ارتجفت عيونها بقلق من هول جملته التي لم يترجمها نقاء عقلها وسألته :
-يعني أيه !
تجاهل سؤالها متعمدًا وكأن اللعبة قد راقت له ، وقال :
-يعني اللي بعده !
بلعت علامات الاستفهام المُتعلقه بحنجرتها وأكملت :
-وعدتني هتلاقي أهلي ، فـ يبقى شرط مقابل التاني والمُهلة شهر .
نصب قامته مرة أخرى بانتشاء حيث كان للحديث معها مذاق خاص ، واقترب منها حتى باتت أنفاسه تداعب خصلات شعرها وقال بعجرفة :
-ولو نفترض ما لقتش أهلك !
لم تهابه تلك المرة بل وقفت وجهًا لوجه أمامه بغرور أنثوى يُسقط أقوى الرجال في شباكه :
-وقتها الدنيا كلها هتعرف أن عاصي دويدار شخص مُستغل وكذاب ، واستغل حالتي عشان يحقق مطالبه .
تلقى تهديدها بابتسامة خبيثة لم تعلم مصدرها وقال بحماس شديد وهو يرجع شعرها للوراء :
-اتفقنا .. أي شروط أو اسئلة تانية ؟
تراجعت للخلف بذعر كي تبتعد عن مرمى يده وقالت :
-لا .
” عودة للحفل”
كانت تلك المحادثة الأخيرة التي دارت بين الاثنين ، غريق تعلقت في صنارة النجاة ، ورجل ماهر في صيد الأنواع
النادرة من الأسماك ، فاقت من شرودها على صخب وثرثرة عاتية لم تتحملها رأسها ، باتت الرؤية أمامها سراب ، حتى عقلها توقف عن ترجمة الكلمات وتزاحمت الاصوات في ذهنها فلم تستطع تميز شيئًا منها وسقطت بين يده كقطعة قماش مهترئة فقدت كل قوى تحملها وخرت مغشيًا عليها .
تلقاها ” عاصي ” على رسغه بـ صدمة من سقوطها المفاجئ بين يديه ، احتشد الجميع حوله وهو يحاول إفاقتها ولكن بدون فائدة ، تمددت يده تحت ركبتيها وحملها مُتجهًا ناحية غُرفته الخاصة بحديقة منزله ، وجهر مناديًا على يسـري :
-شوف لي الدكتورة اللي هنا .
أجابه يسري بطاعة وهو يركض للداخل باحثًا عن شمس ، وعلى الجهة الأخرى تراقب ” هدير ” و ” جيهان ” الأمر بعيون يشتعل منها اللهب المحترق بدخان الحقد والانتقام ، اقترب من أمها وبنبرة الهزيمة صرحت ولازالت تحت تأثير صدمتها :
-مامي هو اللي بيحصل دا بجد !
استندت جيهان على أقرب مقعد حديدي بجانبها محاولة استجماع شتات نفسها وقالت :
-دا أكيد كابوس ! دي طلعت لنا منين ؟!
فشت غُبلها بخصلات شعرها وهي تلملمه بعبث وتهرول بكلمات مُبهمة :
-أنا مش هسكت ، ولو كنت سكتت زمان ، مش هسكت دلوقتي .
هنا انضم كريم إليهم والضحك يملء اساريره ويقول متحمسًا :
-القصر بقا كله أكشن وضـرب نار .