غطت الغولة رأسها وذهبت مع عيشة للّضيعة واشريا أربعة أبقار سمينة وأكياسا من القمح والشعير وجرارا من الزيت ،وكثيرا من الدجاج ،ولما رجعا ذبحت الغولة عجلا ،وطبخت كسكسي باللحم والفلفل الحار،وأكلت عيشة ونامت ،بينما الغولة تعدّ القديد ، ،كانت قوية ،وتعمل بنشاط ،ولمّا نهضت البنت من النوم ،وجدتها قد أتمّت تقطيع كلّ العجل ووضعه في الشّمس ليجفّ ،وخزنت العولة في الدهليز ،وكلّ شيئ كان مرتّبا في مكانه ،ثمّ خرجت من الكوخ فوجدت الماشية ترعى والدّجاج ينقر الحب، فأحسّت بالراحة بعيدا عن زوجة أبيها وإبنتها اللعينة ،وقالت في نفسها والله لن أرجع لدارنا ما دامت تلك المرأة تعيش فيه ،والغولة أحنّ منها .
في المساء أعدّت عيشة برّاد شاي على الكانون، وجلست أمّها الغولة على حصيرة ،وقالت لها :الآن قصّي علي حكايتك فإنّي أحبّ سماعها !!! بدأت عيشة تروي ما حلّ بها بعد موت أمّها ،وكيف حاولت امرأة أبيها إغراقها في البحر ،وكيف ضربتها وطردتها . غضبت الغولة ،وقالت : أعدك بالإنتقام منها ،لقد كان لي إبنة في مثل سنك، لكن مرضت ،و بعد بضعة أياّم ماتت،ومنذ ذلك الحين ،وأنا أعيش بمفردي ،إسمعي !!! من اليوم أنت إبنتي ،ولن أسمح لأحد أن يمسك بسوء، تعالي واجلسي في حضني ،أحسّت عيشة بإطمئنان لم تحسّ بمثله منذ زمن طويل ،وأغمضت عينيها ونامت .
في الصّباح وجدت حليبا طازجا وخبز طابونة وزيتونا ،فلما أكلت ومسحت يديها جاءتها الغولة ،وقالت أنظري ماذا أحضرت لك من السّوق !!! صاحت عيشة بفرح ،فلقد مدّت لها سلة فيها حرير، وإبر وخيوط الذهب والفضة ،وكل ما يلزم للتطريز .