– وأنت زيّ مـريـم ومينفعش تقولي يا عـابـد وأنا أقولك يا أستاذ سـلـيـم..
قولي يا جدي زيّ مـريـم والولاد..
” سـلـيـم ” وهو يُصعق من حديثه وكأنه قد أمسك بسلك عاري مُباشرةٍ وتابع بنبرة حاول جعلها هادئة دون أن يترك
نفسه ليتأثر بما يتحدث به ” عـابـد ” الذي لامس قلبه جيدًا.
– ده شرف كبير ليا يا جدي أني أكون زيّ مـريـم عند حضرتك..
” عـابـد ” بمحبة وبشاشة.
– طب ومستني إيه ما تيجي تحضن جدك بسرعة يلااااا..!
” سـلـيـم ” بذهول وعدم تصديق وهو ينظر إليه والإبتسامته الصادقة تكاد أن تقفز من عيناه. فأكمل ” عـابـد ” حديثه بحماس وهو يفتح له ذراعيه على مصرعيهم بحب.
– يلااااا يا واد تعالىٰ أواااام..
فأقترب ” سـلـيـم ” منه محتضنًا له بصدق وما أن لامست أحضانه أحضان الأخير حتى أغمض عيناه بألم محاولًا إلا تسقط عبراته أمام الجميع بتلك اللحظة.
فهو يعلم مقدار حاجته لهذا الحضن جيدًا.
شعر للتو وكأنه كالغريق الذي إنتشله للتو سباح ماهر بعدما كان على حفه الهاوية وترك الحياة بأكملها.
يشعر وكأن بإحتضانه له قد عاد بريق الحياة ينتعش بداخله من جديد لذلك أغمض عيناه بألم وهو يُشدَّد من
إحتضان جده محاولًا أن يُعبق رئتيه بأكبر كم ممكن من رائحته التي يشتمها ولأول مرة لعله يحتفظ بها في ذاكرته وتُصبره على ما هو آت. فربت ” عـابـد ” على ظهره بحنان بيديه اليُسرىٰ وباليد الآخرىٰ يمسك بعصاه وهو لايزال محتضنه بها.
لأول مرة هو الآخر يشعر وكأنه يحتضن حفيد له بهذه الدُنيا.
لأول مرة لا يُريد أن ينقضي الوقت ويرحل عن أحضانه.
لأول مرة يشعر بكل هذه الأحاسيس ولكنه أرجع ذلك لصفاء نيته ونبله وحسن أخلاقه فربت على ظهره بحب وهو