والدته وتربيتها له فلولا كل ذلك لكان سحقهم بنيرانه منذ زمن. فاق من تفكيره عندما وجد نفسه يجلس بداخل سيارته أمام منزلهم؛ فترجل من سيارته سريعًا وذهب إلى الداخل ليُحاكي والدته التي يشعر بالحزن والقهرة طوال
فترة خصامها ومقاطعتها للحديث معه. ففتح الباب ببطءٍ وهو يرىٰ الهدوء يعم على أجواء المنزل بأكمله ولم يرىٰ بأعينه أحد من سكان المنزل فصعد إلى الأعلىٰ حيث غرفة والدته ومن ثم طرق عدة طرقات منتظرًا لسماع صوتها
بالسماح له بالدلوف؛ وفي غصون لحظات تُعد سمع نبرتها الهادئة تخترق أذنيه التي إشتاقت إلى سماع نبرتها العذبة.
– أدخلي يا زوزه..
فإبتسم إبتسامة عريضة وهو يطل برأسه من باب الغرفة متمتمًا بدعابه وهو يراها تجلس أعلى الأريكة بجوار
الشرفة ترتدي لنظارتها الطبية وهي تقرأ في أحد الكُتب بإنسجام كبير.
– ينفع سليمو مش زوزه..؟!
” أصـالـة ” لا رد ولكنها قامت بخلع نظراتها الطبية عنها دون أن تنبث له بنصف كلمة ومن ثم سحبت كوب اللبن
الدفء خاصتها ترتشف منه القليل بتجاهل كبير له. فتنهد ” سـلـيـم ” بحزن كبير ومن ثم دلف وأغلق الباب من خلفه وأخذ يقترب منها بخجلًا وبطءٍ كبيران. وما أن وقف قبالها حتى جثىٰ على ركبتيه أمامهم ومد يديه ساحبًا لكفوفها ملثمًا لها بقبلات حانية يملؤها الآسف والكثير من الحب والحنان الغير مسموح لآخرىٰ بإستشعارهم سواها وتابع
بنبرة يملؤها الشجن.
– أنا آسف..
أرجوكي يا صـولا سامحيني أنتي عارفة أنا عمري ما سبتك زعلانة مني المدة دي كلها..
أنا ولا عارف أشتغل ولا عارف أكل ولا أنام طول ما أنتي زعلانة مني..!
” أصـالـة ” لا رد ولكنها تنظر إلى اللاشئ بوجوم دون أن تعطي له أدنىٰ إهتمام يُذكر. فتابع ” سـلـيـم ” بصدق وهو يهم
بالجلوس إلى جوارها واضعًا قبلة حانية أعلى جبهتها بحب وآسف حقيقي.
– أرجوكي يا أمي أنا مش هقدر على زعلك مني أكتر من كده..
قوليلي إيه اللي يرضيكي وأنا هعمله لحضرتك بس أنسي أي زعل مني وخديني في حضنك زيّ زمان..
ثم أضاف ببكاء وقهرة حقيقية واضحة في بؤرة عيناه مما جعل قلب والدته يتقطع إلى أشلاء على هيئته وبكائه لها.
– متتصوريش أنا حياتي في اليومين دول صعبة إزاي والأصعب أني أرجع البيت كل يوم ملاقكيش مستنياني