حياته وكثرة دخوله وخروجه من السجن آثاراً سلبية جعلته لا مبالياً بكل ماحوله كنت أشفق عليه أحياناً وأنا أراه كثير الصمت والشرود ولا يحرك ساكناً . ㅤㅤ أما والدتي ، فاعذروني إن تحدثت عنها بهذه الطريقة المؤلمة فالحقيقة أشد إيلاماً ، فقد
كانت تتسكع بين بيوت الحارة طوال يومها وكأنها لم تستوعب يوماً أنها زوجة وأم وكانت دائماً تنظر إلى مافي أيدي الآخرين وتحسدهم وتطلبهم وتريق ماء وجهها ليجودوا عليها ببعض الفتات . ㅤㅤ أما إخوتي ، فحدث ولاحرج فهم يعيشون بين جنبات
الشوارع وأغلبيتهم إنحرفوا عن جادة الصواب حتى إخوتي ( البنات ) لم يقمن وزناً للأخلاق ولا للشرف ولا حتى لنظرة المجتمع ، والكارثة أن إخوتي بمجرد وصولهم إلى الصف الرابع إبتدائي فإنهم يتركون الدراسة من غير سبب . ㅤㅤ في ظل هذه
الأحداث من حولي عشت هذه الطفولة البائسة وأنا كارهة لوضعي ناقمة على أمي وأبي اللذين تجردا من أشرف وأسمى لقب في الوجود ، كنت متمسكة بدراستي وبقوة وكنت من المتفوقات بالرغم من قسوة الظروف من حولي وتفكك أسرتي
وانحرافهم جميعاً . ㅤㅤ وسأحدثكم عن اليوم الذي غير مسار حياتي وفيه بدأت مأساتي التي لولا إيماني بالله لما تجاوزتها . ㅤㅤ فحين حصلت على شهادة الصف الثالث متوسط وأنا الوحيدة من أسرتي التي وصلت لهذا المستوى ، تقدم رجل لخطبتي

