أمطرت السماء جمرًا على رؤوس الجميع بمجرد ما أعلن عاصي عن هوية الفتاة التي تجاورهم ، عيون متسعة تحاصرها النيران ، وأفواه مزمومة تضم الكثير من الأسئلة ، كانت جملته أشبه ببطارية سقطت من جوف ساعة الحائط ، فـ تعطل عندها الزمن ، وشُلت حركة عقاربها كما شُلت أقدام الحاضرين .. لم يختلف الأمر بـ النسبة لـرسيل
الذي عقدت اتفاقها معه ولكنه جاء مخالفًا لكل التوقعات !
برقت عيونها وتوقف مجرى الدمـاء بعروقها وهي تسأله بصدمة :
-دا مش اتفاقنا .
ضغط على خصرها بقوة كي تبتلع بقية تساؤلاتها ثم اقتربت منه ” عبلة ” محاولة استيعاب جملته وهي ترمقهم
بأسهم نظراتها المسمومة التي جاءت عكس مخططها وقالت بذهول :
-مراة مين ؟! عاصي أنت أكيد بتهزر !
قفل زر سترته الفخمة بعد ما أرسل ابتسامة خفيفة للحضور وتحدث بحرص ألا يسمعه أحد وبصوته الخفيض
أجاب :
-مش دا طلبك ، نفذته ، الدور عليكِ بقا !
انغرس كعب حذائها الرفيع بـ الأرض إثر حركتها الدائرية التي تعكس سخطها وقالت بنبرة مهددة :
-أنهي المهزلة دي دلوقتي يا عاصي .
أدرك عدم تجاوز أمه للأمر بسهولة ، فدارت رحي الحـرب بينهم وتحمحم عاصي متجاهلًا تهديدها وهو يضم رسيل لحضنه وبصوته المرتفع أعلن بفرحة عارمة :
-وبعد كام شهر هيشـرف ولي العهد ، ابن عاصي دويدار !
ثم أخفض نبرته هامسًا بصوته الرخيم في مسامعها مُتحديًا :