بخطى ثابتة، وجسد شامخ، ونظرات واثقة، لا تمت أبدًا لعمر حاملها، كان يسير بتروي وهو يضع لفافة من التبغ البني الفاخر في جانب فمه فقط، وعيناه تطوف حوله بتقييم أثار الذعر في من يقفون باستواء وكأنهم في محكمة ما، أو يؤدون أحد صلواتهم بخشوع!
انتهى الممر ليقف أمام الباب المعني فاتحًا إياه بهمجية بحتة نبأت من بالداخل بهويته، فمن سيدلف بهذه الطريقة غيره!
_ welcome بالفاشل.
قست ملامحه وهو يجلس بارتياح شديد على أحد المقاعد ومدد قدميهِ بمنتهى قلة الذوق فوق الطاولة الصغيرة، بينما أزال بإصبعيهِ اللفافة قائلاً بصوت رخيم:
_ الفاشل ده لولاه كان زمانك مش عارف تقعد في البلد لحظة، لولاه كان زمان مصر كلها عرفت هويتك.
رفع الأخير حاجبه المجعد يبدو أنه أثر لحرق ما لم تنجح عمليات التجميل في معالجته وهو يقول:
_ مش من حبك فيا يا حليتها.. أنتَ بس عشان خايف على السنيورة.
حدقه بجانب عيناه وهو يضغط أسنانه بقسوة بينما ردد بجدية بحتة مخيفة:
_ قولتلك قبل كده سيرتها متجيش في كلام بينا.
ضحكه ساخرة خرجت من فاهه وهو يقول:
_ خلاص متتحمقش مش هجيب سيرتها، قولي خرجت منها ازاي؟ سابوك عادي كده من غير تحريات؟
التقط نفس عميق من لفافته وزفره بتروي وهو يقول بهدوء ثلجي:
_ ما يدوروا! أنا تحرياتي نضيفة ولا نسيت إني مبسبش ورايا هفوة.
رفع الأول حاجبه بتمعن وهو يقول باعجاب لم يخفيه: