قال جملته كي يبرئ ضميره من أثم قلبي الذي رافقه لأيامٍ طويلة ، كنت دومًا ما اتجاهل الكتب والروايات التي تتحدث دائمًا عن غدر الرجال ، وضحاياهم المنتشرة بجميع الأركان ، فلم تخلق فتاة لم يخدش قلبها من معشر
الرجال ، قيل عنكم أكثركم يخلط السُم بالعسل ولكني معك ظننت إنني خالطت العسل بك فـأحلوت أيامي ، صدقت بك جميع الرجال وكذبت جميع الكتب والكُتاب وها أنا الآن أحصد
نتيجة ثقتي وحماقتي معًا !
تحمحم بهدوء غير مكترث لتلك القنبلة التي جاء ليقذفها بصدري ويرحل دون أن يرف له جفن الشفقة .. فقال
-يبدو أننا متفقين ، عمومًا جئت لأودعك !
-أرأيت قاتل يودع ضحيته قبل ارتكاب جريمته !
-بدون فلسفة زائدة ، عندما تختلف الطرق فالفراق واقع لا محال له ، اتمنى أن القاكِ على خير .
علي قدر ضعف المرأة في الحب يكون حِدة سيف كبريائها ، وقفت أمامه كجبل راسخ لم تهزه الريح وصرخت بوجهه معلنة :
-اتمنى ألا ألقاك أبدًا .
وسرعان ما ألتوى ثغري ساخرًا وأكملت
-و أي خيرًا تريد أن تراني عليه ! هزيمتي بالنسبة لك خير ! وحدتي ! عزلتي ! جلدي لذاتي ! هالاتي السوداء المتورمة تحت عينياي من كثرة
البكاء تسميها خيرًا ؟!
كم هو مضحك مُبكٍ هذا ! مسحت عبراتي بسرعة و ضحكت بوجع لم أعهده من قبل :
-سأخبرك بالخير الحقيقي الذي تركتني عليه وستراني عليه أيضًا ! أنت جعلتي أفقد الثقة في البشر والعالم ، أصبحت أخشاهم ،
وأخشى الحب وأخشى معشر الرجال برمته !
ثم صرخت بحرقة وكأن بركان من الحزن اندلع بصدري :
-بسببك سأظل وحيدة عمري كله ! أهذا هو الخير !