السماء، والخريف يوشك أن ينصرف، والأرض لا تُنبت شيئًا، وأبي فلاح فقير ليس بيده ما ينفقه عليَّ، ولذلك فأنا مضطر لترك الدراسة هذا العام!! لعدم استطاعت ابي علي مصاريف الدراسة. لمّا سمعت الطفلين يتحدثان عن الفقر والحِرمان بهذا
الوعي الذي لا يدركه إلا الكبار، تأثرت وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت!! وعلى الفور أخرجت من جيبي ( خمسة دنانير ) وأعطيتها للصبي، وقلتُ له: خذ هذه الدنانير والمبلغ آنذاك كبيرا وكان يفي لشراء الأدوات المدرسية كلها.. رفض الصبي
أخذ الدنانير، فقلت له: ولماذا يا ولدي!؟ قال: ربما يظن أبي أني سرقتها؟ قلت: قل له فلان بن فلان أعطاني إيّاها لش راء الأدوات المدرسية، فإن أباك يعرفني تمام المعرفة.. تهللت أسارير الطفل وتناول(الدنانيرالخمسة) وابتسم ابتسامة الرضا
والسرور ودسّها في جيبه.. ونسيت من يومها هذا الموقف مع ذاك الصبي. قال الشاب : أنا يا عم ذلك الصبي، ولولا تلك الدنانير الزهيدة لما أصبحت اليوم بروفيسوراً في أكبر مستشفى بالجزائر.. وها قد التقينا بعد أن منَّ الله علي بأعلى

