعني هستنى سنة ؟!
أطرقت برأسها فقال :
-طيب بس تسمحيلي اشوفك ولو حتى من بعيد ….
رفعت عينيها البنية ونظرت إليه …أنه محاصر من قبلها …هالك لا محالة … ابتسامة حزينة ارتسمت على وجهه وهو يدرك أنها لن تتنازل عن شروطها وسوف هو يكتوي بنار الانتظار لمدة سنة !!!
عاد من شروده وهو يتنهد ..كيف يمكنها أن تكون عنيدة لتلك الدرجة لقد قدم لها قلبه وروحه …ولكن داخله كان يعرف انها محقة للغاية فوالدته لن تتركها وشأنها وربما في تلك السنة يستطيع إقناع والدته بها…يستطيع أن يخبرها أن حبه نحو رانيا حقيقي …ليس شفقة والأمر بالفعل صادم له ولها …فهو حتى لا يدرك متى أحبها ….لقد احتلته رويدا حتى رأي ان الحياة دونها لا تطاق …أغمض عينيه وهو يضع كفه على قلبه …لو فقط ترفق بقلبه !!!
……..
وقفت أمام المرأة وهي تلف خمارها بالطريقة التي تعلمتها من الخالة ماجدة …خطوة جديدة اتخذتها في حياتها …أرادت ان تكون قريبة من الله …لقد عرفت ان السعادة في قربه فقط …هي لن تكون سعيدة الا عندما تطرق بابه وتطلب عفوه ورحمته…فهي لم تحصل ابدا على السلام الا عندما بدأت بالإلتزام بتعاليم دينها ووقتها عرفت انها اضاعت حياتها عبثاً…عرفت انها بحاجة للهّ بحاجة للاقتراب منه …حتى موضوعها مع يحيى تركته لله …فقط دعت ان يصلحه لها ويصلحها له او يعطيها من ترضى به ويملأ قلبها وروحها إن لم يكن يحيى من نصيبها
تنهدت بسعادة وهي تتراجع قليلا وتري انعكاسها في المرآة الكبيرة التي اشترتها بالأمس وابتسامة سعيدة تزين ثغرها …صفرت وهي ترى نفسها أكثر جمالا …فعينيها البنية كانتا تتألقان بسعادة كبيرة …نظرت الى ساعتها آن الاوان لتذهب للعمل الآن تحركت خارجة من غرفتها ووجدت والدتها قد أنهت إفطارها ؛
-بالهنا والشفا يا أما…
قالتها رانيا مبتسمة وهي تقبل رأسها ثم احضرت ادويتها وقالت:
-ودلوقتي هتأخدي ادويتك وتقعدي عند خالتي ماجدة شوية لحد ما أنا أجي…
ضحكت رابحة وقالت:
-يا بنتي يعني خايفة عليا ما أقعد لوحدي …أنا كتير قعدت لوحدي ومخوفتش …
ابتسمت رانيا وقالت:
-معلش يا ست الكل عشان اكون متطمنة على الأقل …
تنهدت رابحة وقالت:
-ماشي يا بنتي على راحتك…أنا عارفة اني مش هقدر اغير رأيك …
-صحيح ويالا دلوقتي عشان تأخدي الدوا…
وبالفعل اعطتها الدواء ليرن جرس المنزل وتقول :
-واهي خالتي ماجدة جات …
ثم اندفعت لتفتح الباب لتتجمد وهي تجد امامها اخر شخص توقعت ان يأتي الآن وهو عمها !!
-أنت !!!هو احنا مش هنخلص ولا ايه ؟!جاي ليه ؟!
-ممكن تدخليني يا بنتي ؟
قالها بإنكسار لتنظر إليه بدهشة وقد بدت عليها الحيرة….
…
بعد قليل كانت قد ادخلته وجلست تستمع إليه …
-انا هرجعلك حقك في الورث يا رانيا .
قالها بتعب وهو يطرق رأسه بالأرض …
رفعت حاجبيها وقالت:
-واكيد ده هيكون بشروط…
هو رأسه ودموعه تتساقط على وجنتيه وقال:
-لا يا بنتي…من غير أي حاجة أنا هرجعلك حقك…أنا عرفت ان كل اللي حصلي ده بسبب اللي عملته فيكي انتِ وامك …خلتكم تحتاجوا وتعيشوا في الفقر وانا أخدت ورث أبوكي منك …سامحيني يا رانيا …سامحيني …أنا والله اتعلمت الدرس…..ابني عمل حادثة وفي المستشفى بين الحيا والموت وبنتي اتطلقت واتخرب بيتها…..
-لا حول ولا قوة الا بالله ربنا يصلح الحال…
قالتها بتأثر …رغم انه اذاها كثيرا ولكنها لم تتمنى ان يعاني أي من اولاده …
-يعني انتِ مسامحاني يا رانيا …مسامحاني يا بنتي !!
قالها بلهفة لتزدرد ريقها وتقول:
-مقدرش اقول كده ..مقدرش اسامح.بكل بساطة لاني انسانة مش ملاك …واللي عملته صعب بس عمري ما هدعي عليك ولا على واولادك هدعيلك دايما ربنا يصلح حالهم …
هز عمها رأسه بتعب وقال:
-بكرة بإذن الله حقك في ورث أبوكي هيوصلك كاش…مبلغ كويس اووي يا رانيا هتقدري تعيشي بيه مرتاحة من غير ما تشتغلي تاني… خلاص أخيرا هترتاحي
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-انا حاولت كتير اعوضك عن اللي عمله أبوكي فيكي…حاولت كتير اكفر عن غلطي في حقك لما سمحت ليه يأذيكي …حاولت كتير اخليكي إنسانة كويسة …واحدة محترمة وبنت ناس …حاولت كتير عشان متبقيش رخيصة زي ابوكي وللاسف الرخص بيجري في دمكم انتوا الاتنين …جوزتك لواحد البنات كلها بتتمني نظرة من عينيه …مهندس ومحترم وكان بيحترمك وربنا رزقك ببنت زي السكر ولكن رغم ده مشكرتيش ربك على نعمه وصممتي على جنانك وهوسك
كانت والدة جوري تتكلم وهي جالسة بجوار باب الغرفة التي حبست به جوري …كان قلبها يحترق …شعرت أن كل ما فعلته قد انهدم …ابنتها دمرت كل شئ …لقد ظنت أنها سوف تحاول ملاحقة ياسين كي يعود إليها …لم يخطر حتي في أحلامها أنها سوف تستخدم السحر لتجعل ياسين يعود إليها …كيف اصبحت ابنتها بهذا الاختلال كيف؟!
كانت العديد من الأفكار تدوي في رأسها…العديد من الاسئلة التي ليست لها أي إجابة ..
من الناحية الآخرى كانت جوري تجلس على الأرض والدموع تنفجر من عينيها وتقول :
-انا اسفة يا ماما …اسفة على كل اللي عملته …سامحيني ارجوكِ …أنا بس حبيت ياسين وكان نفسي يرجعلي لكن هو دايما كان بيصدني …بيعاملني كأني رخيصة ومليش لأزمة…قولتله كتير اني هتغير بس يرجع بس هو رفض وانا بحبه يا ماما …بحبه اووي …أنتِ فاكرة اني عايزة ارجعله عشان شايفاه سعيد مع مراته …بس لا أنا والله بحبه …بحبه اووي وعايزة اعيش معاه هو وبنتي …أنا عايزة اتغير يا ماما …مش عايزة أبقى وحشة ولا عايزة اكون زي بابا…أنا عايزة اكون إنسانة كويسة …زوجة كويسة لياسين وأم كويسة لبنتي…أنا اذيت ياسمين اووي يا ماما …اذيتها زي ما بابا آذاني وندمانة على اللي عملته وعايزة ابدأ من جديد يا ماما …عايزة اكون إنسانة كويسة …ساعديني ابقا.انسانة كويسة يا ماما
هزت والدتها رأسها وقالت بنبرة مخنوقة :
-لا يا جوري أنتِ عمرك ما هتتغيري …هتفضلي كده دايما زي ابوكي بالضبط …عمرك ما هتتغيري …هو زيك وعدني كتير أنه يتغير بس متغيرش …وأنتِ هتبقي زيه كده …هتوعديني مليون مرة انك هتتغيري بس أنتِ عمرك ما هتتغيري يا جوري هتفضلي كده دايما …دايما إنسانة حقودة عايزة تدمري حياة الناس اللي حواليكي ..ياسين كان جوزك …كان ملكك وبين ايديكي أنتِ اللي ضيعتيه من ايديكِ ….الراجل عانى معاكي وعمل المستحيل عشان يساعدك …بس أنتِ كنتِ مصرة تبقي وحشة مصرة تهدي كل حاجة …لحد ما كل حاجة تتهد على دماغك …سحر …بتلجأي للسحر وتكفري…وبتبيعي جسمك …تخلي واحد رخيص يلمسك ويوصلك …يا خسارة تربيتي فيكي …يا خسارة …مكنتش اتوقع انك تطلعي بالرخص ده …بس انا اللي غلطانة …أنا يا جوري كان مفروض أجيبك من شعرك واوديكي دكتور نفسي يعالج جنانك ده …بس انا دلوقتي اللي هعالجك بنفسي يا جوري …انتِ هتتحبسي هنا …مش هتشوفي الشارع ابدا ….أنا مش هطلعك من هنا ابدا ….مفيش حرية ليكي تاني وبعدها بعد ما تتأدبي تروحي معايا للدكتور النفسي يصلح الكلاكيع اللي جواكي اللي بسبب ابوكي دي
احمر عيني جوري من فرط الانفعال وصرخت :
-الكلاكيع دي أنتِ اللي عملتيها فيا مش بابا أبداً ….صحيح آذاني كتير بس أنتِ اذيتيني اكتر منه …أنتِ اللي كل ما اعمل حاجة غلط مهما كانت صغيرة تفكريني بيه وتقولي اني هطلع زيه ….زرعتي الفكرة دي في راسي …فهمتيني أن عمري ما هبقى سوية بسببه …أنتِ السبب يا ماما أنتِ السبب …أنتِ اللي دايما بتفكريني بيه …دايما بتقوليلي اني شبهه …محاولتيش حتى تخليني أنساه …دايما حاطاه بيننا …
-انا …أنا حاولت كتير اني اعالجك من جنانك زي ابوكي ..
صرخت والدتها وهي تضرب الباب بقوة لتصرخ جوري بقوتها وقد شعرت بأن جوفها يحترق .. :
-انا مكنتش عايزة دكتور …أنا كنت عايزاكي تحبيني …
-انا مكنتش بحبك يا جوري …بعد اللي عملته ده كله طلعت مبحبكيش ؟!
بكت جوري وقالت:
-لا محبتنيش…دايما بتفكريني بيه …حاطاه بيننا وبتقارنيه بيا انا ..أنا ذنبي ايه اتحمل ده كله ولا عشان أنا بنته ….ليه تحمليني نتيجة غلطتك انتِ انتِ اللي اختارتيه مش أنا …مش أنا خالص …
-بس …بس اخرسي….متبرريش فشلك وجنانك …أنا مش مسئولة على حاجة …انتِ السبب يا جوري …انتِ السبب …و…
فجأة توقفت عن الكلام وهي تسمع صرخة جوري والزجاج.ينكسر …
-جوري !!!
قالتها هي برعب ثم نهضت وفتحت الباب بسرعة لتصرخ وجوري تضربها بالمقعد الخشبي على وجهها…
وقعت والدتها أرضا وهي غارقة في دماءها لتهرب هي متجهة الى المكان الذي برأسها!!!
……..
كان جالس على الأريكة وهو يضمها إليه ويقبل رأسها …
-ايه رأيك نجيب ياسمين بكرة من عند حماتي …اصلها وحشتني أووي …
قالتها ورد وهي تنام على صدره وتنظر للتلفاز…
-ماشي نجيبها يا حبيبي …
-بحبك وانت رايق كده …
ضحك ياسين وقال:
-محسساني اني أربعة وعشرين ساعة مجنون …
ضحكت هي وقالت:
-لا العفو يا أخويا …انت سيد العاقلين …
نظر إليها ورفع وجهها وقال :
-أنا مجنون بيكي وبس …
ثم اقترب ليقبلها ولكن رنين جرس المنزل اوقفه …
ابتعد عنها بضيق وقال:
-مين الغلس ده بس ؟!
نهض وفتح الباب ليتراجع قليلا وهو يرى جوري هي ترتعش وكفها مخضب بالدماء :
-انا قتلت ماما …قتلت ماما يا ياسين !!
قالتها وهي تضحك بجنون!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
في عيادة الطبيب النفسي….
كان جالس وهو يشعر بالضياع…..عينيه.لامعة بالدموع بينما يقول :
-حضنتها يا دكتور …قولتلها اني آسف بس هي مشيت وسابتني …قلبي اتكسر وانا شايف بنتي بتبعد عني بالشكل ده …بس قلبي واجعني اكتر وانا عارف ومتأكد اني أنا السبب في كل ده …أنا اللي بعدتها عني بالشكل ده …أنا السبب في كل ده يا دكتور …أنا السبب …
-طيب حابب تتكلم عن السبب الاساسي اللي خلاك تعامل بنتك بالشكل ده ؟!مستعد تتكلم عن الموضوع ؟!
نظر كريم الى الطبيب وهو يزدرد ريقه بصعوبة ولكنه قال :
-ايوة يا دكتور مستعد أنا عايز اتكلم عن الموضوع …
ابتسم الطبيب وقال:
-جميل اتكلم يا كريم .
نظر كريم إلى الطبيب وداخله يرتعش بشدة …
-مراتي خانتني ….خانتني …
قالها بصعوبة شديدة كأنه يلفظ أنفاسه الآخيرة ثم نظر إلى الطبيب ليرى رد فعله ولكن ملامح الطبيب كانت غير مقرؤه فقط ينظر إليه ويحثه على أن يكمل كلامه …
فرك كريم كفيه ببعض والتوتر ارتفع داخله …شعر أن دقات قلبه تتسارع ….والألم يعصف به من الداخل …أنه من المؤلم أن يتذكر ما حدث مجددا …مؤلم جدا أن يعيش نفس الشعور!!
تنهد بقوة وهو يكمل :
-كانت بتجيبهم البيت عندي وانا كنت زي العبيط مش عارف اي حاجة …كانت بتستغفلني …كنت بثق فيها اكتر من نفسي …وبحبها اكتر من نفسي …عشان كده كانت صدمتي كبيرة لما اكتشفت خيانتها …
صمت قليلا وقد مسح الدموع التي انسابت من عينيه وأكمل بإختناق :
-في يوم رجعت البيت وعرفت أن بنتي عند الجيران ومراتي قالت إنها رايحة مشوار كنت مش فاهم حاجة وحاولت اتصل بيها بس تليفونها كان مقفول وبعدين قريت رسالة منها بتقول انها مبقتش تحبني وانها عايزة تتطلق ..مكنتش فاهم اي حاجة ..وليه هي عملت كده ..اتصلت بأهلها اللي برضه مكانوش فاهمين اي حاجة
قعدت يومين وانا مصدوم ومنهار …بدور عليها زي المجنون وانا نفسي اسألها هي ليه عملت كده ليه ؟!كنت مصدوم ومش فاهم اي حاجة …أنا وهي كنا مبسوطين اووي مع بعض …محرمتهاش من حاجة ولا خنقتها بزيادة ومعانا بنت زي القمر. ..حياتنا كانت حلوة اووي وفكرت أنا عملت ايه عشان تقول كده او تهرب مني …لحد ما في يوم جالي اتصال من الشرطة أنهم لقيوا مراتي …وأنها ماتت في حادثة . .لسه فاكر اليوم ده …اليوم ده كان أسوأ يوم في حياتي يا دكتور…حسيت الأرض بتتهز تحتي …اتصدمت وقلبي وقع في رجلي من الخوف. ..بس الصدمة الأكبر لما اكتشفت انها لما ماتت في حادثة كانت في عربية عشيقها وكانوا هربانين مع بعض …عرفت ده من موبايلها والرسايل اللي قريتها ما بينهم …أنا يا دكتور لسه محتفظ بالموبايل ده عشان كل أما افتكر اني كنت بحبها اشوف الرسايل وافتكر أنها خانتني مع كلب ميسواش …كنت بقسي قلبي عشان متوحشنيش …كنت بعلم نفسي اكرهها زي ما حبيتها …لدرجة …لدرجة اني كرهت بنتي بسببها …
دموعه انفجرت من عينيه وهو يكمل بإختناق :
-الكل بيقول أن نسرين شبهي …بس انا طول عمري بشوفها شبهها هي …نفس النظرات …نفس الحركات ونفس الجمال والرقة …عشان كده بعدت عن نسرين …أنا عاقبت بنتي عشان مقدرتش اعاقب الخاينة على خيانتها …أنا بشع يا دكتور ….أنا مش اب كويس….
ثم أنفجر بالبكاء …كان يبكي بمرارة وهو يتذكر كيف أنه أذى ابنته …كيف ابعدها عنه …
-انا عايز بنتي ترجع تحبني يا دكتور …عايزها تشوفني أمانها من جديد …مش عايز اشوف الكره في عينيها تاني عشان ده بيعذبني …ممكن ده يحصل ولا افقد الأمل خلاص !
تنهد الطبيب وهو ينظر إليه وقال:
-مفيش حاجة مستحيل …بس أنت مستعد تعمل ايه عشان تخليها تثق فيك تاني ده اللي هيحدد …بس المهم متبقاش شايفها زي مراتك …تكون شايفها كبنتك…بنتك اللي ملهاش أي ذنب …مشكلتك يا كريم هي الغضب …أنت غضبان عشان مقدرتش تعاتب مراتك او تعاقبها فشوفت أنك تعمل كده مع النسخة الأصغر منها وهي بنتك ورغم أنك اتجوزت اخت مراتك الا أنك فضيت غضبك على بنتك …
قاطعه كريم وقال:
-نهى مختلفة عنها خالص …مكانتش شبهها …كأنهم مش أخوات …
هز الطبيب رأسه وقال:
-فهمت ….أنت لسه عايش في الماضي يا كريم …مش سامح لنفسك أنك تنسى وتتعافى واعتقد دي مشكلتك وده اللي هنحاول نحله سوا …كل حاجة هتكون بخير متقلقش .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
فتحت جواهر عينيها لتجد عبير نائمة بجوارها …عبير منذ أتت وهي لا تتركها ابدا مهما حاولت جواهر معها لكي تذهب … ولكنها عنيدة …حتى عدي لا يتركها الا فقط عندما يذهب لعمله….
نهضت جواهر وخرجت من الغرفة وهي تتجه الى الأريكة التي اعتادت ان تجلس عليها والدتها …وقالت:
-ليه ميكونش ده حلم …ليه ميكونش كابوس …أنا محتاجلك يا ماما….
-وأنا دايما معاكي يا جوهرتي .
نظرت جواهر بجانبها لتجد والدتها تجلس بجانبها ….
-ماما ..
قالتها والدموع تطفر من عينيها ثم أكملت :
-ماما أنا مش قادرة اعيش من غيرك …تعالي خديني …
ابتسمت سوسن وقالت:
-هتقدري وهيخف الألم اللي في قلبك يا جواهر وهتفرحي …
هزت جواهر رأسها وقالت:
-الحياة مبقتش ليها قيمة من بعدك…اكتشفت اني مش قادرة اعيش …مفيش حاجة مفرحاني ولا حد قادر يملى مكانك يا امي …عبير مش سايباني ورغم كده حاسة اني وحيدة بقول ياريت اموت وارتاح عشان اشوفك …نفسي اروحلك يا ماما …نفسي حتى احضنك او ابوسك ….
اقتربت سوسن من ابنتها لتغمض جواهر عينيها وهي تشعر بقبلة والدتها الحنونة على جبينها …ثم فتحت عينيها لتجد والدتها اختفت …نظرت حولها بجنون…هل كانت تتخيلها معقول ؟!!
رنين الجرس جعلها تنتفض من مكانها نهضت وذهبت لتفتح الباب ….نظرت من العين السحرية لتجده والدها …فتحت الباب بسرعة بلهفة واندفعت بين احضانه تبكي بعنف ….
ربت عامر على ضهرها برفق وقال:
-شدي حيلك يا بنتي …شدي حيلك …
-انا بقيت لوحدي …ماما سابتني ومشيت ….
ابتعد عامر عنها وأمسك كفها وقال:
-اهدي يا بنتي …خليني بس ادخل عشان هقولك كلمتين وأمشي…
نظرت إليه بدهشة ومسحت دموعها بينما يدخل المنزل ويجلس على الأريكة …ذهبت هي وجلست بجواره وقالت:
-تمشي…تمشي ليه..خليك معايا شوية …أنا ..أنا …
-جواهر اسمعيني وبس ومن غير ما تقاطعيني …ربنا يعلم ان اللي هقوله ده صعب عليا قد ما هيبقى صعب عليكي ….
-انت بتقول ايه يا بابا ؟
قالتها ببلاهة وهي لا تفهم شئ …تنهد عامر وهو يتذكر وعده لسوسن ثم نظر الى جواهر وقال:
-أنا مش أبوكي الحقيقي يا جواهر!!
يتبع….
(روابط الدماء)
بيننا رابط قوي هل تشعرين به؟!أنا شعرت به عندما أمسكت كفك!!
♡♡♡♡♡♡
-أنا مش بنتك…مش بنتك ازاي ؟!
قالتها جواهر بصدمة وهي تنظر إليه …شعرت أن أحد لكمها في وجهها …او ربما والدها قد فقد عقله…او هي سمعت خطأ….
-بابا انت بتقول اني مش بنتك ازاي ؟!ازاي أنت مش أبويا …هو ده هزار صح !!انت بتهزر معايا او بتحاول تهرب من مسؤوليتك ناحيتي ..اطمن أنا مطلبتش منك حاجة …ولا عايزة منك حاجة …لا عايزة فلوس ولا أي حاجة …حتى وقفتك جمبي مش عايزاها بس بلاش تكدب …
نظر إليها عامر بشفقة ….الأمر صعب عليه…لا يستطيع أن يفعل هذا ..ولكنه وعد سوسن ان يفعلها…ما ذنبها تلك المسكينة ان تكتشف انها عاشت كذبة كبيرة …رد فعل جواهر اقلقه…فهي تنظر إليه الآن كأنه مجنون ….كأنه يقول كلام غير معقول …ازدرد ريقه ولمس كتفها وقال:
-ممكن تهدي.بس وتسمعيني …
ولكنها أبعدت كفه وقالت بعصبية :
-أسمع ايه ؟!قولي اسمع ايه ؟!انت عايز تتخلى عن مسئوليتك وبتقول من بنتك…ليه بتعمل كده ؟!
-عشان أنتِ فعلا مش بنتي …أمك …
-بس ..بس اسكت مش هسمحلك تغلط فيها …اياك تجيب سيرتها على لسانك!!!
صرخت جواهر بقوة وهي تمسك من ثيابه وتهزه …كانت النيران تندلع من عينيها …كانت مستعدة لقتله لو تكلم بكلمة سيئة عن والدتها…
-ممكن تسمعيني.بس….متهربيش من الحقيقة !!!!
-بس بس…خلاص اسكت…اطلع برا …اطلع برا !!!!
صرخت بقوة وهي تضع كفها على اذنها…استمرت بالصراخ حتى انتفضت عبير من نومها ونهضت مسرعة من الفراش وارتدت اسدالها سريعا وهي تخرج من الغرفة ….
..
أمسك.عامر كفي جواهر وصرخ:
-هروبك من الحقيقة مش هيفيدك يا جواهر…أنا مش أبوكي….مش أبوكي….أبوكي هو شريف صديق؛!!!!!
شحبت جواهر كالاموات وهي تنظر إليه …شعرت ان الكلمات وقفت في حلقها …وأن العالم يميد بها …تراجعت وكادت أن تسقط من فرط الصدمة الا ان عامر أمسك ذراعها وهو يقول بشفقة :
-اهدي يا بنتي …اهدي …
هزت جواهر رأسها ودموعها تنفجر من عينيها وقالت :
-لا لا …ده مستحيل …أنت كداب …حرام عليك ليه بتكدب …أنا مش عايزة منك حاجة ولا …
-جواهر!!!
كان هذا صوت عبير المصدوم نظرت جواهر خلفها لتجد عبير تنظر إليها بصدمة كبيرة بينما الدموع تنهمر من عينيها ….
هزت جواهر رأسها وقالت:
-لا لا يا عبير متصدقيش…امي متعملش كده …ده كذاب…عايز يهرب من المسؤولية …
نظرت إليه مرة أخرى وقالت:
-حرام عليك …امي ماتت…ازاي عايز تشوه سمعتها بالشكل ده ….منك لله …منك لله…
-يا بنتي اسمعيني …
-أخرس …اخرس مش هسمعك…امي اشرف منك ومن عيلتك كلها …أطلع برا مش عايزة اشوف وشك ..يالا اطلع …
اقتربت عبير من جواهر التي بدت منهارة …كانت الدموع تطرف من عينيها دون توقف. ..اعتصر قلبها من الألم وهي ترى صديقتها في تلك الحالة المريعة…والتي ربما تكون شقيقتها!!!
-جواهر اهدي لو سمحتي …
هزت جواهر رأسها بجنون وقالت:
-لا يا عبير مش ههدى…ده بيتبلى على أمي …بيقول انها …انها …يا اخي حسبي الله ونعم الوكيل فيك …حسبي الله ونعم الوكيل فيك …آه ..
صرخت وهي تضع كفها على رأسها وشعرت انها سوف تفقد الوعي بسبب الإنفعال …
أمسكتها عبير وأجلستها على الأريكة وهي تقول لعامر بغضب :
-خلاص لو سمحت روح …أنت مش شايف حالتها عاملة ازاي….روح !!!!
ابتلع عامر ريقه …ولكن لا …هو يجب أن يخبرها كل الحقيقة …هي يجب أن تعرف تلك كانت وصية سوسن قبل وفاتها لذلك قال بقوة :
-أنا روحت لوالدتك المركز الطبي اللي كانت بتتعالج فيه من الكانسر ..وقابلتها وهي اللي وصتني أقولك الكلام ده …انهيارك وانكارك الحقيقة مش هيفيد يا جواهر ….
جلس عامر بكل هدوء وهو ينظر إليها بقوة وتذكر ما طلبته منه سوسن ثم بدأ يتكلم …
….
-أنت بتقول ايه؟! شريف زور اوراق جواهر ؟!يا دي المصيبة …
قالتها سوسن بصدمة ليتنهد عامر ويقول:
-على الأغلب هو مهددها …
فركت سوسن كفيها بتوتر وقالت:
-بس تعرف يمكن ده احسن يا عامر …يمكن قلبه يحن على بنته ويديها حقها في الورث …
-شريف وقلبه يحن؟!مظنش يا سوسن ..
قالها عامر بسخرية ..لترد سوسن بلهفة ..:
-لا يا عامر أنا حاسة ان شريف أخيرا هيحن على جواهر …دي بنته من دمه و …
-سوسن فوقي أنا وأنتِ عارفين حقيقة شريف …ده استغلك ورماكي ومرضيش يعترف ببنته …..خان مراته وبعد بنته ازاي فاكرة انه ممكن يحن على بنته ويديلها حقها …
-بس الصراحة الفترة اللي فاتت هو ساعدنا يا عامر في الوقت اللي انت مشيت .
قالتها بعتاب ليزفر بضيق ويقول :
-مكنتش هقدر اصرف على بنت مش من صلبي يا سوسن. ..الاتفاق اللي كان بيني وبين شريف اني أتجوزك وانسب جواهر ليا لكن مش مجبر اشيل.مسؤوليتها دايما دي مش بنتي يا سوسن!!
اطرقت سوسن برأسها ودمعة ساخنة تنساب من عينيها ..ليتنهد عامر ويقول:
-سامحيني يا سوسن..أنا عملت اللي عليا ..بس كان لازم اشوف حياتي كمان وأنا عشانك استحملت غلط جواهر فيا ورغم كل ده كنت ببعتلكم فلوس يعني عملت معاكم الصح …
تنهدت سوسن وقالت:
-عندك حق يا عامر ..حقك عليا أنا …
أغمضت عينيها وهي ترتاح على الوسادة كانت الدموع تحتشد حتى انسابت من بين عينيها المغلقة…
-عامر ممكن اطلب منك آخر طلب…آخر طلب بس نفذه ومش هطلب منك حاجة تاني …
-قولي يا سوسن ..
قالها عامر بحيرة فقالت:
-بعد ما أموت ممكن تقول لجواهر على كل الحقيقة. ..قولها عن أبوها الحقيقي …
-ربنا يديكي….
ولكن سوسن قاطعته بإبتسامة حزينة:
-أنا حاسة اني خلاص هموت …دي وصيتي ليك يا عامر لما اموت قولها الحقيقة ممكن …
….
أنتهى عامر من سرد من حدث لتضع جواهر كفها على فاها وتبكي بعنف …كانت لا تصدق ما حدث وقد اهتزت صورة والدتها أمامها …لهذا تركت والدة عبير شريف وذهبت!!!لانه خائن ؟! ….
-ازاي ده حصل؟!بين طنط وبابا ؟!
قالتها عبير بصوت محطم لعامر الذي نظر إليها بحزن….
تنهد وقال:
-للأسف أبوكي استغل ام جواهر ..
صوبت جواهر نظراتها الى عامر وقالت بنبرة مرتجفة :
-اغتصبها ؟!!
هز عامر رأسه وقال :
-لا مش اغتصا ب …شريف استغلها …كان سن والدتك وقتها سبعتاشر سنة وكانت شغالة في بيت شريف الحقيقة انا وهي كنا شغالين مع بعض ونعرف بعض كويس بحكم الجيرة ……شريف في الوقت ده كانت متجوز مدام لانا ومكانوش لسه خلفوا …شريف بدأ يتحرش بيها وبسبب خوف والدتك سابته لحد ما اقنعها انه هيتجوزها ورسم عليها الحب لحد ما سلمتله نفسها واكتشفت بعدها انها حامل.منه…شريف بيه رفض يعترف بالطفل وعشان الموضوع ميكبرش اداني أنا فلوس عشان اتجوزها واكتبك على اسمي وبعدنا عن فيلته سنة ونص لحد ما اتجوزنا وخلفتي وبعدين سوسن رجعت بيكي للفيلا كان نفسها تتربي معاه وتبقي قريبة من أبوكي يمكن قلبه يحن عليكي…ووعدت شريف انها مش هتتكلم وفعلا مقالتش حاجة وانتِ كبرتي مع عبير في بيت شريف ..
كانت الدموع تنفجر من عيني جواهر …لا تصدق ما تسمعه…هل عاشت حياتها كلها في كذبة د..هل تم خداعها من تلك التي اعتبرتها حياتها …لا هي لا تصدق هذا أبداً..
-أنتوا لعبتوا بحياتي….عملتوني لعبة ؟!!
قالتها جواهر مصدومة والدموع تطفر من عينيها …أطرق عامر برأسه لتتدخل عبير وتقول بذهول وهي تبكي هي الآخرى:
-يعني…يعني ..ماما سابت بابا عشان خاين…هو خانها!!!
هز عامر رأسه لتنهض جواهر وتصرخ به :
-انا عمري ما هسامحكم …عمري ..أنا بكرهكم كلكم …كلكم …
-جواهر اهدي !!
صرخت عبير بخوف وهي تراها في تلك الحالة المرعبة ولكن جواهر أخذت تصرخ وهي تحطم كل شئ أمامها وتصرخ حتى انها حطمت بيدها الكأس الزجاجي الذي بالصالة ….
-جواهر خلاص كفاية أنتِ جرحتي نفسك …
قالتها عبير وهي تحاول ضمها الا ان جواهر دفعتها بقوة ثم ركضت الى الغرفة وأغلقت الباب ثم جلست على الأرض ودموعها تنفجر كإنفجار الدماء من يدها…
-يا خبر…
قالتها عبير بإنهيار وهي تركض نحو الباب وتطرقه بقوة…
-جواهر ….جواهر افتحي الباب !!!
قالتها عبير وهي تبكي بعـ نف ….
ولكن لا رد من جواهر …نظرت الى عامر وقالت ؛
-ساعدني اكسر الباب …
وبالفعل حاول عامر مساعدتها في كسر الباب ولكنه فشل …فقال وهو يلهث:
-هروح أجيب حد يساعدني اكسر الباب متقلقيش
وبالفعل ذهب مسرعا خارج المنزل لتطرق عبير الباب وتقول وهي تبكي ؛
-جواهر افتحي الباب عشان خاطري….جواهر متسبنيش زي الباقي …
-أمشي يا عبير …امشي لو سمحتِ
قالتها جواهر بنبرة مختنقة وهي تضرب على الباب بقوة لتهز عبير رأسها وتقول:
-لا لا مش همشي…مش هسيبك …اللي سمعته ده مش غير أي حاجة من مشاعري ناحيتك ..بالعكس حبيتك اكتر …
جلست عبير على الأرض وقالت بإبتسامة حزينة :
-من زمان وانا بحس فيه رابط بيننا من صغرنا …أنتِ دايما كنتِ بتحميني زي ما اكون اختك الصغيرة …دايما كنت بحس اني مسؤوليتك …حتى أنك مفكرتيش مرتين لما هربتيني من عند بابا …انقذتيني من جواز انا مش عايزاه…بفضل ربنا وبعدها أنت لقيت حب حياتي …وقفتي دايما جمبي …أنت فاكرة ان اللي سمعته ده خلاني اكرهك او ألوم طنط سوسن ….أنا لو هلوم هلوم بابا بس هو اللي انسان مش.كويس …دمر حياتي ودمر حياتك وحياة ماما وطنط سوسن ولكن والله اني اسمع اني اختك دي حاجة فرحتني مزعلتنيش ….أنا مليش بعد ربنا الا أنتِ وأمير وتحية …وأنت اقربلي كمان …أنتِ أختي من دمي …مستحيل اكرهك …مستحيل ..افتحي يا جواهر عايزة احضنك …افتحي ابوس ايديكي…
انتفضت عبير وهي تشعر بالباب يُفتح ….
نهضت عبير وهي تنظر الى جواهر التي كفها ينزف والدموع تغرق وجنتيها ….
اندفعت عبير وعانقتها بقوة وهي تبكي …كانت تعانقها بلهفة وكأنها وجدت شئ كانت تبحث عنه لسنوات…
ابتعدت عبير عن جواهر وهي تمسك كفها وتسحبها نحو الأريكة وتقول :
-الحمدلله الجرح مش عميق …
وبعدها دخل عامر هو ورجل لكسر الباب فقالت عبير :
-عم عامر روح جيب قطن وشاش عشان الجرح بتاعها
هز عامر رأسه وذهب….
….
بعد قليل …
ساعدت عبير جواهر على الاستلقاء بعد ان ضمدت جرحها وذهب عامر وقررت ان تتسطح بجوارها …
ابتسمت عبير وهي تنظر إليها وتقول:
-حاسة ان بقالي عيلة…لو أمير زعلني هجيلك انتِ واخليكِ تدافعي عني زي ما دايما بتدافعي …
ابتسمت جواهر وهي تنظر إليها …رغم الاختناق التي كانت تشعر به ولكن سعادة طفيفة طغت داخلها …
أمسكت عبير كفها وقالت وهي تضحك بخفوت:
-وأنتِ كمان لما تتجوزي عدي ويزعلك تعاليلي وأنا هقف معاكي …هخلي اللي ما يشتري يتفرج عليه …
تجهم وجه جواهر وقالت بصوت ضعيف:
-معتقدش أنا وعدي لينا فرصة مع بعض ..
عبست عبير وقالت:
-ازاي ملكومش فرصة مع بعض …انتِ بتهزري …الواد بيموت فيكي …ده مسابكيش ثانية الا للشغل بتاعه وعشان يشوف اخته…مكانش بينام كويس ولا ياكل كويس …مكانش بيعمل حاجة الا يبص عليكي وانتِ نايمة وبس …عمل اللي ميتعملش عشانك …رغم اني أنا كنت موجودة بس رفض يمشي …حتى أنه قال لكل اللي هنا انه خطيبك وهتتجوزوا قريب …
-هو عايز يتجوزني شفقة و…
ضربتها عبير على كتفها وقالت:
-شفقة ايه يا بنت أنتِ متبقيش عبيطة كده …الراجل بيحبك اتلمي …اياكي يا جواهر لما يطلب منك الجواز تتقلي …توافقي علطول ..لا تفكري ولا بتاع أول ما يقولك تتجوزين…قبل ما يكمل الكلمة قوليله موافقة علطول ..
عبست جواهر وقالت:
-مش هيقول عليا كده اني واقعة…
-طيب ما أنتِ واقعة فيه ليه الكدب ؟!هنخدع الراجل يعني ونتقل …اسمعي كلامي بس واعملي اللي بقولك عليه …
هزت جواهر رأسها وقالت:
-حاضر …
ابتسمت عبير وعانقتها وهي تربت على ظهرها….
….
بعد ساعة تقريبا…
كانت جواهر أخيرا خلدت للنوم …نهضت عبير وهي تتنفس براحة …ما عرفته اليوم صدمها حرفيا …لم تتخيل ان يكون والدها بتلك الحقارة !!!!
بدأت بترتيب الصالة التى دمرتها جواهر في ثورة غضبها فجأة جرس الباب رن ..اتجهت للباب وهي تنظر الى العين السحرية لتجده عدي وأمير …
لفت حجابها جيدا وفتحت الباب وهي تنظر اليهما واليأس يحفر اثاره العميقة بوجهها ….
…..
بعد قليل …
-بتقولي ايه ؟!
قالها عدي بصدمة بعد ان قصت عليه كل شئ …
مسحت عبير دموعها وقالت:
-انا دلوقتي ميهمنيش الا جواهر وبس …المسكينة مكسورة رغم اني بحاول اخرجها من اللي هي فيه بس هي مكسورة …اللي عرفناه النهاردة كارثة كبيرة …بابا دمر الكل …دمرني أنا وجواهر وأمي وأمها …
-لا حول ولا قوة الا بالله…خلاص يا عبير اللي حصل حصل المهم دلوقتي أنك تبقي معاها…
قالها أمير ثم أكمل :
-أنتِ الوحيدة اللي ممكن تخرجيها من الحالة دي .صدمتين في وقت واحد صعب عليها…
هزت عبير رأسها وقالت :
-انا مش هسيبها ابدا ..
ظل عدي صامتاً ….كان في باله.حل واحد الآن ان يتزوج من جواهر …لن يتركها تواجه كل هذا لوحدها أبدا….
….
بعد ان ذهبا عدي وأمير …ذهبت عبير لتطمئن على جواهر لتجدها نائمة بهدوء …تنهدت وهي تتجه الى المطبخ لتصنع لها الطعام …أمسكت البصل وبدأت بتقطيعه ولكن فجأة صرخت عندما جُرحت يدها …ألقت السكين على الأرض بإنفعال وهي تبكي بعنف وتضرب على الرخام الخاص بالمطبخ بإنفعال وهي تقول :
-أنا بكرهك…بكرهك…بكرهك!!!
ثم جلست على الأرض وهي تضع كفها على وجهها وبكاءها يزداد …كان قلبها يتمزق بفعل الألم …تشعر انها تختنق …تموت وكل شئ حولها يقتلها….الحقيقة كانت صعبة عليها…هي لم تنهار رأفة بجواهر ولكنها الآن اعطت لنفسها الحرية ان تنهار وتبكي …
انتفضت عبير وهي تشعر بكفي جواهر تحاوط جسدها …نظرت إليها عبير وهي تشهق بقوة …ضمتها جواهر إليها من غير كلام …وكأن هذا ما كانت تحتاجه العناق دون كلام …ظلت عبير تبكي بين ذراعي جواهر وقد أتى دورها الآن لتنهار …قبلت جواهر رأسها مرارا وهي تربت على كتفها …في ذلك الوقت كلاهما فهم الرابط الكبير الذي يربطهم سويا …انه رابط الاخوة
♡♡♡♡♡
في المساء …
في المشفى ….
كان ياسين جالس على المقعد …يتذكر بذهول ما حدث ….
……
-أنا قتلت ماما ….قتلت ماما يا ياسين …
قالتها جوري بعيني متسعة وهي تضحك …كان ياسين ينظر إليها وكأنها جُنت أخيرا وقال:
-بتقولي ايه ؟!
ضحكت جوري وهي تظهر له كفها المخضب بالدماء وقالت:
-بقولك قتلت ماما …أنا قتلت ماما يا ياسين!
نهضت ورد من مكانها وهي تقترب منهما والرعب يطل من عينيها …أمسكت ورد بذراع ياسين وهي تنظر إليه بصدمة …صدمها حالة جوري التى تضحك بكل جنون …
اقترب ياسين من جوري التي تضحك بقوة واخذ يهزها وقال :
-قتلتيها ازاي يعني ؟!!انطقي …
-قتلتها …ضربتها على وشها بالكرسي …خلاص هي ماتت…محدش هيعايرني تاني بأبويا ..محدش…
ثم أخذت تضحك بقوة ….
أمسك ياسين بذراعها وهو يعتصرها ثم ارتدي حذاؤه وهو يوجه كلامه لورد :
-خليكي هنا عشان اشوف الهانم عملت ايه !!!
ثم خرج وهو يجر جوري خلفه !!!!
…
خرج من شروده وهو يضع كفيه على وجهه …تذكر انه ما ان ذهب هناك حتى صُدم بفقدان والدة جوري للوعي وهي في حالة سيئة جدا …حيث ان وجهها مخضب بالدماء …
وعلى الفور أبلغ الشرطة والاسعاف وجلس بجواره السيدة عفاف وقلبه ينبض بخوف وفي تلك الاثناء كانت جوري اختفت من جانبه !!!..
وهكذا ظل طوال الليل في مركز الشرطة يدلي بإفادته التى اثبتتها الكاميرات المثبتة في المتجر المقابل للبناية السكنية المقيمة بها السيدة عفاف ….وحتى ان الشرطة حتى الآن يبحثون عن جورى التي اختفت تماماً…كان سيقول انها ذهبت للدجال الذي تعرفه ولكن حتى هو تم حبسه بعد أن اتهمته احداهما بإغتصاب ابنتها بالإضافة الى ممارسة الشعر الشعوذة …الآن هو يتعفن بالسجن ..ولكن المشكلة الآن اين جوري !!
…….
في مكان ما مظلم
وقفت جوري وهي تقول بإبتسامة غريبة :
-أنا أهو جيتلك يا بابا !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي مساءا ….
-ايه اللي بتقوليه ده لا مش همشي واسيبك …أمير ممكن يستنى…
قالتها عبير بعناد لجواهر لتبتسم جواهر وتقول :
-أنتِ هتعصي.كلام اختك الكبيرة معقول ؟!لا متوقعتش منك كده أبدا يا عبير …أنا زعلانة منك …
-يا جواهر اسمعيني بس و …
أمسكت جواهر كف عبير وقالت :
-لا يا بيري …روحي لجوزك يالا انا كويسة والله ..روحي بس…. أنا هكون كويسة وأبقي تعالى بكرة ماشي ..
كانت عبير تهز رأسها برفض …كانت ترفض الأمر برمته ولكن جواهر اصرت عليها أن تذهب وبالفعل رضخت عبير على مضض لطلبها …دقائق وارتدت ثيابها ثم ودعتها وغادرت ولكن قبل أن تخرج حتى من البناية اخبرت عدي بما حدث والذي أخبرها انه سوف يأتي إليها بعد ما ينتهي عمله ….
…….
بعد أن غادرت عبير شعرت جواهر بفراغ موحش في قلبها …جلست على الأريكة بتعب بينما الدموع تنفـ جر من عينيها …كانت تتأ لم حقا …قلبها يتمزق ….روحها تحتر ق …ما عرفته دمـ رها نهائيا …الأحداث المؤسفة التى توالت عليها مؤخرا اسقطتها ..جعلت من تلك الفتاة التي تشدقت دوما بقوتها فتاة هشة للغاية !!!
ضمت جواهر جسدها بذراعيها وهي تهتز وتبكي حتى شعرت أن عينيها تحر قها بسبب بكاؤها العنيف…
رنين جرس الباب جعلها تنتفض من مكانها …خفق قلبها …ربما يكون هذا عدي او عبير عادت مرة آخرى …لقد اكتشفت انها لا تريد البقاء بمفردها…هي تخاف من تفكيرها …تخاف ان تنشز بتفكيرها …..لا تريد أن تكون هي وعقلها بمفردهما الآن !!
اسرعت لتفتح الباب وابتسامة متلهفة على فمها بينما الدموع تتساقط بالتتابع من عينيها …
تيبست الابتسامة على شفتيها وهي تجده أمامها….آخر من تريد رؤيته الآن …الذي تسبب في كل الجحيم الذي تعيشه الآن …
-أنت!!!انت بتعمل ايه هنا ؟!
قالتها جواهر بقسوة وهي تمسح دموعها بعنف حتى كادت أن تؤ ذي عينيها …
لم يظهر شريف أي انفعال بل قال وهو يرفع رأسه كالعادة:
-ممكن أدخل؟!
طحنت جواهر أسنانها وقالت:
-لا مش هتدخل واتفضل أمشي من هنا !!!
ثم كادت أن تغلق الباب الا انه امسك الباب وقال بهدوء:
-لا أنا هدخل!!!
وبالفعل أمام عينيها المصدومة ولج للمنزل …
أغلقت هي الباب بكل عنف واقتربت منه صارخة والكر اهية تندلع من عينيها كنيران لاهبة …..
-عامر قالك على كل حاجة صح.؟!
قالها شريف لترد بعـ نف :
-ايوة قالي….وده مش هيغير حاجة أنا عمري ما هعتبرك.ابويا …انت رفضت تعترف بيا زمان وانا دلوقتي مش هعترف بيك…
-عيب تتكلمي بالطريقة دي معايا يا جواهر أنا جاي أقف معاكي في محنتك و …
-انت آخر واحد عايزاه يقف جمبي….انت آخر واحد عايزة اشوفه دلوقتي …أنا مش عايزاك في حياتي …اطلع برا بيتي …اطلع برا .. !!!!
-يا بنتي بس …
وضعت كفها على اذنها وقالت:
-أسكت …أسكت متجيبش سيرة اني بنتك على لسانك ….
نظرت إليه وقالت بقوة:
-متعرفش أنا قد ايه قر فانة من نفسي لاني بنتك …متعرفش أنا كار هة نفسي قد ايه ….حاسة بالعا ر ان دمك بيمشي في دمي و….آه ..
صرخت بصدمة وكفه تنطبع.بعنف على وجهها …
نظرت إليه بغضب ليقول :
-لما تيجي تتكلمي مع أبوكي اتكلمي بأدب يا جواهر …في المرة اللي هتقلي أدبك عليا تاني هتأخدي قلم زيه!!!
-أطلع برا بيتي حالا …عدي جاي دلوقتي ..
ابتسمت بسخرية وهي ترى شحوب وجهه فأكملت بإستفزاز:
-وطبعا مش عايزة افكرك عدي عمل فيك أيه آخر مرة …أنت خسرت كل حاجة …هو مش هيتردد يحبسك المرة دي لو سمع أنك مديت ايديك عليا …
-مش هيعمل حاجة …
قالها بنبرة حاول إخراجها ثابتة ولكنها ابتسمت وقالت:
-لا هيعمل وهيعمل كتير اووي …عدي بيعمل أي حاجة عشان اللي بيحبهم وهو بيحبني …إذا كان لما كان زعلان مني لما خدعته اخد منك الشيكات عشان يحميني…دلوقتي هو مش زعلان مني وكمان قال للكل انه خطيبي …عدي مش هيخليك تقرب مني ولا تأذيني ولو عرف أنك دلوقتي ضر.بتني بالقلم هيأخد روحك …
-أنتِ بتهد ديني بعدي.بتاعك ده ؟!
قالها شريف بغضب لتهز جواهر رأسها وتقول:
-بالضبط كده أنا بهد دك بيه وبقولك احسنلك تمشي دلوقتي اللي قاله عامر مش هيغير حاجة …أنا عمري …عمري ما هعتبرك ابويا …وحتى لو مو ت من همشي في جنازتك يا شريف صديق …
الكر.ه الذي يندلع من عينيها أحر ق روحه …رغم البرود الذي يدعيه الا انه محطـ م من الداخل …ابنته تكره وعبير أيضا …لقد خسر كل شئ …اتجهت جواهر الى الباب وفتحته وقالت:
-اطلع برا بيت أنا أهلي ما توا لما ماتت امي …. بالنسبالي انت وعامر نفس الحقا رة…
طحن اسنانه وسيطر على نفسه كي لا يضر بها مجددا واقترب منها وقال :
-كان عندي بعد نظر لما رفضت اعترف بيكي …أنتِ فعلا واحدة متربتيش …
ابتسمت بسخرية مريرة وقالت:
-معلش بقا يا شريف بيه محدش كان فاضي يربيني ابويا الحقيقي رماني انا وأمي بعد ما أخد اللي عايزه وأبويا اللي مكتوبة على اسمه سابنا واتجوز وأمي.كانت تعبانة فتلاقيني في الأدب مش قد كده عشان كده بنصحك تمشي من هنا والا ورحمة أمي اللي في قبرها هسمعك شتا يم يتكسف خريجين السجون يقولوها …يالا برا !!
بخطوات غاضبة خرج من المنزل لتغلق الباب بعنف ثم تسقط على الأرض وتنفجر بالبكاء ..
.خلعت ثوب القوى لتظهر كم هي ضعيفة !!!
-ماما أنا محتاجالك…محتاجالك أووي ..
قالتها جواهر ودموعها تطفر بقوة من عينيها …
….
بعد عشر دقائق …
كان البكاء قد انهكها بالفعل …نهضت واتجهت المطبخ وأخرجت منه شئ ثم ذهبت الى غرفة والدتها فتحت الخزانة لتخرج فستان والدتها المفضل …كانت ترتديه في شبابها …كان فستان أحمر بلا أكمام …كانت ترتديه والدتها دوما في عيد ميلادها …كانت تحب ان تكون جميلة في هذا اليوم فتتزين كأحدى سيدات المجتمع الراقي وترتدي هذا الفستان الثمين الوحيد الذي لديها والتى يبدو انها دفعت فيه الكثير ….
خلعت جواهر ملابسها وارتدت هذا الفستان …ثم اتجهت الى طاولة الزينة واخرجت عطر والدتها المفضل …عطر الياسمين…رغم مرضها لم تتخلى والدتها عن عطرها المفضل …حتى انها اخذته للمركز الذي كانت تتعالج به …رشت منه القليل على رقبتها ثم وضعته وقامت بإسدال شعرها الأسود الطويل ومشطته …بعدها أمسكت احمر الشفاه القاني ووضعته على شفتيها ….
وأخيرا انتهت وابتعدت قليلا وهي تنظر لنفسها …انها تشبه والدتها كثيرا…والدتها الحبيبة …هي تحتاجها وستذهب إليها…
…
خرجت من الغرفة وجلست بالصالة أرضا وهي تمسك السكين التى احضرتها من المطبخ سابقا وأمسكت صورة والدتها ووضعتها جانبا وهي تخط شئ على ورقة وكتبت :
-أسفة ..بجد اسفة …
ثم وضعت الورقة جانباً …ووضعت السكين على رسغها …توقفت قليلا وهي تشعر بوجود أحدهما رفعت رأسها ليخفق قلبها وتدمع عينيها وهي ترى والدتها تنظر إليها بدون رضا…
تساقطت دموعها وقالت:
-ملقيتش طريقة أسهل أموت بيها …بس الأكيد أن الموت احسن بالنسبالي من أني اعيش من غيرك يا ماما !!
ثم عقدت عزمها …هي لن تتوقف !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في أحدى قاعات الزفاف الكبيرة …
كانت نسرين تتأبط ذراعي فؤاد وتسير معه في الرواق الطويل المزين بالورود بالقاعة …وعندما وصلا الى نصف القاعة جذبها اليه وهو يرقص معها بنعومة …كانت عيني نسرين متعلقة به …السعادة تتألق في عينيها وقلبها يخفق بسعادة كبيرة ….تشعر انها تطير من السعادة …انها غارقة في السعادة حتى اذنيها وكأنها نست كل ما تعرضت له …وكان الحياة لم تكن يوما سيئة معها ….
-انا مبسوطة أووي يا فؤاد …مبسوطة أووي يا حبيبي.
قالتها نسرين وعينيها تتألقان بقوة …تجمعت دموع السعادة بعينيها وقالت:
-أنا عمري ما توقعت اني هفرح كده يا فؤاد وده بسببك أنت …شكرا يا حبيبي …شكرا…
ضمها إليه أقرب وقال بصدق:
-وأوعدك اللي جاي هيبقى سعادة وبس …أنتِ مش هتبكي تاني ابدا يا روحي …
ابتعد عنها وذهب لمنسق الموسيقى وطلب منه شئ …
لحظات قليلة وتم تغيير الموسيقى وأمسك فؤاد مكبر الصوت (ميكرفون.) وبدأ يغني…
-وإنت معايا ميشغلنيش الناس
فرق الإحساس أجمل بكثير
وإنت معايا بشوفك أحلى الناس
دي حقيقة خلاص ما فيهاش تغيير
باين حبيت أيوه أنا حبيت
اقترب منها وهو يكمل بينما يرقص معها:
-حبيت الدنيا اللي بتضحك لي معاك على طول
باين حبيت أيوه أنا حبيت
وبشوف في عينيك الفرحة اللي تخليني بقول
إتأكدت إن أنا ما اقدرش أعيش
غير وأنا وياك وهقول لك إيه
ده مفيش ثانية تعدي ماتوحشنيش
وإرتحت معاك طب أسمي ده إيه
باين حبيت أيوه أنا حبيت
حبيت الدنيا اللي بتضحك لي معاك على طول
باين حبيت أيوه أنا حبيت
انتهت الأغنية ليصفق الجميع بينما يضم فؤاد نسرين ويحملها وهو يدور بها بقوة …كانت هي تضحك بسعادة وهي تشعر صدرها لا يسع قلبها من فرط السعادة!!
…..
بعد أن انتهى حفل الزفاف ..
كان فؤاد يمسك كف نسرين وهو يقف أمام السيارة التي سوف تقلهم للفندق حيث سيقضون ليلة الزفاف بأحد أكبر الفنادق بالبلدة ثم غدا يسافران الى إيطاليا الدولة التي تتيم بها نسرين لكي يقضوا شهر العسل بها وبعد ان ودعوا نهى اقترب كريم منهما …
-خلي بالك منها يا فؤاد …رغم اني عارف أنك هتاخد.بالك منها اكتر مني بس برضه خلى بالك منها …
قالها كريم بصوت متهدج وهو ينظر الى نسرين ابنته التي تتجنب النظر إليه حيث انها تطرق برأسها للأسفل تنظر الى تعانق كفها مع كف فؤاد …
ابتسم فؤاد بسماحة حتى بانت نواجزه وقال:
-في عيوني يا عمي متقلقش …
هز كريم رأسه وقد انهمرت دموعه وهو يجذبه معانقاً إياه..ربت فؤاد على كتفه مبتسما ..ابتعد كريم واقترب من ابنته مترددا ثم عانقها …تجمدت نسرين بين ذراعيه.ولم تشاركه عناقه…بدأ وكأن شوقها ناحيته قد خمد أخيراً….لقد فات.الاوان على عاطفته تلك فلم تعد تريدها!!!
ابتعد كريم والحزن يسيطر على قلبه بينما يرى ابنته بهذا الجمود…كان يتمزق حقاً ولكنه لم يدع.حزنه يمنعه من رسم ابتسامة سعيدة على وجهه مع نظرات.دامعة شكلت بمهارة وجه والد سعيد حتى البكاء من أجل ابنته ولكن لم يخفى الانكسار من عينيه وهو يقول:
-ربنا يجعل حياتك سعيدة دايما يا بنتي …ربنا يكرمك يارب …
هزت نسرين رأسها وهي تبتعد قليلا لكى تودع صديقتها المقربة ليان والتى لم تترك نسرين رغم الحالة النفسية السيئة التى تمر بها …
ابتسمت ليان في وجه صديقتها وهي تخفي دموعها بمهارة وقالت:
-هتوحشيني يا نسرين ..
أمسكت نسرين كف ليان وقالت :
-ما تيجي.معايا يا لي لي هننبسط اووي …
ضحكت ليان وقالت:
-أنتِ مجنونة ؟!عايزاني اجي شهر العسل ..ده فؤاد يأكلني ..لا انبسطي انتِ ونبقى نتكلم ماسنجر…
عانقت نسرين صديقتها بقوة وقالت بنبرة مختنقة:
-هتكوني كويسة؟!
سيطرت ليان على نفسها بقوة وقالت:
-اكيد.هكون كويسة …يالا روحي لعريسك …يالا
ابتعد نسرين عن ليان صديقتها وهي تقترب من فؤاد ليستقلا السيارة وينطلقان بها …. ..
تنهدت ليان وهي تقرر الانسحاب والذهاب لمنزلها …
استقلت سيارتها ليوصلها السائق الى المنزل …
رن هاتفها لتجده.عدي
-أيوة يا حبيبي ..
قالتها ليان بتعب. .
-ايوة يا لي لي ..خلاص الفرح خلص ..
-آه خلص…أنت جاي البيت النهاردة ولا ….
-ايوة بس اطمن على جواهر وأكد على عبير تبقى معاها وبعدين جاي ..
تنهدت ليان وهي تضع كفها على قلبها وتقول:
-مسكينة جواهر أنا عايزة اعزيها يا عدي ..عايزة اشوفها ..
هز عدي رأسه موافقا وقال:
-ماشي يا حبيبتي ..بإذن الله بكرة نروح أنا وأنتِ لعندها اتفقنا ..
-ماشي يا حبيبي اتفقنا ..يلا سلام،
ثم ودعت شقيقها وأغلقت الهاتف وهي تتنهد بقوة …
أسندت رأسها على نافذة السيارة ودموعها تتدفق من عينيها …تخبر الجميع انها بخير ولكنها ليست هكذا أبداً…هي تعاني …هي محطمة…تشعر بنيران تلتهمها …تتخبط ولا تدري لماذا تركها !!!!
وضعت كفها على قلبها وهي تربت عليه …لعلها تمنحه الراحة من تلك الالالم التى تنخر به …فجأة توقف السيارة بدوى مرتفع …شهقت ليان وهي ترتد للأمام ….تراجعت للخلف وهي تتأوه وتضع كفها على جبينها …فجأة نظرت بصدمة الى السيارة السوداء الكبيرة التي خرج منها أربعة رجال أقوياء يرتدون الأسود وعلى ملابسهم صورة للأفعى ….
خرج السائق ليتكلم ولكن دون اي تردد صوب أحدهما السلاح على رأسه وأرداه قتيلاً …
صرخت ليان برعب وهي تخرج من السيارة بقوة لا تعرف كيف امتلكتها وركضت من الناحية المقابلة وهي تطلب المساعدة ولكن هذا الطريق كان مهجور…لقد اخبرت السائق الا يسلك هذا الطريق ولكنه لم يأخذ برأيها ….. صرخت بقوة والرصاصة تصيب قدمها ….وقعت على الأرض وهي تبكي بينما تزحف على بطنها وهي تحاول ان تنهض فتفشل …توقفت فجأة وهي ترى أحدهما يقف أمامها …رفعت رأسها بتعب لتجده رجل غزا الشيب رأسه ..ينظر إليها بسخرية وعينيه السوداء تبرق بشكل مخيف …
-أنتِ بقا حبيبة القيصر الجديدة …طول عمره ذوقه هايل في النسوان…هزعل جدا لما اقتلك زي ما قتلت روان !!!
بهت وجهها وهي تنظر إليه …شعرت بالإختناق …هل هذا هو الذي دمر حياة موسى…كانت ترتجف بقوة والدموع تنفجر من عينيها …شعرت أنها سوف تموت بالفعل …هذا الرجل لا يعرف الرحمة…أخبرها موسى عنه بكل تفصيل…حاولت ليان تنهض وهي تبكي بينما صاموئيل ينظر إليها ويضحك بقوة …أخيرا وقفت على قدميها وهي تصرخ من الألم وبشجاعة لا تناسب الوضع الذي هي به بالمرة رفعت كفها وكادت أن تصفعه الا أن صاموئيل أمسك كفها وقال لرجاله وهو يضحك :
-الله ده القيصر طلع جامد مبيقعش الا مع الجامدين …حتى روان قبل ما اقطع رأسها عملت الحركة الغـ بية دي …
ثني ذراعها بقوة خلف ظهرها حتى انكسر …صرخت بقوة وكادت أن تسقط الا ان كفه اتجه الى شعرها وهو يمز قه في كفه …صرخت وهي تبكي …كان الأ لم يفوق احتمالها …تمنت ان تمو ت وينتهى الأمر فهذا الرجل يبدو انه لن يقتـ لها بطريقة سهلة ….
جذبها صاموئيل من شعرها وهو يجرها خلفه …يجبرها ان تسير على قدمها المصا بة ثم أتجه بها الى السيارة وصدم وجهها بباب السيارة حتى سقطت فاقدة للوعي ووجهها غارق بدما ؤه!!!!
ابتسم صاموئيل بشراسة وهو يراها وقال :
-خدوها عشان نلفها ونبعتها هدية للقيصر!!!
يتبع….
(حتى تحترق النجوم )
للأبد؟
-ماذا؟
– ستظل تحبني للأبد؟
– حتى تحترق النجوم وحتى تفنى العوالم، حتى تتصادم الكواكب وتذبل الشموس وينطفئ القمر، حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي، وحتى يعجز لساني عن لفظ اسمك، حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة، فقط عند ذلك ربما أتوقف، ربما.
– احمد خالد توفيق..
♡♡♡♡♡♡♡♡
رنين جرس المنزل أوقفها عما بدأت بفعله ….فجأة رمت جواهر السـ كين والدموع تنفـ جر من عينيها …لا تصدق انها بهذا الضعف …لا تصدق انها كانت ستقوم بهذا …لقد خذ لت الجميع أولهما والدتها ….غطت وجهها بكفيها ثم انفجـ رت ببكاء مرير وارتفع صوتها….
…
كان عدي يقف خارج المنزل وهو يرن الجرس …أنها لا ترد …أخذ القلق ينهـ ش في قلبه …رباه أن عبير ليست هنا …جواهر بمفردها ماذا إن فعلت بنفسها شئ …كانت الأفكار السيئة تمزقه من كل اتجاه ….
-جواهر …جواهر افتحي الباب !!
قالها عدي وهو يطرق الباب بكل قوته …ولكن لا مجيب ابدا …
-يا ربي …ياربي اعمل ايه ؟!
قالها بنبرة مرتعشة بفعل الخوف …يحاول أن يوقف تسرب الأفكار السيئة في عقله ولكنه لا يستطيع !!!
-جواهر افتحي الباب!!!
قالها وهو يطرق الباب بقوة أكبر …ثم أخرج هاتفه وهو يرن عليها بينما يضع أذنه على الباب لعله يلتقط اي صوت …ولكن لا شئ…لا شئ على الاطلاق …
لم يفكر مرتين وهو يتراجع ليدفع الباب ويكسره ولكنه فجأة توقف وهو يرى الباب يُفتح وجواهر تكل عليه وهي ترتدي فستان أحمر ….بهت للحظات ولكن سرعان من اندفع وهو يعانقها بخوف ويقول :
-موتيني من الخوف عليكي …ينفع كده …
أغمضت جواهر عينيها المغمورة بالدموع وقالت بنبرة مختنقة :
-كويس انك جيت …كويس …
ابتعد عدي عنها وقال:
-خلينا ندخل جوا نتكلم …
هزت رأسها ودخلت هي وهو للمنزل…
نظر عدي إلى الصالة وعبس وهو يجد سكين على الأرض …ورسالة …اقترب بتوجس من الرسالة ثم قرأها وعينيه تتسع بفزع …نظر إليها لتهز رأسها وتقول بخجل :
-حتي في دي فشلت …مقدرتش انتحر …و..
ألقى عدي الرسالة أرضا واقترب منها وهو يهزها بعنف :
-أنتِ اتجننتي …عايزة تمو تي نفسك …مفكرتيش فيا …ده انا كنت أروح وراكِ …
طفرت الدموع غزيراً من عينيها وقالت :
-أسفة …اسفة ..أنا معرفش أنا بعمل ايه يا عدي …حاسة اني بمو ت …مش قادرة استحمل غياب ماما …مش قادرة استحمل اللي سمعته …اللي حصلي كتير ..كتير اووي …حاسة أن طاقتي خلصت …وفكرت ..فكرت أن ده الحل الوحيد عشان ارتاح …أنا …أنا…
تقطع صوتها وهي تبكي ليضمها إليه مجددا ويقول:
-بس بس اهدي …اهدي أنا دايما معاكي يا جواهر وهنعدي ده سوا …
ابتعد عنها وأمسك كفها وقال:
-أنا عمري ما هسيبك …عمري ما هبعد عنك …هفضل طول عمري معاكي يا جواهر …هنعدي ده سوا …
هزت رأسها وهي تقول :
-عمري ما هقدر أتجاوز اللي حصل يا عدي …عمري مش هقدر أتجاوز اللي حصل ..
أنا مش هقدر يا عدي ..مش هقدر …
-هنقدر نعدي ده سوا …ساعديني يا جواهر عشان نعديه سوا …أنتِ اقوى من كده ..
هزت رأسها وقالت بإختناق :
-مبقتش قوية خلاص …صدقني يا عدي مش هقدر أتجاوز. .. اللي حصل ده كسـ رني …موت امي وحقيقة اني عشت كد بة كبيرة…شريف طلع ابويا الحقيقي …ده كـ سرني يا عدي …ليه بيحصل معايا انا كده …طول حياتي مرتحتش …عمري ما فرحت …امي هي الوحيدة اللي كانت بتفرحني وماما راحت …احيانا بتمنى ان ده يكون مجرد كابوس وحش وان لما اصحى هلاقيها قدامي …احيانا بضرب نفسي واغسل وشي يمكن افوق بس ده مبيحصلش يا عدي …أنا …أنا اتكـ .سرت ومفيش حاجة هتتصلح..
نظر إليها بحزن وهو يراها بتلك الحالة …حالتها تلك تقتله …تعذبه …
طفرت دموع جواهر أكثر وقالت:
-أنا بتمنى اني أمو ت …نفسي امو ت يا عدي …أنا مش هقدر أعيش….مش هقدر
هو لن يتركها بتلك الحالة …لن يجعلها تتعذ ب بتلك الطريقة …هو سوف يساعدها …سوف يفعل المستحيل كي يبرأ جر حها …سوف يصلح الضر
ر بقلبها …سوف يجعل أيامها أكثر سعادة …سيفعل المستحيل كي يسعدها
-خلينا نتجوز !!
قالها عدي بعنف عاطفي وهو يعانق وجهها …دموعها كانت تقتله…الألم الظاهر على وجهها كان يمزق قلبه…هزت رأسها وكادت ان ترفض الا انه وضع كفه على شفتيها وقال:
-لا هتتجوزيني والا هأخدك معايا المأذون بالغصب وأتجوزك.تحت تهد يد السلا ح .. أنا مجنون واعملها على فكرة يا جواهر …ممنوع ترفضي الجواز مني …
-ايه هتجبرني ؟!
قالتها وهي تضحك بينما الدموع تطفر من عينيها …مسح دموعها بحنان وقال وهو يقبل رأسها ويقول :
-أيوة هجبرك تتجوزيني …هجيب مسدس واحطه في راسك واخليكي تتجوزيني بالعافية …
ابتسمت وتألقت عينيها المغمورة بالدموع وقالت:
-تعرف يا عدي عبير قالتلي ايه ؟!
-قالتلك ايه ؟!
قالها وهو يربت على شعرها بكل حنان لترد هي وضحكة صغيرة تنفلت منها بينما دموعها ما زالت تنساب على وجهها :
-قالت اني اوافق علطول لو عرضت عليا الجواز …قالتلي أوافق قبل حتى ما أكمل الكلمة …
ضحكت مجددا بينما هو يمسح دموعها التي لا تتوقف عن الإنهمار وأكملت :
-قولتلها يعني كده مش هبان اني واقعة …قالتلي عادي عشان أنا واقعة فعلا ….
ضحك عدي وقال:
-أنا واقع اكتر منك …بس أنتِ مسموح ليكِ تتدلعي عليا براحتك أووي …لو عايزاني اترجاكي اكتر عشان تتجوزيني …أنا معنديش اي مانع …
هزت رأسها بالنفي وقالت:
-لا .
ولكنه كان بالفعل جثا إلى ركبتيه وأمسك كفها …
-عدي .بتعمل ايه ؟!
قالتها جواهر وهي تحاول سحبه لينهض إلا أنه قال:
-اصبري يا ست عشان اطلب ايديكي بطريقة رومانسية بدل ما تروحي تقولي لعيالنا بكرة أن ابوكم مش رومانسي وكروت عرض الجواز بتاعه …
ضحكت هي بعيني دامعة …أخرج عدي صندوق صغير مخملي من جيبه وفتح ليلمع خاتم ماسي أمام عينيها الذاهلتين …تنهد عدي وأغمض عينيه ثم بدأ التكلم وقال:
-جواهر أنا افتكرت اني عمري ما هحب مرة تانية ولا هثق في اي ست تاني …كنت خايف اسلم قلبي لأي واحدة وقولت أن لو واحدة حاولت معايا هصدها …بس.أنتِ كنتِ مختلفة ..أنتِ محاولتيش تأخدي قلبي …أنا اللي كنت ملهوف عشان اسلمك قلبي ..كنت ملهوف اني أحبك. وتحبيني…جواهر أنا بحبك ..بحبك رغم كل اللي حصل بيننا …بحبك اكتر من اي ست دخلت حياتي …بالنسبالي حياتي مفيهاش الا اتنين في قلبي …اتنين مستعد أموت عشانهم والاتنين دوول هما ليان وأنتِ …عشان كده ممكن تفرحي واحد مسكين زيي وتقبلي تتجوزيه …تقبلي تعيشي باقي ايام حياتك معايا …تقبلي تمسكي ايدي للأبد ونتجاوز اي لحظة صعبة سوا ؟! …ها تقبلي يا جواهر …
هزت رأسها عدة مرات وهي تبكي …ابتسم عدي براحة وهو يضع الخاتم في أصبعها ثم نهض وقبل رأسها قائلا:
-أنا هضبط كل حاجة عشان نتجوز …يناسبك أن نتجوز بعد اسبوع …
-لا يا عدي ماما لس…
قاطعها وهو يشد على كفها وقال:
-خلينا نكتب بس الكتاب وتبقي معايا وبعدها بسنة هعملك فرح كبير أووي …فرح كل الناس تتكلم عنه …بس يا جواهر أنا مش هسيبك لوحدك أبداً ..يالا قولي موافقة …
تنهدت وهي تقول :
-موافقة يا عدي …
ابتسم بسعادة وهو يقبل كفها ويقول :
-بحبك ..
-وأنا كمان
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في غرفة الفندق ….
كانت نسرين تجلس على الطاولة وهي تأكل …نظر فؤاد إلى الساعة ثم نظر إليها وهو يفكر بحيرة انها تأكل منذ أكثر من ساعة ونصف …ماذا بها ؟!
-ايه يا روحي احنا هنقضي ليلة الدخلة كلها بناكل ولا ايه ؟!مفيش حاجة نعملها غير الأكل ؟!
ارتبكت نسرين وهي تنظر إليه ….النية في عينيه واضحة تماما …شعرت باللون الاحمر يزحف إلى بشرتها وقالت بتلعثم:
-جرا ايه يا فؤاد انت بتعد عليا الأكل ولا ايه ؟!هو انا مينفعش اكل يعني براحتي ؟!
ابتسم فؤاد ونهض وهو يقترب منها قائلا:
-لا طبعا يا حبيبتي بالهنا والشفا ولو عايزة اجيبلك آكل تاني أنا معنديش اي مانع …
-وده العشم برضه بس أنت ليه بتقرب مني بالشكل ده …روح اقعد هنا لحد ما اخلص اكل !!
قالتها نسرين ليعبس فؤاد ولكنه لم يجادلها بل استدار وجلس على الفراش المقابل لها …ظل ينظر اليها مطولا وقد لاحظ أنها تتجنب النظر في عينيه….قال فجأة وهو يفهم الأمر :
-نسرين أنتِ مكسوفة مني معقول ؟!بتتكسفي ؟
بدا مصدوما وهو ينظر إليها فعبست وقالت بإنفعال:
-وليه متكسفش يعني. ..هو انا مش زي البنات اللي خدودهم بتحمر من الكسوف ولا ايه …أيوة أنا مكسوفة منك …خليني اخد عليك الاول وبعدين اعمل اللي انت عايزه
ضحك فؤاد ونهض مجددا متجها إليها لتقول بتلعثم :
-أن…أنت ليه بتقرب تاني ..ارجع ….
ولكنه قاطعها وهو يقول:
-بس يا هبلة ..بطلي عبط …
جلس بجوارها على المقعد وسحب كفها قائلا:
-أنتِ مكسوفة مني انا …أنا فؤاد ؟!
أطرقت برأسها ووجنتيها تحمران خجلا …ابتسم بذهول ثم قبلها على وجنتها ثم وجنتها الآخرى ..ثم اتجه إلى شفتيها لتدفعه فجأة وتنهض قائلة :
-انا رايحة اغسل ايدي …
ثم.ركضت نحو الحمام ليزفر فؤاد بضيق ويقول :
-يا مصبر الوحش على الجحش يا ربي اديني الصبر من عندك ….
….
بعد عشر دقائق كاملة خرجت نسرين من الحمام وهي تطرق برأسها أرضا …
-أخيرا طلعتي ..
قالها فؤاد بسعادة ثم اقترب منها …رفعت نسرين عينيها ونظرت إليه بصدمة
-أنت…أنت بتقرب مني ليه ؟!
قالتها نسرين بتوتر وهي ترى فؤاد يقترب منه …
ابتسم فؤاد في وجهها وقال:
-حبيبة قلبي الليلة ليلة دخلتنا ..فكري شوية أنا بقرب.منك ليه ؟؟اكيد مش عشان اتكلم على فوائد التوت البري مثلا …تعالي هنا ..
قال كلمته الأخيرة وهو يحاول امساكها الا انها صرخت وهي تركض بعيدا عنه وتصرخ …
-يا نسرين بس هتفضحينا هيقولوا بعمل فيكي ايه ؟!
-أسأل نفسك …انت ليه بتجري ورايا ؟!..براحة يا فؤاد عليا أنا بصراحة خايفة منك …
أشار إلى نفسه وقال:
-خايفة مني انا يا نسرين ؟!ليه هاكلك …
-أيوة بصراحة باين عليك انك هتعمل كده …اومال ليه بتجري ورايا بالشكل ده ….فؤاد أنا خايفة منك …ايه رايك تخلي الأمور تمشي براحة …
ابتسم لها وقال:
-طيب طيب تعالي بس وهنتفاهم …
-مش هتعمل اي حركات مجنونة ؟!
-لا مش هعمل حاجة وعد ..تعالي بقا ..
قالها وهو يشير لها لكي تأتي…هزت رأسها واقتربت منه وهي تضع كفها في كفه فجأة جذبها نحوه وهو يحملها ..
-أنت كدبت عليا اهو .
صرخت بها نسرين وهي تضربه على صدره وتحاول أن تتحرر من قبضتيه ليرد فؤاد وهو يضحك :
-في الحب والحرب كل شئ متاح يا مزة …
ثم اتجه بها إلى الفراش وأسقطها عليه…كادت أن تنهض إلا أنه امسك كفها وقال:
-لا لا خلاص مفيش هروب…
ثم ثبتها جيدا على الفراش وقال وهو ينظر إلى عينيها الزرقاء وقال:
-تعرفي أن عيونك بيدوبوني …
ابتلعت ريقها وقالت بصوت خافت :
-قولتلي قبل كده …
-نسرين أنتِ بتثقي فيا ؟!
سألها فجأة لتهز هي رأسها وتقول :
-اكتر من نفسي …أنا بثق فيك اكتر من اي حد …
ابتسم بسعادة وقال:
-يبقى خلاص متخافيش …أنا مش هأذيكي ولا عمري افكر اعمل كده ….أنتِ روحي يا نسرين…من النهاردة سعادتك هتبقى مسؤوليتي …اي حاجة تبسطك أنا هعملها حتى لو عايزة نأجل الليلة دي ونتعامل زي الإخوات أنا معنديش مشكلة …
وبالفعل كاد أن ينهض الا أنها أمسكت كفه …نظر إليها ليجد عينيها تتألقان كما تتألق عينيه…هي ترغبه كما هو يرغبها ….
لذلك لم يفكر لحظة وهو يقترب منها يضع شفتيه على شفتيها ويقبلها لكي يجعلها له …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في غرفة يحيى ..
كانت جالس في غرفته ينظر إلى الفراغ بشرود …أنه ينزلق أكثر واكثر في حبها …يشتاق إليها بجنون…ولولا وعده لها لكان ذهب إليها ليراها …أنه يريد أن يراها …روحه تهفو إليها …متى تملكته بتلك القوة حتى صار لا يقوى عن الابتعاد عنها …هذا السؤال الذي سأله لنفسه عدة مرات ولكن لم يجد له أي جواب ….
طُرق باب غرفته ليخرج من شروده ويقول :
-اتفضل …
دخلت والدة يحيى ليلى الى الغرفة ونظرت إليه قائلة :
-أنا رايحة انام يا حبيبي عايز حاجة ؟!
هز يحيى رأسه دون أن ينظر إليها وقال:
-لا يا ماما تصبحي على خير ….
تنهدت ليلى وهي ترى ابنها بتلك الحالة …منذ ايام وهو بهذا الوضع …حاولت أن تعرف ما به ولكنها لن تصل لأي إجابة….
أغلصت الباب وتقدمت نحوه ثم وضعت كفها على. كتفه وقالت:
-ممكن اعرف مالك يا بني …بقالك فترة مش مضبوط ..دايما ساكت وهادي …حتى بطلت تبتسم أو تكلمنا …ممكن تقولي مالك يا يحيى طمني عليك يا بني
ربت يحيى على كف والدته وقال:
-أنا كويس يا أمي متخافيش روحي ارتاحي أنتِ …
لم تسمع كلامه بل جذبت مقعد وجلست بجواره وهي تقول:
-لا يا يحيي ..متضحكش عليا انت مش كويس..مش كويس ابدا…قولي فيه ايه ؟! يا بني ريحني وقولي مالك ؟!
نهض يحيى وقال:
-عايزة تعرفي مالي يا ماما ماشي هقولك …أنا مش كويس يا أمي …مش قادر انساها ..مش قادر …مش قادر أخرجها من بالي ..
نظرت إليه والدته بحزن …كان يؤلمها حال ابنها ..ولكنها لا يمكن أن تقبل بتلك كنة لها …لا يمكن …كيف يفكر يحيى ….
-يا ابني شوف الفرق بينك وبينها مينفعش فين التوافق الاجتماعي والمادي ما بينكم …ليه مبتفكرش في الناس ممكن تقول ايه ؟!
-ناس..ناس…ناس …ما طز في الناس يا ماما هو انا هعيش على مزاجهم …بقولك أنا بتعذب تقولي ناس …الناس هينفعوني بإيه يعني …من الآخر ده قراري يا أمي أما رانيا او مش هتجوز غيرها أبدا!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في منزل موسى …
كان يقف أمام النافذة في شقته السكنية …يضع كفه على قلبه وهو يشعر بالإنزعاج …لا يعرف لماذا يشعر بهذا الشعور اليوم …يشعر بالإختناق …بالخوف …والقلق ينهشه نهشاً….يشعر أن شئ ما سوف يحدث …شئ سئ للغاية ….
أغمض عينيه وقال:
-ربنا يستر …إن شاء الله ميكونش فيه حاجة …
-مالك يا قيصر …
قالتها مايا وهي تقترب منه وتقف امام النافذة …كانت محتارة من حالته …فهو يبدو مبعثر …
نظر موسى إلى مايا وقال:
-معرفش يا مايا قلبي مش مطمن …حاسس ان فيه حاجة وحشة اووي هتحصل …معرفش ليه حاسس الإحساس ده ….
ربتت مايا على كتفه وقالت:
-متقلقش يا قيصر مش هيحصل حاجة بإذن الله …أنت خايف على حبيبتك ؟
هز موسى رأسه وقال:
-أنا مبخافش الا عليها …معنديش مانع اموت بس هي ميحصلش ليها اي حاجة ..لو حصلها حاجة اللي هيحصلي هيبقى أبشع من الموت يا مايا ..
نظرت إليه مايا بشفقة وقالت:
-هانت يا قيصر قريب هينتهي صاموئيل ومش هتخاف عليها تاني …وهتفضل معاها للأبد …
ابتسم موسى بشرود وقال:
-ياريت …وقتها عمري …عمري ما هسيبها …ياريت الكابوس ده ينتهي يا مايا …أنا عمري ما جربت الخوف ده في حياتي …أنا حتى بطلت اراقب ليان خوفت يكون صاموئيل بيراقبني …
نظر إليها وقال؛
-أنتِ متأكدة أنه ميعرفش حاجة عن ليان يا مايا ؟!
-ايوة هو قال إنه عايز يراقبك ويعرف ايه نقاط ضعفك الحديدة وفعلا حصل بس معرفش عن ليان والا كان قاللي متقلقش …
نظر موسى إلى النافذة وهو يتنهد ويقول :
-اتمنى أنه ميكونش يعرف عنها حاجة. ..مش عايز كل اللي عملته يروح هدر!
……..
في مستودع مهجور
وضع أحد الرجال ليان الغارقة بدماءها على الأرض وقال لصاموئيل الذي كان جالس براحة على المقعد :
-نقتلها دلوقتي يا بوص …هي لسه بتتنفس …
-أصبر يا مؤيد ..الصبر حلو …انا عايز المرة دي اعمل حاجة مختلفة …عايز اجيب القيصر تحت رجلي واخليه يشوف حبيبته وهي بتموت …اهي الحاجة دي هتموته ميت مرة !!!
-هنجيبه ازاي يا بوص …
-أنا عارف هجيبه.ازاي …
قالها صاموئيل مبتسماً ثم أخرج هاتفه وصور ليان صورة واضحة وبحث عن رقم موسى الذي حصل عليه ثم بعث بتلك الرسالة على تطبيق الواتس آب…
………
عند.موسى ….
صوت رسالة قادمة على هاتفه جذب انتباهه …اتجه إلى هاتفه الذي على الطاولة وأمسكه ليرى من بعث له تلك الرسالة …عبس بحيرة وهو يجد ان رقم غريب بعث له رسالة على الواتس آب …فتح الرسالة ليشحب وجهه كالأموات وتهتز.كفه فيسقط الهاتف من يده ….
نظرت إليه مايا بحيرة واقتربت منه وهي تقول :
-موسى فيه ايه ؟!
ولكنها لم تحصل على رد بل وجدت دموعه تنفجر من عينيه وهو يرتعش بقوة …أمسكت الهاتف لترى ماذا به …
كتمت صرختها في الوقت المناسب وهي ترى تلك الرسالة :
-دي …دي ليان …
هز موسى رأسه وهو يبكي ويقول :
-هي كمان ماتت…ماتت…ماتت ..أنا السبب أنا السبب …
أخذ يصرخ وهو يضرب نفسه :
-انا السبب أنا السبب …
-قيصر ..اهدى ابوس ايديك …
قالتها مايا وهي تحاول امساك كفه والسيطرة عليه ولكنه كان يبدو منهار للغاية …كان صعب السيطرة عليه ….
رن هاتفه فجأة لتقول مايا بسرعة:
-ده هو …هو الرقم اللي بعتلك الرسالة …
خطف موسى منها الهاتف وفتحه ثم صرخ وهو يبكي :
-هقتلك …هقتلك يا صاموئيل !!!
ضحكته البغيضة تسللت لأذن موسى وقال :
-لا لا يا قيصر دي مش طريقة تكلم بيها صاحبك القديم وخصوصا اننا دلوقتي معانا حبيبتك وكل حياتك …ولا عايزني اقتـ لها…
-ليان عايشة ؟!
قالها موسى بلهفة ليسمع رد صاموئيل بهدوء …قال آخيرا بعد لحظات :
-أنا جايلك قولي العنوان…
بعد أن أغلق الهاتف قالت مايا :
-جه الوقت ننفذ اللي اتفقنا عليه …روح وانا هتصرف …
هز موسى رأسه وهو يخرج من منزله بسرعة …
….
بعد ساعة ونصف ..
كانت قد وصل اخيرا إلى المستودع المهجور ثم خرج من السيارة وهو يلهث ويصرخ قائلاً:
-صاموئيل أنت فين ؟!
-امشي قدامي ..
قالها صوت خشن من خلفه وهو يضع السلاح على رأسه ثم أكمل :
-البوص مستنيك جوا يا قيصر ….
-مؤيد ..
قالها موسى ليرد مؤيد مبتسماً :
-كويس انك فاكر صحابك اللي خنتـ هم يا قيصر …يالا قدامي …
لم.يجادله موسى أكثر من هذا وسار بهدوء…
….
ولج إلى المستودع ونظر إلى ليان الملقاه على الأرض كاد أن يركض نحوها إلا أن صاموئيل ضرب رصاصة في الهواء وقال :
-متحاولش يا قيصر لاني والله الرصاصة التانية هتكون في راس حبيبتك …
ابتلع موسى ريقه وهو ينظر إلى صاموئيل الذي بدا أكبر بكثير منذ آخر مرة رآه فيها …
اقترب صاموئيل وقال :
-ياااه يا موسى …اتمنيت كتير اني أشوف اللي أتجرأ وقـ تل ابني عشان احر ق قلبه كمان …
-صاموئيل هي …هي ملهاش دعوة …ابوس ايديك اقتـ لني أنا ….
أشار صاموئيل لمؤيد ليقترب مؤيد بسرعة من ليان ويضع السلاح على رأسها …
-لا لا يا مؤيد …
صرخ موسى وهو يقترب إلا أن صاموئيل ضرب رصاصة مرة آخرى وقال:
-مكانك يا قيصر …
نظر موسى إليه وقال:
-انا قدامك اهو اقتـ لني….اقتـ لني !!!.
-تؤ..مش عايز اقتـ ل غيرها ….
-يا صاموئيل ابوس ايديك هعمل اللي انت عايزه بس سيبها …ابوس ايديك سيبها
أركع على رجليك يالا !!
قالها صاموئيل وابتسامة نصر تزين وجهه …
انفجرت الدموع من عيني موسى ونظر الى ليان التي السلاح مصوب على رأسها …لم يفكر مرتين وهو يجثو على ركبتيه ويقول :
-أبوس ايديك اقتـ لني أنا …اقتـ لني أنا …هي لا …..
ضحك صاموئيل وقال:
-ياااه مش متخيل فرحان قد ايه وانا شايفك مذلول كده …بس لا يا قيصر أنا دلوقتي هحرق قلبك اكتر واقتلها قدامك وافتكر أنها ماتت بسببك زي روان وعيش في جحيم الذنب يا قيصر …
-مؤيد يالا …
-لااااا ..
صرخ بها موسى وهو ينهض فجأة وينجح في أخذ السلاح من صاموئيل ويجذبه وهو يضع السلاح برأسه ويصرخ بمؤيد :
-والله هقتله…ابعد عنها يا مؤيد …ابعد …هقتله!!!
-خلاص ..خلاص …هبعد عنها
قالها مؤيد وهو يشير بعينيه لباقي الرجال لكي يمسكوه إلا أن موسى صرخ وقال :
-الحركات دي أنا عارفها يا مؤيد …لو حسيت بأي حركة منكم هقتـ لكم البوص بتاعكم …
قاطع.كلام.موسى صوت قدوم سيارات الشرطة …ابتسم موسى وقال:
-وأهو مشهد النهاية اتكتب…نهايتك اتكتبت يا صاموئيل …
وبالفعل اقتحم رجال الشرطة المكان وتتبعهم مايا وهي تبتسم لصاموئيل بإنتصار ….
….
بعد قليل
تم القبض على صاموئيل ورجاله وهذا بفضل الأدلة التي جمعتها مايا ضدهم ….
وتم أحضار عربة إسعاف لإنقاذ ليان التي ما زالت فاقدة للوعي …
…
في سيارة الإسعاف ..
كان موسى يمسك كف ليان ودموعه تسير على وجنتيه ويقول :
-حقك عليا…حقك عليا أنا يا ليان ..محدش هيأذيكي بعد النهاردة …محدش هيلمس منك شعرة تاني…وانا عمري عمري ما هبعد عنك يا حبيبتي بس ابوس ايديكي خليكي معايا. ..خليكي معايا …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-المهم جواهر دلوقتي كويسة ؟!
قالها أمير وهو ينظر إلى عبير التي تمشط شعرها أمام المرآة فترد هي :
-أيوة اتحسنت …حتى من شوية قبل ما نيجي هنا اتصلت وأصرت اني ابقى معاك النهاردة وبكرة اروحلها …قالت إنها هتقولي على خبر حلو …كان باين من صوتها أنها مبسوطة اووي …
ابتسم أمير وقال:
-كويس ربنا يسعدها ويجبر بخاطرها…
تنهدت عبير وقالت:
-يسمع من بوقك ربنا يا أمير …ربنا يسعدها يارب. ..جواهر أطيب بنت شوفتها في حياتي وتستاهل السعادة …
تركت المشط ثم اتجهت إلى أمير وجلست على الفراش وهي تقول بشرود :
-تعرف على قد أن اللي عرفته صعب بس انا فرحانة اووي أن جواهر طلعت اختي …دايما كنت بحس ان في رابط بيننا …دايما لما اكون في مشكلة هي اللي بتساعدني من غير ما تفكر مرتين حتى …لما بابا كان عايز يجوزني لعدي بالعافية مفكرتش مرتين وهي بتساعدني على الهروب رغم أنها عارفة أنها هتقع في مشكلة مع بابا بس مهمهاش …حتى لما بابا ورطها وخلاها تتجوز عدي مفكرتش تقول على مكاني بعد ما عرفته …دايما جواهر كانت حاسة اني مسؤوليتها…شكل في عقلها الباطن كانت عارفة اني اختها …
تسطحت على الفراش وتنهدت قائلة:
-حاسة أن بقالي عيلة جديدة…عيلة تعوضني عن اللي شوفته من بابا …
نظرت إليه وابتسمت بينما تظهر نواجزها الساحرة وقالت وهي تتلمس وجنته :
-بقى معايا زوج زي القمر …حنين وطيب وبيحبني …راجل مثالي من الآخر …
ابتسم أمير وهو. يقبل كفها لتكمل هي:
-وبقا معايا اخت زي تحية بتحبني وتقدرني وجواهر كمان …أنا دلوقتي في قمة سعادتي يا أمير بجد …حاسة اني طايرة من كتر السعادة …
-حبيبتي ربنا يسعدك دايما يارب …
قالها أمير وهو يضمها إليه بقوة ويقبل رأسها ويكمل :
_أنتِ اجمل هدية في حياتي …احيانا مبقدرش اصدق اني اتجوزتك …
تألقت عيني عبير وقالت :
-ولا أنا بصراحة …
صمتا.قليلا ليتنهد أمير بعمق ..
-ايه فيه ايه ؟!
سألته عبير
-أنا حاسس اني وشي فقري عليكي ..
قالها أمير بتعب لتعبس عبير وتقول:
-ليه بتقول كده ؟!
هز كتفه وقال ؛
-من أول ما اتجوزتك وانتِ المصايب بترف على رأسك زي الرز ..
ضحكت عبير بقوة وضربته على كتفه وقالت:
-بطل بواخة ايه وشك فقر دي …
امسك كفها وقال:
-يا بنتي افتكري احنا ليلة دخلتنا.بيت تحية ولع وجات عندنا …أنا واحد فقري امي الله يرحمها، كانت بتقول عليا كده…
انطلقت ضحكات عبير أكثر وهي تمسك وجهه وتقبله قائلة :
-أنت اجمل انسان شوفته في حياتي … متقولش على نفسك كده …
ثم اقتربت ثانية وهي تقبله مرارا على وجنته …
ضحك أمير وهو يضمها …اتجهت يديه بخبث إلى بطنها وبدأ يدغدغها …
صرخت عبير فجأة وهي تدفعه وتقول:
-لا لا يا أمير بطل بواخة بقا …
وكادت أن تهرب الا أن أمير امسكها وثبتها على الفراش بيد واليد الآخر استخدمها لكي يدغدغها …
-يا أمير لا …لا يا أمير بغير خلي عندك دم
قالتها عبير وهي تضحك وتصرخ في آن واحد ولكنه لم يرحمها ابدا وهو مستمر في فعلته …
طفرت الدموع من عينيها بسبب أفراطها في الضحك وقالت:
-خلاص عشان خاطري يا أمير هموت …خلاص عشان خاطري.لو بتحبني .. …
توقف فجأة وقال:
-بحبك طبعا ..
ابتسمت بهيام وقالت:
-وانا كمان ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم السابق …
جلست جوري أمام القبر وقالت ودموعها تتساقط :
-انا لقيتك يا بابا …جيت ولقيتك ..
كانت تضحك بطريقة غريبة …دموعها تنهمر تباعا وتقول :
-أنت اذيتني كتير بس انا جيتلك…..جيتلك رغم انك اذتني كتير …ليه كنت بتعمل فيا كده ؟!أنا بسبب طلعت إنسانة وحشة …امي بتقول اني مجنونة…بتقول اني مش متزنة نفسيا يا بابا ..حتي ياسين سابني …حتى ياسين بيقول اني مش متزنة نفسيا …هو طلقني وسابني وراح اتجوز…اتجوز واحدة غيري وحرق قلبي …ومهما اعمل رافض يرجعني…أنا عملت سحر عشان يرجعلي برضه مرجعش يا بابا …مرجعش …أنا زعلانة اووي …أنا خسرت كل حاجة …كل حاجة خسرتها يا بابا …ياسين وبنتي ..حتى نفسي خسرتها …
انفجرت الدموع من عينيها وقالت :
-تعرف أنا ضربت ماما وشكلها ماتت …ماما اكيد سابتني ومشيت وانا دلوقتي لوحدي مليش اي حد …مليش حد …وده كل بسببك … بسببك…
ثم أخذت تضرب على الأرض وتصرخ :
-أنت السبب في ده كله …انت السبب …انت اللي خلتني إنسانة مش متزنة نفسيا …أمي كانت كل شوية بتقول اني شبهك …بتقول اني مجنونة زيك …وانا تعبت …أنا ذنبي ايه اتحمل ده كله …قولي ذنبي ايه ؟!!
انفجرت الدموع من عينيها غزيرا وهي تشعر بألم كبير في قلبها وقالت:
-ليه عملت كده فيا …ليه دمرت حياتي يا بابا …ليه ؟!..أنا كان نفسي اعيش كويس …كان نفسي ياسين يكون معايا …بس انت كنت واقف في طريقي ..كنت بأذي بنتي بنفس الطريقة اللي أنت كنت بتأذيني بيها …كنت بحرقها …
ضحكت ودموعها تنهمر أكثر واكملت :
-أيوة …أيوة كنت بحرقها بالنار يا بابا …فاكر انت برضه كنت بتعمل فيا كده …كنت بتحرقني بالنار …فاكر على أقل غلطة كنت بعملها كنت بتحرقني بالنار….وكنت بتضربني وبتحبسني …فاكر لما حبستني في الاوضة الضلمة …انت كنت عارف اني بخاف من الفيران بس دخلت فيها فأر …كنت بتسمعني بصرخ ومحاولتش تساعدني …سيبتني كده ……قلبك طاوعك انك تسيبني تصرخ …أنا بكرهك …وبكره امي وبكره ياسين …سمعتني يا بابا …بكرهك …بكرهك …وبتمنى انك تكون بتتعذب دلوقتي انت وماما …أنا برضه قتلتها …هي حصلتك …بتمنى انتوا الاتنين تتحرقوا في نار جهنم .!!
ابتلعت ريقها وهي تخرج السكين التي معها وقالت :
-خلاص دي النهاية المناسبة لعيلة توكسيك زينا …انت موت وماما ماتت وفاضل أنا أموت …نهاية سعيدة …هنجتمع سوا أخيرا …صح.؟!
ثم دون أي تردد مررت السكين على رسغها حتى انفجرت الدماء منه ملطخة القبر …استلقت بجوار القبر وهو تنزف بقوة …تشعر أن قواها تغور ..ابتسمت بوهن وقالت :
-تعرف رغم انك اذيتني كتير الا اني حبيتك يا بابا …أنا حبيتك حتى اكتر من أمي …وانهارت يوم وفاتك ..احيانا بسأل نفسي ليه زعلت عليك وليه بحبك رغم كل اللي عملته فيا بس صدقني مش لاقية أي إجابة !!
أغمضت عينيها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة !!!
………
في الوقت الحالي ….
في المشفى ….
فتحت عفاف عينيها لتجد ياسين بجوارها …كان يبدو عليه التعب ….
-ياسين …
قالتها عفاف بتعب لينتبه لها ياسين ويمسك كفها ويقول بلهفة :
-انتِ كويسة …
هزت رأسها وقالت بتعب :
-ايه اللي حصل مخي مش مجمع …
ابتلع ياسين ريقه …الطبيب بالفعل اخبره عن هذا ..أخبره أن السيدة عفاف قد تتشوش ذكرياتها بسبب ارتجاج في الدماغ تسببت به ضربة جوري ….
وجد ياسين نفسه عاجز عن الشرح ونظر إلى عفاف بيأس فقالت عفاف:
-ياسين قولي حصل ايه ؟!وفين جوري….آه ..
فجأة تأوهت وهي تضع كفها على رأسها والصور تندفع إلى عقلها بشكل مؤلم …أنها تتذكر …نعم تتذكر !!..تتذكر كل شئ…جوري…لقد ضربتها ابنتها ….
-ياسين جوري ضربتني هي اللي …
-عارف ..عارف …
قالها ياسين بتعب وقد ارتاح قليلا لأنها تذكرت بنفسها ….
-ازاي عرفت ؟!
سألته بفضول ليسرد عليها ما حدث بكل تفاصيل …كما أخبرها أنها نائمة منذ أمس بالمشفى ولم تستيقظ حتى الآن ….
-طيب هي فين يا ياسين …فين جوري ؟!
-هربت ..
قالها بيأس وهو يفرك عنقه ثم اكمل؛
-بعد ما روحت عشان اشوف فيكي ايه واتصدمت باللي بنتك عملته انشغلت معاكي واتصلت بالإسعاف كان وقتها هي هربت ..
وضعت هي كفها على رأسها والدم ع تطفر من عينيها وقالت:
-جوري بقت خطر على نفسها وعلى اللي حواليها يا ياسين …ساعدني قولي اعمل ايه ؟!
زفر ياسين بضيق وهو ينظر إليها وقال بإنفعال :
-انا قولتلك قبل كده تعملي ايه صح ولا لا …نبهت عليكي تاخديها لدكتور نفسي لأن بنتك مش سليمة نفسياً….قولتلك قربي منها …بس يا مدام أنتِ مسمعتيش كلامي و ..
صمت ياسين فجأة وهو يتذكر الوضع الذي هي به …ليس وقت اللوم الآن ..نظر إلى عفاف ليجد الدموع تطفر من عينيها والذنب يطل منهما …
-أنا اسف ده مش وقته …
تنهد.واكمل ؛
-بس متقلقيش هيلاقوا جوري بإذن الله البوليس بيدور عليها ولما يلاقيها هنتصرف أنا مش هسيبك لوحدك
ابتسمت عفاف بإطمئنان وقالت:
-شكرا …شكرا اووي يا ياسين …
هز رأسه وقال:
-ارتاحي دلوقتي هجيبلي قهوة واجيلك تاني …
هزت رأسها وقالت:
-لا لا خلاص كتر خيرك على كده روح بيتك شكلك تعبان وانا …
-لا مستحيل مش هروح واسيبك…خلاص أنا هجيب قهوة وهفضل هنا انتهى الكلام و
وبالفعل خرج من الغرفة ليجلب قهوة له …توقف فجأة وهو يرى ورد تقترب منه ثم تعانقه بقوة …
أبعدها قليلا وقال:
-ايه اللي جابك هنا ؟!أنا اتصلت بأمي عشان تروحلك يا ورد….ليه تتعبي نفسك وتيجي …الدكتور منبه و…
-بس بس اهدى شوية !!
قالتها ورد وهي تضع كفها على شفتيه ثم تكمل بإبتسامة :
-يا حبيبي أنا والله كويسة متبقاش أوفر لو سمحت …المهم قولي دلوقتي ايه اللي حصل …أنا قلقت …فين جوري …
هز ياسين رأسه وقال:
-للأسف معرفش هربت مني ومدام عفاف بس اللي موجودة جوا …
فركت ورد كفيها وقالت:
-طيب ايه …هي كويسة دلوقتي ؟!
-أيوة كويسة ..جالها ارتجاج بسيط في المخ بس الدكاترة قالوا مفيش اي خطر بس هي هتفضل تحت الملاحظة يومين وانا لازم افضل معاها …
ابتسم ورد وهي تمسك كفه وتقول :
-اكيد يا حبيبي لازم تفضل معاها …ربنا يصبرها ويقويها …بجد صعبان عليا اووي….حتى جوري صعبانة عليا …
نظر ياسين عليها ببرود وقال:
-ميصعبش عليكي غالي يا اختي …
ضربته جوري على كتفه وقالت:
-يا اخي بطل قسوتك دي …جوري واضح انها غير متزنة نفسيا …
-ورد أنا بطلت أشفق عليها بسبب اللي عملته أنا مستحيل انسى انك كنتِ هتضيعي مني بسببها هي …
شدت على كفه وقالت:
-بس أنا دلوقتي كويسة الحمدلله يبقى مفيش داعي للقلق والخوف ده يا حبيبي …ولا فيه داعي انك تحقد على جوري المسكينة برضة بتعاني وانت لازم تساعدها دي أم بنتك مهما كانت.
زفر ياسين بضيق وقال:
-ما هو ده من سوء حظي أنها ام بنتي…من سوء حظي والله …
قاطع كلامه رنين الهاتف ..رد سريعا عندما رأى أن المحقق هو من يتصل به …
-أيوة يا فندم
قالها ياسين بلهفة متمنيا الحصول على بعض معلومات عن جوري..
فجأة شحب وجه ياسين وقال:
-بتقول ايه ؟!!!
توقف قليلا وهو يسمعه فرد بتعب :
-حاضر ..حاضر يا فندم ..
ثم أغلق الهاتف لتقول ورد:
-فيه ايه يا ياسين قلقتني ؟!
-ما تت …جوري ما تت!!!
قالها ياسين بصدمة لتضع ورد كفها على فاها.بصدمة…
يتبع….
(الحب هو أنت )
أنتِ لي …بالأمس واليوم وغداً وإلي الأبد …إن كنت سأطلق على الحب أسماً آخر سيكون أسمك ♡
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”) رواه مسلم.
كان الشيخ يردد الحديث بينما يتم دفن جوري استخدم ياسين معارفه لإنهاء إجراءات الدفن سريعا بعد أن تم إثبات أن سبب الموت هو الإنتحار …
كانت عيني ياسين الخضراء مشبعة بالدموع صحيح جوري اذتهم كثيرا ولكنه ابدا لم يتمنى لها تلك النهاية …مهما كانت هي أم ابنته ..
تم دفن جوري وبدأ الشيخ يقرأ القرآن …
بعد عدة دقائق ذهب الجميع وبقا هو واقف أمام قبرها وهو يجفف دموعه …قرأ لها الفاتحة …ثم قال:
-ربنا يرحمك ويسامحك يا جوري …ربنا يسامحك …أنا هقول لأمك ايه دلوقتي …هقولها ايه ؟!أنا مقولتلهاش الحقيقة …مقولتلهاش أن بنتها ماتت …مش عارف هجيبهالها ازاي …مش عارف ازاي هقولها…دماغي بتودي وتجيب ومش لاقي اي بداية مناسبة عشان اقدر اقولها الخبر …
دعك عينيه بتعب ليرن هاتفه فجأة …أخرج هو هاتفه ليجد زوجته تتصل به …فتح الهاتف ورد عليها …
-أيوة يا ورد …
-أيوة يا حبيبي طمني دفنتوها ؟!
قالتها ورد بهمس وهي تبتعد عن حماتها وياسمين التي لم تعرف حتى الآن أن والدتها قد ماتت …
هز ياسين رأسه وقال:
-أيوة يا حبيبتي دفناها.الحمدلله …الله يرحمها …
-مامتها عرفت يا ياسين ؟!
أغمض ياسين عينيه بتعب وقال:
-للأسف لسه يا جوري…مقدرتش اقولها …مقدرتش للأسف ….
-لازم تقولها يا حبيبي .
قالتها ورد بحزن على الحالة التي وصلت إليها جوري …على الرغم انها اذتها كثيرا ولكن موتها بتلك الطريقة أحدث شرخ في قلبها …
مسحت الدموع التي انسابت من عينيها وقالت بإختناق:
-حبيبي لازم تقولها …لازم …
تنهد ياسين وقال:
-حاضر يا ورد هقولها وربنا يستر …اديني أمي أكلمها لو سمحتي …
هزت رأسها وقالت:
-حاضر يا ياسين …
ثم اتجهت لحماتها وهي تشير إليها لكي تكلم ياسين …هزت حماتها رأسها وهي تقترب منها وتمسك الهاتف وتبتعد كي لا تسمع ياسمين شئ بينما اتجهت ورد وهي ترسم ابتسامة على شفتيها إلى ياسمين وجلست لتلعب معها …
……
-أيوة يا حبيبي .
قالتها والدة ياسين ليرد ياسين :
-ازيك يا ماما ..
-ازيك يا حبيبي …طمني عليك يا ياسين …انت منومتش من يومين يا حبيبي …أكلت ..
ابتسم ياسين وقال:
-أمي متقلقيش عليا أنا كويس اووي المهم اسمعيني أنتِ …خلي بالك من ورد لحد ما أرجع يا امي خليها ترتاح بالله عليكي …
ابتسمت والدته وقالت:
-حاضر يا بني متقلقش ..خلي بالك من نفسك …
-بإذن الله خير ..
ثم أغلق الهاتف متجها إلى المشفى حيث تقبع السيدة عفاف ….
……
في المشفى …..
وأمام غرفتها كان متردد …لا يريد الدخول ويخبرها بما قد يقتلها …أغمض عينيه بقوة وهو يتمنى أن ينتهي هذا بسرعة …يتمنى أن يخبرها وينتهي ….تنهد ياسين وقرر الدخول …
كانت عفاف جالسة على فراشها بالمشفى تبدو أنها تحسنت قليلا ..ما أن رأته حتى ابتسمت بلفهة وقالت :
-ياسين ابني لقيت اي خبر عن جوري …طمني يا ابني قلبي واكلني عليها …متخلهومش يحبسوها يا ياسين أنا مسامحاها بس ارجوك بلاش تخليهم يحبسوها عشان خاطري …
ابتلع ياسين ريقه وهو ينظر إليها وعادت الدموع لتتجمع في عينيه …أمسك كفها وقال:
-أنتِ مؤمنة بالله يا ست عفاف صح ؟!
هزت عفاف رأسها بحيرة ليكمل بينما الدموع تطفر عينيه:
-وعارفة أننا لازم نتقبل قدره مهما كان …
هنا شعرت بالرعب يحتل عقلها وقالت بنبرة مرتعشة :
-ياسين …ياسين فيه ايه …انت بتقول ايه ؟!
-البقاء لله يا ست عفاف جوري ماتت!!!
-لاااااااا
صراخها رج غرفة المشفى
…..
بعد أسبوعان …..
كانت جالسة على الفراش الصغير بالمشفى تنتظر أخاها ليأتي كي يأخذها الى المنزل ..تتذكر ما حدث الايام السابقة ….لقد كادت أن تموت ومات بالفعل السائق الخاص بها بسببها هي …تمزق قلبها من الألم …لم تكن تريد ابدا ان يموت أحداً بسببها ….حاول عدي كثيرا أن يخبرها أن هذا ليس ذنبها ولكنها رفضت تصديقه …كانت تحمل نفسها الذنب …تمنت أن تموت ولكن للأسف تم إنقاذها …صحيح ستواجه صعوبة لفترة في السير على قدمها المصابة ويدها ستكون مجبرة لفترة …وجهها الجميل أصبح مكدوم قليلا ولكن الطبيب طمأنها ان الأثر سوف يزول بسرعة …أغمضت عينيها بتعب وهي تصل لنتيجة أن مجددا موسى قد أنقذها وقد حكى لشقيقها كل الحقيقة…ولكن هذا لن يغير اي شئ أبداً ….لن تسامحه عما فعله …
أخرجها من شرودها طرقة خافتة على الباب …
-اكيد ده عد..
باقي الكلمات تجمدت على لسانها وهي تراه أمامها …بهيئته المهلكة المعتادة …نظراته التي كانت باردة اخر مرة رأته بها الآن تحترق بالعشق … ابتسامة متوترة تزين شفتيه …كان خائف …خائف أن يتم رفضه…تبدلت الأدوار الآن نظراتها هي من كانت باردة وهي تنظر إليه من أسفل لأعلى وقالت:
-خير عايز ايه ؟!
-ليان أنا …
-اطلع برا أنا مش عايزة اشوفك …يالا امشي …
-ليان تتجوزيني ؟!
قالها فجأة وهو يحبس أنفاسه …أدرك بغباء أن عرضه الآن غير مناسب أبدا ….
صوبت نظراتها الباردة إليه :
-عرضك مرفوض ..
-أنتِ بقيتي عارفة دلوقتي أنا عملت كده ليه يا ليان ..
قالها موسى وهو يقترب منها …عينيه تفيض منهما العشق…كل ما يرغب به هو أن يصل إليها بسرعة ويضمها بقوة بين ذراعيه ولكن نبرتها الباردة جمدته تماماً:
-ايوة عرفت عشان تحميني …وانا مفروض أعمل ايه دلوقتي ؟!
-ليان !!!
قالها بصدمة ثم أكمل:
-أنا كنت خايف عليكي …كنت خايف صاموئيل يأذيكي عشان كده عملت اللي عملته…
ضحكت ليان بسخرية وقال:
-أنت عارف يا موسى ايه مشكلتك بالضبط؟!انك بتعاملني كأني فاقدة الأهلية …تعمل فيا اللي انت عايزة من غير ما تفكر تسألني او تأخد رأيي…شايف خطر عليا يبقى خلاص تبعد وتكسر قلبي …واهو قلبها اتكسر بس مش مهم هي عايشة ومفروض تشكرني على اللي عملته ولما يخلص الخطر تقرب تاني وعايزنا نرجع ….انت فاكرني ايه بالضبط ؟!هو أنا لعبة في إيديك….لا يا موسى المرة دي القرار قراري أنا مش قرارك وانا أهو بقولك عرض زواجك مرفوض وانا مش هرجعلك أبدا!!!!
اقترب اكثر منها فحاولت الابتعاد إلا أنه امسك ذراعها بلطف وقال؛
-ليان أنا كنت خايف عليكي …انا كنت بتعذب اكتر منك …كنت بموت وانتِ بعيدة عني ..كنت مرعوب عليكي و …
-كل ده ميهمنيش …خلاص اللي بيننا انتهى يا موسى …
ثم دفعت ذراعه وقالت:
-لو سمحت امشي من هنا أنا صدعت ومش عايزة اسمع ….
ثم كادت أن تتجاوزه الا ان ساقها خانتها وكادت أن تسقط إلا أنه امسكها بسرعة ثم حملها بين ذراعيه …أغمضت عينيها والدموع تتسرب بغزارة من بين عينيها المغلقة وقالت وصوتها يخرج في هيئة شهقات متقطعة :
-لو ….لو سمحت امشي …امشي … ابعد عني …كفاية اللي عملته فيا …
اتجه ووضعها على الفراش ثم جثا على ركبتيه وهو يمسك كفها ويقول بينما الدموع تحتشد بعينيه :
-أنا بحبك …
هزت رأسها وهي ما زالت مغمضة عينيه وقالت:
-معتقدش انك بتحبني …اللي بيحب مبيجرحش يا موسى ….
قبل كفها وقال بصوت أجش:
-هرجعك …هعرف ازاي أرجعك …
ثم نهض وهو يقبل رأسها وذهب …تاركا إياها تنفجر من البكاء …
…..
خرج موسى من غرفتها بالمشفى وهو يترنح من الألم …
-موسى !!
صوت عدي انتشله من تفكيره ونظر إليه …مسح دموعه بسرعة وقال:
-ازيك يا عدي …جيت اشوف ليان ..بس الظاهر لسه زعلانة …
ابتسم عدي له بحزن وقال :
-هتنسى متقلقش ….لما غضبها يهدى شوية هتفكر انك عملت المستحيل عشان تنقذها وهتقدر …
ابتسم موسى له فاقترب عدي وضمه بقوة إليه وقال :
-هتسامح يا موسى متقلقش …هتسامحك !
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في احدى المناطق الراقية نوعا ما….
-انا مش مصدقة أن عمك المخفي كان عايش في العز ده من فلوسنا اللي لهفها مننا …اخد البيت اللي ابوكي عملوا لينا عشان نعيش عيشة كويسة وخلانا نحتاج للي يسوى واللي ميسواش …
قالتها رابحة وهي تجلس على الأريكة الفاخرة براحة شديدة …ابتسمت رانيا وهي تضع الطعام على الطاولة وتقول :
-خلاص يا أما اخد اللي يستحقه ربنا يصلح حاله خلينا منفكرش فيه …يالا عشان نفكر هنعمل ايه بالمبلغ اللي حطينه في البنك …
اتجهت رانيا الى رابحة وحركة المقعد المتحرك الخاص بها حتى وضعته أمام طاولة الطعام ثم بدأت تأكل … حياتهما تغيرت كثيرا …فبعد أن أعاد لهما اخ زوجها ورث زوجها الراحل والذي كان كبير وايضا أعطاها المنزل الذي بناه زوجها بعرق جبينه …كل تلك الأشياء غيرت حياتهما للأحسن ….الآن هي لا تحتاج لاي أحد الا الله ..
لا هي ولا ابنتها …
-انا بقول يا رانيا يا بتي كفاية شغل وتعب بقا …الحمدلله احنا دلوقتي معانا فلوس ونقدر نصرف براحتنا …
هزت رانيا رأسها وقالت :
-لا يا أما …أنا عايزة اشتغل عشان يبقالي خبرة واتعلم …بس كمان عايزة اعمل مشروع بالفلوس دي…مشروع يسندنا …
-مشروع ايه يا رانيا ؟!
هزت رانيا رأسها وهي تأكل وقالت:
-انا لحد دلوقتي فيه كذا مشروع في بالي هفكر وأشوف ايه الاحسن ونعمله ايه رايك ؟!
-أنتِ ادرى يا بتي….يالا كلى عشان تلحقي شغلك ..
هزت رانيا وبدأت تأكل …فجأة رن جرس المنزل …عبست رانيا وهي تنظر لوالدتها من يمكن أن يكون على الباب …
نهضت رانيا لتفتح الباب …وقفت متجمدة وهي تنظر الى اخر شخص توقعت وجوده أمام منزلها …
-ليلى هانم ؟!
قالتها رانيا ببهوت ..رفعت ليلى رأسها وقالت:
-ممكن أدخل …
هزت رانيا رأسها وافسحت لها الطريق…
-روحت حارتكم القديمة وملقتكيش لحد ما جارتك ادتني العنوان مبروك البيت الجديد. …
-الله يبارك في حضرتك ..
قالتها رانيا بتوتر وهي تنظر الى والدتها ثم أكملت :
-اتفضلي يا هانم الآكل جاهز …
تنهدت ليلى واتجهت إلى الطاولة وجلست عليها..
أسرعت رانيا واحضرت لها طبق ثم وضعت به الطعام….
بدأت ليلى تأكل بهدوء بينما رانيا كانت مصدومة من تصرف ليلى معها …لقد اعتقدت أنها سترفض أن تأكل معهما أو تظهر نفورها ولكن هذا لم يحدث للدهشة …
نظرت ليلى الى والدة رانيا وقالت:
-أنا جاية اطلب ايد بنتك رانيا ليحيى ابني …بطلب منك كأم انك تديني بنتك ….
اتسعت عيني رانيا بصدمة لتكمل ليلى وهي تنظر إليها :
-ابني مش سعيد …أنا حاسة بيه …يحيى مطفي…يحيى عمره ما كان باليأس ده …وانا مش هستحمل اشوف ابني بالشكل ده …أنا اهم حاجة عندي سعادته …وسعادته معاكي يا رانيا …ممكن توافقي عليه ؟!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
في المساء ….
وقفت أمام المرآة وهي تتنهد بعمق بينما تنظر إلى نفسها …فستانها الكريمي الطويل كان يلتصق بجسدها …شعرها الأسود الطويل كان يرتاح على كتفها …احمر الشفاه القاني كان يليق على بشرتها البيضاء …ابتسمت لتظهر نواجزها الرائعة …
الليلة هي ليلة عقد قرانها على عدي ….عدي الذي لم يدعها ابدا الايام السابقة …كان دوما معها رغم تعرض شقيقته للهجوم إلا أنه لم يتركها أبدا …حتى عندما كان يذهب للمشفى يأخذها معه ثم يجعل عبير تقضي الليلة في منزلها …كان حريص ألا يتركها بمفردها ابدا كي لا تعيد التفكير في الإنتحار مجدداً … …ابتسمت وهي تفكر أنها ممنونة له للغاية …لكل تلك الأشياء التي يفعلها من أجلها…وضعت كفها على قلبها وهي تفكر أنها تعشقه ….
طرقة على الباب اخرجتها من شرودها …
-أدخل ..
قالتها برقة لتدخل عبير وتصفر قائلة :
-ايه الجمال ده بس …
ابتسمت لها جواهر وهي تطرق برأسها أرضا … وجنتيها احمرت من الخجل …
اقتربت عبير وقبلتها على وجنتها قائلة :
-يالا عشان عريسك مستنيكي يا عروسة…
هزت جواهر رأسها وهي تمسك كف شقيقتها وتخرج ….
……..
أطلق الجميع تصفيق حار بينما تخرج جواهر كأميرة من باب القصر ….كان الطريق الى الطاولة التي سوف يعقد عليها حفل الزفاف مزينة بالورود البيضاء …وكانت البالونات الزاهية تحيطها من كل اتجاه والفقعات الملونة تنطلق نحوها. .احست أنها أميرة…كل شئ كان مثالي للغاية …كل شئ كان جميل. تجمعت الدموع في عينيها وهي ترى عدي ينتظرها على الطاولة …يقف ويرتدي حلة باللون الكريمي كما ترتدي هي …نظرت إليه بدهشة وهي تضحك ليغمز لها …اخيرا وصلت إليه وجلست على الطاولة …
نظر شريف إلى ابنته الكبيرة التي كانت متألقة كعروس جميلة ….كان قلبه يؤلمه …لقد اخبره عدي ان يأتي لكي يكون وكيل جواهر وذلك بعد أن كتب شريف جواهر على اسمه … ومنعه منعا باتا من محاولة التحدث معها. ..لقد أصبح عدي يقف بوجهه الآن وأن حاول فقط التحدث مع جواهر عدي لن يرحمه ….
تمنى شريف أن يتحدث فقط مع ابنته …يعتذر منها ويعانقها ولكن خوفه من عدي منعه…ومن جهة آخرى جواهر عاملته وكأنه غير موجود ..لم تنظر إليه حتى …حتى عبير تعامله كالغريب …لقد خسر بناته .. …خسر كل شئ !!!!
…….
جلس عدي وبجانبه الشيخ ومن الناحية الاخرى شريف ليتم عقد القرآن …
….
بعد قليل …
تم الانتهاء من عقد القرآن وأصبحت جواهر رسميا زوجة عدي ….
..
لم ينتظر عدي مباركات المدعويين سحب جواهر خلفه وهرب بها وسط ضحكات المدعويين ….
…
ابتسمت عبير وهي تشاهد السعادة التى على وجه جواهر وهي تستقل السيارة مع عدي …وضعت رأسها على كتف زوجها وامسكت كفه وهي تقول :
-انا فرحانة أووي النهاردة يا امير…فرحانة أووي …
قبل أمير كفها وقال:
-وانا مبسوط طول ما أنتِ مبسوطة يا حبيبتي …
اقترب شريف منهما وقال:
-ممكن نتكلم يا بنتي شوية ؟!
تلاشت الابتسامة من وجه عبير ونظرت إلى والدها بقسوة وقالت:
-اظن مفيش حاجة نتكلم فيها يا شريف بيه …أنا علاقتي بيك خلاص انتهت !!!
بهت وجه شريف وهو يرى القسوة على وجه ابنته وقال :
-يا بنتي …
-متقولش يا بنتي …أنا مش بنتك ولا جواهر خلاص …من سوء حظنا أننا اخدنا اسمك …بس خلاص الحمدلله من النهاردة ربنا عوضنا عنك خير …عوضنا عن اب معندوش مانع يبيع بناته ….كفاية اللي عملته فيا انا وجواهر …ياريت متقربش مننا تاني !!
تصاعدت الدموع لعينيه بينما تذهب عبير من أمامه …نظر أمير بأسف إليه ثم لحق بزوجته …
لقد كان هو الخاسر الوحيد.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تنهدت ليان وهي ترى المدعويين بدؤا بالذهاب فقررت أن تذهب إلى غرفتها …يبدو أن شقيقها لن يعود اليوم …ابتسمت بسعادة وهي تتذكر السعادة على وجه شقيقها….أنها لم تراه سعيدا لهذا الحد من قبل …تتمنى من كل قلبها أن يكون سعيداً دوما …
..
فتحت باب غرفتها ثم أشعلت الضوء لتصرخ فجأة وهي تجد موسى أمامها …كادت أن تصرخ إلا أنه جذبها وهو يكتم فمها بكفه ويقول :
-انا جهزت كل حاجة عشان تسمعيني…
وبالفعل وضعها على المقعد ثم قيدها بالحبال القوية التي أحضرها ….
-موسى بتعمل ايه ؟!.
صرخت به عندما تمالكت نفسها وخرجت من صدمتها إلا أن موسى كمم فمها بلاصق وقال :
-اهو بالطريقة دي هتمسعيني للآخر !!
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡
ولج لغرفته بخطوات متعبة …الاسبوعان السابقان كانا كالجحيم…انهارت عفاف تماما ورفضت تقبل موت ابنتها …صرخت وبكت وشتمته وضربته أيضا لينفي ما قاله….ثم بعدها لجأت للصمت …مهما حاول أحد أن يتحدث معها لا ترد …لذلك تم تحويلها للطبيب النفسي الذي أخبره أن الصدمة افقدتها النطق وطلب منه أن تبقى بالمصح كي يتابع حالتها ووافق ياسين ومنذ ذلك اليوم وهو يزورها يوميا وذلك بسبب معرفته الوطيدة بالدكتور المعالج …ولكن للأسف هي ترفض ابدا التحدث أو إظهار رد فعل …العلاج لا يأتي بأي نتيجة وهذا أحزنه …
-حبيبي ..
صوت ورد الرقيق أخرجه من شروده ..نظر إليها وعينيه لامعة بالدموع كانت جالسة على الفراش تبتسم له برقة فتحت هي ذراعيها وقالت:
-تعالى يا ياسين …
اندفع هو إليها وضمها بقوة إليها ودموعه الساخنة تهبط على وجنتيه …
-حبيبي كله هيكون تمام متقلقش ..
قالتها وهي تربت على شعره برفق وتقبله …
-الست عفاف مش راضية تدي اي رد فعل يا ورد …أنا خايف عليها اووي …هي متستحقش ده …
قبلت ورد رأسه وقالت :
-ربك كبير يا حبيبي ..ربك كبير …
نظر إليها ياسين لتمسح دموعه …امسك كفها وقبله قائلا:
-انا بحبك اووي يا ورد ..وبحب وجودك في حياتي ..
-وانا كمان يا حبيبي ..
قالتها بلطف …
سحبها على صدره وتسطح وهو يعبث بشعرها وقال:
-ممكن متقوليش لحد اني بكيت في حضنك …سمعتي كمهندس هتتدمر….
ضحكت ورد بقوة وقالت:
-حاضر يا باشمهندس مش هقول …
ابتسم ياسين وقال:
-ما تقوليلي شعر ..
-اقولك شعر ؟!
قالتها ورد عابسة ليرد ياسين:
-أيوة قوليلي شعر …اشمعنا أنا بس اللي بقولك شعر …مرة من نفسي يا ستي …يالا قولي.
-حاضر يا عم هقول …
ثم أغمضت عينيها وهي تتذكر أحدي قصائدها المفضلة …قبلت رأسه ثم بدأت تقول :
يا حُبًّا لم يُخْلَقْ بَعدْ
يا شَوْقًا كالمَوْجِ بِصدري
يا عِشْقًا يَجْتاحُ كِياني
يا أجمَلَ رَعْشاتِ اليَدْ
يا صُبحًا يُشْرِقُ في وجْهي
يا فَجْرَ الغَدْ
يا جُزُرًا تَمتدُّ بعَيني ،
وبُحورًا أغْرَقَها المَدْ
الحُبُّ كموْجٍ يُغرِقُني
والشَّوْقُ الجارفُ يَشتدْ
والعِشقُ يَجيءُ كتَيَّارٍ
يَجرِفُني مِنْ خلْفِ السَّدْ
(2)
يا أجملَ عِشقٍ
جرَّبْتُ ..
أنْ أعشَقَ حُبًّا لا يُوجَدْ
أنْ أعشَقَ حُلْمًا يَتَبَدَّدْ
أنْ يُصبِحَ حُبِّي نافِذَةً
أفتحُها ..
عُمري يَتجَدَّدْ
أنْ أَبقَى العُمْرَ على مَوعِدْ
مُنتظِرًا عَودَةَ أحبابي
مُنتظرًا شَمسًا لا تأتي
لِيَدُقَّ الضوءُ على بابي
(3)
يا حُبًّا لنْ يُخلَقَ أَبَدا
أشواقي نارٌ لا تَهْدَا
قدْ تَبقَى الأحلامُ بَعيدَةْ
قد يبقَى وَجهُكِ في نَظري
شَيئًا لا أُتْقِنُ تَحديدَهْ
أَحيانًا أجْمَعُهُ خَيْطًا
أغْزِلُهُ وَجْهًا من نُورْ
أحْيانًا ألقاكِ رَحيقًا ،
ألقاكِ عَبيرًا ،
وزُهُورْ
أحيانًا يُصبحُ شلاَّلاً ،
وبُحَيرةَ ضَوءْ
أحيانًا يُصبحُ لا شَيءْ
أحيانًا وَجْهُكِ يَتَحدَّدْ ..
يَكْبُرُ في عيني ،
يَتمدَّدْ ،
يَتجمَّعُ كالطَّيفِ قَليلاً
وأراهُ سرابًا يَتبدَّدْ
معَ أنِّي دَومًا أتَأكَّدْ
أنَّي لنْ أجِدَكْ ..
في يومٍ
لكنِّي أحلُمُ باللُّقيا
فأرانا الآنَ على موعِدْ
وسأبقى العمرَ ..
على موعِدْ
(عبد العزيز جويدة)
نظر إليها ياسين مبتسما وقال :
-عيناكِ آخر ما تبقى من مكاتيب الغرام
(نزار قباني )
تألقت عيني ورد واقتربت منه وهي تقبله على وجنته بكثافة وتضمه…..وهي تشكر الله الذي جمعها بحب حياتها …فهو الحقيقي وما قبله كان مجرد وهم !!
يتبع….
(عودة إليه )
عودي الي فالحياة دونك جحيم لا يُطاق!!
………….
كانت ليان تحاول ان تفك الحصار عنها بإنفعال بينما تنظر الى موسى الذي يبتسم لها بسماجة ويقول :
-فكرة حلوة اني اكتم بوقك يا ليان ..كده هعرف اتكلم معاكي براحتي ….
اندلعت النيران في عينيها وهي تنظر إليه ليجثو فجأة على الأرض …تنهد وامسك كفيها بقوة وقال وعينيه تلمع :
-انا عملت كتير عشان نتجمع سوا ومش هسمحلك.تهدي كل ده يا ليان حتى لو اتجوزتك بالغصب ….عارف اني غلطان بس انا عملت كل ده عشان خاطرك أنتِ…عشان خايف عليكي …عشان الموت عندي اهون من أني اخسرك
كان ما زالت مكمم فمها ولكن من نظراتها الباردة عرف أن كلماته لم تؤثر بها …تنهد بتعب وقال:
-اعمل ايه عشان تسامحيني وعشان ترجعيلي … ليان أنا مستعد أعمل ايه حاجة عشان تسامحيني…اطلبي بس
ثم ابعد اللاصق عن فمها لتقول هي ببرود :
-متعملش حاجة لأن اللي بيننا انتهى يا موسى …خلاص أنساه زي ما أنا نسيته !!!..
هز رأسه برفض وقال:
-لا لا مستحيل انسى ….مستحيل ابعد …أنا هحارب للنهاية…هحارب عشان تسامحيني يا ليان …هحارب عشان تعرفي أنك الوحيدة اللي في قلبي وآني عملت كده بس عشانك …عشان مرعوب عليكي …عشان الحياة من غيرك متسواش …أنا مش هقدر اعيش من غيرك يا ليان …افهميني يا حبيبتي !!
-متقولش الكلمة دي تاني …
قالتها بإختناق …تكره ان تسمع الكلمة تلك منه …فهي لا تريد تصديقه
….رغم ان قلبها يحترق لهذا ولكنها تختنق وهي تتذكر أنه خذلها …حطم قلبها …وتركها ليلة خطبتهما ..دمر حبهما …هي لن تغفر …لن تغفر …
هز موسى رأسه وهو يقول بصوت قوي ينتشلها من افكارها :
-لا أنتِ حبيبتي …أنا محبتش قدك يا ليان ..حبيتك لدرجة اني لما عرفت ان صاموئيل بيراقبني وممكن يعرف بوجودك كنت مستعد اكسر قلبي ولا اني أعرض حياتك للخطر …
نظرت إليه بكره وقالت من بين اسنانها :
-انت كسرت قلبي أنا كمان …فضلت تكسر فيا لحد ما خلاص حبك اختفى من قلبي …
-مستحيل ده هيحصل ..انتِ هتفضلي تحبيني علطول زي ما أنا هفضل أحبك لحد آخر نفس في حياتي ….
هزت رأسها وقالت:
-تبقى مغرور لو افتكرت أني لسه.بحبك ..خلاص يا موسى …انتهى اللي بيننا انتهى للأبد …متحاوليش….ويالا اطلع برا بدل ما اصرخ والم عليك الخدم …بس الحق مش عليك …الحق على اخويا اللي بيدخلك بيته.من غير حساب بعد ما كسرت فرحة أخته!!!
أغمض عينيه بعصبية ورفع كفيه يبتغي خنقها ولكنه سيطر على نفسه في آخر لحظة وصرخ بها حتى انتفضت :
-أنتِ مجنونة يا بنتي ….قوليلي انتِ عبيطة …بتفكري ازاي يا ليان …قولتلك الراجل كان مراقبني …لو كان عرف عنك كان مش هيتردد يقتلك …أنا اترعبت عليكي…أنا كنت بموت وانا بعيد عنك …وكنت بصبر نفسي ان ده الاحسن ليكي …
صرخت به بقوة وقالت:
-كنت قادر تيجي تصارحني وانا هتفهمك وهبعد لحد ما تشوف حل معاه …لكن ازاي لازم تعمل نفسك بطل وتضحي عشان تطلع الراجل الواو اللي مفيش منه …خلاص يا موسى مبقتش تبهرني …حبك خلاص انتهى من قلبي …امشي لو سمحت ….امشي عشان لو حصل وعدي جه وشافك عامل فيا كده هيقتلك …
ابتسم بسخرية وقال:
-احنا الاتنين نعرف ان عدي مستحيل يجي.دلوقتي …الليلة ليلة كتب كتابه يا حبيبتي .عقبالنا كده …
-ده في احلامك إن شاء الله أنا مش هتجوزك…خلاص مش عايزة أتجوزك هي عافيه ….
وضع كفيه.بغتة على حاجزي المقعد لتنفتض هي ..
اقترب منها وعينيه الزرقاء تندلع منه النيران وقال :
-ايوة عافية…هتتجوزيني ولو غصب عنك ..أنا مش هستسلم يا ليان …خلاص مبقاش فيه اللي يبعدني عنك….أنا مبقتش خايف ان حد يأذيكي لاني اكتشفت اني الوحيد بعد ربنا اللي اقدر أحميكي …أنا الوحيد اللي هقدم حياتي فداكي.من غير ما افكر ثانيتين…أنا هسيبك تفكري في كلامي بس لسه موضوعنا مخلصش هتلاقيني في وشك فجأة ..وساعتها مضمنش أعمل ايه عشان اخليكي تتجوزيني بالغصب …
ثم ابتعد عنها وشعر بالرضا وهو يرى الضعف الذي غزا ملامحها بسبب قربه منها ….
ثم استدار ليذهب ولكنه توقف فجأة ونظر إليها وقال بصوت مرتجف بينما عينيه رطبة بفعل الدموع ..
-انا اتذليت لصاموئيل عشان خاطرك …ركعت على رجلي عشان مش يأذيكي …عملت المستحيل عشان تكوني بخير …ده جزاتي يا ليان؟!
لم ترد.عليه بل اشاحت وجهها من الناحية الآخرى …ليفكر هو بيأس كم هي قاسية …ثم كاد ان يذهب الا انها اوقفته وقالت:
-ايه ده استنى شوية مش هتفكني هتسيبني مربوطة كده يا بني ادم انت …أتفضل يالا فكني زي ما ربطتني….
نظر إليها ببرود وقال:
-خلي اللي شغالين عندك يفكوكي …أنا مش هفكك …
ثم تركها وذهب تاركا اياها تغلي من الغضب
-الحيوان!!!!
صرخت ليان بغضب ….أغمضت عينيها واكملت :
-وانا للأسف بحب الحيوان ده !!
ثم شبح ابتسامة احتلت محياها وهي تتذكر الاشياء التي فعلها لكي يحميها و…
ولكن فجأة أخرجت تلك الذكريات من عقلها…هو يجب أن يسعى الى غفرانها …لن تغفر بكل سهولة …هذا لن يحدث !!!
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد ثلاث ساعات تقريباً…
كان الجميع في القصر نيام …كانا.ممسكان.كفي بعضهما …السعادة تشع من محياهما…
-انبسطتي النهاردة يا حبيبي ؟!
قالها عدي وهو يجذب كفها ويقبله بلطف بينما عيناه تمر عليها كأنها شئ خيالي حصل عليه …انها تحب نظراته لها. ..تشعر انها اجمل امرأة في العالم عندما ينظر إليها بتلك الطريقة التي توقف انفاسها .. …اعطته ابتسامة رائعة وقالت:
-ايوة انبسطت اوووي…ربنا يخليك ليا..
قبل كفها مرة آخرى وقال:
-ويخليكي ليا .
…
صعدا للأعلى عند غرفتهما سويا ….وقف عدي امام الباب من الخارج بينما كانت جواهر ممسكة باب الغرفة مستعدة لإغلاقه فقال عدي :
-هو أنا هقعد في العذاب ده سنة كاملة ولا ايه ؟!
ضحكت جواهر وهزت رأسها قائلة:
-مضطر أنت اللي وعدتني بكده !
-معرفش ايه مخك ده مبيفتركش الا الحاجات اللي مش حابب افتكرها دلوقتي ……عموما يا ستي أنا هلتزم بوعدي للآخر …
ابتسمت وقالت :
-جدع…أهو كده.تعجبني …
-بس برضه مفيش مانع من تصبيرة كده يا جوجو …
ثم جذبها إليه ليقبلها الا انها وضعت كفها على شفتيه ثم انحرف وجهها قليلا وقبلته على وجنته ثم ابتعدت وقالت:
-تصبح على خير يا عدي .
ثم أغلقت الباب فقال هو بصوت مرتفع :
-بتهربي مني يا مهلبية ..بس عادي مسيرك يا ملوخية تيجي تحت المخرطة …
كانت جواهر تقف على الباب وهي تكتم ضحكاتها بقوة ثم تغمض عينيها وتفكر انها سعيدة الآن …رغم قلبها الذي تضرر ولكن عدي يفعل المستحيل لكي يسعدها …انها تطير …لقد بدأت تعيش ايامها !!!..بدأت تعود الابتسامة لثغرها …وبعد الله عدي وعبير السبب في هذا …فهما لا يتركانها ابدا ….عدي هو من وقف بوجه شريف من أجلها …يمنعه من التواصل معها كي لا يضايقها …وهي حقاً …لا تريد أن تراه مجددا …لا تريد أن تحتك به …يكفي ما فعله بها ..وهي ابدا لن تسامح ولن تغفر تنهدت وهي تقترب من خزانتها وتفتحها على اخرها …اتسعت عينيها بدهشة وهي تطالع الملابس الفاخرة التي بها …كلها من ألوانها المفضلة …استلت منامة حريرية منهما ونظرت إليها بإعجاب….
كانت المنامة زهرية اللون …بدون اكمام والبنطال طويل …أحبت تلك المنامة على الفور وقررت ارتدائها….
….
بعد نصف ساعة …
كانت قد تسطحت على الفراش وهي تضع كفها على قلبها وتفكر في القادم …وكم تتمنى أن يكون افضل لها !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي
-صباح الخير يا جوزي …
قالتها جواهر بنبرة سعيدة وهي تلج إلى غرفة المكتب الخاص بعدي لتراه جالسا على الأريكة وأمامه الحاسوب بينما ينصب تركيزه على شئ معين ولم يرد عليها …عبست جواهر واقتربت منه وهي تقول :
-بقولك صباح الخير يا زوجي العزيز …رد علينا متتقلش
نظر إليها عدي وقال:
-اسف يا حبيبتي بس مش عارف ليه الاكونت بتاعي مش راضي يشتغل على اللاب فيه حد بعتلي حاجة عليه وعايزة اشوفه ضروري …
ابتسمت جواهر وقالت:
-طيب هو شغال على الفون ؟!
-أيوة شغال بس انا عايز اشغله على اللاب فاهماني ..
هزت هي رأسها وجلست بجواره ثم أخذت هاتفه وقد اصلحت المشكلة البسيطة وهي تقول براحة :
-اهو يا عم مشكلتك اتحلت…
نظر إليها بدهشة لتضحك وتقول :
-عشان يكون عندك حماية اكتر للاكونت بتاعك متقدرش تفتحه من جهازين الاولما تعمل مصادقة ثنائية ولما بيحاول.حد يفتحه من مكان تاني لو كان معاه مثلا فمش هيقدر …
مط شفتيه بإعجاب لتنهض وتتمشى بدلال ثم تضع كفيها على حاجز الأريكة الجالس عليها :
-على فكرة أنا عفريتة في السوشيال ميديا من أنا وبنت خمستاشر …
قالتها جواهر بفخر ليرفع عدي حاجبيه ويقول :
-لا ؟!
-أيوة والله ..
قالتها وهي تجلس بجواره واكملت :
-بنت جارتنا اول ناس دخلوا نت عندهم وعملت اكونت على الفيس وكانت بتلعب لعبة المزرعة السعيدة وعلمتني العبها وانا من كتر ما كنت مهووسة بيها عملت اكونت عشان العبها وسميته البقرة الجميلة في المزرعة السعيدة …
ضحك وهو ينظر إليها لتضحك هي ايضا وتقول :
-والله زي ما بقولك كده …
-بجد أنا فخور بذكائك يا جواهر …اختارتي اسم لايق جدا على واحدة عندها جينات العبط زيك …بجد برافو ..
-تقصد ايه يعني ؟!أنا بقرة يا عدي ؟!
ضحك عدي وقال:
-أنتِ اللي بتقولي عن نفسك كده يا حبيبتي مش انا خالص …لكن بالنسبالي انتِ ملاكي ….بس أنتِ شايفة نفسك بقرة ..دي حرية شخصية بقا ….
-اووف أنت بارد …
صرخت به وهي تضربه بقوة على كتفه وتشتمه …وضع الحاسوب على جانب ثم أمسك كفيها ودفعها نحو الأريكة لتتسطح عليها ثم انطلقت يديه بسرعة لتدغدغها بينما هي تضحك بقوة وتقول من بين أنفاسها :
-عدي …عدي خلاص ابوس ايديك….عدي خلاص…
صرخت في جملتها الأخيرة وهي تضحك بقوة …
-هوقف بس بشرط ..
قالها بمشاغبة ثم أشار لشفتيه لتبتسم وهي تفهم قصده ..جذبته إليه وهي تقبله بلطف على شفتيه …
ثم أبعدته بعد برهة وقالت:
-يالا ابعد يالا …
-تؤ ..البوسة دي معجبتنيش …أنتِ كروتيني …
ثم بعدها بدأ يدغدغها مجددا وهي تضحك بقوة وتصرخ …
فجأة انتفضا وطرقة على الباب تخترق اذنيهما وصوت ليان الذي يبدو عليه التسلية يقول :
-لا لا يا ولاد ميصحش ..لاحظوا أن معاكم واحدة مدخلتش دنيا حتى وخطر على اخلاقها تسمع الحاجات دي والا هنحرف واجيبلك العار وانت حر …
-بنت ال….
توقف عدي عن السب ونهض ليفتح الباب ..وما كاد أن يفتح الباب حتى ركضت ليان من أمامه بخوف وهو تضحك بقوة …
-ماشي يا ليان أنا هوريكي ..
توعدها عدي لتضحك.هي مجددا ثم تخرج لسانها له وقالت؛
-مش هتقدر …
ثم ذهبت إلى غرفتها ليهز رأسه بيأس ويتساءل متى سوف تعقل …ولكن ليكون صريحا ..هو بعد الحادث الاخير افتقد شقاوتها وها هي قد عادت اليهم ولن يتركوها ابدا !!!
……
-يا بنتي بقالك نص ساعة شغالة تقولي عايزة اقولك حاجة مهمة ..عايزة اقولكم حاجة مهمة ولطعاني هنا جمب جوزك ومخلياني سايبة بيتي وجوزي…ما تنطقي يا عبير ومتعصبنيش …فيه ايه يا حبيبتي ؟!.
فركت عبير كفيها من التوتر وكانت ابتسامة مترددة تزين شفتيها وقالت وقد كان بإمكانها سماع ضجيج قلبها :
-بصراحة كده أنا حامل …
-يا خبر زي العسل …دي اخبار عسل والله …
قالتها تحية وهي تنهض ثم سرعان ما أطلقت الزغاريد واقتربت من عبير وهي تعانقها ثم اخذت تقبلها على وجنتيها بالتتابع وهي تقول :
-مبروك …مبروك …يعني هبقى عمتو خلاص …والله دي اخبار عسل…
ضحكت عبير وهي تضم تحية …كانت حقا تحب تلك المرأة …
ابتعدت تحية ونظرت إلى أمير الذي كان مصدوما قليلا وقال:
-مالك يا واد ما تقوم تبارك لمراتك بدل ما انت عامل زي اللطخ كده !!
-أه اكيد …
قالها أمير وهو ينهض مقتربا من زوجته وقال بإبتسامة حقيقية :
-مبروك يا بيري …
-يا ميلة بختك يا عبير …خيبة الناس السبت والأحد وأنتِ خيبتك موردتش على حد يا عبير ……مراتك بتقول انها حامل وانت بكل برود بتقولها مبروك !!انت ناوي تموتني ناقصة عمر يا واد انت !!
صرخت تحية في أمير الذي ارتبك وقال بتوتر:
-طيب أعمل ايه ؟!أنا والله فرحان …
نظر الى عبير وقال:
-انا فرحان اووي يا عبير والله بحملك …
تدخلت تحية ساخرة وقالت:
-مش باين يا حبيب اختك …مش باين …
-يعني مفروض أعمل ايه يا تحية ؟!
قالها أمير بحيرة لترد تحية :
-يا واد احضنها. .بوس راسها أعمل أي حاجة رومانسية كده بدل ما انت واقف زي اللطخ كده …ايه يا شيخ أمير انت مكسوف مني هغمض عيني عادي …وبعدين يا أخويا متعملش نفسك برئ اووي ..كل فضايحك معايا …
ثم وجهت كلامها لعبير وقالت:
-تعرفي يا بت يا بيري في تالتة إعدادي أمير….
اسرع أمير وكمم فمها وقال مبتسماً ..
-الله حليم ستار يا أختي ..خلاص هبوس راسها ثم اقترب من عبير وهو يجذبها إليه ويقبل رأسها بلطف ويقول:
-مبروك يا كل حياتي
ثم ضمها بلطف إليه لتقترب تحية وتعانقهما سويا وتقول:
-بحبكم اووي يا ولاد والله …
وضع أمير ذراعيه حولها حتى أصبح العناق جماعي وقال :
-واحنا بنحبك يا تحية …
……
مساءا..
لا يصدق أنها تجرأ وفعلها وآتى …هو حتى لم يحل مشاكله مع ليان بعد وها هو أتى ليطلبها من أخاها …كيف تجرأ على هذا …هو شخصيا لا يعرف كيف ….
كان عدي جالس على الأريكة بصالة المنزل بجواره جواهر التي تبتسم له وتقول:
-يعني يا عدي معقول مش عارف موسى جاي هنا ليه ؟!هيكون جاي ليه يعني …جاي عشان يطلب ايد ليان بنتنا وخلاص ابننا عرف غلطه ومش هيكرره تاني …صح يا موسى !؛
سألته جواهر ليهز موسى رأسه بقوة ويقول :
-عمري…عمري ما هزعلها تاني ده وعدي ليك يا عدي …
ابتسم عدي وكاد أن يوافق إلا أنه قرر أن يلعب مع موسى قليلا فمط شفتيه وقال:
-يا خسارة يا موسى …كان نفسي اجوزهالك ..مش هلاقي احسن منك ده اللي أنا متأكد منه …بس ليان دلوقتي في حكم المخطوبة….في حد سبق وكلمني عليها ..وهي وافقت مبدئيا …..
شعر موسى أن قلبه ينشطر لنصفين …شحب كالأموات وهو ينظر.اليه …لا يصدق …ليان ستكون لغيره …ستحب غيره …تلك الفكرة اشعلت النيران داخله …كيف يمكن أن يحدث هذا ..كيف ؛؛؛
-عدي انت بتهزر صح …قول انك بتهزر ؟!
قالها موسى وهو يشعر بغصة في حلقة …
-عدي بس كفاية …
همست جواهر بصوت منخفض وهي تضحك بينما ترى وجه موسى الذي شحب كالأموات …كانت حقا تشفق عليه …فهي تعرف كيف يمكن أن يكون عدي ثقيل الدم …
نظر موسى إلى جواهر وقال:
-جواهر هو بيكدب عليا صح …ليان مستحيل تكون لحد غيري …
نهض بغضب وهو يدفع الطاولة ويصرخ.؛
-ليان مش.هتكون لحد غيري …سامعين!!
ثم استدار ليخرج الان عدي أوقفه وهو يضحك حتى تقطعت أنفاسه وقال لاهثا :
-استنى يا مجنون انت…هتكون ليك اكيد …أنا كنت بهزر معاك ..بس هزار رخم حبتين
نظر موسى إلى عدي بغضب وقال:
-احمد ربنا أن مراتك قاعدة معانا النهاردة ….
اكمل عدي ضحكاته وهو يدعوه ليجلس مجددا …جلس موسى براحة وابتسم وهو ينظر إلى عدي لكي يتفق معه وقال:
-الجواز الاسبوع اللي جاي …أنا جاهر وشقتي جاهزة ….وكمان فلوسي جاهزة وعربيتي و…
-بس بس على مهلك…انت ليه محسسني أننا بنخلص في جاموسة …دي اختي !! …لا يا عم …أنا متعجبنيش الكروتة دي …اختي لازم تتجوز على راحتها. ..
-على راحتها ازاي يعني يا عدي ؟!
-يعني الفرح.بإذن الله بعد سنتين …
-نعم يا اخويا …ايه هو انا هعنس جمبك انت واختك ؟!
صرخ به موسى وهو ينهض. لتمسك جواهر كف عدي وتقول:
-حبيبي خف عليه شوية …
اكمل موسى حديثه وقال:
-جرا ايه يا عدي انت بتطفشني ولا ايه ؟!…لا مينفعنيش الكلام ده …ايه سنتين دي ؟!
-خلاص اقعد هرضيك …
قالها عدي وهو يخفي ضحكته ليجلس موسى فيقترح عدي :
-خلاص تتجوزوا بعد سنة …
كاد موسى ان يعترض ولكن عدي رد وقال:
-ومش هغير رأيي ده ابدا ..اصلي أنا كمان هتجوز بعد سنة وميصحش انت تتجوز قبلي ….
-يا بني انت اتجوزت امبارح …وعملت حفلة …عايز تتجوز ازاي تاني …
-اقصد اعمل فرح كبير يا موسى مش كتب كتاب وبس …فهنعمله سوا …
-صبرني يا رب ..طيب نكتب الكتاب على الأقل زيكم …
قالها موسى وهو يتأمل ان يوافق عدي ولكن عدي رفض بإصرار وقال:
-لا …
-أنت رخم يا عدي …
ضحك عدي وقال:
-عارف الكلام ده…
دخلت ليان الى صالة القصر لتتجمد وهي تجد موسى جالس مع اخاها…
-بيعمل ايه ده هنا ؟!
قالتها ليان بغضب ….
ابتسم عدي وقال:
-جاي طالب القرب مني !
ابتسمت ليان بإستفزاز وقالت:
-ايه هتتجوزوا مبروك ليكم …
ضحك عدي وقال:
-لا يا روحي انتوا اللي هتتجوزوا …موسى طلب ايديكي وانا وافقت …
ألقت ليان حقيبتها أرضا بغضب وقالت:
-وأنت توافق على اساس ايه يا عدي …مش لازم تاخد رايي الاول ولا انا مش مهم.رايي!!!
-عندها حق بصراحة …
قالها عدي لجواهر التي هزت رأسها وهي تبتسم ليكمل عدي حديثه قائلا لليان:
-ليان موافقة تتجوزي موسى ؟!
-لا…
قالتها بسرعة ثم أكملت وهي تنظر إليه بطريقة زادت من وتيرة دقات قلبه :
-لو اتقلب قرد مش هتجوزه…
نظر عدي له وصافحه قائلا:
-مبروك يا موسى ليان موافقة …
-ايه اللي انت بتقوله ده يا عدي …قولتلك مش هتجوزه ..مش هتجوزه …ووروني هتجبروني ازاي ؟!!!
ثم ذهبت من أمامهم متجهة إلى غرفتها ….
نهضت جواهر وقالت بلطف :
-انا هكلمها …
نظر موسى إليها بإمتنان وقال:
-ياريت يا جواهر …
………….
في غرفة ليان …
كانت جالسة على فراشها وهي تربع ذراعيها بغضب شديد …لا تصدق أن عدي يفعل معها هذا ….وهذا الحقير موسى لديه الجراءة ليطلب يدها بعد كل ما فعله …بعد ما حطم قلبها …هي لن تسامحه ابدا !!!
-ممكن أدخل ؟!
كان هذا صوت جواهر الرقيق …كانت مبتسمة لها بلطف …تنهدت ليان وقالت:
-اتفضلي يا جواهر …
اقتربت جواهر وجلست على الفراش بجوارها وقالت:
-الحياة صعبة أووي يا ليان ولو كان فيه فرصة عشان نبقى فرحانين يبقى نستغل الفرصة دي …لو السعادة بتمد ايديها لينا منبعدهاش ..وسعادتك مع موسى كلنا عارفين كده …
-بس يا جواهر ده …
اعترضت ليان ولكن جواهر قاطعتها وقالت:
-عمل كده عشانك…صحيح اللي عمله غلط كبير …بس موسى مفكرش الا فيكي …اترعب عليكي وكان عنده استعداد يموت عشانك …عدي قالي على اللي عمله …ليان عمر ما موسى يتذل لصاموئيل الا إذا كان بيحبك فعلا …متركبيش.دماغك واستغلي الفرصة ..مش هتلاقي حد يحبك قده…
تنهدت ليان ولكنها قالت:
-موافقة بس هعذبه الاول …
ابتسمت جواهر وقالت:
-يا ستي لسه على فرحك انتِ وإياه سنة …ذليه براحتك …
ضحكا سويا وتعانقا بسعادة .
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-نامت ؟!
قالها ياسين لورد بقلق لتبتسم له ورد وتطمئنه قائلة :
-أيوة الحمدلله …
-تعالي يا ورد …
قالها ياسين وهو يفتح ذراعيه لتقترب ورد من الفراش وتندفع إلى ذراعيه وتضع رأسها على صدره وهي تتنهد وتقول :
-لسه برضه الست عفاف متحسنتش …
-للأسف لا …
قالها ياسين بتعب ..ثم قبل رأس ورد وقال:
-النهاردة كان يوم صعب اووي …اني أواجه ياسمين بموت والدتها كان صعب بالنسبالي ….متوقعتش ابدا أنها تزعل عليها بالشكل ده …
-يا حبيبي دي مامتها…مهما عملت هتزعل عليها ومش هي بس …كلنا زعلنا عليها الله يرحمها يارب …
شدد ياسين من احتضانها وقال:
-شكرا يا ورد…شكرا انك معايا دايما ….وانتِ موجودة بحس اني اقوى بكتير عشان اواجه اللي بيحصل …
-وهفضل معاك دايما يا حبيبي …دايما ..
-حتى تحترق النجوم يعني …
ضحكت برقة وقالت:
-حتي تحترق النجوم يا سيدي ..
ابتسم بحب واقترب منها وهو يقبلها بلطف سرعان ما تحول إلى شغف وهو يهمس بحبه لها من بين طوفان قبلاته …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
– اول عيد ميلاد ليا واحنا سوا
قالتها نسرين بالمئة وهي تمسك كف فؤاد الذي شد كفها وقبله وقال:
-عقبال عيد ميلادك المية وأنتِ معايا وتحبيني بنفس الشغف ده …
-وأنت هتحبني بنفس الشغف ؟!
قبلها بلطف على فمها وقال:
-دايما …حبي ليك مش هيقل ..المهم يالا أطفي الشمع عشان اوريكي هديتك …
هزت نسرين رأسها ثم نفخت واطفأت الشمع …
نهض فؤاد وقد كان معه عصابة حريرية وقال:
-يالا عشان هوريكي المفاجأة بتاعتي …
ثم وضع العصابة على عينيها وأمسكها ليخرجا من منزلهما سويا …
…..
-انا معرفش جاررني زي الجاموسة كده ومغمض عينيا وموديني على فين يا فؤاد….انت ناوي تخطفني ولا ايه ؟!
قالتها نسرين وهي تضحك وتتمسك بقميصه كي لا تقع ..
هز فؤاد رأسه وقال :
-أيوة هخطفك …اصل أنا تاجر أعضاء …امشي يا بت من سكات وبطلي غلبة …
فجأة أوقفها وهمس بأذنها :
-واهي مفاجأتي ليكِ …
ثم نزع العصابة عن عينيها لتتسع عينيها بشدة وهي ترى الهدية التي طالما إرادتها …نظرت إليه فابتسم وقال:
-كل طلباتك أوامر يا حبيبي،
نظرت نسرين بذهول إلى الدراجة البخارية الصغيرة وقالت بسعادة والدموع تتجمع في عينيها :
-ايه ده جيبتلي الاسكوتر اللي كان نفسي فيه ؟!
-وباللون الازرق كمان …لونك المفضل …ولون عيونك ..
-حبيبي شكرا بجد …
قالتها وهي ترفع نفسها وتقبله على وجنته وتقول :
-يالا نطلع بيه مشوار ..
هز رأسه ضاحكا وقال:
-يالا
ثم استقلت الدراجة البخارية وأتى هو خلفها وانطلقت به بسهولة وهي تشعر أنها سعيدة كما لم تكن من قبل !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد شهر
في منزل رانيا ….
أطلقت رابحة الزغاريد وهي تلج لغرفة رانيا بينما تدفع الكرسي المتحرك …كانت سعيدة بشكل لا يُصدق…فها هي ابنتها أصبحت عروس جميلة ..كتب كتابها سوف يتم بعد قليل …ستتزوج من رجل كثير من الفتيات تحلم به …وسيم ومتعلم ومرتاح ماديا أيضا….لقد استجاب الله لدعائها …وها هي ستشهد زواج ابنتها وهي على قيد الحياة ….
جثت رانيا على ركبتيها وهي تمسك كف والدتها وتقبله برقة ….مسحت والدتها على شعرها بالكف الآخرى وقالت والدموع تطفر من عينيها :
-ربنا يتمملك بخير يا حبيبتي …ربنا يتمملك بخير
-أما بتعيطي ليه دلوقتي …مش ده اللي نفسك فيه اني اتجوز ؟!
-دي دموع الفرح يا بنتي ..مش مصدقة نفسي ..اخيرا هترتاحي يا رانيا اخيرا….
ابتسمت رانيا وقالت:
-أيوة يا أما اخيرا هرتاح…رغم اني كنت عايزة اتجوز لما ابدأ في خطوة التعليم دي …لكن أنتِ ويحيى فضلتوا فوق راسي لحد ما استسلمت خلاص …
ابتسمت والدتها وقالت :
-يا حبيبتي اتعلمي في بيت جوزك براحتك …خلينا اطمن عليكي قبل ما اموت …
-بعيد الشر عنك يا ست الكل …ربنا يديكي العمر الطويل يارب …..
-يالا يا بنتي شكلهم وصلوا …رغم اني متضايقة منك عشان طلبتي من عمك يكون وكيلك…
-معلش يا ماما المسامح كريم المهم دلوقتي أن ربنا جبر بخاطرنا…وبعدين هو بعد كله ملهوش علاقة بينا أنا شرطت عليه كده وهو وافق …كان لازم اعمل كده يا ماما ..عشان أهل جوزي يشوفوا أن ليا أهل ومينفعش هما يعرفوا بالمشاكل اللي في العيلة عندنا والحمدلله يا ستي ربنا كرمنا
-الحمدلله يا بنتي …يالا بقا عشان نفرح بيكي يا عروسة …
-يالا يا ماما …
خرجت رانيا مع والدتها….
……
انحبست انفاس يحيى وهو ينظر لرانيا التي خرجت إليه …كانت اجمل ما رآه عيناه…الفستان الازرق الذي اشتراه لها زادها جمالا على جمالها بشكل لن يستطيع قلبه الضعيف تحمله ….مساحيق التجميل البسيطة على وجهها أبرزت جمالها النادر…في تلك اللحظة لم يرغب الا في الاقتراب منها وضمها إلى صدره …ولكن الصبر …هو سوف يصبر حتى يعقد القرآن …ثم ستكون ملكه …ملكه هو فقط !!!
-المأذون جه يا جماعة. ..يالا عشان كتب الكتاب .
قالها عم رانيا وهو يجلس على الأريكة …
……
بعد ربع ساعة …
تم كتب الكتاب …أصبحت رانيا رسميا زوجته …ملكه !!!
…..
في غرفتها الخاصة انفرد بها وبعد أن أُغلق الباب عليهما كان يقترب منها
أنت …انت بتقرب ليه ؟!
قالتها رانيا بتوتر وهي تتراجع للخلف بينما ترى بعيني يحيى نظرات غريبة …مخيفة …وفي نفس الوقت نظرات عززت من ثقتها في أنوثتها …
-اتكتب كتابنا خلاص ..
قالها يحيى وعينيه الزرقاء تبرق بينما يقترب أكثر منها …ازدردت ريقها وقالت:
-ايوة عارفة بس برضه ليه بتقرب مني …أنا بدأت اخاف منك …فيه ايه يا دكتور …
-ما بلاش الرسميات دي ده أنا زي جوزك …قوليلي بحبك احسن …
احمر وجهها بخجل وشعرت بالحرارة تدب بها …لا تعرف ماذا بها …لقد قالتها مرة له ولكن لا تعرف لماذا هي عاجزة عن قولها الآن ..تشعر انها غير قادرة نهائيا على التعبير عن الحب الكبير الذي يعتمل قلبها نحوه …
في لحظة شرودها اقترب منه هو وعانقها قائلا:
-خلاص مش مشكلة تقوليلي بحبك ..فيه طرق تاني ممكن تعبري عن حبك بيها ..
ثم غمز لها بخبث بينما تنظر هي إليه برعب ….
-يحيى ..ابعد ..
قالتها بإرتباك ليبتسم هو وعينيه تلمع بشدة ثم ينحني ويضع قبلة خفيفة على وجنتها …أغمضت عينيها والضعف يغزوها ..ليقبل هو وجنتها الآخرى بلطف جعل الدموع تحتشد بعينيها …
ثم انحنى اخيرا وقبلها على فمها وهو يجذبها إليه…فجأة تجمد وهو يتذوق دموعها …ابتعد عنها ونظر إليها بحيرة وقال:
-فيه ايه يا رانيا ؟!
كانت الدموع تلطخ وجهها وهي تنظر إليه ….كرر سؤاله وهو يمسح دموعها….كان يشعر بالفزع بسبب بكاؤها المفاجئ …
-انا بس مش مصدقة اللي بيحصل …مش مصدقة أن اللي اتمنيته من ربنا اخدته …حاسة اني فرحانة لدرجة اني عايزة ابكي…امي بتقول اني احيانا من كتر السعادة وانك مش مصدق انك فرحان للدرجة دي بتبكي …
ابتسم يحيى لها ومسح دموعها وقال:
-بس أنا مش عايز اشوف دموعك دي تاني …عايز اشوفك فرحانة دايما ..بتضحكي دايما ..اتفقنا
-اتفقنا ..
قالتها وهي تبتسم له وعينيها البنية تتألقان بسعادة لا حدود لها ..
-بحبك ..
-وأنا كمان بحبك ..
قالتها بصدق ثم عانقها وقد شعر اخيرا أنه ينتمي لشخص ما وشخص ما ينتمي إليه…هو ينتمي إليها وهي تنتمي إليه … حبهما صادق ونقي…
يتبع….
الخاتمة(خلصت حكايتنا)
على باب السيما
تذكرتي قديمة
ومعايا حكاية
نفسى اغيرها
وانا مين يديني
فرصة تخليني
ادخل لو مرة
واعيشها بتفاصيلها
ايدي في ايديها
وعينيا عليها
سامع ضحكتها
واحنا بنتفرج
خلصت حكايتنا والدنيا خدتنا
لا انا عارف ابعد
ولا قادر اقرب
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد مرور سنة …..
-فؤاد …فؤاد …قوم بولد !!
صرخت بها نسرين وهي تضع كفها على بطنها المنتفخ….كانت تشعر بالألم الشديد …تشعر أنها روحها تنساب من جسدها …نظرت بغيظ وبألم إلى فؤاد الذي ما زال نائماً …ثم رفعت كفها وضربته على صدره بقوة وهي تصرخ بصوت مرتفع .. :
-قولتلك قوم …قوم بولد يا بني آدم أنت …قوم !!!!
نهض فؤاد بفزع وهو ينظر إليها دون فهم وقال ببلاهة :
-أنتِ مين ؟!
نظرت إلى الاعلى بعجز …فالوقت غير مناسب الآن له …لدى فؤاد مشكلة جدية أنه عندما يستيقظ احيانا لا يتذكر الذي أمامه …يكون النعاس ما زال مسيطرا عليه !….
نظرت إليه نسرين وصرخت بوجهه :
-أنا مراتك …مراتك وحامل وهولد وبموت من الألم وانت بتهزر يا استاذ …
اخيرا عاد لوعيه ونهض بفزع وهو يقول :
-نسرين أنتِ بتولدي بجد …بجد بتولدي….
كانت نسرين تبكي وهي تضع كفها على بطنها وتصرخ به:
-أيوة أنا بولد …بولد وهموت ناقصة عمر بسببك ….وديني المستشفي بسرعة ….بسرعة يالا ؛؛!!
هز فؤاد رأسه بتوتر ثم ذهب وأحضر الحقيبة الصغيرة التي قام بتجهيزها لها ثم أحضر ملابسها وساعدها لكي ترتديها بينما هي تصرخ بوجهه….كان كفيه يرتعشان بينما يراها تتألم بتلك الطريقة ..
-حبيبتي اهدي شوية خليني اقدر اجهزك عشان نمشي …
-أنا هموت يا فؤاد …اتصل بطنط نهى يالا. ..
انتهي من مساعدتها وساعدها لكي تنهض وقال:
-هتصل بيها واحنا في الطريق…يالا يا حبيبتي
……..
في المشفى ….
كانت نهى تركض بخوف في الرواق وقلبها يخفق بجنون يتبعها كريم الذي كان يرتدي قميصه البني على سروال منامته القطنية …نظرت إليه نهى بضيق وقالت ؛
-مش كنت غيرت البنطلون بالمر ..ايه المنظر ده يا كريم ..
-يا حبيبتي البنت بتولد وأنتِ بتتكلمي في البنطلون …ما يولع مش مشكلة …..
-اهو فؤاد اهو …
صرخت نهى وهي تركض نحو فؤاد وتقول :
-طمني يا واد اخبار نسرين ايه ؟!
-دخلت يا أمي من ثانيتين كده …و …
قاطع كلام فؤاد خروج الممرضة التي قالت:
-المريضة عايزة جوزها ..فينه …
-انا اهو …
قالها فؤاد بخوف لترد الممرضة :
-يالا عشان نجهزك وتدخل عندها ….
……
بعد قليل …
ولج فؤاد وهو يرتدي الثياب الخاصة بغرفة العمليات ووجد نسرين تصرخ بقوة …أمسك كفها وقال:
-حبيبتي أنا معاكي اهو…
نظرت إليه شزرا وقالت:
-أنت السبب ..عمري ما هسامحك …
ارتبك فؤاد وقال:
-انا عملت ايه بس؟!
-أنت مش وعدتني اني عمري ما هتألم تاني ولا هزعل …وعدتني ولا لا ..
-حصل بس محلفتش …
-أنت جاي تهزر هنا…
صرخت بوجهه وهي تشعر بألم شديد بينما الدموع تطفر من عينيها ليشدد هو على كفها. يقول :
-حبيبتي بصيلي…
نظرت إليه ليمسح دموعها برقة وقال:
-الالم هيمر وهيخرج ابننا …كنتِ عايزة تسميه مالك صح …
هزت رأسها وقالت:
-وأنت عايز تسميه جلال ..
هز رأسه وقال:
-انا غيرت رأيي هنسميه مالك …مالك فؤاد …ايه رأيك ؟!
ابتسمت وتألقت عينيها بسعادة وهي تهز رأسها وتقول :
-أيوة هنسميه مالك …مالك …
……
بعد مدة ليست بقليل كانت قد أنجبت الطفل بسلامة …وكان طفل صحيح جسديا …جميل يمتلك عيني والدته……
كان فؤاد يحمله بسعادة وقد أذن بأذنه ثم قبله على وجنته الصغيرة وقال:
-زي القمر …زي القمر يا حبيبي …طالع شبه ماما ….
-عايزة اشوفه يا فؤاد ..
قالتها نسرين بتعب ليقترب فؤاد منها ويعطيها الطفل …طفرت دموع السعادة من عينيها وهي تنحني وتقبله
ثم بدأت بإرضاعه …بعد أن انتهت ولجت نهى وكريم ليباركا لها …
أخذ فؤاد الطفل لتعانقها نهى بحب وهي تقول :
-مبروك يا روح قلبي …
كانت نسرين تتقبل عناقها بكل حب …ولكن عندما عانقها والدها تجمدت بين ذراعيه …رغم مرور عام كامل حاول هو فيها أن يصلح الوضع معها …إلا أن نسرين عجزت تماما عن الصفح …كلما اقترب هو منها كانت تبتعد …ولكنه لم يستسلم وهو يحاول أن يعوضها عن كل ما فعله …قبل رأسها وقال:
-مبروك يا حبيبتي يتربى في عزك أنتِ وأبوه…
ثم ابتعد واتجه إلى فؤاد وحمل الطفل وهو يقول لزوجته :
-على فكرة مناخيره زي مناخيري بالضبط …
ضحكت نهى وقالت:
-بعيد الشر الولد مناخيره صغيره وانت مناخيرك شبه البطاطس ..
-ما تبطلي تنمر بقا …
قالها بضيق لتضحك هي برقة…ضحك هو أيضا وهو ينظر إليها بإمتنان في احلك فترات حياته وعندما كان يتعالج نفسيا طيلة تلك الشهور لم تتخلى هي عنه وأعطته فرصة آخرى. ..وتبقى الآن ابنته لتغفر له وهو واثق أنها سوف تغفر بالتأكيد…
…
اقترب فؤاد من نسرين وجلس بجوارها على الفراش وهو يعانقها بحب وقال:
-اتصلت بليان دلوقتي وزمانها جاية هي وموسى ….
ابتسمت له وقبلت وجنته وقالت:
-انا بحبك ..
-وأنا كمان يا سر سعادتي….
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد شهر …..
-مر سنة …سنة وانا بحاول اصلح الوضع معاكم …اعتذرتلكم مليون مرة اعمل ايه اكتر.من كده ؟!
قالها شريف بيأس وهو ينظر إلى ابنتيه …اليوم زفاف ابنته الكبرى وبعد كلام كثير وتوسلات كثيرة لعدي وافق أن يأتي ويرى ابنته ولكن القسوة في عينيها لم تقل ابدا …ما زال الجفاء بينهما …
نظر إلى عبير وقال:
-بيري قولي حاجة ؟!
-اقول ايه يا شريف بيه …اللي عملته مستحيل يتنسي …اسفة عمري ما هنسى انك بعتني وبعت اختي…ازاي عايزنا نسامحك
-انا ابوكم وانا محتاجكم وانتوا محتاجيني!!!
احنا مش محتاجينك في حياتنا يا شريف بيه !!ولا معترفين بالحاجة اللي بتربطنا …الحمدلله أنا وعبير اختارنا طريقنا بعيد عنك …بنشتغل ومتجوزين وزي الفل …ابعد انت بقا عننا عشان تبقى زي الفل علطول !!
كانت تقولها جواهر بقسوة بينما الجفاء في نظراتها قتله …كان يشعر وكأن أحدهما سحق قلبه …احتشدت الدموع في عينيه وانسابت دون اي مقاومة منه وقال:
-ادوني فرصة بس اكون معاكم…ادوني فرصة اصلح غلطي و….
تدخلت عبير وقالت:
-ونديك فرصة ليه يا شريف بيه …أيه الحاجة اللي عملتها كويسة عشان نديك فرصة ….أنا في يوم عشان تنقذ نفسك اختارت تبيعني …ازاي عايز فرصة وانت مقدمتش ابسط حقوقنا عليك كأب …انت بدل ما تحمينا رمتنا في النار…فلا يا شريف بيه ..أنت ملكش أي فرص عندنا !!!…لو سمحت امشي من هنا النهاردة فرح اختي وانت مش مرحب بيك هنا !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ممكن أدخل يا جوزي …
قالتها رانيا وهي تلج إلى مكتب يحيى بالمشفى ..فهي أصبحت الآن تدرس بمدرسة التمريض وقد قرر يحيى أن يساعدها لذلك جعلها تتدرب في مشفاه وقد وفر لها كل شئ …
-اتفضلي يا مراتي ….
اقتربت منه بسعادة وقالت :
-ماريانا عزمانا النهاردة على العشا…وانا بصراحة وافقت ..
-مفيش مشكلة يا حبيبي نروح العشا…
قالها وهو ينهض ويقترب منها ثم جذبها إليه حتى الصقها به وهو يضع شفتيه على وجنتها…
حاولت رانيا دفعه وهي تقول :
-يحيى .. عيب كده مش هتبطل قلة ادبك دي …بعدين ابعد مش فاضيالك حماتي عايزاني اروح معاها النهاردة ونختار فساتين عشان ذكرى جوازها هي وباباك…
ابتسم يحيى بذهول وهو ما زال يقبلها وقال:
-شايف انك وماما بقيتوا أصحاب …برافو عليكم…ريحتوا قلبي …
ابتعدت رانيا قليلا وقالت:
-ده كله بفضلك …انت اتمسكت بيا وهي لما شافت حبك ليا استسلمت…يحيى انت احسن حاجة حصلت لي في حياتي كلها …ادتني السعادة …حققتلي كل اللي بتمناه..خلتني اكمل دراستي وسكنتني جمب ماما عشان اراعيها…أنا معرفش عملت ايه في حياتي حلو عشان استحقك …
-انا بسأل نفسي نفس السؤال برضه …
قبل رأسها وقال:
-أنا بحبك ..
-وأنا كمان ..
قالتها بلطف ..ليقترب هو منها ليقبلها وهي لم تمانع ابدا !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في المساء …
-ممكن نتكلم يا ماريانا ؟!
قالها جورج وهو يقترب منها بينما كانت هي بالمطبخ تضع لمساتها الأخيرة على الطعام قبل وضعه على الطاولة ولكنها ابتعدت عنه بجمود وقالت:
-مفيش حاجة نتكلم عنها يا جورج بعد ما شوفتها معاك في العيادة …خليني ساكتة احسن …
-ماريانا محصلش حاجة وأنتِ شوفتي بعينك.و …
قاطعته بإنفعال وقد ترطبت عينيها بفعل الدموع
-لا حصل وحصل كتير …اقولك ايه حصل ؟!حصل اني شوفت في عينيك ليها حب أنا كان نفسي اشوفه ليا …فيه أنها لما كانت قدامك أنا كنت عاملة زي الهوا …بتبص عليها زي ما تكون حلمك …انت فاكر أن الخيانة جسدية وبس …انت خونتني يا جورج بروحك وبقلبك …خونتني …
فشل في الرد عليها …كانت كل ما تقوله صحيح …طفرت الدموع من عينيها :
-مش قادرة انسى الطريقة اللي كنت بتبصلها بيها …والله حسيت انك ضربت سكينة في قلبي وانت بتبصلها كده …أنا اكتر حاجة ندمانة عليها اني اتجوزتك يا جورج…لو رجع بيا الزمن لورا مكنتش قبلت بيك …
ثم مسحت دموعها وحملت الأطباق وغادرت تاركة إياه يشعر بألم يعتصر قلبه !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بس يا ابني كفاية فرك ..
قالتها ورد وهي تحاول تهدئه ابنها الذي يتحرك كثيرا ويبكي ….لقد اضطرت أن تأتي وتحضر فرح عمار صديق زوجها …
-ماما ورد هاتي اشيل مراد ..
قالتها ياسمين بإبتسامة …ابتسمت ورد لها وقالت:
-خدي شيليه ..أنا عارفة أنه مش هيهدي الا معاكي انتِ …
وبالفعل أعطت ورد لياسمين مراد وما أن أتى بين ذراعيها حتى هدأ قليلا ….
ابتسمت ورد بسعادة وقالت:
-حبايبي ربنا يخليكم لبعض …
قبلت ياسمين وجنة شقيقها وهي تلاعبه بسعادة بينما هو يبتسم لها وعينيه الخضراء كعيني والده تبرق بسعادة
…..
عند عمار …
اقترب منه ياسين وقال :
-مبروك يا هندسة فرحتلك والله …
ثم عانقه بحب …
زفر عمار بضيق وهو ينظر إلى مريم التي تشيح بوجهها عنه وقال:
-متفرحش اووي انت مش شايف بوزها ازاي مترين …
-عمار حبيبي هتنسى متقلقش وهتسامح …
تنهد عمار وقال:.
-اتمنى. ..
ثم ابتعد ياسين ليجلس عمار ويقول :
-ما تفردي بوزك شوية يا عروسة هيقولوا متجوزك غصب عنك ..
-ما هو ده اللي حصل ..ولا انت عندك راي تاني …
هز عمار رأسه بيأس وهو يقر أن الطريق الى غفرانها شائك ..
………
عند ورد …
كانت تبتسم وهي تنظر إلى ابنها الذي يغفو بين ذراعيه شقيقته .. أنها تتمنى أن يكونا بهذا الترابط دائما …
أخرجها من شرودها صوت خشن يقول :
-مساء الورد …
نظرت هي لتجد شاب في أواخر العشرينات تقريبا بعيني عسلية ينظر إليها . .
-نعم ؟!
قالتها بحيرة ليقول هو :
-انا براقبك من بعيد من اول الفرح …أنا ابن عم العريس تسمحيلي اقولك انك جميلة أوووي و…
فجأة انتفض وهو يشعر بيد قوية تحط على كتفه وصوت ياسين الغاضب يقول :
-تسمحلي اكسرلك.صف اسنانك ..صدقني هيليق جدا انك تكون انسان من غير اسنان وعقل …
نظر امجد إلى ياسين وقال بإرتباك :
-اوعى تفهمني غلط أنا مش بعاكس …انت اخوها صح …شبهها اووي أنا بس غرضي شريف وممكن اتقدملها يا استاذ ….حضرتك اسمك ايه ؟! …
وضعت ورد كفها على فاها برعب بينما ابتسم ياسين بخطورة وقال:
-اخوها وتتقدملها واستاذ في جملة واحدة …ده انت بايع حياتك بقا …
-انا قولت حاجة غلط …
قالها امجد بتوتر فردت ورد بسرعة :
-امشي …امشي بسرعة …
نظر امجد بحيرة إليهما ليمسك ياسين ذراعه وقال:
-تعالى بس بعيد عن الفرح مش عايز ابوظه أنا هفهمك ايه الغلط …
-ياسين .
هتفت ورد إلا أن ياسين قال:
-أسكتي أنتِ….
ثم سحب امجد خلفه خارج الحفل …
وما أن خرجا حتى لكمه ياسين بقوة فقال امجد:
-ايه يا أستاذ انت مالك …
-أستاذ تاني ..أنا باشمهندس…باشمهندس ياسين ..دي غلطتك الاولى …التانية انك جاي تتقدم لمراتي …لمراتي أنا …مرات الباشمندس ياسين !!!
ثم لكمه مرة آخرى …وامسكه من قميصه ليقول أمجد:
-والله يا استاذ…
-أستاذ تاني …
صرخ به ياسين ليصحح امجد ويقول:
-اقصد والله يا باشمهندس مكنتش اعرف انها مراتك …اصل هي مش لابسة دبلة…أنا آسف…اسف والله يا باشمهندس….
…….
عند ورد ..
مر عشر دقائق منذ أن خرج ياسين وهي تخاف أن يكون قد افتعل مشكلة كبيرة ….
تنهدت براحة اخيرا وهي تراه يقترب منها ابتسمت بسعادة له
خدي اهو البسي دبلتك.في ايديكي يا أختي مش كل شوية حد يجي يتقدملك عشان بيفتكرني اخوكي …كنتِ ناسياها في الحمام ….
قالها ياسين بضيق وهو يعطي طوق الزفاف لورد التي ضحكت وقالت بصدق :
-صدقني يا حبيبي بنسى ابنك.مجنني مش مخليني عندي مخ.افكر ..بس حاضر هلبسها…
-ياريت مش كل يوم هضرب واحد انا عشان خاطرك ..مبحبش العنف ..
ابتسم ورد بهيام واقتربت منه قائلة :
-بتغير عليا يا يويو ..
نظر ياسين إليها بضيق وقال:
-ما بلاش يويو دي يا ورد …حاسس ان قيمتي كمهندس بتقل.لما تقوليها …
ابتسمت بنعومة وقالت:
-خلاص يا حضرة المهندس احنا اسفين …مش هقولها تاني ..
امسك كفها وشد عليها قائلا:
-ممكن تقوليهالي في البيت معنديش اي مانع يا فراولة …
ضحكت هي برقة وهي تضع رأسها على كتفه وقالت:
-بحبك يا باشمهندس…
-وانا كمان بحبك يا مرات الباشمندس…وللاسف مش حافظ شعر دلوقتي عشان أقولهولك…
ابتسمت وقالت:
-كلمة بحبك منك تغنيني عن اي حاجة ….
-يبقى هقولها.لحد ما أموت …هفضل اقولك دايما اني محبيتش قبلك ولا هحب بعدك ♡
-وانا كمان محبيتش قبلك ولا بعدك ♡
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في قصر عائلة رشيد ….
كان يُقام اكبر زفافين شهده البلدة …زفاف عدي رشيد وشقيقته ليان رشيد ….
ليان التي تألقت بفستان أبيض بأكمام طويلة ذو تصميم بسيط ولكن أنيق وكانت ترقص مع زوجها موسى …موسى الذي تزوجته بعد عذاب …طيلة عام وهي تعذبه بشتى الطرق وهو يتحملها…فقط لانه يحبها الا انها قررت منذ اسبوعين أن هذا يكفي …وقد استسلمت لحبه يوم عقد قرانهما…نست كل شئ عندما رأت حبه الحقيقي …
كانت عينيها تتألقان بسعادة وهي تنظر إليه وهو يراقصها كما يراقص الأمير أميرته بينما هو عينيه تحصرانها بقوة …لا يصدق أنها بين ذراعيه اخيرا ولن يفرقهما سوى الموت !!
-انا فرحانة اووي يا موسى …فرحانة اووي …
قالتها ليان بسعادة ليبتسم موسى ويقول :
-ومن النهاردة هتبقي سعيدة دايما …ربنا يقدرني عشان اسعدك دايما …
تنهدت وهي تضع رأسها على كتفه وتغمض عينيها …تتذكر بسعادة رقصتهما الاولى سويا …يوما عانقته بتلك الطريقة …استمعت دقات قلبه التي تهتف بإسمه …..
….
من الناحية الأخيرة …
كان عدي يجذب جواهر بين ذراعيه وهو يرقص معها بينما هي تنظر إليه ولا تصدق كيف يمكن للسعادة أن تتمثل في شخص …كيف يمكن لشخص ان يقلب حياتها بتلك الطريقة …أن يعطيها السعادة التي لم تختبرها يوما …كيف للحب أن يكون جميلا بهذا الشكل …كيف لقلبها أن يصرخ بإسم واحد فقط …لقد كان عشقها لعدي نعمة…أنه العوض الذي انتظرته منذ زمن طويل …
……
جلسا الأزواج كلا منهما على مقعدهما الخاص …
ليان بجوار موسى وعدي بجوار جواهر …
أتت عبير وهي تحمل طفلتها الصغيرة التي اسميتها جواهر وعانقت شقيقتها …العام الذي مر كان شاهد على توطيد علاقتهما أكثر …كانت جواهر عائلتها …توأم روحها…صديقتها في المحن وبالمثل كانت عبير لها…لم يحتاجا ابدا لوالدهما وقررا الاكتفاء بنفسهما وعائلتهما وعملهما الجديد حيث أن جواهر نجحت في افتتاح مكتب محاماة وعبير أصبحت تعمل كمترجمة لأحد مواقع المشهورة على الانترنت …
-بيري هتوحشيني ..
قالتها جواهر وقد ترطبت عينيها بالدموع لتهز عبير رأسها وتضحك قائلة:
-يا بنتي أنتِ هتهاجري ..انتِ رايحة تقضي شهر العسل في المالديف …وهتقعدي اسبوعين بس يعني مش طول حياتك يعني …
-بس برضه هتوحشيني …
قالتها بتبرم لتقبل عبير رأسها وتقول:
-وأنتِ كمان هتوحشيني والله ..
……
عند ليان …
كانت تزفر بحنق وتقول:
-نسرين مجتش لحد دلوقتي …أنا هوريها لما تيجي …
ضحك موسى وأمسك كفها وقال:
-حبيبتي أنتِ عارفة أنها يا عيني مالك مطلع عينيها …فمعلش اعذريها و….
قاطع كلامه تغيير الموسيقى الهادئة للزفاف بموسيقى مألوفة …كانت الأغنية المفضلة لنسرين وليان …اتسعت عيني ليان ونهضت وهي ترى نسرين تتقدم بفستان ازرق جميل …تمسك مكبر الصوت وتغني اغنيتهما المفضلة لعمرو دياب .:
في لحظة عايزة اللي يعدل ميلك
ويسند يشيلك
ووسط زحمة حياته يجيلك
بيوصل في ثانية يسبق بخطوة
يحميك بقوة ملكش الا هو
في حد لما تخبط هيفتح يقابلك ويفرح
من قلبه عايز يشوفك بتنجح
يساعدك بفكرة معاك خطوة خطوة
دا ما سبكش مرة امبارح وبكرة
في حياتنا ناس هما الاساس
في حياتنا ناس هما الاساس
حقيقي شكرا من هنا لبكره
في حياتنا ناس هما الاساس
ثابتين معانا مهما ايه يجرى
في حياتنا ناس هما الاساس
حقيقي شكرا من هنا لبكره
دايما في ظهري دا صاحب عمري
ده كنز ده رزق دا طوق نجاة
بيرد غيبتي لو جابوا سيرتي
ومفيش حد بيفرق معاه
بتجيلي فكرة بطق فجأة
هي المكالمة فايقولي يلا
في حياتنا ناس هما الاساس
ثابتين معانا مهما ايه يجرى
حقيقي شكرا من هنا لبكره
انا في الدلع دايما سايقها
بقلقها ياما نشفت ريقها
طلعت عينها الله يعينها
ده مفيش كلام يوصف حنانها
اقتربت نسرين أكثر من ليان وقبلتها على وجنتيها وأكملا سويا :
-واقفة دايما جنب مني شجعتني صدقتني
سندتني موقعتش في يوم
دي اللي جنبي من البداية
خطوة خطوة كانت معايا
دي في سمايا ولا النجوم
في حياتنا ناس هما الاساس
ثابتين معانا مهما ايه يجرى
في حياتنا ناس هما الاساس
حقيقي شكرا من هنا لبكره
..
ثم عانقا.بعضهما وقالت ليان وقد تجمعت الدموع في عينيها :
-عارفة لو مكنتيش جيتي كنت هقتلك…
-وانا اقدر برضه …أنتِ اختي …
ثم ابتعدت عنها وقالت:
-اومال فين مالك حبيب أخته ؟!
أشارت نسرين إلى فؤاد الذي يحمل مالك وهو يداعبه…
أمسكت نسرين كف ليان مجددا وقالت:
-اتشجعي بقا وجيبي بنت عشان اجوزها لمالك ابني …
-هجيب بنت واسميها نسرين عشان تطلع جميلة زيك …
-مفيش اجمل منك يا ليان .
قالتها نسرين ثم عانقتها مجددا …
..
كانا عدي وجواهر يراقبان نسرين وليان وعلى شفتيهما ابتسامة سعيدة … فجأة قبل عدي وجنة جواهر وقال :
-بحبك بكل لغات العالم …
-وأنا كمان ..
قالتها وهي تسند رأسها على كتفه……
……
انتهى الزفاف وأخذ موسى زوجته ليان وهرب بها إلى منزله لينفرد بها اخيرا بعد تحكمات عدي التي لا تطاق….
.. ..
في منزل موسى ….
-ايه فيه ايه يا موسى بتجري ورايا ليه ؟!
صرخت بها ليان وهي تركض حول طاولة الطعام بينما موسى يركض خلفها…
-انا حابب افهم ده يا ليان ..أنتِ بتجري مني ليه …تعالى هنا!!
-لا مش جاية…انت نيتك مش سليمة …هتعمل فيا ايه ؟!
-ما طبيعي نيتي متكونش سليمة في ليلة دخلتنا…دي لو نيتي سليمة ابقى عبيط ..تعالى بس اقولك ده اخوكي شربني المرار في السنة دي …
-طب….طب…ممكن تهدى شوية …خلينا نتكلم ونتعرف شوية على بعض و….آه …
صرخت فجأة عندما نجح في امساكها وحملها بين ذراعيه وقال:
-خلاص وقعتي بين ايديا…
-موسى …موسى …اسمعني بس …
قالتها بخوف ولكنه قاطعها وهو يضع شفتيه على خاصتها ويقبلها بعاطفة تخصها وحدها … عاطفة قوية جعلتها تستلم لطوفان عشقه وتسلم له مقاليدها
………
عند عدي وجواهر….
كانا يقفا على الشرفة عدي يضم جواهر إليه بحب ويقول :
-النهاردة اسعد ايام حياتي …مكنتش اتوقع اني افرح بالشكل ده يا جواهر ..متخيلتش أن ست تخليني طاير من السعادة بالشكل ده …
ابتسم جواهر وقالت:
-غريبة قصتنا صح ؟!مكنتش اتوقع اني هحبك بالشكل ده …هحبك لدرجة أن العالم هيبقى من غيرك باهت وملوش قيمة يا عدي …
ابتعد قليلا وجعلها تستدير ثم عانق وجهها وهو يقول :
-بحبك يا مهلبية ♥️
-وانا كمان بحبك يا قلب المهلبية♥️
اقترب منها وقبلها بلطف سرعان ما تحول لشغف…عاطفته نحوها جعلتها تستلم كليا لطوفان قبلاته …اخيرا ابتعد عنها وهو يلهث …يضع جبينه على جبينها لثواني ويغمض عينيه… فجأة ابتعد وقام بحملها وهو يقول :
-قولتلك يا ملوخية هتيجي تحت المخرطة…
ضحكت هي برقة بينما يتجه بها إلى فراشهما الرحب لجعلها ملكه
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
اليوم التالي .. …
في مطار القاهرة الدولي …
اقترب يوسف من صديقه منير الذي كان في استقباله ليصدمه الآخر ..
ايه بس اللي رجعك يا يوسف كنت ..
كان يقولها منير ليقاطعه يوسف وهو ينظر إليه بقوة ويقول :
-فيه ايه يا منير راجع لبلدي …
-ايوة بس نسرين …
قاطعه مرة آخرى وقال:
-وانا.مالي بنسرين ربنا يهنيها يارب ..أنا خلاص طلعتها من دماغي !!
-أنت متأكد …
-مية في المية…
قالها يوسف وهو يجر حقيبته خلفه
……
بعد اسبوع ..
في منزل أمير ….
-بابا رجع من الشغل …
قالها أمير بسعادة لتقترب عبير وهي تحمل طفلتها الصغيرة جواهر …
امسك أمير جواهر وقبلها بلطف ثم جذب زوجته وهو يقبلها عدة مرات على وجنتها ويقول :
-ليا عندكم خبر هايل..
-ايه هو ؟!
-قدرت اشتري ورشة جديدة وشغلي هيكبر اخيرا….
-هييه …
صرخت عبير بحماسة وهي تعانقه بحب وتقول:
-مبروك يا حبيبي فرحتلك اووي …
ضمها وأكمل :
-وكمان فيه حاجة هتفرحك اووي …
ابتعدت قليلا ليقول :
-هنعمل عمرة أنا وأنتِ وجواهر وتحية وجوزها وعيالها …
طفرت دموع السعادة من عينيها وقالت:
-بجد يا امير …بجد ..
-بجد …كان نفسك في ده صح ؟!
هزت رأسها وقالت:
-كان نفسي فيه من زمان يا أمير …شكرا يا حبيبي ..شكرا اووي ..أنا بحبك ..
-وانا كمان ..
ثم.قبلها برفق وهو يحمل ابنته شاعراً أن الحياة تضحك له …فبوجود عبير وابنته كل شئ بخير….
…..
-بس أنتِ اخر مرة كنتِ هتوقعينا أنا ومالك من الاسكوتر …أنا بقيت اخاف منك ..
قالها فؤاد وهو يضحك بينما يحمل ابنه متجها به إلى السيارة لكي يذهبا الى منزل والد نسرين …
زفرت نسرين بضيق وقالت:
-خلاص يا فؤاد ذلتني بأم الغلطة اللي عملتها …مبتعرفش تستر ابدا…
ضحك فؤاد وقال :
-بصراحة لا …
ثم أعطاها الطفل ليستقل هو السيارة جالسا أمام عجلة القيادة بينما تجلس بجواره وهي تحمل ابنها …
كانت تنظر إليه بغضب فضحك هو وقال:
-بتبقي عايزة تتاكلي وأنتِ زعلانة .
-متكلمنيش تاني انا مخاصماك…
امسك كفها وقبله وقال:
-حقك عليا يا ست الكل والله أنا بهزر معاكي وادي خدك أبوسه …
وبالفعل قبل وجنتها لتضربه هي على كتفه وتقول :
-ايه اللي أنت بتعمله ده …اطلع يا فؤاد الله يصلح حالك احنا في الشارع ..
-تؤ مش همشي الا لما تقولي بحبك …
ضحكت على سلوكه الطفولي وقالت:
-بحبك يا عمنا يالا امشي…
-وانا كمان بحبك يا نوتيلا ♡
قالها بحب ثم انطلق بسيارته بسرعة متوسطة من أجل سلامتهما وسلامة طفله…
وفي السيارة التي خلفهما كان يوسف جالس وهو يراقب ابتعاد العائلة السعيدة عنه …بينما دمعة ساخنة تهبط على عينيه…لماذا اتى؟!هل أتى ليقهر نفسه …فكر بغضب …
ثم أدار الراديو بسيارته وهو يستمع لأغنية أمير عيد وهو يغني معه ..
على باب السيما
تذكرتي قديمة
ومعايا حكاية
نفسى اغيرها
وانا مين يديني
فرصة تخليني
ادخل لو مرة
واعيشها بتفاصيلها
ايدي في ايديها
وعينيا عليها
سامع ضحكتها
واحنا بنتفرج
خلصت حكايتنا والدنيا خدتنا
لا انا عارف ابعد
ولا قادر اقرب
ايدي في ايديها وعينيا عليها
سامع ضحكتها واحنا بنتفرج
خلصت حكايتنا والدنيا خدتنا
لا انا عارف ابعد
ولا قادر اقرب
..أغلق الراديو وهو يشعر بالاختناق ومسح دموعه وهو يقول :
-خلصت حكايتنا يا نسرين …
ثم.انطلق بسيارته بعيدا..
…………
في منزل موسى…..
نظرت إلى أصناف الطعام الموضوعة على الطاولة بحب …صحيح انها طلبت معظمهم من المطعم إلا أنها صنعت بعض الأشياء البسيطة وزينت المنزل مستغلة خروج موسى ليتمم على شركة الأمن الصغيرة انشأها قبل الافتتاح…
ابتسمت بحب وهي تتذكر أنها عاشت أجمل أيام حياتها معه …لقد داوى جميع جروحها…نست كل شئ وهي بين ذراعيه …
فجأة خرجت من شرودها عندما فُتح الباب ودخل هو …
اندفعت هي بسعادة وضمته بقوة قائلة :
-وحشتني …
أبعدها عنه قليلا وهو ينظر إليها بإعجاب فقد كانت ترتدي قميصه الازرق .. تلاعب بأزرار القميص الذي ترتديه وقال:
-مش هتبطلي تلبسي هدومي …
فهزت رأسها ضاحكة وقالت:
-تؤ….هدومك هي هدومي…وعربيتك هي عربيتي وفلوسك هي فلوسي ..
-يا سلام …
-أيوة …
ضحك بقوة وهو يحملها ويقول:
-طب كنسلي العشا الحلو ده بقا انا عايز …
ولكنها قاطعته وهي تبعده وتنزل على قدميها وتقول :
-لا يا موسى أنا عايزة ارقص …بطل رخامة بقا وارقص معايا …
زفر بضيق وقال:
-طيب ماشي هنرقص …
قبلته على وجنته بسرعة وقالت:
-بحبك …
ثم اتجهت إلى هاتفها وادارت إحدى أغانيها المفضلة لعمرو دياب وأصبحت تغني معها
-والله ما كان على بالي يا هوى
والله ما كان على بالي يا هوى
والله ما كان على بالي يا هوى
والله ما كان على بالي يا هوى
قمرين، قمرين دول ولا عينيك
قلبي بيسألني عليك
أتاريني بافكر فيك
يا قلبي يانا من حبه يانا
يا شوق أمانة تملى الليالي غرام
آهين يا عمري يا كل عمري
سلمته أمري وعينيه قالت لي كلام
والله ما كان على بالي يا هوى
والله ما كان على بالي يا هوى
والله ما كان على بالي يا هوى
والله ما كان على بالي يا هوى
قمرين، قمرين دول ولا عينيك
قلبي بيسألني عليك
أتاريني بافكر فيك
طال إنشغالي وياك يا غالي
وأنا إيه جرالي خلاني أذوب في هواك
إش معنى إنت حبيتك إنت
إزاي وإمتى شغلت روحي معاك
ضمها إليه عندما انتهت الأغنية ثم حملها فجأة وقال:
-نكنسل العشا بقا …
صرخت وضحكت بمفاجأة وهو يتجه بها إلى غرفتهما فقال هو :
-مكانش يومك يا شابة …
لتضحك هي بشكل اقوي …ويبتسم هو …هو يعشقها حين تضحك …وحين تبكي وتغضب وتغار ..يحبها في كل أحوالها…عاقلة كانت أم مجنونة…حب غير مشروط ♡
……
في منزل ياسين …
-يا حبيبي حرام عليك أنا عايزة انام ما صدق القرد بتاعنا نام اخيرا …
كانت تقولها ورد بتوسل ثم أكملت :
-وكمان متنساش انك هتروح تزور الست عفاف في المصح بكرة و…
-طيب خلاص هسيبك تنامي بس بشرط هقولك شعر الاول وتنامي …
زفرت ورد بضيق ثم نهضت جالسة وقالت:
-اتفضل اشجيني
ابتسم ياسين وهو يمسك كفها ويقول :
سَأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. حينَ تنتهي كلُّ لُغَاتِ العشق القديمَه فلا يبقى للعُشَّاقِ شيءٌ يقولونَهُ.. أو يفعلونَهْ.. عندئذ ستبدأ مُهِمَّتي في تغيير حجارة هذا العالمْ وفي تغيير هَنْدَسَتِهْ شجرةً بعد شَجَرَة وكوكباً بعد كوكبْ وقصيدةً بعد قصيدَة سأقولُ لكِ “أُحِبُّكِ”.. وتضيقُ المسافةُ بين عينيكِ وبين دفاتري ويصبحُ الهواءُ الذي تتنفَّسينه يمرُّ برئتيَّ أنا وتصبحُ اليدُ التي تضعينَها على مقعد السيّارة هي يدي أنا.. سأقولها، عندما أصبح قادراً، على استحضار طفولتي، وخُيُولي، وعَسَاكري، ومراكبي الورقيَّهْ….
صفقت ورد وقالت :
-برافو يا باشمهندس ياسين …زي العسل والله تسمحلي أنام بقا …
قالتها وهي تستعد مجددا للنوم إلا أن ياسين صرخ بها وقال؛
-تصدقي انك معندكيش دم …أنتِ عارفة انا حفظت القصيدة دي في قد ايه عشان اقولها لك ؟!قعدت ساعتين …
ابتسمت ورد بحب وقالت:
-طيب قولي اعمل ايه عشان اكافأ زوجي العزيز …
-يعني مفيش ضرر من بوسة صغيرة كده للمسكين اللي بيفرحك ده وبيشيل عنك …
ضحكت ورد برقة ثم جذبته إليه وهي تقبله بلطف وعندما حاول أن يتمادى أبعدته وقالت :
-أنت قولت بوسة بس …بطل غلبة بقا ونام …
ضمها إليه وقال:
-طيب خلاص هننام …
وبالفعل أغمض عينيه وقال قبل أن يغرق بالنوم :
-بحبك يا فراولة ♡ ..
-وانا كمان ♡…
……….
في اليوم التالي ….
كان يقف أمام سيارته وهو ينتظرها لتخرج من مدرسة التمريض …اليوم كان أول اختبار لها وكانت متوترة …رغم أنها درست جيدا ولكن هذا لم يقلل من توترها …تمنى يحيى من داخل قلبه أن تكون قد اجادت في الاختبار وتفوقت …
انتبه عندما خرجت وهي تطرق برأسها …علت الخيبة وجهه ولكنه ابتسم بسرعة …لن يجعلها تستلم أبداً….سيدرس لها باقي المواد وستتفوق بالتأكيد …
اول ما وصلت عنده قال بلطف:
-مش مشكلة يا حبيبي تتعوض و….
ولكنه توقف وهو يسمع صوت ضحكاتها ..نظر إليها ليجدها مشعة بالسعادة فقالت:
-وضحكت عليك …ضحكت عليك ..أنا حليت كويس …
ضحك على أسلوبها الطفولي وأمسك اذنها وقال:
-انا هعرف اعاقبك كويس على اللي عملتيه في البيت …المهم دلوقتي يا هانم خلينا نروح نحتفل بيكي …أنا عازمك على ساندويتشات كبدة من على عربية أصيلة …
ثم فتح لها باب السيارة لتلج إليها وتقول:
-شكرا يا حبيبي ..
ثم اراحت رأسها على مقعد السيارة وهي تبتسم بسعادة ….لقد لون يحيى حياتها…
……..
قيل عن الحب الصادق.. هو أن تقدم لهم دعوة إلى الحياة حين يفقدون شهية الحياة.. وتقدم لهم دعوة للحلم حين يفقدون المعنى الجميل للحلم.. وتقدم لهم دعوة اللجوء إلى قلبك حين تغلق القلوب في وجوههم.. ثم لا تنتظر المقابل….وهذا هو حب عدي لها …حب صادق…فهي عندما فقدت الرغبة في الحياة …تمنت الموت بكل صدق …كان هو معها …يعيد رغبتها في الحياة …يجعلها ترى جمالها مجددا …يخبرها أنها لم تفقد كل شىء وأنه معها حتى النهاية …سيمسك كفها إلى آخر الطريق …استقبلها هو في قلبه عندما شعرت أن جميع الأبواب أغلقت في وجهها …كان لا ينتظر مقابل …فقط يحبها ويعطيها …صحيح في وقت ما اذوا بعضهما كثيرا ولكن الحب الذي بينهما كان اقوي من نيران الكراهية …اقوي من الرغبة في الانتقام …واقوى من سياط الكبرياء الاعمى ….الحب هو من انقذهما من الدمار…فها هي العابثة الكاذبة تخلصت من جميع صفاتها السيئة …وها هو الشيطان أصبح ملاكها بفعل العشق …وعلى جزر المالديف الرائعة ذاقت معه الغرام …شهقت فجأة وهي تعود للأرض عندما عانقها عدي من الخلف ..وقال :
-بتفكري في ايه يا ملاكي ..
-بفكر فيك …
قبلها على عنقها الناعم وقال:
-كويس مش عايزك تفكري في حاجة الأ فيا مفهوم …
-مفهوم يا باشا…
ثم استدارت وهي تنظر إليه …كتم أنفاسه وهو ينظر إليها بإنبهار وهذا كان يعجبها به …أنه ينبهر في كل مرة يراها …وكأنها كائن خرافي …وبالفعل في تلك اللحظة …لحظة معانقة مياة البحر اللامعة للشمس كانت هي تقف ..مرتدية فستانها الأبيض الطويل…تبدو كملاك هبط على الأرض ..ملاكه هو ..
مد كفه وقال:
-تسمحيلي بالرقصة دي ..
ابتسمت ووضعت كفها بكفه وقالت :
-هتغنيلي ؟!
هز رأسه وقال:
-أيوة …تحبي اغنيلك لمين …بس متتضايقيش عشان صوتي وحش ..
ضحكت وقالت:
-لا مش هتضايق …عادي متعودة وانا عايزاك تغني لأمير عيد ..
-اغنيله ايه ؟!
-ساموراي
-امرك يا مهلبية …
ثم جذبها إليه وهو يراقصها ويبدأ بالغناء :
-ساموراي رحّال وقالولي “محال”
دي الدنيا في حال وحبيبتي في حال
عندها جناحات أمسكها تطير
غاوية الترْحال وأنا نفسي طويل
جمالها رهيب، ولمّا تغيب
تسونامي، رعد وبرق وجو بيبقى غريب
بس أنا مش خايف، أنا ساموراي
بدل السيف، أنا بعزف ناي
راكب أوبر من طوكيو وجاي
ترفضني إزاي وأنا الساموراي!
ثم أمسك ذراعها وأخذ يدور بها ويكمل :
-وهفْضل ألف، ألف، ألف، وراكي ألف، ألف، ألف
والدنيا تاخدني تلف، تلف، تلف
لحد ما أشيب أو عقلي يخف
وهْفضل ألف، ألف، ألف، وراكي ألف، ألف، ألف
مهما الدنيا تاخدني هلف
أنا مجنون، مش عايز أخف
قربها منه مرة آخرى وهو يكمل :
-هفْضل رحّال معرفش محال
وراكي لو حتى في آخر الدنيا في وسط جبال
في الأصل محارب، بس بغني
ويمكن صوتي بيوصلك أسرع مني
والسكه تهون، ويكون ما يكون
لو مية فيضان، أنا هعرف عادي أجيلك عوم
بس أنا مش خايف، أنا ساموراي
بدل السيف، أنا بعزف ناي
راكب أوبر من طوكيو وجاي
ترفضني إزاي وأنا الساموراي
أخذ يدور بها مرة آخرى وهو يكرر بشغف:
وهفْضل ألف، ألف، ألف، وراكي ألف، ألف، ألف
والدنيا تاخدني تلف، تلف، تلف
لحد ما أشيب أو عقلي يخف
وهْفضل ألف، ألف، ألف، وراكي ألف، ألف، ألف
مهما الدنيا تاخدني هلف
أنا مجنون، مش عايز أخف…
ثم توقف وهو يضع جبينها على جبينها ويقول :
-أنا مجنون بيكي ♡
-وانا كمان ♡
ومع غروب الشمس كانت قبلتهما التى تشاركاها اروع ما يكون …
تمت