برعبٍ .
ابتعدت عيونه عني بسهولة تلك المرة وتهتهت الكلمات في حلقه وهو يناديني :
-رسيل !
اقتربت منه أكثر ورأيت علي ملامحه فراق ساطع .. انبثقت دمعة الحسرة من طرف عيني وأخبرته
-سندع الماضي يرحل بكل أخطائه ، ونسطر بداية قصتنا الجديدة من الآن بشرطٍ ألا يشملها فراق ولا بُعـد .
ثم ترقرقت العبرات من عيوني بسرعة كسرعة نبضات قلبي وأكملت
-أعدني قاسم ، أعدني ألا يعرف البُعد لنا طريق .. تعلم أني سأجن لو رحلت عني .
مسح على شعري كمن يغطى وجه ضحيته بعد ما اغتالها لإنه يخشى رؤية قطرات العتاب بعينها وقال بنبرة باردة كبرودة الطقس
-أنتِ قوية لا يهزمك شيئًا ، أنا أثق بك .
قطم بجملته قلبي كحيوان مفترس لا يرحم ، فلم تجبره عيناي المحمرة على البقاء ، لم يشفق على انتفاضة روحي ، وذعر ملامحي ، لم تهمه يدي المتشبثة به كالغريق الذي يتعلق بطوق النجاة .. بللت حلقي ومسحت وجهي سريعًا وأنا اسأله
-ستسافر !
-أجل ، هذا مستقبلي وأنتِ الذي لم ترغبي في مشاركته .
خرجت نبرة صوتي مبحوحة ، مذبوحة بسكين الفراق :
-سبق و أخبرتك بأني لا استطيع السفر ، لا أرغب أن افارق أبي ، ليس له أحد غيري ، مثلما لم يكن لي غيرك .
استدار بظهره وأفصح بجفاء
-هذه هي الحياة .. لكي تنال شيئًا لابد أن تتنازل عن آخر .
بوخته بنبرة ممزوجة بـ القهروالسخرية
-وها أنا أصبحت كبش الفداء لأحلامك .
-لا تُحملينني عاقبة خيارك !
-لا تضع مبررات لكذبك و الاعيبك !