•••••••
تتقوس حول نفسها كحمامة تحت المطر لا تعلم إلى أين ستذهب بعد ما هُدم عشها ! إلى أين تتجه وهي ضعيفة هكذا كالـيرقة ! يبدو أن شعور أُلف واحتضان ذاتها معتادة عليه ! أحست بأنها ليست المرة الاولى التي ترمم فيها
نفسها بنفسها ! يبدو أن حياتها القديمة لم تكن بفارق عن حياتها الآن، ربما مـاتت من قبل ألف مرة ! تقاسم الحيرة قلبها ! لِمَ ألقاها المُوج إلى هنا ؟! ما هو المصير الذي ذرفها إليه ؟!
كان مذاق التيه بالنسبة لها كالماء والهواء ، ليست بشعور مخيف تهابه وتخشاه ، رُبما كانوا من قبل أصدقاء ، تتقلب في فراشهم كل ليلة ؟! ولكن توقفت دموعها حائرة ، كحيرة الرمش ، هل يحضن الدمعة أم يتخلى عنها ؟!
وسألتها نفسها السؤال الأصعب !
-”هل لا يستحق الإنسان أن يشعر ولو لمرّة واحدة فـ العُمر بأنهُ في المكان الصحيح الذي لا شك به ولا حيرة ! ما هو الذنب الذي يعاقب المرء عليه بتلك القسوة ! أهل من العدلِ أن نسدد دينًا لم نقترضه ؟؟
مسحت “رسيل” عبراتها المترقرقة وهي تدفن وجهها بالوسادة ، حيث بتر خيط أفكارها جُملة المُمرضة :
-لازم تاكلي ! مش هينفع كدا !
صرخت بها رسيل :
-قُلت سيبيني لوحدي !
لبت الممرضة طلبها وجذبت الباب الزجاجي لحديقة غرفتها وانصرفت كي تهاتف الطبيب وتروي له حالة المريض .
وعلى الجهة الأخرى من الحديقة يجلس عاصي ويتناول وجبة غدائه على البحر بأشهى أنواع الأسماك التي يُفضلها ، ارتشف رشفة من كأس النبيذ فـ تقدم إليه يسري بوجه عابث لاحظه عاصي ، وما أن وضع لقمية صغيرة بفمه
سأله :
-مالك !
أخفض يسري وجهه بالأرض وقال بأسف :