بزعل ببقى حد وحش أوي ! وقبل أي لحظة تهور فكري في أختك وجدتك !
فاقت “شمس” من شرودها على صوت تاليا وهي تسألها
-أنتِ كمان بابي زعلك عشان كدا بتعيطي !
ضمت “شمس” ساقيها إلى صدرها وقالت
-أنا الدنيا كلها مزعلاني ، وأنتِ بقا بتعيطي ليه ؟!
مسحت الصغيرة عبراتها بأناملها البندقية وقالت :
-عشان بابي مش بيحبني أنا ولا أختي داليـا ، ولا حد بيحبنا في البيت دا !
حدجتها “شمس” بنظرة شفقة وأحست بأن هناك قلبٌ صغير يشاطرها الوجع الذي ظنت أنه يحرقها لوحدها ، لم تكد تجيبها حتى أتت الجليسة الخاصة بالفتيات وهي تنهرها بقوة :
-تاليا ! أنتِ سايبة أوضتك وقاعدة القعدة اللوكل دي ازاي كدا !
بدون أي اعتراض نهضت تاليا حاملة وجعها وانصرفت إلى غرفتها لتشارك أختها الصغيرة همومهم التي ترعرعا في كنفها ، أما عن شمس فنهضت مستسلمة متجهة نحو غُرفة ” تميـم ” ذلك القدر المجهول الذي جُرت إليه .
••••••
تحول يوم الفطار الذي لم يجمع شملهم لـشهور عديدة إلي كابوسِ ظلمته امتدت لـ أرواحهم فزادتها انطفاءًا ، خيم فطر الحزن على قلب تلك العجوز التي رأت من الحياة ما رأت ولكن لم تنساها الحياة حتى في أواخر أيامها .
تجلس ” فادية” على عتبة شقتها بين حلقة ملتفة من السيدات اللاتي يشاركونها همومها بغياب حفيدتها ، تقدم إليها إمام الجامع ليعطيها بعض النقود الورقية ويخبرها :