وكأنها أفاقت على حديثه من سحر اللحظة، لن تنكر أنها اشتاقت له حد الجحيم، اشتاقت له اشتياق الأم لوليدها.. واشتياق الأرض للغيث بعد الجفاف، هل عدة أشهر قليلة فعلت بها كل هذا؟ إذًا ماذا عن حديثها لذاتها بأنها ستنفصل عنه أبدًا!؟ هل ازداد جاذبية وجمالاً في تلك الأشهر أم عيناها المشتاقة هي من تصور لها هذا؟ هل
سيحدث شئ إن رمت بنفسها بين أحضانه لثواني فقط.. فقط ثواني تستعيد فيها دِفأ أحضانه!
عادت لرشدها على حديثه لتتجاهله تمامًا وهي تدفع “يونس” برفق وتقول:
_ يلا يا حبيبي مع السلامة.
والسلامة لم تكن ليونس تحديدًا.. بل كان تنبيهاً لمن معه، خرج الصغير على دفعة والدته التي كادت تغلق الباب قبل أن يكتمل خروجه حتى، لترتد للوراء أثر دفع الباب دفعه خفيفة وبعدها دفع الصغير بنفس الرفق للداخل ودلف هو خلفه مغلقًا الباب، وما إن فعل حتى قال:
_ يونس حبيبي ادخل أوضتك شوية بس لحد ما أناديلك.
زفر الصغير بنزق وهو يغمغم بكلمات غير مفهومة تدل على سخطه من الوضع ودلف للداخل..
كادت تتحرك من أمامه لتحتمي بغرفتها لكنه أسرع بالوقوف أمامها وإمساك ذراعها بقوة طفيفة مرددًا بجدية بحتة:
_ مش هتتحركِ من هنا غير لما نتكلم.
فتحت باب الشقة على رنين جرسه لتبصره أمامها بعد أن جلب لها حقيبتها، حدقته بنظرات تلمع بشرار الغضب العاصف قبل أن تقول بنبرة كالفحيح: